بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
واللعنة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين


صحيفة الثقلين


اسم الكتاب
الإهداء
تمهيد فيه أصول تبين أهم بحوث الكتاب بالإجمال
ـــــــــــــــــــــــــــ

الأصل الأول
غرض الخلقة يستلزم تلازم الثقلين القرآن والعترة

ـــــــــــــــــــــــــــ
الأصل الثاني
تمهيد عقلي وجداني ومعتمد على الثقافة الإسلامية وبهما يثبت تلازم القرآن و العترة النبوية الطاهرة
وهو يتم ضمن مقدمات :
ـــــــــــــــــــــــــــ
الأصل الثالث
أحسن الحديث يدل على احسن الناس بعد النبي الأكرم
وهو مختصر في بيان تلازم القرآن والعترة النبوية بنص القرآن
ببحث مختصر ويأتي التفصيل في فصول الباب الأول الآتية
ـــــــــــــــــــــــــــ
الأصل الرابع
أحسن العباد يدل على أحسن الناس بعده مع تلازمهم مع القرآن
ـــــــــــــــــــــــــــ



إلى الأعلى




كتاب
صحيفة الثقلين

1ـ في الولاية والهداية التشريعية


العترة عند القرآن
والقرآن عند العترة


كتاب استدلالي في إثبات تلازم
القرآن و العترة النبوية الطاهرة
حسب غرض الوجود


المؤلف
خادم علوم آل محمد (عليهم السلام )
الشيخ حسن جليل حردان
ـــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــ ص1

الإهداء
أُهدي هذا الجهد المتواضع إلى :
سيدي ومولاي ومعتمدي ورجائي
الأمام الثاني عشر والحجة ابن الحسن المنتظر
روحي وأرواح العالمين له الفداء
راجياً منه القبول والشفاعة بإذن الله عزّ وجلّ
وأن يجعلنا في ركابه في الدنيا والآخرة

جـاءت سليمان يوم العيـد قُبرة ــ ــ ــ أتت بفخذ جرادة كان في فيها
ترنمت بفصيح القول واعتذرت ــ ــ ــ إن الهـدايا على قـدر مهديها
ـــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــ ص 2


بسمه تعالى
تمهيد وتقديم
فيه أصول تبين غرض
كتاب (صحيفة الثقلين )
تدبر فيها رجاءً
ــــــــــــــ ص3
ــــــــــــــــــــــ



إلى الأعلى




الأصل الأول
توضيح أن غرض الخلقة يستلزم تلازم الثقلين
القرآن الكريم و العترة النبوية الطاهرة

هذا المقال سنثبته في هذا التمهيد بالاستلال العقلي والكلام المنطقي مختصراً في الأصليين الأولين
كما نتعرض في الأصل الثالث لتلازمهما بنص القرآن وفي الرابع بنص حديث الثقلين
ثم نفصله في الفصول الآتية في كل باب حسب موضوعه
وتحرير هذا الأصل وفق مقدمات هي :



المقدمة الأولى : غرض الخلقة إقامة العبودية لله تعالى :
إن غرض الخلقة أن يقيم الإنسان العبودية لله سبحانه وتعالى
بذاته وبعلمه وعمله ، حتى يمكنه الوصول لسعادة الدنيا والآخرة .


المقدمة الثانية : تقام العبودية الحقيقية لله تعالى بأتباع تعاليمه الحقة :
إذا كان لابد للإنسان من وجوب إقامة العبودية لله
فلابد بلطفه سبحانه أن يرشده للأمور التي توصله لإقامة العبودية الحقة له تعالى
ولما كان سبحانه لا يباشر الناس ولا يُنزل ملائكة لجميع الناس لكي يبلغوهم أحكامه ، فلأبد أن يرسل لهم أنبياء رسول يعلمهم تعاليمه الموصلة لحقيقة عبوديته وقد أرسل سبحانه انبياء و رسل وأيدهم بمعجزات لكي يصدقهم من يرغب من الناس للوصول لسعادة الدنيا والآخرة
وذلك بعد أن يتعلموا تعاليمه التي أوجدها لسعادة البشرية ويعملوا بها ، ويكون حقيقتها إطاعة أوامره سبحانه سواء بالتوجه إليه مباشرتاً كالعبادات الصرفة ، أو بالواسطة كالأعمال الصالحة وأفعال الخير التي يتقرب الناس بها إليه سبحانه وتعالى وبالمجموع من العبادة يقيم الإنسان بها العبودية لله تعالى و يصل الإنسان بالتبع لسعادة الدنيا والآخرة .


المقدمة الثالثة : تعاليم الله الحقة تحصل بأتباع القرآن والسنة النبوية :
لكي يتمكن الإنسان من إقامة العبودية لله سبحانه فلابد أن يتبع رسله وتعاليمهم الحقة الغير محرفة ، ويجب عليه أن يتحرى الدقة في البحث لكي يصل إليها و بالدليل القاطع والبرهان الساطع ، ولا يجوز التقليد في هذه المسألة
و لما كان مسألتي إثبات التوحيد لله تعالى والنبوة لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المسائل المسلمة عند المسلمين جميعاً ؛ كان الواجب هنا بحث كيفية الوصول لتعاليم الله تعالى التي أنزلها على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، و التي يقام بها حقيقة العبودية لله تعالى ولتي توصل الإنسان لسعادة الدنيا والآخرة .
ومن المسلم لدى جميع المسلمين أن النبي قد خلف فينا القرآن الكريم وسنته المطهرة .


المقدمة الرابعة : اختلف الناس في تفسير القرآن والسنة وفي كيفية الوصول اليهما وهذا ينافي غرض الخلقة من إقامة العبودية الحقة والوصول لسعادة الدنيا والآخرة :
كل مسلم يعلم علم اليقين اختلف أصحاب النبي الأكرم في تفسير القرآن الكريم وفي تطبيق السنة النبوية ونقلها ، و وضعت أحاديث كاذبة تروى عن النبي سواء في التفسير للقرآن الكريم أو في بيان تفصيل الأحكام والتعاليم الواردة عن النبي الأكرم والتي تفصل مجمل ما ذكره الله في القرآن الكريم .
ولهذا اختلف أصحاب النبي ودارة الحروب بينهم بعدة فترة وتسلط على رقاب المسلمين حكام فسقه ، و وعاض سلاطين يفتون الناس بأحكام لم ينزل الله بها من سلطان تؤيد الحكام وتشرع لهم حسب رغباتهم ، كما أن الفقهاء والرواة اختلفوا في كثير من الأحكام وصاروا مذاهب مختلفة كلأ يعبد الله ويقيم أحكام تخالف الأخر .
وهذا مما ينافي غرض وجود الإنسان لإقامة العبودية لله تعالى بما يرضاه من غير اختلاف وخلاف ، وكذا في الوصول وتطبيق ما أراد و أنزله الله في القرآن وما علمه لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مما يوصل الإنسان لأفضل حياة في الدنيا والآخرة .


محصل البحث ونتيجته :
لما كان الله يرد بجد أن تقام له العبودية الحقة ولكي يصل الإنسان لسعادة الدنيا والآخرة من غير خلاف ؛ لازم سبحانه بين القرآن والعترة النبوية وقرن بينهم وأوجب اتباعهما :
هذا ملخص البحث الذي بتطرق له هذا الكتاب وحيث يسوق الأدلة من نص القرآن والسنة النبوية المطهرة بما يوافق نص القرآن و يؤيده العقل والوجدان مضافاً للنصوص التي حدث بها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم و المتفق عليها من الطرفين .
ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لإتباع حقيقة ما أمر به من أحكام وتعاليم توصلنا لما أراد من إقامة العبودية الحقة له ونصل تبعا لها لخير الدنيا والآخرة إنه خير مولى وخير معين .
ـــــــــــــ
___________________________________



إلى الأعلى



___________________________________


الأصل الثاني
تمهيد عقلي وجداني ومعتمد على الثقافة الإسلامية وبهما يثبت تلازم القرآن و العترة النبوية الطاهرة
وهو يتم ضمن مقدمات :
الأولى : أن غرض خلق الإنسان هو أن يقيم العبودية لله سبحانه وتعالى بذاته وعلمه وعمله ، وبالتبع يصل لسعادة الدنيا والآخرة .
الثانية : تعاليم الله تعالى و التي يقام بها العبودية له والتي توصل الإنسان بإقامتها لحقيقة عبوديته ولسعادة الدنيا والآخرة ، وهي احسن شيء في الوجود حيث أنها كلامه وكلامه احسن كلام في الوجود وحديثه احسن حديث في الكون .
وأن كلام الله التشريعي قد نزل في القرآن الكريم وهو أحسن الحديث .
الثالثة : لما كان كلام الله تعالى احسن الكلام وحديثه احسن الحديث ، فلابد أن ينزل كلامه وحديثه على احسن الناس ذاتاً وعلماً وعملاً ، وهذا مشهود لله تعالى لاختياره الأنبياء في جميع الأزمنة ويشهد لهذا نزول القرآن الكريم على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .


النتيجة ومحصل البحث في هذا الأصل :
لما كان سبحانه وتعالى عليم بذات الصدور ولا يزكي الأنفس إلا هو ، فهو سبحانه الذي يختار احسن الناس لتبليغ كلامه الذي هو احسن الحديث ، وعرفنا هذا في نزول القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
فلذا لابد أن يكون الذي يفسر كلام الله ورسوله ويعلمه الناس بعد النبي الكريم يكون احسن الناس في زمانه ، ولابد أن تكون فيه مواصفات تدل عليه في نفسه انه هو احسن الناس بعد النبي الأكرم ،كما يدل عليه الله في كتابه القرآن الكريم الذي هو احسن الحديث ويدل عليه نبيه الذي هو احسن الناس كما هو صلى الله عليه وآله عنده احسن الحديث .
فتحصل : لابد أن يكون احسن الناس بعد النبي الأكرم هو الذي يعلم الناس احسن الكلام سواء كان القرآن الكريم أو يكون الحديث الشريف للنبي الأكرم ؛ حتى يصل الناس في كل زمان لحقيقة العبودية لله تعالى وبالتبع يصلون لسعادة الدنيا والآخرة .

ولكي لا يختلف الناس فيمن هو احسن الناس بعد النبي الأكرم : لابد أن توجد مواصفاته مذكورة ضمن كلام احسن الحديث ( القرآن ) واحسن الناس ( نبينا )، وهذا ما نتعرض لإثباته في هذا الكتاب من تلازم القرآن و العترة النبوية باعتبارها احسن الناس بعد النبي الأكرم وأنه يدل على هذا المطلب القرآن الكريم الذي هو احسن الكلام والنبي الأكرم الذي هو احسن الناس وهو الذي عنده احسن الحديث
وهذا ما نقصده من تلازم القرآن الكريم والعترة النبوية الكريمة :
يعني إذا أراد الله أن يعبد حقيقة على طول الزمان ممن يرغب في عبادته ، فلابد بلطفه أن يساعده للوصول لأحكامه الحقيقية بتوسط احسن الناس ، فيشرح ويبين له تعاليمه التي موجودة في كلامه الذي هو احسن الحديث ، وإلا يكون بعثه الأنبياء و إنزاله الكتب لغو وعديم الغرض ، لأنه إذا لم يبين هذا عندها يحق لكل أحد أن يتصدى ويدعي انه عنده علم وتفسير كلام الله تعالى وكلام رسوله .
ويحصل اختلاف بين المدعين ويصير الناس كل واحد يتعبد بخلاف ما يقوله الآخر وبدل أن يكون الدين واحد يكون مختلف ، و تعالى الله عن ذلك ، و سبحانه أن يكون من اللاعبين حيث يريد عباده مخصوصة ولا يدل على من يدل عليها ويترك الناس مختلفين .
يشهد لهذا المطلب تلازم القرآن والنبي في زمانه ، بل في جمع الأزمان بين وحي الله وكلامه وجميع الأنبياء ،
فلابد أن يكون من عنده علم الكتاب حقيقة هو احسن الناس ، ولابد أن يشهد له القرآن والرسول الأكرم ، ولا يوجد أحد له هذه الشهادة الملازمة لأحسن الحديث القران الكريم غير آل النبي و أهل بيته الذين طهرهم الله و أمر بمودتهم الذين يمكنهم بيان القرآن بأحسن وجه من غير تحريف وانحراف عن معناه الحقيقي وهذا ما نثبته كما يأتي تفصيله وإن كان برهانه جلي لكل منصف مطلع على تعاليم الله تعالى .


وخلاصة هذا الأصل وغرضه هو :
أن أحسن الحديث وهو القرآن ، واحسن العباد وهو النبي أو الإمام بعده متلازمان ، وإن كل من يقترب منهما يصل لحقيقة العبودية لله تعالى وبالتالي لسعادة الدنيا ؛ حيث يعلم أنه على يقين من فعله وعمله من دون شك ، وكذا يصل لحقيقة السعادة الأخروية ؛ لأنه تبع كلام الله تعالى في وجوب اتباع احسن الناس وأقام حقيقة العبودية له سبحانه .
وعليه كل إنسان يقترب من إمام زمانه و يأخذ منه تعاليم الله أو ممن يخوله إمام زمانه أنه يبلغ عنه أحكام الله يكون من أحسن الناس ذاتاً وعلماً وعملاً.
ـــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ



إلى الأعلى




ــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأصل الثالث

أحسن الحديث يدل على احسن الناس بعد النبي الأكرم
وهو مختصر في بيان تلازم القرآن والعترة النبوية بنص القرآن
ببحث مختصر ويأتي التفصيل في فصول الباب الأول الآتية


لبيان أن كلام الله احسن الحديث قال الله تعالي : [ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ].الزمر 23.
ولبيان أن القرآن انزل على نبينا محمد وأورث آله الكتاب بعده نذكر الآيات الآتية : [ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ]
فاطر 31-32.
وقال تعالى :
[ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ] آل عمران61.
حيث جعل الله تعالى أبناء النبي الحسن والحسين ، ومصداق أزواجنا فاطمة الزهراء ، وجعل نفس النبي الأمام علي ، حيث هؤلاء الذين باهل بهم النبي كما تشهد لهم الآية بعدم الكذب لأنه لو علم الله فيهم الكذب لما أمر النبي بالإتيان بهم للمباهلة.
ولبيان أن الناس تختلف في فهم الكتاب قال الله تعالى : [ ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ] البقرة 167 .
وبين الله تعالى هذا كما بين أن علمه عند الراسخون في العلم ، قال تعالى : [ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ ت تأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ] آل عمران7.
وقد بين الله تعالى انه يجب مراجعة أهل البيت عليهم السلام وذلك عندما نفهم عدة آيات كتأكيد لما سبق وهي :
قال تعال:
[ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ] الأحزاب33.

قال تعال: [ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ] الكهف30.
قال تعال:
[ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ] الشورى23.
قال تعال :
[ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ] سبأ47.
فهذه أربع آيات في الأولى أشار الله سبحانه انه طهر آهل البيت من الشك في معرفته ومعرفة تعاليمه وفي الثانية أشار تعالى إلى أنه لا يضيع عنده عمل صالح .
وفي الآية الثالثة بين تعالى احسن مصداق للذين عملوا الصالحات و أمر بمحبتهم بعد أن طهرهم وجعل اقتراف الحسنات بمودتهم ومتابعتهم .
وفي الآية الرابعة أشار سبحانه أن هؤلاء مرضيين عند الله تعالى وإن سؤال النبي الأجر بمحبة القربى ومتابعتهم يعود نفعه للإنسان العامل به ليصل للعمل الصالح بمعرفة حقيقة العبودية لله عن طريق أخذ التعاليم منهم ويصل لسعادة الدنيا والآخرة بتبع ذلك.
في هذا المعنى في الفصول التالية ستطلع على كثير من الآيات من القرآن حيث في القرآن تبيان كل شيء وهو يفسر بعضه بعضاً من طريق ضم الآية للآية ومن حيث تناسب الحكم والموضوع فيهما.
ومن هنا لكي نعصم من الاختلاف وللوصول لحقيقة العبودية لله تعال نرى أن علوم القرآن يجب أن نتعلمها ممن زكاهم القرآن وشهد لهم بعدم الكذب وطهرهم من الخبائث بجميع أنواعها فضلاً عن الكذب عليه أوفي تعليم أحكامه أو تفسير كتابه وبيان تعاليمه .

وهذا المعنى هو الذي يبين معنى تلازم القرآن والعترة النبوية بحسب غرض خلقة ووجود الإنسان وانه إذا أراد أن يصل لمعرفة الله و أحكامه وما يتبعه من الوصول لسعادة الدنيا والآخرة لا يمكنه التفكيك بينهم أي يقبل القرآن دون الأخذ بقول عترة النبي وآله واتباعهم في بيان تعاليمه وتفسيره .
وعلى هذا يكون متبع آل النبي له شهادة من القرآن لتزكيته في اتباعه الطريق الصحيح لأخذ تعاليمه
ومن ينحرف عن آل النبي ليس له تزكية وعليه يكون عمله مرفوض ولعياذ بالله ويكون عمله و زحمته في العبودية و إتيان الأعمال في مهب الريح غير مقبولة .

ـــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــ



إلى الأعلى



ــــــــــــــــــــــــ

الأصل الرابع

أحسن العباد يدل على أحسن الناس بعده مع تلازمهم مع القرآن


ذكرنا في الأصل السابق تلازم القرآن والعترة بنص القرآن .
وفي هذا الأصل نشير إلى حديث الثقلين وتلازم القرآن و العترة بنص حديث رسول الله ، ويكون بعد أن دلّ القرآن على تلازمه مع العترة يكون تلازم العترة والقرآن بنص حديث احسن عباد الله المخصوص بأحسن الحديث .
والأحاديث في هذا الباب في فضل العترة وتلازمها مع القرآن كثيرة واشهراها حديث الثقلين والذي سمينا هذا الكتاب بمعناه ، كما أن لهذا الحديث مضامين كثيرة حيث أشار رسول الله له في مواطن متعددة، وذكر به المسلمين في مواقف مشهودة كثيرة ، وهنا في هذا الأصل نشير إلى بعض الأحاديث منه هنا ونترك التفصيل فيه للفصل الأول من الباب الثاني أن شاء الله .
عن ابن عباس قال صعد رسول الله {صلى الله عليه وآله وسلم }المنبر فخطب واجتمع إليه الناس فقال { صلى الله عليه وآله وسلم } : {{ يا معشر المؤمنين أن الله عزّ وجلّ أوحى إلي إني مقبوض وإن أبن عميّ علياً مقتول ، وإني أيها الناس أُخبركم أن عملتم يه ِ سلمتم ، وإن تركتموه هلكتم ؛
إن أبن عمي علياً ((عليه السلام)) هو أخي ، وهو وزيري ، وهو خليفتي ، وهو المبلغ عني ، وهو إمام المتقين وقائد الغر المحجلين : إن استرشدتموه أرشدكم ، وإن تبعتموه نجوتم ، وإن خالفتموه ضللتم ، وأن عصيتموه فالله عصيتم ، وإن بايعتموه فالله بايعتم ، وأن نكثتم فبيعة الله نكثتم .
أنّ الله عزّ وجلّ أنزل علي القرآن وهو الذي من خالفه ضل ومن ابتغى علمه عند غير علي هلكَ .
أيها الناس اسمعوا قولي واعرفوا حق نصيحتي ، ولا تخلفوني في أهل بيتي إلا بالذي أُمرتم به من حفظهم ، فإنهم حامتي وقرابتي واخوني وأولادي .
وإنكم مجموعون ومسائلون عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، إنهم أهل بيتي ، فمن آذاهم آذاني ، ومن ظلمهم ظلمني ، ومن أذلهم أذلني ، ومن أعزهم أعزني ، ومن أكرمهم أكرمني ، ومن نصرهم نصرني ، ومن خذلهم خذلني ، ومن طلب الهدى في غيرهم كذبني .
أيها الناس اتقوا الله وانظروا ما أنتم قائلون إذا لقيتموه ، فإني خصمٌ لمن آذاهم ومن كنت خصمه خصمته .
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم }}.
أمالي الصدوق ص65 المجلس 13 حديث 11 .

وقال صلى الله عليه وآله وسلم : [ إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وأهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ]
أخرجه الحاكم في ص 148 من الجزء الثالث من المستدرك ثم قال : " هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه " . وأخرجه الذهبي في تلخيص المستدرك معترفا بصحته على شرط الشيخين .

وقال صلى الله عليه وآله وسلم : [ إني أوشك أن أدعى ، فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عز وجل وعترتي . كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ] أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري من طريقين أحدهما في آخر ص 17 ، والثاني في آخر ص 26 من الجزء الثالث من مسنده وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن سعد عن أبي سعيد وهو الحديث 945 من أحاديث الكنز في ص 47 من جزئه الأول .

ولما رجع صلى الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع ، ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن فقال : [ كأني دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله تعالى وعترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .
ثم قال : [ إن الله عز وجل مولاي ، وأنا مولى كل مؤمن - ثم أخذ بيد علي فقال - : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ] الحديث بطوله .
أخرجه الحاكم عن زيد بن أرقم مرفوعا في صفحة 109 من الجزء الثالث من المستدرك ثم قال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله . وأخرجه عن طريق آخر عن زيد بن أرقم في ص 533 من الجزء الثالث من المستدرك ثم قال هذا حديث صيح الإسناد ولم يخرجاه ، قلت : وأورده الذهبي في تلخيصه معترفا بصحته ..

وعن عبد الله بن حنطب قال : [ خطبنا رسول الله بالجحفة فقال : ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال فإني سائلكم عن اثنين : القرآن و عترتي ] .
أخرجه الطبراني كما في أربعين الأربعين للنبهاني ، وفي احياء الميت للسيوطي ، و أنت تعلم أن خطبته صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ لم تكن مقصورة على هذه الكلمة ، فانه لا يقال عمن اقتصر عليها إنه خطبنا ، لكن السياسة كم اعتقلت السن المحدثين وحبست أقلام الكاتبين ، ومع ذلك فان هذه القطرة من ذلك البحر ، والشذرة من ذلك البذر كافية وافية والحمد لله .

والصحاح الحاكمة بوجوب التمسك بالثقلين متواترة ، وطرقها عن بضع وعشرين صحابيا متضافرة كما ستطلع عليها في الفصل الأول من الباب الثاني . وقد صدع بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مواقف له شتى ، تارة يوم غدير خم كما سمعت ، وتارة يوم عرفة في حجة الوداع ، وتارة بعد انصرافه من الطائف ، ومرة على منبره في المدينة ، وأخرى في حجرته المباركة في مرضه ، والحجرة غاصة بأصحابه ،
إذ قال :
[ أيها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي ، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم ألا إني مخلف فيكم كتاب الله ( ربي خ ل ) عز وجل ، و عترتي أهل بيتي ، ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال : هذا علي مع القرآن ، والقرآن مع علي ، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض ] الحديث .. راجعه في أواخر الفصل 2 من الباب 9 من الصواعق المحرقة لابن حجر بعد الأربعين حديثا من الأحاديث المذكورة في ذلك الفصل ص 75 . .

وقد اعترف بذلك جماعة من أعلام الجمهور ، حتى قال ابن حجر - إذ أورد حديث الثقلين - : " ثم اعلم لحديث التمسك بهما طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا " ( قال ) : ومر له طرق مبسوطة في حادي عشر الشبه ، وفي بعض تلك الطرق أنه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة ، وفي أخرى أنه قاله بالمدينة في مرضه ، وقد امتلأت الحجرة بأصحابه . وفي أخرى أنه قال ذلك بغدير خم ، وفي أخرى أنه قال ذلك لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف كما مر ( قال ) : ولا تنافي إذ لا مانع من أنه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة إلى آخر كلامه. فراجعه في تفسير الآية الرابعة ( وقفوهم إنهم مسؤولون ) من آياتهم التي أوردها في الفصل الأول من الباب 11 من صواعقه في آخر صفحة 89 .

وحسب أئمة العترة الطاهرة أن يكونوا عند الله ورسوله بمنزلة الكتاب ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . وكفى بذلك حجة تأخذ بالأعناق إلى التعبد بمذهبهم ، فان المسلم لا يرتضي بكتاب الله بدلا ، فكيف يبتغي عن اعداله حولا .

على أن المفهوم من قوله :
[ إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله
وعترتي ]
إنما هو ضلال من لم يستمسك بهما معا كما لا يخفى . ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وآله في حديث الثقلين عند الطبراني : [ فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم ]
. قال ابن حجر : " وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم - [ فلا تقدموهم فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ، ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم ] - دليل على أن من تأهل منهم للمراتب العلية والوظائف الدينية كان مقدما على غيره ، إلى آخر كلامه . فراجعه في باب وصية النبي بهم ص 136 من الصواعق .

خلاصة التمهيد والتقديم :
إن من جملة الإعجاز الرباني الخالد هو دلالة القرآن الكريم بجمع أنواع إعجازه على حقيقة تعاليمه بالبت والقطع وإنها خالصة عند رسول الله وهو أحسن وأفضل موجود ، ثم يليه بالمعرفة بالقرآن عترته الطاهرة وعندهم أحكامه حيث دل كما عرفنا القرآن عليهم كما دل رسول الله عليهم وأنهم هم أُناس مطهرون عندهم علم رسول الله بما في ذلك القرآن الكريم .
وبهذا يصدق تلازمهما وعدم إمكان التفكيك بينهم أبداً ، ولهذا عبر رسول الله عن القرآن الكريم والعترة النبوية بأنهما ثقلان نفيسان قد خلفهما الله ورسوله فينا ليعصمنا من الزلل باتباعهما ، ولكي تتم حجته البالغة علينا و لتتم بذلك الولاية التشريعية لله تعالى بأحسن وجه ممكن من دون أن يكون تقصير من ناحية عدم وصول الأحكام الربانية .
فمن حافظ على القرآن والعترة نجى ومن أخذ تعاليم الله منهم وعمل بها وصل للكمال وانتفع بوجوده واعماله وعلومه في الدنيا والآخرة ومن تخلف عنهم هلك في الدنيا والآخرة .

هذا ما أردنا بيانه في هذا التمهيد والتقديم المختصر و أوكلنا التفصيل لدلالة القرآن على العترة في الباب الأول على أن يكون الباب الثاني يختص بمكانة القرآن عند العترة وآل النبي الأكرم ومنزلته بينهم وإن وبيان أن جميع أحكامهم مستقاة منه .
و بهذا تعرف معنى أسم الكتاب (( صحيفة الثقلين )) وما يحتويه من مطالب وبحوث ، و أسأل الله أن ينفع به المؤمنين ويثبتهم على ولاية النبي وآله الطيبين الطاهرين ، ويحشرني معهم يوم لا ينفع مال و لا بنين إلا من جاء بقلب سليم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

 



إلى الأعلى




الراجي لرحمة ربه وشفاعة نبيه
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري



إلى الأعلى