تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين


البحث الأول

لما عرفت كربلاء سجدت على ترابها واتخذت سبحتي منه

أيها الأطايب الكرام : ذكرت لكم في مقالات سباقة كانت عناوينها :

هكذا عـرفت الإمام الحسـين عليه السلام .

 ولما عرفت الحســين انتسبت إليه .

وهكــذا عــرفت كــربلاء :

 وحان الآن بيان واجبي اتجاه تراب كـــربلاء التي ثوى فيها جدث الحسين ، فصار مرقده الطاهر فيها نورا يشرق الإيمان في قلوب المخلصين لله بدين النبي محمد وآله الكرام صلى الله عليهم وسلم ، وصار تراب كربلاء المتناقل بيد المؤمنين والأحرار الطيبين سبحة وتربة ، مُلهم الهدى الحق لدين الله الصافي ، ولتعاليمه الحقة التي يطاع بها سبحانه ، ومن غير ضلال ولا شرك ولا نفاق .
 وإنكم عرفتم في ما ذكرت سابقاً : إني اتخذت منهج أبا عبد الله الحسين عليه السلام دين وعقيدة ، وتعاليمه هدى أتعبد بها لله وأطلب به ثوابه ورضاه ، ثم إني أخلصت له الود والمحبة كما أمر الله بآية المودة ، وأطعته في كل شيء عرفه لنا بسيرته وسلوكه وعلمه وعمله لآية أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر ، فاتخذته إماما لآية يوم ندعو كل أناسا بإمامهم ، فكان لي قدوة وأسوه كجده رسول الله وأبيه وأخيه وأبناءه المعصومين إلى يوم الدين فإن الله تعالى قال :
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا .
 وقال رسول الله : حسين مني وأنا من حسين .
فطلبت ما يذكرني برسول الله وسنّته وسيرته وسلوكه بتطبيق علمي وعملي حق غير مختلف به ولا فيه ، وكل من خالفه يُعرف ضلاله وكذبه فيما يدعيه ، وواضح مستبين لكل ذي بصيرة بأقل تدبر في تأريخ الدين وسنة رسول رب العالمين وأقواله ، فوجدته بغيتي متجسدة بل بكل روح اليقين من النور الذي يشرق من نهج الحسين وهداه وتعاليمه ، حتى كان الحسين بحق كما ذكر رسول الله منه في كل شيء حتى في سلوكه وسيرته ، بل كان رسول الله من الحسين كما قال رسول الله : وأنا من حسين ، أي هو استمرار لدينه وهداه بكل معارفه ، ومعلم له بأوضح سبيل يعرفه كل حر وطيب عرف ثورة الحسين وتضحيته وإيثاره وبأقل تدبر .
ثم لما كنت أحب ذكر الله كثيرا وبإخلاص ، وأرجو ثواب الله في اليوم الآخر كما علمتنا الآية أعلاه وحثتنا لهدى الدين : أتخذت خرز مسبحتي من طين تراب الحسين في كربلاء لأذكر الله كثير عند تدويرها ، بل سجدت عليه حمدا لله وشكرا في صلاتي ، واستعين بالله لأن يعرفني هداه كما علمه الحسين الذي يحكي دين جده رسول الله ، وبكل شيء من علمه وعمله ، بل في كل آثاره التي خالطت تراب مثواه في كربلاء ، وبهذا عرفت حرمة تراب كربلاء فسجدت على ترابها واتخذت سبحتي منه .
فيا أخوتي هاأنذا أرجو أن أكون بحق قد تمسكت بهدى الحسين عليه السلام ، فإنه بحق مَن عرف الحسين بحق معرفته ، يعرف إنه أسرع سبيل لمعارف الدين ، وصراط مستقيم يوصل لهدى الله عند آل أجمعين ، اقصد رسول الله وآله الكرام الطاهرين بأمر الله تكوينا وتشريعا ، وذلك لما فيه من خصوصية البيان الواضح لهدى الله حتى لا يمكن أن يشكل عليه بقيل ولا قال ، فإن الحسين شهيد الحق وخالط دمه تراب كربلاء من أجل طلب الإصلاح في أمة جده رسول الله وأبيه الإمام والولي والوصي علي أبن أبي طالب عليهم السلام ، وذلك بعد إن أستفحل الظلم والضلال ، وشاع الفسق والفجور ، وتجاهروا به حتى عرفه الداني والقاصي ، ولم يعد مجال للسكوت عن الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الذي ارتكبه حكام الجور الطغاة الظلمة المتسلطين على رقاب المسلمين وأتباعهم ، فلم يكفي الإنذار والبيان ، ولا توضيح الهدى بخطب الكلام ، بل لابد لأن يشهر سيفه فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويدعوا لاستخدامه حتى يقام الإصلاح ، فأقدم روحي له الفداء مع خذلان الصديق وقلة الناصر كما عبر عنه في موقفه حين قدوم لكربلاء بل قبله ، ولكن حين قدم سقى هداه كربلاء .
 فتصدى لواجبه عليه السلام ولو مع قلة الناصر ، وبما يرضى الله ويحب سبحانه ، ليقيم الإصلاح في أمة جده الكريم نبي الرحمة وشيعة أبيه أمير المؤمنين الوصي الحق ، فكان مخلصا في إقدامه حتى نال الشهادة بكل فخر وعز ، رافضا لأي خضوع لظلم وذل .
ولهذا أتضح لكل منصف وحر أبيّ : إنه من خالف الحسين في هداه ومنهجه من أجل الدين ، قد أنحرف عنه في أي زمان كان أو أي مكان وجد ، وقد ضل عن الهدى وطغى على الحق من تبع أعداء الحسين ، وهكذا من خالف آله لأنه منهم وهم منهم ، وكلهم من رسول الله في هداه وولايته المكتسبة بفضل الله الذي يختار لتعريف دينه خير عباده وأطيبهم وأطهرهم ، فيجعلهم أئمة وولاة أمر لتدبير عباده وهدايتهم لحقائق معارفه ، ويجعل بيدهم نور الصراط المستقيم والدين القويم ، فكانوا هم المنعم عليهم فإنهم آل محمد عليهم السلام .
ولكن للخصوصية التي ذكرتها : خصصت مقالي هذا ببيان معرفتي بالحسين وبعض آثاره ، وما أنار به العقول بسلوكه ومنهجه ، وكيف دخل القلوب بفدائه وتضحيته ، فتتبعت آثاره التي تذكرني بإقدامه وإيثاره ، ومواقفه المعرفة لحقه بعلم وإيمان وعمل ، و التي تمنح المجد والكرامة لمن يتبعها بروحه وعقله وقلبه ، وتسلك به الصراط المستقيم لمعرفة الحق من دين الله وهداه وتطبيقه بكل يقين وإخلاص .
فلم أجد : بعد عالم المعنى والعلم والهدى وتطبقيه لكي أطلب به الإصلاح والعدل والإحسان ورضا ربنا الرحمان بل وعبوديته بإخلاص ، شيء يذكرني بهدى الصراط المستقيم في كل لحظة وآن ، حين الذكر وفي أوقات الفراغ أو في الأماكن المقدسة والمجالس ، بل حتى أثناء الصلاة فضلا عن الجلوس مع الأحبة وفي النوادي والمقاهي والأسواق :
إلا أن أسجد لله حمدا وشكرا وطالب بذلك قربا : على تربة شهدت كل الإخلاص لله والطاعة له حتى الشهادة ، وصبغت بالإيثار والتضحية وبكل شيء يبذل من أجله سبحانه ، فوجدت بحق إنه يجب علي أن أسجد على تربة ثوى عليها أبا عبد الله الحسين .
وأن أتخذ خرز مسبحتي : التي أديرها حين ذكر الله على كل حال ، من ذلك التراب الطاهر ، فلهذا كان ومازال يرافقني في كل زمان ومكان شيء من تراب كربلاء ، تربة وسبحة .
نعم يا أخوتي سجدت على تراب كربلاء : فتعبد به لله في كل أوراد صلاتي وذكري ، فإني حين أكبر الله وأحمده وأسبحه ، رأيت واجبي أن أتخذ مسبحتي من ذلك التراب الطاهر الذي قدسه الإمام أبا عبد الله الحسين حين ثوى فيه ، فصارت كل ذرة فيه تطالب بالإصلاح والعدل والإحسان ، وتذكر كل مؤمن بحقيقة هدى الرحمان حتى الشهادة في سبيل إعلاء كلمة الهدى ، والتذكير بها لكل طيب يريد أن يقتدي بمنهج أبا عبد الله الحسين وتعاليمه وتضحيته وإيثاره ، فيعرف برؤيتها الحق والهدى الإلهي ، فيسعى لتطبقي معارف الله الحقة وهداه الصادق حين يتذكر معارف ومنهج أبا عبد الله الحسين عليه السلام ، فيكون بحق هذا السجود على تربة كربلاء والتسبيح بها ، تبليغ لدين الله الواقعي بالموعظة الحسنى وبالدليل العملي فضلا عن البرهان العلمي .
نعم يا أخوتي : وجدت تراب كربلاء حين حل فيه منهج الحسين ودمه وهداه في موقفه المشرف الأبي في ذلك اليوم المشهود ، عين الإخلاص لله والصدق في طاعته ، ورأيته بكل ذرة وجزء وتركيب منه مذكر بهدى الله سبحانه وبتعاليمه الواقعية وصراطه المستقيم ، فهذه كانت عندي حقيقة تراب كربلاء ، ولهذا تحققت و تيقنت أنه صار من واجبي أن أسجد عليه في صلاتي وحين ذكر لله وحده لا شريك له ، في تعقيب الصلاة أو في وقت فراغي ، لأنه يرفض الظلم والعدوان والطغيان والفجور والفسوق ، فضلا عن الشرك والكفر والنفاق .
 بل لكي أتذكر الحق والعدل والإحسان وضرورة الإخلاص في طاعة الرحمن : في كل الأحوال والظروف مهما الأمر كان ، قررت بكل يقين حتى كاد أن يكون عندي ضرورة من ضرورات الدين ومن غير بدعة وتشريع ، بل من أجل أن أعرف الله بإخلاص مع الإيثار لمعرفة هداه وذكره بحق ، وبما يحب ويرضى أن يطاع ويعبد ، فقررت بكل همة ويقين وعلما وعملا أن ترافقني تربة كربلاء في حلي وتراحلي أبد ما حييت .
بل يا أخوتي الكرام : سأوصي أحبتي أن يضعوا في مساجدي السبعة : جبهتي وكفي وركبتي وأبهمي بل وعلى مسامعي وعيني ، وفي كفني ومثواي حين مماتي شيء من تربة كربلاء ، لعل الله يقبلني فيحشرني مع الحسين وآله الكرام في الدنيا والآخرة ، وأسال الله أن يحاسبني بصدق على نيتي هذه ، ويؤاخذني عليها بأحسن ثواب أعده لعبادة الصالحين ، والذين رضا بإيمانهم وعملهم وجعلهم شهداء وصديقين ، فأحِسن بأولئك رفيقا وأكون معهم مع الصادقين نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
نعم يا أخوتي الكرام : هذا إيماني واعتقادي بتراب ثوى فيه وقربه الحسين عليه السلام ، فإني جعلت هدف السجود على تراب كربلاء الوصول لمعرفة الحق وأهله ،  والعدل والصلاح وتطبيقه فضلا عن المطالبة به ، فإنه في كل ذرة من ذلك التراب الطاهر في كربلاء صار تعليم واضح للتضحية وبيان للإيثار والفداء من أجل الهدى والصلاح والعدل والإحسان مطالبة وتطبيقا ، لأنه ثوى فيها رمز الحرية والإباء ، والمقدم كل وجوده وأهله وماله في سبيل إعلاء كلمة الله .
بل صار حمل تربة كربلاء تربة وسبحة : عين وحقيقة التسبيح لذكر الله الحق بإخلاص ، والسجود عليها لكي يخضع الإنسان للحق ويطالب به ويطبقه بكل وجوده ،  فلهذا تيقنت إنه تلخص بتراب كربلاء كل معاني تطبيق الإصلاح والعدل والإحسان ، ومن غير هوادة ولا تواني ولا مداهنة ، بل لا تلهي فيه ولا غفلة عنه ولا نسيان ، بل قد جاء في الأثر إنها تسبح لله من غير ذكر لأنها معجونة بالإخلاص لله ، بل الذاكر حين تدويرها والسجود عليها وهو ملتفت لمعنى علمه وعمله بالصورة والمعنى الذي ذكرت ، بحق يكون خالص مجد مجتهد في رضا الله ، فيخرق دعاءه وذكره وتسبيحه وشكر الحجب السبع ، بل ينير كل ظلام قربه ، فضلا عن إفناء عمى القلب فيجعله عين الإيمان ، وفي العقل حقيقة البرهان لمحل معارف هدى الرحمان .
نعم يا أخوتي : إني أفهم في تراب كربلاء وتراكيب ذراته وفي كل جزء من أجزاء ترابه بل بكل مكونات ذراته ، تعاليم ترفض الظلم والعدوان ، ومعارف تنفر من الجور والطغيان ، وتبعد عن وساوس الشيطان ، وهوى النفس الأمارة بالسوء وشهواتها الباطلة ، وكل فكر سيئ يحاول أن يمليه كافر أو منافق ، أو فاجر وفاسق ، وكل ضلال وباطل يصدره الطغاة وأهل الجور من بني الإنسان ، سواء تسموا بسلطان أو خليفة أو أمير المؤمنين أو رئيس جمهورية أو ملك أو وزير أو واعظ له أو تابع ، وهو مخالف في سلوكه وتصرفه لمنهج الحسين وهداه.
ولذا صار يا أخوتي الكرام : تراب مثوى الحسين عليه السلام في كربلاء :
ليس لي وحدي هدى للدين الحق ، ومنهج ومذكر بالفداء والتضحية من أجل العدل ، وكل تعاليم الله القيمة وصراطه المستقيم ، والذي يختص بالمنعم عليهم بحق ومن سلك سبيلهم ، فإنه يا أحبتي وأنتم أعلم بحقيقة ما أذكر وأقول ومعناه :
 إن حمل تراب كربلاء كسبحة أو السجود عليه في الصلاة : صار علامة للمتقين ، ومُعرف لحقيقة الهدى للصالحين ، ومعين عذب ينهل منه تعاليمه حقائق الدين ، فإن تراب كربلاء صار كذكر الحسين وكربلاء ، صار شعار للطيبين فسجدوا عليه في صلاتهم يرجون به القرب من رب العالمين ، وذكرا مضاعف لله في تسبيحهم فطهرهم من كل ما يبعد عن الله ، بل ماداموا حاملين له في فكرهم وعقلهم وقلوبهم فهم في ذكر الله وطلب القرب منه .
فلذا حق لهم أن يتخذوا سبحتهم منه : فيقولون : الله اكبر ، لتكبير رب العالمين من النقص أو أن يقاس به شيء في الذات والصفات فيحاط به علما ، ولا في الخلق والفعل والهدى التكويني والتشريعي ، فإنه سبحانه ليس له في شريكا في الخلق ولا في الهدى ندا ، فإنه تعالى أكبر من أي يخلق الإنسان ويتركه من غير إمام هادي بعد ختم النبوة ، ومن غير مُعرف حق لمحل الهدى وأهله ، فإنه عرفنا بالعلم والعلم وبآثار الطيبين الطاهرين كل وضوح لمنهجه ونور هداه ، والذي يسعد ويتنعم به الإنسان خليفته في الأرض والجنة إن أطاعه ، وإلا يهوى في نار الجحيم يهوى إن عصى .
ولهذا أصبح تراب مثوى الحسين في كربلاء أنور من الشمس في إشراقه لإيمان القلوب في كل مكان بل استطال حتى وسع الزمان ، ينير الأحرار والطيبين وأهل الحق وطالبي العدل والصدق ، فيميزوا به الحق وأهله من الضلال وأهله على طول التأريخ ، وفي أي مكان كانوا في صدر الإسلام أو بعده وبأي مذهب تمذهبوا  .
فلذا نحمد الله : بسبحة ترابها مخلوط بالإخلاص الذي منحه لها الحسين ، بعد أن نكبره على ما أنعم علينا من الهدى ، وأرانا الصراط المستقيم الحق بولي دين طاهر وإمام صادق طيب ، يعرفنا معارف الله كلها بتطبيق علمي وعملي ، وبكل سيرته وسلوكه ، وبكل كلماته الداعية للصلاح والعدل والهدى وبأعلى إخلاص  ، وبكل شيء من الأهل والنفس فضلا عن المال والحلال ، ومع ما له من الشرف والمجد والأصالة في كل وجوده ، فيرينا فيه كل شيء من معاني دين الله وحقائق تطبقيه ، والإخلاص فيه حتى الشهادة الواقعية المخلصة المطيعة لله بحق وصدق ، وعن معرفة بمحل الصلاح والهدى والإقدام والإيثار والتضحية ومحلها ، ومن غير شك ولا شبه ولا ضلال ولا باطل .
فسبحان الله : حقا حقا وإيمانا وتصديقا وعبودية ورقا ، ما أعظم شأنه لم يهمل الخلق بعد خلقهم ، بل هو الكامل وواهب الكمال ، لا نقص في دينه ولا في هداه حتى يوم القيامة ، وبهذا صار لنا الحق أن نقدس الله وبإخلاص وحده لا شريك له ، ومتخذين سبحة من تراب طاهر ثوى عليها حقيقة معنى الصلاة والصلاح والفلاح وحي على خير العمل ، بل اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمد رسول الله وأن عليا ولي الله ، وكل الشهادة المعرفة والموصلة للدين الحق والفناء في طاعة الرب ، الهادي الرحمان بل المحسن المنان .
وبهذا عرفت تراب كربلاء فسجدت عليه واخذت سبحتي منه : فإنه بكل شيء فيه صورة ومنظر وذرات وتركيب : يُعلي كلمة الهدى ويقوم بتعريف حقيقة الدين الحق ومحله وأهله ، فوجب عليَّ أن أخلص له علما وعملا وبيانا وتذكيرا به للطيبين والأحرار وأنصار الحق والعدل ، لأنه يذكرهم كما يذكرني بالطاعة الحقيقة والإخلاص له حين معرفة حقه ، وهذا معنى صدق من حقائق الإيمان وحب الرحمان ، ومن باب أن يحب المؤمن لأخيه ما يحب لنفسه .
وبهذا حق لي ولكل مؤمن بعد المعرفة بحقائق الدين وما يذكر به : أن يدير وأدير مسبحتي بتراب كربلاء الطاهر الذي كله إخلاص وإيثار وجد واجتهاد ، فأقول وبكل وجودي وبمعنى الكلمة وبحقيقة الهدى : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله وأكبر ، من أن يوصف حقا و لا يؤدى شكره أحد مهما عبد أو ذَكر وذكّر ، ولكن هذا جهدي بتوفيق منه ذكرته بما يحب أن يطاع به من الهدى الخالص والدين القيم ، الذي لا شرك فيه ولا ضلال .
وأسأل الله : أن تشهد لي هذه التربة المباركة الطاهرة تربة كربلاء التي طهرها الحسين ، ويشهد لي كل من رآها في يدي وشاهد سجودي عليها ، بأني طلبت معاني الهدى والدين الذي سكب عليها والإخلاص الذي خالطها .
ولذا يا أعزتي حق لي كما حق لغير من أهل مذهبي : أن نسجد على تربة الحسين عليه السلام حين الصلاة لرب العالمين ، وفي كل سجدة شكر له وحده لا شريك له ، وهكذا حين أريد أن عد تكبير الله وحمد الله وتسبيح الله وتهليل الله مائة أو أكثر ، بل حتى الألف وأكثر بسبحة من تربت الحسين عليه السلام ، لأنها فيها يستنشق الإخلاص فيدخل مبدأ وعقيدة في الروح ، وعن دليل راسخ في العقل قبل القلب ، وفي اللب قبل الفؤاد ، فإن تراب كربلاء تراب ثوى فيه الإيمان فخالط ترابه ولن يفارقه إلى يوم القيامة .
فلذا يا كرام : حق للمؤمنين وكل الأحرار والطيبين وأنصار الهدى والعدل والحق : السجود على تراب كربلاء واتخاذ سبحة خرزها من ذلك الإيمان الذي خالطها والإخلاص الذي عجن فيها ، وذلك من أجل معرفة الله وعبادته بما يحب ويرضى من الهدى ، وتسبيحه وتقديسه بسبحة خرزها قد خالط ترابه ذلك المجد والشرف والكرامة والإباء ، فإن السجود عليها والتسبيح بخرز من ترابها حقا يكون عمل صالح يُرفع لمحل الكرامة بأسرع من البرق ونوره ، فإنه بنور هداها يقتبس نور الله وهداه ورضاه ، لأنه دليل الإخلاص في جنب الله الذي ثوى في تراب كربلاء وخالطه إلى يوم الدين ، فلذا صار فيها حقائق من برهان معارف ذكر الله تعالى في كل ذرة من ذراتها .
فحقا لي يا أخوتي : بعد أن عرفت الإمام الحسين عليه السلام بهذه المعرفة أن اسجد على تربته ، في كربلاء ، وأن أتخذ مسبحتي من طين جفف من قرب مثوى مرقده ـ من كربلاء ، فإنه طين الكرامة وتراب العز الظاهر والباطن ، فإنه طين يا بس من تراب كربلاء .
 
 

إلى إعلى مقام في الصحفة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم االسلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام



البحث الثاني

شرح وتذكرة بالأسباب الداعية لحمل تربة كربلاء سبحة وتربة

 
قد عرفتم يا أخوتي الكرام في المقالات السابقة ، أهم الأسباب التي جعلتني أحمل في فكري ويدي وعلمي وعملي ، تراب كربلاء :
 كسبحة : أذكر بها الله تعالى حين أسبح كبرياءه ، وأحمده مقراً بكماله .
 وتربة : لتعظيم الله سبحانه فأحمده وأشكره ، واستعين به لكي يسلك بي صراطه المستقيم والتحلي بكل تعاليم دينه القويم ، حتى أكون مع المنعم عليهم نبينا محمد وآله الكرام وصحبه النجباء صلى الله عليهم وسلم ، لا من المغضوب عليهم ولا الضالين .
وذلك لكون تراب كربلاء : كما عرفتم قد خالطه بكل ذرة من ذراته صفاء وإخلاص ووفاء لله ودينه ، والذي سقاه إياه أبا عبد الله الحسين حتى روى وأروى ، وفي ذلك اليوم العظيم في الدين والعزيز على قلوب المؤمنين : عاشوراء كربلاء ، ذلك اليوم المشهود الذي ثار به الحسين عليه السلام من أجل تعريف دين الله الحق ، وإصلاح ما فسد من تعاليم جده رسول الله ، حتى جعل روحي له الفداء : تراب كربلاء : رمزا مذكرا بهدى الله بتطبيق علمي وعملي ، بل صار برهانا واقعيا معرف لمحل هدى الله ، ودليل محكم على ضرورة التحلي بمعارف الله ، بل والتجلي بها والإشراق فيجعلنا مطالبين وداعين كل الأحرار والطيبين للعلم والعمل بمعارف لله من أجل الله وأنفسهم ليعيشوا بكرامة وعز وإباء ، فيكونوا مجاهدين بكل ما أوتوا من قوة من اجل السبيل الحق لعلاء كلمة الله ، ورافضين كل ما يبعد عن العدل والإنصاف والإحسان وعن كل هدى الرحمان .
وبما ذكرنا سابقا عرفتم يا خوتي الكرام شيء : عن تراب كربلاء ، الذي أحمله ويحمله كرام المؤمنين الذين تحققوا معنى التسبيح به لله والسجود عليه تعظيما لله ، فحملوه معهم من أجل نعيم أنفسهم وسعادتهم الموافقة بحق لهدى الله وطاعته ، لأنه ما فقد من الجهد في العبودية لله والطاعة ، وجد في هدى الربوبية فيكون الإنسان عبد لله لا لهوى نفسه ، مالك زمامه بما منحه الله من الكرامة والخلافة ، فيكون من الربانيين المالكين لزمام أمورهم بالعدل والإحسان ، والبعيدين عن وساوس الشطيان والشهوات ، وكل ما يوجب لهم وعليهم الطغيان ، فلا إفراط ولا تفريط في الدين ، بل هي الشجاعة والعفة والعدالة والطريقة الوسطى من أمة وسطى يأمرون بالمعروف ويعلمون به ، وينهون عن المنكرن وينتهون عنه ، فهذا عين الصلاح الذي سقاه الإمام الحسين تراب كربلاء مع كل إخلاص .
 فالأحرار والطيبون لأنهم عرفوا إن الدين الحق والهدى الواقعي النازل من الله قد سقاه الحسين تراب كربلاء ، اتخذوا تربة السجود لله في الصلاة من تراب كربلاء ، وخرز سبحتهم حين ذكر الله من تراب كربلاء ، فحملوه معهم : كمفسر وعلامة للدين الذي يذكر بالله وبالتعاليم التي يطاع بها الله ، بعد إن لم يمكن نقل غيره من الرمز والبيان الذي خصت به كربلاء وعانقته  بترابها ، كما ولا يكون هذا المعنى والحقيقة في نقل غير تراب كربلاء ولا له خصوصيات وصفاء وبيان الحق من الدين والهدى وأهله كما خص به تراب كربلاء ، وبعد أن كاد الباطل أن يغلب المسلمين في ذلك الحين وفي أي حين بما يفسده أهل الضلال والظالمين والطغاة .
فلما عرف الأخيار والأحرار والمؤمنون هذا صار مستحب مؤكد عندهم التسبيح والسجود على تراب كربلاء بل حمله ، حتى كاد أن يكون لهم واجبا ، بل يرجون أن يحصلوا على ثواب تبليغ دينه الله الحق حين حمله لما حل فيه من معنى الإصلاح والمطالبة بالعدل ، فتجاهروا بالتسبيح به حين ذكر الله بل سجدوا عليه حين السجود لله ، ويعتقدون إنه الموعظة الحسنة والبرهان والوافي الذي به يتم تعريف هدى الله الواقعي الصادق ، وأهله الصادقون أئمة الدين الواقعيين المرضيين عند الله ، وبكل دينهم الظاهر بعلمهم وعملهم وسيرتهم وسلوكهم ، والذي لخصه حمل تراب كربلاء وأجمل تفصيله ، فحمله المؤمنون : تربة وسبحه .
 بل يرى المؤمنين الخيرين حين الحمل لتراب كربلاء والسجود والتسبيح به لله وذكره : إنه تطبيق لدين الله بصورة مباشرة وغير مباشرة علميه وعمليه ، ومع الإخلاص بدين الله من غير ضلال ، وصافي عما يبعد عن الله وغضبه ، لأنهم عرفوا كما عرفتم ، إن تراب كربلاء  قد سكب عليه هدى يعرف بحق دين الله وأهله الصادقون ، ويبين أهل الباطل المدعين لدين الله وأعداء منهج العز والكرامة في كل زمان ومكان .
فهذه معاني العز والكرامة والصفاء والوفاء لدين الله وأهله : وجده المؤمنون الطيبون والأحرار معجون بتراب كربلاء الحسين عليه السلام ، فتحققوا به ليأملوا أن يكونوا صادقين كالحسين وصحبه حين التوجه به لله ، بل يحكون بهذا إخلاصهم لله علنا ، وكاشفين عن حقائق دينهم وإيمانهم المكتوم في وجدوهم سرا وإيمانا والهدى ، وبكل حقائقه وبأعلى إخلاص مقتدين بإمام هدى ، والذي شرى منه الله نفسه فباعه بأكرم إخلاص وأتمه ظاهرا وباطنا وعلما وعملا في يوم : عاشوراء كربلاء .
وبذلك صار عند المؤمنين والأحرار : الساجد والمسبح بتراب كربلاء والحامل له ، إن كان مخلصا لله بدين الحسين مع جد الحسين وصحبه ، يكون مع الصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا في الدنيا والآخرة ، وله ثوابهم في رضا الله في محل الكرامة والمزيد مما لديه في جنة الخلد وبما لا عين رأت ولا إذن سمعت ، فهذا تراب كربلاء : أصبح رمزا وبيانا لحقائق تعرف دين الله وأهله ، حين التسبيح به لله وذكر الله ، والسجود عليه شكرا وحمدا وصلاتا ودعاء لله وحده لا شريك له .
 
 
 

إلى إعلى مقام في الصحفة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم االسلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام



البحث الثالث

إنذار الطغاة بحقائق تراب كربلاء وعتابا لمن هجر معارفه :

ثم يا أخي الكريم : بعد ما عرفت حقائق ناصعة البيان وكثيرة البرهان عن حقيقة السجود لله وذكره بسبحة ترابها من كربلاء ، لا أعتقد يفوتك تبكيت من أورد أمرا يشكل به على المؤمنين لسجودهم على تراب كربلاء ، وعلى تسبيحهم وذكرهم لله كثيرا بسبحة خرز ترابها من تراب كربلا ، فإنه حتما تجبيه بما عرفت وتضيف معارف أخرى فتقول كما أقول :
ليذهب إلى الجحيم الأبدي من يرفض: مبادئ العز والكرامة والشرف والإباء ، والإخلاص والهدى والعدل والإصلاح ، ويشكل على كل ما يُذكر بها ، وبالخصوص من يشكل على من يحمل تراب كربلاء الذي شهد يوم الوفاء لله والإخلاص لدين الله وهداه السارية بروحه في ترابها ، والذي أستخدمه الأباة والأحرار والمؤمنون تربة للصلاة أو سبحة لتقديس الله ودعوة لمعرفة أهل دين الله الصادقين المصطفين الأخيار الأبرار .
 ولذا يحق لي أن أقول بواضح البيان : من يشكل ولا يرضى بالمكنون الذي حواه تراب كربلاء ، كان كمن قد حُرِمَ من معارف الله الحق ، لأنه خالط فكره هوى أئمة الضلال وطغاة الباطل قتلة الحسين وآله على طول التأريخ في الفكر والعقيدة والدين ، وحقائق روح الهدى الحق الذي عرفه آل الصراط المستقيم والنبأ العظيم  ، وإن تظاهروا ببعض أعماله المخلوطة بفكرهم ورأيهم واستحسانهم ، فإنهم حرموا معارف عرفها الحسين وآله ، فخسروا رحمة جد الحسين نبي الرحمة وربه الرحمان الذي خصهم بدينه القيم ، فعاداهم كما عادوهم أيام الهجران لأئمة الحق والهدى في أيام كان ما كان  ،  وحاربهم كما حاربوهم في سالف الزمان بل بيده وبقلمه وبحاسبه وفكره وكلامه الآن .
ولذا من لم يعرف الحسين وآله ولا هداهم ومعارفهم بحق المعرفة ، وكيف جاهدوا جدوا وتفانوا في كل مواقفهم من أجل دين الله ، وتعريفة بحقائقه على طول التأريخ ، لا يحب تعريفه وبيانه بل ولا تطبيقه كما طبقه الحسين وآل عليهم السلام بكل أبعاده وأهدافه ، وبكل تعاليم هداه الذي فيها تمام رضى الله ، وبكل ما فيه من طلب العدل والصلاح ورفض المنكر والطغيان والنهي لمن يخرج عن تعاليم ربنا الرحمان ، فلذا لم يحب ما أحبوا فأشكل على من يسبح لله بتراب كربلاء ، ويسخر ممن يقدس الله بسبحة تراب خرزها عجن بحقائق هدى الحسين ومنهج الذي عانق ذرات تراب كربلاء ، فخالطه بإخلاص وتضحية وفداء ، فكان كمن سخر فيما مضى من منهج الحسين وهداه حتى ظنوا قتلوه في سالف الزمان ، لكنه هيهات أبى الله أن يتم نوره ، فهذا صرح شامخ يعلم الهدى والإباء ، وقد خالط بحق دينه ومنهجه تراب كربلاء ، فصار شاهد ليوم العدل والإصلاح وكل ما يوصل لرضى الله تعالى بإخلاص ، فلذا زاره المؤمنون وتعبدوا لله بتربته حتى عليها سجدوا تعظيما لله ، وفهداه المسكوب فيها في يوم عاشوراء كربلاء ، فسبحوا الله بسحبة خرز ترابها من كربلاء .
 فلما جهل ذلك أعداء الحسين : ومن لم يعرف هداه وتضحيته بإخلاص في سبيل دين الله ، حرموا أهداف فداء الحسين من أجل طاعة الله ، ولم يعرفوا تعاليمه بحقيقة علميه وعمليه توصل لرضا الله ، ولا غاية إيثاره من أجل تطبيق طاعة الله بما يحب ويرضى ، ومن غير مداهنة ولا تسويف .
ولما جهلوا معنى التسبيح بتراب كربلاء والسجود عليه : خسروا كل هذه المعاني فلم يعانقوها بأرواحهم ولا في دينهم ولا في أهدافهم ، فدخل في فكرهم من مبادئ وأهداف حزب الشيطان شيء وأشياء في الخفاء ، وبان الضلال بتصرفهم المعاند لآل رسول الله في أمور بالجلاء ، واتضح الباطل بصريح مخالفتهم للحسين علنا .
وبقي الأحرار والطيبون وكل المؤمنون : الذي يبحثون عن الحق والهدى ، ويجدون بتطبيق تعاليم الله الصادقة بكل حال وبكل ظرف مهما كان  ، فطلبوا معارف الدين الحقة من غير ضلال ، والخالصة من الشرك والنفاق ، والصافية عن كل باطل روج له أئمة الكفر والنفاق والشرك والجور والطغيان ، فوجدوا بل أقاموا بجد وصدق تقديس الله وذكره بالسجود والتسبيح بتربة كربلاء .
ولهذا كان وما زال من يمنع ويحرم السجود على تراب كربلاء لم يعرف حقائقه ومعانية .
 
 فنحن السالكين سبيل نبي الرحمة وآله الكرام الذين بان هضم منهجهم بأوضح يوم وحالة في كربلاء الحسين ، فأبى إلا علوا وشموخا وبيان ورفضا للظلم والعدوان وكل ما يأتي به غير الزمان : لم نسجد للتربة الحسينية المأخوذة من كربلاء في الصلاة ، بل نسجد عليها لنعبد الله ونطلب رضاه ، و كم فرق : بين السجود على شي ، والسجود له ، نعم نسجد على تراب كربلاء لنعبد الله ، لا نسجد للتربة التي ترابها من تراب كربلاء ، فيكون صنما بما هو كما يفعل الكفار والوثنية ، ونقول لم يشكل: تدبر هذا وأفهم معناه وأعرف الفرق بين الأمرين تجد وجه الإشكال عند من يشكل وما خلط فيه ، وحله ومعناه الحق عند أهل الهدى والإخلاص .
فإن من يسجد : على سجادة أو على الحصير أو على الفراش أو على الأرض عند الصلاة لم يسجد لها ، ولم يعبدها ولم يجعلها صنما ، فإن من يسجد لله بأمر الله على الأرض وعلى سجادة وحصير ، لم يسجد لها بما هي أرض وحصير وسجادة و لا عبدها ولا أتخذها صنما أو وثنا ، بل هي محل للسجود يسجد عليه لله بأمر الله ، فما أحلى إن خالط محل السجود خلاصة الإيمان والإخلاص والطاعة والفداء من أجل الله كما عليه تراب تربة كربلاء .
ثم هل رئيت أو سمعت : بعابد صنم يسجد عليه ، أم إنه لابد لمن يريد أن يعبد شي إن يضعه إمامه ، و يسجد له لا عليه ؟!!
و إن السجود على تربة كربلاء : والتي خالطها الفداء من أجل الله ، ابعد في الشبه عن السجود للكعبة التي يتوجه إليها المؤمنون و يضعوها إمامهم ، والسجود على تربة كربلاء أبعد عن من سجود الملائكة لآدم عليه السلام في الشبهة ، لأنه عليه السلام كان أمام الملائكة ولم يسجدوا عليه كما يسجد على الحصير والأرض من يصلي ويعبد الله ، ولكن لكون السجود بأمر الله ومن أجل الله ولله وحده وبإخلاص جاز ، فصار مستحب بل واجب وحل وطاب وقُبل ، فتكرم بالرضا من الله من قبل عمله وإيمانه ، فكان عملا صالحا وذكرا لله تعالى وحده لا شريك له ، وخسر الشيطان ومن تبعه لعصيان أمر الله .
ثم ثانياً : نحن نشترط كما شرط الله في تعاليم الصلاة ، بأن يكون محل السجود على أجزاء الأرضي الأصلية من حجر أو مدر أو ترابه ، وإن فقد فعلى نبات الأرض من غير المأكول و الملبوس ، لكي لا تشتهيه النفس التي تفر إلى الله تعالى في الصلاة من زينة الدنيا و زخارفها .
وقد قال نبي الله صلى الله عليه و اله و سلم : (( جعلت لي الأرض مسجداً و طهوراً )) و هذا الحديث يرويه صحيح البخاري و سنن البيهقي في باب التيمم كما نرويه في كتبنا ، وهم يقولون يستحب السجود على الأرض و تعفير الوجه بترابها ، فما أحلى التراب إذا كان قد خالطه الإيمان والإخلاص لله ، وطولب عليه بالعدل والصلاح والهدى من أجل الله ، فصار كله تضحية وإيثار وفداء لدين الله ، وتبليغ وتعريف للحق من هدى الله ، فكان حقيقة محل تعاليم الله ومثوى الفداء من أهل دينه القيم الطيبين الطاهرين .
  ثم بعض من يخالف السجود على تراب كربلاء ولم يفهم حقائق معناه ، لهم ترتيب آخر عند الوقوف للصلاة فهم يكفرون بالتكتيف أي بضع اليد ليمنى على اليسرى ، بثلاث أنواع :
الشافعي : رأيه أن توضع اليدين أحدهم على الأخرى فوق السرة ، والحنفي : يتكتف بوضع اليدين أحدهم على الأخرى تحت سرة ، وفي رواية عن مالك يسبل مثلنا ، وفي كل هذا غرضهم يقولون : إن هذه الحالة لاحترام الله ومن أجل الله ، ولم يسن بالتشريع من قبل في زمن النبي الأكرم ، وإن كان هذا من أجل الله ، فأي احترام أفضل من وضع الجبهة على الأرض و تعفير الوجه بالتراب الذي هو بأمر الله وعلى تراب تم وحسن فيه الإخلاص لله ، فحوى كل معاني هدى الدين ، ومع هذا متذكرين قوله تعالى : (( منها خلقناكم و فيها تعيدكم و منها نخرجكم تارة أخرى )) طه 55 .
فإن سجودنا على تراب كربلاء : هو تراب تلك الأرض التي ترابها خالطه هدى الله حتى اليقين ، وسكب عليها تعاليمه من الصديقين ، وسقي بالإخلاص والتضحية والفداء وبأحسن معنى يعرفنا محل هدى الله ، ودين القيم وأهل الصراط المستقيم المنعم عليهم باختيار الله واصطفائه ، والذين أوجب المودة والموالاة لهم فجعلهم أئمة هدى وحق ، وكل هذا بأمر الله .
فإنه إن كان كما يقول كل المسلمون : يستحب السجود على الأرض ، فأي أرض أفضل و احب للمسلم من أرض كربلاء التي تقدست بدم سيد شباب أهل الجنة أبي عبد الله الحسين  عليه السلام ، ومعه أهل بيته الطيبون الطاهرون وأصحابه المخلصون ، تلك الجماعة المباركة التي ثارت من أجل تعريف دين الله ، وفازت بالشهادة من أجل تعليم هدى الله ، فقدمت أرواحها وكل ما تملك من أجل الأمر بالمعروف والنهي من المنكر ، ومطالبة بالإصلاح ، ورافضة للظلم والطغيان والجور والعدوان ، فإنها كانت نخبة طاهرة و ليس على وجه الأرض شبيه بها ، ولم نسمع بمثلها في إخلاصها من أجل تعريف دين الله وحتى  الموت ، فإنها من أجل الله قدمت للدين الحنيف أنفسها ومالها وأهلها .
حتى سقوا بكل إيمان وبأظهر إخلاص لله تراب كربلاء ، فأتخذ المؤمنون الذي أمنوا بمنهج الحسين وصحبه ، تربة لتعظيم الله من ذلك التراب الطاهرة تراب كربلاء ، وسبحة يذكر بها الله لأنه ترابا أبيا محله صار في كربلاء ، فإنه تراب ثوى فيه الحسين وآله آل النبي الكرام وصحبهم النجباء ، فيقتدون بهم فيرفضون كل ضيم وهضم وظلم ، في كل حين وزمان ، فزاروهم في كربلاء وحملوا معهم تراب كربلاء ، فكانوا منهم ومعهم في كل شيء دنيا وآخره ومنهجا ودينا ونعيما ، ويخافهم الطغاة والظالمين حين ثورتهم بعد بيانهم ووعظهم في كل حين ، بتربة وسبحة من تراب الوفاء والعدل والهدى : تراب كربلاء .
 
 
 

إلى إعلى مقام في الصحفة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم االسلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام



البحث الرابع

قسما بالمقدسات كربلاء مقدسة قدسها الحسين

 
أقسم بالله وحده لا شريكه ، وبالقرآن العظيم ، وبوليه الحسين ودمائه الطاهرة ، وبموافقة المشرفة ، وبجد الحسين وأبيه وأخوته وبنية : لولا ما قدم الحسين عليه السلام من الضحايا الثمينة والقرابين المقدسة في كربلاء لإحياء دين الله تعالى ، والذي بلغه جده محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى ضحى بنفسه الطاهرة ، وقدم أهل بيته للسببي وللأسر ، وأصحابه وأولاده وأخوته للقتل ، لما بقي للدين الإسلامي عمود ولما أخضر له عود ، ولما عرف له أسم ولا رسم ، ولمحي كل أثر له على يد ماجن بني أميه وسكيرها المتجاهر بالفجور والمتظاهر بالفسق ، بل المروج للكفر والإلحاد بكل تصرف له فتجاوز علم وعمل المنافقين المتظاهرين بالدين من غير حقائقه ، فإذا كان رب البيت بالدف ناقرا ، كان شيمة أهل البيت الصفق والرقص ، فكيف بملعب القرود السكران الزاني بمحارمه ، وما كان يروج له من أعمال وعلوم تطمس معالم الدين وتصرف الناس عن هدى رب العالمين .
ولكن هيهات : قد أعد الله ورسوله هدى ومبدأ بل هدف وغاية ، هو الإخلاص لله عز قدسه بتعاليمه حتى الشهادة والموت في سبيله فتتقدس النفس الأبية عن الشين وما يهين في الدين ، ومن غير إجبار للناس على الطاعة بل قد تبين الرشد من الغي ،فكان المعد بأجمل بيان وأشرف شرح وبأعلى علم وعمل ظهر من الحسين في عاشوراء كربلاء ، فكان أنور من الشمس حين تمخض وتلخص بالحسين ثارا مجاهدا وصابرا محتسبا ، ومقدما نفسه وأهله وكل ما يملك من أجل الله ودينه ، فثوى شهيد التقديس للدين على تراب كربلاء فقدسه .
وبهذا الإقدام والبطولة والصمود والإيثار والتعليم شرح الحسين : محل الدين وتعاليمه ببيانه المكرم المقدس في كربلاء ، فجعل بصفاء نوره وخلوصه في طاعة الله يعرف الحق وكل ما حل بالإسلام وأهله في أهم دور من تأريخه ، حين التدبر بما حل بالحسين في كربلاء ، فيعرف الحر وكل أبيّ كيف حرفوا الناس عن الهدى الواقعي للدين ، وكيف هجرت تعاليم رب العالمين ، حتى يقتل أبن بنت نبي المسلمين ولو كان يطلب الإصلاح والعدل والهدى والفلاح في أمة جده وشيعة أبيه وكل المسلمين ، فيرفضون مخدوعين مجبورين بل قسما منهم معاندين طاغيين ، حتى أذاقوا كأس الله الأوفى لمقامه الأرقى مقام الشهادة والإيثار والفداء للحسين وصحبه ، فثوى المقدس سيد شباب أهل الجنة في كربلاء شهيدا ، فقدس ترابها حتى صارت : كربلاء المقدسة .
فأخذ من ترابها الأحرار والمؤمنون والثوار يقدسون الله تعالى ويكبرونه ويحمدونه ويسبحونه وحده لا شريك له بتربة وسبحة منه ، لأن كربلاء تقدست بالمقدس الحسين ، الذي وهب ترابها التقديس لمن يطلب التقديس لرب العالمين وذكره وحمده ، كإخلاص الحسين المقدس من كل ما يشين ويذل ويهن ، فتسمى أبيا شهما غيروا ، وبطلا مغوار مقداما من المؤمنين .
وهذا التقديس للدين من علم وعمل أهل الضلال الذي سقاه الحسين كربلاء ، فصارت مقدسة بخالص الهدى وتسقيه للمقدسين لرب العالمين ، كان كما قدس أبيه الأكرم : علي بن أبي طالب النجف فصار النجف الأشرف ، وكما قدس جده نبي الرحمة السراج المنير المدينة فصارت : المدينة المنورة ، بل كما بنى وقدس أبيهم إبراهيم وأبنه إسماعيل الأكارم مكة فجعلها الله رمزا لعبادته وصارت بالعلامة والجهة بيت الله فصارت : مكة المكرمة ، وهكذا كان المسجد الأقصى حين بنوا على الصخرة المباركة إبراهيم وبنيه من إسحاق وأبنه يعقوب وبنيه الكرام  فصارت : بيت المقدس .
فهذه بيوت العبادة لله وشيء من مكارم قدسها وآثار الدين الحق وبيان لهداه وأهله تمت لمن حل بها نور وهدى ، وبتقديم القرابين وآثار الجهاد والصبر للمقدسين فيها وبها ، ولكن كربلاء قربانها الصابر والصامد بها سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة المقدس ابن كل المقدسين الذي ورث قدسهم ، فكان وارث النبيين كما يزار في زيارة وارث ، ومن تبعه وسار على نهج قدسه كان معه يحف بجده الكريم وآله الطيبين الطاهرين من النبيين وصحبه المنتجبين ، في المقام المحمود على موائد النور الإلهية تحت لواء الحمد في حضرة القدس مع كل المقدسين ، الذين عرفوا حقائق التقديس في الدين فطبقوه في الدنيا فكانوا في الآخرة مقدسين .
نعم كربلاء المقدسة : هكذا يعرفها المؤمنون ويرفقون بها التقديس بحق علما ودراية ، ولا يلفظون كربلاء إلا بصفتها المقدسة بل حقيقتها تقدست بالمبادئ الحقة فقولون : كربلاء المقدسة ، والتي سقى الحسين ترابها في يومه المشهود والشاهد يوم عاشوراء كربلاء ، شهده المؤمنون بالوصف والذكر في كل مكان وزمان ، فكان بيانا للحق والهدى وتعريفا لأهل الدين المقدسين الحسين وآله وصحبه الذين كانوا معه ، أو الذين لحقوا به فصاروا معه مقدسين ولو بعد حين ، بل صار موقف الحسين المقدس في يوم التقديس للدين على تراب كربلاء شرحا مجملا لمن اكتفى ، ومفصلا لمن أراد التفصيل لمنهجه ودينه ، فيراه في كل مجلس وزمان ومكان علما وعملا بتراب كربلاء الذي قدسه الحسين فضلا عن ذكر يومه عاشوراء .
فلذكر ذلك اليوم الذي قدسه الحسين وللتراب الذي حوى قدسه : حمل المقدسون من تراب كربلاء المقدس الذي شهد يوم التقديس للدين ، بل حل فيه ذلك التقديس ، فحملوا من ذلك التراب المقدس الذي قدسه الحسين ، فكانوا بحق يحبون التقديس فصدقوا بنيتهم بأتباع منهج الحسين و حب السير على هداه ، و كل ذكر يذكر به وذكرى تعرفه ، فتقدسوا مثله بدينه ومنهجه فكانوا مع المقدسين في كل حين في الدنيا والآخرة .
فهذا حال من عرف المقدسين الحقيقيين : فرضى بمنهجهم دين ، وطبق قدسه بروحه وعلمه وعمله ، فخلص من كل ما يشين في الدين فضلا عن حب أعمال الطغاة والظالمين ، فكان مع من قدسوا الله بالمنهج الحق للتقديس ، وبكل ما يوصل له حتى بحمل تربته التقديس قد سقاها مقدس في يوم التقديس ، فقدس الله بها بذكر ودين خالي وخالص من كل ما يذل ويشين وقد رفض كل عمل للظالمين ، فبهذا المعنى حمل أهل التقديس تراب كربلاء فقدسوا به الله وتقدسوا والتحقوا بالمقدسين .
كما ويبين ذلك اليوم والتراب المشهود لكربلاء المحمول بيد المؤمنين فيشهد : على الظلم والعدوان والطغيان والانحراف عن الدين ، والتجاوز على هدى رب العالمين في أعداء الحسين ومنهجه ، في كل مكان وزمان كانوا وحلوا معاندين له رافضين لهداه ودينه ، فإنه مشهود عندهم بكل من ذكر تأريخ الدين وذكر به ذكر الحسين وما حل به ، بل لما لم بحمل تراب التقديس ولا حبوا تعريفه كتربة وسبحة ، صار عليهم شاهدا ، وقد جعل الله الأرض واليد والرجل حين الختم على الأفواه تشهد ، وتُعرف الإخلاص لرب العالمين وعدمه ومنهجه وهداه ودينه حق أم باطل ، وسواء كان علما أو عملا ، فتعسا لمن يرفض العدل والإصلاح الذي سقاه الحسين تراب كربلاء فقدسه ، ويقبل عمل الطغاة بعلمهم وبأعمالهم ، والتي سيرونها حسرات عليهم يوم لا ينفع لا مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
نعم يا كرام : أخذ المؤمنون والأحرار يقدسون الله بتراب كربلاء المقدسة : في السجود عليه والتسبيح والذكر به لله وحده ، بل حين الحمل له ، لأنه تراب مقدس قد قدسه الحسين بهداه الذي رواه إياها في عاشوراء ، طالبين بذلك الحمل والتسبيح والسجود لله الإخلاص والثبات على الهدى والدين ومعرفة تعاليم رب العالمين من المقدسين ، فتخلصت تربة كربلاء للعارف بها بحق من فكر المبطلين والظالمين والطغاة ، فحقا لهم حينئذ أن يقدسون الله ويذكرونه تسبيحا وذكرا بتراب كربلاء المقدسة ، بل ويسجدون له عز قدسه على تراب كربلاء ، معبرين حين السجود له والذكر بالتسبيح له عن إخلاصهم بكل ما أمر به من دينه ، لأنهم مقتدين بأئمة الحق والهدى وعن بصيرة بدين المقدسين ، فهذا تراب كربلاء الذي قدسه الإمام الحسين شاهدا لهم في أيديهم ، يطلبون به التقديس لله عز قدسه ، لأنه تقدس بإخلاص في سبيله وبكل صفاء في تطبيق هداه ، وبأعلى صوره وأوضحها وأجلاها ، وبالمقدس أبا عبد الله الحسين وارث كل المقدسين وهداه الذي بذله في الله على ترابها فصارت : كربلاء المقدس :
ولذت ترى يا طيب : تراب كربلاء المقدس  : سبحة وتربة بيد من يطلب التقديس لنفسه ، فيقدس الله عز قدسه فينال من قدسه مقام القدس ، ومحل الكرامة في الدنيا والآخرة ، فلا هوان ولا ذل له إن كان طالب معناه وهداه بحق ، فيكون بمحل العلم والعمل بمقام : هيهات منه الذلة أبى الله له ذلك ورسوله وحجورا طابت وأنوف أبيه ، كما قال المقدس أبا عبد الله الحسين على تراب كربلاء فقدسه ، وتقدس به المقدسون الذين هم لربهم يقدسون .
فهذا الحسين المقدس أبن المقدسين الذين قدسهم الله : وتقدس بهم كل من قدس الله بهداه ومخلصا له بدينه ، وبهذا أبى الله تعالى إلا أن يتم نور دينه وكل تعاليمه بأروع فداء علمي وعملي ولو كره الكافرون والمشركون والمنافقون ، فيبقى مثوى الحسين وتراب يحيطه في كربلاء المقدسة : رمزا وبيانا وشرحا وبرهانا لحقائق هدى الله المقدس ، فلا يحرفه ولا يغيره كل جناة العالم وفسقت الوجود ، فضلا عن عتل بني أمية وزنيم آل زياد ومن تبعهم في كل زمان ومكان ولو لم يتسموا باسمهم ولا يعرفونهم ، ولكن لهم سيرة الطغاة والظلمة وأهل الجور والعدوان والفسق والفجور .
فإنه بحق أقسم بكل المقدسات : إنه لولا حسين الفداء والتضحية ، الذي آثر دينه بنفسه وبصحبه الأوفياء في موقفهم المشرف على تراب كربلاء ، فقدسه من كل ما يشين ويحرف الدين ـ لسرى مكر بني أمية وخداعهم وظلمهم وطغيانهم وفسقهم وفجورهم ، حتى كادوا أن يطمسوا به معالم الدين ويمحوا قِيّمه وتعاليمه وآثاره وباسم الدين ، لأنه فعلهم وعملهم وتعليمهم المخالف للحسين وجده وأبيه وأخيه من قبل ، صار بأمر حاكم المسلمين الغاصب لخلافة المؤمنين والمتسمي بأمير لهم ، حتى فعلا من أغواهم الشيطان ، ساروا على نهجهم فتبعوهم والناس على دين ملوكهم ، ولا من رادع يمنعهم ، ولا وازع يدعوا لإصلاح ما أفسدوه ، ولكانت أفكار الطغاة تسير عليها الأمة كلها ، ولصار المنكر معروف والمعروف منكر ، ولكن هيهات أبى الله أن يتم نوره ولو كره الكافرون أين ما كانوا وبأي أسم تسموا ، لأنه قدس دينه بالمقدسين وبالخصوص بما عرفه في حينه الحسين ، فقدسه من كل ذل وفكر وظلم يهين تعاليم الدين ويحرفها .
فحقا أقول واقسم برب العزة والكمال والهدى المتعال وبكل حَسِن ورحمة وجمال : فإنه تعالى وتقدس ، كيفما قرر أن يوصل لنا هداه ومعارف دينه ، وبأي أسلوب أحب فهو عدل وحسن وهدى حق يجب تطبيقه بكل ما عَلَم وهدى ، وما أجمله حين جعله ببيان حقيقة الإخلاص والصفاء الذي سجله الإمام الحسين عليه السلام بمواقفه ودمائه الطاهرة وإخلاصه المتفاني من أجل دين الله ، حتى كادت بل صارت نهضته المباركة ، تيقظ المسلمين في كل زمان ومكان ، وتمنحهم الصبر والشجاعة والقوة والصمود لمقاومة لكل الجناة والطغاة في أي زمان ومكان كانوا ، بني أميه أو غيرهم ومن صار على شاكلتهم في فكرهم وظلمهم .
فهذا فداء الحسين قدس الدين وخلصه : من كل مَن يحاول محو أهداف هدى رب العالمين ، ويفكر بطمس قيمه وتعاليمه وآثاره الآن أو ممن كان في سالف الزمان ، ممن أمر بالمنع من ممارسة شعائره وتدوين آثاره وبالخصوص سنن رسول الله ، وتحريم روايته وتعريفه لمن يدخل في الإسلام ، والذي فتحوا بلاده بإذن الله ، وبحجة يكفينا كتاب الله عن حديث رسول الله ، وكأن كتاب الله عرف كل حدود الصلاة والصوم والزكاة ، ولا يحتاج لبيان تطبيق العدل والإصلاح الذي سلكه في أمته رسول الله ، ولم يحتاج للحق من تفسير رسول الله وشرحه وبيانه وكل تعاليمه وأقواله وسننه وخُلقه العظيم وكل تصرف له من سيرته وسلوكه ، ولكنهم اكتفوا ببدع يقيمون عليها حسب رأيهم واجتهادهم وقياسهم واستحسانهم وهجروا رسول الله ، بل حتى حكموا وسلطوا ابن آكلة الأكباد وأعداء أعداء الإسلام وأشدهم على المسلمين ، فأستغلهم وتأمر عليهم بكل خداع ومكر وحيله فعرّف فكره وما يراه دين ، ولسرى هذا في كل المسلمين ، لولا الحسين وآله عليهم السلام في يومه المشهود المقدس الذي قدس به الدين من حيل وأباطيل وضلال المنحرفين والطامعين والظلمة ، وما حملوه على المسلمين ، فعرف من يحب التقديس بحق هدى المقدسين عند الحسين فقدس به رب العالمين .
ولهذا قسمت وأقسم بالله ودينيه الحق وبروح كل الطيبين المصطفين الأخيار : لولا الدماء التي سكبها الحسين في مواقفه المقدسة ، ولولا إخلاصه في تعريف دين الله الحق وأهله ، وما أقدم عليه في التصدي ببيانه وخطبه وكل مواقفه من شرح حدود الحق ، والدعوة للإصلاح في دين الله والعدل والإنصاف فيه حتى الجهاد بأهله وبكل ما يملك ، لما قام أحد كما قام به من التضحية والإيثار في منع كل أنواع الخلاعة والمجون ، والاستهتار و الفسق والفجور ، والظلم و العدوان والطغيان ، والكفر و الإلحاد والنفاق الذي كان يمارسه حكام بني أمية ومن تبعهم ، وبالخصوص كان الناس في أول الدين الإسلامي ولا يعرفون عنه شيء إلا ما عرفه الحكام ومن وعظ لهم ، فإنه كان من يدخل في الإسلام في أول عهده لا يعرف الدين إلا منهم .
فأقسم صادقا لولا إقدام الإمام الحسين وتضحيته في كربلاء : وبما أشرق بتلك المواقف الكريمة من نور الوعظ والإرشاد ، وبيان الحق وأهله والضلال وأهله ، لما عرفت لتعاليم الإسلام من معلم حق صادق ، ولطمست وغيرت أغلب تعاليمه كما غيرت وحرفت الأديان السابقة ، ولكن لله في خلقه شؤون ، وبيان حق لتعريف إخلاص أولياءه وفي تعريف هداه ودينه بالمخلصين في تعليمه وتطبقه ، فأختار له بعد فترة من الغفوة في الأمة ليختبرها وليغربلها ، وليستبين الصادقين من المنافقين فيمن يدعي إنه من أهل الدين ، فقدم رب العزة والكمال واهب التقديس للنفوس الإمام الحسين عليه السلام المقدس بن المقدسين لإيقاظ الأمة وتقديس من يتبعه منها ، وبه بعث الهمم في رجالها على طول التاريخ لمقاومة الظلم والعدوان والطغيان وكل أنواع الانحراف ، فإنه كان الحسين في تقديسه للدين يرافق تحركه وثورته علم وعمل عظيم ، يجعل النفس الضعيفة الخانعة ، كبيرة أبية هاربة من حياة الذل ، ومجاهدة كريمة مطالبة بالعدل والإصلاح وتطبيق كل هدى الله ، فإنه عليه السلام بإقدامه علمنا كيف يتربى العقل السليم فيعرف مناخ الضعة والمجون فيجتنبه ، و كيف يلقن المؤمن نفسه دروسي الأباء والشهامة و الصمود فيحيى ويموت عليه .
وبهذا الدين المقدس دين الحسين المقدس ابن المقدسين يعرف الحق وأهله وكيف يسير المؤمن في هداه فيتقدس ، وكان تراب كربلاء المقدسة الذي قدسه الحسين حين حل فيه فحمله المؤمنون بنية التقديس ، شاهدا لهم وعليهم حين يلزموه بيدهم سبحة فيقدسون الله كتقديس المقدسين ، أو يسجدوا عليه في صلاتهم تعظيما وتقديسا وحمدا لله واستعانة به ليهديهم الصراط المستقيم ، والذي خصه بالمنعم عليهم الذين طهرهم بآية التطهير والإمامة والولاية فقدسهم ، فيتقدس مثلهم حين قبول مبادئ قدسهم ويتحقق بها ، ولا يكون ضال ولا مغضوب عليه كما يكون عليه كل من يرفض التقديس ولو بظاهرة ، فيرفض تراب كربلاء المقدسة جملتا وتفصيلا ، معنى وهدى فضلا عن الحمل بالفكر والعقيدة والدين وما حل به من مبادئ التقديس .
فهنيئا لمن قدس الله بمبادئ المقدسين ، وبكل ما يعرفه من آثارهم وهداهم ، ولو بحمل تربة وسبحة من تراب حل به المقدس بن المقدسين الحسين في كربلاء المقدسة ، فقدس نفسه من كل ما يشين ، بل بترابها يقدس الله فيكون من المقدسين ومعهم في محل القدس عند رب العالمين .
 
 

إلى إعلى مقام في الصحفة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم االسلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام



 
 

البحث الخامس

ثوى مقدس في كربلاء فقدسها وصار فيها رمزا للحرية والكرامة مخلدا

 
يا أخي الكريم تدبر : في تقدير أمم العالم لكرام قومهم ، قد جرت عادتهم حتى صارت من أجمل وأحسن وأفضل سننهم : تعظيم زعمائهم ، وأبطال قادتهم ، والربانيين فيهم ، والعدول والمصلحين في سيرتهم وسلوكهم في مجتمعهم وقومهم ، بحيث يقر ويذعن شعبهم وقومهم بفضلهم وشرفهم ومجدهم وكرامتهم من غير إجبار ولا إكراه ، فتراهم يعظموهم مفتخرين بما لهم من المواقف المشرفة ، ويتسمون بأسمائهم تخليدا لهم ، بل يحكون قصصهم معتزين بها ، ويرون ذكرهم وذكراهم عز لهم ومن شرفهم وفخرهم وأصالتهم .
وإما الحكام والطغاة والقادة الظلمة : ومن يلعق قصعات أهل الجور والطغيان ، ترى قومهم بل أهلهم حين ذكرهم يلعنونهم ويتبرءون من أفعالهم ، ويرون ذكرهم مذلة لهم وتأريخ أسود مر بهم ، فلا يقيمون لهم وزنا ويمحون كل آثارهم ، وكل ما يذكر بهم ليكونوا عبرة لمن يأتي بعدهم ، فلا يقتدون بهم ولا تخليد لهم إلا بلعنة ومسبة ترافق اسمهم وذكرهم .
وهكذا الأمم والشعوب يفتخرون : بشعرائهم وبحكمائهم وعلمائهم ، وبكل من له خدمة عامة لمجتمعه وشعبه بحق ، بشرط أن يروا خدمتهم من عزهم وفخرهم ، وتبين وتوضح قيمهم وقدرتهم وشرفهم وفهمهم ، فتحكي شيء من مجدهم وهمهم في الكمال والرقي ، فتراهم يذكروهم بكل خير ويفتخرون بسرد قصصهم ، بل يحبون الإقتداء بهم والكون مثلهم ، بل ويربون أولادهم كتربيتهم وما يمكن من سيرتهم ، فشعبهم وقومهم وكل من تربطه علاقة بهم يسعى بجد على تخليدهم فينقل مكارمهم ، فيكونوا رمزا شامخا في قلب ووجدان كل مواطني شعبهم بل قد يسري لغير شعبهم ولآلاف السنين ، فتمثل مواقفهم ويحتذوا بها ، بل ينصروهم بالعلم والعمل وبالتذكار لهم والتذكير بهم بكل مناسبة ممكنة تشرفهم ، فتراهم معتزين بتضحياتهم ، ومقدسين لمبادئهم ومقتصين  آثارهم ليعمروها ، ومقتدين بهداهم ، ومتبعين لمناهجهم بالحياة الدنيا ، بل الربانيين يرجون من ربهم أن يحشروا يوم القيامة مع أئمتهم الحق وأولياء دينهم ، لأنهم اقتدوا وتأسوا بهم ونصروا منهجهم وطبقوا هداهم .
فأنظر يا أخي الكريم النفس ـ لتتيقن ما ذكرت ـ : في أحوال البلاد ومراسم العباد وشعوب العالم كيف يسعون مجدين في إحياء جنود فقدوا في معارك لهم ، حتى أنهم بنوا للجندي المجهول المدافع عن قيمهم ووطنهم نصباً تذكاريا يزورونه ، ويقفون عنده بكل إجلال وإكرام وتقدير له ، مثمنين له جهده الذي منحه لوطنه والعز في بقاء محررا كريما ، أو حاول ذلك ولو لم يتم له ما أراد ولم يعرف عنه شيء .
 فإذا كان هذا حال الأمم في تكريم جندي أو قائد لهم وفرد مصلح في  قومهم وشعوبهم .
 فكيف يجب أن يكون تكريم وتقدير واحترام من كان جنديا أبيا حقا ، وعنده كل الهدى وتعاليم الدين والعدل والإصلاح والنور والفلاح ، وقائد مقدام بكل نور الإيمان كالحسين عليه السلام ، وهل يوجد أفضل منه حتى يتخذ قدوة في الإخلاص للدين والعقيدة ، ويخلد في النفس والروح فيكون لها أسوه ، وفي إتباع القيم والمبادئ الربانية الحقة التي زرعها في عقول الأمة ولب أفرادها المؤمنين هدى قيما ، وإيمانا راسخا بالمبادئ العالية والأهداف الغالية في العدل والصلاح والمطالبة به ، بل تعدى فضله وقيمه وتخليده وذكره لكل الأحرار من المخلصين لأوطانهم ومبادئهم وعقائدهم .
 وأي جندي معلوم كالحسين عليه السلام : أعظم تضحية وأكثر فداء لمبادئ الدين الحنيف ، وإن جهله من خالفه في الدين والمذهب ، وأي بطل أكثر تفاني من الحسين عليه السلام لأحياء الإسلام وبيان حدوده ، وأي إنسان عنده موقف أفضل من مواقفه ، وفداء أكبر من فداء ، وإيثارا لدينه بكل أهله وماله ونفسه وعياله بين قتل وسبي مثله .
فحقا يجب أن يقر لأبي عبد الله الحسين : كل منصف بما فدى دينه وربه بروحه وماله وأهله ، فزرع أعظم تعاليم الصمود وطلب الصلاح والعدل والهدى في ضمير شعبه وقومه وأمته وكل من يأتي بعده ، ورفضا للجور والطغيان والفساد بكل شكله ، مصرا على الفداء حتى أخر قطرة من دمه وماله وحتى بنيه وصحبه وأهله ، وكل ما يملك من أجل الإصلاح وطلبه ، فأثر تعليمه بحق وعن بصيرة وبكل إيثار وتضحية ممكنة ، فكان معلما لطلب العدل والإباء والإصلاح وإقامة حدود الهدى والإيمان ، ورفضا لكل ظلما وطغيانا وجورا وعدوانا  .
فإن سيد شباب أهل الجنة الحسين عليهم السلام : روحي له الفداء كان قمة في موقف التضحية والإخلاص ، وكل هذا الفداء والهدى الذي علمه خالصا لوجه لله ، أرى وعلم كل منصف وحر وأبي قيمة الصلاح والعدل والهدى عن أيمان ومن أجل الله ، لكي يعلم عباده أين ما حلوا وأين ما سكنوا ، فقدم أكرم تعاليم وبطوله وصمود لكل شعب الأرض فضلا عن قوم أبيه وجده ، وذلك حين جمعه مفصلا وسكبه شرحا ومجملا على أرض كربلاء ، فقدسها يوم عاشوراء فصارت : كربلاء المقدسة .
 نعم يا منصف لحُسن الكلام الحق : كانت تضحية الحسين وفدائه من أجل الله ليربي عباده وقوم جده وشيعة أبيه ، فيسلك بهم تعاليم الصراط المستقيم والدين القويم ، وقد خلطه منهج ودين بكل حركة له في تراب كربلاء ، فصبغ ترابها ذلك الإباء والدعوة للحق والإصلاح بمال لا مثيل له في البيان والإيضاح ، حتى لم يبقي عذر لأحد يطلب الفضيلة والإباء أن ينكر حقه ، أو يتجاهل هداه ودينه ، إلا أن يكون قد استحوذ عليه الشيطان ، وكان عميل بالخفاء أو علنا لأولياء الطغيان ، وشهوات النفس وهوى المجون حتى يذيق نفسه وقومه الحرمان.
ولما عرفت يا طيب :  كان الحسين رمزا عاليا في كربلاء فوجب على كل طيب وحر تخليد ذكراها ومثواه ، وهكذا وفى له المؤمنون فجعلوا له منارا شامخا ، قد غطوه بالذهب المصفى اللماع ، ليلمع بالحق ويشرق بالصلاح ، فينير ضمير ووجدان كل حر يطلب النصف لتقييم العدل والأيمان والهدى ، فأبان الأوفياء من قومنا حق التخليد بأعلى بيان لكريم الإسلام وسيد شبابه ، وبكل إنصاف حتى أتضح لكل أهل الدين والدنيا ، أكمل تكريم للشرفاء الأمجاد وأهل العز والفداء ، وبما لا يوجد مثله في كل أمم العالم واديان الدنيا .
 وهذا المرقد المقدس للحسين في كربلاء : فضلا عما عرفت عن تخليد ذكره بترابه الطاهر ، حقا به يتم تخليد أهل الشرف والإباء والسادة الكرماء في أمة الوجود كلها ، حتى كان الحسين وزيارته والجد في ذكره ، خلاصة لتكريم كل الأنبياء والنبلاء والشرفاء والصلحاء  ، والذين قدموا كل شيء من أجل إعلاء كلمة الله وهداه ، فأوفوا له الشرفاء والأحرار المؤمنين بالذكر الجميل حتى جعلوه يناطح الأفق في أعلي السماء ، فيعكس نور الشمس والقمر بل نور العلم الرباني والعمل الصالح إيمان وهدى وعدل وصلاح ورفض للظلم والطغيان ، فعم كل حر وطيب وطالب للحق والهدى والعدل والصلاح ، فلم يجهله أحد إلا أصم القلب وأعمى العقل .
 وهذا فعل الشرفاء والأوفياء وأهل الله والأحرار الأطايب : أعلوا وتفننوا في تكريم وتخليد وتمجيد رمز الحرية والعدل والمجد والشرف والغيرة وكل صلاح ، وبكل ما يستطيعون فجعلوه رمزا للعدل وطلب الإصلاح والهدى والدين والإيمان ، ولو أبى الطغاة وأمتعض الظلمة من فعل المؤمنون وحاربوهم بكل ما يقدرون ، بل وفى للحسين عليه السلام الأحرار والمؤمنون فسجود لله على تراب كربلاء ، فإن السجود على التربة التي أستشهد عليها الحسين عليه السلام ، وسكبت عليها دمائه الطاهرة ، لهو عقد عهد مع الله تعالى ونبيه الإكرام على إننا سائرون على نهج الحسين عليه السلام في التضحية والفداء وطلب العدل والصلاح ، وعن إيمان بهداه ودينه الذي بتطبيقه ، ونرجو بكل أمل رضى الله ، وبكل وتعاليم دينه نقتدي إن شاء الله ، بل وكلنا نية وعزم بالتأسي والإقتداء به ، وعلى كل حال وظرف مهما كان ، بل وبتطبيق علمي وعملي لهداه بتوفيق الله ، فهذا ما يقصدون به من زيارة الحسين وإعلاء منار هداه .
فإنه هذا هو معنى السجود لله على تراب الإخلاص والفداء تراب كربلاء ، معناه إننا سالكين لسبيله في كل تصرف لنا فضلا عن تخليد ذكراه وبناء رمز الحرية والعدل والصلاح عاليا منير يناطح أفق السماء ، ونأمل من الله أن يوفقنا ويرضى عنا ، بكل صورة وحال للإرشاد وللنصيحة للمسلمين والمؤمنين حين تعريف وبيان هداه ، وبكل صورة ولو بتربة نسجد عليها لله أو سحبة نذكر بالله .
ولذا يا أخي الكريم : هذا من التخليد والوفاء صار حقا علينا أن نعرف تراب كربلاء المقدسة الذي قدسه الحسين ابن المقدسين نبينا وأمير المؤمنين والأنبياء السالفين ، فنقف في اليوم خمس مرات للصلاة واضعين لهذه التربة الطاهرة إمامنا نتذكر بها ، إنه يجب علينا أن لا نخضع لظالم ولا المعتدي ، و لا نداهن كافر و لا مشرك ولا منافق ، و لا نصادق قوي غاشم لا يحب العدل ولا يعمل به ، ولا نصافح عدو على باطل .
ولذا يا أخوتي حق التخليد لفداء الحسين ودينه وتكريمه وأخذه قدوة وأسوة واجب الطاعة وبكل شيء ، حتى كرمنا تربته المقدسة في كربلاء زيارتا ، وحين رؤيتنا لهذه التربة المقدسة سبحة أو تربة للسجود عليها حين الصلاة ، فنتذكر كل دين الله الخالص وهداه الحق وما يجب علينا وما لنا من الحق ، وبها نحب قيم العدل والإحسان بكل صورة ، فنتذكر أن علينا أن تؤاخذ كل من يهضم المؤمنين ويضع من قدرهم ، ونهجر بل نقاوم وننكل بكل من يجبر المسلمين على الفسق والفجور والعصيان أو يضطرهم عليه ويدعوهم إليه ، ونقاوم كل من يحاول أن يكره الأحرار و يريد أن يقهرهم و يستعبدهم و يستعمرهم .
فإن هذه التربة الكريمة المقدسة تربة كربلاء : تعلمنا كيف يجب أن لا نصير على الضيم و الهضم ، ولا نطيق الطغاة والجبابرة في أي حكم ، ولا نرضى بالعدوان ولا بسلب حقوق الناس ، ولا نحب الجور على أي فرد من بني الإنسان أين ما كان ، فهذا رمز الحرية والإباء في النفس ، وحب العدل والإحسان المقدس الذي دعا له الحسين ومات شهيدا من أجله وفداه بكل أهله وماله وولده.
 فإذا كانت الصلاة لله تنهى عن الفحشاء والمنكر . وتردع عن الحرام و الخطيئة ، وتمنع من ارتكاب الأثام والآصار ، وتقف سداً إمام اقتراف الفجور والجناية .
فإن الصلاة على التربة كربلاء : التي سكبت عليها الدماء الطاهرة ، تعطي الكمال للنفس و الوقاية والقوة للروح ، فتعاهد الله تعالى على أن تتصف بالصفات الحميدة والخصال الفاضلة التي تحلى بها الاماجد الكرام من آل نبينا محمد صلى الله  عليه واله وسلم ، والبقية الباقية من أشراف أصحابه و أتباعه ، وبالخصوص سبط الرسول الحسين وريحانته وامتداد وجوده وهدى دينه .
فالصلاة على تربة الحسين والتسبيح بها وزيارتها تخلدا لمبادئه وهداه ، تذكرنا في كل يوم خمس مرات وفي كل مكان وزمان ، بل تشعرنا بكل ما أوتي التبليغ من قوة وفي كل يوم أربعة وثلاثون مرة مع كل سجدة ، بتضحية أبا عبد الله الحسين عليه السلام وصحبه الكرام ، خلان الوفاء للعقيدة ، و أصدقاء الصفاء للمبدأ ، فنتعلم منهم السماحة و الجود و الكرم في سبيل النهوض بتعاليم الله بكل وجودنا تعليما وتدريبا وتطبقا ، وإقامة لحدود الله تعالى في أصعب الظروف والأحوال وبتقديم الغالي والنفيس من اجلها .
فالصلاة على تربة كربلاء أو التسبيح بسبحة من ترابها : تجعلنا نعيش مع حواري الأصحاب وأولي الحجى مبدأ ودين وغاية ، و الخاصة من أولي الألباب وأولي النهى الأكياس الذين عرفوا الحق فأتبعوه وهجر الباطل والضلال حين عرفوه ، فإنه بحق عن علم وعمل وجهاد كانوا أبطال الهيجاء وفرسان النجدة المغاوير النجباء فصاروا أسوة وقدوة ، فهذا معرفتنا بالحسين وصحبه في كربلاء فإنهم كان ليوث الحرب والوعظ والإرشاد والنصيحة ، الأمرين بالمعروف والناهيين عن المنكر ، فحقا لنا تكريمهم وتخليدهم حتى السجود على تراب ثوى فيه أبا عبد الله لعبادة الله وبنفس إخلاصه وفداءه ، فإن الحسين وصحبه وآله في كربلاء بحق كانوا من أجل هدى الله ودينه وتعلميه وتبليغه بكل ما أوتوا من قوة هم أصحاب البسالة والشجاعة والنخوة ، فحق لهم علينا تخليدهم والسير وفق هداهم والإقتداء بسيدهم وقائدهم وزيارته والسجود والتسبيح بتربة أحاطته .
فإن شهداء كربلاء الذين صبغوا ترابها بقيمهم وبتفانيهم من أجل دينهم بقيادة ولي المؤمنين وإمام الحق القائد الفذ بصدق : قد لبوا نداء إمامهم وقائدهم حين قال عليه السلام : ( إلا من ناصر ينصرنا ) لطلب الإصلاح في أمة جدي و شيعة أبي ، فجاءوا مسارعين بكل فخر وملبين طالبين الكمال والعز الأبدي ، والمجد الرباني الدائم في نعيم الله ولو بالتضحية بالأرواح وبيعها لله ، فأشترى منهم سبحانه أنفسهم فخلدهم ومجدهم بل نشر ذكرهم حتى مجدهم المؤمنين والأحرار وخلدوهم ، وذلك لعلمه بصدقهم الذي جاءوا به لولي دينه مقدمين الأرواح والنفوس وكل ما يملكون ، ومتسابقين بكل زهو لتقديم النجدة والنخوة للدين وأهله ، فوهبهم رب العزة والكمال كل تقدير واحترام وعلى طول التأريخ ، وكان لهم عند كل الطيبين كل شموخ ، فكانوا عظماء عنده سبحانه في الملكوت الأعلى في أكرم منازل الصديقين والشهداء ، وهكذا كرمهم عباده فزاروهم وسجدوا لله على ترابهم وسبحوه به ، فإنهم بحق كانوا أمجاد شرفاء نالوا كل خير وبركة ونعيم والمقام الرفيع المكنون في جنان الخلد والنعيم الأبدي ، وفي جنان الروح ولب النفوس الكريمة التي تطلب الحق بقدوة بان واتضح صدقه وإخلاصه بما لا شك فيه ولا شبهة في دينه بحق ووقعا .
فإن الحسين وصحبه الذين سكبوا الشرف والمجد والكرامة والإباء على تراب كربلاء في ذلك اليوم العزيز : بحق كانوا كبارا في الدين وقدوة لكل المسلمين ، وأس ركين في التأسي بفدائهم وصمودهم ، ومن أجل تطبيق الهدى الإلهي ، والدعوة والتبليغ لتعاليم الدين ، وبهذا نالوا الجزاء الأوفى والمكافئة العظمى في رضى الله و رسوله ودخلوا جنة عرضها السماوات والأرض ، فضلا عن كونهم أسوة وقدوة للكرام ولمن يطلب المجد من أهل الدنيا ، لأنه يراهم بحق شرفاء عند قومهم وكل الأحرار والطيبين والمصلحين ، و الذين يبحثون عن أولي الحسنى والعدل والإصلاح للاقتداء بهم وللسير على سبيلهم .
ولهذا يا طيب صار تراب كربلاء بكل صورة حملا له وزيارة له والسجود لله عليه والتسبيح به لله : مذكر بكل ذرة منه بهذه البطولة والبسالة والصمود ، فهذه كربلاء منار العدل ولصلاح قد قدسها الحسين ، وبالإيثار والفداء سقاها ، فزاروها الكرام والأوفياء وكرموها في نفوسهم وعقولهم بأجمل الذكر ، وبالتأسي بقيم ومبادئ قد حلت فيها ، وعن دراية وعلم وعمل قد عرف المؤمنون أنه فيها ثوى المقدس بن المقدسين الذي بان قدسه وهدى فعله عن يقين لكل الأحرار والطيبين ، فصار فيها كل شيء ولو تراب يحمل منارا ورمزا من أجل كل خير وبركة يحب الإنسان الشريف أن يهبه لنفسه ولأمته ولمجتمعه ، فخلدوه وقدسوه وزاروه ووقفوا عليه وأمامه بكل تقدير واحترام .
 ولهذا يا طيب : حق للمؤمنين والأحرار زيارة منار كربلاء ورمزها ، والتسبيح بترابها السجود على ذلك التراب المصبوغ بالمعنى والروح بتلك الدماء الطاهرة والعقائد الكريمة الشريفة ، والتي تهب حياة الكرامة والعز للإنسان أين ما كان .
فلهذه المعاني الكريمة والوفاء من الصالحين والشرفاء لقيم العدل والصلاح والإيمان : صار ذلك المستحب المؤكد السجود لله على تراب كربلاء ، واتخاذ خرز سبحهم من ترابها ، وحمله معهم أين ما حلوا ، فضلا عن زيارتها في المناسبات الكريمة وقصدها للتزود من الروح والمعنى والهدى والإيمان الذي حل بها ولم يفارقها إلى يوم القيامة ، فتهب لمن يقصدها ويحل بها المعرفة لأهل الهدى الحق والصراط المستقيم ، والدين الحق القيم الذي نزله على جد الحسين رب العالمين ، فيستمدون بزيارتهم جدث الحسين وروح الإيمان في كربلاء ، العزم والنية الجادة والجهاد الواقعي للنفس والصبر والصمود والمثابر لتطبيق الهدى عن إيمان وجد ، ورفضا لكل ما يغضب الرب من الظلم والضلال والباطل والطغيان والعدوان .
وهذه المعرفة للعزة والكرامة لتخليد رمز الدين والهدى والإيمان في كربلاء ، ليس عرفه المؤمنون والأحرار والأباة والشرفاء فقط ، بل عرفه كذلك الطغاة والظلمة وأتباعهم فخافوه فحرموا زيارة كربلاء ومنعوا من السجود على تراب كربلاء أو اتخاذ سبحة للتسبيح لله بترابها ، لأنه بحق يعلم ويطالب بالهدى الواقعي والإيمان الصادق بلا مداهنة وتسامح أو غظ الطرف على الفجور والطغيان ، فخافه الطغاة وأهل الفجور والعصيان فمنعوا منه ، وحرموا الاقتراب من قدسه ما استطاعوا حتى أفناهم الحفاة والمشاة لذكر أبا عبد الله الحسين ولو بصمتهم وأنسهم بالله وذكرهم لما حل بتراب كربلاء بالروح والمعنى ، فأخذوا يزرون بالظلمة حتى أقصوهم وهم في حكمهم في معاقل يعتقدون تمنعهم من الموت والذل والخذلان والخسة في الطبع ، فلا يكشف ظلمهم وما كان خسيس طبعهم وظلمهم ، بل تراب كربلاء أخذ يزري بالعملاء فيبتعدون عن المؤمنين والأحرار إلا بتملق وخسة طبع وذلة ظلم وخباثة ولؤم شهده الأباة وحكوه .
 بل مبادئ هدى كربلاء كان يغم المتقاعسين فيثقل عليهم حمله أو زيارته ، بل ولا لمسه بالروح والإيمان فيهجروه ، فيقتربون من النفاق والشرك أو يقعون فيه مثل عملاء الظلمة والطغاة ، فيتكلمون بغير مبدأ حق ولا رمز يكون مقياس لعلمهم وعملهم ، ولا أمر يصدق دعواهم ومطالبهم ، ولا بيان حق يكون منارا لهم ويصير صراط مستقيم يسلك بهم للهدى الواقعي الذي لا يحاد عنه فلا يتلاعبون بمقدرات أنفسهم والناس وقومهم ، فيضلون فكر من تبعهم بل بمصير أنفسهم وأهل ملتهم ، فإنهم ينطقون لا عن إيمان بهدى مجرب ، ولا عن علم هدى له واقع مصدق ، بل ولا تطبيق لهم كريم شامخ يحكوه بحق ، حتى يقتدي به ويتأسى به أهل بجدتهم ، ولا عندهم أمر حق يشتاق له الكرام والأحرار والطيبون فيتخذوه مبدأ وغاية وهدف فيسعون لتطبيقه أو الإيمان به ، فضلا عن الموت من أجل والتفاني بكل شيء في سبيله ولخاطره .
ولكن النبلاء وأهل الحجى الطالبين للعز والمجد والكرامة يفتخرون بحمل تراب كربلاء ، فضلا زيارتها والاقتباس من منهلها العلم والهدى والإيمان الذي حل بها فعانق ذكرها وترابها وأرضها وسماءها ، بل هم يتشرفون بالسجود عليه للواقع من العدل والصلاح الذي حل فيه ، فيحبون الكرامة في الكون فيه وزيارته ولو بالعمر مرة ويحيون ذكراه بكل تفاخر وعز ، معلنين هذا لكل أهل الكون بكل صورة ممكنة ، فيستفيضوا منه الشرف والكرامة والعز والأباء ، وما أكثر هذه المناسبات الكريمة عند شيعة الحسين والأحرار من أتباعه ، حتى تأسوا به في كل مناسبة وفرصة تسنح لهم فيُحيون ذكراه بحق وبما يناسب شأنه الكريم وعزه التليد ، وعن علم وإيمان ودراية بما يعملون .
ولهذا الكرام والنبلاء والأحرار والمؤمنون : يحبون السجود والتسبيح بالتربة الحسينية وتراب كربلاء المقدسة بالمقدس الحسين أصل النبل والكرامة ، والأباء المتأصل به من آباءه الكرماء النجباء أئمة دين وأنبياء الله ، بل حل أبناءه أئمة الحق ليوم الدين الذي يدان به الناس المهتدون بالحق فيتنعمون معهم ، ويتميز المبطل الضال عدوهم فيعذب بأليم النار ، وبأمر الله الذي يدعو كل أناس بإمامهم يوم القيامة وبولي هداهم عند الحساب ، فيسأله عن كل شيء ، وأول الأمر إمامه والقائد الذي خلده وتبعه واقتدى به فأطاعه في علمه وعمله ، ولذا الحق في القول : إنه من الآن يحشر مع الحسين وصحبه وآله من قبل منه مبادئ العز والكرامة والشرف والإباء ، ورفض الظلم والطغيان والفسق والفجور فلم يتبع أئمة الضلال والطغيان .
 فإن الأحرار والمؤمنين والطيبين : يرون في تراب كربلاء وزيارتها في كل حال ولو عن بعد ، فضلا عن وقت الصلاة حين السجود لله والتسبيح بترابها ، إنه يجب التدبر والمعرفة والإيمان بما سقى الأرواح فأحلها حق الهدى موقعها وترابها وزيارتها ، واللب والعقل بحقائق الدين عن برهان صادق ودليل واقعي ذكرها والتذكير بها ، فنال أولياء الحسين وأحباءه والمتأسين به نوره فتحقق في علمهم وعملهم وسيرتهم ، وأحبوا كل ما يذكر به فخلدوه في ذواتهم .
فهذا يا أخي الطيب الحر الأبي : حق معرفة المجد لأهل العز والشرف والكرامة في تطبيقه ، وهذا واقع التخليد والذكر له بكل عز وكرامة وتخليد له بواقع التخليد ، وهذا عين الشرف في السعي لتحصيل العدل والصلاح والهدى والدين والإيمان بإخلاص من أهله ، وعن دليل واقعي وبرهان حق يؤيده تاريخ الوجود وسيرة أهل المجد والشرف والفداء الكرام المقدسين بحق ، وبهذا حل بحق وتمكن واقعا وسكن صدقا في القلوب والأفئدة الحرة الأبية والمؤمنة بمبادئ الحسين بكل إخلاص له وفداء له ، فسعوا بكل وجودهم في كل مكان وزمان ممكن لتحصيله والكون فيه وزيارته ولو بالسلام عليه من بعد فضلا عن المشي له بأقدامهم البدينة وأفكارهم الروحية .
 بل يا أخي الكريم : قد عرفت إنهم قرروا بكل إيمان السجود على تربته من أجل الله ودينه والتسبيح بذرات ترابه حين ذكر الله ، ليكون في تطبيقهم لدين الله وهداه وحقيقة ذكرهم حقيقة الدين مع الإخلاص ، فلهذا الواقع الحي الذي تشهده الدنيا ويسمع به كل أهل الوجود ، قبل الأحرار والمؤمنين والكرام التسليم للحسين وللهدى الذي خالطه بتراب كربلاء حتى في ذكرهم لله ، فكانوا بحق مخلدين لمنهجه والدعوة له وتطبيق هدفه والجهاد من أجل دينه دين الله وجد الحسين رسول الله .
نعم يا كريم المنهج والراضي بحقائق الأمور في العدل والصلاح والدعوة له وتطبيقه : ترى بعين اليقين إنه بهذا الوفاء الصادق من الكرام والأحرار والطيبون ، خلدوا ذكر الحسين فاتخذوه منارا في فكرهم وقلوبهم ، بل تراب كربلاء زاروه واتخذوه رمزا وعلما ومنارا ، فقدسوا الإخلاص والإباء والهدى والتضحية والإيثار الذي فيه حتى سبحوا الله به وقدسوه عليه ، فهذا حق التكريم والتقديس والرضا والقبول للحق والعدل والصلاح يا طيب في زيارة كربلاء والسجود عليه من أجل تطبيق دين الله ومعرفة أهله وصراطه المستقيم وهداه القويم والعدل والصلاح ورفض الظلم بكل شكله والطغيان على هدى الرحمان.
فحقا يا أخي الكريم : إنه بهذا الحق من الهدى والواقع من الدين تتنزه النفس عن كل نعوت يتصف بها أعداء الحق والعدل والهدى ، ويبعد الأرواح والعقول الأبية الكريمة عن عمل الطغاة والظلمة وأهل الفسوق ، فلا يخضعون لأهل الجور ولو كان فيه سفك دمائهم وفناء أبدانهم ، لأنه خالط وجودهم نور مبادئ ولي كربلاء المخلص في دين الله فنور روحهم ، وأضاء وجود من يقبله ويتحقق به عدلا وصلاحا وإيمانا ، وهدى قيما حقا ، وهذا حق الوفاء والتخليد لولاة الدين وقادة البلاد وسادة العباد وأركان البلاد ، وحكماء الأمة وأئمة الحق والقادة الكرام الأباة ، والعدول في البلاد وأهل الصلاح والشرف .
نعم يا طيب يا من يحب الكرام : بهذا المعنى الشريف رأى الطيبون كل معاني التضحية من أجل الشرف والمجد والكرامة قد ثوى مقدس في تراب كربلاء من الحسين ، فقدسوه وخلدوه في فكرهم وأرواحهم مبدأ وعقيدة ودين ، حتى سبحوا لله بتراب يحيط به ، وطلبوا مبادئ الكرامة والعز والشرف والغيرة فيه ، ولذا بحق إنه لم يكن من يسبح بذلك التراب الطاهر تراب كربلاء ويسجد عليه وهو يعرف معناه ويطبقه صادقا من اللخناء ولا من أهل الغباء أتباع للظلمة والطغاة ، ولا من العملاء بكل وجودهم من حيث يدرون أو لا يدرون سواء في السابق أو في اللاحق ، بل الآن حين يرضون بظلم الكفرة والمشركين والمنافقين وضلالهم وانحرافهم عن أبا عبد الله الحسين في فكرهم ومبادئهم .
وبحق أقول لك يا طيب : لا يكونوا أنصار الحسين من أراذل الناس الذين باعوا الدين بالدنيا ، واشتروا الذل من أجل دراهم معدودة وآمال كاذبة ،  فقاموا بقتل عمود الدين ورمز الحرية وأصل الأباء ، سيد الشهداء أبا عبد الله وصحبه الكرام الأوفياء النجباء في يوم عاشوراء كربلاء ، بل والآن فعلهم يتجدد من أتباعهم حين هجرهم وعدم الرضا بزيارته ولا بذكره ولا بحبه ولا الرضا بدينه ومنهجه ودينه القيم وهداه الحق ، فلم ينصفوا العدل والصلاح ولا خلدوا الفضيلة والفلاح لا من أجل أنفسهم ولا من أجل الله ولا من أجل الوطن والأهل والمجتمع .
 
فحقا للكريم والأبي والغيور على وطنه ونفسه ودينه : أن يعرف بحق كربلاء وترابها فيزورها بروحه ولو عن بعد ، فضلا عن بدنه وفكره في كل حين ، فيخلدها ويتخذها رمزا للخير والفضيلة والهدى والدين والحرية والإباء والكرامة والمجد ، ولكل ما يرضي الله ويوصل لنعيم النفس وواقع السعادة ، ولا يكون من أتباع الظلمة ولا يخفى عليه الحق وأهله ، فيكون مع من قتل الحسين في هداه ودينه ومبادئه فيكون ملعون من الله ومن كل النبلاء ، ومطرود من رحمة الله وجنته الواقعية المانحة للكرامة والشرف والغيرة للنفس الأبية ، الخاضعة للعدل وللحق والمطالبة بالإصلاح والقسط .
ولذا يا كريم النفس : لا يحق لمن يعرف الحسين وهداه الذي سكبه في كربلاء أن يتبع أعداءه الظلمة والطغاة ، ولا أهل الجور والفسق في أي زمان كان ومكان كانوا ، فيتصف في ميزان الحق والعدالة الإلهية والإنسانية إنه من خسر الدنيا والآخرة وكان من الأغبياء ، لأنه تابع أهل الضلال والظلمة وأعداء الإنسانية ، ويكون من الخرقاء الذين نكصوا عن الحق و تبعوا الباطل ، فكان تبعا لرموز الظلم وأهل والضلال ، فيكون مغضوب عليه في ميزان الشرف وله الذل والعار الأبدي عند الله ، فإن الدنيا وكل ما يزينه الشيطان وزخارف الدنيا وظلمة بني الإنسان هو التمتع به إن تمتع ولم يغصصهم به المؤمنون وأهل الإباء للضيم ، يكون لأيام معدودة ولمتعة أمل لم تتحقق في دنياهم القصيرة ولم تروي من عطش الدنيا ، فضلا عن إنه يغرهم ويمنع تمتعهم بحق الخوف والجبن من الظلمة ، فلا ينفعهم شيء مما أغرتهم به الوعود الكاذبة ، إلا ما ركبهم من الروع والذعر من تهديد الحكام الطغاة وأهل الفسق والفجور الذين قبلوهم في كل تسلطهم عليهم .
ولذا كان من يعرف بحق معاني الكرامة والعز والشرف والنبل وإباء الضيم الممزوج بذرات تراب كربلاء ، يتخذ منه سبحته فيذكر الله وهداه و يسجد عليه في كل صلاة حمدا وشكرا لله ، ويزوره بروحه عن بعد ومع الإيمان وبهداه وبقيمه التي تمنح الكرامة الحقيقة الصادقة ، فيتخذه منارا تخليدا له فيجعله رمز واقعيا يمنحه كل حين العزم على الهدى وطلب الصلاح ، فتكون له بحق روح كريمة تؤمن بالمبادئ التي ضحى من اجلها الحسين وصحبه الكرام عليهم السلام ، وبهذا نعرف بيقين أنه من يسجد على التربة الحسينية تحصل عنده الشجاعة والعفة والحكمة ، فيبتعد عن ضعف الرأي و الجهل و الغباوة  والحمق و السفه و البله ، وتدحر نفسه سوء الخلق وشره الهوى و صلف النفس ، و تطرد التلون و الخداع و التهور عنده .
فالروح التي تؤمن بالمعارف الإسلامية التي ضحى من أجلها شهداء الحق والفضيلة الحسين وصحبه ، ليس في حيرة من أمره و لا عندها خوف إلا من ربه ، ولا له فزع من ظالم وطاغية ، ولا حرص ولا طمع بدنيا بغير حق ، ولا غدر ولا خيانة لقومه وأهل ملته ، و لا خداع ولا تضليل لنفسه وأهل ومجتمعه ، ولا مكر ولا حيلة بغيره ولو في أقصى بقاع الدنيا ، لا كذب و لا افتراء في وجدانه وضميره على غيره .
فمن حصلت له عقيدة و أهداف ثورة الحسين وصحبه عليه السلام يلتزم بمواظبته على السجود على تربة حنتها دمائهم الطاهرة ، فيعرف كيف يصمد إمام كل قاسط وناكث ومارق من الدين ، و يصبغ التراب بدماء الحرية و الأباء ، ويكون على نهج ودين المعلم لأهل الأرض ألوان التضحية و الفداء .
فحقا أقول لك يا حر ويا مؤمن : إن من تنسم رائحة هذه التربة المباركة في كربلاء في زيارة لمعانيها وروحها ، أو حملها معه وذاق طعمها في وجدانه وضميره فأمن بما حل فيها من التقديس للروح والنفس ، خلدها وقدرها وأخذها رمزا ومنار له في طاعة الله ومن أجل دينه ووطنه وعزه وكرامته ، فعرفها لكل طيب في صلاته في سجوده لله وحده وسبح بها ذكرا له ليري كل حر وشريف بل كل طاغية وظالم حقائق معانقة لها ، فيكون في عين خشوع روحه وخضوع بدنه إمام الله تعالى ، يكون في علو وعظمة ورفعة أمام المستكبرين والجبابرة الظالمين ، ويكون شوكة في عيون أعداء الدين ، ويكون سهم في قلب المستعمرين ، ورمح في صدر المستغلين وسيف على رقاب المنحرفين .
فمن يرى هذه التربة تربة كربلاء ومَن سقها الشرف والمجد والدين والهدى ، ولماذا وكيف وأين وحتى متى ، فيعرفها بعين الإنصاف ، خلدها بوجوده واتخذها رمزا في فكره وإيمان في لبه وإخلاصا في قلبه ، فلا يرضى بغيرها رمزا ومنارا يخلده  ، ويرها ويريها لكل الناس بحق وواقع إنها :
دواء لاستضعاف الأرواح ، وطب لشهوات الأنفس ، و بلسم للإنسانية فتمنحها القوة على اكتساب الأخلاق الكريمة والملكات الفاضلة ، وعوذة ضد النعوت القبيحة والرذائل وكل ما يبعد عن الله تعالى .
 بل تربة كربلاء لما فيها من القيم الفاضلة والأخلاق الكريم : تحث الحر والطيب لأن بجد لمعرفة تعاليم ربه ، وتطبيق ما عرف الله بتوسط أولياءه المخلصين من هدى الدين ، فيتحقق بكل معاني العبودية ، ولذا من يؤمن بهذه المعارف والقيم والمبادئ والأهداف التي تنطوي عليها تربة كربلاء ، يواظب على معنى السجود على تربتها الطيبة ، ويأخذ سبحته منها وهو مؤمن بأنه خالطها إخلاص أبا عبد الله الحسين وصموده ودينه ومنهجه ، وليس تراب كالتراب العادي ، فتكون له بحق عون للصبر والمقاومة والباسلة والشهامة من أجل تطبيق دين ربه وهداه بكل أبعاده وبكل جد واجتهاد .
 فحقا إن تربة كربلاء : أكسير الحياة .
و لهذا ترى كيف تجلت حقيقة التربة الحسينية بكلمات عظماء الدين والمبلغين عن سيد المرسلين ورب العالمين في أن :
 السجود على تربة كربلاء : يخرق الحجب السبعة ، و ينور الأرض .
 وإن السبحة المأخوذة من تراب كربلاء : تسبح في يد حاملها وإن لم يسبح ، ويحسب له ثوابها ، وإن سبح تكتب سبعين ضعفاً .
و قالوا بحق إن تربة كربلاء : لا يستغني المؤمن عنها إذا عرف حقها ، لأنها أمان من كل خوف ، و شفاء من كل داء مادي في البدن أو معنوي .
وإن من زار كربلاء : له بكل خطوة ـ في فكره وسعيه ـ حسنة وتمحي عنه سيئة فتعادل عمره كله ، وحجة له أمام ربه فيزكي إيمانه وعلمه وعمله فيكون مع الحسين وجده والشهداء والصديقين .
فهذا حق التخليد والذكرى لذكر وتكريم كريم أكرم قوم ، وسيد في أهل ملة أوفياء لرمز الحرية والكرامة والعز والشرف  ، كان قد علمهم النبل والصلاح والعدل والهدى بكل وجوده وبما يملك ، فكان يعيش في أرواحهم ودينهم وسيرتهم وذكرهم حتى تسموا باسمه وساروا على هداه وقبلوا منهجه في قلوبهم ، فذكروه سرا وعلنا في محلاتهم وبيوتهم ومساجدهم ، وفي كل زمان ومكان تواجدوا فيه فضلا عن محل مثواه ، بل صلوا لله على ترابه وسبحوه به ، وفي أكرم فرصة حياتا للمعنى في نفوسهم زاروه .
فهنئا لمن آمن بمبادئ ودين وهدى صاحب كربلاء فخلده في روحه ، وأمن بهداه في قلبه فجعله منار ينير لبه ، وقبله عقيدة ومبدأ في فكره فجعل دينه حتى الإخلاص رمزا لعمله ، فأسكنه قلبه وعلمه علما ينادي به وله يا لثارات الحسين نصرا لدينه وهداه وللعدل والصلاح الذي طالب به ، فمكن فؤاده منه حتى يكون معه في الدنيا والآخرة ، فيفديه روحه حتى الرواح لله بكل دينه وهداه ، مقتديا به ومتأسيا حتى السجود على تربته والتسبيح لله بها حتى زيارته ، وبكل وجوده دنيا وآخره حتى ولو هو في محل بعيد عنه إيمان وعقيدة ودين وعلم وعمل وسيرة وسلوك .
هذا وسيأتي تمام الوصية لتخليد العز والحرية والإباء وتمام ما يجب من الوفاء لحق للحسين وتراب كربلاء في مقال آتي إن شاء الله .
 
 

إلى إعلى مقام في الصحفة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم االسلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام



 

البحث السادس

خاتمة المطاف

وصية الوفاء لحق سيد الشهداء تخليدا لذكراه في كربلاء

 
أخي الكريم محب الوفاء للكرام والشرفاء : إن ما ذكرت لحضرتكم عن كربلاء ليس هذرا من الكلام ليس له واقع أو مبالغة في تخليد العظماء ، بل يا من يسمع القول فيتبع أحسنه ، ويؤمن بما عرف حقيقة هداه وتقين برهانه ، أن للكلام عن مبادئ الهدى والنعيم لسعادة الروح الكريمة التي تروى من كربلاء ، له حقيقة وواقع يعيشه الكرام المؤمنون والطيبون والأحرار في دنياهم وإن لم يكن لهم دين وفي أي مكان كانوا وفي أي زمان عاشوا .
 فبالإضافة لما ذكرت لك يا من يتطلع في هدى الأحرار الأبرار : من المعنى والروح والأدلة التي يشهدها تأريخ الدين وهدى رب العالمين في تخليد وتمجيد وتشريف الشهداء والصديقين والصالحين ، فيكونوا أئمة دين وتقرب منزلتهم من مقام الأنبياء بل من المرسلين ، يشهد لما ذكرت لك وجدان المنصفين وضمير الأحرار وإيمان المؤمنين ، وتعرفه في كل حين في أيام التخليد والوفاء للإمام الحق وولي هدى الدين ، سيد الشهداء وأهل الجنة أبا عبد الله لحسين ، فخلدوا وتكرموا بزيارته في كربلاء في أيام كريمة وشريفة يحلون عنده ملبين لدعوته وينهلون من عذب دينه وصافي إخلاصه ، أفضل مبادئ هدى رب العالمين والتي أنزلها على جده سيد المرسلين .
فيا صديقي ورفيقي في الإنسانية والدين : هذا يوم 15 شعبان اليوم 12/10/ 2003 تابع أخبار كربلاء يقصد كربلاء الحسين في هذا اليوم ، العرق بأهله الكرام من أهل مذهب الحسين ولا أبالغ إن قلت كلهم بل كل شيعته في كل بقاع الأرض ، لأنه من لم يقصده ببدنه قصده بروح للمناسبة العظيمة التي تكون في هذا اليوم ، وهو ميلاد سبطه التاسع ولي العصر وإمام الزمان الحق الذي يدعى به المؤمنون يوم القيامة حين يدعى كل أناس بإمامهم وولي دينهم ، والذي سيملئ الأرض قسطا وعدلا بإذن الله ومعجزات ترافق ظهوره كما في قصص الأنبياء راجع موسوعة صحف الطيبين لتعرف بعض المعرفة عنه ـ وهو يوم في كربلاء كالأربعين بل للحسين كل أيام شهري محرم وصفر كما لسبطه كل أيام الزمان وهو ولي العصر روحي لتراب مقدمه الفداء ، بل الأحرار والمؤمنون حين وجودهم في مدنهم ومنازل بيوتهم تراهم حين الصلاة لله قرروا السجود لله على تربته ، أو حين حب ذكر الله والتسبيح له يسبحون بسبحة خرزها من تراب يحيط به ، بل ولو التسبيح منهم يكون في وقت الفراغ ومجالس أنسهم مع الله أو فيما بينهم ، بل اتخذوا حسينيات تضاهي المساجد بل هي المساجد للجد في معرفة تعاليم الدين الذي علمه الحسين دون غيره ، فصار جامع الحسينية مسجد للجد والاجتهاد في معرفة الهدى الحق ، وجامع لأهل الدين القيم الذين يحبون السير بصدق على صراط مستقيم يوصل لأهل النعيم المكرمين عند رب العالمين ، فيكون معهم لا من المغضوب عليهم ولا من الضالين من أعداء الحسين بالفكر والهدى والدين .
فيا أخي في الإيمان أو نظيري في الخلق : إن لكربلاء وترابها لما عرفه المؤمنون بالحق والهدى والعدل والصلاح الذي حل فيه ، كانت لهم معه أيام وساعات بل لحظات عظيمة في حياتهم ، ولا يوجد لغيرها من بقاع الأرض لما لها من التكريم والتمجيد والتخليد بل صار يضاهي الحج في الكعبة وأيام حج المسيح لبيت المقدس ، وهو حقا لها يقر لها كل من عرف شأنها ومقامها والمبادئ التي حلت فيها ، والهدى الحق الذي يستقى منها عند التذوق لرضاب رحيقها الذي رواها كوثر الخير والبركة سيد الشهداء والجنة والأبرار أبا عبد الله الحسين ، فإن الكريم ابن الكرام والمقدس بن المقدسين والطيب الطاهر أبن الطيبين الطاهرين ثمالة الماضين وخلاصة أهل الدين ، صب في كربلاء تعليما عظيما يبوح لمن يتنسم نسيمه ويستنشق روحه علوا الهمة في تعلم وتطبيق والدعوة والجهاد لتعاليم رب العالمين وبإخلاص أخلص المخلصين الربانيين من كل الأنبياء والمرسلين وأئمة الدين الذين كان خلاصتهم ووارث دينهم وعلم علمهم حتى الشهادة .
فلذا يا طيب : إنه كان حقا من المؤمنين أو حقا من الأحرار الطيبين الذين يعز عليهم كل ما يذكر بالمجد والشهامة والنخوة لمبادئ الصلاح من الصالحين ، وطلب العدل والفداء لهم من تعاليم المحسنين ، أن يكون لأهل ملتهم وقومهم وأهلهم وشعبهم ما يذكرهم ويعلمهم لكي يعيشوا أباة شرفاء أعزه في كل وجودهم ولو في اصعب ظروف تسلط الطغاة والظالمين ، فضلا عن أيام الخير والبركة التي تحل بالمسلمين والمسالمين والناس أجمعين ، أن يزوروا كربلاء في أيام تعد للوفاء وأن يسجد على ترابها لله ويسبح ويقدس بتربة من خرز ترابها .
نعم يا طيب لما عرف الناس حق الحسين الذي حل في كربلاء : اتخذوه رمزا للفداء ومنارا للهدى وعلامة لأهل التقى وقدوة وأسوة للأحرار والثوار وأهل الأباء ، فقدر الناس الشرفاء فضلا عن أهل مذهبه وشيعته منه هذه التضحية والفداء ، وخلدوه فجعلوا له أياما يزار بها في كربلاء ، فضلا عما يوجد من دعوة أهل الدين وتوجيههم الطيبين لزيارته في كربلاء ، فنفذ هذا التكريم والتخليد الحق الشرفاء والناس الطيبون والأحرار فجعلوها بحق أيام وفاء ، بل ساعات رجاء ولحظات أمل تخالطهم من ذكريات أيام كربلاء ، وهذا حق الحسين وتراب يحيطه في كربلاء ، وهذه وصيتي طويت في كل كلامي سابقا ولاحقا وأؤكد لك هذا يا أخي الكريم يا محب الطيبين الطاهرين وكرام كل قوم شرفاء صالحين .
فأعلم وأنت العارف الفطن : إنه لما كان العبد بالسجود اقرب ما يكون من الله طاعة : كان في مذهب أهل البيت عليهم السلام يستحب استحباب مؤكد السجود على تراب كربلاء واتخاذ السبحة منه لذكر الله ، فضلا عن زيارته في أيام الوفاء وتخليد أهل الإباء الكرماء ، التي جاء ذكر مناسباتها في كتب الزيارات ويكفيك أن تراجع كتاب مفاتيح الجنان ـ والذي يسمى بزمن هدام والميتية لإضلال الناس ( مفاتيح الجنة ) ويريهم مفتاح ، وهو كتاب دعاء مقدس عند أهل الدين يحملوه للدعاء والزيارة ـ ، ويا أخي الطيب : فإن مطلق الأحكام عندهم فيما يجب السجود عليه فهي مطوية في هذه الوصية أو راجع الرسائل العملية للعلماء باب محل السجود :
فيا أخي في الإيمان أوصيك : أن تتخذ تربة بل وسبحة من تربة كربلاء ، هذه التربة الحمراء التي زارها الأنبياء ، وجاء بقطعة منها جبرائيل يوم ميلاد الحسين لسيد المرسلين والأنبياء ، ووقف عندها مستعبرا عند رجوعه من صفين سيد الأوصياء ، وتهبط عليها ملائكة السماء لتصافح المخلصين في طلب رضى الله بطاعة الأولياء وأئمة الحق والهدى النجباء ، هذه التربة التي أستشهد عليها سيد الشهداء ، الامتداد الطبيعي والروحي والمعنوي لخاتم الأنبياء ، ولقد عرفت أنه قال جده سيد الكائنات المصطفى صلى الله عليه واله وسلم في حقه ((حسين مني وأنا من حسين )) ، والذي لولاه لم يخضر للإسلام عود ولم يقم له عمود ، بعدما لعبت يدي الخيانة والغدر على الإسلام بتولي الطغاة والحكام الجناة ، فقاموا علما وعملا بالتحريف للدين وتعاليمه , والاستهتار بالمقدسات وقيم الكرامة ، فتجاهروا بكل أنواع  المفسدات والفجور والظلم والطغيان ، بل نشر الضلال والنفاق والكفر .
 فلولا يوم كربلاء الكريم والموقف الأبية التي صمدت عليها : لما تجرأ أحد أن يقاوم الظلم والضلال من أجل الله ودينه فيكون مخلصا لمجتمعه وقومه وشعبه بحق ، ولا أن يحاول أن يردع غاشم منحرف عن الدين والهدى والواقعي ، إذا لا يعرفون حقائقه ، وأنى لهم ذلك وقد عميت على أغلب الناس البسطاء معالمه ، وبسبب جهل الناس وتعليم الخلاف والدين المحرف بأغلب تعاليمه ، لأنهم هم الحكام والخلفاء الولاة ، والوعاظ يعضون فكرهم فيتخاذلون أماهم بل يمجدون سيرتهم وسلوكهم وكل تصرف لهم ، بل بعد لم يتجاوز العقد على نشوء الإسلام حتى كاد يعد الخمر مسموحا به عند أمير الناس ، والغصب لبيت المال وللحق والزنا والظلم في الإسلام مباحا ، فيأخذ زكاة الناس وما تجود به الأرض المسخرة للمؤمنين ومساعدة الصالحين لأخوتهم الفقراء ، فيأخذ مالهم باسم الدين فيبنى به قصوره ويوزعها على أبتاعه ، وسماه هذا قدر الله وتقدير في توليت ظالم وغاشم وطاغية لابد أن يسمى أمير المؤمنين وخليفة على المسلمين ومعلم لتعاليم الدين ، وإذا كان الناس وما يتعلمون به بهذه الصورة ، لما عرف كيف يردع الغاشم والمجاهر بالظالم ولما منعه أحد من طغيانه بكل إخلاص وفداء وتضحية حتى الشهادة ، بل ولما عرف معنى للانتصار مظلوماً والفوز شهيداً مقتولاً .
فإن الحسين في ذلك الموقف المشرف على تراب كربلاء قال عليه السلام :
((ما أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما ))
فُعرف بحق لهذا القول معنى وحقيقة ، وبه وله تحرك المجاهدون فيرون في رفض الظلم والطغيان معنى وروح تستحق الشهادة والبقاء مخلدا مكرما .
ولولا مثل هذه القول وما شبه في كلمات الإمام الحسين عليه السلام ، لبقي الناس خانعين للظلم ، و تنطوي عليهم  لعبة بني أميه وما شابهها ، بوضعهم لأحاديث التي لا يجوز الثورة في وجه السلطان الجائر ، وإن السلطان الفاسق بقدر الله وقضاءه تمكن ، ولتمكنت مبادئ الجبر وعدم الاختيار ، ولما قام أحد من الأحرار على الفداء ، لأنه يفقد الناصر ولا قدوة له ، ومن يثور وليس في ثورته لله نصيب ومن أجله لا يقبل عمله ولا يرضى به أحد ولا يعرف إخلاصه ، لأن وعاظ السلاطين لا يجوزون له الثورة على الحاكم الظالم كما أفتى حاكم الكوفة في حق الحسين مع ضلوعه بتعاليم الدين واعتماد أغلب المسلمين عليه ، لكنه خنع للظلم وخاف الطاغية فأفتى بما لا يرضى الله فجوز قتل الحسين ، وحينئذ لولا الحسين وإقدامه لما ثار مؤمن ولا قاوم غيور ، ولظهر الحق بلباس الباطل ، وللبس الضلال ثوب الهدى ، لصار المعرف منكر والمنكر معروف .
فلذا حق على لأحرار والطيبين : أن يأخذوا مسبحتهم من تراب كربلاء ذلك التراب الذي رواه الحسين بالإخلاص والثورة ، ومن أجل أن يعلم كل حقائق الدين ومعارفه ، ومظهر لحقائق المطالبة بالعدل والحرية والإباء على الضيم والطغيان ، وحق لهم أن يسجد على تراب كربلاء المؤمنين تعظيما لله فيتم إخلاصهم ، وبظهر صدق نيتهم وحسن علمهم وصفاء عملهم ، فإنه قد سجد لله  بتراب قد أخذ من هذه التربة المباركة التي صنعت بروح دم الحسين ووضعها أمامه متأملا فيها الإخلاص والهدى الحق والدين الصادق ، والذي يعلمه المنعم عليهم أصحاب الصراط المستقيم لكل نعيم .
وبمثل هذا سجود والتسبيح والذكر لله : نرى الكمال والفلاح والعظمة في التعظيم لله وحده لا شريك له من غير ضلال ولا شرك ولا نفاق ، وخالص من كل باطل في العقيدة والدين ، وصافي في حقيقة تعاليم الهدى من آل محمد دون أعدائهم ، وبهذا عرفنا علة استحباب السجود على ذلك التراب الطاهر تراب كربلاء .
وبهذه المعاني يا طيب نجيل فكرنا فنستنشق الحرية والإباء والعز ، ولهذه الأهداف لحمل السبحة خرزها من تراب كربلاء نسبح بها الله ونقدسه وننزهه فننزه أنفسنا من الظلم والطغيان ، بل نحليها بالعدل والصلاح والمطالبة به ، فنرى إن التسبيحة الواحد تعد عند الله بسبعين تسبيحه كما جاء في الآثار وعن يقين بهذه المعارف ، وللذكر الواحد معها ثواب سبعين ذكرا ، ولهذه المعاني يحترم ويقدس مفتخرا بهذه السبحة والتسبيح بتربة كربلاء الطيبون والأحرار والمؤمنون وكل الأبرار ، بل ونؤمن إن ملائكة رب العالمين فترفعها كالبرق لتصل لمحل القدس ، وتتمكن عملا خالصا مرضيا لله تعالى ، وبهذا عرفنا حقا معنى من مسكها بيده فإنها تسبيح له حتى لو لم يسبح بها بل مجرد ممسك بها بيده .
وما ذلك إلا لأنه انطوت وتمخضت في تربة كربلاء : بصورة حية وملموسة ومحسوسة ومعلومة كل أهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام ، وصبغتها كل أغراض وجود الإسلام ، وحق لها من أجل الحرية والعدالة والسلام والأمن والهدى أن تنشر معارفها بين الناس ، ويزار المثوى الطاهر فيها فضلا عن حملها والتسبيح بها والسجود عليها لله ، فيعرف بحق حقيقة ما ينطوي فيها من تعريف الدين وأهله والإسلام وغرضه وكل غاية به وله ، فهي تحكي علما وعملا تعاليم القرآن في هداية الأنام وبشكله التطبيقي ، فإنها ذكرى حية وعلمية وعمليه يراها كل إنسان مبصر للحق حين يسبح بها المؤمنون الأحرار والطيبون ، أو يسجدون عليها فتعلم الناس بعد تعريف حقيقتها طلب الإصلاح والعدل والهدى حتى الشهادة ، وفي كل حال وظرف مهما كان الزمان والطغاة الظلمة ، أو الناس في حب و وئام وسلام فيثبتون عليه ويديمون وجودهم به .
فانظر يا أخي المؤمن : في هذه المفاهيم بعين البصيرة ، وتفكر في ما ذكرت وأقرأ عن إمام الهدى أبا عبد الله  الحسين سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة وتعاليمه ومعارفه ، وطبق أهدافه تفوز بالحسنين النصر والشهادة أو أحدهما ، وأنت في عز وكرامة في رضا الله مع كل الأحرار والطيبون من أنصار الحسين وجده وأبيه عليهم السلام .
نعم يا أخي المؤمن : تدبر في معارف الهدى التي علمها الحسين ولماذا أستحب في مذهبه تأكيد السجود لله على تربته ، بل تأكد استحباب اتخاذ السبحة من تربته في كربلاء ، ولما حب المؤمنون زيارته ، فإنه يتجلى لك حقائق في معارف السجود لله وتعظيمه مال لا تجده في أي معنى أخرى يصل إليك ، وبكل حسن ووضح في تعريف الحق وأهل والمنعم عليهم في الدنيا والآخرة ، وترى بأوضح سبيل الصراط المستقيم الذي يوصل للعز والكرامة في الدنيا والآخرة ، فإن السجود عليها في الصلاة وحملها للتسبيح يذكر المسلم بقيم الإسلام الغالية ، ويدعوك بجد للمحافظة عن أهدافه العالية ، فترفرف رايات تبليغه بكل معنى للهدى مصرحة بمجال الدين وحسن الهدى  ، فيسعى كل مؤمن لمعرفته ونشر معارفه التي هي للحق والعدل والإحسان والتضحية والفداء هادية ، وبأكمل إخلاص في طاعة رب العالمين وتعليم الهدى والعدل للمحسنين وللأحرار الطيبين والمصلحين .
ويتبين لك يا طيب ما ذكرت لك سابقا : من انه من يعرف حق تربة كربلاء بحق المعرفة : يرى بصدق وواقعا أنها الترياق المجرب ضد الرذائل ، والبلسم المعقم للجروح من الشرور والقبائح والسيئات والذنوب القاتلة سواء مادية أو معنوية ، وترى فيها بحق إنها أكسير لحياة المناضل ، ودافعه لاكتساب الفضائل .

وتفهم بواضح المعنى لماذا صارت تربة كربلاء :

محمولة بيد المخلصين .
و لماذا أصبحت شعار المتقين .
و لأي سبب يقدسها المهتدون .
والعلة التي من أجلها يحترما الداعي .
و يحتضنها بروحه قبل يده المجاهد .
ويصطحبها معه العامل المناضل .
ويوصي الشهيد والعالم أن يدفن فيها أو معه أين ما كان .
وكيف يرى فيها دليل الدين وصدقه وأئمته وهداته .
ولعرفت يا طيب إن هذه التربة تربة كربلاء : وإن كانت بما هي تربة كربلاء ، لا تختلف عن باقي تراب الأرض من الناحية الكيماوية وتركبيها من ذرات العناصر المعروفة ، ولكن من عرف حق المعرفة كيف ولماذا صبغتها دماء ثوار الله حتى خالطتها تعاليمهم ، و كيف ومزجتها  أهدافهم ، و تشربت بقاعها  من إخلاصهم ، علم أنه من يسجد عليها بحق المعرفة إنه يسجد عليها ويذكر الله وفق دينهم الحق المرضي لله ، لأن تراب كربلاء قد سقيت رباها من وفائهم لمذهبهم ، والذي صفى من الشرك والضلال والظلم والعدوان والطغيان ، فكان خالص لله بما يحب ويرضى من الهدى وبه يعبد حق العبادة مع وجود كل العدل والقسط والصلاح لكل بني الإنسان .
وبهذه المعارف الحقة لتربة كربلاء : ترى بحق اليقين وعينه إنها أصبحت مشعة لنور المعرفة ، ونزيه عن الشين وعن كل رذيلة ، فإنها أرض رعاها الله ليحل فيها ولي دينه فصارت أرض طيبة المنبت كريمة المرفأ ، وأضحت خصيبة المرتع ، مائها حسن لصالح لأخلاق والعدل والإحسان ، وهوائها كل الفضائل الكريمة ، وبهذه المعاني إجمالا أو تفصيلا يمسكها باليد المؤمن والحر فضلا عن السجود عليها ، فهو مذعن بحقها وقاصد بجد للتمسك بمبادئها وأهدافها ، وعالم بغاية تقديسها وتكريمها ، حتى قد يصل للوجوب زيارتها إنه من الجفاء للدين وحقائقه هجرها ، بل واجب بحق الإيمان بمبادئ وهدى حل فيها .
فإن الحسين وهداه هو هدى رسول الله وخلقه وروحه وخُلقه ودينه كله : فلما ثوى في كربلاء فيها شهيد من أجل الله ودينه وتبليغه وتطبيقه ، ثوى معه فيها كل العادات الفاضلة والأخلاق الكريمة والحكمة والموعظة الحسنة والهدى الحق والصراط المستقيم ، فصار ترابها كسيدها روضة من رياض الجنة محبورة بالكرامة والعز والنعيم والسعادة الواقعية للروح ، وللبدن الحامل لتلك النفس المتمسك بأهداف الحسين ومبادئه ، فيكون بحق ذو روح محبات بطلب المعالي والكمال وكل حسن وجمال .
فإنه بحق من يسجد على تراب كربلاء : وهو عارف بها أو أمسكها سبحة بيده وهو طالب لكرامتها وعزها وشرفها ، يكون قد سجد وأمسك بحبل يوصله بعقار صار أرض تبيد الأمراض الإنسانية والسقطات البشري وتمنع منها ، وترعرع عليها دواء لتخاذل المسلمين وكل المستضعفين ، فأضحى حملها كالطبيب الدوار يحث المستضعفين للمطالبة بحقوقهم وإقامة العدل والإنصاف ، ويمنع الطغاة من الظلم والعدوان فيخافوه ، وتعويذه للأصحاء من وساوس الشيطان وشهوات النفس الغير صالحة ، ومنشط يصد المؤمنين بها من غوغاء أعداء الدين وكل المفسدين ، فتمنحه الشجاعة ، فتكون عنده رقية للعافية في الدين والدنيا ، وتهبه معاني الكتاب والحكمة إن عرف حقائقها وتدبر في سبب الحث على السجود عليها ولماذا طالبونا بأخذ سبحتنا منها ، بل زيارة المرقد الذي حل فيها ، ولماذا أستحب بالتأكيد السجود عليها وضرورة اتخاذ سبحة من ترابها المبارك .
فمن سجد على تربة كربلاء وأتخذ منها سبحة بل وزارها : يكون عنده نور للحياة ، كالوضوء المجدد على الوضوء فإنه نور على نور ، بل تربة كربلاء كادت تضيء ولو لم تمسسها نار ، فلذا آخت الكعبة بما فيها من الحجر الأسود الذي ساد بمكانه ، والركن المستجار الذي يستجار به ، واليماني الذي يتيمن به ، وصارت كربلاء كصخرت بيت المقدس يعرج منها لملكوت السماء ، فصار مقدسة بكل ذرة في ترابها فهي كربلاء المقدسة ، بل هي تحكي روح هذه المعاني ثابتة لا يدنسها شيء فإنها روح متعالية في ملكوت التعليم ومعاني الهدى .
 

ثم يا أحبتي : إن فقد تراب كربلاء :

 

ولم تحصلوا عليه لغربتكم في بعيد الأوطان ، فهونوا عليكم ذلك فإنا لا نقول بوجوب السجود في صلاة على التربة الحسينية من كربلاء فقط ، ولا يفوتك غرض الصلاة عليها من تذكر الحسين وأهداف ثورته ، ولا ما رفض من الظلم والعدوان وما تدعو إليه من الجهاد في سبيل الله والدعوة لدينه والعمل بطاعة ورفض عصيانه .
فإنه إذا صليت على مطلق التراب أو صليت على نبات الأرض إن فقدته .
فأعلم يا أخي : إما السجود على النبات فهو عند فقد التراب مسموح إن لم يكن المأكول والملبوس والضرورات تبيح بعض المحذورات ، والعمل بالميسور عند تعسر الأمور ، ومال لا يدرك جله لا يترك كله ، فإن للمستضعفين أحكام ولكن للمتخاذلين وأنت ليس منهم لوم الكرام ، ولمعرفة كل الحكام للسجود راجع الرسائل العملية .
وأما السجود على مطلق تراب الأرض : ـ إن فقد تراب كربلاء أو وجد ـ  مباح ، ولكن بشرط أن لا يفوتك تذكر أبا تراب ، أب الحسين وأمير المؤمنين ، فهو خير من الحسين بل هو معلمه وسيده بعد جد الحسين رسول الله المصطفى ، وتذكر بحق منها خلقناكم ومنها نعيدكم تارة أخرى وقفوهم إنهم مسؤولون عن الحسين ومبادئه وأهل البيت والعمر كله .
فإنه يا أخي في الأيمان ويا حر في المبدأ : إن فاتك تراب كربلاء فلا يفوتك مبادئ ودين وهدى وتعاليم : أبو تراب : فهو أبو الحسين وهو أفضل من الحسين ، فإن لم تكن تربة الحسين فالتراب هو التراب راجع لا بي تراب ولكن بمبادئ دينه وتعاليم أبنه التي شرحها في كربلاء لتبقى أبيا شهما غيورا من أجل العدل والصلاح ، فيكون عندك بحق كل أرض كربلاء .

و كل يوم عاشوراء :

فتحل بحق في هذا الزمان والعصر : مع إمامنا الحق سبط الحسين وأبي تراب ، فتكون عالما بعصرك ومع إمام العصر والزمان الذي حلت ولادته في 15 شعبان يوم الثورة ولانتفاضة في العراق في سنة 1920 وفي 1991 ، بل في كل الحرب الباردة مع الطغاة والظلمة ، والمكتوم في نفوس الشرفاء وأهل الوفاء لسيد الشهداء حق المطالبة بالعدل والإصلاح الذي تعلموه من حين السجود على تربته والتسبيح بها لله ، والذي هو خلاصة من هدى رب العالمين الذي نال به الكرام الشهادة حتى ولى الطغاة والظلمة ، وبدت المقاومة له بشكل أخر ولو بصمت مؤقت حتى يعرف ما يصير لنا من الأمور بعد أيام العسر التي مرت بالعراق .
  فإن تعاليم الإسلام مع أئمة الحق : نافعه لكل آن ، وإن السكوت على مضض لا يعني الرضى بما يخالف هدى الحسين وبمبادئه التي لم تختص بعصر ولا زمان ، فإنه لنا يجتمع أبا تراب وكل أرض يحل بها المؤمنون الأحرار فصارت كربلاء تحل فيها الشهادة والإباء حين يستلزم الأمر ، ولنا يكون كل الزمان في الدنيا والآخرة عز وكرامة ، ومنا صاحب العصر والزمان أبا صالح المهدي عجل الله فرجه و سهل مخرجه وجعلنا من أعوانه و أنصاره ، فصارت كل يوم عاشوراء تنتظر العدل والإصلاح والوفاء .
ولذا حل تخليدا عظيما وتكريما شريفا : في هذا اليوم من الطيبين والأحرار في العرق يوم الوفاء للوفي في كربلاء من الأوفياء في يوم 15 شعبان فزاروه في كربلاء .
هذا اليوم المبارك 15 شعبان : الذي ولد فيه سمي رسول الله في الاسم والكنية واللقب ، وسميَ الخضر ونوح في العمر ، الذي أعده الله ليعمر به الأرض بعد الفساد والظلم والعدوان ، فيعمر الأرض قسطا وعدلا بعد ملئت ظلما وجورا ومع المعجزة والنصر وتمام الأمر ، لا معركة خاسرة معه بل كنصر هود وصالح على عاد وثمود ، وكنصر موسى على فرعون ، وإنه مع ولينا أبا صلاح المهدي المسيح عيسى يصلي خلفه ، فيفرح المؤمنون كما هم الآن فتتم كرامة الله والعدل والإصلاح لهم دنيا وآخره ، والسلام على من أتبع الهدى ورضا من الله أهل النعيم والصراط المستقيم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
 
 

إلى إعلى مقام في الصحفة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم االسلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام



 

ملحق قصيدة كريمة :

آمنت بالحسين

محمد مهدي الجواهري

نقلت القصيدة من موقع قـطـيـفـيـــات

فيها معارف راقية تحكي عن شأن الإمام الشهيد وعن مثواه في كربلاء / وترابها الذي صار من شم ثراه يتنسم الكرامة والعز ، ومن آمن به نال هدى الله ، ومن طبقه تحقق بنعيم الله ، تدبرها فإنها فيها معاني حبيبة على القلوب المؤمنة والطيبة ، ويأنس بمعارفها الأحرار الذين يخلدون كل كريم له حق به : وهب العدالة والحرية والإباء لكل بني الإنسان وعلمهم صراط الصلاح والإحسان والكرامة والإباء لكل قومه وملته وشعبه ، بل لكل أهل الدنيا في كل زمان ومكان  فقال رحمه الله :

تنـور بلابلـــج الأروع
روحـاً  ومن مسكها أضوع
وسقيـاً لأرضك من مصرع
على نهجـك النير المهـيـع
بمــا أنت تأباه من مبـدع
فـذا  إلى الآن لم يشفــع
للاهين عن غدهــم قنـع
وبورك قبرك مـن مفــزع
على جانبيه ومــن ركـع
نسيم الكرامة مــن بلقـع
خد تفـرى  ولم يضــرع
جالـت عليــه ولم يخشع
بصومعة  الملهــم المبـدع
بروحي إلى عــالم  أرفـع
حمـراء   بتـورة  الإصـبع
والضيم ذي شرف مــترع
على مذنـب منه أو مسبـع
بآخـر معشوشب ممــرع
خوفــاً إلى حــرم  أمنع
وخـير بني الأب مـن تبـع
كـانوا وقــاءك  والأذرع
ضمـاناً على كـل ما أدعي
كمثلك  حمـلاً ولم ترضـع

ويابن الفتى  الحاسر  الأنـزع
بأزهر منـك ولم  يفــزع
ختـام  القصيدة من مطلـع
مـن مستقيم ومـن أضلـع
ما تســتجد لـه يتبــع

فداءاً  لمثواك مـن مضجـع
بأعبق من نفحــات الجنان
ورعياً ليـومك يوم الطفوف
وحزناً عليـك بحبس النفوس
وصونـاً لمجدك من   أن يذال
فيا أيها الوتر في الخالـديـن
ويا عظـة الطامحين العظـام
تعاليت من مفـزع للحتوف
تلوذ الدهور فمـن  سجـد
شممت ثراك فهـب النسيـم
وعفرت خدي بحيث استراح
وحيث سنابك خيـل الطغاة
وطفت بقبرك طوف الخيـال
وخلت وقد طارت الذكريات
كأن يداً من وراء   الضريـح
تمـد إلى عــالم بالخنـوع
تخبـط في غــابة   أطبقت
لتبدل منـه جديب الضمـير
وتدفع  هذي  النفوس الصغار
وخير بني  الأم مـن هـاشم
وخير  الصحاب بخير الصدور
فيابن البتـول وحسبي  بـها
ويابن التي لم يضع مثلها ويابن

البطــين بــلا بطنــة
ويا غصن هاشم لم ينفتــح
ويا واصلاً من نشيد الخلـود
يسير الورى بركاب الزمـان
وأنت تسير ركـب الخلـود

 
 
 
وستأتي إن شاء الله بحوث أخرى تعرفنا بعض الأحكام للسجود على التربة الحسينية ، وبعض الأحاديث التي تحث على تأكيد السجود على التربة الحسينية والسجود عليها قربتا لله تعالى .

إلى إعلى مقام في الصحفة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم االسلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام



وإليك يا طيب : فتاوى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله العالي منهاح الصالحين

( السجود )

 (الخامس): السجود ، ويجب في كلِّ ركعة سجدتان ، وهما معاً من الأركان ، فتبطل الصلاة بنقيصتهما عمداً أو سهواً ، كما تبطل الفريضة بزيادتهم
ا عمداً ، بل وسهواً أيضاً على ـ الأحوط وجوباً ـ وسيأتي حكم زيادة السجدة الواحدة ونقصانها.
 ويجب في السجود أمور:
 (الأول): وضع المساجد السبعة على الأرض: وهي الجبهة ، والكفان والركبتان ، والابهامان من الرجلين ، وتتقّوم السجدة بوضع الجبهة ـ أو ما يقوم مقامها من الوجه كما سيأتي ـ على المسجَد مع الانحناء الخاص ، وأما وضع غيرها من الأعضاء المذكورة على مساجدها فهو وان كان واجباً حال السجود الا انه ليس بركن ، فلا يضر بالصلاة تركه من غير عمد وان كان الترك في كلتا السجدتين.
 ( مسألة 303 ) : لا يعتبر في مسجَد الجبهة اتصال اجزائها ، فيجوز السجود على السبحة إذا كانت مصنوعة مما يصح السجود عليه.
 ( مسألة 304 ) : الواجب وضعه على المسجَد من الجبهة مسماها ولو بقدر طرف الأنملة ـ والأحوط وجوباً ـ وضع المسمى من وسط الجبهة (اي السطح المحاط بخطين موهومين متوازيين بين الحاجبين إلى الناصية) والواجب وضعه من الكفين استيعاب باطنهما عرفاً مع الامكان على ـ الأحوط وجوباً ـ ومن الركبتين بمقدار المسمى ، ومن الابهامين وضع المسمى ولو من ظاهرهما ، او باطنهما وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ وضع طرفيهما ، ولا يعتبر في وضع هذه المواضع ان يجعل ثقله عليها ازيد من المقدار الذي يصدق معه السجود عليها عرفاً ، ويعتبر ان يكون السجود على النحو المتعارف ، فلو وضعها على الأرض وهو نائم على وجهه لم يجزه ذلك ، نعم لا بأس بالصاق الصدر والبطن بالأرض حال السجود ، ـ والأحوط استحباباً ـ تركه.
 ( مسألة 305 ) : يشترط في الكفين وضع باطنهما مع الاختيار ، ومع الضرورة يجزي الظاهر ، والأحوط وجوباً ـ لمن قطعت يده من الزند ـ أو لم يتمكن من وضع كفه لسبب آخر ان يضع ما هو الأقرب إلى الكف فالاَقرب من الذراع والعضد ، ولمن قطع ابهام رجله ان يضع سائر اصابعها.
 (الثاني): أن لا يكون مسجَد الجبهة أعلى من موضع الركبتين والابهامين ولا أسفل منه بما يزيد على اربعة اصابع مضمومة ، ولا يترك الاحتياط بمراعاة ذلك بين المسجَد والموقف أيضاً ، فلو وضع جبهته على
( 147 )
مكان مرتفع لعذر من سهو أو غيره فان لم يصدق عليه السجود عرفاً لزمه ان يرفع رأسه ويسجد ، وان صدق عليه ذلك فان التفت بعد الذكر الواجب لم يجب عليه الجر إلى الموضع المساوي ، وان التفت قبله وجب عليه الجر والاتيان بالذكر بعده ، وان لم يمكن الجر إليه اتى به في هذا الحال ومضى في صلاته.
 (الثالث): يعتبر في مسجَد الجبهة ان يكون من الأرض أو نباتها غير ما يؤكل أو يلبس ، فلا يصح السجود على الحنطة والشعير والقطن ونحو ذلك.
 نعم لا بأس بالسجود على ما يأكله الحيوان من النبات ، وعلى النبات الذي لا يؤكل بنفسه بل يشرب الماء الذي ينقع أو يطبخ فيه ، كاصل السوس وعنب الثعلب ، وورد لسان الثور ، وورق الشاي ، كما يصح السجود على ورق الكرم بعد أوان اكله ، وعلى قشر الجوز ، أو اللوز بعد انفصاله عن اللب ، وعلى نواة التمر وسائر النوى حال انفصالها عن الثمرة.
 ويصح السجود اختياراً على القرطاس المتخذ من الخشب ونحوه مما يصح السجود عليه ، بل يصح السجود على القرطاس المتخذ من القطن أو الكتان ايضاً ، دون المتخذ من غيرهما مما لا يصحّ السجود عليه كالحرير.
 والسجود على الأرض أفضل من السجود على غيرها ، والسجود على التراب افضل من السجود على غيره ، وافضل من الجميع التربة الحسينية على مشرفها الآف التحية والسلام.
 ولا يصح السجود على الذهب والفضة وسائر الفلزات ، وعلى الزجاج والبلور ، وعلى ما ينبت على وجه الماء ، وعلى الرماد وغير ذلك مما لا يصدق عليه الأرض أو نباتها.
 ـ والأحوط لزوماً ـ عدم السجود على القير والزفت ، ولكن يقدّمان على غيرهما عند الاضطرار.
 ويصحّ السجود على الفحم والخزف والآجر ، وعلى الجص والنورة ولو بعد طبخهما ، وعلى المرمر والعقيق ، والفيروزج والياقوت ، والماس ونحوها من الأحجار الكريمة.
 ( مسألة 306 ) : لا يصح السجود على ما يؤكل في بعض البلدان إذا عدّ مأكولاً في غيره وان لم يتعارف اكله.
 ( مسألة 307 ) : إذا لم يتمكن من السجود على ما يصح السجود عليه لفقدانه أو من جهة الحر أو البرد ، أو غير ذلك سجد على القير أو الزفت ، فان لم يتيسر له سقط هذا الشرط لعدم ثبوت بدل خاص له ، وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ تقديم ثوبه على غيره.
 ( مسألة 308 ) : إذا سجد سهواً على ما لا يصح السجود عليه والتفت في الأثناء فان كان ذلك بعد الاتيان بالذكر الواجب مضى ولا شيء عليه ، وان كان قبله فان تمكن من جر جبهته إلى ما يصح السجود عليه فعل ذلك ومع عدم الامكان يتم سجدته وتصح صلاته.
 ( مسألة 309 ) : لا بأس بالسجود على ما لا يصح السجود عليه اختياراً حال التقية ، ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر ، ولا تأخير الصلاة إلى زوال سببها.
 (الرابع): يعتبر الاستقرار في المسجَد ، فلا يجزي وضع الجبهة على الوحل والطين أو التراب الذي لا تتمكن الجبهة عليه ، ولا بأس بالسجود على الطين إذا تمكنت الجبهة عليه ، ولكن إذا لصق بها شيء من الطين أزاله
للسجدة الثانية إذا كان مانعاً عن مباشرة الجبهة للمسجد.
 (الخامس): يعتبر في مسْجَد الجبهة الطهارة وكذا الإباحة على الأحوط لزوماً ، وتجزي طهارة الطرف الذي يسجد عليه ، ولا تضر نجاسة الباطن أو الطرف الآخر ، واللازم طهارة المقدار الذي يعتبر وقوع الجبهة عليه في السجود ، فلا بأس بنجاسة الزائد عليه ، وقد تقدم الكلام في اعتبار الاباحة في مكان المصلي في المسألة (211).
 (السادس): يجب الذكر في السجود ، والحال فيه كما ذكرناه في ذكر الركوع ، إلاّ أن التسبيحة الكبرى هنا ( سبحان ربي الأعلى وبحمده ) .
 (السابع): يجب الجلوس بين السجدتين ، وأما جلسة الاستراحة بعد السجدة الثانية فوجوبها مبني على الاحتياط.
 (الثامن): يعتبر المكث في حال السجود بمقدار اداء الذكر الواجب ، كما يعتبر فيه استقرار بدن المصلي ، فلا يجوز الاخلال به مع القدرة عليه قبل رفع الرأس منه ولو في حال عدم الاشتغال بالذكر الواجب على ـ الأحوط لزوماً ـ نعم لا بأس بتحريك بعض الأطراف كاصابع اليد ما لم يضر بصدق الاستقرار عرفاً ـ والأحوط الأولى ـ اعادة الذكر لو تحرك حاله من غير عمد.
 ( مسألة 310 ) : من لم يتمكن من الانحناء التام للسجود فان امكنه الانحناء بحد يصدق معه السجود عرفاً وجب عليه ان يرفع ما يسجد عليه إلى حد يتمكن من وضع الجبهة عليه ، فان لم يتمكن من الانحناء بذلك المقدار أومأ برأسه للسجود وجعل ايماءه له اكثر من ايمائه للركوع ـ ولايلزمه رفع ما يصح السجود عليه إلى الجبهة وان كان أولى ـ ومع العجز عنه أومأ بعينيه غمضاً له وفتحاً للرفع منه.
( 150 )
 ( مسألة 311 ) : إذا ارتفعت الجبهة من المسجد قهراً فان كان في السجدة الاولى اتى بالسجدة الثانية ، وان كان في السجدة الثانية مضى في صلاته ولا شيء عليه ، وإذا ارتفعت الجبهة قهراً ثم عادت كذلك لم يحسب سجدتين ، نعم إذا كان الارتفاع قبل الاتيان بالذكر ـ فالأحوط استحباباً ـ ان يأتي به بعد العود لا بقصد الجزئية.
 ( مسألة 312 ) : إذا كان بجبهته دمل أو نحوه مما لا يتمكن من وضعه على الأرض ولو من غير اعتماد لتعذر أو تعسّر أو تضرر ، فان لم يستغرق الجبهة سجد على الموضع السليم ولو بان يحفر حفيرة ليقع السليم على الأرض ـ والأحوط وجوباًـ تقديم وسط الجبهة ، وقد مر بيانه في المسألة (301) ، وان استغرقها وضع شيئاً من وجهه على الأرض ـ والأحوط لزوماً ـ تقديم الذقن على الجبينين ـ أي طرفي الجبهة بالمعنى الأعم ـ وتقديمهما على غيرهما من أجزاء الوجه ، فإن لم يتمكن من وضع شيء من الوجه ولو بعلاج أومأ برأسه ، أو بعينه ، على التفصيل المتقدم.
 ( مسألة 313 ) : من نسي السجدتين حتى دخل في الركوع بعدهما بطلت صلاته على ـ الأحوط لزوماً ـ وان تذكرهما قبل ذلك رجع وتداركهما ، ومن نسي سجدة واحدة فان تذكرها قبل الركوع رجع وتداركها ، وان ذكرها بعد ما دخل في الركوع مضى في صلاته وقضاها بعد الصلاة.
 ( مسألة 314 ) : من نسي السجدتين من الركعة الأخيرة حتى سلم ، فان ذكرهما قبل ان يأتي بما ينافي الصلاة عمداً وسهواً كالحدث رجع وتداركهما واتم صلاته وسجد سجدتين لزيادة السلام سهواً على ـ الأحوط وجوباً ـ وأما إذا ذكرهما بعد الإتيان بشيء من المنافيات بطلت صلاته.
 
 ( مسألة 315 ) : من نسي سجدة من الركعة الأخيرة وذكرها بعد السلام قبل الاتيان بما ينافي الصلاة عمداً وسهواً رجع وتداركها واتم صلاته وسجد سجدتي السهو لزيادة السلام سهواً على ـ الأحوط وجوباً ـ وإذا ذكرها بعد الإتيان بالمنافي قضاها ـ والأحوط استحباباً ـ ان يأتي بسجدتي السهو.
 ( مسألة 316 ) : من نسي وضع عضو من الأعضاء السبعة ـ غير الجبهة ـ على الأرض وذكره بعد رفع الجبهة صحت صلاته ولا شيء عليه.
 ( مسألة 317 ) : إذا ذكر ـ بعد رفع الرأس من السجود ـ ان مسْجَده لم يكن مما يصح السجود عليه ، أو انه كان أعلى أو أسفل من موضع ركبتيه مثلاً بما يزيد على اربع اصابع مضمومة مضى في صلاته ولا شيء عليه.
 ( مسألة 318 ) : إذا نسي الذكر أو الطمأنينة حال السجود وذكره بعد رفع الرأس من السجود صحت صلاته.
 ( مسألة 319 ) : إذا نسي الجلسة بين السجدتين حتى سجد الثانية صحت صلاته.
 
المسائل المنتخبة للسيد السيستاني :
يستحب السجود لله تعالى ، بل هو من أعظم العبادات ، وقد ورد أنه أقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى وهو ساجد ، ويستحب إطالته .
 مسألة 659 : يحرم السجود لغير الله تعالى ، من دون فرق بين المعصومين عليهم السلام ، وغيرهم ، وما يفعله بعض الشيعة في مشاهد الأئمة عليهم السلام لابد أن يكون لله تعالى شكراً على توفيقهم لزيارتهم عليهم السلام والحضور في مشاهدهم ، جمعنا الله تعالى وإياهم في الدنيا والآخرة إنه أرحم الراحمين .
المناهج للسيد السيستاني :
مسألة 549 : يعتبر في مسجد الجبهة مضافا إلى ما تقدم من الطهارة أن يكون من الأرض ، أو نباتها ، والأفضل أن يكون من التربة الشريفة الحسينية على مشرفها أفضل الصلاة والتحية ، فقد روي فيها فضل عظيم ، ولا يجوز السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن كالذهب ، والفضة وغيرهما دون ما لم يخرج عن اسمها كالأحجار الكريمة من العقيق والفيروزج والياقوت ونحوها فانه يجوز السجود عليها على الأظهر ، كما يجوز السجود على الخزف ، والآجر ، وعلى الجص والنورة بعد طبخهما على الأقوى ، ولا يجوز السجود على ما خرج عن اسم النبات كالرماد ولا على ما ينبت على وجه الماء ، وفي جواز السجود على الفحم والقير والزفت إشكال ولا يبعد الجواز في الأول وتقدم الأخير على غيرهما عند الاضطرار .
صفحه)184 ( - سطر)11(
مسألة 550 : يعتبر في جواز السجود على النبات ، أن لا يكون مأكولا كالحنطة ، والشعير ، والبقول ، والفواكه ونحوها من المأكول ، ولو قبل وصولها إلى زمان الآكل على الأحوط ، أو احتيج في أكلها إلى عمل من طبخ ونحوه ، نعم يجوز السجود على قشورها بعد الانفصال اذا كانت مما لا يؤكل والا فلا يجوز السجود عليها مطلقا كقشر الخيار والتفاح بل جواز السجود على نخالة الحنطة والشعير بل مطلق القشر الاسفل للحبوب لا يخلو عن اشكال ، وأما نواة التمر وسائر النوى فيجوز السجود عليها وكذا على التبن والقصيل والجت ونحوها ، وفيما لم يتعارف أكله مع صلاحيته لذلك لما فيه من حسن الطعم المستوجب لاقبال النفس على أكله إشكال ، ومثله عقاقير الادوية إلا ما لا يؤكل بنفسه بل يشرب الماء الذي ينقع أو يطبخ فيه كورد لسان الثور وعنب الثعلب فانه يجوز السجود عليه على الاظهر ، وكذا يجوز السجود على ما يؤكل عند الضرورة والمخمصة أو عند بعض الناس نادرا .
صفحه)184 ( - سطر)23(
مسألة 551 : يعتبر أيضا في جواز السجود على النبات ، أن لا يكون ملبوسا كالقطن ، والكتان ، والقنب ، ولو قبل الغزل ، أو النسج ولا بأس بالسجود على خشبها وورقها ، وكذا الخوص ، والليف ، ونحوهما مما لا صلاحية فيه لذلك ، وإن لبس لضرورة أو شبهها ، أو عند بعض الناس نادرا .
صفحه)185 ( - سطر) 5(
مسألة 552 : يجوز السجود على القرطاس الطبيعي وهو بردي مصر ، وكذا القرطاس الصناعي المتخذ من الخشب ونحوه ، دون المتخذ من الحرير والصوف ونحوهما مما لا يصح السجود عليه ، نعم لا بأس بالمتخذ من القطن والكتان على الاقرب .
صفحه)185 ( - سطر) 9(
مسألة 553 : لا بأس بالسجود على القرطاس المكتوب إذا كانت الكتابة معدودة صبغا ، لا جرما ، نعم اذا كان متخذا مما يصح السجود عليه أو كان المقدار الخالي من الكتابة بالقدر المعتبر في السجود ولو متفرقا جاز السجود عليه .
صفحه)185 ( - سطر)13(
 
 

اللهم بالحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والمعصومين من بنيه اجعلني مع الحسين وآله الطاهرين وأصحابه الطيبين
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين

إلى إعلى مقام في الصحفة نورك الله بنور الحسين وآله الكرام عليهم االسلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله ونورك بدين الإمام وخلصك من الظلام