هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام
الرضا علي بن موسى عليه السلام
الجزء الأول :  شأن الإمام الرضا الكريم وحياته الاجتماعية
المـقـدمــة

الإمام الرضا عليه السلام فخر الحضارة الإسلامية

وفيها ذكر للإهداء ولعملنا في الكتاب ومصادره

بسم الله الرحمن الرحيم : والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم إلى يوم الدين .
وأما بعد : فهذا بيان لأهمية صحيفة الإمام الرضا عليه السلام وعملنا فيها :

الملاك الحقيقي لأحسن القصص في الحضارة والتأريخ :

لكل أمة من الأمم : مفاخر ، ووقائع مشرفة ، وأحداث تحب ذكرها ، وتأنس بالحديث عنها ، تجمعها قصص ، هي أحسن ما في تاريخ تلك الأمة ، وهي التي تشكل مجدها التليد ، وتعبر عن تقدمها وحضارتها .
ولا تكون الحضارة : حضارة ولها مجد ورقي إذا لم تسقينا قيما عالية ، ولم تورثنا أهدافا سامية ، وهذه القيم والأهداف لا تكون لها قيمة حقيقية إلا إذ كان قادتها حكماء علماء وهداة ربانيين ، يسودون العباد بالإيمان بالله تعالى والعدل والإنصاف والحق والدين القويم ، ويسيرون بالناس لأحسن دين وهدى ونعيم فيه سعادتهم الحقيقية ، وكل خير وبركة يتوق لها المؤمن بكل وجوده ، وفي دولة إلهية يسودها الأمن والسلام والإحسان .
والأمة : التي لا يحكمها أنبياء ولا تقتدي بأولياء ولا تتبع تعاليم الأوصياء ، ليس لها إلا أطلال باليه أكل الدهر عليها وشرب ، وخرابات كان يسكنها الظلم والكفر في غالب أمرها ، ومجد كاذب لا يساوي عند الله وفي قيم الإنسانية فلساً واحداً ، إلا أن تكون عبرة لمن يتعظ بخراب الدنيا وعدم دوامها لأحد ، وعضة للإنسان المتدبر بحاله ومآله مما يرى من هلاكهم وتدمير ملكهم وزواله ، فيسعى لأن يصلح حاله ويؤدي واجبه بالعدل والإحسان ووفق الهدى الحق للدين القويم  ، ولا يغتر مؤمن بسعة ممالكهم ولا يفتخر بأب أوجد كافر كان يسكن دولهم .
فالمجد الحقيقي في التاريخ : هو لوقائع يُذكر بها حضور نبي مع أُناس مؤمنين ، والعزة لأمة عندما كانت تطيع وتتبع نبيا أو وصي نبي يسير بهم في مسلك العبودية لله تعالى .
ولم نرى في التاريخ : للأيمان بالله تعالى وهداه الحق زمان ومكان ودولة فيها العدل والإحسان والعمل بالدين القويم ، إلا عند حضور الأنبياء وأوصيائهم وأتباعهم الحقيقيين ، أو في دولة قام بها عباد مؤمنون بأهدافهم ومتبعون لتعاليمهم ، وما أعز وجودها في التاريخ ، ولا لوقائع عز وفخر إلا التي كانت تحكي عن أحداث جهادهم وسيرتهم التي لم يخلُ منها زمان ، ولا قصص فيها منفعة يُقتدى بها ويسير المؤمن على هديها إلا التي كان لهم نصيب فيها ، فتنقل أحوالهم ومقالهم وتشرح لنا سيرتهم الجميلة وسلوكهم الحسن ، والذي فيه تعاليم الدين والتصرف الحق لأئمة المؤمنين الطيبين الطاهرين وأوليائهم الخيرين .
ولهذا سمّى الله سبحانه وتعالى : في القرآن ، أحسن القصص  ،  قصص الأمم الخالية التي فيها قصص العدل والإحسان ولإنصاف والإيمان وأهله ، وعند الحكاية عن الأنبياء وأوصيائهم ، وتشرح شيء من سيرتهم وجهادهم وعلمهم وعملهم وتنقل أقوالهم وحكمهم ، لنقتدي بهم ولنسير بكل شرف وفخر لعبادة الله تعالى ، فنصير في رضاه ونعيمه الحقيقي التام الأبدي والذي لا يزول .
كما وبالتبعية لهم : تذكر في قصص القرآن المجيد هلاك الظلم والكفر والضلال وأهله ، وخراب ممالكهم ومدنهم لنعتبر بها ، ولا نصر على عصيان الحق وعدم قبول الهدى ، فنحن حين التدبر في قصصهم نرى فعل الله بهم ومصيرهم السيئ الذي ينتظرهم ، وما لهم من العذاب المخزي الذي لا فلاح بعده أبداً ، وكله بما كسبت أيديهم لعدم إيمانهم وعدم قبولهم لهدى الله الحق وتعصيهم على التحلي بنعمة هداه ورحمته وبركاته .
ولكل نبي مع قومه : قصص هي أحسن القصص ، وللمسلمين بقيادة نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين مع قومهم قصص هي أحسن القصص ، وما كان في زمان نبينا ذكر قسم منها في القرآن المجيد الذي فيه أحسن الحديث والقصص ، وتفصيلها دوّنه المسلمون في كتب التأريخ والسيرة ، وهي أحسن القصص لأحسن دين في الوجود ، ولا ترى فخراً وعزاً وعظمة وقيمة عالية وهدفاً سامياً للمسلمين إلا في قصصهم ، وإلا ما كان فيه لسيرة ولقول ولحال ولواقعة فيها لنبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ذكر وحضور ، ولك العبر والعظة في هلاك أعدائهم وفناء دولهم وما ينتظرهم من المصير عند الله ، والذي أنعم عليهم فعصوه بنعمه ، ولم يطيعوا أولياءه فيقيموا دينه القيم ودولة الحق بمعارفهم.
 وإن شاء الله تعالى : في حياتنا يُتم الله نور وهداه ولو كره الكافرون ، ويقيم دولة العدل التي وعد بها عباده الصالحون ، فيُظهر ملك الحق والإنصاف ، ويزيل الله الجور والظلم والعدوان ، فيُظهر إمام عصرنا وسيدنا ووليه الحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا من أنصاره وأعوانه ورحم الله من قال آمين .
وأضع هذا الصحيفة : بين يديه فأهديها له ، وأحكي بها له و لشيعته المؤمنين الطيبين عن جده الكريم علي بن موسى الرضا عليهم السلام وهو أعرف به منا ، ونرجو منه القبول والرضا ، ويرضى بي وليا له في عصره وتحت نظره الكريم قد كنت في خدمة علومهم ومقيم لدينهم الحق وترويجه ، ونسأله أن يشهد لنا بهذا عند الله ولمن أعاننا على نشره شهادة صدق وحق ، ويأذن لله تعالى له بأن يجعلنا من حزبه المفلحون وأولياءه الصادقون ، وحشرنا الله معهم في الدنيا والآخرة نحف بهم شيعة طيبين طاهرين بمعرفتهم وهداهم وبإخلاصنا لله بدينهم الحق القويم ، إنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين.

 

أحسن القصص الإسلامية في حياة الإمام الرضا عليه السلام :

يا طيب : هذه الصحيفة الماثلة بين يديك فيها قسم من أحسن القصص الإسلامية والسيرة المرضية لرجل رفع الله ذِكره ، فجعله بكل وجوده وتعاليمه وسلوكه يعرفنا هدى الله ، وبالخصوص بذكر دينه القويم والوقائع والأقوال التي كانت في أيام إمامته وولايته ، والتي فيها القيم العالية والأهداف السامية ، والتي أوجب الله على كل مؤمن أن يقتدي بها بقدر وسعه وبما يناسب ظروفه وأحواله ، ويستحب له ذكرها عن معرفة بأنها مناط الفخر والشرف الحق والعز الصادق له.
وهي أيام وحوادث : كانت قد كونت تأريخ مجد المؤمن ودينه وهداه ، وفيها عزة حقيقية لمن يتمسك بها ويعمل وفقها ، وهي التي كانت من سيرة حجة الله البالغة وولي المؤمنين ثامن الأئمة ، ومن نسل خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين ووصيه ، وهادي الأمة الإسلامية الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام .
كما فيها من العبر والعظات : التي تحكي عن خزي أعدائه وهلاكهم ، وبطلان دعواهم ومكرهم وحيّلهم ، والذين أصبحوا في ذمة التاريخ يتندر بذكرهم المؤمن ويعتبر المسلم بخراب ملكهم ، وتذم سيرتهم في اللهو والطرب والظلم والجور ولعداء للحق وأهله ، والتواني في نشر العدل والإحسان ، والضعف في توسعة الإسلام فلم يسعوا بجد ليشمل الدنيا وما فيها ، فيعم خير الله وبركاته وهداه لكل عباده فيتنعم البشر بأحسن دين قويم ويعبدوا الله وحده .
وأسأل الله : أن يوفقني لنقل المهم من سيرة سيدنا ومولانا الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وما يفيدنا فخراً وعزاً وشرفاً، فنقتدي بأحواله هدى ودينا ، ونعتبر بهلاك أعداءه من أئمة الظلم ومن عانده وحارب آله صلى الله عليهم وسلم ، فنتعظ بفنائهم ومصيرهم الذي ينتظرهم عند الله تعالى ، ولا نغتر بملك من ملكه الله في الدنيا أيام معدودة ، وهو لم يقر للحق ولم يطع الله تعالى فيما أنعم به عليه ومكنه منه ، ولكنه عصاه فلم ينشر دينه ولم يُعرف تعاليمه وفق المبادئ الصادقة ، والتي جعلها الله تعالى عند ولاة هداه وأئمة الحق من آل خاتم النبيين وأشرف المرسلين نبينا محمد صلى الله عليهم وآله وسلم .
ثم يا طيب : إن الإحداث والوقائع التي مرّ بها الإمام الرضا عليه السلام والقصص الحاكية عن حياته الكريمة حسب الأصل الذي بيناه أعلاه ، هي من أحسن القصص الإسلامية بلا شك ولا شبهة ، وتفصيلها يتم في هذه الصحيفة التي فيها فصول تبين أدوار ومراحل من عمر الإمام ، وتبدأ من ولادته وإمامته وأقواله وخُلقه وسيرته مع شيعته ومعانديه حتى استشهاده واستحباب زيارته عليه السلام وبهذا الترتب لهدى الإمام وبيانه نسلك في هذه الصحيفة .
ولما كان للكل هادي أمة وإمام حق في زمانه أحداث ووقائع تختلف حسب تلك الظروف وحاكم عصره واتباعه ومن حف به من المؤمنين ، فللإمام الرضا عليه السلام بعد بيان ولادته وإمامته عليه السلام ، دوران مهمان :
أحدهم : يقع بعد إمامته مباشرةً ، وهو مع الطائفة الواقفية والتي تشكل كثيراً من قصص الإمام مع من عانده وتبين دوره وجهاده في دعوتهم للحق .
 والثاني : كان مع طاغية زمانه والحاكم الظاهري لعصره المأمون وترتيب ولاية العهد للإمام والإحداث التي جرت فيها ، وبعدها حتى شهادة الإمام على يديه ، فعليه ما على قتلة الأنبياء وأوصيائهم وأحفادهم من لعنة الله .
وهذا الأمران قد شكلا أبواباً من الكتاب تدعو للتدبر فيها من جانبين:
الأول : هو ما تراه من سيرة الإمام وأقواله ومناظراته ودعوته للحق ، فيجب الإقتداء به والسير وفق هداه الحق عن إيمان وحب له ولمن والاه ووده .
والجانب الآخر : هو ما تراه في سلوك من عانده وحاكم عصره وكل من لم يسر بهدى إمام زمانه وخالف دينه ، فخسر نعيمه ومات ليلاقي وبال عمله ، فنعتبر به وننفر منه ولا نرضى به قدوة ولا فخر له في حياته يستحق التأسي به.
وبالتدبر بهذين الأمرين : وبالاعتبار بكل أمر بما يناسبه ، نكون قد استفدنا من أحسن القصص الإسلامية المتعلقة بسيرة وسلوك إمامنا الحق ، وأقوال ولي الله الصادق في تعليم هداه ، وأحاديث خليفة الله الواقعي في عالم الإمكان ، وخليفة رسوله نبي الرحمة وسبطه الإمام الثامن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام .
ولطول مدة إمامة الرضا عليه السلام : نسبياً ولكثرة الحوادث الواقعة في زمانه ، كان له تأريخ حافل وبيان واسع لهدى الدين كون هذه الصحيفة في :
الجزء الأول : في معرفته بإمامته وبهداه وجهاده وبما أكرمه الله به من العلم الواسع والقدرة والعبادة ، والخلق الكريم بين أهله وصحبه وأحوالهم معه .
 والجزء الثاني : في حياته السياسية والجهادية مع حاكم عصره وكيفية البيعة له، ومناظراته وآثاره القيمة حتى شهادته عليه السلام وكيفية زيارته ورثائه.
والجزء الثالث : شرح لهداه وبيانه لمعارف الله ، ونجعله في أبواب وفق أصول الدين ثم الأخلاق ومعارف الآداب ، ثم فقه العبادات والمعاملات وما يتعلق بها من تنظيم الحياة في جميع مجالاتها ، وبما عرّفنا من معارف الله ودينه القيم الذي تقام به عبوديته سبحانه وتعالى وبإخلاص المتقين .

 

عملنا في صحيفة الإمام الرضا عليه السلام ومصادر أحاديثها :

أيها الطيب : إن كثير من أحاديث هذا الصحيفة قد نقلناها من كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه ، وهو الجزء التاسع والأربعون في الطبعة البيروتية ، والجزء الخامس والأربعون من الكتب الإلكترونية المنشورة على مكتبة شبكة الكوثر الإسلامية في الإنترنت ، وكان ترقيم الأجزاء هنا هو الترقيم المذكورة لأرقام الكتاب على هذا الشبكة الموقرة ، حتى أرقام الأجزاء الأخرى التي نقلنا منها الاحتجاجات والحكم القصار والمواعظ والزيارات وغيرها من الأحاديث ، إلا ما ذكرنا من الأحاديث مما له مصادر أخرى قد راجعناها مباشرة بدون واسطة كتاب البحار ، فلم نذكر الأخذ منه بعد متن الحديث لأنه لم نتتبع الحديث فيه وللاعتقاد بكفاية ذكره من مصدره الأم .
وكان أول هذا الجزء : من بحار الأنوار المختص بحياة الإمام ، هو قول العلامة المجلسي رحمه الله :
 بسم الله الرحمن الرحيم : الحمد لله الذي زين سماء الدين بالشمس والقمر محمد وعلي خير البشر ، وبالنجوم الباهرة من آلهما أحد عشر ، صلوات الله عليهم ما لاح نجم وظهر ، ولعنة الله على من تولى عنهم وكفر . 
إما بعد : فهذا هو المجلد الثاني عشر من كتاب بحار الأنوار ، مما ألفه الخاطئ الخاسر ، المدعو بباقر ابن النحرير الماهر ، محمد التقي حشرهما الله مع مواليهما في اليوم الآخر . 
أبواب تاريخ الإمام المرتجى ، والسيد المرتضى ، ثامن أئمة الهدى أبى الحسن على بن موسى الرضا صلوات الله عليه وعلى آبائه وأولاده أعلام الورى .
 وكان بابه الأول معنون ب : ولادته وألقابه وكناه ونقش خاتمه وأحوال أمه صلوات الله عليه .
  وهكذا يستمر الكتاب : في بيان تأريخ الإمام عليه السلام وسيرته وأحواله ، كما تراه في الطبعة الأصل أو ما ترى من أحاديثه بترتيبنا وشرحنا له ، حشرنا الله مع ولينا الإمام وسيدنا علي بني موسى الرضا وآله صلى الله عليهم وسلم .
كما أن كتاب بحار الأنوار : كان قد قام بتحقيقه عن الطبعة الحجرية ، وخرج مصادره من كتب الطبعات الحديثة الفاضل العلامة محمد الباقر البهبودي حفظه الله ، فذكرنا ما ذكر من المصادر لمعرفة أصل الأحاديث في كتبها الأصلية والمراجع الأم التي نقل منها العلامة المجلسي أحاديثه ، وذكرنا كذلك بعض ما علقه على الأحاديث المناسبة لهذه الصحيفة وبالترتيب الجديد .
وذكرنا مصادر أخرى : لكثير من الأحاديث مما كان موجوداً في إعلام الورى للطبرسي أو في تأريخ اليعقوبي رحمهم الله أو غيرها من الكتب المتوفرة لدينا أو من كتُب ( CD) سيدي نور الحديث 2 وفيه أربعمائة كتاب ، كما ستجد قسماً من الأحاديث قد نقلناها من كتب أخرى متوفرة لدينا في الحاسب ـ الكومبيوتر ـ وقد ذكرنا المصادر بعد نص الأحاديث ، وبهذا صار لدينا صحيفة مباركة تجمع تأريخ ولي ديننا الثامن وتشرح سيرة رجل كريم من رجال الأمة الإسلامية ، بل إمام من أئمتها الذين اصطفاهم الله وأختارهم لهداية البشر ، وبه وبآله عرّفنا الله تعاليمه بما يحب ويرضى ، وبصراطهم المستقيم نسير لأحسن هدى ونطيعه بأقوم دين ، فنصل لأكمل وأدوم نعيم أعده الله لعباده المؤمنين .
ويا طيب : كان عملنا في الصحيفة بالنسبة لنقل الأحاديث بالنسخ واللصق ، مع حذف الإسناد المذكور في أول الحديث وبالتقطيع والترتيب المناسب لبحثنا ، فوضعنا نص الأحاديث ومتنها ثم شرحنا قسما وافرا منها ، وفي كل هذا معتمدين على معرفة سند كل حديث لأهل التحقيق وبالرجوع لما ذكرنا من مصدره بعد نهاية متنه ، وكتاب بحار الأنوار وغيره منشور بالطبعة الكتابية والإلكترونية في كثير من المكاتب وعلى مواقع الانترنيت وبالخصوص مكتبة موقع الكوثر الالكترونية .
وإما عدم ذكر السند لكل حديث : ولكل الناس فقد يخل بالبيان ، وبالخصوص في هذا الزمان الذي كثرت فيه العلوم والتخصص والفنون ، ويزيد من حجم الكتاب للضعف مع عدم الحاجة له ، مع أنه قد قل بل ندر العارفون بسند الحديث ورجاله وتزكيتهم ، بل والعارف ببحوث المنطوق والمفهوم والعام والخاص والمطلق والمقيد وغيرها ، وهذا البحث على ذمة أهل الفن والعارفون بعلم الرجال ، أو طالب للعلوم الدينية درس فتره يفهم قولهم ويبين مرادهم .
ولذا بقي للمؤمنين وللطيبين : لمعرفة النص والمفهوم الموافق لتعاليم الدين ، هو ما ينقل من قولهم وما شرح من الأحاديث التي يجب عرضها لكل المسلمين الذين يقرءون بشوق لمعرفة تأريخ دينهم وتعاليمه ، ومعتمدين على ما ذكره علماء الدين المتقدمين من أهل البحث والتحقيق ، وهذا الصحيفة هي نقل أحاديث للمؤمنين مع ترتيب جديد وشرح يسير يفيد إن شاء الله لكل طالب لمعرفة تأريخ خير البشر بعد آبائه الطاهرين الإمام علي بن موسى الرضا عليهم السلام ، وتعريف لشيء من سيرته وسلوكه ، ونقل لما تيسر لي من حديثه الشريف وتعاليمه ، فنسير بهداه إن شاء الله لمعرفة توحيد الله ودينه وتعاليمه ، ومعتبرين ومقتدين بحق إن شاء الله بسيرة سيدنا وإمامنا الرضا عليه السلام .
وبهذا الملاك يقرأ المؤمنون : معتمدين على ما كتبه كل مؤلف وله يحملون مسؤولية علم الكتاب وما ذكر فيه من المعارف ، وهمهم هو معرفة كل ما يمكنهم من سيرة أولياء الدين والأئمة المعصومين وسلوكهم وحديثهم وعلومهم بل وصفاتهم ومكارمهم وشرفهم ، والذي أعزهم الله وفضلهم به على كل البشر ، فظهر فيهم مجد الله في الأرض وتشريفه لعباده المخلصين ، بل عرّفهم سبحانه لنا بما مكنهم وكرمهم به من الخصال الحميدة والصفات الكريمة ، حتى كانوا بكل وجودهم فضلا عن حديثهم تعريف لدين الله وهداه ومعارفه التي فيها رضاه ، فأوجب علينا أن نتعبد له بها ، ولمن أخلص بها أعد كرامته وثوابه ونعيمه ، ورضيه عبد مؤمن من عباده الطيبين المقتدين بأئمة الدين الصادقين المصدقين .
وبهذا الملاك : قمنا بتوزيع أحاديث الكتاب بنصها المناسب لها من الأبواب التي تراها في هذه الصحيفة المباركة ، وكنا نقوم ببيان أهم المطالب لكل باب ، وما يمكن أن يقال فيه لبيان موضوعه والهدف من عقده ، والعبرة المستفادة منه ، والعظة التي نستلهمها من كل موضع فيه ، ولذا كان قد يتسع الشرح للأحاديث التي نذكرها في كل باب وموضوعها لما فيه من التربية الدينية الكريمة ومعارفه القيمة، ولهذا تعددت العناوين لأبواب الكتاب وموارد الشرح التي ذكرناها قبل وبعد كل مجموعة من الأحاديث الشريفة فيها ، والتي تبين سيرة الإمام وتعرفنا هداه وسلوكه المبارك .
وسمينا هذا الكتاب : الذي هو أحد كتب موسوعة صحف الطيبين والتي عقدنا بحوثها في معارف أصول الدين وسيرة المعصومين عليهم السلام ، بصحيفة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ، وهذا هو الجزء الأول : جعلناه في حياته في المجتمع بعد معرفة شأنه العظيم ، و الجزء الثاني : في حياته السياسية مع حكام عصره حتى شهادته وزيارته ، والجزء الثالث : في شرح أحاديثه الشريفة ، المتعلقة بنفس عقائدنا في أصول الدين أو في بعض الأخلاق والآداب .
وإلا فإن ما يروى عن الإمام الرضا عليه السلام في الفقه وفروعه أو الأخلاق الكريمة والآداب الحسنة في كل مجالات الحياة وغيرها من قصص الدين وتأريخه فكثيرة جداً ، فإنها قد تتسع لأكثر من جزء وبالخصوص مع الشرح لها ، كما توجد كتب مستقلة تروى عنه مثل : فقه الإمام الرضا ، وطب الرضا ، وكتاب عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام ، وغيرها الكثير من الأحاديث والرسائل المنتشرة بين مطاوي الكتب .

وأسأل الله التوفيق : لشرحها بعد ما جمعناها كما جمعنا وشرحنا صحيفة ذكر الإمام علي عليه السلام عبادة ، أو صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، والتي تعددت أجزائها ، وكما نأمل إن مد الله بنا العمر أن نرتب صحف لباقي المعصومين صلى الله عليهم وسلم ، فضلا عما دونا في العقائد مثل : كتاب صحيفة التوحيد ، وصحيفة الأسماء الحسنى ، وصحيفة النبوة ، وصحيفة الثقلين وغيرها .
وأسأل الله تعالى : أن يمنَّ علينا وعليكم بشفاعته وشفاعة آبائه الأكرمين الميامين ، ويغفر لنا ولوالدينا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وقد أزلفت الجنة للمتقين ، المتعبدين لله بالدين المبين ، والذي خص به نبينا خاتم المرسلين ، وشرحه آله خير الناس أجمعين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، إنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
 

الراجي لرحمة ربه وشفاعة نبيه وآله الأطهار
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
11|ذي القعدة |1423 يوم ميلاد الإمام الرضا عليه السلام
موقع موسوعة صحف الطيبين

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الإمام الرضا وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله هدى خبر الأنام وخلصك من الظلام