هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

إشراق يتقدم

تجلي نور الأسماء الحسنى الإلهية يحققنا بأصول الدين وهدى الله

 

الإشعاع الأول :

ظهور نور الأسماء بمعارف أصول الدين :

يا طيب : إن نور الأسماء الحسنى الظاهر بالوجود والمحيط إحاطة قيومية بكل كائن في التكوين تحققا وهدى ، وبالعدل والإحسان والفضل والامتنان . يكون العلم به علما بكل معارف أصول الدين الخمسة :

فإن التوحيد : هو أس معارف إشراق الأسماء الحسنى ، وبها قد عرفنا أنه لا كثرة وجودية داخلية تركيبية ولا تحليليه ولا وجود أعضاء ولا ما شابه مواصفات أي نوع من الكائنات ، بل عرفنا أن الله أحد صمد لا يحاط به علما ولا له حدا ولا نهاية ولا وجود زائد للصفات الذاتية على الذات المقدسة وليس كمثله شيء ، كما أنه سبحانه هو الواحد الذي لا شريك له ولا ند ولا مكاثر، إذ لا غيره في الوجود مستقل بنفسه، ولا صاحبة له ولا ولدا ولا وزير ولا لأحد من خلقه يستشير ، بل هو الواحد الأحد الصمد أزلا وأبدا ، هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .

وبالعدل : والإحسان ظهر نور الأسماء الحسنى الواحد الأحد بعدة مجالي للنور ، فكون التكوين بما يستحق كل موجود وحسب شأنه ورتبته في الوجود ، وكما هداه بالهدى التكويني محفوفا بالنعم في كل آن حتى يصل لأحسن غاية تناسبه ، حتى كان كل شيء بإتقان صنعه وبتلاؤمه مع محيطه يدل على عظمة وعلم وحكمة وقدرة خالقه وهاديه ، وإن موجد كل شيء هو الله الواحد الأحد لا شريك له .

ولما كان الإنسان : وهو خلاصة الوجود والمفضل فيه له بعض الاختيار ، شرفه بهدى تشريعي به يسلك لأحسن غايته ، فيؤيده بما يكون له الانسجام والتعامل مع بني جنسه وأسرته ومجتمعه ، وفي كل مجالات الحياة خصه بهدى يريه العدل في التصرف والتعامل ، وما له وما عليه من الحقوق ، فضلا عما يُعرفه كيف يشكر به ربه ويستزيد منه نورا وهدى ، وإن نور نعيم الله متجلي لكل مستعد ومتهيئ وطالب بحاله ومقاله ، حتى يكون نوره أبدي ، وإن من تعصى يظلم نفسه ويحرم وجوده من نور التكريم للأسماء الحسنى ، وله الحرمان الدائم بنار النقص التي أختارها لنفسه .

وإن الله الرحمن الرحيم بلطفه : أنزل هداه على أشرف خلقه وأعلاهم كرامة  وأفضلهم في كل زمان ، ولكل أمة من الأمم وإلى يوم القيامة سواء ، نبيا مرسلا ، أو تابع للمرسل نبيا أو وصي نبي وهو بعده محافظا لتعاليم الله ومُعرف لحقائقها من غير ريب ولا شك ولا شبه ولا اختلاف ولا رأي، ولا استحسان من نفسه لم ينزل الله به سلطان ، وعرفه الله تعالى لعباده بكل سبيل وجعله بفضله يُرشد العباد المؤمنين لهدى الله ويعرفهم حقائق كريمة عن عظمته ، وما يقام به العبودية لله بما يحب ويرضى، حتى يتجلى نور الأسماء الحسنى على من يتهيأ بحاله ومقاله ويكون تحت نعيمها دائما .

  ولهذا كانت حقيقة النبوة والإمامة والمعاد : ليتم الرجوع لله سبحانه بأحسن غاية ، فيطلب العبد الله سبحانه بما يحب ويرضى من العبودية له ، وبصراط مستقيم لهدى حق قد عرّفه الله له بكل سبيل صادق ، وبتوسط من اصطفاهم وأختارهم لتعريف هداه الواقعي ، فيتم له إشراق نور الأسماء الحسنى الجمالية ، وتهبه كل خير وبركة ومجد يفوق حد التصور في الكرامة والملك العظيم من فضل الله ، وإلا إن تعصى وضل وطغى فيخسر نور وجوده ويضيق على نفسه ويحرمها الاستعداد لتقبل نور الله تعالى ، فيحترق بنار العدم ويكوى بظلمات البخل الذاتي والصفاتي والفعلي .

وهذه المعارف : لإشراق نور الله الواحد الأحد بظهور نوره بمجالي الأسماء الحسنى كلها ، وبالعدل والإحسان تكوينا وهدى وجزاء، رأيتها وتراها في تجلي كل اسم من الأسماء الحسنى الإلهية الماضية والآتية ، ومع تلك الخصوصية المشرق بها نور ذلك الاسم الكريم وحسب شأن كل مخلوق وبما يستحقه من الطلب بحاله أو بمقاله .

 

الإشعاع الثاني :

 نور الله ظاهر و باطن بالصفات الذاتية والفعلية حسب سعتها :

إن الله هو نور السماوات والأرض : وبالظهور والبطون بالعدل والإحسان كانت تتجلى حقائق كمال الأسماء الحسنى في التكوين ، فإنه وإن كان كل شيء خلق ومخلوق له فنذكر الله باسم الخالق ، ولكن مثلا لكونه للمخلوق صورة فنقول الله المصور ، ولكونه خُلق فردا منتشر في الوجود يكون ذرئا له والله الذارئ ، ولكونه سالم من العيب وبريئا من النقص فالله البارئ ، ولكونه معطى لعبد فالله الرازق والمعطي والمنعم والمقيت .

 ولكون نوره تعالى : يشرق في وجود الأشياء الكائنة من غير عزل عن حيطته ولا استقلال ولا بقاء لموجود دون نوره ، ولكونه بفضل الله بالابتداء ، فالله هو المالك له والملك والقيوم عليه والمحيط به والقريب منه والحفيظ له وغيرها أسماء الملك والإحاطة على الأشياء .

ولكونه تعالى : هادي لكل شيء ومعرف له سبيله بالتكوين وبالهدى التشريعي ، فهو الهادي والولي والمبين والرب والرشيد ، ولكونه تعالى يجازيه فهو الحسيب والرقيب ولمجازي والمثيب ، ولكونه يغفر للعصاة ويرفع عيب ذنوبهم فهو التواب الغفور الستار العفو ، ولكونه لا يؤخذ بالجريرة مباشرة فهو الحليم الصبور ، وهكذا بكل حيثية ننسب خلق الله لله نعرف حقيقة من ظهور الأسماء الحسنى الفعلية .

ولكونه تعالى : واحد أحد صمد وله كل كمال بنفس وجوده الواحد بما لا حد له ولا يتناهى ، كان بنفس وجوده الغني المطلق الواحد عالم وعليم وقادر وقدير وأول وآخر و ظاهر و باطن وغيرها مما عرفت من الأسماء الحسنى الذاتية ، ومن غير كثرة في نفس وجود الذات المقدسة وإن تكثر مفهوم ومعنى الأسماء ، لأن الكثرة كما عرفت موجبة للحاجة والنقص، والله تنزه عنها فهو السبوح القدوس سبحانه وتعالى.

ويأتي بحث واسع لتفريع الأسماء المحيطة والمحاطة وذاتية وفعليه في صحيفة العارفين .

ولذا يا طيب : قد يرى من لم يأنس بمعارف الأسماء الحسنى أنه يوجد تشابه جدي في البحث بل قد يعتبره تكرار ، ولكن بالتدبر بالخصوصية لما للاسم من المعنى والحيثية التي أنتزع منها نعته في التكوين صار صفة فعليه ، أو في التدبر في جهة النسبة أو الظهور والبطون للأسماء الحسنى نرى حقائق تجليها بما لها من النور في نفس الوجود المقدس البسيط والذي لا يتكثر ولا يتثنى وله كل صفة باسم حسن ، أي لنفس الوجود الذي لا يحاط به علما كان ظاهرا ومحيطا بنور الأسماء بكل شيء في عالم التكوين .

وبهذا يا أخي : عرفنا إن نور ظهور الأسماء الحسنى له معارف قيمة وكريمة ، بها نعرف عظمة الرب سبحانه وظهوره في الوجود بأسمائه الحسنى ، وبالتدبر بالأسماء الفعلية نرى نور الأسماء الحسنى الذاتية ونتعرف على ظهورها وشروقها في الوجود .

 وبهذه المعارف القيمة : نعرف ضرورة وجود الرسول ، والوصي له بعده لأنه لا إمهال في إشراق نور الأسماء بالعدل والإحسان واللطف ، وحتى يصل الموجود المشرف بالتكليف لأحسن غايته بصراط مستقيم حقا ، ومُعرف له بأولياء الله وأهل النعيم المفضلون بكرم نور الأسماء الحسنى بالتجلي الخاص ، وبه تحسن المجازة للمطيعين وللعاصين ، وبعد أن عرف لهم دينهم الواحد من الواحد بأفضل خلقه ، فيجعل المؤمن معرضا مستعدا حقا لنور تجلي الأسماء الحسنى في كل زمان وعلى طول التأريخ .

ولذا المؤمن : حقا يرى في معارف الأسماء الحسنى حقائق كريمة عن نور الله وهداه إن تحقق بها وطلبها بحق وتخلق بها ، فيكون مستعدا أبدا لنور الله ولكل نعيم مقيم أبدا ، فتكون له تربية إسلامية وأخلاقية ودينية يقيم بها العبودية لربه وبأعلى معرفة لعظمته سبحانه ، فيكون ثابت العقيدة راسخ الإيمان مطيعا دائما بما أوتي العبد من قوة للطاعة ، وعن معرفة حقه بما يحب سبحانه ويرضى وبأعلى عبودية .

وإذا تذكرنا : هذه المعرفة لأهمية شرح الأسماء نتنور بمعارف شرح باقي الأسماء الحسنى التي تخص هذا الجزء وما بعده ، وأسأل الله أن يجعل علمنا وعملنا خالصا لوجهه الكريم ، ويحققنا بنورها بأحسن ما تحلى به نبي الرحمة وآله إنه أرحم الراحمين .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها