هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
 صحيفة الطيبين بدل الأبرار والمقربين

الباب الأول
حديث من القلب

صحيفة الطيبين بدل صحيفة الأبرار أو المقربين
ونذكر فيه بعض آداب الدين
وأخلاق وصفات المؤمنين الطيبين

تقديم : صحيفة الطيبين بدل صحيفة الأبرار أو المقربين :

يا طيب : حببت أن أكتب صحيفة في طلب التوجه لله والإخلاص له وعبودية وذكره ودعاءه والتوسل به ، لم يكتب مثلها أحد ، وأن أضع فيها كل ما يقرب لله سبحانه وتعالى ، حتى لتكون صحيفة باسم صحيفة المقربين ، وتعلو على صحيفة الأبرار ، وأخذت هذه الفكرة تراودين فترة طويلة حتى يسر الله تعالى لي، فشمرت ساعد الجد وجمعت أحاديث في الإخلاص والخشوع والخضوع وعن خوف ورجاء تجعها خشية من الله ومعانيها، بل صحيفة في معنى تفويض الأمر إلى لله لتكون خاتمة لصحف التوحيد ونتيجة لمعارف التوحيد الإلهي .

لأنه يا طيب : بعد المعرفة يأتي ما يترتب عليها من وجوب فعل واجبات تُشرفنا بها، وبعد العلم يأتي تطبقيه بالعمل ، وكان في الغالب يُكتب مسائل التوحيد وتترك النتيجة ، وهي بأنه يجب الإخلاص في التوجه لله حتى تحصيل الخشية منه ، وذكره على كل حال بأحسن الذكر الجميل ، والذي يجعل العبد المؤمن من المقربين عنده، وذلك بعد معرفة عظمته وكبرياءه وجلاله ولطفه وجماله ورحمته.

ولكن يا طيب : لما أخذت أتصفح كتب الدعاء وفضائل الأعمال وثوابها .

وجدت نفسي يا أخي : إني جاهل بالكثير الكثير من معارف الدين وغافل حتى عن أبسط مسائله في الذكر المتعارف ، والذي يمارسه ويعلم به أبسط العباد ممن يتوجهون لله تعالى بشكل يومي ، وهو من قراءة بعض الأدعية في الصلاة وبعدها وقبلها ، ومن معارف التخلية والطهارة والأذان وأدعية الصلاة وتعقيباتها .

فقررت أن أجعل : صحيفة المقربين ، صحيفة الأبرار ، بأن أتنازل بعض الشيء ، فأذكر فيها هذه المسائل المستحبة في الصلاة وبعض محاسن الذكر والدعاء في أغلب الأعمال التي تتكرر في كل يوم ، أو أعمال نعملها غافلين عن ذكرها فنتعلم الذكر المرافق لها فنعملها مع دعاء لتكون طاعة في طاعة ، وهكذا عزمت على البحث وتدوين بعض المستحبات كما عرفت في المقدمة ، وأنا مُجد في البحث كأني كشفت كشفا لم يسبق أن عمله أهل الإيمان قبلي ، أو عملوه دون التوجه لكونه نتيجة للإيمان ومعارف التوحيد وما يترتب عليها .

ولكن يا أخي الطيب : بعد البحث والتحقيق ، وجدت نفسي غافل وجاهل حقا ، وإني في أبسط أحوال المعرفة عن الحقيقة  ، وفي أنزل المراتب مما توجبه من التوجه لله تعالى وذكره ، وإني فقط أقيم الواجبات ، وهاجر للمستحبات ، ولولا فضل الله وتعالى ورحمته ورأفته ومنه وفضله لكنت بعيدا عنه ، ومع علمي بكثير من مسائل التوحيد ومعرفتي بأغلب مسائل الولاية والنبوة والإمامة ، وتدوين لكثير من الكتب فيها بأحسن الذكر والكتابة ، ويكفي مراجعة كتب أصول الدين أو أحد سيرة المعصومين أو غيرها من الصحف في موسوعة صحف الطيبين ، فتعرف سعة إطلاعي وحسن فكري وظني بالله وتعالى ، وبما أمر من أمر الولاية والإمامة والمعرفة الحقة الصادقة من أهل النعيم الأبرار المقربين ، وهم نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم ومن تبعهم بحق بكل هداهم .

ولذا يا طيب : كلما تبحرت في معارف ذكر الله تعالى ودعاءه وأحوال الطيبين الطاهرين نبينا وآله وصحبهم الأخيار الكرام ، أزدد في نفسي تواضعا ويقل عجبي بمشاريع عملي وعلمي ، وتصغر نفسي أمام علمهم وعملهم وأرى نفسي في مرحلة عدم الفهم لديني ، ومن المقصرين في الوظائف الواجب عليَّ إتيانها ، فضلا عن المستحبات التي أرغب بأن أكون من السباقين فيها ، وكلما كتبت ورقة في المستحبات أحس بتقصيري وعدم طاعتي لله بما يستحقة من الطاعة والعبودية له سبحانه ، وإني في حال عدم التوجه له مع حبي الشديد لذكره وطلبي المجد للتوجه له ، ولكنه كله علمي وعملي وعبادتي كانت بمنه وفضله ويستحق الشكر عليها ، وأنا في حال التقصير والقصور الواقعي أمام عظمته ، وإني غافل عن ذكره سبحانه بما يسحتقه ، وتيقنت ما نقل عن نبي الرحمة مع التوجه له في كل حال له في علمه وعمله وهو أخلص العباد لله في عبودية ، حتى سماه الله عبد الله وجعله أشرف الأنبياء والمرسلين وخاتمهم ، ولكنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما عرفناك حق معرفتك ولا عبدناك حق عبوديتك . بل من مثله ومع ذلك لم يستطع أن يتوجه لله بحقه وشعر بالتقصير ، فيكف بحالي ، فحصل لي حال عرفت قصوري به وتقصير ، وبأني في مرتبة قد تنزل عما يتوجه له تعالى بها أبسط الناس مع تواضعهم الكريم عند الله وتُقاهم الحِسن ،  ومن غير منّ ولا عجب عندهم ولا خيلاء، ولا ما يأخذهم من حب الفخر والظهور كما عند بعض أهل العلم وطلابه ، وقد أكون منهم والعياذ بالله من هذا .

ولذا يا أخي الطيب : رحم الله من عرف قدر نفسه وأستغفر ربه وأناب إليه ، فمع الرجاء منه وطلب فضله ، ومع حُسن ظني به وطلب كرمه ولطفه ، جعلت أسم الصحيفة الماثلة بين يديك بدل : صحيفة المقربين ، والتي لم أذكر فيها يسير من معارفهم وعلمهم وعملهم ودوامهم على الذكر والدعاء ، والمعرفة والتوجه وحالاتهم الكريمة كما في آيات النور والبيوت المرفوع ذكر رجالها ، وبدل صحيفة المقربين ، بل لم تصل لصحيفة الأبرار الذين عرفهم سبحانه في سورة الدهر وحالهم الكريم من الخوف والرجاء له تعالى ، فجعلتها صحيفة باسم : صحيفة الطيبين ، ولعلها تكون كنتيجة لبحوث كل موسوعة صحيفة الطيبين وما فيها من المعارف المطالبة بالعمل لمن يتيقنها ويُمؤمن بها، وأسأل الله أن أكون أو العاملين بها من الطيبين فتطيب نفوسنا ويجعلنا الله من الطيبين حقا وواقعا.

وأتوسل بالله خاضعا متواضعا ملحا وهو الرحمان الرحيم : بأن يجعلني وأياكم : بالعلم والعمل بالممكن منها من الطيبين ، وبالخصوص في هذا الزمن القصير ، وهو في عصر السرعة والتطور الهائل في كل شيء ، وعدم الفراغ الموجود فيه مع كثرة الإمكانات ، وبالخصوص للذين يعملون على الكومبيوتر ، أو يداومون دوامين ، وبعيد ويبعد محل عملهم عن بيوتهم فيصلون منهكين فلم يستطيعوا عمل الكثير بل اليسير من المستحبات ، أو لهم آلاف الأعذار التي يختلقها المقصرون الغافلون عن عظمت الرب ووجوب شكر والتوجه له في كل حال ممن مثلي وأشباهي ، ممن يرجحون فلماً أو سهرتا تطول ساعات يخاض بها بأمور تافهة بل قد تكون في معصية الله من الغيبة وغيرها ، على صلاة معها بعض المستحبات التي لا تستغرق دقائق معدودة بأصابع اليد الواحدة لا اليدين ، ويحبون غفلة ولهو وطرب وفكرا فارغا قد يكون متعب أو مغضب ، على توجه لثواني لا تأخذ وقتا لقول ذكرا جميلا حسنا حين الخروج من البيت أو ركوب سيارة أو غيرها ، أو سلاما على صديق أو ذو شيبة كبير أو بسمة بوجه طفل صغيرة كانوا يتوقعوه أو ما شابهه من الأخلاق الإسلامية الحسنة الكريمة وآدابه.

فإنه يا أخي الطيب : في كل فعل حلال طاعة ويمكن أن يُذكر معه بعض الذكر ليكون الإنسان من الذاكرين ، ويرتفع به في مراتب الإيمان ويكون سباق بالخيرات فيكون من الأبرار ، ويكون عارف وذاكر ومتوجه لله ومستشعر عظمته على كل حال فيكون من المقربين ، ولكن لمثل حالي الغافل المقتصر على الواجب أو مع بعض الذكر ، أسأله سبحان أن يجعلني وأخواني ممن يتلوا هذه الصحيفة ويعمل ببعضها أن يكون وأكون من : { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }النحل32 .

فإنه تعالى جلت عظمته وعز كبرياءه وفاقت رحمته : جعل الإسلام : وحقن به الدماء وحلل به المأكل والمناكح وإقامة الأحكام ، و الواجبات واجبة على الناس ليكونوا بإتيانها من المؤمنين ، وجعل مراتب في الإيمان ودرجات في الجنة يتفاوت بها المؤمنون ، وهي حين العمل بالمستحبات والإخلاص له ، ويرتفعون بالإتيان بها في منازل الكرامة والنور والمجد والشرف عنده سبحانه ، فيكون قسم منهم مؤمنون وأتقياء وموقنون وأبرار أو مقربون .

 والطيبون : يأكلون حلال الله الطيب ويحرمون الخبائث ويشكرون الله على نعمه التي لا تحصى ، فيقيمون الواجبات وبعض الذكر لبعض المستحبات ، فتطيب أرواحهم بفضل الله ويرضى علمهم وعملهم ، ومع ما هم عليهم من قلة العلم ، أو معه والعمل بالواجبات فقط ، وبعض المستحبات التي توجبها معرفتهم وحُسن ظنهم بالله تعالى فيكونون مصداق ما قال تعالى : { فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }النحل114\ .

 فأكلوا حلال الله : وشكروه بعض الشكر بعد إقامة الواجبات فطيبهم ، وأسأل الله أن يجعلنا منهم ، ويرفعنا في بساطتنا لنكون في مقام يقربنا به بأئمتنا فيحشرنا مع من نحب بفضله عليهم ، ويسامحنا في تقصيرنا ، ويغفر لنا سيئاتنا ، ويعفو عن ذنوبنا ، إنه ارحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

ويا طيب : بعد ما عرفت حال هذه الصحيفة وحالي إليك بعض المقال لبعض الأحوال يجب أن نتخلى عنها وبعضها يجب أن نتحلى بها ثم نتجلى بها :

وفيه مواطن للذكرى التي تنفع المؤمنين :

الذكر الأول
إن لم نعمل الواجبات والمستحبات
فإيانا والمحرمات والمكروهات

إيانا وسيئات الغيبة والنميمة والسخرية بالمؤمنين :

يا طيب : إن بعض المسلمين : بعد المعرفة للحق وأهله ودينهم من أئمة الهدى ، ويقيمون صلاة الليل ، ويذهبون للمساجد ويقيمون الجماعات ، ويحضرون كثير من مجالس الذكر والدعاء ، ويواظبون على إقامة محافل الأنس في ذكر مواليد أئمة الهدى ، ويبكون في ذكرى وفياتهم ويقيمون مأتمهم ، ولكن للأسف يعطون كل ثوابهم لمن يبغضوه ويحبون أن ينتقصوا منه ويكرهوه .

 وهذه من أشد المصائب : على الناس لو يعلمون ، هو أن يعطي حسناته وخالص عمله وجزيل ثوابه ، إن كان عنده وحصل عليه بعد إقامة كثير من المستحبات ، ثم هداه لمن يكره ويبغض ولمن يحب أن ينتقصه ويقلل من شأنه.

فإنه قد يكون المسلم : في مجلس مبارك يجب أن يطاع به الله ويأتي لهذا الغرض ، ولكنه يغفل أو يصر فيغتاب مؤمن أو يحسد أخ له في الله أو يفتري عليه أو ينم أو يكذب عليه أو يسخر به وينتقصه ، فيأخذ عمله وحسناته وكل ما عمل من البر والخير إن قبله الله منه ويعطيه لمن يغتابه أو لمن أنتقصه ، أو إذا لم يعطى حسنات أعماله وثوابها لأنه في حالة بُعد عن الله مع مجلسه الذي طلب به أن يتقرب به لله ، فيتحول لمجلس مخالف لرضا الله وبُعد عن طاعته ، فيحصل على سيئات من أغتاب أو من أنتقص منه أو سخر به أو نم عليه أو كذب عليه أو افترى ، وأنقلب بالخسران بدل الرضوان وهو يحسب نفسه في طاعة الرحمان .

فينقلب : من مجلس طلب به الحسنات والفضل والثواب من الله ، بالسيئات والعياذ بالله ، وسيئات مَن ، سيئات من يبغض ويكره ، ويخلصه من وسخ الذنوب ويأخذها لنفسه ، وهذه من أشد المصائب التي قد نغفل عنها، وإليك حالة أشد :

 

إيانا : وسيئات ظلم الحسد والطمع والغش والخداع والمكر :

عرفت يا طيب : شيء عن حقوق الناس علمية قولية ، وإليك يا أخي حالة أسوء منها لتحذرها وهي تكون علميه وعملية :

وهي يا أخي : حالة للحسد أو للطمع والموجبة للمكر وللخديعة وللغش ، فإنه بعض الناس المسلمين لطمع لما عند أخيه المسلم ، أو قد يأخذه الحسد الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ، ففضلا عن الكذب على المؤمن وغيبته ، يقوم والعياذ بالله بإيجاد المقالب والأعمال التي تورطه بالمشاكل ، فيقوم يمكر به ويوجد له ما يوقعه بالحرام أو تأخيره عن الطاعة والتضييق عليه وحرمانه من بعض حقوقه ، أو منعه من إقامة الواجبات والمستحبات ومجالس الذكر ، أو وطرد الناس من الاستفادة من علمه ومجالسه وماله وصدقاته أو بره أو حسن خُلقه أو صحبته ، أو كل ما يكون من الذكر في مجالس المؤمنين ، فضلا عن بعضهم مما يوصل لنقصه في المال والجاه والعرض والملك وغيرها من متاع الدنيا ، وهذا عند الله حرام شديد لا يغفر إلا أن يعوض صاحب الحق ، ويتوب فيتبع السيئة حسنة تمحها ، بأن يصلح ما أخطئ أولا ، ثم يُرجع الحق لصاحبه بأن يعرف أشباهه للناس وهذا صعب لم يستطع أحد عمله وموجب للإصرار على المعصية ، ثم التحلل من صاحب الحق بحق التحلل لا بالاستهزاء به حتى حين التحلل وطلب المغفرة منه ، فإن الله تعالى لا يفوته شيء ويحترم عبده المؤمن ، ويأخذ الله من الظالم للمظلوم حقه ، ولو كف بكف ، ولو مسحة بكف ، ولم يتجاوزه الله يوم القيامة فإنه جاء في الحديث :

إن أمير المؤمنين عليه السلام : صعد المنبر بالكوفة فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إن الذنوب ثلاثة ، ثم أمسك فقال له حبة العرني يا أمير المؤمنين قلت : الذنوب ثلاثة ثم أمسكت ؟ فقال له : ما ذكرتها إلا و أنا أريد أن أفسرها ، و لكنه عرض لي بهر حال بيني و بين الكلام ، نعم الذنوب ثلاثة :

فذنب مغفور ، و ذنب غير مغفور ، و ذنب نرجو لصاحبه و نخاف عليه .

 قيل : يا أمير المؤمنين فبينها لنا ؟  قال : نعم :

أما الذنب المغفور : فعبد عاقبه الله على ذنبه في الدنيا ، فالله أحكم و أكرم أن يعاقب عبده مرتين .

 و أما الذنب الذي لا يغفر : فظلم العباد بعضهم لبعض ، إن الله تبارك و تعالى إذا برز لخلقه ، أقسم قسما على نفسه فقال : و عزتي و جلالي لا يجوزني ظلم ظالم ، و لو كف بكف ، و لو مسحة بكف ، و نطحة ما بين الشاة القرناء إلى الشاة الجماء ، فيقتص الله للعباد بعضهم من بعض حتى لا يبقى لأحد عند أحد مظلمة ، ثم يبعثهم الله إلى الحساب .

و أما الذنب الثالث : فذنب ستره الله على عبده و رزقه التوبة ، فأصبح خاشعا من ذنبه راجيا لربه ، فنحن له كما هو لنفسه نرجو له الرحمة و نخاف عليه العقاب[1] .

وعن ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليه السلام يُحَدِّثُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ( الحسين بن علي عليه السلام ) أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام يُحَدِّثُ النَّاسَ قَالَ :

إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ : بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى النَّاسَ مِنْ حُفَرِهِمْ عُزْلًا بُهْماً جُرْداً مُرْداً فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، يَسُوقُهُمُ النُّورُ وَ تَجْمَعُهُمُ الظُّلْمَةُ ، حَتَّى يَقِفُوا عَلَى عَقَبَةِ الْمَحْشَرِ ، فَيَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ، وَ يَزْدَحِمُونَ دُونَهَا ، فَيُمْنَعُونَ مِنَ الْمُضِيِّ ، فَتَشْتَدُّ أَنْفَاسُهُمْ ، وَ يَكْثُرُ عَرَقُهُمْ ، وَ تَضِيقُ بِهِمْ أُمُورُهُمْ ، وَ يَشْتَدُّ ضَجِيجُهُمْ ، وَ تَرْتَفِعُ أَصْوَاتُهُمْ ، قَالَ : وَ هُوَ أَوَّلُ هَوْلٍ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ :

قَالَ : فَيُشْرِفُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ فِي ظِلَالٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، فَيَأْمُرُ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَيُنَادِي فِيهِمْ ، يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ : أَنْصِتُوا وَ اسْتَمِعُوا مُنَادِيَ الْجَبَّارِ ، قَالَ : فَيَسْمَعُ آخِرُهُمْ كَمَا يَسْمَعُ أَوَّلُهُمْ ، قَالَ : فَتَنْكَسِرُ أَصْوَاتُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَ تَخْشَعُ أَبْصَارُهُمْ ، وَ تَضْطَرِبُ فَرَائِصُهُمْ وَ تَفْزَعُ قُلُوبُهُمْ ، وَ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ إِلَى نَاحِيَةِ الصَّوْتِ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ .

 قَالَ : فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ : الْكَافِرُ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ .

قَالَ : فَيُشْرِفُ الْجَبَّارُ عَزَّ وَ جَلَّ الْحَكَمُ الْعَدْلُ عَلَيْهِمْ فَيَقُولُ : أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَجُورُ الْيَوْمَ ، أَحْكُمُ بَيْنَكُمْ بِعَدْلِي وَ قِسْطِي ، لَا يُظْلَمُ الْيَوْمَ عِنْدِي أَحَدٌ الْيَوْمَ ، آخُذُ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ بِحَقِّهِ ، وَ لِصَاحِبِ الْمَظْلِمَةِ بِالْمَظْلِمَةِ بِالْقِصَاصِ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَ السَّيِّئَاتِ ، وَ أُثِيبُ عَلَى الْهِبَاتِ .

 وَ لَا يَجُوزُ هَذِهِ الْعَقَبَةَ الْيَوْمَ : عِنْدِي ظَالِمٌ وَ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ ، إِلَّا مَظْلِمَةً يَهَبُهَا صَاحِبُهَا ، وَ أُثِيبُهُ عَلَيْهَا ، وَ آخُذُ لَهُ بِهَا عِنْدَ الْحِسَابِ .

 فَتَلَازَمُوا أَيُّهَا الْخَلَائِقُ ، وَ اطْلُبُوا مَظَالِمَكُمْ عِنْدَ مَنْ ظَلَمَكُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا ، وَ أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ عَلَيْهِمْ ، وَ كَفَى بِي شَهِيداً .

قَالَ : فَيَتَعَارَفُونَ وَ يَتَلَازَمُونَ ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ لَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مَظْلِمَةٌ أَوْ حَقٌّ إِلَّا لَزِمَهُ بِهَا .

 قَالَ : فَيَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَيَشْتَدُّ حَالُهُمْ ، وَ يَكْثُرُ عَرَقُهُمْ وَ يَشْتَدُّ غَمُّهُمْ وَ تَرْتَفِعُ أَصْوَاتُهُمْ بِضَجِيجٍ شَدِيدٍ ، فَيَتَمَنَّوْنَ الْمَخْلَصَ مِنْهُ بِتَرْكِ مَظَالِمِهِمْ لِأَهْلِهَا .

قَالَ : وَ يَطَّلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى جَهْدِهِمْ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ، يُسْمِعُ آخِرَهُمْ كَمَا يُسْمِعُ أَوَّلَهُمْ : يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ أَنْصِتُوا لِدَاعِي اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ، وَ اسْمَعُوا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ [لَكُمْ‏] :

أَنَا الْوَهَّابُ إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَوَاهَبُوا ، فَتَوَاهَبُوا .

وَ إِنْ لَمْ تَوَاهَبُوا أَخَذْتُ لَكُمْ بِمَظَالِمِكُمْ .

قَالَ : فَيَفْرَحُونَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ جَهْدِهِمْ وَ ضِيقِ مَسْلَكِهِمْ وَ تَزَاحُمِهِمْ .

قَالَ : فَيَهَبُ بَعْضُهُمْ مَظَالِمَهُمْ رَجَاءَ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِمَّا هُمْ فِيهِ ، وَ يَبْقَى بَعْضُهُمْ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ مَظَالِمُنَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ نَهَبَهَا .

قَالَ : فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تِلْقَاءِ الْعَرْشِ أَيْنَ رِضْوَانُ خَازِنُ الْجِنَانِ ، جِنَانِ الْفِرْدَوْسِ ، قَالَ : فَيَأْمُرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُطْلِعَ مِنَ الْفِرْدَوْسِ قَصْراً مِنْ فِضَّةٍ بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَبْنِيَةِ وَ الْخَدَمِ .

قَالَ : فَيُطْلِعُهُ عَلَيْهِمْ فِي حِفَافَةِ الْقَصْرِ الْوَصَائِفُ وَ الْخَدَمُ .

قَالَ : فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ فَانْظُرُوا إِلَى هَذَا الْقَصْرِ .

قَالَ : فَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ فَكُلُّهُمْ يَتَمَنَّاهُ .

قَالَ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى : يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ هَذَا لِكُلِّ مَنْ عَفَا عَنْ مُؤْمِنٍ ، قَالَ : فَيَعْفُونَ كُلُّهُمْ إِلَّا الْقَلِيلَ .

قَالَ : فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : لَا يَجُوزُ إِلَى جَنَّتِيَ الْيَوْمَ ظَالِمٌ ، وَ لَا يَجُوزُ إِلَى نَارِيَ الْيَوْمَ ظَالِمٌ وَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ حَتَّى يَأْخُذَهَا مِنْهُ عِنْدَ الْحِسَابِ ، أَيُّهَا الْخَلَائِقُ اسْتَعِدُّوا لِلْحِسَابِ .

قَالَ : ثُمَّ يُخَلَّى سَبِيلُهُمْ فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى الْعَقَبَةِ يَكْرُدُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى الْعَرْصَةِ ، وَ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ ، قَدْ نُشِرَتِ الدَّوَاوِينُ ، وَ نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ ، وَ أُحْضِرَ النَّبِيُّونَ وَ الشُّهَدَاءُ ، وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ يَشْهَدُ كُلُّ إِمَامٍ عَلَى أَهْلِ عَالَمِهِ ، بِأَنَّهُ قَدْ قَامَ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ دَعَاهُمْ إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ .

قَالَ : فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الرَّجُلِ الْكَافِرِ مَظْلِمَةٌ ، أَيَّ شَيْ‏ءٍ يَأْخُذُ مِنَ الْكَافِرِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ؟

قَالَ : فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام : يُطْرَحُ عَنِ الْمُسْلِمِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ بِقَدْرِ مَا لَهُ عَلَى الْكَافِرِ ، فَيُعَذَّبُ الْكَافِرُ بِهَا مَعَ عَذَابِهِ بِكُفْرِهِ ، عَذَاباً بِقَدْرِ مَا لِلْمُسْلِمِ قِبَلَهُ مِنْ مَظْلِمَةٍ.

 قَالَ : فَقَالَ لَهُ الْقُرَشِيُّ : فَإِذَا كَانَتِ الْمَظْلِمَةُ لِلْمُسْلِمِ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَيْفَ ، تُؤْخَذُ مَظْلِمَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِ ؟

قَالَ : يُؤْخَذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِقَدْرِ حَقِّ الْمَظْلُومِ ، فَتُزَادُ عَلَى حَسَنَاتِ الْمَظْلُومِ ؟

قَالَ : فَقَالَ لَهُ الْقُرَشِيُّ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلظَّالِمِ حَسَنَاتٌ ؟

قَالَ : إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلظَّالِمِ حَسَنَاتٌ ، فَإِنَّ لِلْمَظْلُومِ سَيِّئَاتٍ يُؤْخَذُ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ فَتُزَادُ عَلَى سَيِّئَاتِ الظَّالِمِ [2].

يا طيب : على فرض إن الله يحبنا ، و يعفو عنا المؤمن فيعوضه الله حسنات كما عرفت ، ولكن نحن الظالمين بالغيبة أو بالحسد والنميمة والسخرية والخداع والمكر وغيرها والعياذ بالله منها ، وأستغفر الله من شيء منها إن فعلناه ، وأسأله أن يوفقنا للخروج منها في الدنيا ، فإن هناك الموقف صعب ، إذا لم نتب قد خسرنا الحسنات وأكتسبنا سيئات ، أو تنزلنا في المرتبة عند الله والعياذ بالله من ذلك الموقف وأن لا يجعلنا أن نقف فيه ظالمين ، وهذه أحاديث أخرى مناسبة تحذرنا وتنبهنا لعدم التوجه حتى بالفكر للأعمال الطالحة الخبيثة :

عن الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام  قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ :

أَلَا إِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِي ، أَنَّهُ لَا تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، وَ لَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ شَيْ‏ءٍ مِنَ الرِّزْقِ ، أَنْ تَطْلُبُوهُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ [3].

فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى : قَسَمَ الْأَرْزَاقَ بَيْنَ خَلْقِهِ حَلَالًا ، وَ لَمْ يَقْسِمْهَا حَرَاماً ، فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ صَبَرَ ، أَتَاهُ اللَّهُ بِرِزْقِهِ مِنْ حِلِّهِ ، وَ مَنْ هَتَكَ حِجَابَ السِّتْرِ وَ عَجِلَ فَأَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ، قُصَّ بِهِ مِنْ رِزْقِهِ الْحَلَالِ ، وَ حُوسِبَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

يا أخي : قبل الطاعة وعمل المستحبات يجب أن لا نتعب عليها ثم نعطيها لغيرنا ، فهذا هراء في العلم والعمل والعقل والبصيرة ، وعلى فرض قبول طاعتنا نعطي ثوابها الجزيل لمن نكره ونبغض ونحسد ، أو الأتعس والأنكى أن نأخذ سيئات غيرنا ليرضى عنا، ونحن شاكرين له لكي يتجاوز عنا ولا ندخل النار فيقل شأننا عند الله ورسوله ونعيمنا أبدا ، فإن العلم والمنزلة والشأن والجاه ولمال لنا قد قسمه الله لنا بما يصلحنا وحسب جدنا في طلب الحلال منه ليثيبنا ، وإن فقدنا شيء منه غير محاسبون عليه ، وإنه لابد أن نغبط من وفقه الله لشيء منها ليثيبنا الله تعالى ويعطينا كما يعطيه ، لا نتمنا زواله أو السعي لزواله بأي طريق كان ، وبالخصوص بالغش والمكر والخداع والغيبة والكذب فإنه مهبط لعملنا ومحبطه:

فيا طيب : الأحاديث كثيرة في بيان حبط هذه الأعمال السيئة والخبيثة للحسنات وذهبها بالثواب فتجعله هباء منثورا ، وتأخذه فتعطيه لغيره ، وقد عدة كتب كثيرة لبيان الكبائر والصغائر وآثارها والتحذير منها ، وهنا نذكر بعض الأحاديث في أس المنكرات ونحذر منها وراجع بعضها في الكافي الجزء الثاني، وسيأتي بحث آخر في أحوال المؤمنين ونزاهتم عن مثل هذه ، ونذكرها لأنه أولا التخلي ثم التحلي بالأمور الطيبة الحسنة ، ثم التجلي بنورها وبركاتها ، وهذه أحاديث في بعض المسائل المنكرة الواجب التخلي و التطهر منها ومن أمثالها .

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : مَنْ كَانَ مُسْلِماً : فَلَا يَمْكُرُ ، وَ لَا يَخْدَعُ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ جبرائيل يَقُولُ : إِنَّ الْمَكْرَ وَ الْخَدِيعَةَ فِي النَّارِ .

ثُمَّ قَالَ : لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ مُسْلِماً ، وَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَانَ مُسْلِماً .

 ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم : إِنَّ جبرائيل الرُّوحَ الْأَمِينَ نَزَلَ عَلَيَّ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ عَلَيْكَ بِحُسْنِ الْخُلُقِ ، فَإِنَّ سُوءَ الْخُلُقِ ذَهَبَ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ أَلَا وَ إِنَّ أَشْبَهَكُمْ بِي أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً [4].

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن أعظم الكبر غمص الخلق وسفه الحق ،قال : قلت : وما غمص الخلق وسفه الحق ؟ قال : يجهل الحق ويطعن على أهله . فمن فعل ذلك فقد نازع الله عز وجل رداءه[5] .

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه ، لا تذموا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عوراتهم ، تتبع الله عورته . ومن تتبع الله تعالى عورته يفضحه ولو في بيته[6] .

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :  الـغـيـبـة: أسرع في دين الرجل المسلم من الآكلة في جوفه [7].

 

ثم إيانا : والعجب والرياء فإنه يخلع الإيمان :

يا طيب : عرفت حال : صحيفة المقربين ، ثم صحيفة الأبرار ، حتى صارت صحيفة الطيبين ، وأستغفر الله من العجب والتقصير في طاعته ، وإني كنت جاهل وإلى الآن مقصر في عبودية ربي وطاعته بالذكر الكثير والدعاء الطويل والتوسل الحسن المطلوب منا ، وأسأله أن يدلني على عيوبي ويسامحني ذنوبي ويتجاوز عن تقصيري ، فإنه كان سبب بحثي فكرة قد يكون فيها شيء من عجب بما سأبدعه من البحث المتقن ، ولكن بحمد الله عرفت قصوري وتقصيري ولم أتمادى ، وأسأل الله أن يصدقني النية معه في نفسي وفي النصيحة للمؤمنين .

ولكن يا أخي : فإنه قد يتصور الإنسان عمله أفضل عمل وإنه فاهم ومفكر ، وسيأتي بالعلم والعمل الحسن المعجز لو أمهل ومُكن لكي ينفذ فكره ، وبهذه السبب إن لم يتمكن ويصعب عليه تنفيذ ما يفكر به ولم يصل لمطامحه ، يقوم يحسد غيره ممن مكنه الله ، لأنه لم يستطع تنفيذ ما فكر به هو وغيره تمكن ، وإن تمادى في حسده مكر وخدع وغش وكذب ويسهل عليه ارتكاب كل منكر فلا يتأثم.

وإن بقي على حسده: جعل حسناته تُؤكل وتذهب هباء وإن لم يعطها لأحد.

 ثم إن تمكن المعجب بفكره : يقوم فيفخر ويرائي ويتكبر لأنه ليس خالص لوجه الله تعالى ، فيكون عمله ليس لله ولم تخلص نيته ، فيكون لا ثواب له ولا حسنات ولا جزاء ولا مبارك عند الله تعالى ، وهذا ليس من شأن المؤمن ، فإنه المؤمن يطلب الله تعالى بكل عمل له وبكل فكرة وبكل نية كما سترى ، وهذا المعجب بنفسه بالرياء وإن كان لم يعطي حسناته لغيره ، لكنه لا ثواب له ، فلم تطب نفسه ، وقد يبعد عمله عن الله إذا كان عمل طاعة واجبه ، يجب عليه أن يأتي بها ولكنه تعالى لم يقبلها لعجبه ورياءه وفخره ، فيعاقبه على ترك الواجب مع عمله للواجب , وهذا من المصائب العظمى التي تحل بالمؤمن الغافل عن خبث الرياء وقبحه والعياذ بالله ، وقد يوصله لأن يكون منافق بدل أن يحسب على المسلمين فضلا عن المؤمنين فلم يكن من الطيبين ، بل خبيث في علمه وعمله وهذه مصيبة كبرى قد تحل بمسلم ولم يعلم بما حصل له في علمه وعمله والعياذ بالله من هذه الحالة ، ولكي لا أطيل عليك أذكر لك يا طيب بعض الأحاديث في هذا الباب فتدبرها لعل الله أن ينفعنا بها .

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : آفَةُ الدِّينِ : الْحَسَدُ ، وَالْعُجْبُ، وَالْفَخْرُ .

وعَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ :

اتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا يَحْسُدْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً .

 إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ : كَانَ مِنْ شَرَائِعِهِ السَّيْحُ فِي الْبِلَادِ ، فَخَرَجَ فِي بَعْضِ سَيْحِهِ وَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَصِيرٌ ، وَ كَانَ كَثِيرَ اللُّزُومِ لِعِيسَى عليه السلام .

 فَلَمَّا انْتَهَى عِيسَى إِلَى الْبَحْرِ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ بِصِحَّةِ يَقِينٍ مِنْهُ فَمَشَى عَلَى ظَهْرِ الْمَاءِ . فَقَالَ الرَّجُلُ الْقَصِيرُ حِينَ نَظَرَ إِلَى عِيسَى عليه السلام جَازَهُ : بِسْمِ اللَّهِ بِصِحَّةِ يَقِينٍ مِنْهُ ، فَمَشَى عَلَى الْمَاءِ وَ لَحِقَ بِعِيسَى عليه السلام .

 فَدَخَلَهُ الْعُجْبُ بِنَفْسِهِ ، فَقَالَ : هَذَا عِيسَى رُوحُ اللَّهِ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ وَ أَنَا أَمْشِي عَلَى الْمَاءِ ، فَمَا فَضْلُهُ عَلَيَّ . قَالَ : فَرُمِسَ فِي الْمَاءِ ، فَاسْتَغَاثَ بِعِيسَى فَتَنَاوَلَهُ مِنَ الْمَاءِ فَأَخْرَجَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : مَا قُلْتَ يَا قَصِيرُ . قَالَ قُلْتُ : هَذَا رُوحُ اللَّهِ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ وَ أَنَا أَمْشِي عَلَى الْمَاءِ ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ عُجْبٌ .

فَقَالَ لَهُ عِيسَى : لَقَدْ وَضَعْتَ نَفْسَكَ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَكَ اللَّهُ فِيهِ ، فَمَقَتَكَ اللَّهُ عَلَى مَا قُلْتَ ،  فَتُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّا قُلْتَ .قَالَ : فَتَابَ الرَّجُلُ وَ عَادَ إِلَى مَرْتَبَتِهِ الَّتِي وَضَعَهُ اللَّهُ فِيهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا يَحْسُدَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [8].

وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّ الذَّنْبَ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ ، وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا ابْتُلِيَ مُؤْمِنٌ بِذَنْبٍ أَبَداً . و قَالَ : مَنْ دَخَلَهُ الْعُجْبُ هَلَكَ .

عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ الْعُجْبِ الَّذِي يُفْسِدُ الْعَمَلَ ؟ فَقَالَ : الْعُجْبُ دَرَجَاتٌ مِنْهَا أَنْ يُزَيَّنَ لِلْعَبْدِ سُوءُ عَمَلِهِ فَيَرَاهُ حَسَناً فَيُعْجِبَهُ ، وَ يَحْسَبَ أَنَّهُ يُحْسِنُ صُنْعاً ، وَ مِنْهَا أَنْ يُؤْمِنَ الْعَبْدُ بِرَبِّهِ فَيَمُنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ الْمَنُّ [9].

وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ لِعَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ الْبَصْرِيِّ فِي الْمَسْجِدِ :

وَيْلَكَ يَا عَبَّادُ إِيَّاكَ وَ الرِّيَاءَ ، فَإِنَّهُ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ [10].

وإَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : سُئِلَ فِيمَا النَّجَاةُ غَداً ؟

 فَقَالَ : إِنَّمَا النَّجَاةُ فِي أَنْ لَا تُخَادِعُوا اللَّهَ فَيَخْدَعَكُمْ ، فَإِنَّهُ مَنْ يُخَادِعِ اللَّهَ يَخْدَعْهُ ، وَ يَخْلَعْ مِنْهُ الْإِيمَانَ ، وَ نَفْسَهُ يَخْدَعُ لَوْ يَشْعُرُ .

قِيلَ لَهُ : فَكَيْفَ يُخَادِعُ اللَّهَ ؟ قَالَ : يَعْمَلُ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ ، ثُمَّ يُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي الرِّيَاءِ ، فَإِنَّهُ الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، إِنَّ الْمُرَائِيَ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ ، يَا كَافِرُ ، يَا فَاجِرُ ، يَا غَادِرُ ، يَا خَاسِرُ ، حَبِطَ عَمَلُكَ ، وَ بَطَلَ أَجْرُكَ ، فَلَا خَلَاصَ لَكَ الْيَوْمَ ، فَالْتَمِسْ أَجْرَكَ مِمَّنْ كُنْتَ تَعْمَلُ لَهُ[11] .

يا طيب : عرفت أهمية الإخلاص في العمل وعدم تعكيره حتى لا يبطل ولايذهب عملنا هباء منثورا ، فيجب على المؤمن أن يخلص لله النية ويقيم عبودية الله تعالى بما يحب ويرضى ، فضلا من أن يقوم العبد بإعطاء حسناته لغيره بعد تخليصها من الرياء والعجب والفخر وغيرها ، لأنه عرفت الظالم بالمال أو العرض أو الجاه أو الغيبة أو غيرها ، يجب عليه أن يعطي كل أو كثير أو جزء مما يملك من الحسنات لغيره ممن كان قد ظلمة بكلمة أو عرض أو شيء من ملك الدنيا ، أو يكون ليس له حسنات يُعطيها فيأخذ سيئاته وما أسوء حاله ، والعياذ بالله عن كل ما يبعد عنه ويبطل عملنا عنده أو يذهب نوره وكرامته لغيرنا .

ثم يا أخي : قد كتُبت كتب كثيرة في أنواع الذنوب وسببها وعالجها ، ونحن ذكرنا قسما مهما منها ، وتجد في الجزء الثالث من صحيفة الإمام الحسين قسما آخرا منها بتفصيل أكبر وبشرح أوسع ، وسيأتي ذكر في الأحاديث التالية تحذرنا منها ، وإنها ليس من شأن المؤمن حين ذكر صفاته ، وهذه يا أخي أحاديث أخرى ومواعظ كنافلة وزيادة وشرح لبحث الرياء ومفسدات الأعمال الصالحة ، فضلا عن ارتكاب المحرمات والعياذ بالله منها وكيف نصلحها بفضل الله :

 

 

 

الذكر الثاني

مواعظ تعرفنا شدة الحساب للأعمال ورأفة ربنا بنا

 

حكمة : تعرفنا سوء المنكرات وخبث المفكر بها وعاملها :

بَعْضِ الْحُكَمَاءِ قَالَ : إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ يَتَمَنَّى الْغِنَى لِلنَّاسِ أَهْلُ الْبُخْلِ ، لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا اسْتَغْنَوْا كَفُّوا عَنْ أَمْوَالِهِمْ . وَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ يَتَمَنَّى صَلَاحَ النَّاسِ أَهْلُ الْعُيُوبِ ، لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا صَلَحُوا كَفُّوا عَنْ تَتَبُّعِ عُيُوبِهِمْ . وَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ يَتَمَنَّى حِلْمَ النَّاسِ أَهْلُ السَّفَهِ ، الَّذِينَ يَحْتَاجُونَ أَنْ يُعْفَى عَنْ سَفَهِهِمْ .

فَأَصْبَحَ : أَهْلُ الْبُخْلِ يَتَمَنَّوْنَ فَقْرَ النَّاسِ ، وَ أَصْبَحَ : أَهْلُ الْعُيُوبِ يَتَمَنَّوْنَ فِسْقَهُمْ ، وَ أَصْبَحَ : أَهْلُ الذُّنُوبِ يَتَمَنَّوْنَ سَفَهَهُمْ .

 وَ فِي الْفَقْرِ : الْحَاجَةُ إِلَى الْبَخِيلِ ، وَ فِي الْفَسَادِ : طَلَبُ عَوْرَةِ أَهْلِ الْعُيُوبِ ، وَ فِي السَّفَهِ : الْمُكَافَأَةُ بِالذُّنُوبِ [12].

 

حديث : يعرفنا شدة الحساب وضرورة الإخلاص لله :

وعن عبد الواحد عن رجل عن معاذ بن جبل قال قلت : حدثني بحديث سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حفظته و ذكرته كل يوم من دقة ما حدثك به . قال : نعم و بكى معاذ ، فقال : اسكت فسكت ، ثم قال : بأبي و أمي حدثني و أنا رديفه ، قال : فبينا نسير إذ رفع بصره إلى السماء .

فقال : الحمد لله يقضي في خلقه ما أحب .

قال : يا معاذ ، قلت : لبيك يا رسول الله إمام الخير و نبي الرحمة .

فقال : أحدثك ما حدث نبي أمته ، إن حفظته نفعك عيشك ، و إن سمعته و لم تحفظه انقطعت حجتك عند الله .

 ثم قال : إن الله خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السماوات ، فجعل في كل سماء ملكا قد جللها بعظمته ، و جعل على كل باب منها ملكا بوابا .

 فتكتب الحفظة : عمل العبد من حين يصبح إلى حين يمسي ، ثم ترتفع الحفظة بعمله له نور كنور الشمس ، حتى إذا بلغ سماء الدنيا ، فيزكيه و يكثره ، فيقول له : قف فاضرب بهذا العمل على وجه صاحبه ، أنا ملك الغيبة فمن اغتاب لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ، أمرني بذلك ربي .

ثم يجي‏ء من الغد : و معه عمل صالح ، فيمر به و يزكيه و يكثره ، حتى يبلغ السماء الثانية ، فيقول الملك الذي في السماء الثانية :  قف فاضرب بهذا العمل على وجه صاحبه ، إنما أراد بهذا العمل عرض الدنيا ، أنا صاحب الدنيا لا أدع عمله يتجاوز إلى غيري .

قال : ثم يصعد بعمل العبد مبتهجا بصدقة و صلاة ، فتعجب الحفظة و تجاوزه إلى السماء الثالثة ، فيقول الملك : قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و ظهره ، أنا ملك صاحب الكبر ، فيقول : إنه عمل تكبر فيه على الناس في مجالسهم ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري .

قال : و تصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كالكوكب الذي في السماء له دوي بالتسبيح و الصوم و الحج ، فيمر به إلى ملك السماء الرابعة ، فيقول له : قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و بطنه ، أنا ملك العجب : فإنه كان يعجب بنفسه ، و أنه عمل و أدخل نفسه العجب ، أمرني ربي ألا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري ، فاضرب به وجه صاحبه .

قال : و تصعد الحفظة بعمل العبد كالعروس المرفوعة إلى أهلها ، فيمر به إلى ملك السماء الخامسة ، بالجهاد و الصلاة ما بين الصلاتين ، و لذلك رنين كرنين الإبل ، عليه ضوء كضوء الشمس ، فيقول الملك : قف أنا ملك الحسد ، فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه ، و يحمله على عاتقه ، إنه كان يحسد من يتعلم و يعمل لله بطاعته ، فإذا رأى لأحد فضلا في العمل و العبادة حسده ، و وقع فيه فيحمله على عاتقه ، و يلعنه عمله .

قال : و يصعد الحفظة فيمر به إلى السماء السادسة ، فيقول الملك : قف أنا صاحب الرحمة ، اضرب بهذا العمل وجه صاحبه ، و اطمس عينيه ، لأن صاحبه لم يرحم شيئا ، إذا أصاب عبدا من عباد الله ذنب للآخرة ، أو ضر في الدنيا ، شمت به ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري .

قال : و تصعد الحفظة بعمل العبد أعمالا بفقه و اجتهاد و ورع ، له صوت كالرعد ، و ضوء كضوء البرق ، و معه ثلاثة ألف ملك ، فيمر به إلى ملك السماء السابعة ، فيقول قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه ، أنا ملك الحجاب : أحجب كل عمل ليس لله، أنه أراد رفعه عند القواد، وذكرا في المجالس، وصوتا في المدائن ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ما لم يكن خالصا.

قال : و تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من حسن خلق و صمت و ذكر كثير ، تشيعه ملائكة السماوات و الملائكة السبعة بجماعتهم ، فيطئون الحجب كلها حتى يقوموا بين يديه ، فيشهدوا له بعمل صالح و دعاء ، فيقول الله : أنتم حفظة عمل عبدي ، و أنا رقيب على ما في نفسه ، و لم يردني بهذا العمل ، عليه لعنتي ، فيقول الملائكة : عليه لعنتك و لعنتنا .

قال : ثم بكى معاذ ، قال : قلت يا رسول الله ما أعمل ؟ قال : اقتد بنبيك يا معاذ في اليقين . قال : قلت : أنت رسول الله و أنا معاذ بن جبل .

قال : و إن كان في عملك تقصير يا معاذ ، فاقطع لسانك عن إخوانك ، و عن حملة القرآن ، و لتكن ذنوبك عليك لا تحملها على إخوانك ، و لا تزك نفسك بتذميم إخوانك ، و لا ترفع نفسك بوضع إخوانك ، و لا تراء بعملك ، و لا تدخل من الدنيا في الآخرة ، و لا تفحش في مجلسك لكيلا يحذروك بسوء خلقك ، و لا تناج مع رجل و عندك آخر ، و لا تتعظم على الناس فيقطع عنك خيرات الدنيا ، و لا تمزق الناس فيمزقك كلاب أهل النار ، قال الله : وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً ، أ تدري ما الناشطات ، كلاب أهل النار تنشط اللحم و العظم . قلت : من يطيق هذه الخصال ؟ قال : يا معاذ أما إنه يسير على من يسر الله عليه ، قال : و ما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن كما يكثر تلاوة هذا الحديث[13].

 

حديث : يعرفنا رأفة الله بالعباد الطيبين ليوفقهم ويطهرهم فوجب عليهم الرضاء بقدره وقضائه :

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ :

إِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ : عِبَاداً لَا يَصْلُحُ لَهُمْ أَمْرُ دِينِهِمْ إِلَّا بِالْغِنَى وَالسَّعَةِ وَالصِّحَّةِ فِي الْبَدَنِ ، فَأَبْلُوهُمْ بِالْغِنَى وَ السَّعَةِ وَ صِحَّةِ الْبَدَنِ ، فَيُصْلِحُ عَلَيْهِمْ أَمْرَ دِينِهِمْ .

وَ إِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ :لَعِبَاداً لَا يَصْلُحُ لَهُمْ أَمْرُ دِينِهِمْ إِلَّا بِالْفَاقَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ السُّقْمِ فِي أَبْدَانِهِمْ ، فَأَبْلُوهُمْ بِالْفَاقَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ السُّقْمِ ، فَيُصْلِحُ عَلَيْهِمْ أَمْرَ دِينِهِمْ ، وَ أَنَا أَعْلَمُ بِمَا يَصْلُحُ عَلَيْهِ أَمْرُ دِينِ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ .

وَ إِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ :لَمَنْ يَجْتَهِدُ فِي عِبَادَتِي ، فَيَقُومُ مِنْ رُقَادِهِ وَ لَذِيذِ وِسَادِهِ ، فَيَتَهَجَّدُ لِيَ اللَّيَالِيَ ، فَيُتْعِبُ نَفْسَهُ فِي عِبَادَتِي ، فَأَضْرِبُهُ بِالنُّعَاسِ اللَّيْلَةَ وَ اللَّيْلَتَيْنِ ، نَظَراً مِنِّي لَهُ ، وَ إِبْقَاءً عَلَيْهِ ، فَيَنَامُ حَتَّى يُصْبِحَ ، فَيَقُومُ وَ هُوَ مَاقِتٌ لِنَفْسِهِ ، زَارِئٌ عَلَيْهَا ، وَ لَوْ أُخَلِّي بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَا يُرِيدُ مِنْ عِبَادَتِي ، لَدَخَلَهُ الْعُجْبُ مِنْ ذَلِكَ فَيُصَيِّرُهُ الْعُجْبُ إِلَى الْفِتْنَةِ بِأَعْمَالِهِ ، فَيَأْتِيهِ مِنْ ذَلِكَ مَا فِيهِ هَلَاكُهُ لِعُجْبِهِ بِأَعْمَالِهِ ، وَ رِضَاهُ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ فَاقَ الْعَابِدِينَ ، وَ جَازَ فِي عِبَادَتِهِ حَدَّ التَّقْصِيرِ ، فَيَتَبَاعَدُ مِنِّي عِنْدَ ذَلِكَ ، وَ هُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ .

فَلَا يَتَّكِلِ الْعَامِلُونَ :عَلَى أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا لِثَوَابِي ، فَإِنَّهُمْ لَوِ اجْتَهَدُوا وَ أَتْعَبُوا أَنْفُسَهُمْ ، وَ أَفْنَوْا أَعْمَارَهُمْ فِي عِبَادَتِي ، كَانُوا مُقَصِّرِينَ غَيْرَ بَالِغِينَ فِي عِبَادَتِهِمْ كُنْهَ عِبَادَتِي ، فِيمَا يَطْلُبُونَ عِنْدِي مِنْ كَرَامَتِي ، وَ النَّعِيمِ فِي جَنَّاتِي ، وَ رَفِيعِ دَرَجَاتِيَ الْعُلَى فِي جِوَارِي .

وَ لَكِنْ فَبِرَحْمَتِي: فَلْيَثِقُوا ، وَ بِفَضْلِي فَلْيَفْرَحُوا ، وَ إِلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِي فَلْيَطْمَئِنُّوا ، فَإِنَّ رَحْمَتِي عِنْدَ ذَلِكَ تَدَارَكُهُمْ ، وَ مَنِّي يُبَلِّغُهُمْ رِضْوَانِي ، وَ مَغْفِرَتِي تُلْبِسُهُمْ عَفْوِي ، فَإِنِّي أَنَا اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ، وَ بِذَلِكَ تَسَمَّيْتُ[14] .

 

أحاديث : تعرفنا ضرورة ترك المحرمات والمسارعة للتوبة :

وقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام :

تَرْكُ الْخَطِيئَةِ أَيْسَرُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ ، وَ كَمْ مِنْ شَهْوَةِ سَاعَةٍ أَوْرَثَتْ حُزْناً طَوِيلًا ، وَ الْمَوْتُ فَضَحَ الدُّنْيَا فَلَمْ يَتْرُكْ لِذِي لُبٍّ فَرَحاً [15].

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي صلى الله عليه وآله وسلم  قَالَ : لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُحَاسِبْ نَفْسَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ، فَإِنْ عَمِلَ حَسَناً اسْتَزَادَ اللَّهَ ، وَ إِنْ عَمِلَ سَيِّئاً اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهُ وَ تَابَ إِلَيْهِ .

{ إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا () وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا }[16].

 

أحاديث : تعرفنا ضرورة المعرفة والمسارعة للخيرات :

وَ سُئِلَ أمير المؤمنين عليه السلام : عَنِ الْخَيْرِ مَا هُوَ ؟

فَقَالَ عليه السلام : لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَ وَلَدُكَ .

 وَ لَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ : عِلْمُكَ ، وَ أَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ ، وَ أَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ ، وَ إِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ ، وَ لَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِرَجُلَيْنِ ، رَجُلٍ أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ ، وَ رَجُلٍ يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ [17].

عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : إِنْ قَدَرْتَ أَنْ لَا تُعْرَفَ فَافْعَلْ ، وَ مَا عَلَيْكَ أَلَّا يُثْنِيَ عَلَيْكَ النَّاسُ ، وَ مَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ مَذْمُوماً عِنْدَ النَّاسِ إِذَا كُنْتَ مَحْمُوداً عِنْدَ اللَّهِ .

 ثُمَّ قَالَ : قَالَ أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام : لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ إِلَّا لِرَجُلَيْنِ : رَجُلٍ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ خَيْراً ، وَ رَجُلٍ يَتَدَارَكُ مَنِيَّتَهُ بِالتَّوْبَةِ ، وَ أَنَّى لَهُ بِالتَّوْبَةِ ، وَ اللَّهِ لَوْ سَجَدَ حَتَّى يَنْقَطِعَ عُنُقُهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْهُ إِلَّا بِوَلَايَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ .

 أَلَا وَ مَنْ عَرَفَ حَقَّنَا وَ رَجَا الثَّوَابَ فِينَا ، وَ رَضِيَ : قُوتِهِ نِصْفِ مُدٍّ فِي كُلِّ يَوْمٍ ، وَ مَا سَتَرَ عَوْرَتَهُ ، وَ مَا أَكَنَّ رَأْسَهُ ، وَ هُمْ وَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ خَائِفُونَ وَجِلُونَ ، وَدُّوا أَنَّهُ حَظُّهُمْ مِنَ الدُّنْيَا ، وَ كَذَلِكَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ :

( وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى‏ رَبِّهِمْ راجِعُونَ ).

 ثُمَّ قَالَ : مَا الَّذِي آتَوْا ، آتَوْا وَ اللَّهِ مَعَ الطَّاعَةِ الْمَحَبَّةَ وَ الْوَلَايَةَ ، وَ هُمْ فِي ذَلِكَ خَائِفُونَ ، لَيْسَ خَوْفُهُمْ خَوْفَ شَكٍّ ، وَ لَكِنَّهُمْ خَافُوا أَنْ يَكُونُوا مُقَصِّرِينَ فِي مَحَبَّتِنَا وَ طَاعَتِنَا [18].

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَارِدٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : حَدِيثٌ رُوِيَ لَنَا ، أَنَّكَ قُلْتَ : إِذَا عَرَفْتَ فَاعْمَلْ مَا شِئْتَ ؟

فَقَالَ : قَدْ قُلْتُ ذَلِكَ . قَالَ قُلْتُ : وَ إِنْ زَنَوْا أَوْ سَرَقُوا أَوْ شَرِبُوا الْخَمْرَ ؟

فَقَالَ لِي : إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، وَ اللَّهِ مَا أَنْصَفُونَا أَنْ نَكُونَ أُخِذْنَا بِالْعَمَلِ ، وَ وُضِعَ عَنْهُمْ ، إِنَّمَا قُلْتُ : إِذَا عَرَفْتَ فَاعْمَلْ مَا شِئْتَ مِنْ قَلِيلِ الْخَيْرِ وَ كَثِيرِهِ ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْكَ [19].

با طيب : بعد التخلي عن المحرمات وهجر السيئات ، وبطلب التوفيق من الله تعالى للطاعات ولهجر الذنوب وغفرانها ، ومعرفة الحق من دينه وأهله حتى نطيع بما يحب ويرضى ، وبعد المعرفة والعلم بهداه علينا العمل ، وإليك بعضه.

 

 

 

الذكر الثالث

صفات المؤمنين الطيبين والشيعة وعلاماتهم

 

تذكرة للطيبين في ثواب التأدب بآداب الدين :

يا طيب : عرفت صعوبة الحساب الذي قد يأخذ الحسنات فيعطيها لمظلوم قد غَبناه أو غِبناه أو بهتناه أو أخذنا منه حق مادي أو معنوي ، وعرفت شدة الحساب في قبول الطاعات حتى تكون عندنا حقاً حسنات تحسننا ، وإنه يجب أن نخلصها من الرياء والعجب والكبر والفخر وكل ما يبعدها عن القبول الرضا الإلهي ، فإنه تعالى لا يقبل إلا الخالص الصافي فيجعل عليه الحسنات العظيمة والثواب الجزيل الذي يكون في تسبيحة واحدة يملئ ما بين السماء والأرض كما ستعرف في فضل الثواب وكثرة للأعمال الواجبة والمستحبة ، والتي كان ذكرها سببا لعقد هذه الصحيفة الماثلة بين يديك ، وإن العاقل يجب أن لا يعطيها لغيره.

ويا أخي : بعد إن عرفنا إن الله يوفق من يتوجه له خالصا ويطلب وجهه الكريم من غير شرك لهوى نفس ولا طمع بدنيا ، ويجعل حاله صالح معه ، ويوفقه لأن يكون بأحسن الظروف ليأتي بأهم الطاعات وأحسناها وأجزلها ثوابا ، ويجعله في حال لا يبطل عمله بشيء مبطل ، ويبعده عن الرياء وكل ما يحبط العمل ، بل ينميه تعالى ويرفعه عن كل ما يعكره عن الإخلاص له .

كما عرفنا  يا أخي المؤمن : إن الله تعالى يريد العمل والطاعة والعبودية له عن معرفة بالهدى الحق من أئمة الهدى عليهم السلام ، وكما عرف لهم دينه القيم الذي يحب أن يُعبد به ، وبهذا الهدى ذو الصراط المستقيم الموصل لكل نعيم والمبعد عن كل ضلال يجب أن نعبد الله تعالى ، وإذا عرفنا هذا يا أخي الآن ندخل في معرفة عظيمة يجب أن نتحلى بها بعد أن نتخلى ونتطهر عن كل ما يبعد عنه تعالى ، ونتوب من كل ذنب ، ونسأله أن يغفره لنا ويعرفنا هدانا ، ونتوسل به أن يقبلنا عباد مخلصين له العبودية والدين .

 وهذه يا أخي : بعض الأحاديث الشريفة التي تعرفنا شأن المؤمن وفضله وما يجب أن يكون عليه من الصفات الفاضلة ، والخُلق الحسن النبيل ، والآداب الكريمة التي يجب على المؤمن أن يتصف بها ، وما يجب عليه أن يهجر من الخبائث والأعمال الكريهة والأفعال الطالحة السيئة ، ثم بعد أن نعرف هذه المواصفات التي يجب أن يكون عليها المؤمن نذكر بعض الأذكار في الموعظة التي ترغبنا بالطاعة والتي تعرفنا بعض الحقوق ، وبعدها يأتي بابا في معرفة الأذكار والمستحبات التي عُقد من جلها الصحيفة والتي تعرفنا ما يجب أن نتجلى به من الأذكار الشريفة ، والتي لها ثواب جزيل وملك دائم في النور والمجد والنعيم الإلهي ، وحتى ليكون الإنسان في ملك عظميا خالدا بإذن الله تعالى وفضله وكرمه ، وأسأله تعالى وأتوسل به بأن يوفقنا لأن نتصف بها ونتحلى بمكارمها ونتجلى بخيراتها علما وإيمانا راسخا ، وعملا خالصا لوجهه الكريم إنه أرحم الراحمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين وجعلنا معهم دنيا ودين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

أحاديث شريفة في صفات المؤمنين وخصالهم الحميدة :

عَنْ الإمام أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جعفر الصادق عليه السلام قَالَ :

 يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَمَانُ خِصَالٍ : وَقُورٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ ، صَبُورٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ ، شَكُورٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ ، قَانِعٌ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ ، لَا يَظْلِمُ الْأَعْدَاءَ ، وَ لَا يَتَحَامَلُ لِلْأَصْدِقَاءِ ، بَدَنُهُ مِنْهُ فِي تَعَبٍ ، وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ ، إِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ ، وَ الْحِلْمَ وَزِيرُهُ ، وَ الصَّبْرَ أَمِيرُ جُنُودِهِ ، وَ الرِّفْقَ أَخُوهُ ، وَ اللِّينَ وَالِدُهُ .

و عَنْ الإمام السجاد عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام قَالَ :

الْمُؤْمِنُ : يَصْمُتُ لِيَسْلَمَ ، وَ يَنْطِقُ لِيَغْنَمَ ، لَا يُحَدِّثُ أَمَانَتَهُ الْأَصْدِقَاءَ ، وَ لَا يَكْتُمُ شَهَادَتَهُ مِنَ الْبُعَدَاءِ ، وَ لَا يَعْمَلُ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ رِيَاءً ، وَ لَا يَتْرُكُهُ حَيَاءً ، إِنْ زُكِّيَ خَافَ مِمَّا يَقُولُونَ ، وَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ ، لَا يَغُرُّهُ قَوْلُ مَنْ جَهِلَهُ ، وَ يَخَافُ إِحْصَاءَ مَا عَمِلَهُ .

عَنْ الإمام أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جعفر الصادق عليه السلام قَالَ :

الْمُؤْمِنُ : لَهُ قُوَّةٌ فِي دِينٍ ، وَ حَزْمٌ فِي لِينٍ ، وَ إِيمَانٌ فِي يَقِينٍ ، وَ حِرْصٌ فِي فِقْهٍ ، وَ نَشَاطٌ فِي هُدًى ، وَ بِرٌّ فِي اسْتِقَامَةٍ ، وَ عِلْمٌ فِي حِلْمٍ ، وَ كَيْسٌ فِي رِفْقٍ ، وَ سَخَاءٌ فِي حَقٍّ ، وَ قَصْدٌ فِي غِنًى ، وَ تَجَمُّلٌ فِي فَاقَةٍ ، وَ عَفْوٌ فِي قُدْرَةٍ ، وَ طَاعَةٌ لِلَّهِ فِي نَصِيحَةٍ ، وَ انْتِهَاءٌ فِي شَهْوَةٍ ، وَ وَرَعٌ فِي رَغْبَةٍ ، وَ حِرْصٌ فِي جِهَادٍ ، وَ صَلَاةٌ فِي شُغُلٍ ، وَ صَبْرٌ فِي شِدَّةٍ ، وَ فِي الْهَزَاهِزِ وَقُورٌ ، وَ فِي الْمَكَارِهِ صَبُورٌ ، وَ فِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ ، وَ لَا يَغْتَابُ ، وَ لَا يَتَكَبَّرُ ، وَ لَا يَقْطَعُ الرَّحِمَ ، وَ لَيْسَ بِوَاهِنٍ ، وَ لَا فَظٍّ ، وَ لَا غَلِيظٍ ، وَ لَا يَسْبِقُهُ بَصَرُهُ ، وَ لَا يَفْضَحُهُ بَطْنُهُ ، وَ لَا يَغْلِبُهُ فَرْجُهُ ، وَ لَا يَحْسُدُ النَّاسَ ، يُعَيَّرُ وَ لَا يُعِيِّرُ ، وَ لَا يُسْرِفُ ، يَنْصُرُ الْمَظْلُومَ ، وَ يَرْحَمُ الْمِسْكِينَ ، نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ ، وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ ، لَا يَرْغَبُ فِي عِزِّ الدُّنْيَا ، وَ لَا يَجْزَعُ مِنْ ذُلِّهَا ، لِلنَّاسِ هَمٌّ قَدْ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ ، وَ لَهُ هَمٌّ قَدْ شَغَلَهُ ، لَا يُرَى فِي حُكْمِهِ نَقْصٌ ، وَ لَا فِي رَأْيِهِ وَهْنٌ ، وَ لَا فِي دِينِهِ ضَيَاعٌ ، يُرْشِدُ مَنِ اسْتَشَارَهُ ، وَ يُسَاعِدُ مَنْ سَاعَدَهُ ، وَ يَكِيعُ عَنِ الْخَنَا وَ الْجَهْلِ [20].

قَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام :

عِشْرُونَ خَصْلَةً فِي الْمُؤْمِنِ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ لَمْ يَكْمُلْ إِيمَانُهُ ، إِنَّ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ يَا عَلِيُّ :

الْحَاضِرُونَ الصَّلَاةَ ، وَ الْمُسَارِعُونَ إِلَى الزَّكَاةِ ، وَ الْمُطْعِمُونَ الْمِسْكِينَ ، الْمَاسِحُونَ رَأْسَ الْيَتِيمِ ، الْمُطَهِّرُونَ أَطْمَارَهُمْ ، الْمُتَّزِرُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمُ ، الَّذِينَ إِنْ حَدَّثُوا لَمْ يَكْذِبُوا ، وَ إِذَا وَعَدُوا لَمْ يُخْلِفُوا ، وَ إِذَا ائْتُمِنُوا لَمْ يَخُونُوا ، وَ إِذَا تَكَلَّمُوا صَدَقُوا ، رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ ، أُسُدٌ بِالنَّهَارِ ، صَائِمُونَ النَّهَارَ ، قَائِمُونَ اللَّيْلَ ، لَا يُؤْذُونَ جَاراً ، وَ لَا يَتَأَذَّى بِهِمْ جَارٌ ، الَّذِينَ مَشْيُهُمْ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنٌ ، وَ خُطَاهُمْ إِلَى بُيُوتِ الْأَرَامِلِ ، وَ عَلَى أَثَرِ الْجَنَائِزِ ، جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِنَ الْمُتَّقِينَ .

وعن الإمام الصادق عليه السلام :

مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ ، وَ سَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ : فَهُوَ مُؤْمِنٌ[21] .

وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ : شِيعَتُنَا : هُمُ الشَّاحِبُونَ ، الذَّابِلُونَ ، النَّاحِلُونَ ، الَّذِينَ إِذَا جَنَّهُمُ اللَّيْلُ اسْتَقْبَلُوهُ بِحُزْنٍ .

وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ : شِيعَتُنَا : أَهْلُ الْهُدَى ، وَ أَهْلُ التُّقَى ، وَ أَهْلُ الْخَيْرِ ، وَ أَهْلُ الْإِيمَانِ ، وَ أَهْلُ الْفَتْحِ وَ الظَّفَرِ .

وعَنْ مُفَضَّلٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : إِيَّاكَ وَ السَّفِلَةَ ، فَإِنَّمَا شِيعَةُ عَلِيٍّ : مَنْ عَفَّ بَطْنُهُ ، وَ فَرْجُهُ ، وَ اشْتَدَّ جِهَادُهُ ، وَ عَمِلَ لِخَالِقِهِ ، وَ رَجَا ثَوَابَهُ ، وَ خَافَ عِقَابَهُ ، فَإِذَا رَأَيْتَ أُولَئِكَ فَأُولَئِكَ شِيعَةُ جَعْفَرٍ .

وعَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ : إِنَّ شِيعَةَ عَلِيٍّ كَانُوا : خُمُصَ الْبُطُونِ ، ذُبُلَ الشِّفَاهِ ، أَهْلَ رَأْفَةٍ وَ عِلْمٍ وَ حِلْمٍ ، يُعْرَفُونَ بِالرَّهْبَانِيَّةِ ، فَأَعِينُوا عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ .

وعَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُ الَّذِي إ ِذَا غَضِبَ لَمْ يُخْرِجْهُ غَضَبُهُ مِنْ حَقٍّ ، وَ إِذَا رَضِيَ لَمْ يُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِي بَاطِلٍ ، وَ إِذَا قَدَرَ لَمْ يَأْخُذْ أَكْثَرَ مِمَّا لَهُ [22].

وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام :

 يَا سُلَيْمَانُ أَ تَدْرِي مَنِ الْمُسْلِمُ ؟قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنْتَ أَعْلَمُ .

 قَالَ : الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ .

ثُمَّ قَالَ : وَ تَدْرِي مَنِ الْمُؤْمِنُ ؟ قَالَ قُلْتُ : أَنْتَ أَعْلَمُ .

  قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ : مَنِ ائْتَمَنَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ .

 وَ الْمُسْلِمُ حَرَامٌ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَظْلِمَهُ ، أَوْ يَخْذُلَهُ أَوْ يَدْفَعَهُ دَفْعَةً تُعَنِّتُهُ .

وعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُ الَّذِي إِذَا رَضِيَ لَمْ يُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِي إِثْمٍ وَ لَا بَاطِلٍ ، وَ إِذَا سَخِطَ لَمْ يُخْرِجْهُ سَخَطُهُ مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ ، وَ الَّذِي إِذَا قَدَرَ لَمْ تُخْرِجْهُ قُدْرَتُهُ إِلَى التَّعَدِّي إِلَى مَا لَيْسَ لَهُ بِحَقٍّ [23].

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلا قَالَ : ثَلَاثَةٌ مِنْ عَلَامَاتِ الْمُؤْمِنِ : الْعِلْمُ بِاللَّهِ ، وَ مَنْ يُحِبُّ ، وَ مَنْ يَكْرَهُ .

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم :  الْمُؤْمِنُ كَمِثْلِ شَجَرَةٍ لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا فِي شِتَاءٍ وَ لَا صَيْفٍ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هِيَ؟ قَالَ: النَّخْلَةُ.

وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ : الْمُؤْمِنُ : حَلِيمٌ لَا يَجْهَلُ ، وَ إِنْ جُهِلَ عَلَيْهِ يَحْلُمُ ، وَ لَا يَظْلِمُ وَ إِنْ ظُلِمَ غَفَرَ ، وَ لَا يَبْخَلُ وَ إِنْ بُخِلَ عَلَيْهِ صَبَرَ .

وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ : الْمُؤْمِنُ : مَنْ طَابَ مَكْسَبُهُ ، وَ حَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ ، وَ صَحَّتْ سَرِيرَتُهُ ، وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ ، وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ كَلَامِهِ ، وَ كَفَى النَّاسَ شَرَّهُ ، وَ أَنْصَفَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ .

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ : مَنِ ائْتَمَنَهُ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَ أَمْوَالِهِمْ . أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِالْمُسْلِمِ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ ، وَ الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ ، وَ تَرَكَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ، وَ الْمُؤْمِنُ : حَرَامٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَظْلِمَهُ ، أَوْ يَخْذُلَهُ ، أَوْ يَغْتَابَهُ ، أَوْ يَدْفَعَهُ دَفْعَةً .

وعَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : إِنَّمَا شِيعَةُ عَلِيٍّ :

الْحُلَمَاءُ الْعُلَمَاءُ ، الذُّبُلُ الشِّفَاهِ ، تُعْرَفُ الرَّهْبَانِيَّةُ عَلَى وُجُوهِهِمْ [24].

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ صَلَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام بِالنَّاسِ الصُّبْحَ بِالْعِرَاقِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ وَعَظَهُمْ فَبَكَى وَ أَبْكَاهُمْ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ عَهِدْتُ أَقْوَاماً عَلَى عَهْدِ خَلِيلِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم ، وَ إِنَّهُمْ لَيُصْبِحُونَ وَ يُمْسُونَ : شُعْثاً غُبْراً ، خُمُصاً ، بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ كَرُكَبِ الْمِعْزَى ، يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِيَاماً ، يُرَاوِحُونَ بَيْنَ أَقْدَامِهِمْ وَ جِبَاهِهِمْ ، يُنَاجُونَ رَبَّهُمْ وَ يَسْأَلُونَهُ فَكَاكَ رِقَابِهِمْ مِنَ النَّارِ ، وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ مَعَ هَذَا وَ هُمْ خَائِفُونَ مُشْفِقُونَ .

وعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام قَالَ صَلَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام الْفَجْرَ ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى صَارَتِ الشَّمْسُ عَلَى قِيدِ رُمْحٍ ، وَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ : وَ اللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَاماً يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِيَاماً ، يُخَالِفُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَ رُكَبِهِمْ ، كَانَ زَفِيرُ النَّارِ فِي آذَانِهِمْ ، إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ عِنْدَهُمْ مَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ ، كَأَنَّمَا الْقَوْمُ بَاتُوا غَافِلِينَ ، قَالَ ثُمَّ قَامَ : فَمَا رُئِيَ ضَاحِكاً حَتَّى قُبِضَ.

وعَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ أَصْحَابِي ، فَانْظُرْ إِلَى مَنِ اشْتَدَّ وَرَعُهُ ، وَ خَافَ خَالِقَهُ ، وَ رَجَا ثَوَابَهُ ، وَ إِذَا رَأَيْتَ هَؤُلَاءِ فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابِي .

وقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : شِيعَتُنَا الْمُتَبَاذِلُونَ فِي وَلَايَتِنَا ، الْمُتَحَابُّونَ فِي مَوَدَّتِنَا ، الْمُتَزَاوِرُونَ فِي إِحْيَاءِ أَمْرِنَا ، الَّذِينَ إِنْ غَضِبُوا لَمْ يَظْلِمُوا ، وَ إِنْ رَضُوا لَمْ يُسْرِفُوا ، بَرَكَةٌ عَلَى مَنْ جَاوَرُوا ، سِلْمٌ لِمَنْ خَالَطُوا [25].

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَ عَظَّمَهُ ، مَنَعَ فَاهُ مِنَ الْكَلَامِ ، وَ بَطْنَهُ مِنَ الطَّعَامِ ، وَ عَفَا نَفْسَهُ بِالصِّيَامِ وَ الْقِيَامِ . قَالُوا : بِآبَائِنَا وَ أُمَّهَاتِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ ؟ قَالَ : إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ : سَكَتُوا فَكَانَ سُكُوتُهُمْ ذِكْراً ، وَ نَظَرُوا فَكَانَ نَظَرُهُمْ عِبْرَةً ، وَ نَطَقُوا فَكَانَ نُطْقُهُمْ حِكْمَةً ، وَ مَشَوْا فَكَانَ مَشْيُهُمْ بَيْنَ النَّاسِ بَرَكَةً ، لَوْ لَا الْآجَالُ الَّتِي قَدْ كُتِبَتْ عَلَيْهِمْ لَمْ تَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ خَوْفاً مِنَ الْعَذَابِ ، وَ شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ .

وخَطَبَ النَّاسَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ : أَنَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَخٍ لِي كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ فِي عَيْنِي ، وَ كَانَ : رَأْسُ مَا عَظُمَ بِهِ فِي عَيْنِي صِغَرَ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ ، كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ بَطْنِهِ ؛ فَلَا يَشْتَهِي مَا لَا يَجِدُ ، وَ لَا يُكْثِرُ إِذَا وَجَدَ ، كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ فَرْجِهِ ؛ فَلَا يَسْتَخِفُّ لَهُ عَقْلَهُ وَ لَا رَأْيَهُ ، كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ الْجَهَالَةِ ؛ فَلَا يَمُدُّ يَدَهُ إِلَّا عَلَى ثِقَةٍ لِمَنْفَعَةٍ كَانَ : لَا يَتَشَهَّى ، وَ لَا يَتَسَخَّطُ ، وَ لَا يَتَبَرَّمُ ، كَانَ : أَكْثَرَ دَهْرِهِ صَمَّاتاً ، فَإِذَا قَالَ : بَذَّ الْقَائِلِينَ ، كَانَ : لَا يَدْخُلُ : فِي مِرَاءٍ ، وَ لَا يُشَارِكُ فِي دَعْوًى ، وَ لَا يُدْلِي بِحُجَّةٍ حَتَّى يَرَى قَاضِياً ، وَ كَانَ : لَا يَغْفُلُ عَنْ إِخْوَانِهِ ، وَ لَا يَخُصُّ نَفْسَهُ بِشَيْ‏ءٍ دُونَهُمْ ، كَانَ : ضَعِيفاً مُسْتَضْعَفاً ؛ فَإِذَا جَاءَ الْجِدُّ كَانَ لَيْثاً عَادِياً ، كَانَ : لَا يَلُومُ أَحَداً فِيمَا يَقَعُ الْعُذْرُ فِي مِثْلِهِحَتَّى يَرَى اعْتِذَاراً ، كَانَ : يَفْعَلُ مَا يَقُولُ ، وَ يَفْعَلُ مَا لَا يَقُولُ ، كَانَ : إِذَا ابْتَزَّهُ أَمْرَانِ لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؛ نَظَرَ إِلَى أَقْرَبِهِمَا إِلَى الْهَوَى فَخَالَفَهُ ، كَانَ : لَا يَشْكُو وَجَعاً إِلَّا عِنْدَ مَنْ يَرْجُو عِنْدَهُ الْبُرْءَ ، وَ لَا يَسْتَشِيرُ إِلَّا مَنْ يَرْجُو عِنْدَهُ النَّصِيحَةَ ، كَانَ : لَا يَتَبَرَّمُ وَ لَا يَتَسَخَّطُ ، وَ لَا يَتَشَكَّى وَ لَا يَتَشَهَّى ، وَ لَا يَنْتَقِمُ وَ لَا يَغْفُلُ عَنِ الْعَدُوِّ ، فَعَلَيْكُمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ ، إِنْ أَطَقْتُمُوهَا ، فَإِنْ لَمْ تُطِيقُوهَا كُلَّهَا ، فَأَخْذُ الْقَلِيلِ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِ الْكَثِيرِ ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ[26] .

وعَنْ مِهْزَمٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : يَا مِهْزَمُ شِيعَتُنَا : مَنْ لَا يَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ ، وَ لَا شَحْنَاؤُهُ بَدَنَهُ ، وَ لَا يَمْتَدِحُ بِنَا مُعْلِناً ، وَ لَا يُجَالِسُ لَنَا عَائِباً ، وَ لَا يُخَاصِمُ لَنَا قَالِياً ، إِنْ لَقِيَ مُؤْمِناً أَكْرَمَهُ ، وَ إِنْ لَقِيَ جَاهِلًا هَجَرَهُ . قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَؤُلَاءِ الْمُتَشَيِّعَةِ ؟

قَالَ : فِيهِمُ التَّمْيِيزُ ، وَ فِيهِمُ التَّبْدِيلُ ، وَ فِيهِمُ التَّمْحِيصُ ، تَأْتِي عَلَيْهِمْ سِنُونَ تُفْنِيهِمْ ، وَ طَاعُونٌ يَقْتُلُهُمْ ، وَ اخْتِلَافٌ يُبَدِّدُهُمْ ، شِيعَتُنَا : مَنْ لَا يَهِرُّ هَرِيرَ الْكَلْبِ ، وَ لَا يَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَابِ ، وَ لَا يَسْأَلُ عَدُوَّنَا وَ إِنْ مَاتَ جُوعاً . قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَيْنَ أَطْلُبُ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ ، أُولَئِكَ الْخَفِيضُ عَيْشُهُمْ ، الْمُنْتَقِلَةُ دِيَارُهُمْ ، إِنْ شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا ، وَ إِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، وَ مِنَ الْمَوْتِ لَا يَجْزَعُونَ ، وَ فِي الْقُبُورِ يَتَزَاوَرُونَ ، وَ إِنْ لَجَأَ إِلَيْهِمْ ذُو حَاجَةٍ مِنْهُمْ رَحِمُوهُ ، لَنْ تَخْتَلِفَ قُلُوبُهُمْ وَ إِنِ اخْتَلَفَ بِهِمُ الدَّارُ ، ثُمَّ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : أَنَا الْمَدِينَةُ وَ عَلِيٌّ الْبَابُ ، وَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ لَا مِنْ قِبَلِ الْبَابِ ، وَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَ يُبْغِضُ عَلِيّاً [27].

و عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ : مَنْ : عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ يَظْلِمْهُمْ ، وَ حَدَّثَهُمْ فَلَمْ يَكْذِبْهُمْ ، وَ وَعَدَهُمْ فَلَمْ يُخْلِفْهُمْ ؛ كَانَ مِمَّنْ حُرِّمَتْ غِيبَتُهُ ، وَ كَمَلَتْ مُرُوءَتُهُ ، وَ ظَهَرَ عَدْلُهُ ، وَ وَجَبَتْ أُخُوَّتُهُ .

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : ثَلَاثُ خِصَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ ؛ اسْتَكْمَلَ خِصَالَ الْإِيمَانِ : إِذَا رَضِيَ لَمْ يُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِي بَاطِلٍ ، وَ إِذَا غَضِبَ لَمْ يُخْرِجْهُ الْغَضَبُ مِنَ الْحَقِّ ، وَ إِذَا قَدَرَ لَمْ يَتَعَاطَ مَا لَيْسَ لَهُ .

وقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : إِنَّ لِأَهْلِ الدِّينِ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا : صِدْقَ الْحَدِيثِ ، وَ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ ، وَ وَفَاءً بِالْعَهْدِ ، وَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ ، وَ رَحْمَةَ الضُّعَفَاءِ ، وَ قِلَّةَ الْمُرَاقَبَةِ لِلنِّسَاءِ . أَوْ قَالَ قِلَّةَ الْمُوَاتَاةِ لِلنِّسَاءِ . وَ بَذْلَ الْمَعْرُوفِ ، وَ حُسْنَ الْخُلُقِ ، وَ سَعَةَ الْخُلُقِ ، وَ اتِّبَاعَ الْعِلْمِ ، وَ مَا يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ زُلْفَى ، طُوبَى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ ، وَ طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ أَصْلُهَا فِي دَارِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم ، وَ لَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ فِي دَارِهِ غُصْنٌ مِنْهَا ، لَا يَخْطُرُ عَلَى قَلْبِهِ شَهْوَةُ شَيْ‏ءٍ إِلَّا أَتَاهُ بِهِ ذَلِكَ ، وَ لَوْ أَنَّ رَاكِباً مُجِدّاً سَارَ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ مَا خَرَجَ مِنْهُ ، وَ لَوْ طَارَ مِنْ أَسْفَلِهَا غُرَابٌ مَا بَلَغَ أَعْلَاهَا حَتَّى يَسْقُطَ هَرِماً ، أَلَا فَفِي هَذَا فَارْغَبُوا .

إِنَّ الْمُؤْمِنَ : مِنْ نَفْسِهِ فِي شُغُلٍ ، وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ ، إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ افْتَرَشَ وَجْهَهُ وَ سَجَدَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَكَارِمِ بَدَنِهِ ، يُنَاجِي الَّذِي خَلَقَهُ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِهِ أ، َلَا فَهَكَذَا كُونُوا[28] .

وسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عَنْ خِيَارِ الْعِبَادِ ؟

فَقَالَ : الَّذِينَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا ، وَ إِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا ، وَ إِذَا أُعْطُوا شَكَرُوا ، وَ إِذَا ابْتُلُوا صَبَرُوا ، وَ إِذَا غَضِبُوا غَفَرُوا .

وقَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم : إِنَّ خِيَارَكُمْ أُولُو النُّهَى ؟قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ أُولُو النُّهَى ؟ قَالَ : هُمْ أُولُو الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ ، وَ الْأَحْلَامِ الرَّزِينَةِ ، وَ صَلَةُ الْأَرْحَامِ ، وَ الْبَرَرَةُ : بِالْأُمَّهَاتِ وَ الْآبَاءِ ، وَ الْمُتَعَاهِدِينَ : لِلْفُقَرَاءِ وَ الْجِيرَانِ وَ الْيَتَامَى ، وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ ، وَ يُفْشُونَ السَّلَامَ فِي الْعَالَمِ ، وَ يُصَلُّونَ وَ النَّاسُ نِيَامٌ غَافِلُونَ .

وعَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : أَيُّ الْخِصَالِ بِالْمَرْءِ أَجْمَلُ ؟ فَقَالَ : وَقَارٌ بِلَا مَهَابَةٍ ، وَ سَمَاحٌ بِلَا طَلَبِ مُكَافَأَةٍ ، وَ تَشَاغُلٌ بِغَيْرِ مَتَاعِ الدُّنْيَا .

وكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام يَقُولُ : إِنَّ الْمَعْرِفَةَ بِكَمَالِ دِينِ الْمُسْلِمِ : تَرْكُهُ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ ، وَ قِلَّةُ مِرَائِهِ ، وَ حِلْمُهُ ، وَ صَبْرُهُ ، وَ حُسْنُ خُلُقِهِ .

وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم : أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْبَهِكُمْ بِي ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟

قَالَ : أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً ، وَ أَلْيَنُكُمْ كَنَفاً ، وَ أَبَرُّكُمْ بِقَرَابَتِهِ ، وَ أَشَدُّكُمْ حُبّاً لِإِخْوَانِهِ فِي دِينِهِ ، وَ أَصْبَرُكُمْ عَلَى الْحَقِّ ، وَ أَكْظَمُكُمْ لِلْغَيْظِ ، وَ أَحْسَنُكُمْ عَفْواً ، وَ أَشَدُّكُمْ مِنْ نَفْسِهِ إِنْصَافاً فِي الرِّضَا وَ الْغَضَبِ [29].

وعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام قَالَ : مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ : الْإِنْفَاقُ عَلَى قَدْرِ الْإِقْتَارِ ، وَ التَّوَسُّعُ عَلَى قَدْرِ التَّوَسُّعِ ، وَ إِنْصَافُ النَّاسِ ، وَ ابْتِدَاؤُهُ إِيَّاهُمْ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ .

وعَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ : الْمُؤْمِنُ : أَصْلَبُ مِنَ الْجَبَلِ ، الْجَبَلُ يُسْتَقَلُّ مِنْهُ ، وَ الْمُؤْمِنُ لَا يُسْتَقَلُّ مِنْ دِينِهِ شَيْ‏ءٌ .

وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ : الْمُؤْمِنُ : حَسَنُ الْمَعُونَةِ ، خَفِيفُ الْمَئُونَةِ ، جَيِّدُ التَّدْبِيرِ لِمَعِيشَتِهِ ، لَا يُلْسَعُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ .

وعَنِ الدِّلْهَاثِ مَوْلَى الرِّضَا عليه السلام قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا عليه السلام يَقُولُ : لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ ، سُنَّةٌ مِنْ رَبِّهِ ، وَ سُنَّةٌ مِنْ نَبِيِّهِ ، وَ سُنَّةٌ مِنْ وَلِيِّهِ ، فَأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ رَبِّهِ : فَكِتْمَانُ سِرِّهِ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ . وَ أَمَّا السُّنَّةُ مِنْ نَبِيِّهِ : فَمُدَارَاةُ النَّاسِ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ نَبِيَّهُ ص بِمُدَارَاةِ النَّاسِ ، فَقَالَ : خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ . وَأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ وَلِيِّهِ : فَالصَّبْرُ فِي الْبَأْسَاءِ وَ الضَّرَّاءِ[30].

وعَنْ قُتَيْبَةَ الْأَعْشَى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ : الْمُؤْمِنَةُ أَعَزُّ مِنَ الْمُؤْمِنِ ، وَ الْمُؤْمِنُ أَعَزُّ مِنَ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ ، فَمَنْ رَأَى مِنْكُمُ الْكِبْرِيتَ الْأَحْمَرَ.

وعَنْ كَامِلٍ التَّمَّارِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ : النَّاسُ كُلُّهُمْ بَهَائِمُ ثَلَاثاً إِلَّا قَلِيلًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ الْمُؤْمِنُ غَرِيبٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ[31] .

وعَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْمُخْتَارِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام يَا عَبْدَ الْوَاحِدِ : مَا يَضُرُّ رَجُلًا إِذَا كَانَ عَلَى ذَا الرَّأْيِ ، مَا قَالَ النَّاسُ لَهُ ، وَ لَوْ قَالُوا مَجْنُونٌ ، وَ مَا يَضُرُّهُ وَ لَوْ كَانَ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ يَعْبُدُ اللَّهَ حَتَّى يَجِيئَهُ الْمَوْتُ .

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى : لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَاحِدٌ لَاسْتَغْنَيْتُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِي ، وَ لَجَعَلْتُ لَهُ مِنْ إِيمَانِهِ أُنْساً لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ .

وعَنْ كُلَيْبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : مَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتَوْحِشَ إِلَى أَخِيهِ فَمَنْ دُونَهُ ، الْمُؤْمِنُ عَزِيزٌ فِي دِينِهِ[32] .

وعَنْ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام :

 يَا حَسَنُ : إِذَا نَزَلَتْ بِكَ نَازِلَةٌ فَلَا تَشْكُهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ ، وَ لَكِنِ اذْكُرْهَا لِبَعْضِ إِخْوَانِكَ ، فَإِنَّكَ لَنْ تُعْدَمَ خَصْلَةً مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ : إِمَّا كِفَايَةً بِمَالٍ ، وَ إِمَّا مَعُونَةً بِجَاهٍ ، أَوْ دَعْوَةً فَتُسْتَجَابُ ، أَوْ مَشُورَةً بِرَأْيٍ [33].

يا طيب : كانت في هذه الأحاديث كثير من الوصايا والأوصاف للمؤمن الطيبن حقا ، فلا تفوتك لكي قبل الله عليك ويوفقك لطاعته ، فأحفظ منها ما تشاء وداوم قرأتها حتى تكون لك ملكة وذكرى تنفعك، وإن أستطع أحفظ الخطبة التالية.

صفات المتقين والمؤمنين الحقيقيين في خطبة همام :

يا طيب :هذه خطبة جامعة لأغلب صفات المؤمنين وبل الشيعة المتقون، والمؤمنون الموقنون ، فبحفظها ومحاولة التخلق بأوصافها يطيب المؤمن بالأخلاق الحسنة والصفات الكريمة والآداب الشريفة ، فإن استطعت أحفظها فإنها تغني عن كثير من كتب الأخلاق وشرحها ، وتذكرها ينفع المؤمنين وتغنيهم حتى يتجلون بنور الحسنات ويحصلون بهاء الإيمان والتقى ، ويمكن أن يقال هذا من الشيعة حقا فضلا عن كونه مؤمن أو موالي يأنس به المؤمنون فقط فإنه .

رُوِيَ أَنَّ صَاحِباً لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام يُقَالُ لَهُ هَمَّامٌ : كَانَ رَجُلًا عَابِداً ، فَقَالَ لَهُ :

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ : صِفْ لِيَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، فَتَثَاقَلَ عليه السلام عَنْ جَوَابِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا هَمَّامُ اتَّقِ اللَّهَ وَ أَحْسِنْ ، فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ، فَلَمْ يَقْنَعْ هَمَّامٌ بِهَذَا الْقَوْلِ حَتَّى عَزَمَ عَلَيْهِ .

فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ص ثُمَّ قَالَ عليه السلام :

 أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ ، آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ ، لِأَنَّهُ لَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاهُ ، وَ لَا تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَهُ ، فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعَايِشَهُمْ ، وَ وَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَوَاضِعَهُمْ ، فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا : هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ :

مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ ، وَ مَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ ، وَ مَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ ، غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَ وَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ ، نُزِّلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ كَالَّتِي نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاءِ ، وَ لَوْ لَا الْأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ؛ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ ؛ شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ ، وَ خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ .

 عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ : فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ ، فَهُمْ وَ الْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا ، فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ ؛ وَ هُمْ وَ النَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا ؛ فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ .

 قُلُوبُهُمْ : مَحْزُونَةٌ ، وَ شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ ، وَ أَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ ، وَ حَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ ، وَ أَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ ، صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً ، تِجَارَةٌ مُرْبِحَةٌ يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُمْ ، أَرَادَتْهُمُ الدُّنْيَا فَلَمْ يُرِيدُوهَا، وَأَسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْهَا .

أَمَّا اللَّيْلَ : فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ ، تَالِينَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلًا ، يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ ، وَ يَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ ، فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ : رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً ، وَ تَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً ، وَ ظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ . وَ إِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ : أصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ ن وَ ظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَ شَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ . فَهُمْ حَانُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ ، مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ وَ أَكُفِّهِمْ وَ رُكَبِهِمْ وَ أَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ ؛ يَطْلُبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ .

وَ أَمَّا النَّهَارَ : فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ ، أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ ، قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ بَرْيَ الْقِدَاحِ ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى وَ مَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ ، وَ يَقُولُ : لَقَدْ خُولِطُوا ، وَ لَقَدْ خَالَطَهُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ ، لَا يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْقَلِيلَ ، وَ لَا يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِيرَ ، فَهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ ، وَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ .

إِذَا زُكِّيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ : خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَهُ ، فَيَقُولُ أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي ، وَ رَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنِّي بِنَفْسِي ، اللَّهُمَّ : لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ ، وَ اجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ ، وَ اغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ .

فَمِنْ عَلَامَةِ أَحَدِهِمْ : أَنَّكَ تَرَى لَهُ قُوَّةً فِي دِينٍ ، وَ حَزْماً فِي لِينٍ ، وَ إِيمَاناً فِي يَقِينٍ ، وَ حِرْصاً فِي عِلْمٍ ، وَ عِلْماً فِي حِلْمٍ ، وَ قَصْداً فِي غِنًى ، وَ خُشُوعاً فِي عِبَادَةٍ ، وَ تَجَمُّلًا فِي فَاقَةٍ ، وَ صَبْراً فِي شِدَّةٍ ، وَ طَلَباً فِي حَلَالٍ ، وَ نَشَاطاً فِي هُدًى ، وَ تَحَرُّجاً عَنْ طَمَعٍ ، يَعْمَلُ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ ، وَ هُوَ عَلَى وَجَلٍ .

 يُمْسِي : وَ هَمُّهُ الشُّكْرُ ، وَ يُصْبِحُ : وَ هَمُّهُ الذِّكْرُ ، يَبِيتُ حَذِراً ، وَ يُصْبِحُ فَرِحاً ، حَذِراً لِمَا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ ، وَ فَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ وَ الرَّحْمَةِ ، إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيمَا تَكْرَهُ ؛ لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيمَا تُحِبُّ ، قُرَّةُ عَيْنِهِ فِيمَا لَا يَزُولُ ، وَ زَهَادَتُهُ فِيمَا لَا يَبْقَى .

 يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ ، وَ الْقَوْلَ بِالْعَمَلِ ، تَرَاهُ قَرِيباً أَمَلُهُ ، قَلِيلًا زَلَلُهُ ، خَاشِعاً قَلْبُهُ ، قَانِعَةً نَفْسُهُ ، مَنْزُوراً أَكْلُهُ ، سَهْلًا أَمْرُهُ ، حَرِيزاً دِينُهُ ، مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ ، مَكْظُوماً غَيْظُهُ ، الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ ، وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ ، إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ ، وَ إِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ .

يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَهُ ، وَ يُعْطِي مَنْ حَرَمَهُ ، وَ يَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ ، بَعِيداً فُحْشُهُ ، لَيِّناً قَوْلُهُ ، غَائِباً مُنْكَرُهُ ، حَاضِراً مَعْرُوفُهُ ، مُقْبِلًا خَيْرُهُ ، مُدْبِراً شَرُّهُ .

 فِي الزَّلَازِلِ وَقُورٌ ، وَ فِي الْمَكَارِهِ صَبُورٌ ، وَ فِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ ، لَا يَحِيفُ عَلَى مَنْ يُبْغِضُ ، وَ لَا يَأْثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ ، يَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ ، لَا يُضِيعُ مَا اسْتُحْفِظَ ، وَ لَا يَنْسَى مَا ذُكِّرَ ، وَ لَا يُنَابِزُ بِالْأَلْقَابِ ، وَ لَا يُضَارُّ بِالْجَارِ ، وَ لَا يَشْمَتُ بِالْمَصَائِبِ ، وَ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَاطِلِ ، وَ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَقِّ .

إِنْ صَمَتَ : لَمْ يَغُمَّهُ صَمْتُهُ ، وَ إِنْ ضَحِكَ لَمْ يَعْلُ صَوْتُهُ ، وَ إِنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْتَقِمُ لَهُ ، نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ ، وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ ، أَتْعَبَ نَفْسَهُ لِآخِرَتِهِ ، وَ أَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ ، بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ زُهْدٌ وَ نَزَاهَةٌ ، وَ دُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَ رَحْمَةٌ ، لَيْسَ تَبَاعُدُهُ بِكِبْرٍ وَ عَظَمَةٍ ، وَ لَا دُنُوُّهُ بِمَكْرٍ وَ خَدِيعَةٍ .

قَالَ : فَصَعِقَ هَمَّامٌ صَعْقَةً كَانَتْ نَفْسُهُ ، فِيهَا فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَ هَكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا . فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ فَمَا بَالُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ عليه السلام : وَيْحَكَ إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ وَقْتاً لَا يَعْدُوهُ ، وَ سَبَباً لَا يَتَجَاوَزُهُ ، فَمَهْلًا لَا تَعُدْ لِمِثْلِهَا ، فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ [34].

يا طيب : إن حببت التشيع والإيمان مع التقى بحق ، فأحفظ هذه الخصال وواظب على الكون في حقيقتها ، وراقب نفسك على أن لا تتجاوزها ، فإنها خصال حميد يجب على المؤمن أن يتخلق بالممكن منها ، ويحرم مخالفة كثير منها ، ولكن حفظها يشعر العبد بالتقصير ويبعده عن العجب والفخر والرياء والتكبر وعن كثير مما يبعد عن الله تعالى ، فضلا عن القرب له مع الإخلاص ، وإذا عرف هذا فإليك ذكر آخر كنافلة وذكرى ، وفيه تعاليم دين شريفة ومهم معرفتها .

 

 

الذكر الرابع

أحاديث شريفة وذكرى نافعة للمؤمنين الطيبين

 يا طيب : ولو مرة في العمر أتلو هذه الأحاديث الشريفة ، فإنها نافعة في تعريف كثير من مكارم الأخلاق للمسلم فضلا عن المؤمن الطيب ، فإنها تعرفنا وتقربنا لكثير من الواجبات والمستحبات ، وترشدنا للمباحات ، وتحذرنا المكروهات والمحرمات حتى لا نقع فيها ، وهي في يغلب عليها تعريف بعض عقائد الدين وأهم أركان أصوله بل وكثير من فروعه ، وتعرفنا مكارم الأخلاق الإسلامية وآداب ديننا الحنيف القيم ، وترشدنا لكثير من المعارف الواجب على المؤمن الطيب أن يتخلى عنها ويرفضها ، وعلى التي يجب أن يتحلى بها ويؤمن بها علما وأن يظهرها ويتجلى بها عملا ، ومكملة لما ذكرنا من حسن حفظ خطبة همام ، فهنا يكفي العلم بها أجمالا ومن حفظها فهي خير له دنيا وآخرة ، وقد ترفعه من مقام الطيبين لمقام الأبرار بل للمقربين إن التزم بها كلها ، وهذه بين يديك يا طيب ، وأسأل الله أن يوفقني وإياك للعلم بها مع الإيمان الراسخ بتطبيقها ، وأن يوفقنا لأن نلتزم بها عملا خالصا لوجهه الكريم ، إنه أرحم الراحمين وصلى الله على نبينا وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

وصية من رسول الله لأمير المؤمنين

وهي جامعة لآداب الدين وشرائعه

 

  رَوَى حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو وَ أَنَسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ (علي بن الحسين ) عَنْ جَدِّهِ ( الحسين ) عَنْ ( أبيه ) عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهم السلام عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّهُ قَالَ لَهُ :

يَا عَلِيُّ : أُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ فَاحْفَظْهَا ، فَلَا تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا حَفِظْتَ وَصِيَّتِي .

يَا عَلِيُّ :مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى إِمْضَائِهِ ؛ أَعْقَبَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْناً وَ إِيمَاناً يَجِدُ طَعْمَهُ .

يَا عَلِيُّ: مَنْ لَمْ يُحْسِنْ وَصِيَّتَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ ؛ كَانَ نَقْصاً فِي مُرُوءَتِهِ وَ لَمْ يَمْلِكِ الشَّفَاعَةَ.

يَا عَلِيُّ :أَفْضَلُ الْجِهَادِ ؛ مَنْ أَصْبَحَ لَا يَهُمُّ بِظُلْمِ أَحَدٍ .

يَا عَلِيُّ :مَنْ خَافَ النَّاسُ لِسَانَهُ ؛ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ .

يَا عَلِيُّ : شَرُّ النَّاسِ ؛ مَنْ أَكْرَمَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ ، وَ رُوِيَ شَرِّهِ .

يَا عَلِيُّ :شَرُّ النَّاسِ ؛ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ .

وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ ؛ بِدُنْيَا غَيْرِهِ.

يَا عَلِيُّ : مَنْ لَمْ يَقْبَلِ الْعُذْرَ مِنْ مُتَنَصِّلٍ صَادِقاً كَانَ أَوْ كَاذِباً ؛ لَمْ يَنَلْ شَفَاعَتِي.

يَا عَلِيُّ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَبَّ الْكَذِبَ فِي الصَّلَاحِ؛ وَأَبْغَضَ الصِّدْقَ فِي الْفَسَادِ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ تَرَكَ الْخَمْرَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ .

فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : لِغَيْرِ اللَّهِ ؟

قَالَ : نَعَمْ وَ اللَّهِ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ ، يَشْكُرُهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ.

يَا عَلِيُّ : شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ .

يَا عَلِيُّ : شَارِبُ الْخَمْرِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَلَاتَهُ أَرْبَعِينَ يَوْماً ، فَإِنْ مَاتَ فِي الْأَرْبَعِينَ مَاتَ كَافِراً [35].

يَا عَلِيُّ : كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، وَ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ ؛ فَالْجُرْعَةُ مِنْهُ حَرَامٌ .

يَا عَلِيُّ : جُعِلَتِ الذُّنُوبُ كُلُّهَا فِي بَيْتٍ ، وَ جُعِلَ مِفْتَاحُهَا شُرْبَ الْخَمْرِ .

يَا عَلِيُّ : َأْتِي عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ سَاعَةٌ ، لَا يَعْرِفُ فِيهَا رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ .

يَا عَلِيُّ : إِنَّ إِزَالَةَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي ؛ أَهْوَنُ مِنْ إِزَالَةِ مُلْكٍ مُؤَجَّلٍ لَمْ تَنْقَضِ أَيَّامُهُ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ لَمْ تَنْتَفِعْ بِدِينِهِ وَ لَا دُنْيَاهُ ، فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي مُجَالَسَتِهِ ، وَ مَنْ لَمْ يُوجِبْ لَكَ فَلَا تُوجِبْ لَهُ وَ لَا كَرَامَةَ .

يَا عَلِيُّ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْمُؤْمِنِ ثَمَانُ خِصَالٍ : وَقَارٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ ، وَ صَبْرٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ ، وَ شُكْرٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ ، وَ قُنُوعٌ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ، لَا يَظْلِمُ الْأَعْدَاءَ ، وَ لَا يَتَحَامَلُ عَلَى الْأَصْدِقَاءِ ، بَدَنُهُ مِنْهُ فِي تَعَبٍ ، وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ.

يَا عَلِيُّ : أَرْبَعَةٌ لَا تُرَدُّ لَهُمْ دَعْوَةٌ : إِمَامٌ عَادِلٌ ، وَ وَالِدٌ لِوَلَدِهِ ، وَ الرَّجُلُ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ ، وَ الْمَظْلُومُ : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَأَنْتَصِرَنَّ لَكَ وَ لَوْ بَعْدَ حِينٍ .

يَا عَلِيُّ : ثَمَانِيَةٌ إِنْ أُهِينُوا فَلَا يَلُومُوا إِلَّا أَنْفُسَهُمْ : الذَّاهِبُ إِلَى مَائِدَةٍ لَمْ يُدْعَ إِلَيْهَا ، وَ الْمُتَأَمِّرُ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ ، وَ طَالِبُ الْخَيْرِ مِنْ أَعْدَائِهِ ، وَ طَالِبُ الْفَضْلِ مِنَ اللِّئَامِ ، وَ الدَّاخِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي سِرٍّ لَمْ يُدْخِلَاهُ فِيهِ ، وَ الْمُسْتَخِفُّ بِالسُّلْطَانِ ، وَ الْجَالِسُ فِي مَجْلِسٍ لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ ، وَ الْمُقْبِلُ بِالْحَدِيثِ عَلَى مَنْ لَا يَسْمَعُ مِنْهُ .

يَا عَلِيُّ : حَرَّمَ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى كُلِّ فَاحِشٍ بَذِيٍّ ، لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَ لَا مَا قِيلَ لَهُ .

يَا عَلِيُّ : طُوبَى : لِمَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَ حَسُنَ عَمَلُهُ .

يَا عَلِيُّ : لَا تَمْزَحْ فَيَذْهَبَ بَهَاؤُكَ ، وَ لَا تَكْذِبْ فَيَذْهَبَ نُورُكَ ، وَ إِيَّاكَ وَ خَصْلَتَيْنِ الضَّجَرَ وَ الْكَسَلَ ، فَإِنَّكَ إِنْ ضَجِرْتَ لَمْ تَصْبِرْ عَلَى حَقٍّ ، وَ إِنْ كَسِلْتَ لَمْ تُؤَدِّ حَقّاً.

يَا عَلِيُّ : لِكُلِّ ذَنْبٍ تَوْبَةٌ إِلَّا سُوءَ الْخُلُقِ ؛ فَإِنَّ صَاحِبَهُ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْ ذَنْبٍ دَخَلَ فِي ذَنْبٍ .

يَا عَلِيُّ : أَرْبَعَةٌ أَسْرَعُ شَيْ‏ءٍ عُقُوبَةً : رَجُلٌ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ فَكَافَأَكَ بِالْإِحْسَانِ إِسَاءَةً ، وَ رَجُلٌ لَا تَبْغِي عَلَيْهِ وَ هُوَ يَبْغِي عَلَيْكَ ، وَ رَجُلٌ عَاهَدْتَهُ عَلَى أَمْرٍ فَوَفَيْتَ لَهُ وَ غَدَرَ بِكَ ، وَ رَجُلٌ وَصَلَ قَرَابَتَهُ فَقَطَعُوهُ .

يَا عَلِيُّ : مَنِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الضَّجَرُ ؛ رَحَلَتْ عَنْهُ الرَّاحَةُ .

يَا عَلِيُّ : اثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً : يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَعَلَّمَهَا عَلَى الْمَائِدَةِ ، أَرْبَعٌ مِنْهَا فَرِيضَةٌ ، وَ أَرْبَعٌ مِنْهَا سُنَّةٌ ، وَ أَرْبَعٌ مِنْهَا أَدَبٌ .

فَأَمَّا الْفَرِيضَةُ : فَالْمَعْرِفَةُ بِمَا يَأْكُلُ ، وَ التَّسْمِيَةُ ، وَ الشُّكْرُ ، وَ الرِّضَا .وَ أَمَّا السُّنَّةُ : فَالْجُلُوسُ عَلَى الرِّجْلِ الْيُسْرَى ، وَ الْأَكْلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ ، وَ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِيهِ ، وَ مَصُّ الْأَصَابِعِ . وَ أَمَّا الْأَدَبُ : فَتَصْغِيرُ اللُّقْمَةِ ، وَ الْمَضْغُ الشَّدِيدُ ، وَ قِلَّةُ النَّظَرِ فِي وُجُوهِ النَّاسِ ، وَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ.

يَا عَلِيُّ : خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْجَنَّةَ مِنْ لَبِنَتَيْنِ : لَبِنَةٍ مِنْ ذَهَبٍ ، وَ لَبِنَةٍ مِنْ فِضَّةٍ ، وَ جَعَلَ حِيطَانَهَا الْيَاقُوتَ ، وَ سَقْفَهَا الزَّبَرْجَدَ ، وَ حَصَاهَا اللُّؤْلُؤَ ، وَ تُرَابَهَا الزَّعْفَرَانَ ، وَ الْمِسْكَ الْأَذْفَرَ ، ثُمَّ قَالَ لَهَا : تَكَلَّمِي . فَقَالَتْ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، قَدْ سَعِدَ مَنْ يَدْخُلُنِي .

قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ : وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَا يَدْخُلُهَا : مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَ لَا نَمَّامٌ ، وَ لَا دَيُّوثٌ ، وَ لَا شُرْطِيٌّ ، وَ لَا مُخَنَّثٌ ، وَ لَا نَبَّاشٌ ، وَ لَا عَشَّارٌ ، وَ لَا قَاطِعُ رَحِمٍ ، وَ لَا قَدَرِيٌّ .

يَا عَلِيُّ : كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَشَرَةٌ : الْقَتَّاتُ ، وَ السَّاحِرُ ، وَ الدَّيُّوثُ ، وَ نَاكِحُ الْمَرْأَةِ حَرَاماً فِي دُبُرِهَا ، وَ نَاكِحُ الْبَهِيمَةِ ، وَ مَنْ نَكَحَ ذَاتَ مَحْرَمٍ ، وَ السَّاعِي فِي الْفِتْنَةِ ، وَ بَائِعُ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ، وَ مَانِعُ الزَّكَاةِ ، وَ مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَمَاتَ وَ لَمْ يَحُجَّ .

يَا عَلِيُّ : لَا وَلِيمَةَ إِلَّا فِي خَمْسٍ : فِي عُرْسٍ ، أَوْ خُرْسٍ أ، َوْ عِذَارٍ ، أَوْ وِكَارٍ ، أَوْ رِكَازٍ ، فَالْعُرْسُ التَّزْوِيجُ ، وَ الْخُرْسُ النِّفَاسُ بِالْوَلَدِ ، وَ الْعِذَارُ الْخِتَانُ ، وَ الْوِكَارُ فِي بِنَاءِ الدَّارِ وَ شِرَائِهَا ، وَ الرِّكَازُ الرَّجُلُ يَقْدَمُ مِنْ مَكَّةَ[36] .

يَا عَلِيُّ : لَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ ظَاعِناً إِلَّا فِي ثَلَاثٍ : مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ ، أَوْ تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثٌ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ : أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ ، وَ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ ، وَ تَحْلُمَ عَمَّنْ جَهِلَ عَلَيْكَ .

يَا عَلِيُّ : بَادِرْ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ أَرْبَعٍ : شَبَابِكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَ صِحَّتِكَ قَبْلَ سُقْمِكَ ، وَ غِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَ حَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ .

يَا عَلِيُّ : كَرِهَ : اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأُمَّتِي : الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ ، وَ الْمَنَّ فِي الصَّدَقَةِ ، وَ إِتْيَانَ الْمَسَاجِدِ جُنُباً ، وَ الضَّحِكَ بَيْنَ الْقُبُورِ ، وَ التَّطَلُّعَ فِي الدُّورِ ، وَ النَّظَرَ إِلَى فُرُوجِ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى ، وَ كَرِهَ : الْكَلَامَ عِنْدَ الْجِمَاعِ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْخَرَسَ .

وَ كَرِهَ : النَّوْمَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ لِأَنَّهُ يَحْرِمُ الرِّزْقَ ، وَ كَرِهَ : الْغُسْلَ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ ، وَ كَرِهَ : دُخُولَ الْأَنْهَارِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ فَإِنَّ فِيهَا سُكَّاناً مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، وَ كَرِهَ : دُخُولَ الْحَمَّامِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ ، وَ كَرِهَ : الْكَلَامَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ ، وَ كَرِهَ : رُكُوبَ الْبَحْرِ فِي وَقْتِ هَيَجَانِهِ ، وَ كَرِهَ : النَّوْمَ فَوْقَ سَطْحٍ لَيْسَ بِمُحَجَّرٍ ، وَ قَالَ : مَنْ نَامَ عَلَى سَطْحٍ غَيْرِ مُحَجَّرٍ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ ، وَ كَرِهَ : أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ ، وَ كَرِهَ : أَنْ يَغْشَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَ هِيَ حَائِضٌ فَإِنْ فَعَلَ وَ خَرَجَ الْوَلَدُ مَجْذُوماً أَوْ بِهِ بَرَصٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ ، وَ كَرِهَ : أَنْ يُكَلِّمَ الرَّجُلُ مَجْذُوماً إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ قَدْرَ ذِرَاعٍ ، وَ قَالَ عليه السلام : فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ ، وَ كَرِهَ : أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَ قَدِ احْتَلَمَ حَتَّى يَغْتَسِلَ مِنَ الِاحْتِلَامِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَ خَرَجَ الْوَلَدُ مَجْنُوناً فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ ، وَ كَرِهَ : الْبَوْلَ عَلَى شَطِّ نَهَرٍ جَارٍ ، وَ كَرِهَ : أَنْ يُحْدِثَ الرَّجُلُ تَحْتَ شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ قَدْ أَثْمَرَتْ ، وَ كَرِهَ : أَنْ يُحْدِثَ الرَّجُلُ وَ هُوَ قَائِمٌ ، وَ كَرِهَ : أَنْ يَتَنَعَّلَ الرَّجُلُ وَ هُوَ قَائِمٌ ، وَ كَرِهَ : أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ بَيْتاً مُظْلِماً إِلَّا مَعَ السِّرَاجِ .

يَا عَلِيُّ : آفَةُ الْحَسَبِ الِافْتِخَارُ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ خَافَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَافَ مِنْهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ ، وَ مَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ .

يَا عَلِيُّ : ثَمَانِيَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمُ الصَّلَاةَ : الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَوْلَاهُ ، وَ النَّاشِزُ وَ زَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ ، وَ مَانِعُ الزَّكَاةِ ، وَ تَارِكُ الْوُضُوءِ ، وَ الْجَارِيَةُ الْمُدْرِكَةُ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ ، وَ إِمَامُ قَوْمٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَ هُمْ لَهُ كَارِهُونَ ، وَ السَّكْرَانُ ، وَ الزِّبِّينُ وَ هُوَ الَّذِي يُدَافِعُ الْبَوْلَ وَ الْغَائِطَ .

يَا عَلِيُّ : أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ بَنَى اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ : مَنْ آوَى الْيَتِيمَ ، وَ رَحِمَ الضَّعِيفَ ، وَ أَشْفَقَ عَلَى وَالِدَيْهِ ، وَ رَفَقَ بِمَمْلُوكِهِ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثٌ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِنَّ فَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ ، مَنْ أَتَى اللَّهَ بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ ، وَ مَنْ وَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَهُوَ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ ، وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثٌ لَا تُطِيقُهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ : الْمُوَاسَاةُ لِلْأَخِ فِي مَالِهِ ، وَ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِهِ ، وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَ لَيْسَ هُوَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَ لَكِنْ إِذَا وَرَدَ عَلَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ خَافَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَهُ وَ تَرَكَهُ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثَةٌ إِنْ أَنْصَفْتَهُمْ ظَلَمُوكَ : السَّفِلَةُ ، وَ أَهْلُكَ ، وَ خَادِمُكَ . وَ ثَلَاثَةٌ : لَا يَنْتَصِفُونَ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، حُرٌّ مِنْ عَبْدٍ ، وَ عَالِمٌ مِنْ جَاهِلٍ ، وَ قَوِيٌّ مِنْ ضَعِيفٍ .

يَا عَلِيُّ : سَبْعَةٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ وَ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ لَهُ : مَنْ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ ، وَ أَحْسَنَ صَلَاتَهُ ، وَ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ ، وَ كَفَّ غَضَبَهُ ، وَ سَجَنَ لِسَانَهُ ، وَ اسْتَغْفَرَ لِذَنْبِهِ ، وَ أَدَّى النَّصِيحَةَ لِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ .

يَا عَلِيُّ : لَعَنَ اللَّهُ ثَلَاثَةً : آكِلَ زَادِهِ وَحْدَهُ ، وَ رَاكِبَ الْفَلَاةِ وَحْدَهُ ، وَ النَّائِمَ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثَةٌ يُتَخَوَّفُ مِنْهُنَّ الْجُنُونُ : التَّغَوُّطُ بَيْنَ الْقُبُورِ ، وَ الْمَشْيُ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ ، وَ الرَّجُلُ يَنَامُ وَحْدَهُ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثٌ يَحْسُنُ فِيهِنَّ الْكَذِبُ : الْمَكِيدَةُ فِي الْحَرْبِ ، وَ عِدَتُكَ زَوْجَتَكَ ، وَ الْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ . وَ ثَلَاثَةٌ مُجَالَسَتُهُمْ تُمِيتُ الْقَلْبَ : مُجَالَسَةُ الْأَنْذَالِ ، وَ مُجَالَسَةُ الْأَغْنِيَاءِ ، وَ الْحَدِيثُ مَعَ النِّسَاءِ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثٌ مِنْ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ : الْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ ، وَ إِنْصَافُكَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ ، وَ بَذْلُ الْعِلْمِ لِلْمُتَعَلِّمِ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثٌ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَمْ يَتِمَّ عَمَلُهُ : وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ ، وَ خُلُقٌ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ ، وَ حِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثٌ فَرَحَاتٌ لِلْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا : لِقَاءُ الْإِخْوَانِ ، وَ تَفْطِيرُ الصَّائِمِ ، وَ التَّهَجُّدُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ .

يَا عَلِيُّ : أَنْهَاكَ عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ : الْحَسَدِ ، وَ الْحِرْصِ ، وَ الْكِبْرِ .

يَا عَلِيُّ : أَرْبَعُ خِصَالٍ مِنَ الشَّقَاوَةِ : جُمُودُ الْعَيْنِ ، وَ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ ، وَ بُعْدُ الْأَمَلِ ، وَ حُبُّ الْبَقَاءِ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ ، وَ ثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ ، وَ ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ ، وَ ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ .

فَأَمَّا الدَّرَجَاتُ : فَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ ، وَ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ، وَ الْمَشْيُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ .

وَ أَمَّا الْكَفَّارَاتُ : فَإِفْشَاءُ السَّلَامِ ، وَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ ، وَ التَّهَجُّدُ بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ .

 وَ أَمَّا الْمُهْلِكَاتُ : فَشُحٌّ مُطَاعٌ ، وَ هَوًى مُتَّبَعٌ ، وَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ .

وَ أَمَّا الْمُنْجِيَاتُ : فَخَوْفُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ ، وَ الْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَ الْفَقْرِ ، وَ كَلِمَةُ الْعَدْلِ فِي الرِّضَا وَ السَّخَطِ .

يَا عَلِيُّ : لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ ، وَ لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ .

يَا عَلِيُّ : سِرْ سَنَتَيْنِ بَرَّ وَالِدَيْكَ ، سِرْ سَنَةً صِلْ رَحِمَكَ ، سِرْ مِيلًا عُدْ مَرِيضاً ، سِرْ مِيلَيْنِ شَيِّعْ جَنَازَةً ، سِرْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ أَجِبْ دَعْوَةً ، سِرْ أَرْبَعَةَ أَمْيَالٍ زُرْ أَخاً فِي اللَّهِ ، سِرْ خَمْسَةَ أَمْيَالٍ أَجِبِ الْمَلْهُوفَ ، سِرْ سِتَّةَ أَمْيَالٍ انْصُرِ الْمَظْلُومَ ، وَ عَلَيْكَ بِالِاسْتِغْفَارِ .

يَا عَلِيُّ : لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ : الصَّلَاةُ ، وَ الزَّكَاةُ ، وَ الصِّيَامُ .

 وَ لِلْمُتَكَلِّفِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ : يَتَمَلَّقُ إِذَا حَضَرَ ، وَ يَغْتَابُ إِذَا غَابَ ، وَ يَشْمَتُ بِالْمُصِيبَةِ .

وَ لِلظَّالِمِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ :يَقْهَرُ مَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ ، وَ مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِيَةِ ، وَ يُظَاهِرُ الظَّلَمَةَ .

وَ لِلْمُرَائِي ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ : يَنْشَطُ إِذَا كَانَ عِنْدَ النَّاسِ ، وَ يَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ ، وَ يُحِبُّ أَنْ يُحْمَدَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ .

وَ لِلْمُنَافِقِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَ إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَ إِذَا ائْتُمِنَ خَانَ .

يَا عَلِيُّ : تِسْعَةُ أَشْيَاءَ تُورِثُ النِّسْيَانَ : أَكْلُ التُّفَّاحِ الْحَامِضِ ، وَ أَكْلُ الْكُزْبُرَةِ ، وَ الْجُبُنِّ ، وَ سُؤْرِ الْفَأْرَةِ ، وَ قِرَاءَةُ كِتَابَةِ الْقُبُورِ ، وَ الْمَشْيُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ ، وَ طَرْحُ الْقَمْلَةِ،  وَ الْحِجَامَةُ فِي النُّقْرَةِ ، وَ الْبَوْلُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ .

يَا عَلِيُّ : الْعَيْشُ فِي ثَلَاثَةٍ : دَارٍ قَوْرَاءَ ، وَ جَارِيَةٍ حَسْنَاءَ ، وَ فَرَسٍ قَبَّاءَ [37].

يَا عَلِيُّ : وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ الْوَضِيعَ فِي قَعْرِ بِئْرٍ ، لَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ رِيحاً تَرْفَعُهُ فَوْقَ الْأَخْيَارِ فِي دَوْلَةِ الْأَشْرَارِ .

يَا عَلِيُّ : مَنِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ ، وَ مَنْ مَنَعَ أَجِيراً أَجْرَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ ، وَ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً أَوْ آوَى مُحْدِثاً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا ذَلِكَ الْحَدَثُ ؟ قَالَ : الْقَتْلُ .

يَا عَلِيُّ : الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَ دِمَائِهِمْ ، وَ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ يَدِهِ وَ لِسَانِهِ ، وَ الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ .

يَا عَلِيُّ : أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ : الْحُبُّ فِي اللَّهِ ، وَ الْبُغْضُ فِي اللَّهِ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ أَطَاعَ امْرَأَتَهُ أَكَبَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ . فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : وَ مَا تِلْكَ الطَّاعَةُ ؟ قَالَ : يَأْذَنُ لَهَا فِي الذَّهَابِ إِلَى الْحَمَّامَاتِ ، وَ الْعُرُسَاتِ ، وَ النَّائِحَاتِ ، وَ لُبْسِ الثِّيَابِ الرِّقَاقِ .

يَا عَلِيُّ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ أَذْهَبَ بِالْإِسْلَامِ : نَخْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَ تَفَاخُرَهَا بِآبَائِهَا ، أَلَا إِنَّ النَّاسَ مِنْ آدَمَ وَ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ ، وَ أَكْرَمَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ .

يَا عَلِيُّ : مِنَ السُّحْتِ : ثَمَنُ الْمَيْتَةِ ، وَ ثَمَنُ الْكَلْبِ ، وَ ثَمَنُ الْخَمْرِ ، وَ مَهْرُ الزَّانِيَةِ ، وَ الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ ، وَ أَجْرُ الْكَاهِنِ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً : لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ ، أَوْ يُجَادِلَ بِهِ الْعُلَمَاءَ ، أَوْ لِيَدْعُوَ النَّاسَ إِلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ .

يَا عَلِيُّ : إِذَا مَاتَ : الْعَبْدُ قَالَ النَّاسُ مَا خَلَّفَ ، وَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا قَدَّمَ .

يَا عَلِيُّ : الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ ، وَ جَنَّةُ الْكَافِرِ .

يَا عَلِيُّ : مَوْتُ الْفَجْأَةِ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ ، وَ حَسْرَةٌ لِلْكَافِرِ .

يَا عَلِيُّ :  أَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى الدُّنْيَا اخْدُمِي مَنْ خَدَمَنِي ، وَ أَتْعِبِي مَنْ خَدَمَكِ .

يَا عَلِيُّ : إِنَّ الدُّنْيَا لَوْ عَدَلَتْ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ، لَمَا سَقَى الْكَافِرَ مِنْهَا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ .

يَا عَلِيُّ : مَا أَحَدٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ؛ إِلَّا وَ هُوَ يَتَمَنَّى يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُ لَمْ يُعْطَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا قُوتاً .

يَا عَلِيُّ : شَرُّ النَّاسِ مَنِ اتَّهَمَ اللَّهَ فِي قَضَائِهِ .

يَا عَلِيُّ : أَنِينُ الْمُؤْمِنِ تَسْبِيحٌ ، وَ صِيَاحُهُ تَهْلِيلٌ ، وَ نَوْمُهُ عَلَى الْفِرَاشِ عِبَادَةٌ ، وَ تَقَلُّبُهُ مِنْ جَنْبٍ إِلَى جَنْبٍ جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَإِنْ عُوفِيَ مَشَى فِي النَّاسِ وَ مَا عَلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ .

يَا عَلِيُّ : لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُهُ ، وَ لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ .

يَا عَلِيُّ : لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ : جُمُعَةٌ وَ لَا جَمَاعَةٌ ، وَ لَا أَذَانٌ وَ لَا إِقَامَةٌ ، وَ لَا عِيَادَةُ مَرِيضٍ ، وَ لَا اتِّبَاعُ جَنَازَةٍ ، وَ لَا هَرْوَلَةٌ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ ، وَ لَا اسْتِلَامُ الْحَجَرِ ، وَ لَا حَلْقٌ ، وَ لَا تَوَلِّي الْقَضَاءِ ، وَ لَا تُسْتَشَارُ ، وَ لَا تَذْبَحُ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ ، وَ لَا تَجْهَرُ بِالتَّلْبِيَةِ ، وَ لَا تُقِيمُ عِنْدَ قَبْرٍ ، وَ لَا تَسْمَعُ الْخُطْبَةَ ، وَ لَا تَتَوَلَّى التَّزْوِيجَ بِنَفْسِهَا ، وَ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ ؛ فَإِنْ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَعَنَهَا اللَّهُ وَ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ ، وَ لَا تُعْطِي مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِهِ ، وَ لَا تَبِيتُ وَ زَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ ، وَ إِنْ كَانَ ظَالِماً لَهَا .

يَا عَلِيُّ : الْإِسْلَامُ عُرْيَانٌ : فَلِبَاسُهُ الْحَيَاءُ ، وَ زِينَتُهُ الْوَفَاءُ ، وَ مُرُوءَتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ ، وَ عِمَادُهُ الْوَرَعُ ، وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ أَسَاسٌ وَ أَسَاسُ الْإِسْلَامِ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ .

يَا عَلِيُّ : سُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ ، وَ طَاعَةُ الْمَرْأَةِ نَدَامَةٌ .

يَا عَلِيُّ : إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْ‏ءٍ فَفِي لِسَانِ الْمَرْأَةِ .

يَا عَلِيُّ : نَجَا الْمُخِفُّونَ .

يَا عَلِيُّ :  مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثَةٌ يَزِدْنَ فِي الْحِفْظِ وَ يُذْهِبْنَ الْبَلْغَمَ : اللُّبَانُ ، وَ السِّوَاكُ ، وَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ .

يَا عَلِيُّ : السِّوَاكُ : مِنَ السُّنَّةِ ، وَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ ، وَ يَجْلُو الْبَصَرَ ، وَ يُرْضِي الرَّحْمَنَ ، وَ يُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ ، وَ يَذْهَبُ بِالْحَفْرِ ، وَ يَشُدُّ اللِّثَةَ ، وَ يُشَهِّي الطَّعَامَ ، وَ يَذْهَبُ بِالْبَلْغَمِ ، وَ يَزِيدُ فِي الْحِفْظِ ، وَ يُضَاعِفُ الْحَسَنَاتِ ، وَ تَفْرَحُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ .

يَا عَلِيُّ : النَّوْمُ أَرْبَعَةٌ : نَوْمُ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام عَلَى أَقْفِيَتِهِمْ ، وَ نَوْمُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَيْمَانِهِمْ ، وَ نَوْمُ الْكُفَّارِ وَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى أَيْسَارِهِمْ ، وَ نَوْمُ الشَّيَاطِينِ عَلَى وُجُوهِهِمْ .

يَا عَلِيُّ : مَا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِيّاً إِلَّا وَ جَعَلَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ صُلْبِهِ ، وَ جَعَلَ ذُرِّيَّتِي مِنْ صُلْبِكَ ، وَ لَوْلَاكَ مَا كَانَتْ لِي ذُرِّيَّةٌ .

يَا عَلِيُّ : أَرْبَعَةٌ مِنْ قَوَاصِمِ الظَّهْرِ : إِمَامٌ يَعْصِي اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يُطَاعُ أَمْرُهُ ، وَ زَوْجَةٌ يَحْفَظُهَا زَوْجُهَا وَ هِيَ تَخُونُهُ ، وَ فَقْرٌ لَا يَجِدُ صَاحِبُهُ مُدَاوِياً ، وَ جَارُ سَوْءٍ فِي دَارِ مُقَامٍ .

يَا عَلِيُّ : إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ سَنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خَمْسَ سُنَنٍ أَجْرَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْإِسْلَامِ : حَرَّمَ نِسَاءَ الْآبَاءِ عَلَى الْأَبْنَاءِ ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ . وَ وَجَدَ كَنْزاً فَأَخْرَجَ مِنْهُ الْخُمُسَ وَ تَصَدَّقَ بِهِ ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ الْآيَةَ . وَ لَمَّا حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمَ سَمَّاهَا سِقَايَةَ الْحَاجِّ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى : أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ الْآيَةَ . وَ سَنَّ فِي الْقَتْلِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ؛ فَأَجْرَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ ، وَ لَمْ يَكُنْ لِلطَّوَافِ عَدَدٌ عِنْدَ قُرَيْشٍ فَسَنَّ لَهُمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ ، فَأَجْرَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ .

يَا عَلِيُّ : إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَ : لَا يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ ، وَ لَا يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَ لَا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ، وَ يَقُولُ : أَنَا عَلَى دِينِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام .

يَا عَلِيُّ : أَعْجَبُ النَّاسِ إِيمَاناً وَ أَعْظَمُهُمْ يَقِيناً ، قَوْمٌ يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ لَمْ يَلْحَقُوا النَّبِيَّ ، وَ حُجِبَ عَنْهُمُ الْحُجَّةُ ، فَآمَنُوا بِسَوَادٍ عَلَى بَيَاضٍ .

يَا عَلِيُّ : ثَلَاثَةٌ يُقْسِينَ الْقَلْبَ : اسْتِمَاعُ اللَّهْوِ ، وَ طَلَبُ الصَّيْدِ ، وَ إِتْيَانُ بَابِ السُّلْطَانِ .

يَا عَلِيُّ : لَا تُصَلِّ : فِي جِلْدِ مَا لَا تَشْرَبُ لَبَنَهُ وَ لَا تَأْكُلُ لَحْمَهُ ، وَ لَا تُصَلِّ : فِي ذَاتِ الْجَيْشِ ، وَ لَا فِي ذَاتِ الصَّلَاصِلِ ، وَ لَا فِي ضَجْنَانَ .

يَا عَلِيُّ : كُلْ مِنَ الْبَيْضِ مَا اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ ، وَ مِنَ السَّمَكِ مَا كَانَ لَهُ قِشْرٌ ، وَ مِنَ الطَّيْرِ مَا دَفَّ ، وَ اتْرُكْ مِنْهُ مَا صَفَّ ، وَ كُلْ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ مَا كَانَتْ لَهُ قَانِصَةٌ أَوْ صِيصِيَةٌ .

يَا عَلِيُّ : كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ ، فَحَرَامٌ أَكْلُهُ لَا تَأْكُلْهُ .

يَا عَلِيُّ : لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَ لَا كَثَرٍ .

يَا عَلِيُّ : لَيْسَ عَلَى زَانٍ عُقْرٌ ، وَ لَا حَدَّ فِي التَّعْرِيضِ ، وَ لَا شَفَاعَةَ فِي حَدٍّ ، وَ لَا يَمِينَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، وَ لَا يَمِينَ : لِوَلَدٍ مَعَ وَالِدِهِ ، وَ لَا لِامْرَأَةٍ مَعَ زَوْجِهَا ، وَ لَا لِلْعَبْدِ مَعَ مَوْلَاهُ ، وَ لَا صَمْتَ يَوْماً إِلَى اللَّيْلِ ، وَ لَا وِصَالَ فِي صِيَامٍ ، وَ لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ هِجْرَةٍ .

يَا عَلِيُّ : لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ .

يَا عَلِيُّ : لَا يَقْبَلُ اللَّهُ دُعَاءَ قَلْبٍ سَاهٍ .

يَا عَلِيُّ : نَوْمُ الْعَالِمِ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الْعَابِدِ .

يَا عَلِيُّ : رَكْعَتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا الْعَالِمُ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ رَكْعَةٍ يُصَلِّيهَا الْعَابِدُ .

يَا عَلِيُّ : لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا ، وَ لَا يَصُومُ الْعَبْدُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ ، وَ لَا يَصُومُ الضَّيْفُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ .

يَا عَلِيُّ : صَوْمُ يَوْمِ الْفِطْرِ حَرَامٌ ، وَ صَوْمُ يَوْمِ الْأَضْحَى حَرَامٌ ، وَ صَوْمُ الْوِصَالِ حَرَامٌ ، وَ صَوْمُ الصَّمْتِ حَرَامٌ ، وَ صَوْمُ نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ حَرَامٌ ، وَ صَوْمُ الدَّهْرِ حَرَامٌ .

يَا عَلِيُّ : فِي الزِّنَا سِتُّ خِصَالٍ : ثَلَاثٌ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا ، وَ ثَلَاثٌ مِنْهَا فِي الْآخِرَةِ .

فَأَمَّا الَّتِي فِي الدُّنْيَا : فَيَذْهَبُ بِالْبَهَاءِ ، وَ يُعَجِّلُ الْفَنَاءَ ، وَ يَقْطَعُ الرِّزْقَ .

وَ أَمَّا الَّتِي فِي الْآخِرَةِ : فَسُوءُ الْحِسَابِ ، وَ سَخَطُ الرَّحْمَنِ ، وَ خُلُودٌ فِي النَّارِ .

يَا عَلِيُّ : الرِّبَا سَبْعُونَ جُزْءاً ، فَأَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ .

يَا عَلِيُّ : دِرْهَمٌ رِبًا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ سَبْعِينَ زَنْيَةً كُلُّهَا بِذَاتِ مَحْرَمٍ فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ مَنَعَ قِيرَاطاً مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ ، فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَ لَا بِمُسْلِمٍ وَ لَا كَرَامَةَ .

يَا عَلِيُّ : تَارِكُ الزَّكَاةِ يَسْأَلُ اللَّهَ الرَّجْعَةَ إِلَى الدُّنْيَا ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ، قالَ : رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ..

يَا عَلِيُّ : تَارِكُ الْحَجِّ وَ هُوَ مُسْتَطِيعٌ كَافِرٌ ، يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى : وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ سَوَّفَ الْحَجَّ حَتَّى يَمُوتَ بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَهُودِيّاً أَوْ نَصْرَانِيّاً .

يَا عَلِيُّ : الصَّدَقَةُ تَرُدُّ الْقَضَاءَ الَّذِي قَدْ أُبْرِمَ إِبْرَاماً .

يَا عَلِيُّ : صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ .

يَا عَلِيُّ : افْتَتِحْ بِالْمِلْحِ وَ اخْتَتِمْ بِالْمِلْحِ ، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنِ اثْنَيْنِ وَ سَبْعِينَ دَاءً .

يَا عَلِيُّ : لَوْ قَدْ قُمْتُ عَلَى الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ لَشَفَعْتُ فِي أَبِي وَ أُمِّي وَ عَمِّي وَ أَخٍ كَانَ لِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ .

يَا عَلِيُّ : أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ .

يَا عَلِيُّ : أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ .

يَا عَلِيُّ : الْعَقْلُ مَا اكْتُسِبَتْ بِهِ الْجَنَّةُ وَ طُلِبَ بِهِ رِضَا الرَّحْمَنِ .

يَا عَلِيُّ : إِنَّ أَوَّلَ خَلْقٍ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْعَقْلُ ، فَقَالَ لَهُ : أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ، فَقَالَ : وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ ، بِكَ آخُذُ ، وَ بِكَ أُعْطِي ، وَ بِكَ أُثِيبُ ، وَ بِكَ أُعَاقِبُ .

يَا عَلِيُّ : لَا صَدَقَةَ وَ ذُو رَحِمٍ مُحْتَاجٌ .

يَا عَلِيُّ : دِرْهَمٌ فِي الْخِضَابِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ يُنْفَقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَ فِيهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ خَصْلَةً : يَطْرُدُ الرِّيحَ مِنَ الْأُذُنَيْنِ ، وَ يَجْلُو الْبَصَرَ ، وَ يُلَيِّنُ الْخَيَاشِيمَ ، وَ يُطَيِّبُ النَّكْهَةَ ، وَ يَشُدُّ اللِّثَةَ ، وَ يَذْهَبُ بِالضَّنَى ، وَ يُقِلُّ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ ، وَ تَفْرَحُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ ، وَ يَسْتَبْشِرُ بِهِ الْمُؤْمِنُ ، وَ يَغِيظُ بِهِ الْكَافِرُ ، وَ هُوَ زِينَةٌ وَ طِيبٌ ، وَ يَسْتَحْيِي مِنْهُ مُنْكَرٌ وَ نَكِيرٌ ، وَ هُوَ بَرَاءَةٌ لَهُ فِي قَبْرِهِ .

يَا عَلِيُّ : لَا خَيْرَ فِي الْقَوْلِ إِلَّا مَعَ الْفِعْلِ،  وَ لَا فِي الْمَنْظَرِ إِلَّا مَعَ الْمَخْبَرِ ، وَ لَا فِي الْمَالِ إِلَّا مَعَ الْجُودِ ، وَ لَا فِي الصِّدْقِ إِلَّا مَعَ الْوَفَاءِ ، وَ لَا فِي الْفِقْهِ إِلَّا مَعَ الْوَرَعِ ، وَ لَا فِي الصَّدَقَةِ إِلَّا مَعَ النِّيَّةِ ، وَ لَا فِي الْحَيَاةِ إِلَّا مَعَ الصِّحَّةِ ، وَ لَا فِي الْوَطَنِ إِلَّا مَعَ الْأَمْنِ وَ السُّرُورِ.

يَا عَلِيُّ : حُرِّمَ مِنَ الشَّاةِ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ : الدَّمُ ، وَ الْمَذَاكِيرُ ، وَ الْمَثَانَةُ ، وَ النُّخَاعُ ، وَ الْغُدَدُ ، وَ الطِّحَالُ ، وَ الْمَرَارَةُ .

يَا عَلِيُّ : لَا تُمَاكِسْ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ : فِي شِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ ، وَ الْكَفَنِ ، وَ النَّسَمَةِ ، وَ الْكِرَى إِلَى مَكَّةَ .

يَا عَلِيُّ : أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْبَهِكُمْ بِي خُلُقاً ، قَالَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً وَ أَعْظَمُكُمْ حِلْماً ، وَ أَبَرُّكُمْ بِقَرَابَتِهِ ، وَ أَشَدُّكُمْ مِنْ نَفْسِهِ إِنْصَافاً .

يَا عَلِيُّ : أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الْغَرَقِ إِذَا هُمْ رَكِبُوا السُّفُنَ فَقَرَءُوا :

 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ، وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ ، بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها ، إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ .

يَا عَلِيُّ : أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ السَّرَقِ :  قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً { } وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا {الإسراء110/111 .

يَا عَلِيُّ : أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الْهَدْمِ : إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً .

يَا عَلِيُّ : أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الْهَمِّ : لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ لَا مَلْجَأَ وَ لَا مَنْجَى مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ .

يَا عَلِيُّ :  أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الْحَرَقِ : إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ، وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ الْآيَةَ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ خَافَ مِنَ السِّبَاعِ فَلْيَقْرَأْ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ .

يَا عَلِيُّ : مَنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ دَابَّتُهُ فَلْيَقْرَأْ فِي أُذُنِهَا الْيُمْنَى : وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ كَانَ فِي بَطْنِهِ مَاءٌ أَصْفَرُ فَلْيَكْتُبْ عَلَى بَطْنِهِ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَ لْيَشْرَبْهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ خَافَ سَاحِراً أَوْ شَيْطَاناً فَلْيَقْرَأْ : إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ الْآيَةَ .

يَا عَلِيُّ : حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ : أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ وَ أَدَبَهُ ، وَ يَضَعَهُ مَوْضِعاً صَالِحاً ، وَ حَقُّ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ : أَنْ لَا يُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ ، وَ لَا يَمْشِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَ لَا يَجْلِسَ أَمَامَهُ ، وَ لَا يَدْخُلَ مَعَهُ فِي الْحَمَّامِ .

يَا عَلِيُّ :  ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَسْوَاسِ : أَكْلُ الطِّينِ ، وَ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ بِالْأَسْنَانِ ، وَ أَكْلُ اللِّحْيَةِ .

يَا عَلِيُّ : لَعَنَ اللَّهُ وَالِدَيْنِ حَمَلَا وَلَدَهُمَا عَلَى عُقُوقِهِمَا .

يَا عَلِيُّ : يَلْزَمُ الْوَالِدَيْنِ مِنْ عُقُوقِ وَلَدِهِمَا مَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ لَهُمَا مِنْ عُقُوقِهِمَا .

يَا عَلِيُّ : رَحِمَ اللَّهُ وَالِدَيْنِ حَمَلَا وَلَدَهُمَا عَلَى بِرِّهِمَا .

يَا عَلِيُّ : مَنْ أَحْزَنَ وَالِدَيْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا .

يَا عَلِيُّ : مَنِ اغْتِيبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ ، فَاسْتَطَاعَ نَصْرَهُ فَلَمْ يَنْصُرْهُ ؛ خَذَلَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ كَفَى يَتِيماً فِي نَفَقَتِهِ بِمَالِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ ؛ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ .

يَا عَلِيُّ : مَنْ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ يَتِيمٍ تَرَحُّماً لَهُ أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِكُلِّ شَعْرَةٍ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

يَا عَلِيُّ : لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ ، وَ لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ ، وَ لَا وَحْشَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ ، وَ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ ، وَ لَا وَرَعَ كَالْكَفِّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَ لَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ ، وَ لَا عِبَادَةَ مِثْلُ التَّفَكُّرِ .

يَا عَلِيُّ : آفَةُ الْحَدِيثِ الْكَذِبُ ، وَ آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ ، وَ آفَةُ الْعِبَادَةِ الْفَتْرَةُ ، وَ آفَةُ الْجَمَالِ الْخُيَلَاءُ ، وَ آفَةُ الْعِلْمِ الْحَسَدُ .

يَا عَلِيُّ : أَرْبَعَةٌ يَذْهَبْنَ ضَيَاعاً : الْأَكْلُ عَلَى الشِّبَعِ ، وَ السِّرَاجُ فِي الْقَمَرِ ، وَ الزَّرْعُ فِي السَّبَخَةِ ، وَ الصَّنِيعَةُ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهَا .

يَا عَلِيُّ : مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ فَقَدْ أَخْطَأَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ .

يَا عَلِيُّ : إِيَّاكَ وَ نَقْرَةَ الْغُرَابِ وَ فَرِيشَةَ الْأَسَدِ .

يَا عَلِيُّ : لَأَنْ أُدْخِلَ يَدِي فِي فَمِ التِّنِّينِ إِلَى الْمِرْفَقِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَسْأَلَ مَنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ كَانَ .

يَا عَلِيُّ : إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : الْقَاتِلُ غَيْرَ قَاتِلِهِ ، وَ الضَّارِبُ غَيْرَ ضَارِبِهِ ، وَ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيَّ .

يَا عَلِيُّ : تَخَتَّمْ بِالْيَمِينِ فَإِنَّهَا فَضِيلَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْمُقَرَّبِينَ ، قَالَ بِمَ أَتَخَتَّمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : بِالْعَقِيقِ الْأَحْمَرِ ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ جَبَلٍ أَقَرَّ لِلَّهِ تَعَالَى بِالرُّبُوبِيَّةِ ، وَ لِيَ بِالنُّبُوَّةِ ، وَلَكَ بِالْوَصِيَّةِ ، وَلِوُلْدِكَ بِالْإِمَامَةِ ، وَ لِشِيعَتِكَ بِالْجَنَّةِ ، وَ لِأَعْدَائِكَ بِالنَّارِ .

يَا عَلِيُّ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَشْرَفَ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا فَاخْتَارَنِي مِنْهَا عَلَى رِجَالِ الْعَالَمِينَ ، ثُمَّ اطَّلَعَ الثَّانِيَةَ فَاخْتَارَكَ عَلَى رِجَالِ الْعَالَمِينَ ، ثُمَّ اطَّلَعَ الثَّالِثَةَ فَاخْتَارَ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ عَلَى رِجَالِ الْعَالَمِينَ ، ثُمَّ اطَّلَعَ الرَّابِعَةَ فَاخْتَارَ فَاطِمَةَ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ .

يَا عَلِيُّ : إِنِّي رَأَيْتُ اسْمَكَ مَقْرُوناً بِاسْمِي فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فَآنَسْتُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ :

 إِنِّي لَمَّا بَلَغْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فِي مِعْرَاجِي إِلَى السَّمَاءِ وَجَدْتُ عَلَى صَخْرَتِهَا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، أَيَّدْتُهُ بِوَزِيرِهِ وَ نَصَرْتُهُ بِوَزِيرِهِ ، فَقُلْتُ لِجَبْرَئِيلَ عليه السلام : مَنْ وَزِيرِي ؟ فَقَالَ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ .

فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَجَدْتُ مَكْتُوباً عَلَيْهَا : إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي ، مُحَمَّدٌ صَفْوَتِي مِنْ خَلْقِي ، أَيَّدْتُهُ بِوَزِيرِهِ وَ نَصَرْتُهُ بِوَزِيرِهِ ، فَقُلْتُ لِجَبْرَئِيلَ عليه السلام : مَنْ وَزِيرِي ؟ فَقَالَ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ .

 فَلَمَّا جَاوَزْتُ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، انْتَهَيْتُ إِلَى عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ جَلَّ جَلَالُهُ فَوَجَدْتُ مَكْتُوباً عَلَى قَوَائِمِهِ : إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي ، مُحَمَّدٌ حَبِيبِي ، أَيَّدْتُهُ بِوَزِيرِهِ وَ نَصَرْتُهُ بِوَزِيرِهِ .

يَا عَلِيُّ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَعْطَانِي فِيكَ سَبْعَ خِصَالٍ : أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ مَعِي ، وَ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَقِفُ عَلَى الصِّرَاطِ مَعِي ، وَ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِذَا كُسِيتُ ، وَ يُحَيَّا إِذَا حُيِّيتُ ، وَ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَسْكُنُ مَعِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَشْرَبُ مَعِي مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ الَّذِي خِتَامُهُ مِسْكٌ .

ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم : لِسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، يَا سَلْمَانُ : إِنَّ لَكَ فِي عِلَّتِكَ إِذَا اعْتَلَلْتَ ثَلَاثَ خِصَالٍ : أَنْتَ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِذِكْرٍ وَ دُعَاؤُكَ فِيهَا مُسْتَجَابٌ ، وَ لَا تَدَعُ الْعِلَّةُ عَلَيْكَ ذَنْباً إِلَّا حَطَّتْهُ ، مَتَّعَكَ اللَّهُ بِالْعَافِيَةِ إِلَى انْقِضَاءِ أَجَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ صص لِأَبِي ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ : يَا أَبَا ذَرٍّ إِيَّاكَ وَ السُّؤَالَ فَإِنَّهُ ، ذُلٌّ حَاضِرٌ ، وَفَقْرٌ تَتَعَجَّلُهُ ، وَفِيهِ حِسَابٌ طَوِيلٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

يَا أَبَا ذَرٍّ :تَعِيشُ وَحْدَكَ ، وَ تَمُوتُ وَحْدَكَ ، وَ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَحْدَكَ ، يَسْعَدُ بِكَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ، يَتَوَلَّوْنَ غُسْلَكَ وَ تَجْهِيزَكَ وَ دَفْنَكَ .

يَا أَبَا ذَرٍّ :لَا تَسْأَلْ بِكَفِّكَ ، وَ إِنْ أَتَاكَ شَيْ‏ءٌ فَاقْبَلْهُ .

ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم لِأَصْحَابِهِ : أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْرَارِكُمْ ؟قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ ، الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَيْبَ [38].

 

 

رسالة الحقوق

للإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام

   

رسالته[39] ( الإمام زين العابدين علي بن الحسين ) المعروفة برسالة الحقوق :

اعلم رحمك الله : أن لله عليك حقوقا محيطة بك في كل : حركة تحركتها ، أو سكنة سكنتها ، أو منزلة نزلتها ، أو جارحة قلبتها ، و آلة تصرفت بها ، بعضها أكبر من بعض .

 و أكبر حقوق الله عليك : ما أوجبه لنفسه تبارك و تعالى من حقه الذي هو أصل الحقوق ، و منه تفرع .

 ثم أوجبه عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك ، فجعل : لبصرك عليك حقا ، و لسمعك عليك حقا ، و للسانك عليك حقا ، و ليدك عليك حقا ، و لرجلك عليك حقا ، و لبطنك عليك حقا ، و لفرجك عليك حقا ، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال .

ثم جعل عز و جل لأفعالك عليك حقوقا : فجعل لصلاتك عليك حقا ، و لصومك عليك حقا ، و لصدقتك عليك حقا ، و لهديك عليك حقا ، و لأفعالك عليك حقا .

 ثم تخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك :

 و أوجبها عليك : حقوق أئمتك ، ثم حقوق رعيتك ، ثم حقوق رحمك :

 فهذه حقوق يتشعب منها حقوق :

فحقوق أئمتك ثلاثة : أوجبها عليك حق سائسك بالسلطان ، ثم سائسك بالعلم ، ثم حق سائسك بالملك ، و كل سائس إمام .

 و حقوق رعيتك ثلاثة :أوجبها عليك حق رعيتك بالسلطان ، ثم حق رعيتك بالعلم ؛ فإن الجاهل رعية العالم ، و حق رعيتك بالملك من الأزواج و ما ملكت من الأيمان .

و حقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة : فأوجبها عليك حق أمك ، ثم حق أبيك ، ثم حق ولدك ، ثم حق أخيك ، ثم الأقرب فالأقرب و الأول فالأول ، ثم حق مولاك المنعم عليك ، ثم حق مولاك الجارية نعمتك عليه ، ثم حق ذي المعروف لديك ، ثم حق مؤذنك بالصلاة ، ثم حق إمامك في صلاتك ، ثم حق جليسك ، ثم حق جارك ، ثم حق صاحبك ، ثم حق شريكك ، ثم حق مالك ، ثم حق غريمك الذي تطالبه ، ثم حق غريمك الذي يطالبك ، ثم حق خليطك ، ثم حق خصمك المدعي عليك ، ثم حق خصمك الذي تدعي عليه ، ثم حق مستشيرك ، ثم حق المشير عليك ، ثم حق مستنصحك ، ثم حق الناصح لك ، ثم حق من هو أكبر منك ، ثم حق من هو أصغر ، منك ثم حق سائلك ، ثم حق من سألته ، ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل أو مسرة بذلك بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد منه ، ثم حق أهل ملتك عامة ، ثم حق أهل الذمة .

 ثم الحقوق الجارية : بقدر علل الأحوال و تصرف الأسباب .

 فطوبى : لمن أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه ،ووفقه وسدده :

فأما حق الله الأكبر :

فإنك تعبده لا تشرك به شيئا ، فإذا فعلت ذلك بإخلاص ؛ جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا و الآخرة ، و يحفظ لك ما تحب منها [40].

و أما حق نفسك عليك :

 فأن تستوفيها في طاعة الله ، فتؤدي إلى :

لسانك حقه ، و إلى سمعك حقه ، و إلى بصرك حقه ، و إلى يدك حقها ، و إلى رجلك حقها ، و إلى بطنك حقه ، و إلى فرجك حقه ، و تستعين بالله على ذلك .

و أما حق اللسان : فإكرامه عن الخنا[41] ، و تعويده على الخير ، و حمله على الأدب ، و إجمامه إلا لموضع الحاجة  و المنفعة للدين و الدنيا ، و إعفاؤه عن الفضول الشنعة القليلة الفائدة ؛ التي لا يؤمن ضررها مع قلة عائدتها ، و يعد شاهد العقل و الدليل عليه ، و تزين العاقل بعقله حسن سيرته في لسانه ، و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .

و أما حق السمع : فتنزيهه عن أن تجعله طريقا إلى قلبك ؛ إلا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيرا ، أو تكسب خلقا كريما ، فإنه باب الكلام إلى القلب يؤدي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شر ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق بصرك : فغضه عما لا يحل لك ، و ترك ابتذاله إلا لموضع عبرة تستقبل بها بصرا أو تستفيد بها علما ، فإن البصر باب الاعتبار .

و أما حق رجليك : فأن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك ، و لا تجعلهما مطيتك في الطريق المستخفة بأهلها فيها ؛ فإنها حاملتك و سالكة بك مسلك الدين ، و السبق لك ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق يدك : فأن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك ، فتنال بما تبسطها إليه من الله العقوبة في الأجل ، و من الناس بلسان اللائمة في العاجل ، و لا تقبضها مما افترض الله عليها ، و لكن توقرها بقبضها عن كثير مما يحل لها ، و بسطها إلى كثير مما ليس عليها ، فإذا هي قد عقلت و شرفت في العاجل ، وجب لها حسن الثواب في الآجل .

و أما حق بطنك : فأن لا تجعله وعاء لقليل من الحرام و لا لكثير ، و أن تقتصد له في الحلال ، و لا تخرجه من حد التقوية إلى حد التهوين و ذهاب المروة ، و ضبطه إذا هم بالجوع و الظمأ ، فإن الشبع المنتهي بصاحبه إلى التخم : مكسلة ، و مثبطة و مقطعة عن كل بر و كرم . و إن الري المنتهي بصاحبه إلى السكر : مسخفة ، و مجهلة ، و مذهبة للمروة .

و أما حق فرجك : فحفظه مما لا يحل لك و الاستعانة عليه بغض البصر فإنه من أعون الأعوان و كثرة ذكر الموت و التهدد لنفسك بالله و التخويف لها به و بالله العصمة و التأييد و لا حول و لا قوة إلا به[42] .

 

ثم حقوق الأفعال :

فأما حق الصلاة : فأن تعلم أنها وفادة إلى الله ، و أنك قائم بها بين يدي الله ؛ فإذا علمت ذلك ؛ كنت خليقا أن تقوم فيها مقام : الذليل الراغب ، الراهب الخائف ، الراجي المسكين ، المتضرع ، المعظم من قام بين يديه : بالسكون و الإطراق ، و خشوع الأطراف و لين الجناح ، و حسن المناجاة له في نفسه ، و الطلب إليه في فكاك رقبتك التي أحاطت به خطيئتك ، و استهلكتها ذنوبك ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الصوم : فأن تعلم أنه حجاب ضربه الله على : لسانك ، و سمعك ، و بصرك ، و فرجك ، و بطنك ليسترك به من النار ، و هكذا جاء في الحديث : الصوم جنة من النار ، فإن سكنت أطرافك في حجبتها ؛ رجوت أن تكون محجوبا ، و إن أنت تركتها تضطرب في حجابها و ترفع جنبات الحجاب فتطلع إلى ما ليس لها بالنظرة الداعية للشهوة و القوة الخارجة عن حد التقية لله ؛ لم تأمن أن تخرق الحجاب و تخرج منه ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الصدقة : فأن تعلم أنها ذخرك عند ربك ، و وديعتك التي لا تحتاج إلى إشهاد ، فإذا علمت ذلك كنت بما استودعته سرا أوثق بما استودعته علانية ، و كنت جديرا أن تكون أسررت إليه أمرا أعلنته ، و كان الأمر بينك و بينه فيها سرا على كل حال ، و لم تستظهر عليه فيما استودعته منها بإشهاد الأسماع و الأبصار عليه بها ، كأنها أوثق في نفسك لا كأنك لا تثق به في تأدية وديعتك إليك ، ثم لم تمتن بها على أحد ؛ لأنها لك ، فإذا امتننت بها لم تأمن أن تكون بها مثل تهجين حالك منها إلى من مننت بها عليه ؛ لأن في ذلك دليلا على أنك لم ترد نفسك بها ، و لو أردت نفسك بها لم تمتن بها على أحد ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الهدي : فأن تخلص بها الإرادة إلى ربك ، و التعرض لرحمته ، و قبوله ، و لا تريد عيون الناظرين دونه ، فإذا كنت كذلك لم تكن متكلفا و لا متصنعا ، و كنت إنما تقصد إلى الله . و اعلم : أن الله يراد باليسير ، و لا يراد بالعسير ، كما أراد بخلقه التيسير ، و لم يرد بهم التعسير ، و كذلك التذلل أولى بك من التدهقن ؛ لأن الكلفة و المئونة في المتدهقنين . فأما التذلل و التمسكن فلا كلفة فيهما و لا مئونة عليهما ؛ لأنهما الخلقة ، و هما موجودان في الطبيعة ، و لا قوة إلا بالله [43].

 

ثم حقوق الأئمة :

فأما حق سائسك بالسلطان : فأن تعلم أنك جعلت له فتنة ، و أنه مبتلى فيك بما جعله الله له عليك من السلطان ، و أن تخلص له في النصيحة ، و أن لا تماحكه و قد بسطت يده عليك ؛ فتكون سبب هلاك نفسك و هلاكه ، و تذلل و تلطف لإعطائه من الرضا ما يكفه عنك ، و لا يضر بدينك ، و تستعين عليه في ذلك بالله ، و لا تعازه و لا تعانده ؛ فإنك إن فعلت ذلك عققته ، و عققت نفسك فعرضتها لمكروهه ، و عرضته للهلكة فيك ، و كنت خليقا أن تكون معينا له على نفسك ، و شريكا له فيما أتى إليك ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق سائسك بالعلم : فالتعظيم له ، و التوقير لمجلسه ، و حسن الاستماع إليه ، و الإقبال عليه ، و المعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم : بأن تفرغ له عقلك ، و تحضره فهمك ، و تزكي له قلبك ، و تجلي له بصرك ، بترك اللذات ، و نقص الشهوات ، و أن تعلم أنك فيما ألقى إليك رسوله إلى من لقيك من أهل الجهل ، فلزمك حسن التأدية عنه إليهم ، و لا تخنه في تأدية رسالته ، و القيام بها عنه إذا تقلدتها ، و لا حول و لا قوة إلا بالله .

و أما حق سائسك بالملك : فنحو من سائسك بالسلطان ، إلا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك ، تلزمك طاعته فيما دق و جل منك ، إلا أن تخرجك من وجوب حق الله ، و يحول بينك و بين حقه،  و حقوق الخلق ، فإذا قضيته رجعت إلى حقه فتشاغلت به ، و لا قوة إلا بالله [44].

 

ثم حقوق الرعية :

فأما حقوق رعيتك بالسلطان : فأن تعلم أنك إنما استرعيتهم بفضل قوتك عليهم ، فإنه إنما أحلهم محل الرعية لك ضعفهم و ذلهم ، فما أولى من كفاكه ضعفه و ذله حتى صيره لك رعية ، و صير حكمك عليه ، نافذا لا يمتنع منك بعزة و لا قوة ، و لا يستنصر فيما تعاظمه منك ، إلا بالله بالرحمة و الحياطة و الأناة و ما أولاك ، إذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزة و القوة التي قهرت بها ، أن تكون لله شاكرا ، و من شكر الله أعطاه فيما أنعم عليه ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق رعيتك بالعلم  : فأن تعلم أن الله قد جعلك لهم فيما آتاك من العلم ، و ولاك من خزانة الحكمة ، فإن أحسنت فيما ولاك الله من ذلك ، و قمت به لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده ، الصابر المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجة أخرج له من الأموال التي في يديه ، كنت : راشدا ، و كنت لذلك آملا معتقدا ، و إلا كنت له خائنا ، و لخلقه ظالما ، و لسلبه و عزه متعرضا .

 و أما حق رعيتك بملك النكاح : فأن تعلم أن الله جعلها : سكنا و مستراحا ، و أنسا و واقية ، و كذلك كل واحد منكما ، يجب أن يحمد الله على صاحبه ، و يعلم أن ذلك نعمة منه عليه ، و وجب أن يحسن صحبة نعمة الله و يكرمها ، و يرفق بها ، و إن كان حقك عليها أغلظ و طاعتك بها ألزم ، فيما أحببت و كرهت ما لم تكن معصية ، فإن لها حق الرحمة و المؤانسة ، و موضع السكون إليها قضاء اللذة التي لا بد من قضائها ، وذلك عظيم ، ولا قوة إلا بالله .

و أما حق رعيتك بملك اليمين : فأن تعلم أنه خلق ربك و لحمك و دمك ، و أنك تملكه لا أنت صنعته دون الله ، و لا خلقت له : سمعا و لا بصرا و لا أجريت له رزقا ، و لكن الله كفاك ذلك ، ثم سخره لك و ائتمنك عليه و استودعك إياه ، لتحفظه فيه و تسير فيه بسيرته ، فتطعمه مما تأكل ، و تلبسه مما تلبس ، و لا تكلفه ما لا يطيق ، فإن كرهته خرجت إلى الله منه ، واستبدلت به ، و لم تعذب خلق الله ، و لا قوة إلا بالله [45].

ـ فهذه (20) حقاوإليك (30) أخرى ـ:

 

و أما حق الرحم [46]:

فحق أمك : فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا ، و أطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا ، و أنها وقتك بسمعها و بصرها و يدها و رجلها و شعرها و بشرها و جميع جوارحها ، مستبشرة بذلك فرحة موابلة محتملة لما فيه مكروهها ، و ألمها و ثقلها و غمها حتى دفعتها عنك يد القدرة ، و أخرجتك إلى الأرض ، فرضيت أن تشبع و تجوع هي ، و تكسوك و تعرى ، و ترويك و تظمأ ، و تظلك و تضحى ، و تنعمك ببؤسها ، و تلذذك بالنوم بأرقها ، و كان بطنها لك وعاء ، و حجرها لك حواء ، و ثديها لك سقاء ، و نفسها لك وقاء ، تباشر حر الدنيا و بردها لك و دونك ، فتشكرها على قدر ذلك و لا تقدر عليه ، إلا بعون الله و توفيقه .

و أما حق أبيك : فتعلم أنه أصلك ، و أنك فرعه ، و أنك لولاه لم تكن فمهما ، رأيت في نفسك مما يعجبك ، فاعلم أن أباك : أصل النعمة عليك فيه ، و احمد الله و اشكره على قدر ذلك ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق ولدك : فتعلم أنه منك ، و مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره ، و أنك مسئول عما وليته : من حسن الأدب ، و الدلالة على ربه ، و المعونة له على طاعته فيك و في نفسه ، فمثاب على ذلك و معاقب ، فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه،  في عاجل الدنيا ، المعذر إلى ربه فيما بينك و بينه ، بحسن القيام عليه ، و الأخذ له منه ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق أخيك : فتعلم أنه يدك التي تبسطها ، و ظهرك الذي تلتجئ إليه ، و عزك الذي تعتمد عليه ، و قوتك التي تصول بها ، فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ، و لا عدة للظلم بحق الله ، و لا تدع نصرته على نفسه و معونته على عدوه ، و الحول بينه و بين شياطينه ، و تأدية النصيحة إليه ، و الإقبال عليه في الله ، فإن انقاد لربه و أحسن الإجابة له ، و إلا فليكن الله آثر عندك و أكرم عليك منه .

و أما حق المنعم عليك بالولاء : فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله ، و أخرجك من ذل الرق و وحشته إلى عز الحرية و أنسها ، و أطلقك من أسر الملكة ، و فك عنك حلق العبودية ، و أوجدك رائحة العز ، و أخرجك من سجن القهر ، و دفع عنك العسر ، و بسط لك لسان الإنصاف ، و أباحك الدنيا كلها ، فملكك نفسك ، و حل أسرك ، و فرغك لعبادة ربك ، و احتمل بذلك التقصير في ماله ، فتعلم أنه أولى الخلق بك بعد أولى رحمك في حياتك و موتك ، و أحق الخلق بنصرك و معونتك ، و مكانفتك في ذات الله ، فلا تؤثر عليه نفسك ما احتاج إليك .

و أما حق مولاك الجارية عليه نعمتك  : فأن تعلم أن الله جعلك : حامية عليه و واقية ، و ناصرا و معقلا ، و جعله لك : وسيلة و سببا بينك و بينه ، فبالحري أن يحجبك عن النار ، فيكون في ذلك ثواب منه في الآجل ، و يحكم لك بميراثه في العاجل ، إذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقته من مالك عليه ، و قمت به من حقه بعد إنفاق مالك ، فإن لم تقم بحقه ، خيف عليك  أن لا يطيب لك ميراثه ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق ذي المعروف عليك :فأن تشكره ، و تذكر معروفه ، و تنشر له المقالة الحسنة ، و تخلص له الدعاء فيما بينك و بين الله سبحانه ؛ فإنك إذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا و علانية ، ثم إن أمكن مكافأته بالفعل كافأته ، و إلا كنت مرصدا له موطنا نفسك عليها .

و أما حق المؤذن : فأن تعلم أنه مذكرك بربك ، و داعيك إلى حظك ، و أفضل أعوانك على قضاء الفريضة التي افترضها الله عليك ، فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك ، و إن كنت في بيتك مهتما لذلك لم تكن لله في أمره متهما ، و علمت أنه نعمة من الله عليك لا شك فيها ، فأحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها على كل حال ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق إمامك في صلاتك : فأن تعلم أنه قد تقلد السفارة فيما بينك و بين الله ، و الوفادة إلى ربك ، و تكلم عنك و لم تتكلم عنه ، و دعا لك و لم تدع له ، و طلب فيك و لم تطلب فيه ، و كفاك هم المقام بين يدي الله و المساءلة له فيك ، و لم تكفه ذلك ، فإن كان في شي‏ء من ذلك تقصير ، كان به دونك ، و إن كان آثما لم تكن شريكه فيه ، و لم يكن له عليك فضل ، فوقى نفسك بنفسه ، و وقى صلاتك بصلاته ، فتشكر له على ذلك ، و لا حول و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الجليس : فأن تلين له كنفك ، و تطيب له جانبك ، و تنصفه في مجاراة اللفظ ، و لا تغرق في نزع اللحظ إذا لحظت ، و تقصد في اللفظ إلى إفهامه إذا لفظت ، و إن كنت الجليس إليه كنت في القيام عنه بالخيار ، و إن كان الجالس إليك كان بالخيار ، و لا تقوم إلا بإذنه ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الجار :فحفظه غائبا ، و كرامته شاهدا ، و نصرته و معونته في الحالين جميعا ، لا تتبع له عورة ، و لا تبحث له عن سوءة لتعرفها،  فإن عرفتها منه عن غير إرادة منك ، و لا تكلف كنت لما علمت حصنا حصينا ، و سترا ستيرا ، لو بحثت الأسنة عنه ضميرا لم تتصل إليه لانطوائه عليه ، لا تستمع عليه من حيث لا يعلم ، لا تسلمه عند شديدة ، و لا تحسده عند نعمة ، تقيل عثرته ، و تغفر زلته ، و لا تدخر حلمك عنه إذا جهل عليك ، و لا تخرج أن تكون سلما له ترد عنه لسان الشتيمة ، و تبطل فيه كيد حامل النصيحة ، و تعاشره معاشرة كريمة ، و لا حول و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الصاحب : فأن تصحبه بالفضل ما وجدت إليه سبيلا ، و إلا فلا أقل من الإنصاف ، و أن تكرمه كما يكرمك ، و تحفظه كما يحفظك ، و لا يسبقك فيما بينك و بينه إلى مكرمة ، فإن سبقك كافأته ، و لا تقصر به عما يستحق من المودة تلزم نفسك نصيحته و حياطته و معاضدته على طاعة ربه ، و معونته على نفسه فيما لا يهم به من معصية ربه ، ثم تكون عليه رحمة و لا تكون عليه عذابا ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الشريك : فإن غاب كفيته ، و إن حضر ساويته ، و لا تعزم على حكمك دون حكمه ، و لا تعمل برأيك دون مناظرته ، و تحفظ عليه ماله ، و تنفي عنه خيانته ،فيما عز أو هان ، فإنه بلغنا أن يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق المال : فأن لا تأخذه إلا من حله ، و لا تنفقه إلا في حله ، و لا تحرفه عن مواضعه ، و لا تصرفه عن حقائقه ، و لا تجعله إذا كان من الله إلا إليه ، و سببا إلى الله و لا تؤثر به على نفسك من لعله لا يحمدك ، و بالحري أن لا يحسن خلافته في تركتك ، و لا يعمل فيه بطاعة ربك ، فتكون معينا له على ذلك . أو بما أحدث في مالك ك أحسن نظرا لنفسه ، فيعمل بطاعة ربه ، فيذهب بالغنيمة ، و تبوء بالإثم و الحسرة و الندامة مع التبعة ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الغريم الطالب لك : فإن كنت موسرا أوفيته و كفيته و أغنيته ، و لم تردده و تمطله ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : مطل الغني ظلم ، و إن كنت معسرا أرضيته بحسن القول ، و طلبت إليه طلبا جميلا ، و رددته عن نفسك ردا لطيفا ، و لم تجمع عليه ذهاب ماله و سوء معاملته ، فإن ذلك لؤم ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الخليط : فأن لا تغره ، و لا تغشه ، و لا تكذبه ، و لا تغفله ، و لا تخدعه ، و لا تعمل في انتقاضه عمل العدو الذي لا يبقى على صاحبه ، و إن اطمأن إليك استقصيت له على نفسك ، و علمت أن غبن المسترسل ربا ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الخصم المدعي عليك : فإن كان ما يدعي عليك حقا : لم تنفسخ في حجته ، و لم تعمل في إبطال دعوته ، و كنت خصم نفسك له ، و الحاكم عليها ، و الشاهد له بحقه دون شهادة الشهود ، فإن ذلك حق الله عليك . و إن كان ما يدعيه باطلا : رفقت به ، و روعته ، و ناشدته بدينه ، و كسرت حدته عنك بذكر الله ، و ألقيت حشو الكلام و لغطه الذي لا يرد عنك عادية عدوك ، بل تبوء بإثمه ، و به يشحذ عليك سيف عداوته ، لأن لفظة السوء تبعث الشر ، و الخير مقمعة للشر ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الخصم المدعى عليه : فإن كان ما تدعيه حقا ، أجملت في مقاولته بمخرج الدعوى ، فإن للدعوى غلظة في سمع المدعى عليه ، و قصدت قصد حجتك بالرفق ، و أمهل المهلة ، و أبين البيان ، و ألطف اللطف ، و لم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل و القال ، فتذهب عنك حجتك ، و لا يكون لك في ذلك درك ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق المستشير : فإن حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة ، و أشرت عليه بما تعلم أنك لو كنت مكانه عملت به ، و ذلك ليكن منك في رحمة و لين ، فإن اللين يؤنس الوحشة ، و إن الغلظ يوحش موضع الأنس ، و إن لم يحضرك له رأي ، و عرفت له من تثق برأيه ، و ترضى به لنفسك دللته عليه ، و أرشدته إليه ؛ فكنت : لم تأله خيرا ، و لم تدخره نصحا ، و لا حول و لا قوة إلا بالله .

و أما حق المشير عليك : فلا تتهمه فيما لا يوافقك عليه من رأيه إذا أشار عليك ، فإنما هي الآراء و تصرف الناس فيها و اختلافهم ، فكن عليه في رأيه بالخيار ، إذا اتهمت رأيه : فأما تهمته فلا تجوز لك إذا كان عندك ممن يستحق المشاورة ، و لا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه ، و حسن وجه مشورته . فإذا وافقك : حمدت الله ، و قبلت ذلك ، من أخيك بالشكر و الإرصاد بالمكافأة في مثلها ، إن فزع إليك ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق المستنصح : فإن حقه أن تؤدي إليه النصيحة على الحق الذي ترى له ، أنه يحمل و تخرج المخرج الذي يلين على مسامعه ، و تكلمه من الكلام بما يطيقه عقله ، فإن لكل عقل طبقة من الكلام يعرفه و يجتنبه ، و ليكن مذهبك الرحمة ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الناصح : فأن تلين له جناحك ، ثم تشرئب له قلبك ، و تفتح له سمعك حتى تفهم عنه نصيحته ، ثم تنظر فيها فإن كان وفق فيها للصواب ، حمدت الله على ذلك ، و قبلت منه ، و عرفت له نصيحته . و إن لم يكن وفق لها فيها رحمته ، و لم تتهمه ، و علمت أنه لم يألك نصحا ، إلا أنه أخطأ ، إلا أن يكون عندك مستحقا للتهمة ، فلا تعبأ بشي‏ء من أمره على كل حال ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الكبير : فإن حقه توقير سنه ، و إجلال إسلامه إذا كان من أهل الفضل في الإسلام ، بتقديمه فيه ، و ترك مقابلته عند الخصام ، و لا تسبقه إلى طريق ، و لا تؤمه في طريق ، و لا تستجهله ، و إن جهل عليك تحملت ، و أكرمته بحق إسلامه مع سنه ، فإنما حق السن بقدر الإسلام ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق الصغير : فرحمته ، و تثقيفه ، و تعليمه ، و العفو عنه ، و الستر عليه ، و الرفق به ، و المعونة له ، و الستر على جرائر حداثته ، فإنه سبب للتوبة و المداراة له ، و ترك مماحكته ، فإن ذلك أدنى لرشده .

و أما حق السائل : فإعطاؤه : إذا تيقنت صدقه ، و قدرت على سد حاجته ، و الدعاء له فيما نزل به ، و المعاونة له على طلبته . و إن شككت في صدقه : و سبقت إليه التهمة له ، و لم تعزم على ذلك ، لم تأمن أن يكون من كيد الشيطان أراد أن يصدك عن حظك ، و يحول بينك و بين التقرب إلى ربك ، فتركته بستره ، و رددته ردا جميلا . و إن غلبت نفسك في أمره و أعطيته على ما عرض في نفسك منه : فإن ذلك من عزم الأمور .

و أما حق المسئول : فحقه إن أعطى قبل منه ما أعطى ؛ بالشكر له ، و المعرفة لفضله ، و طلب وجه العذر في منعه ، و أحسن به الظن ، و اعلم أنه إن منع فما له منع ، و أن ليس التثريب في ماله ، و إن كان ظالما ، فإن الإنسان لظلوم كفار .

و أما حق من سرك الله به و على يديه : فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولاً ، ثم شكرته على ذلك بقدره في موضع الجزاء ، و كافأته على فضل الابتداء ، و أرصدت له المكافأة . و إن لم يكن تعمدها : حمدت الله و شكرته ، و علمت أنه منه توحدك بها ، و أحببت هذا إذ كان سببا من أسباب نعم الله عليك ، و ترجو له بعد ذلك خيرا ، فإن أسباب النعم بركة حيث ما كانت ، و إن كان لم يتعمد ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق من ساءك القضاء على يديه بقول أو فعل : فإن كان تعمدها : كان العفو أولى بك ، لما فيه له من القمع ، و حسن الأدب مع كثير أمثاله من الخلق ، فإن الله يقول : { وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ {41} إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ {42} وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } الشورى43 ، و قال عز و جل : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ } النحل126 ، هذا في العمد . فإن لم يكن عمدا : لم تظلمه بتعمد الانتصار منه ، فتكون قد كافأته في تعمد على خطإ ، و رفقت به ، و رددته بألطف ما تقدر عليه ، و لا قوة إلا بالله .

و أما حق أهل ملتك عامة : فإضمار السلامة ، و نشر جناح الرحمة ، و الرفق بمسيئهم ، و تألفهم و استصلاحهم ، و شكر محسنهم إلى نفسه و إليك ، فإن إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك ، إذا كف عنك أذاه و كفاك مئونته ، و حبس عنك نفسه ، فعمهم جميعا بدعوتك ، و انصرهم جميعا بنصرتك ، و أنزلتهم جميعا منك منازلهم كبيرهم ، بمنزلة الوالد ، و صغيرهم بمنزلة الولد ، و أوسطهم بمنزلة الأخ ، فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة ، وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه .

و أما حق أهل الذمة : فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله ، و تفي بما جعل الله لهم من ذمته و عهده ، و تكلهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم ، و أجبروا عليه ، و تحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك و بينهم من معاملة ، و ليكن بينك و بين ظلمهم من رعاية ذمة الله ، و الوفاء بعهده و عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حائل ، فإنه بلغنا أنه قال : من ظلم معاهدا كنت خصمه ، فاتق الله ، و لا حول و لا قوة إلا بالله .

فهذه خمسون حقا : محيطا بك ، لا تخرج منها في حال من الأحوال ، يجب عليك رعايتها ، و العمل في تأديتها ، و الاستعانة بالله جل ثناؤه على ذلك ، و لا حول و لا قوة إلا بالله ، و الحمد لله رب العالمين .

 

يا طيب : هذه كانت أهم الحقوق التي يجب على الإنسان أن يلتزم بها ، ولا يحق للطيب أن يفرط بها ويضيعها إن كان حقا يحب الله وهداه ودينه القيم ، فقد عرفنا كل خير وصلاح وهدى نور يجعلنا في محل الكرامة والخير والفضيلة والخلق والخُلق الحسن والآداب الكريمة ، وبها يكون الإنسان فاضل كريم شريف في نفسه وفي قومه وعند الله ، وبهجرها يكون قد ضيع حق لله أو لنفسه أو لعلمه أو لعمله أو لأهله أو لقومه ، فيكون مقصر ليس في محل الكرامة بل يضع من نفسه بقدر تفريطه ، ويألم له ويطالب به ، بل قد يكون لئيم في واقعه والعياذ بالله .

والطيب : يقرأ ويتعلم ويعلم ، ليعمل وليتصف بها ، ليكون في نفسه عزيز النفس كريم الطبع شريف الحقيقة والأصل ، فيطيب وجوده بكل خير ، وفضيلة متجلية منه ، ويكون بارا حقا ، بل من المقربين عند الله ، وأسأل الله أن يمكننا وإياكم منها بحق نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم ، وإنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

حديث
العقل وجنوده
 
والجهل وجنوده  :

وهو حديث شريف : جامع لأهم فضائل الهدى ورذائل الضلال ، وبه نختم حديث القلب ، والذي يكون أول متأثر من فكر العقل وما يرد عليه من الآثار التي يصدق بها ، أو يتخيلها ويتصورها في المرتبة النازلة النفسية ، فإن بعد العقل يأتي الوهم ثم الخيال ثم الحس ، وهو حين تصور فعلا ما أو فكرة ما تأتي من الحواس او من الخيال أو من الوهم أو من الفكر العقلي ، ثم بالعقل يتم وزن حسنها أو قبحها والتصديق به ، فيتأثر بها الإنسان بكله ، وأول متأثر منه القلب ، فيخفق خفق الحب أو الكره ، أو الخوف أو الوجل ، أو الرجاء والطلب ، وغيرها ، فتبين آثاره على قسمات الوجه ولونه ، ويظهر جده وعزمه أو الخوار والعجز وغيرها من آثار الحب والكره ، والطب والتمني والرجاء والخوف وغيرها .

وهذه يا طيب : جنود العقل والعلم والعمل الصالح تبعه ، وتترتب عليه الحسنات والثواب الجزيل ورضا الله والجنة والنعيم الخالد ، ومع أولياء الله تعالى في كل فرح وسرور واقعي دائم ، ويجب أن تكون هي المؤثرة فينها علما وعملا وسيرة وسلوكا دائما ، ولا نجعل و العياذ بالله يهجر جنود العقل فنتبع الجهل وجنوده فيخسر الإنسان غيرنا إن شاء الله وجوده ، وللذة زائلة أو فكرة شيطانية جاهلة ضالة يمليها هوى النفس الأمارة بالسوء ، أو وساوس الشيطان ، أو لطمع بزينة دينا زائلة ، أو شهوة دنيئة فانية من المحرمات ، فيبتعد عن فضل الله وكرامته ، ويحترق بنار العدم والاحتياج الأبدي ، ويشوى بنار الحسرة والعذاب الدائم ، والعياذ بالله من الضلال وجنوده جهلا بعظمة الخالق وما كرم به عباده من الهدى القيم ، وقد علمت إن الحساب شديد والنار لا تطفئ ولا تبيد ، والتي أعدة لمن يرفض هدى الله والعلم والعمل به حقا صادقا خلاصا لوجهه الكريم .

وإن الله تعالى : عرّفنا بتوسط أولياء دينه وهداه القيم الذي شرحوه لنا ، وعرفوه لنا بكل ما يقربنا من طاعته ، وأمرونا بالتشرف به للتحقق بعبوديته ، والتحقق به بكل وجودنا علما وعملا وهدى ونعيما وحسنات ليحسن وجودنا ، ولكي نتنعم بكرامة الله ورضاه بثواب جزيل ، وحذرونا ونهونا وكرهوا لنا كل حرام ، وأنت يا طيب بين جنود الجهل والعقل ، فتدبرها وتحقق بالطيب منها ليطيب وجودك ، وتكون في كرامة الله ورضاه إن شاء الله .

 فتطيب يا طيب : بجنود العقل وتعلم شرحها وصر على التحقق بها والكون في أعلى مراتبها تحققا وعلما وعملا ، وأجعلها تظهر في كل تصرف وحركة وسكون لك تحليا بعلم وخلق كريم ، وفكر طاهر نظيف من الشر ، وتصرف شريف عفيف ، وأجعلها تتجلى منك ظهورا وعملا وسيرة وصفة وسجية ، وأخلص بها طلبا لرضا الله تعالى ، فتفوز بنور كرامته ومجده ، وأسأل الله لي ولك ولكل الطيبين من المؤمنين ، أن يعرفهم الله بفضله هذه الصفات الكريمة للعقل ويمكنهم منها ، ويبعدهم عن الصفات اللئيمة للجهل وجنوده ، وهو ولي التوفيق وهو أرحم الراحمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

ذكر في الكافي : عن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوَالِيهِ : َجَرَى ذِكْرُ الْعَقْلِ وَ الْجَهْلِ .

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : اعْرِفُوا الْعَقْلَ وَ جُنْدَهُ ، وَ الْجَهْلَ وَ جُنْدَهُ تَهْتَدُوا ، قَالَ سَمَاعَةُ فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ لَا نَعْرِفُ إِلَّا مَا عَرَّفْتَنَا ؟

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْعَقْلَ وَ هُوَ أَوَّلُ خَلْقٍ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مِنْ نُورِهِ .

فَقَالَ لَهُ : أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ . فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى : خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِيماً ، وَ كَرَّمْتُكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي .

 قَالَ : ثُمَّ خَلَقَ الْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الْأُجَاجِ ظُلْمَانِيّاً . فَقَالَ لَهُ : أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : أَقْبِلْ فَلَمْ يُقْبِلْ . فَقَالَ لَهُ : اسْتَكْبَرْتَ ، فَلَعَنَهُ .

 ُثمَّ جَعَلَ لِلْعَقْلِ خَمْسَةً وَ سَبْعِينَ جُنْداً .

 فَلَمَّا رَأَى الْجَهْلُ مَا أَكْرَمَ اللَّهُ بِهِ الْعَقْلَ وَ مَا أَعْطَاهُ ، أَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ ، فَقَالَ الْجَهْلُ : يَا رَبِّ هَذَا خَلْقٌ مِثْلِي خَلَقْتَهُ وَ كَرَّمْتَهُ وَ قَوَّيْتَهُ ، وَ أَنَا ضِدُّهُ وَ لَا قُوَّةَ لِي بِهِ ، فَأَعْطِنِي مِنَ الْجُنْدِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ. فَقَالَ : نَعَمْ ، فَإِنْ عَصَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْتُكَ وَ جُنْدَكَ مِنْ رَحْمَتِي، قَالَ: قَدْ رَضِيتُ ، فَأَعْطَاهُ خَمْسَةً وَ سَبْعِينَ جُنْداً .

 

فَكَانَ مِمَّا أَعْطَى الْعَقْلَ مِنَ الْخَمْسَةِ وَ السَّبْعِينَ الْجُنْدَ :
الْخَيْرُ وَ هُوَ وَزِيرُ الْعَقْلِ .
وَ جَعَلَ ضِدَّهُ الشَّرَّ وَ هُوَ وَزِيرُ الْجَهْلِ .
وَ الْإِيمَانُ وَ ضِدَّهُ الْكُفْرَ . وَ التَّصْدِيقُ وَ ضِدَّهُ الْجُحُودَ .

وَ الرَّجَاءُ وَ ضِدَّهُ الْقُنُوطَ . وَ الْعَدْلُ وَ ضِدَّهُ الْجَوْرَ .
وَ الرِّضَا
وَ ضِدَّهُ السُّخْطَ . وَ الشُّكْرُ وَ ضِدَّهُ الْكُفْرَانَ .
وَ الطَّمَعُ
وَ ضِدَّهُ الْيَأْسَ . وَ التَّوَكُّلُ وَ ضِدَّهُ الْحِرْصَ .
وَ الرَّأْفَةُ
وَ ضِدَّهَا الْقَسْوَةَ . وَ الرَّحْمَةُ وَ ضِدَّهَا الْغَضَبَ .
وَ الْعِلْمُ
وَ ضِدَّهُ الْجَهْلَ . وَ الْفَهْمُ وَ ضِدَّهُ الْحُمْقَ .
وَ الْعِفَّةُ
وَ ضِدَّهَا التَّهَتُّكَ . وَ الزُّهْدُ وَ ضِدَّهُ الرَّغْبَةَ .
وَ الرِّفْقُ
وَ ضِدَّهُ الْخُرْقَ  . وَ الرَّهْبَةُ وَ ضِدَّهُ الْجُرْأَةَ .
وَ التَّوَاضُعُ
وَ ضِدَّهُ الْكِبْرَ . وَ التُّؤَدَةُ1وَ ضِدَّهَا التَّسَرُّعَ  .
وَ الْحِلْمُ
وَ ضِدَّهَا السَّفَهَ  . وَ الصَّمْتُ وَ ضِدَّهُ الْهَذَر2  .
وَ الِاسْتِسْلَامُ
وَ ضِدَّهُ الِاسْتِكْبَارَ . وَ التَّسْلِيمُ وَ ضِدَّهُ الشَّكَّ  .
وَ الصَّبْرُ و
َ ضِدَّهُ الْجَزَعَ . وَ الصَّفْحُ وَ ضِدَّهُ الِانْتِقَامَ .
وَ الْغِنَى
وَ ضِدَّهُ الْفَقْرَ . وَ التَّذَكُّرُ وَ ضِدَّهُ السَّهْوَ .
وَ الْحِفْظُ
وَ ضِدَّهُ النِّسْيَانَ . وَ التَّعَطُّفُ وَ ضِدَّهُ الْقَطِيعَةَ .
وَ الْقُنُوعُ
وَ ضِدَّهُ الْحِرْصَ . وَ الْمُؤَاسَاةُ وَ ضِدَّهَا الْمَنْعَ .
وَ الْمَوَدَّةُ
وَ ضِدَّهَا الْعَدَاوَةَ . وَ الْوَفَاءُ وَ ضِدَّهُ الْغَدْرَ .
وَ الطَّاعَةُ
وَ ضِدَّهَا الْمَعْصِيَةَ . وَ الْخُضُوعُ وَ ضِدَّهُ التَّطَاوُلَ3.
وَ السَّلَامَةُ
وَ ضِدَّهَا الْبَلَاءَ . وَ الْحُبُّ وَ ضِدَّهُ الْبُغْضَ .
وَ الصِّدْقُ
وَ ضِدَّهُ الْكَذِبَ . وَ الْحَقُّ وَ ضِدَّهُ الْبَاطِلَ .
وَ الْأَمَانَةُ
وَ ضِدَّهَا الْخِيَانَةَ . وَ الْإِخْلَاصُ وَ ضِدَّهُ الشَّوْبَ .
وَ الشَّهَامَةُ
وَ ضِدَّهَا الْبَلَادَةَ . وَ الْفَهْمُ وَ ضِدَّهُ الْغَبَاوَةَ4.
وَ الْمَعْرِفَةُ
وَ ضِدَّهَا الْإِنْكَارَ . وَ الْمُدَارَاةُ وَ ضِدَّهَا الْمُكَاشَفَةَ .
وَ سَلَامَةُ الْغَيْبِ
وَ ضِدَّهَا الْمُمَاكَرَةَ5 . وَ الْكِتْمَانُ وَ ضِدَّهُ الْإِفْشَاءَ .
وَ الصَّلَاةُ
وَ ضِدَّهَا الْإِضَاعَةَ . وَ الصَّوْمُ وَ ضِدَّهُ الْإِفْطَارَ .
وَ الْجِهَادُ
وَ ضِدَّهُ النُّكُولَ . وَ الْحَجُّ وَ ضِدَّهُ نَبْذَ الْمِيثَاقِ .
وَ صَوْنُ الْحَدِيثِ
وَ ضِدَّهُ النَّمِيمَةَ  . وَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَ ضِدَّهُ الْعُقُوقَ .
وَ الْحَقِيقَةُ
وَ ضِدَّهَا الرِّيَاءَ  . وَ الْمَعْرُوفُ وَ ضِدَّهُ الْمُنْكَرَ .
وَ السَّتْرُ
وَ ضِدَّهُ التَّبَرُّجَ  . وَ التَّقِيَّةُ وَ ضِدَّهَا الْإِذَاعَةَ .
وَ الْإِنْصَافُ
وَ ضِدَّهُ الْحَمِيَّةَ . وَ التَّهْيِئَةُ وَ ضِدَّهَا الْبَغْيَ .
وَ النَّظَافَةُ
وَ ضِدَّهَا الْقَذَرَ . وَ الْحَيَاءُ وَ ضِدَّهَا الْجَلَعَ6 .
وَ الْقَصْدُ
وَ ضِدَّهُ الْعُدْوَانَ . وَ الرَّاحَةُ وَ ضِدَّهَا التَّعَبَ .
وَ السُّهُولَةُ
وَ ضِدَّهَا الصُّعُوبَةَ . وَ الْبَرَكَةُ وَ ضِدَّهَا الْمَحْقَ .
وَ الْعَافِيَةُ
وَ ضِدَّهَا الْبَلَاءَ . وَ الْقَوَامُ وَ ضِدَّهُ الْمُكَاثَرَةَ7 .
وَ الْحِكْمَةُ
وَ ضِدَّهَا الْهَوَاءَ . وَ الْوَقَارُ وَ ضِدَّهُ الْخِفَّةَ .
وَ السَّعَادَةُ
وَ ضِدَّهَا الشَّقَاوَةَ . وَ التَّوْبَةُ وَ ضِدَّهَا الْإِصْرَارَ .
وَ الِاسْتِغْفَارُ
وَ ضِدَّهُ الِاغْتِرَارَ . وَ الْمُحَافَظَةُ وَ ضِدَّهَا التَّهَاوُنَ .
وَ الدُّعَاءُ
وَ ضِدَّهُ الِاسْتِنْكَافَ  . وَ النَّشَاطُ وَ ضِدَّهُ الْكَسَلَ .
وَ الْفَرَحُ
وَ ضِدَّهُ الْحَزَنَ . وَ الْأُلْفَةُ وَ ضِدَّهَا الْفُرْقَةَ .
وَ السَّخَاءُ
وَ ضِدَّهُ الْبُخْلَ .
فَلَا تَجْتَمِعُ هَذِهِ الْخِصَالُ كُلُّهَا مِنْ أَجْنَادِ الْعَقْلِ .

 إِلَّا فِي نَبِيٍّ أَوْ وَصِيِّ نَبِيٍّ :  أَوْ مُؤْمِنٍ قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ ، وَ أَمَّا سَائِرُ ذَلِكَ مِنْ مَوَالِينَا ، فَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ هَذِهِ الْجُنُودِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ ، وَ يَنْقَى مِنْ جُنُودِ الْجَهْلِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا مَعَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَوْصِيَاءِ ، وَ إِنَّمَا يُدْرَكُ ذَلِكَ بِمَعْرِفَةِ الْعَقْلِ وَ جُنُودِهِ ، وَ بِمُجَانَبَةِ الْجَهْلِ وَ جُنُودِهِ ، وَفَّقَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ لِطَاعَتِهِ وَ مَرْضَاتِهِ [47]. آمين يا رب العالمين .

يا طيب : شرح صدر المتألهين والسيد الإمام الخميني رحمهم الله وعلقا على فقراة هذا الحديث ، بشكل وافي ، فإن أحبب المزيد فراجع الشرحين ، وكذا يوجد تعليق عليه في صحيفة الإمام الكاظم عليه السلام من موسوعة صحف الطيبين ، وإن وفقنا الله نقوم بشرحه وتفصيله ، ولكن حفظه أو حفظ خطبة المتقين يجعل الإنسان يعرف غالب تعاليم الإسلام ، ويراقب نفسه ويستصغر عمله ، فيزول منه العجب والتكبر حين يرى حقارة أعماله وضائلة توجه في إقامة واجبه ، وقلة عمله بمستحباته ، فلا يفخر أبدا ولا يتكبر ، وبالخصوص حين يقيس نفسه ويقيمها بأعمال وعلم أهل البيت عليهم السلام وأصحابهم المنتجبين ، وكثرة تعقيبهم وتوجههم لإقامة الواجبات والمستحبات ، وما وهبهم الله من القدرة على شرحها وبينها ، بل والظهور بها بأحسن مظهر حتى كانوا تجلي واقعي لها ، وتعليم لها بكل خطوة وحركة لهم وسيرة وسلوك .

فكانوا معلمين صلى الله عليهم وسلم : ومخلصين لله بها علما وعملا ، ويكفي أن تراجع ما كتبنا في صحيفة النبوة من أخلاق النبي وتعاليمه الشريفة وسيرته وسلوكه ، بل راجع صحيفة الإمام الرضا عليه السلام في بابي أخلاقه وعبادته ، لتعرف عظمة تعاليم أهل البيت في علمهم وفي كل وجودهم ، بل يكفي أن تراجع كثرة المستحبات هنا مع قلة ما ذكرنا من المختار من كلها ، بل راقب ما ذكرنا في صلاة الليل وأهميتها فضلا عن باقي المستحبات والنوافل التي قد يعجزنا قراءتها مرة واحدة فضلا عن المواظبة عليها دائما وعشقها حتى تكون وردا لنا في كل وقت ، في حين أهل البيت وأئمتنا كانوا مواظبون عليها ، فيا طيب علينا فعلا بالواجب وبعض المستحبات ولا تعمل المحرمات لتطيب أنفسنا إن شاء الله ، فنسأل الله أن يجعلنا من المقتدين بأولياء ديننا هدى ودينا وتطبيقا وعملا ، فنسير بحق على صراطهم المستقيم لرضا الله ولكل نعيم .

ويا طيب : قد شرحنا معارف العقل والعلم وكيف يكتسب نوره وهداه في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، وبالخصوص في الأبواب الأخيرة في الجزء الأول منها ، والمسمى : صحيفة : نور الإمام الحسين سر تمجيده والانتساب إليه ، فإن أحبب المزيد من المعرفة ، فراجع نور العقل وكيفية تنوره في الباب الرابع بل والثالث منها ، فإنه شرح وافي لكيفية تنور الوجود الإنساني لعباد الله المخلصين الطيبين وأتباعهم الواقعيين ، جعلنا الله منهم ، أو تحقق أعدائهم بالظلام وتبعاته أبعدنا الله عنهم .  وإذا عرفنا هذه المعارف : في بعض آداب الدين الكريمة وأخلاقه الفاضلة وتعاليمه الشريفة ، والتي فيها نعيم الدنيا والآخرة للفرد بنفسه ، وفي أسرته وفي مجتمعه ، وبتطبيقها حقا يسير للخير وللفضيلة وللكرامة ولكل نعيم ، لا ظلم ولا عدوان ولا غدر ولا خيانة ، بل بترويج معارف الدين يسعد البشر كلهم ، ولكن أين وهوى النفس والشيطان والدنيا وزينتها ، وقلة التحقق بجنود العقل ، وتبع الجهل وجعله عقلا ، والافتخار بالمكر والجربزة والخداع والغش وجعله شطارة وقدرة لعلما وفهما وتفاخرا ، والعياذ بالله من الظلم وأتباعه وفكره .ويا طيب : بعد إن عرفنا بعض هدى الدين وتعاليمه وأخلاقه الفاضلة ندخل في باب المستحبات والأعمال المرافقة للذكر في الباب الآتي ، ونسأل الله أن نرفق عملنا بالذكر والدعاء المناسب ، لنكون من الطيبين وممن تحقق بجنود العقل ، فتبعنا الهدى وكل ما يقربنا من الله تعالى ، وهو ولي التوفيق وهو أرحم الراحمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

 

 



[1] المحاسن ج1ص7ب1ح18 .والكافي ج2ص443ح1 .

[2] الكافي ج8ص104ح79 .

[3] تهذيب‏ الأحكام ج6ص321ب93ح1 .

[4] وسائل‏ الشيعة ج12ص241ب137ح16198 .

[5]الكافي ج2ص310ب124ح9.

[6]الكافي ج2ص354ب146ح2.

[7]الكافي ج2ص356ب148ح1.

[8] الكافي ج2ص307ح5 . ص306 ح3.

[9] الكافي ج2ص313ح1 وح2 وح3وح4.

[10] الكافي ج2ص293ح1 .

[11] وسائل‏ الشيعة ج1ص69ب11ح153 .

[12] الكافي ج : 8 ص170ح191 .

[13] فلاح‏ السائل ص122.

[14] الكافي ج2ص60 ح4 .

[15] الكافي ج2ص451ح1 .

[16] الكافي ج2ص453ح2 .الفرقان70/71 .

[17] نهج‏ البلاغة ص484 خ94 .

[18] الكافي ج2ص456ح15 .

[19] الكافي ج2ص464ح5 .

[20] الكافي ج2ص231ح2 .ح3.ح4.

[21] الكافي ج : 2 ص : 232ح5.ح6.

[22] الكافي ج : 2 ص 233: ح7 . ح8 . ح9.ح10. ح11.

[23]الكافي ج2ص234ح12.ح13.

[24] الكافي ج2ص235ح15 . ح16. ح17. ح18. ح19. ح20.

[25]الكافي ج2ص236ح21. ح22. ح23. ح24.

[26] الكافي ج : 2 ص : 237ح25.ح26.

[27] الكافي ج : 2 ص : 238ح27.

[28] الكافي ج2ص239ح28 . ح29.ح30.

[29]الكافي ج2ص240ح31.ح32. ح33.ح34.ح35.

[30] الكافي ج2ص241ح36 .ح37.ح38.ح39.

[31]الكافي ج2ص242ح1. ح2.

[32]الكافي ج2ص245. ح1. ح2. ح4.

[33]الكافي ج8ص.170ح192.

[34] نهج‏ البلاغة صفحة 303خطبة 193لأمير المؤمنين عليه السلام يصف فيها المتقين .

[35] قَالَ الصدوق رَحِمَهُ اللَّهُ يَعْنِي إِذَا كَانَ مُسْتَحِلًّا لَهَا .

[36] قَالَ مُصَنِّفُ ْكِتَابِ من لا يحضره الفقية الذي نقلنا منه الحديث رَحِمَهُ اللَّهُ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقُولُ : فِي مَعْنَى الْوِكَارِ يُقَالُ : لِلطَّعَامِ الَّذِي يُدْعَى إِلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَ بِنَاءِ الدَّارِ أَوْ شِرَائِهَا الْوَكِيرَةُ وَ الْوِكَارُ مِنْهُ ، وَ الطَّعَامُ الَّذِي يُتَّخَذُ لِلْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ يُقَالُ لَهُ النَّقِيعَةُ ، وَ يُقَالُ لَهُ الرِّكَازُ أَيْضاً وَ الرِّكَازُ الْغَنِيمَةُ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ فِي اتِّخَاذِ الطَّعَامِ لِلْقُدُومِ مِنْ مَكَّةَ غَنِيمَةٌ لِصَاحِبِهِ مِنَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ ، وَ مِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم : الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ .

[37] قَالَ الصدوق مُصَنِّفُ ْكِتَابِ من لا يحضره الفقية رَحِمَهُ اللَّهُ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاللُّغَةِ بِالْكُوفَةِ يَقُولُ : الْفَرَسُ الْقَبَّاءُ الضَّامِرُ الْبَطْنِ يُقَالُ : فَرَسٌ أَقَبُّ وَ قَبَّاءُ لِأَنَّ الْفَرَسَ يُذَكَّرُ وَ يُؤَنَّثُ ، وَ يُقَالُ لِلْأُنْثَى قَبَّاءُ لَا غَيْرُ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ :

تَنَصَّبَتْ حَوْلَهُ يَوْماً تُرَاقِبُهُ   صُحْرٌ سَمَاحِيجُ فِي أَحْشَائِهَا قَبَبٌ‏

الصُّحْرُ جَمْعُ أَصْحَرَ وَ هُوَ الَّذِي يَضْرِبُ لَوْنُهُ إِلَى الْحُمْرَةِ وَ هَذَا اللَّوْنُ يَكُونُ فِي الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ وَ السَّمَاحِيجُ الطِّوَالُ وَاحِدُهَا سَمْحَجٌ وَ الْقَبَبُ الضُّمْرُ .

[38] مَن‏ لا يحضره‏ الفقيه ج4ص353خ5762 .

[39] تحف‏العقول ص : 255.

[40]الحق الاول .

[41] الخنى: الفحش من الكلام

[42]فهذه تسعة حقوق حق الله والنفس والجوارح سبعة .

[43]كانت تسعة حقوق وحقوق الأفعال أربعة صارت ثلاثة عشر .

[44] كانت ثلاثة عشر حقا وهذه حقوق الأئمة ثلاثة صارت الحقوق ستة عشر .

[45] حقوق الرعية أربعة وكان قبلها ستة عشر حقا ، فصارت عشرون حقا .

[46]حقوق الرحم وما يتفرع عليها من حق الناس ثلاثون حقا ، وتبدأ من الحق الواحد والعشرون ، وكان قبلها عشرون حقا صارت الحقوق مجموعها خمسون حقا .

[47] الكافي ج1ض20كتاب العقل و الجهل ح14 . (1) التؤدة - بالضم -: الرزانة والتأني، يقال: توأد في الأمر أي تأني وتمهل.(2) الهذر - بالتحريك -: الهذيان والكلام الذي لا يعبأ به، يقال: هذر فلان في منطقه - من باب ضرب ونصر -: خلط وتكلم بما لا ينبغي . (3) التطاول : التكبر والترفع . (4) الغباوة : الغفلة وقلة الفطنة . (5) المماكرة : المخادعة . (6) الجلع : أي الوقاحة . (7) القوام - بالفتح -: العدل والاعتدال .والمكاثرة : المفاخرة والمغالبة في الكثرة بالمال أو العدد .

العدد لكل الصفات الكريمة وضدها يفوق خمسة وسبعين ، ولكن بأعتبار الأولى هي حقيقة العقل والجهل ، وإن الجند يكون من صفات وأحوال العقل والجهل لا ذاته وحقيقته فيكون العدد خمسة وسبعون من الجند ، فالعقل هو حقيقة الخير وهو نور الإيمان ، والجهل هو حقيقة الشر والكفر ، ثم تأتي الصفات كما ذكر فتدبر .


( اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ ,
اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ .
اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي )
اللهمَّ كُنْ لِوليكَ الحُجّةَ بنَ الحسنِ العَسكَري ، صَلواتُ اللهِ عَليهِ وَعَلى آبائِهِ ، في هذهِ السّاعةِ وَفي كُلِّ ساعةِ ، ولياً وحافِظاً وقائِداً وناصِراً ودليلاً وَعيناً ، حتّى تُسكِنهُ أرضكَ طَوعاً وَتمتعهُ فيها طويلاً وَهَبْ لَنا رَأفتهُ وَرَحمتهُ وَدَعوتهُ ودُعائهُ وَخيرُه ما نَنالُ بِهِ سَعَة مِنْ فَضلِكَ وَفوزاً عِندَكَ يا كريمُ .
أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
بعد مرور 1170 على ميلاد إمام عصرنا الحجة بن الحسن العسكري عليه السلام سنة يوم 15 شعبان سنة 1425
موقع موسوعة صحف الطيبين
www.alanbare.com

يا طيب : إلى أعلى مقام في الصفحة صفح عنا رب الأنام بحق إمام العصر الحجة بن الحسن العسكري وآله الكرام عليهم الصلاة والسلام


يا طيب إلى الفهرس العام لصحيفة الطيبين طيبك الله وطهرك بالإسلام