بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين  في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحف الظهور والتجلي  /  صحيفة  سادة الوجود / الجزء الثاني / القسم الأول

سفينة نجاة/ آية الكرسي
تفسير سيد آي كلام الله القرآن المجيد

المجلس الأول / الله لا إله إلا هو / تفسير سيد الكلام

الذكر الثاني / الله لا إله إلا هو سيد آية الكرسي سيد آي القرآن

الإشعاع الخامس :

لا إله إلا هو والاستغفار يدخل الجنة :

يا طيب : عرفت أمرا كريما واسعا في فضل هذه الكلمة الشريفة ، التي تعرفنا ضرورة الإخلاص لله سبحانه بها ، وإنها ذي مكارم وآثار دنيوية حتى لمن لم يؤمن بها ، أو يقولها كاذبا ، فلا يعجل الله سبحانه عليه العقوبة ، وأما من يقولها صادقا فتنجيه في الدنيا والآخرة ، وعرفت قسما من فضلها في أخر الإشعاع السابق والذي قبله ، فإنها شفاء من كل داء ، والآن نتعرف على أنها شفاء من أعظم داء وهو الذنوب والسيئات ، وتوفق من يقولها لأن يغفر له ويعفى عنه إن كانت له توبة نصوح ، وبمقدار جد الإنسان في قولها تتحق آثار عظمية له بها ، ومر كلام في الجزء الأول عن معنى لا إله إلا الله وآثارها في ، وهنا نتكلم عن معنى آخر لكلمة التوحيد والاستغفار.

ألا إن كلمة : لا إله إلا هو : هي كلمة تغيب الذنوب وتمسح آثارها ، وتطمس ثبوتها ، وتوصل العبد الصادق بها للجنة ، لأنه من يؤمن الله يجب أن يصدق فيستغفر لذنبه ويتوب وينوب لله ربه ، وهذا فضل الله ه لمن يمجده بها حتى قال سبحانه :

{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله

وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ

وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) } محمد . 

آية كريمة : من علم أنه لا إله إلا الله ، فيجب أن يؤمن بالله حقا ويستغفر من كل ذنب ارتكبه ويهجر كل ظلم ، ويرجع لله سبحانه مخلصا له الدين ، فيعمل بالصالحات ويأتي بالواجبات وينتهي عن المحرمات كما قال سبحانه :

 { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ  وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا  (59)

إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحً

فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)

 جَنَّاتِ  عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)

 لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ  رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا(62)

 تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا (63)}مريم.

يا طيب : الآيات أعلاه قانون عام للتوبة ، وإن قول كلمة الإخلاص والاستغفار هو بيان لحقيقة الإنسان وما يضمره في الجنان من روح الإيمان ، وهو بأنه يحب أن يوحد الله مخلصا له الدين ويطيع رشده وهداه في كل شيء ، ويهجر أعمال الشيطان وأهل الطغيان ، وبعد الذي عرفنا من أسس كلمة التوحيد والاستغفار نتعرف على أثارهما وأنهما كلمتان يجب أن تكون دائما من رفقاء المؤمن حقا ، ويجاهر بهما ويحصل على آثارهما حين يطبق حقائقهم .

 


ويا طيب : هذه أحاديث فيها قرن :

 الاستغفار بـ  لا إله إل الله الحي القيوم  :

هذا حديث كريم في الاستغفار : نذكر به ، وإن كان قد مر سابقا في استحباب تلاوة آية الكرسي في الركوب لأي شيء :وَ رُوِيَ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ بعد بيان قصة ذكرناه قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يَا عَلِيُّ : إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَرْكَبُ مَا أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَقْرَأُ :

آيَةَ السُّخْرَةِ ، ثُمَّ يَقُولُ :

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ : الَّذِي لا إله إلا هُوَ   الحي القيوم   وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ .

اللَّهُمَّ : اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ .

إِلَّا قَالَ السيد الْكَرِيمُ :

يَا مَلَائِكَتِي عَبْدِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي ، اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ ذُنُوبَهُ [45].

 

وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ : مَنْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ سَبْعِينَ مَرَّةً :

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ : الَّذِي لا إله إلا هُوَ

الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ الحي القيوم وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ .

كُتِبَ فِي الْأُفُقِ الْمُبِينِ ، قَالَ قُلْتُ : وَ مَا الْأُفُقُ الْمُبِينُ ؟

قَالَ : قَاعٌ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ فِيهِ أَنْهَارٌ تَطَّرِدُ فِيهِ مِنَ الْقِدْحَانِ عَدَدَ النُّجُومِ   [46] .

يا طيب : حين يقترن الاستغفار بالتوحيد تكون آثاره كريمة في مسح السيئات وتحصيل التوبة الصادقة للمؤمن ، وتوفقه لأن يأتي بحقائق الإيمان ، وهي أحاديث عظيمة لمن يصدق الله بقوله بها :

 

و عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ :

مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً ، أُجِّلَ فِيهَا سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ ، فَإِنْ قَالَ :

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إله إلا هو الحي القيوم .

 ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ[47] .

 

وعَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ :

مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُقَارِفُ فِي يَوْمِهِ وَ لَيْلَتِهِ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً ، فَيَقُولُ : وَ هو نَادِمٌ :

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إله إلا هو الحي القيوم .

 بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ ذُو الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ .

وَ أَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .

 وَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيَّ .

إِلَّا غَفَرَهَ الله عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ .

 وَ لَا خَيْرَ فِيمَنْ يُقَارِفُ فِي يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً

[48].

 

وعَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ : مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ :

 أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ

الَّذِي لا إله إلا هو الحي القيوم

ذُو الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ .

وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ .

ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، غَفَرَ الله عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ ذُنُوبَهُ ، وَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ [49].

 

ورُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ : مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ :

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إله إلا هو الحي القيوم وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ .

 ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

 غَفَرَ الله ذُنُوبَهُ : وَ إِنْ كَانَ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ، وَ إِنْ كَانَتْ عَدَدَ وَرَقِ الشَّجَرِ ، وَ إِنْ كَانَتْ عَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ ، وَ إِنْ كَانَتْ عَدَدَ أَيَّامِ الدُّنْيَا [50].

 

وعَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ قَالَ : قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ :

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إله إلا هو الحي القيوم وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ .

غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَ إِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ [51].

وَ مِنْهُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَغْفِرَ الله فِي كُلِّ سَحَرٍ سَبْعِينَ مَر َّةً وَ هو أَتَمُّ الِاسْتِغْفَارِ ، وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام فَيَقُولُ :

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّي وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ .

وَ يَقُولُ سَبْعاً :

 أَسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إله إلا هُوَ الحي القيوم وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ [52].

 

 


كلام :

في حقائق الاستغفار للمؤمن الموحد :

يا طيب : الاستغفار الذي مر أغلبه كان يقارن أول آية الكرسي ، وهو :

تحكيه حقائق في كتاب الله وسننه في التوبه لمن يرجع له حتى قال سبحانه :

{ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ (56) } الحجر .

{ يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ  وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ الله إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ الله إِلاَّ الْقَوْمُ  الْكَافِرُونَ (87) } يوسف .

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ

 لَا تَقْنَطُوا مِن  رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هو الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)

وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن  قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54)

وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم

مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55)

أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ الله وَإِن  كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) } الزمر .

يا طيب : بعد التوبة يجب أن يتبعها العمل الصالح والأعمال الحسنة كما عرفت في الآيات أعلاه ، لكي يرجع لإيمان بعد أن خرج منه بمعصيته ، ومن يصر يخرج للكفر ، ومن يحلل محرم أو يحرم محلل ، وينسبه لله فهو كافر بالله ، ويجب عليه التوبة ، ويجب أن يجد بالطاعة والعمل الصالح وقد قال الله سبحانه :

{ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ  لِّمَن تَابَ  وَآمَنَ  وَعَمِلَ صَالِحًا  ثُمَّ اهْتَدَى (82) } طه .

وكلمة أول سيد الآي :

 آية الكرسي مع الاستغفار :

 أستغفر الله : الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه :

 توجب : حصول التوبة بل الإيمان وهي العمل الصالح ويهتدي بها للحق إن قالها على معناها . ومر في حديث أمير المؤمنين عليه السلام ذكر آية السخرة وعرفتها إنه الله لا يحب المعتدين ولا المفسدين ، ويأمرنا بأنه ندعوه خوفا وطمعا وأن نتضرع إليه خفيه ، حتى يتم لنا ما نرجوه ، وإن إلحاق العمل الصالح بالتوبة ، هو بيان صدق الإنسان في ما قاله من كلمة التوحيد و الاستغفار ، وهذا حديث كريم في هذا المعنى لمن يتوب ولم يندم ولا يجد في الطاعة :

 عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ قَالَ : قَالَ الرِّضَا عليه السلام :

سَبْعَةُ أَشْيَاءَ بِغَيْرِ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ مِنَ الِاسْتِهْزَاءِ :

مَنِ اسْتَغْفَرَ بِلِسَانِهِ : وَ لَمْ يَنْدَمْ بِقَلْبِهِ ، فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ .

وَ مَنْ سَأَلَ الله التَّوْفِيقَ : وَ لَمْ يَجْتَهِدْ ، فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ .

وَ مَنِ اسْتَحْزَمَ : وَ لَمْ يَحْذَرْ ، فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ .

وَ مَنْ سَأَلَ الله الْجَنَّةَ : وَ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الشَّدَائِدِ ، فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ .

وَ مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ : وَ لَمْ يَتْرُكْ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا ، فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ .

وَ مَنْ ذَكَرَ الله : وَ لَمْ يَسْتَبِقْ إِلَى لِقَائِهِ ، فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِهِ [53].

وقال الله تعالى : { فَقَدْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ  يَسْتَهْزِؤُونَ (5) } الأنعام . فأجعلها سابعة لأن الحديث لم يذكرها .

والحقيقة كل أمر : يقصده الإنسان ولم يعد مقدماته ، ولم يسعى بأسبابه ولم يهيئ علله يكون مستهزأ بنفسه ، وإن الدين ليس لقلقة لسان ، بل الإيمان حقيقة هو كما :

وعَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ قَالَ : كَتَبْتُ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ إِلَى أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام أَسْأَلُهُ عَنِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ .

 فَكَتَبَ إِلَيَّ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ ، سَأَلْتَ رَحِمَكَ الله عَنِ الْإِيمَانِ :

وَ الْإِيمَانُ : هو الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ ، وَ عَقْدٌ فِي الْقَلْبِ ، وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ .

وَ الْإِيمَانُ : بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ ، وَ هو دَارٌ ، وَ كَذَلِكَ الْإِسْلَامُ دَارٌ ، وَ الْكُفْرُ دَارٌ ، فَقَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ مُسْلِماً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِناً ، وَ لَا يَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ مُسْلِماً .

فَالْإِسْلَامُ قَبْلَ الْإِيمَانِ : وَ هو يُشَارِكُ الْإِيمَانَ ، فَإِذَا أَتَى الْعَبْدُ كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الْمَعَاصِي ، أَوْ صَغِيرَةً مِنْ صَغَائِرِ الْمَعَاصِي الَّتِي نَهَى الله عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا ، كَانَ خَارِجاً مِنَ الْإِيمَانِ ، سَاقِطاً عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ ، وَ ثَابِتاً عَلَيْهِ اسْمُ الْإِسْلَامِ .

فَإِنْ تَابَ وَ اسْتَغْفَرَ : عَادَ إِلَى دَارِ الْإِيمَانِ وَ لَا يُخْرِجُهُ إِلَى الْكُفْرِ إِلَّا الْجُحُودُ وَ الِاسْتِحْلَالُ أَنْ يَقُولَ لِلْحَلَالِ هَذَا حَرَامٌ وَ لِلْحَرَامِ هَذَا حَلَالٌ ، وَ دَانَ بِذَلِكَ فَعِنْدَهَا يَكُونُ خَارِجاً مِنَ الْإِسْلَامِ وَ الْإِيمَانِ دَاخِلًا فِي الْكُفْرِ ، وَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ ثُمَّ دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَ أَحْدَثَ فِي الْكَعْبَةِ حَدَثاً ، فَأُخْرِجَ عَنِ الْكَعْبَةِ وَ عَنِ الْحَرَمِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ صَارَ إِلَى النَّارِ [54].

 

وعَنِ الإمام الرِّضَا عليه السلام فِي كِتَابِهِ إِلَى الْمَأْمُونِ قَالَ :

و الْإِيمَانُ : هو أَدَاءُ الْأَمَانَةِ ، وَ اجْتِنَابُ جَمِيعِ الْكَبَائِرِ .

وَ هُوَ : مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ ، وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ إِلَى أَنْ قَالَ..[55]. فقال كثير من الشروط راجع في مصدره وذكرنها في صحيفة المسابقة الإيمانية من صحف الطيبين .

وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ : وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام :

أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله قَالَ وَ هو عَلَى مِنْبَرِهِ :

وَ اللَّهِ الَّذِي لا إله إلا هو :

مَا أُعْطِيَ مُؤْمِنٌ : خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ، إِلَّا بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ وَ رَجَائِهِ ، وَ حُسْنِ خُلُقِهِ ، وَ الْكَفِّ عَنِ اغْتِيَابِ الْمُؤْمِنِينَ .

وَ اللَّهِ الَّذِي لا إله إلا هو :

 لَا يُعَذِّبُ الله مُؤْمِناً : بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الِاسْتِغْفَارِ ، إِلَّا بِسُوءِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ ، وَ تَقْصِيرٍ مِنْ رَجَائِهِ بِاللَّهِ ، وَ سُوءِ خُلُقِهِ ، وَ اغْتِيَابِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ .

وَ اللَّهِ الَّذِي لا إله إلا هو  :

لا  يَحْسُنُ ظَنُّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ بِاللَّهِ :  إِلَّا كَانَ الله عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ بِهِ ، لِأَنَّ الله كَرِيمٌ بِيَدِهِ الْخَيْرَاتُ ، يَسْتَحِي أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ قَدْ أَحْسَنَ بِهِ الظَّنَّ وَ الرَّجَاءَ ثُمَّ يُخْلِفُ ظَنَّهُ وَ رَجَاءَهُ لَهُ .

فَأَحْسِنُوا بِاللَّهِ الظَّنَّ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ [56].

اشهد أن الله لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، ، وأسأل الله لي ولكم أن تثبتنا على توحيده والإيمان به ، وأشهد اللهم أنه بالعدل قامت السموات والأرض ، وشفعت أولياك ورسلك وأوصياءهم بعلمك ، وأذنت لهم بتعليمنا ، فوفقنا لطاعتهم حتى تدخلنا الجنة معهم ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 


 

الجنة حين خلقها :

 قالت لا إله إلا هو الحي القيوم :

ويا طيب : خير ما نختم به هذا النور وإشراقاته العظيمة العالية في المعنى والإيمان ، هو ما قالته الجنة حين خلقها فإن :

الجنة قالت : لا إله إلا هو الحي القيوم :

في الخصال عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ :

قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله : إِنَّ الله عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا خَلَقَ الْجَنَّةَ خَلَقَهَا مِنْ لَبِنَتَيْنِ ، لَبِنَةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَبِنَةٍ مِنْ فِضَّةٍ ، وَ جَعَلَ حِيطَانَهَا الْيَاقُوتَ ، وَ سَقْفَهَا الزَّبَرْجَدَ وَ حَصْبَاءَهَا اللُّؤْلُؤَ وَ تُرَابَهَا الزَّعْفَرَانَ وَ الْمِسْكَ الْأَذْفَرَ .

 فَقَالَ لَهَا : تَكَلَّمِي .

فَقَالَتْ :

لَا إِلَهَ إِلَّا هو الحي القيوم .

قَدْ سَعِدَ مَنْ يَدْخُلُنِي .

فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ : بِعِزَّتِي وَ عَظَمَتِي وَ جَلَالِي وَ ارْتِفَاعِي :

  لَا يَدْخُلُهَا : مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَ لَا سِكِّيرٌ ، وَ لَا قَتَّاتٌ وَ هو النَّمَّامُ ، وَ لَا دَيُّوثٌ وَ هو الْقَلْطَبَانُ ، وَ لَا قَلَّاعٌ وَ هو الشُّرْطِيُّ ، وَ لَا زَنُوقٌ وَ هو الْخُنْثَى ، وَ لَا  حَيُّوفٌ ‏وَ هو النَّبَّاشُ ، وَ لَا عَشَّارٌ ، وَ لَا قَاطِعُ رَحِمٍ ، وَ لَا قَدَرِيٌّ [57].

ويا طيب : مر في الجزء الأول تحقيق الحديث : كلمة لا إله إلا الله حصني من دخل حصني أمن من عذاب ، وإنه له شرط دخول الولاية والعمل بالطاعة واجتناب المعاصي ، وهي تطلب حقيقتها ، وبعد هذه المعرفة ندخل في تجلي :

 الله لا إله إلا هو :

فنتعرف في النور الآتي : على معاني الاسمين العظيمين :

 الحق القيوم .

 



[45] من ‏لا يحضره ‏الفقيه ج2ص272ح2419 . بحار الأنوار ج73ص294ب55ح21.

[46] بحار الأنوار ج55ص29ب4ح48.

[47] الكافي ج2ص437ح2.

[48] الكافي ج2ص438ح7 .

[49] الكافي ج2ص521ح1.

[50] بحار الأنوار ج73ص204ب44ح22 .

[51] بحار الأنوار ج86ص359ب4 .

[52] بحار الأنوار ج84ص308ب12 .

[53] كنز الفوائد ج1ص330 . معدن‏ الجواهر ص59 . مجموعة ورام ج2ص110. بحار الأنوار ج75ص356ب26ح11.

[54] الكافي ج2ص27ح1.

[55] وسائل ‏الشيعة ج15ص329ب46ح20660 .

[56] الكافي ج2ص71ح2 . بحار الأنوار ج67ص394ب59 .

[57] من ‏لا يحضره ‏الفقيه ج4ص356ح5762. بحار الأنوار ج72ص343ب81ح31.

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

http://www.alanbare.com