المقدمة وأحاديث المحاضرة : المحاضرة بمناسبة وفاة الإمام الصادق عليه السلام في يوم 25 شوال سنة 1428 هجري قمري : عنوان المحاضرة : الإمام الصادق عليه السلام وتحقق المذهب الجعفري بأسمه الكريم : وتحقق نشوؤ المذاهب وكتابتهم للحديث بعد عصره وعدم الرواية عنه ومخالفته بأمر حاكم زمانه : بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأكرم محمد وآله الطيبن الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم بقلوب يعصرها الألم والحزن و يملؤها الحزن والأسى أتقدم بخالص العزاء وأحر التسلية لولي أمرنا صاحب العصر وإمام زماننا الحجة بن الحسن العسكري عجل الله فرجه الشريف وأتوجه بالعزاء لجميع أبناء الأمة الإسلامية وبالخصوص اتباع نبينا محمد وآله عليهم السلام لحلــول للذكرى الأليمة والمحزنة وبالمصاب العظيم الذي حل في يوم في يوم 25 شوال سنة 148 للهجرة وهو اليوم الذي استشهد فيه خليفة رسول الله ومجدد ما درس من معالم دينه الحق ورئيس المذهب الشيعي في القرن الثاني الإمام السادس سيدنا وإمامنا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام مختصر في حياة الأمام عليه السلام : ولد عليه السلام بالمدينة يوم 17 ربيع الأول سنة 83 ومضى عليه السلام في يوم 25 شوال 184 وله خمس وستون سنة . 65 أقام فيها مع جده وأبيه اثنتي عشرة سنة . 12 ومع أبيه بعد جده تسع عشرة سنة . 19 وبعد أبيه عليه السلام أيام إمامته عليه السلام أربعا وثلاثين سنة . 34 ـ وكان في أيام إمامته عليه السلام بقية ملك هشام بن عبد الملك وملك الوليد بن يزيد بن عبد الملك وملك يزيد بن الوليد بن عبد الملك الملقب بالناقص ، وملك إبراهيم بن الوليد ، وملك مروان بن محمد الحمار . ثم صارت المسودة ـ إي عامة الناس ـ من أهل خراسان مع أبي مسلم سنة في سنة 132 اثنتين وثلاثين ومائة ، فملك أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الملقب بالسفاح ، أربع سنين وثمانية أشهر ، ثم ملك أخوه أبو جعفر عبد الله الملقب بالمنصور ، إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا ، وتوفي الصادق عليه السلام بعد عشر سنين من ملكه _ أي في 25شوال سنة 148 عن عمر يناهز الخامسة والستون سنه قضها الإمام وحجة الله على خلقه في تربية أكبر جمع من العلماء _ ودفن بالبقيع ، مع أبيه وجده وعمه الحسن عليهم السلام . إعلام الورى ص 266، بحار الأنوار ج43ص8 ب 1ح17. في أدعية شهر رمضان ، وضاعف العذاب على من شرك في دمه وهو المنصور . الإقبال ص 345 . ـ أحواله حين وفاة الإمام الصادق عليه السلام : عن أبي بصير قال : دخلت على أم حميد اعزيها بأبي عبد الله عليه السلام ، فبكت وبكيت لبكائها ثم قالت : يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله عليه السلام عند الموت لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال : (( أجمعوا لي كل من بيني وبينه قرابة )) . قالت : فلم نترك أحدا إلا جمعناه ، قالت : فنظر إليهم ثم قال : (( إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة )) . ثواب الأعمال ص 205 ،المحاسن للبرقي ج 1 ص 80 ، بحار الأنوار ج43ص2 ب 1ح5. وفي الكافي عن أبي بصير قال : قال أبو الحسن الأول الإمام موسى الكاظم عليه السلام : إنه لما حضر أبي الوفاة قال لي : يا بني إنه لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة . الكافي ج 3 ص 270،، بحار الأنوار ج43ص8 ب 1ح23. وعن هشام بن أحمر ، عن سالمة مولاة أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قالت : وكنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام حين حضرته الوفاة وأغمي عليه ، فلما أفاق قال : (( أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الأفطس سبعين دينارا ، وأعط فلانا كذا ، وفلانا كذا . فقلت : أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة ، يريد أن يقتلك ؟ قال : تريدين أن لا أكون من الذين قال الله عز وجل ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ) سورة الرعد الآية : 21 . نعم يا سالمة إن الله خلق الله الجنة فطيبها وطيب ريحها ، وإن ريحها يوجد من مسيرة ألفي عام ، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم . غيبة الشيخ الطوسي ص 128 ، ، بحار الأنوار ج43ص3 ب 1ح7 . حاكم زمانه وروى أبو أيوب الخوزي قال : بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل ، فدخلت عليه وهو جالس على كرسي ، وبين يديه شمعة وفي يده كتاب ، فلما سلمت عليه رمى الكتاب إلي وهو يبكي وقال : هذا كتاب محمد بن سليمان ، يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ثلاثا وأين مثل جعفر ؟ ثم قال لي : اكتب فكتبت صدر الكتاب ، ثم قال : اكتب إن كان أوصى إلى رجل بعينه فقدمه واضرب عنقه . قال فرجع الجواب إليه : إنه قد أوصى إلى خمسة أحدهم أبو جعفر المنصور ، ومحمد بن سليمان ، وعبد الله وموسى ابني جعفر ، وحميدة . فقال المنصور : ليس إلى قتل هؤلاء سبيل . غيبة الشيخ الطوسى ص 129 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 310 ، ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 434 بتفاوت يسير ، إعلام الورى ص 290 ، بحار الأنوار ج43ص3 ب 1ح8 . علم الإمام وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (البقرة124) إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (لقمان13) وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (الإسراء70) يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (الإسراء71) وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (الإسراء72) وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (فاطر31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (فاطر32) ) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (النساء54) وفي كتاب أعلام الهداية علم الإمام في بصائر الدرجات: 149. يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : «... أما والله إنّ عندنا ما لا نحتاج الى أحد والناس يحتاجون الينا . إن عندنا الكتاب بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخطّه علي بيده صحيفة طولها سبعون ذراعاً فيها كل حلال وحرام»[2]. وفي الارشاد: 2/186 وعنه في مناقب آل أبي طالب: 4/396، والاحتجاج : 2/134، وبحار الأنوار: 47/26 وجاء عنه (عليه السلام) أنه قال : « علمنا غابر، ومزبور ونكت في القلوب ونقر في الاسماع وإن عندنا الجفر الاحمر، والجفر الابيض، ومصحف فاطمة (عليها السلام) وان عندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج الناس اليه »[3]. وزادوا فيه : فسئل عن تفسير هذا الكلام فقال : أما الغابر فالعلم بما يكون . وفي اصول الكافي : 1 / 53 ـ 58 قال (عليه السلام) : « حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحديث رسول الله قول الله عزّوجلّ »[20]. وفي بصائر الدرجات : 300 . وقال (عليه السلام) : « إنا لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ولكنّا نفتيهم بآثار من رسول الله (صلى الله عليه وآله) واصول علم عندنا نتوارثها كابر عن كابر، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم »[21]. علم أصول الكلم وقد تكفّلت كتب اُصول الفقه بيان قواعد استنباط الأحكام ومناهجها وكيفة التعامل مع الأحاديث المدوّنة في عامة موسوعات الحديث واُصوله. الوسائل : 18 / 78 . وعلّم طلاّبه كيفية استنباط الأحكام من مصادر التشريع كما علّمهم كيفية التعامل مع الأحاديث المتعارضة. قال(عليه السلام) فيما عارض القرآن: « ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف »[22] اصول الكافي : 1 / 69 . وقال أيضاً : « إنّ على كل حق حقيقة ، وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه »[23]. المصدر السابق وفي حالة تعارض الاحاديث فيما بينها قال (عليه السلام) : « اذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلاّ فالّذي جاءكم به أولى به»[24]. بحار الأنوار : 2/245 ح 53. وقال (عليه السلام) : « إنّما علينا أن نلقي إليكم الاُصول وعليكم أن تفرّعوا »[25]. أمره بكتابة الحديث : 9 ـ وتميزت أيضاً مدرسة الإمام (عليه السلام) بالاهتمام بالتدوين بشكل عام بل ومدارسة العلم لإنمائه وإثرائه . الكافي : 1 / 52 . فكان (عليه السلام) يأمر طلاّبه بالكتابة ويؤكد لهم ضرورة التدوين والكتابة كما تجد ذلك في قوله (عليه السلام) : « إحتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون اليها »[4]. وسائل الشيعة : 8 / 57 ـ 59 . وكان يشيّد بنشاط زرارة الحديثي إذ كان يقول : «رحم الله زرارة بن أعين لولا زرارة لا ندرست أحاديث أبي». وقال فيه وفي جماعة من أصحابه منهم أبو بصير، ومحمد بن مسلم، وبريد العجلي: «لولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا الفقه، هؤلاء حفّاظ الدين واُمناء أبي(عليه السلام) على حلاله وحرامه وهم السابقون الينا في الدنيا والآخرة»[5]. اُصول الكافي : 1 / 52 وكان يأمر طلاّبه أيضاً بالتدارس والمباحثة فقد قال للمفضّل بن عمر : «اكتب وبث علمك في إخوانك ، فإنْ متّ فأورث كتبك بنيك، فإنه يأتي على الناس زمان هرج لايأنسون فيه إلاّ بكتبهم»[6]. وسائل الشيعة : 18 / 57 ـ 59 . وعلى هذا الاساس اهتمّ أصحابه بكتابة الأحاديث وتدوينها حتى تألّفت واجتمعت الاُصول الاربعمائة المعروفة[7]، والتي شكّلت المجاميع الحديثية الاولى عند الشيعة الإمامية . كتب الرجال : أقوال العلماء فيه شخص الإمام الصادق الكريم : انطباعات عن شخصية الإمام الصادق(عليه السلام) في الكافي : 1 / 307 . أشاد الإمام الباقر (عليه السلام) أمام أعلام شيعته بفضل ولده الصادق (عليه السلام) قائلا: هذا خير البريّة[1]. المصدر السابق : 306 . وقال عمه زيد بن علي عن عظيم شأنه فقال: في كل زمان رجل منّا أهل البيت يحتج الله به على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر لايضلّ من تبعه ولا يهتدي من خالفه[2]. وفي تهذيب التهذيب : 2 / 104 . قال مالك بن أنس: ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمّد الصادق علماً وعبادة وورعاً[3]. وفي تاريخ اليعقوبي : 3 / 17 . وقال المنصور الدوانيقي مؤبّناً الإمام الصادق (عليه السلام): إنّ جعفر بن محمّد كان ممّن قال الله فيه: (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) وكان ممن اصطفى الله وكان من السابقين بالخيرات[4]. وفي الجرح والتعديل : 2 / 487. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ( ت 327 هـ ) : سمعت أبي يقول: جعفر بن محمّد ثقة لا يُسأل عن مثله. وقال: سمعت أبا زرعة وسئل عن جعفر بن محمّد عن أبيه وسهيل بن أبي صالح عن أبيه والعلاء عن أبيه أيّما أصح؟ قال: لا يقرن جعفر بن محمّد إلى هؤلاء[5]. وفي الثقات : 6 / 131 . قال ابو حاتم محمّد بن حيّان ( ت 354 هـ ) عنه: كان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلا[6]. وفي كتاب الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: 1/58. قال أبو عبد الرحمن السلمي ( 325 ـ 412 هـ ) عنه: فاق جميع أقرانه من أهل البيت (عليه السلام) وهو ذو علم غزير وزهد بالغ في الدنيا وورع تام عن الشهوات وأدب كامل في الحكمة[7]. وفي حلية الأولياء: 1/72. عن صاحب حلية الأولياء ( ت 430 هـ ) : ومنهم الإمام الناطق ذو الزمام السابق أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق، أقبل على العبادة والخضوع وآثر العزلة والخشوع ونهى عن الرئاسة والجموع[8]. وفي الملل والنحل : 1 / 147 منشورات الشريف الرضي . أضاف الشهرستاني ( 479 ـ 548 هـ ) على ما قاله السلمي عنه: وقد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين إليه ويفيض على الموالين له أسرار العلوم ثمَّ دخل العراق وأقام بها مدَّة، ما تعرّض للامامة قط ، ولا نازع في الخلافة أحداً، ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط، ومن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حطّ[9]. وفي مناقب أبي حنيفة : 1 / 172 ، والتحفة الاثني عشرية : 8 . ذكر الخوارزمي ( ت 568 هـ ) في مناقب أبي حنيفة أنه قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمَّد. وقال: لولا السنتان لهلك نعمان. مشيراً إلى السنتين اللتين جلس فيهما لأخذ العلم عن الإمام جعفر الصادق[10]. وفي صفوة الصفوة: 2/94. قال ابن الجوزي ( 510 ـ 597 هـ ) : جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين كان مشغولا بالعبادة عن طلب الرئاسة[11]. وفي مطالب السؤول: 2/56. قال محمّد بن طلحة الشافعي ( ت 652 هـ ) عنه: هو من عظماء أهل البيت (عليهم السلام) وساداتهم ذو علوم جمّة وعبادة موفورة وأوراد متواصلة وزهادة بيّنة، وتلاوة كثيرة، يتتبع معاني القرآن الكريم ويستخرج من بحره جواهره ويستنتج عجايبه، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تذكّر الآخرة، واستماع كلامه يزهّد في الدنيا، والاقتداء بهديه يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوّة، وطهارة أفعاله تصدع أنه من ذريّة الرسالة، نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من الأئمة وأعلامهم .. وعدّوا أخذهم عنه منقبة شرّفوا بها وفضيلة اكتسبوها. واما مناقبه وصفاته فتكاد تفوت عدّ الحاصر ويحار في أنواعها فهم اليقظ الباصر حتَّى أنّ من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى، صارت الأحكام التي لا تدرك عللها، والعلوم التي تقصر الأفهام عن الإحاطة بحكمها، تضاف إليه وتروى عنه. وقد قيل انّ كتاب الجفر الذي بالمغرب ويتوارثه بنو عبد المؤمن هو من كلامه (عليه السلام) وان في هذه لمنقبة سنيّة، ودرجة في مقام الفضائل عليّة، وهي نبذة يسيرة مما نقل عنه[12]. تهذيب الاسماء: 1 / 149 . وفي تهذيب الأسماء ( 631 ـ 676 هـ ) عن عمرو بن أبي المقدام قال: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمّد علمت أنه من سلالة النبيين[13]. وفيات الأعيان : 1 / 327. وقال ابن خلكان ( 608 ـ 681 هـ ) : جعفر الصادق ... أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية وكان من سادات أهل البيت، ولقّب بالصادق لصدقه في مقالته، وفضله أشهر من أن يذكر وله كلام في صنعة الكيميا، والزجر والفال ... ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه وجدّه وعمّ جده .. فلله درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه[14]. ينابيع المودّة : 380 ط اسلامبول. وقال البخاري في فصل الخطاب ( 756 ـ 822 هـ ) : اتفقوا على جلالة الصادق (عليه السلام) وسيادته[15] . الفصول المهمّة : 222. وقال ابن الصبّاغ المالكي (784 ـ 855 هـ ) : نقل الناس عنه من العلوم ماسارت به الركبان، وانتشر صيته وذكره في سائر البلدان، ولم ينقل من العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه من الحديث. وروى عنه جماعة من أعيان الاُمة.. وصّى إليه أبو جعفر(عليه السلام) بالإمامة وغيرها وصيّة ظاهرة، ونصّ عليها نصّاً جليّاً [16]. وفي موسوعة من حياة المستبصرين ذكر عبد الله مـوكر ( أوغندا ـ شافعي ) إعداد مركز الأبحاث العقائدية عن كتاب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) للجندي: 4. ويقول المستشار المصري عبد الحليم الجندي في خصوص الإمام الصادق (عليه السلام) : " هو الإمام الوحيد في التاريخ الإسلامي، والعالم الوحيد في التاريخ العالمي، الذي قامت على أسس مبادئه الدينية والفقهية والاجتماعية والاقتصادية دول عظمى "(1). وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يمتلك شخصية متكاملة لا يجود الزمان بمثلها، حتى أقرّ أعداؤه ومناوؤه قبل أحبائه بذلك. تاريخ اليعقوبي: 2 / 383. فقد قال ألد أعدائه المنصور الدوانيقي: " إنّ جعفراً كان ممن قال الله فيه: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)(2)، فاطر: 32. وكان ممن اصطفاه الله، وكان من السابقين في الخيرات "(1 وفي حلية الأولياء لأبي نعيم: 3 / 225. وقال أبو نعيم: " جعفر بن محمّد الإمام الناطق ذوالزمام السابق "(4). وفي رجال النجاشي: 40. وقال الحسن بن عليّ الوشاء: " أدركت في هذا المسجد ـ يعني الكوفة ـ تسعمائة شيخ كل يقول: حدثني جعفر بن محمّد "(5). المجالس السنية للأمين: 5 / 209، نقلاً عن رسائل الجاحظ للسندوبي. وقال الجاحظ: " جعفر بن محمّد، الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه "(6). الصواعق المحرقة لابن حجر: 2 / 586. وقال ابن حجر: " جعفر الصادق [ (عليه السلام) ] نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان، وروى عنه الأئمة الأكابر كيحيى بن سعيد وابن جريح ومالك والسفيانيين وأبي حنيفة وشعبة وأيوب السجستاني "(7). لسان الميزان لابن حجر العسقلاني: 2 / 105. ما قد ورد من أنّه سمع أنّ الجعد بن درهم ـ الزنّديق ـ قد جعل في قارورة تراباً وماءً فاستحال دوداً وهواماً، وادّعى أنه خلق هذه الكائنات، فلمّا بلغ ذلك الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ، قال: " ليقل كم هو؟ وكم الذكران والإناث إن كان خلقه؟، وليأمر الذي يسعى إلى هذا أن يرجع إلى غيره ـ قال ابن حجر ـ: فبلغه ذلك فرجع "(1). كما أنّه (عليه السلام) لمّا رآى انحطاط الوضع الاجتماعي وانحداره في الهاوية وظهور إمارات الانهيار فيه، بذل قصارى جهده لتوعية الناس فكان يدعوا المجتمع إلى التحلّي بالقيم الرفيعة، ليصونهم من الضلال والانحراف. الكافي للكليني: 2 / 209. ومن مواقفه في هذا المجال إيضاً، ما رواه سعيد بن بيان ـ سابق الحاج ـ: " مرّ بنا المفضل بن عمر، وأنا وختن لي نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة، ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل، فأتيناه، فأصلح بيننا بإربعمائة درهم، فدفعها إلينا من عنده، حتى إذا إستوثق كل واحد منّا من صاحبه، قال: أمّا أنّها ليست من مالي، ولكن أبو عبدالله الصادق أمرني إذا تنازعاً رجلان من أصحابنا في شئ أن أصلح بينهما وأفتديهما من ماله، فهذا مال أبي عبدالله "(2). الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر، عن التهذيب لابن حجر العسقلاني، البحار للمجلسي: 47 / 28. وقال مالك بن أنس ـ إمام المالكية ـ: " ما رأت عين ولاسمعت أُذنٌ ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمّد الصادق [ (عليه السلام) ] علماً وعبادةً وورعاً "(2). أنظر: تذكرة الحفاظ للقيسراني: 1 / 166. وقال أبو حنيفة ـ صاحب المذهب المعروف ـ: " ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد "(3). وفي كتاب أزمة الخلافة والامامة أسعد وحيد القاسم ص 168 : عن تذكرة الحفاظ ج 1 ص 157 يقول أبو حنيفة النعمان وهو أحد أئمة المذاهب الفقهية الأربعة عند أهل السنة : ( عندما استدعى أبو جعفر المنصور الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام إلى العراق دعاني إليه لمناظرته ، فكتب أربعين مسألة لطرحها على الإمام . وحين دخلت على المنصور وجدت الإمام الصادق جالسا " إلى يمينه فسلمت وجلست ، وقدمني المنصور إليه ، ثم أمر بطرح المسائل عليه ، فكنت أسأله واحدا " واحدا " ، وهو يجيب عنها واحدة واحدة ، ومبديا " في كل مسألة آراء أهل المدينة وآراء أهل العراق وأخيرا " رأيه الخاص به . وكان رأيه موافقا " لآرائهم حينا " ومخالفا " حينا " . فعرفت أنه أعلم الناس وأعرفهم بعقائد أهل زمانه ) ( 1 ) . وفي الإرشاد للمفيد ص 389 يقول مالك بن أنس ، وهو إمام آخر من أئمة المذاهب الأربعة وأحد تلاميذ الإمام جعفر الصادق عليه السلام : ( كنت غالبا " أدخل على الإمام الصادق عليه السلام ، فكان إما مصليا " أو قارئا " القرآن الكريم . ولم تر عين مثله ، ولم تسمع أذن بمثله ، ولم يخطر على بال أحد أن يكون هناك أوسع علما " وأكثر عبادة وزهدا " منه ) ( 2 ) . جعفر السبحاني ، بحوث في الملل والنحل ، ج 6 ص 455 ومن المفارقات العجيبة وما أكثرها في تاريخنا الإسلامي أن تجد الشيخ البخاري مثلا " لم يرو في صحيحه ولو حديثا واحدا عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، في الوقت الذي تجده يروي عن مروان بن الحكم الملعون هو وأبوه على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن عمران بن حطان الخارجي الذي ألف قصيدة في مدح قاتل علي بن أبي طالب ! ( 1 ) . فإنا لله وإنا إليه راجعون والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعظم الله أجوركم لحلول هذا المصاب الجلل وأسأل الله العلي القدير أن يمن علينا وعليكم بالثبات على ولاية آل البيت وعلى مذهب الإمام جعفر الصادق صلى الله عليهم وسلم وأن يوفقنا وإياكم للدفاع عن مذهبهم ويقبلونا خدام لعلومهم ويجعلنا الله سبحانه وإياكم في الدنيا والآخرة على صراطهم المستقيم والتمتع في نعيمهم المقيم وعظم الله اجورنا وأجوركم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فالصلاة والسلام على إمامي السادس ورئيس مذهبي الإمام جعفر الصادق عليه صلاة الله وسلامه ـــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجموع المواقع والكتب التي أخذ منها موضوع المحاضرة الموقع الأولى : http://www.mowswoat-suhofe-alltyybeyyn.org/0008alsidek/alsadkw/alsadkf1.html موسوعة صحف الطيبين " بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأكرم محمد وآله الطيبن الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم بقلوب يعصرها الألم والحزن و يملؤها الحزن والأسى أتقدم بخالص العزاء والتسلية لمقام صاحب العصر وإمام زماننا الحجة بن الحسن العسكري عجل الله فرجه الشريف وأتوجه بالعزاء لجميع أبناء الأمة الإسلامية وبالخصوص اتباع نبينا محمد وآله عليهم السلام لحلــول الذكرى الأليمة والمحزنة والمصاب العظيم في يوم 25 شوال سنة 148 للهجرة والذي استشهد فيه خليفة رسول الله ومجدد ما درس من معالم دينه الحق ورئيس المذهب الشيعي في القرن الثاني الإمام السادس سيدنا وإمامنا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ولحلول ذكرى شهادة سيدنا ومبين وناشر معالم دين الله الحق ومؤسس مذهبنا الجعفري بعد ما تشتت الناس مذاهب شتى أسأل الله العلي القدير أن يمن علينا وعليكم بالثبات على ولايتهم والدفاع عن مذهبهم ويقبلونا خدام لعلومهم ويجعلنا الله سبحانه وإياكم في الدنيا والآخرة على صراطهم المستقيم والتمتع في نعيمهم المقيم وعظم الله اجورنا وأجوركم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فالصلاة والسلام على إمامي السادس ورئيس مذهبي الإمام جعفر الصادق عليه صلاة الله وسلامه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعظم الله أجوركم لحلول هذا المصاب الجلل نذكر بعض المعرفة لحياة الإمام الصادق عليه السلام اسم الأمام ونسبه عليه السلام : اسمه الكــريم : جعفـــر . نسبه الشريف : هو الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب عليهم السلام ، وهو أشرف وأنبل نسب في الوجود وهو في زمانه : سيد ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله من ابنته فاطمة الزهراء وأمام المسلمين وخليفة الله على خلقه وحجته المبين لتعاليمه وسيد البشر وعظيم أهل البيت ، وهو قوله وسنته وسيرته حق وصدق ويجب الأخذ بكل ما علمه دين يتعبد به لله سبحانه تعالى ـ اسم أمه : العالمة الجليلة الفاضلة : الإرشاد للشيخ المفيد ص 289. أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر . ـ كشف الغمة ج 2 ص 378 . وقال الحافظ عبد العزيز : أمه عليه السلام أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ـ الكافي ج 3 ص 472 صدر حديث. وعن إسحاق بن جرير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : (( وكانت أمي ممن آمنت واتقت وأحسنت ، والله يحب المحسنين )). ـ كنية الإمام عليه السلام وألقابه: كنى الإمام عليه السلام : ذكر في المناقب : ويكنى : أبا عبد الله ، وأبا إسماعيل ، والخاص أبو موسى. المناقب ج 3 ص 400،بحار الأنوار ج43ص9ب2ح5. وأن ما يأتي في كتب الرواة بأنه قال أبو عبد الله يقصد به الإمام الصادق عليه السلام . وذكر في بحار الأنوار : ألقاب الإمام عليه السلام : وذكر في المناقب : وألقابه : الصادق ، والفاضل ، والطاهر ، والقائم ، والكافل ، والمنجي . وإليه تنسب الشيعة الجعفرية . المناقب ج 3 ص 400،بحار الأنوار ج43ص9ب2ح5. بحار الأنوار وله ألقاب أشهرها : الصادق ، ومنها الصابر ، والفاضل والطاهر . بحار الأنوار ج43ص10ب2ح6 عن كشف الغمة ج 2 ص 370 مطالب السؤول ص 81. وفي علل الشرائع ص 234بحار الأنوار ج43ص8ب2ح2. عن المفضل عن الثمالي ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (( إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق ، فانه سيكون في ولده سمي له ، يدعي الإمامة بغير حقها ، ويسمى كذابا )) . وفي إرشاد المفيد 2 : 179 ، ولادة الإمام جعفر الصادق عليه السلام : ولد الصادق عليه السلام في اليوم الذي ولد فيه رسول الله في 17 ربيع الأول سنة 83 للهجرة المباركة بالمدينة المنورة أي في يوم الاثنين ، لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول ، سنة ثلاث و ثمانين ـ، وقالوا : سنة ست وثمانين . أنظر تاريخ الأئمة (ضمن مجموعة نفيسة) : 10 ، إرشاد المفيد 2 : 179 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 279 - 280 .، روضة الواعظين ص 253 والمناقب ج 3 ص 399 . بحار الأنوار ج43ص4 ب 1ح12. ـ وكان السلف الصالح ولا يزال محبي آل محمد صلى الله عليه وأله يعظمون هذا اليوم ، وذُكر يستحب فيه الصوم والصدقة وزيارة المشاهد المشرفة وفعل الخيرات وإدخال القلوب على المؤمنين . أوصاف الإمام الصادق عليه السلام : ذكر في المناقب : كان الصادق عليه السلام ربع القامة ، أزهر الوجه ، حالك الشعر ، جعد ، أشم الأنف ، أنزل رقيق البشرة ، دقيق المسربة ، على خده خال أسود ، وعلى جسده خيلان حمرة … المناقب ج 3 ص 400. بيان : رجل ربع : بين الطول والقصر ، والحالك الشديد السواد ، والشمم ارتفاع قصبة الأنف وحسنها ، واستواء أعلاها ـ، وانتصاب الأرنبة ، أوورود الأرنبة وحسن استواء القصبة وارتفاعها ، أو أن يطول الأنف ويدق وتسيل روثته ، ـ والمَسُربة بفتح الميم وضم الراء ، الشعر وسط الصدر إلى البطن . بحار الأنوار ج43ص9ب2ح5. إمامة الإمام الصادق والنص عليه عليه السلام : وكانت إمامته أربعا وثلاثين سنة . الإرشاد للشيخ المفيد ص 289 . النص عليه صلوات الله عليه : وفي الإرشاد عن أبي الصباح الكناني قال : نظر أبو جعفر إلى ابنه أبي عبد الله فقال : ترى هذا ؟ هذا من الذين قال الله تعالى : ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ). الإرشاد ص 289 والآية في سورة القصص الآية : 5 بحار الأنوار ج43ص12ب3ح4،5، إعلام الورى ص 267 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 306 . وعن جابر بن يزيد الجعفي قال : سئل أبو جعفر عليه السلام عن القائم بعده ؟ فضرب بيده على أبي عبد الله عليه السلام وقال : هذا والله ولدي قائم آل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم . وروى علي بن الحكم عن طاهر صاحب أبي جعفر الإمام الباقر عليه السلام قال : كنت عنده فأقبل جعفر عليه السلام فقال أبو جعفر : هذا خير البرية . الإرشاد ص 289، مثله إعلام الورى ص 268 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 307 بحار الأنوار ج43ص13ب3ح6 ،7،8 . و عن أبي نضرة قال : لما احتضر أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام عند الوفاة ، دعا بابنه الصادق عليه السلام ليعهد إليه عهدا ـ فقال له أخوه زيد بن علي عليه السلام : لو امتثلت في تمثال الحسن والحسين عليهما السلام رجوت أن لا تكون أتيت منكرا . فقال له : (( يا أبا الحسين إن الأمانات ليست بالمثال ، ولا العهود بالرسوم ، وإنما هي أمور سابقة عن حجج الله عز وجل )) . عيون أخيار الرضا عليه السلام ج 1 ص 40 صدر حديث طويل بحار الأنوار ج43ص12ب3ح1. ـ وفي الكافي وروى يونس ، عن عبد الأعلى مولى آل سام ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (( إن أبي استودعني ما هناك فلما حضرته الوفاة قال : ادع لي شهودا فدعوت أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر. فقال : اكتب : هذا ما أوصى به يعقوب بنيه ( يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد . وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه يوم الجمعة وأن يعممه بعمامته ، وأن يربع قبره ، ويرفعه أربع أصابع ، وأن يحل عنه أطماره عند دفنه . ثم قال للشهود : انصرفوا رحمكم الله . فقلت له : يا أبت ما كان في هذا بأن يشهد عليه ! فقال : يا بني كرهت أن تغلب ، وأن يقال : لم يوص إليه ، وأردت أن تكون لك الحجة )) الكافي 1 : 244 | 8 . وكذا في : إرشاد المفيد 2 : 181 ، روضة الواعظين : 208 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 278 ـ 279 ، كشف الغمة 2 ، إعلام الورى ص 268 . ـ قال المجلسي بيان : أي ما كان محفوظا عنده من الكتب والسلاح ، وآثار الأنبياء . فيهم نافع أي منهم بتغليب قريش على مواليهم ، أو معهم ، وأن يحل عنه أطماره ، الأطمار جمع طمر بالكسر ، وهو الثوب الخلق ، والكساء البالي ، من غير صوف ، وضمائر عنه وأطماره ودفنه : إما راجعة إلى جعفر عليه السلام أي يحل أزرار أثوابه عند إدخال والده القبر ، فإضافة الدفن إلى الضمير إضافة إلى الفاعل ، أو ضمير دفنه راجع إلى أبي جعفر عليه السلام إضافة إلى المفعول . أو الضمائر راجعة إلى أبي جعفر عليه السلام ، فالمراد به حل عقد الأكفان وقيل : أمره بأن لا يدفنه في ثيابه المخيطة ( ما كان في هذا ) ما نافية أي لم تكن لك حاجة في هذا بأن تشهد أي إلى أن تشهد ، أو استفهامية أي أي فائدة كانت في هذا ؟ أن تغلب على بناء المجهول أي في الإمامة ، فان الوصية من علاماتها أو فيما أوصى إليه مما يخالف العامة ، كتربيع القبر أو الأعم . بحار الأنوار ج43ص14ب3ح9 ، 10 . ـ وفي صية الإمام الباقر للإمام الصادق بأصحابه : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال : (( لما حضرت أبي الوفاة قال : يا جعفر أوصيك بأصحابي خيرا . قال : جعلت فداك والله لأدعنهم والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحدا )) . قال المجلسي : لأدعنهم أي لا تركتهم ، والواو في ( والرجل ) للحال ، فلا يسأل أحدا أي من المخالفين ، أو الأعم شيئا من العلم ، أو الأعم منه ومن المال . والحاصل : أني لا أرفع يدي عن تربيتهم حتى يصيروا علماء أغنياء لا يحتاجون إلى السؤال ، أو أخرج من بينهم ، وقد صاروا كذلك . الإرشاد ص 289،أعلام الورى ص 267 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 306 بحار الأنوار ج43ص12ب3ح2،3. ـ عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن القائم ، فضرب بيده على أبي عبد الله ، ثم قال : (( هذا والله قائم آل محمد)) . قال عنبسة بن مصعب : فلما قبض أبو جعفر عليه السلام دخلت على ابنه أبي عبد الله فأخبرته بذلك فقال : صدق جابر على أبي ، ثم قال عليه السلام : ترون أن ليس كل إمام هو القائم بعد الإمام الذي قبله ؟ الإرشاد ص 267 وأخرجه الكيني في الكافي ج 1 ص 307 بحار الأنوار ج43ص15ب3ح11 ، وكذا في : الإمامة والتبصرة : 199 | 55، كشف الغمة 2 : 167 ، في إثبات الوصية :155 عن علي بن هاشم بن البريد ، عن محمد بن مسلم قال : كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام إذ دخل جعفر ابنه ، وعلى رأسه ذؤابة ، وفي يده عصا يلعب بها ، فأخذه الباقر عليه السلام وضمه إليه ضما ، ثم قال : (( بأبي أنت وأمي لا تلهو ولا تلعب ثم قال لي ، يا محمد هذا إمامك بعدي فاقتد به ، واقتبس من علمه ، والله إنه لهو الصادق ، الذي وصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وآله إن شيعته منصورون في الدنيا والآخرة ، وأعداؤه ملعونون على لسان كل نبي ، فضحك جعفر عليه السلام واحمر وجهه ، فالتفت إلي أبو جعفر وقال لي : سله . قلت له : يا ابن رسول الله من أين الضحك ؟ قال : يا محمد العقل من القلب والحزن من الكبد ، والنفس من الرية ، والضحك من الطحال ، فقمت وقبلت رأسه )). كفاية الأثر ص 321. بحار الأنوار ج43ص15ب3ح12. ـ وعن همام بن نافع قال : قال أبو جعفر عليه السلام لأصحابه يوما : (( إذا افتقدتموني فاقتدوا بهذا ، فهو الإمام والخليفة بعدي ، وأشار إلى أبي عبد الله عليه السلام )). كفاية الأثر ص 321، بحار الأنوار ج43ص15ب3ح13. وفات الإمام الصادق عليه السلام والأحوال حينها وبعدها : الإرشاد للشيخ المفيد ص 289 . ومضى في 25 شوال من سنة 148 ثمان وأربعين ومائة ، وله خمس وستون سنة ، ودفن بالبقيع مع أبيه وجده وعمه الحسن عليهم . ، منتهى الآمال ج2ص244 ف7 . وذكر في منتهى الآمال : توفي عليه السلام بالسم الذي أطعمه المنصور ، وكان عمره الشريف حين استشهاده خمساً وستين سنه ، ـ قبض في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة ، وقيل يوم الاثنين النصف من رجب . روضة الواعظين ص 253 والمناقب ج 3 ص 399 . ـولم يعين في الكتب المعتبرة اليوم الذي توفي فيه من شهر شوال ، نعم قال المتتبع الماهر توفي اليوم الخامس والعشرون من ذلك الشهر . مشكاة الأنوار ص 41 من باب الرضا الفصل السابع ، منتهى الآمال ج2ص244 ف7 . ـ أحواله حين وفاة الإمام الصادق عليه السلام : عن أبي بصير قال : دخلت على أم حميد اعزيها بأبي عبد الله عليه السلام ، فبكت وبكيت لبكائها ثم قالت : يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله عليه السلام عند الموت لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال : (( أجمعوا لي كل من بيني وبينه قرابة )) . قالت : فلم نترك أحدا إلا جمعناه ، قالت : فنظر إليهم ثم قال : (( إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة )) . ثواب الأعمال ص 205 ،المحاسن للبرقي ج 1 ص 80 ، بحار الأنوار ج43ص2 ب 1ح5. وفي الكافي عن أبي بصير قال : قال أبو الحسن الأول الإمام موسى الكاظم عليه السلام : إنه لما حضر أبي الوفاة قال لي : يا بني إنه لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة . الكافي ج 3 ص 270،، بحار الأنوار ج43ص8 ب 1ح23. عن هشام بن أحمر ، عن سالمة مولاة أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قالت : وكنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام حين حضرته الوفاة وأغمي عليه ، فلما أفاق قال : (( أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الأفطس سبعين دينارا ، وأعط فلانا كذا ، وفلانا كذا . فقلت : أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة ، يريد أن يقتلك ؟ قال : تريدين أن لا أكون من الذين قال الله عز وجل ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ) سورة الرعد الآية : 21 . نعم يا سالمة إن الله خلق الله الجنة فطيبها وطيب ريحها ، وإن ريحها يوجد من مسيرة ألفي عام ، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم . غيبة الشيخ الطوسي ص 128 ، ، بحار الأنوار ج43ص3 ب 1ح7 . ـ عن عثمان بن عيسى ، عن عدة من أصحابنا قال : (( لما قبض أبو جعفر عليه السلام أمر أبو عبد الله عليه السلام بالسراج في البيت الذي كان يسكنه ، حتى قبض أبو عبد الله عليه السلام ثم أمر أبو الحسن عليه السلام بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله عليه السلام حتى خرج به إلى العراق ، ثم لا أدري ما كان )) . الكافي ج 3 ص 251 وأخرج الصدوق في الفقيه ج 1 ص 97 والطوسي في التهذيب ج 1 ص 289 . ـ روى أبو أيوب الخوزي قال : بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل ، فدخلت عليه وهو جالس على كرسي ، وبين يديه شمعة وفي يده كتاب ، فلما سلمت عليه رمى الكتاب إلي وهو يبكي وقال : هذا كتاب محمد بن سليمان ، يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ثلاثا وأين مثل جعفر ؟ ثم قال لي : اكتب فكتبت صدر الكتاب ، ثم قال : اكتب إن كان أوصى إلى رجل بعينه فقدمه واضرب عنقه . قال فرجع الجواب إليه : إنه قد أوصى إلى خمسة أحدهم أبو جعفر المنصور ، ومحمد بن سليمان ، وعبد الله وموسى ابني جعفر ، وحميدة . فقال المنصور : ليس إلى قتل هؤلاء سبيل . غيبة الشيخ الطوسى ص 129 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 310 ، ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 434 بتفاوت يسير ، إعلام الورى ص 290 ، بحار الأنوار ج43ص3 ب 1ح8 . داود بن كثير الرقي قال : أتى أعرابي إلى أبي حمزة الثمالي فسأله خبرا . فقال : توفي جعفر الصادق عليه السلام . فشهق شهقة وأغمي عليه ، فلما أفاق قال : هل أوصى إلى أحد ؟ قال : نعم أوصى إلى ابنه عبد الله ، وموسى ، وأبي جعفر المنصور . فضحك أبو حمزة وقال : الحمد لله الذي هدانا إلى الهدى ، وبين لنا عن الكبير ودلنا على الصغير ، وأخفى عن أمر عظيم ، فسئل عن قوله فقال : بين عيوب الكبير ودل على الصغير لإضافته إياه ، وكتم الوصية للمنصور لأنه لو سأل المنصور عن الوصي لقيل : أنت )) . المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 434 . بحار الأنوار ج43ص4 ب 1ح11. مختصر في حياة الأمام عليه السلام : ولد عليه السلام بالمدينة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين من الهجرة . 17 83 ومضى عليه السلام في النصف من رجب ، ويقال : في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة . 184 وله خمس وستون سنة . 65 أقام فيها مع جده وأبيه اثنتي عشرة سنة . 12 ومع أبيه بعد جده تسع عشرة سنة . 10 وبعد أبيه عليه السلام أيام إمامته عليه السلام أربعا وثلاثين سنة . 34 وكان في أيام إمامته عليه السلام بقية ملك هشام بن عبد الملك وملك الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، وملك يزيد بن الوليد بن عبد الملك الملقب بالناقص ، وملك إبراهيم بن الوليد ، وملك مروان بن محمد الحمار . ثم صارت المسودة ـ إي عامة الناس ـ من أهل خراسان مع أبي مسلم سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، فملك أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الملقب بالسفاح ، أربع سنين وثمانية أشهر ، ثم ملك أخوه أبو جعفر عبد الله الملقب بالمنصور ، إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا ، وتوفي الصادق عليه السلام بعد عشر سنين من ملكه _ أي في 25شوال سنة 148 عن عمر يناهز الخامسة والستون سنه قضها الإمام وحجة الله على خلقه في تربية أكبر جمع من العلماء _ ودفن بالبقيع ، مع أبيه وجده وعمه الحسن عليهم السلام . إعلام الورى ص 266، بحار الأنوار ج43ص8 ب 1ح17. في أدعية شهر رمضان ، وضاعف العذاب على من شرك في دمه وهو المنصور . الإقبال ص 345 . اللهم احشرني جعفري المذهب متشيع للنبي وآله الأطهار خادم علوم آل محمد عليهم السلام الشيخ حسن جليل حردا الأنبارين من آداب الزيارة: الكون على غسل والطهارة ولبس الثياب الطاهرة النظيفة والتطيب والأستاذان للدخول ونحو ذلك . الزيارة الأولى إذا أتيت القبور بالبقيع قبور الأئمة فقف عندهم واجعل القبر بين يديك ثم تقول : السلام عليكم أهل التقوى ، السلام عليكم أيها الحجج على أهل الدنيا ، السلام عليكم أيها القوام في البرية بالقسط ، السلام عليكم أهل الصفوة ، السلام عليكم آل رسول الله ، السلام عليكم أهل النجوى . اشهد أنكم : قد بلغتم ونصحتم وصبرتم في ذات الله ، وكُذبتُم وأُسئ إليكم فغفرتم ، وأشهد أنكم الأئمة الراشدون المهتدون ، وأن طاعتكم مفروضة ، وأن قولكم الصدق ، وأنكم دعوتم فلم تجابوا وأمرتم فلم تطاعوا . وأنكم دعائم الدين وأركان الأرض ، لن تزالوا بعين الله ينسخكم من أصلاب كل مطهر ، وينقلكم من أرحام المطهرات ، لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء ، ولم تشرك فيكم فتن الأهواء ، طبتم وطاب منبتكم . من بكم علينا ديان الدين ، فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وجعل صلاتنا عليكم رحمة لنا وكفارة لذنوبنا ، إذ اختاركم الله لنا ، وطيب خلقنا بما من علينا من ولايتكم ، وكنا عنده مسمين بعلمكم ، معترفين بتصديقنا إياكم . وهذا مكان من أسرف وأخطأ واستكان وأقر بما جنى ورجى بمقامه الخلاص ، وأن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من الردى ، فكونوا لي شفعاء ، فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدنيا واتخذوا آيات الله هزوا واستكبروا عنها . ـ ثم ترفع رأسك وتقول ـ : يا من هو : قائم لا يسهو ودائم لا يلهو ومحيط بكل شئ ، لك المن بما وفقتني وعرفتني بأئمتي ، بما أقمتني عليه إذ صد عنه عبادك وجهلوا معرفته واستخفوا بحقه ومالوا إلى سواه ، فكانت المنة منك علي مع أقوام خصصتهم بما خصصتني به ، فلك الحمد إذ كنت عندك في مقامي هذا مذكورا مكتوبا ، فلا تحرمني ما رجوت ولا تخيبني فيما دعوت ، بحرمة محمد وآله الطاهرين وصلى الله عليه محمد وآل محمد . ثم ادع لنفسك بما أحببت. و ( في التهذيب ) قال بعد تمام الخبر : ثم تصلي ثمان ركعات إن شاء الله تعالى و ( في المزار الكبير ) بعد قوله واستكبروا عنها : ثم ترفع رأسك وتقول : يا من هو قائم كامل الزيارات ص 53 ، بحار الأنوار 100ص204. أأأأأأأأأأأأأأأأأ ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ الموقع الثاني وفي كتاب أعلام الهداية ــــ http://www.14masom.com/14masom/08/mktba8/book02/002.htm#_Toc3690197 وفي كتاب أعلام الهداية الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام لقد سقط سلطان بني اُمية سنة ( 132 هـ ) ، ثمّ آلت الخلافة إلى بني العباس فعاصر حكم أبي العباس السفّاح وشطراً من حكم المنصور الدوانيقي بما يقرب من عشر سنوات. لقد انصرف الإمام الصادق (عليه السلام) عن الصراع السياسي المكشوف إلى بناء الاُمة الاسلامية علمياً وفكرياً وعقائدياً وأخلاقياً، بناءاً يضمن سلامة الخط الاسلامي على المدى البعيد بالرغم من استمرار الانحرافات السياسية والفكرية في أوساط المجتمع الاسلامي. لقد انتشرت الفرق الاسلامية كالمعتزلة والاشاعرة والخوارج والكيسانية والزيدية في عصره واشتد الصراع بينها، كما بدأت الزندقة تستفحل وتخترق اجواء المجتمع الاسلامي فتصدى الإمام الصادق (عليه السلام) للردّ على الملاحدة من جهة وتصدى لمحاكمة الفرق المنحرفة من جهة اُخرى. ـ وفي كتاب أعلام الهداية علم الإمام في بصائر الدرجات: 149. يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : «... أما والله إنّ عندنا ما لا نحتاج الى أحد والناس يحتاجون الينا . إن عندنا الكتاب بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخطّه علي بيده صحيفة طولها سبعون ذراعاً فيها كل حلال وحرام»[2]. وفي الارشاد: 2/186 وعنه في مناقب آل أبي طالب: 4/396، والاحتجاج : 2/134، وبحار الأنوار: 47/26 وزادوا فيه : فسئل عن تفسير هذا الكلام فقال : أما الغابر فالعلم بما يكون . وجاء عنه (عليه السلام) أنه قال : « علمنا غابر، ومزبور ونكت في القلوب ونقر في الاسماع وإن عندنا الجفر الاحمر، والجفر الابيض، ومصحف فاطمة (عليها السلام) وان عندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج الناس اليه »[3]. وفي اصول الكافي : 1 / 53 ـ 58 قال (عليه السلام) : « حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحديث رسول الله قول الله عزّوجلّ »[20]. وفي بصائر الدرجات : 300 . وقال (عليه السلام) : « إنا لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ولكنّا نفتيهم بآثار من رسول الله (صلى الله عليه وآله) واصول علم عندنا نتوارثها كابر عن كابر، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم »[21]. علم أصول الكلم وقد تكفّلت كتب اُصول الفقه بيان قواعد استنباط الأحكام ومناهجها وكيفة التعامل مع الأحاديث المدوّنة في عامة موسوعات الحديث واُصوله. الوسائل : 18 / 78 . وعلّم طلاّبه كيفية استنباط الأحكام من مصادر التشريع كما علّمهم كيفية التعامل مع الأحاديث المتعارضة. قال(عليه السلام) فيما عارض القرآن: « ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف »[22] اصول الكافي : 1 / 69 . وقال أيضاً : « إنّ على كل حق حقيقة ، وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه »[23]. المصدر السابق وفي حالة تعارض الاحاديث فيما بينها قال (عليه السلام) : « اذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلاّ فالّذي جاءكم به أولى به»[24]. بحار الأنوار : 2/245 ح 53. وقال (عليه السلام) : « إنّما علينا أن نلقي إليكم الاُصول وعليكم أن تفرّعوا »[25]. أمره بكتابة الحديث : 9 ـ وتميزت أيضاً مدرسة الإمام (عليه السلام) بالاهتمام بالتدوين بشكل عام بل ومدارسة العلم لإنمائه وإثرائه . الكافي : 1 / 52 . فكان (عليه السلام) يأمر طلاّبه بالكتابة ويؤكد لهم ضرورة التدوين والكتابة كما تجد ذلك في قوله (عليه السلام) : « إحتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون اليها »[4]. وسائل الشيعة : 8 / 57 ـ 59 . وكان يشيّد بنشاط زرارة الحديثي إذ كان يقول : «رحم الله زرارة بن أعين لولا زرارة لا ندرست أحاديث أبي». وقال فيه وفي جماعة من أصحابه منهم أبو بصير، ومحمد بن مسلم، وبريد العجلي: «لولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا الفقه، هؤلاء حفّاظ الدين واُمناء أبي(عليه السلام) على حلاله وحرامه وهم السابقون الينا في الدنيا والآخرة»[5]. اُصول الكافي : 1 / 52 وكان يأمر طلاّبه أيضاً بالتدارس والمباحثة فقد قال للمفضّل بن عمر : «اكتب وبث علمك في إخوانك ، فإنْ متّ فأورث كتبك بنيك، فإنه يأتي على الناس زمان هرج لايأنسون فيه إلاّ بكتبهم»[6]. وسائل الشيعة : 18 / 57 ـ 59 . وعلى هذا الاساس اهتمّ أصحابه بكتابة الأحاديث وتدوينها حتى تألّفت واجتمعت الاُصول الاربعمائة المعروفة[7]، والتي شكّلت المجاميع الحديثية الاولى عند الشيعة الإمامية . كتب الرجال : أقوال العلماء فيه شخص الإمام الصادق الكريم : الفصل الثاني انطباعات عن شخصية الإمام الصادق(عليه السلام) في الكافي : 1 / 307 . أشاد الإمام الباقر (عليه السلام) أمام أعلام شيعته بفضل ولده الصادق (عليه السلام) قائلا: هذا خير البريّة[1]. المصدر السابق : 306 . وقال عمه زيد بن علي عن عظيم شأنه فقال: في كل زمان رجل منّا أهل البيت يحتج الله به على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر لايضلّ من تبعه ولا يهتدي من خالفه[2]. تهذيب التهذيب : 2 / 104 . قال مالك بن أنس: ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمّد الصادق علماً وعبادة وورعاً[3]. تاريخ اليعقوبي : 3 / 17 . وقال المنصور الدوانيقي مؤبّناً الإمام الصادق (عليه السلام): إنّ جعفر بن محمّد كان ممّن قال الله فيه: (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) وكان ممن اصطفى الله وكان من السابقين بالخيرات[4]. الجرح والتعديل : 2 / 487. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ( ت 327 هـ ) : سمعت أبي يقول: جعفر بن محمّد ثقة لا يُسأل عن مثله. وقال: سمعت أبا زرعة وسئل عن جعفر بن محمّد عن أبيه وسهيل بن أبي صالح عن أبيه والعلاء عن أبيه أيّما أصح؟ قال: لا يقرن جعفر بن محمّد إلى هؤلاء[5]. الثقات : 6 / 131 . قال ابو حاتم محمّد بن حيّان ( ت 354 هـ ) عنه: كان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلا[6]. الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: 1/58. قال أبو عبد الرحمن السلمي ( 325 ـ 412 هـ ) عنه: فاق جميع أقرانه من أهل البيت (عليه السلام) وهو ذو علم غزير وزهد بالغ في الدنيا وورع تام عن الشهوات وأدب كامل في الحكمة[7]. حلية الأولياء: 1/72. عن صاحب حلية الأولياء ( ت 430 هـ ) : ومنهم الإمام الناطق ذو الزمام السابق أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق، أقبل على العبادة والخضوع وآثر العزلة والخشوع ونهى عن الرئاسة والجموع[8]. الملل والنحل : 1 / 147 منشورات الشريف الرضي . أضاف الشهرستاني ( 479 ـ 548 هـ ) على ما قاله السلمي عنه: وقد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين إليه ويفيض على الموالين له أسرار العلوم ثمَّ دخل العراق وأقام بها مدَّة، ما تعرّض للامامة قط ، ولا نازع في الخلافة أحداً، ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط، ومن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حطّ[9]. مناقب أبي حنيفة : 1 / 172 ، والتحفة الاثني عشرية : 8 . ذكر الخوارزمي ( ت 568 هـ ) في مناقب أبي حنيفة أنه قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمَّد. وقال: لولا السنتان لهلك نعمان. مشيراً إلى السنتين اللتين جلس فيهما لأخذ العلم عن الإمام جعفر الصادق[10]. صفوة الصفوة: 2/94. قال ابن الجوزي ( 510 ـ 597 هـ ) : جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين كان مشغولا بالعبادة عن طلب الرئاسة[11]. مطالب السؤول: 2/56. قال محمّد بن طلحة الشافعي ( ت 652 هـ ) عنه: هو من عظماء أهل البيت (عليهم السلام) وساداتهم ذو علوم جمّة وعبادة موفورة وأوراد متواصلة وزهادة بيّنة، وتلاوة كثيرة، يتتبع معاني القرآن الكريم ويستخرج من بحره جواهره ويستنتج عجايبه، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تذكّر الآخرة، واستماع كلامه يزهّد في الدنيا، والاقتداء بهديه يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوّة، وطهارة أفعاله تصدع أنه من ذريّة الرسالة، نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من الأئمة وأعلامهم .. وعدّوا أخذهم عنه منقبة شرّفوا بها وفضيلة اكتسبوها. واما مناقبه وصفاته فتكاد تفوت عدّ الحاصر ويحار في أنواعها فهم اليقظ الباصر حتَّى أنّ من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى، صارت الأحكام التي لا تدرك عللها، والعلوم التي تقصر الأفهام عن الإحاطة بحكمها، تضاف إليه وتروى عنه. وقد قيل انّ كتاب الجفر الذي بالمغرب ويتوارثه بنو عبد المؤمن هو من كلامه (عليه السلام) وان في هذه لمنقبة سنيّة، ودرجة في مقام الفضائل عليّة، وهي نبذة يسيرة مما نقل عنه[12]. تهذيب الاسماء: 1 / 149 . وفي تهذيب الأسماء ( 631 ـ 676 هـ ) عن عمرو بن أبي المقدام قال: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمّد علمت أنه من سلالة النبيين[13]. وفيات الأعيان : 1 / 327. وقال ابن خلكان ( 608 ـ 681 هـ ) : جعفر الصادق ... أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية وكان من سادات أهل البيت، ولقّب بالصادق لصدقه في مقالته، وفضله أشهر من أن يذكر وله كلام في صنعة الكيميا، والزجر والفال ... ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه وجدّه وعمّ جده .. فلله درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه[14]. ينابيع المودّة : 380 ط اسلامبول. وقال البخاري في فصل الخطاب ( 756 ـ 822 هـ ) : اتفقوا على جلالة الصادق (عليه السلام) وسيادته[15] . الفصول المهمّة : 222. وقال ابن الصبّاغ المالكي (784 ـ 855 هـ ) : نقل الناس عنه من العلوم ماسارت به الركبان، وانتشر صيته وذكره في سائر البلدان، ولم ينقل من العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه من الحديث. وروى عنه جماعة من أعيان الاُمة.. وصّى إليه أبو جعفر(عليه السلام) بالإمامة وغيرها وصيّة ظاهرة، ونصّ عليها نصّاً جليّاً [16]. ـــــــــــــــــــــت ــــــــــــــــــــــــــ الموقع الثالث وفي موسوعة من حياة المستبصرين ذكر عبد الله مـوكر ( أوغندا ـ شافعي ) إعداد مركز الأبحاث العقائدية في كتاب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) للجندي: 4. ويقول المستشار المصري عبد الحليم الجندي في خصوص الإمام الصادق (عليه السلام) : " هو الإمام الوحيد في التاريخ الإسلامي، والعالم الوحيد في التاريخ العالمي، الذي قامت على أسس مبادئه الدينية والفقهية والاجتماعية والاقتصادية دول عظمى "(1). وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يمتلك شخصية متكاملة لا يجود الزمان بمثلها، حتى أقرّ أعداؤه ومناوؤه قبل أحبائه بذلك. تاريخ اليعقوبي: 2 / 383. فقد قال ألد أعدائه المنصور الدوانيقي: " إنّ جعفراً كان ممن قال الله فيه: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)(2)، فاطر: 32. وكان ممن اصطفاه الله، وكان من السابقين في الخيرات "(1 الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر، عن التهذيب لابن حجر العسقلاني، البحار للمجلسي: 47 / 28. وقال مالك بن أنس ـ إمام المالكية ـ: " ما رأت عين ولاسمعت أُذنٌ ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمّد الصادق [ (عليه السلام) ] علماً وعبادةً وورعاً "(2). أنظر: تذكرة الحفاظ للقيسراني: 1 / 166. وقال أبو حنيفة ـ صاحب المذهب المعروف ـ: " ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد "(3). وفي حلية الأولياء لأبي نعيم: 3 / 225. وقال أبو نعيم: " جعفر بن محمّد الإمام الناطق ذوالزمام السابق "(4). وفي رجال النجاشي: 40. وقال الحسن بن عليّ الوشاء: " أدركت في هذا المسجد ـ يعني الكوفة ـ تسعمائة شيخ كل يقول: حدثني جعفر بن محمّد "(5). المجالس السنية للأمين: 5 / 209، نقلاً عن رسائل الجاحظ للسندوبي. وقال الجاحظ: " جعفر بن محمّد، الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه "(6). الصواعق المحرقة لابن حجر: 2 / 586. وقال ابن حجر: " جعفر الصادق [ (عليه السلام) ] نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان، وروى عنه الأئمة الأكابر كيحيى بن سعيد وابن جريح ومالك والسفيانيين وأبي حنيفة وشعبة وأيوب السجستاني "(7). لسان الميزان لابن حجر العسقلاني: 2 / 105. ما قد ورد من أنّه سمع أنّ الجعد بن درهم ـ الزنّديق ـ قد جعل في قارورة تراباً وماءً فاستحال دوداً وهواماً، وادّعى أنه خلق هذه الكائنات، فلمّا بلغ ذلك الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ، قال: " ليقل كم هو؟ وكم الذكران والإناث إن كان خلقه؟، وليأمر الذي يسعى إلى هذا أن يرجع إلى غيره ـ قال ابن حجر ـ: فبلغه ذلك فرجع "(1). كما أنّه (عليه السلام) لمّا رآى انحطاط الوضع الاجتماعي وانحداره في الهاوية وظهور إمارات الانهيار فيه، بذل قصارى جهده لتوعية الناس فكان يدعوا المجتمع إلى التحلّي بالقيم الرفيعة، ليصونهم من الضلال والانحراف. الكافي للكليني: 2 / 209. ومن مواقفه في هذا المجال إيضاً، ما رواه سعيد بن بيان ـ سابق الحاج ـ: " مرّ بنا المفضل بن عمر، وأنا وختن لي نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة، ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل، فأتيناه، فأصلح بيننا بإربعمائة درهم، فدفعها إلينا من عنده، حتى إذا إستوثق كل واحد منّا من صاحبه، قال: أمّا أنّها ليست من مالي، ولكن أبو عبدالله الصادق أمرني إذا تنازعاً رجلان من أصحابنا في شئ أن أصلح بينهما وأفتديهما من ماله، فهذا مال أبي عبدالله "(2). http://www.shiaweb.org/books/khelafa/pa41.html كتاب أزمة الخلافة والامامة أسعد وحيد القاسم ص 168 : عن تذكرة الحفاظ ج 1 ص 157 يقول أبو حنيفة النعمان وهو أحد أئمة المذاهب الفقهية الأربعة عند أهل السنة : ( عندما استدعى أبو جعفر المنصور الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام إلى العراق دعاني إليه لمناظرته ، فكتب أربعين مسألة لطرحها على الإمام . وحين دخلت على المنصور وجدت الإمام الصادق جالسا " إلى يمينه فسلمت وجلست ، وقدمني المنصور إليه ، ثم أمر بطرح المسائل عليه ، فكنت أسأله واحدا " واحدا " ، وهو يجيب عنها واحدة واحدة ، ومبديا " في كل مسألة آراء أهل المدينة وآراء أهل العراق وأخيرا " رأيه الخاص به . وكان رأيه موافقا " لآرائهم حينا " ومخالفا " حينا " . فعرفت أنه أعلم الناس وأعرفهم بعقائد أهل زمانه ) ( 1 ) . الإرشاد للمفيد ص 389 ويقول مالك بن أنس ، وهو إمام آخر من أئمة المذاهب الأربعة وأحد تلاميذ الإمام جعفر الصادق عليه السلام : ( كنت غالبا " أدخل على الإمام الصادق عليه السلام ، فكان إما مصليا " أو قارئا " القرآن الكريم . ولم تر عين مثله ، ولم تسمع أذن بمثله ، ولم يخطر على بال أحد أن يكون هناك أوسع علما " وأكثر عبادة وزهدا " منه ) ( 2 ) . جعفر السبحاني ، بحوث في الملل والنحل ، ج 6 ص 455 ومن المفارقات العجيبة وما أكثرها في تاريخنا الإسلامي أن تجد الشيخ البخاري مثلا " لم يرو في صحيحه ولو حديثا واحدا عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، في الوقت الذي تجده يروي عن مروان بن الحكم الملعون هو وأبوه على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن عمران بن حطان الخارجي الذي ألف قصيدة في مدح قاتل علي بن أبي طالب ! ( 1 ) . الفصل الثالث مظاهر من شخصية الإمام الصادق(عليه السلام) سعة علمه : تأريخ الإسلام للذهبي: 6/45، تذكرة الحفاظ: 1/157، تهذيب الكمال في أسماء الرجال: 5/79. لقد شقق الإمام الصادق (عليه السلام) العلوم بفكره الثاقب وبصره الدقيق، حتَّى ملأ الدنيا بعلومه، وهو القائل: «سلوني قبل أن تفقدوني فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي»[1]. ولم يقل أحد هذه الكلمة سوى جده الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام). اصول الكافي : 1 / 229 . وأدلى (عليه السلام) بحديث أعرب فيه عن سعة علومه فقال: «والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي، فيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن، قال الله عزَّ وجلَّ: (فيه تبيان كل شيء)[2]. مناقب آل أبي طالب: 4/345، أمالي الطوسي: 1/287. حياة الإمام الصادق (عليه السلام)، باقر شريف القرشي: 1/62 وقد كان من مظاهر سعة علمه أنه قد ارتوى من بحر علومه أربعة آلاف طالب وقد أشاعوا العلم والثقافة في جميع الحواضر الإسلامية ونشروا معالم الدين وأحكام الشريعة[3]. كرمه وجوده : لقد كان الإمام الصادق (عليه السلام) الجود، من أندى الناس كفاً، وكان يجود بما عنده لإنعاش الفقراء والمحرومين، وقد نقل الرواة بوادر كثيرة من كرمه، كان من بينها ما يلي: مناقب آل أبي طالب: 4/345، أمالي الطوسي: 1/287. 1 ـ دخل عليه أشجع السلمي فوجده عليلا، وبادر أشجع فسأل عن سبب علته، فقال (عليه السلام): تعدّ عن العلة، واذكر ما جئت له فقال: يخرج من جسمك السقام***كما أخرج ذل السؤال من عنقك وعرف الإمام حاجته فقال لغلامه: أي شيء معك؟ فقال: أربعمائة. فأمره بإعطائها له[4]. الكشي: 121. 2 ـ ودخل عليه المفضل بن رمانة وكان من ثقاة أصحابه ورواته فشكا إليه ضعف حاله، وسأله الدعاء، فقال (عليه السلام) لجاريته: هاتِ الكيس الذي وصلنا به أبو جعفر، فجاءته به، فقال له: هذا كيس فيه أربعمائة دينار فاستعن به، فقال المفضل: لا والله جُعلت فداك ما أردت هذا، ولكن أردت الدعاء، فقال(عليه السلام): لا أدع الدعاء لك[5]. الإمام جعفر الصادق، أحمد مغنية: 47. 3 ـ سأله فقير فأعطاه أربعمائة درهم، فأخذها الفقير، وذهب شاكراً، فقال (عليه السلام) لخادمه: ارجعه، فقال الخادم: سئلت فأعطيت، فماذا بعد العطاء؟ قال (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «خير الصدقة ما أبقت غنى»، وإنّا لم نغنه، فخذ هذا الخاتم فاعطه فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم، فإذا احتاج فليبعه بهذه القيمة[6]. الإمام جعفر الصادق: 47. 4 ـ ومن بوادر جوده وسخائه وحبه للبر والمعروف أنه كانت له ضيعة قرب المدينة تسمى (رعين زياد)، فيها نخل كثير، فإذا نضج التمر أمر الوكلاء أن يثلموا في حيطانها الثلم، ليدخل الناس ويأكلوا من التمر[7]. المصدر السابق . وكان يأمر لجيران الضيعة الذين لا يقدرون على المجي كالشيخ والعجوز والمريض لكل واحد منهم بمدّ من التمر، وما بقي منهم يأمر بحمله إلى المدينة فيفرّق أكثره على الضعفاء والمستحقين، وكانت قيمة التمر الذي تنتجه الضيعة أربعة آلاف دينار، فكان ينفق ثلاثة آلاف منها، ويبقى له ألف[8]. تأريخ الإسلام: 6/45، مرآة الزمان: 6/160، تهذيب الكمال: 5/87. 5 ـ ومن بوادر كرمه أنه كان يطعم ويكسو حتَّى لم يبق لعياله شيء من كسوة أو طعام[9]. حياة الإمام الصادق (عليه السلام): 1/64 عن نثر الدرر. ومن كرمه أنه مرّ به رجل، وكان (عليه السلام) يتغدّى، فلم يسلّم الرجل فدعاه الإمام إلى تناول الطعام، فأنكر عليه بعض الحاضرين، وقال له: السنة أن يسلم ثم يُدعى، وقد ترك السلام على عمد ... فقابله الإمام (عليه السلام) ببسمات مليئة بالبشر وقال له: هذا فقه عراقي، فيه بخل...[10]. صدقاته في السر : الإمام جعفر الصادق: 47. أما الصدقات في السر فإنها من أفضل الأعمال وأحبها لله لأنها من الأعمال الخالصة التي لا يشوبها أي غرض من أغراض الدنيا، وقد ندب إليها أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، كما أنها كانت منهجاً لهم، فكل واحد منهم كان يعول جماعة من الفقراء وهم لا يعرفونه. وكان الإمام الصادق يقوم في غلس الليل البهيم فيأخذ جراباً فيه الخبز واللحم والدراهم فيحمله على عاتقه ويذهب به إلى أهل الحاجة من فقراء المدينة فيقسمه فيهم، وهم لا يعرفونه، وما عرفوه حتَّى مضى إلى الله تعالى فافتقدوا تلك الصلات فعلموا أنها منه [11]. مجموعة ورام: 2/82. ومن صلاته السرية ما رواه إسماعيل بن جابر قائلاً: أعطاني أبو عبد الله(عليه السلام) خمسين ديناراً في صرة، وقال لي: ادفعها إلى شخص من بني هاشم، ولا تعلمه أني أعطيتك شيئاً، فأتيته ودفعتها إليه فقال لي: من أين هذه؟ فأخبرته أنها من شخص لا يقبل أن تعرفه، فقال العلوي: ما يزال هذا الرجل كل حين يبعث بمثل هذا المال، فنعيش بها إلى قابل، ولكن لا يصلني جعفر بدرهم مع كثرة ماله[12]. تكريمه للضيوف : الإمام جعفر الصادق: 46. ومن بوادر كرمه وسخائه حبه للضيوف وتكريمه لهم، وقد كان يشرف على خدمة ضيوفه بنفسه، كما كان يأتيهم بأشهى الطعام وألذّه، وأوفره، ويكرر عليهم القول وقت الأكل: «أشدكم حبّاً لنا أكثركم أكلا عندنا...». وكان يأمر في كل يوم بوضع عشر ثبنات من الطعام يتغدى على كل ثبنة عشرة[13]. تواضعه : النجوم الزاهرة: 5/176. ومن مظاهر شخصيته العظيمة نكرانه للذات وحبه للتواضع وهو سيد المسلمين، وإمام الملايين، وكان من تواضعه أنه كان يجلس على الحصير[14]، الطبقات الكبرى: 1/32. ويرفض الجلوس على الفرش الفاخرة، وكان ينكر ويشجب المتكبرين وحتّى قال ذات مرة لرجل من إحدى القبائل: «من سيد هذه القبيلة؟ فبادر الرجل قائلا: أنا، فأنكر الإمام (عليه السلام) ذلك، وقال له: لو كنت سيدهم ما قلت: أنا..»[15]. ومن حياة الإمام الصادق (عليه السلام): 1/66 عن مطالب السؤول. مصاديق تواضعه ونكراته للذات: أن رجلا من السواد كان يلازمه، فافتقده فسأل عنه، فبادر رجل فقال مستهيناً بمن سأل عنه: إنه نبطي... فردّ عليه الإمام قائلا: أصل الرجل عقله، وحسبه دينه، وكرمه تقواه، والناس في آدم مستوون... فاستحيى الرجل[16]. سمو أخلاقه : كان الإمام الصادق (عليه السلام) على جانب كبير من سمو الأخلاق، فقد ملك القلوب، وجذب العواطف بهذه الظاهرة الكريمة التي كانت امتداداً لأخلاق جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي سما على سائر النبيين بمعالي أخلاقه. الإمام جعفر الصادق: 48. وكان من مكارم أخلاق الإمام وسمو ذاته أنه كان يحسن إلى كل من أساء إليه، وقد روي أن رجلا من الحجاج توهم أن هميانه قد ضاع منه، فخرج يفتش عنه فرأى الإمام الصادق (عليه السلام) يصلي في الجامع النبوي فتعلق به، ولم يعرفه، وقال له: أنت أخذت همياني..؟. فقال له الإمام بعطف ورفق: ما كان فيه؟.. قال: ألف دينار ، فأعطاه الإمام ألف دينار، ومضى الرجل إلى مكانه فوجد هميانه فعاد إلى الإمام معتذراً منه، ومعه المال فأبى الإمام قبوله وقال له: شيء خرج من يدي فلا يعود، إلي، فبهر الرجل وسأل عنه، فقيل له: هذا جعفر الصادق، وراح الرجل يقول بإعجاب: لا جرم هذا فعال أمثاله[17]. الخصال: 11. إن شرف الإمام (عليه السلام) الذي لا حدود له هو الذي دفعه إلى تصديق الرجل ودفع المال له. وقال (عليه السلام): إنا أهل بيت مروءتنا العفو عمن ظلمنا[18]. اُصول الكافي: 2/657. وكان يفيض بأخلاقه الندية على حضار مجلسه حتَّى قال رجل من العامة: والله ما رأيت مجلساً أنبل من مجالسته[19]. صبره : الإمام جعفر الصادق: 49. ومن الصفات البارزة في الإمام (عليه السلام) الصبر وعدم الجزع على ما كان يلاقيه من عظيم المحن والخطوب، ومن مظاهر صبره أنه لما توفي ولده إسماعيل الذي كان ملأ العين في أدبه وعلمه وفضلهـ دعا (عليه السلام) جمعاً من أصحابه فقدّم لهم مائدة جعل فيها أفخر الأطعمة وأطيب الألوان، ولما فرغوا من تناول الطعام سأله بعض أصحابه، فقال له: يا سيدي لا أرى عليك أثراً من آثار الحزن على ولدك؟ فأجابه (عليه السلام): «وما لي لا أكون كما ترون، وقد جاء في خبر أصدق الصادقين ـيعني جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ إلى أصحابه إني ميت وإياكم»[20]. إقباله على العبادة : مجموعة ورام : 2 / 86 . أما الإقبال على عبادة الله تعالى وطاعته فإنه من أبرز صفات الإمام، فقد كان من أعبد الناس لله في عصره، وقد أخلص في طاعته لله كأعظم ما يكون الإخلاص، وإليك صورة موجزة عن عباداته: الغايات: 71. أ ـ صلاته : ان الصلاة من أفضل العبادات وأهمها في الإسلام، وقد أشاد بها الإمام الصادق (عليه السلام) في كثير من أحاديثه: قائلاً (عليه السلام): «ما تقرب العبد إلى الله بعد المعرفة أفضل من الصلاة»[21]. وقال (عليه السلام): «إن أفضل الأعمال عند الله يوم القيامة الصلاة، وما أحسن من عبد توضأ فأحسن الوضوء»[22]. جمهرة الأولياء: 2/78. وقال (عليه السلام): «الصلاة قربان كل تقي»[23]. وسائل الشيعة: 3/26. وقال (عليه السلام): «أحب الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ الصلاة، وهي آخر وصايا الأنبياء، فما أحسن الرجل يغتسل أو يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يتنحى حيث لا يراه أنيس فيشرف الله عليه وهو راكع أو ساجد إن العبد إذا سجد فأطال السجود نادى إبليس: يا ويله أطاعوا وعصيت، وسجدوا وأبيت»[24]. المصدر السابق : 3 / 17 . وقال أبو بصير: دخلت على اُم حميدة ـ زوجة الإمام الصادق(عليه السلام) ـ اُعزّيها بأبي عبد الله (عليه السلام) فبكت وبكيت لبكائها، ثم قالت: يا أبا محمّد لو رأيت أبا عبد الله عند الموت لرأيت عجباً فتح عينيه ثم قال: اجمعوا كل من بيني وبينه قرابة. قالت فما تركنا أحداً إلاَّ جمعناه، فنظر إليهم ثمَّ قال: «إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة»[25]. راجع الصحيفة الصادقية. وهي مجموعة الأدعية المأثورة عن الإمام الصادق(عليه السلام) .ومن الجدير بالذكر أن الإمام (عليه السلام) لم يدع نافلة من نوافل الصلاة إلاّ أتى بها بخشوع وإقبال نحو الله. وكان (عليه السلام) إذا أراد التوجه إلى الصلاة اصْفَرَّ لونه، وارتعدت فرائصه خوفاً من الله تعالى ورهبة وخشية منه. وقد أثرت عنه مجموعة من الأدعية في حال وضوئه، وتوجهه إلى الصلاة وفي قنوته، وبعد الفراغ من صلاته[26]. وسائل الشيعة : 3 / 290. ب ـ صومه : انّ الصوم من العبادات المهمة في الإسلام، وذلك لما يترتب عليه من الفوائد الاجتماعية والصحية والأخلاقية، «وهو جُنّة من النار» ـ كما قال الإمام الصادق (عليه السلام) ـ[27]. مجموعة ورام : 2 / 85 . وقد حث الإمام الصادق (عليه السلام) الصائم على التحلي بالأخلاق والآداب التالية، قال (عليه السلام): «وإذا صمت فليصم سمعك، وبصرك، ولسانك من القبيح والحرام، ودع المراء، وأذى الخادم، وليكن عليك وقار الصيام، ولا تجعل يوم صومك مثل يوم فطرك سواء..»[28]. راجع الصحيفة الصادقية. وكان (عليه السلام) صائماً في أغلب أيامه تقرباً إلى الله تعالى. أما شهر رمضان المبارك فكان يستقبله بشوق بالغ، وقد أثرت عنه بعض الأدعية المهمة عند رؤيته لهلاله، كما أثرت عنه بعض الأدعية في سائر أيامه وفي ليالي القدر المباركة وفي يوم عيد الأضحى الأغرّ [29]. قرب الإسناد: 28. ج ـ حجه : أما الحج فهو بالإضافة إلى قدسيته فإنه من أهم المؤتمرات السياسية التي تعقد في العالم الإسلامي، حيث تعرض فيه أهم المشاكل التي تواجه المسلمين سواء أكانت من الناحية الاقتصادية أم الاجتماعية أو المشاكل السياسية الداخلية والخارجية، مضافاً إلى أنه من أهم الروابط التي يعرف بها المسلمون بعضهم بعضاً. وقد حج الإمام الصادق (عليه السلام) مرات متعددة والتقى بكثير من الحجاج المسلمين، وقد كان المعلم والمرشد لهم على مسائل الحج، فقد جهد هو وأبوه الإمام محمد الباقر (عليهما السلام) على بيان أحكام الحج بشكل تفصيلي، وعنهما أخذ الرواة والفقهاء أحكام هذه الفريضة، ولولاهما لما عرفت مسائل الحج وأحكامه. قرب الإسناد: 28. وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يؤدي بخضوع وخشوع مراسيم الحج من الطواف، والوقوف في عرفات ومنى، وقد روى بكر بن محمد الأزدي فقال: خرجت أطوف، وإلى جنبي الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) حتَّى فرغ من طوافه ثم مال فصلى ركعتين بين ركن البيت والحجر، وسمعته يقول في أثناء سجوده: «سجد وجهي لك تعبداً ورقّـاً، لا إله إلاّ أنت حقاً حقاً، الأول قبل كلّ شيء، والآخر بعد كلّ شيء، وها أنا ذا بين يديك، ناصيتي بيدك فاغفر لي إنه لا يغفر الذنب العظيم غيرك، فاغفر لي، فإني مقرٌّ بذنوبي على نفسي، ولا يدفع الذنب العظيم غيرك».. ثم رفع رأسه الشريف، ووجهه كأنما غُمّس في الماء من كثرة البكاء[30]. المصدر السابق : 31. وروى حمّاد بن عثمان فقال: رأيت أبا عبد الله جعفر بن محمد بالموقف رافعاً يده إلى السماء.. وكان في موقف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وظاهر كفّيه إلى السماء[31]. المصدر السابق : 3. وكان (عليه السلام) إذا خرج من الكعبة المقدسة يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، اللهم لا تجهد بلاءنا، ولا تشمت بنا أعداءنا، فإنك أنت الضار النافع[32]. قرب الإسناد: 98. وروى حفص بن عمر ـ مؤذن علي بن يقطين ـ فقال: كنا نروي أنه يقف للناس في الحج سنة ( 140 هـ ) خير الناس، فحججت في تلك السنة، فإذا إسماعيل بن عبد الله بن العباس واقف فداخلنا من ذلك غم شديد، فلم نلبث، وإذا بالإمام أبي عبد الله (عليه السلام) واقف على بغلة له، فرجعت أبشّر أصحابي، وقلت: هذا خير الناس الذي كنا نرويه[33]. حياة الإمام الصادق (عليه السلام): 1/71 نقلاً عن ضياء العالمين. وكان من أعظم الخاشعين والداعين في مواقف الحج، فقد روي أنّ سفيان الثوري قال: والله رأيت جعفر بن محمّد (عليه السلام) ولم أر حاجّاً وقف بالمشاعر، واجتهد في التضرُّع والابتهال منه، فلمّا وصل عرفات أخذ من الناس جانباً، واجتهد في الدعاء في الموقف[34].