هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الْبَصِيرُ

النور الثامن

الْبَصِيرُ : هو الذي يعلم بما يُنظر له ، أو يبصر ما يُبصر وما لا يُبصر لنا ، ويطلق على من يعلم بما يصلحه أو لأشياء معينه أو عامة وما تحتاجه خلقا وتكاملا وهدى .

والله تعالى هو البصير حق : لأنه تعالى محيط بكل الأشياء ما يُبصر وما لا يُرى ، وهو الخالق والممد للكائنات بالشكل والصورة وما تتحرك به وتنتقل ، سواء لا نبصره بوضوح لكبره كالكون والمجرات وما يبعد عنا ، أو لصغره كالذرة وأجزاءها ولطيف الخلق ، أو نبصره علما كصور خيالنا وأوهامنا ونياتنا أو مشاهدة حين ينتقل لنا ، فهو بصير بها قبل وحين وبعد وجودها ، وبأي صورة وحال وزمان ومكان كانت ، ولأي موجود كان صغر أو كبر شكله ، لطف أو عظم حجمه ، ثقل أو خف وزنه ، وهو بصير بها وبما تستحقه من نور أسماءه الحسنى حسب شأنها عطاء أو منعا .

 ومن تجلى عليه البصير بالتجلي الخاص : يقوي بصره ، بل يجعل بصره الفكري والعقلي حديد ، ويكون على بصيرة من أمره وأمر دينه وهداه ، بل يجعله معلما له ودليلا عليه ، ويرى الله متجليا في كل شيء عظمة وقدرة وعلما ، قد أتقن صنعه ، وأنه خلقه ليسير لغاية حقة ونهاية نورانية منعمة ماجدة ، وهو كما خص به الأنبياء وبالخصوص نبينا وآله صلى الله عليهم ، وقد عرفت كلام الإمام علي مع ذعلب .

وكل من أبصر في دين الله بحق : كان بصيرا بهداه ذو الصراط المستقيم للمنعم عليهم وهذا المهم في معنى البصير ، كما أن البصر للأشياء له أهمية المعرفة العلمية بالأشياء ، لكن الجزاء والثواب على البصيرة بالهدى الحق والعمل به وهذا ما خص به أولياءه ، وقد جاء : عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام فِي قَوْلِهِ :

{ لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) } لأنعام.

 قَالَ عليه السلام : إِحَاطَةُ الْوَهْمِ ، أَ لَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : { قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (104)} الأنعام . لَيْسَ يَعْنِي بَصَرَ الْعُيُونِ ، فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ، لَيْسَ يَعْنِي مِنَ الْبَصَرِ بِعَيْنِهِ ، وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها لَيْسَ يَعْنِي عَمَى الْعُيُونِ ، إِنَّمَا عَنَى إِحَاطَةَ الْوَهْمِ .

كَمَا يُقَالُ : فُلَانٌ بَصِيرٌ بِالشِّعْرِ ، وَ فُلَانٌ بَصِيرٌ بِالْفِقْهِ ، وَ فُلَانٌ بَصِيرٌ بِالدَّرَاهِمِ ، وَ فُلَانٌ بَصِيرٌ بِالثِّيَابِ ، الله أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُرَى بِالْعَيْنِ } [17].

وعرفنا : في صحيفة التوحيد دنيا وآخرة عدم إمكان رؤية الله سبحانه بالبصر ، وأنه رأيناه بحقائق الإيمان وفي ومع كل شيء لأنه محتاج لخلاق ، ومن يعجز عن رؤية الشمس ببصره فعن رؤية نور السموات والأرض أعجز ، وأما ما جاء في كتاب الله باسم الله البصير فهو إن جاء مفردا كان لرؤية أعمال الخلق ليثيب ويجازي المحسن والعمل الصالح وغيره ، وإن جاء مع السميع أو غيره فهو أوسع في بيان عظمة الله .

والمؤمن : بصيرا ومستبصرا ومذعنا بعظمة الله سبحانه البصير به وبكل شيء ، وهو يقر له تسليما وإيمانا ، وتهفو روحه للتوجه لعظمة حبا ويقينا ، ويسكن له قلبه تسليما واطمئنانا ، وهو على بصيرة من أمره في دينه وما يجب عليه ليتقرب لنور رحمة الله وثوابه الجزيل ، ولذا تراه لا يبصر إلا للحق ليعمل به ويذعن له ، ويغض بصره عن الباطل ولا ينظر به إلا لنقضه أو لهدمه إن استوجب ذلك ، ويغض بصره عن الحرام ولا ينظر نظرا مربيا لامرأة أو مال لاحق له به ولا حاسدا ولئيما لمؤمن ليخيفه ، بل ينظر في كل عبادة تقربه لله كالنظر في المصحف ولنبينا ولأئمة الحق ومعلمه وللأب وللأم وللابن وللإخوان وللزوجة وللأصدقاء المؤمنين ، ولكل ما يوصل للإيمان بالله تعالى ويقرب إليه ، وينظر للأشياء للعبرة وللاتعاظ بها ولدلالتها على عظمة الله ، وفي العلم ليكون بصير بدينه عالما وعاملا به ، وعن يقين وبصيرة وهدى لا ضلال فيه ، وللعلم المادي ليساعده في الطاعة وللكسب الحلال الذي هو أهم أجزاء العبادة .

 

[17] الكافي ص98ج1ح9 باب في قوله تعالى لا تدركه الأبصار ... .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها