هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الْحَيُّ

النور التاسع عشر

الْحَيُّ : هو الفعال ومن له آثار معينه حسب شأنه ويشتد بالعلم والقدرة والتدبير.

والله تعالى هو الحي حقا : وحيا سرمدا من الأزل إلى الأبد لا يموت ، وواهب الحياة لكل حي فعال ، ولا حي إلا بنوره ، ولكل شيء في الوجود نوع من الحياة تناسبه ، والموجودات العلوية الجبروتية والملكوتية لها الحيوان وجنة لها شدة الحياة العالية ، وللنبات وللحيوان بل للجماد حياة تناسبهم ، وللإنسان حياة أعلى بالعلم والمعرفة .

 ومن تجلى الله تعالى عليه بحقيقة الاسم الحي بالتجلي الخاص : يكون نورا وكله يشع  دين الله القيم ، وأعلى تجلي هو لنبينا وآله الكرام ولمن اقتدى بهم ، فيكون العبد حي بحياة دينه والإيمان به ومنورا وجوده بمعرفة تعاليمه وإطاعة ربه ، بل قد يصل لمرتبة يحي الموتى كما حكى الله عن نبيه إبراهيم وعيسى وغيرهم .

 وحياة القلوب : هو معرفة الله تعالى ، والموت الحقيقي هو ترك معرفة الله وهجر دينه حتى يتحول الإنسان للحياة الحيوانية بل أضل ، والحياة الأخروية أشد من هذه الحياة ، وحياة البشر بإطاعة الله بدين الإسلام وإلا فلا حياة حقيقة تستمر لهم .

 والمؤمن : يجب عليه أن يكون حي برضا الله تعالى ويطلب منه الحياة بالعلم والقدرة ليستعملها في إطاعته حتى ينال منه سبحانه حياة بنعيم ذو نور أبدي ، ويكون مساعد للمؤمنين على الحياة الطيبة بالعلم والعمل والهدى والصلاح في كل الأحول ، وقد شرحنا الاسم الحسن الحي في صحيفة التوحيد ، وتوجد معارف كريمة واسعة في حياة المؤمن ومعاني تحققه بنور الحياة التامة ومدد حياته المنعمة الدائمة بالخيرات في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام فراجعها وإليك هذا البحث المختصر.

يا طيب : إن الله سبحانه وتعالى حي بنفسه وهو الذي أوجد كل حي فكانت الحياة تدب بالكائنات التي أبدعها في الوجود وبرأها ، ولكل كائن حياة تناسبه ، وتتدرج وتشتد من حياة الجماد ثم النبات ثم الحيوان ثم الإنسان ، كما أن مجموع وجود الإنسان في عالم الشهادة تسمى الحياة الدنيا له ، وهناك حياة لمن يعيشون في عالم الملكوت والجبروت وهي أشد وهي الحياة العليا ، وإن الحياة الآخرة ملكوتية أو جبروتية حسب مقام الكائن وعلو درجته ، كما أن حياة المبعدين برهوتية نارية .

كما إن بني الإنسان : يتفاوتون في شدة الحياة التي تخص كل فرد منهم ، وإن الحياة للروح فيه وتدبير لأموره عن علم وقدرة توصله لرضا الله سبحانه وتعالى وبإقامة دينه الحق ، وإلا باقي الحياة المادية فيشارك الإنسان بها الجماد والنبات والحيوان .

وإن من أطاع الله الحي تعالى : وهبه الله حياة أبدية منعمة ، وإلا يتنزل من يهجر عبودية الله ويختار الحياة الدنيا على الآخرة إلى حياة أضل من حياة الحيوان والجماد بل حي محترق لا هو بالحي ولا هو بالميت ، وتكون فعاليته هي تحمل عذاب الله تعالى ، لا فرح وسرور ونعيم كما لأهل الجنة ولذا قال الله سبحانه وتعالى :

{ أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نورا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (122) }الأنعام.

 فالمؤمن حيا عند الله : وله نور الهدى والنعيم والحياة الحقيقة الدائمة الواسعة ، وإلا الحياة الدنيا قصيرة وتغر الإنسان الكافر الذي لا يعقل وجوده الحق الباقي بالنور حين إطاعة الخالق سبحانه ، والذي يهبه حياة باقة عالية في النعيم كما قال الله تعالى :

{ إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى (74)

 وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى (76) } طه .

ولذا تكون الحياة الدنيا قصيرة : وكأنها لهو ولعب أمام الحياة الباقية في شدة النعيم والخيرات التي أعدها الله سبحانه وتعالى للمؤمنين وكما قال الله سبحانه تعالى :

{ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَ إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ

 وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) } العنكبوت .

اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ الله وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَ إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ

وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَالله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) } الحديد .

{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَ وَالله عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) } آل عمران . { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ الله السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (الروم8) } الروم .

{ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ

وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (32)  } الأنعام .

{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) } آل عمران .

وبهذا نعرف : شدة حياة الإنسان تكون بشدة نور إيمانه وإخلاصه لله الحي وأسأل الذي يخرج الحي من الميت والميت من الحي وأقول : يا حيا قبل كل حي ، يا حيا بعد كل حي ، يا حي الذي ليس كمثله حي ، يا حي الذي لا يشاركه حي ، يا حي الذي لا يحتاج إلى حي ، يا حي الذي يميت كل حي ، يا حي الذي يرزق كل حي ، يا حيا لم يرث الحياة من حي ، يا حي الذي يحيي الموتى ، يا حي ، وفقنا لما ننال به الحياة الأبدية في نعيمك وأنت أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها