هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام
الرضا عليه السلام
الجزء الأول / شأنه الكريم وحياته الاجتماعية

الباب الخامس

الإمام الرضا عليه السلام يثبت إمامته في البصرة والكوفة

 

الله يؤيد الإمام بكل ما يثبت إمامته :

بعد إن عرفنا : شيء عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهم السلام وما كان من النص على إمامته ، وجهاده للطائفة الواقفة وسبب تخلفها عنه ووقوفها عن القول بإمامته وعنادها للحق ، وبعد إن عرفنا شيء عن فضله وعلمه مما مكنه الله تعالى به وبما أعطاه من الكرامة في معرفة الأمور بحقائقها ، سواء هدى منه تعالى أو حين تطبيقه عند العباد ، وذلك ليُعرّف هداه ودينه القيم سبحانه بإمامة وليه وإمام الحق وبشخصه الكريم وبكل سيرته وسلوكه ، وعن علم راسخ بما يهدي العباد المطيعين وبكل ما يُصلح بالهم وحالهم ومآلهم وعلمهم وعملهم .
وقد عرفت يا طيب : إن ذلك التمكين الواسع والشامل بالعلم من الله لإمام الحق وولي دينه ، هو لكي لا يضل المؤمنون عن الهدى الواقعي لله ، والذي يحب أن تقام به عبوديته ، فيعرف حالهم وصلاحهم وكيف يتم هداهم بأبعد حدود العبودية ، ومن غير إكراه ولكن بالتعليم والشرح والبيان والسيرة والسلوك منه ، وكذالك ليردع بالإمام سبحانه وليفند أقوال وحجج من يخالف الحق والهدى ، والذي يمكن أن يُعرفه سبحانه حين تقام ولاية وإمامة وليه المصطفى له المختار من قبله لتعليم معارف دينه القيم ، وبكل حجة وبيان يمكن أن يقنع العباد ويرجعهم للحق أو يثبتهم على الهدى .
فإنه سبحانه وتعالى : قد مكن أولياء دينه من العلم الواسع والفهم الشامل لكل مسائل الحياة ، فقد عرفت شهادة الإمام الرضا لأعمال أولياءه بحديث في الباب السابق ، وهكذا يكون شهادة آله للمهتدين وغيرهم من العباد .
 
وهذه المسألة : معرفة الهدى من الله ، وكيفية تطبيقه من المؤمنين لإمام الحق ولولي الدين المختار من الله تعالى ، ركن في الدين الإسلامي ومن المعارف العالية ، والتي حكاها الله سبحانه وتعالى في كثير من آيات الذكر الحكيم في كتابه المجيد وقد جاءت بها الأحاديث المتواترة ، وبالخصوص عن الأنبياء وهداة دين الله وشهادتهم على أهل زمانهم ، وهي لا يخلو منها زمان ، وقد عرفت إنه قد بحثها السيد الطباطبائي في الجزء الأول من كتابه الموسوم بالميزان في تفسير القرآن ، وكذا بحثناها في أحد أجزاء كتابنا الموسوم بصحيفة الثقلين من موسوعة صحف الطيبين ، وبحثها كثير من العلماء .
فيا طيب : إن الغرض من ذكر هذا هنا هو لمعرفة فضل الإمام الرضا عليه السلام وشأنه الكريم كآله آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، ولنعرف بأن البحث في معرفة الإمام وشخصه الكريم من المسائل المهمة في الدين ، ولكي يتمسك الإنسان المؤمن بولايتهم وإمامتهم عن علم وبقين راسخ يدعمه الدليل والبرهان ، كما لكي يرتدع من يخالفهم أو يَبين ضلاله للمؤمنين الذين يطلبون الدليل والبرهان الحق على ولي دينهم وإمامهم الذي سيدعون به اليوم ويوم القيامة .
والمسألة مهمة في هذا البحث هنا : وفي أبواب هذه الصحيفة للإمام الرضا عليه السلام ، وذلك لأنه بمعرفتها نعرف عن أيمان بعض سيرة الإمام وسلوكه وجهاده من أجل نشر دين الله ، وتفانيه بكل ما أوتي من قوة ونصر من الله ، واستخدامه العلم الغيبي وإظهار أمور معجزة من أجل تعريف دين الله وهداه ، وبهذا يُعبد سبحانه وتعالى بما يحب ويرضى من قبل عباده المهتدون بهدى ولي حق وإمام صادق .
 
و إلا يا أخي : إذا لم يُعرف إمام الحق من قِبل المؤمنين والطالبين لهدى الدين ، أو كان ناقص في علمه وقدرته في تعريف علو شأنه عند الله ، كان كأحد الناس ، فلا يلتفت لكلامه ولا لهداه ، أو يعتبر عند الناس عالم من العلماء قد يصيب أو يخطأ لا معصوم مؤيد من الله وإن قوله الحق والفصل في الدين وخلافه ضلال ، وقد يضل الناس المتمكنين منهم بالكلام المحرف الذي يبعد ويحرف الناس عن إمام الحق ، والذي لا يخلو زمان من كثير من المنافقين أو المتسلطين والمحبين للشهرة والجاه ، وكلا في منطقته وبالخصوص الذين عندهم الأموال أو وعاظ سلاطين والمتكلمين بكل كلام منمق يمكن أن يحرف الناس عن الهدى الواقعي .
 ولذا يا أخي الكريم يا طيب : سترى في هذا الباب والأبواب الآتي معارف علم كثير وشامل وواسع للإمام الرضا عليه السلام ، وكيف مكنه الله من الإطلاع على أعمال المؤمنين وغيرهم حتى يثبت حجته وإمامته ، ولكي يتوجه له الناس وليأخذوا بقوله وهداه وبسيرته وسلوكه الذي فيه تعريف لدين الله تعالى بما يحب ويرضى سبحانه فيسعد العباد بنعيم عبوديته ، والتي بإقامتها حقيقة الاطمئنان للمؤمن وكل فرح وسرور بمعرفة الحق عن يقين راسخ وهدى واقعي ، فيجد العارف بولي دينه الصادق وهداه منه في الإخلاص في عبودية الله وإقامة دينه عن بينة واضحة ويقين تطمئن به الروح حقيقة ، ولم يتلجلج به كما يكون في جد واجتهاد عبادة الغير العارف لإمام الدين الصادق المصدق ، فتتشنج أرواحهم وتنقبض بدل استقرارهم وهدوء بالهم وراحة أنفسهم .
فتدبر معي يا طيب : هنا في هذا الباب جهاد الإمام الرضا ونضاله وذبه علما وعملا وسيرتا وسلوكا ، من أجل نشر دين الله وهداه وإرجاع الضالين وإبطال حجج المخالفين ، فيبطل قول المكذبين ويهجرهم الناس ، فلا تشيع أحدوثتهم وبدعهم وضلالهم بين المؤمنين ، و لا يصدقهم المستضعفون والبسطاء من المؤمنين ، فيثبت المؤمنون على صراط مستقيم ويصلوا لكل نعيم بهدى الله.
ويا طيب ويا أخي أُأكد لحضرتك : وأنت العارف ، بأن مسألة تأييد الله بالشهادة أو بالمعجزات لأولياء دينه وهداه قد حكاها الله تعالى في كتابه المجيد في كثير من الآيات الكريمة ، بل بعض سور القرآن المجيد مختصة بحكاية هذه المعجزات وأقدار الله لأولياء دينه من الرسل والأنبياء ، فما من نبي إلا وله معجزة أو معجزات يريها قومه يؤيده بها الله ليؤمنوا به مع ما له من البيان ، بل حتى كانت المعجزات لأوصيائهم كآصف مع سليمان ، ومؤمن آل فرعون مع موسى أو الحواريون وغيرهم ، يقدرهم الله من إتيانها لكي يعرف الحق بالبيان وبالتصرف المعجز من أجل إثبات هداه سبحانه من عند أولياءه أئمة الحق والأنبياء والمرسلين .
فكيف بنا يا طيب : ونحن في أكمل دين وهدى ، وخاتم التعاليم الربانية وبقمة ما يتمكن الإنسان أن يقيمه به عبودية الله ، فهل يعقل أن يقال :
بأنه لا ينصر الله ولي دينه وإمام الحق المختار من قبله بكل ما يقويه لتعريف دينه ، أو يقال : لا يقدره على المعجزات المظهرة لإمامته وولايته وإثباتها لأوليائه وللناس الذين يمكن أن يصل له شخص وليه الكريم ، ومع أنه لا نبي بعد نبينا ولا إمام ولا وصي غير آله الكرام ، والذين عرفت إن إمامتهم وولايتهم التي يؤيدها كلام الله وسنة نبيه وسنة تأريخ الدين بكل هداه من أول يوم خلق فيه الإنسان حتى الآن .
ولذا يا أخي الكريم : سترى في هذا الباب والآتي وكل الأبواب ، معارف كثيرة عن سعة قدرة الإمام الرضا عليه السلام في العلم والعمل والتنقل وكل ما يحتاجه لمعرفة وجه الباطل والخطأ عند الناس وضلالهم وإبطاله ، وبيان ما يصلح الناس ببيان الحق والهدى بكل ما أوتي من قوة علما أو عملا ، حتى يهتدي به المهتدون ويثبت على ولايته المؤمنون ، جعلنا الله منهم مصدقين لإمامة وولاية آل نبينا محمد سيد المرسلين بعده صلى الله عليهم وسلم .
وإذا عرفت يا طيب : سعة علم الإمام في الباب السابق لكل ما يحتاجه من الهدى من أجل هداية العباد حتى يقيموا دين الله الصادق بما يحب ويرضى ، نذكر هنا مسائل في احتجاجه على المخالفين ، وكيف سعى ليطمئن الموالين بإمامته والثبات على ولايته بعد آبائه الطاهرين ، ونتعرف على مسألة أخرى يُقدر الله بها أولياءه الطيبين الطاهرين لنشر دينه في كل مكان يوجد لهم موالين فيسلكوا بهم الصراط المستقيم حتى يكونوا معهم في كل نعيم ، فهنا بالإضافة لمعرفة بعض احتجاجات الإمام نتعرف على مسألة أخرى وهي :
 
مسألة طي الأرض:
  وهي حضور أولياء الله تعالى في أماكن مختلفة ومواطن متعددة في فترة قصيرة من الزمان ، وبالخصوص الأئمة الأطهار من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، والتي تشهد لها وقائع كثيرة تحكى عن الأئمة الكرام ، وأكبر مصداق لها هو ما وقع لرسول الله صلى الله عليه وآله في الإسراء والمعراج ، وهو جدهم الأكبر ، بل حكيت عن كثير من أولياءه الله وهداة الدين قبله وبالخصوص الأنبياء كنبي الله عيسى وسليمان بل والخضر الآن حاضر ويتنقل في بقاع الأرض بطي الأرض وهكذا يكون تنقل إمام زماننا عليهم السلام .
ثم يا طيب : إن تنقل الأئمة الكرام من آل النبي الأكرم صلى الله عليهم وسلم السريع المسمى بطي الأرض ، قد ذكرتها كثيرة من الأحاديث من قبل أولياءهم وغيرهم ، وتجدها في حياة الأئمة وسيرتهم عليهم السلام ، ولكل إمام حادثه أو حوادث معجزة في طي الأرض والحضور والانتقال في زمان قصير من مكان لمكان آخر مع ما بينهما من بعد شاسع ومسافة بعيده ، وهذه من كرامات الله تعالى لهداة دينه ، وليس بعزيزة على قدرة الله تعالى بأن يشرف أولياءه بها لحاجتهم للمعجزات لإثبات إمامتهم ، وحتى يُعرف دينه الحق ويثبت على هداه الواقعي المؤمنون ، وليبين فضل أولياء دينه على باقي البشر ولتطمئن قلوب شيعتهم بإمامتهم وترسخ عقائدهم بما يتعلمونه منهم ، وهذا كما كان للأنبياء السابقين من هداة دين الله تعالى .
 
وهذه بعض الكرامات الإلهية : للإمام الرضا عليه السلام فيها معرفة  معجزة طي الأرض له لكي يتمكن من الوصول لأوليائه ليعرفهم إمامته ، ولكي لا يضلهم الواقفية فلا يُعبد الله بدينه الحق وهداه الواقعي ، وفيها بيان  لاحتجاجات قام بها الإمام الرضا عليه السلام معهم ومع غيرهم ، نتشرف بتلاوتها ولتكن على يقين بإمكان وقوعها بل بحتميته ، وإنه ليس بالمستحل على الله بأن يكرم بها أفضل خلقه ، وأمام مواليه وشيعته وغيرهم .
 فأتلوها يا مؤمن : واستأنس بعلمها واغترف من منهلها العذب ولطولها وكثرة وفوائدها أفردناه في باب مستقل ، وحتى يأتي باب أوسع في معرفة فضل الإمام وكرامته على الله وشأنه الرفيع عنده وما أقدره من بيان الهدى ومعرفة كل ما يحتاج إليه في إمامته وما يقام به صلاح الموالين له ، جعلنا الله من المطمئنين بهداه وحشرنا مع أئمة الحق من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة , إنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
 
 
 
 

الإمام الرضا

يثبت إمامته في البصرة والكوفة

في الخرائج والجرايح روي عن محمد بن الفضل الهاشمي قال :
لما توفي موسى بن جعفر عليهما السلام ، أتيت المدينة فدخلت على الرضا عليه السلام ، فسلمت عليه بالأمر وأوصلت إليه ما كان معي ، وقلت :
 إني سائر إلى البصرة ، وعرفت كثرة خلاف الناس ، وقد نعي إليهم موسى عليه السلام ، وما أشك أنهم سيسألوني عن براهين الإمام ، ولو أريتني شيئا من ذلك .
فقال الرضا عليه السلام :لم يخف عليَّ هذا ، فأبلغ أولياءنا بالبصرة وغيرها أني قادم عليهم ولا قوة إلا بالله .
 ثم أخرج إلي جميع ما كان للنبي عند الأئمة من بردته وقضيبه وسلاحه وغير ذلك .
 فقلت : ومتى تقدم عليهم ؟
قال عليه السلام : بعد ثلاثة  أيام من وصولك ودخولك البصرة ، فلما قدمتها سألوني عن الحال .
فقلت لهم : إني أتيت موسى بن جعفر قبل وفاته بيوم واحد ، فقال عليه السلام :
إني ميت لا محالة ، فإذا واريتني في لحدي فلا تقيمن ، وتوجه إلى المدينة بودائعي هذه ، وأوصلها إلى ابني على بن موسى ، فهو وصيي وصاحب الأمر بعدي ، ففعلت ما أمرني به وأوصلت الودائع إليه ، وهو يوافيكم إلى ثلاثة أيام من يومي هذا ، فسألوه عما شئتم .
فابتدر الكلام : عمرو بن هداب  عن القوم ، وكان ناصبيا ينحو نحو التزيد والاعتزال ، فقال : يا محمد إن الحسن بن محمد ، رجل من أفاضل أهل هذا البيت في ورعه وزهده وعلمه وسنته ، وليس هو كشاب مثل علي بن موسى ، ولعله لو سئل  عن شيء من معضلات الأحكام لحار في ذلك .
فقال الحسن بن محمد وكان حاضرا في المجلس : لا تقل يا عمرو ذلك فان عليا على ما وصف من الفضل ، وهذا محمد بن الفضل يقول : إنه يقدم إلى ثلاثة أيام فكفاك به دليلا ، وتفرقوا . 
فلما كان في اليوم الثالث من دخولي البصرة ، إذا الرضا عليه السلام قد وافى ، فقصد منزل الحسن بن محمد داخلا له داره ، وقام بين يديه ، يتصرف بين أمره ونهيه ، فقال : يا حسن بن محمد أحضر جميع القوم الذين حضروا عند محمد بن الفضل وغير هم من  شيعتنا ، وأحضر جاثليق النصارى ورأس الجالوت ، وأمر القوم يسألوا عما بدا لهم .
 فجمعهم كلهم والزيدية والمعتزلة ، وهم لا يعلمون لما يدعوهم الحسن بن محمد .
فلما تكاملوا ، ثني للرضا عليه السلام وسادة فجلس عليها ثم قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، هل تدرون لم بدأتكم بالسلام ؟
 قالوا : لا .    قال : لتطمئن أنفسكم .
 قالوا :  من أنت يرحمك الله .
قال : أنا علي ، بن موسى ، بن جعفر ، بن محمد ، بن علي ، بن الحسين ، ابن علي بن أبى طالب ، وابن رسول الله صلى الله عليه وآله ، صليت اليوم صلاة الفجر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله مع والي المدينة ، وأقرأني بعد أن صلينا كتاب صاحبه إليه واستشارني في كثير من أموره فأشرت عليه بما فيه الحظ له ، ووعدته أن يصير إلى بالعشي بعد العصر من هذا اليوم ، ليكتب عندي جواب كتاب صاحبه ، وأنا واف له بما وعدته  ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فقالت الجماعة : يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ما نريد مع هذا الدليل برهانا ، وأنت عندنا الصادق القول ، وقاموا لينصرفوا .
فقال لهم الرضا عليه السلام : لا تتفرقوا فإني إنما جمعتكم لتسألوا عما شئتم من آثار النبوة وعلامات الإمامة التي لا تجدونها إلا عندنا أهل البيت ، فهلموا مسائلكم . 

فابتدأ عمرو بن هداب فقال :

إن محمد بن الفضل الهاشمي ذكر عنك أشياء لا تقبلها القلوب .
 فقال الرضا عليه السلام : وما تلك ؟
قال : أخبرنا عنك أنك تعرف كل ما أنزله الله ، وأنك تعرف كل لسان ولغة .
 فقال الرضا عليه السلام : صدق محمد بن الفضل ، فأنا أخبرته بذلك ، فهلموا فاسألوا .
قال : فأنا نختبرك قبل كل شيء بالألسن واللغات ، وهذا رومي ، وهذا هندي وفارسي وتركي ، فأحضرناهم .
فقال عليه السلام : فليتكلموا بما أحبوا ، اجب كل واحد منهم بلسانه إن شاء الله . 
 
فسأل عليه السلام : كل واحد منهم مسألة بلسانه ولغته ، فأجابهم عما سألوا بألسنتهم ولغاتهم ، فتحير الناس وتعجبوا ، وأقروا جميعا بأنه أفصح منهم بلغاتهم . 
 
ثم نظر الرضا عليه السلام إلى ابن هداب فقال :
 إن أنا أخبرتك أنك ستبتلى في هذه الأيام بدم ذي رحم لك ، كنت مصدقا لي ؟
قال : لا ، فإن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى .
 قال عليه السلام : أو ليس الله يقول : (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول )) الجن : 27 ، فرسول الله عند الله مرتضى ونحن ورثة  ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما شاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، وإن الذي أخبرتك به يا ابن هداب لكائن إلى خمسة أيام ، فإن لم يصح ما قلت في هذه المدة  فإني كذاب مفتر ، وإن صح فتعلم أنك الراد على الله ورسوله .
 وذلك دلالة أخرى : وأما إنك ستصاب ببصرك وتصير مكفوفا فلا تبصر سهلا ولا جبلا ، وهذا كائن بعد أيام .
 ولك عندي دلالة أخرى : إنك ستحلف  يمينا كاذبة فتضرب بالبرص . 
قال محمد بن الفضل : تا لله لقد نزل ذلك كله بابن هداب .
 فقيل له : صدق  الرضا أم كذب ؟
قال : والله لقد علمت في الوقت الذي أخبرني به أنه كائن ، ولكنني كنت أتجلد .

ثم إن الرضا التفت إلى الجاثليق فقال :

هل دل الإنجيل على نبوة محمد صلى الله عليه وآله ؟
 قال : لو دل الإنجيل على ذلك ما جحدناه .
 فقال عليه السلام : أخبرني عن السكتة التي لكم في السفر الثالث .
فقال الجاثليق : اسم من أسماء الله تعالى لا يجوز لنا أن نظهره .
 قال الرضا عليه السلام : فإن قررتك أنه اسم محمد وذكره ، وأقر عيسى به ، وأنه بشر بني إسرائيل بمحمد ، لتقر به ولا تنكره ؟
قال الجاثليق : إن فعلت أقررت ، فإني لا أرد الإنجيل ولا أجحد .
 قال الرضا عليه السلام : فخذ عليَّ السفر الثالث الذي  فيه ذكر محمد وبشارة عيسى بمحمد . 
 قال الجاثليق : هات !
فأقبل الرضا عليه السلام : يتلو ذلك السفر من الإنجيل حتى بلغ ذكر محمد ، فقال : يا جاثليق من هذا الموصوف ؟
قال : الجاثليق صفه .
قال : لا أصفه إلا بما وصفه الله : هو صاحب الناقة والعصا والكساء  ، النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، ويحل لهم الطيبات ، ويحرم عليهم الخبائث ، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ، يهدي إلى الطريق الأقصد ، والمنهاج الأعدل ، والصراط الأقوم .
سألتك يا جاثليق : بحق عيسى روح الله وكلمته ، هل تجدون هذه الصفة في الإنجيل لهذا النبي ؟
فأطرق الجاثليق مليا وعلم أنه إن جحد الإنجيل كفر ، فقال : نعم هذه الصفة من الإنجيل ، وقد ذكر عيسى في الإنجيل هذا النبي ، ولم يصح عند النصارى أنه صاحبكم .
فقال الرضا عليه السلام : أما إذا لم تكفر بجحود الإنجيل ، وأقررت بما فيه من صفة محمد ، فخذ علي في السفر الثاني ، فإني أوجدك ذكره وذكر وصيه وذكر ابنته فاطمة ، وذكر الحسن والحسين .
فلما سمع الجاثليق ورأس الجالوت ذلك علما أن الرضا عليه السلام عالم بالتوراة والإنجيل فقالا : والله قد أتى بما لا يمكننا رده ولا دفعه إلا بجحود التوراة والإنجيل والزبور ، ولقد بشر به موسى وعيسى جميعا ، ولكن لم يتقرر عندنا بالصحة أنه محمد هذا ، فأما اسمه فمحمد فلا يجوز لنا أن نقر لك بنبوته ، ونحن شاكون أنه محمدكم أو غيره .
فقال الرضا عليه السلام : احتججتم بالشك ، فهل بعث الله قبل أو بعد من ولد آدم إلى يومنا هذا نبيا اسمه محمد ؟ أو تجدونه في شيء من الكتب التي  أنزلها الله على جميع الأنبياء غير محمد ؟
 فأحجموا عن جوابه ، وقالوا : لا يجوز لنا أن نقر لك بأن محمدا هو محمدكم ، لأنا إن أقررنا لك بمحمد ووصيه وابنته وابنيها على ما ذكرتم ، أدخلتمونا في الإسلام كرها .
فقال الرضا عليه السلام : أنت يا جاثليق آمن في ذمة الله وذمة رسوله أنه لا يبدؤك منا شيء تكره مما تخافه وتحذره .
 قال : أما إذ قد آمنتني ، فإن هذا النبي الذي اسمه محمد ، وهذا الوصي الذي اسمه علي ، وهذه البنت التي اسمها فاطمة ، وهذان السبطان اللذان اسمهما الحسن والحسين في التوراة والإنجيل والزبور .
قال الرضا عليه السلام : فهذا الذي ذكرته في التوراة والإنجيل والزبور من اسم هذا النبي وهذا الوصي وهذه البنت وهذين السبطين ، صدق وعدل أم كذب وزور ؟
قال : بل صدق وعدل ، ما قال إلا الحق . 
فلما أخذ الرضا عليه السلام : إقرار الجاثليق بذلك .
 

 قال لرأس الجالوت :

 فاسمع الآن يا رأس الجالوت السفر الفلاني من زبور داود .
قال : هات بارك الله عليك وعلى من ولدك .
 فتلا الرضا عليه السلام : السفر الأول من الزبور حتى انتهى إلى ذكر محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين .
فقال عليه السلام : سألتك يا رأس الجالوت بحق الله هذا في زبور داود ؟ ولك من الأمان والذمة والعهد ما قد أعطيته الجاثليق .
 فقال رأس الجالوت : نعم هذا بعينه في الزبور بأسمائهم .
قال الرضا عليه السلام : بحق العشر الآيات التي أنزلها الله على موسى بن عمران في التوراة ، هل تجد صفة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين في التوراة منسوبين إلى العدل والفضل ؟
قال : نعم ، ومن جحدها كافر بربه وأنبيائه . 
قال له الرضا عليه السلام : فخذ الآن في سفر كذا من التوراة ، فأقبل الرضا عليه السلام يتلو التوراة ورأس الجالوت يتعجب من تلاوته وبيانه ، وفصاحته ولسانه ، حتى إذا بلغ ذكر محمد .
 قال رأس الجالوت : نعم ، هذا أحماد وأليا وبنت أحماد وشبر وشبير ، تفسيره بالعربية محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين .
 فتلا الرضا عليه السلام إلى تمامه .
فقال رأس الجالوت لما فرغ من تلاوته : والله يا ابن محمد لولا الرئاسة التي حصلت لي على جميع اليهود لآمنت بأحمد واتبعت أمرك ، فوالله الذي أنزل التوراة على موسى والزبور على داود ما رأيت أقرأ للتوراة والأناجيل والزبور منك ، ولا رأيت أحسن تفسيرا وفصاحة لهذه الكتب منك .
 فلم يزل الرضا عليه السلام : معهم في ذلك إلى وقت الزوال ، فقال لهم حين حضر  وقت الزوال : أنا اصلي وأصير إلى المدينة للوعد الذي وعدت والي المدينة ليكتب جواب كتابه ، وأعود إليكم بكرة إن شاء الله .
 قال : فأذن عبد الله بن سليمان ، وأقام وتقدم الرضا عليه السلام فصلى بالناس وخفف القراءة وركع تمام السنة ، وانصرف .
 

فلما كان من الغد عاد إلى مجلسه ذلك، فأتوه بجارية رومية فكلمها بالرومية والجاثليق يسمع ، وكان فهما بالرومية .

فقال الرضا عليه السلام بالرومية : أيما أحب إليك محمد أم عيسى ؟
فقالت : كان فيما مضى عيسى أحب إلي حين لم أكن عرفت محمدا ، فأما بعد أن عرفت محمدا فمحمد الآن أحب إلي من عيسى ومن كل نبي .
فقال لها الجاثليق : فإذا كنت دخلت في دين محمد فتبغضين عيسى ؟
قالت : معاذ الله بل احب عيسى وأؤمن به ولكن محمدا أحب إلي . 
فقال الرضا عليه السلام للجاثليق : فسر للجماعة ما تكلمت به الجارية ، وما قلت أنت لها ، وما أجابتك به . ففسر لهم الجاثليق ذلك كله .
ثم قال الجاثليق : يا ابن محمد ههنا رجل سندي ، وهو نصراني صاحب احتجاج وكلام بالسندية .
 فقال له : أحضرنيه ، فأحضره فتكلم معه بالسندية ، ثم أقبل يحاجه وينقله من شيء إلى شيء بالسندية في النصرانية ، فسمعنا السندي يقول ثبطى ثبطى ثبطلة .
 فقال الرضا عليه السلام :  قد وحد الله بالسندية . 
ثم كلمه في عيسى ومريم ، فلم يزل يدرجه من حال إلى حال إلى أن قال بالسندية : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ثم رفع منطقة كانت عليه فظهر من تحتها زنار في وسطه ، فقال : اقطعه أنت بيدك يا ابن رسول الله . فدعا الرضا عليه السلام بسكين فقطعه .
ثم قال لمحمد بن الفضل الهاشمي : خذ السندي إلى الحمام وطهره ، واكسه وعياله واحملهم جميعا إلى المدينة . 
 
فلما فرغ من مخاطبة القوم ، قال عليه السلام : قد صح عندكم صدق ما كان محمد بن الفضل يلقي عليكم عني ؟
قالوا : نعم ، والله لقد بان لنا منك فوق ذلك أضعافا مضاعفة ، وقد ذكر لنا محمد بن الفضل أنك تُحمل إلى خراسان ؟
فقال : صدق محمد إلا أني احمل مكرما معظما مبجلا . 
 
قال محمد بن الفضل : فشهد له الجماعة بالإمامة ، وبات عندنا تلك الليلة فلما أصبح ودع الجماعة وأوصاني بما أراد ومضى ، وتبعته حتى إذا صرنا في وسط القرية عدل عن الطريق فصلى أربع ركعات .
 ثم قال عليه السلام : يا محمد انصرف في حفظ الله غمض طرفك فغمضته ثم قال : افتح عينيك ففتحتهما ، فإذا أنا على باب منزلي بالبصرة ولم أرى الرضا عليه السلام .
قال : وحملت السندي وعياله إلى المدينة في قت الموسم . 
 
قال محمد بن الفضل :
كان فيما أوصاني به الرضا عليه السلام في وقت منصرفه من البصرة ، أن قال لي :

صر إلى الكوفة فاجمع الشيعة

هناك وأعلمهم أني قادم عليهم ، وأمرني أن أنزل في دار حفص بن عمير اليشكري .
فصرت إلى الكوفة فأعلمت الشيعة  أن الرضا عليه السلام قادم عليكم .
 فأنا يوما عند نصر بن مزاحم إذ مر بي سلام خادم الرضا ، فعلمت أن الرضا عليه السلام قد قدم . فبادرت إلى دار حفص بن عمير ، فإذا هو في الدار فسلمت عليه ، ثم قال لي : احتشد من طعام تصلحه للشيعة .
فقلت : قد احتشدت وفرغت مما يحتاج إليه .
فقال : الحمد لله على توفيقك .
فجمعنا الشيعة ، فلما أكلوا ، قال يا محمد :
انظر من بالكوفة من المتكلمين والعلماء فأحضرهم فأحضرناهم.
 فقال لهم الرضا عليه السلام : إني أريد أن أجعل لكم حظا من نفسي كما جعلت لأهل البصرة ، وأن الله قد أعلمني كل كتاب أنزله ، ثم أقبل على جاثليق ، وكان معروفا بالجدل والعلم والإنجيل فقال :
يا جاثليق : هل تعرف لعيسى صحيفة فيها خمسة أسماء يعلقها في عنقه ، إذا كان بالمغرب فأراد المشرق فتحها فأقسم على الله باسم واحد من خمسة الأسماء أن تنطوي له الأرض فيصير من المغرب إلى المشرق ، ومن المشرق إلى المغرب في لحظة ؟
 فقال الجاثليق : لأعلم لي بها ، وأما الأسماء الخمسة فقد كانت معه يسأل الله بها أو بواحد منها يعطيه الله جميع ما يسأله .
قال عليه السلام : الله اكبر إذا لم تنكر الأسماء ، فأما الصحيفة فلا يضر أقررت بها أم أنكرتها ، اشهدوا على قوله .
ثم قال : يا معاشر الناس أليس أنصف الناس من حاج خصمه بملته وبكتابه وبنبيه وشريعته ؟  
قالوا : نعم .
 قال الرضا عليه السلام : فاعلموا أنه ليس بإمام بعد محمد إلا من قام بما قام به محمد حين يفضي الأمر إليه ، ولا يصلح للإمامة إلا من حاج الأمم بالبراهين للإمامة .
فقال رأس الجالوت : وما هذا الدليل على الإمام ؟
قال عليه السلام : أن يكون عالما بالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن الحكيم ، فيحاج أهل التوراة بتوراتهم ، وأهل الإنجيل بإنجيلهم ، وأهل القرآن بقرآنهم ، وأن يكون عالما بجميع اللغات حتى لا يخفى عليه لسان واحد ، فيحاج كل قوم بلغتهم ، ثم يكون مع هذه الخصال تقيا نقيا من كل دنس طاهرا من كل عيب ، عادلا منصفا ، حكيما رءوفاً ، رحيما غفورا ، عطوفا صادقا ، مشفقاً بارا ، أمينا مأمونا ، راتقا فاتقا . 
فقام إليه نصر بن مزاحم فقال : يا ابن رسول الله ما تقول في جعفر بن محمد ؟
 قال عليه السلام : ما أقول في إمام شهدت أمة محمد قاطبة بأنه كان أعلم أهل زمانه .
 قال : فما تقول في موسى بن جعفر ؟
 قال عليه السلام : كان مثله .
 قال : فإن الناس قد تحيروا في أمره .
قال عليه السلام : إن موسى بن جعفر عمر برهة من الزمان ، فكان يكلم الأنباط بلسانهم ، ويكلم أهل خراسان بالدرية ، وأهل روم بالرومية ، ويكلم العجم بألسنتهم ، وكان يرد عليه من الآفاق علماء اليهود والنصارى ، فيحاجهم بكتبهم وألسنتهم ، فلما نفدت مدته ، وكان وقت وفاته أتاني مولى برسالته يقول :
 يا بني إن الأجل قد نفد ، والمدة قد انقضت ، وأنت وصي أبيك .
 فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لما كان وقت وفاته ، دعا عليا وأوصاه ودفع إليه الصحيفة التي كان فيها الأسماء التي خص الله بها الأنبياء والأوصياء .
 ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي ادن مني ، فغطى رسول الله  صلى الله عليه وآله رأس علي عليه السلام بملاءة ، ثم قال له : أخرج لسانك ، فأخرجه فختمه بخاتمه ، ثم قال : يا علي اجعل لساني في فيك ، فمصه وابلع عني  كل ما تجد في فيك ، ففعل علي ذلك ، فقال له :
 إن الله قد فهمك ما فهمني ، وبصرك ما بصرني ، وأعطاك من العلم ما أعطاني ، إلا النبوة ، فانه لا نبي بعدي ، ثم كذلك إمام بعد إمام ، فلما مضى موسى علمت كل لسان وكل كتاب .
الخرائج والجرائح ص 204 - 206 ، بحار الأنوارج45ص73ب4ح1.
 
أقول
: بعد إن عرفنا بحث الإمام الرضا مع أولياء والمخالفين له وكيف تم ، وإنه فيه بيان لعلم واسع للإمام الرضا عليه السلام مع قدرته بفضل الله على التنقل السريع بطي الأرض ، وكما كان لجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإسراء لبيت المقدس والمعراج لملكوت السماء حتى كان قاب قوسين أو أدنا من العلي الأعلى .
 
فإن الإمام الرضا عليه السلام : في زمانه كان امتداد جده الأكرم في الوجود المادي والمعنوي ، وسبطه في كل وجوده وهداه وهو وارث علمه ، وهو كان عليه السلام في اشد موقف يحتاج به لما يثبت إمامته وولايته بعد فتنة الواقفية ، وما أحدثوه بين الناس من البدع بعدم القول بوفاة الإمام الكاظم عليه السلام أبو الإمام الرضا ، هذا مع تمكنهم العلمي والمادي والجاه في مناطقهم الذي كاد أن يضل بشر كثير من المؤمنين لولا رعاية الله للإمام الرضا وتمكينه علما وعملا ومعجزات ، بحيث يمكنه بها أن يعرف حقائق الناس ويرد كل فرد بما يناسبه كما عرفت في الباب الثالث وكما سيأتي في الباب الآتي ، أو ردع مجموعة عامة أو تفهيمهم بالحجج والبيانات حقائق الدين وهدى رب العالمين مع المعجزة والشرح لما عرفه الله من الهدى وحقائق الناس وما يصلحهم ، وقد عرفت كيفية محادثتهم ومع المعجزة التي تبين فضله وكرامته على الله التي مكنه منها سبحانه كما عرفت هنا .
 

ويا طيب

: هذا الباب كان سفر الإمام المعجز لإثبات إمامته في أهم بلاد الشيعة والموالين له ، وفيها كان كثير من الموالين لآل محمد والقائلين بإمامتهم عليهم الصلاة والسلام ، ولذا كان من الضروري سفره ومجادلاته حتى يقيم الحق ويفند الباطل ، بل أسلم على يده بعض الناس ، وهذا السفر والاحتجاج كان مهم لعموم الموالين للإمام عليه السلام ليطمئنوا بعلم الإمامة وكرامته عند الله وشأنه العظيم ، وهو حجة على غيرهم .
وإذا كان هذا الاحتجاج والسفر المعجز عام في بيان الإمامة في هذا الباب ، نذكر في الباب الآتي حجج للإمام عليه السلام وبيان علمي وعملي معجز أقدره الله عليه لكي يُعرف أولياءه إمامته ، وليعرفوه بحقه بأنه هو إمام الحق والهادي لدين الله بما علمه الله وبما أورثه من كتاب جده صلى الله عليه وآله ، فتابع البحث لتعرف شأنه العظيم عند الله وعند أولياءه ، رزقنا الله شهادته بالطاعة له ولآله الكرام بكل هدى علمه الله لهم ومكنهم منه ، حتى يهب لنا رضاه وشفاعته وشفاعة آله الكرام آل نبي الرحمة ، فيجعلنا معهم في الدنيا والآخرة بكل دينه وعبوديته ومع الإخلاص له ، ويهب لنا كل نعيم أعده لهم ولأوليائهم ، إنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
 

اللهم أسألك بحق الإمام علي بن موسى الرضا وآله الطيبين الطاهرين اسلك بي صراطهم المستقيم واجعلني معهم في كل هدى ونعيم
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الإمام الرضا وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله هدى خبر الأنام وخلصك من الظلام