هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين  في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحف الظهور والتجلي  /  صحيفة  سادة الوجود / الجزء الأول
 معنى السيادة وملاكها وتأريخها وظهورها بنور واهب السيادة
في مراتب التدوين
في سيد الكتب وآياته وعلومه والتكوين سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين سادة المتقين
الباب الأول /
مصباح هدى : معنى السيادة وملاكها

 

 

النور الخامس

إشراقات لحقائق يستحق بها السيد السيادة بل السيادة للسادة

 

يا طيب : بعد أن عرفنا أسس معنى السيد نتعرف في هذا النور على أمور بها تتم السيادة ، أي تُبذل فيسود بحق صاحبها غيره ، لأنها تابعة للكرم والسخاء وبذل المعروف ، وهي من الأمور الفاضلة الكريمة الصالحة التي يسود الإنسان بها ، وإن من يعدمها لا يستحق سيادة ، ومن يعمل بضدها ينزل لمراتب في التصاغر الواقعي عن الشأن الإنساني كما عرفت .

وإذا كان أهم أمر يوجب السيادة : هو بذل المعرف والخير بحق لمن يستحقه ، فنحن بعد أن آمنا بالله سبحانه وتعالى وبدينه الحق ، يجب أن نعتقد إن إقامة العبودية الحقة لله بدينه الحق الصادق واقعا ، وطلب وجهه الكريم في كل أمر نعمله ، وإقامة الأخلاق الإسلامية الفاضلة والآداب الربانية الكريمة ؛ هو أصل ما يوجب السيادة للعبد ، وبهذا سنعرف أن سيد السادات في العباد هو من يقيم دين الله بحق وأول من يُعلمه ، فلذا لا يكون إلا نبينا الأكرم سيد المرسلين وأوصياءه سادة الأوصياء .

فإذا جاء أمر من شرع الله : يعرفنا السيد ويرينا معنى لحقيقته ، فهو حق ويجب أن نأخذه ملاك لمعرفة السيد في الإسلام ، سواء من كتاب الله القرآن المجيد ، أو ما عرّفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه هو أول من عرّف دين الله وهو أصل السخاء والكرم والمعروف المرضي لله تعالى ، و بهذا جاءت الأحاديث الشريفة التي يصدقها العقل والعرف والوجدان الصاحي والضمير الحي ، ويعتقد بها كل منصف .

فنذكر هنا أمورا : يسود بها عباد الله ويكونون سادة في الإسلام ، ويجب لهم حق الطاعة أو الاحترام بما يناسب شأنهم ، ويكونوا محلا كريما لتجلي نور الله السيد فيهم ، فيسودوا و يجب أن يقدموا في موارد تناسب شأنهم وبكل طاعة وتسليم .

 

 

الإشراق الأول :

سيادة أهل العلم والفقهاء وأهل التسبيح والذكر :

يا طيب : إن طلب معرفة الله وتعليمها يوجب السيادة للعبد ويكون مقدم عند الله ورسوله وعند كل مؤمن طيب ، لأنه من يجلس في موطن يرضي الله يكون في عبادة ، وإن حقيقة العبادة والعبودية أمر موجب لكمال وجود العبد وتنوره ، ويوجب له سيادة لما فيه من الفضائل والتحلي بها ، ولذا كان معلمها سيد بالنسبة لغيره ولذا :

قال صلى الله عليه وآله وسلم :

 كن : عالما ، أو متعلما ، أو مستمعا ، أو محبا لهم . و لا تكن الخامس فتهلك .

فإن أهـل العلـم : ســادة ، و مصاحبتهم زيادة ، و مصافحتهم زيادة[56] .

و قال الإمام محمد الباقر عن آبائه عليهم السلام :

 تعلموا العلم : فإن تعلمه حسنة ، و طلبه عبادة ، و مذاكرته تسبيح ، و البحث عنه جهاد ، و تعليمه صدقة ، و بذله لأهله قربة . و العلم : ثمار الجنة ، و أنس في الوحشة ، و صاحب في الغربة ، و رفيق في الخلوة ، و دليل على السراء ، و عون على الضراء ، و دين عند الأخلاء ، و سلاح عند الأعداء .

يرفــع الله به قومـا : فيجعلهم في الخــير ســــــادة .

و للناس أئمــة : يقتـدى بفعالهم ، و تقتص آثارهم ، و يصلي عليهم كل رطب و يابس ، و حيتان البحر و هوامه ، و سباع البر و أنعامه[57] .

و عن الحارث الهمداني عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه و آله  قال :

الأنبياء قادة ، و الفقهـاء ســـادة ، و مجالستهم زيادة .

و أنتم : في ممر الليل و النهار ، في آجال منقوصة ، و أعمال محفوظة ، و الموت يأتيكم بغتة ، فمن يزرع خيرا يحصد غبطة ، و من يزرع شرا يحصد ندامة [58].

يا طيب : إن العلم الذي يصب في طاعة الله ويستخدمه الإنسان فيما يقرب لله يكون به الإنسان سيدا فاضل ويحصل به على شيء ومقدار من ملاك السيادة حسب شأنه ، وإن سادة أهل العلم هم الفقهاء ، وإنه حتى لو كان علم لكسب معاش ، فيتقوى به الإنسان على طلب الرزق والعيش بكرامة ويقيم عبادة الله تعالى ، ولا يكون عالة على الناس ، فإن طلب الرزق الحلال هو أصل العبادة والدين ، فإن للعلم الديني محله الكبير ، وكذا ما يوصل لمعرفته أو القوه على تعلمه وإقامته وتطبيقه ولو بصفته فرد وواجب عيني عليه ، فيقيم العبد برزق حلال دين الله وذكره ، فيكون له أعمال يتقرب بها لله فيسود بها بمقدار إيمانه وعلمه وعمله ومنها مثلا تسبيح الله :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر .

ســــيـد التســــابـيـح .

فمن قال : في يوم ثلاثين مرة ، كان خيرا له من عتق رقبة ، و كان خيرا له من عشرة آلاف فرس يوجهها في سبيل الله ، و ما يقوم من مقامه إلا مغفورا له الذنوب ، و أعطاه الله بكل حرف مدينة في الجنة[59] .

عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : سَـيِّـدُ الْقَوْلِ : لا إله إلا الله [60].

وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : سَـيِّـدُ كَلَامِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ،  لا إله إلا الله .

فيكون : لا إله إلا الله ، سيد سيد التسابيح وما يقال ويذكر به الله تعالى ، وعين معنى أول آية الكرسي التي هي سيد سيد سيد سيد الكلام :

 اللّهُ   لا إله إلا هو  الْحَيُّ الْقَيُّومُ ......

فيا طيب : على هذا المنوال والملاك كل شيء نقيمه به عبودية الله وطاعته أو يكون مقدمة لها يكون موجبا لكرامة النفس وملاك لسيادتها عند الله تعالى ، وكل أمر يوصلنا لإقامة دين الله وهداه الحق ينورنا ملاك نسود به غيرنا إن بذلناه بحق ونريد به وجه الله ، فيكون ملاك السيادة هو ما يوصلنا للتنور بنور الله وتجلي أسمائه الحسنى ، ولا يتم إلا ببذل جهد فكري علمي أو عملي عضلي كريما نافعا ، ولمعرفة هذا نذكر أمور أخرى ترينا سيد الأعمال بعد العلم الطيب والإيمان والذكر لله تعالى وهي كما :

عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ جَارُودِ أَبِي الْمُنْذِرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ:

سَــيِّـدُ الْأَعْـمَــالِ : ثَلَاثَــةٌ :

إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّى لَا تَرْضَى بِشَيْ‏ءٍ إِلَّا رَضِيتَ لَهُمْ مِثْلَهُ .

وَ مُوَاسَاتُكَ الْأَخَ فِي الْمَالِ .

وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَيْسَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لا إله إلا الله وَ اللَّهُ أَكْبَرُ ، فَقَطْ .

 وَ لَكِنْ إِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ أَخَذْتَ بِهِ .

 أَوْ إِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ تَرَكْتَهُ[61] .

يا طيب : إن ذكر الله عرفته سيد الأعمال في الأقوال والكلام كما عرفت ، ولكن هناك أمور تعرفنا إن لكل شيء سيد ، وإن سيد الأعمال بعد إقامة العدل والإنصاف وبذل الأموال للمؤمنين ، وهو طلب الحلال والخير والانتهاء عن المعاصي بشكل جامع ، فبها يكون الإنسان سيد ، وإلا ما فائدة ذكر الإنسان لله وهو يفكر بالمعصية أو حين العمل بها وهو غاصب أو محرف لكلام الله ، فإنه جاء :

في وصية الإمام علي عليه السلام لكميل بن زياد رحمه الله :

يا كميل : لا تكونن من الذين قال الله : نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ ، و نسبهم إلى الفسق فهم فاسقون .

يا كميل : ليس الشأن أن تصلي و تصوم و تتصدق ، الشأن أن تكون الصلاة بقلب نقي ، و عمل عند الله مرضي ، و خشوع سوي ، و انظر فيما تصلي و على ما تصلي .

 إن لم يكن من وجهه و حله فلا قبـول .

يا كميل : اللسان ينزح من القلب ، و القلب يقوم بالغذاء ، فانظر فيما تغذي قلبك و جسمك ، فإن لم يكن ذلك حلالا لم يقبل الله تسبيحك و لا شكرك [62] .. .

وقال الصدوق في الأمالي : حدثنا أبي رحمه الله قال حدثني أحمد بن علي التفليسي عن إبراهيم بن محمد الهمداني : عن محمد بن علي الهادي عن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن موسى بن جعفر عن الصادق جعفر بن محمد عن الباقر محمد بن علي:

 عن سيد العابدين علي بن الحسين .

عن سيد شباب أهل الجنة الحسين .

عن سيد الأوصياء علي .

عن سيد الأنبياء محمد صلى الله عليهم وسلم قال :

 لا تنظرو : إلى كثرة صلاتهم و صومهم و كثرة الحج و المعروف و طنطنتهم بالليل ، انظروا : إلى صدق الحديث و أداء الأمانة[63] .

وبهذا نعرف : إن كل ما يبذل من آداب الإسلام بصدق وحق ، وبفكر صافي خالص في طلب مرضات الله ، فيظهر بالأخلاق الفاضلة واقعا صادقا يكون بها يستحق الإنسان السيادة ، ويسود بها حقا عند الله بل بين عباده المؤمنين الطيبين حقا ، وتكون بنفسها معروف وعبادة يستحق بها العبد الحسنى والقرب عند الله ومقام حسن يتنور به واقعا ، ولهذا كانوا أئمة الدين ومعلميه بحق هم أهل السيادة والقيادة واقعا ، كما أن من يبعد عن الدين مهما كان شأنه وسلطته وإن سمي سيد لكنه تشبيه بحقيقة معنى السيد ، ويجب أن لا يطاع ولا يقبل بذله وأوامره التي تبعد عن الحق وعن دين الله وتعاليمه ، وهذا ما سنتأكد معناه في كثير من الأحاديث الآتية فتدبر .

ولذا إذا حاول العبد التطهر من المحرمات والفكر الحرام ، يصفى له الذكر وينتفع بالأعمال الصالحة وما يقوم به من تقديم المعروف ، والذي أوله التسبيح والذكر والعبادة والأعمال الصالحة الأخرى التي بها يستحق السيادة كما جاء في هذا المعنى :

عن الإمام علي عليه السلام قال :

فضيلة السـادة حُسن العبـادة[64].

ســادة أهل الجنة المخلصـون[65].

سـادة أهل الجنة الأتقياء الأبرار[66] .

و عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :

حملة القرآن : عرفاء أهل الجنة ، و المجاهدون في سبيل الله قوادهم .

و الرســل ســـادة أهـل الجـنـة[67] .

وعرفت أن سيد سادة الرسل نبينا الأكرم ومن عرّفه بالسيادة بأمر الله ، وستعرف وعرفت أن سادة أهل الجنة هم أهل البيت عليهم السلام ، وسيأتي تفصيل الكلام في سيد المرسلين وسيد الوصيين وسيدة نساء أهل الجنة وسيدا شباب أهل الجنة وسادة أئمة الحق كلهم صلى الله عليهم وسلم ، وإنه في هذه الدنيا هم سادة المجاهدين الذين نشروا دين الله ، وهم حملة كتاب الله ومعلميه بحق ، ولهم ليلة القدر التي بها يتعلمون معارف هدى الله ، ولهم فيها علم عبوديته ، فيخلصون له الدين بما فضلهم الله .

وإذا عرفن : ملاكا أخر في تحقق ما يبذل من دين الله وركن كبير في تحقق معنى السيادة في السيد، وهو العلم وبذله وإن الفقهاء وأهل العلم والمجاهدون والأبرار سادة ، فنتعرف على سادة السادة ومعلمي الوجود بفضل الله تعالى لنعرف سيادتهم التامة .

 

 

الإشراق الثاني :

سادة أهل العلم إنا أنزلناه والذكر الإلهي هم سادة الوجود وسادة السادة :

يا طيب : عرفنا أن سيد الكتب ومعارف الله هو كلام الله ، وإن معلمه هو رسول الله فهو سيد السادة ، وهكذا من عرفهم سادة فهم بحق سادة السادة بعده ، والآن نذكر مصداقا آخرا أوسع وأتم ملاكا لسادة السادة يعرف أهل البيت عليهم السلام أيضا بأعلى سيادة ، ويرينا بأنهم هم بحق سادة الوجود وسادة لكل من ساد بتعاليم الله وعبوديته ، وهو نفس الملاك السابق ولكن من جهة العلم بمعناه التام في تعليم الهدى والعبودية لله تعالى .

فإذا كان كتاب الله سيد الكتب : وهو لما فيه من العلم الحق ، ففيه سورة إنا أنزلنا وهي سـيد العلم فيه ، وهي تقارن في الفضل آية الكرسي بل تعرف شأنا كريما قد يعلوها ، فلذا كانت سيد العلم والمعرفة في سيد الكتب الإلهية فضلا عن غيرها ، وبها يتم هدى الصالحين ونطلع على كنز القرآن وثمرته وزينته ، فتكون عونا لنا لمعرفة الحق وسادته ودين الله وأئمة وهدى الله وولاة أمره ، وقبل ذكر سورة إنا أنزلنا ، نتعرف على شأن سيد من الملائكة هو الروح ، ثم نذكرها ونذكر فضلها :

فإنه تعالى قال : { رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ

يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) } غافر .

وقال تعالى : { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالحق

لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102) } النحل .

يا طيب : إن الروح ينزل بأمر الله ولينذر به سيد الوجود عباد الله ، ويتنزل بالهدى ومن يتعلم من سيد الأنبياء يكون له هدى وبشرى ، ولمعرفة عظمة الروح نذكر أحاديث تعرفه وأنه خلق عظيم يفوق في المنزلة الملائكة ، وله نزول خاص في ليلة مباركة كريمة من أكرم الليالي بل سيدة الليالي في سيد الشهور وبها يهدي الله عباده المؤمنين ، ويبشر بها المسلمين بما ينزل عليهم خيراته وبركاته ورضاه ، ونحن نعرف أنها مستمرة ليلة القدر في كل سنة وأنه ليس كل الناس يوحى إليهم ولهم هذا العلم الخاص الذي ينزل به الروح ، وإن تنزلت الملائكة بالسكينة عليهم ، فلابد أن يكون إمام زمان كل عصر وسيده بل سيد السادة المؤمنين والفقهاء والعلماء فيه ، ولمعرفة شأن الروح نذكر ما جاء عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ :

 سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ :

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }[68]

قَالَ : خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَائِيلَ وَ مِيكَائِيلَ ، كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم ، وَ هُوَ مَعَ الْأَئِمَّةِ ، وَ هُوَ مِنَ الْمَلَكُوتِ [69].  

وهذا الروح العظيم الخلق : الذي هو أعظم من جبرائيل ، هو عليه السلام مرافق لسادة الوجود وأئمة الحق وولاة أمر الله ، ويتنزل بأعلى معارف أمر الله لوليه وسيد السادة الحق في زمانه الأرضي ، وهو يُعلم الإيمان ويثبته بأعلى درجاته وهو نور يشرق لمن يطلب نور هدى الله من سيد سادة الخلق ، ويكون بحق العبد العارف لسيد السادة المنعم عليه بهدى الله على طول التأريخ ، على صراط مستقيم مهتدي بهدى المنعم عليهم كما في سورة الفاتحة ، وكما قاله الله سيد السادات تعالى وأدبنا به :

{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا

مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَـابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُـورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53) } الشورى .

فهو نور لنبينا الكريم سيد الأنبياء والمرسلين وهدى يهدي به من يقتبس نور الله منه وأن صراطه هو الحق ، وإذا عرفنا عظمة أمر ما ينزل به الروح من أمر الله .

فلنعرف نزوله على أئمة الحق وسادة الوجود بأمر الله وتعاليم هداه في ليلة القدر ، فلنذكر سورة إنا أنزلناه وفضلها المستمر لأبد الدهر قال الله سيد السادات سبحانه :

{ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)

 تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالـرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4)

 سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) }  القدر .

فإنه هذا الروح الذي ينزل بكل أمر مهم من أمر الله هو غير الملائكة ، وما ينزل به من علم هو سيد العلم كسورته إنا أنزلناه والتي هي سيد العلم وفي ليلة سيد الليالي لشهر سيد الشهور كما عرفت وسترى ، فهو ينزل بأمر الله على سيد عباد الله في زمانه لا غير ، والملائكة تنزل على باقي الناس بما يهبهم من الثبات على الإيمان وقبول الأعمال ، وهذا أمر مستمر إلى يوم القيامة مادامت ليلة القدر ، وهذا ما يعرفنا سيد من سادة أمر الله في زمانه في الأرض وفي الملكوت سيد سادة الوجود بعد آبائه :

فإنه قد قال الإمام الصادق عليه السلام :

  لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ ثَمَرَةٌ وَ ثَمَرَةُ الْقُرْآنِ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ

 وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ كَنْزٌ وَ كَنْزُ الْقُرْآنِ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَوْنٌ وَ عَوْنُ الضُّعَفَاءِ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ يُسْرٌ وَ يُسْرُ الْمُعْسِرِينَ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِصْمَةٌ وَ عِصْمَةُ الْمُؤْمِنِينَ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ هُدًى وَ هُدَى الصَّالِحِينَ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ سَــيِّـدٌ وَ سَـيِّـدُ الْعِــلْمِ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زِينَةٌ وَ زِينَةُ الْقُرْآنِ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ فُسْطَاطٌ وَ فُسْطَاطُ الْمُتَعَبِّدِينَ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ بُشْرَى وَ بُشْرَى الْبَرَايَ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ حُجَّةٌ وَ الْحُجَّةُ بَعْدَ النَّبِيِّ : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

فَآمِنُو بِهَا . قِيلَ : وَ مَا الْإِيمَانُ بِهَا ؟

قَالَ : إِنَّهَا تَكُونُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَ كُلُّ مَا يَنْزِلُ فِيهَا حَقٌّ [70].

فيا طيب : عرفت لماذا أن سورة إنا أنزلناه : ثمرة القرآن وكنزه ، وعون لنا ويسر ، وإن اعتصمنا بها نهتدي . نعم عرفت : لأنه سيد العلم ينزل فيها ، فتكون زينة للعلم كله لأنها سيد علم القرآن وفيه تبيان كل شيء ، وفسطاط ومحل يتعبد به المتعبدون لله ، فتنزل البُشر لعباد الله ، ولا يتم هذا لأحد إلا بمعرفة حقها وبمن تخصصت علومها ، فهي حجة علينا وبها يتم الإيمان ، وذلك لمعرفتنا بأنه فيها يتنزل الروح بالعلم والهدى ، وتنورنا وتنذرنا وتبشرنا ، إن عرفنا صاحب العلم في كل سنة وهو لا يكون إلا سيد الوجود في زمانه وإمام الحق وولي أمر الله تعالى .

 ولمعرفة سادة الوجود : بالإضافة لما عرفت من الأحاديث السابقة تدبر الحديث الآتي : عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده إذ جاء أعرابي فسأله عن مسائل في الحج و غيره ، فأجابه سيد المرسلين ثم قال:

أما إنه ما أنزل الله عز وجل كتابا ، ولا خلق خلقا إلا وجعل له سيد

فالقرآن سيد الكتب المنزلة ، وشهر رمضان سيد الشهور

و ليلة القدر : سـيـدة الليالي .

 و الفردوس : سيد الجنان ، و بيت الله الحرام: سيد البقاع ، وجبرائيل: سيد الملائكة ،

 وأن : سـيـد الأنبياء ، و علي: سيـد الأوصياء ,

 والحسن والحسين : سيدي شباب أهل الجنة .

و لكل امرئ من عمله سيد : و حبي و حب علي بن أبي طالب

سيد الأعمال ، و ما يتقرب به المتقربون من طاعة ربهم [71].

فيا طيب : إن سورة إنا أنزلناه سيد العلم سيد علم كتاب الله وما ينزل من هداه في ليلة سيد الليالي ولابد أن تختص بسيد أهل الدنيا في الدنيا وأهل الآخرة في الآخرة وسيد أهل الملكوت قبلهما ، والملائكة تبشر بالخيرات وتنزل رحمة الله واطمئنان القلب لمن يتبعهم ، ولا يكون إلا من عرفه سيد المرسلين بالسيادة الحقة .

 وهي عديلة سورة الكرسي : المُعرفة لتجلي الله على من يأذن له بالشفاعة في بيان علمه وفضله ، فتحققه بنوره الحي القيوم ، لأنه في ليلة القدر ينزل كل شيء من أمر الله على ولي الله وسيد أهل التكوين في زمانه ، فتتنزل عليه الخيرات والبركات من سيد السادات سبحانه، ومن المراتب العالية في التكوين وسيد الملكوت الكرسي بل من سيد الجبروت العرش ، ينزله الروح وهو سيد سادات الملائكة بل خلق عظيم حتى ذكروا أنه أعلى في المقام من جبرائيل عليه السلام الذي هو سيد الملائكة الكروبيين، وينزل في ليلة القدر بسيد الكلام والعلم على سيد عباد الله سيد سادات المؤمنين .

 وسورة القدر : هي سورة علم الأئمة ، وبها يتفاضل الناس حين يصيبها أحدهم وتقبل طاعاته ، فكيف بمن يختص بها وينزل أمر الله عليه ، ويكون هو سيدها ، وفي كل سنة في حياته ، أمر الله وهداه ونوره له ، ومنه يؤخذ ، فهو السيد الحق وسيد سادات الوجود في زمانه واقعا بصدق صلى الله عليه وآله وسلم .

 فمن عرف الحق : وعبد الله بدينه الصادق ، وأتقى الله وآمن به وأقامه ، وعرف حقائق سورة إنا أنزلنا وشأنها الكريم بمعناه واقعا ، يكون له حضا من السيادة تبعا لسيد الوجود وإمامه الحق الذي يتعلم منه ما أنزل الله عليه من علم أحوال العباد ونور الإيمان ، وما يجري عليه أحول أهل الأرض والبلاد ويأتي تفصيل معارف إنا أنزلناه.
.

فإن الملائكة للمؤمنين والروح ينزل على سيد المؤمنين في زمانه : وهو إمام العصر والزمان ، لأنه لا تخلو الأرض من حجة  وسيد يكون هو صاحبها وسيد عباد الله وولي أمر الله في عباده ، وإن الأئمة المعصومين كلا في زمانه لهم علم رسول الله وهم وارثيه ، ولمعرفة علم أهل البيت راجع ما كتبنا في صحيفة الإمام علي عليه السلام وأخر الجزء الأول من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام والإمام الرضا عليه السلام ، بل راجع شرح الأسماء الحسنى واسم الله الوارث وغيره ، ويكفينا نهج البلاغة لمعرفة سيد الكلام الذي يفوق كلام البشر ودون كلام الخالق في تعريف عظمة الله سبحانه وتعريف الحق الذي لسيد الأوصياء على كل البشر .

ويا طيب : قد عرفت أن سورة إنا أنزلناه سيد العلم ، وهي قرينة ومعادلة لآية سيد آية القرآن آية الكرسي ، وذلك لأنه فيها بيان عظمة ملك الله وما يأذن به من تعليم علمه لمن يشاء ، وإن ليلة القدر ينزل بها العلم فتعرفنا سيد العلم المنزلة في ليلة هي سيد الليالي في سيد الشهور على سيد السادات أهل الأرض في زمانه وهو ولي وسيد وإمام العباد في زمانه ، ولمعرفة معنى العلم والولاية والسيادة في آية الكرسي كما عرفنا في سورة إنا أنزلنا نذكر آيات تعرفنا أمر الولاية المرافق لمعنى السيادة كما سترى وقد قال الله سيد السادات تعالى :

 { اللّهُ لا إله إلا هو

 الْحَيُّ الْقَيُّومُ  لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ

مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ  يَعْلـَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ

وَلاَ يُحِيطُـونَ بِشَـيْءٍ مِّنْ عِـلْـمِــهِ إِلاَّ بِمَـا شَــاء

وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)

لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ

فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)

اللّهُ وَلِــيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّــوُرِ

وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) } البقرة .

فنور العلم : يأذن الله به لوليه في ليلة القدر فيبشر وينذر به عباده ويعلمهم معارف عبوديته ، فمن تعلم منه يصيب ليلة القدر في باقي عمره وتقبل طاعته وينال خيرات الله ، وإلا من لم يكن سيده سيد الوجود الحق في زمانه ، يكون عابد وولي للطاغوت ، وهذه حجة الله على عباده ويجب معرفتها بحق المعرفة ، وإنها أمانه يجب أن نحكم بالعدل في معرفة العباد ، ونعرف سيدهم ووليهم فنتولاه ونقر له بوجوب الطاعة كما علمنا الله تعالى إذ قال :

{ إنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ

إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُـواْ اللّهَ وَأَطِيعُـواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِــي الأَمْرِ مِنكُمْ

 فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61) } النساء .

ويا طيب : لمعرفة أنه إما سيد الحق وأخذ نور علم الله منه كما في سورة إنا أنزلناه سيد العلم وسيد الآيات الموجبة علينا تولي أولياء الله والتحاكم والرجوع له لمعرفة دين الله حتى نعبده فنقتبس نور السيادة حسب همتنا فندخل الجنة مع سادتها ، أو عبادة الطاغوت وتوليه مع سادة الباطل المعاندين وأعداء سادات الوجود بحق .

 ولمعرفة ولاية سادة الوجود الحق : وأنهم هم الأولياء كما في آية الكرسي لأن الله لا يباشر عباده ، بل يجعل أولياء في الأرض كما عرفت في آية النساء ، وأنه شرحهم وبينهم في آيات المائدة فتدبر قوله في تعريف سيد الوجود بعد سيد المرسلين وأنه ولي أمر الله وعلمه سيد العلم النازل به الروح في ليلة القدر كما قال سبحانه :

{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ

وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)

وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) } المائدة .

فإن الولاية : في سيد الآيات وسيد العلم عرفها الله في الآيات أعلاه ، وأن من أعطى صدقة الزكاة وهو راكع باتفاق المسلمين هو الإمام علي عليه السلام وهو سيد الأوصياء وسيد السادات لأهل التكوين بعد سيد النبيين رسول الله .
 ولمعرفة هذا المعنى مشروحا نتمم البحث بالحديث الآتي وهو معرف لعلومهم والموجب لولايتهم وسيادتهم :

عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ :

{ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } النساء59 .
فَقَالَ : نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عليهم السلام .

 فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ فَمَا لَهُ لَمْ يُسَمِّ عَلِيّاً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ عليهم السلام فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟ قَالَ : فَقَالَ :

 قُولُوا لَهُمْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم :

نَزَلَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَ لَمْ يُسَمِّ اللَّهُ لَهُمْ ثَلَاثاً وَ لَا أَرْبَعاً ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ هُوَ الَّذِي فَسَّرَ ذَلِكَ لَهُمْ .

وَ نَزَلَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ، وَ لَمْ يُسَمِّ لَهُمْ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً دِرْهَمٌ ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ هُوَ الَّذِي فَسَّرَ ذَلِكَ لَهُمْ .

وَ نَزَلَ الْحَجُّ : فَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ طُوفُوا أُسْبُوعاً حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  هُوَ الَّذِي فَسَّرَ ذَلِكَ لَهُمْ .

وَ نَزَلَتْ : { أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } فِي عَلِيٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي عَلِيٍّ :

مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ .
وَ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم:
أُوصِيكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ أَهْلِ بَيْتِي ، فَإِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُورِدَهُمَا عَلَيَّ الْحَوْضَ ، فَأَعْطَانِي ذَلِكَ.

وَ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم : لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ .

وَ قَالَ : إِنَّهُمْ لَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ بَابِ هُدًى ، وَ لَنْ يُدْخِلُوكُمْ فِي بَابِ ضَلَالَةٍ .

فَلَوْ سَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ : فَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ ، لَادَّعَاهَا آلُ فُلَانٍ وَ آلُ فُلَانٍ ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ تَصْدِيقاً لِنَبِيِّهِ  :

{ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } الأحزاب33 .

 فَكَانَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ فَاطِمَةُ عليهم السلام ، فَأَدْخَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ تَحْتَ الْكِسَاءِ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ ، ثُمَّ قَالَ :

اللَّهُمَّ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ أَهْلًا وَ ثَقَلًا ، وَ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَ ثَقَلِي .

فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : أَ لَسْتُ مِنْ أَهْلِكَ ؟ فَقَالَ : إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ ، وَ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي وَ ثِقْلِي .

 فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ كَانَ عَلِيٌّ أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ ، لِكَثْرَةِ مَا بَلَّغَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ،  وَ إِقَامَتِهِ لِلنَّاسِ ، وَ أَخْذِهِ بِيَدِهِ .

 فَلَمَّا مَضَى عَلِيٌّ : لَمْ يَكُنْ يَسْتَطِيعُ عَلِيٌّ ، وَ لَمْ يَكُنْ لِيَفْعَلَ أَنْ يُدْخِلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ، وَ لَا الْعَبَّاسَ بْنَ عَلِيٍّ ، وَ لَا وَاحِداً مِنْ وُلْدِهِ .

 إِذاً لَقَالَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْزَلَ فِينَا كَمَا أَنْزَلَ فِيكَ ، فَأَمَرَ بِطَاعَتِنَا كَمَا أَمَرَ بِطَاعَتِكَ ، وَ بَلَّغَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ كَمَا بَلَّغَ فِيكَ ، وَ أَذْهَبَ عَنَّا الرِّجْسَ كَمَا أَذْهَبَهُ عَنْكَ .

فَلَمَّا مَضَى عَلِيٌّ عليه السلام كَانَ الْحَسَنُ عليه السلام : أَوْلَى بِهَا ، لِكِبَرِهِ .

فَلَمَّا تُوُفِّيَ : لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُدْخِلَ وُلْدَهُ ، وَ لَمْ يَكُنْ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ ، وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ : وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ ، فَيَجْعَلَهَا فِي وُلْدِهِ .

 إِذاً لَقَالَ الْحُسَيْنُ : أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِي كَمَا أَمَرَ بِطَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ أَبِيكَ ، وَ بَلَّغَ فِيَّ رَسُولُ اللَّهِ كَمَا بَلَّغَ فِيكَ وَ فِي أَبِيكَ ، وَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي الرِّجْسَ كَمَا أَذْهَبَ عَنْكَ وَ عَنْ أَبِيكَ .

فَلَمَّا صَارَتْ إِلَى الْحُسَيْنِ عليه السلام : لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ ، كَمَا كَانَ هُوَ يَدَّعِي عَلَى أَخِيهِ وَ عَلَى أَبِيهِ،  لَوْ أَرَادَا أَنْ يَصْرِفَا الْأَمْرَ عَنْهُ ، وَ لَمْ يَكُونَا لِيَفْعَلَا ، ثُمَّ صَارَتْ حِينَ أَفْضَتْ إِلَى الْحُسَيْنِ عليه السلام ، فَجَرَى تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ : { وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ } الأنفال75.

 ثُمَّ صَارَتْ مِنْ بَعْدِ الْحُسَيْنِ : لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، ثُمَّ صَارَتْ مِنْ بَعْدِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ .

وَ قَالَ : الرِّجْسُ هُوَ الشَّكُّ ، وَ اللَّهِ لَا نَشُكُّ فِي رَبِّنَا أَبَداً [72].

يا طيب : إذا عرفنا أعلم الناس وأولاهم بأمر الله بعد رسول الله ، عرفنا بأنهم هم أصحاب ليلة القدر سيد الليالي وكتاب الله سيد الكتب وسورة إنا أنزلناه سيد علومه ومعارفه ، وعرفنا أنهم أصحاب الشفاعة المأذون لهم بإشراق نور الله كما في آية الكرسي سيد آي القرآن المجيد ، ولمن نشك بالله سيد السادات ولا فيمن أشرق نوره فجعلهم سادة الوجود أبدا ، وإن تسلسلت بالموضوع وعرفت رابطة كتاب الله وسيد آيته وعلمه ودخلت نور الله وخرجت من كل ظلمة وسلكت الصراط المستقيم للمنعم عليهم ، وعرفت سادت الوجود كلها فبها وهذا المقصود وهو المطلوب ، وإلا فتابع البحث لمعرفة المزيد ، بل تابع من باب ليطمئن قلبي ولنفرح بعظمة معارف الله التي لم يهمل بها عباده بدون تعريف سادة الوجود الذين خصهم بعلوم هداه ، وأئمة الحق وولاة أمره في عباده بحق الذين خصهم بأمره .

فعن ابن عباس أنه قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

 من سره : أن يحيا حياتي ، و يموت مماتي ، و يسكن جنة عدن التي غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي ، و ليوال وليه .

و ليقتد بالأئمة من بعدي : فإنهم عترتي خلقوا من طينتي.

 و زقــــوا فـهـمـا و عــلــمــا .

ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين منهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي [73].

وعن أبو السعادات في الفضائل أنه أملأ الشيخ أبو الفتوح في مدرسة الناجية :

 أن الحسن بن علي عليه السلام : كان يحضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و هو ابن سبع سنين فيسمع الوحي فيحفظه ، فيأتي أمه فيلقي إليها ما حفظه ، فلما دخل علي عليه السلام  وجد عندها علما ، فيسألها عن ذلك .

 فقالت : من ولدك الحسن ، فتخفى يوما في الدار ، و قد دخل الحسن ، و قد سمع الوحي ، فأراد أن يلقيه إليها ، فارتج عليه ، فعجبت أمه من ذلك .

فقال عليه السلام : لا تعجبين يا أماه ، فإن كبيرا يسمعني ، و استماعه قد أوقفني ، فخرج علي فقبله .

و في رواية : يا أماه ، قل بياني ، و كل لساني ، لعل ســيـدا يرعاني[74].

 نعم سادة كرام زقـوا العلم زقا : وعلم حق وفيه هدى الله وما يُعرف به عظمته ويقام به عبوديته ، وهو سيد العلم من سادة العباد .

 وهذا مجلس : كريم مفصل ، يعرفنا كرامة آل محمد سادة الوجود صلى الله عليهم وسلم وفضلهم، وفيه كل ما عرفت من أسس وملاك السيد الحق وحقائق معناه واقعا، وفي كل كلماته يرينا جمال من ملاك سيادتهم وولايتهم بحق مع صعوبة الموقف.

بل أجعل يا طيب : عباراته نصب عينيك لتعرف به سادة الوجود في كل الكون المخلوق ، وما يقابله من سادة الشياطين والباطل وملاكهم في الضلال وإتباعهم .

نذكر الحديث بطوله : لأنه فيه حقائق معنى السيد الكاملة التامة ، ومُعرف لسادة الوجود بحق ، وبه وبمثله نختم أصول معارف معنى السيد بل ملاك سيد السادة كلهم وحقائق معناه ، وندخل في مجالس سفينة النجاة التي تذكرنا بأحاديث تعرفنا سادة الوجود بتفصيل أكثر ، ووفق شرح التأريخ بعد أنه عرفنا علومه وحقائقه، فتعرفنا مصاديق مفصله بعد أن عرفنا أسس كلمة السيد وسيد السادة وملاكه وروح معناه :

 

 قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ غَيْرُهُ رُوِيَ : أَنَّ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمَرَ بِمِنْبَرٍ وَ خَطِيبٍ لِيُخْبِرَ النَّاسَ بِمَسَاوِي الْحُسَيْنِ وَ عَلِيٍّ عليهما السلام وَ مَا فَعَلا .

فَصَعِدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ :فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَكْثَرَ الْوَقِيعَةَ فِي عَلِيٍّ وَ الْحُسَيْنِ ، وَ أَطْنَبَ فِي تَقْرِيظِ مُعَاوِيَةَ وَ يَزِيدَ لَعَنَهُمَا اللَّهُ ، فَذَكَرَهُمَا بِكُلِّ جَمِيلٍ .

قَالَ فَصَاحَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ : وَيْلَكَ أَيُّهَا الْخَاطِبُ اشْتَرَيْتَ مَرْضَاةَ الْمَخْلُوقِ بِسَخَطِ الْخَالِقِ ، فَتَبَّوأْ مَقْعَدَكَ مِنَ النَّارِ .

ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام : يَا يَزِيدُ ائْذَنْ لِي حَتَّى أَصْعَدَ هَذِهِ الْأَعْوَادَ ، فَأَتَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ لِلَّهِ فِيهِنَّ رِضاً ، وَ لِهَؤُلَاءِ الْجُلَسَاءِ فِيهِنَّ أَجْرٌ وَ ثَوَابٌ .

قَالَ : فَأَبَى يَزِيدُ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، فَقَالَ النَّاسُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ائْذَنْ لَهُ فَلْيَصْعَدِ الْمِنْبَرَ ، فَلَعَلَّنَا نَسْمَعُ مِنْهُ شَيْئاً .

فَقَالَ : إِنَّهُ إِنْ صَعِدَ لَمْ يَنْزِلْ إِلَّا بِفَضِيحَتِي وَ بِفَضِيحَةِ آلِ أَبِي سُفْيَانَ .

فَقِيلَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَا قَدْرُ مَا يُحْسِنُ هَذَا ؟

فَقَالَ : إِنَّـهُ مِنْ أَهْـلِ بَيْـتٍ قَـدْ زُقُّــوا الْعِلْمَ زَقّــاً .

قَالَ : فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَذِنَ لَهُ .

فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ :  فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً أَبْكَى مِنْهَا الْعُيُونَ ، وَ أَوْجَلَ مِنْهَا الْقُلُوبَ ، ثُمَّ قَالَ :

أَيُّهَا النَّاسُ : أُعْطِينَا سِتّاً ، وَ فُضِّلْنَا بِسَبْعٍ .

أُعْطِينَا : الْعِلْمَ ، وَ الْحِلْمَ ، وَ السَّمَاحَةَ ، وَ الْفَصَاحَةَ ، وَ الشَّجَاعَةَ ، وَ الْمَحَبَّةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ .

وَ فُضِّلْنَا : بِأَنَّ مِنَّا النَّبِيَّ الْمُخْتَارَ مُحَمَّداً ، وَ مِنَّا الصِّدِّيقُ ، وَ مِنَّا الطَّيَّارُ ، وَ مِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ ، وَ مِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الْأُمَّةِ .

 مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي ، وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي أَنْبَأْتُهُ بِحَسَبِي وَ نَسَبِي :

أَيُّهَا النَّاسُ : أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَ مِنَى ، أَنَا ابْنُ زَمْزَمَ وَ الصَّفَا ،أَنَا ابْنُ مَنْ حَمَلَ الرُّكْنَ بِأَطْرَافِ الرِّدَا  ، أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَنِ ائْتَزَرَ وَ ارْتَدَى ، أَنَا ابْنُُ خَيْرِ مَنِ انْتَعَلَ وَ احْتَفَى ، أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَنْ طَافَ وَ سَعَى ، أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَنْ حَجَّ وَ لَبَّى .

أَنَا ابْنُ مَنْ حُمِلَ عَلَى الْبُرَاقِ فِي الْهَوَاءِ ، أَنَا ابْنُ مَنْ أُسْرِيَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ، أَنَا ابْنُ مَنْ بَلَغَ بِهِ جَبْرَائِيلُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، أَنَا ابْنُ مَنْ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏ ، أَنَا ابْنُ مَنْ صَلَّى بِمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ ، أَنَا ابْنُ مَنْ أَوْحَى إِلَيْهِ الْجَلِيلُ مَا أَوْحَى .

أَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى .

أَنَا ابْنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى .

أَنَا ابْنُ مَنْ ضَرَبَ خَرَاطِيمَ الْخَلْقِ حَتَّى قَالُــوا : لا إله إلا الله .

أَناَ ابْنُ مَنْ ضَرَبَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ بِسَيْفَيْنِ ، وَ طَعَنَ بِرُمْحَيْنِ ، وَ هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ ، وَ بَايَعَ الْبَيْعَتَيْنِ ، وَ قَاتَلَ بِبَدْرٍ وَ حُنَيْنٍ ، وَ لَمْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ .

أَنَا ابْنُ صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ وَارِثِ النَّبِيِّينَ ، وَ قَامِعِ الْمُلْحِدِينَ ، وَ يَعْسُوبِ الْمُسْلِمِينَ ، وَ نُورِ الْمُجَاهِدِينَ ، وَ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ، وَ تَاجِ الْبَكَّائِينَ ، وَ أَصْبَرِ الصَّابِرِينَ ، وَ أَفْضَلِ الْقَائِمِينَ مِنْ آلِ يَاسِينَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

أَنَا ابْنُ الْمُؤَيَّدِ بِجَبْرَئِيلَ ، الْمَنْصُورِ بِمِيكَائِيلَ .

أَنَا ابْنُ الْمُحَامِي عَنْ حَرَمِ الْمُسْلِمِينَ ، وَ قَاتِلِ الْمَارِقِينَ وَ النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ،  وَ الْمُجَاهِدِ أَعْدَاءَهُ النَّاصِبِينَ .

وَ أَفْخَرِ مَنْ مَشَى مِنْ قُرَيْشٍ أَجْمَعِينَ ، وَ أَوَّلِ مَنْ أَجَابَ وَ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ أَوَّلِ السَّابِقِينَ ، وَ قَاصِمِ الْمُعْتَدِينَ ، وَ مُبِيدِ الْمُشْرِكِينَ ، وَ سَهْمٍ مِنْ مَرَامِي اللَّهِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ ، وَ لِسَانِ حِكْمَةِ الْعَابِدِينَ ، وَ نَاصِرِ دِينِ اللَّهِ ، وَ وَلِيِّ أَمْرِ اللَّهِ وَ بُسْتَانِ حِكْمَةِ اللَّهِ ، وَ عَيْبَةِ عِلْمِهِ .

سَمِحٌ سَخِيٌّ بَهِيٌّ ، بُهْلُولٌ زَكِيٌّ أَبْطَحِيٌّ ، رَضِيٌّ مِقْدَامٌ هُمَامٌ ، صَابِرٌ صَوَّامٌ ، مُهَذَّبٌ قَوَّامٌ ، قَاطِعُ الْأَصْلَابِ ، وَ مُفَرِّقُ الْأَحْزَابِ ، أَرْبَطُهُمْ عِنَاناً ، وَ أَثْبَتُهُمْ جَنَاناً ، وَ أَمْضَاهُمْ عَزِيمَةً ، وَ أَشَدُّهُمْ شَكِيمَةً ، أَسَدٌ بَاسِلٌ ، طْحَنُهُمْ فِي الْحُرُوبِ إِذَا ازْدَلَفَتِ الْأَسِنَّةُ وَ قَرُبَتِ الْأَعِنَّةُ طَحْنَ الرَّحَى ، وَ يَذْرُوهُمْ فِيهَا ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمِ .

 لَيْثُ الْحِجَازِ : وَ كَبْشُ الْعِرَاقِ ، مَكِّيٌّ مَدَنِيٌّ ، خَيْفِيٌّ عَقَبِيٌّ ، بَدْرِيٌّ أُحُدِيٌّ ، شَجَرِيٌّ مُهَاجِرِيٌّ .

مِنَ الْعَــرَبِ سَــــيِّـدُهَا ، وَ مِنَ الْوَغَى لَيْثُهَا .

 وَارِثُ الْمَشْعَرَيْنِ ، وَ أَبُو السِّبْطَيْنِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، ذَاكَ جَدِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ .

ثُمَّ قَالَ : أَنَا ابْنُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ، أَنَا ابْنُ سَــيِّـدَةِ النِّسَــاءِ .

فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ : أَنَا أَنَا حَتَّى ضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِيبِ ، وَ خَشِيَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ فِتْنَةٌ ، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَقَطَعَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ ، فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ :

اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ . قَالَ عَلِيٌّ : لَا شَيْ‏ءَ أَكْبَرُ مِنَ اللَّهِ .

فَلَمَّا قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لا إله إلا الله .

 قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ : شَهِدَ بِهَا شَعْرِي وَ بَشَرِي ، وَ لَحْمِي وَ دَمِي .

فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ .

الْتَفَتَ مِنْ فَوْقِ الْمِنْبَرِ إِلَى يَزِيدَ ، فَقَالَ : مُحَمَّدٌ هَذَا جَدِّي أَمْ جَدُّكَ .

يَا يَزِيدُ : فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّهُ جَدُّكَ فَقَدْ كَذَبْتَ وَ كَفَرْتَ .

 وَ إِنْ زَعَمْتَ أَنَّهُ جَدِّي فَلِمَ قَتَلْتَ عِتْرَتَهُ ، قَالَ : وَ فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ ، وَ تَقَدَّمَ يَزِيدُ فَصَلَّى صَلَاةَ الظُّهْرِ [75].

نعم زقوا العلم ومحصهم الله وابتلاهم فعلموا سيد الكلام كتاب الله وكلمة :

لا إله إلا الله ، وهم أول من قالها وعرفها ، ولا تجد معارف حق تعرفنا عظمة الله ودينه ولم تكن منهم ومن سبيلهم ، أنظر توحيد الإمام علي عليه السلام ومعارفه في نهج البلاغة ، وراجع ما كتبنا في صحيفة التوحيد والأسماء الحسنى تعرف شأنهم الكريم ، وراجع سيرتهم تعرف سماحتهم وفضلهم وعلمهم وفقههم حتى تقر بكل يقين هم حقائق تجلي نور هدى الله علما وعملا وسيرة وسلوكا حقا واقعا وعبودية صادقة خالصة ، فاستحقوا كل معاني السيادة على البشر في كل مراتبه بل مراتب الوجود .

 وكان كلام الإمام عليه السلام : كلاما شافيا كافيا ، يعرفنا كرامتهم وسيادتهم وشأنهم الكبير العظيم عند الله ، وفي قلوب المؤمنين المحبة لكرامة الله وفضله على عباده المخلصين له العبودية .

وأنظر كلمات الإمام عليه السلام وفخره : تراه حقا ، ومصداقا لكل كلمات المجد والفضل ، والتي فيها روح معنى السيادة ، وكما عرفت في الإشراق الثاني من أول هذا المصباح ، وإن معنى السيد روح في كل معاني الرئاسة والكرامة وأصحاب المجد والفضل , وبحق قالها ، وبحق هو مصداقها ، وبواقع المعنى والحقيقية تنطبق عليه ، هو أصل وأس الكرامة الربانية مع بذل العلم والمعروف والسخاء بالنفس والروح وبالكلام والجود ، وبتعليم التقى والدين ، وكل ما عرفت من أسس وحقائق معنى السيد الحق بأعلى معانيها فهي لهم ، وقالها بجهاد حق أمام سيد الكفار والمنافقين والشياطين المتسلطين على رقاب المسلمين ظلما وعدوانا .

نعم ولي الله وسيد عباده وسيد العابدين عليه السلام أمام سيد الباطل ويد الشيطان ولسانه وفكره ومذهبه .

وأعلم : أن مصائب أهل البيت عليهم السلام هي لرقي الدرجة ولبيان فوزهم برضا الله في كل حال ، لأنهم في طاعة سيد السادات سبحانه مخلصين له الدين وعلى كل حال ، لم تغيرهم المصائب ولا يوهنم عن تعليم دين الله أعظم الابتلاء ، ولا يمنعهم من تعريف الحق وأهله هول من أهوال الدنيا ، ولذا جاء :

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله ليتعهد عبده المؤمن بأنواع البلاء.

 كما يتعهد أهل البيت ســيـدهم بطرف الطعام .

ثم قال : و يقول الله جل جلاله : و عزتي و جلالي ، و عظمتي و بهائي :

 إني لأحمي وليي : أن أعطيه في دار الدنيا شيئا يشغله عن ذكري ، حتى يدعوني فأسمع صوته.

وإني لأعطي الكافر منيته حتى لا يدعوني فأسمع صوته بغضا له[76].

واعلم يا طيب : إن شيعة آل محمد ونبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم ، حين يجلسون ويذكرون معارف الله ، وهدى دينه الحق ، وتأريخ الإسلام الذي به يعرفون أهل الصواب وصراط الله المستقيم المنعم عليهم بهدى الله ، تكون مجالس حقائق طلب مرضاة الله وفي عبودية علما وعملا وتقى ، لأنهم يرفضون فكر الشيطان وحزبه و أولياءه ولذا يكون مجلسهم سيد المجالس لأنهم يذكرون فضل سيد السادات لسادتهم:

عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : خرجت أنا و أبي ذات يوم فإذا هو بأناس من أصحابنا بين المنبر و القبر ، فسلم عليهم ثم قال : أما و الله إني لأحب ريحكم و أرواحكم فأعينوني على ذلك بورع و اجتهاد، من ائتم بعبد فليعمل بعمله.

أنتم : شيعة آل محمد ، و أنتم شرط الله ، و أنتم أنصار الله ، و أنتم السابقون الأولون ، و السابقون الآخرون في الدنيا ، و السابقون في الآخرة إلى الجنة ، قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله تبارك و تعالى و ضمان رسول الله  و أهل بيته .

أنتم : الطيبون ، ونساؤكم الطيبات .

 كل مؤمنة حـوراء ، و كل مؤمن صديق .

 كم مرة قد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب‏ لقنبر : يا قنبر أبشر و بشر و استبشر ، و الله لقد قبض رسول الله ، و هو ساخط على جميع أمته إلا الشيعة .

ألا و إن لكل شي‏ء شرفا : و إن شرف الدين الشيعة .

ألا و إن لكل شي‏ء عروة : و إن عروة الدين الشيعة .

ألا و إن لكل شي‏ء إماما : و إمام الأرض أرض يسكن فيها الشيعة .

ألا و إن لكل شي‏ء ســــيـدا : و ســيـد المجالس مجالس الشيعة .

ألا و إن لكل شي‏ء شهوة : و إن شهوة الدنيا سكنى شيعتنا فيها .

و الله : لو لا ما في الأرض منكم ما استكمل أهل خلافكم طيبات مالهم ، و ما لهم في الآخرة من نصيب ، كل ناصب و إن تعبد و اجتهد منسوب إلى هذه الآية :

{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى‏ ناراً حامِيَةً تُسْقى‏ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ }

و من دعا : من مخالف لكم ، فإجابة دعائه لكم ، و من طلب منكم إلى الله حاجة فلزمته ، و من سأل مسألة فلزمته ، و من دعا بدعوة فلزمته ، و من عمل منكم حسنة فلا يحصى تضاعيفها ، و من أساء سيئة فمحمد حجيجه يعني يحاج عنه

. قال أبو جعفر عليه السلام : حجيجه من تبعتها .

و الله : إن صائمكم ليرعى في رياض الجنة ، تدعو له الملائكة بالعون حتى يفطر ، و إن حاجكم و معتمركم لخاص الله تبارك و تعالى ، و إنكم جميعا لأهل دعوة الله ، و أهل إجابته ، و أهل ولايته ، لا خوف عليكم و لا حزن ، كلكم في الجنة ، فتنافسوا في فضائل الدرجات .

و الله : ما من أحد أقرب من عرش الله تبارك و تعالى تقربا بعدنا يوم القيامة من شيعتنا ، ما أحسن صنع الله تبارك و تعالى إليكم ، و لو لا أن تفتنوا فيشمت بكم عدوكم ، و يعلم الناس ذلك ، لسلمت عليكم الملائكة قبلا .

و قد قال أمير المؤمنين عليه السلام : يخرج يعني أهل ولايتنا من قبورهم يوم القيامة مشرقة وجوههم ، قرت أعينهم ، قد أعطوا الأمان ، يخاف الناس و لا يخافون ، و يحزن الناس و لا يحزنون ، و الله ما من عبد منكم يقوم إلى صلاته إلا و قد اكتنفته الملائكة من خلفه يصلون عليه ، و يدعون له حتى يفرغ من صلاته .

ألا و إن لكل شي‏ء جوهرا : و جوهر ولد آدم عليه السلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم و نحن و شيعتنا [77].

وإذا عرفنا هذا يا طيب : بأن الشيعة بالورع والاجتهاد في طاعة الله سبحانه يكونون سادة على غيرهم ومجلسهم سيد المجالس ، فلنذكر مجالس سفينة النجاة ونجلس في مجالس ذكرها ، لنذكر مصاديق كريمة من معارف دين الله سيد السادات ، وكيف يتجلى نوره على سادة الخلق وأكرمهم في الوجود عليهم السلام ، فنذكر مصاديق نور تعرفنا حقائق سيادتهم بعد ما عرفنا أصول وملاك معنى السيد الحق .



 

[56]إرشاد القلوب ج1ص166ب49 .

[57]أعلام ‏الدين ص302  .

[58]الأمالي ‏للطوسي ص473م17ح1032-1.

[59]جامع ‏الأخبار ص 52 ف25 .

[60]مستدرك‏ الوسائل ج5ص357ب 36ح6078-4 . وح6077-3 .

[61]الكافي ج2ص144ح3 باب الإنصاف و العدل .

[62]تحف ‏العقول  ص174.

[63]الأمالي‏ للصدوق ص303م50 ح6 . عيون ‏أخبار الرضا عليه السلام ج2ص51ب31 ح 197.

[64]غرر الحكم ص199ف10ح3937.

[65]غرر الحكم ص197ح3904.

[66]غرر الحكم ص271ح 5929 .

[67]دعائم ‏الإسلام ج1ص343 .

[68]{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (85) وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً (86)  إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) } الإسراء .

[69]الكافي ج1ص273ح3 .

[70]مستدرك‏ الوسائل ج4ص363ب44ح4943-145 .

[71]تأويل ‏الآيات ‏الظاهرة  ص829 سورة الإخلاص . الفضائل ص 147 . كنز الفوائد ج2ص237.

[72]الكافي ج1ص286ح1 .

[73]المناقب ج1ص292 .

[74]المناقب ج4ص7 فصل في معجزاته ، بحار الأنوار ج43ص338ب16 .

[75]بحار الأنوار ج45ص137ب39.

[76]التمحيص ص33ب1ح 17 .

[77]تفسير فرات ‏الكوفي ص549 من سورة الغاشية ح 549-705 . الأمالي ‏للصدوق ص626م91ح4 . الكافي ج8ص212ح259 . بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 13 .. البرهان في تفسير القرآن ج‏5ص643سورة الغاشية 88الآيات 1 إلى 11.

 

 

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام كرمنا بنوره رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم الصلاة والسلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة سادة الوجود رزقنا واهب السيادة نعيم هداه بأحسن جود