هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام الحسين عليه السلام/
 الجزء الأول: نور الإمام الحسين سر تمجيده والانتساب إليه
الباب الرابع
آيات وروايات تعرفنا مدد نور الله للعقول بعلوم الهدى والحلال الحق والظلام لأهل الضلال والحرام الباطل

 

للباب مصباح هدى : ينورنا بنص آيات كريمة من كتاب الله القرآن المجيد ، فتشرق علينا معرفة عظيمة وترينا حتى اليقين بأن الدين الإسلامي نور رحمة بكل تعاليم هداه المشرق من أئمة الحق وبكل حال لهم ، ومعرفة تُبعدنا عن ظلمات الحرام وضلال من تعصى عليه ورفضه فأرتكب الحرام وحارب أهله ، وسفينة نجاة : فيها مجالس لأذكار تشرح تنور عقولنا بعلوم أنوار الهدى التي تقام بها عبودية رب النور عز وجل ، وتحذرنا مكر أئمته الظلام والضلال عن نور الهدى.

 

نور: لذكر حقائق الإيمان وهداه المشرق من أئمة الحق:

يا طيب : إن الله سبحانه وتعالى هو النور ورب النور ونور السماوات والأرض وكل شيء مشرق بنوره ، وحقيقة وجودية لتجلي فيض كماله ، ولكل شيء شأنه واستعداده وطاقته لتحمل ولتقبل النور المشرق من ساطع نوره سبحانه ، فكان أول خلقه الظاهر بنوره والمخلوق بتجليه عز شأنه ، هو اشد الوجود وأقواه لتحمل نور الحق حتى صار هو المشرق على ما يأتيه من المراتب في الوجود وهداه ، بل حتى تكثر فكان عرش لعقل بسيط الوجود وعوالم جبروت وملائكة كروبيين ومقربين ، ثم نزل يفيض بما أمده عز شأنه من النور حتى صار في عوالم الملكوت كرسي لعوالم الأرواح، وهكذا تكثر حتى دخل عوالم الشهادة والدنيا فصار سماوات وأرض وكائنات لا يمكن أن يحيط العقل بسعة وجودها ولا بكثرة كائناتها ، مع صغر العالم الأدنى وضآلة وجوده بالنسبة لعالم أعلى .

ونحن بني الإنسان في هذا العالم وجدنا بنور الفطرة لنترقى ونتكامل ونرجع لعالم الملكوت فنكون أرواح متنورة لها من السعة جنة تحيط بها ومملكة لها عرضها السماوات والأرض ، فيها الحور والقصور وفقير بالنسبة لها أغنى أغنياء هذا العالم ، بل كله بجماله وكماله فقير بالنسبة لمملكة مؤمن في ذلك العالم الرفيع للروح الطيبة بهدى رب العالمين ، وبعبوديته المحققة بالنور في عالم الكرامة والمجد والعز والشرف وبالفرح والسرور وبرضا الله الأكبر ومع أكرم خلقه.

ولما كان البحث التكويني شديد لا طاقة لنا به ولا قدرة لنا لتحمله حتى ندخل به قبل التهيئة وإقامة العدة ، أجلنا البحث به لآخر الجزء الثالث من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام هذه ، حتى نستعد بمعارفه ونتكامل بنور هداه حتى ندخل به بإيمان مفعم باليقين ، وكلنا أمل ورجاء للكون فيه محققين ، وخوف التقصير من عدم الجد والاجتهاد في تأدية ما له من الحق للكون فيه.

ولذا يا طيب : بنور الإيمان بالله وملائكة وهداه من المشرقين به على طول التأريخ ، وبالخصوص السراج المنير نبي الرحمة وخاتم المرسلين وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، وبكل ما ظهروا به من نور دين الله سبحانه وتعالى ، وبالخصوص بما يُذكرنا به في كل مكان وحين أبا عبد الله الحسين عليه السلام ، وما يجذبنا إليه بأنوار معارف مصباح هداه وبما ينجينا من الظلمات بسفينة نجاته ، نتحقق بنور الله تعالى المشرق منه ومن آله الكرام هدى ودين ومن كل معارفهم وعلومهم وعملهم وسيرتهم صلى الله عليهم وسلم .

وهنا يا أخي في الإيمان : في هذا الباب بحث لمعارف التحقق بالإيمان لأنه هو نور من رحمة الله لنفس وجود الإنسان وحقيقته الموجودة بنور الفطرة ، وهو مدد نور رحمة لنفسه ولروح تكوينه وما فطر عليه من طلب نور الحق والهدى ، وبالخصوص بأعلى مراتب وجود الإنسان وروحه الذي أكرمه عز2 شأنه بمرتبة نور العقل الطالب للنور ، والمُستقبل لنور الله عند صفائه من الظلمات وعدم عماه بطلب الباطل وزخارف الدنيا وشهوات النفس المزخرفة بالنور والتي وشحت بضيائه في الدنيا . فيتحقق بمدد النور من مصدر إشراقه الحق دون تجاهل له ولا ضلال عنه أو هجره لمدن الظلام الضيقة ، فمن ينجح بطلب نور رحمة الحق وهداه وهجر ظلام الباطل والضلال ، كان طالبا ومحققا بكرامة الله سبحانه وتعالى ومجده وعبوديته بما يحب ويرضى وشاكرا لأنعمه التي لا تحصى .

ولذا سنتنور هنا نور علم : يعطينا حقائق معارف عظيمة نتيقن بها بأن نفس وجودنا نور ، وإنه يتكامل بما يحصل عليه من النور الحق حين توجهنا إليه وطلبه صافي بجد واجتهاد ، وبشرط دون تفريط به أو التواني في التحقق به والظهور به الموجب لعدم النور فينا وفقدانه والعياذ بالله ، فيظلم الوجود التارك لنور الإيمان بالله وهداه من مصدر إشراقه الذي كرمه الله بالظهور به ليتحقق العباد بالنور، فيكون ولي ومتولي لأئمة الظلال فيخرج من النور بدل الكون فيه .

ففي هذا الباب يا منور بالإيمان : نذكر نصوص من نور القرآن المجيد والأحاديث الشريفة تحدثنا عن النور النازل في الأرض وآله المشرقون به بإذن الله ومدد رحمته المنـزلة نور في كل وجود ولكماله ، وبه نعرف بأن : الإيمان نور ، والإسلام نور ، والدين نور ، والطاعة نور ، والعبادة نور ، والتولي لأولياء الله تعالى وحبهم نور ، والتبري من أعداء الله وبغضهم نور ، وإن كل هدى الله نور بأي شيء أمر به الله سبحانه وتعالى فهو نور ، فإن ذكره نور ، ومناجاته بالدعاء نور ، والصلاة نور ، والصوم نور ، والحج نور ، والصدقة والزكاة والنفقة في سبيل الله نور ، والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نور ، والأخلاق وكل حلال الله نور ، وكل شيء في طاعة الله يتحقق به الإنسان بكل عمره نور ، وإما يكوّن نفس وجوده وفرحه وحبوره وسروره أو مما يحيط به المكون لمملكته التي تسع السماوات والأرض وسكانها الطيب الطاهر بالحسان.

كما ونعرف بالتبع : بأن كل تعصي لتقبل نور الله ظلام لأن الإنسان يحتاج بكل حين لنور الله ومدده حتى يبقى نور ، ولذا كان لمن يريد إشراق نور الله الدائم عليه ليبقى بالنور ويشتد أن يكون مستعد وقابل لنوره ليشرق عليه.

فنعرف بهذا أن كل ما حرم الله تعالى : فهو محقق بالظلام وضلال عن النور ، وبالخصوص تولي الشيطان وطواغيت الأرض وأئمة الباطل وكل معادي لأئمة النور ومحارب لهم أو مانع الناس وعباد الله لتقبل نوره منهم ، بل هو في أنزل دركات الظلام ، فضلا عن كون المعاصي الكبيرة والصغيرة من الفسق والفجور والمحرمات محققة بالظلام ، فإنه سترى أبعدنا الله وإياك عما سنعرف فضلا عن التحقق به إن الظلام متحقق بكل ضلال وباطل وجور وفي كل ما ليس بحق مما حرم الله سواء علم حرام أو عمل حرام .

 فإن الإيمان بولاية الطواغيت ظلام ، وتتبع خطوات الشياطين ظلام ، وتولي أئمة الكفر والنفاق والشرك ظلام ، والكذب على الله ورسوله وأئمة الحق ظلام ، وإشاعة الفاحشة والقول الزور والعمل به ظلام ، والغيبة ظلام ، والنميمة ظلام ، والبهتان ظلام ، والرمي بالفاحشة لعباد الله والتجاهر بها ظلام ، والغصب للغير ظلام ، والسرقة ظلام ، و المال الغير الحلال ظلام ، والبيع والشراء بما لم يرضى به الله ظلام ، والتصرف به وأكله ظلام ، والزنا ظلام ، واللواط ظلام ، والغناء ظلام ، وغيرها مما حرم الله والتي سترى قسم منها في البحوث الآتية هي ظلام ومحققه للنفس بالظلام حتى ليكون الوجود الطالب لها والمستعد لها بفكره فضلا عن العمل بها والظهور بها ظلام والعياذ بالله منها .

ولذا يا طيب أبعدنا الله عن الظلام وأئمة وكل حرام ، وحققنا بنور أئمة الإسلام نبينا وآله الكرام ، سيكون البحث في هذا الباب في معارف نور الهدى والدين الإسلامي القيم ومدده العقلي العلمي المحقق بالنور لنفس وجود ومحيط من يطلبه ويتحقق به علما ، وإن الظلام لأهل الحرام والضلال فيكون في وجود الشيء أو محيطه أبعدنا الله منه ، وبكل هذا نبين دور الإمام الحسين بتعليمه ومعارفه ليحققنا بالنور ويدلنا عليه، وكيف يبعدنا عن الظلام ويخرجنا منه.

 ثم يأتي جزء أخرى يعرفنا في أبوابه معرفة أوسع ومفصلة للتحقق بالنور والخروج من كل ظلام ، فيكون فيه معرفة لظهور نور التحقق العلمي وتجليه بنور الهدى العملي ، ومن خلال معرفة نور العبادات والمعاملات بتفصيل أكثر ، ويأتي باب آخر يعرفنا ظلمات المحرمات والضلال وأهله أبعدنا الله منه ، وبعده في باب نسأل الله أن يعرفنا ولاية نوره بحق لنخرج من الظلمات كلها ، ويأتي جزءا آخر فيه معرفة الاتصال بالنور حتى السكن فيه إن شاء الله ، وبعده أجزاء في حياة الإمام الحسين كما عرفت في المقدمة ، ونسأل الله : التوفيق للتحقق بنور هداه الحق علما وعملنا والرضا عنا ،فيخرجنا بولايته وممد نوره من الظلمات حتى نسكن في نور أعلى مقام أعده لأوليائه ، إنه ارحم الراحمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

مصباح هدى

نصوص قرآنية تعرفنا نور الإيمان والإسلام وهداه وتبعدنا عن الظلام

مصباح هدى مشرق بأنوار معارف الأيمان بالله وبكل ما أوجب الإيمان به ليحققنا بنوره المشرق من أمراء الإيمان وأئمة الهدى واليقين خاتم رسله ورحمة الله للعالمين وسرجه المنير ومصباح نوره وخلفائه الطيبين والكوكب الدري المنير للمهتدين فيطهرهم من كل ظلام  ، وبهدى الدين القويم وبصراط مستقيم لنور الكرامة من الله والعز والنعيم ، فيخرجوهم للنور التام من كل ظلام لطغيان أعدائهم ومن كل المحرمات والضلال عن هداهم وعن غصب الله ونقمته .

ففي المصباح أنورا هدى رزقنا الله نورها :

 

النور الأول

آيات النور تهدي لصراط  نور الله وتحذر
من الظلام

 بعد ما عرفنا بأن الله تعالى هو نور السماوات والأرض وكيف تنزل نوره في الباب السابق ، وبالخصوص بعد ما عرفنا وتلونا آيات النور والبيوت المرفوعة وكيف يشرقون بالهدى بكل حال لهم ، لا أعتقد يوجد مؤمن يشك بأن هدى الله نور يشرق من مصباح النور نبينا محمد وآله الكوكب الدري وزجاجة النور الإلهي المحيط به إلى آخر الدنيا بمدد الله وفضله عليهم وعلينا .

وإنهم عليهم الصلاة والسلام نور مشرق بكل معارف الله ، نور : ذكر وصلاة وصيام وزكاة مع الخشوع والخضوع لله بأحسن عبودية ، وبكل الزمان غدوا وآصال وكل حال لهم حتى البيع والشراء لم يلههم عن تعريف نور الله والظهور به أمرا بغير إظهار عبودية الله تعالى ، ومن تحقق بالعلم والمعارف منهم تحقق بالنور الإلهي حين يظهر به تعليما وتطبيقا ، وإنه من لم يقتبس منهم نورا فلا نور له لأنه لم يهتدي لنور الله ، بل يكون حسب حاله في الابتعاد عنهم حتى يصل مَن منع الناس منهم والمحارب لهم في ظلام تام متراكم بأشد حال الظلام .

ولكي نتذكر بعض معنى آيات النور النازل على رجال البيت المرفوع بذكر الله والمتحلين والمتجلين بنورها ، ولنعرف إن الإيمان بالله ورسوله نور ، وإن هدى الله ودينه والإسلام وأئمة الحق بكل حال لهم مشرقون به نور ، وبهذا نعرف إن ذكر الله وكل أمر يعبد به من طاعته نور ويحقق بالنور ، وكل معصية وحرام وبُعد عن معارف الله ظلام حين التدبر بهذه الآيات الكريمة وغيرها ، حتى نتحقق معنى ما يأتي ذكره من معارف هذا الباب لمعرفة نور وجودنا وكيف تحققنا بمعرفة إسلامية تنورنا بنص دين الله وكتابه المنير والمنعم عليهم بالإشراق بنور هداه وبأحاديثهم الشريفة ، التي تعرفنا صراط الله المستقيم للتحقق بالنور إيمانا وعلما وعملا وفعلا وسيرة ، وجودا ومحيطا واسعا ساطعا .

فهذه آيات من سورة النور أتلوها وتدبر بها يا طيب لتعرف نور الحق والهدى وأهله ، ولنبتعد عن الضلال وظلام أهله فنخرج من قربهم لكل نور تام:

 

{ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا

وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) ......... .

{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ :

 مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ      فِيهَا مِصْبَاحٌ

 الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ    الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ

 يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ

يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ

 نُورٌ عَلَى نُورٍ          يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ

وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)

 ـ فهذا كان كما عرفت مسير النور حتى يتحقق في البيوت المرفوعة لنبي الرحمة وآله الكرام نور على نور لإمام بعد إمام مشرق به لمن طلب نوره من أئمة الهدى الحق الصادقين المصطفين الأخيار ، فأخذ نور الله منهم ، ويهدي الله لنوره من يشاء وطلب النور بحق فعرف الله به خير لطلب نور هداه وهو صادق ، فيهديه الله تعالى لنوره وتحقق بهدى الإسلام من أئمة الحق :

وهذا كما عرفت أيضا شرح وتأكيد لمسير النور ووجوده في نبينا وآله الطاهرين وكيفية إشراقه من كل حال لهم ولم يلههم لا بيع ولا شراء بل حتى وبيعهم وشرائهم ذكر لنور الله والإشراق به لمن يطلبه فيتعلم دينه منهم ، فتدبر تسبيحهم الدائم وذكرهم لله وصلاتهم المُعرفة لحقيقة الصلاة وزكاتهم المحققة بالنور ، وحالهم الدائم مع الله في خوفهم ورجائهم في عبادتهم لرضاه حتى عرفهم لنا وطلب منا أن نهتدي بنورهم وبالظهور به ليتجلى منا مثلهم نور لنا ومنا ـ

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ    وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ  

 يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36)

رِجَالٌ   :   لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ

عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ   وَإِقَامِ الصَّلاَةِ   وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ   يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37)

 ـ فهذا النور النازل من الله في هذه البيوت لرجالها أئمة الحق ولمن اهتدى له فوفقه الله ليتحقق بالنور ويجعل له الله نور ، فتدبر الآيات أعلاه وما قبلها ، وهذا جزائهم وجزاء من يتصل بهم ويكون مقتبس نور الله منهم ـ

لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا     وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ

 وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)

ـ جزاء عظيم نسأل الله أن يرزقنا منه حتى ليكون كل وجودنا مع رجال البيت المرفوع بنور ذكر الله ومدده لهم ولنا في أعلى مراقي الملكوت .

 وأما من لم يتصل بالنور يفقد نور وجوده الفطري ، ويكون في ظلام تام علما وعملا بل وجودا ومحيطا ، وهو الحرمان التام من نعيم نور الله والكون في نار ـ

 وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ، وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)      أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ     ،    ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا

 وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)

أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) } النور

وبهذا نعرف إن هدى الله ودينه القيم في الإسلام هو نور منه تعالى يحقق به وجودنا حين طلبه من المشرقين به ، فنتعلم الذكر الذي ينورنا وهو مثل صلاة النور وزكاة النور والبيع والشراء النور فيحل رزقنا ويتنور وجودنا بطاعة الله بما يحب ويرضى، وإلا فالظلمات الشديدة لمن يعاندهم ولم يتصل بهم فيأخذ معارف دينه منهم فلم يطلب نور الله بحق ولم يعبده ولا توجه له بما يحب ، لأنه من لم يجعل الله له نور فما له من نور ، وبالخصوص من يعادي المشرق بالنور مؤمن كان أو إمام للمؤمنين،بل يكون ظلمات متراكبة بقدر بعده عنهم وعدائه لهم.

وستعرف أن كل شيء يسبح الله ويقتبس من نوره بوجوده لأنه ما من شيء إلا ويذكر الله ويسبحه إذ قال تعالى :{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا }الإسراء44 .  ولكن للإنسان بعض الاختيار لاكتساب نوره منه تعالى بإطاعة أولي الأمر ومن يشرق بنوره كما سترى في البحث الآتي ، وكما عرفت في آيات النور بأنه تسبيح الله الدائم ومعارف الصلاة والزكاة وكل ذكر الله في البيت المرفوع بذكر الله نور لهم ويشرق منهم ، ويؤخذ ومنه معارفه فيقتبس نور العلم منهم وبتطبيقه يظهر على الوجود الطيب المؤمن الذي يقيم عبودية الله خالصة من كل ظلام لأعدائهم ، فيكون وجوده إيماني منور وله محيط نور جزاء لعمله بالهدى وله مزيد من نور رحمة الله وفضله .

 

النور الثاني

آيات الإيمان بالله ورسوله وأولياءه مدد نور الله لنا

عرفنا إن سورة النور آياتها مفروضة وواجب الإيمان بها وبنور معارفها ، وعرفت مسير النور فيها في آيات البيوت المرفوعة بذكر الله تعالى والذي يظهر به رجاله بكل حال لهم حتى في حال البيع والتجارة وبالخصوص المواظبة بالتسبيح والصلاة والزكاة ، وفي كل زمان لهم غدوا وآصال بل على طول الزمان مادامت ليلة القدر وتنزل روح الإيمان ونوره لولي الأمر ولمن يتبعه من المؤمنين .

فقد عرفنا إن الله يهدي لنوره المشرق من رجال أهل ذكره ، وعرفت أنهم نبينا وآله مصباح وزجاجة ترينا نور الله في كوة الوجود ومشكاته الكون كله ، وإن كان البحث عن العالم الدنيا أو ناسه فهم المعرفون لنور معارف الله لهم بما يٌعلمون من معارفه ويظهرون به بكل حركة وسكون من وجودهم ، وهذا ما حكته آيات النور تدبر ما ذكرنا وتدبرها ترى نورها الساطع ، وبالخصوص حين ترى إن الحسين وآله  ـ عرفوا إن الناس قد ضلوا عن الحق ـ حتى استشهدوا وقدم أبا عبد الله كل شيء من أجل إصلاح ما فسد من أمور المسلمين ومعارف هداهم ، وهكذا كان آله آل رسول الله قبله ، حتى كانوا سادت الجنة وأهل نور الله الطاهر في نشر معارفه الحقة وبهداه النور ، والذي به يُعبد رب النور فيؤخذ مدد نوره ويتحقق بالنور من يتبعه ويطيعه فيقتبسه ويتحقق به .

ويا أخي المؤمنين المنور بمعارف الحق والطالب لنور الهدى الواقعي : هذه آيات أخرى من القرآن المجيد كلا حسب موردها تفصل ما ذكرنا من مسير نور الله في الوجود حتى تحققنا به ، وبه يتم خروجنا من كل الظلمات التي يظهر بها أعداء أئمة الحق ، ولذا يجب الكون مع مَن خصهم الله بنشر وإشراق نور ذكره ومعارفه التي تحقق بعبوديته سبحانه والتي تهب النور بحقيقتها وتنور واقعنا .

 ولذا يجب علينا الإيمان بهم وبنورهم كإيماننا برب النور وما يهبه لنور الوجود كله ، سواء مدد لنورنا ولتحقق تكوينه أو هدى لبقائه وكماله وترقيه ، كما آمنا بآيات النور السابقة ، فنتلو قول الله تعالى رب النور ومنزله في آيات أخر إذ قال سبحانه وعز شأنه وجل جلاله :

 

{ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ     وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا

وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) }التغابن .

سورة التغابن كباقي سورة القرآن سورة كريمة ولكن فيها خصوصية تعريف إن الوجود كله بنفس وجوده يسبح الله ويذكره ، وعرفت إن ذكر الله نور ولذا كان يحصل كل شيء على مدد نور وجوده ، ولكن كلامنا عن الإنسان الذي له حقيقة تشتد بالنور حين ذِكر الله وتضعف حين الغفلة عنه أو رفض التحقق بذكره الحق ونور معارف عبوديته المشرقة من أولياء الله .

 فإن الآية أعلاه عرفتنا إن نور نازل مع نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يجب الإيمان به كما يجب الإيمان بالله ورسوله حتى نتحقق به ، وعرفت مسيره في الإشراق السابق وأنه هدى مشرق من نبينا ومن آله بكل حال لهم بفضل الله ومدده، ولنؤكد هذا المعنى حتى نتحقق بنوره ، نذكر قوله تعالى :

 { فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا

قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ    ذِكْرًا (10) رَسُولاً

يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ

ـ النازل من الله : ذكرا رسولاً ، فالرسول هو نفس ذكره ذكر ، لأنه يظهر بمعارف آيات الله علما وعملا وبذكره بأي حال له نعرف معارفها وتحققه بها ، ومن آمن عليه أن يجد بأخذ نور الذكر من رسول الله ليتحقق بالنور ويخرج عن المعصية وظلماتها للنور التام الذي لا ظلمات محرمة تحيط به في الدنيا فيتنعم برضا الله وكرامته في جنة النور ، كما إن هذا النور منزل من أمر الله ونور مدده لرسول لله ثم لعباده وهو الذي يهدي به عباده بتلاوة آيات مبينات من تحقق بمعارفها حسب ما يُعرفها الرسول ويشرحها ويبينها يتحقق بنور الله ، ويحصل على مدده علم وعمل وعبودية إن أخلص بها لله تعالى ، أتلوا باقي الآيات لتتحقق بنور هذا الذكر ـ

لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

 مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ

وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ

يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا }الطلاق12 .

ـ فإذا عرفنا أن نور مع رسول الله من أمر الله ومدده منزل يجب الإيمان به وأتباعه وبه يكون العمل صالح متنور يحقق بالنور ، لأنه ذكر الله الذي يقام به عبوديته التي تحقق بالنور وغيره ظلمات ، فبعد رسول الله الذي هو رسولا ذكرا ، يجب أن نسأل أهل الذكر الذين يحققون بنور الله تعالى بعد نبي الرحمة ، وقد عرفتهم أهل الذكر للبيت المرفوع بنور ذكر الله بكل حال لهم عبادة إسلامية من دين خاتم المرسلين ، وهم رجال لا يلههم مله عن ذكر الله ومطهرون من كل ظلام بل يشرقون مثل رسول الله بنور الله الصافي في عبوديته ، ولنعرف هذا نذكر الآيات التالية لنتنور بمعارفها ـ

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ

فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ      إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (43)

بِالْبَيِّنَاتِوَالزُّبُرِوَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) } النحل .

فهذا الذكر المنزل نور نفسه يقول : أسألوا أهل الذكر الذين عرفت مواصفاتهم من العبودية لله بكل حال لهم مشرقون بنور معارف الله ودينه الإسلامي القيم ، لا أن يكون من دين آخر لأنه لا يرضى الله به فيجب سؤال أهل الذكر من رجال ديننا , والذين عرفت مواصفاتهم مشرقون بالغدو الآصال بالصلاة والزكاة وبكل شيء نور يعرفون به عبوديته الله ، وبهذا يتحقق العباد بالنور حين يعلمون معارف دين الله منهم ثم يعبدوه بها فيتعلمون نور الذكر فيذكر الله بما يحب فيتنور المؤمن ، راجع آيات النور في الإشراق الأول من نور هذا المصباح ، وتدبر بما ذكرنا من الآيات أعلاه تتحقق نور هذا المعنى .

 وهذا تأكيد آخر نتحقق بنوره لنرى أن القرآن المجيد ودينه ومعارف عبوديته كلها نور يشرق من أهل النور ، والذين يشرقون بنور معارف الله ويحققون كل من يتصل بهم فيأخذ مدد نور هداه منهم ، فيكون فيه عبادة خالصة لله مثلهم فيتنور ويكون نور مثلهم ، فنتلو قوله تعالى : ـ

{ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)

أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ       فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ

فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ

 أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ (22)

ـ معارف الله نور وكتابه ذكر للنور ، لأنه يذكر بمدد الله الذي به يحصل الإنسان على نور ذكره فيتنور وجوده ، ولكن عرفت أنه منزلا مع من يُعرف معارف الله ويشرق بها بالغدو والآصال وبكل حال له رسولا ذكرا وأهل الذكر ، لا أنه يؤخذ ذكر الله ومعارف ذكره في كتباه ممن أدعى الإيمان ولم يكن فيه نور حقيقته أو آمن وأرتد ، فإنه لابد أن نتحقق المشرق بنور الله حتى نكون معه في نور الله ونحصل على مدده ، فإنه قد قال تعالى بأنه بعد وفاة النبي كان هناك رجال انقلبوا عنه وارتدوا { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144 ، فإنه قد قست قلوبهم عن الذكر وأعرضوا عنه ولم يكن بحق منشرح لذكر الله فلم يتنور بنوره الدائم ، ولكنه بعد أن حصل على نعمة الله طغى ونسي الله فلم يتعلم حقائق نوره من أهله ، راجع الآيات وأتلو ما بعدها تعرف نور ما ذكرنا وتبتعد عمن لم يكن له نور بحق مشرق به ـ

وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ   ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ   وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ    قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8).

ـ فإن المشرق بنور الله تعالى يكون له مواصفات نبينا وآله كما عرفتها في آيات النور والبيوت المرفوعة ، أو كما في باقي هذه الآيات الكريمة لسورة الزمر التي بها معارف الدين القيمة فتعرف النور وحقائق إشراقه ، فإنها تحكى عن أهل النور بيت نبينا وآله عليهم الصلاة والسلام وعمن أتبعهم ، وإن من عاداهم لا عبادة له ولم يذكر له شأن في الخضوع لله والخشوع له كما يحكى عنهم ، تتبع سيرة الطرفين لتعرف حقيقة المشرق بنور الله ، ولن تجدها عند غير نبيا وآله وصحبهم المحبين لهم والمودين حقيقة لا غيرهم من المعادين والمحاربين لهم ـ

 أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا

 يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ

قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ

 إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ  (9) .

ـ إمام المسلمين له عبادة آناء الليل والنهار مع رجاء وخوف وخضوع وخشوع وخشية من الله وذلك لما لهم من علم النور بعظمته وهداه الحق ، نفس مواصفات البيت المرفوع بذكر الله تعالى ، فإن أعلم المسلمين النبي وعلي وبعدهم الحسن والحسين وعلي بن الحسين زين العابدين السجاد وذريته عليهم الصلاة والسلام ، وهم الراسخون بعلم الكتاب لا غيرهم ولذا كان كل واحد منهم في كل حال له يعرف دين الله غدوة وآصال وآناء الليل والنهار وبكل ما يرضي الله ويحبه من العبودية ، والعاقل ذوا اللب يتذكر بأن أئمته الذي يجب عليه أن يأخذ منهم معارف نور الله لابد أن يكون لهم مواصفات أهل نور ذكر الله المشرقون به ، إي لهم علم يشهد لهم تأريخهم وسيرتهم وسلوكهم وما عرفوه لنا ، بل الله عرفهم لنا كما عرفت آيات النور والآيات السابقة ، فإنه فيهن بعلم يشرقون بنور ذكره الله بالغدو والآصال يعلمون الصلاة والزكاة وكل حلال الله من البيع والشراء ، ولذا كان يجب علينا أتباع نبينا وآله أهل الذكر لأنه عرفهم الله سبحانه رب النور لنا ، وهو قول حسِن يوافق نور الفطرة والعقل الباحث عن نور كماله ولذا أكد سبحانه هذا المعنى ـ

 قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)

قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11)

وَأُمِرْتُ ِلأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12)

ـ بهذا النور من كلام رب النور نعرف إن من صبر في ذات الله بكل وجوده وأعظم الناس صبرا مع الله يكون إمام كما عرفت في قوله تعالى : {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}السجدة24 الإمام الصابر يهدى لنور الله بأمره ، فعنده معرفة يقين مع صبر في ذات الله تعالى في كل حال له يشرق بنوره ومعرفة لدين ، ولا يتوانى بشيء من حال ليس في عبودية الله وطاعته ، ولذا فهو الذي يُعرف نور الله ، ولذا يجب أن نعرف أنه عارف بكتاب الله وسنة نبيه ويشهد له كل سيرته وسلوكه من رسول الله وأول المسلمين معه ، وبقي ثابت حقيقة يعرف نور الله على أن يكون من آله وبيته المرفوع ، وهذا الإمام علي أول من اسلم مع النبي الذي هو معرف للإسلام وأول مسلم ، لأنه بحق منه و كان عالم بكتاب الله وهادي له بعد رسول الله ، وهو أول أهل الذكر والمشرق بنور الله بعد رسوله وله عبادة مع خشوع وخضوع وعدل وإحسان وكل مواصفات الإمامة والولاية لدين الله ونور هداه ، واستمرار له ولآله الحسن والحسين بعده لأنهم هم المطهرون مثله ورجال البيت المرفوع بذكر الله يعلمون الصلاة بكل حال لهم ، لأن أول المسلمين النبي ومن كان معه ثابت بذكر الله تعالى وله مواصفاته بعده .

ولم يعرف بيت في المسلمين : بهذه المواصفات مثلهم وله شأنهم ، وعددت آيات في نفس سورة الزمر هذه الموصفات لمن يكون مخلصا في كل عمره وليله ونهاره ويظهر بعبودية الله ونشر نور ذكره بعلم حق وخوفا ورجاء تام العبودية والإخلاص لله ، ولم يطغى على هدى النبي وله البشرى ، فتابع ذكر الآيات وأهجر المتعصين والمنقلبين كما عرفت لأنهم ظلام ويحققون بالظلام لمن يتبع أئمة الظلام أبعدنا الله عنهم ـ :

قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14)

 فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِي (16)

وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ

لَهُمْ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (18)

ـ فصاحب العقل واللب الطالب للنور ، يتبع أحسن الكلام ويتجنب من طغى لكي لا يخسر نور نفسه وأهله وكل شيء يحيط به ، فيكون في ظلام النار بنفسه ويحيط به كما ذكرت الآيات أعلاه ، وبهذا يكون له بشرى ويكون له علما وعملا صالحا كما قال تعالى حين يبشر عباده في آيات أخرى :{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } الشورى23 ، ويُعرف أن كلام الله نور يعرفه أهل النور من عباده وهم قربى النبي وأهل بيته الطاهرون من كل ظلام ومخلصون في تعريف هداه وإن أجر الظهور بالنور التحقق به والظهور به تبليغ مثله ، وهو عند أهله وقرباه فيجب مودته واقتباسه والظهور به لنزداد نور الحسنات والحب والعلم والعمل بما يبلغوه ويظهرون به بكل وجودهم ، فأنهم لهم موصفات آيات سورة النور والبيوت المرفوعة المشرقون بذكر الله بكل حال لهم وفي كل زمان حياتهم غدوة وآصال وليل ونهار ، وقد زكاهم الله تعالى وعرف مواصفاتهم بأنهم ـ

اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ

 تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ

 ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ

ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ

وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) }الزمر .

ـ هكذا تقشعر خضوعا لله جلود العالم بالله وبمعارفه ويخشاه لأنه يخشى الله من يعرفه ويعبده بحقيقة العبودية ، أي يحصل على مدد نوره بتوفيق منه ، ويشرق بنوره علما به وظهور عبودية وتعليما ، وقد عرفت هدى الله نور يهدي له من يشاء كما هنا في الآيات أعلاه ، وكما في سورة النور التي عرفتها في الباب السابق والإشراق السابق ، فالإنسان ليس له مِن هاد إذا لم يتحقق بنور هدى الله من أئمة الحق الذين هم مشرقون به على طول الزمان ، والذي لا يخلو منهم قوم الأرض ، لأنه بفضل الله وكرمه يمدوهم بنور الله وهداه الحق الذي كرمهم الله به ، فلابد الهاد له نور مدد من الله يمده ليهدي به فمن يتصل به يكون مهتدي ، لا أنه يتصل بالطغاة والمعاندين لنبينا وآله آل البيت المشرقون بنور ذكر الله ومعارفه ، فيحاربوهم بكل شيء منع من معرفة نورهم ومحاولة إطفائه بقتلهم ، وبكل صورة تمنع من تعريف شأنهم الكريم من السلام عليهم والصلاة عليهم وزيارة مراقدهم وكل ما يتصل بتعريف نورهم ـ

{ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ

 إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ }الرعد7 .

 ـ هذه آيات الله قد عرفنا سبحانه رب النور بها بأنه يكون الهادي مشرق بنور الله لأنه حقيقة يعلم هداه بحق وكتابه بكل تأويله ومن لم يتبع هاد من الله ليس له هاد ولم يهتد لنور الله ولم يستضيء بمصباحه ولم يركب سفينة نجاته فيغرق في ظلمات أئمة الكفر والشيطان وشهوات النفس وزخارف الدنيا .

 ولم توجد بهذه المواصفات للإمام الهاد في كل زمان ويشرق بنور الله بكل حاله وإنه يعلم نور هدى الله كله ويُعلمه بكل وجوده وتصرف له ، ولم يدعيها إلا نبينا وآله الكرام بل عرفت هذا للإمام الحسين إنه مصباح هدى وسفينة نجاة فضلا عن أبيه وأخيه والذرية المعصومين من أبناءه عليهم الصلاة والسلام ، وكل المسلمين ليس لهم هذه الدعوى بأنهم هم الراسخون بعلم الكتاب وعندهم تأويله وظاهره ، ويتحقق بنور الله من يتصل بهم ويأخذ نور هداه فيتحقق به نور علم وظهور ، بل يتوقف لو قيل له هذا لأي من كان من المسلمين بل يراها معرفة عظيمة ليس أهلا لها بدون أئمة حق ، إلا الإمام علي والحسن والحسين والذرية المعصومين من آله الكرام  ولذا قال تعالى ـ

{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ

وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ

فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ

وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } آل عمران7 .

ـ فأن الراسخون بالعلم مَن عندهم علم الكتاب وهم مطهرون ونور يعرفون ذكره مثل كتاب الله المطهر ونوره الصافي ، ويكون شاهد مع رسول الله ينير معارف ذكره ويعرفها ويعرف من يطبقها كما قال سبحانه وتعالى ـ

{ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً

قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ

وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ }الرعد43 .

ـ فإن من عنده علم الكتاب هو الإمام علي وآله بعده آل نبينا الكريم أهل البيت المرفوع وهم أهل الذكر ، ولذا حسدهم الناس بعد رسول الله فهجموا على بيت النبوة فاطمة الزهراء وبعلها وحرقوا بابه وحاربوا علي بعده ، لحسدهم له وحاربوا الحسن والحسين وسموهم وقتلوهم ومنعوا من معرفتهم وذكرهم بكل صورة ، وقد صدق الله سبحانه حين قال ـ

{ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ

فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)

 فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ

و َمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56)

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاَّ ظَلِيلاً ( 57)

 إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا

وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا  (58)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا        أَطِيعُوا اللَّهَ     

 وَأَطِيعُوا الرَّسُــولَ       وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ

 فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ

وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (136)

 فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ

وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا (173)

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ

وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)} النساء .

ـ برهان نور يعرفنا هدى الله ومن يشرق به بحق من غير اشتباه ولا باطل فيه وهو الذي عنده أمانة الله وعهد نوره ، ويجب تمييز الرجال في كل زمان لنتبع إمام الحق والحكم بالعدل بينهم فنبتع من عنده علم الكتاب والهادي والخاشع المعرف لمعرفة الله ودينه بكل وجوده ونميزه من غيره ، فيجب أن نتحقق معرفة رجل الذكر لنور الله لنقتبس هدانا ونورنا إيمان وعلم وعمل منه وبحق نسعى ونجد لأن نحقق ذواتنا ومحيطنا بالنور من فضل الله وكرامته حين نقيم عبوديته بحق ، فنكون من ومع الشهداء المنيرين للوجود الطيب القابل لنورهم ، ومع المهتدين الذين لهم نور الله ، ونكون ممن قد شاء أخذ نوره بحق من غير عناد للحق وأئمته ، ويتبع ويطيع ولي الله ورسوله كما عرفت في الآيات أعلاه ، وآيات الغدير وآيات المباهلة وسورة الأحزاب والناس والكوثر وغيرهن ، وكلهن يعرفنا أئمة النور وأهل البيت المطهر ، وحجة الله تامة في تعريف نوره ومن يشرق به لكل لمن يطلب نوره بحق .

وقد عرّف سبحانه ولي الأمر كما في الآيات أعلاه بمواصفات الإمامة والإشراق بالنور وتعليم هدى الله ، وفي قوله تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ(56) } المائدة ، وهذه آيات لا تصدق إلا على الإمام علي وحزبه وأتباعه المتولين لنور الله منه.

 فذكر رب النور عز وجل ومنزل ممده لكل طالب له : مواصفات النور لأئمة الحق والهدى والدين من العلم والصبر بالإشراق به غدوة وآصال وآناء الليل والنهار وبكل حال لهم مع كل خشوع وخضوع ، وعن علم يشكره الله بكل ما يظهروا به من حالهم ، ورسوخ بإظهار نور هداه ، ومدح سبحانه لنبينا وآله كثير في كتابه المجيد راجع ما ذكرنا من صحيفة الثقلين وصحيفة الإمام وغيرهن من موسوعة صحف الطيبين ، ويبينهم الله عز وجل رب النور في كتابه المنير المجيد بكثير من الآيات ، حتى ليعرفهم كل منصف يتدبر نور كتابه فيعرف شأن البيت المرفوع بنور ذكره وحالهم في الإشراق بهداه بكل شأن من أمرهم ،ويعرفهم كل من يشاء أن يخذ نور هداه من أئمة النور صلى الله عليهم وسلم فيراهم بكل سبيل نور وصراط مستقيم للمنعم عليهم ، وجعلنا الله معهم في كل مراتب وجودهم في النور حتى نحف بهم في المقام المحمود وتحت لواء الحمد إن شاء الله إنه أرحم الراحمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين  .

 

النور الثالث

 إطاعة الله بهدى أئمة النور يحقق بالنور ويخرج من الظلام

عرفنا في آيات النور السابقة بأن الإيمان بالله ورسوله والنور النازل معه والمشرق منه ومن آله ، والهادي لكل قوم في زمانهم هو مدد نور الله لحقيقة وجودنا ، ويجب أن نؤمن به ليشتد نور وجودنا وعقلنا وحقيقتنا المسبحة لله بمجرد وجودها ، كما عرفت وستعرف ، ولكن نريد أن نحصل على نور يحيطنا بالإضافة لنور الإيمان والعلم بالهدى الحق المنور للوجود ، بل التطبيق والظهور به يكون إشراق بالنور من وجودنا ويحيط النور بكل مملكة وجودنا هنا وفي جنة النور ويكوّن مملكتها الخالدة لنا بكل مكوناتها، أي ليكون فينا نور شديد حسب الإيمان والعلم والعمل وجودا ومحيطا ، ولابد أن نتيقن هذا المعنى لنعرف حقيقتنا وما نتعلمه من الهدى الذي نقيم به عبودية الله سبحانه وتعالى ، فيمدنا بمصدر إشراق نور فيشد نور وجودنا ويبقيه خالدا بالنور بكل ما يحيطه وبما يحب لنا من الكرامة والجزاء الحسن سبحانه وتعالى رب النور ونور السماوات والأرض.

ولذا سنذكر هنا في هذا الإشراق معارف نور تعطينا معنى كريم بالإضافة لما عرفنا ، وهو بأن كل ما يطاع الله ويعبد به من هدى نور أولياء النور الذين فضلهم بالإشراق به ، هو نور لنا يحققنا بالنور علم وعمل وذوات ومحيط ، سواء نفس الأعمال العبادية أو المعاملات الموافقة لشرع الإسلام ودين الله الحق الذي يكون وفق نور هدى صراط أئمة الحق المستقيم ، بل حتى نور القصاص والديات ، فضلا عن تعاليم الأكل والشرب ، ولكل شيء من حكم الله أمر به هو عبادة له سبحانه ويحقق بالنور وإن لم يسمى عبادة .

فإن كل ما يطاع به سبحانه يكون مدد نوره لنا ويحقق بالنور ويكون مصداق ومظهر لتجلي الإيمان فينا بكل حدوده ، ويكون بمعرفته فينا علم نور حققي يعرفنا حقيقتنا وما نظهر به من نور الله والإشراق به حين تطبيقه والظهور به عبودية خالصة لله سبحانه وتعالى .

 

فهذه آيات كريمة نخفف الشرح عنها ونذكرها معتمدين على فطنتك ولبك الوقاد الذي يتعقل معارف النور حين معرفتها من مصدر إشراقها فيتعبد بها الله ، ويعتقد ويؤمن بحق حتى اليقين إنها تحقق بنور الله تعالى وتخرجنا من الظلمات للنور التام ، ومن كل حرام ومعصية ظلام لحلال الله النور هنا وفي ملكوته الواسع المعد لنا كمؤمنين بكرامته وفضله سبحانه ، فتدبر آيات النور في كتاب الله المجيد وأتلو بإيمان وتأني ما قال سبحانه رب النور :

{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ

 قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ        وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)

يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ

 وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ       إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ

وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)

......

إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلاَ تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (45)

وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (47)

وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ

 مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ

 وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ

فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ  (48) } المائدة .

تدبر الآيات أعلاه ترى معارف الله في كتابه وهداه لعبادة نور ، وإن نور حكم القرآن حاكم عليها وفيه أحكام شرعية تعرفنا إن كل ما يطاع به الله تعالى هو نور ، سواء عبادات من صوم وصلاة أو نفقه أو أحكام الجهاد والمعاملات وغيرها من شرع الله ودينه القيم وأتلو قوله تعالى الهادي لنوره بكل سبيل وصراط مستقيم ، والذي يعرفنا بأن نوره نور حياة  وهدى للكمال الحق الذي يصح أن يمشي به في الناس وفي كل مكان منير لا ظلمات فيه .

 

{  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ

 وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ

ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ (75)  .....

وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ

 قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىنُورًا وَهُدًىلِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) ......

أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا       فَأَحْيَيْنَاهُ

وَجَعَلْنَا لَهُ    نُورًا     يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ

 كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ( 122) } الأنعام .

فإن كتاب الله ومعارفه عند رسول الله والنازل عليه وهو معه من النور في نفس وجوده وبوجود آله كما عرفت فضلا عن هداه وما يشرق به بظهورهم به علما وعملا وسيرة وسلوكا ،فإنه نور حياة لمن يقتبسه ، به يحيى المؤمن في نور جوده ويكون في الملكوت والخلد فضلا عن العبودية والطاعة لله هنا { وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت64 حياة كريمة عزيزة لأولياء الله وحيوان مبالغة في الحياة وشدة النور فيها ، فإنه من لم يؤمن به فهو في ظلمات أبعدنا الله عن نار حرمانهم من هدى الله وكرامة نوره في دين أولياءه المخلصين بالظهور به .

 

{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ   يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ    وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ

وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ    وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ

وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ

فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ

وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(157)} الأعراف .

النور النازل مع النبي فيه حياة وهو يتم بالتحقق بنور هدى أولياء الله الذين طاب وجودهم ومحيطهم وكل شيء لهم من أكلهم ولبسهم وزواجهم وأبنائهم وكل ملكهم فضلا عن نفس وجودهم الروحي من النور ، وذلك بإقامة معارف دين الله وهداه النور ، وبترك المعاصي والخبائث وكل محرم .

 ونصر النور هو بتوليه وعزروه وعززوه بنشره وبالأمر بالمعروف والظهور به والنهي عن المنكر ، فيكون من حزب الله الغالبون لكل ظلمة والمشرقون بالنور الصافي الخالص من مدد الله لهم وتقويتهم بتوفيقه ، فيكون المؤمن حقا كما عرفت سبيله وصراطه المستقيم مع أولي الأمر علي والحسن والحسين على صراط نبي الرحمة جدهم كما قال تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ(56) } المائدة .

 وهذا يتم بتولي نور أولي الأمر الذي فيه فلاح وتحصل به الغلبة على الظلام وكل حرام ، وبترك كل ما حرم الله من الخبائث ومن كل ما حرم سبحانه من التي تحقق بالظلام كما عرفت.

{ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا  

 مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ

 وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)

يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) } التوبة .

آية كريمة وعجيبة في عين نهيه سبحانه عن الظلام وتحريم وذم ترك النور أو عداءه واتخاذ أئمة ظلال أربابا مع أنهم كانوا يعتبروهم أئمة دين لهم ويحسبوهم يظهرون بنور الله ، وذلك لتوشحهم بالنور بإظهار العبادة الباطلة بلباس الدين ونوره دون أن يكون حقيقة في وجودهم فخدعوا الناس باسم الدين ، ولكنه يجعل سبحانه رب النور المسيح معه نور ويعظمه ويأمر بأتباعه ليتم نور الله فيهم ولا ينطفئ ، وإنما ينطفئ نور الله بتولي أئمة الضلال والظلام من المتوشحين بالنور دون حقيقته ومحسوبين على الدين دون أن يكون هداه منير

 وإنما المسيح به يتم نور الله وبظهر وينتشر ويعبد الله به وحده لا شريك له ، وذلك لأن الله كرمه وجعل نفس وجوده وهداه ومعارفه نور ومن عيسى عليه السلام يأخذ عباد الله نور الله ، ومن يعاديه يعادي النور فيخسر نور وجوده المحتاج لكل آن لنور الله .

 

 وهذا أيضا جاري لنور الله في الإسلام : فمن يعادي ويحارب نبينا وآله علي وفاطمة والحسن والحسين وآلهم المطيعين لهم ومن تبعهم بحق ، يكون معادي للنور ويخسر نور نفسه ومحيطه ، لأنه يكون متخذ أئمة الظلام أولياء فيكون مظلم مثلهم بوجوده ومحيطه ، ومن يتخذ نور من نبينا وآله المطهرون أصحاب البيت المرفوع بذكره لله مثل ذكرهم ، وإقامة عبوديته بمثل عبوديتهم ومنهجهم في إطاعة رب النور يتنور ويكون نور .

فإن نور الله في كتابه ويشرق من نبيه وهو ظاهر به وبآله لأخر الدهر ، بل هو لهم ولمن أطاع الله من سبيلهم وسلك بصراطهم المستقيم لكل نعيم الله الخالد ، انظر ما قال الله تعالى :

 

{ الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) }إبراهيم .

فإن معارف الله تحقق بالنور والطاعة تخرج من ظلمات المعاصي ، ولذا كان لذكر لله الذكر الخالص الحق كما عرفت سبب لتزكيته سبحانه لرجال البيت المرفوع بنور ذكره وعبوديته وطاعته بما يحب ويرضى ، وهو الذي طلب أن نذكره به سبحانه ، وحتى نتحقق بالنور مثلهم ، فتدبر ما مر وقوله تعالى :

 

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ

لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ

وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)

تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)

وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيرًا (47) } الأحزاب .

 فإن البشرى لمن تحقق بذكر من السراج المنير : فذكر مثل ذكره بتعاليم الله له من ممدد نوره والذي رحم به العباد ليتمم كمالهم ونعيمهم الأبدي ، وهنا في الدنيا من كل شيء يطيبهم بنور رحمته من الحلال والمعاملة أو البيع والشراء فضلا عن الصلاة والزكاة وغيرها من العبادات التي عرفها الله تعالى بتوسط نور السراج المنير ونبي الرحمة للوجود حيث قال { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} الأنبياء ، فهذا هو النور رحمة من الله تعالى وكما قال الله يحققنا بنوره لنخرج من الظلمات للنور برحمته وفضله بتوسط منير في الوجود مستمر وجوده بنفسه وآله ينير لكل من يريد نور رحمة الله وهداه ليتحقق بنعيم الحياة الحقيقية في راحة واطمئنان تدبر الآيات أعلاه وأنتظر ما سنذكر لك من أخر سورة الحديد فتدبر .

 وإلا لا هدى ولا حياة : لمن لا نور له ولا كرامة له من الله ولا يصلي عليه ، ولا يرحمه برحمته بتوسط نبي الرحمة ونوره المشرق بهداه من رجال بيته المرفوع بذكر الله ، والذين يسبحوه ويعلمون معارفه بكل حال لهم لآخر الدهر ، والواجب مودتهم والعمل الصالح وفق معارف نورهم حتى نزداد نور الحسنات كما في آية المودة ، ويكون من لم يتبعهم مثل من لم يتبع نور المسيح الذي فضله الله بالإشراق به في زمانه ، فيكون مثل من تبع بعض الرهبان والأحبار الذين نهى الله عن توليهم ويطفئ نور الله في وجوده ويخدع الناس كما عرفت .

 ولكن من تبع النبي السراج المنير ومصباح نور الله وزجاجته المشرقة بنور منه منير بل كوكب دري لسراج منير وداعيا لنور الله وبشير لمن يتولى نوره بنور يتحقق به حتى ليكون معه ومنه كآله الكرام ، الذين كانوا معه بيت فيه رجال مرفوعون بنور ذكر الله في كرامته حتى المقام المحمود المشكور ولواء الحمد لهم ولمن تبعهم يحف بهم ، ولا يستوي بالنور وأهله من لم يجعل الله له نور فلم يتولى نور الله من مصدر إشراقه :

{ وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلاَ الظُّلُمَاتُ وَلاَ النُّورُ (20) وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلاَ الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) } فاطر .

 فمن أطاع الله من حيث أمر فد شرح صدره لتقبل نور الله من مصدر إشراقه الذي زكاه وعرفه رب النور لنا فتنور ، ومن قسا قلبه فهو مظلم وجوده ومحيطه والعياذ بالله ، أنظر قوله تعالى لترى الجزاء الأوفى لمن آمن بحق كما أمر الله ورسوله :

{ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ

 فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ

فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ (22)

وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)

 وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ   ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)

وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا

 وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)

وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)

وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)

وَتَرَى الْمَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)} الزمر.

 

الحمد لله رب العالمين ، ونسأل الله أن يجعلنا مع أولياء دينه وأئمة الحق حتى ليكون نورنا يسعى بين أيدينا مع النبي وآله الكرام صلى الله عليهم وسلم ويبعدنا عن أئمة الظلام والضلال ، فنتبع ما أمر الله وما أنزل من نور الحياة الخالدة في مراقي الخلد ، حتى ليجعلنا مع النبي وآله الكرام :

{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51)

 وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا

 الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ

وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا

نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ (53) } الشورى .

 صراط الله والنبي واحد ونورهم واحد وهداهم واحد لأنه تعالى هو الذي أنعم على النبي وعلينا بنبي الرحمة وسراج نوره آله الطيبين فهداه ونورهم ليشرقوا به لمن يطلبه ، وهذا ما نسأل الله لأن يوقفنا له في كل يوم عشر مرات في الصلاة في كل ركعة نتلو فيها سورة الحمد حتى نكون في صراط المنعم عليهم بنوره والذين فضلهم بالصراط المستقيم وهداه ودينه القويم ، فيخرج من يوفقه الله ويتولاهم من كل معصية ضلال إن كان مع الله والنبي وأولي الأمر وأئمة الحق من آل نبينا صلى الله عليهم وسلم ، وحينها يخرج من الظلمات وكل خدع أئمة الظلام وغضب الله ، وسيأتي بابا كاملا نعرف به كيف نخرج من ظلام أئمة الظلام لكل نور الله مع أئمة النور الإلهي نبينا وآهل الكرام في الجزء الآتي إذ قال تعالى:

{ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ

وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) } البقرة.

 

يا طيب : كان البحث هنا في هذا الجزء يغلب عليه عن تنورنا بنور الهدى الأرضي عندما نقيم عبودية الله وطاعته بهدى المنعم عليهم نبينا وآله الطيبين الطاهرين لنخرج من ظلمات الحرام والضلال برحمة الله وفضله ، وهو بحث يعرفنا شيء من حقائق وجودنا في الأرض ليشتد نورنا عند الإيمان بالله ورسوله وأولي الأمر وما يوجبه من معرفة نور هدى الدين القيم الذي يشرقون به ، كعلمنا المنور لوجودنا عند الإيمان به والظهور به ، وإن أشرنا لنور تلك العوالم .

وقد رأيت يا منور بالإيمان : إن كتاب الله وكل تعاليمه ومعارف دينه القيم وهداه نور مَن يتولاه يسير بصراط مستقيم لكل نعيم الله ، وهو في الأرض مشرق نوره من المنعم عليهم وكوثر الوجود والمطهرون المزكون المصطفون الأخيار الأبرار حزب الله وأولياء دينه وأئمة الحق وورثة الكتاب والراسخون بعلمه أهل الذكر المعرف لحقيقة عبودية الله تعالى وبإخلاص تام له مع الخضوع والخشوع والخشية الكاملة ، وبكل صفاء لا ظلام به لأئمة الكفر من أعدائهم وممن حاربهم أو منع من معرفتهم وذكرهم ، وإن شيعتهم والمهتدون بهداهم والسالكون في نور صراطهم المستقيم لكل نعيم معهم في المقام المحمود مع نبي الرحمة وآله الكرام جعلنا الله معهم .

 

ولما كان البحث هنا عن الهدى الشرعي وتعاليم النور من أئمة الحق هو المراد تعريفه ، وذكرنا آيات النور من كتاب الله لنتيقن إن معارف الله وهداه نور يحقق بالنور من يطلبه ويظهر به عبودية خالصة له كما أحب وأراد سبحانه ، ولم ينخدع بضلال أئمة الكفر والظلال ، توسعنا في البحث هنا .

فعرفنا معرفة كريمة في معنى النور : في النور الأول لهذا المصباح عرفنا مسير النور الإلهي في الوجود وحقيقته في عبادا لله المنيرين الذين يظهرون به  بكل شيء من طاعته لله وتعلميهم له ، وفي النور الثاني أكدنا المعنى بأن هدى الله ودينه القيم كله نور يهدي الله به عباده له لينور وجودهم ومحيطهم ، وبالخصوص من يطلبه صادقا علما وعملا من أئمة الحق ، وإن كل ما يطاع به الله هو نور ، ولذا عرفنا في النور الثالث هنا إن من يخلص لله بكل دينه يخرج من كل ظلمات الحرام جميعها ومن كل مكر أئمة الضلال ، وسنعرف فيما يأتي كما عرفنا سابقا إن نور الله تكويني وإن كان هدى نتحقق به ، وإن كان دين الله معارف تصب في وجودنا لكنه بها يتنور وجودنا بحق ونكتسب نور يشتد حقيقة روحنا وهي مدد لنورنا الدائم ، ولذا سنعرف إن من يكتسب نور الله يبقى خالدا في النور ، ونترك الكلام عن المظلمين أبعدنا الله عنهم .

وبهذا في النور الآتي : نذكر شمه من معارف النور التكويني هنا ليكون مقدمة لما يأتي في ذكر مجالس سفينة النجاة من معارف نور هدى العلم الذي يمد نور وجودنا وبالخصوص المرتبة الكريمة من روحنا وهو العقل ، ويأتي بعده في الجزء الآتي بابا آخرا يُعرفنا نور العمل الذي يشد نور فطرتنا وحقيقتنا العليا في العقل المتنور بالإيمان ، ولكل مراتب الروح المظهرة لكل طاعة الله بكل هداه حتى نتنور بكرامة الله مثل أئمة النور والهدى بمحيط نوراني ملكوتي جنة في الخلد والنعيم ، ونبتعد عن ظلام أعداء النور فنخرج من الظلام في الدارين للنور التام في محل الكرامة والعز والمجد والشرف عند رب النور .

 

 ونسأل الله تعالى أن يجعلنا مع أهل النور بأنور نوره ، وكل نورك نير منير ، اللهم أسألك من نورك كله وبكل نور نورت به محمد وآله محمد ، إنك أرحم الراحمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

 

النور الرابع

مسير النور التكويني والتشريعي لأئمة الحق وأنصارهم

 

إن البحث التكويني يكون إن شاء الله في الجزء الآتي شيء منه والتوسعة في الجزء الثالث ، ولكن لما كان ما لا يدرك كله لا يترك جله ، نذكر سورة الحديد لنعرف حقائق كريمة في تحققنا بالنور وجودا تكوينيا وهدى لكل مراتب الكون وهدى تشريعي لنا ولمن يكون شأنه التسبيح والذكر الاختياري ، نتدبر بها فنعرف حقائق كريمة عن النور في الوجود ، وحتى ليكون فينا من صراطه المستقيم عند المنعم عليهم فيصل لنا ولكل المؤمنين مدد نور الله إن شاء الله , ولكل من يحب ويسعى أن يظهر به حتى ليكون خالدا فيه بإذن الله ومدده :

وهنا آيات كريمة في سورة الحديد تبدأ ببيان النور التكويني في الوجود المسبح لله بنفس وجوده ، ومظهر لعظمة الله وتجلي كرم أسمائه الحسنى بالوجود لكل شيء بحسبه ، ثم تعرفنا معارف بها يحصل الإنسان على مدد نور وجوده وكماله عند إطاعة تعاليم الله من نبي الرحمة ، ثم تعرفنا نور المؤمنين التام بكل كماله ، وتحذرنا المنافقين المظلمين ، ثم تعرفنا أئمة النور الذي يستمرون بالإشراق بهدى الله الصافي من كل ظلام بفضل الله تعالى عليهم وعلينا إلى يوم القيامة وفيها قال الله تعالى رب النور :

{ بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِ وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2)

هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)

هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)

لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (5)

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)

 آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8)

هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9)

وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)

يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)

 

يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَا2ءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)  يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ

وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)

اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18)

وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ

لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ

 وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)

اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)

سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)

مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ

وَاللَّهُلاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ

 وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)

لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26) ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ

يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ

 وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ

 وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)

لأَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ

 وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ

وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) } الحديد .

 

من الآية الأولى حتى الثامنة : يحكي الله تعالى عن ظهور نوره في مراتب الكون وكيفية الخليقة للوجود بصورة تكوينية ، وإن كل شيء في الوجود يسبحه ومظهر لنور كمال الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية ، وكله متنور حتى يكون في ملك الإنسان في نفس وجوده ، أو ما يملكه من الكائنات التي يجب أن يصرف نعمها في طاعة الله تعالى وتحصيل نوره ليشتد في وجوده .

 وهو رب النور معنا في نورنا يقوينا أين ما كنا لأنه بدون مدد نوره لا قيويمة لأحد لنفسه ولا استقلال له بنور وجوده ودوامه فضلا عن تحققه ، بل هو الحي القيوم والأول والأخر والظاهر بنوره والباطن في قيوميته علينا وهداه لنا ، وإشراقه في عوالم الغيب حتى وجوده المقدس الذي لا يحاط به علم ، وله ترجع الأمور سواء للمتنورين من المؤمنين بالنور والمقتبسين لمدده ولهم شدة النور والجزاء الكبير أو غيرهم أبعدنا الله منهم .

ومن الآية التاسعة : يعرفنا نور الآيات المبينات وهدى نوره لنبينا الأكرم صلى الله عليه وآله سلم ويذكر بعض معارف النور الواجب التحقق بها من نور وهدى نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، والذي يجب أن ينفق النور التكويني الفطري عندنا في طلب النور الخالد والتوجه له ليحصل على مدده بإقامة عبوديته بهداه الحق ، ولينموا ويزداد فيشتد في وجود العبد المؤمن ومحيطه ، كما ويحذرنا بعض المحرمات المحققة بالظلام وضرورة الابتعاد عنها .

ثم في الآية العاشرة :يعرفنا سبحانه نور المؤمنين في الجنة ومقامهم السامي ، ويذكر حال المنافقين وظلامهم في النار والعياذ بالله منهم ، لأنهم اغتروا بما يروا من وشاح النور لأهل الضلال والظلام من المنافقين المتظاهرين بالإسلام وبعض أعمالهم التي تشبه أعمال المؤمنين في ظاهرها ، دون أن يكون لهم حقيقتهم النورانية فكانوا في ظلام ونار تحرقهم وأكد لنا هذا المعنى سبحانه تدبر الآيات .

ثم في الآية السادسة عشر :يذكر سبحانه إنه قرآن عظيم فيه معارف كريمة ، وحقا للمتدبر بها أن يخضع لله ويخشع بكل وجوده ، بل هذا الكون كله خاضع له وخاشع ومسبح له طوعا أو كرها ، ولذا كانت الكرامة والمجد للمطيعين من للمؤمنين حتى صاروا من الشهداء والصديقين الذين يقيمون الواجبات الإلهية ، ويظهرون بنور العبودية له سبحانه ، فيتحلون ويتجلون بنور نفس وجودهم ويشرق في مملكتهم في عالم الجنة وملكوت الرب عند الرجوع إليه سبحانه وتعالى .

ثم في الآية عشرون : يحذرنا سبحانه الدنيا وطلبها بالحرام ، ولذا يطالبنا سبحانه بالمسابقة بها لكل خير ، ويعرفنا سبب المصائب التي تصيب الإنسان المؤمن مع كرامته عند لله تعالى ، وذلك لكي يتواضع ولا يكون متكبر فخور بنوره أو خوف أن ينخدع به أحد فيحسبه فوق شأنه فيغالي به حتى الربوبية ، بل ليعرف صدقه وثباته مع الله وتحققه بهداه في كل حال له ليكون شهيد وصديق أو إمام .

بل وهل صار الأئمة أئمة إلا بما صبروا : فكانوا يهدون بأمره وإن عالم الأمر نور منه يتنزل عليهم مدد الله ورحمته وفضله ، وبهذا عرفنا سبحانه إن في ثبات وليه في مصيبته له أجر عظيم ونور رحمة ، ويفوق غيره من المؤمنين أو مَن يفقد نوره ممن لم ينجح في الاختبار الإلهي أو يرتد ، كما ويكون قدوة وأسوة لغيره في ثباته وإشراق نوره الدائم في كل حال له شدة ورخاء وفي كل زمان مهما كان .

ثم في الآية الخامسة والعشرون : يعرفنا سبحانه تمام حجته في الهدى التكويني والتشريعي وعدله وفضله الكبير بنعمه علينا ، ويطالبنا سبحانه بنصر رسله وأولياء دينه وعدم خذلانهم بل نشر دينهم ، ويحكي سنته في كل مسير التأريخ وضرورة نصر نوره بتوليه والتحقق به من أولياءه الصادقين المصدقين ، وهذا ما طلبه سبحانه من المؤمنين على طول التأريخ ومن الأمم .

ثم في الآية الثامنة والعشرون : يعرفنا سبحانه إن نوره مستمر لمن ينصره ، وإن مسيره سوف يكون بعد نبي الرحمة للعالمين وسراجها المنير وفق سنة التكوين في الأرض والتي حكاها عن الأنبياء في الآيات السباقة لآل نبينا بعده ، ولذا سيجعل لنا كفلين من رحمة نورهبالحسن والحسين ، وذلك بعد نور مباشر لأبيهم علي بن أبي طالب الذي جعله نور لنا بعد نبيه ، وهذا ما يجب الإيمان به من فضل الله وهداه ومعارف نوره التي يطاع بها ويعبد ، ولذا كان يجب علينا التقوي بنوره حين تقواه بعدم التعصي عليه ، بل بطلبه والتحقق به حتى يجعل لنا مدد نور دائم من أئمة الحق بعد الإيمان به وبرسوله ، وهذا هو نور المصباح وزجاجته المشرق من المطهرين والراسخين بعلم كتاب الله وهداة الأمة والمشرقون عليها بنوره بإذنه ، وعلى كل من يطلبه منهم فيخرج من كل ظلمات المنافقين والكفار والمشركين والضلال المحرم والعصيان ، لأنه نور هدى من غفور رحيم ، فيخرج من الظلمات للنور لأنهم صفوا وأنابوا له وهجروا المنافقين وغيرهم و تولوا نور رب النور من أولياه ، وسلكوا صراطه المستقيم الذي به يسيروا بهدى الله النور وبرحمة وفضله من مدد نوره للمصطفين الأخيار وأئمة المؤمنين للعباد المؤمنين الحقيقيين ، وذلك حتى ليكونوا معهم بكل نور نعيم في وجودهم ومحيطهم أبدا بالرحمة وبفضل الله وكرمه مخلدين ولهم يكون المجد والفخر والعز الدائم بالنور  .

وهذا فضله الله يؤتيه من يشاء ، ويؤكده ثلاث مرات في آية واحده ، وهو فضل الله على النبي وآله وعلى شيعتهم وأتباعهم ، فإنه بعد أهل الكتاب يكون نوره لنبينا ويجعله لمن يشاء من آله الذين عرّف سبحانه إن فيهم أئمة المؤمنون كالآيات السابقة في ذرية الأنبياء ، وبهذا الفضل العظيم منه بأن يجعلهم مشرقون بالنور علينا وعلى كل من يطلبه ليخرج من ظلمات النفاق وكل ضلال ، للنور التام ويحصل على مدد نوره الواجب التحقق به من أهل النور ، والذي كان عليه نصره بنشره بعد التحقق به وتعريفه لمن لا يعرف .

 

ويا من تنور بالإيمان بالله الحق بكل صراطه المستقيم :بما عرفت من الآيات السابقة بكل هذه الصحيفة وما سيأتي من بحوث ، إنه جاءت الروايات من أئمة الحق بأن معنى : يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم  ، بأن نور الكفلين من رحمته سبحانه يتكفلون بالإشراق بنور هداه لنا حتى لا نضل ، هو نور المنعم عليهم وسيدي شباب أهل الجنة وهداهم ذو الصراط المستقيم الحسن والحسين عليهم السلام لنتحقق بنعيم نور هداهم ، وإن النور المجعول قبلهم مع النبي هو نور علي بن أبي طالب وهداه بمعارفه ، وهو أمير المؤمنين صاحب يوم الغدير وآيات الثبات والهادي الأول لنور الله بعد رسوله ، وهو أول رجل بعد النبي للبيت المرفوع بنور ذكر الله حين لابد لكل قوم هاد مستمر في آل النبي وذريته كباقي الأمم ، ولو لم يكن نبي بل ولي نور الله المشرق به بعد نبي الرحمة ، وقد طلب منا أن نكون من حزبه في آية ولي الخشوع والخضوع بالركوع والصلاة والزكاة ، وهو إمام حق هادي للصواب لكي لا يشتبه بالمنافقين وأئمة الظلام والضلال ، فهو ولي النور الذي يجب أن يرجع له في آية الولاية والصلاة وهم راكعون ، وحزبه هم المفلحون الغالبون ، وهذا فضل الله على نبي الرحمة وأجر رسالته في مودة القربى وهو لنا مغفرة وخروج من الظلمات ورحمة ، وشكر من الله لنا ومزيد من الحسنات حتى ليكون نور وجود ومحيط من يكون معهم في صراطهم المستقيم في الدنيا والآخرة في السماوات وملكوت الرب في الجنة ، وهذا كان بعض المعنى الذي ذكرنا  هنا في معنى هذه السورة المباركة ، وفيها عرفنا سبيل مسير نور الله في التكوين المطيع المؤمن حتى يسعى بين أيدينا إن شاء الله في القيامة مع نبي الرحمة نحف به وبآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، وجعلنا الله معهم بكل نور رحمة ونعيم إنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

ولكن هناك قوم تصبغوا بنور من غير حقيقته ، فجعلوا النور والكفلين غير آل البيت النبوي الطيب الطاهر الذين فضلهم الله وتفضل بهم علينا وعلى كل من طلب نوره منهم ، وحرفوا الناس عن الحق الذي هو لنبينا وكرامة الله له ولآله ولأنصارهم وحزبهم ، فجعلوا النور في أئمتهم ولا دليل بيّن لهم ولا حقيقة صالحة ظهروا بها بل حرفوا الناس عن الحق والهدى الواقعي ، ثم بعد ذلك لما أخذوا من ظلام أئمة النفاق أشتد ظلامهم ، فعادوا ثم اعتدوا على أهل البيت النبوي المنير بإذن الله ومدده لهم وفضله عليهم ، فأراد أو حرقوا هذا البيت المرفوع بنور ذكر الله وتعليم معارفه ، وحاربوهم على طول التأريخ هم ومن تبعهم ، فحاولوا بكل جهدهم لأن يمنعوا من ذكر نور الله ومعارفه المشرقة من نبيا وآله الكرام لمن تعلم منهم فأقام عبودية الرب بما يحب ويرضى من حب أولياء دينه والإقتداء بهم والسير على صراطهم المستقيم لكل نور عبودية الله وطاعته ونعيمه الدائم .

وفي هذه السنة في عشرة محرم سنة 1425 في كربلاء المقدسة وفي الساعة العاشرة وعشرة دقائق ، وفي مكان شهادة الإمام الحسين عليه السلام وعند مرقده الطاهر الذي ثوى فيه ، حين أزدلف أكثر من ثلاثون ألف من أتباع أئمة الضلال والظلام من المنافقين والكفرة الطغاة على ، نور الحسين وآله وصحبه الذين كان عددهم سبعون ونيف حتى قتلوه شهيدا ، هو وآله الكرام وسبي حريم رسول الله في كل بلاد المسلمين يفتخرون بفعلهم بقتلهم وسبيهم .

 وحتى لكان يستهجن ذكر هذه الحوادث في صدر الإسلام كل المسلمين حتى أتباع أئمة الكفر الذي تصبغوا بهذا باسم الدين وتبرون من فعلهم الشنيع ، فكانت ثورة التوابين والمختار والحرة وغيرهن تبع لنهضة الإمام الحسين عليه السلام ، وبها ينوبون إلى الله ويحاولون نصر نوره ونشر مبادئه حتى صاروا بعد زمن من شيعة الإمام الحسين عليه السلام .

 ولكن وجدت : في هذا الزمان طائفة بصنع الاستعمار لهم من زمن وروده بلاد المسلمين واستيلائه على الحرمين مكة المكرمة والمدينة المنورة بتوسطهم ، فأخذ يبث سمومه وتفريقه لصفوف المسلمين من سبيلهم ، وهذه الطائفة تسلك سبيل أئمة الضلال والظلام في صدر الإسلام من المنافقين الذين قتلوا الحسين وآله ، وهم يُدعون لحرب الحسين عليه السلام وآله بكل سبيل لهم في كتبهم وفكرهم وعلمهم وعملهم وعلى الانترنيت .

ولذا في هذه السنة : قاموا بتفجير ووضع قنابل فقتلوا بها شيعة الحسين عليه السلام ، بعد إن دخلوا متخفين متظاهرين بالنور بأنهم أنصار للحسين ومن زواره ، ولكنهم منافقين استولى عليهم الظلام التام حتى جاءوا لقتل شيعته ومحاولة منع نشر نوره ونصره ، وحتى قتل بفعل المظلمين وجرح المئات من أهل النور فتم نورهم وصعدوا لمنزل الكرامة ونور الملكوت مع الحسين وجده وأبيه .

فإنه في كل سنة لشيعة الحسين وأنصاره يتحلى بعضهم بالشهادة حين يتحققون بنوره عن قرب ، وبالخصوص عند زيارته فيشتد نورهم فتصعد في ملكوت الرب أرواحهم راضية مرضيه بتمام النور وبكل ما يمكن من سعته لمخلوق متأسي بالحسين ويحبه ، فيقدم له التقدير وآيات الاحترام لما بذل من نشر النور والهدى الإلهي وعرف حقيقته ومحل صدوره وكل معارفه بكل شيء ظهر منه ومن آله الكرم عليهم الصلاة والسلام ، ولكن في هذه السنة 2004 التي أكتب بها هذه الصفحات من صحيفته المباركة وفي أول آذار المصادف لشهادة الحسين عليه السلام وعاشر محرم 1425 ، قام بعض المخدوعين بالمنافقين من أتباع أئمة الظلام والضلال ،و أتباع أئمة الجور بتفجير أماكن متعددة في كربلاء الحسين بل وفي الكاظمين وفي باكستان ، فأستشهد وجرح هذا الجمع الكريم والعزيز على الله ورسوله والحسين وآله من زواره ممن يقدمون له الاحترام والتقدير بإعادة ذكراه غضة طرية ، وذلك ليستلهموا منه مبادئ الكرامة والمجد ، والذين يجلسون معه في كرامة الرب ورضاه على موائد النور في يوم القيامة بل الآن كما جاء في الأثر :

عن عبد الله الطحان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته وهو يقول :

ما من أحد يوم القيامة إلا و هو يتمنى أنه من زوار الحسين ، لما يرى مما يصنع بزوار الحسين عليه السلام من كرامتهم على الله تعالى .

كامل ‏الزيارات ص135ب50ح1.

 

وعن صالح بن ميثم عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

من سره أن يكون على موائد النور يوم القيامة

فليكن من زوار الحسين بن علي عليهم السلام .

 كامل ‏الزيارات ص135ب50ح2.

وعن ابن صدقة عن المفضل بن عمر قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :

 كأني بالملائكة و الله قد زاحموا المؤمنين على قبر الحسين عليه السلام .

 قال قلت : فيتراءون له ؟

قال : هيهات هيهات قد لزموا و الله المؤمنين حتى أنهم ليمسحون وجوههم بأيديهم ، قال : و ينزل الله على زوار الحسين عليه السلام غدوة و عشية من طعام الجنة و خدامهم الملائكة ، لا يسأل الله عبد حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة إلا أعطاها إياه .

قال قلت : هذه و الله الكرامة .

قال لي : يا مفضل أزيدك ؟ قلت : نعم سيدي .

قال : كأني بسرير من نور قد وضع .

و قد ضربت عليه قبة من ياقوتة حمراء مكللة بالجواهر ، و كأني بالحسين عليه السلام جالس على ذلك السرير ، و حوله تسعون ألف قبة خضراء ، و كأني بالمؤمنين يزورونه و يسلمون عليه .

فيقول الله عز و جل لهم : أوليائي سلوني فطال ما أوذيتم و ذللتم و اضطهدتم ، فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة إلا قضيتها لكم , فيكون أكلهم و شربهم في الجنة .

فهذه و الله الكرامة التي لا انقضاء لها و لا يدرك منتهاها .

كامل ‏الزيارات ص135ب50ح1.

وذلك يا أخي المؤمن : لأن الذين جاءوا لزيارة الإمام الحسين في يوم استشهاده أو غيره من الأيام الكريمة لزيارته أو يقيمون مراسم تخليد ذكراه ، فإنهم بذكر تضحيته ومعارفه يستلهمون منه معارف النور ويطلبون هداه من معارف صلاة النور وصوم النور وحج النور وزكاة النور وكل حلال الله الذي ينور الروح ويكون مدد نور العقل الطيب عندما يكون مثل معارفه ، حتى خُلقهم وسيرتهم لتكون وفق هداه ومنهجه النور ، لأنه وجده أبيه وأخيه سادة أهل البيت المرفوع بذكر الله النور وهو سيد شباب أهل الجنة ، وهذا قليل من وصف مقامه المحمود عند الله الذي يكون أقرب مقام من جده أشرف وأكمل مخلوق نور في الوجود وبأعلى مراتب الملكوت والكرامة الإلهية لعبادة ، ولذا يكون شيعته عليه السلام معه في محل المجد ونور الشرف الدائم من الله تعالى ونوره لهم في كل نعيم ، لأنهم اقتدوا وتأسوا بسيد شباب أهل الجنة فكانوا معه.

فإنه يا طيب : إن الإمام الحسين بزيارة أنصاره ومحبيه من المؤمنين والطيبين له وبإقامة مراسم ذكراه ، هو من أهم المعالم التي تعرف وتظهر بحق إنه كان لهم قدوة وأسوة في علمه وعمله وبكل حال تجلى به من معارف النور الإلهي الذي تقام به عبودية الله سبحانه وتعالى ، وبشرحه لمعارف الله النور والظهور بها بكل حال له عليه وعلى آله الصلاة والسلام ، كان له أعلى مراتب النور وكذا يكون لشيعته وبالخصوص لمن يزوره ويُظهر حبه وطاعته ويصر على الإقتداء به ونصره ويظهر نوره ، وتجلى به بتعريفه ونشره حتى ليكون نورا على نور شديد النور ، علما وتطبيقا ونشرا وإظهار بكل حالا له وبأصعب الظروف .

وبهذا المنهج المنير للإمام الحسين عليه السلام ولآله الكرام : يتقوا زواره المؤمنون على مقارعة الضيم ويشتد عزمهم على طلب الإصلاح والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفض كل ظلم وعدوان من أي إنسان كان ، وبهذا يقرون لفضله وكرامة فعله الشريف الذي كان رفض للظلم والطغيان ، واستنكار الخضوع لأئمة الكفر بكل وجوده حتى ثوى شهيدا ، وضحى بكل شيء عنده من أهله وماله في سبيل نشر نور الله والتجلي بهداه ، وبأوسع نور مشرق حتى عم الزمان والمكان ، وبهذا كان زواره يستنيرون بنوره حتى كانوا معه وفي صراطه المستقيم دنيا وآخرة .

ولكن الصراع بين الحق والباطل ، وأهل الهدى والضلال ، وأهل النور وأهل الظلام دائم مستمر في التأريخ ، فهذا فعل أئمة الكفر كان مع الحسين وآله في سالف الزمان ، وكما كان يقتلون الأنبياء وأنصارهم في سالف الزمان ، وهذا فعل أتباع أئمة الكفر في هذا الزمان يحاولون أن يطفئوا نور الله أو يخفتوا من إشراقه ونشره ، وبفعلهم المشين هذا بقتل من يقتبس نور الحسين يريدون أن يمنعوا الناس من الاقتباس من نوره ، ولكن قتيلنا مع أهل البيت حتى لو كان مصيبة لنا ، ولكن حقيقته هو الخروج من كل الظلمات والسير لعالم النور الكامل في ملكوت الرب في حياة تامة منعمة حتى ليكون الشهيد مع الحسين وآله وجده وأبيه وأئمة عليهم الصلاة والسلام ، وقد قال تعالى :

{ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِي (152)  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)

 وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوالِ وَالأَنفُسِِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ  (155)

الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)

أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ

وَرَحْمَةٌ        وَأُوْلَئِكَ  هُمْ   الْمُهْتَدُونَ (157) } البقرة .

ولذا كان من يقيم معارف الله وهداه النور من أهل النور يكون ذكره لله حقا مثلهم نور ، ويكون في جوارهم ويسكن قرب بيتهم المرفوع بنور ذكر الله في ملكوت الرب حتى ليحف بهم في نعيمه النور ، لأنه ذكره وصلاته وكل شيء من هداهم الذي يقام به عبودية الله مثل الحسين وآله آل النور ، فيكون ذكره لله وإقامة عبودية نور حتى يسكن فيه بحق وكما قال تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)

وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيرًا (47) .....

 إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58) } الأحزاب .

والله لقد آذوا الله ورسوله أعداء الحسين وآله ، وأعداء أنصار دين الحسين ومنهجه الكريم على طول الزمان أين ما حلوا ومنعوا من ذكره ومعرفته ، فإن ذكره هو تعريف نور الله تعالى ومصدر إشراق نور هداه ودينه القيم ، لأن ذكره بكل حال له وصفته وسيرة وسلوكه وعلم ظهر به غدوة أو آصال آناء الليل أو أثناء النهار ، هو من نور الله تعالى ويعلمنا معرفة من معارف الله ، وأهم أمر هو تكريمه والإقرار له بالطاعة والولاية والإمامة وتجديد العهد معه للسير على صراطه المستقيم في كل حين وزمان ، فضلا عن بيان يوم شهادته والاعتداء عليه من أئمة الكفر وأتباعهم ، وبه كشف أهل الضلال والظلام المعادين له وكل المنافقين في صدر الإسلام وبعده من أعداء الحسين عليه السلام وآله الكرام الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم .

ولكن الوهابية ومن كان قبلهم وأئمتهم وكل من يسير على منهج ضلالهم ويتحقق بظلامهم ، لا يطيقون نور الحسين وأصحابه على طول الزمان ، ولذا يمنعون منه ويحاربوه بكل وجودهم ، وفي كل بلاد الله أين ما تواجدوا وتواجد أنصار الإمام الحسين عليه السلام وآله الكرام صلى الله عليهم وسلم ، وقد كانت لي مناقشة معهم على ساحات الحوار في الإنترنيت في موضوع ذكر علي عبادة تعرف بها إن ذكر الإمام علي عبادة لله لأنه ذكره يعرف ولي الله ونور هداه الحق ، ولكنه كان يصر على العناد ولو أذعن المحاور ببعض الحق في آخر المحاورة ، وتجدها في صحيفة الإمام علي في موسوعة صحف الطيبين فراجعها .

ولما كان ذكر النور والفرح بمعارفه لنتحقق به جميل ، كذلك يجب علينا ذكر أهل الظلام والأمور المحرمة لنخرج منها ولكي نعرف أئمة الضلالة والظلام وعدم توليهم لأنهم أس الظلام ، وهذا أيضا يساعدنا على أن لا نتعصى على الاستعداد لتحصيل النور واقتباسه من مصدر إشراقه وإنه يجب علينا أن نجد بالظهور به خالص من سيبله الحق ، واقتباسا وتحققا وظهورا به بكل صفاء الحسين وآله الكرام ، وعدم خلطه بظلام أعدائهم والمحاربين لهم ، فلذا نذكر بعض المطالب في حقيقة أهل الظلام وسبب تحققهم به والعياذ بالله منهم ، على أن يأتي ذكر بعض التفصيل له في الجزء الآتي ، وبعض الذكر له فيما يأتي فتدبر .

هذا ونسأل الله أن يجعلنا مع الحسين وجده وأبيه وأخيه وأمه وجدته ، ومع كل أنصارهم وشيعتهم والمحبين لهم والمقتدين بهم في محل الكرامة عند ه سبحانه ، ونحف بهم في مقام المجد والشرف والعز الإلهي الذي كرمهم به رب النور ، إنه أرحم الراحمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

 

النور الخامس

دنيا وآخرة الهدى والحلال نور
والضلال والحرام ظلام

 

إن الله هو العالم بحقيقة الإنسان وما يصلحه : ويمده بكل ما يحتاج من نور رحمته وهداه ليتم له الكمال والترقي في مراتب النور وملكوت النعيم فيحصل به على مدد نور وجوده ومحيطه بكل مجد وعز فرح وسرور ، ولذا سبحانه أرسل رسله على طول التأريخ بهداه ليتنور من يقتبسه منهم ومن أوصياءهم ومن الظاهرين بنورهم الصافي وممن يبلغه لهم فيقيم المؤمنون به عبوديته سبحانه ، لأنه بهذا النور لدين الله القيم الخالص من ظلال أعداء الله والحرام عما نهى الله عنه يتحقق العباد بنعيم نور هداه بنفس وجودهم لإيمانهم ، وبالعمل والسيرة لهم كجزاء يلحقهم في محيطهم النوراني الواسع في ملكوت الرب حتى ليشرق من وجودهم كما يتحقق به العباد عبودية لله به هنا ، فيظهر نور إيمانهم وشدته بمقدار عزمهم على طاعة الله والتحلي بعبوديته والتجلي بها بعد أن يتخلوا عن كل حرام ومعصية .

كما وحرم سبحانه التعصي على نور هداه في هذه الدنيا بما لم يرضى ارتكابه من الفواحش والبغي ، وبالخصوص تولي أئمة الجور لأنه فيه الضلال ويحقق بالظلام لمن يرتكبه وصار فيه حقيقة فيخرج من النور والعياذ بالله منه.

ثم يا طيب بتحقق المؤمن بنور الهدى هنا وبالظهور به أستمر له دائم في الآخرة ، ومن رفضه هنا يكون مظلم في الدنيا والآخرة لتعصيه عليه ولعدم قبوله لفضل الله ونعيمه وما كرمه به من رحمته ، فيخسر نور نفسه بسب إطاعة هوى الشهوات المحرمة وهجره لما حلل له ، ولتسلميه لوساوس الشيطان وطغاة أهل الأرض والدنيا زخارفها وزينتها، وذلك لينال منها بتوسطهم ولو بالظلم والجور والعدوان والحرام ، فيكون في ظلام متراكم والعياذ بالله منهم .

ثم لما عرفنا في البحوث السابقة إن بالإيمان بالله ورسوله وأولي الأمر يتحقق الإنسان بالنور في نفس وجود المؤمن ويحصل على مدد بقاء نوره خالدا سرمدا ، ولذا كان يجب أن يتحقق بهداهم وبكل ما ظهروا به من معارف وتعاليم كريمة ليتحقق بالنور ، ويصدق إنه مؤمن بالله ورسوله وأئمة الحق من أهل البيت المرفوع ، فيكون ذكره لله وإقامته لعبوديته محقق بالنور ، وإلا عرفت يكون الإنسان في نار الحرمان من النور فيضيق وجوده ويخسر نوره فينقلب بالظلام ويكون في غصة وحسرة أبدية والعياذ بالله .

ولكن لما كان كل هدى الله نور فأي شيء يتحقق به الإنسان مما أمر به رب النور يكون عبودية له وطاعة له سبحانه ويحقق بالنور ، وكل شيء يسبب التعصي على الطاعة ويرفض هدى الله يكون قاطع لمدد الله من النور فيظلم وجود العاصي ومحيطه ، ويشتد الظلام ويكون متراكم على العاصي حين يرتكب المحرمات وكل ما منع الله من إتيانه وأمر بتركه ، وبالخصوص تولي أئمة الكفر والظلال والمنافقين وكل معاند للحق والعدل والإيمان وأئمته .

ويا طيب : إن ما جاء في تعاليم هدى الله وما ينزل من رحمته وفضله ، وما أمر الله به ليسعد العباد ويهديهم ويكمل وجودهم من معارف إقامة عبوديته ، فلذا أراد سبحانه من العباد طاعته والتحقق به ، سواء كان بلفظ النور أو لا ، فهو يحقق بالنور وهو رحمة منه وفضل نزل ليتمم كمال وجودنا ويبقيه متحقق بنور الفطرة وكمالها وشدة النور فيها ، لما عرفت إن كل هدى الله نور ، وكل ما يطاع به الله نور ، وكل شيء أراده الله ويظهر به عباده فهو نور .

 وسواء جاء المحرم والمعصية والضلال بلفظ الظلام أو لا فهو يحقق بالظلام لمن يرتكبه ويكون له محيط مظلم حتى النار مظلمة لمن لم يتحقق بالنور.

و ذلك للتعليم الكلي في أن هدى الرب وما أمر به وما يطاع ويعبد به ويرضاه فهو يحقق العبد بالنور ، وإن الظلام : بالمعصية والحرام وبكل ما يبعد عن اقتباس النور حتى عدم طلبه ، فهو يقطع مدد النور فضلا عن عدم التحقق به.

وإن عدم ذكر النور والظلام : بعد كل تعليم لأن الله عرفنا تعاليم كليه ويجب تطبيق المعارف الفرعية عليها ، كما وإنه تعالى يخاطب جميع البشر وبكل ما يمكن أن يوصل لهم هداه وأوامره ليطيعوه بها ويشكروا نعمه فتحققوا بالمزيد من كرامته ونعمه ورحمته ، وسواء بلفظ النور أو الهدى أو الدين القيم أو الصراط المستقيم أو النعيم أو الرحمة أو الفضل أو المزيد أو الحسنات ، أو العروة الوثقى أو تولي الله ورسوله وأولي أمر ووجوب ودهم وحبهم ونصرهم وطاعتهم ، وغيرها من الألفاظ المحققة بالنور وكرامة الرب ومجده وعزه وما أعد لعباده سبحانه من النعيم الدائم في ملك الجنة بكل أوصافها فإنه هو نور .

 وهذه المعرفة النورانية معرفة شريف وكريمة عالية قد لا يطيقها كل أحد ، وإن من يحسدها أو لم يعرف معناها ولم يفهمها يجب عليه أن لا يعاديها ولا يرفضها ، فإنه موسع عليه الإيمان الكلي والمعرفة العامة لمعنى الهدى ، ولذا خفف الله وعرف دينه وهداه بكل لفظ مناسب يصلح الإنسان ويجعله خيّر يقيم عبوديته وطاعته لتعاليمه .

وهكذا كل حرام ومعصية كما عرفت وضلال وبُعد عن هدى الله وطاعة رسوله وأولياءه ، فضلا عن محاربتهم وأذاهم فهو ظلام ، وهكذا وصف النار فإنها نار مظلمة تكون محيطة بالوجود المظلم للمنافق والكافر والعاصي ، وليس نار الآخرة نور منيرة مثل نار الدنيا ، بل هي نار مظلمة وحقيقة المنافق والكافر والعاصي المصر مظلم بوجوده ، فإنه الظلمات المتراكمة هي نار لمحيط مظلم لوجود مظلم ، وذلك لأنه بنفسه لم يسعى ولم يطلب نور الله حتى يتحقق به إيمان بالله تعالى فلم يحصل على مدد نوره ولا نور هداه .

ولذا يا طيب : هذه بعض الآيات الكريمة التي تنجينا بطاعتنا لها والتنور بهداها من تعليم الرب المنزلة على سيد المرسلين ، وشرحها وعرفها لنا آله الطيبين الطاهرين بعده ، وبنفس الصفاء الذي ظهر به رسول الله من مدد نور الله تعالى ، كما وترينا وجوب الابتعاد عن ارتكاب المحرمات التي تحقق بالضلال وتقطع ممد النور الإلهي عن الإنسان وتحققه بالظلام ، ولو لم تكن بنفس لفظ النور للهدى والحلال ، أو الظلام للضلال والمحرم .

ولكن هي بحقيقتها نفسها تعلمنا ما يحققنا بنور هدى الله وتخرجنا من الظلمات وكل محرم في الدنيا وضلال ومعصية ، ونذكر منها ما يذكرنا بأمر  كلي لهذه المعارف من الهدى المنير أو الظلام المحرم ، وسيأتي بعض التفصيل في مجالس الذكر الآتية وبالخصوص الجزء الآتي ، وما سنذكره في باقي تعاليم ومعارف صحف الطيبين ، وبالغالب لمعرفة هذه الأمور بتفصيلها يرجع المؤمنون للرسائل العملية الفقهية للمراجع العظام ، ولكتب الأخلاق والآداب والتي تعرفنا تعاليم الدين وبالخصوص كتب الإيمان بأصول الدين والعقائد الحقة .

 فنتدبر هنا ما تيسر من آيات النور بألفاظ أخرى حتى نستأنس بتطبيقها على معارف النورلنتحقق بها ، وما يوجب الظلام لنبتعد عنه ولو ليس بلفظ الظلام .

 ونسأل الله أن يعرفنا بها سبيلنا وصراطنا المستقيم من هدى المنعم عليهم والواجب علينا أن نسلكه ونسير عليه فنتحقق بكل نوره ، ويبعدنا عن ظلام أئمة الجور والظلام وضلالهم بكل انحرافهم عن تعاليم الحق علما وعملا ، إن أرحم الراحمين وهو ولي التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

يا طيب : إن كل شيء في الوجود نور وهدى محلل إلا ما أخرجه الله بنص من كتابه ، أو بسنة نبيه أو بشرح من أولياء الحق وأئمة الهدى بتعليم الله وبتعريفهم مدد نوره ولذا قال تعالى :

{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ

 وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ  قُلْ هِيَ  

  لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا       خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ

 كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)

قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (33) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51)

وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52)

هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ

قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ(53)}الأعراف.

فإن الله سبحانه عرفنا إن الأشياء كلها حلال مباح وطيب ينور الوجود ، وهي أصلا مخلوقة للمؤمنين ولكن دنيا فيها أنواع ، ولكن يوم القيامة خالصة لهم لا يشاركهم أهل الظلام والفواحش والإثم والظلال وأئمته وأتباعه لأنهم خسروا نور أنفسهم فكانوا مظلمين ولذا قال تعالى :

{ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأْ اللَّهُ يُضْلِلْهُ

وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39) ......

 وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ   يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ   وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)

أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ

وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ

كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا

كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) } الأنعام .

وهذه كانت آيات تعرفنا بصورة تامة إن هدى الله نور وحياة كريمة ، والبغي وعدم إطاعة هدى الله ظلام تام ، ولذا كان كل حرام ومعصية ظلمة ، وهذه عدة آيات أخرى تعرف بعض أنواع الظلمات ، كما تبين أنواع الظلام أنظر :

قال الله تعالى : { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) ـ فهذه بعض المحرمات وهذه أخرى من كتمان العلم أو تحريفه التي تقطع النور وتحقق الإنسان بالظلام النار وعذاب أليم ـ

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) ـ وهذا سبيل الظلام والنار لكل من يترك الهدى الذي يُعرفه أئمة الحق ويكتمه بمنع الناس من معرفته ويدعوا لأئمة الظلام والضلال فيدخل به هو وأتباعه فكان كافر بأنعم الله وصار مظلم كما عرفت لأنه كان من ـ

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى

وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) } البقرة . نار مظلمة محيطة لوجود مظلم ، وهم في ضيق وحسرة وعذاب أليم أبعدنا عنهم ، وجعلنا وهو رب رحيم بالمؤمنين بسبيل الحق وصراط المنعم عليهم نبينا وآله الكرام الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم إذ قال سبحانه وتعالى :

{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ

وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ

 أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) ـ ولا يجعلنا من ـ

وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنْ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)}يونس .

{ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9)

أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا

 

 فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) } الطلاق .

وقال تعالى في معارف هداه في كتابه : { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)

وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) } النساء .

{ إِلاَّ بَلاَغًا مِنْ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) } الجن .

{ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58) }الأحزاب .

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا

وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِين (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (169) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ (170) }البقرة .

فإذا عرفنا إن أي شيء مما حلل الله وأمر به من هداه الذي يطاع به ويعبد يحقق بالنور ويطيب الوجود ويطهره من الظلام ، كذلك عرفنا إن كل أمر يعصى به الله فهو ظلال ويحقق الوجود بالظلام ، وحتى لو جاء بتعليم عام بعناوين أخرى ، ولكن نتيجته الحقيقية للوجود المطيع نور ، وإن للعاصي الضال ظلام يكون وجوده ومحيطه ، وقد عرفت كثير من الآيات .

وهذا تعريف آخر بالنور يكون مبيض وجه المؤمن ، وكل عاصي وظالم وطاغية وكافر ومشرك ومنافق ومعادي لمعارف الله ومعادي لأوليائه ويؤذيهم يكون وجهه مظلم أي حقيقته مظلمة ، أو بتعبير آخر أسود أنظر قوله تعالى :

{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ

وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ

فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)

وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) } آل عمران.

 

{ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60)

وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (61) } الزمر .

وبعد إن عرفنا الحقيقة المبيضة للإنسان المؤمن بالله ورسوله وبأئمة الحق ولم يكتم معارف الله التي يشرق بها أولياءه يكون بحق مبيض الوجه منور ، ويكون من يطيع أئمة الكفر وضلال المنافقين والمشركين وكل ما يعصى به الله وجود مظلم مسود الوجه .

وإن التعبير بالوجه هو تعبير عن حقيقة الشيء وأهم أمر به ليبين في المبيض بهاء نوره وضوئه وكماله لكل وجوده ومحيطه ، وهكذا يكون مظلم بكل وجوده ومحيطه حتى ناره مظلمة لأن كان ممن يتبع ما حرم الله تعالى .

وإن الله تعالى عبر عن طلب طاعته والتحقق به بالوجه ولذا قال تعالى :

{ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ

إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) }البقرة .

ثم عرفنا سبحانه إن أحسن نفقه هي ما يطلب بها وجه الله وهي إنفاقها على ذو قربى النبي ونشر هداهم وتعريفهم للناس ، وذلك حتى يعبدوا الله وفق نور دينهم القيم الذي خصهم الله به نزولا وشرحا وبيانا وتعريفا وإشراقا بنوره ، فإنهم لما أنفقوا كل وجودهم لله كانت لهم نفقه الأنفال ونفقة كل ما يغنم وما يزود لهم خمسه ولله ولرسول ، ولذا لهذه الآية أعطى النبي فاطمة فدك أنظر قوله تعالى :

{ فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (38) }الروم .

وذلك عطاء الله لملاك شريف في نفس وجود النبي وآله وهو أنهم أخلص من توجه لله بطاعته في الإنفاق لنفس وجودهم ومالهم سواء خديجة أو فاطمة أو النبي وعلي والحسن والحسين أنظر سيرتهم وسلوكهم النور حتى عرفهم الله لم يلههم لا بيع ولا تجارة ، ولكن القوم غصبوا فدك من آل البيت وشحت أنفسهم عليهم ، والله لما أنفق أهل البيت كل شيء في سبيله طاعة ونشر لدينه ، أمر وأوجب لهم حق الأنفال وتعويض بعض وقسم مما أنفقوا قبل الفتح من مال خديجة وهاشم حتى أبو طالب والنبي وآله كلهم ، ولذا فضلهم الله به وندب لحبهم والصلاة عليهم وجعلهم أئمة للمؤمنين يشرقون بنورهم ، ولكن القوم استولوا على حكومة المسلمين بفلتة ، وأبعدوهم وحرموا الناس منهم وعن كل ما يساعدهم لنشر هداهم النور الذي يعبد الله به بحق ويرضاه ويحقق بالنور.

 ولكن يا طيب إليك : وهذه قصة سورة الإنسان ـ الدهر ـ تعرفنا النور المشرق للنبي وآله الكرام المشرقون بنوره في إنفاقهم الكريم عند الله وتقديره لهم ، وهي سورة باتفاق المسلمين أنها نزلت بشأن الحسين والحسين لما مرضوا ، ونذر الإمام علي وفاطمة إن شافاهم الله يصومون ثلاثة أيام ، فصام الإمام علي وفاطمة سيد نساء أهل الجنة والحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة وفضة ناصرتهم في بيتهم هذه الموالية الكريمة معهم ، ولما صاموا جاء مسكين ويتيم وأسير في الأيام الثلاثة فكانوا يعطوه طعامهم ويطوون صائمون على ماء ، أنظر قوله تعالى لهم :

{ إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)

إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا(10)} الإنسان .

وهذا إخلاص أهل النور المشرقون به والظاهرون به يعلموه للناس بكل حال لهم وتكريم الله لهم لأنهم انفقوا لوجه الله خالص ، وذكر هذه السورة في شأن نزولها بأهل البيت الطاهر كل من ذكر تفسيرها ، ولمراجعة المصادر راجع كتاب مستدرك المراجعات أو راجع صحيفة الإمامة من موسوعة صحف الطيبين.

وعلى الإنسان العاقل الإيمان بالله وعليه إن يتبع من فضّلهم الله ورفع درجتهم ، ولن تجد أحد في الدنيا له كرامة نبينا وآله وأهل البيت سادت أهل الجنة في النور والمقام المحمود عند الله ، وكل من تبعهم صار منهم ومعهم كما عرفت في هذه الصحيفة المباركة للإمام الحسين عليه السلام ، ولذا قال تعالى :

{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)} البقرة .

 { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ

 وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ   لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ

إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165) }الأنعام .

فمن يعقل حين يرى آيات الله في الكون يؤمن بالله ورسوله وأئمة الحق المفضلون بكل نور الله ، والذين لهم درجة عظيمة ، لأنهم كانوا هم الصابرون في ذات الله تعالى حتى ، جعلهم أئمة يهدون بأمره ويحققون بالنور المؤمنين وأنصار الحق ، وبهذا يظلم وجود المعاندين لمن فضلهم الله ورفع درجتهم .

 ولما وصل الكلام لنصر النور ونشره نذكر قصة وموقف عظيم للإمام الحسين عليه السلام في يوم التاسع من المحرم يعرفنا حبه للظهور بنور الله من ذكر الله والصلاة والصوم وتلاوة كتاب الله تعالى لينشر نوره ويحقق من يقتبس منه إلى يوم القيامة حين تذكره ومعرفة كيف صبره وتجلده وثباته من أجل تعريف أهمية التحقق بنور الله ونشره ، ونذكر موقف آخر كريم لأصحابه معه لنرى نورهم وعزمهم للكون معه في كل مراتب النور وكرامة الله من نعيم الهدى والجنة ، فنرى كيف نصر الموالون لأئمة الحق نور الله فتنورت حقيقة وجودهم بل صاروا بذكر نصرهم للحسين ومنهجه منورين لغيرهم ممن يتصل بهم ويقتدي بهم :

 قال المفيد : ـ في اليوم التاسع ـ قال العباس بن علي للحسين بن علي عليهم السلام : يا أخي أتاك القوم .

 فنهض ثم قال : اركب أنت يا أخي حتى تلقاهم وتقول لهم : مالكم ؟ وما بدا لكم ؟ وتسألهم عما جاء بهم .

 فأتاهم العباس في نحو من عشرين فارسا فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر . فقال لهم العباس : ما بدا لكم وما تريدون ؟

قالوا : قد جاء أمر الأمير أن يعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم ، قال : فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم ، فوقفوا فقالوا : القه وأعلمه ثم القنا بما يقول لك .

فانصرف العباس راجعا يركض إلى الحسين عليه السلام يخبره الخبر ، ووقف أصحابه يخاطبون القوم ، ويعظونهم ويكفونهم عن قتال الحسين . 

فجاء العباس إلى الحسين عليه السلام وأخبره بما قال القوم .

 فقال : ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غد ، وتدفعهم عنا العشية ،لعلنا :

نصلي لربنا الليلة ، وندعوه ونستغفره.

 فهو يعلم أني كنت قد احب :

 الصلاة له ، وتلاوة كتابه .

 وكثرة الدعاء  والاستغفار . 

فمضى العباس إلى القوم ، ورجع من عندهم ، ومعه رسول من قبل عمر بن سعد يقول : إنا قد أجلناكم إلى غد ، فان استسلمتم سرحنا بكم إلى عبيد الله بن زياد وإن أبيتم فلسنا بتاركيكم ، فانصرف .

الإرشاد ج2ص90 ، بحار الأنوار ج40ب37ص391ح2.

هذه حقيقة نور يحب الظهور بها عليه السلام ومن يقتدي به يتنور ، وهذا معنى من معاني حب سيد شباب أهل الجنة  لله وصلاته متوجه له وتلاوة كتاب الله المشرق بالنور في كل حال له ، ولم يلهه شيء عن الإشراق به والظهور به ساطعا يُعرفه حتى لأعدائه ، حتى زكى ماله كله لله بل نفسه وأهله من أجل نشر نور الله تعالى وتعليم الإباء على العصيان ورفضه للظلام لأنه رجل البيت الطاهر ، ولا ظلام فيه والطيب بالنور ومدده ، بل هو كوكب دري ورحمة من الله ، ومُطهر من الظلام ومُطيب بالنور لكل من يقتدي به ويتصل بمنهج هداه فيطبقه وبتحقق بنور هداه من أجل عبودية الله وإقامة دينه بما يحب ويرضى .

 ولذا كان على نوره أصحابه ، أنظر ما دار بينهم وبين الإمام الحسين ليلة العاشر من المحرم كيف ثباتهم معه وكيف يجزهم عن الله خيرا :

قال المفيد رحمه الله : وجمع الحسين عليه السلام أصحابه عند قرب المساء.

قال علي بن الحسين زين العابدين عليهماالسلام : فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم وأنا إذ ذاك مريض ، فسمعت أبي يقول لأصحابه :

 أثني على الله أحسن الثناء ، واحمده على السراء والضراء ، اللهم إني أحمدك على أن :

 أكرمتنا بالنبوة .

 وعلمتنا القرآن .

وفقهتنا في الدين .

 وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ، فاجعلنا من الشاكرين .

أما بعد فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي ، ولا أهل بيت أبر وأوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عني خيرا.

ألا وإني لأظن يوما لنا من هؤلاء ، ألا وإني قد أذنت لكم ، فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم حرج مني ولا ذمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً.

قال المفيد : فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله بن جعفر :

لم نفعل : ذلك لنبقى بعدك ؟ لا أرانا الله ذلك أبدا .

 بدأهم بهذا القول العباس بن علي وأتبعته الجماعة عليه فتكلموا بمثله ونحوه ، فقال الحسين عليه السلام : يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم بن عقيل فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم ، فقالوا : سبحان الله ما يقول الناس ؟ نقول إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ، ولم نرم معهم بسهم ، ولم نطعن معهم برمح ، ولم نضرب معهم بسيف ، ولا ندري ما صنعوا ، لا والله ما نفعل ذلك ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلنا ، ونقاتل معك حتى نرد موردك فقبح الله العيش بعدك .

وقام إليه مسلم بن عوسجة ، فقال : أنحن نخلي عنك ، وبما نعتذر إلى الله في أداء حقك ؟ لا والله حتى أطعن في صدورهم برمحي ، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ، والله لا نخليك ، حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله فيك ، أما والله لو علمت أني اقتل ثم أحيى ثم احرق ثم أحيى ثم أذرى ، يفعل ذلك بي سبعين مرة ، ما فارقتك ، حتى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتله واحدة ، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا . 

وقام زهير بن القين فقال : والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى اقتل هكذا ألف مرة ، وأن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك ، وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك . 

وتكلم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد.

 فجزاهم الحسين خيرا وانصرف إلى مضربه .

الإرشاد ج2ص92 ، بحار الأنوار ج40ب37ص393ح2.

فهذا نور الحسين عليه السلام سرى في أصحابه فثبتوا على الحق وصبروا على التحقق بالنور ، فكانوا معه في أرقى منازل ملكوت الرب ، وفي النور التام مع سيد شباب أهل الجنة وجده رسول الله في المقام المحمود ورضا الرب .

 ولكن أنظر أتباع الطرف المظلم الذي ملئ وجودهم بالحرام وأستحوذ عليهم الشيطان كيف موقفهم مع الإمام الحسين عليه السلام ، فإنه موقف نعرف به المظلمين الذين ملئ الحرام وجودهم والضلال عقولهم فيخرجون من العقلاء وعمت أبصارهم والعياذ بالله منهم :

الإمام الحسين يعرفنا ظلام أئمة الكفر وأنصارهم :

 لما عبأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسين بن علي عليهما السلام ورتبهم مراتبهم ، وأقام الرايات في مواضعها ، وعبأ أصحاب الميمنة والميسرة ، فقال لأصحاب القلب : اثبتوا ، وأحاطوا بالحسين من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة .

فخرج عليه السلام : حتى أتى الناس فأستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتى قال لهم : ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلي فتسمعوا قولي .

 وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد

فمن أطاعني كان من المرشدين

 ومن عصاني كان من المهلكين

 وكلكم عاص لأمري غير مستمع قولي .

فقد ملئت بطونكم من الحرام ، وطبع على قلوبكم .

 ويلكم ألا تنصتون ؟ ألا تسمعون ؟ 

فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم وقالوا : أنصتوا له .

فقام الحسين عليه السلام ثم قال : تبا لكم أيتها الجماعة وترحا ، أفحين استصرختمونا ولهين متحيرين فأصرختكم مؤدين مستعدين ، سللتم علينا سيفا في رقابنا ، وحششتم علينا نار الفتن خباها عدوكم وعدونا .

 فأصبحتم :إلبا على أوليائكم ويدا عليهم لأعدائكم ، بغير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، إلا الحرام من الدنيا أنالوكم ، وخسيس عيش طمعتم فيه ، من غير حدث كان منا ، ولا رأي تفيل لنا.

 فهلا - لكم الويلات – إذ كرهتمونا وتركتمونا .

 تجهزتموها : والسيف لم يشهر ، والجاشطامن ، والرأي لم يستحصف ، ولكن أسرعتم علينا كطيرة الذباب ، وتداعيتم كتداعي الفراش .

 فقبحا لكم ، فإنما أنتم من طواغيت الأمة وشذاذ الأحزاب ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام .

 ومحرفي الكتاب ، ومطفئ السنن ، وقتلة أولاد الأنبياء ، ومبيريعترة الأوصياء .

 وملحقي العهاربالنسب ، ومؤذي المؤمنين ، وصراخ أئمة المستهزئين ، الذين جعلوا القرآن عضين .

وأنتم: ابن حرب وأشياعه تعتمدون ، وإيانا تخاذلون .

 أجل والله :الخذل فيكم معروف ، وشجت عليه عروقكم ، وتوارثته أصولكم وفروعكم ، وثبتت عليه قلوبكم ، وغشيت صدوركم.

 فكنتم : أخبث شيء سنخا للناصب ، واكلة للغاصب ، ألا لعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الإيمان بعد توكيدها ، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا فأنتم والله هم .

أنظر ما ذكرنا في الباب السابق وبالخصوص في المجلس الثاني ثاني الذكر والذي فيه الإمام الحسين يبين إنه ولي الله ورجل بيت الله المرفوع المنور ص 317 . وانظر ص323 ثالث الذكر موقف وخطبة أخرى للإمام الحسين لتعرف ما ذكرنا من الشرح وكيف عرفنا الإمام الحسين بيته المرفوع بنور الله ، وخسة ودناءة أعداءه الذين يصدقه عليهم

{ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ(46)} الحج .

وهذا حال الواهابية وكل من ينصر أئمة الضلال والظلام .

 ولكن الإمام الحسين وصحبه وأنصاره في أي زمان ومكان كانوا يصدق عليهم أنهم تولوا نور الله كما أشرق به نبي الرحمة وآله الكرام وكما قال الله تعالى :

{ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ(269)}البقرة .

ويعرفون إن ما جرى بين الإمام الحسين المنور للوجود ، وبين المظلمين إنه من حكمة الله في تدبير خلقه ، وبيان لإخلاص أولياءه في تعريف نوره حتى الشهادة ولم يتوانوا في تقديم كل شيء في سبيل الظهور بدينه ونشر هداه الحق ،  ولذا قال تعالى :

{ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)

 وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ  (143)

وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)

وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)} آل عمران .

ونحن كشيعة وموالين للإمام الحسين عليه السلام نقول كما عرفنا الله إن الإمام الحسين وآله في سورة الدهر الإنسان ، وفي هذه الآيات الكريمة :

{ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ(193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)

لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلاَدِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)

لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ(198)} آل عمران .

اللهم توفنا مع الأبرار الحسين وآله وأنصارهم بحق محمد وآله الكرام .

 وبعد إن عرفنا هذا نذكر عدة معارف في نور الله تعالى من كلام الإمام الحسين وآله عليهم السلام، والتي تعرفنا كيف يتحقق وجودنا بنور العلم والهدى كله في هذه الدنيا والآخرة ، فنعرف إن كل هدى الله وطاعته وكل شيء أمر به يحقق بنوره إن طلبناه من أئمة الحق ونصرناهم  ، فنجد ونسعى لأن نقتبسه من صراطه المستقيم وأهل النعيم الحق ليكون نور لنا ، ونجتنب كل ما نهى عنه الله وحرمه لأنه ظلال ويحقق بالظلام لأعدائنا من أئمة الضلال وأتباعهم إن شاء الله.

 وبتفصيل الأحاديث الشريفة بعد إن عرفنا بيان الله تعالى ومصداقه الحق نبينا محمد وآله وشيعتهم وأنصارهم الكرام في أي زمان ومكان كانوا لأنهم تحققوا بنور هدى الله تعالى ، وحتى صاروا نور معهم ومنهم يشرقون بهدى نورهم طاعة خالصة لله تعالى وعبودية تامة له لا ظلام لضلال أعداء الحق والنور فيها .

 واللهم أمين توفنا مع الأبرار الذين يوفون بالنذر ويخافون يوما شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبك ولوجهك مسكينا ويتيما وأسيرا ، حتى جزيتهم جنة وحريرا وملكا كبيرا حكمة وكتاب في الدنيا وجنة عرضها السماوات والأرض في الآخرة ، ونورنا بنورهم وهداهم كله الذي تطاع به وكما جاء به نبيك وأظهره آله الكرام بكل حالهم ، وأبعدنا عن أعدائهم من أئمة الظلام وأتباعهم الذين أستحوذ عليهم الشيطان ولم يسمعوا للقول الحسِن للإمام الحسين عليه السلام في كل مكان وزمان ، اللهم أجعلنا معه في موقع المجد والكرامة والعز عندك فنحف بجده نبي الرحمة معه تحت لواء الحمد وفي المقام المحمود في تمام النور وكماله إنك ولي التوفيق ، وإنك أرحم الراحمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين.

 

الهي بالحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والمعصومين من بنيه اجعلني وكل ناشر لهداهم وقراءه ومطبقيه من الموالين والمحبين لهم بحق ومن أصحابهم وأنصارهم الطيبين الخيرين الطاهرين ومحققين بكل نور هدى ونعيم خصصتهم به إنك أرحم الراحمين
أخوكم في نور الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين

إلى أعلى مقام لهذه الصفحة نورك الله بنور الإمام وآله الكرام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام خلصك الله  من أئمة الظلام