الإمام الحسين عليه السلام مع حكام زمانه في المدينة والشام وبيان بعض تأريخ بني أمية قبل الإسلام وبعده وظلمهم لبني هاشم مع شرح جواب رسالة الإمام الحسين عليه السلام لرسالة طاغية زمانه بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين صلى الله عليك يا أبا عبد الله صلى الله عليك يا بن رسول الله ما خاب من تمسك بكم وأمن من لجئ إليكم يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما عظم الله أجوركم وكل موالي بمصاب سيدنا وإمامنا وولينا الإمام الحسين عليه السلام فإنا لله وإنا إليه راجعون القرن الخامس الجبرى المصرى يا تيم تيمك الهوى فأطعته * وعن البصيرة يا عُدي عِداك ومنعت إرث المصطفى وتراثه * ووليته طلما ، فمن ولاك ؟ وبسطت أيدي عبد شمس * فاغتدت بالظلم جارية على مغناك لا تحسبيك بريئة مما جرى * والله ما قتل الحسين سواك يا آل أحمد كم يكابد فيكم كبدي * خطوبا للقلوب نواكي كبدي بكم مقروحة * ومدامعي مسفوحة وجوى فؤادي ذاكي وإذ اذكرت مصابكم * قال الاسى لجفوني اجتنبي لذيد كراك وابكي قتيلا بالطفوف لاجله * بكت السماء دما فحق بكاك إن تبكهم في اليوم تلقاهم غدا عيني *بوجه مسفر ضحاك يا رب فاجعل حبهم لي جنة * من موبقات الظلم والاشراك واجبر بها الجبري رب وبره * من ظالم لدمائهم سفاك وبهم إذا أعداء آل محمد * غلقت رهونهم فجد بفكاك ( 1) (ألشاعر)* إبن جبر المصري أحد شعراء مصر على عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله ألمولود سنة 420 والمتوفى 487 ، ذكر المقريزي في الخطط ج 2 ص 365 موسما التخاصم بين بني أمية وبني هاشم للمقريزي ص 52 , ومنهم الحكم بن أبي العاصي بن أمية لعين رسول الله صلى الله عليه وسلم وطريده (5) وكان عارا في الإسلام وكان مؤذيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة يشتمه ويسمعه ما يكره ، فلما كان فتح مكة أظهر الإسلام خوفا من القتل. فلم يحسن إسلامه وكان مغموصا (2) عليه في دينه، ثم قدم المدينة فنزل على عثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية (3)، وكان يطالع الأعراب والكفار بأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ذات يوم مشى الحكم خلفه فجعل يختلج بأنفه وفمه كأنه يحاكي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتفكك ويتمايل . فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه. فقال له : كن كذلك ، فما زال بقية عمره على ذلك. واطلع يوما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في حجرة بعض نسائه فخرج إليه بعنزة فقال: من عذيري من هذا الوزغة لو أدركته لفقأت عينه (4). وقال زهير بن محمد عن صالح بن أبي صالح قال: حدثني نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر الحكم بن أبي العاصي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ويل لأمتي مما في صلب هذا (1). ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لعنه وما ولد وغربه عن المدينة، فلم يزل خارجا عنها بقية حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافة أبي بكر وعمر، فلما استخلف عثمان رده إلى المدينة وولده فكان ذلك مما أنكره الناس على عثمان (1). وكان أعظم الناس شؤما على عثمان فإنهم جعلوا إدخاله المدينة بعد طرد النبي إياه وبعد امتناع أبي بكر وعمر من ذلك، أكبر الحجج على عثمان ومات في خلافته فضرب على قبره فسطاطا. وقد قالت عائشة لمروان بن الحكم: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صلبه . وقال عبد الرحمن بن حسان بن ثابت لمروان بن الحكم : إن اللعين أباك فارم عظامه * إن ترم ترم مخلجا مجنونا يضحى خميص البطن من عمل * التقى ويظل من عمل الخبيث بطينا وكان الحكم هذا يقال له: طريد رسول الله ولعينه، وهو والد مروان بن الحكم الذي صارت الخلافة إليه بالغلبة وتوارثها بنوه من بعده، وكان رجلا لا فقه له، ولا يعرف بالزهد، ولا برواية الآثار، ولا بصحبة، ولا ببعد همة، هامش) والمواهب اللدنية: 1 / 119، وجامع الأصول: 11 / 365. (2) - غمصه يغمصه غمصا: حقره: ورجل مغموص عليه في دينه، أي مطعون. (3) - راجع شرح النهج لابن أبي الحديد: 1 / 199. (4) - ذكره ابن حبيب من جملة المؤذين للنبي راجع المحبر: 157 وراجع الطبقات ا لكبري: = (*) = 1 / 157 ذكر دعاء الرسول الناس للإسلام، وكذا ابن الجوزي في المنتظم: 3 / 49 سنة 1 ه‍. (1) - المعجم الأوسط: 2 / 312، والمطالب العالية: 4 / 330 ح 4525. (2) - مجمع الزوائد: 5 / 242 ط. مصر وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 436 ح 9239. (3) - الإستيعاب: 1 / 318، والإصابة: 1 / 346، وشرح النهج لابن أبي الحديد: 6 / 150. (*) ص 54 مروان كان سسب الثورة على عثمان خمس خراج أفريقيا مصر وما ولاها المصريين بعد أن حصر تنازل ونحى واليهم ولكنه أرسل رساله بختم عثمان يأمره بقتلهم معاوية أعطاه فدك الإمام الحسين مع مروان : الإمام يبين مرده وأصحابه لله وهم في الجنة وأعدائهم للنار : عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : دخل مروان بن الحكم المدينة قال : فاستلقى على السرير ، وثم مولى للحسين عليه السلام ، فقال : {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمْ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ } . فقال : فقال الحسين لمولاه : ماذا قال هذا حين دخل ؟ قال : استلقى على السرير ، فقرأ : {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمْ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ}. قال : فقال الحسين عليه السلام : نعم والله رددت أنا وأصحابي إلى الجنة ، ورد هو وأصحابه إلى النار . تفسير العياشي : ج 1 ص 362 والآية في الأنعام : 62 . بحار الأنوار ج40ب27ص206ح3 . حب الإمام لأسم علي : وبغض أعداءه له : عن عبدالرحمن ابن محمد العرزمي قال : استعمل معاوية مروان بن الحكم على المدينة . وأمره أن يفرض لشباب قريش ، ففرض لهم . فقال علي بن الحسين عليهما السلام فأتيته فقال : ما اسمك ؟ فقلت : علي بن الحسين . فقال : ما اسم أخيك ؟ فقلت : علي . فقال علي وعلي ؟ ما يريد أبوك أن يدع أحدا من ولده إلا سماه عليا . ثم فرض لي فرجعت إلى أبي عليه السلام فأخبرته . فقال : ويلي على ابن الزرقاء دباغة الأدم . لو ولد لي مائة لأحببت أن لا اسمي أحدا منهم إلا عليا . الكافي ج 6 ص 19 باب الأسماء والكنى الرقم 7 ، بيان : ويل كلمة مثل ويح إلا أنها كلمة عذاب بحار الأنوار ج40ب27ص211ح8 . مع مروان : الإمام يثبت فضله ويخزي مروان : في المناقب والاحتجاج : عن محمد بن السائب أنه قال : قال مروان بن الحكم يوما للحسين بن علي عليهما السلام : لولا فخركم بفاطمة بما كنتم تفتخرون علينا ؟ فوثب الحسين عليه السلام وكان عليه السلام شديد القبضة ، فقبض على حلقه فعصره ولوى عمامته على عنقه ، حتى غشي عليه ثم تركه . وأقبل الحسين عليه السلام على جماعة من قريش فقال : أنشدكم بالله إلا صدقتموني إن صدقت ، أتعلمون أن في الأرض حبيبين كانا أحب إلى رسول الله مني ومن أخي ؟ أو على ظهر الأرض ابن بنت نبي غيري وغير أخي ؟ قالوا : لا . قال : وإني لا أعلم أن في الأرض ملعون بن ملعون غير هذا . وأبيه طريد رسول الله صلى الله عليه وآله . والله ما بين جابرس وجابلق أحدهما بباب المشرق والآخر بباب المغرب رجلان ممن ينتحل الإسلام أعدى لله ولرسوله ولأهل بيته منك ومن أبيك ، إذ كان وعلامة قولي فيك أنك إذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك . قال : فو الله ما قام مروان من مجلسه حتى غضب فانتقض ، وسقط رداؤه عن عاتقه . بحار الأنوار ج40ب27ص206ح2 عن الاحتجاج : ص 153 واللفظ له ، ومناقب آل أبى طالب ج 4ص51 . بحار الأنوار ج40ب27ص206ح2 . الخطبة في المناقب : عبد الملك بن عمير ، والحاكم ، والعباس قالوا : خطب الحسن عليه السلام عائشة بنت عثمان . فقال مروان : أزوجها عبد الله بن الزبير . ثم إن معاوية كتب إلى مروان ، وهو عامله على الحجاز يأمره : أن يخطب أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد. فأتى عبد الله بن جعفر فأخبره بذلك . فقال عبد الله : إن أمرها ليس إلي إنما هو إلى سيدنا الحسين عليه السلام وهو خالها . فأخبر الحسين بذلك فقال : أستخير الله تعالى اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمد . فلما أجتع الناس : في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله . أقبل مروان : حتى جلس إلى الحسين عليه السلام ، وعنده من الجلة ، وقال : إن أمير المؤمنين : أمرني بذلك . وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ . مع صلح : ما بين هذين الحيين ، مع قضاء دينه . وأعلم : أن من يغبطكم بيزيد ، أكثر ممن يغبطه بكم ! والعجب كيف يستمهر يزيد ؟ وهو كفو من لا كفو له . وبوجهه يستسقي الغمام . فرد خيرا يا أبا عبد الله ! فقال الحسين عليه السلام : الحمد لله الذي اختارنا لنفسه ، وارتضانا لدينه . واصطفانا على خلقه .... إلى آخر كلامه . ثم قال : يا مروان قد قلت فسمعنا . أما قولك : مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ . فلعمري : لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله في بناته ونسائه وأهل بيته. ، وهو ثنتا عشرة أوقية ، يكون أربعمائة وثمانين درهما . وأما قولك : مع قضاء دين أبيها . فمتى : كن نساؤنا يقضين عنا ديوننا ؟ وأما صلح : ما بين هذين الحيين ، فانا قوم عاديناكم في الله ، ولم نكن نصالحكم للدنيا . فلعمري فلقد أعيا النسب فكيف السبب . وأما قولك العجب ليزيد كيف يستمهر ؟ فقد استمهر من هو خير من يزيد ، ومن أبي يزيد ومن جد يزيد . وأما قولك : إن يزيد كفو من لا كفو له ! فمن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه اليوم ، ما زادته إمارته في الكفاءة شيئا . وأما قولك : بوجهه يستسقي الغمام ، فإنما كان ذلك بوجه رسول الله صلى الله عليه وآله . وأما قولك : من يغبطنا به أكثر ممن يغبطه بنا. فإنما يغبطنا به أهل الجهل ، ويغبطه بنا أهل العقل . ثم قال بعد كلام : فاشهدوا جميعا أني قد زوجت ام كلثوم بنت عبد الله بن جعفر . من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر على أربعمائة وثمانين درهما . وقد نحلتها ضيعتي بالمدينة . أو قال أرضي بالعقيق ، وإن غلتها في السنة ثمانية آلاف دينار ، ففيها لهما غنى إن شاء الله . قال : فتغير وجه مروان ، وقال : غدرا يا بني هاشم ؟ تأبون إلا العداوة فذكره الحسين عليه السلام خطبة الحسن عاشة وفعله . ثم قال : فأين موضع الغدر يا مروان . فقال مروان : أردنا صهركم لنجد ودا قد أخلقه به حدث الزمان . فلما جئتكم فجبهتموني وبحتم بالضمير من الشنآن . فأجابه ذكوان مولى بني هاشم : أماط الله منهم كل رجس وطهرهم بذلك في المثاني فمالهم سواهم من نظير ولا كفو هناك ولا مداني أتجعل كل جبار عنيد إلى الأخيار من أهل الجنان ثم إنه كان الحسين عليه السلام تزوج بعائشة بنت عثمان . بيان : قال الجوهري : مشيخة جلة أي مسان . وقال : باح بسره أظهره والشنآن بفتح النون وسكونها العداوة . مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 38 41 ، وقد مر في ب 21 تحت الرقم 13 أن المتكلم في ذلك هو الحسن بن على عليهما السلام فراجع . بحار الأنوار ج40ب27ص207ح4 . الإمام الحسين ينهر مروان : الإمام يبين أن الحق مع الإمام علي وصحبه ويذم أعدائه : في تفسير فرات بن إلراهم : عن أبي الجارية والاصبغ بن نباتة الحنظلي قالا : لما كان مروان على المدينة : خطب الناس فوقع في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام . قال : فلما نزل عن المنبر أتى الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام . فقيل له : إن مروان قد وقع في علي . قال : فما كان في المسجد الحسن ؟ قالوا : بلى . قال : فما قال له شيئا ؟ قالوا : لا . قال : فقام الحسين مغضبا حتى دخل على مروان . فقال له : يا ابن الزرقاء ويا ابن آكلة القمل أنت الواقع في علي ؟ قال له مروان : إنك صبي لا عقل لك . قال : فقال له الحسين : ألا أخبرك بما فيك وفي أصحابك . وفي علي فان الله تعالى يقول : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَانُ وُدًّا}. فذلك لعلي وشيعته . {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} . فبشر بذلك النبي العربي لعلي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام . الآيتان في سورة مريم : 96 ، 97 ، والحديث في تفسير فرات ص 90 .بحار الأنوار ج40ب27ص210ح7. مروان يكتب لمعاوية يحرضه على الإمام الحسين عليه السلام . في رجال الكشي : روي أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية وهو عامله على المدينة : أما بعد فان عمرو بن عثمان ذكر : أن رجالا من أهل العراق . ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي . وذكر أنه لا يأمن وثوبه . وقد بحثت عن ذلك فبلغني أنه لا يريد الخلاف يومه هذا . ولست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده فاكتب إلي برأيك في هذا والسلام . فكتب إليه معاوية : أما بعد فقد بلغني وفهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين . فإياك أن تعرض للحسين في شيء ، واترك حسينا ما تركك . فإنا لا نريد أن نعرض له في شئ ما وفى بيعتنا ، ولم ينازعنا سلطاننا . فأكمن عنه ما لم يبد لك صفحته والسلام . وكتب معاوية إلى الحسين بن علي عليهما السلام : أما بعد فقد انتهت إلي أمور عنك إن كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها . ولعمر الله إن من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء . فان كان الذي بلغني باطلا . فانك أنت أعزل الناس لذلك . وعظ نفسك فاذكر ، وبعهد الله أوف . فانك متى ما تنكرني أنكرك . ومتى ما تكدني أكدك . فاتق شق عصا هذه الأمة ، وأن يردهم الله على يديك في فتنة . فقد عرفت الناس وبلوتهم ، فانظر لنفسك ولدينك ولامة محمد . ولا يستخفنك السفهاء والذين لا يعلمون . فلما وصل الكتاب إلى الحسين صلوات الله عليه: كتب إليه : أما بعد : فقد بلغني كتابك تذكر أنه قد بلغك عني أمور . أنت لي عنها راغب . وأنا بغيرها عندك جدير . فان الحسنات لا يهدي لها ، ولا يسدد إليها إلا الله . وأما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني ، فانه إنما رقاه إليك الملاقون المشاؤون بالنميم . وما أريد لك حربا ولا عليك خلاف. وأيم الله إني لخائف لله في ترك ذلك . وما أظن الله راضيا بترك ذلك ، ولا عاذرا بدون الأعذار فيه إليك . وفي أولئك القاسطين الملحدين حزب الظلمة ، وأولياء الشياطين . ألست القاتل حجرا أخا كندة والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم . ويستعظمون البدع ، ولا يخافون في الله لومة لائم . ثم قتلتهم : ظلما وعدوانا ، من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة . والمواثيق المؤكدة ، ولا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ، ولا بإحنة تجدها في نفسك . أولست : قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله . العبد الصالح الذي أبلته العبادة ، فنحل جسمه ، وصفرت لونه . بعد ما أمنته : وأعطيته من عهود الله ومواثيقه . ما لو أعطيته طائرا ، لنزل إليك من رأس الجبل . ثم قتلته جرأة على ربك واستخفافا بذلك العهد . أو لست : المدعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف . فزعمت أنه ابن أبيك . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " الولد للفراش وللعاهر الحجر " فتركت سنة رسول الله تعمدا . وتبعت هواك بغير هدى من الله ، ثم سلطته على العراقين : يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم ، ويسمل أعينهم ويصلبهم على جذوع النخل . كأنك لست من هذه الأمة ، وليسوا منك . أو لست : صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية . أنهم كانوا على دين علي صلوات الله عليه . فكتبت إليه أن : اقتل كل من كان على دين علي ، فقتلهم ومثل بهم بأمرك . ودين علي عليه السلام : والله الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك . به جلست مجلسك الذي جلست . ولولا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين . ( يعنى ما في قوله تعالى : لأَيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ . قريش 2ـ1) . وقلت فيما قلت : " انظر لنفسك ولدينك ولامة محمد . واتق شق عصا هذه الأمة وأن تردهم إلى فتنة " وإني : لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها . ولا أعلم نظرا لنفسي ولديني ولامة محمد صلى الله عليه وآله علينا أفضل من أن اجاهدك . فان فعلت فانه قربة إلى الله . وإن تركته فإني أستغفر الله لذنبي . وأسأله توفيقه لأرشاد أمري . وقلت فيما قلت " أني إن أنكرتك تنكرني وإن أكدك تكدني " فكدني : ما بدا لك ، فإني أرجو أن لا يضرني كيدك في . وأن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك ، لأنك قد ركبت جهلك . وتحرصت على نقض عهدك . ولعمري : ما وفيت بشرط . ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر . الذين قتلتهم بعد الصلح والإيمان والعهود والمواثيق . فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا . ولم تفعل ذلك بهم : إلا لذكرهم فضلنا ، وتعظيمهم حقنا . فقتلتهم : مخافة أمر ، لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا ، أو ماتوا قبل أن يدركوا . فأبشر : يا معاوية بالقصاص ، واستيقن بالحساب . واعلم : أن لله تعالى كتابا ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها . وليس الله : بناس لأخذك بالظنة ، وقتلك أولياءه على التهم . ونفيك : أولياءه من دورهم إلى دار الغربة . وأخذك الناس : ببيعة ابنك غلام حدث . يشرب الخمر ، ويلعب بالكلاب . لا أعلمك : إلا وقد خسرت نفسك ، وبترت دينك . وغششت رعيتك ، وأخزيت أمانتك ، وسمعت مقالة السفيه الجاهل . وأخفت الورعِ التقي لأجلهم والسلام . فلما قرأ معاوية الكتاب قال : لقد كان في نفسه ضب ـ حقد ـ ما أشعر به . فقال يزيد : يا أمير المؤمنين أجبه جوابا يصغر إليه نفسه ، وتذكر فيه أباه بشر فعله . قال : ودخل عبد الله بن عمرو بن العاص . فقال له معاوية : أما رأيت ما كتب به الحسين ؟ قال : وما هو ؟ قال : فأقرأه الكتاب . فقال : وما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه . وإنما قال ذلك في هوى معاوية ، فقال يزيد : كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأيي ؟ فضحك معاوية فقال : أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك . قال عبد الله : فقد أصاب يزيد . فقال معاوية : أخطأتما ، أريتما لو أني ذهبت لعيب علي ( أردت أن أعيب عليا ) محقا . ما عسيت أن أقول فيه . ومثلي : لا يحسن أن يعيب بالباطل ، وما لا يعرف . ومتى ما عبت : رجلا بما لا يعرفه الناس لم يحفل بصاحبه ، ولا يراه الناس شيئا وكذبوه . وما عسيت : أن أعيب حسينا ، و والله ما أرى للعيب فيه موضعا . وقد رأيت أن أكتب إليه أتوعده أتهدده ، ثم رأيت أن لا أفعل ولا أمحكه ـ أجادله ـ . ـــــــــ شرح : هذا ما في الكشي وفي الاحتجاج ص 153 بحار الأنوار ج40ب27ص212ح9. أما بعد فقد بلغني كتابك أنه قد بلغك عني امور أن بي عنها غنى وزعمت أني راغب فيها ، وأنا بغيرها عنك جدير ، وساق الحديث نحوا مما مر إلى قوله : وما أرى فيه للعيب موضعا إلا أني قد أردت أن أكتب إليه وأتوعده وأتهدده وأسفهه وأجهله ، ثم رأيت أن لا أفعل . قال : فما كتب إليه بشيء يسوؤه ولا قطع عنه شيئا كان يصله به كان يبعث إليه في كل سنة ألف ألف درهم ، سوى عروض وهدايا من كل ضرب . قال المجلسي بيان : قوله " فقد أظنك تركتها " أي الظن بك أن تتركها رغبة في ثواب الله أو في بقاء المودة ، أو أظنك تركتها لرغبتي عن فعلك ذلك ، وعدم رضائي بذلك شفقة عليك ، ويمكن أن يكون تركبها بالباء الموحدة أي أظنك ركبت هذه الأمور للرغبة في الدنيا وملكها ورئاستها ، ويؤيد الأخير ما في نسخة الاحتجاج في جواب ذلك ، ويؤيد الوسط ما في رواية الكشي " أنت لي عنها راغب " . وشق العصا : كناية عن تفريق الجمع ، قوله عليه السلام : وما أظن الله راضيا بترك ذلك ، أي بعد حصول شرائطه ، والأحنة بالكسر الحقد والعداوة . قوله عليه السلام الرحلتين أي رحلة الشتاء والصيف وفي الاحتجاج " ولولا ذلك لكان أفضل شرفك وشرف أبيك تجشم الرحلتين اللتين بنا من الله عليكم فوضعهما عنكم . وفيه بعد قوله " وإن أكدك تكدني " وهل رأيك إلا كيد الصالحين منذ خلقت ، فكدني ما بدا لك إن شئت فاني أرجو أن لا يضرني كيدك ، وأن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك ، على أنك تكيد فتوقظ عدوك ، وتوبق نفسك كفعلك بهؤلاء الذين قتلتهم ومثلت بهم بعد الصلح والعهد والميثاق . وفيه " غلام من الغلمان يشرب الشراب ويلعب بالكعاب " . قوله لعنه الله " لقد كان في نفسه صب " في أكثر النسخ بالصاد المهملة ولعله بالضم . بحار الأنوار ج40ب27ص215ح10 ــــــ ،،،،،،،، وذكر المناقب عن العقد الفريد للأندلسي : دعا معاوية مروان بن الحكم فقال له : أشر علي في الحسين . فقال : أرى أن تخرجه معك إلى الشام ، وتقطعه عن أهل العراق ، وتقطعهم عنه . فقال : أردت والله أن تستريح منه ، وتبتليني به . فان صبرت عليه صبرت على ما أكره . وإن أسأت إليه قطعت رحمه ، فأقامه . وبعث إلى سعيد بن العاص . فقال له : يا أبا عثمان أشر علي في الحسين . فقال : إنك والله ما تخاف الحسين إلا على من بعدك . وإنك لتخلف له قرنا إن صارعه ليصرعنه وإن سابقه ليسبقنه فذر الحسين بمنبت النخلة ، يشرب الماء ، ويصعد في الهواء ، ولا يبلغ إلى السماء . المناقب ج 4 ص 81 و 82 . الثالث عشر : شعر السيد الرضي في رثاء الحسين عليه السلام : كربلا لازلـت كربا وبـلا ما لقى عنـدك آل المصطفى كم علـى تربك لما صرعوا من دم سـال ومن دمع جرى وضـيـوف لفـلاة قفـرة نـزلـوا فيها على غير قرى لم يذوقوا الماء حتى اجتمعوا بحد السيف على ورد الردى تكسف الشمس شموس منهم لا تـدانيهـا عـلوا وضيـا وتنوش الوحش من أجسادهم أرجل السـبق وأيمان النـدا ووجوها كالمصابيح فمـن قمر غاب ومن نـجم هـوى غيرتهـن الليـالي وغـدا جائـر الحكـم عليهـن البلى يا رسـول الله لو عاينتـهم وهم مـا بيـن قتـل وسـبا من رميض يمنع الظل ومن عـاطش يسـقى أنابيب القنا ومسوق عاثر يسعى به خلف محمـول على غيـر وطـا جزروا جزر الأضاحي نسله ثم سـاقوا أهله سوق الامـا قتلوه بعـد علم منهـم أنـه خـامـس أصحـاب الكسـا ميـت تبـكي لـه فـاطمة وأبـوها وعـلي ذو العـلا اللهم إني أسألك باسمك الأعز الأجل الأكرم أعلى وبكل أسمائك الحسنى وبكل ما تستجيب به له لعبادك حين تدعى أن تصلي وتترحم وتبارك على محمد وآل محمد بأفضل وأنما صلاتك ورحمتك وبركاتك وأن تجعلنا اللهم معهم في الدنيا والآخرة في كل خير أعددته لهم ولشيعتهم الطيبين ويا ربنا العلي العظيم أسألك أن تقضي حوائج المحتاجين وتنصر عبادك المؤمنين ويا ربنا تقبل أعمالنا وأعمال الحاضرين وتولانا بما توليت به أولياءك الصادقين المخلصين وترحم على أمواتنا وشافي مرضنا وسهل أمورنا وجميع شيعة أمير المؤمنين وأنصر وأيد المسلمين وكفهم عنهم شر أعدائهم ومن يريد بهم سؤا ويكيدهم فإنك على كل شيء قدير 29 ذي الحجة 1428 إعداد وإلقاء خادم علوم آل محمد عليهم السلام الشيخ حسن الأنباري موسوعة صحف الطيبين http://www.msn313.com http://www.114.ir http://www.iriq.ir