هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام الحسين عليه السلام/
 الجزء الأول: نور الإمام الحسين سر تمجيده والانتساب إليه

الباب الثالث
نور الإمام الحسين عليه السلام
في عالم الغيب والشهادة

وفي الباب الثالث  أنوار مصباح هدى ومجالس ذكر لسفينة نجاة :

سفينة نجاة

تحقق نور الإمام الحسين وآله الكرام في الوجود الطيب

فيها مجالس ذكر تبين نور الله الظاهر بالإمام الحسين وآله الكرام وإشراقهم به حتى تحققه في الوجود الطيب المقتبس منهم وظلام مَن تعصى على قبوله منهم:

وفي السفينة مجالس للذكر
 

المجلس الثاني

دور الإمام الحسين في تعريف رجال بيوت النور المرفوعة بذكر الله والمشرقة به

وفيه مقامات للذكر المبين نتحقق فيها بنور الإمام الحسين وآله إن شاء الله

ذكرى تعرفنا الأبواب التي فتحناها لاقتباس نور الإمام الحسين المشرق:

قبل أن نتشرف بنور أخر من المعارف الإلهية المشرقة بنور الرفعة والكرامة الإلهية بنص كلام الله المجيد ، وذلك عند التدبر بل بالتحقق بنور الله المشرق من الحسين وآله في ذكر مجلس آخر ، والذي يُعرفنا نور آيات الله وبراهينه المحكمة التي ترينا محل نوره ومظهر إشراقه الواقعي الخالص الصافي الشفاف ، والمنير بالحق الصادق لدينه وهداه المتقن المحكم بربوبيته وقيوميته على عباده عز وجل .
 نتذكر ذكرى تنفع المؤمنين إن شاء الله لأنها من أهم معارف الدين ، وبها نجدد عهد مع نور معارف قد أشرقت في قلوبنا بنور الإمام الحسين وآله في الأبواب السابقة ، والتي فتحناها لنقتبس منها نور الحسين عليه السلام ، وذلك حينما يواجهنا مصباح نوره في أول الباب حتى نجلس في مجالس ذكره والتي نعقدها في سفينة نجاته ، فتشرق في قلوبنا نور الإيمان بالله ومحل هداه وتحقق وجودنا بالمعارف الصادقة لذكره بما يحب ، والتي تسير بنا بصراط مستقيم لكل هدى الله ونعيمه ودينه الذي يرضى التعبد له به ، لأنه خالص من كل ضلال وظلام ومكر وخداع وهوى ورأي وفكر وقياس واستحسان لأعداء الحسين وآله ، والذي ظهر به أئمة الكفر وأتباعهم في كل زمان ومكان كانوا فيه وتواجدوا .
وإنه في الباب الأول : كان قد واجهنا بل تحققنا بنور مصباح ينورنا معرفة ملاك المجد والشرف والعز والكرامة في الأمم ، وإنه مرتبط بنور أئمة الحق المشرقون بدين الله وتعاليمه فيهم ، وعرفنا أنه بمقدار متابعتهم لهم يكون لهم عز وكرامة ومجد وهدى ودين ونعيم حق من رب العالمين ، وإنه كان قد ذكرنا آيات لله التي تنورنا معرفة نور الإسلام الذي كان يشرق من أئمة الحق من آل محمد صلى الله عليهم وسلم بعده ،وأنهم هم أئمة الحق وولاة الأمر الإلهي بعده .
 وعرفنا عندما دخلنا سفينة نجاة الحسين في الباب الأول دور الإمام الحسين في بيان نور الله فينا وفي مَن سبقنا من المسلمين ، وذلك بعد أن عرفنا في مجلس ذكر شريف من سفينته التي أنجتنا من ضلال أئمة الكفر الذي انحرفوا عن دين الله الذي عند أبيه وأخيه وجده من قبل .
 وكيف سار الإمام الحسين عليه السلام بثقل رسول الله حتى اشرق نوره في راكبي سفينة نجاته التي أعدها الله ورسوله لأوليائه المخلصين ، فكانوا يقتبسون نور الله ورسوله وكل تعاليم دينه من أظهر مصباح منير لنور الله وأكرم محل يقتبس منه نور هداه ، فيصل المؤمن بمنهج الإمام الحسين حين يقتدي به بحق لرضا الله التام ونعيمه الكامل الواقعي ، وعرفنا إنه بحق كان بالإمام الحسين يُعرف كل نور آله المشرقون بنور نبينا الكريم ، والذي يمده الله بعلمه وقدرته وقيوميته المتقنة لتعريف دينة وربوبيته المحكمة في الإشراق بهداه ليتحقق بنوره المؤمنون الطيبين المنتسبون بحق للحسين وآله الذين هم نور إلهي واحد .
فتيقنا إنه بنور الحسين كان يدخل كل مسلم بعده لنور الله المشرق من نبينا وآله الكرام الأمجاد بكل صفاء ، وخالص من أي ضلال وظلام لأئمة الكفر ووساوس الشيطان وهوى النفس وزينة الدنيا المحرمة التي تصرف في معصية الله ، أي في إطاعة أئمة الكفر وهوى النفس ووساوس الشيطان وينجوا من بلائهم بالحسين عليه السلام ، وذلك حينما يجدد معه العهد ويسير بصراط مستقيم وفق منهجه القويم ، بل  ينجح ويفوز في اختبار الله وابتلائه الذي يُعرف به المخلصون الذين نجوا بركوب سفينة الحسين الواسعة السريعة في تعريف نور الله وهداه الحق عند آله الكرام بعد أن بينا آيات بلاء الله واختباره.
وعرفنا في الباب الثاني كيف ننتسب للحسين ونقتبس نوره حتى نتعرف على كل آله الكرم فنكون منهم بحق في كل شيء كرمهم الله به وشرفهم ، فنبدأ من أسماءهم الكريمة حتى هداهم ودينهم الذي فيه نور عز الله ومجده ونعيمه التام الخالد ، والذي جعله لهم ولمن اقتدى بهم وكان من المخلصين له بدين الحسين وآله وتعاليمهم ، لأنه بحق يكون قد تسبب المؤمن لنوره وبصدق كان قد سلك صراطه المستقيم ، وبكل سيرة وسلوك وصفات له حين يطبق نور هدى الحسين وآله ، ومع اليقين بأن هذا هو محل دين الله وهداه الذي يرضى أن يتعبد له به ، وإنه لهم ولكل مؤمن يسير على منهج الحسين كل خير وبركة ونعيم أعده لأوليائه في أعلى مراتب ملكوت النور والمجد والشرف والكرامة عنده تعالى ، يحفون بالنبي وآله كما يحفون هنا بهم ويقتبسون منهم نور الله ويتحققون به .
كما واجهنا في الباب الثالث مصباح يعرفنا حقيقة ومعنى النور الإلهي المشرق من جد الحسين ، مصباح نور الله وسراجه المنير في كل مراتب الوجود ، وأنه هو صلى الله عليه وآله أول نور ظاهر ومشرق بنور الله لكل من تلاه في الرتبة سواء بدينه أو هداه بل حتى في وجوده وما يترقى به في مراتب النور .
كما وعرفنا في الباب الثالث حين جلسنا في سفينة النجاة الحسينية وأستقر بنا نور أول مجلس فيها ، آيات النور الإلهي المشرقة في جد الحسين والظاهرة من صباحه بتوسط زجاجة آله الكرام ، وكيف أنه يظهر بظهور أولي من الحسين لأنه هو  المواجه الأولي لكل طالب لنور الله تعالى ، وإنه لا نور لأحد بدون أن يكون نور الله الساري بتوسط زجاجة نور مصباح الله وكوكبه الدري لآل الحسين وجده صلى الله عليهم وسلم .
حتى عرفنا بحق ويقين أن الحسين وآله ، أنهم هم نور الله ورسوله وجود وهدى ودين ، ومنهم يسري لكل الطالبين له وهم صادقون فيتحققون بنور الله بكل وجودهم واقعا ، وذلك إن توجهوا لهم واقتبسوا منهم نور هدى الله ودينه وأخلصوا له به بدون خلط لضلال أئمة الكفر ولا مزج لظلامهم به ، وبعد أن أقام الله الحجة التامة بما أشرق من الحسين من نور عظيم في يوم المصيبة العظمة والواقعة التي كشفت كل مبرقع باسم الإسلام من أعداء آل محمد ، بل أعداء الله ورسوله وزيفت ضلالهم وبددت ظلامهم من المنصفين وكل المؤمنين .
فعرفنا أنه بدون الحسين وآله عليهم السلام لم يكن نور مشرق للنبي بل لله تعالى ، وبتوسطهم حافظ الله على دينه الخالص من كل ضلال ، ونور هداه الصافي من كل ظلام من خارج يأتي ليطفئ نور المصباح أو يعكر صفوه ، والذي يظهر به أئمة الكفر وأتباعهم في أي زمان ومكان كانوا ، وبأي اسم مغصوب ليس لهم به حق كانوا قد تسموا به .
فنأتي هنا في هذا المجلس لنسير بجد للتحقق بنور الله ورسوله السراج المنير جد الحسين ، فنعرف كيف خصه الله وآله بنوره الواقعي وعرفه لنا بأحسن بيان وأجمل برهان حق صادق ، فنؤكد به في وجودنا نور ما عرفنا ونجعله يشتد فينا إيمان ويقين ندين به ونثبت فيه على منهاج الحسين ، ونكون معه على صراطه المستقيم في كل حين ، نقتبس منه ونشرق به نور الله الواقعي الصادق .
 فبنور ذكرى هذا المجلس : نتحقق بنور الحسين وفق آيات النور وما شرحته مما يتلوها من آيات البيوت المرفوعة بذكر الله ، فنعرف كيف خصهم الله بنوره وعرفه لنا بكل سبيل ، حتى يكون لنا اليقين بمصدر إشراق نور الله منهم ونعرفهم به بكل جد وإخلاص ، ولا نخلطه بذرة من ضلال وظالم أعدائهم مهما كان لهم من الشأن الكاذب والمقام المتظاهر باسم النور دون حقيقته وروحه ، لأنه مزين ومزخرف به دون أصل وجوده ، ولذا نعيد ذكر آيات النور لنشرحها من جهة ثانية وهي ناحية إخراج الله للعباد من الظلمات للنور بتوسط نور أئمة الحق نبينا وآله الطيبين الطاهرين ، ونذكر ما يؤيدها بآيات وروايات مناسبة لهذه الجهة بالإضافة لما عرفت ، فننهل بكل ذكر لهذا المجلس إن شاء الله نور معارف الله ودينه حتى نخلص له العبودية والطاعة بما يحب ويرضى ، وحتى يجعلنا على نهج الحسين وآله الكرام إلى أبد الآبدين ، وفي كل محل للكرامة عنده إنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين .


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام أو لفهرس مجلس آيات البيوت المرفوعة لهذا الموضوع



الذكر الأول

آية البيوت المرفوعة والمشرقة بنور الحسين وآله

أول الذكر : تلاوة آيات النور وتقسيمها :

{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ : كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ .

يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ .

يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)

 فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ .

لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37)

لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } النور38 .

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}النور40.

ثاني الذكر : تدبر في آيات النور والبيوت المرفوعة للحسين وآله الكرام:

تدبر كيف قسمنا الآيات الكريمة الذاكرة للنور في البيوت المرفوعة :

أما آيات النور :

 فيفي الآيات الأولى من آيات النور عرفنا الله نوره لكل السماوات والأرض وأنه يشرق من الزجاجة المحيطة بالمصباح .

  ثم عرّفنا سبحانه صفائه وأنه لا يخلط بظلام أبدا لوجود الزجاجة المحافظة عليه ، والتي يشتد بها النور فيكون كالكوكب الدري لمعان وصفاء نور على نور إلى الأبد إمام بعد إمام ، وقد عرفت شرحه في المجلس السابق .

ثم عرفنا الله تعالى أنه يهدي لنوره من يشاء من عباده ويطلب هذا النور المشرق ، وهذا النور على نور منه لنبي الرحمة لآله للمؤمنين الطالبين لهذا النور ،
وعرفت في المجلس السابق شرح آيات النور وحقيقته وسيأتي بيان آخر .

أما آيات البيوت المرفوعة :

الله عرفنا أن الله بأذنه وتوفيقه وفضله ومنّه جعل بيوت مرفوعة في نور الملكوت ووجود الهدى ، وأين ما حل هذا البيت والمكان المتحقق بالنور ، وعرفنا أن هذا المكان لرجال مخصوصين أنهم هم لهم محل الكرامة والمجد والشرف والمشرقون بهذا النور ، الذي هو عبارة عن تحققهم بذكره ومعرفته ودينه وهداه المرضي له الذي خصهم به وأخلصوا في إظهاره والإشراق به .
في الآية بعدها عرفنا خواص رجال البيت المرفوع بأنهم لا يخالطهم نسيان عن ذكره ، لا في تجارتهم ولا حتى حين أجراء كلمات البيع ، فضلا عن الغفلة في الصلاة وحين الزكاة ، بل مخلصين للإشراق بدينه وذكره نور المعنى والمادة عبودية خالصة له وصافية مرضية بتصديقه لهم ، وهم في كل حال لهم في تعليم دين الله وهداه الحق وهو ذكره ونوره المشرق منهم وتعريف دينه ، وعرفنا إخلاصهم بل خوفهم من أن لا يكونوا ذره واحدة في غير ذكره ولا الإشراق بنوره ، بل كله نور معرفة يذكره ويرينا نور دينه بكل سيرة وسلوك وتصرف وخصلة وصفات لهم ، وعلم وعمل يصدر منهم حتى في البيع والتجارة يعلمون الحلال وكيف تجري برضى الله المعاملة ، وهكذا الصلاة والزكاة وكل تعاليم الله التي تظهر بنور وجودهم وما يشرقون به .
وبهذا مع تحققهم بنور الله فهم يشرقون به ولهم أحسن جزاء ، والمؤمن الصادق ممن يريد رضى الله ونوره ونعيمه ، عليه عقلاً وشرعاً وتعليم إلهي متقن لكل طالب له ، أن يقتدي برجال هذا البيت المرفوع بذكره الله والمشرق بنوره في كل أحوالهم ، والذين لهم أحسن الجزاء الإلهي ، فيكون منهم ومعهم مخلص لله بدينه حين يتعلم منهم نور هدى الله ويتحقق به .
وهذا تجلي محكم لربوبيته تعالى وقيوميته التي بها هدى عبادة بدين واحد حق صادق ، فنور الوجود حقيقة من مصباح الزجاجة الدرية التي رفع ذكره بتوسط رجالها ، فجعلهم نور ويشرقون بنور الوجود الذي جعله ملك لهم ولمن اقتدى بهم وأقتبس من نورهم ، من أول الدهر لآخره في كل مراتب النور ، لأنه من له أعلى مراتب الآخرة وملكوت النعيم ، فهو في الأول كان له أعلى مراتب النور ، وهو المتحقق به في الأول كما في الأخر له في أعلى مقام كريم مع المجد والشرف والعز والكرامة ونور رضى الله أكبر .
وإما آيات ضلال وظلام من لم يقتبس منهم نور الله فبعدها فتدبرها أبعدنا الله عن أئمة الضلال والظلام من أعداء أئمة الحق .
 ورجاءً تدبر الشرح والآيات وكيف جعلنا التقسيم سميك ونحيف والخطوط تحت الكلمات وعدمها في آيات النور وما يقابلها في آيات البيوت المرفوعة ، لتعرف حكمة الله وإتقانه لهداه وبيانه لمحل إشراق نوره من النبي السراج المنير وآله المطهرون صلى الله عليهم وسلم .
وعرفت وسترى كيف يكون الإمام الحسين عليه السلام هو الظاهر الأولي المواجه للناس في كل زمان ومكان يتواجد به مؤمنون طيبون ، وهو الذي يوصل بحق لكل نور الله المشرق من جده وآله الكرام بكل دينه الله حتى ليكون المؤمن مثلهم حين يقتدي بهم متحقق بذكر الله ويشرق بنوره فيكون نعيم مملكة الأبد له حسب سعيه ، ولا يغفل عن دين الله ذرة إن طبق تعاليمهم بحق لا في بيع ولا شراء فضلا عن الصلاة والزكاة ، بل كله مثلهم متنور بنور الله الذي هو ذكره ومعرفته ودينه وهدى ، بل ونعيمه وما أعد له مع أئمة الحق والشرف من الجزاء في ملكوت النور في الجنة ، ويكون مع الحسين يحف بجده وآله في محل الكرامة والمجد والعز والشرف الدائم في كل مراتب الوجود ، فيكون منهم وهم منه في نشر نورهم والإشراق به إن أخلص لله بدينهم ولم يخلطه بضلال وظلام أعدائهم ومن حاربهم ومنع من ذكرهم ، فتدبره أصدقنا الله النية في التحقق به .

ثالث الذكر:تأكيد بيان معاني النور وإشراقه من البيوت المرفوعة بذكر الله:

عرفت أنه بينت آيات النور : إن نور الله يتجلى في الوجود وله مراتب ظهور ، فيتكون عوالم الغيب والشهادة والهداية التكوينية والتشريعية فيهما بتوسط نور المصباح الإلهي والزجاجة الدرية لنبينا وآله الطيبين الطاهرين ، وهو يكاد يتوقد في الكون ونفوس الطيبين والخيرين بنفسه ، وبأقل استعداد والتفات لمصدر نور الله فيهتدي المهتدون به ويشتد النور في وجود المؤمنين به .
وعرفت إن النور أمر وجودي : لا يختص باللفظ والمفهوم العلمي بما هو مفهوم وصورة للفظ ، بل هو أمر وجودي له مراتب حقيقتها الوجود العلمي القادر على إتيان الأفعال القوية وهو معنى الحياة والوجود الإنساني الحق الواقعي.
 وذكرنا إن من يصعب عليه معرفة النور الكوني : ومراتبه فليتابع البحث في معرفة الهدى التشريعي ، وهو نقل علم نبينا الأكرم ونور هداه في هذه الدنيا وعالم الشهادة والتحقق به والإشراق به مخلص الدين لله من غير خلط بظلام أعداء آل محمد ، وهو أن يعرف الإنسان المؤمن محل هدى الله ونور دينه عند أئمة الحق ، فيكون له أول المعرفة الصعودية للتدرج في معرفة إشراق نور الله تعالى في المؤمنين ، ومن مصدره نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، فيطبقه ويحصل على نوره بما يفسره إيمان وملك نعيم أو هدى ودين ، إن أقتصر على معنى أن الهدى نور وأن يحقق بالنور لمن يقتنيه بكل وجوده ، وبهذا لابد له أن يرجع لمعنى أن النور أمر وجودي تتحقق به الذات المؤمنة المقتبسة للنور الإلهي من محل إشراقه .
وعرفت يا طيب في آيات البيوت المرفوعة التي تتلوا آيات النور : أكد سبحانه بياناً لتعريفنا مقر نوره ومصدره بآيات أخرى ، فجعله تعالى نور على نور ويؤكد تعريف محل النور ويذكر خواص رجاله ويعرفهم لنا لكي لا نشتبه بمعرفتهم ولا في تمييزهم من أعدائهم ومن حاربهم ومنع من ذكرهم فاظلم وجوده لأنه لم يقتبس نور الله منهم ، بل ظهر بالظلام والضلال لمن تبعه وحقق وجود أتباعه بالظلام ونار الحرمان والعدم للكرامة والمجد الإلهي بل له نار وعار الأبد .
 فبنور هذه الآيات الكريمة يجعلنا الله تعالى : نتعرف على بعض خصائص وأحوال أهل مصدر تجلي نوره تعالى ، وأشرق في وجودنا علم هدى نوّرنا بأن هذا النور الإلهي المشتد والمستمر في الإشراق هو في بيوت أذن الله أن ترفع ، وأنه فيها رجال وجودهم منير ومستمر في إشراق نوره بذكره في كل حين لم يفتر أبداً ، وبكل الأحوال الفعلية العبادية من الصلاة والزكاة أو التجارة والبيع ولم يلهيهم ملهى أبداً عن هذه الحالة لإشعاع نوره تعالى .
وقد قال الله تعالى لنبي الرحمة : { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } الشرح4 ، فكان ذكر نبينا كذكر الله مرفوع وهكذا في آيات البيوت المرفوع بذكر الله ، قد رفع الله ذكر رجال هذا البيت المنتسب للنبي والمحيط به كالزجاجة الدرية ، وهذا بيان محكم لمحل نور الله المشرق من وآل نبينا الكرام الأطهار ، وسيأتي بيان لصلاة النور عليهم صلى الله عليهم وسلم .
 كما إن كل الروايات التي فسرت آيات البيوت المرفوعة : تذكر أن البيوت المرفوعة بنور الله في زمن الإسلام بل قبله هي بيوت نبينا نبي النور والرحمة وآله الكرام وأجدادهم الطيبين الطاهرين ، كما إن ربنا رب النور بين لنا مصدر نوره وكيف يخرجنا من الظلمات ليكون كل وجودنا نور بتوسط النبي وآله ـ غير محاط بظلمة ولا مخالط لضلال ـ في كثير من الآيات المناسبة للنور والبيوت المرفوعة كما سيأتي بعضها وكما ستعرف هنا .
 كما بيّن وشرح سبحانه : إن غير النبي وآله وأتباعهم وإن كل المبتعدين عنهم وعن منهجهم وسبيلهم هم أئمة الكفر ، أو أتباعهم الذين خدعوا بهم وطليت عليهم حيلهم وخداعهم ومكرهم ، وشهواتهم ووسوسة الشيطان وزينة الحياة الدنيا التي كلها ضلال في ضلال وظلمات على ظلمات متراكمة .
وآية البيوت المرفوعة : هي تكميل لآية النور ، بل هي نور يهدينا لمصدر النور ، ويبين بعض من أحوال المأذون لهم بالإشعاع بنور الله وأنه أول مدد نوره لهم وهم اختصوا به وأشرقوا به على من دونهم رتبه بإذن الله ، كما وإن الآيات ذكرت أهم خواص الرجال المرفوع ذكرهم ومشرق نورهم ، يكون بحق بتأييد الله تعالى وتصديقه أنه حقيقته نوره مشرق منهم ، ويوصل بل يحقق بنوره الواقعي فيترقى من يقتبس منهم وينتسب لهم بحق في المحل الرفيع وملكوت النور الإلهي الذي فيه أحسن جزاء النعيم والمجد والعزة والكرامة واقعية صادقة ، ونؤكد معرفة خصالهم الكريمة التي تشرق بالنور الإلهي وهي :

وأول خصائص رجال البيت المرفوع المشرقون بنور الله هو :

 إنهم لهم ذكر مستمر لله تعالى به يستمدون به نوره سبحانه ويأخذون مددهم منه ، فيكون كل وجودهم نور ، ويشرقون به نور على كل طالب له ، وعلى تمثيل سورة النور هو زيت وجودهم ليشرقوا به النور على العباد .
 وذكر الله تعالى في الآية : وبيّن لنا ليعطينا معنى واضح هو كون المراد بذكر الله الذكر القلبي الوجودي لنور النفس والروح ، بل والبدن الذي يقابل النسيان ولغفلة المظلمة والضالة عن ذكر الله ، فهو ذكر علمي نوري حضوري في داخل وجودهم ، وهو الذي يشرق من ذواتهم النور ويفيض منها ويتجلى على كل قابل له في كل الوجود ، وبما فيهم من عباد الله الطالبين لنوره والمستعدين لتقبله ، كما أن أمثال الصلاة والزكاة ذكر عملي وهو نوع انعكاس لذلك النور الوجودي الروحي العلمي ، وتطبيق له وظهور جوارحي له .
فالمقابلة المذكورة في آية البيوت المرفوعة : تشرح لنا شرح علمي وعملي لبيان حقيقة الوجود الذاتي لأهل النور ، وتبين أنهم لا يشتغلون بشيء عن ذكرهم المستمر بقلوبهم النيرة لربهم ، وبصدور ذكرهم المؤقت لله بأعمالهم من الصلاة و الزكاة وكل تعاليم الله النورانية حتى البيع والتجارة .
 وعند ذلك يظهر ما في معنى المقابلة : بين التجارة : وهي الوجود المستمر لعمل حين الممارسة للبيع والشراء وعدمه ، بل التجارة هي مجرد الفكر بالبيع والشراء ، وهذا أيضاً لم يشغلهم عن ذكر الله .
 وتحقيق أن التجارة والبيع لم تشغلهم عن ذكر الله  : أن فكرهم في تعليم معارف الله في البيع والتجارة وبيان للممارسات الضرورية للحياة بشكل طيب وحلال وطاهر ، يكون أساس لنور البدن ومعد الروح لتقبل نور الله العلمي ، فيكون المؤمن المقتبس منهم هذه التعاليم النيرة في البيع والتجارة مثلهم ، بكل وجوده منور طاهر لا ضلال ولا ظلام فيه روح وبدن ، لأنه يكون مثلهم ومتعلم منهم ومقتبس نور هدى الله منهم ، وبتطبيقها في كل أحواله في حلال وطيب وطهر وفي طاعة الله وعبوديته مخلص له بدينه الذي تعلمه من أهل البيوت المرفوعة بذكر الله تعالى نبينا وآله الكرام صلى الله عليهم وسلم .
والبيع : وهو العمل والمباشرة بالأخذ والعطاء وهو انعكاس للبيع والشراء العلمي ، فهو كذلك لم يلههم عن الذكر لله تعالى كما كانت التجارة هي الممارسة الفكرية قبل المباشرة العملية بالبيع والشراء لم تلههم عن ذكر الله .
فأهل البيوت المرفوعة بنور الله : في حالة ذكر حقيقي لله تعالى على كل حال سواء في الوجود النوراني أو بإشراقه وتعليمه أو بتطبيقه بالأعمال العبادية كالصلاة والزكاة أو بالتجارة والبيع والشراء .
ولذا قال الله تعالى :{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}  العنكبوت45.
فأهل البيوت المرفوعة بيان وتوضيح وإشراق في كل أحوالهم لذكر الله : وتعليم طاعته وعبوديته النيرة الطيبة الحلال الصافية عن كل ما يبعد عن ذكر الله تعالى ، فوجودهم كله ذكر لله وإشراق بنوره في الفكر والطاعة بالعبادة والبيع والشراء سواء على منهج حق واحد ينير معارف الله وذاكر له لأنه في تطبيق تعليمه بل الإشراق بنورها ، وتعليمه للناس نور خالص وصافي من غير ظلام لا داخلي ولا خارجي ، وبهذا بين الله تعالى حالهم في سورة الدهر ( الإنسان ) النازلة في شأنهم ، وبينه في أية المودة والتطهير واسألوا أهل الذكر وغيرها الكثير من آيات الإمامة وقد مر عليك بعضها ويأتي بعض فأنتظر .

ثاني خصائص رجال البيت المرفوع المشرقون بنور الله هو :

وبهذا يحصل لك معنى شريف ينير وجودك بمعرفة حالة مصدر نور الله وهو : بأنهم لا يلهيهم مله مستمر ولا موقت عن الذكر المستمر والموقت لله الذي هو زيت نور الله المتوقد فيهم بالذكر ونشر تعاليمه ومعارفه النورانية ، بل كل وجودهم وأحوالهم هي إشراق بالنور الوجودي الإلهي على النفوس وجذبها لنور الله وترقيتها فيه ، وهذا بيان لنور وجودهم وإشراقه .
 فبهذا نعرف في تعاليم رجال البيت المرفوع بذكر الله والإشراق بنور الله ، هو نور صافي خالص في تعريف دين الله وهداه ، وصافي من كل ظلام وضلال ، لا يخالطه شيء غير مرضي لله يظهر منهم في كل وجودهم وصفاتهم ، وهذا معنى العصمة والطهارة من الخطأ والغلط والانحراف عن دين الله وهداه ، وهذا معنى أنهم في كل وجودهم نور ويظهرون بالنور ويشرقون به لكل طالب له ، وبهذا يتحقق أنصارهم بنور الله المقتبس منهم ، لا ضلال ولا ظلام ولا جهل ولا قياس ولا استحسان ولا فكر غير مرضي لله ، بل نور تام .
وذلك لأنهم اقتدوا بمن لا يلههم مله عن تعليم ذكره الله والإشراق بنوره في كل وجودهم وتصرفهم وعلمهم وعملهم ، وهذا هو معنى الإخلاص لله والصفاء معه والحصول على نعيمه التام والمجد الكامل والشرف العالي ونعيم الملكوت النور في أعلى مراتبه , ومعهم يحف بهم من يقتبس منهم بحق ويطبقه بكل وجوده وللناس مراتب  .
 وهذا خلاف غيرهم ممن يتاجر : فبالتجارة يلهى عن ذكر الله الداخلي الفكري العلمي إذا لم يكن فكره إيماني ، فيظلم وجوده بالتفكر بالحيل والمكر والخداع وكل ما يخطر في باله من غير طلب الحلال الطيب الطاهر ، بل قد يلهيه عمله بالبيع والشراء عن الصلاة والزكاة فضلاً عن غيرها من العبادة العلمية الفكرية التي هي أساس نور وجوده ، فيكون همه البيع والشراء والكسب من غير اهتمام بفكر وعمل يستضيء علمه بنور الله المراد في كيفية البيع والشراء والتجارة فضلاً من أن يكون غير محرم وطيب وحلال ، فلم يكن لهم حالة عظيمة مثل رجال البيوت المرفوعة في تحصيل نور الله في كل حال فضلاً عن التجلي به وتعليمه والإشراق به ليكون عملهم أسوة وقدوة ودين للآخرين ، وسيأتي استمرار البيان .
فهذه الخصال الخاصة والخالصة بالنور : وصفاء الإشراق به للنبي وآله الكرام لن تجدها عند غيرهم ، ولذا اصطفاهم الله وأختارهم ورفع ذكره وتعاليمه النورانية بهم وجعلهم يشرقون بها في كل حال لهم وبأي صورة كانوا من تصرفاتهم وعلمهم وعملهم ، وهي ذكر الله وطاعته وإخلاص في عبوديته في كل حال لهم ، ولذا قال سبحانه لم يلههم مله أبدا بأي صورة كانوا فيها ، فهم يشرقون بالنور بكل صفاتهم وسلوكهم ، ويلحق بهم من يقتبس منهم فقط دون غيرهم ، وهي متحد في بيان آيات النور ونفس بيان آيات البيوت المرفوعة فراجعها وتدبر فيها فإنها تشرح بعضها بعض ، وبالإضافة لهذا توجد كثير من الآيات والروايات والسيرة للنبي وآله تبين لك حقيقة هذا المعنى النير فيهم ، وبالخصوص تجليه بنور الإمام الحسين عليه السلام ، فنذكر قسمين لحال أهل النور هنا ويأتي أذكار أخرى في المجالس الآتية :
ذكر : في بيان عام للبيوت المرفوعة لكل آل الإمام الحسين عليه السلام .
والذكر الآخر : في بيان حال الإمام الحسين في بيان بيته المرفوع وبيعه وشراءه مع الله تعالى ، وكيف تاجر فشرى الله نفسه واشرق نور الله لكل طالب له في كل زمان وكل مكان تواجد به طيبون مؤمنون يقتدون به ويسلكون منهجه المشرق بنور الله تعالى  .


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام أو لفهرس مجلس آيات البيوت المرفوعة لهذا الموضوع



الذكر الثاني

 روايات تعرفنا البيوت المرفوعة بنور الحسين وآله الكرام

بالتدبر بآيات القرآن الكريم والروايات : فضلاً عن سيرة أئمة الحق والنور ، وكيف يعرفهم بحق المعرفة العقل والوجدان والفطرة حين التدبر بسيرتهم وسلوكهم وكل دينهم وما أشرق من نورهم في هدى الله وتعريفه ، كلها تهديك وتنور وجودك بأن النور الإلهي المشرق على العباد هو نور نبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين لكل مراتبه هدى ونعيم وتحقق به ملك عظيم وجودي ومحيط ، وإن أشد ما يجذب له هو نور الإمام الحسين عليه السلام .
فنذكر بعض الروايات تفسر آيات البيوت المرفوعة : لنزداد نور على نور في معرفة مصدر تجلي نور الله وإشراقه ، ولكي نتوجه له بكل وجودنا ونقترب من هذا المصدر الكريم الطيب الطاهر ، ونحصل على إشراقه لكي يشتد نور وجودنا وتخلص أرواحنا في النور ، وتستعد في كل حين لتقبل هذا الجود الرباني لنوره حتى نكون وجود نير ينير نور الله تعالى كأصحاب الحسين وآل الحسين ، بل نكون مع الحسين وآله الحسين عليهم السلام إن شاء الله تعالى في أعلى مراتب النور الممكن ، فهذه أحاديث شريفة لبيان البيوت المرفوعة لآل الحسين عليهم الصلاة والسلام وبعدها ذكر من حال الإمام الحسين عليه السلام.

ذكر الكراجكي : بالإسناد عن أنس بن مالك وعن بريدة قالا : قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله :

(  { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } .
فقام إليه رجل فقال : أي بيوت هذه يا رسول الله ؟
فقال صلى الله عليه وآله : بيوت الأنبياء .
 فقام إليه أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها ؟ وأشار إلى بيت علي وفاطمة عليهما السلام .
 قال : نعم من أفضلها ) .
كنز جامع الفوائد : 185 ، بحار الأنوار ج23ص325ب19ح1 .
أقول : ولا غرو أن يكون بيت الإمام علي عليه السلام وبيت بضعة المصطفى فاطمة الزهراء الحوراء الإنسية من أفضلها ، فالإمام علي عليه السلام هو الذي اشترى نفسه ابتغاء مرضاة الله تعالى في ليلة المبيت إذ قال الله تعالى : {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} البقرة 207 ، ونور أهل البيت كلهم واحد وعلم وحد مشرق ببيان كيف يجب التعامل مع الله تعالى ، وأوضحه الإمام الحسين في يوم كربلاء عليه السلام ، وسيأتي ذكر يبين ولايتهم ويعرفنا كيف نتحقق بنورهم في الصلاة والسلام عليهم والتسليم لهم .
وأنت يا طيب عرفت في الباب الأول وغيره بأن الله ختم النبوة وبقيت الإمامة ، وبهذا يستمر نور الله يشرق على كل من يطلبه من محله المرفوع وبيوته الإسلامية الكريمة التي بينها الله تعالى في كلامه المجيد ، وعرفها بأنها تشرق بنوره الذي هو عند نبي الرحمة ، وهم زجاجته وبيته الرفيع المشرق بتعاليم الله ومعارفه ، وبهم يعصم الناس من الضلال والظلام ، لأنه بحق لم يلههم مله عن ذكر الله فلا يعلمون أمر لم يقره الله تعالى وليس من نور هداه أبدا ، وهذا ما خص به نبينا في آله وجعلهم كوثر الوجود وكل خير وبركه وصراط مستقيم لكل نعيم ومجد وكرامة وشرف في كل وجودهم النور بإذن الله وفي كحالهم في رضاه سبحانه , وهذا ما خص به عباده المكرمون ومن يقتدي بهم ، وكل حسب حاله وشدة انتسابه لهم وتطبقه لتعاليمهم والإخلاص لله بها والإشراق بنورها المقتبس منهم .

في الروضة عن ابن عباس قال : كنت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وقد قرأ القاري :

( { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } .
 فقلت : يا رسول الله ما البيوت ؟ .
فقال : بيوت الأنبياء ، وأومأ بيده إلى منزل فاطمة عليها السلام وقال : انه منها )
الروضة : 122 . بحار الأنوار ج23ص325ب19ح3 وهكذا توجد عدة أحاديث في هذا المعنى .
أقول : وبهذه الأحاديث الشارحة باختصار لكل ما ذكرنا من معارف ، عرفنا إن البيت المرفوع والمشرق بنور الله ، هم أهل بيت النبوة الطاهر المطهر الذين صدقهم الله تعالى ، وعرفنا بأحسن بيان بأنهم مشرقون بذكره الذي يعرف دينه وهداه ويحقق بنوره ، والنبي الكريم يبين أن نور آله الكرام وزجاجة نوره المشرق بشدة وحق بهداه ، بأن بيانهم وذكرهم وتعليمهم هو كالأنبياء معصوم من الخطأ وليس فيه تعليم غير مرضي لله فلا ضلال ولا ظلام فيه لا من فكرهم ولا من خارج يخلط به ، بل صافي خلاص في طاعة الله وعبوديته ، والحمد لله بما عرفنا من نوره عند نبينا وآله الكرام .

في الاحتجاج : عن ابن نباته قال : كنت جالسا عند أمير المؤمنين عليه السلام فجاء ابن الكوا فقال :

يا أمير المؤمنين قول الله عزّ وجلّ  :
{ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا } البقرة189 .
 قال عليه السلام :
نحن البيوت التي أمر الله أن يؤتى من أبوابها .
 ونحن باب الله وبيوته التي يؤتى منه .
 فمن بايعنا وأقر بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها .
 ومن خالفنا وفضل علينا غيرنا  فقد أتى البيوت من ظهورها ) .
احتجاج الطبرسي : 121 . والآية في البقرة : 181. بحار الأنوار ج23ص327ب19ح9 .

وأذكرك يا طيب فأقول : الآيات المبينة لإمامة أهل البيت كثيرة :

ولكن آيات البيوت المرفوعة التي هي تتمة لبيان أية النور ، قد جعلها الله تعالى لبيان أن نوره ومعارفه في بيوت مخصوصة ، وإنها ليست بناء حائط من طين وحجارة وما شبهها من المادة ، وهي بيوت الأنبياء ، وهي في الإسلام بيت النبي وآله الطيبين الطاهرين وهم رجالها المعصومين الذين هم نور الله وذكره والإشراق بنور تعاليمه على كل حال .
والتوجه لهذه البيوت المرفوعة بالنور : هو التوجه لرجالها وأئمة الحق ونور الله فيها ، وعلى العباد أن يتوجهوا لهم وأن يتصلوا بهم لكي يشرق عليه من نورهم الذي هو نور الله فيقتبسوا من نور الله فيتنور وجودهم ، وهذا المعنى في آيات كثيرة فسرة وأولت بأهل البيت النبوي صلاة الله وسلامه عليهم ومنها :

قال الله تعالى : { وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا } وهو شرح وبيان تام لقوله تعالى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ } .

ولكي لا يظن إنها أنها بيوت مبنية فقال تعالى : { رِجَالٌ :

لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ } فمن طلب نور الله وعلومه في هذه الجهة أدركه ، ولذا حين سد الله الأبواب المفتوحة لمسجد رسول الله ، أبقى باب بيت النبي وعلي آل البيت المرفوع بذكر الله يشرق تعاليم الله لكل طالب له ولم ينحرف عنه راجع قصة وبيان كيف سد الله كل الأبواب إلا باب علي والنبي في تأريخ السنة الثانية للهجرة وكيف أعترض الأصحاب فقال النبي الكريم أن الله أبقاه مفتوح وسد أبوابكم ، وبهذا عرّفنا حكمته وعلمه بمحل نوره والمشرق بهداه.

 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله :

( أنا مدينة العلم وفي موضع أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ، فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها ) .

فهذا البيت المصطفى المختار المرفوع المنير هو نفسه الذي قال الله تعالى فيهم :

{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} الأحزاب 33 .

والآيات كثيرة في بيان رجال النور للبيوت المرفوعة راجع كتب الإمامة ، وبالخصوص آيات القربى الكثيرة ، والمباهلة ، والإمامة ، والدعاء ، وقد ذكرنا قسم منها في الباب الأول هنا ، وفصلناها في كتاب الإمامة من موسوعة صحف الطيبين وكتاب صحيفة الثقلين منها ، أو ما ذكرنا في صحيفة الإمام علي عليه السلام بعنوان ذكر علي عليه السلام عبادة وما شرحنا فيها ، بل ذكرنا هذا المعنى في شرح الأسماء الحسنى فراجع الموسوعة تجد ما يسرك إن شاء الله ، وراجع كتاب العبقات وإحقاق الحق ومستدر المراجعات فقد ذكروا كثير من مصادر هذه الروايات عند الطرفين العامة الخاصة إن كنت تأنس بمصادرهم .
وهذا نفسه ما نزور به أهل البيت عليهم السلام لمعرفة مراتب تجلي نورهم وتنور المؤمنين بهم ، فنقول لهم ونقر لهم بالولاية والإمامة ، وهذا الإقرار علمي وعملي لإطاعة لله لما أمرنا بودهم وأن نقتبس نوره من محل إشراقه ومصدر ، حتى نتنور بهداه ونعيمه في كل وجودنا إلى الأبد ولذا نخاطبهم ونقول لهم بهذا القبس من زيارة الجامعة الذي عرفته :

( أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى ، وجار لكم فيما بقي ، وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة ، طابت وطهرت بعضها من بعض .

 خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين ، حتى من علينا بكم ، فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وجعل صلواتنا عليكم ، وما خصنا به من ولايتكم ، طيبا لخلقنا وطهارة لأنفسنا ، وتزكية لنا ، وكفارة لذنوبنا ، فكنا عنده مسلمين بفضلكم ، ومعروفين بتصديقنا إياكم ) .

فجعلنا الله مقتبسين منهم نور هداه ونعيمه ، حتى نكون معهم في كل مراتب النور وملكوت النعيم التام ، نحف بهم أبد الآبدين إنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين .


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام أو لفهرس مجلس آيات البيوت المرفوعة لهذا الموضوع



الذكر الثالث

روايات ومواقف للإمام الحسين تبين نوره وبيته المرفوع

وخسة أعدائه ومن مهد لهم

وفيه مواطن لإشراق النور :

أول الذكر

بيان دور الإمام الحسين عليه السلام في تعريف نورهم

بعد أن عرفنا : بصورة عامة البيوت المرفوعة نأتي لذكر بيان الإمام الحسين عليه السلام لبيته المرفوع بشكل علمي وعملي ، فنتدبر باختصار بعض خطبه وكلماته الشريفة وسيرته عليه السلام ، وكيف يشرق منه نور الله تعالى دين وتعاليم هدى ، وفيه بيان لحال المسلمين وما وصل بهم انخداعهم بأئمة الكفر ، فكشف كل ضلالهم وطغيانهم وغيهم بما لا مجال لأحد أن يتريث بضلال وشدة ظلام أعدائهم ومن تبعهم إلى أخر الدهر .
و إن مجرد التدبر في كلماته النورانية وسيرته من غير احتياج لشرح وبيان نعرف إن أئمة الحق هو وآله الكرام ، وأنهم هم أصحاب نور الله وبيوته المرفوعة ، وإن شيعتهم كرام عند الله قد اقتبسوا نور الله منهم فحسنت ذواتهم وطابت وطهرت بهم وكانوا على الحق معهم ، ومتحلين بكل مجد إلهي وشرف رباني ظهر بالوجود ينير كل طالب لهدى الله ويحققه بنور نعيمه الخالد .
 كما نعرف إن كل من خرج عن منهج الإمام الحسين وسبيله كان قد خرج عن نور آله وجده السراج المنير وعن كل نور الله تعالى وهداه إلى الظلمات ، وكان في ظلام وضلال متراكم وإنه خسر الدنيا والآخرة على طول الزمان وفي كل مكان تواجد فيه دنيا أو برهوت وجحيم العدم .
فإليك يا طيب : هذه بعض الكلمات والمواقف النورانية للإمام الحسين عليه السلام : تدبرها لتعرف الحق وأهل ونور الله ومقره ومصدره فتتوجه له من الحسين وآله عليهم السلام ، وبكل وجودك وعن يقين وإيمان راسخ ، ولم تُخدع بأي شبه ولا شك ولا ظلمة لأئمة كفر ولا ضلال لأتباعهم ولا كل زينة الحياة الدنيا المحرمة ولا هوى نفس ظالم ولا وسوسة شيطان فاجرة فاسقة ، وذلك حين ترى نور الإمام الحسين الجلي والمشرق بهدى الله ، وإنه أسوة وقدوة ودرس حياة ونور لكل من يطلب المجد الإلهي والرضا الرباني والتفاني في الإخلاص له في كل حال .
فتدبرها : فإنها غرة هدى الله ودينه وتعاليمه التي لا تنسى ولا يمكن المرور عليها من غير معرفة وتدين بها ، والسلوك فيها منهج وسبيل وصراط مستقيم مقتدين بالإمام الحسين عليه السلام في كل زمان وحال وحين :





ثاني الذكر

الإمام الحسين يبين إنه ولي الله ورجل بيت الله المرفوع المنور

قال الإمام الحسين وهو يعظ الناس قبل الحرب ـ التي دارة بينه وبين أئمة الكفر وأتباعهم في يوم عاشر المحرم سنة 61 للهجرة ـ :

أيها الناس : اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما يحق لكم عليَّ ، وحتى أعذر عليكم .

فإن أعطيتموني النصف : كنتم بذلك أسعد ، وإن لم تعطوني النصف من أنفسكم ، فاجمعوا رأيكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ، ثم اقضوا إلي ولا تنظرون ، إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين  .

ثم حمد الله وأثنى عليه وذكر الله بما هو أهله ، وصلى على النبي وعلى ملائكته وعلى أنبيائه ، فلم يسمع متكلم قط قبله ولا بعده أبلغ منه في منطق .

ثم قال : أما بعد فانسبوني فانظروا من أنا .

 ثم راجعوا أنفسكم وعاتبوها ، فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي ؟

 ألست ابن نبيكم ؟

 وابن وصيه وابن عمه وأول مؤمن مصدق لرسول الله صلى الله عليه وآله بما جاء به من عند ربه ؟

 أو ليس حمزة سيد الشهداء عمي ؟

أو ليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي ؟

أولم يبلغكم ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لي ولأخي :

هذان سيدا شباب أهل الجنة .

 فان صدقتموني بما أقول وهو الحق ، والله ما تعمدت كذبا مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله .

 إن كذبتموني ؛ فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم ، اسألوا : جابر ابن عبد الله الأنصاري ، وأبا سعيد الخدري ، وسهل بن سعد الساعدي ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك ، يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلى الله عليه وآله لي ولأخي .

أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي ؟ 

فقال له شمر بن ذي الجوشن : ـ هو يعبد الله على حرف ـ إن كان يدري ما تقول .
فقال له حبيب بن مظاهر : والله إني لأراك تعبد الله على سبعين حرفا ، وأنا أشهد أنك صادق : ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك .

ثم قال لهم الحسين عليه السلام : فإن كنتم في شك من هذا أفتشكون أني ابن بنت نبيكم ؟

 فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ، ولا في غيركم .

ويحكم : أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ؟ أو مال لكم استهلكته ؟ أو بقصاص من جراحة ؟ 

فأخذوا لا يكلمونه .

 فنادى : يا شبث بن ربعي يا حجار بن أبجر يا قيس بن الأشعث يا يزيد بن الحارث ؛ ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار ، واخضر الجناب ، وإنما تقدم على جند لك مجند ؟

 فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ؟‍‍‍‍‍‍‍‍ ولكن انزل على حكم نبي عمك ، فإنهم لن يروك إلا ما تحب .

 فقال لهم الحسين عليه السلام : لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقر لكم إقرار العبيد .

ثم نادى : يا عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون ، وأعوذ بربي  وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب .

ثم إنه أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان بعقلها ، وأقبلوا يزحفون نحوه).

بيان : مات جابر بن عبد الله سنة 74 وشهد جنازته الحجاج والظاهر أنه بالكوفة وأبو سعيد الخدري سنة 64 - 74 وسهل بن سعد هو آخر من مات بالمدينة سنة إحدى وتسعين ، وزيد بن أرقم سنة 66 بالكوفة ، وأنس بن مالك آخر من مات بالبصرة سنة 71 وكان قاطنا بها ، الإرشاد ج2 ص97 ، بحار الأنوار ج41ب37ص5ـ7ح2.
أقول : هذا كلام الإمام الحسين عليه السلام : الحجة البالغة التي يجب على كل منصف أن يتدبره ليعرف أنه ركن عظيم من أركان نور الله تعالى ، وهو مصدر نور الله بعد جده وأبيه وأخيه وإنه رجل بيت الله المرفوع في زمانه والمشرق بنوره لكل طالب حق ومنصف وطيب .
فقد بيّن الإمام الحسين بيته المرفوع : وبيّن كل حجة تقنعهم وتوجب عليهم وجوب ترك غيهم وطغيانهم وضلال وظلام أئمة الكفر ، إذ ذكر لهم آله الكرام الطيبين الطاهرين أصحاب نور الله وبيته المرفوع وذكر تطهيره وتزكيته ، ثم خاطب فطرتهم الرافضة للظلم والعدوان والمحبة للخير والفضيلة .
 ولكنه لم يبقى شيء في وجودهم يسمى فطرة ونور ولا دين وإيمان ، فلذا أصروا على عدائهم لنوره لما تأصل فيهم من الغدر والخيانة وحب الدنيا من قبل بمتابعتهم لأئمة الكفر وأكل الحرام على موائدهم وما أطمعوهم به من الجاه والسلطة والمنصب والمال مما يشبع شهواتهم ووساوس الشيطان التي تزين لهم الغدر والخيانة والظلم والعدوان والطغيان على أئمة الحق وعدم قبول نور هدى الله المشرق من الحسين ، والذي يريدهم لعزة دين الله ومجد نعيم الله ويحسن كل خصلة فيهم ويجعلها تشع الخير والعدل والإحسان ، ولكنهم رفضوا إمام الحق فصار وجودهم ظلام في ظلام ، وأعشى نوره المشرق أبصارهم فطغوا حتى تمكن منهم الشيطان وأستحوذ عليهم فبقوا معاندين له مصرين على البقاء في الظلام وعدم قبول الخروج منه لنور الإمام عليه السلام الذي هو نور الله الصافي الخالص في عبوديته وتطبيق دينه والتحقق بكل نوره ونعيم الخالد في أعلى مراتبه .
والعجب لهؤلاء إذ الإمام عرفهم نوره وبيته المرفوع وهدى الله ودينه : وهم يقولون لا بل نسلمك لإمام الكفر يزيد أبن وحفيد أئمة الكفر والظلال والظلام ، وهم يدعون الإسلام والدين ولا أدري أي دين عندهم بقي ، وهذا من باب حسبان الظلام نور والنور ظلام ، ولذا قال عليه السلام في خطبة أخرى ستأتيك إنه قد أستحوذ عليكم الشيطان وغرتكم الدنيا فأطعتم أئمة الكفر والظلام ، وقال لهم هنا ولله لا أقر لكم إقرار العبيد وأخدع نفسي وأبيع لكم ديني ولا أطفئ نور الله الذي يشرق مني إلى أخر الدهر ليهدي كل طيب لنور الله ويعلهم التفاني في طاعته والتحقق بنوره الأبدي المجيد في كل نعيم وشرف وعزة.
وهيهات أن يصدر من إمام الحق والهدى هذا ، أو يذل نفسه وقد رفعه الله وجعله مصدر لنوره يشرق في كل حين ، فلذا تقدم عليه السلام معلم للكل البشر الإيثار والتضحية ووجوب الفداء في إعلاء ذكر الله والتحقق بنوره ليطيبوا ويطهروا ويرتفعوا في عالم النور والملكوت الأعلى الإلهي ونعيمه والسعادة الخالدة ورضا الله أكبر .
فتدبر كلام الإمام هذا والخطبة التالية : لتعرف حال كل من عاده على طول التأريخ لتراه إمام كفر أو تابع لإمام كفر ، وعملهم مهما كان يتستر به من ما يسمى عبادة أو معارف وتعليم أو خدمة الحرمين مكة المكرمة المدينة المنورة أو يتلوا القرآن ويقيم الصلاة والصيام فيهما ، فإنه لأنها ليس فيها نور الحسين الحق وآله وتعاليمهم الإلهية التي هي حقيقة ذكر الله تعالى ، فليس مرضية لله لأنه وفق دين أعداء أئمة الكفر وبيانهم وفكرهم وقياسهم واستحسانهم وكل ما يدعوهم له الشيطان ويوسوس لهم وما تمليهم عليهم شهواتهم ويخدم سلطانهم وملكهم وكل ما ينفع دنياهم .
لأنه أئمتهم وولاتهم والذين يمكنوهم من الإفتاء لا اعتناء بالدين وتعاليمه عندهم ، وهم يشربون الخمور ويأتون بالدفوف والرقاصين وكل منكر يعلموه بدون أي وازع ديني أو خوف من أحد ينهاهم أو يلومهم ، هذا في زمان بني أمية والذين يأخذون دينهم منهم ، بل حكامهم هم الآن كذلك أذناب الاستعمار وأئمة الكفر وهم يضعون مفتي الحرمين أو إمام جماعة في المساجد من يخدمهم ولا يثير الناس ضدهم ، ولابد أن يكون له طمع بدنياهم حتى يمكنه أن يخدمهم ، فهم حكام ووعاظ سلاطين وقضاة وحكام على منهج أئمة الكفر السابقين والذين هم من قبل أبتاع المنحرفين عن أئمة الحق وممن منع من ذكرهم ومعرفتهم ودينهم الحق المشرق بنور هدى الله .
 ولذا أولئك تمادوا في غيرهم على قتل إمام الحق ، وعدم قبول نوره المشرق بهدى الله الذي يعلمهم الخير والفضيلة والشرف الموافق لنور الفطرة الطاهرة ، والمحبة للكمال والعدل والطاعة لله صاحب النعمة العظمى والهدى الكريم الحكيم ، والمتقن لتعاليمه الخالصة في عبوديته وتطبيق دينه وهداه الحق بأئمة حق من آل محمد المشرقون بنوره ، والذي يعلمه الإمام الحسين عليه السلام بكل سبيل بين طغيان وضلال وظلام أعداءهم ، والآن هؤلاء مثلهم يمنعون من ذكره ومعرفته ولا يدينون بدينه ولا يأخذون بقوله ولا بتعاليم آله ، بل يأخذون تعليمهم ودينهم من أعداء أئمة الحق ، ويمجدون كل ناصب عداء لآل محمد عليهم السلام ، ورجع ما ذكرنا في صحيفة ذكر الإمام علي عليه السلام عبادة ترى مزيد من المعرفة في هذا المجال وبالخصوص المحاورة مع أحد الوهابية فيها .
فإن كل مَن كان سبيله في عداء نور الإمام الحسين عليه السلام فهو في ضلال على ضلال وظلام في ظلام متراكم لم يجعل الله له نور ، بل مكر وحيلة وخداع وغش وإن تسمى بأسماء النور دون حقيقته ، ومن لم يجعل الله له من نور فماله من نور ، فضلاً من أن يكون من الذين يمجدون أهل الشجرة الملعونة والغير مباركة ، والذي ينزل بأتباعه لأسفل سافلين .
 ويكون من أمثال أئمة الضلال ومن أتباعهم كل مَن رضي بفعلهم إلى أخر الدهر ، فضلا من أن يكون من الذين يدعون لدينهم ، ويعرف ضلالهم وظلامهم هدى ونور ويخدع الناس ويحرفهم عن هدى الله المشرق من أئمة الحق الحسين وآله الكرام ، والحسين عليه السلام عرفهم بكل سبيل ضلالهم وظلامهم وطغيانهم على الحق ، راجع كلماته النورانية على قصرها ترى فيها كلام فوق كلام المخلوق ودون كلام الخلاق ، لا يصدر إلا من إمام معصوم طهره الله وأختاره لدينه وجعله يشرق بهداه بكل حال لم يلهه ملهى عن تعليم دين الله والإ2شراق بنوره .
 


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام أو لفهرس مجلس آيات البيوت المرفوعة لهذا الموضوع



موقف وخطبة أخرى للإمام الحسين

يبيّن بيته المرفوع وخسة ودناءة أعداءه

في المناقب روى بإسناده : عن عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبد الله قال :

 لما عبأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسين بن علي عليهما السلام ورتبهم مراتبهم ، وأقام الرايات في مواضعها ، وعبأ أصحاب الميمنة والميسرة ، فقال لأصحاب القلب : اثبتوا ، وأحاطوا بالحسين من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة .

فخرج عليه السلام : حتى أتى الناس فأستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتى قال لهم : ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلي فتسمعوا قولي .

 وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد :

فمن أطاعني كان من المرشدين .

 ومن عصاني كان من المهلكين ، وكلكم عاص لأمري غير مستمع قولي .
فقد ملئت بطونكم من الحرام ، وطبع على قلوبكم .

 ويلكم ألا تنصتون ؟ ألا تسمعون ؟ 

فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم وقالوا : أنصتوا له .

فقام الحسين عليه السلام ثم قال : تبا لكم أيتها الجماعة وترحا ، أفحين استصرختمونا ولهين متحيرين فأصرختكم مؤدين مستعدين ، سللتم علينا سيفا في رقابنا ، وحششتم علينا نار الفتن خباها عدوكم وعدونا .

 فأصبحتم : إلبا على أوليائكم ويدا عليهم لأعدائكم ، بغير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، إلا الحرام من الدنيا أنالوكم ، وخسيس عيش طمعتم فيه ، من غير حدث كان منا ، ولا رأي تفيل لنا.

 فهلا - لكم الويلات - إذكرهتمونا وتركتمونا .
 تجهزتموها : والسيف لم يشهر ، والجاش طامن ، والرأي لم يستحصف ، ولكن أسرعتم علينا كطيرة الذباب ، وتداعيتم كتداعي الفراش .
 فقبحا لكم ، فإنما أنتم من طواغيت الأمة وشذاذ الأحزاب ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام .
 ومحرفي الكتاب ، ومطفئ السنن ، وقتلة أولاد الأنبياء ، ومبيري عترة الأوصياء .
 وملحقي العهار بالنسب ، ومؤذي المؤمنين ، وصراخ أئمة المستهزئين ، الذين جعلوا القرآن عضين .
وأنتم: ابن حرب وأشياعه تعتمدون ، وإيانا تخاذلون .
 أجل والله : الخذل فيكم معروف ، وشجت عليه عروقكم ، وتوارثته أصولكم وفروعكم ، وثبتت عليه قلوبكم ، وغشيت صدوركم.
 
 فكنتم : أخبث شيء سنخا للناصب ، واكلة للغاصب ، ألا لعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الإيمان بعد توكيدها ، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا فأنتم والله هم .

ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين القلة  (السلة ) والذلة ، وهيهات ما آخذ الدنية .

 أبى الله ذلك ورسوله ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وانوف حمية ، ونفوس أبيه .

 لا تؤثر مصارع اللئام على مصارع الكرام .

 ألا قد أعذرت وأنذرت .

 ألا إني زاحف بهذه الاسرة ، على قلة العتاد ، وخذلة الأصحاب ) .

تحف العقول ص 240 الملهوف ص 85 - 88 ، بحار الأنوار ج45ص83ب37ح10.
أقول : ما أعظمه من كلام نور ورشد وكله عضة ودرس ينبه كل طيب لما حل بالإسلام وأهله ، وكيف تغير المعروف منكر والمنكر معروف حتى يجتمع من يتسمى بالإسلام ويقودهم في الصلاة والصيام ويفتي لهم ويكون إمامهم ، ليطفئ نور الإسلام ويحسب أنه يحسن صنعاً ، وهذا حال من يطمع بالدنيا ويشتغل قلبه بها ، فبدل الكسب الحلال يطغى فيقتل أولاد الأنبياء وأصحاب البيوت المرفوعة.
فهل يعقل : أن يكون كل من مهد الحكم لبني أمية وأتباعهم وأوصل الناس لهذه الدناءة في عدم فهمه لوعظ الإمام ، والذي ينبهم لما حل بالإسلام وهداه ، وكيف تسلط الفسقة والطغاة ومعلمي الظلام والضلال وصاروا حكام على المسلمين ويعلموهم الدين ، ولا يتوجهوا لأئمة الحق وهم من أهل أهم بلاد إسلامية بعد المدينة المنورة ، بل حتى كان أغلبهم ممن كان فيها وأنتقل للكوفة .
 فكيف بالبلاد التي فتحها المسلمون بجيش أعده جد الحسين رسول الله وأبيه الذي كان ولي الأمر ، فغصبوا حقهم وسيروا الناس ووضعوا القادة والولاة يعرفون دينهم ولم يكن يعرفون الحسين ودينه وهداه ، وعلم الحكام الغاصبين لخلافة رسول رب العالمين كل ما يحلوا لهم ويمكنهم في حكمهم ، بل لم يسمعوا بجهاد الحسين ودينه ولا بأبيه وفضله ولا بآيات الإمامة فيهم ولا سيرة رسول الله معهم ، وكيف إن الله تعالى أتقن هداه ودينه بالحسين وآله آل البيت المرفوع بذكر الله والمشرق بنوره هداه  .
وإن الله تعالى لم يهمل العباد لكل طاغية وظالم وفاسق وفاجر يصلي بهم ويفتي لهم ويعلمهم دينه الطاهر وهداه الكريم الشريف الذي فيه كل العدل والإحسان والكرامة والمجد العبودي المخلص له بأصفى تعاليمه وهداه ، ولكن عرفت في الباب الأول حكمة الله وأنه أعطاه الناس العقل في تتبع معرفة نوره الموافق للفطرة وهداه الذي جعله عند أئمة الحق والهدى من آل محمد ، وإنه طلب منهم البرهان والدليل ليعرف كل طالب له بحق وبالصدق ومن محل النور الخالص من هداه حتى يطيعه ويتعبد له به .
 وذلك لأن الإسلام دين العلم والهدى والمعارف الراقية لأفضل عباده وخلقه ، والذي يجعلهم في أعلى نور من ملكوته وعزه ومجده وتشريفه ونعيمه الطاهر مع الحور والقصور والملك الخالد ، وهذا مخصوص لمن يخلص في طلب الله ويجد في التحقق بنوره من الأطهار الأطايب الحسين وآله محمد وعلي وفاطمة والحسن والأئمة منهم المطهرون المصطفون لله لتعليم هداه ودينه الحق ، لا لكل ناعق بدين كل طاغية وفاجر وولي شيطان وتابع لهوى نفس وإمام كفر أو تابع له لعرف مكره ورأيه دين ويخدع الناس بكل حيلة ليثبت سلطانه .
 فالله تعالى الحكيم العليم لم يهمل دينه ولا عباده بعد الرسول الكريم ، بل عرّف محل نور هداه في كثير من آيات الإمامة والولاية فضلا عن آيات النور والبيوت المرفوعة ، بل كل سيرة وتصرف للنبي مع آله يعرفنا بها أنهم هم أئمة الحق ، وهكذا يعرفنا سلوك ومنهج أئمة الحق أنهم نور الله وهداه المشرق ، فالله الذي اختارهم جعلهم يشرقون بنور هداه مخلصين له الدين في كل حال لهم ، وذلك لأنهم لم يلههم مله عن تعليم دين الله وهداه ، وليس في تصرفهم لا ضلال ولا ظلام ولا كذب ولا خداع ، تدبر كلام أبا عبد الله الحسين تعرف صدقه وهداه ودينه الذي فيه كل روح دين الله وهداه ونوره ، وكل ما تطلبه الفطرة الطاهرة من المجد والكمال والشرف والنور ، لتتحلى به فتخلص العبودية والطاعة لله كسيدها الحسين وآله وجده الكريم .
 

فمن يتبع النواصب وكل معادي للحسين وآله ويأخذ دينه منهم : من أين جاءه نور الله وهداه وتعاليمه الصادقة الصافية الخالصة الموصلة لنعيم نوره ودينه حتى يتوجه به لله تعالى ؟

 ومن أين يوجد فيه نور الإسلام فضلاً عن أن يكون مشرق به وإمام حق ومن بيت مرفوع وهو محارب لأئمة الحق والهدى بكل وجوده المظلم ويمنع من ذكرهم ومعرفتهم ؟
هذا والإمام الحسين عليه السلام : بيّن طهارته وطهارة بيته المرفوع ونوره عليه السلام ونور المقتدين به ، وإنه لم يخنع ويذل لإمام الكفر وأتباعه وظلمهم وضلالهم وظلامهم ، وما ركزوا عليه من لؤم في سلة السيوف أو البيعة لإمام الكفر .
وهذا إمام الحق الحسين عليه السلام : لم يثنيه قلة الناصر من أجل الإشراق بنور الله وتعليم الشرف والغيرة على الدين ، وتعليم هدى الله والإخلاص في طاعته وعبوديته ، والكون في نور رضاه وملكوت نعيمه الخالد وعزه الأبدي .
وبهذا أشرق نور الإمام الحسين : بفضل الله وحكمته في إتقان دينه درس وموعظته وفدائه الذي سقى الدنيا وكل من يفارقها لطلب رضى الله ونعيمه الأبدي ، روح الحياة ونور الوجود الدائم بإذن الله ، وبفضله عليه وعلى كل من عرفه وآمن بمنهجه وسلك سبيله فاقتدى به يتعلم منه نور هدى الله ورضاه .
وهذا هو الإمام الحسين عليه السلام : في كلام حق وبيان صادق يؤيده كل تعاليم الدين والله ورسوله ، والفطرة وكل شريف يطلب رضى الله ونوره ، ولذا كان عليه السلام لكل البشر على طول الزمان قدوة وأسوه وإمام هدى يُعرفهم الحق وأهله والظلام وأهله ، وينور وجود كل طالب لله ولتعاليمه ودينه ، فيعلمه من أين يجب على الإنسان المؤمن أن يعرف الله بحق المعرفة المرضية له ، ويتوجه لأخذ نور الله وهداه منه ومن آله الكرام الطيبون الطاهرون المكرمون عند الله بالإشراق بنور دينه والإخلاص له والتفاني في طاعته .
هذه كلمات للإمام الحسين : جلية واضحة نيره يصدقها الوجدان ويذعن لها نور الفطرة وينصرها كل منصف يطلب الحق ونور الله ليهتدي به ، فيعرف أنه لا نور ولا بيت مرفوع في الدنيا إلا نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وحتى أعداءهم حين قتلهم وحرمان الناس منهم مذعنون بأنهم على باطل قد اظلم وجودهم وإنهم ممن خسر الدنيا والآخرة .
وهذا حال من يظلم وجوده لطمعه بالدنيا وخنوعه لأئمة الكفر : فإنه يعلم إن الحق لنبينا وآله الكرام ، ولكن يحاول أن يمكر بنفسه ويخدعها من أجل حطام الدنيا وزينتها ، فينصر فسق وفجور وطغيان أئمة الكفر ويكون من أتباعهم ، والعياذ بالله من هذا الامتحان الإلهي والاختبار الرباني الذي يجعل الإنسان في عين تحركه وفكر وعمله وسعيه من أجل طلب السعادة والراحة والجهاد ، يكون في أضل أحواله وأبعد شيء عن نور الله وهداه ، ويُنكس نفسه بفكره وعمله في الظلام والضلال ونار جهنم والذل والهوان الأبدي .
وكلام الإمام الحسين عليه السلام : بيّن وجلي واضح وفيه معارف قيمة يؤيدها التأريخ وكل من ذكر الإمام الحسين عليه السلام وحال أعداءه ، فلا أطيل عليك راجعه وتدبره تعرف الحق وآهل بيقين إلى آخر الدهر ، وتكون معهم في الدنيا والآخرة منهج حياة ودين وارتقاء في رضا رب العالمين ، ونور السعادة الأبدية الخالدة من غير ظلام وضلال ، لأنه طريق سالك لله ومنهج خالص لله وسبيل صافي في طاعة الله وعبوديته .


إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام أو لفهرس مجلس آيات البيوت المرفوعة لهذا الموضوع



الذكر الرابع

الإمام الحسين بين من هجره وأقر لنوره فزاره

وفيه مواطن إشراق بنور الذكر :



أول الذكر : الإمام الحسين عليه السلام يبين حال أهل الدنيا وتجارتها  :

الإمام الحسين عليه السلام : مجرد ذكره لكل عارف بالإسلام وأهله ، يعرف أنه معلم الشرف والمجد والفضيلة الإلهية ، ويسقي النور الإلهي ورحيق الحياة ، لكل طالب لله ودينه وعبوديته الخالصة ، والصافية المنهل لكل طالب لتعاليمه وما يوصل لرضاه ونعيمه التام الخالد الأبدي .
ولذا عليه السلام : يعرفنا إن الدنيا لم تكن هي الغاية وإنما رضى الله والعمل بالمعروف والنهي عن المنكر هو غاية الحياة الدنيا لأنه به يقام دين الله وعبوديته الخالصة ، وهو الذي يعطي رضى الله ودينه وهداه ويشرق بنوره ، فلذا عرفت في الكلام السابق قدم كل وجوده وآله من أجل تعريف دين الله ونصر هداه ، فكرمه الله تعالى الإشراق بنوره لكل طالب له ، فجعل له طيبون يقرون لمنهجه ويسلمون لهداه وبه يطلبون رضى الله منه .
وهذا أمامك نور ذكر نعرفه بكلام الإمام ، والذي يشرح لنا حال ذلك الزمان بل كل زمان تسلط به الظلمة وأئمة الكفر وأتباعهم ، وكيف تغيرت الدنيا في حال المنكر ، وكيف صب الإمام وجوده فيها نور ليعلم هدى الله .
وفي ثاني الذكر نذكر لك يا طيب ما نزور به الإمام وكيف يقر له المؤمنون المخلصون في قبول إمامته والرضى بما يشرق عليهم من نور الله ، فيقتدوا به بكل وجودهم ليتحققوا بهداه ويحصلوا على نور دينه ، فيتفانوا مثله في تطبيق دين الله وقبول الحق منه بكل وجودهم حتى يتحققوا به ويشرقوا به مثل ولي دينهم وإمامهم .
ويكون هذا الذكر هو قبس من صباح الهدى وسفينة نجاة حسينية تعلمنا هدف الحياة السامي ، والذي ظهر مشرق نوره بثورة الإمام الحسين وفداءه وكل قول له وعمل وأثر باقي له من وجوده الكريم في الدنيا ، نتعلم منهم ونقدي به ونقف أمامه بإعجاب طاعة لله ولرسوله بحب أولياء دينه أئمة الحق الصافي والإقرار لهم بالولاية والإمامة وأخذهم قدوة وأسوة بكل وجودنا ، فنهتدي بهم لخالص العبودية لله وحده لا شريك له بكل ما أمرنا ونورنا بهداه المشرق من الحسين وآله أئمة الحق والهدى .
 فأستمع للإمام الحسين يعرفنا الدنيا وكيف يجب أن نصب وجودنا في تعريف دينه الحق ونوره الموصل لرضا الله ، وللمجد والشرف عنده ، ويحققنا بخالص عبودية ونور نعمته ، ثم تدبر ثاني ذكر من أولياءه في زيارته ما يقولون :

قال الإمام الحسين عليه السلام :

( إن هذه الدنيا :  قد تغيرت وتنكرت ، وأدبر معروفها ، فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل  .
 ألا ترون أن الحق لا يعمل به .
 وأن الباطل لا يُنتهى  عنه .

  ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً .

 فإني لا أرى الموت إلا الحياة ، ولا الحياة مع الظالمين إلا برما .

 إن الناس : عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم . يحوطونه ما درت معايشهم .  فإذا محصوا بالبلاء  قل الديانون  ) . 

التحف ص 245 ، بحار الأنوار ج78ص116ب20ح2.

أقول : هذا كلام طيب وطاهر ينورنا به الإمام الحسين :

ويبين لنا بل يرينا فيه أئمة الكفر وأتباعهم وأتباع أتباعهم على طول الدهر ، ويجب علينا هجرهم وحربهم وبيان ضلالهم وظلامهم بكل جد واجتهاد وتوعية الناس بكل ما يمكن لنا من طاقة ، بل بعض الأحيان يجب على الإنسان أن يتجاوز عن كل شيء كالإمام الحسين ويقدم لإصلاح الأمة ويُعرف هدى الله ودينه الحق ، ولكن بشرط أن يتعلم شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكيف يجب أن يعمل ويعلم ما يرضي الله وعلى منهج الحسين وآله الذي فيه رضى الله تعالى كما عرفته بأن نوره وهداه سبحانه ويؤخذ من الحسين وآله .
وبمثل هذه الكلمات الطيبة للإمام الحسين وآله الكرام نعرفهم بأنهم لم يلههم البيع والشراء المحلل مع الله وعباده وتعليمهم دينه وهده ، وفي كل أحوالهم وهذا موقف أبو الأحرار الإمام الحسين في مقارعة الظلم والعدوان والطغيان والمعصية والجور والفسق والفجور ودفاعه عن هدى رب العالمين ، ولهذا نرى بسيرة أعداء منهج الإمام الحسين عليه السلام أئمة الكفر من بني أمية وأمثالهم وأتباعهم في كل زمان ومكان كانوا حتى في صلاتهم وصومهم ، هم في ظلام وضلال ومنكر يخدعون به الناس ولهو عن ذكر الله في كل أحوالهم .
وهذا ما عرفنا الله به لرجال البيت المرفوع بذكره والمشرق لنوره ، وصدقه الإمام الحسين بقوله وسيرته وسلوكه وعلمه وعمله ، وبه نرى فيه إن الإمام الحسين لم يلهه شيء عن ذكر الله وبيعه نفسه من أجل إصلاح ما أفسده أئمة الكفر وأتباعهم ولو بتقديم نفسه وكل آله من أجل الله ونشر نوره ، وقد جزاه الله بأن جعل نوره أول ما يشرق ليبين النور الحق الصادق الواقعي له ولآله الكرام آل النور والبيوت المرفوعة المشرق منه ومن كل مجالس ذكره ، ليدل الناس على نور الله كله عند آل النبي الكريم وسيدهم نبي الرحمة وكل ما أنزل عليه من نور القرآن الكريم وتعاليمه ، وبهذا يعرفه المؤمنون ويزوره بكل وجودهم ، فأقرأ الذكر الآتي من زيارة الإمام وسلم عليه وقر له بما فضله الله من نشر نوره وهداه ، وأطع الله بدينه وكل ما علمه من أجل الإخلاص في عبودية الله والحصول على رضاه وكل مجد وشرف وخير وفضيلة .



ثاني الذكر :
زيارة وارث تبين بيت الإمام الحسين المرفوع ونوره المشرق :

وبعد الذي عرفت من معنى النور والبيوت المرفوعة ، اعتقد عرفت كل ما يزار به الإمام الحسين عليه السلام ، وما يُشَهد له في زياراته الكريمة والإقرار له بأنه من رجال بيوت النور المرفوعة ، والذين ورثهم  الله الكتاب والحكمة من آدم أول الأنبياء إلى جدهم إبراهيم أبو الأنبياء إلى جده خاتم الأنبياء وأبيه سيد الأوصياء وأمه سيدة النساء وهو وأخيه سيدي شباب أهل الجنة ، وقد خص بكونه سيد الشهداء .
 وبهذا اليقين الحق نطيع الله تعالى في اقتباس نوره من مصدر إشراقه ، مقرين لهداه المحكم بكل وجودنا ، وندين له بهذا اليقين حتى يجعلنا معهم وعلى منهجهم وصراطهم المستقيم في كل مراتب الوجود ، نور في أنفسنا : علمنا وعملنا وكل صفاتنا وفي كل ما يحبط بنا من نعيم الملكوت ورضاه الأكبر إن شاء الله إنه ولي حميد ، وأين لأعداء الإمام الحسين هذا اليقين بأئمة دينهم وأئمة ضلالهم وظلامهم الذين أبعدوهم عن الحسين ودينه وهداه .
فأنظر يا طيب : كيف نزوره عليه السلام بخصوص كونه نور الذكر الإلهي في كل أحواله ، ومخلص الطاعة لله تعالى ومعلم وناشر لها مخلص بنور هداه لا ضلال ولا جهل في معارفه ، فنثني عليه لكونه تأصل بهذا النور المرفوع في النسب الوجودي الذكري لله ، وإنه مصداق حقيقي لطاعة الله وعن تفاني والإخلاص في كل أحواله وبكل ما يريد الله منه ، فنذعن ونوقن أنه عليه السلام وآله الكرام نور الله المشرق ، فنقتبس منهم نور الله  عليه السلام عن يقين وإيمان برضا الله والوصول لما يحب من الطاعة والعبودية له .
 ونذكر له هذه المناقب المذكور في زيارته وألقاب الشرف والكرامة والمجد ، لنتعرف على نور الله فيه وفي آله بكل يقين ونحن صادقين ، ونقر له ونجدد العهد معه ونُذكر أنفسنا لتطمئن بمعرفة النور العلمي والعملي الإلهي المشرق من الحسين وآله ، وظهوره منه عليه السلام مشرق جلي ومنير واضح ، فنعترف له بكونه عليه السلام هو نور الله الساري في الأصلاب الشامخة كما نعترف له عليه السلام في نور الوجود ، ونور في العلم ونور في العمل ومشرق بكل طاعة لله بإخلاص ، ولم يخالطه ظلام وجهل من كل ما هو موجود في زينة الحياة الدنيا ، فضلاً عن ضلال أئمة الكفر وأتباعهم .
وهذا قسم من زيارة وارث بين يديك يا ناصر الحسين ، فتدبره لتعرف البيت المرفوع بالنور للحسين وآل الحسين في كل سلسلة وجوده في آله الكرام ، ولكل من يلتحق به وينتسب له ، فنقول :

( اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوح نَبِيِّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إِبْراهيمَ خَليلِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَليمِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللهِ .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّد حَبيبِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ أميرِ الْمُؤْمِنينَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ مُحَمَّد الْمُصْطَفى ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ عَلِيِّ الْمُرْتَضى ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ خَديجَةَ الْكُبْرى .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ اللهِ وَابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ الْمَوْتُورَ .

 اَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَأَطَعْتَ اللهَ وَرَسُولَهُ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ .

 فَلَعَنَ اللهُ : أُمَّةً قَتَلَتْكَ ، وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ .

 وَلَعَنَ اللهُ : أُمَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ .

 يا مَوْلايَ يا أبا عَبْدِ اللهِ :

 اَشْهَدُ اَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الأَْصْلابِ الشّامِخَةِ ، وَالاَْرْحامِ الْمُطَهَّرَةِ ، لَمْ تُنَجِّسْكَ الْجاهِلِيَّةُ بِاَنْجاسِها ، وَلَمْ تُلْبِسْكَ مِنْ مُدْلَهِمّاتِ ثِيابِها .

وَاَشْهَدُ اَنَّكَ مِنْ دَعائِمِ الدّين ِ، وَأَرْكانِ الْمُؤْمِنينَ .

وَاَشْهَدُ اَنَّكَ الإمامُ الْبَرُّ التَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الْهادِي الْمَهْدِىُّ .

وَاَشْهَدُ اَنَّ الاَْئِّمَةَ مِنْ وُلْدِكَ كَلِمَةُ التَّقْوى ، وَأَعْلامُ الْهُدى ، وَالْعُروَةُ الْوُثْقى ، وَالْحُجَّةُ عَلى أهْلِ الدُّنْيا .

وَاُشْهِدُ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأنْبِياءَهُ وَرُسُلَهُ إَنّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ ، وَبِإِيابِكُمْ مُوقِنٌ ،  بِشَرائـِعِ ديني وَخَواتيمِ عَمَلي .

وَقَلْبي لِقَلْبِكُمْ سِلْمٌ وَأَمْري لأمْرِكُمْ مُتَّبِـعٌ .

صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَعَلى أَرْواحِكُمْ وَعَلى أجْسادِكُمْ وَعَلى أجْسامِكُمْ .

وَ عَلى شاهِدِكُمْ وَعَلى غائِبِكُمْ وَعَلى ظاهِرِكُمْ وَعَلى باطِنِكُمْ ) .

يا إلهي : أشهد بهذه الشهادات بكل يقين وأدين بها لك فاصدقني النية فيها وحققني بها في كل وجود علمي وعملي وصفاتي وسلوك وكل أحوالي ، وحاسبني عليها حتى تجعلين مع سيد ومولى الحسين نحف بجده سيد المرسلين ، في نعيمك التام ورضاك الأكبر .
فيا ربي هذا إيماني واعتقادي بسيدي ومولاي وإمامي الحسين عليه السلام ولي دينك وهداك ، والمشرق بنور تعليمك ومعارفك كآله الكرام ، وأنها حق له ولي يقين وإيمان راسخ في علو مقامه ورفيع درجته في كل مراتب الوجود والهدى الإلهي ونعيمه عندك .
ولهذا يا ربي أدعو وأبين وأرجو أن يشهد بهذا كل مؤمن ومن يقرأها وكل ومنصف وطالب بحق رضاك وعن معرفة بمحل نورك وهداك ، وما يجب به الإخلاص في طاعتك وعبوديتك ، فيقر ويذعن بها بكل وجوده من يطلب الحق وكل إنسان طيب وفيه قليل من نور الفطرة ومعرفة الله والدين وتأريخه .
وأشهد عن دليل محكم وإيمان راسخ ويقين : بأن الحسين وآله الكرام أئمة الحق وإنهم هم المصداق الواقعي لهذه الشهادات كلها ، سواء في معنى بيته المرفوع في كل سلسلة الأنبياء ، أو في جهاده وعمله الصالح ، أو في معرفة أن نوره يسري في كل من نصره وعرف حقه واقتدى به وتأسى في الإخلاص للعبودية لله تعالى .
فحقاً بأمر الله بوجوب إطاعة ولاة أمره ودينه كان لإمام النور علينا : وعلى كل حر وطيب ويريد رضا الله أن يزوره بهذه الزيارة ، ونسأل الله أن يجعلنا من مواليه وأتباعه وأنصار وناشري نوره حتى نكون معه في الاعتقاد والدين والعمل ومعه في الدنيا والآخرة .
نعم أئمة الحق والهدى والنور يزارون : في كل حين وأين ما كانت بقاع مراقدهم الطيبة ، وسواء في ذلك في حياتهم ومماتهم ، فإنها بيوت مرفوعة يشرق منها نور الله ورجالها أحياء عند ربهم يرزقون يشهدون المقام ويسمعون الكلام ، ويردون الجواب ، ويجذبون بنور الله المشرق منهم كل من يتوجه إليهم ويقترب منهم عليهم الصلاة والسلام فيكسوه نور الله بل يتحقق به نور الله تعالى ، ويعلموه محل دينه وهداه حتى يخلص له بكل وجوده مثلهم وبدينهم لا ظلام في ولا ضلال .
فإن الكرام وآهل النور والأشراف وأصحاب البيوت المرفوعة عند الله في الدنيا والآخرة : نزورهم ونعدد مناقبهم ومآثرهم ونذكر علو درجتهم ونثني عليهم ، ونشهد لهم أنهم مشرقون بتعاليم الصلاة والصيام والزكاة وكل طاعة لنقتدي بهم ونتعلم منهم ونكتسب منهم كل معرفة توصل لرضا الله والفوز عندهم ، وبهذا نطلب منهم أن يجعلنا من حزبهم لأن حزب الله هم الغالبون .
وأما أئمة الكفر والظلام والضلال : يلعنون بدل أن يزارون ويتبرأ من أعمالهم كلها أحياء وأموات ، ويبتعد عنهم وعن كل ما ارتكبوا من فسق وفجور ، ويُنفر منهم ومن كل ظلم وجور وعدوان ومكر وحيلة وخداع وغش وعن كل ما يبعد عن طاعة الله ورضوانه ، فإنهم ليس كرام ولا أمجاد ولا عندهم فضيلة ، بل كانوا أهل لؤم ونذالة وخسة وذل ومعصية .
فلذا ترى أنصار وشيعة آل محمد عليهم السلام : يقصدون الإمام الحسين وأئمة الحق لآل الحسين ، وجده سيد البشر وأكرمهم عند الله ومصدر نوره وهداه ، ويزوروهم ويعددون مناقبهم ويثنون عليهم ويقتبسون من تعاليمهم نور الله والإخلاص في طاعته ويلعنون أعدائهم على طول الزمان وفي كل مكان تواجدوا به .
ولذا ترى أئمة الكفر وأتباعهم حرموا زيارة القبور التي لهم : وهم بأنفسهم حرموا زيارتهم ومنعوا الناس من الاقتراب منهم وطلب شيء منهم يقربهم به  لله ، لأنهم لا منقبة لهم لكي يثنون عليهم ويمدحونهم بها ، ويكون ذكر أعمالهم خزي وفضيحة لهم ولمن يقتدي به ، وتشهير بهم وبيان لنذالتهم وخستهم وابتعادهم عن الله تعالى ، وفضيحة لأعمالهم وفسقهم وفجورهم .
وبهذا تعرف ما ذكرنا سابقاً في الباب الأول : من أن عز المجتمعات والأقوام والأفراد ومجدهم بالإقتداء وبالإتباع لأئمة الحق والهدى المشرقون بنور الله ، وإن أهل الدنيا في ذل وخسة لإتباعهم ولإقتدائهم بأئمة الكفر والظلام .
 وبهذا تعرف شرف وكرامة وعلو مقام شيعة آل محمد وأنصارهم والمقتدين بأئمة الحق والهدى من آل محمد عليهم الصلاة والسلام في أي حالة كانوا ، مادام منهجهم سبيل الحسين وآله .
 وإن الذل والخسة لأتباع بني أمية وأئمة الكفر من الوهابية وغيرهم ممن يقتدي بهم ويتبعهم ويسير في ظلامهم إلى الأبد ، لأنهم ليس في منهج الله وهداه الحق يسلكون ، بل في ظلمات متراكبة يسيرون ويدافعون عن الضلال الذي ظهر به أعداء آل محمد بل أعداء الله ورسوله ودينه ونور هداه .
وتدبر البيان الآتي : لتعرف معنى زيارة الإمام الحسين عليه السلام ، وطلب الصلاة عليه التي هي تزكية لنا وطيب وطهارة وتوفيق من الله لكي نتحقق بنوره المشرق من نبي الرحمة وآله الكرام ونحصل عليه بالكمال والتمام ، وإذا أحببت المزيد من معرفة معنى الزيارة ومفرداتها وأهدافها فراجع ما كتبنا في صحيفة الزيارة ، أو راجع ما كتبنا في صحيفة شرح الأسماء الحسنى الإلهية وبالخصوص الأسماء الكريمة الحسنى الوتر والوارث والوفي والوكيل وغيرها فقد بينا معاني شريفة في معرفة تجلي الله على آل البيت بكل كرامة ظهرت منه للوجود ، وكان لهم أجمل تجلي وظهور للأسماء الحسنى فكانوا مظهر لها تام بأجمل معنى حتى لا يكون مخلوق أشرف منهم في تحصيل فيضها وتجليها .
 وهكذا يكون معهم ومنهم في تحصيل كرامة الله وتجلي بره وفضله على عباده المخلصين له بدين أولياءه أئمة الحق الحسين وآله ، والذين هم مظهر مشرق تام لنور جدهم الكريم صلى الله عليه وآل وسلم مصباح الهدى الإلهي وصاحب النعمة الكبرى ، وآله وشيعتهم وكل من يقتبس منهم يحف بهم في الدين والنعيم والمجد والعز والفضيلة وكل كرامة وشرف من الله خص به عباده المؤمنين كما عرفت .
ونسأل الله أن يمن علينا بصدق النية والإخلاص في السعي الجدي لتعلم هدى الحسين واقتباس نوره دين في كل وجودنا ، ونطبقه صافي من كل ظلام وضلال لأعدائه ، ونكون مثله نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، ونعرف الدين ونشرق بهدى رب العالمين الخالص والذي نتعلمه من الحسين ومن آله الكرام ، حتى يرضى عنا ويجعلنا معهم في الدنيا والآخرة ، إنه أرحم الراحمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين .
 

الهي بالحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والمعصومين من بنيه اجعلني وكل ناشر لهداهم وقراءه ومطبقيه من الموالين والمحبين لهم بحق ومن أصحابهم وأنصارهم الطيبين الخيرين الطاهرين ومحققين بكل نور هدى ونعيم خصصتهم به إنك أرحم الراحمين
أخوكم في نور الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين

إلى أعلى مقام لهذه الصفحة نورك الله بنور الإمام وآله الكرام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله  من أئمة الظلام