الأصل الخامس
نتيجة الأصول في معرفة إمامة عترة سيد المرسلين
وتلازمهم مع القرآن لهدية المؤمنين

تمهيد : إمامة عترة سيد المرسلين وتلازمهم مع القرآن لهداية المؤمنين :
البرهان القرآني الأوّل : الله اختار النبي وأله كما اختار الأنبياء السابقين وآلهم :
البرهان القرآني الثاني : آية التطهير تـثبت إمامة عترة النبي وآله الطاهرين :
البرهان القرآني الثالث : تلازم المطهرون القرآن وأهل البيت ووراثتهم له :
البرهان القرآني الرابع : أهل الذكر أهل البيت أهل الرسول والقرآن :
البرهان القرآني الخامس : أهل البيت هم الراسخون في العلم بالقرآن :
البرهان القرآني السادس : الله تعالى يأمر بمودة القربى كأحسن أجر لرسول الله لنهتدي بهدهم :
الدليل القرآني السابع : نفي إمامة غير آل محمد يثبت إمامتهم :
خلاصة الفصل الأول : يتم غرض الوجود بتلازم القرآن والعترة :



إلى الأعلى




تمهيد : إمامة عترة سيد المرسلين وتلازمهم مع القرآن لهداية المؤمنين :
عرفنا أن غرض الخلقة :
هو إقامة العبودية لله تعالى وفق تعاليم الله التي أنزلت على أنبيائه السابقين ، وفي زمان نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعده بما أنزلت عليه من تعاليم دون غيرها ، وعرفنا الأمور التي توصل أو تحرف الإنسان عن إقامة العبودية الحقيقية لله تعالى ، كما عرفنا كثير من أحوال الناس في زمن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
وذكرنا بالدليل :
في الأصول الأربعة السابقة : أنه من الضرورة أن يبن لنا الله تعالى الأئمة والأوصياء والخلفاء بعد النبي لكي يتعلم منهم المؤمنون تعاليمه الحقيقة الغير محرفة ، ولكي لا يختلفوا بينهم ، ولكي لا يتبع المؤمنون من لم تكن له تزكية وعناية من الله ، أو فيه احتمال الأمور التي قد تحرفه عن التعاليم الحقيقة في تعلمها وتطبيقها وتعليمها والتي مرت في الأصل الثالث والرابع ، ويلزم أن يكون ذكر وتعريف المحافظين الحقيقيين لدينه تعالى ولهدايته التشريعية بنص القرآن الكريم و بنص كلام نبيه صلى الله عليه وآله وسلم دون بيان غيرهما ، لأن في حال الاختلاف يجب الرجوع للقرآن والنبي دون غيرهما ليـبينان لنا الحق مع مَن مِن أئمة الدين المتصدين لبيانه التعاليم الإلهية والمدعين لخلافة النبي عليها .
وقد ذكرنا : في التمهيد المختصر أن الحق مع عترة النبي وآله صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، وإن القرآن الكريم ينص ويؤكد على ذلك وكذلك النبي الأكرم .
ولآن حان الوفاء بالوعد :
في بيان نص القرآن لدلالته على إمامة عترة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع التفصيل ، وإنهم هم المختارون من قبل الله للحفظ على القرآن ولتفسيره وبيانه بعد النبي ، و هم خلفاء النبي الحقيقيين لبيان الهداية التشريعية الحقيقية كما أنزلها الله تعالى على نبيه الأكرم من غير انحراف واختلاف .
وبنفس البيان : المبين لإمامة سادات الدنيا وأئمتهم أقصد آل محمد صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ؛ يتم بيان تلازم القرآن والعترة النبوية بحسب غرض الخلقة وغاية وجود الإنسان ، لأنه يجب إقامة العبودية الحقيقية لله تعالى وفق ما أنزلها على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم من غير تحريف وانحراف ، ولا يمكن تحصيل هذه التعاليم إلا في القرآن الكريم المشروح والمبين ببيان العترة دون مخالفيهم ، على أن يكون بيان أحاديث النبي بإمامة عترته وآله الطاهرين وتلازمه مع القرآن موكول للباب الثاني إن شاء الله تعالى .

مقدمات : لإثبات إمامة عترة النبي وآله بعده :
هذه المقدمات تتلخص : أن إتقان الخلقة وحسنها بما في ذلك الإنسان ، وأن الله تعالى خلق الإنسان ليبتليه ويختبره ويختار من بنيه أحسنهم ذاتاً وعلماً وعملاً ليجعله نبي أو وصي نبي ويخصه بتعاليمه التي هي أحسن التعاليم وبكتابه الذي هو أحسن الحديث ، فيلازم بينهم ليهدون المؤمنين الهداية التشريعية ، ويستلزم هذا إمامة أحسن الناس في زمانه على المؤمنين ليوصلهم لصراط الله المستقيم ولحقيقة عبوديته ولسعادة المؤمنين الدنيوية والأخروية .
وبيان هذا يتم
بمقدمات نذكرها باختصار اعتماد على ما مر من أصول ، وهي :

 


الأولى : خلق الله كل شيء وبالخصوص الإنسان حسن :
قال تعالى : {{ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ }} السجدة 6 ـ 7 .
وقال سبحانه :
{{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }} المؤمنون 12 ـ 14 .
وقال عزّ وجلّ :
{{ صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ }} البقرة 138 .
وقال الله العظيم :
{{ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }} غافر 64 .
قال الله تعالى :
{{ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }} التين 4 .

 


الثانية : الوجود مسخر للعبودية ولخدمة الإنسان لكي يعبد :
قال تعالى : {{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا }} الإسراء 44 .
وقال سبحانه :
{{ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }} الجاثية 13 .
وقال عزّ وجلّ :
{{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }} الذاريات 56 .

 


الثالثة : الناس يختبرون ليظهر أحسنهم عملاً :
قال تعالى : {{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }} الملك 1 ـ 2 .
وقال سبحانه :
{{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }} الكهف 7 .
وقال عزّ وجلّ :
{{ وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }} هود 7.

 


نتيجة المقدمات : إن الله اختار و اصطفى للهداية أحسن الناس عملاً ، وهم الأنبياء وآلهم ، وأخرهم نبينا وآله الطاهرين :
إذا عرفت ما سبق وتحقق لك أن الله تعالى يبتلي الناس ليظهر أحسنهم عملاً ، ولا يكون أحسنهم عملاً إلا أن يكون أحسنهم ذاتاً وعلماً ، لتظهر أثارهما بالعمل ، وأن أحسن المؤمنين عملاً هو الذي يكون مختار من قبل الله تعالى لهداية الناس الهداية التشريعية ويخصه بتعاليمه وكلامه التي هي أحسن التعاليم وأحسن الحديث ، ومن له هكذا منزله فهو إمام الناس وسيدهم ويجب على الناس الرجوع إليه في كل شيء .
و منصب إمامة أحسن الناس لهم ، لا يوجد لأحد إلا للأنبياء السابقين وأوصيائهم ، وبالخصوص لنبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، فهم أحسن الناس ذاتاً وعلماً وعملاً وهم أئمة الناس وسادتهم ويجب على الناس الرجوع إليهم لمعرفة تعاليم الله تعالى .
ولإثبات هذا المطلب نبينه بآيات مطهرة من القرآن الكريم تكون هي البرهان المحكم والدليل القاطع والحكم الفاصل لبيان اختيار الله تعالى لنبينا محمد وآله لهداية الناس وتعلمهم تعاليمه لأنهم أحسن الناس ذاتاً وعلماً وعملاً .
ولنسمي كل بيان برهان قرآني فنتوكل على الله ونقول :



إلى الأعلى





البرهان القرآني الأوّل : الله اختار النبي وأله كما اختار الأنبياء السابقين وآلهم :

قال تعالى :
{{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ، وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }} القصص 59 ، 68 ـ 70 .
هذه كمقدمة لبيان اختيار الأنبياء للهداية من قبل الله تعالى العالم بكل شيء لكي يقيم الحجة البالغة على الناس .
ولبيان اختيار الأنبياء وآلهم للهدية :
قال تعالى : {{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ
إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
...
فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ }} آل عمران 31-34 ، … ، 61 .
قد خص واصطفى الخبير الحكيم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآله الطيبين الطاهرين بعد عدة آيات تشرح اختيار آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران ، مخصص النبي محمد وآله الطيبين الطاهرين بشرح وبيان عدم كذبهم على الله تعالى وهذا يكفيهم فخر أن يكون لهم اختيار و تزكية من الله تعالى .
و اختصاص آية المباهلة المذكورة آنفاً بالنبي محمد وآله صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين متفق عليه من جميع المسلمين ولكل من تعرض لشرحها وبيان شأن نزولها .
فقد ذكروا بقول قاطع لا جدال فيه أن المراد :

بقول الله تعالى :
{{ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا }} قد جاء النبي الأكرم في يوم المباهلة بالحسن والحسين عليهم السلام .
وبقوله تعالى :
{{ وَنِسَاءنَا }} جاء بفاطمة الزهراء ابنـته أم الحسن والحسين مع أنه كان عنده كثير من النساء ولم يأتي بواحدة منهن .
وبقوله تعالى :
{{ وَأَنفُسَنَا }} جاء النبي الأكرم ب علي ابن أبي طالب أبو الحسن والحسين وزوج فاطمة الزهراء وجاعله كنفسه .
وهؤلاء الذين جاء بهم النبي الأكرم ليـباهل بهم لطهارتهم وهم آله وعترته الطاهرة :
وبما عرفت في آخر الآية جعل الله لعنته على الكاذبين ، دلّ الكلام أن هؤلاء منزهون عن الكذب والقول على الله من غير علم ، وإلا لو علم الله منهم الكذب لما أمر نبيه أن يباهل بهم ولجاء بغيرهم من أزواج النبي أو من عامة المسلمين ، ولكن لما كان هؤلاء الذين اختارهم الله و جعل لهم شهادة بصدقهم ، ولا توجد لأحد غيرهم من المسلمين مثل هذه الشهادة بالنص عليه ، فإذا بينوا شيء من التعاليم السماوية والهداية التشريعية والتفسير للقرآن أو حديث للنبي الأكرم يجب اخذ ما قالوا به من توضيح وتفسير وترك كل كلام يخالفهم مهما كان شأن قائله من المسلمين إذا خالفهم ؛ لأن ليس له هذه الشهادة من الله تعالى ، والمعروف إن نفي الكذب عن أل البيت يعني نفي كل ما يخالف تعاليم الله أو عدم إتيانها أو كتمانها وعدم بيانها على حقيقتها .
وهذا الاصطفاء و الاختيار للنبي وآله شهادة من الله للنبي محمد وآله وكرامة لهم ليبين أنهم أحق بإمامة الناس و لهدايتهم الهداية التشريعية الحقيقية ، كل واحد من هؤلاء الأئمة في زمانه ، النبي ثم علي ثم الحسن ثم الحسين عليهم صلاة الله وسلامه ثم بعدهم الأئمة من ذرية الحسين كما سيأتي بيانه .
في أن توارث الإمامة وأنهم اثنا عشر أمام من قريش ولا تصدق على غيرهم .

والله أن للمنصف والذي يعتني بأمر دينه يكفيه هذا الدليل من الله لاصطفاء النبي وآله لهداية المؤمنين لحقيقة عبوديته ، ومن له اهتمام بدينه لا يتعداهم لغيرهم ، ومن يرجو الله ورضاه لابد له أن يأخذ تعاليمه من النبي وآله ويكون مع الصادقين نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، قال الله تعالى : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }} التوبة 119 .



إلى الأعلى




البرهان القرآني الثاني : آية التطهير تـثبت إمامة عترة النبي وآله الطاهرين :
ولكي يرسخ : ما ذكرنا من المعنى وليقبل عندك بقبول قاطع غير قابل للمناقشة ـ وإن كان ما ذكر كافي للمؤمنين ـ نؤكده بآيات أُخرى من القرآن الكريم تدل على نفس مطلب وجوب متابعة آل النبي وعترته بعده في أخذ تعاليم الدين منهم لا من غيرهم لمن يريد النجاة والفوز بالدنيا والآخرة ، بعد أن يقيم لله العبودية وفق ما يعلموه من تعاليم القرآن وشرح أحاديث النبي ولا يقبل قول يخالف شرحهم وبيانهم .
ولكون كل برهان قرآني : يعتبر مصدق ومؤيد وتأكيد لما سبقه ولما بعده ، وإن كان هو في نفسه دليل وبرهان مستقل كافي للمنصفين ، فتابع البراهين القرآنية كلها ومن ثم اعتبرها كلها دليل واحد ، ومن تجمع القرائن يحصل اليقين من هذا الاعتناء بأهل البيت عليهم السلام الذي لا يوجد لغيرهم ، بل ولا واحد بالمائة مما لهم من الاعتناء والفضل الذي ذكره الله في القرآن في حقهم ومن بيان شأنهم ، ويكفيهم آية التطهير ونزولها في حقهم :

قال تعالى :
{{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }} الأحزاب 33 .
تطهير ذات النبي وآله وفي القول والفعل والعمل وهذا دليل على انهم أحسن الموجودات لأن الله تعالى طهرهم ، وهذا يكفي لكل منصف أن يأخذ تعاليم الله من هذا الجمع كل واحد منهم في زمانه على اعتبار النبي هو المشرع عن الله تعالى وآله خلفاء وأوصياء و شارحين ومفسرين لتعاليمه والموكلون للحفاظ عليها من الاختلاف ولا يقبل كلام مخالف لهم .
وتفسير ورود الآية فيهم ذكره كل من فسرها من المسلمين ، وهم أصحاب الكساء بلا منازع الذين نزلت بهم الآية دون غيرهم ، و مبين ذلك في آل النبي الضمير المذكر بعد أن وبخ من يخرج عليهم ويعاندهم بالتبرج بنون النسوة ، و لمراجعة تفسير الآية فيهم يمكن الرجوع للمطولات مثل إحقاق الحق أو عبقات الأنوار وكذا المراجعات وغيرها من الكتب المؤلفة في هذا الباب .



إلى الأعلى





البرهان القرآني الثالث : تلازم المطهرون القرآن وأهل البيت ووراثتهم له :
قال الله تعالى في حق القرآن : {{ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ
تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ * وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ }}
الواقعة 75-82 .
وقال الله سبحانه في حق أهل البيت :
{{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }} الأحزاب 33.
وقال عزّ وجلّ :
{{ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ }} فاطر 31-32 .
إذا عرفنا أن القرآن طاهر لا يمسه بالتفسير والبيان إلا المطهرون كما لا يمس لفظه إلا المتوضئ المتطهر ، عرفنا أنه قد أورث العباد الذين اصطفاهم بالتطهير أورثهم الكتاب وهم محمد وآله و عترته صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، وقد عرفتهم أنهم لا يكذبون بآية المباهلة ، ,إنهم مطهرون بآية التطهير ومصطفون بآية الاصطفاء هذه وأورثوا القرآن بنصها على أنهم هم السابقون بالخيرات ـ
ببيان القرآن كسورة الدهر ، وأية المودة التي جعلها اجر لعملهم الصالح وأجر لرسول الله كما سيأتي ، وأية تقديم الصدقة لمناجاة الرسول التي لم يعمل بها إلى الإمام علي عليه السلام ، وآية الولاية وإعطاء الزكاة في الصلاة ، وآية الإنفاق سر وعلانية وبالليل والنهار وغيرهن ـ كما ستطلع عليه ، ويتأكد لك معنى تلازم القرآن والعترة لهداية المؤمنين بعد النبي وإنهم أحق بالإمامة وبالخلافة والولاية عليهم من غيرهم .
وإذا عرفت قول الله تعالى :
{{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }} الحجر 9 .
تعرف أن الله تعالى كما يحفظ على القرآن الكريم باللفظ كذلك يحافظ عليه بالمعنى والشرح والتفسير والبيان ، ولا يعقل أن يقال يحافظ على اللفظ دون المعنى والتفسير وبيان ما فيه من تعاليم ، وإذا كان لابد من الحفاظ على التعاليم فلابد أن يحافظ عليها بأحسن خلقه وهم المطهرون من آل محمد صلاة الله وسلامه عليهم الذين بينهم وبين القرآن مسانخة ومجانسة التطهير وحسن الوجود والهدف والغاية .
ومن يدعي أن الله يحافظ على القرآن على لفظه دون المعنى كذبته القراءات السبعة ، وأن اعتبار المحافظة على اللفظ دون المعنى مثل من يحافظ على القشر ويترك للب لا يراه ولا يأكله ولا ينتفع به ، وتعالى الله أن يريد الحفاظ على الألفاظ دون الحفاظ على المعنى وما يراد من حقائقه التي فيها حقيقة الهداية التشريعية ، ولا محافظ طاهر إلا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين .



إلى الأعلى



البرهان القرآني الرابع : أهل الذكر أهل البيت أهل الرسول والقرآن :
سما الله تعالى الرسول ونبينا الأكرم ذكرا حيث قال تعالى : {{ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا }} الطلاق 10-11 .
وسما الله سبحانه القرآن الكريم ذكرا حيث قال تعالى :
{{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }} الحجر 9 .
و أمر الرجوع لأهل البيت عندما لا نعلم حكم القرآن وقد سماهم عزّ وجلّ أهل الذكر يعني هم أهل الرسول والقرآن الذين عنهم علمه حقاً حيث قال عزّ وجلّ :
{{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }} النحل 43 ، ولا يعقل أن يكون للملل السابقة أهل للذكر الذي عندهم علم كتابهم ، والمسلمون ليس عندهم أهل للذكر ، وإذا كان للمسلمين أهل للذكر وعالمين به فهم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام لما عرفت من آية التطهير والمباهلة والاصطفاء والتوريث للكتاب والمحافظة عليه وأهل الذكر ، فللمتدبر لا يبقى شك في إمامة أهل البيت عليهم السلام ، ولا يبقى لك شك فيهم أنهم هم أهل القرآن الذين يجب الرجوع إليهم .



إلى الأعلى




البرهان القرآني الخامس : أهل البيت هم الراسخون في العلم بالقرآن :
قال تعالى : {{ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }} آل عمران 3 .
وقد عرفت بآية المباهلة أنهم لا يكذبون ، و بآية التطهير أنهم مطهرون ، وبأية الاصطفاء أنهم هم المورثون للكتاب ، وبآية الذكر أنهم أهله المحافظون عليه ، تعلم بآية العلم أن أهل البيت وعترة النبي هم الراسخون فيه من غير منازع ، حيث لا يوجد لغيرهم دليل يزكيهم حتى تصدق عليه الآية .



إلى الأعلى





البرهان القرآني السادس : الله تعالى يأمر بمودة القربى كأحسن أجر لرسول الله لنهتدي بهدهم :
أفضل أجر للإنسان هو لأحسن أعماله :
قال تعالى : {{ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
}}
النحل 96_97 .
وأن من يعمل صالح خالص يرضاه الله تعالى يجعل له الرحمان سبحانه وتعالى ود على المؤمنين أن يراعوه ، ومراعاته لابد أن تكون بالإقتداء بأعمالهم لأنها صالحة مقبولة عند الله تعالى أسمع قوله تعالى واقرأ تمام البحث لتتيقن إمامة آل محمد صلى الله عليهم وآلهم وسلم ، قال تعالى :
{{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا }} مريم 96 .
ثم إن أحسن الأعمال في الوجود هو عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلهو أحسن الأجر في الوجود وهو مودة أهل البيت وعترة الطاهرة لوجود خواص فيهم التي منها عملهم الصالح الذي عرفت تقريره وبيانه أعلاه :
قال تعالى :
{{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }} الشورى 23 .

وتعليم الله لنبيه ولجميع المسلمين أن احسن أجر لرسوله الذي هو أحسن أجر في الوجود مذ خلق الله الدنيا إلا أن تفني لا يوجد أجر أحسن منه ، وحصره في مودة قرباه الذين عرفتهم بأية المباهلة وبآية التطهير والاصطفاء والذكر ، ليس مجرد كلام غير مقصود لله تعالى عن ذلك ، بل يريد الله أن يبين عظمة أهل البيت ومقامهم وخطرهم ومكانتهم عنده ومنزلتهم لديه ، بل هو في الحقيقة بيان لإمامته على المؤمنين ووجوب الرجوع إليهم بمودة وحب والتسليم لحكمهم وقضائهم في تعاليم الله التي أنزلها لهداية البشر جميعهم ، وذلك لأنهم أحسن الناس ذاتاً وعلماً وقولاً وعملاً .

وهذا يعني أنتم يا أيها المؤمنون يكون احسن أعمالكم مودة أهل البيت وذلك بمتابعتهم وأخذ تعاليمكم الشرعية منهم ، وقبولهم أئمة وسادة عليكم وخلفاء لرسول الله لكم ، وأن الحسنات التي تريدونها لتدخلوا في رضا الله وجنته هي بالأعمال التي يتبين أمرها بشرح وبيان آل البيت عليهم السلام ، وهذه البشرى لنا لنعرف كيف نصل لتعاليم الله وبشرى لرسول الله بنجاة أمته من الانحراف بآله الطيبين الطاهرين ، وبمقدار اقترابنا منهم عليهم السلام تحسن ذواتنا وأقوالنا وأعمالنا .
ولا يعقل أن يكون المراد ودوهم وحبوهم : ثم خالفوهم في القول والعمل وتابعوا غيرهم ، و المعروف عقلا وشرعا وعرفا المحب لمن يحب مطيع وتابع إذا كان حبه حقيقي ، والمحب يحشر مع من يحب لأنه يعمل بأعماله ويتبع أقواله .
قال تعالى :
{{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }} آل عمران 30 .
وتدبر الآيات قبلها وبعدها كيف ترى تلازم الحب والمتابعة والعمل وفق عمل المحبوب .
والله تعالى أعطى لنبينا محمد وآله صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين أحسن اجر في الوجود وأفضله ، ولا يضر الله ولا نبيه وآله تابعه أحد أم لا ، حبهم أحد أو لا ، وهم لهم المقام الأرفع عند الله لخواص موجودة فيهم ، والنفع يرجع للمحب لا للمحبوب ، بمعنى إذا أحببناهم وعملنا وفق قولهم نحن ننتفع وننال رضى الله حيث نقيم لله العبودية التي أمر بها وأخذنا تعاليمه من المصدر الموثوق الذي زكاه الله وطهره واختاره ليبين تعاليم دينه .
ولما عرفت قال تعالى :
{{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا }}
الفرقان 56 ـ 57 .

هذا معناه الفائدة والنفع يرجع لنا إذا اتبعنا أهل البيت لا انه رسول الله تنازل عن أجره ولم يرد مودة أهل بيته ، ويكون خلاف حب المطهرون والمختارون المصطفون وخلاف ما أمر الله والعياذ بالله تعالى منه .
بل حب أهل البيت ومتابعتهم هو السبيل الموصل إلى الله تعالى وتعاليمه ورضاه والوصول للهدف الأسمى من إقامة حقيقة العبودية لله تعالى لوجود خواص فيهم ، بالإضافة لكونه أجر رسول الله ، وأعيد ذكر آية الود لوجود خواص فيهم ليكونوا قدوة وسبيل لتعاليم الله الحقيقية وصراط هداية للهداية التشريعية .
قال تعالى :
{{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا }}
مريم 96 .
فالأجر الذي سأله النبي هو مودة أهل البيت ومتابعتهم وأخذ تعاليم الله منهم بعد وفاته ؛ هذا الود هو السبيل المذكور في الآية السابقة ، وهو الطريق الموصل إلى الصراط المستقيم الذي نسأل الله أن يوصلنا إليه في اليوم عشر مرات في الصلاة عندما نقرأ صورة الفاتحة ، فمتابعة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم والعمل بتعاليمهم الشارحة للقرآن والمبينة لسنة جدهم ، وهو الموصل لغاية الوجود من إقامة العبودية لله تعالى وفق ما أمر الله تعالى به ، لوجود خواص فيهم وظهورها بالعمل الصالح الذي جمع للرسول بجعل مودة القربة ولاية وقدوة وإمامة وهداية للمؤمنين .
وعليه في زماننا الحاضر بل وبعد وفاة النبي كل تعليم مخالف للتعاليم التي بينها آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، يكون مخالف لتعاليم الله التي أنزلها على نبيه ، ولم يأمر الله بها ولم يجعلها سبيل موصل لصراطه المستقيم .



إلى الأعلى





الدليل القرآني السابع : نفي إمامة غير آل محمد يثبت إمامتهم :
كون الإمامة من نسل وذرية نبي الله إبراهيم عليه السلام كرامة له لإخلاصه مع الله تعالى مما لا شك فيه ويثبته القرآن كما ستطلع عليه أن شاء الله تعالى ، و إن قريش من نسله مما لا شك فيه كبناءه الكعبة المشرفة ، و أنه نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم سيد قريش ، وهو الذي اختاره الله لهداية البشرية وهو سيد الأنبياء والأئمة و عترته وآله بعده هم أئمة المسلمين ، وغيرهم بنص القرآن لا يمكن أن يكون إمام للمسلمين سواء كان من قريش أو من غيرها .
وبهذا المعنى نفي إمامة غير آل النبي وعترته الطاهرة يثبت إمامتهم بلا فصل ؛ حيث إن لابد من هادي للناس إلى تعاليم الله تعالى موثوق مطهر يرجع إليه الناس فيما اختلفوا فيه و يعرفهم ما لم يعرفوه . وقد بينا هذا المعنى وضرورة وجود الإمام والهادي للناس في كل زمان ومختار من قبل الله في الأصول السابقة فراجع .
فإليك دليل عدم إمكان إمامة غير آل النبي وعترته بعده للمسلمين ليثب أنهم عليهم السلام أئمة الحق ويتم هذا وفق أمور :


الأمر الأول : الظالم لا يستحق الإمامة :
قال الله تعالى : {{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }} البقرة 124 .
بيان معنى الآية الإجمالي : هو أن نبي الله إبراهيم عليه السلام لما أخبره الله بعد أن اختبره بأمور سماهن الله تعالى كلمات و أتمها وخرج من الامتحان و الاختبار الإلهي بنجاح ، أكرمه الله حيث أعطاه منصب ومقام آخر مضاف لمقام النبوة ألا وهو مقام الإمامة ، فأستعظم أمره واحب هذا المقام عليه السلام فطلبه وسأل من الله أن يعطي هذا المقام الرفيع الشامخ لذريته كذلك .
والله تعالى استجاب لطلبه وأعطاه سؤله ، لكن لا على الإطلاق ، بل منع الله الإمامة عن الظالمين من ذريته ونفى عنهم أي استحقاق لها . هذا ما تحكيه الآية الشريفة .
ففي هذه الآية الشريفة يبين الله سبحانه عظمة و أهمية الإمامة للناس ، وأن الظالم ولو لحظة في حياته سواء قبل إسلامه أو بعده أو في فترة قصيرة من حياته ولو كونه ولد في الإسلام لا يستحق الإمامة للناس .
و وجه الاستدلال بهذه الآية هو :
تنحصر ذرية النبي إبراهيم عليه السلام في أربعة طوائف بالنسبة لتلبسهم بصفة الظلم وعدمه .
الطائفة الأولى : الظالمون طول عمرهم .
الطائفة الثانية : الظالمون في آخر عمرهم .
هؤلاء الناس من ذرية إبراهيم عليه السلام الذين تشملهم صفة الظلم في هذين الطائفتين ، ولا يعقل أن يكون سأل النبي إبراهيم لهم منصب الإمامة من الله ؛ لأن الظالم طول عمره لا يعقل أن يكون إمام للناس وقدوة لهم ولتعليمهم ، وكذا الذي يظلم في أخر عمره لا يعقل أن يكون إمام للناس وهو ظالم ؛ حيث المعروف الإمامة منصب يتلبس به الإمامة حتى وفاته يعني من بعد وفاة الإمام الذي قبله ولآخر عمره .
فهؤلاء الأفراد من ذرية إبراهيم في هاتين الطائفتين خارجين من موضوع اصل الدعاء تخصصاً ولم يكن يشملهم دعاء النبي إبراهيم عليه السلام .
بقي طائفتان من ذرية النبي إبراهيم عليه السلام شملهم دعاءه بطلب الإمامة لهم من الله تعالى وهما :
الطائفة الثالثة :
الظالمون في أول عمرهم وتابوا من ظلمهم .
الطائفة الرابعة : الذين لم يظلموا أبداً طول حياتهم ولا لحظة لا في أول عمرهم ولا في وسطه ولا في أخره .
وقد نفى الله تعالى استحقاق الإمامة للطائفة الثالثة ، ومنع الظالم لنفس ولو في أول عمره وتاب عن استحقاق الإمامة على الناس وعدم تمكينه من قيادتهم والحكومة عليهم ، ولذا لا يكون الظالم لنفسه ولو لحظة إمام للمؤمنين ولا الهادي للهداية التشريعية لهم ، وقد قال تعالى : ((لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) البقرة 124 ، وهي نفس الآية المذكورة أعلاه .
فإذاً فقط الذين لم يعصوا الله تعالى ولم يظلموا أنفسهم أبداً يستحقون منصب الإمامة والخلافة على المؤمنين ، وهم المذكورون في الطائفة الرابعة وهؤلاء المختارون من قبل الله تعالى لهداية الناس فقط ، وما ذلك إلا لكون أن منصب الإمامة والخلافة لرسول الله وبيان أحكام الله والوصول لحقيقتها يحتاج لأُناس مطهرون مختارون من قبل الله تعالى ، وهذا المعنى لا يصدق على أحد من قريش ولا من غيرهم غير آل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهم وحدهم المشهود لهم هذه الشهادة من الله تعالى .
وإما أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فالمهاجرون السابقون فجميعهم عبدوا الأصنام وشربوا الخمر وغيرها من الأمور التي تعتبر ظلم كما سيأتي بيان معناه ، فضلا عن إقرارهم بأنهم يمكن أن يصدر منهم الخطأ والظلم بنحو من الأنحاء ، ولم يوجد أحد منهم يدعي أنه منزه ومعصوم من قبل الله تعالى ، وأما الذين ولدوا في الإسلام لا شهادة لهم بالتزكية من الله ولا يوجد أحد منهم يدعي أنه معصوم من الخطأ ، أو له ميزة مخصوصة يستحق بها هذا المنصب .
وبهذا المعنى تعرف لا يوجد معصوم ومطهر من الظلم بجميع أنواعه من ذرية إبراهيم عليهم السلام في قريش بعد نبينا محمد غير الإمام علي أبن أبي طالب وولديه الحسن والحسين عليهم السلام والتسعة المعصومون من ذرية الحسين عليهم السلام وهم الأمة بمجموعهم أثني عشر ، حيث كما أنهم يدعون أنهم معصومون كذلك عندهم شهادة من قبل الله تعالى ونبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، كما عرفة سابقا وكما ستطلع عليها أيضاً .



تعقيب : أنواع الظلم :
الكفر ظلم : قال تعالى : {{ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ }} البقرة 254 .
الشرك ظلم : قال سبحانه :
{{ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }} لقمان 13 .
الكذب ظلم : قال عزّ وجلّ :
{{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا }} الأنعام 144 .
ومن المعروف أن كل أصحاب النبي قبل إسلامهم كانوا مشركين أو كافرين لعبادتهم الأصنام فهم ظالمون من نوع الطائفة الثالثة وإن تابوا ، ولا يستحقون لمنصب إمامة للمسلمين والخلافة لرسول الله تعالى بعده ، وبقي الإمام علي عليه السلام حيث أنه لم يسجد لصنم حتى قالوا بكرم الله وجهه شهادة منهم له بالإضافة لشهادة الله تعالى له في كثير من الموضع ، سواء في آية التطهير أو في آية المباهلة حيث كان نفس النبي أو الآيات الخاصة به مثل آية الولاية والركوع وغيرها وكذلك الشهادة لولديه الحسن والحسين عليهم أجمعين صلاة الله وسلامه .

فتخلص البحث في هذا البرهان :
أن استحقاق الإمامة المجابة للدعاء المذكور في الآية من قبل الله تعالى للنبي إبراهيم في ذريته قبل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فهي لبعض الأنبياء من ذريته الله يعلمهم مثل موسى وعيسى عليهم السلام ، وإما في زمن النبي محمد وبعد وفاته فهي محصورة في النبي محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وهم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآله علي والحسن والحسين وأبناء الحسين التسعة وتلحق بهم أمهم فاطمة الزهراء أيضاً كرامة لهم معصومة من الظلم ولكون وفاتها في حياة زوجها لم تستحق منصب الإمامة والخلافة وإن كانت معصومة أيضاً بالإضافة كون الإمامة محصورة بالرجال من آل محمد عليهم السلام .
وكل من يدعي الإمامة للمسلمين غيرهم فهو ظالم وكاذب ، وهذا نفي استحقاق إمامة غير النبي وآله يثبت إمامتهم بلا فصل ولا تردد في القطع به .
فبهذا من قطع بإمامة محمد وآله الطيبين الطاهرين فبها ، ومن بقي له شيء فليجمع القرائن من أول البحث ويتابع البحث التالي لعل الله يهديه للحق ويتبع منهم أولى بخلافة رسول الله وإمامة الناس و إيصالهم لحقيقة تعاليم الله تعالى وأحق .


تكيل للبرهان السابع :
في الحقيقة مسألة الإمامة للناس وبيان تعاليم الله للناس من المسائل المهمة وقد بين أهميتها الله في القرآن في عدة مواضع ، وكذلك يعلم الله نبيه أن يدعوه ليجعل الإمامة في ذريته وآله ، لا يعقل أن يسهو النبي عن هذا الأمر المهم وهو المعلم للبشرية كلها ويدور أمر رسالته وجميع أتعابه حولها وعليها ، وهو أعقل الناس وأوعاهم لتعاليمه التي جاء بها من عند الله ، وهو الذي يعرف أهمية ما جاء به من تعاليم ومعنى أمر الله تعالى بأن يسأل الإمامة لهم ، وفعلاً قد سأل النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم الإمامة لآله وذريته وقد أجابه الله تعالى و أعطاه سؤله وجعل الإمامة والخلافة في ذريته وآله بما عرفة من الأدلة ، ولبيانه بأسلوب أخر وشواهد أخرى يتم ببيان أمور موضحة وهي :

الأمر الأول : لابد من وجود إمام للناس يدعون بهم يوم القيامة :
قال تعالى : {{ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً
وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً }}
الإسراء 71-72 .
وقد عرفة هذا المعنى مفصلاً في الأمر الثلث من الأصل الرابع ، و خلاصة وجود نوعين من الأئمة في كل زمان أئمة كفر وضلال وأئمة حق وهم الذي يجب إتباعهم كما تبينه الآية أعلاه .


الأمر الثاني : الله يعلم النبي أن يدعو بالإمامة لذريته :
قال تعالى : {{ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا
خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا
قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا }}
الفرقان 73-77 .
والنبي أولى الناس بالتدبر بالقرآن وتذكر هذه الآية والدعاء بمضمونها وطلب الإمامة لذريته ، و ما أمره الله تعالى بهذا وما علمه إياه إلى ليعطيه هذا المنصب له ولذريته ويكرمه به وقد فعل هذا سبحانه كما عرفت من ذكر البراهين السابقة .
وإن هذه الآيات وإن ذكرناها كبراهين مستقلة لكن جمعها هنا تبين أنها استجابة لدعاء النبي بالإمامة لذريته ، تبين أن الله تعالى أعطى النبي الأكرم منصب الإمامة له ولذريته الذين طهرهم واصطفاهم ، كما أعطى للنبي إبراهيم عليه السلام .
ولا يعقل أن يقال النبي غفل عن الدعاء لذريته بالإمامة مع العناية الموجودة في الآية السابقة والحث الشديد على هذا الدعاء ، وإذا دعا النبي الأكرم فالله تعالى أكرمه وبين في مواضع إمامة ذريته كما عرفت .




إلى الأعلى





خلاصة الفصل الأول : يتم غرض الوجود بتلازم القرآن والعترة :

لقد عرفنا في هذا الفصل : أن غرض الوجود هو إقامة العبودية الحقيقية لله تعالى ، و الوجود يتمخض ليظهر أحسن ما فيه وهو الإنسان ، والإنسان يخلص ويغربل بالاختبار والامتحان حتى يظهر أحسنه فيختص بوحي الله وتعاليمه ليهدي الناس الهداية التشريعية .
ولكل زمان كان أنبياء حتى جاء زمان نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فخلص به الوجود كأفضل موجود ولحقه بالتبع والاختيار الإلهي أهل بيته وعترته الطاهرة فكانوا هداة للبشرية بعده ، وقد بينا ذلك بالأدلة القرآنية .
فكان النبي وآله صلى الله عليهم أجمعين وسلم والقرآن الكريم كشمس واحدة يضيء نورها الوجود المعنوي للإنسان ليوصله للهداية التشريعية الربانية حتى يتمكن بحق أن يقيم العبودية الحقيقة لله تعالى ويصل السعادة الدنيا والآخرة .
ويتم غرض الوجود حسب ما أراد الله تعالى من إقامة العبودية الحقيقية له من قبل الإنسان المختار بتوسط قدرة الله و الاستعانة به ، بشرط متابعة من اختارهم للهداية التشريعية و بتطبيق تعاليمه الحقيقية المأخوذة من القرآن الكريم الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في حياته ، وعلى أن تأخذ تعاليم الله منه وبعد وفاته وفق شرح العترة وأهل بيت النبي وآله ووفق بيانهم وتفسيرهم لا من غيرهم و المخالفين لهم .
ثم إن إثبات إمامة آل النبي وعترته لإقامة الهداية التشريعية بعد النبي بنص القرآن الكريم ؛ يدل على تلازمهم مع القرآن لشرحه وبيانه ، وكشف ما أراد الله تعالى من حقيقة تعاليمه التي أراد الله أن يعبده الإنسان بها ، و بهذا المعنى تحقق غرض وغاية وجود الإنسان الذي هو خلاصة الوجود الإمكاني وغرض وجوده وغايته .


فـتحصل :
أن القرآن الصامت بشرح وبيان العترة النبوية ينطق وتتم المحافظة عليه ، وهو وهما متلازمان إلى يوم القيامة ولا يمكن التفريق بينهم ، وكل من يأخذ بواحد منهما دون الآخر ضال عن الصراط المستقيم .
فآل النبي والقرآن متلازمان أحدهما يفسر الأخر ويبين حقيقته ، يعرض كلامهم على القرآن فيوافقه فيعرف أنهم هم الذين نطقوه ، ويستنطق القرآن بتفسيرهم و شرحهم فيعرف معناه ووجه تفسيره وما لمراد منه ومن محكمه ومتشابهه ، ومن ناسخه ومنسوخه ، ومن مجمله وتفصيله ، ومن عامه وخاصه ، ومن مطلقه ومقيده ، و كل قراءة للقرآن وشرح وتفسير مخالف لقراءتهم ولشرحهم وتفسيرهم مدخول محرف لم يكن هو المقصود في معاني القرآن ولا هو المراد لله تعالى .

فمن كفته الأدلة أعلاه بإمامة العترة الطاهرة للمسلمين بعد رسول الله و أطمئن قلبه بها نجى بمتابعتهم ، وكفته حجة عندما يسأل كل إنسان عن إمامه ، لماذا أمنت أو أتبعت الأئمة من آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأخذت تعاليمك منهم دون غيرهم من الأئمة ، فيمكنه أن يجيب بقول صريح محكم عن يقين وأطمئنان و يقول الله امرن بحبهم ومتابعتهم وجعلهم سبيل يوصل إلى رضوانه ، ومن كان يتبع غيرهم ويتعبد بتعاليم غيرهم إذا سؤل عن أمامه يوم القيامة ، ماذا يجيب يوم القيامة وما هو دليله لا أعلم له دليل ولا سبيل نجاة يرضاه الله له والعياذ بالله من الانحراف عن رضاه .

هذا والأدلة على إمامة آل بيت النبي عليهم صلاة الله وسلامه أجمعين كثيرة في القرآن ، ومنها الخاصة بإمامة الإمام علي عليه السلام ، والعامة التي تشمل جميع أهل البيت عليهم السلام ، وما ذكرنا من الأدلة تكفي للمنصف والراغب بالعبودية الحقيقة لله ، عندما يتابع نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين في القول والعمل ويأخذ تعاليم الله منهم عن اطمئنان ويقين بأنها تعاليم الله من غير تحريف .
وما ذكرنا في هذا الفصل قسم من البراهين القرآنية الدالة على إمامة آل النبي الطيبين الطاهرين ، على أن نجعل الفصل الأتي من هذا الباب في الأدلة القرآنية الأخرى ، ونجعل الباب الثاني بفصوله في الأحاديث النبوية الشريفة الدالة على إمامة العترة الطاهرة .
فيا طيب محب الطيبين ويا أيها المحب لتطهير ذاته وأعماله عما يخالف ما أنزل الله ، تدبر ما ذكرنا وضعه في قلبك وعقلك ووجدان إيماناً راسخاً حتى تفيض أثاره في جميع أعمالك وفي كل سكناتك وحركاتك فإن فيه رضا الله تعالى .
ثم تابع الأدلة الباقية فإنها محكمة وبراهين قاطعة لا يضرها تأخيرها عن هذا الفصل ، وما جعلت في فصل آخر إلا لأهميتها ولتتدبر فيها عند مراجعتها ، وإن تفصيلها لتتقن علومها بتأني وتدبر وحب ، فإلى المزيد من أدلة محبة أهل البيت وما يثبت إمامتهم ، لكي تفرح الروح وليطمئن القلب وليرسخ الإيمان بذكر فضائل ومناقب محمد وآله صلاة الله وسلامه عليهم ، فإليك الفصل التالي وباقي أبواب الكتاب . وقل ربي زدني علما و هيئ لي من أمري رشدا إنك الرؤوف الرحيم .



إلى الأعلى






المؤمن بالله وبالهداة الحقيقيين لدينه محمد وآله الطيبين الطاهرين
خادم علوم آل محمد عليهم صلاة الله وسلامه أجمعين
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
ورحم الله من قال آمين







إلى الأعلى