هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
قسم سيرة المعصومين/ صحيفة الإمام
الرضا عليه السلام
 الجزء الأول / شأنه الكريم وحياته الاجتماعية

الباب السادس

مكارم الإمام الرضا عليه السلام وشأنه المعجز بفضل الله عليه

 
 

بيان وأدلة لمعجزات الأئمة وسعة علمهم:

يا أخي الطيب : لكثرة ما سننقل هنا من مكرمات الإمام وشأنه وفضله الذي مكنه الله منه في أظهار المعجزات والعلم الواسع الشامل ، نشرح ونؤكد معنى ما قد عرفناعن الإمام وإمامته والمنحرفين عنه ، وكيف ردعهم وعرّف فضله وشأنه وإمامته لهم وللطيبين من مواليه وأتباعه المؤمنين ، ولكن هنا كالباب السابق بما مكنه الله من سعة المعرفة لحقائق المؤمنين ، وبشهادته لضمائرهم ونياتهم وأعمالهم بفضل الله عليه ، فإن كان الباب السابق عاما لكل المؤمنين ومع جمع منهم ، ففي هذا الباب نذكر حالات مع خصوص أفراد من المؤمنين وغيرهم من المعاندين تعرفنا فضله ومكرمات علمه وعلو لشأنه .
فإنك يا رفيق في طريق الإيمان قد عرفت : إن الشهادة لولي الدين مسألة محققة في معارف الإسلام في كثير من الآيات الكريمة ، حتى إنه تعالى لم يذكر كلمة شهيد وشهادة لمقتول في الحرب في كل آيات القرآن المجيد ، وإنما جاءت بها الروايات بهذه الكلمة لشهيد الحرب ، وإن المحقق في القرآن الكريم إن المراد بالشهيد هو شهيد الأعمال وحقائقها لولي الدين نبي أو إمام ، سواء في وجود وذكر الشهادة لولي الدين في حالات قبل الإسلام أو بعده ، كما يعبر لمشاهد قضية معينه بالشاهد .
وإن الله تعالى : من يرتضيه يطلعه على الغيب بما يناسب حاله ، وإذا كان ولي الدين وإمام المؤمنين وأميرهم بحق وخليفة على عباده بعد خاتم رسله ، يطلعه سبحانه على كل ما يصلح حال المؤمنين ويسهل أمرهم ويجعلهم يطمئنون بإمامته وهداه ، فيقيمون عبوديته سبحانه بما يحب من الهدى والدين مع الإخلاص والتسلم المطلق له تعالى حين تسليمهم لولي دينه ، ولهذا يخسر المعاندون له .
وهذه المسائل : من ضرورة التسليم لولي الدين ، وإنه لا يمكن التسليم له ما لم يتيقن إمامته وولايته ، وبأنها من الله بكثير من الأدلة المعجزة والبيان المحكم والدليل المقنع بأنه حقيقة هو إمام مفترض الطاعة ، وشهيد عليه عند الله بأنه إن رضيه ولي يعني قد رضيه الله بدينه وبكل وجوده ، وإن الإمام وولي الدين إذا لم يرضى بطاعة أحد لم يرضه الله تعالى ، لأنه لم يعرف ولي الله حتى يأخذ منه دينه حتى يرضاه الله ، ولم يطع الإمام الحق حتى يكون قد أطاع الله ، ولذا كان لله الحجة البالغة فيُعرف ولي دينه وإمام الحق كل سبيل من معرفة هداه الحق ثم معرفة ما يصلح الناس في أنفسهم ومعه ومع الله .
ويا أخي : إن هذه المسائل العقائدية تبحث في الغالب في أصول الدين في بحث بعد إثبات الإمامة وخصوصيات الإمام ودوره في هداية العباد ، وهنا نذكر بحث مختصر لآيات تعطي للمتدبر بها معنى ما ذكرنا : من ضرورة التسليم لولي الدين ، وإن الله يطلعه على غيبه من الهدى وما يصلح الناس بشهادته عليهم ولأحوالهم وأعمالهم حتى يمكنه تفهيمهم ولايته ، وإن هداه ودينه هو الحق فتدبرها ، وبحثها الواسع تجده في مطاوي بحوث موسوعة صحف الطيبين .
قال الله سبحانه تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}النساء65 , وقوله تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب56 .  
ومن المعروف عند كل المسلمين والمؤمنين إن لا صلاة لأحد إلا ويصلي على النبي الأكرم وآله معه ، وإن من يصلي على النبي ولم يصلي على آله تكون صلاته مبتورة تبعده عن النبي وعن الله ، وبدل الوصل بهم والاتصال بمعارف الله وبركاته ورحمته يبتعد ، حتى جاء في الأثر عن النبي الأكرم : من صلى عليَّ ولم يصلي على آلي أبعده الله وإنه لم يشم رائحة الجنة أو هو منافق ، وقد شرحنا هذا المعنى في الجزء الثاني والثالث من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام بل تجد معناه في الأول فراجع .
فيا أخي الطيب : إذا عرفت ضرورة الاتصال بالإمام لأنه اتصال بالنبي ثم بهدى الله كله ورحمته ، ويجب أن يكون هذا الاتصال والصلاة عليهم والتسليم لهم تام بكل معارف هداهم وتطبيقه ، ثم أعلم عندها يرتضيك الإمام وولي الدين بإذن الله ، فيرض عنك ويكون شفيعك عند الله سوءا بالتوفيق لأخذ تعاليمك منه، أو بنزول الرحمة والكون في ملكوت النعيم معه كما قال الله تعالى:
{ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} الأنبياء28 . فإن من شفعوا له كان معهم في رضا الله وفي كل سعادة ورفاه وحور وقصور ورضا من الله أكبر ، ولا يمكن أن يكون معهم هناك إلا وأن يكون من قبل كان معهم هنا ، ولا يمكن أن يشفعوا له ألا وقد رضوه ، ولا يمكن أن يرضوا عنه إلا وأن يعلموا صلاحه في نفسه بحيث أخذ تعاليمه منهم وطبقها بما هي ، فيعني أقام عبودية الله ، وهذا فيه معنى تسليم العبد للإمام ورضا الإمام عنه وعن شهادة لحالة ومعرفة بحقيقته حتى يشفع له ، لا يعقل بأن يشفع لمعاند له أو ضال عن هداه فضلا عن مضل الناس عنه .
وأما أن الإمام يعلم الغيب وهو شاهد لعلمك وعملك فيكفك التدبر بقول تعالى :
{ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27)  لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا } الجن28 .
ومعرفة الغيب لولي الدين : رسولا من الله ، سواء كان نبي رسول ، أو نبي غير رسول ، أو وصي يبلغ دين الله المنزل على الرسول من أولي العزم بالشرح والبيان ، وعرفت إنه في خاتم الأديان ختمت النبوة وإن الإمام والوصي للنبي في زمانه كالنبي في ضرورة التسليم له ، والاتصال به والصلاة عليه معه ، وإن بهجرهم هجر النبي ودينه وهو هجرا لله وكل خير ونعيم منه .
ولكي تعرف معنى الغيب : الذي يطلع الله به ولي دينه نذكر معنى الشهادة ، لترى أن معنى العلم بالغيب ليس ترف فكري للإمام وولي الله المختار لتبليغ هداه ، بل لكي يصلح العباد بما يعلم من حالهم وكيف يكون هداه وثباتهم على الدين ، ولذا قال الله تعالى يعرف هذا المعنى لعلم أولياءه بالغيب في تأكيد معنى كونه شهيد عليهم بإذن الله ، أي يعرف حقيقة أمرهم عن يقين وعلم واقعي ليهديهم بما يصلحهم في إقامة العبودية لله ، ولتعرف هذا فتدبر قوله تعالى:
{ وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } الزمر69 .
فهذا معنى الشهادة إنه يعلم حقيقة هداهم الذي علمه لهم في نفس وجودهم وتطبيقهم له حتى يشهد لهم ، ولذا قال تعالى في مكان أخر من كلامه المجيد : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا } النساء41 .
فنبينا سيد الرسل وهو الشهيد عليهم كلهم ، وذلك لكون شهيد كل أمه من أنفسهم ومن نفس زمانهم ومنهم ، بل هو أميرهم وإمامهم وولي دين الله وهداه فيهم أتلو قوله تعالى :
 { وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } النحل84. وقال تعالى : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاَء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} النحل89 .
{ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ( 140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}آل عمران142 .
في هذه الآيات الكريمة تصريح بيّين ، بأنه من المسلمين يكون شهيد مع النبي، وهو في زمانه يكون ولي الدين وإمام الهدى والعالم بغيب الله ، والذي يكون مبلغ تعاليمه بعد رسول الله فيكون له الرضا ، ويكون بإطاعته طاعة الله ومعرفة دينه القيم الحق ، وإن في مخالفته مخالفة دين الله كله ، وهو المرضي بعلم الغيب بكل ما يصلح العباد ومن تبع هداه هُدي ، وهو العالم بكل ما يجعل أولياءه يسلمون له بأنه إمام الحق والهدى ، سواء بشرح وبيان أو أمر وحالة معجزة تكون معه مُرسّخة لإيمان من يثق به ممن ينقل حالته المعجزة مع الإمام .
وبهذا يهبنا الله بكثرة ما ينقل من كرامات الإمام ، القناعة الكاملة مع الدليل والمعرفة التامة لإمامنا وحقيقة تعاليمه التي مكنه الله منها ، وفضله وشأنه وعلمه الواسع وقدرته في تحقق المعرفة والولاية في أولياءه حتى يسلموا له ، ونحن بدورنا نعرفه بحق فنأخذ هداه ، حتى نعبد الله تعالى بيقين وبدين حق قيم يوصل لكل نعيم وسعادة ، وهذا هو المحقق في تعاليم نبينا وآله الكرام .
وهذه بين يديك يا طيب : في هذا الباب كثير من المكرامات من علم الإمام الرضا عليه السلام مع أولياءه ، نقلها ناس مختلفون يعرفونا فضل الإمام وعلمه الواسع بكل ما يصلح شأنهم ودينهم ويقوي علاقتهم بالتسليم له تسليما مطلقا ، حتى يقروا بكل وجودهم إنه إمام حق ويأخذوا تعليم الله منه فيتعبدوا لله سبحانه بها ، ومن غير خلط بتعاليم مخالفيهم فضلا عن أعدائهم .
وبمعرفة المؤمنين : بفضل الإمام يتصلوا به ويصلوا عليه فيطيعوه ويخلصوا لله بدينه ، وبهذا يكون الدين قيم يصلح العباد في أنفسهم ومع الله ، لا أنه كل مدعي للإمامة ولمعارف الله يمكن أن تطمئن له النفس ، فإنه ما أكثر المنحرفين والمحبين للجاه والمنصب والطامعين بالمال ممن يتصدى وليس هو بأهل لنقل فتوى فضلا عن الإمامة والولاية الإلهية ، بل لغرض الدنيا وإن محص بالبلاء هجر الدين.
بينما الإمام الحق : هو الصابر حتى قال تعالى : جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ، ويكونوا بحق يهدون بأمر الله وأئمة أختارهم الله واصطفاهم وطهرهم وليس كمثل الناس ، بل هم ساسة العباد وأركان البلاد المعتمد عليهم في الدين بحق عند الله ، وبهذا يُعرفهم الله للناس فيمكنهم من علم كل ما يحتاجوه بالإضافة لمعرفة ما يصلح العباد حتى لو أستوجب العلم بالمغيبات وضمائر الناس وحقيقة ما يصلحهم ويجذبهم لمعرفة الإمام عن يقين وإيمان به ، وذلك حتى يأخذوا تعاليم الله منه بكل يقين وهدى واقعي ، فيطبقوا دين إمامهم وهداه بأنه هو بحق هدى الله ويخلصوا له به من كل ضلال للمنحرفين وللمنافقين ، ومن كل رأي وقياس واستحسان لم ينزل الله به سلطان للضالين .
ويا أخي : إن البحث هذا متعلق بعلم الإمام وبالخصوص ما يتعلق بالمغيبات والعلم بالنيات والضمائر والأعمال الخارقة للعادة ، وهو من الأمور المتعلقة ببحث الإمامة العامة في مواضيع علم الإمام وقدرته ومكانته عند الله تعالى ، فمن أراد الوقوف على مدى تحقق هذه المعجزات للإمام الرضا عليه السلام أو لغيره من الأئمة ، وعن المعرفة الحقيقة وليصل للتصديق التام بما مذكور هنا ، فعليه مراجعة البحث هناك في علم الإمام وقدرته في بحث الإمامة العامة ليطمئن قلبه بما مذكور هنا ، ويسلم بأن لكلها إمكان التحقق موجود أو أن وقوعها كان حتمي للإيمان التام بعلم الإمام وقدرته ، وذلك لما يعرف من البراهين والأدلة المذكورة هناك .
وأن ما مذكور هنا يكون مصداق من مصاديق البحث الكلي هناك ، وإن كان ما ذكرنا من المعرفة في الأبواب السابقة وهنا ، فيه الكفاية لكل منصف ذو بصيرة بحقائق دينه وما يجب أن يكون عليه من الشأن إمامه وولي هداه ، وإنه يعطينا برهان واقعي يقطعنا عن العناد لأئمة الحق ، بل الأيمان الراسخ بأن الإمام له علم الغيب بإذن الله لأنه هو الذي ارتضاه لهداية البشر ، وإن أئمة المسلمين من آل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، هم الذين لهم هذه المرتبة وبأفضل من هداة جميع الأديان السابقة ، وذلك لأن الإسلام أفضل الأديان ، فهداته كلاً حسب زمانه له من الله علم وقدرة ومعجزات حسب حاجته لما يثبت به إمامته ويظهر فضله وقدره وعناية الله به كما كان للهداة السابقين ، و لتكون حجة الله بالغة ويظهر الله عنايته بدينه في تمكين أولياء الناس وهداتهم بكل ما يحتاجوه من العلم والقدرة لإيصال هداه لهم وبكل ما يصلحهم .
 ويا أخي : سوف نتوسع ببحث كليات هذا الموضوع وشواهد أدليته في الإمامة العامة إن شاء الله ، لأنه يشمل جميع الأئمة من آل النبي محمد صلى الله عليه وآله ، ولا يختص بإمام معين دون إمام ، ولكن هنا قد تُذكر عن إمام حوادث وأخبار معجزة كثيرة ولإمام آخر أقل ، وذلك إما لطول زمان إمامته ، أو لانفتاح أصحابه عليه ومخالطتهم له ، أو لوجود ضرورات زمانية تدعوا لإظهار الإمام أكبر عدد ممكن من المعجزات والأمور الغيبية والإخبار عنها .
وأن في زمان الإمام الرضا عليه السلام : توفرت أغلب الأسباب من طول العمر ، ومدة الإمامة ، ومخالطت الناس له ، وضرورة إثبات إمامته أمام الواقفية وغيرهم ، ولم يتوفر منها في زمان إمام آخر من آله فقد يقل النقل عنهم أو يختلف حسب حال زمانهم ، كما نعرف هذا جلي في قصص الأنبياء وأحوالهم في زمن الأمم السابقة على الإسلام وطول عمرهم أو قصص تحكي عن حالهم مع أممهم وخصوصيات ظروفهم .
وهذه يا طيب : بعض معجزات الإمام الرضا عليه السلام : والتي هي في الغالب متعلقة بعلمه بالغيب عليه السلام وبالحوادث الآتية في مستقبل الزمان ، أو بعمل ونية أصحابه وأهل زمانه ، وبعضها متعلقة بأعمال أخرى خارقة للعادة ، وكلها ترجع لعلمه بالغيب وشهادته بإذن الله وما تفضل عليه الله من إظهار المعجزات والأعمال الخارقة للعادة ، وقد جمعنا منها هنا سبعون فتدل على الكثرة ، وسوف نذكر قسم آخر منها في الأبواب الآتية كباب عبادته ودعاءه وباب حاله مع هارون وأولاده وعدم قدرتهم عليه قبل الإذن من الله وغيرها ، فإذا أردت المزيد راجع الأبواب المذكورة بل الصحيفة كلها .
ثم يا أخي : إلى الآن تنقل كثير من الكرامات عن الإمام الرضا عليه السلام يهبها لأوليائه وزوار مرقده بفضل الله على زائريه وسيأتي في الجزء الثاني باب تام فيها ، وهي كلها لتعريف ولايته وإمامته حتى نعبد الله تعالى بدينه الذي خص به نبينا وآله الكرام ، وهم الإمام الرضا وآباءه وأبناءه المعصومين ، وبهم نسلك صراط الله لكل عبودية له ونعيم حق يتبعها ، وقد جمعت بعض مكرمات الإمام المؤسسة التابعة لإدارة شؤون مرقده المقدس والمسماة بزوهش أستان قدس رضوي ، وبعد التحقق من وقوعها بالبرهان وجمع المعلومات عن صاحب الكرامة وصدقه وحالت مرضه أو مشكلته وغيرها من الأمور التي تثبت حقيقة وصدق وقوعها من غير أدعاء .
هذا ونسأل الله أن يجعلنا من الزائرين والموالين لأوليائه نبينا محمد وآله الطاهرين ، الإمام الرضا وآباءه وأبناءه المعصومين ، ومتعبدين لله بدينهم ويهبنا التسليم لهم حتى نكون مخلصين له الدين ، إنه أرحم الراحمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
 
 
 
 
 
 

أحاديث مكرمات الإمام الرضا عليه السلام وقصصه الحسنة

 
يا طيب : بعد بعض المعرفة العامة لعلوا مقام أئمتنا عند الله وأهمية وجودهم حتى كانوا بفضله شهداء هدانا وتطبيقه ، بين يديك أحاديث شريفة وقصص حسنة :
 تواتر ذكرها من كثير من الأصحاب والموالين له تعطينا بجمعها اليقين بشأنهم العظيم عند الله ، وتعرفنا كرامات أظهرها الإمام الرضا عليه السلام مع معاصرين له ، تعرفنا سعة علمه وفضله وكرامته على الله نتدبرها معا ، وسيأتي باب آخر في الجزء الثاني تعرفنا كرامات وفضائل يظهرها الإمام الرضا عليه السلام لمواليه من زوار مرقده المقدس ، فيرفع مشاكلهم ويهبهم الاطمئنان بولايته وإمامة آله الطيبين الطاهرين وولايتهم كلهم صلى الله عليهم وسلم .
ونسأل الله : أن تهبنا هذه المعارف في الباب فضلاً عن الصحيفة كلها ، التسليم المطلق لنبينا وآله الكرام ، فنطبق هداهم عن علم واقعي ، حتى ننال رضاهم وشفاعتهم عند الله ، فيرضى عنا ويجعلنا معهم في كل نعيم مقيم ، إنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين :
 
المكرمة الأولى : الإمام يكرم الريان بن الصلت وفق نيته :
عن معمر بن خلاد قال : قال لي الريان بن الصلت بمرو ، وقد كان الفضل بن سهل بعثه إلى بعض كور خراسان، فقال لي : أحب أن تستأذن لي على أبي الحسن عليه السلام فاسلم عليه ، وأحب أن يكسوني من ثيابه ، وأن يهب لي من الدراهم التي ضربت باسمه .
فدخلت على الرضا عليه السلام فقال لي مبتدئا : إن الريان بن الصلت يريد الدخول علينا والكسوة من ثيابنا ، والعطية من دراهمنا ، فأذنت له ، فدخل وسلم ، فأعطاه ثوبين وثلاثين درهما من الدراهم المضروبة باسمه[1] .
قال الريان بن الصلت : كنت بباب الرضا عليه السلام بخراسان فقلت لمعمر : إن رأيت أن تسأل سيدي أن يكسوني ثوبا من ثيابه ، ويهب لي من الدراهم التي ضربت باسمه ، فأخبرني معمر أنه دخل على أبي الحسن الرضا عليه السلام من  فوره ذلك .
 قال : فابتدأني أبو الحسن فقال : يا معمر لا يريد الريان أن نكسوه من ثيابنا أو نهب له من دراهمنا ؟
قال : فقلت له : سبحان الله هذا كان قوله لي الساعة بالباب .
 قال : فضحك عليه السلام ، ثم قال : إن المؤمن موفق ، قل له فليجئني .
 فأدخلني عليه ، فسلمت ، فرد علي السلام ، ودعا لي بثوبين من ثيابه فدفعهما إلي ، فلما قمت ، وضع في  يدي ثلاثين درهما[2].
عن الريان بن الصلت قاللما أردت الخروج إلى العراق عزمت على توديع الرضا عليه السلام فقلت في نفسي :  إذا ودعته سألته قميصا من ثياب جسده لا كفن به ، ودراهم من ماله أصوغ بها لبناتي خواتيم ، فلما ودعته شغلني البكاء والأسى على فراقه عن مسألته ذلك .
 فلما خرجت من بين يديه صاح بي يا ريان ارجع ، فرجعت فقال لي : أما تحب أن أدفع إليك قميصا  من ثياب جسدي تكفن فيه إذا فني أجلك ؟ أو ما تحب أن أدفع إليك دراهم تصوغ بها لبناتك خواتيم ؟
 فقلت : يا سيدي قد كان في نفسي أن أسألك ذلك ، فمنعني الغم بفراقك ، فرفع عليه السلام الوسادة وأخرج قميصا فدفعه إلي ، ورفع جانب المصلى فأخرج دراهم فدفعها إلي ، فعددتها فكانت ثلاثين درهما [3].
وعن ريان بن الصلت قال : دخلت على الرضا عليه السلام بخراسان وقلت في نفسي : أسأله عن هذه الدنانير المضروبة باسمه .
 فلما دخلت عليه قال : لغلامه : إن أبا محمد يشتهي من هذه الدنانير التي عليها اسمي فهلم بثلاثين منها ، فجاء بها الغلام فأخذتها .
 ثم قلت في نفسي : ليته كساني من بعض ما عليه ، فالتفت إلى غلامه وقال : قل لهم لا تغسلوا ثيابي وتأتوني بها كما هي ، فأتوا بقميص وسروال ونعل فدفعوها إلي [4].
أقول : هذه عبارات مختلفة تحقق معنى وقوع الرواية ، وأنهم معمر أو الريان كانوا ينقلوها ككرامة حصلت لهم مع الإمام ، ويفتخرون بذكرها ونشر هذه الفضيلة لهم مع الإمام ، ولذا تعددت عباراتها حسب نقل الرواة ، ثم قد يكون موقفان للريان ، وبالخصوص الحديث الأخير يصرح إن سفر الريان كان للعراق لأهله وفي آخر عمره إذ يتوقع المنية ، والأولى كان يريد الخروج لأحدى كور خراسان ، وكل وحده منها نقلت بعبارتين ونقلتهما للتبرك بهما مثلهم .
 ثم الظاهر إن الريان كان يأخذ من لباس الإمام وثيابه للتبرك والحفظ ، وبهذا تطمئن نفسه بالموالاة ورعاية الإمام له وتشديد الأواصر والعلاقة معه ، وهذا في هذا الباب روايات كثيرة تعطي معاني مشابه بكونها كرامات حصلت لموالين مع الإمام الرضا عليه السلام ، ولي دينهم وإمامهم .
وإن هذه العلاقة للموالين : لأهل البيت عليهم السلام مستمرة ، فكثير منهم إن لم قل أغلبهم أو كلهم ، يرتجون في زياراتهم للإمام الرضا عليه السلام أو غيره من الأئمة نوع من الكرامة والأمر المعجز ، ويحصل هذا لقسم منهم ، أو أكثرهم بالخصوص الاطمئنان بمعرفة الحق والطاعة لله بدين ولي الدين الصادق المصدق .
ولذا ترى من المولين الذين يزورون أئمة الحق لهم تسليم مطلق كالريان ، بحيث يضعون شيئا من القماش والخام يأخذوه للضريح وللمرقد الطاهر ويباركوه هناك ، ويعتزون بهذا اللباس بأنه مبارك بمرقد الإمام ، وقسم يفتخر بهدية هذا القماش أو ما يسمى الصوغة من أي شيء آخر قد باركه بمسحه على مرقد الإمام لأعزائهم عند رجوعهم من زيارة الإمام ، ولكن الريان كان يأخذ نفس لباس الإمام يتبرك به فهنيئا له ، وجعلنا مثله من المسلمين للإمام والمباركين بمعرفتنا هداه وحقه في إمامته وولايته فنطيع الله بهداه مخلصين له الدين .
 
 
الثانية : الإمام يخبر الطاهري بزوال ما يهمه :
عن اليقطيني قال : إن محمد بن عبد الله الطاهري كتب إلى الرضا عليه السلام يشكو عمه بعمل السلطان ، والتلبس به ، وأمر وصيته في يديه .
 فكتب عليه السلام : أما الوصية فقد كفيت أمرها.
 فاغتم الرجل فظن أنها تؤخذ منه ، فمات بعد ذلك بعشرين يوماً [5].
 
 
 
الثالثة : الإمام يعطي الماء لعبد الله القمي قبل طلبه :
عن محمد بن عبيد الله القمي قال : كنت عند الرضا عليه السلام وفي عطش شديد ، فكرهت أن أستسقي ، فدعا بماء وذاقه وناولني ، فقال :
يا محمد اشرب فإنه بارد ، فشربت[6]
 
الرابعة : الإمام يُعلم محمد بن جعفر الولاية لا تتم له :
عن ابن أبي الخطاب ، عن إسحاق بن موسى قال :
لما خرج عمي محمد بن جعفر بمكة ، ودعا إلى نفسه ، ودعي بأمير المؤمنين ، وبويع له بالخلافة ، دخل عليه الرضا عليه السلام وأنا معه .
 فقال له : يا عم لا تكذب أباك ، ولا أخاك ، فان هذا الأمر لا يتم ، ثم خرج وخرجت معه إلى المدينة .
 فلم يلبث إلا قليلا حتى قدم الجلودي فلقيه فهزمه ، ثم استأمن إليه فلبس السواد وصعد المنبر فخلع نفسه .
وقال : إن هذا الأمر للمأمون ، وليس لي فيه حق ، ثم اخرج إلى خراسان فمات بجرجان [7].
 
الخامسة : الإمام يخبر بقتل المأمون للأمين :
عن الحسين بن بشار قال : قال الرضا عليه السلام :
إن عبد الله ، يقتل محمدا .
 فقلت له : وعبد الله بن هارون يقتل محمد بن  هارون ؟ !
 فقال لي : نعم عبد الله الذي بخراسان ، يقتل محمد بن زبيدة الذي هو ببغداد ، فقتله[8] .
وفي المناقب عن الحسين مثله وذكر بعده وكان عليه السلام يتمثل : 
وإن الضغن بعد الضغن يغشو        عليك ويخرج الداء الدفينا[9]
 
السادسة : الإمام يخبر عن زمان قتل الأمين :
عن ابن الجهم قال : كتب الرضا عليه السلام إلي بعد ما انصرفت من مكة في صفر : يحدث إلى أربعة أشهر قبلكم حدث ,  فكان من أمر محمد بن إبراهيم وأمر أهل بغداد ، وقتل أصحاب زهير وهزيمتهم [10].
 
السابعة : الإمام يخبر البيزنطي بتفسير الآيات :
عن البزنطي قال : كنت شاكا في أبي الحسن الرضا صلوات الله وسلامه عليه ، فكتبت إليه كتابا أسأله فيه الإذن  عليه ، وقد أضمرت في نفسي أن أسأله إذا دخلت عليه عن ثلاث آيات قد عقدت قلبي عليها.
قال : فأتاني جواب ما كتبت به إليه " عافانا الله وإياك أما ما طلبت من الإذن عليَّ ، فإن الدخول علي صعب وهؤلاء قد ضيقوا على ذلك ، فلست تقدر عليه الآن ، سيكون إن شاء الله " .
وكتب عليه السلام بجواب ما أردت أن أسأله عن الآيات الثلاث في الكتاب ، ولا والله ما ذكرت له منهن شيئاً ، ولقد بقيت متعجبا لما ذكر ما في الكتاب ، ولم أدر أنه جوابي إلا بعد ذلك ، فوقفت على معنى ما كتب به عليه السلام [11].
عن ابن أبي عمير عن أحمد بن محمد بن أبي نصر وهو من آل مهران ، وكانوا يقولون بالوقف ، وكان على رأيهم ، فكاتب أبا الحسن الرضا عليه السلام وتعنت في المسائل فقال :
 كتبت إليه كتابا وأضمرت في نفسي أني متى دخلت عليه أسأله عن ثلاث مسائل من القرآن وهي قوله : ( أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ) الزخرف : 40 ، وقوله : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) الأنعام : 125 ، وقوله : ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) القصص : 56 .
قال أحمد : فأجابني عن كتابي ، وكتب في آخره الآيات التي أضمرتها في نفسي أن أسأله عنها ولم أذكرها في كتابي إليه ، فلما وصل الجواب نسيت ما كنت أضمرته ، فقلت : أي شيء هذا من جوابي ؟ ثم ذكرت أنه ما أضمرته [12].
 أقول : مر في باب الوقف الثالث تحت عنوان : الثانية : ثبات البيزنطي بفضل الإمام الرضا ، في صفحة 102 وفيه موضوع رسالة الإمام له وذكر الآيات فيها وما ذكر قبلها وبعدها من معناها ، و أنظر باب 12 أصحاب الإمام البزنطي .
 
الثامنة : الإمام يخرج الماء لأصحابه :
عن محمد بن حفص قال : حدثني مولى العبد الصالح أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال : كنت وجماعة مع الرضا عليه السلام في مفازة فأصابنا عطش شديد ودوابنا حتى خفنا على أنفسنا .
فقال لنا الرضا عليه السلام : ائتوا موضعا وصفه لنا ، فإنكم تصيبون الماء فيه .
قال : فأتينا الموضع فأصبنا الماء وسقينا دوابنا حتى رويت وروينا ومن معنا من القافلة ، ثم رحلنا ، فأمرنا عليه السلام بطلب العين ، فطلبناها فما أصبنا إلا بعر الإبل ، ولم نجد للعين أثرا .
 فذكرت ذلك لرجل من ولد قنبر كان يزعم أن له مائة وعشرين سنة ،  فأخبرني القنبري بمثل هذا الحديث سواء قال : كنت أنا أيضا معه في خدمته ، وأخبرني  القنبري أنه كان في ذلك مصعدا إلى خراسان [13]
 
التاسعة : الإمام يخبر ابن أبي كثير بإمامته :
عن ابن أبي كثير قال : لما توفي موسى عليه السلام ، وقف الناس في أمره ، فحججت في تلك السنة ، فإذا أنا بالرضا عليه السلام ، فأضمرت في قلبي أمرا فقلت : " أبشرا منا واحدا نتبعه  .. الآية" القمر : 24.
فمر عليه السلام كالبرق الخاطف عليَّ فقال :
 أنا والله البشر الذي يجب عليك أن تتبعني .
 فقلت : معذرة إلى الله وإليك .
فقال : مغفور لك[14] .
 
العاشرة : الإمام يقضي دين الغفاري ويكرمه :
عن الغفاري قال : كان لرجل من آل أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله يقال له فلان ، له عليًّ حق فتقاضاني وألح عليَّ ، فلما رأيت ذلك صليت الصبح في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم توجهت نحو الرضا عليه السلام وهو يومئذ بالعريض .
 فلما قربت من بابه فإذا هو قد طلع على حمار ، وعليه قميص ورداء ، فلما نظرت إليه استحييت منه ، فلما لحقني وقف فنظر إلي ، فسلمت عليه وكان شهر رمضان فقلت له :
 جعلت فداك لمولاك فلان عليَّ حق وقد والله شهرني ، وأنا أظن  في نفسي أنه يأمره بالكف عني .
 والله ما قلت له : كم له عليَّ ، ولا سميت له شيئاً ، فأمرني بالجلوس إلى رجوعه . 
فلم أزل حتى صليت المغرب وأنا صائم ، فضاق صدري وأردت أن أنصرف ، فإذا هو قد طلع عليَّ وحوله الناس ، وقد قعد له السؤال ، وهو يتصدق عليهم فمضى فدخل بيته ثم خرج ، فدعاني فقمت إليه فدخلت معه فجلس وجلست معه ، فجعلت أحدثه عن ابن المسيب وكان أمير المدينة ، وكان كثيرا ما أحدثه عنه ، فلما فرغت قال : ما أظنك أفطرت بعد .
قلت : لا ، فدعا لي بطعام فوضع بين يدي ، وأمر الغلام أن يأكل معي فأصبت والغلام من الطعام . 
فلما فرغنا قال : ارفع الوسادة وخذ ما تحتها فرفعتها فإذا دنانير فأخذتها ووضعتها في كمي ، وأمر أربعة من عبيده أن يكونوا معي حتى يبلغوا بي منزلي .
 فقلت : جعلت فداك إن طائف ابن المسيب يدور ، وأكره أن يلقاني ومعي عبيدك .
 قال : أصبت أصاب الله بك الرشاد ، وأمرهم أن ينصرفوا ، إذا رددتهم . 
فلما دنوت من منزلي وآنست رددتهم وصرت إلى منزلي ، ودعوت السراج  ونظرت إلى الدنانير فإذا هي ثمانية وأربعون دينارا ، وكان حق الرجل علي ثمانية وعشرين دينارا وكان فيها دينار يلوح فأعجبني حسنه فأخذته وقربته من السراج ، فإذا عليه نقش واضح ( حق الرجل عليك ثمانية وعشرين دينارا وما بقي فهو لك ) ولا والله ما كنت عرفت ماله علي على التحديد[15] .
 
وعن أبو محمد الغفاري قال : لزمني دين ثقيل .
 فقلت : ما للقضاء غير سيدي ومولاي أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام ، فلما أصبحت أتيت منزله فاستأذنت فأذن لي .
فلما دخلت قال لي : ابتداء يا أبا محمد ، قد عرفنا حاجتك وعلينا قضاء دينك ، فلما أمسينا أتى بطعام للإفطار فأكلنا .
 فقال : يا أبا محمد تبيت أو تنصرف ؟
فقلت : يا سيدي إن قضيت حاجتي فالانصراف أحب إلي .
قال : فتناول عليه السلام من تحت البساط قبضة فدفعها إلي ، فخرجت فدنوت من السراج ، فإذا هي دنانير حمر وصفر ، فأول دينار وقع بيدي ورأيت نقشه كان عليه " يا أبا محمد الدنانير خمسون : ستة وعشرون منها لقضاء دينك ، وأربعة وعشرون لنفقة عيالك "، فلما أصبحت فتشت الدنانير فلم أجد ذلك الدينار ، وإذا هي لا ينقص شيئاً[16] .
وفي الروضة : قال عبد الله بن إبراهيم الغفاري : في خبر طويل :
أنه ألح علي غريم لي وآذاني فلما مضى عني مررت من وجهي إلى صريا[17] ليكلمه أبو الحسن  عليه السلام في أمري .
فدخلت عليه فإذا المائدة بين يديه ، فقال لي : كل فأكلت ، فلما رفعت المائدة أقبل يحادثني ثم قال : ارفع ما تحت ذاك المصلى ، فإذا هي ثلاثمائة دينار وتزيد ،  فإذا فيها دينار مكتوب عليه ثابت فيه :
لا إله إلا الله محمد ، رسول الله وعلي أهل بيته من جانب ، وفي الجانب الآخر : إنا لم ننسك فخذ هذه الدنانير فاقض بها دينك ، وأنفق ما بقي على عيالك[18] .
وقال الغفاري : كان لرجل من آل أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله  علي حق ، فألح علي فأتيت الرضا عليه السلام وقلت : يا ابن رسول الله إن لمولاك فلان عليَّ حقا وقد شهرني ، فأمرني بالجلوس على الوسادة ، فلما أكلنا وفرغنا قال : ارفع الوسادة وخذ ما تحتها ، فرفعتها فإذا دنانير فأخذتها فلما أتيت المنزل نظرت إلى الدنانير فإذا هي ثمانية وأربعون دينارا ، وفيها دينار يلوح منقوش عليه : حق الرجل عليك ثمانية وعشرون دينارا وما بقي فهو لك ، ولا والله ما كنت عرفت ماله علي على التحديد[19].
 
أقول : الظاهر أن الواقعة واحدة والرواة رووها عن الغفاري كلاً حسب فهمه لها ، أو هو كان يفتخر بذكرها بكل مناسبة وفي عدة محافل بين إخوانه من الشيعة ، وبمقدار الحاجة من استشهاده من هذه الحادثة ، وحسب المناسبة من الموقف ومجال التوسع بذكر الحديث أو اختصاره ، وهي كالمعجزة الأولى عن البيزنطي التي ذكرناها أعلاه نقلناها بعدة عبارات وأختار واحده منها لتنقلها للموالين أو للأنس بتكرار ذكرها في نفسك .
 
الحادية عشر : الإمام يخبر الحسن بن بزيغ بما يولد له :
عن الحسن ابن موسى بن عمر بن بزيع قال : كان عندي جاريتان حاملتان ، فكتبت إلى الرضا عليه السلام اعلمه ذلك ، وأساله أن يدعو الله أن يجعل ما في بطونهما ذكرين ، وأن يهب لي ذلك .
 قال : فوقع عليه السلام : أفعل إن شاء الله ، ثم ابتدأني عليه السلام بكتاب مفرد  نسخته :
 بسم الله الرحمن الرحيم :
عافانا الله وإياك بأحسن عافية في الدنيا والآخرة برحمته ، الأمور بيد الله عز وجل يمضي فيها مقاديره على ما يحب ، يولد لك غلام وجارية إن شاء الله ، فسم الغلام محمدا والجارية فاطمة على بركة الله عز وجل  .
قال : فولد لي غلام وجارية على ما قال عليه السلام[20]  . 
 
الثانية عشر : الإمام يخبر أبن المغيرة بالهداية لدين الله :
عن الحسن بن علي بن فضال ، قال : قال لنا عبد الله بن المغيرة :
 كنت واقفيا وحججت على ذلك ، فلما صرت بمكة اختلج في صدري شيء فتعلقت بالملتزم ثم قلت : اللهم قد علمت طلبتي وإرادتي فأرشدني إلى خير الأديان ، فوقع  في نفس أن آتي الرضا عليه السلام فأتيت المدينة .
فوقفت ببابه فقلت للغلام : قل لمولاك رجل من أهل العراق بالباب ، فسمعت نداءه عليه السلام وهو يقول : ادخل يا عبد الله بن المغيرة ، فدخلت فلما نظر إلى قال : قد أجاب الله دعوتك وهداك لدينه .
فقلت : أشهد أنك حجة الله وأمين الله على خلقه [21]
 
الثالثة عشر : الإمام يخبر بقراءة الكتاب كما يريد صاحبه :
عن الوشاء قال :  سألني العباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث : أن أسأل الرضا عليه السلام أن يخرق كتبه إذا قرأها مخافة أن يقع في يد غيره .
 قال الوشاء : فابتدأني عليه السلام ـ بكتاب قبل أن  أسأله أن يخرق كتبه فيه ـ : ( أعلم صاحبك أني إذا قرأت كتبه إلي خرّقتها ) [22]
 
الرابعة عشر : الإمام الرضا عليه السلام يخبر عن عمره :
عن البزنطي قال : هويت في نفسي إذا دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام أن أسأله كم أتى عليك من السن ، فلما دخلت عليه وجلست بين يديه ، جعل ينظر إلي ويتفرس في وجهي ، ثم قال : كم أتى لك ؟
 فقلت : جعلت فداك كذا وكذا .
قال : فأنا أكبر منك قد أتى علي اثنان وأربعون سنة .
 فقلت : جعلت فداك ، قد والله أردت أن أسألك عن هذا .
فقال : قد أخبرتك[23] .
 
وروى إسماعيل بن مهران قال :أتيت الرضا عليه السلام يوما أنا وأحمد البزنطي بالصرياء وكنا تشاجرنا في سنه .
فقال أحمد : إذا دخلنا عليه فاذكرني حتى أسأله عن سنه فإني قد أردت ذلك غير مرة فأنسى ، فلما دخلنا عليه وسلمنا وجلسنا ، أقبل على أحمد فكان أول ما قال : يا أحمد كم أتى عليك من السنين ؟
قال : تسع وثلاثون .
 فقال : ولكن أنا قد أتت علي ثلاث وأربعون سنة [24].
 
الخامسة عشر : الإمام يخبر أن عبد الله ليس بإمام :
عن فيض بن مالك قال : حدثني زروان المدائني بأنه دخل على أبي الحسن الرضا عليه السلام يريد أن يسأله ، عن عبد الله بن جعفر .
قال : فأخذ بيدي فوضعها على صدره ، قبل أن أذكر له شيئا مما أردت ، ثم قال لي : يا محمد بن آدم إن عبد الله لم يكن إماما .
 فأخبرني بما أردت أن أسأله قبل أن أسأله [25].
بيان : عبد الله بن جعفر الصادق ، وهو عم الإمام الرضا عليه السلام .
 
السادسة عشر : الإمام يعطي للعباسي سؤله :
عن اليقطينى قال : سمعت هشام العباسي يقول :
دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام وأنا أريد أن أسأله أن يعوذني لصداع أصابني ، وأن يهب لي ثوبين من ثيابه احرم فيهما ، فلما دخلت سألت عن مسائل فأجابني ، ونسيت حوائجي ، فلما قمت لأخرج وأردت أن أودعه .
 قال لي : اجلس فجلست بين يديه ، فوضع يده على رأسي وعوذني ثم دعا بثوبين من ثيابه فدفعهما إلي وقال لي : أحرم فيهما . 
 
وقال العباسي : وطلبت بمكة ثوبين سعيديين اهديهما لابني ، فلم اصب بمكة فيها شيئاً على ما أردت ، فمررت بالمدينة في منصرفي فدخلت على أبى الحسن الرضا عليه السلام ، فلما ودعته وأردت الخروج دعا بثوبين سعيديين  على عمل الوشي الذي كنت طلبته ، فدفعهما إلي[26] .
 
السابعة عشر : الإمام يخبر عن نزول المطر :
عن الحسين بن موسى قال : خرجنا مع أبي الحسن الرضا عليه السلام إلى بعض أملاكه في يوم لا سحاب فيه .
 فلما برزنا قال : حملتم معكم المماطر ؟
 قلنا : لا وما حاجتنا إلى الممطر ، وليس سحاب ولا نتخوف المطر .
 فقال : لكني حملته وستمطرون .
 قال : فما مضينا إلا يسيرا حتى ارتفعت سحابة ومطرنا حتى أهمتنا أنفسنا منها ، فما بقي منا أحد إلا ابتل [27]
 
الثامنة عشر : الإمام يخبر عن تولد ولد صالح لمهران :
عن موسى بن مهران : أنه  كتب إلى الرضا عليه السلام يسأله أن يدعو الله له فكتب عليه السلام إليه ( وهب الله لك  ذكرا صالحا ) فمات ابنه ذلك وولد له ابن[28] .
 
التاسعة عشر : الإمام يخبر الفضيل بشفائه من بعض مرضه :
عن محمد بن الفضيل قال :  نزلت ببطن مر ، فأصابني العرق المديني في جنبي وفي رجلي ، فدخلت على الرضا عليه السلام بالمدينة .
 فقال : مالي أراك متوجعا ؟
 فقلت : إني الذي في جنبي تحت الإبط ، فتكلم بكلام وتفل عليه ، ثم قال عليه السلام : ليس عليك بأس من هذا .
 ونظر إلى الذي في رجلي ، فقال : قال أبو جعفر عليه السلام : من بلي من شيعتنا ببلاء فصبر كتب الله عز وجل له مثل أجر ألف شهيد .
 فقلت في نفسي : لا أبرء والله من رجلي أبدا .
 قال الهيثم : فما زال يعرج منها حتى مات [29].
 
العشرون : الإمام يخبر عن الدفتر في محمل :
عن أبي الحسن بن راشد قال : قدمت على أحمال فأتاني رسول الرضا عليه السلام قبل أن أنظر في الكتب أو اوجه بها إليه فقال :
 يقول الرضا عليه السلام : سرح إلي بدفتر . ولم يكن لي في منزلي دفتر أصلاً .
قال : فقلت : وأطلب ما لا أعرف بالتصديق له ، فلم أجد شيئاً ولم أقع على شيء ، فلما ولى الرسول ، قلت : مكانك ، فحللت بعض الأحمال فتلقاني دفتر لم أكن علمت به ، إلا أني علمت أنه لم يطلب إلا الحق فوجهت به إليه [30].
 
 
الحادية والعشرون : الإمام يرشد المصري للخير :
عن أبي محمد المصري قال : قدم أبو الحسن الرضا عليه السلام ، فكتبت إليه أسأله الإذن في الخروج إلى مصر أتجر إليها .
 فكتب إلي : أقم ما شاء الله .
 فأقمت سنتين ثم قدمت الثالثة ، فكتبت إليه أستأذنه .
 فكتب إلي : اخرج مباركا لك صنع الله لك فإن الأمر يتغير .
قال : فخرجت فأصبت بها خيرا ، ووقع الهرج ببغداد فسلمت عن تلك الفتنة [31].
 
الثانية والعشرون : الإمام يخبر عن تنعم الكرخي بأولاده :
عن محمد بن إسحاق الكوفي ، عن عمه أحمد بن عبد الله بن حارثة الكرخي قال : كان لا يعيش لي ولد وتوفي لي بضعة عشر من الولد ، فحججت ودخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فخرج إلي وهو متأزر بإزار مورد ، فسلمت عليه وقبلت يده وسألته عن مسائل ، ثم شكوت إليه بعد ذلك ما ألقى من قلت بقاء الولد .
 فأطرق طويلا ودعا ملياً ، ثم قال لي : إني لأرجو أن تنصرف ولك حمل وأن يولد لك ولد بعد ولد ، وتُمتع بهما أيام حياتك فإن الله تعالى  إذا أراد أن يستجيب الدعاء فعل ، وهو على كل شيء قدير . 
قال : فانصرفت من الحج إلى منزلي فأصبت أهلي ابنة خالي حاملا فولدت لي غلاما سميته إبراهيم ، ثم حملت بعد ذلك فولدت غلاما سميته محمدا وكنيته بأبي الحسن ، فعاش إبراهيم نيفا وثلاثين سنة ، وعاش أبو الحسن أربعا وعشرين سنة ، ثم إنهما اعتلا جميعا ، وخرجت حاجا وانصرفت وهما عليلان فمكثا بعد قدومي شهرين ، ثم توفي إبراهيم في أول الشهر وتوفي محمد في آخر الشهر ، ثم مات بعدهما بسنة ونصف ، ولم يكن يعيش له قبل ذلك ولد إلا شهرا [32].
 
الثالثة والعشرون : الإمام يأمر رجل بالوصية :
عن سعد بن سعد  : عن الرضا عليه السلام أنه نظر إلى رجل فقال :
 يا عبد الله أوص بما تريد ، واستعد لما  لابد منه ، فكان ما قد قال ، فمات بعده بثلاثة أيام [33]
ومما روته العامة مما ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ بإسناده عن سعد بن سعد أنه قال : نظر الرضا عليه السلام إلى رجل فقال : يا عبد الله أوص بما تريد ، واستعد لما لابد منه ، فمات الرجل بعد ذلك بثلاثة أيام[34] .
 
الرابعة والعشرون : الإمام يخبر بمسائل ابن الحسين الوشاء :
عن الحسن بن علي الوشاء قال : كنت كتبت معي مسائل كثيرة قبل أن أقطع على أبي الحسن عليه السلام ، وجمعتها في كتاب مما روي عن آبائه عليهم السلام وغير ذلك ، وأحببت أن أتثبت في أمره وأختبره ، فحملت الكتاب في كمي وصرت إلى منزله ، وأردت أن آخذ منه خلوة فأناوله الكتاب ، فجلست ناحية وأنا متفكر في طلب الإذن عليه وبالباب جماعة جلوس يتحدثون .
 فبينا أنا كذلك في الفكرة والاحتيال في الدخول عليه ، إذا أنا بغلام قد خرج من الدار في يده كتاب فنادى : أيكم الحسن بن علي الوشاء ابن ابنة إلياس البغدادي ؟
فقمت إليه ، وقلت : أنا الحسن بن علي الوشاء فما حاجتك ؟
قال : هذا الكتاب أمرت بدفعه إليك فهاك خذه ، فأخذته وتنحيت ناحية فقرأته ، فإذا والله فيه جواب مسألة مسألة ، فعند ذلك قطعت عليه وتركت الوقف[35].
 
وروي عن الحسن بن علي الوشا قال :
شخصت إلى خراسان ومعي حلل وشي للتجارة ، فوردت مدينة مرو ليلا وكنت أقول بالوقف على موسى بن جعفر عليهما السلام ، فوافق موضع نزولي غلام أسود كأنه من أهل المدينة فقال لي : يقول لك سيدي : وجه إلي بالحبرة التي معك لأكفن بها مولى لنا قد توفي .
فقلت له : ومن سيدك ؟ قال : علي بن موسى الرضا عليه السلام .
 فقلت : ما معي حبرة ولا حلة إلا وقد بعتها في الطريق .
 فمضى ثم عاد إلي فقال لي : بلى قد بقيت الحبرة قبلك .
فقلت له : إني ما أعلمها معي ، فمضى .
وعاد الثالثة ، فقال : هي في عرض السفط الفلاني .
فقلت : في نفسي إن صح قوله ، فهي دلالة ، وكانت ابنتي قد دفعت إلي حبرة ، وقال : ابتع لي بثمنها شيئا من الفيروزج والسبج من خراسان ونسيتها .
فقلت : لغلامي هات هذا السفط الذي ذكره ، فأخرجه إلي وفتحه ، فوجدت الحبرة في عرض ثياب فيه ، فدفعتها إليه ، وقلت : لا آخذ لها ثمنا .
فعاد إلي وقال : تهدي ما ليس لك ؟ دفعتها إليها ابنتك فلانة ، وسألتك بيعها ، وأن تبتاع لها بثمنها فيروزجا وسبجا ، فابتع لها بهذا ما سألت ، ووجه مع الغلام الثمن الذي يساوي الحبرة بخراسان .
فعجبت مما ورد علي وقلت : والله لأكتبن له مسائل أنا شاك فيها ولأمتحننه بمسائل سئل أبوه عليه السلام عنها ، فأثبت تلك المسائل في درج وعدت إلى بابه والمسائل في كمي ومعي صديق لي مخالف ، لا يعلم شرح هذا الأمر .
فلما وافيت بابه ، رأيت العرب والقواد والجند يدخلون إليه ، فجلست ناحية داره وقلت في نفسي : متى أنا أصل إلى هذا وأنا متفكر ، وقد طال قعودي وهممت بالانصراف إذ خرج خادم يتصفح الوجوه ، ويقول أين ابن ابنة إلياس ؟
فقلت : ها أنا ذا ، فأخرج من كمه درجا وقال : هذا جواب مسائلك وتفسيرها ، ففتحته وإذا فيه المسائل التي في كمي وجوابها وتفسيرها .
 فقلت : اشهد الله ورسوله على نفسي أنك حجة الله ، وأستغفر الله وأتوب إليه ، وقمت ، فقال لي رفيقي : إلى أين تسرع ؟
فقلت قد قضيت حاجتي في هذا الوقت ، وأنا أعود للقائه بعد هذا [36].
وعن الوشاء قال : بعث إلي أبو الحسن الرضا عليه السلام غلامه ومعه رقعة فيها : ابعث إلي بثوب من ثياب موضع كذا وكذا ، من ضرب كذا .
فكتبت إليه وقلت للرسول : ليس عندي ثوب بهذه الصفة ، وما أعرف هذا الضرب من الثياب ، فأعاد الرسول إلي بل فاطلبه ، فأعدت إليه الرسول ، وقلت : ليس عندي من هذا الضرب شيء ن فأعاد إلي الرسول اطلب فإن عندك منه .
 قال الحسن بن علي الوشاء : وقد كان أبضع معي رجل ثوبا منها وأمرني ببيعه ، وكنت قد نسيته فطلبت كل شيء كان معي فوجدته في سفط تحت الثياب كله فحملته إليه [37].
عن معلى بن محمد ، عن الوشاء قال : أتيت خراسان وأنا واقف ، فحملت معي متاعا ، وكان معي ثوب وشي في بعض الرزم ولم أشعر به ولم أعرف مكانه ، فلما قدمت مرو ونزلت في بعض منازلها لم أشعر إلا ورجل مدني من بعض مولديها فقال لي : إن أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول لك : ابعث إلي الثوب الوشي الذي عندك .
قال : فقلت : ومن أخبر أبا الحسن بقدومي وأنا قدمت آنفا وما عندي ثوب وشي ، فرجع إليه وعاد إلي فقال : يقول لك : بلى هو في موضع كذا وكذا ورزمة كذا وكذا ، فطلبته حيث قال : فوجدته في أسفل الرزمة فبعثت به إليه [38].
أقول : كرر نقل الرواية والمكرمة لأن يفتخر بلطف الإمام معه ، وحسب حال السامعين من الطول والاختصار أو الكناية والإشارة لمن بعث البرد معه .
 
الخامسة والعشرون : الإمام يناجي الزهرائي :
عن  محمد بن جحرش قال : حدثتني حكيمة بنت موسى قالت :
رأيت الرضا عليه السلام واقفا على باب بيت الحطب ، وهو يناجي ولست أرى أحدا ، فقلت : يا سيدي لمن تناجي ؟ 
فقال : هذا عامر الزاهرائي أتاني يسألني ويشكو إلي .
فقلت : يا سيدي احب أن أسمع كلامه .
فقال لي : إنك إن سمعت به حممت سنة .فقلت : يا سيدي احب أن أسمعه .
 فقال لي : اسمعي ، فاستمعت فسمعت شبه الصفير ، وركبتني الحمى فحممت سنة[39] .
 
السادسة والعشرون : الإمام يعلم الصيرفي السلامة :
عن صفوان بن يحيى قال : كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فدخل عليه الحسين بن خالد الصيرفي فقال له : جعلت  فداك إني أريد الخروج إلى الأعوض .   فقال : حيثما ظفرت بالعافية فالزمه .
 فلم يقنعه ذلك فخرج يريد الأعوض ، فقطع عليه الطريق واخذ كل شيء كان معه من المال[40] .
 
السابعة والعشرون : الإمام يخبر بقتل هرثمة :
عن موسى ابن هارون قال : رأيت الرضا عليه السلام وقد نظر إلى هرثمة بالمدينة فقال : كأني به وقد حمل إلى هارون فضربت عنقه .
 فكان كما قال [41].
 
الثامنة والعشرون : الإمام يأخذ مصحفه المشروح الخاص :
عن ابن أبي نصر قال : استقبلت الرضا عليه السلام إلى القادسية فسلمت عليه ، فقال لي : اكتر لي حجرة لها بابان : باب إلى خان وباب إلى خارج ، فإنه أستر عليك .
 قال : وبعث إلي بزنفيلجة فيها دنانير صالحة ، ومصحف ، وكان يأتيني رسوله في حوائجه فأشتري له ، وكنت يوماً وحدي ففتحت المصحف لأقرأ فيه ، فلما نشرته نظرت في لم يكن ، فإذا فيها أكثر مما في أيدينا أضعافه . 
فقدمت على قراءتها فلم أعرف شيئا ، فأخذت الدواة والقرطاس فأردت أن أكتبها لكي أسأل عنها ، فأتاني مسافر قبل أن أكتب منها شيئا معه منديل وخيط وخاتمه .
فقال : مولاي يأمرك أن تضع المصحف في منديل وتختمه وتبعث إليه بالخاتم . قال : ففعلت[42] .
 
التاسعة والعشرون : الإمام يخبر عن سبب موت الزبيري :
عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : كنت عند أبي الحسن بالحمراء في مشربة مشرفة على البر ، والمائدة بين أيدينا إذ رفع رأسه فرأى رجلا مسرعا فرفع يده من الطعام ، فما لبث أن جاء فصعد إليه .
 فقال : البشرى جعلت فداك ، مات الزبيري فأطرق إلى الأرض وتغير لونه واصفر وجهه  ثم رفع رأسه فقال :
 إني أصبته قد ارتكب في ليلته هذه ذنبا ليس بأكبر ذنوبه .
قال : والله ( مما خطيئاتهم اغرقوا فادخلوا نارا ) ثم مد يده فأكل ، فلم يلبث أن جاء رجل مولى له فقال له : جعلت فداك مات الزبيري .
فقال : وما كان سبب موته ؟ 
فقال : شرب الخمر البارحة فغرق فيه فمات[43] .
الثلاثون : الإمام يخبر إن السلاح عنده :
عن محمد بن الفضيل الصيرفي قال : دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام فسألته عن أشياء ، وأردت أن أسأله عن السلاح فأغفلته ، فخرجت ودخلت على أبي الحسين بن بشير ، فإذا غلامه ومعه رقعته ، وفيها :
بسم الله الرحمن الرحيم :أنا بمنزلة أبي ووارثه ، وعندي ما كان عنده[44] .
 
الحادية والثلاثون : الإمام يكرم بعض أصحابه بسبيكة :
عن إبراهيم بن موسى قال : ألححت على أبي الحسن الرضا عليه السلام في شيء أطلبه منه ، وكان يعدني ، فخرج ذات يوم يستقبل والي المدينة ، وكنت معه فجاء إلى قرب قصر فلان ، فنزل في موضع تحت شجرات ، ونزلت معه أنا وليس معنا ثالث ، فقلت : جعلت فداك هذا العيد قد أظلنا ولا والله ما أملك درهما فما سواه .
 فحك بسوطه الأرض حكا شديدا ، ثم ضرب بيده فتناول بيده سبيكة ذهب ، فقال : انتفع بها واكتم ما رأيت [45].
ورواه الراوندي في الخرائج والجرائح[46] ، وزاد بعده :
قال : فبورك فيها حتى اشتريت بخراسان ما كانت قيمته سبعين ألف دينار ، فصرت أغنى الناس من أمثالي هناك كما سيجيء[47]
    عن إبراهيم بن موسى القزاز وكان يؤم في مسجد الرضا  بخراسان قال :
ألححت على الرضا عليه السلام في شيء طلبته منه فخرج يستقبل  بعض الطالبيين ، وجاء وقت الصلاة فمال إلى قصر هناك ، فنزل تحت صخرة بقرب القصر وأنا معه وليس معنا ثالث .
 فقال : أذن . فقلت : تنتظر يلحق بنا أصحابنا .
فقال : غفر الله لك لا تؤخرن صلاة عن أول وقتها إلى آخر وقتها من غير علة عليك ، ابدأ بأول الوقت ، فأذنت وصلينا . 
فقلت : يا ابن رسول الله قد طالت المدة في العدة التي وعدتنيها ، وأنا  محتاج وأنت كثير الشغل ولا أظفر بمسألتك كل وقت .
 قال : فحك بسوطه الأرض حكا شديدا ، ثم ضرب بيده إلى موضع الحك ، فأخرج سبيكة ذهب .
 فقال : خذها بارك الله لك فيها ، وانتفع بها واكتم ما رأيت .
 قال : فبورك لي فيها حتى اشتريت بخراسان ما كانت قيمته سبعين ألف دينارا فصرت أغنى الناس من أمثالي هناك [48].
 
 الثانية والثلاثون : الإمام يكشف عن ذهب :
إسماعيل بن أبي الحسن قال : كنت مع الرضا عليه السلام ، وقد مال بيده إلى الأرض كأنه يكشف شيئاً ، فظهرت سبائك ذهب ، ثم مسح بيده على الأرض فغابت .
 فقلت في نفسي : لو أعطاني واحدة منها .
قال : لا ، إن هذا الأمر لم يأت وقته[49] .
 
الثالثة والثلاثون : الإمام يسيل الذهب من بين يديه :
وعن علي بن محمد القاشاني قال : أخبرني بعض أصحابنا : أنه حمل إلى الرضا عليه السلام مالاً له خطر ، فلم أره سر به ، فاغتممت لذلك وقلت في نفسي : قد حملت مثل هذا المال ، وما سر به .
 فقال : يا غلام الطست والماء ، وقعد على كرسي ، وقال للغلام : صب علي الماء ، فجعل يسيل من بين أصابعه في الطست ذهب .
 ثم التفت إلي وقال : من كان هكذا لا يبالي بالذي حمل إليه [50].
 
الرابعة والثلاثون : الإمام يخبر عن حسن عاقبة عبد الله :
قال علي بن الحسين بن يحيى : كان لنا أخ يرى رأي الأرجاء يقال له : عبد الله ، وكان يطعن علينا ، فكتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أشكوه إليه وأسأله الدعاء ، فكتب إلي سيرجع حاله إلى ما تحب ، وأنه لن يموت إلا على دين الله ، وسيولد من أم ولد له غلام . 
قال علي بن الحسين بن يحيى : فما مكثنا إلا أقل من سنة حتى رجع إلى الحق ، فهو اليوم خير أهل بيتي ، وولد له بعد أبي الحسن من أم ولد تلك غلام[51].
 
الخامسة والثلاثون : الإمام يخبر عن ثواب المرض :
روي عن أبي محمد المصري ، عن أبي محمد الرقي قال : دخلت على الرضا عليه السلام فسلمت عليه ، فأقبل يحدثني ويسألني إذ قال لي : يا أبا محمد ما ابتلى الله عبدا مؤمنا ببلية فصبر عليها إلا كان له مثل أجر شهيد .
 قال : ولم يكن قبل ذلك في شيء من ذكر العلل والمرض والوجع ، فأنكرت ذلك من قوله ، وقلت : ما أخجل هذا - فيما بيني وبين نفسي - رجل أنا معه في حديث قد عنيت به إذ حدثني بالوجع  في غير موضعه . 
فودعته وخرجت من عنده ، فلحقت بأصحابي وقد رحلوا ، فاشتكيت رجلي من ليلتي فقلت : هذا مما عبت ، فلما كان من الغد تورمت ثم أصبحت وقد اشتد الورم ، فذكرت قوله عليه السلام .
فلما وصلت إلى المدينة جرى فيها القيح وصار جرحا عظيما لا أنام ولا أنتم ، فعلمت أنه حدث بهذا الحديث لهذا المعنى ، وبقيت بضعة  عشر شهرا صاحب فراش .
قال الراوي : ثم أفاق ، ثم نكس منهما ومات[52]
 
السادسة والثلاثون : يخبر عن مولود وأسمه :
روي عن أحمد بن عمرة قال : خرجت إلى الرضا وامرأتي حبلى ، فقلت له : إني قد خلفت أهلي وهي حامل ، فادع الله أن يجعله ذكرا .
فقال لي : وهو ذكر فسمه عمر .
 فقلت : نويت أن اسميه عليا وأمرت الأهل به .
قال عليه السلام :  سمه عمر .
 فوردت الكوفة وقد ولد ابن لي وسمي عليا ، فسميته عمر .
 فقال لي جيراني : لا نصدق بعدها بشيء مما كان يحكى عنك ، فعلمت أنه كان أنظر إلي من نفسي[53] .
 
السابعة والثلاثون : الإمام يخبر أن الحمل ذكر وأنثا :
روي عن بكر بن صالح قال : أتيت الرضا عليه السلام وقلت : امرأتي أخت محمد بن سنان بها حمل ، فادع الله أن يجعله ذكرا .
قال : هما اثنان .
قلت في نفسي : هما محمد وعلي بعد انصرافي .
فدعاني وقال : سم واحدا عليا والأخرى أم  عمر .
 فقدمت الكوفة وقد ولد لي غلام وجارية في بطن ، فسميت كما أمرني .
فقلت لأمي : ما معني أم عمر فقالت : إن أمي كانت تدعى أم عمر [54].
 
الثامنة والثلاثون : الإمام يخبر عن عدم رجوعه من خراسان :
روي عن الوشاء ، عن الرضا عليه السلام أنه قال بخراسان :
 إني حيث أرادوا بي الخروج جمعت عيالي ، فأمرتهم أن يبكوا علي حتى أسمع ، ثم فرقت فيهم اثني عشر ألف دينار ، ثم قلت :
 أما إني لا أرجع إلى عيالي أبدا[55].
أقول : ستأتي الأخبار في هذا الموضوع مفصلة في فصل أخبار استشهاده عليه السلام فراجع .
 
التاسعة والثلاثون : يخبر أن الوشاء رأى رسول الله في المنام :
 روي عن الوشاء قال : لدغتني عقرب فأقبلت أقول : يا رسول الله .
فأنكر السامع وتعجب من ذلك .
 فقال له الرضا عليه السلام : فو الله لقد رأى رسول الله .
قال : وقد كنت رأيت في النوم رسول الله ، ولا والله ما كنت أخبرت به أحدا[56].
عن الوشاء قال : قال لي الرضا عليه السلام بخراسان : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله هاهنا والتزمته[57].
 
الأربعون : الإمام يبين إمامته بكلامه مع ابن لغزالة :
روي عن عبد الله بن شبرمة قال : مرّ بنا الرضا عليه السلام ، فاختصمنا في إمامته ، فلما خرج خرجت أنا وتميم بن يعقوب السراج من أهل برمة ونحن مخالفون له ، نرى رأي الزيدية ، فلما صرنا في الصحراء وإذا نحن بضياء .
 فأومأ أبو الحسن عليه السلام إلى خشف منها ، فإذا هو قد جاء حتى وقف بين يديه ، فأخذ أبو الحسن  يمسح رأسه ورفعه إلى غلامه ، فجعل الخشف يضطرب لكي يرجع إلى مرعاه ، فكلمه الرضا بكلام لا نفهمه ، فسكن . 
ثم قال : يا عبد الله أو لم تؤمن ؟
قلت : بلى ، يا سيدي أنت حجة الله على  خلقه ، وأنا تائب إلى الله .
 ثم قال للظبي : اذهب ، فجاء الظبي وعيناه تدمعان ، فتمسح بأبي الحسن عليه السلام ورعى .
 فقال أبو الحسن عليه السلام : تدري ما تقول ؟
قلنا : الله ورسوله وابن رسوله أعلم .
 قال : تقول : دعوتني فرجوت أن تأكل من لحمي ، فأجبتك وأحزنتني حين أمرتني بالذهاب [58].
 
الحادية والأربعون : الإمام يدعو رجل لإمامته فيرجع الحق :
روي عن الحسن بن علي الوشا قال : كنا عند رجل بمرو ، وكان معنا رجل واقفي فقلت له : اتق الله قد كنت مثلك ثم نور الله قلبي ، فصم الأربعاء والخميس والجمعة ، واغتسل وصل ركعتين ، وسل الله أن يريك في منامك ما تستدل على هذا الأمر .
 فرجعت إلى البيت وقد سبقني كتاب أبي الحسن يأمرني فيه أن أدعو إلى هذا الأمر ذلك الرجل ، فانطلقت إليه ، وأخبرته وقلت ، احمد الله واستخر مائة مرة ، وقلت له : إني وجدت كتاب أبي الحسن قد سبقني إلى الدار أن أقول لك ما كنا فيه ، وإني لأرجو أن ينور الله قلبك ، فافعل ما قلت لك من الصوم والدعاء .
 فأتاني يوم السبت في السحر فقال لي : أشهد أنه الإمام المفترض الطاعة .  قلت : وكيف ذلك ؟
 قال : أتاني أبو الحسن البارحة في النوم فقال : يا إبراهيم والله لترجعن إلى الحق ، وزعم أنه لم يطلع عليه إلا الله [59].
 
الثانية والأربعون : الإمام يخبر الفضل عن كيفية العمل بالهدية :
عن الفضل بن يونس قال : خرجنا نريد مكة ، فنزلنا المدينة وبها هارون الرشيد يريد الحج ، فأتاني الرضا وعندي قوم من أصحابنا ، وقد حضر الغداء فدخل الغلام ، فقال : بالباب رجل يكنى أبا الحسن يستأذن عليك .
فقلت : إن كان الذي أعرف فأنت حر ، فخرجت ، فإذا أنا بالرضا عليه السلام  ، فقلت : انزل فنزل ودخل .
ثم قال عليه السلام بعد الطعام : يا فضل إن أمير المؤمنين كتب للحسين بن زيد بعشرة آلاف دينار ، وكتب بها إليك ، فادفعها إلى الحسين .
 قال : قلت : الله مالهم عندي قليل ولا كثير ، فإن أخرجتها عندي ذهبت ، فإن كان لك في رأي فعلت .
 فقال: يا فضل ادفعها إليه فانه سيرجع إليك قبل أن تصير إلى منزلك .
 فدفعتها إليه ، قال : فرجعت إلي كما قال[60] .
 
الثالثة والأربعون : الإمام يخبر عن مؤمن وصلاح حاله :
روي عن صفوان بن يحيى قال : كنت مع الرضا عليه السلام بالمدينة ، فمر مع قوم بقاعد ، فقال : هذا إمام الرافضة .
 فقلت له عليه السلام : أما سمعت بما قال هذا القاعد ؟
قال : نعم . إنه مؤمن مستكمل الإيمان .
 فلما كان بالليل دعا عليه فاحترق دكانه ، ونهب السراق ما بقي من متاعه .
 فرأيت من الغد بين يدي أبي الحسن خاضعا مستكينا فأمر له بشيء .
ثم قال : يا صفوان أما إنه مؤمن مستكمل الإيمان ، وما يصلحه  غير ما رأيت[61] .
 
الرابعة والأربعون :الإمام يخبر عن علة قبوله ولاية العهد للمأمون:
روي عن محمد بن زيد الرازي قال : كنت في خدمة الرضا عليه السلام لما جعله المأمون ولي عهده ، فأتاه رجل من الخوارج في كفه مدية مسمومة ، وقد قال لأصحابه : والله لآتين هذا الذي يزعم أنه ابن رسول الله ، وقد دخل لهذا الطاغية فيما دخل ، فأسأله عن حجته ، فان كان له حجة وإلا أرحت الناس منه .
فأتاه واستأذن عليه ، فأذن له ، فقال له أبو الحسن : أجيبك عن مسألتك على شريطة تفي لي بها . فقال : وما هذه الشريطة ؟
قال:إن أجبتك بجواب يقنعك وترضاه ، تكسر الذي في كمك وترمي به.
فبقي الخارجي متحيرا وأخرج المدية وكسرها . 
ثم قال : أخبرني عن دخولك لهذا الطاغية فيما دخلت له ، وهم عندك كفار ؟ وأنت ابن رسول الله ما حملك على هذا ؟
فقال أبو الحسن : أرأيتك هؤلاء أكفر عندك أم عزيز مصر وأهل مملكته ، أليس هؤلاء على حال يزعمون أنهم موحدون وأولئك لم يوحدوا الله ولم يعرفوه؟ يوسف بن يعقوب نبي ابن نبي قال للعزيز وهو كافر :  ( اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ) وكان يجالس الفراعنة ، وأنا رجل من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله ، أجبرني على هذا الأمر وأكرهني عليه ، فما الذي أنكرت ونقمت عليَّ ؟
فقال : لا عتب عليك ، إني اشهد أنك ابن نبي الله وأنك صادق [62].
 
الخامسة والأربعون : الإمام يعطي دعبل الخزاعي ما يحتاجه :
روي أنه أنشد دعبل الخراعي قصيدته ، فبعث إليه بدراهم رضوية فردها.
 فقال : خذها فانك تحتاج إليها . قال : فانصرفت إلى البيت وقد سرق جميع مالي ، فكان الناس يأخذون درهما منها ويعطوني دنانير فغنيت بها [63].
أقول : سيأتي في باب ما مدح به الإمام الرضا عليه السلام ، بعض القصص لدعبل مع لإمام وبعض أحواله في أواخر الأبواب الجزء الثاني .
 
السادسة والأربعون : الإمام ينصح بن المسيب لكي لا  يُقتل :
عن مسافر قال : لما أراد هارون بن المسيب أن يواقع محمد بن جعفر ، قال أبو الحسن الرضا عليه السلام اذهب إليه ، وقل : لا تخرج غدا ، فإنك إن خرجت غدا هزمت وقتل أصحابك ، وإن قال لك من أين علمت هذا ، فقل رأيت في النوم .
 قال : فأتيته فقلت له : جعلت فداك لا تخرج غدا ، فإنك إن خرجت هزمت وقتل أصحابك ، فقال لي : من أين علمت هذا ؟
 قلت : رأيت في النوم ، قال : نام العبد فلم يغسل أسته .
 ثم خرج فانهزم وقتل أصحابه [64].
 
السابعة والأربعون : الإمام من آل محمد أعطي ما أعطي داوود :
هارون بن موسى في خبر قال : كنت مع أبي الحسن عليه السلام في مفازة ، فحمحم فرسه ، فخلى عنه عنانه فمر الفرس يتخطى إلى أن بال وراث ، ورجع ، فنظر إلي أبو الحسن وقال :
 إنه لم يعط داود شيئا إلا وأعطي محمد وآل محمد أكثر منه[65].
الثامنة والأربعون : الإمام يخبر الجعفري بمقام الإمامة :
 سليمان الجعفري قال : كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام والبيت مملوء من الناس يسألونه وهو يجيبهم .
 فقلت في نفسي : ينبغي أن يكونوا أنبياء .
فترك الناس ثم التفت إلي فقال : يا سليمان إن الأئمة حلماء علماء يحسبهم  الجاهل أنبياء وليسوا أنبياء [66].
 
التاسعة والأربعون : الإمام يخبر بموت البطائني وحاله :
الحسن بن على الوشاء قال :
دعاني سيدي الرضا عليه السلام بمرو فقال: يا حسن مات علي بن أبي حمزة البطائني في هذا اليوم وادخل في قبره الساعة ، ودخلا عليه ملكا القبر فساءلاه من ربك ؟ فقال : الله .
 ثم قالا : من نبيك ؟ فقال : محمد .
 فقالا : من وليك ؟ فقال : علي بن أبي طالب ، قالا : ثم من ؟ قال : الحسن ، قالا : ثم من ؟ قال : الحسين ، قالا ثم من ؟ قال : علي بن الحسين ، قالا : ثم من ؟  قال : محمد بن علي ، قالا : ثم من ؟ قال : جعفر بن محمد ، قالا : ثم من ؟ قالموسى بن جعفر .
 قالا : ثم من ؟ فلجلج ، فزجراه ، وقالا : ثم من ؟ فسكت ، فقالا له : أفموسى بن جعفر أمرك بهذا ، ثم ضرباه بمقعمة من نار فألهبا عليه قبره إلى يوم القيامة .
 قال : فخرجت من عند سيدي فأرخت ذلك اليوم ، فما مضت الأيام حتى وردت كتب الكوفيين بموت البطائني في ذلك اليوم ، وأنه ادخل قبره في  تلك الساعة [67].
 
الخمسون : الإمام يستبين شعر النبي من غيره :
أتى رجل من ولد الأنصار بحقة فضة مقفل عليها ، وقال : لم يتحفك أحد بمثلها ، ففتحها وأخرج منها سبع شعرات ، وقال : هذا شعر النبي صلى الله عليه وآله .
فميز الرضا عليه السلام أربع طاقات منها ، وقال : هذا شعره ، فقبل في ظاهره دون باطنه .
 ثم إن الرضا عليه السلام أخرجه من الشبهة ، بأن وضع الثلاثة على النار فاحترقت ، ثم وضع الأربعة فصارت كالذهب [68].
 
الحادية والخمسون : الإمام يبني حوض في نيسابور فيتبرك به:
لما نزل الرضا عليه السلام في نيسابور بمحلة فوزا ، أمر ببناء حمام وحفر قناة ، وصنعة حوض فوقه مصلى ، فاغتسل من الحوض وصلى في المسجد ، فصار ذلك سنّة فيقال : ( كرمابه رضا ) و ( آب رضا ) و ( حوض كاهلان ).
 ومعنى ذلك : كرمابه : حمام . آب : ماء . وأما كاهلان : فقد قيل ، إن رجلا وضع هميانا على طاقه واغتسل منه ، وقصد إلى مكة ناسياً ، فلما انصرف من الحج  أتى الحوض للغسل فرآه مشدودا . 
فسأل الناس عن ذلك ، فقالوا : قد أوى فيه ثعبان ، وقام على طاقه ، ففتحه الرجل ودخل في الحوض وأخرج هميانه ، وهو يقول : هذا من معجز الإمام .
 فنظر بعضهم إلى بعض وقال : أي كاهلان أن لا يأخذوها ، فسمي بذلك حوض كاهلان ، وسمي المحلة فوز ، لأنه فتح أولا ، فصحفوها وقالوا : فوزا [69].
أقول : سيأتي ذكرا آخر لمعجزات الإمام الرضا عليه السلام في سفره من المدينة لينسابور ثم مرو .
 
الثانية والخمسون : الإمام يده تضيء :
عن الحسين بن منصور ، عن أخيه قال : دخلت على الرضا عليه السلام في بيت داخل في جوف بيت ليلاً ،  فرفع يده فكانت كأن في البيت عشرة مصابيح ، فاستأذن عليه رجل ، فخلا يده ثم أذن له[70] .
 
الثالثة والخمسون : لإمام يصحح خواطر البزنطي :
عن البزنطي قال :  بعث الرضا عليه السلام إلي بحمار فركبته وأتيته وأقمت عنده بالليل إلى أن مضى منه ما شاء الله ، فلما أراد أن ينهض قال : لا أراك أن تقدر على الرجوع إلى المدينة . قلت : أجل جعلت فداك .
 قال : فبت عندنا الليلة واغد على بركة الله عز وجل .
قلت : أفعل جعلت فداك . فقال : يا جارية افرشي له فراشي واطرحي عليه ملحفتي التي  أنام فيها ، وضعي تحت رأسه مخادي .
 قال : قلت في نفسي : من أصاب ما أصبت في  ليلتي هذه لقد جعل الله لي من المنزلة عنده وأعطاني من الفخر ما لم يعطه أحدا من أصحابنا : بعث إلى بحماره فركبته ، وفرش لي فراشه وبت في ملحفته ووضعت لي مخاده ما أصاب مثل هذا أحد من أصحابنا .
 قال : وهو قاعد معي وأنا احدث في نفسي.
فقال عليه السلام : يا أحمد إن أمير المؤمنين أتى زيد بن صوحان في مرضه يعوده فافتخر على الناس بذلك ، فلا تذهبن نفسك إلى الفخر ، وتذلل لله عز وجل ، واعتمد على يده فقام عليه السلام [71].
 
الرابعة والخمسون : الإمام يدخل والريح ترفع له الستر :
قال محمد بن طلحة : من مناقبه عليه السلام أنه لما جعل المأمون الرضا عليه السلام ولي عهده ، وأقامه خليفة من بعده كان في حاشية المأمون أناس كرهوا ذلك ، وخافوا خروج الخلافة عن بني العباس وردها إلى بني فاطمة على الجميع السلام ،  فحصل عندهم من الرضا عليه السلام نفور .
 وكان عادة الرضا عليه السلام : إذا جاء إلى دار المأمون ليدخل عليه يبادر من بالدهليز من الحاشية إلى السلام عليه ورفع الستر بين يديه ليدخل ، فلما حصلت لهم النفرة عنه تواصوا فيما بينهم .
 وقالوا : إذا جاء ليدخل على الخليفة أعرضوا عنه ، ولا ترفعوا الستر له ، فاتفقوا على ذلك .  فبينما هم قعود إذ جاء الرضا عليه السلام على عادته ، فلم يملكوا أنفسهم أن سلموا عليه ورفعوا الستر على عادتهم .
 فلما دخل أقبل بعضهم على بعض يتلاومون كونهم ما وقفوا على ما اتفقوا عليه ، وقالوا : النوبة الآتية إذا جاء لا نرفعه له .
فلما كان في ذلك اليوم : جاء فقاموا وسلموا عليه ووقفوا ، ولم يبتدروا إلى رفع الستر ، فأرسل الله ريحا شديدة دخلت في الستر ، فرفعته أكثر مما كانوا يرفعونه ، ثم دخل فسكنت الريح فعاد إلى ما كان ، فلما خرج عادت الريح دخلت في الستر رفعته حتى خرج ، ثم سكنت فعاد الستر . 
فلما ذهب أقبل بعضهم على بعض وقالوا : هل رأيتم ؟ قالوا : نعم .
 فقال بعضهم  لبعض : يا قوم هذا رجل له عند الله منزلة ولله به عناية ، ألم تروا أنكم لما لم ترفعوا له الستر أرسل الله الريح وسخرها له لرفع الستر كما سخرها لسليمان . فارجعوا إلى خدمته فهو خير لكم ، فعادوا إلى ما كانوا عليه وزادت عقيدتهم فيه [72]
 
الخامسة والخمسون : الإمام يخبر عن وفاته :
روي عن الوشاء ، عن مسافر قال : قال لي أبو الحسن عليه السلام يوما قم :  فانظر في تلك العين حيتان ؟ فنظرت فإذا فيها ، قلت : نعم .
 قال : إني رأيت ذلك في النوم ورسول الله يقول لي : يا علي ما عندنا خير لك فقبض بعد أيام [73].
 
السادسة والخمسون : الإمام يكشف زينب الكذابة :
كان بخراسان امرأة تسمى زينب ، فادعت أنها علوية من سلالة فاطمة عليها السلام ، وصارت تصول على أهل خراسان بنسبها ، فسمع بها علي الرضا عليه السلام فلم يعرف نسبها ، فأحضرت إليه فرد نسبها ، وقال : هذه كذابة . فسفهت عليه .
وقالت : كما قدحت في نسبي فأنا أقدح في نسبك . 
فأخذته الغيرة العلوية فقال عليه السلام لسلطان خراسان ، وكان لذلك السلطان بخراسان موضع واسع ، فيه سباع مسلسلة للانتقام من المفسدين يسمى ذلك الموضع  بركة السباع ، فأخذ الرضا عليه السلام بيد تلك المرأة وأحضرها عند ذلك السلطان ، وقال :
 هذه كذابة على علي وفاطمة عليهما السلام ، وليست من نسلهما ، فإن من كان حقا بضعة من علي وفاطمة ، فإن لحمه حرام على السباع فألقوها في بركة السباع ، فإن كانت صادقة فإن السباع لا تقربها ، وإن كانت كاذبة فتفترسها السباع .
فلما سمعت ذلك منه قالت : فانزل أنت إلى السباع فان كنت صادقا فإنها لا تقربك ولا تفترسك ، فلم يكلمها وقام ، فقال له ذلك السلطان : إلى أين ؟
قال عليه السلام : إلى بركة السباع ، والله لأنزلن إليها ، فقام السلطان والناس والحاشية ، وجاءوا وفتحوا باب البركة ، فنزل الرضا عليه السلام والناس ينظرون من أعلى البركة ، فلما حصل بين السباع أقعت جميعها إلى الأرض على أذنابها ، وصار يأتي إلى واحد واحد ، يمسح وجهه ورأسه وظهره ، والسبع يبصبص له هكذا إلى أن أتى على الجميع ثم طلع والناس يبصرونه . 
فقال لذلك السلطان : أنزل هذه الكذابة على علي وفاطمة ليتبين لك ، فامتنعت ، فألزمها ذلك السلطان وأمر أعوانه بإلقائها ، فمذ رآها السباع وثبوا إليها وافترسوها ، فاشتهر اسمها بخراسان بزينب الكذابة ، وحديثها هناك مشهور[74].
 
السابعة والخمسون : الإمام يخبر عن جواز لبس الملحم :
عن الحسن بن علي بن يحيى قال : زودتني جارية لي ثوبين ملحمين وسألتني أن احرم فيهما ، فأمرت الغلام فوضعهما في العيبة ، فلما انتهيت إلى الوقت الذي ينبغي أن احرم فيه دعوت بالثوبين لألبسهما ، ثم اختلج في صدري فقلت : ما أظنه ينبغي لي أن ألبس ملحما وأنا محرم فتركتها ولبست غيرهما .
فلما صرت بمكة كتبت كتابا إلى أبي الحسن ، وبعثت إليه بأشياء كانت عندي ، ونسيت أن أكتب إليه أسأله عن المحرم ، هل يجوز له لبس الملحم ؟
فلم ألبث أن جاء الجواب بكل ما سألته عنه ، وفي أسفل الكتاب : لا بأس بالملحم أن يلبسه المحرم[75] .
 
الثامنة والخمسون : الإمام يرد الجارية :
عن سليمان الجعفري قال : قال لي الرضا عليه السلام : اشتر لي جارية من صفتها كذا وكذا . فأصبت له جارية عند رجل من أهل المدينة كما وصف ، فاشتريتها ودفعت الثمن إلى مولاها وجئت بها إليه فأعجبته ووقعت منه .
 فمكثت أياما ثم لقيني مولاها وهو يبكي ، فقال : الله الله فيَّ ، لست أتهنأ العيش وليس لي قرار ولا نوم ، فكلم أبا الحسن يرد علي الجارية ويأخذ الثمن .
فقلت : أمجنون أنت ؟ أنا أجترئ أن أقول له يردها عليك .
 فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فقال لي : مبتدئا يا سليمان صاحب الجارية يريد أن أردها عليه ؟
 قلت : إي والله قد سألني أن أسألك .
قال : فردها عليه وخذ الثمن ، ففعلت ، ومكثنا أياما ثم لقيني مولاها فقال : جعلت فداك سل أبا الحسن يقبل الجارية ، فإني لا أنتفع بها ولا أقدر أدنو منها ، قلت : لا أقدر أبتدئه بهذا .
 قال : فدخلت على أبي الحسن ، فقال : يا سليمان صاحب الجارية يريد أن أقبضها منه ، وأرد عليه الثمن ؟
 قلت : قد سألني ذلك . قال : فرد علي الجارية وخذ الثمن[76].
 
التاسعة والخمسون : الإمام يخبر عن جماع الصادق بوضوء :
وعن الحسن بن علي الوشاء قال : قال فلان بن محرز :
 بلغنا أن أبا عبد الله عليه السلام كان إذا أراد أن يعاود أهله للجماع توضأ وضوء الصلاة ، فأحب أن تسأل أبا الحسن الثاني عن ذلك .
قال الوشاء : فدخلت عليه فابتدأني من غير أن أسأله . 
فقال : كان أبو عبد الله إذا جامع وأراد أن يعاود توضأ للصلاة ، وإذا أراد أيضا توضأ للصلاة .
فخرجت إلى الرجل فقلت : قد أجابني عن مسألتك من غير أن أسأله[77] .
 
الستون : الإمام الرضا يزوره  الإمام الكاظم  :
وعن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
 قال لي ابتداء : إن أبي كان عندي البارحة .
 قلت : أبوك ؟ قال : أبي . قلت : أبوك ؟
 قال : أبي في المنام ، إن جعفراً كان يجيء إلى أبي ، فيقول : يا بني افعل كذا ، يا بني افعل كذا ، يا بني افعل كذا . قال : فدخلت عليه بعد ذلك .
 فقال : يا حسن إن منامنا ويقظتنا واحد[78].
 
الحادية والستون : الإمام يعطي الماء للجعفري :
عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت في مجلس الرضا عليه السلام ، فعطشت عطشا شديدا وتهيبته أن أستسقي في مجلسه .
 فدعا بماء فشرب منه جرعة ، ثم قال : يا أبا هاشم اشرب فانه برد طيب ، فشربت .
ثم عطشت عطشة أخرى ، فنظر إلى الخادم وقال : شربة من ماء سويق سكر .قال له : بل السويق ، وانثر عليه السكر بعد بله .
 وقال : اشرب يا أبا هاشم فانه يقطع العطش [79].
 
الثانية والستون : الإمام يبين إمامته للواقفية :
عن علي بن خطاب وكان واقفيا قال : كنت في الموقف يوم عرفة فجاء أبو الحسن الرضا عليه السلام ومعه بعض بني عمه ، فوقف أمامي وكنت محموما شديد الحمى ، وقد أصابني عطش شديد .
قال : فقال الرضا عليه السلام لغلام له : شيئا لم أعرفه .
 فنزل الغلام فجاء بماء في مشربة ، فناوله فشرب وصب الفضلة على رأسه من الحر ، ثم قال : أملأ فملأ الشربة . ثم قال : اذهب فاسق ذلك الشيخ .
 قال : فجاءني بالماء ، فقال لي : أنت موعوك ؟ 
قلت : نعم ، قال : اشرب .
 قال : فشربت ، قال : فذهبت والله الحمى .
فقال لي يزيد بن إسحاق : ويحك يا علي فما تريد بعد هذا ما تنتظر ؟
 قالت : يا أخي دعنا .
 قال له يزيد : فحدثته بحديث إبراهيم بن شعيب ، وكان واقفيا مثله قال :  كنت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ، وإلى جنبي إنسان ضخم آدم ، فقلت له : ممن  الرجل ؟ فقال لي : مولى لبني هاشم .
 قلت : فمن أعلم بني هاشم ؟
قال : الرضا عليه السلام  .
قلت : فما باله لا يجيء عنه كما جاء عن آبائه .
 قال : فقال لي : ما أدري ما تقول ونهض وتركني ، فلم ألبث إلا يسيرا حتى جاءني بكتاب فدفعه إلي ، فقرأته فإذا خط ليس بجيد ، فإذا فيه : يا إبراهيم إنك تحكي من آبائك وإن لك من الولد كذا وكذا من الذكور فلان وفلان ، حتى عدهم بأسمائهم ، ولك من البنات فلانة وفلانة حتى عد جميع البنات بأسمائهن . 
قال : فكانت له بنت تلقب بالجعفرية ، قال : فخط على اسمها ، فلما قرأت الكتاب ، قال لي : هاته ، قلت : دعه .
قال : لا ، أمرت أن آخذه منك .
 قال : فدفعته إليه ، قال الحسن : فأجدهما ماتا على شكهما [80].
 
عن أحمد بن محمد بن مطر وزكريا اللؤلوئي قال إبراهيم بن شعيب :
كنت جالسا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى جانبي رجل من أهل المدينة فحادثنه مليا وسألني من أين أنت ؟ فأخبرته أني رجل من أهل العراق ، قلت له : فمن أنت ؟ قال : مولى لأبي الحسن الرضا عليه السلام .
فقلت له : لي إليك حاجة . قال : وما هي ؟ قلت : توصل إليه رقعة .
قال : نعم ، إذا شئت ، فخرجت وأخذت قرطاسا وكتبت فيه :
 بسم الله الرحمن الرحيم : إن من كان قبلك من آبائك كان يخبرنا  بأشياء فيها دلالات وبراهين ، وقد أحببت أن تخبرني باسمي واسم أبي وولدي .
 قال : ثم ختمت الكتاب ودفعته إليه .
 فلما كان من الغد أتاني بكتاب مختوم ، ففضضته وقرأته ، فإذا في أسفل من الكتاب بخط ردي :
 بسم الله الرحمن الرحيم : يا إبراهيم إن من آبائك شعيبا وصالحا وإن من أبنائك محمدا وعليا وفلانة وفلانة ،  غير أنه زاد أسماء لا نعرفها .
 قال : فقال له بعض أهل المجلس : اعلم أنه كما صدقك في غيرها ، فقد صدقك فيها ، فابحث عنها [81].
 
عن إبراهيم مثله وفي آخره فقال الناس له : اسم حنث . 
بيان : لعل المعنى أنها اسم أولاد الزنا الذين لا تعرفهم ، فانه يقال لولد  الزنا ولد الحنث لأنه حصل بالإثم [82].
 
الثالثة والستون : الإمام يخبر بحلول أجل مؤمن والغفران له :
عن على بن الحسين بن عبد الله قال : سألته أن ينسئ في أجلي .
فقال : إن تلقى ربك ليغفر لك خير لك .
 فحدث بذلك إخوانه بمكة ثم مات بالخزيمية بالمنصرف من سنته ، وهذه في سنة تسع وعشرين ومائتين رحمه الله ، فقال : فقد نعى إلي نفسي[83] .
عن أحمد بن محمد بن عيسى قال : كتب إليه علي بن الحسين بن عبد الله يسأله الدعاء في زيادة عمره حتى  يرى ما يحب ، فكتب إليه في جوابه :
تصير إلى رحمة الله خير لك ، فتوفى الرجل بالخزيمية [84].
 
الرابعة والستون : الإمام يخبره سيعمر فيعش مائة :
عن الحسن ابن أحمد المالكي عن عبد الله بن طاووس قال : قلت للرضا عليه السلام : إن يحيى بن خالد سم أباك موسى بن جعفر صلوات الله عليهما ؟
قال : نعم ، سمه في ثلاثين رطبة .
قلت له : فما كان يعلم أنها مسمومة ؟
قال : غاب عنه المحدث ، قلت : ومن المحدث ؟
قال : ملك أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه واله وهو مع الأئمة عليهم السلام وليس كلما طلب وجد .
ثم قال : إنك ستعمر ، فعاش مائة سنة[85] .
 
الخامسة والستون : الإمام يخبره بالمسائل كأبيه :
عن الحسين بن عمر بن يزيد قال : دخلت على الرضا عليه السلام وأنا يومئذ واقف ، وقد كان أبي سأل أباه عن سبع مسائل ، فأجابه في ست وأمسك عن السابعة .
 فقلت : والله لا سألنه عما سأل أبي أباه ، فان أجاب بمثل جواب أبيه فكانت دلالة ، فسألته فأجاب بمثل جواب أبيه أبي في المسائل الست ، فلم يزد في الجواب واوا ولا ياء وأمسك عن السابعة .
وقد كان أبي قال لأبيه : إني أحتج عليك عند الله يوم القيامة أنك زعمت أن عبد الله لم يكن إماما فوضع يده إلى عنقه ثم قال : نعم ، احتج على بذلك عند الله عز وجل فما كان فيه من إثم فهو في رقبتي . 
فلما ودعته ، قال :إنه ليس أحد من شيعتنا يبتلي ببلية أو يشتكي فيصبر على ذلك إلا كتب الله له أجر ألف شهيد .
 فقلت في نفسي : والله ما كان لهذا ذكر . 
فلما مضيت وكنت في بعض الطريق خرج بي عرق المدني ، فلقيت منه شدة فلما كان من قابل حججت فدخلت عليه ، وقد بقي من وجعي بقية فشكوت إليه وقلت له : جعلت فداك عوذ رجلي وبسطتها بين يديه .
 فقال لي : ليس على رجلك هذه بأس ، ولكن أرني رجلك الصحيحه ، فبسطتها بين يديه فعوذها فلما خرجت لم ألبث إلا يسيرا حتى خرج بي العرق وكان وجعه يسير[86].
أقول : مر المكرمة التاسعة عشر قصة ومرض وشفاء محمد بن الفضيل .
 
السادسة والستون : الإمام يعلم باستشهاد والده :
روى مسافر قال : أمر أبو إبراهيم  ـ عليه السلام حين اخرج به ـ أبا الحسن عليه السلام أن ينام على بابه في كل ليلة أبدا مادام حيا إلى أن يأتيه خبره.
قال : فكنا نفرش في كل ليلة لأبي الحسن في الدهليز ، ثم يأتي بعد العشاء الآخرة فينام ، فإذا أصبح انصرف إلى منزله .
 وكنا ربما خبأنا الشيء منه مما يؤكل ، فيجيء ويخرجه ويعلمنا أنه علم به ما كان ينبغي أن يخبأ منه . 
فلما كان ليلة أبطأ عنا واستوحش العيال وذعروا ، ودخلنا من ذلك مدخل عظيم ، فلما كان من الغد أتى الدار ودخل على العيال ، وقصد إلى أم أحمد ، وقال لها :
هاتي الذي أو دعك أبي ! فصرخت ولطمت وشقت ، وقالت : مات سيدي فكفها ، وقال : لا تتكلمي حتى يجيء الخبر فدفعت إليه سفطا[87] .
 
السابعة والستون : الإمام تصله هدايا أبن أسباط :
قال في مشارق أنوار اليقين : إن الرضا عليه السلام لما قدم من خراسان توجهت إليه الشيعة من الأطراف ، وكان علي بن أسباط قد توجه إليه بهدايا وتحف ، فأخذت القافلة واخذ ماله وهداياه وضرب على فيه فانتثرت نواجده .
 فرجع إلى قرية هناك فنام ، فرأى الرضا عليه السلام في منامه وهو يقول : لا تحزن إن هداياك ومالك وصلت إلينا ، وأما همك بثناياك ، فخذ من السعد المسحوق واحش به فاك .
قال: فانتبه مسرورا وأخذ من السعد وحشا به فاه ،فرد الله عليه نواجده.
 قال : فلما وصل إلى الرضا عليه السلام ودخل عليه .
 قال : قد وجدت ما قلناه لك في السعد حقا ، فادخل هذه الخزانة فانظر ، فدخل فإذا ماله وهداياه كلها على حدته[88] .
 
الثامنة والستون : الإمام يعلمنا الإيمان وتسلم عليه الملائكة :
في دعوات الراوندي : عن محمد بن علي عليهما السلام قال :
مرض رجل من أصحاب الرضا عليه السلام فعاده فقال : كيف تجدك ؟
 قال : لقيت الموت بعدك . يريد ما لقيه من شدة مرضه.
 فقال : كيف لقيته ؟ قال : شديدا أليما .
 قال عليه السلام : ما لقيته ، إنما لقيت ما يبدؤك به ويعرفك بعض حاله ، إنما الناس رجلان :
 مستريح بالموت ومستراح منه ، فجدد الإيمان بالله وبالولاية تكن مستريحا .
ففعل الرجل ذلك ثم قال : يا ابن رسول الله هذه ملائكة ربي بالتحيات والتحف يسلمون عليك ، وهم قيام بين يديك فأذن لهم في الجلوس .
فقال الرضا عليه السلام : اجلسوا ملائكة ربي ، ثم قال للمريض : سلهم أمروا بالقيام بحضرتي ؟
فقال المريض : سألتهم فذكروا أنه لو حضرك كل من خلقه الله من ملائكته لقاموا لك ولم يجلسوا حتى تأذن لهم ، هكذا أمرهم الله عز وجل .
ثم غمض الرجل عينيه وقال : السلام عليك يا ابن رسول الله ، هذا شخصك ماثل لي مع أشخاص محمد صلى الله عليه وآله ومن بعده من الأئمة وقضى الرجل [89].
 
التاسعة والستون : الإمام أعلم من أهل اللغات بلغاتهم :
عن الهروي قال : كان الرضا عليه السلام  يكلم الناس بلغاتهم ، وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة .
فقلت له يوما : يا ابن رسول الله إني لا عجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها.
 فقال يا أبا الصلت : أنا حجة الله على خلقه ، وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم ، أوما بلغك قول أمير المؤمنين عليه السلام ( أوتينا فصل الخطاب ) ، فهل فصل الخطاب إلا معرفة اللغات [90].
 
وعن ياسر الخادم قال : كان غلمان لأبي الحسن عليه السلام في البيت صقالبة وروم وكان أبو الحسن عليه السلام قريبا منهم ، فسمعهم بالليل يتراطنون بالصقلبية والرومية ، ويقولون : إنا كنا نفتصد في كل سنة في بلادنا ثم ليس نفصد هاهنا .
فلما كان من الغد وجه أبو الحسن عليه السلام إلى بعض الأطباء ، فقال له : افصد فلانا عرق كذا ، وافصد فلانا عرق كذا ، وافصد فلانا عرق كذا .
 ثم قال : يا ياسر لا تفتصد أنت .
 قال : فافتصدت ، فورمت يدي و احمرت .
فقال لي : يا ياسر مالك ؟ فأخبرته .
فقال : ألم أنهك عن ذلك ، هلم يدك فمسح يده عليها وتفل فيها ، ثم أوصاني أن لا أتعشى.
 فكنت بعد ذلك ما شاء الله لا أتعشى ، ثم أغافل فأتعشى فتضرب عليّ[91] .
 
عن أبي هاشم الجعفري قال :
كنت أتغذى مع أبي الحسن عليه السلام فيدعو بعض غلمانه بالصقلبية والفارسية ، وربما بعثت غلامي هذا بشيء من الفارسية فيعلمه ، وربما كان ينغلق الكلام على غلامه بالفارسية فيفتح هو على غلامه[92] .
 عن أبي هاشم قال : كنت أتغدى معه فيدعو بعض غلمانه بالصقلابية والفارسية ، وربما يقول غلامي هذا يكتب شيئا من الفارسية ، فكنت أقول له : اكتب فكان يكتب فيفتح هو على غلامه[93] .
عن أبي هاشم الجعفري قال : دخلت على أبي الحسن عليه السلام فقال : يا با هاشم كلم هذا الخادم بالفارسية ، فإنه يزعم أنه يحسنها .
فقلت للخادم : " زانويت جيست " فلم يجبني ، فقال عليه السلام : يقول : ركبتك .
 ثم قلت : " نافت جيست " فلم يجبني ، فقال عليه السلام : سرتك [94].
 
في حديث طويل عن علي بن مهران:
أن أبا الحسن عليه السلام أمره أن يعمل له مقدار الساعات ، فحملناه إليه ، فلما وصلنا إليه نالنا من العطش أمر عظيم ، فما قعدنا حتى خرج إلينا بعض الخدم ومعه قلال من ماء أبرد ما يكون فشربنا .
 فجلس عليه السلام على كرسي ، فسقطت حصاة ، فقال مسرور : " هشت " أي ثمانية ، ثم قال : لمسرور " در ببند " أي أغلق الباب [95].
 
روي عن أبي إسماعيل السندي قال : سمعت بالهند أن لله في العرب حجة ، فخرجت منها في الطلب ، فدللت على الرضا عليه السلام ، فقصدته فدخلت عليه وأنا لا احسن من العربية كلمة .
 فسلمت بالسندية ، فرد علي بلغتي .
 فجعلت اكلمه بالسندية وهو يجيبني بالسندية.
 فقلت له : إني سمعت بالسند أن لله حجة في  العرب ، فخرجت في الطلب .فقال :  بلغتي ، نعم أنا هو .
 ثم قال : فسل عما تريد فسألته عما أردته ، فلما أردت القيام من عنده ، قلت : إني لا احسن العربية ، فادع الله أن يلهمنيها لأتكلم بها مع أهلها .
 فمسح يده على شفتي ، فتكلمت بالعربية من وقتي[96] .
 
السبعون : الإمام يعرف لغة الحيوانات والطيور :
عن محمد بن الحسين ، عن سليمان من ولد جعفر بن أبي طالب قال :
كنت مع أبي الحسن الرضا عليه السلام في حائط له إذ جاء عصفور فوقع بين يديه ، وأخذ يصيح ويكثر الصياح ويضطرب .
 فقال لي : يا فلان أتدري ما تقول هذه العصفور ؟
قلت : الله ورسوله وابن رسوله أعلم .
قال : إنها تقول : إن حية تريد أكل فراخي في البيت ، فقم فخذ تيك النبعة ، وادخل البيت ، واقتل الحية .
 قال : فأخذت النبعة : وهي العصا ، ودخلت البيت وإذا حية تجول في البيت ، فقتلتها[97] .
 
عن الوشاء قال : رأيت أبا الحسن الرضا وهو ينظر إلى السماء ويتكلم بكلام كأنه كلام الخطاطيف ، ما فهمت منه شيئا ساعة بعد ساعة ثم سكت[98]
أقول : قد مر في المكرمة أربعون كلامه عليه السلام مع الغزالة ، وكذا حاله مع الأسود الذي أكلت زينب الكذابة فراجع .
 
 
 

خاتمة الباب مكارم الإمام تعرفنا محل هدى الله وفضله

عرفنا يا طيب : إن الله أراد من عباده عبوديته بما يحب ويرضى ، وإنه أختار أولياء وأئمة لعباده يعرفوهم دينه القويم وهداه السالك بهم صراطه المستقيم لكل نعيم وسعادة وخير وبركة ، وإن لله الحجة البالغة والقيومية المطلقة والربوبية المنحصرة ، فهو المدبر لعبادة في الهداية التكوينية والتشريعية بأحسن تدبير ، ولم يترك الخلق بعد خلقهم يموج بعضهم ببعض ويدمر بعضهم بعض من غير علما هاديا ولا وليا مرشدا ، بل سبحانه أقام الحجج وبين أولياء المنذرين والهادين بكل سبيل ممكن ، سواء في تعريف العلم بالغيب لكل ما يصلح العباد أو حال العباد في تحققهم بالهدى وعدمه وتطبيقه ، وكيف يصلح أولياءه معه حتى يقيموا عبوديته بإخلاص لم يخالطه عمل المبطلين ولا ضلال فكر المنافقين والكفار والمشركين .
ولذا تراه سبحانه : مكن أولياء دينه بكل ما يحتاجون له من الطهارة والشرف والمناقب والفضائل والمكرمات والمعجزات والعلم الواسع ، ولم يخلي زمان من إماما هاديا ووليا مرشدا ، وكان لكل أمة شاهدها ووليها ومصلحها في كل ما تحتاج له من الهدى ، وإن الإسلام خاتم الأديان فكان له بعد سيد المرسلين آله الكرام هم أئمة الحق والهدى ، وعرفهم الله ورسوله بكل أنواع البيان ، وعرفهم بكل سبيل ممكن لهم حديث شريف وسيرة حسنه وسلوكا صالحا وعلما واسعا ، ومكنهم من المكرمات والمعجزات والأعمال الخارقة للعادة المعجزة حسب حاجتهم لها ، فلم يبقى مجال لأحد أن لا يعرف إمامه وهاديه في الدنيا والذي يجب عليه محبته ومودته والتطهير لذاته بهداه وعلمه ، وما ذكرنا يشهد له كل تأريخ الدين وهدى رب العالمين في كتابه المبين وكلام سيد المرسلين ، وكل المنصفين والطيبين الذين لهم أدنى المعرفة بما يجب أن يكون عليه ولي الدين من الكرامة والعلم الواسع والشأن الرفيع والقدرة الكبيرة من رب العالمين ، وذلك لكي يبين حقه في إمامته وصدقه بهداه .
ويا أخي الكريم : إن ما تلوته في هذه الأبواب السابقة وفي هذا الباب كان شيء من مكارم وبيان لعلم إمام من أئمة المسلمين وخاتم الأديان وأكملها ، والذي خص ولايته وإمامته بنبينا نبي الرحمة وآله الكرام ، وهذه المكرمات والفضائل هي لأحد أئمتنا الصادقين المصدقين ، وهو الإمام علي الرضا بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبن طالب وكلهم آل رسول الله وعترته الطيبة الطاهرة صلى الله عليهم وسلم .
فتدبر بها يا طيب : ترى في كثرت الناقلين لها تواترها بما لا شك فيه ، أولا : لكثرتها وكثرة رواتها ، وثانيا : لتأييدها بما عرفت من البحوث التي تدلنا بحق على أن يكون إمام الهدى والدين من الذين أختارهم الله واصطفاهم وفهمهم وعلمهم كل ما يحتاجوه لهداية عباده ، والسلوك بهم على صراطه المستقيم لكل هدى ممكن أن يصلح حالهم ونعيم يستحقوه بما يتعلمون منه فيطبقوه .
وليس الإمام : الذي يدعى به الإنسان يوم القيامة ليس له شواهد على إمامته تثبت دعواه ، ولا إن الإمامة مسألة يستحقها كل إنسان ولو لم يطهره الله ولم يطيب خلقه ولم يدل عليه ويعرفه ، فيترك دينه لكل من هب ودب ومدعي ومتكلم ومنمق الكلام مهما كان ، والناس يضلون بكثير من الخداع ، ولكن الله عرف وليه وأعطى الناس العقل وعليهم أن يجدوا لمعرفة الدليل المُعرف لإمامهم وولي دينهم ، لأن هذه المسألة بها معرفة الله بحق ومعرفته بما يحب ويرضى ومعرفة هداه ودينه القيم الواقعي ، ولا يمكن أن يسلم نفسه وتعبه وصومه وصلاته لإمام لا شهادة له على إمامته ولا بينه له في دعواه بأن معارف الله عنده .
وما ذكرنا يا أخي الكريم : من الأدلة هنا أو في الأبواب السابقة أو في صحيفة الإمامة أو في صحيفة الثقلين وفي صحيفة الإمام الحسين والإمام علي وغيرهن ، تجد كثير من الأدلة التي تُعرف الحق في آل محمد عليهم السلام ، وإن الإمام الرضا هو السبط الثامن لنبي الرحمة ، وإن آباءه وأبناه المعصومين كلهم حجج الله علينا في كل الزمان لتعريف دينه وهداه ، وإنه تعالى مكنهم من التطهير وطيبهم وصدقهم بالصلاة عليهم وتعلميهم وترسيخهم بعلم الكتاب ووراثته ، ولا يمكن أن يدعي هذا أحد من الناس غيرهم إلا ويكذب ويعرف ضلاله ، وإن نقل عنهم لا يصدقهم شأنهم عند الله .
وأنت يا طيب : على نفسك بصير وتتعب في العبودية في كل يوم صلاة وصوم وحج وكثير من الأعمال العبادية ، ويجب عليك معرفة إمامك الحق وممن تأخذ معالم دينك ، فهذه أدلتنا ومعرفتنا لأئمتنا ينقلها الموافق والمخالف ، وليس لغيرهم دليل يصدق دعواهم وما ينقل عنهم من المناقب والمكرمات ولا من غيرها من الأمور الخارقة للعادة .
وهذا كان باب : مختص بإمام من أئمة الحق عليهم السلام ، عرفنا كثير من الناس مناقبه وفضله وكما كان في الأبواب قبله ، وإن المعجزات والكرامات التي تصدر منه عليه السلام ، كلها علمية تدل على سعة معرفته وعلمه وقدرته بما مكنه الله تعالى وتفضل عليه .
وهذا الباب : كما إنه ينقل معجزات عن الإمام الرضا يدلنا على معرفته وشهادته لما يحتاج له أولياءه وما يجعلهم يطمئنون بإمامته وولايته الإلهية لتعريف دينه القيم ، وقد عرفت قسم منها كان في الأبواب السابقة ، فبعضها مختص بنفس العلم كالباب الرابع ، وبعضها علم ومعجزة كالباب الخامس والسادس هذا ، وقسم كان يعرفنا إمامته كما مر في الباب الثاني والأول ، وقسم يعرفنا مناقبه وكراماته وعلمه وإمامته وجهاده كما في الباب الثالث ، فهذه أبواب الكتاب تعرفنا ولي الحق .
ولما كان يغلب على الأبواب هذه : مسألة العلم والمعرفة للإمام ، سنذكر باب يعرفنا بعض علومه ومعارفه في قصار الحكم ، ثم نذكر شعر يتمثل به ، ثم نذكر عبادته وزهده وبعض أخلاقه وهو تطبيق لعلمه العملي في سيرته وسلوكه ، ثم نعود فنذكر إن شاء الله أبواب في معرفته بأهل زمانه وأحوالهم معه من أهله وأصحابه وغيرهم ، وبه نختم هذا الجزء .
ويأتي الجزء الآتي إن شاء الله : في تعريف الإمام مع الحكام الظاهرين لزمانه والمتسلطين من المتسمين بخلفاء المسلمين ، فنذكر حياته وسلوكه معهم ، وسيرتهم معه حتى شهادته ، ونذكر ما يجب علينا علمه وعمله بإظهار المحبة والمودة الواجبة له من زيارته وفضلها وثوابها ومكارم مرقده المطهر ، ونشرح معارفه في أجزاء أخر إن شاء الله ، هذا ونسأل الله التوفيق لإكمال الصحيفة بأجزائها ، ويحشرنا معه دين ودنيا ومع آله الكرام في أعلى ملكوت أعده لهم ولأوليائهم الصالحين ، إنه أرحم الرحمين والرب القيوم الهادي المبين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
 
 


[1]عيون الأخبار ج 2 ص 208 ، المناقب ج 4 ص 340 ، كشف الغمة ج 3 ص 134 ، رجال الكشي ص 458 ، بحار الأنوارج45ص33ب3ح9 ـ10.
[2]قرب الإسناد ص 198 ،كشف الغمة ج 3 ص 132 ، رجال الكشي ص 457 تحت الرقم 421 . بيان : " المؤمن موفق " أي يسّر الله لريان بأن ألهمني حاجته أو وفقني  الله لقضاء حاجته بذلك . بحار الأنوارج45ص29ب3ح1.
[3]عيون أخبار الرضا 2 ص 211 ، بحار الأنوارج45ص35ب3ح16 .
[4]الخرائج والجرائح ص 245 ، بحار الأنوارج45ص56ب3ح68 .
[5]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 204 ، وأخرجه في البصائر الجزء 5 ب 10 تحت الرقم 25 ، بحار الأنوارج45ص30ب3ح4.
[6]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 204 ، بصائر الدرجات الجزء الخامس ب 10 ح 16 ، بحار الأنوارج45ص31ب3ح5.
[7]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 207 ،كشف الغمة ج 3 ص 134 ، وفيه : فمات بمرو ،بحار الأنوارج45ص32ب3ح8 . 
[8]عيون الأخبار ج 2 ص 209.
[9]وفي المناقب ج 4 ص 335 ، بحار الأنوارج45ص34ب3ح12 .
[10]قرب الإسناد ص 231 و 232 .
بيان : ( أمر محمد بن إبراهيم ) إشارة إلى محاربة جنود المأمون والأمين وخلع الأمين وقتله . ومحمد بن إبراهيم بن الأغلب الأفريقي كان من أصحاب الأمين وزهير بن المسيب من أصحاب المأمون ، وهذا إشارة إلى ما كان في أول الأمر من غلبة الأمين .
بحار الأنوارج45ص45ب3ح40 .
[11]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 212 ،مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 336  بحار الأنوارج45ص36ب3ح17.
[12]غيبة الشيخ الطوسي ص 51 و 52 ، بحار الأنوارج45ص48ب3ح46 .
[13]عيون الأخبار ج 2 ص 217 ، بحار الأنوارج45ص37ب3ح19 .
[14]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 217 ، بحار الأنوارج45ص38ب3ح21 .
[15]كتب الإرشاد ص 288 ، بحار الأنوارج45ص97ب7ح12.
[16]عيون الأخبار ج 2 ص 218 ، الخرائج والجرائح ص 204 وفيه " خمسمائة " بدل ( خمسين ) ، بحار الأنوارج45ص38ب3ح22 .
[17]هي قرية أسسها موسى بن جعفر عليه السلام على ثلاثة أميال من المدينة .   
[18]مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 382 ص 338 .بحار الأنوارج45ص58ب3ح74 .
[19]مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 345 . بحار الأنوارج45ص59ب3ح76.
[20]عيون الأخبار ج 2 ص 218 و 219 ، وفي كتاب النجوم ، بحار الأنوارج45ص38ب3ح23 .
[21]عيون الأخبار  ج 2 ص 219 ، الخرائج والجرائح ص 207 ، كشف الغمة ج 3 ص 135 ، الاختصاص للمفيد ص 84 ، بحار الأنوارج45ص39ب3ح25 .
[22]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 219 ، كشف الغمة ج 3 ص 136 ، بحار الأنوارج45ص40ب3ح25 .
[23]عيون الأخبار ج 2 ص 220 . بحار الأنوارج45ص40ب3ح26 .
[24]الخرائج والجرائح ص 207 ، بحار الأنوارج45ص53ب3ح61 .
[25]عيون الأخبار ج 2 ص 220 ، كشف الغمة ج 3 ص 136، بحار الأنوارج45ص40ب3ح27 .
[26]عيون الأخبار ج 2 ص 220 ، الخرائج والجرائح ص 206 ،كشف الغمة ج 3 ص 138 ، السعيدية قرية بمصر ، وضرب من برود اليمن ، قاله الفيروز آبادي  بحار الأنوارج45ص40ب3ح28 .
[27]عيون الأخبار ج 2 ص 221، كشف الغمة ج 3 ص 138 ، بحار الأنوارج45ص41ب3ح29 .
[28]عيون الأخبار ج 2 ص 221 ، بحار الأنوارج45ص42ب3ح30 .
[29]عيون الأخبار ج 2 ص 221 ، بحار الأنوارج45ص42ب3ح31 .
[30]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 221 و 222 ، بحار الأنوارج45ص42ب3ح32 .
[31]عيون أخبار الرضا ج 2  ص 222 ،  بحار الأنوارج45ص43ب3ح33 .
[32]عيون أخبار الرضا ج 2  ص 222 ،  بحار الأنوارج45ص43ب3ح34 .
[33]عيون أخبار الرضا ج 2 223 ، بحار الأنوارج45ص43ب3ح35 .
[34]مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 341 . بحار الأنوارج45ص59ب3ح75.
[35]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 250 ، بحار الأنوارج45ص44ب3ح38
[36]مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 336 .
 الفيروزج : حجر كريم معروف وفتح فائه أشهر من كسرها ، والسبج معرب " شبه " محركة خرز أسود شديد السواد ، قال في البرهان : هو حجر أسود له بريق يشبه الكهرباء في اللطافة والخفة طبيعته بارد يابس وله خواص عديدة ، يصنع منه الخاتم ، وغير ذلك ، وأما قراءة المصنف " السيح " وهو ضرب من البرود والعباء المخطط ، فلا يناسب ذكر الفيروزج ، مع أن البرد أيضا نوع من الحبرة فقد رغبت ابنته عنها لتبتاع بثمنها ما ترغب فيه النساء من الحلى والحلل ، لا أن تستبدل حبرتها بعباءة . 
بيان : السيح ضرب من البرود وعباءة مخططة . الصحاح ص 377 ، بحار الأنوارج45ص69ب3ح93 .
[37]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 250 ،كشف الغمة ج 3 ص 135، بحار الأنوارج45ص44ب3ح38 .
[38]الكافي ج 1 ص 335 .   يقال : وشى الثوب يشيه وشيا : نمنمه ونقشه وحسنه ، فهو واش والثوب موشى ، فالوشي مصدر يقال على نقش الثوب ويكون من كل نوع من الثياب الموشية تسمية بالمصدر والوشاء كشداد مبالغة في الواشي ، والذي يبيع ثياب الأبريسم . وأما الرزم فهو جمع رزمة ما شد في ثوب واحد .  بحار الأنوار ج45ص68ب3ح90 .
[39]الكافي ج 1 ص 395 ، مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 344 ، بحار الأنوارج45ص68ـ69ب3ح91ـ92 .
[40]عيون الأخبار ج 2 ص 230 ، الأعوض : موضع بالمدينة ، بحار الأنوار ج45ص45ب3ح39 .
[41]عيون الأخبار ج 2 ص 209 و 210 ، مناقب ابن شهر آشوب ج 4 ص 335 ، كشف الغمة 3 ص 139 ، بحار الأنوارج45ص34ب3ح14 .
[42]بصائر الدرجات الجزء 5 باب 11 ح 8 ، بحار الأنوارج45ص46ب3ح41 .
[43]بصائر الدرجات الجزء 5 باب11ح12 وفي الخرائج ص 243.  
بيان : قال الجزري : في حديث وحشي أنه مات غرقا في الخمر أي متناهيا  في شربها والإكثار منه مستعار من الغرق . بحار الأنوارج45ص46ب3ح42 .
[44]بصائر الدرجات الجزء 5 ب 12 ح 5 ، الخرائج والجرائح ص 237  ، بحار الأنوارج45ص47ب3ح43 .
[45]بصائر الدرجات الجزء 8 ب 2 ح 2 ، الاختصاص : 270 .
[46]الخرائج والجرائح ص 203,
[47]والإرشاد ص 289 ، ورواه الكليني في الكافي ج 1 ص 488 ، بحار الأنوارج45ص47ب3ح45 .
[48]الخرائج والجرائح ص 230 ، وتراه في الكافي ج 1 ص 488 ، بحار الأنوارج45ص49ب3ح49 .
[49]الخرائج والجرائح ص 204 .  بيان : يعني خروج خزائن الأرض وتصرفنا فيها إنما هو في زمن القائم عليه السلام . بحار الأنوارج45ص50ب3ح50 .
[50]كشف الغمة ج 3 ص 137 ، بحار الأنوارج45ص63ب3ح81 .
[51]بحار الأنوارج45ص51ب3ح53 عن الخرائج ولم نعثر عليه في المطبوع .
[52] أنتم : كذا ، ولعله ( أفتعل ) من النوم ، وأصله ( أنتوم ) حذفت واوه ، والأظهر أنه ( انيم ) من باب الافعال أي لا أنام أنا نفسي ولا أجعل رفقتي ينامون . بحار الأنوارج45ص51ب3ح54 عن الخرائج ولم يعثر عليه محقق البحار في المطبوع.
[53]بحار الأنوارج45ص52ب3ح55 عن الخرائج ولم يعثر عليه محقق البحار في المطبوع.
[54]بحار الأنوارج45ص52ب3ح56 عن الخرائج.
[55]بحار الأنوارج45ص52ب3ح58 عن الخرائج.
[56]بحار الأنوارج45ص52ب3ح59 عن الخرائج.
[57]قرب الإسناد ص 203 ، ، بحار الأنوارج45ص87ب6ح5 .
[58]الخرائج والجرائح ص 207 ، بحار الأنوارج45ص52ب3ح60 .
[59]الخرائج والجرائح 207 ، بحار الأنوارج45ص53ب3ح62 .
[60]الخرائج والجرائح  ص 207 .  بحار الأنوارج45ص54ب3ح64 .
[61]بحار الأنوارج45ص55ب3ح66 عن الخرائج والجرائح  . 
[62]الخرائج والجرائح ص 245 ، بحار الأنوارج45ص55ب3ح67 .
[63]الخرائج والجرائح ص 245 ، بحار الأنوارج45ص56ب3ح69.
[64]الإرشاد ص 295 ، وتراه في الكافي ج 1 ص 491 ، وأخرجه في المناقب ج 4 ص 339 ، بحار الأنوارج45ص57ب3ح71 .
[65]مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 334 ، بحار الأنوارج45ص57ب3ح72 .
[66]مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 334 ، بحار الأنوارج45ص57ب3ح73 .
[67]مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 382 ، ص 338 .بحار الأنوارج45ص58ب3ح74 .
[68]المناقب ج 4 ص 348 . بحار الأنوارج45ص59ب3ح76.
[69]المناقب ج 4 ص 348 ، بحار الأنوارج45ص60ب3ح76.
[70]المناقب ص 348 ،كشف الغمة ج 3 ص 138 ، وتراه في الكافي ج 1 ص 487 ، بحار الأنوارج45ص59ب3ح76.
[71]قرب الإسناد  ص 222 .عيون الأخبار ج 2 ص 212 و 213 ، بحار الأنوار صج45ص36ب3ح18ص269ب18ح11 .قال الفيروز آبادي : ثوب مردوع : مزعفر ، ورادع ومردع كمعظم  فيه أثر طيب القاموس ج 3 ص 29.
[72]كشف الغمة ج 3 ص 71 - 74 ، بحار الأنوارج45ص60ب3ح79 .
[73]بحار الأنوارج45ص54ب3ح63 عن الخرائج والجرائح ولم نعثر عليه في المصدر . قسم الوجه : حسنه ، وهنا يعني هيئ وجهه عليه السلام لينظر مسافر في عينه .
[74]كشف الغمة ج 3 ص 71 - 74 ، بحار الأنوارج45ص60ب3ح79 .
[75]الملحم : جنس من الثياب وهو ما كان سداه أبريسم ولحمته غير أبريسم .  بحار الأنوارج45ص50ب3ح52 عن الخرائج ولم يعثر عليه محقق البحار في المطبوع.
[76]كشف الغمة ج 3 ص 133 - 134 .  بحار الأنوارج45ص63ب3ح81 .
[77]كشف الغمة ج 3 ص 136 ، بحار الأنوارج45ص63ب3ح81 .
[78]كشف الغمة ج 3 ص 137 ، بحار الأنوارج45ص63ب3ح81 ، قرب الإسناد ص 202 ، بحار الأنوارج45ص87ب6ح4 .
[79]بحار الأنوارج45ص48ب3ح47 .
[80]جال الكشي ص 398 الرقم 341 .
بيان : تحكي من آبائك أي تشبههم في الخلقة أو عدد الأولاد ، أو أنك تحكي عن آبائك فلا أخبرك بأسمائهم ولكن أخبرك بأسماء أولادك لخفائها ولا يبعد أن  يكون تصحيف آبائي أي تحكي عن آبائي أنه كان يظهر منهم المعجزات فها أنا أيضا أظهرها .  بحار الأنوارج45ص63ب3ح81 .
[81]جال الكشي ص 399 و 400  بحار الأنوارج45ص65ب3ح82 .
[82]مناقب ابن شهر آشوب ج 4 ص 371 ، وفيه : اسم حنث أنبأك ، وقال المحشي في الذيل ، كذا في النسخ المتقنة الموجودة عندي ، وأما النسخة المطبوعة بالغري فقد أبدلها بما فى نسخة الكشي سواء .  بحار الأنوارج45ص65ب3ح83 . 
[83]رجال الكشي ص 430 ، بحار الأنوارج45ص65ب3ح84 .
[84]رجال الكشي ص 430 ، والخزيمية منزلة من منازل الحاج بين الاجفر والثعلبية ، قاله الفيروز آبادي ، بحار الأنوارج45ص66ب3ح85 .
[85]رجال الكشي ص 503 في حديث ، بحار الأنوارج45ص66ب3ح86 .
[86]الكافي ج 1 ص 354 ، عرق المديني أو المدني مركب إضافي ، وهو خيط يخرج من الرجل تدريجا ويشتد وجعه ، منه رحمه الله في مرآت العقول ، بحار الأنوارج45ص67ب3ح89 . 
[87]بحار الأنوارج45ص71ب3ح94 أقول قال : سنورد كثيرا من معجزاته عليه السلام في الأبواب الآتية لكونها أنسب بها ، لم نجده في الخرائج والجرائح ورواه الكليني في الكافي ج 1 ص 381 . أقول المحقق للبحار لم يجد بعض الأحاديث ولعله سقط من محققي الخرائج وكان موجود في المخطوط عند صاحب البحار حين نقله منه .
[88]بحار الأنوارج45ص71ب3ح95  .
[89]بحار الأنوارج45ص72ب3ح96 .
[90]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 228  ، مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 333 ، بحار الأنوارج45ص87ب6ح3 .
[91]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 227 ، بصائر الدرجات الجزء 7 ب 12 ح 4 ، مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 334 . 
الصقالبة : جيل كانت تتاخم بلادهم بلاد الخزر بين بلغار وقسطنطينية ، والتراطن : والرطانة الكلام بالأعجمية .بحار الأنوارج45ص86ب6ح1 .
[92]عيون أخبار الرضا ج 2 ص 228 ، بحار الأنوارج45ص87ب6ح2 .
[93]بصائر الدرجات الجزء السابع ب 11 ح 13 ، بحار الأنوارج45ص87ب6ح6 .
[94]بصائر الدرجات الجزء السابع ب 12 ح 2 ، بحار الأنوارج45ص88ب6ح7 .
[95]مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 334 ، بحار الأنوارج45ص89ب6ح10 .
[96]الخرائج والجرائح  ص 204 فليراجع ، بحار الأنوارج45ص50ب3ح51 .
[97]بصائر الدرجات الجزء السابع ب 14 ح 19 ، مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 334 وتراه في الخرائج والجرائج ص 206 و 207 . 
بيان : قال الجوهري : " النبع " شجر تتخذ منه القسي الواحدة نبعة ، وتتخذ من أغصانها السهام . بحار الأنوارج45ص88ب6ح8 .
[98]بصائر الدرجات الجزء العاشر ب 17 ح 22 ، بحار الأنوارج45ص88ب6ح9 .
 
 
 
 


اللهم أسألك بحق الإمام علي بن موسى الرضا وآله الطيبين الطاهرين اسلك بي صراطهم المستقيم واجعلني معهم في كل هدى ونعيم
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين

إلى أعلى مقام في الصفحة نورك الله بنور الإمام الرضا وآله الكرام عليهم السلام


تفضل يا طيب إلى الفهرس العام رزقك الله هدى خبر الأنام وخلصك من الظلام