بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
موسوعة صحف الطيبين  في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحف الظهور والتجلي  /  صحيفة  سادة الوجود / الجزء الثاني / القسم الأول

تجلي نور الله السيد في سيد الآيات

آية الكرسي

بيان فضلها وملاك سيادتها وعظمتها وشأنها الكريم
وظهور آثارها وفوائدها في أدوار حياتنا
وتحقق معناها بنور سادة الوجود وولايتهم
صلى لله عليهم وسلم
وتفسير
الله لا إله إله هو

 


 

اللّهُ

لا إله إلا هو الحي القيوم  لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ

لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ

مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ
 إِلاَّ بِإِذْنِهِ

 

يَعْلَمُ  مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ

وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ

إِلاَّ بِمَا شَاء

 

وَسِعَ كُرْسِيُّهُ

السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ

وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)

 

لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ

قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ

فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ

فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَ

وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)

 

اللّهُ

وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا

يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ

 

وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ

يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ

أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)}

 

آية الكرسي : هي :

 سيد آي سورة البقرة التي هي سيد سور القرآن وهو سيد الكتب والتدوين

وهي : أعظم آي القرآن العظيم وأفضل آياته ومن كنوز العرش

وهي : تعرفنا هدى التكوين وتحقق نوره في الوجود

ومعها آيتان بعدها لهدى التشريع الإلهي

وتعرفنا ولاية الله سبحانه وتعالى

وكيفي تنور من يدخل فيها

 


 

مقدمة : صحيفة سادة الوجود الجزء الثاني :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الواحد الأحد والشكر لله السيد المقصود المجيد الصمد ، والمنة للأول الآخر والظاهر الباطن من الأزل إلى الأبد ، النور المتوحد في بقائه من غير فناء ، والمتجلي بنوره في كل الأشياء ، ولولا ظهوره لكان كل شيء فناء ، فله الوجود الأول وفي كل مراتب عالم التوحيد وهو العلي الكريم ، وسبحان من تجلى بخلق سرادق النور وحجبه حتى عالم الجبروت في عرشه العظيم .

ثم أنزل نوره لملكوت الكرسي الذي يسع السموات العلى والأرضين ، فكون كل شيء لعباده و سخر لهم نعمه فصاروا على طاعته قادرين ، ولعبادته بأحسن الأحوال والظروف متهيئين ، وتولاهم بالرعاية والعناية فتجلى لهم نوره في كل حين ، فبين لهم الرشد من الغي ليتميز أولياء الله المؤمنين ، ويدخلوا جنته بسلام آمنين ، ويخسر هنالك أولياء الطواغيت المبطلين ، والمغضوب عليهم الضالين ، فيكونوا بنار الحرمان وظلمات كفرانهم خاسئين وفي النار خالدين .

فسبحان الله : الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، والذي لا تأخذه سنة ولا نوم.

وأفضل الصلاة وأتم السلام : على أولياء لله ورعاة الدين ، وشفعاء نور الله بإذنه لكل مراتب التكوين ، الذين أحاطهم بعلمه فكانوا أولي الأمر لكل المؤمنين المتقين ، كما صلى الله على إبراهيم وآل إبراهيم وكل الأنبياء والمرسلين ، وبارك وترحم وتحنن على سيدنا ونبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين كما صلى وبارك وترحم على كل أولياء الدين والذين جعلهم بعلم هداه محيطين ، فبين بهم الرشد من الغي فكانوا العروة الوثقى ، ومن تمسك بهم دخل ولايتهم والله به أولى ، فهداه ليترقى فيسكن ملكوته وبه يحيى ، ويعيش منعما بملك لا يفنى ، وذلك بكرم ربنا العظيم الأعلى .

يا طيب : بعد أن عرفنا معارف كريمة في معنى السيادة في الوجود ، وإن لكل شيء سيد من نوعه يناسبه ، وهو تجلي لنور الله السيد سبحانه وتعالى ، وظهورا له بأعلى نوره وأكرمه وأعظمه في مرتبة وجود نوعه ، وعرفنا إن سيد الخلق وأعلاه النور المخلوق الأول ، وإن سيد الجبروت هو العرش ، وإن حملته وهم الملائكة الكروبيين سادة الملائكة ، وإن سيدهم جبرائيل عليه السلام ، وإن للملكوت سيد وهو الكرسي حتى كانت آية الكرسي بما تحويه من المعنى سيد آي سيد الكتب القرآن الكريم ، وبعد أن كانت سورة البقرة التي فيها آية الكرسي هي سيد سور القرآن المجيد .

وعرفنا : أن السيد هو من له خصائص كريمة بها يتفضل على بني نوعه ، وإن لكل شيء سيد يناسبه ، وفي المراتب العالية وفي العباد بنوره يتنور من يتصل به ، وإن نبينا الأكرم وآله : صلى الله عليهم وسلم هم سادة الوجود في كل مراتبه ، لأنهم هم سكنت العرش وبهم ظهر نوره كما عرفنا وسنعرف ، وبهم في كل مراتب التكوين تنزل نور الله سبحانه ومدده لخلقه ، ويتنور كل من يتولوه ويشرق نورهم عليه ، لأنهم هم معلمي الرشد من كتاب الله وأولي أمر الدين وهم أهل صراطه المستقيم ونعيمه الدائم ، ولذا من يتصل بهم ويقتدي بهم علما وعملا وطاعة يتحقق بنور الله سبحانه بل يتجلى به .

لأنهم هم بفضل الله : سادة العباد ، وهم أهل القرآن سيد الكتب ، وإنه نزل على سيد المرسلين وجمعه سيد الوصيين بعده ، وهو الذي نشره وعلمه ، فحفظه من الضياع ، وصانه عن الهجران ، وذلك بما أقدم عليه من تدوينه وتنقيطه وتعليم قراءته وشرحه ، حتى عرفنا في الجزء السابق أن كل من يروي علوم القرآن ينتسب لسيد الأوصياء .

كما وقد عرفنا : في تفسير سورة التوحيد والإخلاص ، والتي هي تعد بحق نسب الله سبحانه ، وذلك حين بينا بعض معارفها ، وشأنها الكريم وأهميتها ، أن الله الواحد الأحد ، هو المقصود وحده لا شريك له ولا صاحبة له و لا ولد ولم يكن له كفوا أحد ، وإنه سبحانه كما ظهر بكل شيء بدأ ، فإنه عودا يقصده العباد بمعرفة هداه وعلوم دينه فيطاع و يعبد بما يحب ويرضى ، وبما علم من دينه لسادة العباد يرجعون له .

ولذا شفعنا البحث : ببيان سورة سيد علوم القرآن ، وهي سورة : إنا أنزلناه في ليلة القدر ، وعرفنا أهميتها وأنها نسبة سادة الوجود نبينا الأكرم وآله الطيبين الطاهرين .

فحان الآن يا طيب : لأن نقدم لهذا الجزء ما يؤكد ويشرح ما عرفنا من تقارن سادة التكوين بالهدى ، وهو بشرح سيد آي القرآن المجيد ، أي سيد آي التدوين والكتب :

آية الكرسي :

وبها نتعرف : على تجلي نور الله في التكوين والهدى لكل شيء بما يناسب وجوده ، حتى يوصله لأحسن غاية تليق بكماله ، ونعرف إن الإنسان يدخل ولاية الله سبحانه التي خصها لمن مكنه لأن يشفع بإيصال نوره لمن يطلبه ، وبعد أن علمه وأحاطه بعلم من عنده وبإذنه ، فيعرف الرشد ويتجنب الغي ويتمسك بالعروة الوثقى ، فيدخل ولاية الله من خلال معرفة عظمته وهداه بتولي من خصهم بنعمة القيادة لصراطه المستقيم ، فنخرج من الظلمات إلى النور بتولي نور الله وسبيله، ونقدم بحثا كريما مفصلا في فضل آية الكرسي وأهميتها وبركاتها وثواب تلاوتها لنرى آثار سيادتها في الدنيا والآخرة.

ثم نتعرف : على شرح لمعانيها ألفاظها الكريمة ، فنتعرف على تجلي نور الله في التدوين والهدى والتكوين ، وأنه سبحانه خصه وجعله متحد بسادة الوجود الذين تُعرفهم سيد آي القرآن .

حتى لنتيقن : إن ما عرفنا من تفسير سورة إنا أنزلناه ، هو خلاصة لبيان آية الكرسي ، بل هي تحكي تكوينا تجلي نور الله في أحسن خلقه وظهور ولايته فيهم ، ومن يتولاهم يدخل ولاية الله ، لأنه تمسك بالعروة الوثقى فكانوا له شفعاء نور الله .

وبالخصوص : حين التدبر في أوائل آية الكرسي ، وأن ظهور نور الله لمن يأذن له فيشفع بنور علمه ، بعد أن يحيطه به حقا واقعا ، فيظهر بعبودية الله سبحانه ويتجلى بسيرته وسلوكه ليتمسك بها العباد كعروة وثقى ، فيُتعلم منه رشد الدين وهداه ، فيدخل من يشاء تحت ولاية الله حين يعرف بحق محل هداه والسلوك له بنعيم صراطه المستقيم .

فنرى ما في آية الكرسي : هو نفسه المحكي ، في سورة إنا أنزلناه في ليلة القدر:

تنزل الملائكة و الروح فيه بإذن ربهم من كل أمر .

وهو نفسه إذن الله سبحانه : المذكور في أوائل آية الكرسي لمن خصهم بالشفاعة بتعليم نور هداه وبالخصوص سيد الكتب القرآن المجيد ، فنعرف بهذا سادتنا وموالينا وأئمتنا ومن خصهم عز وجل بكل كرامة من الإحاطة بعلمه بإذنه ، فكانوا شفعاء كل مراتب التكوين , وأين ما حلوا بكرم الله سبحانه وتعالى .

على أن حقائق معرفة الولي وظهور ولاية الله بمعنى الولي :

إن شاء الله سنخصص لها جزءا خاص تابع لمعرفة معنى سادة الوجود .

ففي مصباح هدى هذا الجزء : حين نعرف فضل وأهمية وعظمة سيادة آية الكرسي وكرامتها في العبادة وآثارها العالية في الدين والتعبد بها لله رب العالمين ، وبالخصوص بتقارن تلاوتها مع سورة إنا أنزلناه وبذكر آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، فنعرف إن شاء الله اتحاد وتقارن الولاية في التكوين والتدوين في كل مراتب الوجود.

ثم في سفينة النجاة : نعرف معاني وحقائق آية الكرسي كتفسير وشرح ،  يعرفنا حقائق الاتحاد وضرورة دخول ولاية الله بتولي سادة العباد المأذون لهم بعلمه وشفاعته .

ثم تأتي أجزاء أخرى إن شاء الله : نتعرف على نور العرش وملائكته ، و نتعرف على علو وكرامة معرفة ظهور السيادة للأنبياء ولنبينا وآله وآباءهم عليهم السلام من أول خلق الدنيا ، واستمرارها بظهور نور السيادة لنبينا وآله الطيبين الطاهرين في زمانهم بل في جميع المراتب وتجلي نور الله فيهم، وبعد أن نقدم معارف تخص اختصاصهم بسيد الكتب القرآن المجيد وفضله كله ، وارتباطهم به وتلازمهم معه حتى يوم القيامة في الأجزاء الخاصة بهم ، فنعرف ثقل الله ورسوله والعروة الوثقى وأنفس خلق التكوين وأكرمه وأعلاه .

وأسأل الله أن يوفقنا لإتمام البحث ونحن في أوائل شهر الله رمضان سنة 1429.

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

http://www.alanbare.com