هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام الحسين عليه السلام/
 الجزء الأول: نور الإمام الحسين سر تمجيده والانتساب إليه

الباب الثالث
نور الإمام الحسين عليه السلام
في عالم الغيب والشهادة

وفي الباب الثالث  أنوار مصباح هدى ومجالس ذكر لسفينة نجاة :

تقديم : نور الإمام الحسين أقوى الأسباب الموصلة لنور الله .
مصباح هدى
فيه أنور تعرفنا النور الإلهي في مراتب الوجود ونسبة الإمام الحسين إليه وإيصاله لنا
سفينة نجاة
فيها مجالس ذكر تبين علو مرتبة وشرف نور الإمام  الحسين وآله الكرام عليهم السلام في الوجود وحقيقته
 

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام


تقديم
نور الإمام الحسين أقوى الأسباب الموصلة لنور الله

أولاً : بنور الإمام الحسين يعرف نور الله في الناس :

عرفنا في الباب الثاني شيء عن ظاهر اسم الإمام الحسين عليه السلام وأثره الكبير في إيصال هدى الله التشريعي إلينا ، وأثر اسمه الشريف في إثارة المعرفة في النفس وتحفزها لطلب هداها والحصول على نور العلم والإيمان بالله ومعارفه وتعاليمه ، وما مَن به علينا ربنا ببركة وجوده من معرفة أئمة الحق وأهله ، وعرفنا في الباب الأول قيمة الناس والأقوام والمجتمعات في الكرامة والفضيلة والهدى والعز بمتابعتها سبيل أئمة الحق ، والذي بينه مختصراً وشرحه مفصلاً بأحسن بيان الإمام الحسين عليه السلام في نهجه وسبيله ، أو إن الناس والمجتمعات غدرت وخانت وانحرفت عن نهجه وسبيله فزلت عن السعادة ونُكست في الذل والهوان مع أئمة الكفر وأتباعهم .
وذلك البحث كان في الحقيقة هو لمعرفة نور الإمام الحسين عليه السلام في الناس والمجتمعات ومدى تأثرهم به والسعي لتحصيله ونشره ، فيعرف عزهم ومجدهم ونور وجودهم وحصولهم على الإيمان بالله وإطاعتهم لتعاليمه ،  أو إنهم كانوا من المبتعدين عن نور الإمام الحسين عليه السلام فتعرف خسة نفوسهم وذل أرواحهم وخنوعهم للضلال وبقائهم في الظلام .
وكانت المعرفة السابقة من المعارف الظاهرية : إما لمعرفة المنتسبين لدين الله ونور هداه وطاعته بسبب الإمام الحسين وآله الكرام أئمة الحق ، أو معرفة المنقطعين عنهم من أئمة الكفر وأتباعهم الداخلين في ظلام الضلال .

ثانياً : نور الله له مراتب في الوجود يبينها ويوصل لها نور الحسين :

وأما في هذا الباب يكون البحث عن حقيقة النور وواقعيته في الوجود ومراتبه ، والذي منبعه وأساسه نور الله تعالى في الكون وهداه الكوني والتشريعي ، ومن نور الله عز وجل تجلى وظهر كل نور في الوجود ، وأول نور تكويني مخلوق هو نور نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعده نور أئمة الحق آل نبينا الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ثم باقي الخلق أجمعين .
وهذا النور الإلهي الأول المخلوق لله وتجليه وظهوره ليس كلام غير بيّن في الشريعة وتعاليم الله في القرآن المجيد والسنة النبوية المطهرة ، بل هو بحث عميق بينته كثير من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ، وبُحث في كل مجالات الدين في تفسير القرآن الكريم وفي السنن والأحاديث وعلم الكلام والفلسفة وتوسعوا في بحثه بكل صورة .
وما نذكره هنا شمه وإشارة لنور الله وظهوره في الوجود وتجليه في السلسلة الصعودية والنزولية في جميع مراتبه وهداه ، وأسأل الله أن يفي بغرض بيان نور الإمام الحسين عليه السلام وتسببه وتأثيره في الوجود الكوني وبالخصوص الإنساني ليشتد فيه نور الله ويرتفع في مراتبه ، فيكون بيان به نعرف مقامه ونور نبينا وآله الكرام وشرفهم عند الله وفي الخلق وهداه عليهم صلاة الله وسلامه .
وذلك لأنه مَن يتوجه لنور الإمام الحسين عليه السلام ثم يتخذه عقيدة ودين وإيمان يتنور وجوده ويزداد نور ذاته ويشتد ويرتفع لعالم النور الإلهي ، إذ بمعرفة الإمام الحسين يُشرح للناس نور الله ويتجلى لهم ويبين ويظهر لهم ما بطن من نوره في الوجود ، ويعرف نور أئمة الحق وأهل الهدى المشرق بنور الله ، ويمتاز ظلام أئمة الكفر والضلال والباطل واتباعهم .

فهنا أنوار مصباح هدى ومجالس ذكر في سفينة نجاة :

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام



مصباح هدى
النور الإلهي في مراتب الوجود
ونسبة الإمام الحسين إليه وإيصاله لنا

وفيه أنوار هدى تُعرّف نور الأنوار وتجليه وظهور نوره ومراتبه ونسبة الحسين إليه وتأثيره وتسبيبه لمن انتسب له بالتحقق بالنور الإلهي :

 

النور الأول
بمعرفة نور الإمام الحسين والتحقق به نصل لنور الله

تخصيص بحوث النور هنا بنور الإمام الحسين عليه السلام في عالم الغيب والشهادة وإيصاله لنور الله دون البحث عن غيره من الأنوار الإلهية ، هو لكون البحث خاص بالإمام الحسين عليه السلام ، ولكون أساس النور هو الله وهو نور السماوات والأرض ، ونور نبينا الكريم أول نور مخلوق لله في الوجود ومنه يشع كل نور لله تعالى ، وإن الحسين من نبينا في النور الوجودي والهدى الإلهي في الوجود .
وإن نور نبينا الكريم هو من الإمام الحسين بمعنى نشره لنور النبي وجذب الخلق إليه حتى يتحققوا بنور الله الذي جعله سبحانه يشرق منهم ، كما سترى أدلته الإلهية والنبوية في المجالس الآتية ، وفي هذا المصباح بحث وجداني عقلي يقبله المنصف في معارف الدين والعلم الذي حقيقته النور والهدى الحق العلمي والعملي ، وهو الذي يُرقي الإنسان في مراتب نور الله ويرفعه في كل نعيم ملكوته ورضاه وكل ما يتجلى به من الأسماء الحسنى والصفات العليا من خير وبركة ينير بها الوجود ومن يطلب نور الله بحق من أهل دينه الذين جعلهم يشرقون به .
وأنت بحمد الله عارف وسترى إن نور الإمام الحسين عليه السلام بيان واضح وجلي ومنتشر في كل مكان ويشع على كل الناس في كل الأحوال وعلى طول الزمان ، إذ ما من بقعة طيبة في الأرض إلا وفيها مجالس لذكر الإمام الحسين عليه السلام ، يجذب الناس لنوره وهداه وكل معارفه الحقة الصادقة المرضية لله تعالى ، ومن نوره عليه السلام ينتقل المؤمنون وكل الطيبين والأحرار لنور نبينا محمد وآله الأطهار عليهم الصلاة والسلام ومن ثم يتحققون بشدة في نور الله وهداه ويرتفعون في مراتبه بعد أن يرسخ فيهم ويكون إيمان قوي لهم .
وذلك لأن نور الإمام الحسين عليه السلام وهداه وتنويره للوجود في ذلك اليوم المشهود لتضحيته وإيثاره ، الذي يساوي بل هو حقيقة وروح يوم ولادة النور ومبعثه الشريف الصادر من جده سيد الأنبياء والمرسلين ، وذلك لأنه من تلك البقعة المباركة كربلاء وفي ذلك اليوم للابتلاء الإلهي ونجاح الإمام الحسين فيه وفوز حزبه وكل من ألتحق به في كل بقعة من الأرض والزمان كان ، كان وما زال قد أشرق بحق نور الله تعالى بأصفى وأخلص ظهور له والذي حقق أشد شعاع نور في الوجود بتوسط الإمام الحسين عليه السلام .
 وذلك النور الذي شع من الإمام الحسين في يوم عاشوراء كان أسوة وقدوة لنبينا الكريم الذي نور الحسين قبس منه ، وقوة لأبي الحسين الذي نور الحسين إشراق منه ، وتجلي وظهور لهما كما سترى في باب ما عقده النبي وآله الكرام من مجالس ذكره قبل شهادته وبعده من أنصاره ، لتعريف الله لهم أهمية إشراق نور الإمام الحسين وتذكيرهم به .
فإنه سترى بحق إن نور الإمام الحسين عليه السلام كان أسوة وقدوة لأمه وأخيه ولكل الأنبياء والمرسلين وحتى الملائكة المقربين ، بل يباهي به رب العالمين في الملكوت الأعلى ، وكان وما زال قدوة لكل الطيبين والأحرار ومن يريد أن يصل لنور الله وهداه ، وهذا ما عرفته وسترى له كثير من المصاديق والحقائق في الأحاديث التي ستأتيك في أغلب أبواب صحيفة الإمام الحسين هذه وبالخصوص في هذا الباب .
والله تعالى أكرمنا بمعرفة نور الإمام الحسين عليه السلام والتوجه إليه في كل حين من خلال ذكر مجالسه وتعاليمه وهداه في كل مكان وزمان ، لأنه يدعوا لنور الفطرة الصافية التي أوجدها الله فينا والتي يكمن فيها حب الكمال والجمال والخير والفضيلة والعدل والإحسان والعز والكرامة التي يدعوا لها نور الإمام الحسين عليه السلام .
كما إن نور الإمام الحسين عليه السلام في سيرته وسلوكه وتضحيته وفداءه وتعاليمه العلمية والعملية أجلى دليل وأسطع برهان ووفق أحسن حديث ، يشتاق له الوجدان وكل نفس طاهرة نقية ويحبه القلب والعقل السليم ويرتاح له ، وذلك لما فيه من بيان ضرورة التحلي بنور الحكمة والدين والتحقق بنور رب العالمين .
 وهو عليه السلام كشف كل ضلال وظلام وجهل زينوه أئمة الكفر وأهل النفاق وأتباعهم ، وكل منحرف عن نور الله تعالى في جميع مراتبه ، وبيّن كل غشاوة جعلوها عليه ، وقد مرّ شيء من البيان في الأبواب السابقة .
 


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام



النور الثاني
نور الإمام الحسين وسيلة السعداء والابتعاد عنه سبب للشقاء

كل نور في الوجود هو نور الله تعالى :
فالله سبحانه وعز شأنه وسلطانه هو النور ، وهو النور المطلق الغير متناهي والغير محدود ، وهو المنور والخالق لكل نور في الوجود ، وحسب النظر لنوره تعالى في الخلق وحسب ناحية التوجه له وتحصيله يكون له أسم مضاف ويكون له أسماء وحيثيات وخصائص وظهور وتجلي في كل العوالم والكائنات فيها ، ونوره هو الذي يمدها ويدبرها وهو قيوم عليها ومحيط بها .
فمن أين حصلنا على نور الله تعالى وتنور قلبنا بالإيمان الراسخ وصفى وجودنا ، هل ببركة نور الله الذي شع علينا من الفطرة والعقل والذي أثاره فينا وحركه أنصار الحسين أو من الحسين أو أخي الحسين أو أبناء الحسين أو أب وجد الحسين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، فمن هذا النور المكتسب أشتد فينا نور الفطرة الأولي وسرنا بمراتب النور بعده حتى يكون وجودنا نور يسعى بين أيدينا وينشر نور الله وينجينا من الظلمات بإذن الله .
فنبينا محمد وآله الكرام وكل مقتبس منهم كلهم على صراط مستقيم واحد ويرجع نورهم للنور الأول الذي منه بدأ النور وإليه يرجع حسب السلسلة الطولية بعد أن يشتد النور الإلهي فيهم ، وذلك حين التعلق بالمشرقين لنوره الله والانتساب لهم وسلوك سبيلهم ، ومن ثم أخذهم سبب لتنور الذات وصفاء وجودها بنور الله في كل الأحوال طاعة لتعاليمه وعبودية خالصة له ونور علم وخلق كريم فينا ، وتنفر وابتعاد عن المعصية وضلال أئمة الكفر والبراءة منهم والفرار من جهلهم المظلم .
فإنه وإن كان النبي وآله كلهم نور واحد :مخلوق لله تعالى وإن تعددت مراتبه ، وكان لكل منهم شأن وخصوصية ، وعلى الإنسان لكي يرتفع لنور الله لابد من التمسك بالنور كله من غير تبعيض ، وإنما نور الإمام الحسين كان وسيلة السعداء للوصول للنور كله والتعرف عليه والاقتباس منه والتحقق به ، ومن ثم تمييزه عن الظلام لأئمة الكفر وأتباعهم من أعداء الإمام والذي زُيّنَ ضلالهم وظلام وجودهم ومذهبهم بشبحٍ من النور وتسمى باسمه ، وتظاهر به ليدخل أتباعه فيه ويعميهم عن حقيقة النور وأساسه والمشعين والمظهرين له .
ولهذا إن توجه الطيبون لدين الله الحق وطلبوا هداه وهم صادقون لابد لهم من طلبه من نور الإمام الحسين بعد معرفته بدين الله وهداه ، فيشع عليهم ويكون لهم حقيقة النور الإلهي ومصدر إشعاع قد تحققوا به بكل وجودهم ، فيشتد النور في وجودهم ويكونون يحق من المؤمنين بعد إن صفا وجودهم وخلص من كل شائبة ، فصاروا من الحسين لهم حقيقة النور كما كان للحسين حقيقة النور الإلهي من جده نبي الرحمة محمد والذي هو بحق السراج المنير للنور الإلهي ، فيبدأ ينتشر نور الله فيهم بكل وجودهم ، بل ويشرق منهم هداه على البشر ويتجلى بقدر قدرتهم على التحقق به ونشره .

ولذا قال الإمام الحسين عليه السلام :

 ( نحن وشيعتنا على الفطرة التي بعث الله عليها محمد صلى الله عليه وآله وسلم .وسائر الناس منها براء )

.رجال الكشي ج1ص321 .
 وهذا بيان شريف للإمام الحسين عليه السلام يعرفنا الفطرة التي خلصت في الدين المحمدي الذي فيه تمام نور الله تعالى وكماله ، وقد خصصه الله تعالى الذي هو نور السماوات والأرض بالنبي وآله الكرام وشيعتهم وأتباعهم وقد عرفت دليله في الباب الأول والثاني وسيأتي في كل الأبواب الآتية ، ويؤده حقيقة إشراق نور الله تعالى للكل الكون هدى من الطيبين الطاهرين الصادقين الذي رباهم بيد قدرته ورعاهم لنشر هداه وكل رحمته ونعيم ، فنورهم بأتم نوره وجعلهم مشرقين به هدى ودين وإخلاص عبودية له بحق .
 فأتباع الإمام الحسين بتوسط النور المشرق منه وصلوا لكل نور ويكون وجودهم نير كالصديقين والشهداء والسعداء ويكونون منهم ومعهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، ويسعى نورهم بين أيديهم وهم في نعيم سعادة إلى الأبد . فيكون الذين يستنيرون لدين الله من الإمام الحسين عليه السلام ، مبدأهم من النور بنور فطري وعقل سليم واشتد فيهم النور ببركة الحسين الذي أوصلهم لكل نور أشرق من جده وآله الكريم يمكن أن يتحقق به مخلوق لله تعالى ، ولكل منهم درجات ومراتب الإيمان والترقي والارتفاع في ملكوت النور الإلهي الكوني بعد أن يكون كل ذاتهم ووجودهم .

وأما رجوع أئمة الكفر وأتباعهم لله المنتقم :

 فإنهم لعنادهم لأئمة الحق ومحاولة إطفاء نور الله ولم يقبلوا ما يشع عليهم من نور الحسين الذي يجذبهم لنور الله ومصدر إشعاعه ، فإنه ينعكس عليه فعلهم فيذهب نورهم الفطري ، وكلما اشتد عنادهم يخفت النور الفطري في أصحاب الضلال ويذهب منهم نور العقل المستلزم للإيمان الواقعي الصادق ، ويخرجون من النور الفطري للظلام حتى ينعدم النور في أئمة الكفر وأتباعهم ويكون وجودهم ظلام متراكم .
 وأما رجوعهم لله أيضا له سلسلة طوليه حسب الإقتداء بأئمة الكفر وأتباعهم ، ولكن رجوعهم لله ليس تحت اسم الله النور والمنور والرحيم والهادي والمنعم كالمؤمنين ، بل تحت أسم أخر يرجع لله تعالى أئمة الكفر وأتباعهم كاسم المنتقم أو شديد العقاب والضار والخافض والمذل ، والله خير الماكرين والمضل لأعداء أئمة الحق ونور الهدى والدين ، والمنكس لهم في نار جهنم مع الشياطين .
 


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام



النور الثالث
النور المكتسب بفضل الإمام الحسين نور حقيقي يشتد به وجودنا

ولكي تكون عندنا معرفة عالية بمعنى النور الوجودي فينا نبيّن معناه وأنواعه وبعض مراتبه وحقائقه لنعرف بعده أثر نور الإمام الحسين عليه السلام فينا ، وكيف نرتقي بتوسطه في مراتب النور الإلهي ونتحقق به ونكون فيه بل ومشعين له :  فهنا قبسات نور :

القبس الأول
تعريف النور وأنواعه ونوع النور الذي نقتبسه من الحسين

تعريف النور : هو الظاهر بنفسه والمظهر لغيره .

وأما أنواع النور : النور الحسي المادي والشعاعي الذي يصدر من الشمس وينعكس من القمر ، أو النور الذي يشع من البرق والنار والكهرباء والمصباح  أو ما شابهها ، أو مثل نور الأشعة البنفسجية وتحت الحمراء والأشعة الليزرية اللطيفة وأمثالها وكلها أنوار مادية ، والنور الذي نقتبسه بسبب الإمام الحسين ليس منها ، بل هذه قد تكون من شؤونه أو من مظاهره ، بل نور الحسين بالنسبة لها في مرتبة الوجود كنسبة الروح للبدن ونسبة المعنى للفظ .
بل النور المبحوث عنه هنا والمراد بيانه هو نور ملكوتي ليس مادي : وهو نور الروح والنفس ونفس وجود الذات وبه وجودها يشتد ويسمو ويتأثر ويؤثر ويشع ، وهو نور الإيمان القلبي والعقلي ونور العلم واليقين الذي يكون به الإنسان إنسان ويحصل على الكمال والسعادة ، وبالتحقق به ويكون عزيز وكريم وفاضل ومقدس ومنزه عن العيوب والنقص بقدر الإمكان .
فالنور الذي يشع من الحسين عليه السلام ونقتبسه منه : هو نور وجودي أقوى وأعلى مرتبة وأصفى والطف من النور الحسي المادي ، والنور المادي شعاع منه وشأن من شؤونه وخاضع له ومقهور له ، وهو نور روحي مسيطر عليه ويتحكم به ، وإن اشتد وقوى وسطع وتحقق في إنسان يقهر كل ظلام ويمسحه ويمحيه ، كما يؤثر بغيره ويجذبه إليه .
فهو نور روحاني يرتفع به نفس وجود الإنسان لمراتب الكمال والملكوت الأعلى ، وبه يشتد وجود الروح وتسمو النفوس ، وهو نور اليقين والإيمان والعلم الواقعي الحقيقي الصادق والمعرفة الإلهية التي نتعرف عليها بتوسط نور الإمام الحسين وآله الكرام ، والتي بها يشتد نور وجودنا وحقيقتنا على نحو الاتحاد والوحدة البسيطة ، فهو نور حضوري أي نفس وجودنا يتنور ويشتد فينا ونترقى بكماله في مراتب النور الوجودي .
 كما أنه من يبتعد عن نور الإمام الحسين ولم يقتبس من إشراقه مدد لنور فطرته يذهب نور فطرته ويذوب ويخفت نور الحقيقية الإنسانية فيه ، وإذا خلطها صاحبها بالظلام وعاندت نور الإمام الحسين وحاولت أن تعتدي عليه وتعكر صفوه والعياذ بالله ، يذهب النور الفطري الإنساني منه بالمرة ، ويتحول لأضل من الحيوان ويذهب عنه حتى أسم الإنسان ويكون وجود مظلم وقرين شيطان ويتسمى باسم كافر أو منافق أو مشرك وما شابهها كما عرفت وسترى.

القبس الثاني
مراتب النور في السلسلة الصعودية والنزولية الوجودية

نور الله الموجد للنور وخالق النور ومدبر الأمور  :

نور الله : لا حد له ولا نهاية ولا يوصف بالتغير والتبعيض والتجزئة والتحليل والتركيب والشدة والأفول والذبول ، بل نور مطلق من كل وصف وتثنية وعد ، وهو نور الوجود الكلي الغير المتناهي الذي يرجع له كل نور بكل أنواعه ومنه يبدأ ، وهو النور الإلهي الذي هو نور السماوات والأرض والذي كل نور في الوجود بكل أنواعه مخلوق له ومقهور لعز عظمته ومحتاج لمدده ، ولا يطيقه تجليه أحد ولم يتمكن أحد النظر إليه أو ينكشف له بحقيقته ، بل يعرف عز وجل شأنه بما يتجلى في نور الوجود المخلوق له ، والذي تتحقق به الذوات وكل الموجودات ويشتد فيها ويرتفع بها في مقام كريم أعلى .
 

وأما مراتب النور المخلوق الكوني فهي :

المرتبة الأولى لظهور النور : وجود نور عالم الجبروت :

هو أول مراتب لظهور النور الإلهي المخلوق في الوجود ، وهو عالم العقل المطلق الذي لا مادة فيه ولا موصفاتها ولا حدودها النورانية فضلاً عن الظلمانية ، وهو أول نور تجلى وظهر وأشرق من نور الله نور الأنوار ، وهو نور نبينا الأكرم ثم آله الكرام الذي بدأ منهم النور يشع ويتكون له مراتب في الكون والوجود كالملائكة الكروبيين والصافين المسبحين من أهل الملأ الأعلى .
وعالم الجبروت والنور المحمدي والإنسان الكامل : هو أوسع خلق الله في الوجود والهيمنة وأشدها في مراتب النور ومحيط بما بعده من العوالم ، والله به محيط وقاهر له ولكل ما يتجلى من نوره ويظهر في مراتب الوجود النازلة .
وإن صعب عليك تسمية عالم الجبروت بنور نبينا محمد صلى الله عليه وآله ، وهو النور الذي لا ظلمة فيه ، فسمه مرتبة العرش والعقل أو نور العرش والعقل ، وإن صعب عليك حتى هذه التسمية فسميه الملأ الأعلى الذي لا كثرة فيه شبيهة بعالم النفس والمادة وحدودهما ومواصفاتهما ، بل هو عالم النور الخالص ، وليكن معرفتك وفهمك لهذا العالم أشد من فهمك لمعنى عقلي كلي خالص كالبياض الذي يصدق على كل بياض دون ملاحظة أفراده ، أو كفهمنا لمعنى العلم الذي يصدق على كل علم من غير أخذ معنى معلوم معين فيه ، بل كل ما يُعلم فرد له ، والنور الذي في عالم الجبروت وكل ما يخلق الله تعالى فبالنور الأول يشع نورها ويظهر وجودها والله على كل شيء قدير ومهيمن ومحيط ، وقد أبى أن يجري الله الأشياء إلا بأسبابها ولكل منها مقامه لا يتعدى حدود وجوده .
 وفهم هذا كفهمنا ما نقول عزرائيل يأخذ الأرواح ويستوفي الأنفس وكل ما مخلوق من الأرواح في كل العوالم ، وهي بالنسبة له كالدرهم في كف الإنسان يقلبه كيف يشاء ويرى كل ما فيه ، والدنيا لعزرائيل فيها معلوم له كل آجال أفرادها ، مع إن عزرائيل من عالم الملكوت الآتي لا من المرتبة العليا لعالم الجبروت ، ومرة أخرى نقول إن الله هو الذي يستوفي الأنفس وهو الذي يأخذ الأرواح ، فلا نسبة أخذ الروح لعزرائيل جعلته مستقل في فعله ولا نسبة أخذها لله جعلت الله تعالى هو الأخذ له بدون عزرائيل ، بل عزرائيل بقوة ومدد الله وما يمده من نور الاستطاعة والعلم يتمكن من فعله ، وكان وجوده وفعله بنور الله الذي شع بتوسط النور الأول ، والله محيط بهم وقاهر لهما ، ومن مدده يشرق وجودهم وفعلهم وهم خلق له لا استقلال لهم بل هم محض الحاجة والفقر إليه .
وهكذا النور في الكون ومراتبه : فلا نسبة النور لله جعلت الله مخلوق ولا نسبة النور للمخلوق جعلته خالق ومستقل ، فكذا نقول كل شيء من الله تعالى ولكن بتوسط عوالم النور مراتبها يظهر خلق الله تعالى ، والنور الشديد الأول أصح تسمية له هو نور النبي محمد صلى الله عليه وآله ، وهكذا جاءت الروايات وتفسير الآيات فأنتظر سفينة النجاة ومجالس الذكر فيها .
وبتوسط نور عالم الجبروت يظهر عالم الملكوت ويتجلى نور الله فيه إذ لا يطيق عالم الملكوت نور الله بالتجلي عليه مباشرة كما في عالمنا هذا ، فكلنا لا نستحق الوحي والرسالة الإلهية مباشرة بل نحصل على نور الله تعالى بتوسط نور نبينا وآله الكرام ، وبالاتصال بنور تعاليمهم ومعارفهم وكلامهم ، ثم التحقق بالنور المشرق منهم بإخلاص نكون منهم ويقبلنا الله معهم ويتنور وجودنا بهم وقد نخلص في النور بل قد نكون ممن ينير النور الإلهي ومعارفه .
وعرفت شدت جذب نور الإمام الحسين لنور نبينا وآله أئمة الحق وتأثيره في جذب الناس إليهم ، وبالانتساب لهم على الحقيقة نصل لنور الله ونتحقق به ، وهذا في عالم الشهادة هنا فأعرف نسبة التأثير للنور وسيطرته في العالم الأعلى وتنزله في مراتب الوجود والصعود إليه ، والذي هو في أشد مراتب النور ، ونور لا غشاوة له ولا مانع من التحقق به والوصول إليه ولتأثيره والتأثر به ، كما لا مضل عنه ولا شيء يحرف عنه ويتشبه به ومموه به .
 

المرتبة الثانية للنور : نور عالم الملكوت :

نور الملكوت : هو نور الأنفس والأرواح المقدسة والملائكة الكرام والأنفس المؤمنة الطاهرة التي نشأت من النور المخلوق الأول المحمدي ومراتبه ، أو قل وجد عالم الملكوت وكل ما فيه وتحقق نورهم ووجودهم بتوسط إشراق نور عالم الجبروت الأعلى ، والذي هو إشراق للنور المحمدي والذي يأخذ مدده من نور الله تعالى ، وهو نور وجود الروح والفطرة السليمة الذي هو نور حده ومدده النور أعلاه ، لا ظلام فيه في كل مراتبه إلا في المراتب النازلة لأرواح بعض المؤمنين الخالطين للعمل الصالح بالسيئ في بعض مراتبه في البرزخ ، وهم في حال التصفية والخلوص بالنور وقد يستمر حال خلوصهم حتى يوم القيامة .
وعالم الملكوت : له مواصفات المادة من الكم والكيف والحجم والشكل والأوضاع والحركة وغيرها من الأوصاف وإن لم يكن عالم مادي ، بل هو عالم روحاني خالص في النور في مراتبه العالية بل في كلها ، ونوره غالب في كل أفراده ، كما إن بعض منهم وإن كان وجوده نير ومنير لكن قد يخالط ظلمة تأتي معه من عالم الشهادة والمادة الآتي الكلام عنه ، فهو عالم نوراني وإن كان أقل مرتبة وشدة من نور الجبروت القاهر له والمسيطر عليه ، والله من ورائهم محيط بهم بقدرته ، وقاهر لهم باحتياجهم لمدده.
 

مراتب عالم البرهوت :

ينسب عالم البرهوت لعالم الملكوت لا على الحقيقة ، بل هو مرتبة نازلة حتى عن عالم الشهادة الآتي وهي مرتبة من الوجود كلها ظلام ، تسمى بعالم الملكوت النازل تشبيه به وتنويه ، وإلا هي حقيقتها جحيم مظلم لنزولها عن مرتبة النور وتحققها بالظلام الخالص ، وهي لأهل أئمة الكفر وأتباعهم كما عرفت كيفية الرجوع إلى الله تعالى ، وهذه بعد الدنيا وعالم الشهادة في المرتبة ، وتذكر مع عالم الملكوت للتشبيه لكون عالم غير مادي وإن كان له مواصفات المادة وإن كان أخس وأذل وأضيق وأظلم من عالم المادة .
كما عرفت إن الإمام الحسين بتضحيته وجهاده كشف ظلام النازلين في هذه المرتبة الوجودية بعد الموت من أئمة الكفر وأتباعهم بل فضح وجودهم في الدنيا ، وبيّنهم للناس ولأهلها ولكل الطيبين وأزاح غطائهم وغشاوة تشبههم بالنور بشكل واضح وجلي لم يكن فيه شك ولا شبه وتردد في معرفة أصحاب هذه المرتبة الوجودية المظلمة النازلة عن عالم الشهادة والمتشبه بالملكوت .
 

المرتبة الرابعة للنور : نور عالم الشهادة :

وهو عالمنا المادي ودنيانا التي نعيش فيها ، وهو نور العالم الذي فيه السماوات والأرض والشمس والقمر والمجرات وكل الكواكب والنجوم وما فيها العناصر التي تتركب وتكون الماء والهواء والجبل والشجر والحيوان وبدن الإنسان وجسمه الذي فيه جوارحه المادية .
 وعالم الدنيا والشهادة المادي : هو الذي نعيش فيه فعلاً بأرواحنا وبدننا ، وهو الذي نحسه بالحواس ونتعرف عليه بالبصر واللمس والشم والذوق ونشتهيه بالنفس ونسعى لنقتني بعض زينته بالجوارح ، وقد يشغل القلب والعقل في حبه والتفكر به ، وبدل ما يجعله واسطة لتحصيل نور الملكوت الأعلى والارتفاع في عالم النور ، وقد يكون هم وغم بعض أصحابه ويتحول نور النفس التي تحل ببدنه الدنيوي ظلام في الفكر والوجود فيخون دينه ونفسه وفطرته من أجله .
 فبدل أن يجعل الإنسان عالم الشهادة وما فيه : وسيله لكسب النور والاشتداد به والتحقق به والسعي لتحصيله من مصدر إشراقه نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، يجعل كل وجوده في خدمة المادة ومن أجلها لا من أجل روحه فيتبع أئمة الكفر وأتباعهم بالفكر والعمل وأن لم يحب الانتساب لهم ولكنه يسير على طريقتهم فيفقد نور فطرته ويظلم وجوده يدري بنفسه أول لا يدري لعدم تتبع الحق من دين الله ومحل الإشراق بنور هداه من نبينا وآله الكرم أئمة الهدى والنور ، والذي عرفه الإمام الحسين بكل صفاء وخلصه من كل ظلام لأقل توجه لنور إيثاره وتضحيته وكلامه وسيرته وسلوكه وبالخصوص يوم المحنة الكبرى والفتنه الإلهية العظمى التي بها إلا الآن يفتن المؤمنون وبها يعرفون أهل الحق والنور الصادقين من المزيفين أعدائهم  .

ولتعرف نسبة الأرواح للبدن وعالم الدنيا تدبر هذا القبس الآتي .

 


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام



القبس الثالث
علاقة نور الروح الملكوتي بنور البدن وتأثير نور الحسين  وجده وآله به ليشتد

مراتب النور التي عرفتها : ليست منفصلة متباعدة بل كل مرتبة عالية محيطة بالمرتبة النازلة ومسيطرة عليها ونافذة فيها وهي معها ، ولها قدرة التصرف فيها ، ومنها يتنزل نور الله ومدده للمراتب النازلة ولها تصعد إن اشتدت في النورية ، والمرتبة النازلة خاضعة ومقهورة للمرتبة العالية ، ونور الله تعالى من ورأوهم محيط ومسيطر وهو قيوم عليها ومدبر لجميع المراتب وهي مقهورة له ، وهو على كل شيء قدير ، وجميع مراتب الوجود غير مستغنية عن فيضه وتجليه عليها في كل حين وآن وكل مكان وزمان حتى حين كونها في أعلى مراتب النور أو تنزلها أو رجوعها لأعلى مراتبه والبقاء فيه ، ولو قطع نور تجليه سبحانه آن واحد ومدده تفنى وتنعدم .
ثم إنه لله مدد نوري لكل الوجود وعام يشمل لكل خلقه لكونه رحيم ، ونور خاص لكونه تعالى رحمان يشتد به نور المؤمنين ويرتفعون به في مراتب نوره ، وإن كان بتوسط مراتب الأنوار الوجودية الأولى وتجليها بما يفيض عليها ويمدها لأن الوجود النازل لا يتحمل إشراق وتجلي النور العظيم القاهر .
وهذه المسائل في حقيقة النور ومراتبه بيناها وذكرنا أدلتها في كتب صحيفة التوحيد وصحيفة شرح الأسماء لحسنى من موسوعة صحف الطيبين في أصول الدين وسيرة المعصومين ، وستعرف تفصيل المناسب منها هنا في الأبواب الآتية ، كما إن كتب التفسير والفلسفة والكلام العقائدية مشحونة بها ، وهذا بيان الحكمة المتعالية والإشراق ولكل منها أسلوبه في البيان ولتعريف هذه الحقائق النورانية ومراتبها ، كما كان السلوك بنحو كلمة الوجود في صحيفة التوحيد من موسوعة صحف الطيبين بدل استخدام كلمة النور أكثر استخدام للفظ .
كما بما سنبين من علاقة الروح بالبدن وقدرتها عليه بالتصرف فيه ، ستعرف ويتضح لك بعض الاتضاح كيفية العلاقة والسيطرة والخضوع والحاجة بين العوالم الوجودية العالية والسافلة .

بيان علاقة الأرواح النورانية الملكوتية مع البدن المادي والجسد الإنساني في عالم الشهادة :

بعد خَلق البدن الإنساني من طين ثم يتكون من نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظم ثم يكسى لحماً في الرحم بعد أربع أشهر ، ثم ينشأ خلق آخر وتتعلق به روح من عالم الملكوت المحيط بعالم الشهادة وبالخصوص جسده ، فيكون إنسان يأخذ بالنمو في الوجود البدني والروحي ، وتبقى بين البدن والروح علاقة إدارة الروح للبدن لتستكمل حسب حصولها على نور الإيمان وعدمه فترة من الزمان ، ثم يفترقان ، وكل إنسان حسب ما قدر الله له من العمر يعيش فيه هذا العالم الدنيوي بروحه وبدنه .
إما البدن المادي فيتحلل ويبقى في عالم الشهادة لدنيانا ، ولكن الروح ونفس الإنسان ترتفع بعد أن يشتد نور وجودها بالعلم الحق الموجب لإيمانها بالله ومعارفه وتعاليمه بكرامة الحسين وآله عليهم السلام  ـ كما عرفت وسترى ـ وتترقى في عالم النور الإلهي لعالم الملكوت ، أو ينطفئ نور الفطرة ، والنفس تنزل لعالم البرهوت بالابتعاد عن نور الحسين عليه السلام ونور أئمة الحق وهداهم ، والذي أساسه النور المحمدي المخلوق من نور الله ، وله تعالى المبدأ والمنتهى .
وببيان آخر : إن الإنسان حقيقته هو نور الروح وهي النفس المحيطة بالبدن والمدبرة والقاهرة له والمتصرفة فيه ، وهو في نور الفطرة وأول أحوالها ، والنفس لها القدرة بالتحكم بجسد الإنسان وبكل أعضائه وتحريكها والتصرف فيها كيف تشاء ، وكلما نشأة تشتد في التمكن في التصرف في وجود البدن وتحريكه ، ويشتد فيها نور الفكر والنطق والعلم والتعلم ومراتب الشهوة والغضب ، وتبدأ لها أحوال العزم والإرادة والحب والشوق والبغض وغيرها من الأحوال الكثيرة وهي متعلقة بالبدن ، وهي فيه بالشدة والضعف ، حتى يضعف البدن عن تحمل الروح فتفارقه بموت الإنسان ، فتستوفى روحه فتنزع من البدن و يؤخذ الإنسان للعالم اللائق به والمناسب لنوره إما بالكرامة مجلل معزز ، أو مظلم مهان ذليل .
فالروح هي نفس الإنسان ـ وهي في الدنيا ولها بدن مادي وجسد مركب من أعضاء وجوارح ـ وأهم شيء وأعلى مرتبة فيها هو نور العقل والفطرة وله القدر للتصرف في البدن ، فنور النفس الفطري قاهر لعالم المادة ، وإذا اشتد النور الوجودي للإنسان يمكنه أن يتصرف في مراتب كثيرة من الكون ، وتحصل له معجزات فضلاً عن التصرف بالبدن والجسد والأعضاء والجوارح .
ونفس الروح التي لها نور شديد لها القدرة للتصرف بالأنفس والأرواح الأخرى ويجذبها إليه كنور الإمام الحسين وآله الكرام الذي هو قبس من نور جده رسول الله ويرتفع بها في أعلى مراتب نور الله المتعالي المخلوق ، ولنور جنته ونعيمها وأعلى مقام للكرامة والعز والمجد والفضيلة والهدى والدين والعبودية لله وحده يمكن أن يطيقه مخلوق بحق يطلب التحقق بنور الله ويحب بحق أن يترقى فيه بإخلاص من كل ظلام لأعداء الحسين ومن حاربه ومنع من معرفته وذكره ، وهجر دينه وتعاليمه وبالتي هجر الله وكل نوره حتى الخروج من نور الفطرة  .
 فإنه من لم يخلص التحقق بنور الهدى الإلهي من النبي وآله الذي عرفه الحسين بكل وجوده ، أو يعاديه يذهب نور الفطرة الإنساني منه وينطفئ ويظلم وجوده كله بالابتعاد عن الاقتباس من مصدر النور الحقيقي ، يظلم وجوده وتذهب إنسانيته ، وإن أشتد ظلام النفس يجذب له الأرواح المظلمة كما تراه بين أئمة الكفر وأتباعهم ، ويفقد أي قدرة وعزم بعد المفارقة ويكون في برهوت الجحيم في الدنيا والآخرة مع الشيطان الرجيم نار مظلمة في أكمل أحوالها ، لأنها هنا كانت الروح مظلمة و مصرة على العداء لمحل النور ومعاندة للتحقق به ومبتعدة عنه بكل وجودها علم وعمل وسيرة وسلوك .
فإذن وجود الإنسان الحقيقي ليس بدنه بل هو نور الروح الملكوتية وهي لها تعلق بالبدن لتستكمل وتترقى في عالم النور وترتفع فيه ، وهي نفس وجود الإنسان المحيط ببدنه وجسده المادي وهي التي تدبره وتديره ، ويعرف نور الروح للإنسان عندما يلتفت الإنسان لنفسه فيعرف نور ربه فيه ، فلذا عليه السعي لتحصيل مصدر إشعاعه النير لا المتشبه بالنور والمتسمي باسمه دون حقيقته فيقتبسه منه دين وهدى ويتحقق به عبودية خالص لله من دون أي خلط لضلال وظلام أئمة الكفر وأتباعهم الذين هم أعداء أئمة الحق والهدى .
وليعرف الإنسان نفسه : عليه بالتدبر في مراتب وجوده فيرى فيه مراتب العقل والوهم والخيال والفكر والذكر وحب الكمال ، والتنفر من النقص والعدم والفقر والحاجة ، والحب والشوق والإرادة والعزم وطلب المجد والعز والكرامة والسعادة الدائمة .
وأعلى مرتبة في عالم لنور في كل مراتب الملكوت بل في الجبروت في جميع مراتب الوجود ،  هي للأنفس والأرواح الطيبة الطاهرة الزكية ، وهي العقل المنور بالعلم بنور الله الذي شع من نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، وبنورهم الذي نوّرهم الله به يتنور كل شيء ، ولله نور السماوات والأرض ، ولا يكون شيء إلا بنوره أو نور مخلوق له ، وكل مرتبة من مراتب الخلقة والمخلوقات له مقامه ودرجة نوره أين ما حل من مراتب الوجود وتنزل له مصداق أو ارتفع ورجع لمحل نوره الأول وتوحد فيه .
واعتقد بعد الذي عرفت من معنى النور عرفت معاني العبارات الجميلة في زيارات أئمة الحق عليهم السلام مثل :

( كلامكم نور ، وأمركم رشد .
 وأنتم نور الأخيار ، وهداة الأبرار .
ونوره وبرهانه عندكم .
 وأشرقت  الأرض بنوركم .
وفاز الفائزون بولايتكم ).

 

أو معنى : ( بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي ، ذكركم في الذاكرين ، وأسماؤكم  في الأسماء ، وأجسادكم في الأجساد ، وأرواحكم في الأرواح ، وأنفسكم في النفوس ، وآثاركم في الآثار ، وقبوركم في القبور
 فما أحلى أسماءكم ، وأكرم أنفسكم ، وأعظم شأنكم ، وأجل خطركم ، وأوفى عهدكم ، وأصدق وعدكم ) . 

وعرفت معنى نور الإمام الحسين عليه السلام  ـ ومعنى ما في زيارته كما في أخر زيارة من زيارات الإمام الحسين في كامل الزيارات بالإسناد عن الإمام الصادق إذ قال ـ ونقول حين نزور الإمام الحسين عليه السلام :

( كنت نوراً في الأصلاب الشامخة
 ونوراً في ظلمات الأرض .
 ونواً في الهواء
. ونوراً في السماوات العلى .
 كنت فيها نوراً ساطعاً لا يطفئ .
 وأنت الناطق بالهدى ) .

ولتعرف بعض الشيء عن هذا المعنى راجع صحيفة ذكر الإمام علي عبادة ، وبالخصوص الباب الثالث ، وتدبر البحث في النور الأتي الذي نخصصه بالنور الذي يسطع من نور الحسين عليه السلام بالخصوص ، تأنس بالمعرفة النورانية للإمام الحسين وآله الكرام آل النور وتتحقق بها بإذن الله تعالى .


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام



النور الرابع
نور الحسين أشد مؤثر يجذب الفطرة لنور الله في كل حين

الإنسان : الذي هو في عالم نور الفطرة والروح المحيط بالبدن والمسيطرة على جسده بالحركة والصفات والذات ، في أول وجوده الأولي أو في أي مرتبة من مراتب حياته في الدنيا :
 إن جذبه نور الإمام الحسين عليه السلام وأرتفع به لنور آله وسيدهم نبينا الكريم وتعاليم الله ومعارفه والإيمان به سبحانه ، فهذا الإنسان يشتد وجوده الحقيقي وتزداد نورانيته ، ويرتفع في النور في عالم النور الذي لا يحده إلا نور أشد منه ولا يحده ظلام ويكون مع الحسين وآله الكرام في الملكوت الأعلى مكرم عند الله تعالى ومتنور بنوره بأتم وأكل نعيم نوراني متحقق بقدر سعيه .
ولا فرق للأنفس والحقيقة الإنسانية سواء في الدنيا والروح لها بعض التوجه للبدن وتحصيل أسباب عيشه ، أو بعد فراقه وترك كل شغل عن التنعم بالنور ، فهي حقيقية نورانية وساعية لتحصيله وتنجذب له ، ولكن الإنسان حتى المؤمن في الدنيا لأنه مأنوس بالمادة والماديات لا يلتفت لحقيقته النورانية ولو تمكن من معرفة نفسه لعرف ربه ، ولأشرق بالنور كما يشرق به الإمام الحسين وآله الكرام ، ولذا يقال لأهل النور في الآخرة نورهم يسعى بين أيدهم أو يقولون أتمم لنا نورنا ، لأنه هناك تنكشف الحقائق ويكون بصر الإنسان حديد .
 فإن الأنفس المتنورة بنور الإيمان منعمة مرتاحة في كل حال ، وحتى في أصعب الظروف وأشد الأحوال والمصائب يشتد نورها ويسطع ، فيقطع كل غشاوة توجهها لطلب ما في الدنيا من أجل الدنيا ، بل النفس العارفة بحقيقة النور الإلهي ومحله وحقيقته تطلب كل شيء من أجل التنور بنور الله المشرق من أئمة الحق ، فتخلص لله تعالى والتوجه للاستزادة والاقتباس السريع والكثير من نوره ، والذي يشرق عليها فيرفعها لعالم النور ويذهب عنها كل هم وغم ومصيبة ، وبالخصوص بالتأسي بنور الإمام الحسين والإقتداء به والتحلي بخلقه وتعاليمه ، بل لا سبيل أعظم من نور الإمام الحسين عليه السلام ، ولذا كان أسوة لجده وأبية وكل أئمة الحق والأنبياء والمرسلين كما سيأتي في الأبواب القادمة والخصوص الباب الذي نعقده لما ذكره جده الكريم من كرامته على الله في يوم تضحيته وإيثاره وما فضله الله به .
وعرفت إن أبتعد صاحب النور الفطري عن نور الإمام الحسين عليه السلام وآله الكرام أئمة الحق المشرقين لنور الله ، ولم يكن له الإمام الحسين مبدأ ويقين ، ولم يتعرف على عقيدة الحسين ومعارفه فيجعلها إيمان ودين وعلم وعمل وطاعة وخلق ومواصفات يُنور بها وجوده ، يكون حينئذ قد تدنس نوره الأول الفطري وأختلط بالظلام ، وكلما أبتعد عن منهج الحسين وسبيله أبتعد عن النور ، بل يذهب نوره ويغلب عليه الظلام متوغل فيه ومتنزل لأسفل دركاته.
وإذا حارب الحسين في الدين والمنهج والعقيدة والسير والسلوك فقد نوره بالمرة وأصبح وجوده ظلام في ظلام وجهل كلي بدين رب العالمين وفقد نوره ، ويكون قد تنزل من عالم الشهادة إلى عالم البرهوت المتسمي بعالم الملكوت السفلي الذي هو ظلمات بعضها فوق بعض ، وعند سلب هذه الروح المظلمة من البدن تبدأ تحترق في نار ظَلامها وظُلمها وضلالها وليس لها طعام إلا من غسلين لا ما ماء إلا يشوي الوجوه من القيح وماء الدمامل الذي هو أمر من العلقم الحار الذي يزيده عذاب على عذاب ، ويكون قرين شيطان خالد في هذه الحالة وباقي فيها مادامت السماوات والأرض وإن جهنم لمحيطة بالكافرين في الدنيا قبل الآخرة ، ولكن عرفت الناس كلهم مشغولون عن معرفة ذواتهم إما باكتساب النور أو باكتساب الظلام وتجميع سواده في نفس أرواحهم .
فمن يكون أمام ضلال وكفر أو من أتباعه وأبتعد بل حارب الحسين في أي بقعة كان وفي أي زمان يكون وجوده الأول الذي فيه نور الفطرة ، وقد أنقلب إلى هذا الوجود المظلم وتحقق فيه وصار واقعه ظلام مشتد حتى يكون نار ، ويتحول وجوده إليه بما أكتسب من الحرمان بيده وبسعيه وعمله وعقائده الباطلة ، لأنه لم يلتفت ولم يعر اهتمام ولم يسمع نداء النور للإمام الحسين عليه السلام في قوله : ( ألا من ناصر ينصرني ) في المبدأ والعقيدة والفكرة والدين والمذهب والذهاب إلى نور الله وهداه والتحقق به عقيدة ودين وإيمان خالص لرب العالمين ، الذي يتنور به وجود الإنسان ويصل إليه من نور الحسين وآله الكرام عليهم الصلاة والسلام .
ونور الحسين المتواجد في كل مكان وزمان ويتجدد بمجالس ذكره التي تشع نور الله تعالى ونور جده وأبيه وكل آله الكرام الذين هم نور واحد لا يمكن التفريق بينه أبدا ، فالحسين عليه السلام هو مقياس وجود نور الله تعالى وهداه كنور جده وآله الكرام ، ولكن لكون نور الحسين واضح وجلي وفيه حد كحد السيف والشفرة والشعرة وأقل ، وساطع ومنير لكل إنسان فهو المبين لنور الله عند أئمة الحق على طول الزمان وفي كل مكان وهو المواجه الأول لكل إنسان .
 ونور الحسين عليه السلام قمة حجة الله البالغة للوصول لحقيقة نور الله وخالص عبوديته وصافي طاعته من غير رياء وعجب وشبه وشك ، ومَن لم يميز نور الله بنور الحسين عن المتسمين بالنور على طول الزمان فهو أعمى عن نور الله في الدنيا والآخرة ، ولم يكن له حجة يعتذر بها أنه مستضعف قد خدع بأئمة الكفر وأتباعهم أو أشتبه عليه النور من المتسمي بالنور والصابغ ظاهره بنور الإسلام والإيمان ، فإن نور الحسين عليه السلام لم يجعل مجال لأحد لكي لا يستطيع التمييز يبن نور الحق والهدى الإلهي وأهله وأئمته ، من الظلام والضلال والباطل وأئمته وأهله .
فبنور الحسين  عليه السلام يميز النور والهدى من الضلال والظلام والجهل الذي عند أئمة الكفر وأتباعهم ، ولذا كان نور الإمام الحسين هو الذي يسري في وجود الناس ويحفز الفطرة لنور الله الحق ويمحق الباطل ويميز النور الحقيقي عن كل متشبه بالنور ويُحسب منه .
وعليه : إن نور الإمام الحسين حقيقة وجودية من النور الساطع الشديد النورانية ، وهو منير بنور الله ومنور لكل روح لها القابلية لتقبل نوره ، ونوره عليه السلام ظاهر جلي وواضح لا يخفى ولا يخفت ويتجدد في كل آن وحين وفي كل مكان ، وهو مظهر لنور الفطرة بل يجعله يشتد ويرتفع في عالم النور .
 وهذا معنى تعريف النور  : هو الظاهر بنفسه المظهر لغيره ، فنور الحسين هو النور الساطع الشديد الإشراق لنور الله ونور كلام الله وكتابه ونور جده سيد المرسلين وآله الكرام الطيبين الطاهرين ، ومنور لكل طالب لنور الله تعالى وهاديه إليه بحق وكل حقيقية يتوصل بها لهدى الله الخالص من كل ظلام الظالمين وتشخيصهم ومعرفته عند عدم المنحرفين عن منهجه الكريم .
فأسأل الله تعالى أن تكون عرفت معنى تنور الوجود بنور الإمام الحسين عليه السلام ، وعرفت معنى حقيقة تنور وجودنا بفضل معرفته وإقامة مجالسه وذكره ، وعرفت إن النور ليس نور حسي فقط بل شامل لكل نور ، وليس كلام فارغ أو عبارات لا حقيقة ورائها ، أو أوصاف جميلة لأمر خيالي .

فتحصل : إن معنى تنور الروح بحقيقة نور الإمام الحسين :

هو إن النفوس التي تنجذب لنور الإيمان وتصفى بفضل نداء الحسين عليه السلام وشعاع فعله الكريم الذي بيّن فيه مصدر النور الحق ، والذي يجب على الإنسان السعي لتحصيله بجد ونشاط والعمل به بكل وجوده ويتحقق به ، فيتحول الوجود الفطري الإنساني النوراني إلى نور شديد لا يخالطه ظلام ولا يمكن أن يطمس نوره حجاب ، ويرتفع بصاحبه في عالم النور والملكوت الأعلى ويكون الإنسان إنسان ذو وجود نوري لطيف سعيد منعم .
وبفضل نور الإمام الحسين تجذب النفوس والذوات لنور الله الذي شع عليها من الإمام الحسين وآله الكرام أئمة الحق ويجذبها لنور معارف الله ويتحقق بها ، فتتحول إلى نفوس كلها نور وتشع النور ، وهذه النفوس التي هي حقيقة وجود الإنسان تصفى وتقتبس نور وتتنور وتخلص من كل شائبة ظلام .
فنفس وجودنا وذوات أرواحنا تتنور ويحصل لها صفاء بالإيمان بفضل ذكر الحسين وبتعاليمه ، ويتم صقلها عن كل انحراف وضلال وظلمات ، بل تكون نور على نور وهدى على هدى ، فتطهر وتطيب الأنفس وتتنور بنور الله وترتفع في عالم الملكوت الأعلى وتكون في حظيرة القدس مع المقربين والمنعم عليهم والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
ولكل إنسان درجته ومرتبته حسب ما أكتسب من النور واشتداد وجوده النوراني باقترابه من مصدر النور الأول وارتفاعه في مراتب العلو في تحصيل فيض الله المنور لكل شيء ، وحسب قدرة توجهه له والاقتباس منه ، وبهذا النور المقتبس تكون الروح الإنسانية قد فازت ، والإنسان قد سعدت ذاته وخلصت في النعيم وتمت بالفلاح في رضى الله الذي هو حقيقة النعيم والنور وكل خير وبركة .
وإما من يبقى في الظلمات أو يخرج من نور الفطرة وصفاء الذات للظلمات فيكون من أئمة الكفر والضلال والظلام أو أتباعهم ، وهو الذي يتنزل في الخلقة ويضيق وجوده ويظلم وتسود روحه ويتبدل نور وجوده نار يحرقه ويعذبه في برهوت الجحيم ودركاته والعياذ بالله منهم ومن أتباعهم.
 وحشرنا الله مع النبي وآله الكرام ونورنا بنورهم في الدنيا والآخرة ، وجعلنا مخلصين له النور دين وهدى وعبودية حتى يجعلنا معهم في أعلى عليين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
 

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام



النور الخامس
لا يمكن الوصول لنور الله بدون نور الحسين ولو حسب أنه نور النبي والقرآن والصلاة وغيرها من العبادات

وبعد الذي عرفت بحمده الله فإنك ستزور الحسين بكل وجودك وتقتبس منه كل نور ، وتعرف ما يُذكر في زياراته عليه السلام وبالخصوص ما ذكر في مفاتيح الجنان في زيارة الحسين في النصف من شعبان ، بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام :

 ( الحمد لله العلي العظيم ، والسلام عليك أيها العبد الصالح الزكي .
 أودعك شهادة مني لك تقربني إليك في يوم شفاعتك ، أشهد إنك قتلت ولم تمت .
 بل برجاء حياتك حييت قلوب شيعتك .

 وبضياء نورك اهتدى الطالبون إليك .
وأشهد إنك نور الله الذي لم يطفأ ولا يطفأ أبداً  .
وأنك وجه الله الذي لم يَهلك ولا يُهلك أبدا ، ..... ) .

ولتعرف هذا المعنى بشكل أصفى بعد الذي عرفت ، ولتتعرف على حل كل شبهة ظلام تنبع من أئمة الكفر وأتباعهم وتفندها وتطفئها بنورك المقتبس من الحسين وآل الحسين عليهم السلام ، ولتبدأ تشع نور الحسين وتكشف غشاوة أئمة الكفر وأتباعهم المتسمين بأسماء النور وغيرها ، عليك بالبحث الآتي :
عرفت إن نور الحسين عليه السلام هو الواجهة الجلية لنور الله عزّ وجلّ ، وأشد نور وأسطع نور لجده وأبيه وآله الأطهار ، وعرفت وستعرف ، إنه بنور الإمام الحسين تجلت عظمة الله لإتمام نوره ، وجعله يشع قبل يوم كربلاء في جميع مراتب الوجود ، وجعل الله نور الإمام الحسين نور شديد الظهور حتى ميز كل انحراف وظلام لكل أئمة الكفر وأتباعهم وفرق بينهم ، وبين النور الواقعي الإلهي الذي يرتفع بالإنسان في عالم النور ، ولم يجعل لأحد حجة اشتباه في معرفة أئمة الحق ومصدر إشعاع نور الله الواقعي من المتسمي به فقط وليس لهم من حقيقة النور شيء يذكر .
 فبنور الإمام الحسين عليه السلام كشفت كل شبه وشك في معرفة النور الحقيقي من النور الكاذب الذي هو ظلام في ظلام ، ولكنه متستر ومتغطي بالنور الحق كما عليه أئمة الكفر من آل أبي سفيان وبني أمية وغيرهم ممن أيدهم وتبع سبيلهم وأن لم يتسمى بأسمائهم في تسترهم بالإسلام وبنور النبي واتخاذه وليجة ومدخل للسيطرة على رقاب المسلمين والتحكم بمقدراتهم ، حيث جعلوا أسماءهم أمير المؤمنين أو ولي المسلمين أو إمام أو خليفة من الله عليهم ، وهو في الحقيقة كل منهم إمام كفر وخليفة الشيطان لا الرحمان ، وولي الكفار والمنافقين وأميرهم .
 فكل من تبع منهج بني أمية في العداء لنور نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمشرق من سبطه الحسين وآله الكرام من الأولين والآخرين ، مثل بني أمية وأتباعهم ومن مهد لهم الحكم ، ليس لهم نور حقيقي من هدى الله أبدا ، بل ظلام متستر بالإسلام ، ولو تسموا باليوم مليون مرة مسلمين أو أمير المؤمنين أو ولي المتقين ، ولم يكن لهم نسبة في الدين لنور تعاليم الحسين وآل الحسين عليهم السلام ولم يتسببوا بهم لتحصيل: نور الله الذي جعله يشع من وجودهم وبيوتهم ومن أنصارهم وأتباعهم المتحققين بنورهم كما عرفت هنا وفي الأبواب السابقة ، بأن دين الله وهداه عند أئمة الحق فقط وبه بتعبد لله ويحصل على نوره ويشتد نور الروح ويرتفع بمراتب النور .
وغير النبي وآله ومن أقتدي بهم بحق ليس لهم نور بل لهم ظلام مشبه بالنور في الدنيا لأنه تسموا بأسماء إسلامية وتعبدوا بما يشبه العبادات الإلهية ، ويجذبون بمكرهم وبما تشبهوا به وموهو به من ظلامهم وضلالهم بسرقة الأسماء التي ليس لهم حقيقتها ولا معناها ولا روحها النوراني الحقيقي الذي أنزل الله به دينه ومعارفه وبه يرضى أن يتعبد له مخلصين الدين .
 

ظلام وشبة :

بأن يقال :  لا حاجة لنور الحسين يكفينا نور القرآن والنبي والعبادات:

وبعد الذي عرفت لا يحق لأحد أن يقول : إنه يمكنه أن يتوجه لنور الله مباشرة ، والله هو نور السماوات والأرض ، وإن كلام الله القرآن المجيد نور يكفيه عن الحسين ونوره ، وأنه يمكنه أن يتعبد لله بتعاليمه ويخلق استعداد لتحصيل النور الإلهي من غير واسطة نور نبينا الكريم وآله فضلاً عن نور الحسين أو أصحاب الحسين وأتباع الحسين وكل من ينتسب للحسين من آله وغيرهم .
ثم ما معنى التأكيد على نور الحسين أليس نور الحسين من نور الله تعالى وحتى نور النبي هو من نور الله ، لماذا لا نتوجه لله ونكسب نوره من غير واسطة ، ثم هلا قلت ليصح كلامك لنتوجه لنور النبي أو نور القرآن المجيد لا أقل إذا لم نتوجه لنور أبيه وأخيه الذي هو أعلى من نور الحسين رتبه وأشد نور .
 

فإنه يقال له إليك قبسات نور تهدي للحق وترشد للصواب :

القبس الأول
النور الإلهي يشع من أهل البيت وبالخصوص بنور الحسين

على فرض إنك لم تكن من أهل المعارف العالية السابقة التي يُفهم منها وجوب طلب نور الإمام الحسين الذي هو الموصل لنور النبي وآله الكرام ، والذي بهم شع نور الله وتجلى على الوجود في جميع مراتبه ، وبالنور المشرق منهم يشتد نور الفطرة ويرتفع لنور الله في المقام الأعلى ، ونور الإمام الحسين هو الواجهة التي تجذب كل طالب حق لنور الله بكل صور ظهوره من أئمة الحق نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
فأنك ليس بنبي ولا وصي نبي ولا إمام مختار ومصطفى لله تعالى لكي تشع نور الله وهداه أو تكتسبه بنفسك من دون مصدر إشعاع لله ، ولا يمكنك أن تدعي إنك تعرف نور الله وتتوجه له من دون نور النبي وآله الكرام بعده ، وذلك لأنهم هم الذين عندهم علم الله الذي هو نوره إن استقر في القلب من غير خلط بتعاليم غير أئمة الحق نوّر القلب بحقيقة نور الله ، وجعل كل وجود الإنسان نور ويشتد في النور ويرتفع عند الله في مراتب الوجود النورانية .
والله تعالى رب النور وهو الذي أختار لنشر نوره أئمة حق مطهرون صفاهم وصقلهم بكل امتحان فخرجوا متنورون بنوره تعالى ، ومنهم شع نوره على الناس وتجلى ، وكل ما حسب نور من غير نورهم فهو حقيقته ظلام وضلال وجهل مطبق ، وإن نمرق وهوس الناس حوله وغلفوه بألف غلاف من أسماء النور دون حقيقته ونفس وجوده .
وسيأتيك في شرح آيات النور إنه من لم يجعل الله له نور ليس له من نور ، وأنت لابد أن تكتسب نور الله من خلال سببه الذي جعله الله ، وأنت لست برب ولم يجعل الله لك نور مستقل ولا لغير نبينا وآله إمكان إشعاع النور من غير اقتباس منهم ، ولا هدى ولا دين حق لغيرهم فلا عبادة ولا طاعة وقرآن لا يتجاوز تراقيهم ، وأنت لا وحي لك ولا وارث للكتاب ولا أذنه الواعية بشهادة صدق من الله ولا غير آل محمد يصدق في حقهم التطهير ولا المباهلة ولا الإمامة لنور الله وهداه ونعيمه بحق وصدق ، ولا منعم عليه بالهدى للصراط مستقيم ، ولا منور وجوده بالذات حتى تعرف النور من غيره بدون اكتساب منهم .
فأنت ليس لك نور غير الفطرة إن لم يخالطها مكر وحيّل أئمة الكفر ووسوسة الشيطان وهوى النفس وزينة الدنيا ، والفطرة مكتسبة النور من أئمة الحق ، وبشرط عدم مخالطة لشيء مما عرفت من ظلام أئمة الكفر والدنيا والشيطان والهوى والشهوات ، وإلا إن خلطت بظلام ضلالهم ذهب نورها وأظلمت وضاق وجودها وحبس في أطباق النار والبرهوت .
وأنت غير مرفوع بالذات بصلاة الله عليهم وملائكته والمؤمنون عند ذكرهم مع النبي المختار في الصلاة وفي كل موطن يذكر فيه اسم النبي الكريم ، وسيأتيك أن صلاة الله هو مدد نوره ليرفع الناس في النور ، وإن النبي وآله إن صلوا عليك ، صلى عليك الله ورفعك ، وهذا معناه إنه لابد أن تكتسب من نورهم لتتنور بنور الله ، فكيف تحصل على نور الله بدون التوجه لنورهم .
 

القبس الثاني
نور الإمام الحسين ميز نور الله من الظلام المتسمي بالنور

 بما عرفت فإنه لابد أن تأتي باب نور الله وتدخل فيه لتتنور بنور الله ، فكيف تتنور بنور الله إذا لم تتوجه لسببه ومصدر إشعاعه تعالى وتقتبس منه ، إلا أن تدعي إن تعاليم أبو سفيان وأبنه معاوية وحفيده يزيد وأئمة الكفر من بني أمية ومن أيدهم في الدين في تعاليمهم هم نور الله وهداه وتقتبس منهم نور .
 ويكون من حارب نور الإسلام وعانده وقتله بالفكر والمبدأ والعقيدة وهو ضلال وظلام يكون نير وعنده نور ، ويكون منير بنور الله لتسميه بالإسلام ولتغلفه باسم النور دون حقيقته .
 فأعلم أنه من كان هذا دينه فهو على قلبه حجاب وعلى بصره غشاوة يحسب الظلام نور والنور الظلام ، فليراجع دينه في دنياه قبل برهوت أخرته لينجوا بمعرفة مصدر النور ، ويكفي كل منصف لمعرفة أئمة الحق التدبر في نور الحسين الذي شع في يوم كربلاء وكل سيرته وتعاليمه وكلماته .
 ثم أعلم إن كل ما يحسب نور عند غير نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، إذا لم يكن سببه منهم فهو زيف وباطل وظلام الحقيقة والباطن وضلال الظاهر ، ويعرف هذا بأقل توجه لحال المسلمين وتأريخهم الذي بينه وشرحه نور الإمام الحسين الذي أشرق بإقدامه وتضحيته ، والذي كشف غطاء الظلام وعراه حتى من اسم الإسلام وفضح تسميه بأسماء النور زوراً وبهتاناً وظلماً وعدواناً على طول الزمان وفي كل مكان ، وبأدنى معرفة لإنسان طالب للحق وفاضل متدبر في تأريخ الإسلام وأهله وما حل به من أئمة الكفر واتباعهم .
فالحسين عليه السلام نوره رفع كل شبه باسم النور تُحلي ظلام أئمة الكفر وأتباعهم ويتسترون بها ، وزيف كل من حاول بظلامه الاستحواذ والإحاطة بنور جده وأبيه وأخيه وآله الكرم وحاول أن يطفئ نور الله الذي يشع منهم ، فلم يجعل عذر لأحد لكي يشتبه عليه مصدر إشعاع نور لله .
 
 

القبس الثالث
لابد للعاقل البحث عن مصدر نور الله الحقيقي

فكم من إمام كفر وداعية له وأتباع لهم ادعوا أنهم عندهم نور الله الذي شع من النبي ، وأكلوا الناس ودينهم وأموالهم وسيطروا عليهم وحكموهم بالجور والفسق والفجور وعلموهم الظلم والعدوان ، فلابد من معرفة النور من المتسمي بالنور وليس عنده نور حقيقي .
فليتفكر كل منصف عنده نور الفطرة ، هل بقي عند أبو سفيان ومعاوية دين فطرة بمحاربتهم للإسلام ، ومن أين اكتسب نور النبي معاوية وأبي سفيان وهم لم يقاربوا نبي الرحمة بالدين ولا بالمجلس الذي يخصهم بالنور يوم واحد يحق تسميته يوم نور لهم ولم يظهر فيه نفاق منهم له .
حتى يوم تسميهم بالإسلام لم يخلوا إسلامهم من كلمات نفاق فهذا أبوا سفيان وهو إمام الكفر قال بماذا غلبني محمد وأصبح ملكه عظيم فقيل له نبوة فلم يقنع ، وقد ظهرت منه كثير من كلمات النفاق في طول زمان عيشه في ظل الإسلام وكم كشف له كيد للإسلام ، ومعاوية طلب له أبوه أن يكتب الوحي ، فحصل على دعاء النبي لا اشبع الله بطنه لكونه لم يطع النبي ولم يلبي دعوته وهذه أحسن مكارمهم ، وإما قتالهم للإسلام وأهله على طول التأريخ ونشرهم للفسق والفجور والظلم والعدوان والتجاهر بالمعصية فحدث عنه ولا حرج ، ويكفيك أن تراجع الأجزاء الأخيرة من كتاب الغدير أو كل كتاب كتب عن سيرتهم ، وراجع النصائح الكافية لمن يتولى معاوية وقد ذكرنا يسير من سيرتهم في الباب الأول ، وراجع ما ذكرنا في كتاب ذكر علي عليه السلام عبادة وبالخصوص الباب السادس والسابع تعرف بعض من ظلامهم ومكرهم وضلالهم وإضلالهم للمسلمين وكل بلاد فتحوها بجيش الإسلام وما أعده نبي الرحمة لأن يكون بيد أئمة الحق ولكن غصبوه وما كان من تعاليم الدين كيف حرفوه ، وراجع ما ذكرنا في الباب الأول من بلاء الله واختباره ليعرف أنه من يطلبه بحق وبعلم من غيره يتبع كل ناعق ومتشبه بالدين .
فكيف تترك مصدر النور الذي عليه محمد وآل محمد الذين لم يفارقهم نور النبي من أول يوم ولادتهم ، بل بكل مراتب وجودهم ، بل هم المختارون لنور الله الذي يشهد لهم الله وكلامه وحديث نبيه .
وكل عاقل عنده قليل من نور الفطرة ويعرف دين الله الذي يدعوا للكمال والجمال والحب والخير والفضيلة ، وينفر من الخداع والحيلة والمكر وكل رذيلة ، يعرف إن النور الإلهي الحق هو الذي يشع ويشرق من نبينا وآله الكرام ومعهم حزبهم المفلحون ، وغيرهم وأعدائهم ظلام في ظلام ، فكيف تشتبه وتدعي الظلام نور والنور ظلام ، ما هذا إلا غشاوة وحجاب على بصيرة وبصر وقلب وعقل المتعنت بالسؤال ولم يكن مستفهم .
فإن الإنسان يجب عليه معرفة نور وجوده الفطري المحب للكمال والسعادة والعدل والخير والفضيلة والكرامة والعز والمجد ، ويعرف من يدل عليه بكل وجوده ، ونور الإمام الحسين هو الذي يشير إليها ويبنها ويعلمها دين وعقيدة ، ولا نور بيّن ومُبين وجلي وموضح لحقيقة مصدر النور الذي فيه كل خير وكمال وسعادة ونعيم لله مثل نور الإمام الحسين عليه السلام .

 ولذا قال الإمام الحسين عليه السلام يوم كربلاء :

( ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان
: إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد
. فكونوا أحرار في دنياكم :

وأرجعوا إلى أحسابكم ، إن كنتم عربا كما تزعمون ) .

وهو طلب الرجوع للفطرة ونفس وجود الإنسان ليعرف ما يطلب من كل نور وخير وفضيلة يدعو لها الإمام الحسين ، فكيف يحق لهم أن يعتدوا عليه ويطفئوا نوره وهم يطلبوه إن كانوا على النور الذي وجد فيهم في أول وجودهم وعلى إنسانيتهم وفطرتهم كما يزعمون .
وعجب لمن يقتل ويعدم ويفني ما يطلب ويحبه بكل ذاته ، ولكن الذات والوجود إذا أظلم أو خلط الظلام بالنور يشتبه ويحسب الظلام نور والنور ظلام ، وهذا كان وما يزال سبيل كل من عاند الحسين وآل الحسين عليهم السلام على طول الزمان وفي كل مكان ، وإليك حديث تعرف به ثواب من عقد مجلس لذكر أهل البيت عليهم السلام وبالخصوص ذكر الإمام الحسين ، ويبين لك ما حل بالدين وكيف حرم الناس من علوم النور لآل محمد عليهم السلام ، ونشر ظلام أئمة الكفر وأتباعهم بتوسط الماضين وأتباعهم في كل حين .
 
 

مجلس مفصل للإمام الصادق يبين ثواب عقد مجالس الإمام الحسين :

في كامل الزيارات عن مسمع كردين قال : قال لي أبو عبد الله الصادق:

يا مسمع أنت من أهل العراق أما تأتي قبر الحسين ؟

قلت : لا ، أنا رجل مشهور من أهل البصرة ، وعندنا من يتبع هوى هذا الخليفة ، وأعداؤنا كثيرة من أهل القبائل من النصاب وغيرهم ، ولست آمنهم أن يرفعوا علي [ حالي ] عند ولد سليمان فيمثلون ( فيميلون ) عليَّ .

قال لي : أفما تذكر ما صنع به ؟

 قلت : بلى .

 قال : فتجزع ؟

قلت : إي والله وأستعبر لذلك ، حتى يرى أهلي أثر ذلك علي ، فأمتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي .

قال : رحم الله دمعتك ، أما إنك من الذين يعدون في أهل الجذع لنا والذين يفرحون لفرحنا ، ويحزنون لحزننا ، ويخافون لخوفنا ، ويأمنون إذا أمنا ، إنما سترى عند موتك وحضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك ، وما يلقونك به من البشارة : ما تقر به عينك قبل الموت ، فملك الموت أرق عليك وأشد رحمة لك من الأم الشفيقة على ولدها . 

قال : ثم استعبر واستعبرت معه .

فقال : الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة ، وخصنا أهل البيت بالرحمة ، يا مسمع إن الأرض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين رحمة لنا ، وما بكى لنا من الملائكة أكثر ، وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا ، وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا إلا رحمه الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه ، فإذا سال دموعه على خده فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لأطفأت حرها حتى لا يوجد لها حر . 

وإن الموجع قلبه لنا : ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض ، وإن الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه ، حتى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه .

يا مسمع : من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، ولم يشق بعدها أبدا ، وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل ، أحلى من العسل ، وألين من الزبد ، وأصفى من الدمع ، وأذكى من العنبر ، يخرج من تسنيم ويمر بأنهار الجنان تجري على رضراض الدر والياقوت ، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء ، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام ، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر ، يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة .

يقول الشارب منه : ليتني تركت ههنا لا أبغي بهذا بدلا ، ولا عنه تحويلا.
أما إنك يا كردين ممن تروى منه .
 وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر ، وسقيت منه من أحبنا ، فان الشارب منه ( ممن أحبنا )  ليعطى من اللذة والطعم والشهوة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا .
وإن على الكوثر أمير المؤمنين عليه السلام وفي يده عصا من عوسج ، يحطم بها أعداءنا .

 فيقول الرجل منهم : إني أشهد الشهادتين !

فيقول : انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك .

 فيقول : يتبرأ مني إمامي الذي تذكره .

فيقول : أرجع وراءك فقل للذي كنت تتولاه وتقدمه على الخلق ، فاسأله إذ كان عندك خير الخلق أن يشفع لك ، فان خير الخلق حقيق أن لا يرد إذا شفع .

 فيقول : إني أهلك عطشا .

  فيقول : زادك الله ظمأ ، وزادك الله عطشا. 

قلت : جعلت فداك وكيف يقدر على الدنو من الحوض ولم يقدر عليه غيره ؟ 
قال : ورع عن أشياء قبيحة ، وكف عن شتمنا إذا ذكرنا ، وترك أشياء اجترئ عليها غيره ، وليس ذلك لحبنا ، ولا لهوى منه ، ولكن ذلك لشدة اجتهاده في عبادته وتدينه ، ولما قد شغل به نفسه عن ذكر الناس ، فأما قلبه فمنافق ، ودينه النصب باتباع أهل النصب وولاية الماضين وتقدميه لهما على كل أحد ) . كامل الزيارات ص 101.

بيان : الرضراض : الحصا أو صغارها ، قوله عليه السلام : وسقيت : إسناد السقي إليها مجازي لسببيتها لذلك .  بحار الأنوار ج40ب34ص289ح31 .
أقول : في هذا الحديث معاني شريفة منها أنه تفشى وانتشر بتوسط أئمة الكفر النصب والعداء لنبينا محمد وآله وأتباعهم حتى لا يمكن أن يزار الإمام الحسين عليه السلام ويعرف بالحق في شهادته وأن النور في هداه ودين آله فقط ، وإن الضلال عند أعدائهم ومكرهم وما تفشى من ظلامهم ، ولكن الإنسان الماجد والشريف الفاضل حتى في دولة أئمة الظلام فهو نور في وجوده وأعماله ، لأنه يتبع أئمة الحق فيكون منهم فيحضره إمام الحق في شدائد وأهول الانتقال لعالم الملكوت الأعلى فيؤنسوه ليستقر في عالمه الجديد .
كما إن إعمال المؤمن تكون نور يطفئ ظلام حر النار ، ولذا جاء في الأثر عند عبور المؤمنين على الصراط الموضوع على نار جهنم لينتقلوا به للجنة تنادي النار المؤمن فتقول له : جز يا مؤمن فإن نورك أطفئ لهبي .
والمعروف إن صراط النور في الدنيا هو صراط الآخرة فمن سلك فيه هنا عبر وسلك للجنة عليه هناك ، ولن تهمه نار جهنم هناك ، كما لم يهمه نار ظلم ظلام أئمة الكفر هنا ، وذلك بما عقده في وجوده من نور الإيمان بأئمة الحق وتعاليمهم التي فيها حقيقة رضا الله وعبوديته ، كما إن للمؤمن فرح وسرور بمعرفة الحق في الدارين . وتدبر حال من كان مظلم بأتباع أئمة الظلام فتراه مع زهده وصلاته لم يكن له نور ينجيه فلذا يهلك بظلامه ، ويرتفع منه حتى أسماء النور فيلتحق بظلام ناره في جهنم ، فتدبر الحديث ترى معاني شريفة أخرى ترى فيها كل ما يسرك من ثواب الحق وأهله وعقاب الظلم والظلام وأتباعه .
 وتدبر البحث التالي لترى مزيد من البيان ، وتعرف معنى الحوض والكوثر في الدنيا والآخرة ، والذي أعطاه الله تعالى للنبي الكريم في آله وشرفهم به وشرفنا بهم ، واستمرار الإمامة بهم ودينه ، وإن هداه عند أخذه منهم والانتساب لهم على الحقيقة وبالحب والود كما عرفت في الباب السابق .
 وقد شرحنا في صحيفة الإمامة وصحيفة والثقلين هذا المعنى ، وهو بأن الكوثر هو الدين من عند آل النبي لأنه خير ولا خير بدون دين ، وهذا ما أعطاه  الله تعالى للنبي في آله بعد أن عُيّر بانقطاع النسب ، ومن لم يأخذ من الكوثر هنا لا دين ولا خير فيه ، فمن ورده هنا تنور بنور النبي وآله لأنهم خير وكوثر مستمر الوجود بعده وهو منهم في نشره وهم منه في أخذه ، وهناك يكون نعيم وجنه وظهور للنور عند المؤمن الذي أخذه منهم هنا . ولذا من يقتبس من هداهم ونورهم هنا كان عنده خير ودين ، ومن لم يقتبس من نورهم وخيرهم هنا ، يكون مظلم الوجود بالدارين لو تعبد لله بكل ضلال أئمة الكفر واتباعهم وكل ما يحسب طاعة لله من مكرهم وظلمهم وضلالهم وظلامهم ، فإنه ليس به دين ولا مرضي لله لأنه لم يؤخذ من أئمة الحق والهدى .
 فمع ما بذله الإمام الحسين لتعرية أئمة الكفر وكشف ظلامهم ، وإن الخير عنده ، ولا خير في دين أعدائه ومكرهم ولا فيهم مهما تسموا من أسماء وأدعو من دعاوى باسم الدين ، ومع ذلك يأخذ دينه من أعداء الحسين الذين هم أعداء الله ورسوله وآله ، ومع ما يذكرنا به في مجالس ذكره المنتشرة في كل بقاع الأرض التي تعرفنا بأنه هو الذي أعطاه لله للنبي كوثر الخير والنور والهدى والدين ، وجعله يفتخر به وكرمه به ذرية وهدى ونور مشرق مستمر كآله كلهم ، وهم كوثره وعترته وآله وخيره الباقي الناشر لهداه بحق ، نور واقعي ودين صادق يرضى الله التعبد به ، مع كل هذا يهجره ولا يقبل دين الحسين وآله فضلا من البكاء عليه .
فإن بعض من يدعي أنه يقتبس نور الله من دون الإمام الحسين عليه ، ومع ما ضحى الإمام الحسين عليه السلام بنفسه وآله مع قلة العدد والناصر ليبين ما حل بالدين وأهله ، يهجره ولا يأخذ بدينه منه ويأخذ بدين أعداءه ، فمثل هذا أي دين بقي له وطاعة ونور حتى يحصل على نور الله والقرآن والنبي ، وكيف يمكنه أن يدعي أنه يحصل على النور من غيرهم .
 فحقاً كان النور والهدى لمن أقتدى بالحسين وعرفه بحق في كل ما يذكر من دين الهدى في مجالس ذكره وتأسى وتعبد لله بدينه ، وبهذا تعرف أنه من أخذ دين أعدائه لا نور فيه وكله ظلام .ولذا من يعقد مجالس ذكره ويتأسى بالحسين قد خلص من الضلال والظلام وتنزل الدمعة منه ويتأثر ، وإلا مَن يَظلم نفسه بدين أعداه لا يحب الحسين ولا يتأثر بل هو مُصرٌ على التحقق بالظلام بدين أعدائه فلا طاعة له ولا عمل مرضي لله عنده ، وتابع المقال في كل هذا الصحيفة تعرف حقائق أخرى فتدبر .
 


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام



القبس الرابع
لا نور لعلم وعبادة ولا طاعة لله لم يشرق نورها من الحسين وآله

نور الإمام الحسين وآله الذي هو من نور جده نبي الرحمة الذي نوّر الله به الوجود بالهدى التكويني والتشريعي ، وهو نور ساري في كل العبادات وتكاليف الله تعالى ، بحيث لا توجد صلاة ولا صوم ولا حج ولا قرآن ينفع وينور إذا لم يكن مبدأ وعقيدة الحسين ونور معارفه فيه ، بل نور الحسين عليه السلام هو إشعاع حقيقي لنور القرآن والنبي وكل تعاليم الله .
فلا طاعة ولا نور في الصلاة ولا في الصيام ولا في الحج ولا وفي الزكاة ولا في الجهاد ولا بكل ما يتصور من طاعة لله تعالى ، وحتى بتعلم تعاليم القرآن المجيد وتلاوته لأحد قد خالف فيها نور تعاليم ومعارف الإمام الحسين فهو لا طاعة له ولا عبادة ، فهو يتلوه لينصر أئمة الكفر ويتعلم تأولهم لا يتعلم منه ما بينه الإمام الحسين وآله الكرام الذين يشرقون بدين النبي الكريم ونور الله بحق ، والذي أبانه الإمام الحسين بالحق وعرّف بكل وجوده الهدى ونور الله عند آله الكرام عليهم السلام ، وتميز به غش وخداع وحيل ومكر الظلمات والضلال لأئمة الكفر وأتباعهم وما دسوا من التعاليم المظلمة في تعاليم الله سواء لبني أمية وغيرهم وأتباعهم وكل منحرف عن الدين شرح أو تأويل أو بدع .
 فكم من مصلي وصائم وحاج ولكنه يتبع في صومه وصلاته وحجه وزكاته وجهاده أئمة الكفر والظلال وأتباعهم ، وبدل من أن يدل على نور الله ويوصل الناس إليه يحرفهم عنه ويضلهم ويدخلهم الظلمات ، ويكون فعله إمام كفر أو تابع لإمام كفر ، ويخرج الناس من النور للظلمات بتوسط الجهاد والحج والصوم والصلاة والأفعال العبادية وعملها والدعوة لها ، ويحسبها الإنسان موصلة لنور الله ، وهي في الحقيقة مبعده عن نوره ومدخلة للظلمات .
فمن لم يتبع نور الإمام الحسين وآله من أئمة الحق فهو حتى القرآن المجيد الذي هو نور يجره لدعم أتباع أئمة الكفر والظلام ، ويفسره برأي أئمة الكفر ويدعم به آرائهم وأفكارهم وأفعالهم ، ويزكي فسقهم وفجورهم بتفسير آياته الكريمة بهم ، والتابع والمتبوع ما أبعدهم عن القرآن حين تلاوته وتفسيره والتدبر فيه ، إلا أن تكون آية به تذمهم كالآيات الكثيرة الذامة للنفاق والكفر والشرك واللاعنة لأهله وبالخصوص الشجرة الملعونة لأئمة الكفر من بني أمية وأتباعهم وإن لم يتسموا باسمهم ولكن لهم منهجهم في الابتعاد والمحاربة لنور الحسين وآله الكرام  ، وهذا كان دينهم ومنهجهم المعادي لأهل البيت وبالخصوص الوهابية الآن في كتبهم والانترنيت الذين تراهم يتماوتون بما يسمى عبادة في منع معرفة الحسين ودينه وتحريم ذكره ومعرفته بدين الله ونوره وهداه ، فما هو دينهم إلا من أئمة الكفر والضلال ، فمن أين حصلوا على النور بدين أعدائه وأعداء الله ورسوله حتى يدعون لهم نور .
 وهذا المعنى بيّن وواضح في تعاليم الدين كم تالي للقرآن والقرآن يلعنه ويحرفون الكلم عن مواضعه ، وليس صلاتهم إلا مكاء وتصديه ، وليس أموالهم التي ينفقونها إلا حسرة تكون عليهم ، وليس لهم من صومهم إلا الجوع والعطش ، وجهادهم كله تعب حتى جزاءه عند الله عقاب ونقمة عليهم ، لأنه جهاد لأئمة النور والحق والهدى وأتباعهم .
فإن الإنسان ما يقول بالصلاة : إلا أن يبدأ يكبر الله عن الظلم وكل وصف لا يليق به تعالى ، وهل يجعل الله لدينه إمام ظالم كبني أمية وأمثالهم ، أم يجعل أئمة حق وهدى ونور كنبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين .
 ثم يقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، ومعناه يلتجئ إليه لتحصيل الكمال والسعادة ونور الإيمان ، وهذا لا يمكن تحصيله إلى من نور نبينا محمد وآله ودليله الحسين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين .
وهكذا قولنا : الحمد لله رب العالمين ، نحمده على ما منحنا من العز والكرامة والفضيلة ونعمة الدين وكلها لا تحصل لإنسان إلا بسبيل الحسين وآل الحسين ، وكذلك الرحمن الرحيم الذي منّ علينا وتفضل بسبيل الحسين وآل الحسين ونورهم الذي جذبنا الله إليه ، الذي منه تشع تعاليم الله ومعارف عبوديته.
بل الله يؤدبنا ويعلمنا أن نستعينه ونتوكل عليه ونطلب منه أن يعرفنا أئمة الحق والهداة للصراط المستقيم في قوله تعالى : إياك نعبد وإياك نستعين ، أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين .
وكل مؤمن ومنصف وعنده قليل من نور الفطرة يعرف إن  أئمة الحق والمنعم عليهم وأصحاب الصراط المستقيم هم نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، وبنور الحسين عرفوا وتميز نورهم عن ظلام المغضوب عليهم والضالين من أئمة الكفر لبني أمية وأتباعهم وكل أئمة الكفر وكل من حارب منهاج الحسين وآله الكرام عليهم السلام.
وهكذا الصوم الحقيقي هو الصوم عن الحرام والظلم وكل غصب لأموال الناس والاعتداء عليهم وأن لا يفطر إلا بالحلال الطيب ويحرم الخبيث ، وهل شيء يحل لأحد أو يحرم إلا بمعرفة تعاليم نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وهل يوجد أهل لنور الله بشكل دقيق وصراط مستقيم صريح إلا بمعرفة نور محمد وآله ، وبالخصوص بنور الحسين يميز الحق والنور والهدى لله ، من ظلام أعداءهم وأئمة الظلام والكفر وأتباعهم ، وإنه من رضي بقتل الحسين ولم ينصر دعوته يكون بعيد أبعد ما بين السماء والأرض عن الحق ونوره ، ومن رضي الحسين رضي بآله كلهم أئمة حق وهدى وتنور بنور الله ، ورفض أعدائهم وكل ظلام وضلال لهم .
 وهل يحق لأحد أن يجاهد آل محمد الذين هم نور الله وينصب لهم العداء ويدعوا وينصر مذهب من قتلهم وسبى حريمهم ، وهل يكون جهاده إلا نقمة عليه وغضب لله قد صبه على نفسه وظلمات قد دخل فيها بجهاده ، وهذا جلي في فعل أئمة الكفر وأتباعهم بقتل الحسين وآل الحسين الذين هم آل محمد عليهم السلام وما أجروا عليهم من السبي والقتل الذريع على طول الزمان ، فلا نور لكل من نصر أئمة الكفر على طول الزمان سواء من منع دين الحسين ومجالسه أو منع ذكره وشكك فيه .
فتدبر طاعة الله وتعاليمه تعرف أنه لا يمكن الوصول لنور لله تعالى إلا من خلال نور آل محمد ، وهل يحل مال زكاة لعدو آل محمد ، أو يستحق التكريم والتعلم عند أحد إلا أن يُعلم تعاليم محمد وآل محمد ويُنفر من تعاليم أعدائهم .
ما تنوي في الصلاة والصوم إلا الطاعة لله والعبودية له بحقيقة نور تعاليمه ، وهل تعاليم أعداء آل محمد فيها نور تعاليم الله وهي مخالفة لتعاليم آل محمد ، وأصحبها أصعب شيء عندهم ذكر محمد وآله الكرام ، فكيف يحصل إنسان على طاعة الله وعبوديته وتعاليمه من غير التنور بنور آل محمد عليهم السلام والتحلي بكل سيرة وفعل وقول وحديث وصفة وخلق كريم وعلم وتفسير لكلام الله صدر منهم ونوُر الوجود ببركتهم .
 


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام



القبس الخامس
نور الحسين بيان لوحدة نور نبينا وآله وعدائهم عداء لنور الله

ثم أعلم إنه لا يمكن التفريق بين نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعزله عن آله الطيبين الطاهرين ، فإن براهين الإمامة وأدلتها في القرآن الكريم والسنة النبوية محكمة ولم تدع مجال لأحد ذو بصيرة وفطرة لم يخالطها ظلام التشكيك بهذا ، بل يقر لهذا كل من يراجع نور فطرته إن بقي له نور ، فحتى من عاندهم ولكن لكونه على قلبه غشاوة يتجاهل نداء الفطرة ولا يلتفت لها ، حيث التدبر في كل شيء يثبت إثبات اليقين بضرورة الإيمان بأنه لابد من إمام حق وهدى عنده معارف الله ونوره ، وكل من عاداه يكون إمام كفر أو تابع لإمام كفر في الدين والمذهب وكل تعاليم الله .
وقد عرفت شيء عن هذا في الباب الأول وراجع ما كتبناه في كتاب الإمامة من صحف الطيبين ، وما كتبه كل الطيبون في الإمامة كالغدير والمراجعات وإحقاق الحق ، بل ومقتل الحسين والكتب المؤلفة فيه ومقاتل الطالبيين وغيرها .
بل تابع تأريخ وحال رجال المسلمين في الصدر الأول للإسلام وما بعده ، فهل ترى فيهم أحد عنده أحسن علم بنور الله وهداه وأفضل من آل محمد عليهم السلام .
كما لا يقال :

 نصب العداء على طول التأريخ لمحمد وآل محمد هو عداء منصب وليس عداء لنور الله ودينه وتعاليمه .

فهذا هو مكر وخداع أئمة الكفر واتباعهم ، ودين الذي يكون على قلبه غشاوة فيؤول ويقوم بتسمية الظلام والجهل بأسماء العلم والنور ، وهو انحراف عن الصراط المستقيم ، وكيف يمكن الوصول لإمام الحق وأخذ نوره ونشره وهو محرم عليه الكلام ونشر تعاليم الإسلام وتأديب المعاندين وإرشاد الضالين ، وهو محروم من ابسط حقوقه والناس يُعاقبون إذا اتصلوا به ، ويحرموا العطاء ويضيق عليهم بكل صورة حتى يقتل وينفى ويبعد عن آل محمد أئمة الحق وأهل نور الله صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين .
ولذا ترى من الانحراف الأول بتوسط أئمة الكفر وأتباعهم ومن أول الأمر لم يبقى مع آل محمد على الدين إلا القليل ، ولم يثبت إلا من عصمه الله ، ولذا تسلط أئمة الكفر وأتباعهم على المسلمين حتى قتلوا أئمة الحق من آل محمد سيدهم علي في محراب عبادته ، ثم الحسن سموه ، ثم الحسين قتلوه بأفجع صورة يندى لها جبين الإنسانية ، بل بضعت المصطفى وسيدة النساء استشهدت غاضبة عليهم لمنعهم نور الله من السطوع من بيتها المطهر الطيب المرفوع ، وأشد مصائب حلت بالإسلام وأهله بل في الدنيا كلها هي مصائب آل محمد عليهم السلام وقد قال سيدهم وسيد الأنبياء والمرسلين ما أوذي نبي مثل ما أوذيت .
 وكيف يقال : كل من تستر باسم نوراني وليس له حقيقته ، وهي مثل أسماء الإسلام والإيمان وخلفاء الرسول والرحمان وحزب الله وأمير المؤمنين ، وموه على الناس وغشهم وحسبوه حقيقة ، وبعد ذلك خدع الناس فقتل آل محمد بهم ومنعهم من ذكرهم ودينهم ومعرفتهم وهداهم ، ولم يجعل أحد يقتبس من نورهم ، ومن هذا حاله كيف لا يكون في عداء دين الله وهداه ونوره ، وهل يصدق عليه أنه عرف دين نبي الرحمة محمد وعنده هدى ونشر نور ، فإن كل شيء فيه خلاف آل البيت من الهدى والنور والدين ، يكون ضلال وظلام ومكر وخداع .
 فلا يحق لأحد أن يدعي : أن لآل محمد وأعدائهم دين واحد ، فإن أعداء الحسين وآله هم يعرفون فكرهم وليس لهم علم بدين الله ولم يُعرف لهم به ذكر من المعارف الحقة ، وإنما هو ضلال من يفتي ببلاطهم كيف شاء ويحللوا لهم ما يدعمون به سلطانهم حتى أفتى قاضي الكوفة بحلية دم الحسين وقتله وهي أكبر بلاد إسلامية في زمانه ، في أين مَن يعض الناس بهذا ويعلمهم بهذا الدين يكون له دين حق وصادق ؟ وكيف يسمى بقاضي القضاة وهو يصلي بالناس بالفكر الذي يحارب به النبي ونور الله ودينه فيحلل قتله ، كيف يعمل بباقي تعاليمه ولا يتساهل بتحريفها بما يدعم فكره وسلطانه ؟
فلذا لا دين لأعداء آل محمد عليهم السلام ، وهل الحسين وآله وأبيه وأخيه كانوا يفتون أو يدخلون حرب أو يرفضون ما يقرب لله ويبعد عنه ؟ وهل حربهم من أجل الدنيا كمن عاداهم ؟
 كلا وألف لا لم يحارب الحسين ولا آله إلا لطلب الإصلاح ولتعليم دين الله ومعارف يريدون بها نشر نوره وهداه لكل طالب حق ، وهذا هو دين الله من أول يوم حتى يوم القيامة إمام عبد إمام عند النبي وآله دون من عاداهم ، وأن الدين الحق والهدى الصادق يجب أن يكون مطابق وموافق لتعاليم أهل البيت ، فليس له دين ولا هدى ولا نور من لم يرضى نبينا وآله أئمة نور وحق وهدى ، فيأخذ دينه منهم ويكون منهم ومن ثم من دين الله عز وجل وبنوره متحقق .
 وهذا المعنى الشريف هو الذي تجلى وأشرق بإيثار وتضحية الإمام الحسين عليه السلام ، وبه ظهر دين محمد صلى لله عليه وآله ونشر من عنده نوره الحقيقي بكل شيء يذكر عن فدائه للدين ، وبما يذكر من تعاليمه التي عرفهم بها دين الله بكل حركة وسلوك له حتى آخر قطرة من دمه الشريف الطاهر الذي رفعه الله لمحل الكرامة والمجد والفضيلة عنده ، بل جعله ينشر النور والفضيلة والكرامة وكل خير وهدى ونور لآخر الزمان لكل طالب رضى الله بحق وصدق ، فإنه يرى بكل وجوده نور الحسين يوجه للإخلاص لمعرفة نور الله وهداه والتحقق به عبادة خالصة لله مع التضحية والفداء .
فهل يمكن لأحد أن يقول : قتلوهم للترف الفكري ولم يكن عداء دين بل عداء سلطة ، فإن حروب فاطمة وعلي والحسن والحسين بصورة مباشرة وغير مباشرة بالخطب والكلام ، وعلى تعبير هذا الزمان الحرب الحارة والباردة ، استمرت أكثر من نصف قرن من الزمان حتى قتل الحسين في سنة إحدى وستين للهجرة ، والحسين عليه السلام يطلب منهم أن يتركوه يذهب لمكان آمن من بقاع الأرض فلم يقبلوا منه إلا أن يبايع للطاغية يزيد ويقر لإمام الكفر ، ففضل عليه السلام القتل والاستشهاد على الإقرار للظلم والعدوان والطغيان والظلام .
وبحكمة الله باستشهاد الإمام الحسين وآله الكرام بان كل ظلام وأنكشف مكر وخداع أئمة الكفر ، وشع من الحسين عليه السلام نور بقي ساطع على طول الزمان وفي كل مكان ، وعرفه القاصي والداني وكل مسلم عنده غيرة على الدين ، وتميز عنده مَن هم أئمة الحق ومَن هم أئمة الكفر وأتباعهم ، وأين يوجد نور الله وطاعته وعبوديته وأين أهل معصيته والظلام ، فبعد التمييز بدأ يرجع الناس لآل محمد عليهم الصلاة والسلام ، لأنهم عرفوا أنه لا دين ولا نور لله إلا الذي يشع من محمد وآله الأئمة المعصومين عليهم السلام ، فلذا دخل دينهم في أغلب مذاهب الإسلام فضلاً عن الخالصين في نور آل محمد ، وبقي مذهب جديد أيده الاستعمار ونصره الكفر معاند لهم بكل شيء وهم الوهابية .


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام



القبس السادس
كلام نور للحسين يكشف ظلمات أعداء آل محمد

يا طيب تدبر سيرة آل محمد عليهم السلام وخطبهم وأفعالهم في الدعوة لنور الله تعالى وبيانهم له وإشراقهم به ، وبالخصوص خطب فاطمة الزهراء ، والإمام علي في نهج البلاغة وخطب الإمام الحسن وكلماته ، وخطب الإمام الحسين ، ستراها تعطيك اليقين ونور الإيمان أنه لا تعاليم حقة ومعارف صحيحة إلا التي تكون ترضي الله برفض كل ظلم وجور وفسق لكل حاكم وأمير وأتباعه ، وقد ذكرنا شيء منها في صحيفة ذكر الإمام علي عبادة فراجع موسوعة صحف الطيبين.
وتبين لك بحق كنور القرآن المجيد إن الله لا يرضى إلا بالعدل ولإحسان ، وترى بحق إن تعالمهم طيبة طاهرة كتعاليم نور جدهم وسيد البشر محمد صلى الله عليه وآله ، لم يدنسها مجاملة ومداهنة لظالم ومنافق ، ولم يستخدموا الحيلة والمكر والخداع في كل أحوال حياتهم ولم تغريهم الدنيا ولم يخافوا في الله لومة لائم .
وكانت تعاليمهم ومعارفهم في بيان وتفسير القرآن الكريم والسنة المطهرة صادقة بتصديق الله لهم ورسوله ، وكلها يشع منها النور ولذا كان كل من خالفهم يكون حتى عند نقل قولهم خالط للنور بالظلمة ، ويكون منافق مخادع الناس محرفهم عن تعاليم الله ، ولذا يجب الخلوص بقبول نبينا وآله الكرام في كل تعاليم الله ، وعلى الإنسان إن لا خلط الحق بالباطل والنور بالظلام ، فيبعض أو يتبع الطرفين ، ثم يقول عدائهم ليس عداء دين بل منصب وحكم ، وهذا بينه كل أئمة الحق من آل محمد صلاة الله وسلامه عليهم ، وأنظر خطب وكلامات الإمام الحسين عليه السلام وإليك كلمة واحدة منها وسيأتي أنور منها :

قال الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء عندما خطب القوم يدعوهم للرشاد :

( الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال ، متصرفة بأهلها حال بعد حال ، فالمغرور من غرته ، والشقي من فتنته .
فلا تغرنكم هذه الدنيا ، فإنها تقطع رجاء من ركن إليها ، وتخيب طمع من طمع فيها ، أراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ، وأحل بكم نقمته ، وجنبكم رحمته .
فنعم الرب ربنا ، وبئس العبيد أنتم ، أقررتم بالطاعة ، وأمنتم بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم أنكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم ، قد أستحوذ عليكم الشيطان ، فأنساكم ذكر الله العظيم ، فتباً لكم ولما تريدون ، إنا لله وإنا إليه راجعون .
 هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعداً للقوم الظالمين ) .

وتدبر كلام الإمام الحسين والذي بين فيه المنحرفين عن الدين وأصبح وجودهم مظلم وليس فيه أي نور من تعاليم الله :
 فهل المفتون بالدنيا والراكن إليها والطامع فيها عنده دين ؟
وهل يجتمع على أمر يسخط الله به مؤمن ؟
ومن أعرض الله عنه هل عنده نور من الله وهدى ؟
 وهل مَن تحل نقمة الله عليه وجنبه رحمته عنده عمل مرضي لله ؟
وهل من كفر بعد إيمانه مؤمن ؟
 وهل من فيه المواصفات أعلاه يمكنه أن يتنور بنور وهدى لله أم هو في ظلام متراكم ؟ .
مالهم كيف يحكمون وعندما يبررون أعمال أئمة الكفر لمن يرضون وقد ولّو بعد أن غشوا آباءهم وحرفوهم عن الحق والهدى والنور وأهله ، فلماذا لا يلعنونهم ويتبرؤون منهم لأنهم أضلوهم ولأخرجوهم عن الحق بعدائهم للحسين وآله الكرام وأخرجوهم من نور الله وهداه كما أخرجوا آبائهم .
فهل الإيمان والدين ونور اليقين لقلة بالسان وتلفظ بكلمات الإيمان والإسلام والتقى فقط ؟
أم الدين والإيمان نية ويقين بالحق وعلم نور منه يكون تأثير الإرادة والشوق للعمل والعزم على الفعل والعبادة والطاعة ؟
 نعم من ينسى ذكر الله خرج من نور الفطرة وابتعد عن النور الذي أودعه الله النبي وآله الكرام وشرحه ولخصه الإمام الحسين بكل كلامه وثورته وحركاته ، وجعله يشرق منهم إيمان ويقين يفني كل ظلام أئمة الكفر لمن يطلب نور الله بحق وهو صادق في طلب المعرفة ، وهذا كله أوضحه الإمام الحسين عليه السلام في الخطبة أعلاه .
وتابع صحيفة الإمام الحسين عليه السلام وتدبر فصولها وما ذكر فيها من الخطب والكلمات البليغة للإمام ولآله تخبرك بما لا مجال ولا شك ولا شبهة فيه إن الإمام الحسين عليه السلام ، كان في كل خطواته وسيرته في حرب دين ومبدأ وعقيدة من إمام حق منور بنور الله تعالى ، مع إمام كفر طاغية وعتل زنيم مرد على الكفر والنفاق وله فكر مظلم يريد أن يطفئ نور الله به كجده أبو سفيان وأبيه معاوية .
 ولكن هيهات قد أتمه الله تعالى نوره بما أشرق من نور الإمام الحسين الذي قواه وجعله يسطع في كل زمان ومكان ليرفع كل غشاوة يتستر بها أئمة الكفر وأتباعهم وتكشف ظلامهم بأقل التفات لتعاليم الدين ونور الفطرة .
وهذه كانت سيرة جد الحسين نبي الرحمة وأبيه وأخيه وكل آله الأئمة المعصومين كل حسب حال حكام زمانهم وأوضاعهم ، بما يملي عليهم الدين حسب ظروف مجتمعهم ومقدار تقبلهم منهم يتصرفون لنشر نور الله تعالى ، وتابع سيرتهم وسيرة أعدائهم ، وتدبر في دينهم وما يتستر به من الدين من حاربهم وعقد عزمه على محوا آثارهم وهدم مراقدهم ومنع أولياءهم من زيارتهم وحرم تجديد العهد مع أئمته والاقتباس من نورهم عن قرب .
ولكن أتباع أئمة الكفر وأنصار دينهم بدعوتهم لمذهب أئمة الكفر والتخلق بخلقهم والسير في ظلامهم وظلمهم وكل أفعالهم المخالفة لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، عرف عدائهم الجلي لنور الله ودينة المشرق بنور نبي الرحمة محمد وآله الكرام ، وفضحت حججهم الواهية وكل ما يتشبثون به لترويج مذهب أئمة الكفر وأفكارهم .

 

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله من دين أئمة الضلال والظلام



القبس السابع
نور الله عند الحسين وأتباعه

ومظلم ومُستعمر قلب أعداءهم

واضح لكل منصف ومؤمن إنه ما أكثر المتسترين باسم الإسلام والدين والإيمان ، وهم يعملون على إطفاء نوره وهداه ويبررون أعمال الظلمة والطغاة ، ويعملون جادين لطاعة ونشر دين أئمة الكفر وأعمالهم ويتبعون أتباع أتباعهم ويسيرون على منهجهم ، ويأخذون تعاليمهم منهم ويحسبون ظلامهم نور ، والنور الذي عند الحسين وآل الحسين ظلام ، ولم يقتربوا منه ولم يبلغوا له ولم يعرفوه ولم يدعوا له ولم يعملوا به ، ولم يرضوه مبدأ وعقيدة ودين ولم يؤمنوا به ، فمن أين لهم نور الإيمان ولو دعوه ألف مرة وتسموا به مليون مرة بالساعة .
وهذا المنهج المبتعد عن نور أئمة الحق في هذا الزمان هم الوهابية وكل من ينفر من نور الإمام الحسين ويبتعد عنه في كل مكان وزمان ، وهم أهل المبادئ التي روج لدينها الاستعمار ودعا له بكل صورة ، وبالخصوص الوهابية حيث مكنهم من الحكومة على أعز أماكن الوجود ألا وهو التسلط على بيت الله الحرام والمدينة المنور ومسجد النبي ، وأستحل وأستعمر قبلة المسلمين وأعز مساجد الله ومكان نوره قبل أن يستحل فلسطين والقدس وغيرها من البلاد في الظاهر ، وبوجود الوهابية قد أستعمر وأستحل الأماكن المقدسة في الجزيرة العربية وغيرها في الباطن والظاهر حتى لو لم يكن وجود لجيشه غير الوهابية .
وذلك بجعل حكام خونة يؤيدهم أئمة دينهم ومذهبهم من الوهابية ، وبوجودهم وخيانتهم وقبولهم بأفعال حكامهم وتدعيمهم لحكمهم وتبرير أعمالهم تمكن الاستعمار من نشر مبادئ ضلاله وظلمه وظلامه وجوره .
وذلك كما كان الذين قبلهم من أئمة دينهم يزيد وأبيه وآله وكل ومن سلك منهجهم ، وأولئك بنشر الظلام بتوسط أعوانهم من وعاظ السلاطين والمنافقين تم لهم قتل الحسين وآله الكرام أئمة الحق والنور ، وهان عليهم هتك كل حرمة للإسلام وكتم نوره وحاولوا إطفاء نوره ولكن قلب عليهم مكرهم بسطوع نور الإمام الحسين عليه السلام وإشراقه في كل مجالس ذكره لكل من ركب سفينة هداه وتنور بمصباح هداه في أي زمان ومكان .
والمستعمرون بتسليط الوهابية أتباع دين بني أمية ونشر ظلام مذهبهم واستيلاءهم على الحرمين مكة المكرمة والمدينة المنورة ، هان عليهم وسهل استعمار كل البلاد الإسلامية واستخدامها بجعل حكام يخدموه بالإشارة ويطيعوه قبل إن يطلب ويتكلم ، وإن لم يتسموا باسم الوهابية أو لم يرضوا قبول اسم اتباع بني أميّة ظاهراً ، ولكنهم أتباع لهم في الواقع والحقيقة .
وأخذت الوهابية باسم الصلاة والحج والصوم والجهاد وطبع القرآن ومن بيت الله تعالى ومسجد النبي ومنبره ينشرون الضلال والظلام في الوجود ، ويكفرون كل المذاهب الإسلامية وبالخصوص التي لها نور كامل وتام حقيقي للنبي وآله ، ويكتمون أهم شعاع له والذي يكون بتوسط مجالس الحسين عليه السلام الذي يتميز به أئمة الحق ونور الهدى وتعاليمه الذي تتنور به الأرواح وترتفع لكل نور الله تعالى به ، فحرموا أنفسهم من نور الله وحرفوا الناس عنه .
وإلى الآن ترى الوهابية لتبرير عمل حكامهم وقبولهم أئمة لهم ، باعوا دينهم بدنيا غيرهم ، فأخذوا يبررون ظلام أئمة الكفر وأتباعهم ووعاظ سلاطينهم ويسلكون دين ومذهب بني أمية وأتباعهم ويروجون وينشرون حيلهم وكرهم متسترين بنور الإسلام والدين والسلف وغيرها ، ويتفننون في النفاق وترى بعضهم يدعي الإصلاح وفي الظاهر يخالفهم ، ولكنه يرتزق من موائدهم ويعيش على قصعتهم ويدينون بدينهم التابع لدين أئمة الكفر الذين هم أعداء أئمة الحق ونوره .
فيكون ظلمهم وضلالهم وظلامهم شديد قد تعمق في نفوسهم واسودت به أرواحهم لما يتسترون ويموهون به على الناس ويخدعوهم بالحيّل والمكر بكل صورة ، لكي يستروا ويجعلوا غشاوة على أتباعهم من التنبه لنور الله الذي جعله لمحمد وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين .
فترى الحزبين من الوهابية على دين واحد فهم يقلبون الحقائق ويدعون للظلام النابع من أئمة الكفر لبني أمية وأتباعهم وأتباع أتباعهم ، وأخذوا التدين به والدعوة له بكل صورة ممكنة تحسنه في أعين الناس وتروجه بينهم ، وتنشره بكل كلام يحسبه الظمآن ماء وما هو إلا سراب لا واقع له ولا نور هدى فيه .
 ويعرف زيف حججهم ودعاويهم بالتوجه لنور الحسين عليه السلام ولكلامه في العز والإباء والفضيلة والكرامة ، وبالتدبر بما حل بالإسلام وأئمة الحق بتوسط أئمة الكفر من بني أمية وأتباعهم .
والوهابية : وكل من يعتنقها بأي طرف من طرفيها إن كان لها طرفين ، أئمتهم استمرار لإمامة بين أمية وأتباعهم الذي يدعون لدينهم ومذهبهم ولكل ظلام وحيّل ومكر وضلال صدر منهم .
وأما أتباع الإمام الحسين عليه السلام في لبنان وسورية والعراق وإيران وباكستان والهند وأفغانستان ودول الخليج العربي كلها واليمن وفي كل مكان من بقاع الأرض ، لم يرتاح لهم الاستعمار ويعاديهم بكل وسيلة ، ويسلب منهم كل ما يمكنه من قدرة الحكومة والإعلام والوسائل .
ولكن بفضل نور ذكر الإمام الحسين ومجالسه لم يستطع أن يسيطر على قلب شيعة الحسين عليه السلام ، فأخذت تنتشر مجالس ذكره ونور مذهبه ودينه الذي هو نور الله ودينه كل بقاع الأرض ، ولا يعرف أحرار على الحقيقة ولهم حقيقة نور الإيمان إلا شيعة الإمام الحسين عليه السلام .
وترى شيعة الحسين نشروا نوره حتى عم بقاع الأرض كلها ، ودخل نفس بلادهم وأخذ يدوي اسمه مجبرون عليه في وسائل إعلامهم ، وهم يحسبون يطفئون نوره وينددون به ولكن عقلاء العالم والمحبين للخير يتوجهون له ويتبعوه وينتصرون لدينه ومبادئه وعقائده ، ويكونوا أحرار من ذل قبول الاستعمار وكل خضوع ورضا بحكم الكفار أو المداهنة لهم من الأولين والآخرين .
تدبر سيرة أصحاب الحسين وأتباعه وأفكارهم وتعقلهم في دينهم ونور هداهم في كل مكان كيف تعززوا على الاستعمار وطردوهم من كل مكان تواجدوا فيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، وتفكر بأتباع أئمة الكفر وكيف سيطر عليهم أئمة الكفر والشيطان الأكبر أمريكا والغرب فترى أتباع أئمة الكفر مثلهم في الظلمة والضلال .
فلذا قلنا لا يمكن الاستغناء عن نور الإمام الحسين عليه السلام ، وجعله سبب لتحصيل نور آله الكرام وجده أول الأنوار ، وهم نور الله ويرتفع بمن جعله سبب ونسب وأسوة وقدوة في أعلى مراتب النور وتصفى روحه ويتم وجوده وكماله ويصل لسعادته ، فلا نور حقيقي يوصل لنور الله حتى ولو بنور الصلاة والصوم والحج والجهاد وكل طاعة وعبادة من دون التسبب لأنوارها ومعارفها وتعاليمها من نور الحسين عليه السلام والانتساب له وتوسيطه للوصول لمصدر النور والتعاليم الحقيقية ، ومن ثم الإيمان به بشكل راسخ ودين وعقيدة ومن ثم التحلي بها وجعلها طاعة لله وعبودية خالصة له.
ولهذا يا طيب : كانت المعرفة قبل الصلاة وغيرها من العبادات، فصلاة الحسين عليه السلام نور ، ومظلم من يعانده حتى في صلاته يبعد عن الحق ويغش الناس ويسلك بهم سبيل الباطل وخلاف منهج الحسين عليه السلام وآله ، فلا تذهب بك المذاهب وتترك سبل النجاة فلم تركب سفينة الحسين عليه السلام بعد ما عرفت من نوره ، فإنه بحق إن الحسين عليه السلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
إن الحسين : مصباح هدى وسفينة نجاة .
ولذا نسأل الله أن ينورنا بنوره المشرق من الحسين وآله حتى يجعلنا في كل نور هداه نقيم له العبودية بما يحب ويرضى ، وحتى ليجعلنا نور في أعلى مراتب الملكوت عنده ، نحف بنبي الرحمة وآله الحسين وشيعتهم حتى نكون على موائد النور معهم في كل منازل الآخرة ومواقفها ، إنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
ثم لما تنورنا بمصباح هدى الحسين حتى عرفنا نوره مع آله وشيعته بالطاعة والعبودية والإخلاص لله تعالى في كل شيء ، نركب سفينة الحسين وندخل في مجالس ذكرها ونسأل الله النجاة في الدنيا والآخرة ، آمين يا رب العالمين .
 

الهي بالحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والمعصومين من بنيه اجعلني وكل ناشر لهداهم وقراءه ومطبقيه من الموالين والمحبين لهم بحق ومن أصحابهم وأنصارهم الطيبين الخيرين الطاهرين ومحققين بكل نور هدى ونعيم خصصتهم به إنك أرحم الراحمين
أخوكم في نور الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين

إلى أعلى مقام لهذه الصفحة نورك الله بنور الإمام وآله الكرام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله  من أئمة الظلام