بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم
إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في
أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام
الرضا علي بن موسى عليه السلام
الجزء الأول : شأن
الإمام الرضا الكريم وحياته الاجتماعية
المـقـدمــة
الإمام الرضا عليه السلام فخر الحضارة الإسلامية
وفيها ذكر للإهداء ولعملنا في الكتاب ومصادره
بسم الله الرحمن الرحيم : والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا
محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم إلى يوم الدين .
وأما بعد : فهذا بيان لأهمية صحيفة الإمام الرضا عليه السلام وعملنا فيها :
الملاك الحقيقي لأحسن القصص في الحضارة والتأريخ :
لكل أمة من الأمم : مفاخر ، ووقائع مشرفة
، وأحداث تحب ذكرها ، وتأنس بالحديث عنها ، تجمعها قصص ، هي أحسن ما في تاريخ تلك
الأمة ، وهي التي تشكل مجدها التليد ، وتعبر عن تقدمها وحضارتها .
ولا تكون الحضارة : حضارة ولها مجد ورقي
إذا لم تسقينا قيما عالية ، ولم تورثنا أهدافا سامية ، وهذه القيم والأهداف لا
تكون لها قيمة حقيقية إلا إذ كان قادتها حكماء علماء وهداة ربانيين ، يسودون
العباد بالإيمان بالله تعالى والعدل والإنصاف والحق والدين القويم ، ويسيرون
بالناس لأحسن دين وهدى ونعيم فيه سعادتهم الحقيقية ، وكل خير وبركة يتوق لها
المؤمن بكل وجوده ، وفي دولة إلهية يسودها الأمن والسلام والإحسان .
والأمة : التي لا يحكمها أنبياء ولا تقتدي
بأولياء ولا تتبع تعاليم الأوصياء ، ليس لها إلا أطلال باليه أكل الدهر عليها
وشرب ، وخرابات كان يسكنها الظلم والكفر في غالب أمرها ، ومجد كاذب لا يساوي عند
الله وفي قيم الإنسانية فلساً واحداً ، إلا أن تكون عبرة لمن يتعظ بخراب الدنيا
وعدم دوامها لأحد ، وعضة للإنسان المتدبر بحاله ومآله مما يرى من هلاكهم وتدمير
ملكهم وزواله ، فيسعى لأن يصلح حاله ويؤدي واجبه بالعدل والإحسان ووفق الهدى الحق
للدين القويم ، ولا يغتر مؤمن بسعة ممالكهم ولا يفتخر بأب أوجد كافر كان
يسكن دولهم .
فالمجد الحقيقي في التاريخ
: هو لوقائع
يُذكر بها حضور نبي مع أُناس مؤمنين ، والعزة لأمة عندما كانت تطيع وتتبع نبيا أو
وصي نبي يسير بهم في مسلك العبودية لله تعالى .
ولم نرى في التاريخ
: للأيمان بالله تعالى
وهداه الحق زمان ومكان ودولة فيها العدل والإحسان والعمل بالدين القويم ، إلا عند
حضور الأنبياء وأوصيائهم وأتباعهم الحقيقيين ، أو في دولة قام بها عباد مؤمنون
بأهدافهم ومتبعون لتعاليمهم ، وما أعز وجودها في التاريخ ، ولا لوقائع عز وفخر
إلا التي كانت تحكي عن أحداث جهادهم وسيرتهم التي لم يخلُ منها زمان ، ولا قصص
فيها منفعة يُقتدى بها ويسير المؤمن على هديها إلا التي كان لهم نصيب فيها ،
فتنقل أحوالهم ومقالهم وتشرح لنا سيرتهم الجميلة وسلوكهم الحسن ، والذي فيه
تعاليم الدين والتصرف الحق لأئمة المؤمنين الطيبين الطاهرين وأوليائهم الخيرين .
ولهذا سمّى الله سبحانه وتعالى
: في القرآن ،
أحسن القصص ، قصص الأمم الخالية التي فيها قصص العدل والإحسان
ولإنصاف والإيمان وأهله ، وعند الحكاية عن الأنبياء وأوصيائهم ، وتشرح شيء من
سيرتهم وجهادهم وعلمهم وعملهم وتنقل أقوالهم وحكمهم ، لنقتدي بهم ولنسير بكل شرف
وفخر لعبادة الله تعالى ، فنصير في رضاه ونعيمه الحقيقي التام الأبدي والذي لا يزول .
كما وبالتبعية لهم : تذكر في قصص القرآن المجيد
هلاك الظلم والكفر والضلال وأهله ، وخراب ممالكهم ومدنهم لنعتبر بها ، ولا نصر
على عصيان الحق وعدم قبول الهدى ، فنحن حين التدبر في قصصهم نرى فعل الله بهم
ومصيرهم السيئ الذي ينتظرهم ، وما لهم من العذاب المخزي الذي لا فلاح بعده أبداً
، وكله بما كسبت أيديهم لعدم إيمانهم وعدم قبولهم لهدى الله الحق وتعصيهم على
التحلي بنعمة هداه ورحمته وبركاته .
ولكل نبي مع قومه : قصص هي
أحسن القصص ، وللمسلمين بقيادة نبينا محمد وآله
الطيبين الطاهرين مع قومهم قصص هي أحسن القصص ،
وما كان في زمان نبينا ذكر قسم منها في القرآن المجيد الذي فيه أحسن الحديث
والقصص ، وتفصيلها دوّنه المسلمون في كتب التأريخ والسيرة ، وهي أحسن القصص لأحسن
دين في الوجود ، ولا ترى فخراً وعزاً وعظمة وقيمة عالية وهدفاً سامياً للمسلمين
إلا في قصصهم ، وإلا ما كان فيه لسيرة ولقول ولحال ولواقعة فيها لنبينا محمد وآله
الطيبين الطاهرين ذكر وحضور ، ولك العبر والعظة في هلاك أعدائهم وفناء دولهم وما
ينتظرهم من المصير عند الله ، والذي أنعم عليهم فعصوه بنعمه ، ولم يطيعوا أولياءه
فيقيموا دينه القيم ودولة الحق بمعارفهم.
وإن شاء الله تعالى : في حياتنا يُتم
الله نور وهداه ولو كره الكافرون ، ويقيم دولة العدل التي وعد بها عباده الصالحون
، فيُظهر ملك الحق والإنصاف ، ويزيل الله الجور والظلم والعدوان ، فيُظهر إمام
عصرنا وسيدنا ووليه الحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا من
أنصاره وأعوانه ورحم الله من قال آمين .
وأضع هذا الصحيفة : بين يديه فأهديها له ،
وأحكي بها له و لشيعته المؤمنين الطيبين عن جده الكريم علي بن موسى الرضا عليهم
السلام وهو أعرف به منا ، ونرجو منه القبول والرضا ، ويرضى بي وليا له في عصره
وتحت نظره الكريم قد كنت في خدمة علومهم ومقيم لدينهم الحق وترويجه ، ونسأله أن
يشهد لنا بهذا عند الله ولمن أعاننا على نشره شهادة صدق وحق ، ويأذن لله تعالى له
بأن يجعلنا من حزبه المفلحون وأولياءه الصادقون ، وحشرنا الله معهم في الدنيا
والآخرة نحف بهم شيعة طيبين طاهرين بمعرفتهم وهداهم وبإخلاصنا لله بدينهم الحق
القويم ، إنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين.