حديث الإمامة وفضلها والإمام وخصائصه عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وهو يشمل معارف كريمة عن تعريف الإمامة والإمام وما لهما من الشأن الكريم من الله في عباده بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين الكافي ج1ص199ح1 بَابٌ نَادِرٌ جَامِعٌ فِي فَضْلِ الْإِمَامِ وَ صِفَاتِهِ . في الكافي : عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ الرِّضَا ع بِمَرْوَ : فَاجْتَمَعْنَا فِي الْجَامِعِ : يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي بَدْءِ مَقْدَمِنَا ، فَأَدَارُوا أَمْرَ الْإِمَامَةِ ، وَ ذَكَرُوا كَثْرَةَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا . فَدَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي عليه السلام : فَأَعْلَمْتُهُ خَوْضَ النَّاسِ فِيهِ . فَتَبَسَّمَ عليه السلام ثُمَّ قَالَ : يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ جَهِلَ الْقَوْمُ ، وَ خُدِعُوا عَنْ آرَائِهِمْ. إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ : لَمْ يَقْبِضْ نَبِيَّهُ ، حَتَّى أَكْمَلَ لَهُ الدِّينَ ، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ ، بَيَّنَ فِيهِ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ ، وَ الْحُدُودَ وَ الْأَحْكَامَ ، وَ جَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ كَمَلًا ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ :{ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ } الأنعام : 38 . ـ تبيان كل شيء ، الراسخون بالعلم ـ وَ أَنْزَلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ : وَ هِيَ آخِرُ عُمُرِهِ صلى الله عليه وآله وسلم : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ } المائدة : 3 . ـ الغدير ـ وَ أَمْرُ الْإِمَامَةِ : مِنْ تَمَامِ الدِّينِ ، وَ لَمْ يَمْضِ ص حَتَّى بَيَّنَ لِأُمَّتِهِ مَعَالِمَ دِينِهِمْ ، وَ أَوْضَحَ لَهُمْ سَبِيلَهُمْ ، ـ كل ما يقربهم إلى الجنة ، ويبعدهم عن النار ـ وَ تَرَكَهُمْ عَلَى قَصْدِ سَبِيلِ الْحَقِّ . وَ أَقَامَ لَهُمْ : عَلِيّاً ع عَلَماً وَ إِمَاماً ، وَ مَا تَرَكَ لَهُمْ شَيْئاً ، يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ إِلَّا بَيَّنَهُ . فَمَنْ زَعَمَ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يُكْمِلْ دِينَهُ ، فَقَدْ رَدَّ كِتَابَ اللَّهِ ، وَ مَنْ رَدَّ كِتَابَ اللَّهِ ، فَهُوَ كَافِرٌ بِهِ . هَلْ يَعْرِفُونَ : قَدْرَ الْإِمَامَةِ ، وَ مَحَلَّهَا مِنَ الْأُمَّةِ ، فَيَجُوزَ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ . إِنَّ الْإِمَامَةَ : أَجَلُّ قَدْراً ، وَ أَعْظَمُ شَأْناً ، وَ أَعْلَى مَكَاناً ، وَ أَمْنَعُ جَانِباً ، وَ أَبْعَدُ غَوْراً ، مِنْ أَنْ يَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ ، أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ ، أَوْ يُقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ . إِنَّ الْإِمَامَةَ : خَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ ع بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَ الْخُلَّةِ ، مَرْتَبَةً ثَالِثَةً ، وَ فَضِيلَةً شَرَّفَهُ بِهَا ، وَ أَشَادَ بِهَا ذِكْرَهُ . فَقَالَ :{ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } . ـ كل الآية { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)} فَقَالَ الْخَلِيلُ ع : سُرُوراً بِهَا ، { قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي } . قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى : { قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } البقرة : 124. فَأَبْطَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِمَامَةَ كُلِّ ظَالِمٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَ صَارَتْ فِي الصَّفْوَةِ . ثُمَّ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّتِهِ أَهْلِ الصَّفْوَةِ وَ الطَّهَارَةِ . فَقَالَ : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ } الأنبياء : 72 ـ 73 . فَلَمْ تَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِهِ ، يَرِثُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ ، قَرْناً فَقَرْناً ، حَتَّى وَرَّثَهَا اللَّهُ تَعَالَى النَّبِيَّ ص فَقَالَ جَلَّ وَ تَعَالَى : { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } آل عمران : 68 . فَكَانَتْ لَهُ خَاصَّةً ، فَقَلَّدَهَا ص عَلِيّاً ع‏ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى رَسْمِ مَا فَرَضَ اللَّهُ . فَصَارَتْ : فِي ذُرِّيَّتِهِ الْأَصْفِيَاءِ ، الَّذِينَ آتَاهُمُ اللَّهُ الْعِلْمَ وَ الْإِيمَانَ . بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ } الروم : 56 . فَهِيَ : فِي وُلْدِ عَلِيٍّ ع خَاصَّةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، إِذْ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ص . فَمِنْ أَيْنَ : يَخْتَارُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ . إِنَّ الْإِمَامَةَ : هِيَ مَنْزِلَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَ إِرْثُ الْأَوْصِيَاءِ . إِنَّ الْإِمَامَةَ : خِلَافَةُ اللَّهِ ، وَ خِلَافَةُ الرَّسُولِ ص ، وَ مَقَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع ، وَ مِيرَاثُ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ع . إِنَّ الْإِمَامَةَ : زِمَامُ الدِّينِ ، وَ نِظَامُ الْمُسْلِمِينَ ، وَ صَلَاحُ الدُّنْيَا ، وَ عِزُّ الْمُؤْمِنِينَ . إِنَّ الْإِمَامَةَ : أُسُّ الْإِسْلَامِ النَّامِي ، وَ فَرْعُهُ السَّامِي . بِالْإِمَامِ : تَمَامُ الصَّلَاةِ ، وَ الزَّكَاةِ ، وَ الصِّيَامِ ، وَ الْحَجِّ ، وَ الْجِهَادِ ، وَ تَوْفِيرُ الْفَيْ‏ءِ ، وَ الصَّدَقَاتِ ، وَ إِمْضَاءُ الْحُدُودِ وَ الْأَحْكَامِ ، وَ مَنْعُ الثُّغُورِ وَ الْأَطْرَافِ . الْإِمَامُ : يُحِلُّ حَلَالَ اللَّهِ ، وَ يُحَرِّمُ حَرَامَ اللَّهِ ، وَ يُقِيمُ حُدُودَ اللَّهِ، وَ يَذُبُّ عَنْ دِينِ اللَّهِ . وَ يَدْعُو : إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، وَ الْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ . الْإِمَامُ : كَالشَّمْسِ الطَّالِعَةِ الْمُجَلِّلَةِ بِنُورِهَا لِلْعَالَمِ ، وَ هِيَ فِي الْأُفُقِ ، بِحَيْثُ لَا تَنَالُهَا الْأَيْدِي ، وَ الْأَبْصَارُ . الْإِمَامُ : الْبَدْرُ الْمُنِيرُ ، وَ السِّرَاجُ الزَّاهِرُ ، وَ النُّورُ السَّاطِعُ ، وَ النَّجْمُ الْهَادِي فِي غَيَاهِبِ الدُّجَى ، وَ أَجْوَازِ الْبُلْدَانِ وَ الْقِفَارِ، وَ لُجَجِ الْبِحَارِ . الْإِمَامُ : الْمَاءُ الْعَذْبُ عَلَى الظَّمَإِ ، وَ الدَّالُّ عَلَى الْهُدَى ، وَ الْمُنْجِي مِنَ الرَّدَى . الْإِمَامُ : النَّارُ عَلَى الْيَفَاعِ ، الْحَارُّ لِمَنِ اصْطَلَى بِهِ ، وَ الدَّلِيلُ فِي الْمَهَالِكِ مَنْ فَارَقَهُ فَهَالِكٌ . الْإِمَامُ : السَّحَابُ الْمَاطِرُ ، وَ الْغَيْثُ الْهَاطِلُ ، وَ الشَّمْسُ الْمُضِيئَةُ ، وَ السَّمَاءُ الظَّلِيلَةُ ، وَ الْأَرْضُ الْبَسِيطَةُ ، وَ الْعَيْنُ الْغَزِيرَةُ ، وَ الْغَدِيرُ وَ الرَّوْضَةُ . الْإِمَامُ : الْأَنِيسُ الرَّفِيقُ ، وَ الْوَالِدُ الشَّفِيقُ ، وَ الْأَخُ الشَّقِيقُ ، وَ الْأُمُّ الْبَرَّةُ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ ، وَ مَفْزَعُ الْعِبَادِ فِي الدَّاهِيَةِ النَّآدِ . الْإِمَامُ : أَمِينُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ ، وَ حُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ ، وَ خَلِيفَتُهُ فِي بِلَادِهِ ، وَ الدَّاعِي إِلَى اللَّهِ ، وَ الذَّابُّ عَنْ حُرَمِ اللَّهِ . الْإِمَامُ : الْمُطَهَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ ، وَ الْمُبَرَّأُ عَنِ الْعُيُوبِ. الْمَخْصُوصُ : بِالْعِلْمِ الْمَوْسُومُ بِالْحِلْمِ ، نِظَامُ الدِّينِ ، وَ عِزُّ الْمُسْلِمِينَ ، وَ غَيْظُ الْمُنَافِقِينَ ، وَ بَوَارُ الْكَافِرِينَ . الْإِمَامُ : وَاحِدُ دَهْرِهِ لَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ ، وَ لَا يُعَادِلُهُ عَالِمٌ ، وَ لَا يُوجَدُ مِنْهُ بَدَلٌ ، وَ لَا لَهُ مِثْلٌ ، وَ لَا نَظِيرٌ . مَخْصُوصٌ : بِالْفَضْلِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُ لَهُ وَ لَا اكْتِسَابٍ . بَلِ اخْتِصَاصٌ : مِنَ الْمُفْضِلِ الْوَهَّابِ . فَمَنْ ذَا الَّذِي : يَبْلُغُ مَعْرِفَةَ الْإِمَامِ ، أَوْ يُمْكِنُهُ اخْتِيَارُهُ . هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ : ضَلَّتِ الْعُقُولُ ، وَ تَاهَتِ الْحُلُومُ ، وَ حَارَتِ الْأَلْبَابُ ، وَ خَسَأَتِ الْعُيُونُ ، وَ تَصَاغَرَتِ الْعُظَمَاءُ ، وَ تَحَيَّرَتِ الْحُكَمَاءُ ، وَ تَقَاصَرَتِ الْحُلَمَاءُ ، وَ حَصِرَتِ الْخُطَبَاءُ ، وَ جَهِلَتِ الْأَلِبَّاءُ ، وَ كَلَّتِ الشُّعَرَاءُ ، وَ عَجَزَتِ الْأُدَبَاءُ ، وَ عَيِيَتِ الْبُلَغَاءُ . عَنْ وَصْفِ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِهِ . أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ . وَ أَقَرَّتْ : بِالْعَجْزِ وَ التَّقْصِيرِ . وَ كَيْفَ : يُوصَفُ بِكُلِّهِ ، أَوْ يُنْعَتُ بِكُنْهِهِ ، أَوْ يُفْهَمُ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَمْرِهِ ، أَوْ يُوجَدُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ ، وَ يُغْنِي غِنَاهُ . لَا كَيْفَ وَ أَنَّى . وَ هُوَ : بِحَيْثُ النَّجْمِ مِنْ يَدِ الْمُتَنَاوِلِينَ ، وَ وَصْفِ الْوَاصِفِينَ . فَأَيْنَ : الِاخْتِيَارُ مِنْ هَذَا ، وَ أَيْنَ الْعُقُولُ عَنْ هَذَا ، وَ أَيْنَ يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا . أَ تَظُنُّونَ : أَنَّ ذَلِكَ يُوجَدُ فِي غَيْرِ آلِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ ص . كَذَبَتْهُمْ : وَ اللَّهِ ، أَنْفُسُهُمْ ، وَ مَنَّتْهُمُ الْأَبَاطِيلَ ، فَارْتَقَوْا مُرْتَقاً صَعْباً دَحْضاً ، تَزِلُّ عَنْهُ إِلَى الْحَضِيضِ أَقْدَامُهُمْ . رَامُوا : إِقَامَةَ الْإِمَامِ بِعُقُولٍ ، حَائِرَةٍ ، بَائِرَةٍ ، نَاقِصَةٍ ، وَ آرَاءٍ مُضِلَّةٍ ، فَلَمْ يَزْدَادُوا مِنْهُ ، إِلَّا بُعْداً ، قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ . وَ لَقَدْ : رَامُوا صَعْباً ، وَ قَالُوا إِفْكاً ، وَ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيداً . وَ وَقَعُوا فِي الْحَيْرَةِ ، إِذْ تَرَكُوا الْإِمَامَ عَنْ بَصِيرَةٍ ، وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ، فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ، وَ كَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ . رَغِبُوا : عَنِ اخْتِيَارِ اللَّهِ ، وَ اخْتِيَارِ رَسُولِ اللَّهِ ص ، وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ، إِلَى اخْتِيَارِهِمْ . وَ الْقُرْآنُ يُنَادِيهِمْ : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } القصص 68 . وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا } الأحزاب : 36 . وقال : { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ *أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا يَتَخَيَّرُونَ *أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ * سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ *أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ } القلم : 37 إلى 42 وقال عز وجل : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } محمد : 24 أم{ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } التوبة : 87 " أم " { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ } الأنفال : 21 إلى 23 . أم { قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } البقرة : 93 . أَمْ قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا بَلْ هُوَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فَكَيْفَ لَهُمْ : بِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ ، وَ الْإِمَامُ عَالِمٌ لَا يَجْهَلُ ، وَ رَاعٍ لَا يَنْكُلُ ، مَعْدِنُ الْقُدْسِ وَ الطَّهَارَةِ ، وَ النُّسُكِ وَ الزَّهَادَةِ ، وَ الْعِلْمِ وَ الْعِبَادَةِ ، مَخْصُوصٌ بِدَعْوَةِ الرَّسُولِ ص ، وَ نَسْلِ الْمُطَهَّرَةِ الْبَتُولِ . لَا مَغْمَزَ فِيهِ فِي نَسَبٍ ، وَ لَا يُدَانِيهِ ذُو حَسَبٍ . فِي الْبَيْتِ : مِنْ قُرَيْشٍ ، وَ الذِّرْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ، وَ الْعِتْرَةِ مِنَ الرَّسُولِ ص ، وَ الرِّضَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟ شَرَفُ الْأَشْرَافِ ، وَ الْفَرْعُ مِنْ عَبْدِ مَنَافٍ . نَامِي الْعِلْمِ : كَامِلُ الْحِلْمِ ، مُضْطَلِعٌ بِالْإِمَامَةِ ، عَالِمٌ بِالسِّيَاسَةِ ، مَفْرُوضُ الطَّاعَةِ ، قَائِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، نَاصِحٌ لِعِبَادِ اللَّهِ ، حَافِظٌ لِدِينِ اللَّهِ . إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَ الْأَئِمَّةَ : ص يُوَفِّقُهُمُ اللَّهُ ، وَ يُؤْتِيهِمْ مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِهِ وَ حِكَمِهِ ، مَا لَا يُؤْتِيهِ غَيْرَهُمْ . فَيَكُونُ عِلْمُهُمْ : فَوْقَ عِلْمِ أَهْلِ الزَّمَانِ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْد َ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } البقرة : 269 . وَ قَوْلِهِ فِي طَالُوتَ : { إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَ اللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } البقرة : 247 . وقال لنبيه صلى الله عليه وآله : { وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ و َعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا } النساء : 113 . وَ قَالَ فِي الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ وَ عِتْرَتِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ صلوات الله عيهم : { أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا * أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى‏ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } النساء : 53 - 54 . وَ إِنَّ الْعَبْدَ : إِذَا اخْتَارَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأُمُورِ عِبَادِهِ ، شَرَحَ صَدْرَهُ لِذَلِكَ ، وَ أَوْدَعَ قَلْبَهُ يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ ، وَ أَلْهَمَهُ الْعِلْمَ إِلْهَاماً ، فَلَمْ يَعْيَ بَعْدَهُ بِجَوَابٍ ، وَ لَا يُحَيَّرُ فِيهِ عَنِ الصَّوَابِ . فَهُوَ : مَعْصُومٌ مُؤَيَّدٌ ، مُوَفَّقٌ مُسَدَّدٌ ، قَدْ أَمِنَ مِنَ الْخَطَايَا وَ الزَّلَلِ وَ الْعِثَارِ . يَخُصُّهُ اللَّهُ بِذَلِكَ ، لِيَكُونَ حُجَّتَهُ عَلَى عِبَادِهِ ، وَ شَاهِدَهُ عَلَى خَلْقِهِ . وَ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ . فَهَلْ : يَقْدِرُونَ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَيَخْتَارُونَهُ ، أَوْ يَكُونُ مُخْتَارُهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَيُقَدِّمُونَهُ . تَعَدَّوْا : وَ بَيْتِ اللَّهِ الْحَقَّ ، وَ نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ، كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ . وَ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْهُدَى وَ الشِّفَاءُ ، فَنَبَذُوهُ وَ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ، فَذَمَّهُمُ اللَّهُ وَ مَقَّتَهُمْ ، وَ أَتْعَسَهُمْ فَقَالَ جَلَّ وَ تَعَالَى : { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } القصص : 50 . وقال : { فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } محمد صلى الله عليه وآله : 8 ، وقال : { كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } الغافر : 35 . وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً . الكافي ج1ص198ح1 باب نادر جامع في فضل الإمام و صفاته‏ . عيون ‏أخبار الرضا عليه السلام ج1ص216ب20ح1 . الأمالي‏ للصدوق ص674م97ح1 . شرح وبيان خادم علوم آل محمد عليهم السلام الشيخ حسن الأنباري موسوعة صحف الطيبين