هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين  في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحف الظهور والتجلي  /  صحيفة  سادة الوجود / الجزء الأول
 معنى السيادة وملاكها وتأريخها وظهورها بنور واهب السيادة
في مراتب التدوين
في سيد الكتب وآياته وعلومه والتكوين سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين سادة المتقين
الباب الأول /
سفينة نجاة / المجلس الثالث

الذكر الثالث

تنزل أمر الله بسورة سيدة العلم إنا أنزلها وليلتها لسادة الحق

يا طيب : قد عرفت أن غرض الخلق هو لكي نزداد نورا بأعلى تحقق ممكن لنتنعم بفضل الله سبحانه ، ولا يحصل إلا بالعبودية لله سبحانه والإخلاص له ، وجعل حقائق لا إله إلا الله في كل علم وعمل لنا فنطلب به وجه الله وحده سبحانه ، وبهذا سيد الكلام والعلم الذي ينزل فيه أعلى نور الله السيد الصمد يكون المؤمن سيدا تخاطبه الحور العين والملائكة بالسيد في الجنة ، ولا يمكن لنا هذا إلا بأن نتبع سادة التكوين ونتعلم منهم ما به تطمئن القلوب من ذكر الله وما به يعبد من تعلم الكتاب والحكمة ، فنتزكى وننمو بفضل الله ونوره حتى ننال السيادة الحقة حين نحف بسادة الحق والوجود المكرم الأول بفضل الله ، ونترك أئمة الضلال وسادة الباطل وأتباعهم .

 فنلحق بما علمنا الله وأمرنا من أتباع أولياءه الحقيقيين وسادة الوجود الحق المنير  وأئمة العباد وهداتهم بفضل الله عليهم وعلينا إذ جعلهم قدوة لنا، وقد قال الله تعالى :

{ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُـهُـم بِذِكْرِ اللّهِ

أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُــــوبُ (28)

الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29)} الرعد .

يا طيب : للمؤمن المطمئن بذكر الله علامتان يعرف بها ، هو أنه حقا حين يذكر الله ويتوجه له في أي علم وعمل من طلب عبوديته يشعر بالاطمئنان ، والثاني هو أنه تظهر منه الأعمال الصالحة حقا ، فلا ينوي ولا يفكر ولا يبيع ولا يشتري إلا أمرا يساعده على طاعة الله والتوجه له ويطلب به رضاه ، وهذا لا يكون إلا وفق هدى الله الحق الصادق واقعا ، وهذا يُعرف ممن نشر الكتاب والحكمة وتفسيرها وبما فضله الله سبحانه ، وهذا العلم هو لسيد المرسلين ولآله ، وكما قال سبحانه :

{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ

رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ

وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)

ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} الجمعة.

يا طيب : إن تسبيح كل شيء لله سبحانه ذاتي فطري ، ولكن الإنسان يتعلم تسبيح الله وذكره بما علمه أصحاب أعظم كرامة لله وأعلى نور هداه والمنعم عليهم بصراطه المستقيم ، ولذا قال بعده سبحانه في الآيات أعلاه ، ما معناه إن كنتم تحبون تسبيح وذكري وتقديسي، وتريدون العزة بالحكمة، فالتحقوا برسول يعلمكم الكتاب والحكمة وبهذا تعزون وتتزكون حقا وتنمون بنور الله تعالى ، ولنؤكد هذا المعنى نذكر ما قال سبحانه وتعالى :

{ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ

 وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ (151)

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ (152)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) } البقرة .

فيا طيب : ذكر الله وشكره وتعلم الصلاة والصوم والصبر وكل معارف هدى الله الذي يخلص له به حقا.

لا تعرف إلا ممن وهبهم ملكه العظيم الكتاب والحكمة :

{ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرً (53)

أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ

فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54)

 فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55) } النساء .

ولكن القوم لم يقروا ، لسادة الوجود وما عندهم من الكتاب والحكمة ، لما ملكوا ، ومنعوا سادة الوجود من تعليم هدى الله الحق ، ومن اتصال الناس بهم ، إلا المخلصين الذين تبعوا الحق وثبتوا عليه ، فتعلموا منهم حقائق العبودية وما يذكر به الله كما يحب ويطمئن به القلب وبه يتم العمل الصالح.

 

 

 

الإشراق الأول :

فضل سيد العلم المنزل في ليلة القدر سيدة الليالي وأهميته :

يا طيب : عرفنا أن الله السيد الصمد أظهر أعلى نور في التدوين في كتابه المقدس وجعله سيد الكتب ، وجعل فيه آيات وسور هي غرر الآيات والسور بعد أن كانت الصمد ترينا السيد المقصود في كل شيء وحده لا شريك له ، ومن طلبه وهبه كل كمال يحتاجه ويرفع عنه كل نقص ، وعرفنا فضل سيد الكتب وسورة الإخلاص التي فيها سيد الكلمات الصمد وأهمية معارف التوحيد .

 وهنا نتعرف : على فضل سورة سيد العلم إنا أنزلناه ونرى خصائص تنزل علمها لسادة التكوين ، فنرى تقارن آخر ونور عظمة الله بأعلى تجلي في سيد التدوين وسادة التكوين ، ويأتي إن شاء الله ذكرا خاصا بسيد آيات كتاب الله الشاملة للعلم والتكوين بمعارف عظيمة في الكرسي ، وهنا قبل البدء بشرح معاني سورة سيد العلم نتدبر خصائصها وفضائلها وأهمية تلاوتها في كل الأحوال والصلاة وعند النوم وفي المهمات وإهدائها للأموات وكرامتها في رفع البلايا والأمراض والمنغصات ، فضلا عن شأنها الكريم في معناه الذي يختص بسادة أهل التكوين صلى الله عليهم وسلم ولنا :

 

سورة إنا أنزلناه : نسبة آل محمد ولهم فيها سيد العلم في سيد الليالي:

عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة عن أبي عبد الله عليه السلام في صلاة النبي صلى الله عليه و آله في السماء في حديث الإسراء قال عليه السلام :

ثم أوحى الله عز و جل إليه : اقرأ يا محمد نسبة ربك تبارك و تعالى :

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ  .

 و هذا في الركعة الأولى.

 ثم أوحى الله عز و جل إليه : اقرأ بالحمد لله ، فقرأها مثل ما قرأ أولا .

ثم أوحى الله عز و جل‏ إليه : اقرأ إِنَّا أَنْزَلْنـاهُ .

فإنها نسبتك و نسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة [85].

وعن الإمام أبي جعفر عليه السلام قال :

 يا معشر الشيعة خاصموا بسورة { إنا أنزلناه } تفلحوا ، فوالله :

 إنها لحجة : الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله .

وإنها لسـيدة دينكم : وأنها لغاية علمنا ..

ويأتي إن شاء الله تمام الحديث[86].

وعن المصباح  للكفعمي عن الإمام الصادق عليه السلام  :

 لكل شيء ثمرة ، وثمرة القرآن { إنا أنزلناه } .

ولكل شيء كنز ، وكنز القرآن { إنا أنزلناه } .

ولكل شيء عون ، وعون الضعفاء { إنا أنزلناه } .

ولكل شيء يسر ، ويسر المعسرين { إنا أنزلناه } .

ولكل شيء عصمة ، وعصمة المؤمنين { إنا أنزلناه } .

ولكل شيء هدى ، وهدى الصالحين { إنا أنزلناه } .

ولكل شيء سـيـد ، وسـيـد العلم { إنا أنزلناه } .

ولكل شيء زينة ، وزينة القرآن { إنا أنزلناه } .

ولكل شيء فسطاط ، وفسطاط المتعبدين { إنا أنزلناه } .

ولكل شيء بشرى ، وبشرى البراي { إنا أنزلناه } .

ولكل شيء حجة ، والحجة بعد النبي { إنا أنزلناه } .

فآمنوا به . قيل : وما الإيمان بها ؟

قال عليه السلام : أنها تكون في كل سنة ، وكل ما ينزل فيها حـق[87].

وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده إذ جاء أعرابي فسأله عن مسائل في الحج و غيره.. إلى أن قال:

أما إنه ما أنزل الله عز وجل كتابا ، ولا خلق خلقا .

 إلا وجعل له سيدا :
 فالقرآن سيد الكتب المنزلة ، وشهر رمضان سيد الشهور .

و ليلة القدر : سـيـدة الليالي .

 والفردوس : سيد الجنان، و بيت الله الحرام: سيد البقاع. وجبرائيل: سيد الملائكة .  

وأنا : سيـد الأنبياء ، و علي: سيـد الأوصياء .والحسن والحسين : سيدي شباب أهل الجنة .

 و لكل امرئ من عمله ســيـد :

و حـبـي و حـب علي بن أبي طالب : ســيـد الأعمـال

و ما يتقـرب به المتقربون من طاعة ربهم [88].

ويا طيب : إن سيد الكلام والكتب النازل من السيد الصمد سبحانه ، هو من أعظم الخيرات والبركات وأعلى معارف الهدى والدين ، وأس العبودية والإخلاص لرب العالمين ، وبه تبيان كل شيء ، ولذا خص سبحانه نزوله في ليلة مباركة كريمة شريفة فيها العمل يساوي من الأعمال في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وإن سيد الكتب هو معارف علم نزلت على سيد المرسلين في سيد الليالي مع سيد الملائكة ، وهي مستمرة إلى يوم القيامة لسادة الوجود ، ولنا نصيبنا منها إن توجهنا لله سبحانه وقصدنا سيدنا ومولانا تعالى بما علمه سادة الوجود الحق مما علمه الله وخصهم بعلمه .

ولا مانع كما عرفت : أن يكون سيد الأيام يوم الجمعة، وتكون سيد الليالي القدر ، كما كان لا مانع من أن تكون سيد الآي الكرسي، وسيد العلم إن أنزلناه، كما كان شهر رمضان سيد الشهور، والقرآن سيد الكتب، فإنه لكل شيء سيد من واهب السيادة.

 

الشأن الكريم لسورة إنا أنزلناه وأهمية تلاوتها في كل الأحوال :

عن الإمام الصادق عليه السلام :

من حفظها فكأنما حفـظ جملـة العلـم  [89].

وعن الإمام الصادق عليه السلام :  هي { إنا أنزلناه } :

نعم رفيق المرء :

 بها يقضي دينه ، ويعظم دينه .

ويظهر فلجه  ، ويطول عمره ، ويحسن حاله .

ومن كانت أكثر كلامه ، لقي الله تعالى صديقا شهيدا [90] .

وكان الإمام علي عليه السلام : إذا رأى أحدا من شيعته ، قال :

رحم الله من قرأ { إنا أنزلناه [91] .

وعن الباقرين عليهما السلام : أن لسورة القدر لسانا وشفتين .

ولقد نفخ الله فيها من روحه ، كما نفخ في آدم عليه السلام .

وإنها لفي البيت المعمور ، يطوف بها كل  يوم ألف ملك معظم حتى يمسون .

 وإنها لفي قوائم العرش ، يطوف بها عند كل قائمة مائة ألف ملك .

 يعلمونها إلى يوم القيامة ، وإنها لفي خزائن الرحمة [92].

وعن الإمام الصادق عليه السلام  :

ما فـرغ عبد من قراءتها

 إلا صلت عليه الملائكة ، سبعة أيام [93].

 

وعن إسماعيل بن سهل قال : كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام أني قد لزمني دين فادح ، فكتب :

 أكثر من الاستغفار.

 ورطب لسانك بقراءة إنا أنزلناه [94].

وعن الإمام الصادق عليه السلام  :

 أبى الله تعالى : أن يأتي على قارئها { إنا أنزلناه } ساعة لم يذكره باسمه ويصلي عليه .

 ولن تطرف عين قارئها إلا نظر الله إليه ، ويترحم عليه .

أبى الله : أن يكون احد بعد الأنبياء والأوصياء .

أكرم عليه من رعاة { إنا أنزلناه } ، ورعايتها : التلاوة لها .

أبى الله : أن يكون عرشه وكرسيه ، أثقل في الميزان من أجر قارئه .

أبى الله تعالى : أن يكون ما أحاط به الكرسي ، أكثر من ثوابه .

أبى الله : أن يكون لأحد من العباد ، عنده سبحانه منزلة ، أفضل من منزلته .

أبى الله : أن يسخط على قارئها ويسخطه ، قيل : فما معنى يسخطه ؟

 قال : لا يسخطه بمنعه حاجة .

أبى الله : أن يكتب ثواب قارئها غيره ، أو يقبض روحه سواه .

أبى الله : أن يذكره جميع الملائكة إلا بتعظيمه ، حتى يستغفروا لقارئها .

أبى الله : أن ينام قارئها حتى يحفه بألف ملك يحفظونه حتى يصبح .

 وبألف ملك حتى يمسي .

أبى الله : أن يكون شيء من النوافل أوحى الله إليه ، أفضل من قراءتها .

أبى الله : أن يرفع أعمال أهل القرآن ، إلا ولقارئها مثل أجرهم [95] .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال :

 من قرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر :

 يجهر بها صوته : كان كالشاهر سيفه في سبيل الله .

 ومن قرأها سر : كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله .

ومن قرأها عشر مرات : غفرت له على نحو ألف ذنب من ذنوبه [96].

 

 

ثواب إنا أنزلناه لنا وللأموات عند الموت والقيامة :

 عن أمير المؤمنين عليه السلام : من قرأ : قل هو الله أحد ، و إنا أنزلناه في ليلة القدر .

 في يومه أو في ليلته كل واحد منهما مائة مرة ، سطعتا له نورا في قبره .

و خرج من قبره : و أحدهما بين يديه ، و الأخرى من خلفه حتى يبلغانه الجنة بفضل رحمة الله [97].

 

وعن الإمام الصادق  عليه السلام :

 النور الذي يسعى بين يدي المؤمن يوم القيامة .

 نور { إنا أنزلناه } [98] .

 

وعن محمد بن أحمد بن يحيى قال : كنت بفيد فمشيت مع علي بن بلال إلى قبر محمد بن إسماعيل بن بزيع قال :

 فقال لي علي بن بلال : قال لي صاحب هذا القبر ، عن الرضا عليه السلام قال :

 من أتى قبر أخيه المؤمن فوضع يده على القبر .

 وقرأ : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) سبع مرات

أمن يوم الفزع الأكبر [99].

 

أهمية وثواب إنا أنزلناه لدفع البلاء والعلل والشيطان وأولياءه:

في مهج الدعوات لابن طاووس رحمه الله : أنه قيل للصادق عليه السلام : بما احترست من المنصور عند دخولك عليه ؟

فقال عليه السلام : بالله ، و بقراءة إنا أنزلناه .

 ثم قلت : يا الله ، يا الله ، سبعا ، إني أتشفع إليك بمحمد و آله صلى الله عليه و آله من أن تقلبه لي .

 فمن أبتلى بذلك فليصنع مثل صنعي .

و لو لا أننا نقرأها و نأمر بقرائتها شيعتنا ، لتخطفهم الناس .

و لكن هي و الله لهم كهف [100].

وعن بكر بن محمد الأزدي عن أبى عبد الله عليه السلام :

 و أوصى أصحابه و أولياءه : من كانت به علة ، فليأخذ قلة جديدة ، و ليجعل فيه الماء ، و ليسقى الماء بنفسه ، و ليقرأ على الماء سورة إنا أنزلناه على الترتيل ثلاثين مرة ، ثم يشرب من ذلك الماء ، و ليتوضأ و ليمسح به .

وكلما انقص زاد فيه ، فإنه لا يظهر ذلك ثلاثة أيام ، إلا ويعافيه الله من ذلك الداء[101].

وعنه عليه السلام : شغل الشيطان عن قارئها، حين يدخل بيته، ويخرج منه[102].

وعن  احمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي ووردت بذلك الرواية عنهم عليهم السلام :

قراءة { إنا أنزلناه في ليلة القدر } على ما يدخر ويجني ، حرز له [103].

وفي لب اللباب : عن الصادق عليه السلام :

 من كتبها آي سورة إنا أنزلناه ، وشرب ماءها

 لم ينافق أبدا ، وكأنما شرب ماء الحيوان[104] .

 

 

قراءة إنا أنزلناه في الصلاة ويوم الجمعة :

عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه السلام :

جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ تُعَلِّمُهُ :

أَنَّ أَفْضَلَ مَا تَقْرَأُ فِي الْفَرَائِضِ بِـ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَ إِنَّ صَدْرِي لَيَضِيقُ بِقِرَاءَتِهِمَا فِي الْفَجْرِ ؟

فَقَالَ عليه السلام : لَا يَضِيقَنَّ صَدْرُكَ بِهِمَا فَإِنَّ الْفَضْلَ وَ اللَّهِ فِيهِماَ [105].

وعن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

من قرأ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ في فريضة من فرائض الله نادى مناد :

يا عبد الله ، غفر الله لك ما مضى ، فاستأنف العمل [106].

وعن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال :

إن لله عز وجل يوم الجمعة ألف نفحة من رحمته ، يعطي كل عبد منها ما يشاء .

 فمن قرأ ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) بعد العصر يوم الجمعة مائة مرة .

 وهب الله له تلك الألف ومثلها [107].

 

 

قراءة إنا أنزلناه عند النوم :

عن الباقر عليه السلام أنه قال : من قرأها - آي سورة إنا أنزلناه - حين ينام إحدى عشرة مرة .

 خلق الله له نورا سعته سعة الهواء ، عرضا وطولا ، ممتدا من قرار الهواء .

 إلى حجب النور فوق العرش ، وفي كل درجة منه ألف ملك ، لكل ملك ألف لسان ، لكل لسان ألف لغة .

 يستغفرون لقارئه[108] .

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول :

 من قرأ سورة { إنا أنزلناه في ليلة القدر } إحدى عشر مرة عند منامه .

وكل الله به احد عشر ملكا يحفظونه من كل شيطان رجيم ، حتى يصبح  [109].

يا طيب : أضف ما عرفت من أهمية تلاوة إنا أنزلناه في آخر الذكر السابق مع سورة التوحيد والكرسي وغيرها ، تعرف أكثر عن فضلها ، وإنها سورة حقا لها السيادة في العلم النازل من كل أمر على سيد التكوين في زمانه ، وإن الملائكة لمن كان مؤمنا بها حقيقتا وتابعا لسيدها تكون معه ، وتوجد فضائل أخرى لها مقترنة بسور وبأحول وصلاة من أراد معرفة المزيد عليه بمراجعتها في مستدرك الوسائل ونور الثقلين والبرهان والبحار وغيرها ، كما أن لليلة القدر سيد الليالي خصائص تراجع في أعمال شهر رمضان ويأتي بعضها ، وإذا عرفنا فضل سيد العلم إنا أنزلناه فلنتدبر حقائقها .

 

 

 

 

الإشراق الثاني  :

سيدة الليالي العلم والعمل فيها خير من ملك المبطلين :

يا طيب : ما يذكر به الله ويعبد حقا ويخلص له به هو هداه الحق ودينه القيم ، لا كل دين وضلال ، والهدى الحق عند من وهبهم الكتاب والحكمة وهم سادة الوجود وأصحاب سادة العلم ، لا كل مدعي حتى لو كان صاحب دنيا ولم يفكر بالآخرة ولا يهمه قتل آلاف المسلمين في سبيل سلطانه الباطل ليكون سيدهم كما كان أبوه ومن مهد له الحكم ، كما عرفت في أخر المجلس السابق وما يأتي ممن حارب سيد الحق.

وسادة التكوين الحق : هم أصحاب الكتاب والحكمة بفضل الله ، فهم أصحاب تجلي نور الله وسيد النور الظاهر وأعلاه ، ولذا خصهم الله بسيد العلم وتعليمه وأنعم عليهم بصراطه المستقيم فكانوا يهدون به ، وبهذا العلم يذكر الله ويقدس وسيبح ويعبد حقا كما يحب ويرضى ، ويذكر فتطمئن القلوب واقعا ويكون العمل صالحا مضاعفا ، وتكون طوبى لنا وكل الطيبات بأعلى ظهور أبدا .

ويا طيب : قد عرفت أن سورة إنا أنزلنا هي سيد العلم وتكلمنا عنها الكثير في النور الخامس الإشراق الثاني : سادة أهل العلم إنا أنزلناه والذكر الإلهي هم سادة الوجود وسادة السادة ، من مصباح الباب الأول ، وهنا نبين فيها جمالا آخر وهو :

ليلة نزل فيها كلام السيد الصمد سبحانه ، وهو سيد الكلام والكتب .

و أن العمل الصالح فيها يكون أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيه ليلة القدر .

وتنزل فيها الملائكة بالبركات على المؤمنين .

والروح بأمر الله المحكم وسيد العلم .

وإن العلم النازل فيها يكون من كل أمر ، ومختص بسادة الوجود .

و ليلتها سيد الليالي وهي سلام حتى مطلع الفجر .

وفيها سر وجمال آخر : لأنها خير من ألف شهر كان لملك بني أمية ، بل وملك الدنيا كله كما عرفت أخر المجلس السابق في ملك سادة الباطل وعِدائهم لسادة الحق .

 فليلة القدر للمؤمنين حقا : ولأئمتهم وسادتهم سادة الوجود لأنها ينزل فيها سيد العلم لسيد الكتب من السيد الصمد ، وهو من كل أمر الله يتنزل ، وإن معارفها تنزل في سيد الليالي في سيد الشهور ، وخصت بالسلام من الله على عباده وبالخصوص سيدهم ، فسيد الوجود الحق وهو صاحب سيد العلم والعمل المقبول فيها ، وله كل أمر تام نازل يعرف به ما يتحقق في الأرض وحكمة الله الجارية في عباده وما قدر لهم ، وهي مستمر إلى يوم القيامة ، فلابد أن يكون مستمر وجوده الكريم بأمر الله وإذنه .

 ولذا كان : لابد أن يكون سيدنا وإمامنا وصاحب عصرنا وولينا هو المختص بها ، وأنه لا مدعي لها غير نبينا وآله صلى الله عليهم وسلم ، ولا يوجد في هذا الزمان بل من زمان نبينا غيرهم يستحقها بحق ويؤيده كتاب الله بهذه السورة وبغيرها من الآيات التي تحكي عن هذه الليلة المباركة ، وتؤيده سنة الوجود وهدى الدين الذي يُعرفنا بأنه لابد لكل قوم من هاد ولابد للناس من إمام يدعون به وشهيد عليهم علمه الله أمورهم وهو وحجة الله فيهم وولي أمر الله فيهم يعلمهم هداه .

 فإن صدقنا سيادتهم : وولايتهم وإمامتهم لنا ، فتعلمنا سيد الهدى والدين منهم لا من غيرهم ، فنحن يكون لنا حقا ما فيها من الكرامة وقبول الأعمال والخيرات ، ويكون عملنا خير من الآلاف الأعمال في غيرها ، وهذا العمل الصالح التام الذي يرافق اطمئنان القلب الذي يحصل بذكر الله حقا كما يحب ، فطوبى لنا ، ويكون لنا واقعا حقائق تجلي ذكر الله وتقديسه وتسبيح ، وهذا عين وما عرفت من آيات ألا بذكر الله تطمئن القلوب ، وما تتجلى به وشروطها ، وهو أعلى تحصيل الخيرات.

فيا طيب : قبل ما نذكر ما تحقق واقعا في التأريخ من أنها خير من ملك المبطلين ، نذكر حقائق عن كونها ملك الله العظيم الذي يهب به الكتاب والحكمة ، وكما عرفت في أول الآيات في هذا الذكر والذي به يكون رضا الله سبحانه فيهبنا أعلى نوره وسيده لسادة الوجود ، فنعرج على خصائصها أولا والتي اختص بها أئمة الحق وسادة الوجود وما فضلهم الله به من العلم بالإضافة لما عرفت سابقا :

 

 

الإشعاع الأول :

فضائل العلم والعمل في سيد الليالي ليلة القدر :

يا طيب : هذا مختصر من الأحاديث في فضائل العمل في ليلة القدر ، وتوجد أحاديث كثيرة نختار منها اليسير مما يعرفنا فضل العمل الصالح فيها ، وإنه فيها نزل سيد الكتب ، وإنه نزل فيها سيد العلم وأعلاه ، وسيد الأعمال وأصلحه :

عن إسحاق بن عمار عن المسمعي أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يوصي ولده إذا دخل شهر رمضان فيقول :

 فأجهدوا أنفسكم . فإن فيه تقسم الأرزاق ، وتكتب الآجال ، وفيه يكتب وفد الله الذين يفدون إليه .

 وفيه ليلة : العمل فيها خير من العمل في ألف شهر   [110].

وعن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام قالوا :

 قال له بعض أصحابنا قال : ولا أعلمه إلا سعيد السمان :

كيف يكون ليلة القدر خيرا من ألف شهر ؟

قال : عليه السلام العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر [111].

و عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

نزلت التوراة : في ست مضت من شهر رمضان ، ونزل الإنجيل في اثني عشرة ليلة مضت من شهر رمضان ، ونزل الزبور في ليلة ثماني عشرة مضت من شهر رمضان ، ونزل القرآن في ليلة القدر [112].

وعن محمد بن مسلم عن حمران : أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل :

{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ(3)}الدخان .

قال عليه السلام : نعم ليلة القدر ، وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر .

 فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر ، قال الله عز وجل :

{ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)} الدخان .

 قال : يقدر في ليلة القدر كل شيء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل.

 خير وشر ، وطاعة ومعصية ، ومولود وأجل ، أو رزق ، فما قدر في تلك السنة وقضى فهو المحتوم ، ولله عز وجل فيه المشيئة .

 قال : قلت : { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} القدر ، أي شيء عنى بذلك ؟

فقال عليه السلام : العمل الصالح فيها من الصلاة والزكاة وأنواع الخير .

 خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر .

 ولو لا ما يضاعف الله تبارك وتعالى للمؤمنين ما بلغوا

و لكن الله يضاعف لهم الحسنات بحبنا  [113] .

يا طيب : عرفت أن الله يُذكر ويعبد بامتثال أوامره وعن إيمان بها وإخلاص في طاعته ، ولا يتم إلا بالعمل بالكتاب والحكمة ، وهذه خصائص سيد العلم النازل في ليلة القدر من كل أمر حكيم على سادة خلقه ، والذين أمر بودهم وضاعف حسنات من أطاعهم ، كما عرفت في الحديث أعلاه ، ثم أن قبل هذه الآية قال سبحانه :

{ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : حم (1)وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3)

فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5)

رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) } الدخان .

وهذا عين اختصاص آل محمد بالكتاب والحكمة وما حسدهم من حسدهم :

{ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ

 النَّـــاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ

 فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54)

 فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرً (55) } النساء .

فإن الكتاب والحكمة : ظهر من آل محمد صلى الله عليهم وسلم علما وعملا ، ولم يدعي ناس اختصاصها بهم غيرهم ، بل هم يقولون هنيئا لكم الآخرة وهنيئا لهم الدنيا لأنه ملكوها ولا يهمهم أمر الدين بل من الدنيا لا يعطون قدر حبة ، ولذا عرفت تكون حتى مجالس الشيعة ودعائهم وأعمالهم فضلا عن علمهم مضاعف بل سيد الأعمال لأنهم يتبعون سادة الوجود أهل سادة العلم ، ومن خصهم بأن يُنذروا بما يُعلموا في ليلة القدر ، ويهدون عباد الله بما به صلاحهم أن اتصلوا بهم وطلبوا معرفة عظمة الله وهداه منهم ، وبهذا نعرف سادة العلم والناس وأهل الكتاب والحكمة و معلمين دين الله، فإن استمرار ليلة القدر هو عين معاني الآيات والنذير والهاد والإمام :

{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالحق بَشِيرًا وَنَذِيرًا

وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا  نَـذِيـرٌ (24) } فاطر .

{ إِنَّمَا أَنتَ مُنــذِرٌ وَلِكُـلِّ قَــوْمٍ هَـــــادٍ (7)} الرعد .

{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)

يَـوْمَ نَـدْعُـو كُـلَّ أُنَـاسٍ بِإِمَامِــهِــمْ

فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71)

وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72) } الإسراء .

ولذا لابد أن يكون إمام الحق والنذير والهادي : صاحب هذه الليلة المباركة وما ينزل فيها من كل أمر حكيم , وبه يهدي ويحكم بقضاء حتم ، فلابد أن يُشهده الله معارف كل أمر نازل منه ، وهو يختص بها لكونه حقا هاد ومنذر ، فإن الشهيد من نفس الأمة والقوم ولابد أن يستمر وجوده كما تستمر ليلة القدر ، فيكون لهم كل أمر حيكم ومن كل أمر ، كما كان كتاب الله تبيانا لكل شيء ، وإن تفصيل المعارف لكل سنة وتفسيرها يختص به وكما قال سبحانه وتعالى :

{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَــهِـيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِـــهِمْ

وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء

وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَــانًـا لِّكُــلِّ شَيْءٍ
وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُــــرْبَى

 وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)

وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا

وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)

وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ

أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ

وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) } النحل .

إن الله سبحانه : يؤكد أن شاهد تعاليمه وشهيد الأمة العارف بمصالحهم ، هو من له سيد العلم وسيد الليالي وما له من نزول شرح كل أمر وتبيان تعاليم الكتاب والحكمة، فيكون هو سيد عباده والهاد والإمام والنذير والشهيد وأنه من أهل القربى:

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْـرًا إِلَّا الْمَـوَدَّةَ فِي الْقُرْبَـى

وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّـزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى .

فيا طيب : من يوفي بعهد الله ويكون مؤمنا حقا فيتبع كتابه ورسوله وما عرّفنا من اختصاص ذو القربى بالكتاب والحكمة وبما علموه يخلص العمل لله فيذكره ويكون عمله مضاعف حسن بحبهم كما عرفت في آخر الحديث السابق ، وبالآية أعلاه جعل الله من يقترف ويكرف من حبهم يصبح عمله صالحا مضاعفا يمكن أن يطلب به أجرا كريما حسنا مضاعفا ، يشكره الله الشكور ويزيده ويغفر له تقصيره ، وهذه البركة في الآية أعلاه هي بركة ليلة القدر سيد اليالي وحب سادة الوجود وودهم، فإنه به يتم معرفة عظمة الله ودينه وهداه ونكون معهم يوم القيامة سادة نحف بسادة أهل التكوين بفضل الله عيهم وعلينا ، وهذا ما خصهم الله من تبيان معارفه بحق وما أشهدهم في تلك الليلة المباركة ، ولذا نتيقن أنهم أهل الكتاب ومعارف الحكمة وبما نتعلم منهم نتزكى ولو رفعت ليلة القدر لرفعت معارف كتاب الله بل كتاب الله كما جاء في :

عن داود بن فرقد قال :حدثني يعقوب قال : سمعت رجلا يسأل أبا عبد الله  عليه السلام عن ليلة القدر فقال :

 أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كل عام ؟

فقال أبو عبد الله  عليه السلام : لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن  [114].

فالقرآن فيه تبيان كل شيء : وإن تفصيل شرحه وشهود حقائقه لما يجري على البشر في كل سنة متجدد ، يُعرف بما ينزل في ليلة القدر المبينة لعلومه لسيد الوجود والمنذر والهادي والشاهد لما يعرفه سبحانه وتعالى ، وهو سيد الوجود وإمامهم من ذوي القربى صاحب ليلة القدر المباركة وما يفرق فيها من كل أمر حكيم ، فيعرف ما يصلح العباد ، ويكون من يتصل به عمله مضاعف مرضي ، ويعرف حقائق ما يدعوا به من تعاليم في هذه الليلة وغيرها ، وهذا عين ما يتخذه شيعة آل محمد من ثلاثة أيام من ليالي القدر يطلبون فضل الله فيه ، وهي كما عن أبي عبد الله المؤمن عن إسحاق بن عمار قال :

 سمعته يقول : وناس يسألونه يقولون : الأرزاق تقسم ليلة النصف من شعبان ؟

 فقال : لا والله ما ذاك إلا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين .

 فإن : في ليلة تسع عشرة يلتقي الجمعان ، وفي ليلة إحدى وعشرين يفرق كل أمر حكيم . وفي ليلة ثلاث وعشرين يمضى ما أراد الله عز وجل من ذلك ، و هي ليلة القدر التي قال الله عز وجل : { خير من ألف شهر } .

قال : قلت : ما معنى قوله :  يلتقي الجمعان ؟

 قال : يجمع الله فيها ما أراد من تقديمه وتأخيره وإرادته و قضائه .

 قلت : فما معنى يمضيه في ثلاث وعشرين ؟

 قال : إنه يفرقه في ليلة إحدى [115].

وثلاثة وعشرين يقضيه ويمضيه حتما ولله المشيئة .

 

 

الإشعاع الثاني :

سادة الوجود ملكهم العظيم خير من ملك الدنيا لغيرهم :

قد عرفت يا طيب : إن لله في خلقه شؤون ، فإن مَلّك الله لنبيه ولآله فترة في زمن سيد المرسلين وفترة من زمن سيد الوصيين ، والمهم أنه خصهم أيضا ملك الكتاب والحكمة العظيم وتبيان كل شيء وسيد العلم وسيد الليالي وسيد الكتب و سيد الكلام فجعلهم سادة الناس والوجود كله أين ما حلوا دنيا وآخرة بل ما قبل كما عرفت وستعرف، فإن تداول أيام ملك الدنيا لم يضرهم شيء وإن ليلة القدر وما ينزل فيها من علم والكتاب والحكمة يشهدوها وجودا وعلما وعملا وصفاتا ، ويجب أن يؤخذ منهم ويرجع لهم لطلب معارف الله سبحانه وما يخلص له به من هداه الحق .

وقبل أن نذكر : خصائص ليلة القدر وما فيها من حكمة تداول الأيام وإنه خير من ألف شهر من ملك غيرهم بل كل ملك الدنيا ، نذكر آيات تعرفنا حكمة الله في خلقه في تداول الأيام وإعطاء الدنيا للمؤمن وغيره ، والآخرة خالصة لسادة الوجود ومن اقتدى بشهداء أمر الوجود ، فيمتحن ويمحص عباده المخلصين معهم بهداه الحق ، ويفشل غيرهم ، ونتدبر الآيات التالية ، قال الله سيد السادة سبحانه وتعالى :

{ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ

وَتِلْكَ الأيَّــامُ نُــدَاوِلُهَـــا بَيْنَ النَّاسِ

وَلِيَعْــلَـمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُــوا

وَيَتَّـخِــذَ مِنكُـمْ شُهَــدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)

وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)

أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ

 وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) } آل عمران .

وبهذا : الابتلاء والتمحيص والاختبار يخرج به الشهداء الذين يشهدون سيد العلم في سيد الليالي ويهدون بأمره سبحانه ، لأنه علمهم كل أمر وتبيان كل شيء ، فمن يطلبهم ويريد الآخرة فله الحسنى وعمله خير من عمل في ألف شهر ويزيده حسنى ويشكر سعيه ويغفر له ، ومن يريد سادة الباطل والدنيا بدون حق ، فتدبر الحالين :

{ مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ

 ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا (18)

وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ

فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (19)

كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)

انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ

وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيل (21) } الإسراء .

 ويا طيب : الآخرة لا تكون إلا لمن كان مع الشهداء لأمر الله وسادة الوجود وأئمة الحق وهداة العباد وأصحاب الصراط المستقيم المنعم عليهم بكل أمر من معارف الله ، وبدينهم الحق ذو الكتاب والحكمة يكون ملك الآخرة ملك عظيم لهم وهو من الدنيا ، وملك ملكوت الآخرة هو التفضيل الحق العظيم ، والدنيا لا تساوي شيء عند الله ولذا داولها ، ولم يداول الآخرة ، وخص نعيمه الأبدي بالمؤمنين وسادتهم .

وإذا عرفنا : حكمة الله سبحانه في تداول الأيام فلنعرف شيء من معجزات بيان سيد الليالي وسيد العلم الذي خص الله بمعرفته سيد الكائنات وآله وأخبروا به كما عرفت من أخبار سيد الحق الإمام علي عليه السلام لسيد الباطل في المجلس السابق ، ولكن هنا أخبار من قبل من سيد الكائنات وسيد المرسلين ، يخبره به واهب السيادة الحق وملك الدنيا وتمكين أهل سادة الباطل ليمحص ويبتلي عبادة ، ليُعلم ويَظهر من يطلب الحق من غيره ، وجاء في معارف ليلة القدر ، وأنه خير وأفضل وأحلى وأتم وأحسن من ملك غيرهم ألف مرة وشهر يملكوه في الدنيا وتبقى عليهم تبعاته ولعناته :

 

عن علي بن عيسى القماط : عن عمه  عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

رأى رسول الله  صلى الله عليه وآله : في منامه ، بني أمية يصعدون على منبره من بعده .

 ويضلون الناس عن الصراط القهقري ، فأصبح كئيبا حزينا ، قال :

فهبط عليه جبرائيل عليه السلام فقال : يا رسول الله مالي أراك كئيبا حزينا .

قال : يا جبرائيل إني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي ويضلون الناس عن الصراط القهقرى .

 فقال : والذي بعثك بالحق نبيا إن هذا شيء ما اطلعت عليه ، فعرج إلى السماء .

 فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها ، قال :

 { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207) } الشعراء .

وأنزل عليه : { بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)
 لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم
 مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
} القدر  .
     جعل الله عز وجل ليلة القدر لنبيه صلى الله عليه وآله  خيرا ، من ألف شهر مَلك بني أمية .

 وقوله : { أفرأيت } قال الطبرسي : معناه أرأيت إن أنظرناهم أو أخرناهم سنين ومتعناهم بشيء من الدنيا ، ثم أتاهم العذاب لم يغن عنهم ما متعوا في تلك السنين من النعيم ، لازديادهم في الآثام واكتسابهم من الإجرام .

و قال الفيض رحمه الله : قد حوسب مدة ملك بني أمية فكانت ألف شهر من دون زيادة يوم ولا نقصان يوم .

 وإنما أرى إضلالهم للناس : عن الدين القهقرى ، لأن الناس كانوا يظهرون الإسلام ، و كانوا يصلون إلى القبلة ، ومع هذا كانوا يخرجون من الدين شيئا فشيئا ، كالذي : يرتد عن الصراط السوي القهقرى ، ويكون وجهه إلى الحق حتى إذا بلغ غاية سعيه رأى نفسه في جهنم . انتهى [116].

 وفي هامش الطبع الأول من الوافي قال : المستفاد من كتب السير :

أن أول انفراد بني أمية بالأمر كان عند ما صالح الحسن بن على عليهما السلام معاوية سنة أربعين من الهجرة .

وكان انقضاء ملكهم على يدي أبى مسلم المروزى سنة اثنتين وثلاثين ومائة منها.

 فكانت تمام دولتهم اثنتان وتسعون سنة ، حذفت منها خلافة عبد الله بن الزبير وهى ثمان سنين وثمانية أشهر ،

بقى ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر بلا زيادة يوم ولا نقصان ، وهي ألف شهر . انتهى [117].

وليلة القدر : سواء ما يقبل بها من الأعمال الصالحة واطمئنان القلب بذكر الله بهداه الحق ، وأجر الله لسادة الوجود وأتباعهم المؤمنين ، لخير من ألف شهر من ملك أعدائهم ، ولنتيقن معاني سورة القدر وكراماتها ننظر تفسير علي بن إبراهيم ، قال :

{ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } فهو القرآن أنزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر جملة واحدة .

 و على رسول الله صلى الله عليه و آله في طول ثلاث و عشرين سنة .

 { وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ } و معنى ليلة القدر أن الله تعالى يقدر فيها الآجال و الأرزاق و كل أمر يحدث من موت أو حياة أو خصب أو جدب أو خير أو شر، كما قال الله : { فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } إلى سنة.

قوله : { تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيه } قال : تنزل الملائكة و روح القدس على إمام الزمان ، و يدفعون إليه ما قد كتبوه من هذه الأمور .

قوله : { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وآله في نومه كأن قردة يصعدون منبره فغمه ذلك ، فأنزل الله :

{ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ

مِنْ أَلْفِ شَهْر ٍ}

تملكه بنو أمية ليس فيها ليلة القدر .

قوله : { مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ } قال : تحية يحيى بها الإمام إلى أن يطلع الفجر .

وقيل للإمام أبي جعفر  عليه السلام : تعرفون ليلة القدر ؟

فقال : و كيف لا نعرف ليلة القدر و الملائكة تطوف بنا فيه   [118].

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى :

 { خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) } القدر .  قال : من ملك بني أمية .

 قال : وقوله : { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم (4)} القدر .

 أي من عند ربهم على محمد وآل محمد { بكل أمر  سلام }[119].

يا طيب : الملك الخالد والعظيم في نعيم الله سبحانه الأبدي خير من ألف شهر ومن ملك الدنيا كلها ، ولو كانت تساوي الدنيا شيء عند الله لم يعطي لظالم وكافر نعيم بصر وسمع وشم وذائقة وفكر وعلم وعمل وزينة الحياة الدنيا ، ولكن ليختبر العباد وليمحصهم ثم من يؤمن بما عرفه من هداه بصراط مستقيم من المنعم عليهم بملكه العظيم من الكتاب والحكمة  فاز ونجا وله السلام والأمن أبدا، والله سبحانه قال لنار أعدت لنبيه إبراهيم عليه السلام يا نار كوني بردا وسلاما مرة واحده ، فتحولت له جنة وجدوه بعد أيام يأكل ويشرب ، فكيف بسادة الوجود من آل إبراهيم ومن تبعهم والله يقول لهم كل سنة في ليلة القدر سلام ، ألا تكون خيرا من ألف شهر من ملك النمرود وبني أمية وأتباعهم ، الذين لهم الخسران المبين ويكون ملكهم في الدنيا وبال عليهم ونار تحيطهم يطوقون بها وتحرقهم ولهم عذاب وغصة أبدا ، فالمؤمن بأي حال له فضل الله ويبتليه ليزيد مقامة ويعرف صبره فيهبه ملك خالد ، ولنتمعن بعض الشيء بمعارف سيدة الليالي وما فيها من سيد العلم المختص بسادة الوجود نتدبر :

 

 

 

الإشعاع الثالث :

إنا أنزلنا سيدة ديننا وحجة واهب السيادة لتعريف سادة العباد حقا :

يا طيب : إن كان ملاك السيادة : هو بذل المعروف والظهور بالخيرات والتقى والعمل الصالح حقا مخلصين به الدين لله وطالبين به رضاه سبحانه .

 فليلة القدر : فيها أس الخيرات ومعارفها ، ففيها كل أمر حسن والعمل الصالح مضاعف ألف بل يعادل آلاف من الأعمال الصالح في ليالي غيرها ، وسورتها سيد العلم ، وينزل فيها غاية العلم وأسه وتمامه وكماله وشموله لكل شيء ، ففيها ينزل حقائق الكتاب والحكمة وهما سيد الكلام والكتب واللغات وبيانهما وشهود حقيقتهما  ففيها تنزل بركات الله سبحانه وخيراته لسادة المؤمنين وللمؤمنين العاملين بعلمهم .

وهذه عين السيادة لصاحبها : وأس الولاية وحقيقة ملاك الإمامة وتمام النعمة والصراط المستقيم في هدى الله ورضاه ، فهذا للمقتدي بسادة الوجود من  المؤمن حقا خيرا من الدنيا وما فيها فضلا عن ملك فلان وفلان ، وأتم السيادة لسيدهم الذي منه يتعلم المؤمنون وهو أخلص من طلب الله وتجلى عليه بنوره ، لأنه الله اصطفاه وأختاره وفضله بالملك العظيم من تنزل حقائق الكتاب والحكمة ، وبها تجلي أسم الله  العظيم والسيد والصمد ، بل كل الأسماء الحسنى نورها لسيد العباد بأعلى تجلي يتنزل ، فليلة القدر سيد الليالي فيها سيد العلم لسيد الوجود ، كلا في زمان ، وهم في الرتبة بعد سيد المرسلين ، فبعده آله سيد الأوصياء وسيدة نساء العالمين وسيدا شباب أهل الجنة وسادة المتقين ، وهم معلمي عباد الله إلى أخر الزمان وشهداء نور الله والمتجلين به .

وسيد العلم الآن : وكل خيرات ليلة القدر لإمام زماننا وحتى يوم القيامة ، فهو امتداد لآبائه الكرام الذين كانوا قبله ، ويمر نور الله فيهم حتى يتجلى فيه في الأرض ، والكل في موقف واحد يوم القيامة ، جعلنا الله معهم في كل نعيم هدى ودين وعبودية وإخلاص له وحده سبحانه وكل خير يخصهم به إنه أرحم الراحمين .

ويا طيب : لنعرف خلاصة العلم الذي هو أس العمل وبذل المعروف لملاك السيادة وأصل حقيقته ، فلنتدبر أحاديث تعرفنا شأن سادة الوجود وما خصهم الله سبحانه من سيد العلم في سيد الليالي ، وما يتجلى فيها من أخلاصهم في توحيده :

عن الإمام أبي جعفر عليه السلام قال :

يا معشر الشيعة : خاصموا بسورة إنا أنزلناه تحلجوا .

فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.

وإنها لســيـدة دينـكــم ، وإنهـا لغايـة عـلمنـا .

يا معشر الشيعة : خاصموا بـ : { حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)

إِنَّا أَنزَلْنَـاهُ فِي لَيْلَـةٍ مُّبَارَكَـةٍ إِنَّا كُنَّا مُنـــذِرِينَ (3)}الدخان.

 فـإنها لـولاة الأمـر خاصـة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله .

 يا معشر الشيعة : يقول الله تبارك وتعالى :

{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالحق بَشِيرًا وَنَذِيرًا

وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24)}فاطر.

 قيل : يا أبا جعفر نذيرها محمد صلى الله عليه وآله .

 قال : صدقت ، فهل كان نذير وهو حي من البعثة في أقطار الأرض ؟

 فقال السائل : لا (على التقرير أي نعم ويكثر في الخطاب سابقا أنظر صحيفة الإمام الرضا في شعر المحاورة من المأمون ).

قال أبو جعفر عليه السلام : أرأيت بعيثه أليس نذيره ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله في بعثته من الله عز وجل نذير ، فقال : نذير .

 فقال : بلى ، قال : فكذلك لم يمت محمد إلا وله بعيث نذير .

قال : فإن قلت لا فقد ضيع رسول الله صلى الله عليه وآله من في أصلاب الرجال من أمته .

 قال : وما يكفيهم القرآن ؟ قال : بلي إن وجدوا له مفسرا .

قال : وما فسره رسول الله صلى الله عليه وآله ؟

قال : بلى قد فسره لرجل واحد .

 وفسر للأمة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب عليه السلام .

قال السائل : يا أبا جعفر كان هذا أمر خاص لا يحتمله العامة ؟

قال : أبى الله أن يعبد إلا سرا حتى يأتي إبان أجله الذي يظهر فيه دينه ، كما أنه كان رسول الله مع خديجة مستترا حتى أمر بالإعلان .

قال السائل : ينبغي لصاحب هذا الدين أن يكتم ؟

 قال : أو ما كتم علي بن أبي طالب عليه السلام يوم أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى ظهر أمره ؟

 قال : بلى ، قال : فكذلك أمرنا حتى يبلغ الكتاب أجله [120].

يا طيب : إن أهل البيت عليهم السلام أعلنوا بيان أحكام الله ، وأن هذه الأحاديث ما عرفت هي من بيان سيادتهم وإمامتهم وأحقيتهم في بيان أحكام الله وتعاليم دينه سواء في أصول الدين أو في فروعه .

وإن عدم بيعة : سيد الأوصياء الإمام علي عليه السلام لمن تحكم بعد رسول الله  وحربه وحرب آله مع بني أمية ، هو بيان لتعريف حقهم في بيان دين الله سبحانه وأنه على الناس أتباعهم لمعرفة حقائق أحكام الله في كتابه, والذي هو تبيان لكل شيء كما يخصهم الله به من معارف كل أمر يصلح العباد في طاعة الله والإخلاص له حقا .

 وكذا كان في زمن الأئمة سادة المتقين من ولد الحسين عليهم السلام :

الناس : تعرف أنهم يدعون الإمامة والسيادة والولاية والخلافة لله ولرسوله ، ولكن بدون حرب مع الحكام علنية ، ولكنهم يعرفون حقهم بمجالس كثيرة وهذا الحديث منها في بيان حقهم ، ولكن قوله يكتم الأمر حتى يظهر الدين على الدين كله ويتم ظهور دين الله بحكومة علنية تامة في كل أقطار الأرض ببعيث رسول الله ونذيره الحق سيد الوجود في زمانه وإمام عصرنا وسيده ، فهو موكول لإذن الله فيظهره متى شاء وينجز وعده، فيظهر بالدين ويحكم بدون كتمان لشيء من معارف ليلة القدر.

وإن الأئمة عليهم السلام : يعلمون كثير من الأمور ولا يظهرون كثير منها لأنه ليس من الضروري أن تظهر أحول الناس ، وأنه لا إكراه في الدين ولا مطلوب من سيد العباد أن يحاسبهم على نياتهم ولا على عدم أقامتهم لشيء من هدى الله الذي يعصي به حكام زمانهم أو باقي الناس ، فهم لو يُعرفون دائما كل شيء حتى تداول الأيام لحكام زمانهم لتغيرت كثير من الأمور ، ولو عرفوا كل ما يجري على الناس وأحوال الحكام لنبذهم الناس وقتلهم الطغاة ، فكتمان بعض الأمور التي تجري مع علمهم بمخالفتها لأمر الله ، وعدم الجهر والمطالبة بعلن يعارض الحكام العصاة ، لم يمنع تعليم الحقائق لأصحابهم ولمن يتصل بهم ، فكتمانهم لكثير من الأمور وإظهار بعضها للخاص هو وضيفتهم في زمانهم ، وهذا هو كان حال سادة الوجود مع أصحابهم .

وفعلا : تم تعليم كتاب الله وشرحه للخاصة من أصحابهم وهم ينشروه ، وإن ما نكتبه وما ظهر لنا هو دين الله الحق ، وإن كتم زمانا ولم ينشر لكل المسلمين ، ولم يطبع في كتب ولا حكي على كل منابر المؤمنين ، لكون الحكام معارضين لهم في زمانهم ، فهذا هو نوع من الكتمان كما قال الإمام عليه السلام ، فإنه لم يذهب ولا جماعته في كل مكان يعارضون من يفتي ويحكم بما يخالف ما تعلموه في ليلية القدر وما يعرفون من شرح كتاب الله بصورة تامة علنية توجب هلاكهم أو تنفر الناس منهم ، فإن أعدائهم أقوى وبالمال والظلم والمكر ينصرون سلطانهم ومن يفتي لهم وهم يعينون الوعاظ وأئمة الصلاة في المساجد ومنهم يأخذون أموال معيشتهم .

وإنه لا إكراه في الدين : فإنه على كل مؤمن حقا أن يطلب سادة الوجود وأئمة الحق ويبحث عن هدى الله بصدق ، والذي فيه علومه حقا حيث جعله نعيم نسأله هداه في كل صلاة مرتين ، ولابد أن نعرف المنعم عليهم بكوثر الخير وليلة القدر والتطهير و المودة والولاية وكثير من الآيات التي تعرفنا أنه لهم ملك الله العظيم من الكتاب والحكمة وأعلى نور تجلي الأسماء الحسنى علما وعملا وصفاتا وتعليما وسيرة ، ونصلي عليهم مع سيد المرسلين ويجب أن نسلم لهم لنسلم ويأتينا سلام الله .

ويا طيب : إن ظهور كل أمر الله بالتفصيل هو في دولة الحق وبتأييد الله له بالمعجزة ، وكثير من الملائكة تؤيد وترافق صاحب العصر والزمان حين الظهور ، وفي زمانه لا يسمح فيه بمخالفة لفرد عادي فضلا عن حاكم ووالي ، ولذا تقع الحروب حتى يُمكنه الله بالحكومة على كل أهل الأرض ، وبكل ما يأمر الله سبحانه وينزله في ليلة القدر من حكم ، و يحكم بحكم تام لا يرضى فيه بمخالفة لأحد مهما كان ، وإن نزول الروح بكل أمر للإمام في زمان الكتمان وعدم الظهور ، ينفع لنجاة خواصهم ومن يطلب دين الله حقا فيعرفوه مصالحه وما به نجاته وإقامة دينه بصورة مباشرة ، أو غير مباشرة بتوسط حجة الله أو بتوسط أعوانه ونوابه ، وإنه ليس عديم الفائدة ، بعدما عرفنا كل ما يرضي الله تعالى ويحبه لعباده ويرضى أن يعبد به بإخلاص منهم قد عرفوه لخواصهم وما نكتبه هذا هو منه إن شاء الله ، ولمعرفة المزيد من حكمة نزول كل أمر في ليلة القدر حتى في زمن الكتمان وعدم الحكومة التامة من الإمام وسيد العباد الحق وتداول الأيام بين الناس ، ننظر الأحاديث الآتية .

ويا طيب : في الحديث بعد كلمة أقطار الأرض قال السائل : لا في المصدر والظاهر سهو من الناسخ وأنظر ما في هامش البحار وما بيناه هو الصحيح ، فإن السائل صدق أن سيد المرسلين نذير الله وبعيثه لكل أهل الأرض ، وبعد تقرير الإمام أقر بأن بعيث رسول الله نذير عن رسول الله عن الله ، كما أن طاعة أول الأمر هي أطاعة الله ورسوله ، وسيد الوصيين بعد سيد المرسلين هو بعيثه ونذيره بأمر الله ، ويؤيده : وما من أمة إلا خلى فيها نذير ، وأنما أنت منذر ولكل قوم هاد ، وأطيعوا أولي الأمر منكم ، وآية التصدق بالخاتم في الركوع ، ولله الحجة البالغة ، فإنها تثب الولاية ولسيادة له بعد رسول الله وأنه يحكم ويبلغ عن رسول الله ، وكما سيأتي كلام سيد الوصيين في كونه مبلغ عن الله ورسوله لسورة براءة وهو في حياة رسول الله فكيف بعده  ، ولنعرف معرفتهم ومقدار ما يعرفوه للناس من أمر الله الذي به صلاح العباد والإخلاص له ننظر الأحاديث الآتية :

 

 

الإشعاع الرابع :

سيد العلم ينزل في سيدة الليالي لسيدنا حتى يوم القيامة :

يا طيب : إن دين الله سبحانه مستمر ، وسيظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، وإن الله تجلي نوره بأعلى عظمة مستمر في كل مراتب التكوين ، وفي الأرض يكون لهادي العباد وإمامهم ولي أمره فيهم وسيدهم الواجب الطاعة بما فضله الله من العلم في ليلة القدر المستمر نزول أمر الله فيها ، وإن أرض الله لا تخلو من حجة أبدا ، وإن لكل قوم هاد ومنذر منهم يكون شهيد عليهم وشهيد الله فيهم ، يشهده كل أمر يحتاجه لإصلاح العباد ، وإنه الآن لا إكراه في الدين .

ولكن الله سبحانه : له يوم قد أوعدنا أن يظهر دينه كله فيه ، ويستخلف سيد عباده فيورثه الأرض ودينه بظهور تام ، فيُعرف عظمته وقدرته وحكمته بأعلى تجلي ، وفي أيامه يطبق الدين ولا يرضى فيه عصيان وإن لم يرفع الاختيار من العباد ، ولكن لقدرة ولي الله وسيد المؤمنين والمتقين في يوم الظهور بسيد العلم والدين ، لا يرضى بالمعصية عملا ويعاقب عليها جدا ، ويمكنه الله من الحكم بالمعجزة التامة فضلا عن معرفته بأعدائه والعُصاة والطغاة ، وهو ظهور لعظمة الله مختلف عن نوره في أيام الغيبة وعدم الظهور بكتمان وليه وما خصه من علمه ، وإن عرفه له وعرف خاصته به .

وللمعرفة أكثر في خصائص سيد العلم ونزوله في سيد الليالي على سيد المتقين والمؤمنين في زمانه ، وأهمية الإيمان به والتصديق بمعارف الله وما أشار لنا وعرفنا من سورة إنا أنزلناه وآيات تحكي عن نزول الروح في الليلة المباركة ، وتفريق أمره الحكيم واختصاص سيد الوجود بأعلى كرامة وبركة فيه ، نتدبر الأحاديث الآتية :

عن أبي يحيى الصنعاني عن الإمام أبي جعفر عليه السلام قال :

لقد خلق الله جل ذكره : ليلة القدر ، أول ما خلق الدنيا .

 ولقد خلق فيها أول نبي يكون ، وأول وصي يكون .

ولقد قضى :

أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة .

من جحد ذلك : فقد رد على الله عز وجل علمه ، لأنه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدثون إلا أن تكون عليهم حجة بما يأتيهم في تلك الليلة ، مع الحجة التي يأتيهم بها جبرائيل عليه السلام .

قلت : والمحدثون أيضا يأتيهم جبرائيل أو غيره من الملائكة عليهم السلام ؟

قال عليه السلام : أما الأنبياء والرسل صلى الله عليهم فلا شك ، ولا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه الأرض إلى آخر فناء الدنيا ، أن تكون على أهل الأرض حجة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى من أحب من عباده .

 وأيم الله : لقد نزل الروح والملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم .

وأيم الله : ما مات آدم إلا وله وصي .

وكل من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الأمر فيها ، ووضع لوصيه من بعده .

وأيم الله : إن كان النبي ليؤمر فيما يأتيه ، من الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله أن أوص إلى فلان .

ولقد قال الله عز وجل : في كتابه لولاة الأمر من بعد محمد صلى الله عليه وآله خاصة :

{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ

وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ
 وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا  يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا

وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)} النور .

 يقول : أستخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه :

{ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا }

يقول : يعبدونني بإيمان ، لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله ، فمن قال غير ذلك { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } .

فقد مكن : ولاة الأمر بعد محمد بالعلم ، و نحن هم ، فاسألونا فإن صدقناكم فأقروا ، وما أنتم بفاعلين .

 أما علمنا فظاهر .

 وأما إبان أجلنا : الذي يظهر فيه الدين منا حتى لا يكون بين الناس اختلاف ، فإن له أجلا من ممر الليالي والأيام ، إذا أتى ظهر ، وكان الأمر واحد .

وأيم الله : لقد قضي الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف .

ولذلك جعلهم شهداء على الناس : ليشهد محمد صلى الله عليه وآله علينا ، ولنشهد على شيعتنا ، ولتشهد شيعتنا على الناس .

أبى الله عز وجل : أن يكون في حكمه اختلاف، أو بين أهل علمه تناقض.

 ثم قال أبو جعفر عليه السلام :

فضل إيمان المؤمن بحمله { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ } وبتفسيرها .

على من ليس مثله في الإيمان بها .

كفضل الإنسان على البهائم .

وإن الله عز وجل : ليدفع بالمؤمنين بـه عن الجاحدين لها في الدنيا .

ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين .

ولا أعلم : أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار [121].

يا طيب : إن الله علم أنبياءه وأوصياءهم ما به صلاح العباد ، ولكنه بعض الأمور لم يؤذن لهم بإظهارها ، وبعض لم تكن حتم حتى يُعلمهم به في ليلة القدر ، وفيها يفصل كل أمر والأذن به ، ويعلمهم خصائص السنة كما عرفت في آيات ، أنهم شهداء على الناس والرسول شهيد عليهم .

وعرفت نزول كل أمر في هذه الليلة المباركة : فهذا التفصيل والتفضيل لابد أن يكون لخاصين على طول الزمان ، ومادام نؤمن بوجود ليلة القدر في شهر رمضان ، وقد عرفنا الله بها في عدة آيات فضلا عن سورة القدر ، ولذا كان مستحب قراءة سورة إنا أنزلناه في كل ليلة من رمضان ألف مرة وفي كل صلاة يومية وعرفت بعض الكلام ، ولننظر ما ينزل فيها من محكم أمر الله وقضاءه لولي أمره وسيد العباد ، ولنتمم بحث الحديث السابق :

 

عن مرازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إن القرآن : تبيان كل شيء ، حتى والله ما ترك الله شيئا يحتاج العباد إليه إلا بينه للناس . حتى لا يستطيع عبد يقول :

لو كان هذا نزل في القرآن ، إلا وقد أنزل الله تبارك وتعالى فيه[122] .

وإن كتاب الله تبيان لكل شيء : وهو سيد الكتب ، وهو مختص جمعه وتفسيره وتأويله وبيان هداه للمنعم عليهم ، فلابد أن يكون سيد العلم لهم وهم أصحاب الروح ومختصين بعلوم وبركات وخيرات منه سبحانه بأعلى ظهور لنور أسمائه الحسنى كلها ، وإن من يقتدي بهم يكون له نصيب علمه وعمله بما أخلص لله تعالى من هداهم ، وهذا حقائق تجلي معنى السيادة لله سبحانه في كتابه التدويني والتكويني ، فجعل سيد العلم وسيد الكتب وخصها بسادة العباد ، ولنتيقن ونتعرف أكثر معارف سيد العلم المحكم المختص بسيد العباد في زمانه ، نتدبر الأحاديث الآتية :

عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال الله عز وجل في ليلة القدر :

{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) } الدخان  .

يقول : ينزل فيها كل أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين ، إنما هو شيء واحد .

 فمَن حكم : بما ليس فيه اختلاف ، فحكمه من حكم الله عز وجل .

ومَن حكم : بأمر فيه اختلاف ، فرأي أنه مصيب ، فقد حكم بحكم الطاغوت .

إنه لينزل في ليلة القدر : إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا .

وإنه ليحدث لولي الأمر : سوى ذلك كل يوم علم الله عز وجل الخاص ، والمكنون العجيب المخزون ، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ، ثم قرأ :

{ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ

مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) } لقمان[123] .

 

وفي حديث طويل منه عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :

 قال لأبيه عليه السلام رجل معتجر أي ملثم ببعض العمامة قد لف قسم من وجهه بها  ...... قال له :

 أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف ، من يعلمه ؟

قال عليه السلام : أما جملة العلم فعند الله جل ذكره .

 وأما ما لا بد للعباد منه فعند الأوصياء .

قال : ففتح الرجل عجيرته ( لثامه ) وأستوى جالسا وتهلل وجهه ، وقال :

هذه أردت ولها أتيت ، زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء ، فكيف يعلمونه ؟

قال : كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه ، إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرى ، لأنه كان نبيا وهم محدثون ، وأنه كان يفد إلى الله عز وجل فيسمع الوحي وهم لا يسمعون .

 فقال : صدقت يا ابن رسول الله سأتيك بمسألة صعبة .

 أخبرني : عن هذا العلم ماله لا يظهر كما كان يظهر مع رسول الله صلى الله عليه وآله ؟

قال فضحك أبي عليه السلام وقال : أبى الله عز وجل أن يطلع على علمه إلا ممتحنا للإيمان به ، كما قضى على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصبر على أذى قومه ، ولا يجاهدهم ، إلا بأمره .

فكم من أكتتام : قد أكتتم به ، حتى قيل له :

{ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) } الحجر .

وأيم الله : أن لو صدع قبل ذلك لكان آمنا ، ولكنه إنما نظر في الطاعة ، وخاف الخلاف فلذلك كف ... ـ يا طيب : إنه وإن لم يصدع ، فقد عرفت أنه أنذر عشيرته الأقربين يوم الدار وأتخذ منهم وصيا وكان هو وسيد الأوصياء وأم سيدة النساء خديجة يعبدون الله وحدهم سبع سنين ، ومرت معارف حول هذا فيما تقدم فراجع ، ولكن الأمر لكل قريش والجهر لم يتم إلا بعد أمر الله وكان الأمر مكتوم إلا للخاصة ، وكذا بعد تداول الأيام وتملك الطغاة وسادة الباطل ، لسيد الحق أن يكتم بعض العلم ويعلم ما يأمر الله به للخاصة  ـ

ثم قال له الإمام الجواد عليه السلام :

فوددت : أن عينك تكون مع مهدي هذه الأمة .
 والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض تعذب أرواح الكفرة من الأموات ، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء .

 ثم أخرج ( السائل ) سيفا ثم قال : ها إن هذا منها .

 قال : فقال : أبي إي والذي اصطفى محمدا على البشر .

قال: فرد الرجل اعتجاره ( تلثم لف المسدول من عمامته على قسم من وجهه).

وقال : أنا إلياس ، ما سألتك عن أمرك وبي منه جهالة غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك و سأخبرك بآية أنت تعرفها إن خاصموا بها فلجوا .

 قال : فقال له أبي : إن شئت أخبرتك بها ؟ قال : قد شئت .

 قال عليه السلام : إن شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا :

إن الله عز وجل يقول لرسوله صلى الله عليه وآله : { إنا أنزلناه في ليلة القدر ... إلى آخرها } .

فهل كان رسول الله صلى الله عليه وآله : يعلم من العلم ، شيئا لا يعلمه في تلك الليلة ، أو يأتيه به جبرائيل عليه السلام في غيرها ؟  فإنهم سيقولون : لا .

فقل لهم : فهل كان لما علم بد من أن يظهر ؟ فيقولون : لا .

 فقل لهم : فهل كان فيما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله من علم الله عز ذكره اختلاف ؟ فان قالوا : لا .

 فقل لهم : فمن حكم بحكم الله فيه اختلاف ، فهل خالف رسول الله صلى الله عليه وآله ؟

 فيقولون : نعم . فإن قالوا : لا ، فقد نقضوا أول كلامهم .

فقل لهم : ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم .

 فإن قالوا : من الراسخون في العلم ؟ فقل : من لا يختلف في علمه .

 فإن قالوا : فمن هو ذاك ؟

فقل : كان رسول الله صلى الله عليه وآله صاحب ذلك ، فهل بلغ أولا ؟ فإن قالوا : قد بلغ .

فقل : فهل مات صلى الله عليه وآله والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف ؟ فإن قالوا : لا .

 فقل : إن خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله مؤيد ، ولا يستخلف رسول الله صلى الله عليه وآله إلا من يحكم بحكمه ، وإلا من يكون مثله إلا النبوة .

 وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده .

 فإن قالوا لك : فإن علم رسول الله صلى الله عليه وآله كان من القرآن .

 فقل { حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3)

فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)

أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5)

 رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) } الدخان .

فإن قالوا لك : لا يرسل الله عز وجل إلا إلى نبي .

فقل : هذا الأمر الحكيم الذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح التي تنزل من سماء إلى سماء ، أو من سماء إلى أرض ؟

 فإن قالوا: من سماء إلى سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية.

 فإن قالوا : من سماء إلى أرض ، وأهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك .

فقل : فهل لهم لابـد من ســيـد يتحاكمون إليه ؟

 فإن قالوا : فإن الخليفة هو حكمهم .

فقل : { اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ

وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) } البقرة .

 لعمري : ما في الأرض ولا في السماء ولي لله عز ذكره .

 إلا و هو مؤيد ، ومن أيد لم يخطأ .

وما في الأرض عدو لله عز ذكره إلا وهو مخذول ، ومن خذل لم يصب.

 كما أن الأمر لابد : من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض ، كذلك لابد من وال .

 فإن قالوا : لا نعرف هذا .

فقل : لهم قولوا ما أحببتم .

أبى الله عز وجل بعد محمد صلى الله عليه وآله

أن يترك العباد ولا حجة عليهم .

قال أبو عبد الله عليه السلام : ثم وقف فقال :

ههنا يا أبن رسول الله باب غامض أرأيت إن قالوا : حجة الله : القرآن ؟

قال : إذن أقول لهم : إن القرآن ليس بناطق يأمر وينهى .

 ولكن للقرآن أهل يأمرون وينهون .

 وأقول : قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة ما هي في السنة والحكم الذي ليس فيه اختلاف ، وليست في القرآن .

 أبى الله لعلمه بتلك الفتنة أن تظهر في الأرض  ، وليس في حكمه راد لها ومفرج عن أهلها .

 فقال : ههنا تفلجون يا أبن رسول الله ، أشهد أن الله عز ذكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الأرض أو في أنفسهم من الدين أو غيره ، فوضع القرآن دليلا .

قال : فقال الرجل : هل تدري يا ابن رسول الله دليل ما هو ؟

قال أبو جعفر عليه السلام : نعم فيه جمل الحدود ، وتفسيرها عند الحكم .

فقال : أبى الله أن يصيب عبدا بمصيبة في دينه أو في نفسه أو في ماله ، ليس في أرضه من حكمه قاض بالصواب في تلك المصيبة .

 قال : فقال الرجل : أما في هذا الباب فقد فلجتهم بحجة إلا أن يفتري خصمكم على الله ، فيقول : ليس لله جل ذكره حجة .

ولكن أخبرني عن تفسير :

{ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ } مما خص به علي عليه السلام :

 { وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ (23)} الحديد ؟ قال : في أبي فلان وأصحابه

 واحدة مقدمة وواحدة مؤخرة .

{ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ } مما خص به علي عليه السلام  .

{ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ (23)} من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله . فقال  الرجل :

أشهد أنكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه ، ثم قام الرجل وذهب فلم أره [124].

يا طيب : في الحديث أدلة كثيرة تعرفنا عناية الله بعباده ، وأنه أختار منهم سادة علمهم دينه وتبيان كل شيء من كتابه الذي فيه بيان كل شيء ، وإن أمر الله محكم لا اختلاف فيه أبدا ، ولابد أن يكون هذا الحكم الذي يريده لعباده ، لسيد فيهم مختار له الحكم الفصل ويجب أن يطاع ، وليس هو إلا صاحب ليلة القدر المختص بمعارف كتاب الله وتعاليمه المحكمة التي لا خلاف فيها ، وهذا الأمر جاري في سنن تأريخ ليلة القدر ونزول العلم فيها سواء ظهر علنا للكل من السيد المختار للحكم الواجب الطاعة عليهم أو كتم بأمر الله إلا للخاصة، ويظهر تاما في زمن ولي الله صاحب الأمر حين يأمره الله بالظهور ، فيملكه أمر العباد والحكومة والحكم بالمعجزة كما ملك نبيه سليمان بن داود فحكم العالم ، عجل الله ظهور سيدنا وجعلنا من أنصاره وأعوانه .

 



[85]البرهان في تفسير القرآن، ج‏5، ص: 713 ح11786/25 ،  الكافي 3: 485/ 1.

[86]  إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس الحسني ج 1ص151 ، عن التبيان رواه الكليني في الكافي 1 : 248 .

[87]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج4ص363 ح 4943 / 145  ، الجنة الواقية المصباح ص 588 .

[88]تأويل ‏الآيات ‏الظاهرة  ص829 سورة الإخلاص . الفضائل ص 147 . كنز الفوائد ج2ص237.

[89]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج 4ص365ح4949 / 151 .

[90]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج4ص363 ح 4944 / 146  ، الجنة الواقية المصباح ص 588 .

[91]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج4ص362 ح4942 / 144 .

[92]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج4ص364 ح  4948 / 150، الجنة الواقية المصباح ص 451 .

[93]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج4ص364 ح  4947 / 149 ، الجنة الواقية المصباح ص 588 .

[94]  وسائل الشيعة للحر العاملي ج12ص341ح55

[95]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج4ص364 ح 4946 / 148  ، الجنة الواقية المصباح ص 588 .

[96]الكافي للشيخ الكليني ج2ص621 فضل القرآن ح6.

[97]الدعوات ص219ح593 .

[98]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج 4 ص362ح4940 / 142 عن الشيخ إبراهيم الكفعمي في الجنة الواقية.

[99]المزار للشيخ المفيد  ص 217 . كامل الزيارات جعفر بن محمد بن قولويه ص 529 ح[ 809 ] 4 .

[100]تفسير نور الثقلين ج‏5ص613ح5 .

[101] تفسير نور الثقلين ج‏5ص613ح7 . القلة: الحب العظيم. و قيل: الكوز الصغير، ضد.

[102]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج 4ص365ح4949 / 151 .

[103]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج 4ص365ح4950 / 152 ، فإنه بها وبآية الكرسي تحفظ الأموال.

[104]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج4ص311 ح4764 / 10 .

[105]الكافي ج3ص315 باب قراءة القرآن ح19 .

[106]البرهان في تفسير القرآن، ج‏5، ص 699ح11758/3، ثواب الأعمال: 124.

[107]الأمالي للشيخ الصدوق ص 703 ح963 / 11 .

[108]مستدرك الوسائل - الميرزا النوري ج4ص293 ح4721 / 6 .

[109]مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج4ص292ح4719 / 4 .

[110]الكافي للشيخ الكليني ج4ص66ح2 .

[111]الكافي للشيخ الكليني ج4ص157ح4 .

[112]الكافي للشيخ الكليني ج4ص157ح5 .

[113]الكافي للشيخ الكليني ج4ص157ح6 . وقد جاء في آية المودة ومن يقترف حسن نزد له فيها حسنا .

[114]الكافي للشيخ الكليني ج4ص158ح7 .

[115]الكافي للشيخ الكليني ج4ص158ح8.

[116]الكافي للشيخ الكليني ج4ص158ح8.

[117]  لكافي للشيخ الكليني ج4ص159 ح10 .

[118]البرهان في تفسير القرآن ج‏5ص715ح11793/32 ،- تفسير القمّي 2: 431.

[119]بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج25ص69ح59 . عن كنز الفوائد . 395 .

[120]الكافي للشيخ الكليني ج 1 ص 249 ح6 . وعنه في  بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 25 ص71 ح62 .

[121]الكافي للشيخ الكليني ج 1 ص 250 ح7 . كنز الفوائد : 395 و 398 عنه بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج25ص73 ح5.

[122]تفسير القمي لعلي بن إبراهيم القمي ج2ص451 .

[123]الكافي للشيخ الكليني ج 1 ص 248 ح3 . وسائل‏ الشيعةج6ص78ب23ح7396 .

[124]الكافي للشيخ الكليني ج 1ص 242 ح1 .

 

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام كرمنا بنوره رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم الصلاة والسلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة سادة الوجود رزقنا واهب السيادة نعيم هداه بأحسن جود