هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام الحسين عليه السلام/
 الجزء الأول: نور الإمام الحسين سر تمجيده والانتساب إليه

الباب الثاني
اسمه ونسبه وكناه والانتساب إليه

وفيه أنوار لمصباح هدى ، ومجالس ذكر لسفينة نجاة

 

مصباح هدى

الإمام الحسين عليه السلام  واسمه ذكر وفكر وحياة

وفيه  أنوار :

النور الأول: ذكر الإمام الحسين واسمه من أحسن نعم الله علينا :

أسماء أهل البيت عليهم السلام : هي أفضل الأسماء لأنها أسماء مختارة للنبي الكريم ، بل هي أسماء إلهية قد اختارها سبحانه لأشرف عباده وخيرهم في الوجود ، وهم نبينا المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، واسم الإمام الحسين عليه السلام له خصوصية اشتقاق من اسم الله المحسن كما سيأتي بيانه في فصل الآيات المؤولة بالإمام الحسين عليه السلام .

 فالله تعالى محسن علينا بإيجادنا وتسخير كل شيء لنا ، ومحسن علينا بنعمه التي لا تحصى في التكوين وهداه له ، وبالخصوص الهدى التشريعي لنا ، وبالخصوص أفضل نعمه وأشرفها وأحسنها هدايتنا لدينه ولتعاليمه التي هي أفضل تعاليمه الدينية المنزلة على الأنبياء والمرسلين ، والتي أنزلها على نبينا الكريم محمد وحافظ عليها بآله الطيبين الطاهرين أئمة الحق والهدى صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين .

 والحسين عليه السلام من أفضل نعم الله في الهدى : ومن أحسن بيانه لمعرفة الحق ، والله أحسن علينا بوجوده الكريم وبجعلنا من أنصاره وأتباعه وشيعته ، بل الله أنعم وأحسن على الناس كلهم بأفضل نعمة ، ألا وهي ذكر الحسين من قِبل المؤمنين وأنصاره ، وبه تم توجيههم وتذكريهم بتعاليم ومعارف الإسلام ، والتي هي متمثلة بالخُلق الكريم والصفات الفاضل للحسين وآله الكرام عليهم السلام ، وبمعارفهم وتعاليمهم وكل شيء صدر من قولهم وسيرتهم وسلوكم .

بل الله تعالى بالإمام الحسين أدام ذكر دينه وحافظ على تعاليمه :ومعرفة كيفية إطاعته وعبوديته بإخلاص،وعصم المؤمنين وطالبي الحق والهدى من الضلال والانحراف عن علومه ومعارفه،وبان وأتضح لكل خيّر وفاضل إن أعداءه هم أئمة الكفر وأتباعهم من أهل الضلال والباطل وهم بعيدين عن هدى الله وعلومه.

فالله تعالى مَنّ وتفضل علينا بحكمته فوفقنا لذكر الحسين عليه السلام : وبالخصوص في مجالس ذكره التي تعقد في البيوت والمساجد والحسينيات وغيرها في كل وزمان مكان ، وما يستفاده المؤمنون في تلك المجالس الكريمة من المواعظ والإرشادات التي تعرفهم معارف دينهم ، والتي تُذكر بالله وعلوم هداه الذي هو أشرف وأنبل وأكرم علم في الوجود ، والتي تشجعهم وتحثهم على العبودية والطاعة لله تعالى ، والتحلي بالأخلاق الفاضلة والسيرة الحسنة والتوجه للعدل والإحسان ، وهجر العصيان والطغيان وكل ما يبعد عن رضا الرحمان .

 بل ذكر اسمه الكريم يعرفنا أئمة الحق : ويدعوا لمعرفة الله وجديته لدعوته لدينه واهتمامه بالمحافظة عليه ووجوب العمل به بكل صورة ممكنة ، وهذا بنفسه يدعونا لأن نعرف أئمة الحق الذين أختارهم واصطفاهم الله تعالى لهداية عبادة للصراط المستقيم ، ومن ثم الوصول لمعرفة نعمة الإمامة واستمرار هدى الله الحق لشيعته ممن سلك سبيل الحق ، بل إيصال أهداف الدين بذكره لعامة الناس أين ما كانوا ، وذلك بما يعرفوهم من ثورته وتضحيته عليه السلام وإقدامه في تصحيح مسير الدين ، والذي انحرف عنه الحكام الظالمين والطغاة من أئمة الكفر من بني أمية ومَن مهد لهم وأتباعهم والدعاة لهم ولفكرهم وإن لم يتسموا باسمهم في كل زمان ومكان ، وبفضح كل سيئات أعمالهم التي كتموا بها الدين عندما منعوا معرفة أئمة الحق والهدى الصادقين من آل محمد عليهم السلام.

 

النور الثاني : الإمام الحسين واسمه ذكر وفكر واعتبار في تأريخ الإسلام:

نعم إن اسم الإمام أبا عبد الله الحسين عليه السلام : ما ذكره مؤمن إلا وثارت في نفسه ذكرى أليمة حلت بأهل البيت النبوي الطاهر عليهم السلام ، ويُذكره بالمصاب الجليل الذي يشعره بل يدعوه بجد للتفكر بما يمكن أن يصل إليه المجتمع من الهمجية والانحراف حتى يقتل إمام الهدى والموصل لرضى رب العالمين ودليلهم لصراط الله المستقيم ونعيم هداه ودينه الحق ، ومعلم معارفه وتعاليمه والتي هي أفضل منّة وإحسان من الله علينا .

فبذكر اسم الإمام الحسين عليه السلام : وبأقل إلتفات وتفكر يثار في النفس الفاهمة ـ المتدبرة بالمعاني والمتفكرة بما تنطق من كلام ـ تأريخ الإسلام وفي أصعب أحواله وظروفه وأصعب شده مرّ بها الدين ، وينتقل الإنسان من أحوال ذلك الزمان لزمانه وينظر في أحواله ويقيس حكام زمانه بذلك الزمان من حيث الدين والدنيا والعمل لهما ، فإن كانت الظروف أحسن حمد الله وعمل بمبادئ الإمام الحسين عليه السلام بحرية وسلام .

وإن كانت الظروف والأحوال مثل ذلك الزمان من كتمان الحق والعمل بضد تعاليم الإسلام ، سعى ما يسعه لأن يقتدي بسيده الحسين لنشر راية الحق ونصر دين الهدى ، ويضحي بكل وجوده في سبيله حتى يكون ناصر له ولدين الله بما يوافق تعاليمه الصادقة ،والتي علمها له الحسين بكل وجوده ودعاه لمعرفتها بكل سبيل مكنه الله منه قول وعمل ، وبالخصوص تضحيته وإيثاره الذي عرى به المنحرفين عن الدين والطالبين للسلطة والحكم بأي سبيل ،وكيف مكنوا وعاظهم من غش الناس وخداعهم فتمكنوا من السلطة وقتلوا اشرف آل المرسلين والنبيين ومنعوا الناس من معرفة الحق وأهله وحصروا تعلم دين الله من المنحرفين.

 

 

 

النور الثالث: ذكر اسم الحسين تدبر في النفس وإطاعتها لله والانتصار لدينه :

وبذكر اسم الإمام الحسين عليه السلام : ينتقل الإنسان العاقل من ظروف مجتمعه وزمانه وقياسه بذلك الزمان إلى التدبر في نفسه ، ويرى موقع الإمام الحسين عليه السلام في نفسه وقلبه ، فيحصل له بعض الانكسار والحزن والعبرة والشعور بالتقصير أمام اسم الحسين عليه السلام وتضحيته ، فيرى التقصير في علمه وعمله وتخلقه بخلق الإمام الحسين عليه السلام والعمل بهداه وتعاليمه .

فيلتفت الإنسان لأحواله وصفاته وأعماله : فهل هو من أنصار  الحسين  ؟ وهل هو عمل بتعاليمه وهداه ؟ وهل له إقتداء وأسوة بالحسين في سيره وسلوكه وصفاته وأقواله وخلقه وتربيته وعلمه وعمله ؟ هل يحفظ شيء من أحاديث الحسين وأدعيته وكلامه الجميل في معارف الدين وبالخصوص التي في معاني التوحيد التي هي خلاصة المعرفة ، وبالخصوص الموجودة في دعاء عرفة أو في زياراته ؟ هل يحفظ شيء من كلمات الإمام الحسين عليه السلام في الجهاد والتضحية والفداء التي ذكرها في أيام نهضته وثورته ؟ هل عرف شيء عن صفات الحسين وتخلق بخلقه وتأدب بآدابه ؟

بل بشكل أوسع ما يعرف عن كل معارف الدين وتعاليمه التي لخصها له اسم الإمام الحسين عليه السلام وشرحها له بوجوده وتضحيته وسيرته وسلوكه ؟

 هل سعى لمعرفة الحسين ؟ هل قرأ عن الحسين عليه السلام ؟ أين هو من الحسين ، هل نشر مبادئه وتعاليمه ؟ هل حضر مجالس ذكره ؟ هل شارك وعمل فيها في بيته ومسجد محلته ؟ هل عقدها في قلبه ؟ وكثير من الأسئلة التي يثيرها اسم الحسين عليه السلام ، وتجعل اللبيب يتفكر بها ، والعاقل يتعبد بمعرفتها ويسلك سبيلها ويقتدي بهداها لله حتى يكون مخلص له الدين ، وكله بفضل ما يعرف من تضحية وجهاد وتعاليم الإمام وما تثير في نفسه للتوجه لكل دينه الحق.

 

 

النور الرابع : ذكر اسم الإمام الحسين ثورة ودين وحياة للمؤمنين :

حقاً اسم الحسين عليه السلام ثورة ودين : وحياة للهدى واليقين ، وفيه ذكر وتدبر بحكمة رب العالمين وجديته في دعوته لدينه ووجوب العلم والعمل بتعاليمه والتضحية في سبيلها ، ونسب الإمام الحسين وسلالته بيان لنسب وسند الخير والبركة والفضيلة والشرف والمجد بأحسن صورة تجلى وظهر في الوجود من رب العالمين ، ومن تبعهم صار منهم وأنتسب إليهم في المبدأ والعقيدة والدين وكان منهم وتحلى بخصالهم وكان سند لهم والله سند له ، وقد قال الله تعالى : إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ، ونصر الله بنصر دينه الذي يعلمه أئمة الحق دون غيرهم ، راجع سورة محمد صلى الله عليه و آله وسلم آية 8 .

 ومَن لُقّب بناصر الحسين :

صار معناه ناصر دين الله وطاعته وعامل من أجل العز والكرامة والعدل والإنصاف ، ويكون قد رفض الظلم والجور والعدوان والفسق والفجور ، ومن انتسب للحسين فقد انتسب لله وعبوديته ودينه وطاعته وطلب رضاه ، فالحسين كناية عن الجد والمثابرة على إطاعة الله والإيمان به بكل تعاليمه ، والسعي المخلص للدعوة لدين الله تعالى والعمل به ونشره بأدق حدوده ومعارفه .

فاسم الحسين حقيقة الحياة :

إذا كان من الماء خلق الله كل شيء حي في الكون والوجود ، فاسم الحسين عليه السلام حياة للفؤاد بدين الله ، وحياة للروح للإيمان به عن يقين ، وحياة للقلوب بحب وعشق رب العالمين ، وحياة للعقول بالفكر في معرفة قدرة وحكمة الديان وتعاليمه ، وحياة للنية بالإخلاص لله ، وحياة للإرادة لعبودية لله ، وحياة للعزيمة بجد لطاعة الله ونشر معارفه ، وحياة للأعضاء والجوارح بالعمل بما يرضي الله .

 فالإمام الحسين : حياة للهدى التشريعي وإيمان القلوب .

 ولذا قال الرسول الكريم : حسين مني وأنا من حسين .

 وقالوا : الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء .

فذكر الإمام الحسين عليه السلام :

 طاعة وعبادة لله ، ومذكر ومنبه للفكر ليتدبر في حكمة الله ومعرفته والوصول بجد لطاعته ، وما ذلك إلا لأن الحسين قد أخلص لله فأخلص الله ذكر الحسين من غير معرفة الله وطاعته ، فأشرب ذكر الحسين وأرتوي به من أجل الله تعالى ورضاه ، وقل سلام الله عليك يا أبا عبد الله ، وعلى الأرواح المؤمنة التي حلت بفنائك بالجسد والذكر والفكر والروح .

 

النور الخامس : اسم الإمام الحسين وآله الكرام أحب الأسماء لله تعالى :

ذكر في الاختصاص عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما تقول في علي بن أبي طالب ؟

 قال : ( ذلك نفسي ) .

قلت : فما تقول في الحسن والحسين ؟

قال : ( هما روحي ، وفاطمة أمهما ابنتي ، يسوؤني ما ساءها ويسرني ما سرها ، اشهد الله إني حرب لمن حاربهم ، سلم لمن سالمهم .

 يا جابر إذا أردت أن تدعو الله فيستجيب لك ، فادعه بأسمائهم ، فإنها أحب الأسماء إلى الله عز وجل ) . الاختصاص 223.

والله ليسر الله ورسوله وكل أهل البيت ذكرهم وبالخصوص ذكر الإمام الحسين عليه السلام ، وذلك لما سترى من الأحاديث الكثيرة جداً الحاثة على ذكره ، وبالخصوص المجالس التي ذكرها النبي أو آله قبل شهادته وبعدها والتي تعرفنا ضرورة ذكره وتمجيده بل والبكاء لمصابه فضلاً عن الثناء عليه ، وسترى قسم منها في الأبواب الآتية بل في الأجزاء الآتية إن شاء الله.

 فإن ذكر الإمام الحسين بالخصوص وذكر أئمة الحق نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين كلهم من ذكر الله تعالى ، والثناء عليهم وذكر مناقبهم وفضائلهم وخلقهم هو ذكر للعلم الإلهي الذي أكرم الله به الإنسان ، ومن ذكر الحسين عليه السلام نتنقل في المعارف والعلوم الإلهية لآله الكرام وكل ما أنزل الله على نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن أحببت المزيد في معرفة الذكر والعبودية لله بذكر أهل البيت فراجع ما كتبناه في صحيفة التوحيد وشرح الأسماء الحسنى ، أو صحيفة ذكر الإمام علي عبادة من موسوعة صحف الطيبين.

وهذا فضل الله تعالى تفضل به علينا لذكر آل محمد عليهم السلام بتذكر الحسين ومجالسه ، وتعلم دينهم وخلقهم وسيرتهم التي هي خلاصة دين الله ومعارفه ، ولذا كان من ذكرهم وتذكرهم في كل موقف فقد عرج بتوسطهم  لله تعالى ومعارفه ، والله أمرنا أن نتفكر في كل ما يوصلنا إليه من خلقه سواء الكوني في التفكر في السماوات والأرض ، وكل ما موجود فيهما من النظم العجيب إلى الإبل والجبال والشجر والحجر ، أو التفكر في الهدى التعليمي وعظمة تعليمه ومعارفه وهداه ، فكيف بذكر أفضل خلق الله تعالى وأكرمهم في الكون وهداه وأس الدين ومعرفة الله وتجسيد حي لتعاليمه وعلومه الموصلة لرضاه ، ولتعرف المزيد راجع ما ذكرنا في صحيفة ذكر الإمام علي عليه السلام عبادة.

 فحقاً ما قال الإمام الصادق عليه السلام :

 ( شيعتنا الرحماء بينهم ، الذين إذا خلوا ذكروا الله ،  إن ذكرنا من ذكر الله ، إنا إذا ذُكرنا ذُكر الله ، وإذا ذُكر عدونا ذُكر الشيطان  ).الكافي ج2ص186 باب تذاكر الأخوان ح1 .

 وذلك إذا ذكرناهم عليهم السلام في مجالس الإمام الحسين :

تعلمنا العز والكرامة والحق والصدق وكل حلال الله ، وكل ما أنزل من الطيبات لعباده والخير والبركة والفضيلة والخلق الحسن والسيرة الشريفة ، فنقتدي بهم ونتبعهم ونطيعهم ونسعد بذكرهم والتشرف بمحبتهم والفرح بودهم والكون في حزبهم ، ونحب شكر الله ونشتاق لطاعته وعبوديته سبحانه بإخلاص مثلهم ، ونقدم الغالي والنفيس من أجل نصر دينه ونشر هداه  ، وهذا بفضل ذكر اسم الحسين والتفكر به والعروج منه لمعارف الله عند أهل البيت عليهم السلام .

وإذا ذكرنا أعداء آل محمد تذكرنا أئمة الكفر وصفاتهم :

والتي منها : الخسة والنذالة والمعصية والعمل بالخبائث والفسق والفجور والظلم والعدوان والطغيان ، والحيلة والخداع والغش والمكر ، والكفر والنفاق والضلال والانحراف عن دين الله والطرد عن رحمة الله والبعد عن رضا الله ، فننفر منهم ونسأل الله أن يبعدنا عنهم لأنهم صنائع الشيطان ، ولذا كان ذكر أعداء آل محمد وأتباع أئمة الكفر ذكر للشيطان ، فيجب أن نتعوذ منه ومنهم ونلعنهم ونسأل الله أن يخزيهم وينكسهم في جهنم إذا أصروا على عنادهم للحق وعدم أتباع هداه .

 

 

 

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام


 

 

 

 

سفينة نجاة

تدبر في اسم الحسين عليه السلام

وألقابه وكناه ونسبه والانتساب له ومدة عمره الشريف

وفي السفينة مجالس فيها ذكر للحسين عليه السلام :

المجلس الأول

اسم الإمام الحسين عليه السلام ونسبه وألقابه وكناه

وفيه  مواطن للذكر :

الذكر الأول

اسم الإمام الحسين ونسبه الطاهر الطيب المجيد

اسمه الكريم :الحسين. وكفى به موعظة

وعبرة لدارسة تأريخ الدين ولمعرفة إيمان الأقوام والملل ، ومعرفة النفس وإطاعتها لله وحده لا شريك له ، والحث على نشر علوم الله , والسعي بجد لإقامة العدل والإنصاف ونصر المظلومين ، وتعليم الإباء والفخر بمقاومة الفسق والفجور ودحر الظالمين ، بل إخلاص الطاعة والعبودية بكل الوجود لله رب العالمين وبكل تعاليم الدين .

إذ هو إمام الحق وولي الهدى ، وارث علم الأنبياء وأمين الله ونوره وحجته وخليفته على العالمين ، ووصي جده نبي الرحمة الثالث بعد أبيه وأخيه ، وبكل ما كرمه الله ضحى به من أجل نشر راية هدى الله وتعريفه لكل الطيبين الذي يطلبون قدوة وأسوة في توجههم لله رب العالمين في كل الأحوال ، مع بيان لصافي تعاليم الدين والخالصة من كل رأي وغش وضلال لأئمة الكفر ووساوس الشيطان والطمع بالدنيا وزينتها .

في المناقب اسمه : الحسين ، وفي التوراة : شبير ، وفي الإنجيل : طاب .

بحار الأنوار ج39ب11ص237ح1  .

 

ذكر اسم جده لأمه :

هو حبيب رب العالمين ، نبي الرحمة وشفيق الأمة ، سيد المرسلين وخاتم النبيين ، المصطفى المختار ، البشير النذير والسراج المنير  محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم .

 

ذكر اسم أبوه :

خليفة الله وصي النبي الكريم بالحق بلا فصل ، المدافع عن الإسلام وحامي رسول الله ، وحجة الله على خلقه بعده ، الإمام الأول أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب ابن عم رسول الله ، وأخيه عند المؤاخاة بين المسلمين ، ونفسه بنص القرآن حسب آية المباهلة .

 

ذكر اسم أمه :

بضعة المصطفى سيدة نساء الدنيا والآخرة ، أشرف واطهر وأنقى امرأة في الوجود أم الأئمة : فاطمة الزهراء البتول بنت محمد المصطفى صلى الله عليهم وسلم .

 

ذكر اسم أخيه الأكبر :

سبط نبي الرحمة وأمين الله وخليفته ، وإمام الحق والهدى الثاني بعد رسول الله وأبيه : الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام .

 

ذكر اسم أخواته وأخوته :

العالمة الغير معلمة ، المجاهدة الصابرة ، الحليمة الكريمة ، عقيلة بني هاشم زينب ، وأم كلثوم ، كما للحسين عليه السلام اخوة وأخوات من أبيه غير هؤلاء أعلاهم نقيبه قمر بن هاشم العباس بن علي ، ومحمد ابن الحنفية وغيرهما .

 

ذكر اسم جده لأبوه :

كفيل النبي وحامي دينه وناصر رسالته والمدافع عنه أبو طالب ابن عبد المطلب وهما سيدا قريش ، وأبو طالب وعبد الله أبو النبي اخوة وأبوهما عبد المطلب اشرف بيت في العرب والعجم وأنقى وأفضل عائلة في قريش والدنيا كلها ، وأمجد نسب في الوجود ، وأكرم آل بيت عند الله تعالى مطهر ومصطفى ، ومختار لهداية الناس لعبوديته وتعليم طاعته ونشر معارفه على طول الزمان من آدم حتى قائم آل محمد صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، ولهم أعلى نعيم ومقام في الجنة ، وهكذا كل من يلتحق بهم عن ود وحب واقتدى بهم وأصبح من شيعتهم ونصرهم في الدين والقول والعمل .

 

ذكر اسم جدته لأمه :

أم المؤمنين وسيدة الإسلام الأولى ، أول من أسلمت على يد رسول الله والمضحية بنفسها ومالها وكل كيانها في سبيل إعلاء دين الله وكلمته ، الخيرة الفاضلة المكرمة الشريفة أم المؤمنين : خديجة بنت خويلد سلام الله عليها .

 

ذكر جدته لأبيه :

أم النبي الذي ربي في بيتها سبعة عشر سنة بل كل عمرها الشريف ، وأكرمته على ولدها ، وهي أم علي فاطمة بنت أسد زوجة عمه أبو طالب ، النبيلة الكريمة المجاهدة الصابرة المهاجرة العابدة التي حفها النبي بالكرامة والسعادة حتى يوم وفاتها ، وتكفينها بثيابه والنزول في قبرها ليقيها بتشريف الله له أهوال يوم الدفن ووحشة القبر ومصاعب البرزخ وكل مراتب القيامة ، ولتكون معهم في الجنة في أعلى مراتب المجد والنعيم والكرامة .

 



إلى الأعلى




 

 

 

 

 

 

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام


 

الذكر الثاني

ألقاب الإمام الحسين عليه السلام

أول الذكر : ألقاب الإمام الحسين عليه السلام المشهورة :

ألقاب الإمام الحسين عليه السلام يطول المقام معها وخصوصاً شرحها ، فإنه يمكن معرفة معناها وشرحها من خلال التدبر في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، ويمكن تحصيل كثير منها من زياراته ، ومما ذكرت الأحاديث من مناقبه ومكارمه وفضائله ، حيث إن اللقب هو اسم يقرن بالاسم الأول ، وهي كل أسماء الإمام عليه السلام الخاصة أو المضافة للتعريف والتشريف ، وهي المعدة لبيان صفاته ومناقبه ، أو خلق من أخلاقه وأفعاله وتضحيته وفداءه عليه السلام وما يترتب عليهم من الكرامة والعز والفخر ، وبها يعرف بحق محل المجد والشرف ، ونجملها فنذكر قسم منها المتداول والمعروفة المشهورة .

فنقول هو عليه السلام :

الشهيد ، سيد الشهداء ، السيد ، الزكي ، السبط ، السبط الثاني ، الولي والوصي والإمام الثالث ، المعصوم الخامس ، الرشيد ، الطيب ، الطاهر ، السعيد ، الوفي ، المبارك ، التابع لمرضاة الله ، الدليل على ذات الله ، سيد شباب أهل الجنة .

 

 

 

ثاني الذكر : ألقاب الإمام الحسين من القرآن المجيد :

ويمكن تحصيل كثير من ألقابه عليه السلام من القرآن المجيد ، وبالخصوص من الآيات النازلة والمفسرة به أو كونه كأحد آله أهل البيت صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين والتي منها :

المطهر والطاهر لآية التطهير ، والمباهل به أو مباهل لآية المباهلة ، المنعم عليه والهادي والصراط المستقيم كما في سورة الفاتحة ، أو الكوثر كما في سورة الكوثر ، الوارث والوارث للكتاب كما في آية أورثنا الكتاب ، الذكر لآية اسألوا أهل الذكر ، البر لسورة الدهر أو لأية توفنا مع الأبرار ، الراضي والمرضي كما في سورة الفجر ، المرجان لآيات سورة الرحمان .

 واجب المودة المودود القريب ذو القربى لآية المودة ، الصادق لآية كونوا مع الصادقين ، الولي لأية أولي الأمر ، الشهيد لآية أخذ الشهادة على الأمة ، الإمام لآيات الدعاء ويوم ندعو كل أناس بإمامهم .

 وهكذا غيرها من الآيات النازلة في شأنهم عليهم الصلاة والسلام ك : العروة الوثقى ، وحبل الله ، والسبيل إلى الله ، ونور الله ، وهدى الله ، وصاحب أو رجل البيت المرفوع ، والشجرة الطيبة ، والآية ، والبينة ، وباب الله .

 

 

ثالث الذكر : ألقاب الإمام الحسين عليه السلام في زياراته :

كما توجد كثير من ألقابه في زياراته الخاصة عليه السلام ، أو في الزيارات العامة مع أهل بيت النبوة الكرام والتي نزورهم بها كلهم ، ونذكر شيء من ألقابه الكريمة في زياراته الخاصة عليه السلام مثل :

حجة الله ، صفي الله ، حبيب الله ، سفير الله ، باب حكمة الله ، خازن علم الله ، قتيل الله ، الوتر ، الموتور ، وتر الله ، ثار الله ، الساكن دمه في الخلد ، المقشعرة له أظلة العرش ، الباكية عليه الأرض والسماء .
 المبلغ ، الناصح ، النور ، الزكي ، الهادي ، المهدي ، الوفي ، المجاهد ، الصابر ، الداعي ، المخلص ، المصلح ، العبد الصالح .
 الأمر بالمعروف ، الناهي عن المنكر ، ركن المؤمنين ، دعامة الدين .
 الوصي ، التقي ،  أمين الرحمان ، أمين الله ، شريك القرآن ، موضع سر الله ، باب حطة ، مصباح الهدى ، سفينة النجاة ، الدليل على الله ، برهان الله .
 الآمر بالقسط والعدل ، المبلغ عن الله ورسوله .
 المظلوم ، قتيل العبرات ، أسير الكربات ، صريخ العبرة الساكبة ، قرين المصيبة الراتبة .
  السيد ، القائد ، الطيب ، وارث الأنبياء ، مستنقذ العباد من الجهالة وحيرة الضلالة ، الباذل في الله مهجته ، مانح النصح لعباد الله ، المُعذر في الدعاء .
 حجة الخصام ، ناصر دين الله ، باب الهدى ، إمام التقى ، خامس أصحاب الكساء .
 المغذى بيد الرحمة ، الراضع من ثدي الإيمان ، المربى في حجر الإسلام .

فهذه كانت بعض الألقاب الكريمة للإمام الحسين وأسماء شريفة نناديه بها ونذكره بها مع اليقين بأنه هو المصداق الواقعي لها ، وأحسن من تنطبق عليه بالوجود بحق ، ولا يمكن لأحد غير الإمام الحسين أو آله الكرام أن يدعيها لنفسه أو يدعوها له أحد وهو صادق ، وهي عرّفنا بها الله ورسوله وآله الكرام ، وهي المذكورة في زياراته أو ما تنطبق عليه من الآيات الكريمة التي تُعرف أئمة الحق وولاة الدين والهدى لرب العالمين ، وغيرها الكثير يمكن تحصيلها من زيارات الإمام الخاصة أو العامة كزيارة الجامعة الكبيرة ، وهذه الألقاب الشريفة والأسماء الكريمة كلها لها معنى واسع يمكن للمؤمنين تتبعها وتحصيلها من الزيارات والأحاديث الشريفة .

 

 

رابع الذكر : أسماء ألقاب وكنى  الإمام الحسين  وآله عقيدة ودين :

كان ما ذكرنا من الألقاب للإمام الحسين عليه السلام ، بعضها عامة لكل أهل البيت عليهم السلام ، وبعضها خاص به عليه السلام لكونه هو المتجسد بها ، بل هو روحها وباعث الحياة الخالدة في هذه الألفاظ ومعناها الحقيقي الذي لا يصدق إلا عليه بالأصالة وعلى غيره ـ من غير جده وأبيه وأخيه ـ إلا بالتبعية له ولهم ، وهي إما مواصفاته ومواصفات تضحيته أو مواصفات إمامته وولايته عليه السلام ، أو إنها أوصاف لخلقه الكريم ووجوده الشريف بانتسابه لرسول الله كالسبط أو خُلق له ، وهي مواصفات كرمه الله بها في نفسه وفي آله وتشريفه له بكل معنى العز والمجد والفضيلة  .

والمراد بذكر هذه الألقاب الشريفة لأبي عبد الله الحسين عليه السلام أو زيارته بها ليس فقط تسطير ألفاظ ونضد جمل وترتيب عبارات ، كلا وألف لا ، بل يراد معناها الحقيقي ووجوب الاعتقاد بها عن إيمان راسخ ويقين محكم إنها من مواصفات الدين التي دعا لها الإمام الحق عليه السلام أبا عبد الله الحسين ، والمراد معرفة حقائقها و التخلق بالممكن منها والعمل بها والدعوة إليها وتعريفها للناس .

وذلك لكونها كلمات لها معاني عميقة وواسعة المغزى والمراد ، وهي تبين جهاده وصفاته ونسبه وكرامات الله عليه ومناقبه الشريفة وأسمائه الكريمة ، فلذا يجب تعلمها ومعرفتها والعمل بها والدعوة لها وبيانها للمؤمنين لتؤخذ عقيدة وجهاد ودين وطلب الوصول بها لرضا رب العالمين .

كما إن شاء الله سنعقد بحث مفصل في الأجزاء المتأخرة من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام في بيان الكمال الإنساني وجماله في التأسي بألقاب الحسين وآله الأطهار ، إن مد الله في عمرنا وقوانا على طاعته في بيان كيفية التأسي بالحسين والإقتداء به ، واتخاذه لنا حياة دين وهدى لليقين في كل أحواله من أسماءه وألقابه وكناه ، حتى خلقه الكريم وسيرته وتضحيته وفداءه وكيفية الاستفادة من ذكره ومجالسه فضلا عن أسمائه الكريمة ، والله ولي التوفيق .

وألقاب وأسماء وكنى الإمام الحسين بل وآله عليهم السلام هي أسماء وألقاب وكنى كرامة وشرف وعز لهم عليهم السلام ، وحقيقية صادقة عليهم كأسمائهم الأولية ، وبها كمؤمنين نتعلم منهم معنى الأسماء الجميلة ، التي تنبض بالكمال والخير وتدل على الشرف والكرامة ، ونتسمى بها مقتدين ومتأسين بهم لنخلص من التنابز بالألقاب ، بل للفخر بها والشموخ عند النداء لنا بها ، وننتقل بها لمعاني الجمال والكمال والشرف والخير والفضيلة والعز والمجد ، كما تحلى بها صاحبها الأصلي ونحاول أن نتحقق بها روح ومعنى ، وليس اسم لفظ لا حقيقة له ولا يدل على شيء حقيقي من الفخر والمجد الإلهي والشرف الرباني .

وأسماء وكنى وألقاب الإمام الحسين وآله أهل البيت عليهم السلام ، هي اسم على مسمى حقيقة وروح ومعنى ، وليس كما ينادى أتباع غيرهم بالفظ من غير حقيقة له ولا لهم روحه ولا معناه ، بل هو اسم سرقوه فيكون مذمة له ولهم ، ويكون للسخرية ولو كان اسم ولقب جميل ، لأنه ينتقل لمكره وخداعه وظلمه وكيف تسمى بأسماء ليس له حق بها ولم يتحلى بمعناها ، وإنه اسم ولقب غصبه كما غصبوا منصب الخلافة لرسول الله والولاية والإمامة وتسموا بأسماء أهل البيت عليهم السلام الكريمة ، ولذا كان حتى التلفظ بأسماء أعداهم ومن حرم الناس من معرفتهم إن كان باسم جميل سرقوه منهم ننتقل لمعناه عند آل الحسين آل البيت المحمدي الكرام دونهم ، وإن كان اسم قبيح لهم فهم أولى به .

ولذا كان كل اسم جميل حق للمؤمن أن يعرج به لمعارف الله من خلال مَن تسمى به من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وبالخصوص الأسماء الجميلة والألقاب الفاضلة لهم والكنى الشريفة التي اختصوا بها ، والتي بحق تفرح المؤمن حين ينادى بها وتسر الطيب حين يذكرها سواء نداء صديق له أو أحد من آله ومعارفه ، فيحترمه لأنه له أصل في الكرامة والمجد والفضيلة عند صاحبه الأصل والأول من آل محمد عليهم السلام ، وبهذا كرمنا الله بهم وشرفنا وعرفنا مجدنا ، وبهم فضلنا الله حتى بأسمائنا المطابقة لأسماء وألقاب أهل البيت النبوي الطاهر من آل جد الحسين عليهم السلام ، وليخزى أعدائهم ويموتوا بكذبهم وضلالهم وغيضهم حتى في أسماهم فضلا عن دينهم .

 وبالخصوص يوم ينادى كل أناس بإمامهم ، أنى لهم مثل أئمة الحق من آله محمد الذين هم سفن نجاة ومصابيح هدى ، وهذا الفخر الحق والمجد الصادق لأتباع الحسين وأنصاره أنصار الله تعالى ، ولذا نجوا وهدوا للطيب من القول والعمل الصالح والإيمان الواقعي المرضي لله والذي يقبل التعبد له به ، ولذا نال أنصار الحسين وشيعته محل الرفعة والكرامة والفضيلة عند الله بكل شيء لهم تعلموه وتأدبوا به من تعاليم الدين المحمدي بسبب ركوب سبيل نهج الحسين وسفينته حتى في أسمائهم وألقابهم وكناهم وأنى لغيرهم مثلهم .

 وبالخصوص شيعته الكرام عندما يعرفون خصائص الإمام الحسين وخصاله وأسماءه وألقابه وكناه في مجالس ذكره وذكر آله الكرام الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، فينتقلون بها دين وتعاليم عز وكرامة فيتسمون بها ويتحققون بمعناها بكل وجودهم وأرواحهم حتى حب النداء بها وذكرها لهم أو لمن يحبون ، وبحق يكون اسم الحسين وآله الكرام حب لأخيك ما تحب لنفس معنى حقيقي ولفظ دين يدان به ، ويطلب رضى الله بذكره ، ويحصل لمن يذكره على حب التوجه لله لأنها أسماء شريفة كريمة فيها معاني القرب من الله حين التحقق بمعناها والعمل بما توحي إليه مضامينها .

 

 

 

خامس الذكر : ألقاب الإمام الحسين في كتب المؤمنين :

قال في المناقب وألقابه : الشهيد ، السعيد ، السبط الثاني ، الأمام   الثالث . بحار الأنوار ج39ب11ص237ح1 .

وفي كشف الغمة : عن كمال الدين بن طلحة :

الرشيد ، والطيب ، والوفي ، والسيد ، والزكي ، والمبارك ، والتابع لمرضاة الله ، والسبط ، وأشهرها الزكي ولكن أعلاها رتبة ما لقبه به رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله عنه وعن أخيه : أنهما سيدا شباب أهل الجنة ، فيكون السيد أشرفها ، وكذلك السبط فإنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : حسين سبط من الأسباط .

وقال ابن الخشاب : لقبه : الرشيد ، والطيب ، والوفي ، والسيد ، والمبارك ، والتابع لمرضاة الله ، والدليل على ذات الله عز وجل ، والسبط .

المصدر السابق ح2 .

وإذا عرفنا كرامات الله علينا بتعريفنا ألقاب الفضيلة والمجد والشرف للحسين عليه السلام وأسمائها ، ننتقل لمعنى أخر من فضله علينا ، بمعرفة كناه في الذكر الآتي ، فنتدبرها معاً فإنها تعاليم دين من أبو الأحرار الإمام الحسين عليه السلام .

 

 

 

 

 

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام


الذكر الثالث

كنى الإمام الحسين عليه السلام

عرفت إنه كنى الإمام وألقابه من أرقى التعاليم الشريفة والكريمة التي نتعلمها من ذكر الإمام الحسين عليه السلام وألقابه وكناه ، وبها يتم التذكر والرجوع لتعاليم الدين ومن ثم التفكر بها والتحقق بمعناه الشريف ، فإن الإمام الحسين عليه السلام ما ذكره أحد إلا وناداه يا أبا عبد الله ، ليعلمنا إن إطاعته عليه السلام والإقتداء به هي الموصلة لمعرفة الله تعالى وحقيقة تعاليمه ودينه وهداه ، ومن ثم إقامة العبودية المفروضة الصحيحة له تعالى .

أو ينادي المؤمن الحسين عليه السلام يا أبا المساكين ، وكلنا مساكين للحسين عليه السلام نحتاج لهداه والإقتداء والتأسي به لتعلم معالم الدين ، ونخلص أنفسنا من المسكنة في المادة أو الخنوع لظلم الظالمين والمعتدين وأئمة الكفر والخضوع لضلالهم ولشهواتهم ، والارتفاع عن هوى النفس والانتكاس في الفسق والفجور وعصيان رب العالمين .

فمن الإمام الحسين عليه السلام نتعلم الانتفاض لتعلم معارف الدين ودروس العز والكرمة والسير في هداه ، ولننتقل من نداء الحسين بأبي المساكين إلى معرفة شريفة ،  وهي أن نكون من الساكنين والمتمسكنين في المعارف الإلهية والعلوم الربانية الفاضلة الكريمة والمتمسكين به وبآله أئمة الحق للوصول إليها .

وقد ذكر الحر العاملي رحمه الله في الوسائل في الجزء 21في صفحة 397 في باب 27 أحاديث :

في استحباب وضع الكنية للولد في صغره ، ووضع  الكبير الكنية لنفسه وان لم يكن له ولد ، وأن يكنى الرجل باسم ولده .

، كما ذكر في الباب 29  كراهة كون الكنية : أبا مرة أو أبا عيسى أو أبا الحكم أو أبا مالك أو القاسم إذا كان الاسم محمد ، وذكر في الباب30 كراهة ذكر اللقب والكنية اللذين يكرههما صاحبهما أو يحتمل كراهته لهما .

وهذه من سنن التعاليم الإسلامية ومعارف أهل البيت عليهم السلام ، ولذا ترى لهم كنى وألقاب جميلة تعلمنا الإقتداء بهم في التسمية وذكر الكنية للطيبين من أتباعهم وأولياءهم ، وهذه من المسائل الفقهية والآداب الدينية التي شرفونا بها وكرمونا بمعرفتها والتحقق بها ، ويجدها من يحب المعرفة الواسعة الرجوع لها في الرسائل العملية للمجتهدين وأحاديث المعصومين عليهم السلام .

والكنية هي من الأسماء ينادى بها الإنسان باسم الابن أو البنت له على نحو الحقيقة أو التقدير والفرض ، أو كنية تأتيه من عمل له شريف وفاضل قام به ، وغير أهل البيت لهم كنى مثل أبو جهل أو أبو مرة أو أبو معاوية ـ جروا ـ وغيرها أبعدن الله منهم ، وللسنة الحسنة التي دعت لها تعالم الدين اعتاد المؤمنون عندنا في العراق أن يكنوا :

مَن اسمه علي : ينادى أبو حسين ، لكون الإمام علي والحسين عليهم السلام في العراق لهم مراقد في قلوب المؤمنين ، يزورها ويجددون العهد معهم وعقد العزم على الإقتداء بهم والسير على صراطهم الموصل لله وطاعته كلما سنحت الفرصة وغنمت ، كما أن بعض البلاد يكنون من كان اسمه علي بأبي حسن أو أبو الحسنيين ، وإما في ذكر أحاديثه فيقال مثلاً قال أمير المؤمنين وهو لقبه الخاص أو يقال : أبو الحسن وهذا الغالب في ندائه بالكنية عليه السلام.

 وإما من كان اسمه حسين فإن يكنى : أبو علي ، لكون الإمام الحسين عليه السلام ثلاثة من ولده اسمهم علي ، علي الأكبر وعلي الأصغر استشهدا معه في يوم الفاجعة الكبرى في كربلاء ، وعلي الأوسط هو أمام الحق الرابع علي بن الحسين السجاد عليه السلام ، وفي كنيته عليه السلام إشارة وتعليم لمعنى العلو والمجد والعزة والكرامة والفضيلة والشرف والسعادة والخير ، وهكذا نتكنى ونتلقب بألقاب آل الحسين الكرام صادق وكاظم وجواد وهادي ومنتظر وغيرهن .

فالإمام الحسين بل وآله الكرام قدوة لنا وأسوة في اسمهم وكنيتهم ولقبهم وكل ما يوصلنا لسلوك هدى الله وتعاليمه ، كما إن اسم الحسين عليه السلام ولقبه وكنيته فيها معاني شريفة لتعاليم المؤمنين السنة الحسنة من المفروض فيها باستحباب التكني بالأسماء الحسنة والجميلة ، وجعل كنية للابن قبل زواجه فضلاً عن تسمي الإنسان ونداءه بأسماء أطفاله ، ولا يقتصر التكني بكنى الحسين عليه السلام كما عرفت .

إذ يمكن من الإمام الحسين عليه السلام الانتقال للتكني والتعلم من كل آله الكرام آل البيت النبوي الطاهر ، ومن خواص صحبهم الكرام أو الأسماء الجميلة التي تدل على الكرامة والشرف والعز والخير والفضيلة ، والتي فيها تعاليم الدين ، ولكل منها جماله ولا أجمل من كنى أهل البيت عليهم السلام ، وهذا مذكور في تعاليمهم الشريفة وأخلاقهم الكريمة .

 

وأما كنى الإمام الحسين عليه السلام حسب ما ذكر في الكتب فهي :

كنيته : أبو عبد الله  ، وأبو الأئمة ، أبو المساكين .

وفي المناقب : وكنيته : أبو عبد الله ، والخاص أبو علي  .

وفي كشف الغمة : قال كمال الدين بن طلحة : كنية الحسين عليه السلام أبو عبد الله لا غير . وقال ابن الخشاب : يكنى بأبي عبد الله  .

بحار الأنوار ج39ب11ص237ح1 .

وفي الإرشاد : وكنية الحسين : أبو عبد الله . الإرشادج2ص27.

أقول : ويكنى الإمام الحسين عليه السلام عند بعض الثوار الطيبين والمؤمنين بكنى إما جاءت في أحاديثه الشريفة أو في معنى متجدد مستفاد من ثورته وتضحيته عليه السلام وهي مثل : أبو الأحرار ، لحديثه يوم عاشوراء كونوا أحرار في دنياكم ، أبو الثوار لكون من يقتدي بثورته يكون مصلح وتابع له في طلب إقامة الحق والهدى والعدل والخير والفضيلة والعز . وهكذا مثل أبو المؤمنين ، أبو المصلحين ، أبو المجاهدين ، أبو المعصومين .

 

 

 

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام


 

المجلس الثاني

 الانتساب للإمام الحسين عليه السلام

سبب للهدى وإطاعة لله طول العمر

هذا مجلس مختصر نذكر فيه أسماء وأحوال ومواصفات من يتعلق ويتصل بالإمام الحسين وآله الكرام عليهم السلام بالانتساب والنسب والسبب ، ففي هذا المجلس أنواع من الذكر للإمام الحسين عليه السلام :

 

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام


الذكر الأول

الانتساب للحسين سبب موصل لجده ولمعرفة الله وطاعته

 

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

( كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ) .

 أرجح المطالب 262 ، أمالي ابن الشيخ : 217  . وعقد في بحار الأنوار ج25 باب آخر 7 ، في بيان أن كل نسب وسبب منقطع إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسببه . وهو حديث متوتر مذكور في أغلب المصادر العامة والخاصة ، وفي الحديث قسمين :

القسم الأول : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة :

 وقد حكاه الله تعالى في قوله : { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ}المؤمنون101.

كما يصور لنا سبحانه هذا الانقطاع عن الأنساب والأقرباء في يوم القيامة في قوله تعالى :{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }عبس37 .

 وهذا واضح في تعاليم الله حيث إذا كانت صلة الرحم التي أوصى بها الله تعالى في الدنيا حتى ورثها وكرمها وأمر بوصلها ، ولكن إذا لم تكن مؤمنة فهي في الآخرة لا أمان لها ولا حرمة ويفر منها ، وفي الدنيا الوصل المأمور به لعلها تنتفع وتؤمن ، فإذا كانت الرحم مقيمة في معصية الله أو على الشرك به تعالى ـ والعياذ بالله من معصيته والشرك به ـ ولم ينفع معها النصح والإرشاد لا تطع ولا يُقتدى بها ، والبحث في صلة الرحم طويل ، ولكن خلاصته هو :

 هو إن أحترم الرحم المشرك من غير طاعة في معصية الله ، فهو نوع من الفرار منه في الدنيا ، وفي الآخرة عرفت حكاية الله ، وإذا كان هذا الكلام في النسب ، فكيف الحال في السبب المنقطع الذي لم يعتبره الله ولم يقم له وزن ولم يحترمه ولم يذكر له كرامة إذا كان مشرك وعاصي بل مطلوب منه الفرار في الدنيا قبل الآخرة ، فهو لم يكن حبله متين بقدر الرحم في الدنيا ، فيكون بالآخرة منقطع لأنه منقطع في الدنيا قبل الآخرة ، ويهوي بصاحبه في نار جهنم وعذاب الله الشديد .

وهذا المعنى بيّن في تعاليم الإسلام والإنسانية وعند كل العقلاء والعرف ، بأنه لا شفاعة ولا وصل ولا سبب للئيم أو خسيس أو عاص للملك العظيم والرب الرحيم وعلى عناده مقيم ، ولا نسبة ولا انتساب بينهم وبين أتباعهم ، إذ شيمتهم الخيانة والنكران للجميل والغدر والحيلة والمكر ،ولا حرمة له ولا كرامة.

القسم الثاني من الحديث : إلا سببي ونسبي :

يعني إلا من أتصل برسول الله تعالى بالنسب والسبب فهو لم ينقطع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخر والدين والهدى وكل نعيم الله وفضله وتشريفه لعباده المؤمنين ، وهذا له تفسير لا يمكن أن يحمل على ظاهره فإن أبو لهب ، وهو عم للنبي لكن لعنه الله وأدخله النار ولم يكن سبب ولا نسب له يغنيه وينجيه ، لأنه لم يتمسك به في الدنيا .

فليست مجرد القرابة والوصلة للنبي الكريم لها حرمة ، بل فقط النسب والسبب والوصلة بالنبي التي شهد الله ورسوله لها بالإيمان وزكاها وطهرها ، فهي التي تكون موصولة ، وكل من وصلها وتبعها وجعلها له نسب وسبب وتمسك بها يكون معها ، ولم ينقطع عنها في الدنيا والآخرة ، وهذه من أول معارف الإسلام ومبادئه .

ولذا قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } التوبة 119 ، وقال : {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ} آل عمران193 ، وهذا معناه إن الصادقون والأبرار والمنعم عليهم والهداة للصراط المستقيم وأئمة الحق سبب ونسب موصل لله ورسوله ، وتوضيحه :

إنه لا يمكن لأحد أن يدعو أو يذكر أو يعرف الله مباشرة من دون انتساب للنبي الكريم ومعرفة تعاليم الله منه ، فإن الله لا يعرف حق المعرفة ولا يطاع حق الطاعة إلا بتعاليمه التي أنزلها على نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، والنبي الكريم يكون سبب متصل بالله تعالى وبه ننتسب لدين الله الحق .

 وهكذا يحتاج الإنسان الغير معاصر للنبي لمن يوصله بالنبي الكريم ويرشده لتعاليمه الحقيقية ولمعارفه الصادقة ، ويكون له سبب ونسب يلحقه بالنبي لكي لا ينقطع يوم القيامة .

 ولذا وجب على كل البشر المحبين للإيمان الحقيقي ، معرفة الهدى الصادق لله تعالى والموجود عند أئمة الحق ، فلذا يجب على كل عاقل البحث عنهم حق البحث حتى يحصل له اليقين بمعرفتهم ، وهذا سبيله أهل البيت عليهم السلام وآل النبي الكرام الذين شهد الله لهم بالصدق وعدم الكذب كما في قوله تعالى :

{ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } آل عمران 61 ، فلو علم الله من أهل البيت كذب ، لما أمر النبي أن يأتي بأهل بيته ليباهل بهم نصارى نجران ، فهذه الآية الكريمة فيها معرفة قيمة وشهادة صادقة تبين الحق وأهله وسبب النبي المجتمع مع النسب ، وهم النبي الكريم محمد وبعده علي الذي هو نفسه وزوج بضعته الزهراء وبعده أبناهم الحسن والحسين ومعهم فاطمة بنت النبي والتي مثلت النساء المؤمنات .

فآل النبي الكريم الذين شهد الله لهم بالصدق والكرامة وبيان الشأن الشريف ، هم نسب النبي والسبب المتصل به ، وكل من أتصل بهم بسبب وأنتسب لهم بالدين وحصلت له معرفة بهم وأعتقد بشهادة الله بحقهم وتصديقه لهم وتبعهم وأخذ تعاليم الله منهم ، فيكون بحق قد أستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها وبحبل الله المتين الذي لا ينقطع ، وكان من حزب الله الصادقين وحشر مع الأبرار والصالحين والمنعم عليهم والصديقين وحصل على سبب النبي ونسبه ولم يقطعه الله عن نبيه وهو معه في الجنة .

 

ونضيف بيان هو إن الله تعالى في آية أخرى أمر بمحبتهم وودهم فقال تعالى :

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } الشورى23 . 

وقد عرفت في الباب السابق إن هذه الآية الكريمة تبين البشرى بمن يقتدي بود ـ الذي هو المحبة الشديدة ـ لأهل البيت عليهم السلام ، فيكون له حسنة مزادة والله يغفر ذنوبه ويشكر سعيه ، وهذه الآية صريحة بأنها أجر رسالة النبي الكريم وتبين مناسبتها في أن الرسالة مستمرة في قربى نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، وبهذا الود للحسين وآله آل النبي الكريم ننتسب للنبي ودينه ولله تعالى وهداه ، ونُخلص له الدين بتعاليمهم ومعارفهم التي علموها لنا بكل وجودهم حتى بأسمائهم الشريفة الكريمة وتذكرها ومعرفتها والتحقق بمعناها وما توحي إليه مضامينها ، فضلا عن الانتساب له بالروح والهدى والإقتداء به للإخلاص لله بكل تعاليم الدين .

فالآية الكريمة فيها عناية من الله تعالى بأهل البيت النبوي ، حيث طهرهم في آية التطهير ، ووفقهم للإيمان الخالص والعمل الصالح الذي بشرنا الله بأن من يقبل الله منه سيجعل له ود قال الله تعالى :

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَانُ وُدًّا (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا }مريم97 .

وهذا الود مع الإيمان والعمل الصالح وأجر الرسالة وقربى النبي في هذه الآية والآية السابقة ، معناه من وصل آل النبي وأنتسب لهم في العلم الإلهي والمعارف الربانية قد حصل له سبب ونسب متصل بالنبي ودين الله ، وجمع السبب والنسب والرسالة واستمرارها ومعرفة لله تعالى بود ومحبة باتباع أئمة الحق من أهل البيت عليهم السلام .

وهذه الآية  الكريمة أنذرتنا من كان قد لد لأهل البيت عليهم السلام وانقطع عنهم وبغضهم ، يكون سببه ونسبه منقطع في ذلك اليوم ويهوى في نار جهنم كأبي لهب مهما كان وبأي اسم تسمى .

 

الإمام الحسين لخص وشرح السبب والنسب المتصل بالنبي :

نعم السبب المتصل برسول الله ومنتسب لدين الله قد لخصه ثم شرحه الإمام الحسين عليه السلام بتضحيته وفداءه ، كما إن أعداءه كانوا هم السبب والنسب المنقطع لأنهم قوم لدوا النبي وهداه وهم أئمة كفر أو أتباع لهم .

 فكان الانتساب لجامعة الإمام الحسين عليه السلام هو السبب الموصل لكلية معارف الله ودينه ، وبه يمكن أن نصل للخير والكرامة والأخلاق الفاضلة والطاعة لله تعالى ، وبمعرفته نبتعد عن الانقطاع عن الله وعن تعاليمه ، وبتضحيته وسيرته بان وأتضح الانحراف عن دين الله وهداه عند أعداء آل محمد وأئمة الكفر والنفاق على طول التأريخ بما لا مجال معه للشبهة والشك والحيرة في الضلال وعدمه .

فإنه من قتل الإمام الحسين وسبى حريم رسول الله وأتباعهم ، وكذلك كل مبغضي الحسين وآله الكرام ، وكل من حب أعداءهم ، وكل من حاربهم وقتلهم في العقيدة والدين وكل من رضي بفعل معاند لآل الحسين ويمنع من معرفتهم بكرامة الله ودينه وما فضلهم به وخصهم من الشرف والمجد على طول الزمان ، لا يمكن أن يتصور عنده أدنا سبب ونسبه لدين الله ولرسوله ، وهكذا كل مَن حب أعداء الحسين وآله ومن حاربهم وخالفهم  ودعا الناس لرأيهم ومكرهم وخداعهم ، فهو كأئمة الكفر المعادين لأئمة الحق ، قد أنقطع عن النبي الكريم ودين الله وكل معارفه وتعاليم ، ولم يعبد الله بما يحب ويرضى ، فضلا عن الإخلاص له .

وباليقين والقطع والإيمان الراسخ أنه من نصر الإمام الحسين وتعلم منه فاقتدى به وتأسى به ورفض أعداءه ومبغضيه ، يكون له أقوى سبب ونسب يتصل به وبالله ورسوله وكل تعاليمه ومعارف ودينه ، ويحق له بل يصدقه الله ورسوله وكل المؤمنين والمنصفين أنه تعبد لله بدينه المرضي وله أعلى ثواب وأجمل نعيم وكرامة من الله تعالى .

ولذا الله أكرمنا بعقد مجالس نذكر بها الحسين وننتسب له ويكون لنا سبب يوصلنا بالنبي الكريم ورسالته ودينه ، فهو عليه السلام مدرسة الدين الحنيف الذي يكون من انتسب له حصل على السبب المتصل بالنبي الكريم وتعاليمه ثم بالله وطاعته وعبوديته ، فهو عليه السلام جامعة الإسلام الكبرى التي فيها بيان للحق والهدى الذي لا انحراف فيه ولا ضلال  .

 فبذكر الإمام الحسين عليه السلام وحضور مجالسه والتعلم من معارف هداه يكون لنا سبب متصل بالله تعالى ومعارفه ، ونعرف نسبتنا وانتسابنا للحسين عليه السلام ولآل الحسين ولجد الحسين ومعرفة الله وطاعته وعبوديته ، فالانتساب له عليه السلام معرفة كبرى وتعليم كريم لمعنى حقيقي وواقعي عند الله وفي شرعه المتين والدين المبين ، ويدخلنا في كلية معنى ناصر الحسين أو ذاكر الحسين أو الحاضر في مجالس الحسين ، وبه ننتسب ونتسبب للحضور في جامعة آل محمد عليهم السلام ، ونكون بحق قد انتسبنا للنبي الكريم الذي لا ينقطع نسبه وسببه عند الله تعالى ، وهو انتساب لله في الحقيقية بالطاعة وسبب كريم وشريف لعبوديته تعالى عن معرفة ويقين .

 

 

قول النبي الكريم : حسين مني وأنا من حسين:

بما مر من المعرفة القيمة لمعنى الانتساب والنسبة في الدين ومعرفة هدى رب العالمين وطاعته عرفنا قول النبي الكريم حسين من وأنا من حسين .

فكل من كان مع الحسين ومن أنصار الحسين على طول الزمان وفي أي مكان ، يكون من النبي في الهدى والدين ، فالحسين بيّن بشكل لا مثيل له إخلاصه لله رب العالمين في العبودية والطاعة عن يقين ، وهكذا كل من ينتسب له في الدين ويقتدي به على الحقيقية يكون على يقين ، وبهذا يتجسد بل يظهر بحقيقة روحه ومعناه في مجالس ذكر الإمام الحسين عليه السلام ، وبما يفعله المؤمنون في ذكر الحسين والإقتداء به وجعله أسوة لهم في سيرهم وسلوكهم وخلقهم الكريم وصفاتهم الفاضلة التي اكتسبوها من الحسين عليه السلام .

 فإنك ترى كل المؤمنين الأحرار والطيبون الكرام ينتسبون للحسين عليه السلام ويحبون هذه النسبة باعتباره أب لهم معنوي وديني وروحي باعث فيهم الحياة الشريفة الكريمة ، ومعطي كرامة العز والمجد والأخلاق الحسنة والعلم الرباني والدين الصادق والدليل الخالص على معارف الله وهداه .

 فذكر الإمام الحسين والانتساب للحسين عليه السلام : لذة طعمها معرفة الدين والإيمان برب العالمين ، ومجالس وَجد يتهافت لها قلب المحبين والطيبين للرب الهادي الرحيم ، ومجالسه سبب لعشق الخير والكرامة والفضيلة ، إذا يرى فيها إخلاص الحسين لله تعالى وإخلاص أتباعه وأنصاره ، وفيها يحصل لهم سبب عشق الانتساب والإقتداء بالحسين ومن ثم بآل الحسين عليهم السلام في معرفة الهدى والإخلاص لله تعالى .

وهذا شأن كل الأحرار والمؤمنين والخيرين الصالحين والمصلحين في حب الانتساب للحسين ، وجعله سبب لمعرفة العلم اليقيني الصادق بهدى الله وصراطه المستقيم ، والموصل بسرعة وجد وطلب حثيث لطاعته من حيث أمر وأراد أن يطاع وبتعاليمه التي عند أئمة الحق والهدى .

 وهذا تفقده في كل مدارس وجامعات وكليات الدنيا ، ولم يوجد إلا في مدرسة الحسين وجامعته وكليته ، التي تعطي أعلى شهادة فيها توقيع الله ورسوله وآل النبي الكريم والملائكة أجمعين والمؤمنون والطيبون ، وتبين صدق الانتساب لله ولرسوله ولآل النبي الطاهرين ، وإن المنتسب للحسين حصل على السبب الموصل لمعارف الله وتعاليمه الحقيقية وكل خير وفضيلة ، ومن غير ضلال ولا انحراف ولا غش ولا كذب ولا خداع .

وذلك لكون الحسين عليه السلام بحق مصباح هادي لنور الإيمان والدليل الصادق الموصل لليقين ، والبرهان الجلي على ضرورة التمسك بالعروة الوثقى والصراط المستقيم لنبينا وآله الطيبين الطاهرين ، وسفينة نجاة وسائس منجي لكل الأحرار والثوار في سبيل التضحية والفداء من أجل إعلاء كلمة الله والصبر في جنبه .

فكل المؤمنون والطيبون والأحرار يستقون منه معالم الدين ، وبذكره العطر يسترفدون منهل حياتهم ، ويعذب وجودهم ، وتصفى نياتهم في طلب العبودية والطاعة لله تعالى والعمل بتعاليمه ونشرها وترويجها .

فأي نسبة أحلى وأجمل من الانتساب للحسين ولآل الحسين عليهم السلام  والسير في سبيلهم وصراطهم المستقيم ، لكي نصل لنعيم وهدى ورضا ربنا وهادينا وعزه وكرامته وفضله وكل سعادة في الدنيا والآخرة .

 

الانتساب للحسين وآله واجب على كل من أراد الله وعبوديته :

وقد قال الله تعالى :

{يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71) وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} الإسراء72 .

 وقد عرفت إن الإمام الحسين في كل مكان وزمان إمام حق ودليل صدق لتعريف آله الكرام وأئمة الحق والهدى الإلهي لكل الدنيا ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

(سلمان منا أهل البيت )

بحار الأنوار ج22ص329ب10ح38 .

 وذلك لكون سلمان رحمه الله كان تابع لأهل البيت ومخلص في ودهم وحبهم ومعرفة علوم الله وهداه عن صراطهم المستقيم بعد رسول الله ، وهذا السبيل يكون لكل من أنتسب وتبع أئمة الحق من آل محمد عليهم السلام واهتدى بصراطهم وكان من شيعتهم ، ويؤيد هذا آية المودة وكل الآيات والروايات الموجبة لحبهم وسلوك سبيلهم والانتساب لهم .

ولذا قال آبان بن تخلب : قال الإمام الشهيد ـ أبو عبد الله الحسين ـ عليه السلام :

( من أحبنا كان منا أهل البيت )

فقال قلت : منكم أهل البيت ؟!

فقال : ( منا أهل البيت ) حتى قالها ـ ثلاثاً ـ ثم قال عليه السلام :
أما سمعت قول العبد الصالح : { فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي }إبراهيم36 .

 نزهة الناظر وتنبيه الخاطر 85 حديث 19 .

 وما هذه المعارف الراقية في النسبة والانتساب وملاكه في تعريف الله ورسوله والحسين ، إلا لكون حب الإمام الحسين عليه السلام والإقتداء به يكون أفضل وأسرع سبيل موصل لحقيقة معرفة الإمامة والإخلاص في السير في سبيل أئمة الحق ، وذلك لأنه يعرفهم بالدين والهدى وكل فضيلة ومجد ، وبه المؤمن والطيب يعرفهم ويحب أن ينتسب لهم وحب أخذ كل تعاليم الله ومعرفته منهم وحدهم ، من غير شك وشبهة ، فلا يبقي الانتساب للحسين عليه السلام وآله لأحد مجال الحيرة والضلالة حتى يخلطهم بغيرهم من أئمة الكفر وأتباعهم وبضلالهم وظلامهم على طول الزمان .

وهذا معنى الإخلاص في الانتساب للإمام حسين وآله والتسبب بهم لرضوان الله ورسوله والكون معهم ومنهم ، مع التبري المطلق من أئمة الكفر وأتباعهم وكل ضلالهم ، وجعلنا الله بحق ممن ينتسب للإمام الحسين وآله ، ومن المتسببين لرضاه بكل دينهم وهداه مخلصين في عبودية وإطاعة حتى يجعلنا معهم في أعلى محل الكرامة والمجد ، إنه أرحم الراحمين لي ولمن قال آمين يا رب العالمين.

 

 

 

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام


 

الذكر الثاني

سبب وانتساب للإمام الحسين بأولاده وزوجاته

 

 بعد إن عرفنا شيء عن حقيقة وروح الانتساب للإمام الحسين وآله الكرام عليهم السلام ، حتى نكون متسببين لعبودية الله بهداهم ، ومتخذيهم عروة وثقى وصراط مستقيم لكل دينه ونعمه ورضاه ، نذكر معنى أخر ظاهري لمعنى السبب والانتساب للإمام الحسين عليه السلام ، بعد أن عرفنا في الذكر الأول من المجلس الأول في هذا الباب السبب والنسب للإمام الحسين عليه السلام من ناحية الآباء والأمهات الطيبين الطاهرين أكرم خلق الله وأشرفهم وأمجدهم .

ولتعرف أنه لهم العزة والشرف في النسب في كل أدوار التاريخ بل في كل مراتب الوجود ، ولتعرف المزيد راجع ما ذكرنا من نسبهم في تأريخ الوجود في صحيفة ذكر الإمام علي عبادة الباب الثالث وغيره ، ومرت في الباب الأول من صحيفة الإمام الحسين هنا بعض المعرفة وستأتي أخرى في الباب الآتي وغيره.

ونتعرف هنا لنسب الإمام الحسين وسببه من ناحية الأولاد والزوجات ، حتى نتعرف بحق على محل الكرامة والمجد بكل آله الكرام من أول الوجود أدم ونوح وجدهم إبراهيم وآله حتى نبينا والكريم وآله ، ثم حتى الحسين وأبناءه وبالخصوص المعصومين أئمة الحق والهدى وأهل دين الله تعالى بحق ، والذين طهرهم وأختارهم لتعريف فضله ومجده وهداه ودينه وكل نعيمه ، وبالخصوص بالمعصومين من ذريتهم الكرام آل الحسين حتى يوم القيامة بعده إمام بعد إمام ، وأما السبب المتصل القريب والنسب الحبيب للإمام الحسين فنذكر أوله ذكر :

 

 ذكر أولاد الإمام الحسين الكرام :

الابن الأوسط للإمام الحسين : هو خليفة الله وحجته على أهل الأرض الإمام الرابع الملقب بالسجاد وزين العابدين وهو علي بن الحسين عليهما السلام.

  والمعصومين أئمة الحق والهدى الإلهي وخلفاء الرحمان في أرضه وأمناءه على دينه هم بعده من نسل الإمام الحسين عليه السلام من ذريته وهم بعد علي بن الحسين ، أبنه الإمام محمد الباقر ، ثم بعده الإمام ابنه جعفر الصادق ، ثم الإمام بعده ابنه موسى الكاظم ، ثم الإمام بعده ابنه علي الرضا ، ثم الإمام بعد ابنه محمد الجواد ، ثم الإمام بعده ابنه علي الهادي ، وثم الإمام بعده ابنه الحسن العسكري ، ثم الإمام بعده ابنه الحجة بن الحسن إمام العصر والزمان حتى يوم القيامة ، وإن شاء الله به ندعى يوم القيامة حين يدعى كل أناس بإمامهم ، وبحق يجعلنا الله منتسبين لهم بكل دينهم ومعارفهم ومخلصين له الدين بما علمونا إنه أرحم الراحمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .

 وكذا السادة والأشراف هم إما : من نسل الأمام الحسين الذين هم الحسينيين ، أو من نسل أخي الحسين الإمام الحسن وهم السادة الحسنيين .

 

الابن الأكبر للحسين : علي بن الحسين الأكبر ، أشبه الناس خُلقاً وخلقاً برسول الله وكنيته أبو محمد قد استشهد معه في كربلاء عطشان ضامي مقطع أرباً إربا في سبيل إعلاء كلمة الله .

 

الابن الأصغر : علي الأصغر _عبد الله الرضيع _ استشهد مع الحسين في كربلاء عندما طلب له الماء ليسقيه فرموه أعداء الله وقتلوه فسقى دمه السماء والأرض معرفة ودين وكشف أئمة الكفر وأتباعهم الظالمين في كل حين .

 

كما ذكر أن له عليه السلام أولاد آخرين هم : جعفر ،  محمد ، ومحسن.

 

ذكر بناته المكرمات :  فاطمة ، وسكينة ، وذكر زينب ورقية أيضاً.

 

ذكر زوجاته المكرمات :

ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي .

أم إسحاق بنت طلحة بن عبد الله التميمي .

شاه زنان بنت كسرى يزدجر ملك الفرس .

الرباب بنت إمرئ القيس بن عدي .

هذا كان تعريف لبيت الشرف والكرامة والعز والفضيلة والمجد في الوجود ، وهذا محل أهل البيت النبوي الطاهر المكرم المرتفع بالهدى والدين والإخلاص لرب العالمين باختصار ، وسيأتي بيان رباني يؤيده الوجود وتأريخ الدين وهدى رب العالمين ، وستراه حتى اليقين انه منحصر بالحسين وآل الحسين من أول الوجود حتى آخره ، بل وشيعتهم يلتحقون بهم بقدر قربهم منهم والنسبة والانتساب لهم  ، واتخاذهم سبب ونسب لدين الله وعبودية والإخلاص له بكل ما عرفوه وعلموه ، وإلى الجحيم من لم يتصل بهم ولم يعرفهم بكرامة الله لهم وتشريفه لهم بكل الوجود .

وراجع صحيفة ذكر الإمام علي عبادة وراجع الباب الأول هنا وتدبره ، وتفصيل الكلام يأتي أيضا في الأبواب الآتية من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، ونسأل الله أن يلحقنا بهم بكل شيء نسب وسبب إنه أرحم الراحمين .

 

 

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام


 

 

الذكر الثالث

مختصر في العمران للهدى بعمره الشريف

من الدروس الشريفة التي نتعلمها من جامعة الإمام الحسين ودروسه في الهدى والدين ومواعظه ، هو التدبر في مراتب خلق الكون والهدى التكويني والتشريعي ، وتدبير الله تعالى وحكمته في الخلقة قبل الدنيا وبعدها ، وأخذ الميثاق من البشر وتجديد ذكره بجد الحسين وبالحسين وآلهم عليهم السلام إلى يوم القيامة ، وبيانه :

عمر الإمام الحسين عليه السلام لم يقتصر على أيامه في الدنيا وعمرانها بوجوده الكريم واستمرار نعيم هدى الله وبقاءه بتضحيته وإيثاره وإقدامه ، بل عليه السلام كان نور مع جده وأبيه وأمه وأخيه وسيأتي بيانه ، وهذا مختصره : وذلك عندما حكى الله عن النبي الكريم بقوله :

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنْ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ }الأحزاب7 .

وفي قوله تعالى : { وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ } الشعراء219 .

{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } الأعراف172 .

وقوله تعالى : { وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} الرعد25 .

وذكر الإمام الحسين عليه السلام معنا وحقيقة فضلا عن اللفظ تجده في كل بقاع الأرض ومساكن الدنيا وزمان الدهر إلى يوم القيامة ، ومن يوم الذر والأصلاب والميثاق المأخوذ لجده الكريم وسببه ونسبه الذي لم يقطع والمأمورون بوصله ويحرم قطعه والانقطاع عنه ، وملعون من قطعه وتركه واعتدى عليه وحرم الناس منه .

نعم عُمر الإمام الحسين هو عُمر الوجود وهداه من جده بدأ وله استمر ، والأصل تجلي الله وفيضه وخلقه للوجود وتدبيره وحكمته في هداه التشريعي الذي هو غرض الوجود التكويني ، فهم لربهم سبب موصل ونسب دين وطاعة ، فلذا الكرام الطيبون الطاهرون لا يموتون والشرفاء باقون أحياء عند الله يرزقون .

فهو عليه السلام أول الخلق خُلق مع جده وآله الكرم في الوجود وهم أكرمهم فيه ، وهو سيد الشهداء بمعنى الذين قتلوا في سبيل الله ، وسيد الشهداء كجده رسول الله وآله باعتبار الشهادة على الأعمال وعلى من تبعه ومن هجره في الدنيا ، وفي يوم القيامة من شهدوا له بالكون منهم في الدين وأنتسب لهم وتسببهم لمعرفة الله وعبوديته وأطاعهم في تعاليم الله ، قبله الله تعالى ورضي فعله وهذا تشريف الشهادة ذكره الله في كثير من آيات القرآن المجيد ، وذكرنا قسم منه في صحيفة الثقلين ، ومن لم يشهدوا له غضب الله عليه ، وسيأتيك تمام الكلام في الباب الآتي عند الكلام عن نور الإمام الحسين وآله عليهم السلام .

فالحسين باقي في الأرواح حرارة إيمان تنبض بالذكر لرب العالمين كلما نسي المؤمنون ربهم ، ولا حجة لأحد فيقول كنت من الغافلين ، أو نسيت العهد والميثاق الذي أخذه الله في عالم الذر ولم أعرفه ولم أتذكره ، فلله الحجة البالغة ، فهذا ذكر الحسين واسمه وتضحيته وفداءه مذكر في كل زمان ومكان بذلك العهد والميثاق المذكور .

 فالإمام الحسين عليه السلام هو المصباح المتوقد في القلوب لينير الهدى فيها ويتجه بها لطاعة ربها ورضاه ، وهو المذكر والذكر العالي في كل مكان وزمان عند الغفلة في ملاهي الدنيا ، وفي أسواق البيع والشراء وبحر المعاملات ، فهو السفينة التي تنجي من المادة وتحلق بالمؤمنين في عالم الملكوت والروح والمعنى ويستنقذهم من الضلالة وحيرة الجهالة ، فالإمام الحسين درس الحياة النابض في عروق المؤمنين ، والولي المرشد لهدى الله والنجاة من الظلمات وضلال الفتن .

فإن الحسين طريقه واضح نير من خلق الذر والدنيا إلى يوم القيامة يوصل المؤمنين لطاعة الله ورضاه ، والعمل بما ينجي المؤمنين من كل ضلال وانحراف عن الدين وتعاليمه أو النسيان لها أو الغفلة عنها .

 وهذا ذكر الحسين ونداءه هل من ناصر ينصرني ، فإنه فيه عبر ودروس من الحسين عليه السلام لمن يتعظ بالموعظة الحسنة ، ويفكر في العمر الدنيوي الذي ينقضي في بحر الدنيا والذي يجب أن يقطع بسفينة الحسين عليه السلام ، ويسير في خضم هذه الدنيا وفتنها وامتحانها بالحسين وهداه والإقتداء به .

 وذلك لأنه يدعوه ذكر الحسين ويصيح فيه في داخل وجوده يجب أن تكون نابض وحي بكل تعاليم الدين ، وذكر الحسين يدعوا كل خير وفاضل لأن يراقب نفسه هل فيه هدى من الحسين وآله الكرام ليكون سبب ونور يهديه لله وينجيه من عذابه .

 

 

وهذا مختصر في مدة عمره وزمانه في هذه الدنيا :

العمر قصير فليكن كعمر الحسين في تقوى الله ورضاه والتضحية والفداء بكل شيء في سبيل الله تعالى ، وإن لم نكن مثل الحسين ولا نستطيع فلنشارك بما نقدر بنصر الحسين ، فإن نداء الحسين عليه السلام هو نداء الدين الذي يوجب علينا العمل بالواجبات والانتهاء عن المحرمات .

 وهو عليه السلام صرخة العز والكرامة والهدى الرافض للظلم والعدوان سواء ظلم النفس أو الأهل أو المجتمع أو أي إنسان ، فالإمام الحسين رمز العدالة وفخر الحرية وقدوة الحياة وأسوة في المال والأهل والولد .

 

فيا طيب إلى الحسين في المعنى والدين والروح والرواح لتذكر رب العالمين في كل زمان وحين ، ولكي لا نكون لعهد الله وميثاقه من الغافلين والناسين .

 

عرفنا اسمه الحسين بن علي ابن أبي طالب ، أمه فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، جده رسول الله ، أخوه الحسن ، وهو أبو الأئمة الأطهار والهداة الأبرار وأب روحي وحياة دين لكل المؤمنين الأحرار :

ولد عليه السلام : في المدينة المنورة في يوم الثلاثاء الثالث من شهر شعبان سنة ثلاث من الهجرة .
 واستشهد عليه السلام : في يوم الجمعة عاشر شهر محرم الحرام سنة إحدى وستين من الهجرة  ، وعلى هذا .

 

سني عمر الأمام الحسين الشريف في الدنيا :

مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع سنين ، فهذه 7 سنين .
وفي عهد أمير المؤمنين عليه السلام ثلاثين سنة ، أصبحت 37 سنة .
وفي عهد أخيه الحسن عليه السلام عشر سنين ، فصارت 47 سنة .
وكانت مدة إمامته عشر سنين واشهراً .
 فأتم عليه السلام " 57 سنة وما يقارب النصف ، من

      3\8\3 هـ إلى 10\1\61 هـ

أي سبعة وخمسين سنة وخمسة أشهر وسبعة أيام .

فسلام الله عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حياً .

ما أقل العمر في الدنيا عدة أيام في عدة أسطر ، وإن عمرها عليه السلام بوجوده الكريم وبعث فيها الحياة الكريمة .

وما أطول العمر في الآخرة في رضا رب العالمين مع جده رسول الله وأبيه وآله كلهم في المقام المحمود ، ونعيم الله خالد في الطيبات من قصور الدر واللؤلؤ والمرجان والذهب والفضة والزعفران والمسك ، وحور العين والولدان المخلدون وماء معين لذة للشاربين ، ولحم طير مما تشتهون ومن كل شجر وثمر ونمارق مصفوفه ، وكل ما تلذ به النفس وتقر به الأعين ولله مزيد ورضا الله أكبر ، له ولحزبه المفلحون خالص وكل من تبع منهجه القويم إلى يوم القيامة وأنتسب له عليه السلام وأخذه سبب موصل لتعاليم الله وطاعته ومعرفة دينه وعبوديته .

 فسلام الله عليه يوم ولد ويوم بعث الحياة في دين الله ويوم أستشهد ويوم يبعث حياً ، حشرنا الله معه وسلك بنا سبيله في الدنيا والآخرة ورحم الله من قال آمين .

 

اللهم بالحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والمعصومين من بنيه اجعلني مع الحسين وآله الطاهرين وأصحابه الطيبين
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين


 

الهي بالحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والمعصومين من بنيه اجعلني وكل ناشر لهداهم وقراءه ومطبقيه من الموالين والمحبين لهم بحق ومن أصحابهم وأنصارهم الطيبين الخيرين الطاهرين ومحققين بكل نور هدى ونعيم خصصتهم به إنك أرحم الراحمين
أخوكم في نور الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين

إلى أعلى مقام لهذه الصفحة نورك الله بنور الإمام وآله الكرام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله  من أئمة الظلام