بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين
في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




محاورة ذكر علي عبادة

عليه السلام

المقدمة : تعريف مختصر :

صحيفة محاورة ذِكْرُ عَليٍّ عَلَيْهِ‏ السَّلَامُ‏ عِبادَةٌ : جرت على ساحات الحوار في الانترنيت بين الشيخ الشيعي حسن جليل حردان الأنباري ومعه بعض الأخوة من الشيعة ، ومع ذكر لكتاب " الإِبـادة لحكم الوضـع على حديث ذِكْرُ عَليٍّ عليه السلام عبـادة " للسـيّد حسن الحسيني آل المجـدّد الشيرازي ، وبين الشيخ الوهابي محمد إبراهيم .

في شهر رجب : سنة 1420 على ساحة حوار الموسوعة الشيعية ، وكانت بمناسبة ميلاد الإمام علي عليه السلام في رجب من سنة 1420 ، وقد بدأت في يوم 22-10-1999 ، الساعة 12:05 بعد الظهر ، وانتهت بما كتبه في يوم : 30-10-1999 الساعة : 11:45 مساءً ، وهي في الصحفة الموجودة بين يديك الكريمتين ، على موقع موسوعة صحف الطيبين صحيفة الإمام علي عليه السلام .

وبهذه المحاورة المباركة : نتعرف على حقائق تحكي ضرورة ذكر الإمام علي وآله عليهم السلام لمعرفة دين الله الحق وذكره الواقعي بما يحب ويرضى ، ووجوب الإيمان والتفكر بأعظم مخلوقات الله بعد رسوله من صفاته وأخلاقه وسيرته وسلوكه وعمله ، فضلا عن كلامه ومعارفه وعلمه ، والذي به تتم معرفة الله وهداه وصراطه المستقيم الذي يوصل لكل نعيم وسعادة في الدنيا والآخرة .

فذكر ولي الله : وإمام الحق بكل ما يخصه من المناقب والفضائل ، وبكل ما كرمه الله تعالى لنعرف تأريخ الدين وحقائقه الموصلة لطاعة الله ، بكل ما يحب ويرضى ، وبكل ما يوجب العبودية له تعالى بإخلاص .

ولذا كان من الواجب : ذكره بكل وجودنا علما وعملا وسيرة وسلوكا ، وبكل ما ظهر وتحلى به من طاعة الله وعبادته والإخلاص له ، لتقتدي به في طاعة الله وعبوديته بحق .

وإن بهجر علي وآله عليهم السلام : يكون الوقوع بالشرك الحتمي والتدين بتعاليم أئمة الضلال ، فكل من خالف آل البيت الطيبين الطاهرين الذين أمر الله بمودتهم وطاعتهم وتوليهم ، و بكل أو بشيء من سيرتهم وسلوكهم ودينهم الحق الهادي لحقيقة عبودية الله وحده لا شريك له ، يكون ليس من المنعم عليهم ولا معهم بل مغضوب عليه وضال ، من ناحية واحدة أو أكثر حسب بعده عنهم، فضلا عمن يبعد الناس عنهم حين يحاربهم بالقلم واللسان أو بالحربة والسنان ، ولمعرفة هذا المعنى نتدبر هذه المحاورة بين يديك الكريمتين ، فتمعن بها يا طيب .


روابط الصحيفة لتبليغها :
فهرس صحف الإمام علي عليه السلام
https://www.alanbare.com/1
محاورة صحيفة ذكر علي عليه السلام عبادة
https://www.alanbare.com/1/d
الصحيفة كتاب الكتروني
https://www.alanbare.com/1/d.pdf
ويا طيب تجد تفاصيل الصحيفة في البحوث الآتية :

المؤلف

الراجي لرحمة الله وشفاعة نبيه وآله عليهم السلام

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن جليل الأنباري

موسوعة صحف الطيبين


صحيفة محاورة ذكر علي عليه السلام عبادة

 صحيفة

ذِكْرُ عَليٍّ عَلَيْهِ‏ السَّلَامُ‏ عِبادَة محاورة جرت على ساحات الحوار في الانترنيت ، بين الشيخ الشيعي حسن جليل حردان الأنباري ومعه بعض الأخوة من الشيعة ، ومع ذكر لكتاب " الإِبـادة لحكم الوضـع على حديث ذِكْرُ عَليٍّ عليه السلام عبـادة " للسـيّد حسن الحسيني آل المجـدّد الشيرازي ، وبين الشيخ الوهابي محمد إبراهيم ، في رجب سنة 1420 على ساحة حوار الموسوعة الشيعية .





مقدمة
في أهمية محاورة ذكر الإمام علي عبادة وتأريخها

المحاورة والصحيفة :

بسم الله الرحمن الرحيم : والحمد الله رب العالمين الذي جعل ذكره عبودية له ، فقال سبحانه : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ  اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) } الرعد . وأفضل وأتم وأكمل الصلاة : على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، والذي جعل الصلاة عليه من ذكره وعبوديته سبحانه وتعالى ، والحمد لله الذي وفقني لعبوديته بنصر دينه الحق وأولياءه الذين جعلهم هداة لصراطه المستقيم ونعيمه المقيم ، وذلك عندما جادلتُ بالتي هي أحسن لأداء اليسير من حق سيدي ومولاي الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، فكانت لي في أول ظهور الانترنيت مشاركات ومحاورات على ساحات الحوار في الإنترنت ، والتي كان منها محاورة تحت عنوان ذكر علي عليه السلام عبادة ، وقد وضعتها ضمن صفحة البحوث في موقعي الشخصي ( موسوعة صحف الطيبين ) والذي أضع فيه كتاباتي وما ألفته على مرور الزمان من صحف أصول الدين وسيرت المعصومين عليهم السلام .

ويا طيب : هذه المحاورة قد كانت فاتحة خير لكتابة صحيفة الإمام علي عليه السلام باسم ذكر علي عليه السلام عبادة ، وصارت كتاباً له عدة أجزاء يبين كيفية الذكر والعبادة لله تعالى وحده لا شريك له ، وذلك عند ذكر كل أمر يعرفنا الولاية الحقيقية لنبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين ، ويعرفنا تعاليمهم التي خصهم الله بها وشرفهم بها ليعلموها لنا بكل وجودهم ، وبالخصوص ذكر المناقب الكريمة والخصائص الشريفة لإمام الهدى وخليفة الله على المسلمين بعد النبي الكريم علي بن أبي طالب صلى الله عليهم وآلهم وسلم .

ويا طيب : هذه المحاورة بين يديك ،  هي كمقدمة لصحيفة ذكر علي عليه السلام عبادة ، وإن كانت هي السبب لتأليف الصحيفة والأساس الداعي لإيجاد بحوثها والمعارف التي ذكرناها فيها ، وكانت هذه المحاورة لي كالباب الأول الذي يفتح منه ألف باب في معرفة دين الله وعبوديته وذكره ، ومن خلال معرفة الصراط المستقيم لهدى اللهوعبوديته سبحانه بإخلاص ونعيمه الدائم ، والذي يقود العباد له إمام الحق وولي الله الصادق المصدق علي بن أبي طالب وآله آل رسول الله صلى الله عليهم وسلم بعد نبي الرحمة .

كما وبهذه المحاورة : نطلع على أهم ما يشكل به المخالفون ، ومجال الخلط عندهم وكيف يحرفون الحق عن محله ، وذلك ليبرروا عبادة لله بدين أئمة الكفر معاوية وأمثاله وممن سلك سبيله ومهد له الحكم ، وكيف يهجرون دين علي وآله وسيده نبينا الكريم صلى الله عليهم وسلم ، والذي هو دين الله الحق وصراطه المستقيم لحقيقة معرفته والإيمان به ولعبادته والإخلاص له من غير شرك .

 

فيا طيب : فإن أحببت المزيد من معرفة أسس الدين والمعارف التي تنبع من حديث ذكر علي عليه السلام عبادة ، خالصة لله سبحانه وتعالى ، فعليك بمراجعة الكتاب المذكور بكل أجزاءه أو بعضها ، وإن كنت تطلب الاختصار وإجمال البحث وتكتفي بنص المحاورة لمعرفة الحق في أن ذكر الإمام علي عليه السلام بكل سيرته وسلوكه وتعاليمه ومعارفه ومعرفته يكون مقرب لله ومن أحسن العبادة الخالصة له تعالى ، فهذه المحاورة وحدها أضعها بين يديك ، وبها أيضاً تعرف ما جرى بيننا من الحوار في معارف الحديث الشريف ، وتعرفنا باختصار بأن ذكر الإمام علي عليه السلام من أفضل المسائل العباديّة عندنا ، وأكثرها شركاً عندهم ، فهم لا يرضون بذكره عليه السلام بمفرده من بين الصحابة أو تفضيله عليهم ، ويحرمون زيارته بل كل زيارة للنبي وآله صلاة الله وسلامه عليهم ويعتبرونها شركاً.

 فكيف بدعوى : ذكر علي عليه السلام عبادة ؟ وهل تراهم يقرون لها ويسلمون بصدقها ، وهم يفرون من معرفة الحق الصريح فيها وفيما شابهها من المسائل المرتبطة بحب النبي وآله الكرام وذكرهم ؟ فكيف يعتبرون ذكر سيد آل البيت بعد النبي عبادة والقرب منه عليه السلام طاعة لله يعبد بها سبحانه ويتقرب بها إليه بكل إخلاص ، وهم يصعب عليهم حتى سماع الكلام بمدحهم ، أو الترنم بذكر يفضلهم على الصحابة ؟ !! .

 وهذا الجدال : بالحق والحسنى في هذه المحاورة بين طرفي النقيض بين شيخ شيعي وشيخ وهابي ، فتطلّع فيه بعين الإنصاف وبضمير حر ووجدان صافٍ وعقل سليم لتعرف بحق إنَّ الحق مع نبينا محمد وآله صلى الله عليهم وسلم ، وتتيقن أن ذكر علي وآل علي وسيدهم النبي صلاة الله وسلامه عليهم وفق الشرع والعقل والعرف والوجدان عبادة تعالى ، وأن في ذكره وذكرهم كلهم عليهم السلام القربة الخالصة المرضية لله تعالى ، والتي لها أعلى ثواب وأجزل عطاء منه سبحانه، وفيها المقام الرفيع والكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إن شاء الله .

وأسأل الله عز وجل : أن تكون هذه المعرفة لهذه المسألة ، عوناً لنا ولكل مؤمن في معرفة معنى العبادة والذكر وحقيقتهما ، وكيفية التعبد لله بالولاية لأوليائه ونصرهم ومعاداة أعداء دينه والبراءة منهم وكشف سرهم ، ولتطمئن أنفسن ويذعن عقلنا ووجداننا وكل وجودنا بأنها من الدين ، بل من خالص العبودية لله تعالى وامتثال أوامر رب العالمين وإطاعتها بما يحب ويرضى .

 



تأريخ المحاورة وترتيبها :

كانت هذه المحاورة المباركة المسماة بـ ( ذكر علي عليه السلام عبادة ) ـ على ساحة حوار ( شبكة الموسوعة الشيعية ) وبمناسبة ميلاد الإمام علي عليه السلام في رجب من سنة 1420 ـ وقد بدأت في يوم 22-10-1999 ، الساعة 12:05 بعد الظهر ، وانتهت بما كتبه في يوم : 30-10-1999 الساعة : 11:45 مساءً.

وكان المحرر الأول للمحاورة الأخ أبو أحمد ثم توالت التهاني بين المؤمنين ، وبعدها أستقر النقاش بيني حيث كتبت باسمي حسن بالإنكليزية والتوقيع كان بعنوان خادم علوم آل محمد عليهم السلام .

 وبين المدعو : محمد إبراهيم وهو أول أربعة أو خمسة شخصيات من الوهابية الذين يعتنون بمحاوراتهم ويشيدون بها ، ويزجون بهم في معضل حوارهم مع الشيعة وأنصار نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم .

كما وسترى هنا كل حوار مع عنوان مناسب له ومنتزع من المواضيع التي فيه ومع المحافظة على الأمانة في المحتوى والنص ، وإن أحببت أن ترى المحاورة بنصها من غير كتاب أو من غير تنظيم فعليك بصفحة البحوث من موقع صحف الطيبين قسم الحوار أو في نفس صحيفة الإمام علي عليه السلام ، هذا وقد رقمت : كل محاورة دارت بيني وبينه بالإضافة للمحاورة التي فيها بيان حُسن سند حديث ذكر علي عليه السلام عبادة ، وهي كتاب : ( الإبادة لحكم الوضع على حديث ذكر علي عبادة ) للسيد الجليل حسن الحسيني آل المجدد الشيرازي حفظه الله ، وقد أضافها الأخ أبو أحمد لدعم المحاورة وإقامة الحجة فجزاه الله خيراً .

كما إن المحاورة : التي أجراها الأخ أبو أحمد والتي كانت أساساً لهذه المحاورات لم أعطها رقماً ، وقد اعتبرتها تهنئة في ذلك اليوم المبارك ولتتميز بما فيها من الأحاديث الشريفة التي تبين مقام الإمام علي عليه السلام ، وهكذا لم أرقم ما شابهها من كلمات التهاني التي تُبارك للمؤمنين ذلك اليوم الشريف في الذكرى السنوية بمناسبة ميلاد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في رجب من سنة 1420 هجري ، والتي تبادلها الأخوة الكرام الطيبون في تلك الأيام المباركة فكانت أيام حافلة بالتهاني بينهم ، وبدأت بالرقم من محاورة المخالف .

 وذكرت : محاوراتنا بعد رقمها باسم الشيعي ، وأما ما ذكره المحاور الآخر المعترض باسم الوهابي حسب مذهبة الذي كان المؤسس له في الزمن الأخير محمد بن عبد الوهاب ، ثم بعد ذكر رقم المحاورة وطرف الحوار ، أذكر عنواناً مناسباً يتضمن موضوع المحاورة ويشير لأهم مطالبها ، وبعد العنوان نضع زمان تحريره وكتابتها في ساحة الحوار للموسوعة الشيعية ثم نصها بما هي .



أثر المحاورة في تكوين صحيفة ذكر علي عليه السلام عبادة لله :

يا طيب : لما كان قد أنقطع الحوار على حين غرة ، ولم يستوف البحث حقه أُعلق على المحاورة ببعض التعليقات البسيطة ، وتمام البحث تجده ضمن موسوعة صحف الطيبين قسم صحيفة ذكر علي عليه السلام عبادة بكل أجزاءها ، وجعلناه بإذن الله في أجزاء متعددة تبدأ بأجزاء ما نذكر به الإمام علي عليه السلام ، وبعدها في معنى العبادة لله تعالى وما يرتبط بها من ضرورة الإيمان والحضور عند الله مخلصين له الدين ، وأول ما يترتب على الإيمان به من ذكره تعالى وحده لا شريك له ، وكيف التعبد له بذكر فضله على أولياءه وهداه لهم ، وبذكر كل ما خصهم الله به وكرمهم وأنعم به عليهم حتى كانوا بكل وجودهم أولياءه المعرفين له ولدينه الصادق ، وإن من أول تعاليم الدين هو نصر أولياء دين الله وأئمة الحق وضرورة أخذ أحكام الدين وتعاليمه منهم والتعبد لله بذكرهم .

 وهكذا يكون البحث : في الأجزاء بعدها في الذكر ومعناه ثم تتوالى البحوث إن شاء الله ، حتى نتيقن بكل وجداننا وديننا وعقلنا وفطرتنا إن ذكر علي عليه السلام عبادة خالصة لله تعالى لا شرك فيها أبدأ ، بل ذكره عليه السلام في أي دين وهدى وصفة له وخصال الكرامة التي منَّ الله بها عليه هي من أول المعارف والذكر الحق الذي يدعوا للإخلاص لله وحده لا شريك ، ويصفيه من كل باطل وظلام لأولياء الشيطان وأئمة الفكر ، وأن الشرك والضلال في ذكر أعداءه وموالاتهم بالحب لهم أو دعوة الناس لدينهم ، فإذا أردت المزيد في معرفة الحق وأهله فعليك بصحيفة ذكر علي عليه السلام عبادة ، واسأل الله أن يوفقني لكي أؤدي البحث حقه ويقبل مني نصر دينه أنه ولي حميد .

كما لا يسعني : إلا أن أشكر الأخ الفاضل المؤلف لبحث " الإِبـادة لحكم الوضـع على حديث  ذِكْرُ عَليٍّ عليه السلام عبـادة " السـيّد حسن بن صادق الحسيني آل المجـدّد الشيرازي حفظه الله ورعاه ، والذي عرضن عليه المحاورة قبل أن نعدها ووضعها على الانترنيت ، فراجعها مشكوراً وأقترح أن يوضع الأصل من متن بحث الإبادة الماثل بين يديك في المحاورة العاشرة ، لأن ترتيبه أفضل وبحوثه أتم وأكمل ، فجزاه الله خيراً وبارك جهوده ويراعه المبارك الذي كتب هذا الكتاب وغيره من الكتب والبحوث في بيان حسن أحاديث الولاية وصحتها ، ككتاب حُسْن الرِّفادة بتلخيص الإفادة بطرق حديث النظر إلى علي عبادة ، وحديث إتمام النعمة بتصحيح حديث عليٌّ باب دار الحكمة ، وغيرها الكثيرة والمنشورة في أعداد من مجلة تراثنا ومجلة الحديث وعلى الانترنيت.

كما وأشكر : كل المؤمنين الذين ساعدوني على نشره وترويجه وبأي جهد بذلوه في سبيل إعلاء كلمة الحق وجزاهم الله خير الجزاء ، وأيد الله جهودهم المبذولة لنشر علوم أهل البيت عليهم السلام بما يفرح كل طيب ، ويسر كل مؤمن يحب الواقع الذي يطابق هدى الله الصادق ، وبدليل محكم البيان وأسلوب جميل المنهل سهل المرقى ، ويشفي غليل كل مسلم منصف يحب دين الله وحده لا شريك له.

 فيعتنق مذهب : النبي وآله صلى الله عليهم وسلم ، ويدين به لله تعالى مطمئن مسرور بهداه ، وبعد أن أيقن بأدلته المحكمة وبراهينه الصادقة والتي توصله لرضا الله سبحانه ، لأنه دينه الحق الذي أنزله على خاتم الأنبياء والمرسلين ، وحافظ عليه بآل النبي الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، وعلى رغم المعاندين والمحاربين لهم في كل زمان ومكان ، وسواء كانوا مقاتلين لهم بالقلم واللسان أو بالحربة والسنان ، لأنهم كانوا عنهم ضالين وبهداهم الذي هو هدى الله غير مقتدين .

هذا ونسأل الله أن يتقبله منا وممن يقرأه ويؤمن به علماً وعملاً خالصاً لوجهه الكريم ، ويأجرنا بأحسن أجر حتى يجعلنا في الدنيا والآخرة مع مَن نتولاه وندين له بهداهم ، أئمتنا الأخيار المصطفين نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، أنه ولي حميد وهو ارحم الراحمين ورحم الله من قال آمين .

المحاور خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن جليل حردان الأنباري

موقع  موسوعة صحف الطيبين 

www.alanbare.com

 





بداية محاورة

حرر أبو أحمد الشيعي :

 في يوم : 22-10-1999 ، الساعة 12:05 بعد الظهر موضوعاً باسم :

[ ذِكْرُ عَليٍّ عليه السلام عِبـادَةٌ  ] .

بسم الله الرحمن الرحيم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً  سَدِيدًا } الأحزاب70 { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً } الإسراء36 .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مبروك ذكرى ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام .

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : ( لا يؤمن رجل حتى يحبَّ أهل بيتي لحبّي ) . فقال عمر بن الخطاب : وما علامة حبّ أهل بيتك ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( هذا ، وضرب بيده على عليّ ) . الصواعق المحرقة : 228 ، ونظم درر السمطين : 233.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( عنوان صحيفة المؤمن حبُّ علي ).

 تاريخ بغداد 4 : 410 . والجامع الصغير | السيوطي 2 : 182 | 5633 ، دار الفكر ـ بيروت ط1 . والمناقب | ابن المغازلي : 243 . (3) المستدرك على الصحيحين 2 : 241 . (4) المستدرك على الصحيحين 3 : 135 . وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وتاريخ بغداد 9 : 71 . والبداية والنهاية 7 : 355 . ومجمع الزوائد 9 : 132 . وذخائر العقبى : 91 .

وقال صلى الله عليه وآله وسلم :

( براءة من النار حبُّ علي ) .

وقال صلى الله عليه وآله وسلم :

( يا علي ، طوبى لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب فيك) .

روى بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إنّ الله أمرني أن أحبَّ أربعة ، وأخبرني أنه يحبهم ) .

فقالوا : من هم يا رسول الله ؟

 فقال : ( علي منهم ، علي منهم " يكررها ثلاثاً " وأبو ذرّ ، والمقداد ، وسلمان ، أمرني بحبّهم ).

سنن الترمذي 5 : 636 | 3718 . وسنن ابن ماجة 1 : 53 | 149 . والمستدرك على الصحيحين 3 : 130 . ومسند أحمد 5 : 351 . وأُسد الغابة 5 : 253 . والترجمة من تاريخ ابن عساكر 2 : 172 | 666 . والاصابة 6 : 134 . والصواعق المحرقة : 122 باب 9 . وتاريخ الخلفاء | السيوطي : 187 . وسير أعلام النبلاء 2 : 61 . والرياض النضرة 3 : 188 . ومناقب الخوارزمي : 34 .

 وتكرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لاسم أمير المؤمنين عليه السلام ثلاث مرات يعرب عن مدى اهتمامه بهذا الأمر ، والأمر بمحبة أبي ذر والمقداد وسلمان هي فرع من محبة أمير المؤمنين عليه السلام ؛ ذلك لاَنّ هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم كانوا المصداق الحقيقي لشيعة أمير المؤمنين عليه السلام ومحبيه والسائرين على منهجه ، وسيرتهم تكشف عن عمق إخلاصهم وولائهم له.

ونسأل الله أن يحشرنا مع محمد وآل محمد عليهم السلام ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين ، اللهم صلّ على محمد وآل محمد ، وعجل فرج آل محمد .


تبريك وتهنئة الأخت طبيعي:

وكتبت الأخت طبيعي في يوم  22-10-1999 الساعة 12:26 بعد الظهر :              

 السلام عليكم : أبارك لك أخي مولد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام .

وأسألك الدعاء أخي ، وليس فقط ذكر أمير المؤمنين عبادة ، بل كما يقول المصطفى صلى الله عليه وآله :

 ( علي ذكره عبادة والنظر إلى وجهه عبادة )

مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري - كنز العمال - الطبراني- ابن المغازلي- الخوارزمي .

اللهم ارزقنا جميعا رؤيته ، اللهم صل على محمد وآل محمد .





المحاورة الأولى : للوهابي
عبادة غير الله شرك

كتب المدعو محمد إبراهيم وهو من الوهابية في يوم : 22-10-1999 ، الساعة : 02:35 بعد الظهر .

 لقد جعل : الله سبحانه وتعالى العبادة خالصة لوجهه الكريم لا يشرك به أحدا من العالمين سواء كان وليا أو إماما أو صنما أو غير ذلك مما يفترون .

إن المغالاة : في حب مخلوق إلى درجة العبادة هو شرك بالله سبحانه وتعالى والعياذ بالله : { إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98)}الشعراء ، ومن يسوي رب العالمين بغيره فهو مشرك {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ (48)} النساء.

أنتهى .

______ :

توضيح وتعليق : أقول : نحن لا نساوي أحد برب العالمين بل هو الخالق وكل شيء في الوجود مخلوق له ، والله أعطى كل شيء نِعم لا تحصى في الوجود التكويني أو في الهدى التكويني والتشريعي ليستمر لأحسن غاية وأفضل كمال له ، ونحن حين نذكر علي وآله نعرفهم بأنهم هم المختصون بنعمة الهداية وهم أئمة الدين وولاة الأمر بعد سيدنا النبي ، وبهذا نعرفهم بأنهم آل نبينا وهم بعده المختصون بتعريف دين الله وهداه وأنهم عباده المخلصون المصطفون لله لتعريف نعمة الهداية التشريعية ، فمن أين جاءت التسوية برب العالمين حتى يكون ذكرهم شرك وليس فيه طاعة لله ول يكون مُعرف له ولدينه وغير مقرب له .

فهل ذكرهم : بأنهم عباد لله المخلصون والذين اصطفاهم الله لهداه وتعاليمه وتعريفه بحق المعرفة لعباده المؤمنين تسوية به تعالى ؟ أم بيان أنهم هم العباد المطيعون المخلصون له وأنه منهم يجب أخذ دينه يكون شرك ؟ وأين يكون الشرك بذكر شخص بأنه عبد مكرم لله ، أو أنه معلم لدين الله بكل وجوده وأن الله فضله على عباده لطاعته المخلصة التامة له.





المحاورة الثانية : للشيعيذكر علي لكونه لأمر الله فهو عبادة ليس بشرك

كتبت باسمي حسن

 ـ hasan ـ في يوم 23-10-1999 الساعة 02:10 صباحاً :

 نبارك لجميع المؤمنين ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فإن حب الله عبادة ، وحب الرسول عبادة ، وحب علي عبادة ، وحب آل البيت جميعهم عبادة .

 والعبادة : ليست بالسجود والركوع بل إطاعة الأمر من الآمر عبادة له ، وفي الحديث معناه من أستمع لمتكلم فقد عبده إن كان يتكلم عن الله فقد عبد الله وإن كان المتكلم عن إبليس فقد عبد إبليس ، ونحن نسمع ونطيع ونحب ما أمرن الله به في آية المودة وآية الولاية وفي الصلاة على ومحمد وآله في التشهد وغيره من المواضع ، ولمثل هذا نقول عبادة حب علي وآله ، لأنه نطلب ما امرنا به الله سبحانه وتعالى ، مثل امتثالنا أمر الصلاة والحج وغيرهما من التكاليف وإليكم أحاديث جميلة في هذا الباب :

1ـ قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أحبني فليحبّ علياً ، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزَّ وجلّ ، ومن أبغض الله أدخله النار ).

2 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أحبّ علياً فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزَّ وجلّ ) .
 تاريخ بغداد 13 : 32 . الرياض النضرة 3 : 122 . والصواعق المحرقة : 123 . والاستيعاب 3 : 1100 .

وممّا تقدم تبين أن محبة أمير المؤمنين عليه السلام تفضي إلى محبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإلى محبة الله سبحانه ، وذلك غاية ما يصبو إليه المؤمنون بالله ، وهي منتهى أمل الآملين . السلام على جميع الموالين لأمير المؤمنين والذين يعتقدون حبه نوعاً من العبادة يمكن التقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى .

حب علي بن أبي طالـبٍ

هـو الذي يهدي إلى الجنة

والنار تصلى لذوي بغضـه

فمـا لهم من دونها جُنـة

والحمـد لله على أنــني

مـمـن أوالي ولـه المنة



تبريك وتهنئة من الشيعي قاسم جبر الله  ، وأبو زهراء :

وحرر قاسم جبر الله : في يوم : 23-10-1999 الساعة : 12:51 بعد الظهر . مبرووووووووك لكم جميعا بمناسبة هذا المولد .

جبر الله qasem@ayna.com  .

وكتب الأخ أبو زهراء :

في يوم : 23-10-1999 الساعة 03:41 بعد الظهر .

 اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ، نبارك للأمة الإسلامية ذكرى المولد الشريف لأخي رسول الإنسانية وابن عمه أسد الله الغالب علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما وعلى البضعة السيدة فاطمة وأبناءهما أفضل الصلاة وأكمل التسليم .

الأخ حسن لماذا لا تكمل الأبيات : إن كان تفضيلي له بدعة   ....





المحاورة الثالثة : للوهابي لا يجوز ربط ذكر علي بعبادة الله فإنه شرك

حررها المدعو محمد إبراهيم يوم : 23-10-1999 الساعة 07:35 بعد الظهر .

 هل تقصدون : أنني لو جلست الآن وذكرت سيدنا عليّاً فإن هذه عبادة لله عز وجل ؟

ألا تعتقدون : أن هذا شرك بالله عز وجل حيث أننا ربطنا ذكر مخلوق بعبادة الخالق عز وجل ؟

 إذا كنا نحب سيدنا عليّاً : ونذكر فضائله فهذا ليس به شيء ، فسيدنا علي يستحق أكثر من هذا ، ولكن ربط ذكره بعبادة الله عز وجل هو الإشكال الخطير.

إن العبادة : هي خالصة لرب العزة والجلالة لا يجوز أن نشرك بها أحدا من عباده ، ولا يجوز أن نخلط بين الحب والعبادة . {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }النساء48 .





المحاورة الرابعة : للشيعي
عبادة الله متنوعة وبعضها يتم بذكر علي عليه السلام

حررتها في يوم : 24-10-1999 الساعة 10:26 صباحاً .

 بسم الله الرحمن الرحيم

قولنا : اللهم صلِّ على محمد وآل محمد ، نوع من العبادة نتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى ، لأنه سبحانه هو الذي امرنا بها ، وهكذا حب آل البيت كما هو معروف في الأمر به في آية المودة  ، والله امرنا بالطواف والسعي وغيره فامتثلن وحب النبي وعلي وآلهما مأمور به .

 

وذكر علي عليه السلام : إن كان للأمر الذي أمر الله به في حب آل البيت فهو طاعة لأمر الله فهو عبادة ، وإن كان مستقلاً عن أمر الله ودون النظر إليه ، فهو كفر ولا يجوز ، نحن نحب علياً ونذكره لأنه تابع لأمر الله بحبهم واتباعهم ووجوب إطاعتهم .

 

وما أراك تذكر الخلفاء الثلاثة والصحابة وتدافع عنهم ولا ترجو قربة به إلى الله بل بُعداً وطرداً منه ـ لأنه شرك عندك ـ، وإن كان ترجو قُربة لله شركتنا في الفكرة وخالفتنا في المصداق .

ونحن عندنا أدله خاصة وعامة تأمرنا بحب محمد وآله ، وأنت ليس لك أدلة ، وإن ذكرت شيئاً شارك فيه آل محمد وكانوا هم المصداق الحقيقي له ، وغيرهم حسب الآراء قسم قالوا هؤلاء انحرفوا ولم يدخلوا في هذا الفضل وقسم أيدوا .

وخلاصة القول : يجب عليك متابعة المتفق عليه من حب آل محمد واللهج بذكرهم إطاعة لأمر الله ، ودع غيرهم المختلف فيهم تنال الفوز في الآخرة وراحة البال في الدنيا ، حيث تبقى على يقين من فعلك من دون شك.

 فهلمَّ إلى محمد وآله وأذكرهم في قلبك وعلى لسانك ودع غيرهم وأطع أمر الله سبحانه وتعالى .

خادم علوم آل محمد عليهم السلام .





المحاورة الخامسة : للوهابي
حب من أمر الله بحبهم ليس عبادة لله وهو شرك

 حررها في يوم : 24-10-1999 الساعة : 06:25 بعد الظهر .

 قبل أن أبدأ أحب أن أقول : أننا نحب آل علي ، وهذا ثابت عند جميع المسلمين ، ولكن آل البيت هم ليسوا آل علي فقط ، بل هم نساء النبي صلى الله عليه وسلم بحسب آيات القرآن الكريم ، ثم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس وهؤلاء هم من حرمت عليهم الصدقة .

دخلت مرة : في مناظرة مع مبشر نصراني كان يخاطب جمعاً من الإنكليز في حديقة هايد بارك في لندن .

قال النصراني : أحبوا المسيح الذي خلصكم من العذاب .

قلت له : إننا نحب المسيح ولكن المسيح لم يخلصنا من أي عذاب لأنه ليست هناك خطيئة أصلاً ، خطيئة آدم حسب عقيدتنا قد تاب منها ( بكلمات علمه إياه الله سبحانه وتعالى ولم يكن سيدنا علي وسيدتنا فاطمة وسيدينا الحسن والحسين قد ولدا بعد عندما علم الله سبحانه وتعالى آدم كيف يتوب ..!!)(1) ، كما أنه لا نعتقد بأن الولد ينبغي أن يحاكم على جرائم هو بريء منها وأبوه هو الذي ارتكبها ، لماذا يجب أن نحب المسيح ؟

قال لي : إن حب المسيح سوف يوصلكم إلى حب الإله . قلت له : ولكننا ينبغي أن نحب الإله مباشرة من غير واسطة ، ألا نستطيع أن نفعل ذلك ؟

قال لي : ولكن المسيح هو الجسر الذي سوف يوصلكم إلى الإله .

قلت له : وهل الإله يحتاج إلى جسر لنصل له ، إن الإله موجود دائما ومطلع على كل أعمالنا ويسمعنا ويرانا دائما ، فلماذا نضع واسطة بيننا وبين الإله ؟ أخيراً تجاهلني النصراني والتفت إلى الجمع قائلاً : أن هذا مسلم عقيدته مختلفة عما أدعوكم إليه ، ولكنه قوبل بالاستهجان من الجمع .

تذكرت هذه الحادثة وأنا أقرأ ما كتبه الزميل hasan :

الزميل حسن يقول باختصار : إن ذكر علي هو عبادة ، لأن حب علي هو أمر من الله سبحانه وتعالى ، حسب قول الشيعة ، ونحن نقول إن حب الصالحين كلهم هو أمر من الله سبحانه وتعالى .

وحسب كلام الزميل hasan فإن ذكر هؤلاء الصالحين عبادة لله سبحانه وتعالى …؟؟!! لماذا ننقل مفهوم العبادة من ذكر الله إلى ذكر الصالحين ؟ أليس من الأولى ذكر الله سبحانه وتعالى مباشرة بما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه ؟ لماذا ربطنا عبادة الله سبحانه وتعالى بذكر الصالحين ؟ ألا يجب أن نذكر الله سبحانه وتعالى من باب أولى لعبادته ؟

كيف نصرف أمرا من أمور العبادة من الخالق إلى المخلوق ؟ ليس معنى كلامي هو عدم حب الصالحين وعدم ذكرهم بالخير والثناء ، ولكن الخطر هو ربط ذكرهم بعبادة الله سبحانه وتعالى . {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ } .

______



(1) تعليق مضاف : على قوله : خطيئة آدم.. وهو تعريض منه على ما نقوله بأن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه لكي يتوب عليه هو تعليمه بأن يسأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، وهذا ثابت عندنا وهو لم يرتضيه ، أنظر تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي الجزء الأول تفسير قوله تعالى {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّاب ُ الرَّحِيمُ} البقرة37 ، وأن الكلمات هي أسماء أهل البيت عليهم السلام وهم =في عالم الملكوت ، وكتبن بعض البيان في الجزء الأول وفي جزء العبادة ، تعرف إن آدم رأى ذريته في عالم الذر وعرف شرف نبينا وآله عند الله فسأله بحقهم ، وكذا راجع تفاصيل العبادة والإخلاص وضرورة تعلمه ممن زكاهم الله وصدقهم وأوجب حبهم.





المحاورة السادسة : للشيعي
وفق تعريف العبادة ذكر علي وحبه من عبادة الله تعالى

حررتها في يوم : 25-10-1999 الساعة 01:32 بعد منتصف الليل .                  حضرة الزميل محمد إبراهيم :

أولاً : آل البيت هم أصحاب الكساء وآية التطهير و المباهلة والمودة و أصحاب سورة الدهر ( الإنسان ) والكوثر وغيرها من الآيات الكريمة ودخول غيرهم معهم من الذين ذكرتهم بالتبع ، كما يدخل معهم جميع مواليهم ومحبيهم ، ولهذ بحث خاص(1)  قد يخرجنا عن موضوع البحث.

ثانياً : إن ما ذكرت من المباحثة مع النصراني لم تكن في جانبك ، حيث إنك اعترفت بحب الصالحين والنصراني كان يدعوك لحب نبي مرسل فلم تجبه ، وهذ عجيب .

نعم نحن : نختلف معهم في جانب أن شريعتهم نسخت بالإسلام ول يجوز التعبد بشريعة منسوخة كما لا يجوز التعبد بآية منسوخة وانتهى أمد حكمها ، ونحن نحب جميع الأنبياء كما نحب أوصيائهم والذين اتبعوهم في حياتهم ، كما نحب نبين و آله و أصحابه الطيبين ، ولكن نعم للحب درجات حيثنقدم حب نبينا وآله على غيرهم ونربط محبهم بهم سواء من الصحابة أو غيرهم ، والمنحرف عنهم لا نحبه .

وأعتقد مصداق هذا الأمر: من أساسيات هذه المناقشات في هذ النادي ، بل لعلها من العصر الأول وسالت بسببه دماء من الجانبين كما اُلفت كتب كثيرة في هذا من الطرفين ، وهذا البحث وان كان أساسياً إلا أنه ليس موضوع البحث فعلاً .

ثالثاً : موضوع البحث فيما أعتقد في مفهوم العبادة وحدودها :

 وأما تعريف العبادة : فهو كل ما يتقرب به إلى الله تعالى ، وهي على نوعين :

عبادة خاصة : وهي إقامة العبودية لله سبحانه مثل : الصلاة والصوم والحج وأمثالها ، والتي لا يجوز التوجه والتقرب بها إلا إلى الله سبحانه ، وإتيان مثل هذه الأمور لغيره شرك .

ومفهوم عام للعبادة : يصدق على كل ما أمر الله به ، كما يشمل الابتعاد عما نهى عنه بحسب المفهوم ، وعليه تقبيل الحجر الأسود ، والطواف ، والسعي ، وإعطاء الزكاة ، والخمس على رأينا ، والجهاد ، وحب الأنبياء وبالخصوص نبينا وآله وأتباعهم حسب ما عرفت ، بل حتى الجلوس للعلماء للتعلم منهم أمور الدين عبادة ، بل يشمل حتى زيارة المؤمن والمريض قربه لله ويكون عبادة .

وهكذا غيرها من الأمور التي أمر الله بها هي نوع من إقامة العبادة لله سبحانه وتعالى وهذا المعنى العام يشمل المعنى الخاص أيضاً ، نعم إتيان هذه الأعمال بنحو العبادة المستقلة عن أمر الله سبحانه كفر ولا يجوز .

رابعاً : تحرير موضع الخلاف : فالمعنى الخاص وهو إقامة العبودية لله سبحانه وتعالى على نحو الصلاة من سجود وركوع أو الصوم وهكذا الحج

و أفعاله بل حتى الزكاة والخمس والجهاد وغيرها لا يجوز لغير الله سبحانه .

وتحصل مما سبق : المعنى العام للعبادة وهو إطاعة أوامر الله سبحانه وتعالى والتقرب إليه بامتثالها عبادة له تعالى ، وليس شركاً ، ويجوز التقرب بها لله سبحانه ، و هي التي أمر بها مثل حب النبي وآله وحب المؤمنين وبغض الكفار ، بل وحب المعلم لدين الله ، وزيارة المؤمن والمريض ، والإتيان بالأعمال الصالحة وفعل الخير و كل ما نقصد به قربة لله تعالى لكي ننال به رضوانه .

خامساً : ما يؤخذ على حصر معنى العبادة في المعنى الأول ، إذا لم يجز التقرب لله سبحانه لا بحب نبي ولا حب وصي ولا صحابي ، فلماذا ندافع عنهم ؟ بل إذا لا ثواب على هذه الأفعال الصالحة وأعمال الخير فلماذا ندعو الناس للتمسك بها ؟

أليس الثواب وضع للأعمال العبادية ؟

 ثم إذا كانت العبادة محصورة فقط بمعنى حصر الفكر بالتوجه لله سبحانه وتعالى لماذا نتوجه للقبلة ؟

 ولماذا نأتي بهذه الأفعال المخصوصة بالصلاة ؟

ولماذا نأتي بحدود الصوم والزكاة والجهاد ؟

أليس لأنه أمر بها الله تعالى ؟!!!

 فعليه : أن حب النبي وعلي وآلهما لأنه جاء موافقاً لأمر الله يكون عبادة بالمعنى العام ، و إتيانه مستقلاً عن أمر الله لا يجوز وحرام ولا ثواب له .

وهكذا إتيان جميع الأعمال الصالحة وأفعال الخير بدون التقرب لله سبحانه وتعالى لا ينفع شيئاً ، وحتى كتابتي هذا الجواب إذا لم اقصد به التقرب به لله تعالى لأنه أمر بوجوب نصر أوليائه لا ينفع شيئاً .

ثم إذا لم تربط حب النبي وآله وأصحابهما:  بإقامة العبادة وبالتقرب به لله ، وامتثال أمره ويدخل تحت مفهوم العبادة ، فما تسميه إذاً ؟ ولا أظنك ستجيبني للمفاخرة ولا تقصد به قربة لله تعالى .

خادم علوم آل محمد عليهم السلام .

______

(1) وهو بحث مرتبط بالإمامة وقبولها راجع صحيفة الإمامة ، و صحيفة الثقلين وصحيفة الإمام الحسين من موسوعة صحف الطيبين أو أجزاء صحيفة ذكر علي عبادة ، ويكفيك المراجعات ، أو الغدير ، أو عبقات الأنوار ، أو إحقاق الحق ، وغيرها من الكتب التي كتبت في الإمامة ، والعجب منه يتوسل لإنكار الإمامة بالمعترفين بإمامة أهل البيت والقائلين بإمامة علي وآله عليهم السلام وهم من أنصارهم وأخلص محبيهم .





المحاورة السابعة : للوهابي
أنواع العبادة معروفة وليس منها حب علي وذكره

حررها في يوم : 25-10-1999 ، الساعة : 09:38 مساءً  .

 أولاً : أود أن أسأل شيعة آل علي : هل آل العباس من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أم لا ؟

( هؤلاء لم يذكروا في حديث الكساء أو آية المباهلة ، بينما نساء النبي ذكرن كآل البيت في الآية المشهورة في القرآن الكريم ) .

للأسف : أنك لم تفهم الهدف من المناظرة ، فالمناظرة مع النصراني لم تكن حول حب الأنبياء عليهم السلام بل كانت حول ما يدعوا إليه من حب المسيح من دون ذكر حب الإله ، وذلك لزعمهم أن حب المسيح يوصل لحب الإله .

وهذا يماثل : ما تقول عنه شيعة آل علي بأن ذكر علي هو عبادة ؛ فالأولى أن تكون العبادة بذكر الله سبحانه وتعالى ، فلماذا العبادة بذكر مخلوق ؟

أتمنى من العقلاء : من شيعة آل علي أن لا يعتبروا ما أقوله انتقاصاً أو بغضاً لسيدنا علي ، فما أقوله ينطبق على ذكر من هو أفضل من علياً وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

والآن أنتم تقولون : إن ذكر علي عبادة ، إذاً عندما أذكر أن علياً فإنني أتعبد ؟؟!!

أي أنني إذا قلت : ما أعظم علياً ، ما أحسن علياً ، ما أقوى علياً ، ما أكرم علياً ، علي علي علي علي علي …..وهكذا فإنني أتعبد بذلك …….؟؟!!

أي أننا : ربطنا العبادة الخالصة بذكر الله سبحانه وتعالى بذكر مخلوق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى .

 أي أننا : أشركنا ذكر هذا المخلوق بذكر الله سبحانه وتعالى .

 أي أننا : أشركنا بعبادة الله سبحانه وتعالى والعياذ بالله .

 لقد أمر الله سبحانه وتعالى : جميع الناس بعبادته وخلقهم لعبادته : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56)}الذاريات.

وأعظم ما أمر الله به هو التوحيد: أي إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة ، وأعظم ما نهى عنه هو الشرك أي إشراك أي مخلوق في عبادة الخالق ، قال تعالى : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (36)}النساء ، أي لا تشركوا شيئا بعبادة الله سبحانه وتعالى .

 فالعبادة : هي خالصة لوجه الله تعالى لا يشاركه بها أحد وإل كان من يفعل هذا مشركا .

قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلاَ تَجْعَلُو لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)}البقرة .

 قال ابن كثير :  الله تعالى الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة .

وأنواع العبادة : التي أمر الله بها ، مثل : الإسلام والإيمان والإحسان ، ومنه : الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والخشوع والخشية والإنابة والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة ، والذبح والنذر ، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها كلها لله تعالى .

والدليل قوله تعالى : { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)} الجن ، فمن صرف منها شيئا لغير الله فهو مشرك كافر والدليل قوله تعالى { وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)} المؤمنون .

 وفي الحديث الذي ذكرناه سابقا : " الدعاء مخ العبادة " .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

 العبادة : هي طاعة الله بامتثال ما أمر به على ألسنة الرسل.

وقال أيضا : العبادة : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال ، والأعمال الباطنة ، والظاهرة (1).

وقال القرطبي : أصل العبادة : التذلل والخضوع وسميت وظائف الشرع على المكلفين عبادات لأنهم يلتزمونها ويفعلونها خاضعين متذللين لله تعالى .

وقال ابن كثير : العبادة في اللغة من الذلة يقال طريق معبد وغير معبد أي مذلل ، وفي الشرع عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف .

فكل أنواع العبادة : يجب أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى ، قال تعالى : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ (23)}الإسراء .

 فإذا أردت : أنا أن أتعبد الله أي أن أطيع الله وأتذلل له وأخضع له وأحبه وأرضيه ؛ فإنني يجب أن أذكر الله سبحانه وتعالى كما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم : سبحان الله ، الحمد لله ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، أستغفر الله ، …وهكذا . هذا هو الذكر والعبادة .

_____:



(1) أرجوك تنتبه لتعاريف العبادة عندهم، فإنها مثل تعاريفنا وبالخصوص تعريف سيدهم ابن تيمية ، وإن حب علي والنبي وآله امتثال لأمر الله تعالى فهي عبادة على تعريفهم وتعريفنا ، فلاحظ جحدوا بها واستقنتها أنفسهم ، ولكن يظهر الحق على فلتات لسانهم.

 وآية المودة : هي الأمر بالحب الشديد لأهل البيت عليهم السلام بأمر الله ، وهذا لا يتم إلا بذكر علومهم ومناقبهم وأخلاقهم وسيرتهم وإخلاصهم لنقتدي بهم ونتعلم منهم وهذا مستوجب لذكرهم ، وهذا هو الذي علمنا الله ورسوله وبه نقيم العبادة الخالصة من ضلال أئمة الكفر وعدم حشرهم مع أئمة الهدى والحق ، والآل هم المنعم عليهم وكوثر الوجود وهداه وأصحاب الصراط المستقيم ، وإذا لم نعرفهم ولم نذكرهم لن نعرف الهدى ولا دين الله ولا تعاليمه ونخسر معرفة الله وذكره بما يحب أن يعبد ويطاع وكل عبوديته.





المحاورة الثامنة : للشيعي
حقيقة العبادة وروحها إطاعة ما أمر الله به ومنها حب علي وذكره

حررتها في يوم : 26-10-1999 ، الساعة : 06:50 بعد الظهر .

{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) } البقرة .

 على رأيكم : يا وهابية أو يا اتباع ابن تيمية إبليس افضل من الملائكة ، لأنه لم يرضَ بالسجود لأدم عليه السلام والملائكة عبدوا أدم لم سجدوا له ولم يعبدوا الله سبحانه عند ما أطاعوا أمره بالسجود لآدم .

ولكن اعرفوا : وهيهات أن تعرفواأن الله سبحانه وتعالى خلق الناس ليعبدوه من حيث أمرهم لا حسب شهواتهم وأراءهم ، وإطاعة أمر الله بحب قوم أو أشياء أخرى مثل الكعبة والحجر الأسود وحب المؤمنين وذكر فضائلهم ومناقبهم ، وهذا ليس شركاً به سبحانه بل عبودية له ، لأن هذا الحب إطاعة لأمر الله سبحانه.

وليس قولنا : أشهد أن محمد رسول الله في الأذان شركاً بالله .

وليس ذكرنا:  في التشهد الصلاة على محمد وآله ، أخذهم أنداداً له سبحانه ، بل هو عين العبودية لله سبحانه ؛ لأنه إطاعة لأوامره ، وبهذه الألفاظ نتقرب لله تعالى .

ثم يا من يتشدق : بذكر معنى العبودية من منبوذ معادٍ لمحمد وآله ، أعلمك أن إقامة العبودية لله بإطاعته في الصلاة والتي هي أفضل الأعمال يكون بذكر الآيات الكريمة الذاكرة لقصص بني إسرائيل ويوسف وباقي الأنبياء ، بل حتى في بعض الآيات أحوال حيوانات و أسمائها ، ليس عبودية لهم ولها ، بل تدخل في مجموع الصلاة لأنه تعالى أمر بقراءة القرآن والصلاة بمجموعها عبادة له .

وبالتالي نفكر : في عظمة الله وجماله وجلاله وقدرته وحكمته وعلمه .

 أما الخضوع والخشوع والخشية والخوف والرجاء : فهي حالات للإنسان ، وتأتي هذه الحالات للإنسان لأنه يرى نفسه يخاطب الله العلي العظيم خالق الوجود كله ، والمنعم على كل شيء نعماً لا تحصى .

ويرجو منه تعالى : في حالات الأنس معه عندما يتذكر نعمه وجماله سبحانه ، ويخافه في حالات تذكر عظمته وجلالته فعندها تحصل له هذه الحالات هي خشوع وخشية وخضوع ، وهذه الألفاظ التي أمره سبحانه بتلفظها وهي من القرآن الذي نقرأه في الصلاة غير حالة العبودية بالخشوع والخضوع والخوف والرجاء والتي تحصل للإنسان حسب قوة توجه لنعم الله وقدرته والتفكر بمخلوقاته بقراءة القرآن أو ذكر أسمائه الحسنى.

نعم لا يجوز في الصلاة : الخروج عن المرسوم فيها من الحركات المخصوصة فيها ، وكذا لا يجوز الخروج عن القراءة بالقرآن أو حالة الدعاء ، ل أنه يشترط في كل الصلاة ذكر الأسماء الحسنى فقط .

فإذا كان هذا : معنى العبودية في الصلاة التي لا تجوز لغير الله ، فكيف بحالك في الألفاظ والحالات التي يمكن التقرب بها لله سبحانه تعالى في غير حالة الصلاة ، حيث نذكر فضائل أو أسماء أفضل مخلوقاته أقصد النبي الأكرم محمداً وآله علياً وفاطمة والحسن والحسين سادات أهل الجنة ، وهم أقرب الموجودات منزلة عند الله ، والله مدح من يتفكر في مخلوقات اقل منزلة من هؤلاء الأطهار .

قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } فاطر 27-28.

فإذا كان التفكر : بهذه الأمور ، يوجب الخشية للعلماء ، فكيف من يتفكر بأعظم خلق الله محمد وآله ومناقبهم التي ملأ القرآن بها وكثرت الأحاديث النبوية فيها .

وهل التفكر : يتم بدون معرفة هذه الأمور وخواصها ، والمعرفة توجب ترديد أسمائها سواء بألفاظ ذهنية أو لسانية .

وثم يا علامة زمانه : إن الله سبحانه أمرنا بموالاة أولياءه وحبهم و معاداة أعدائه وبغضهم ، ومحمد وآله أصحاب الكساء المخصوصين بهذه الكرامة ، والناس تبع لهم من احبهم أحببناه ومن أبغضهم أبغضناه .

ودخول : زوجات النبي بهذا الملاك أيضاً ، ولم يدخلن بآية التطهير إلا بالعرض لا بالذات ، وهكذا آل العباس دخلوا بالمحبة لحبهم محمد وآله ، وخرج أبو لهب من المحبة مع انه عم النبي ، لا مجرد القرابة توجب المحبة ، بل حتى القرابة للنبي لها شروطها .

والنبي وآله أصحاب الكساء : فيهم آيات كثيرة توجب محبتهم المستلزمة لذكر مناقبهم وترديد أسمائهم والتقرب بها إلى الله سبحانه ، ويصدق عليها أنه إقامة العبودية لله تعالى من ناحية إطاعة هذا الأمر ، ولهذا جاء الحديث الشريف : ذكر علي عبادة ، لأنه ذكر لأشرف مخلوق بعد رسول الله صلوات الله وسلامه عليهم وعلى آلهما الطيبين الطاهرين ، والسلام على من اتبع الهدى.

خادم علوم آل محمد عليهم السلام .





المحاورة التاسعة : للوهابي
لا يجوز خلط العبادة بذكر علي وحكمه بالوضع على حديث ( ذكر علي عبادة )

 حررها في يوم : 26-10-1999 ، الساعة 11:29 مساءً .

 الزميل العزيز "hasan" : دعك من دعايات الوهابية والتيمية وركز على الموضوع ، ما إن بدأت تذكر الوهابية حتى بدأت تتخبط :

من قال : أن إبليس هو أفضل من الملائكة ؟ وما الذي دفعك إلى هذا الاستنتاج الغريب ؟

هل الملائكة : سجدت لآدم على مزاجها أم بأمر من الخالق عز وجل ؟

هل الآيات : التي أوردتها عن عدم الشرك بالله هي من عندي أم هي من كلام الخالق عز وجل ؟

أنت تخلط : بين العبادة بطاعة الله عز وجل وبين ما تزعمونه من أن ذكر علي عبادة والنظر إلى وجه علي عبادة .

 وأنت خلطت : بين قراءة القرآن الكريم والتشهد والصلاة الإبراهيمية وبين ما تزعمونه من أن ذكر علي عبادة والنظر إلى وجه علي عبادة .

وخلطت : بين التفكر في خلق الله وفي ملكوت الله وفي آيات الله وبين ما تزعمون من أن ذكر علي عبادة والنظر إلى وجه علي عبادة .

وخلطت : بين موالاة أولياء الله وبين ما تزعمونه من أن ذكر علي عبادة والنظر إلى وجه علي عبادة .

حسب كلامك هذا : هو أنني لأتعبد الله سبحانه وتعالى،  فيمكنني بدلا من أن أذكر الله سبحانه وتعالى أن أذكر علي ابن أبي طالب ، وبذلك أكون قد تعبدت الله سبحانه وتعالى .

وأنا أقول لك : راجع آيات الشرك في العبادة التي ذكرتها لك في رسالتي السابقة ، حديثكم المزعوم يقول : ذكر علي عبادة ، وأنت أتيت لي بذكر النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الصالحين والعلماء ومن وردوا بآيات القرآن الكريم وتوسعت حتى ذكرت سجود الملائكة لآدم ، لا يوجد لديكم حديث يقول ذكر الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم عبادة ، والنظر إلى وجه الرسول صلى الله عليه وسلم عبادة ، مع جزمي بأن هذا الكلام خطأ .

 ولكن لأعطيك مثالا : أن المقصود من حديثكم هو المغالاة في حب سيدنا علي حتى جعلتم ذكره عبادة والنظر إلى وجهه عبادة .

وقد شرحت لك : في رسالتي السابقة كيف يكون الشرك في العبادة وهذا الحديث المزعوم يقود إلى الشرك في العبادة ، أنا لا أقول أننا لا نذكر فضائل علي رضي الله عنه وفضائل الصحابة والصالحين ، ولكن الإشكال هو في تحديد أن ذكر علي هو عبادة .

 وحديث : ذكر علي عبادة ، والنظر إلى وجه علي عبادة ، هو حديث موضوع لا يستشهد به ، ولذلك سأحيلك إلى ما لا خلاف فيه وهو القرآن الكريم .

 هل هناك : آية قرآنية ، تقول أن ذكر أي أحد غير الله سبحانه وتعالى عبادة ؟ لقد أوردت لك الآيات القرآنية التي تحذر من الشرك في العبادة ، ولكنك لم تأت بآية قرآنية تدل على أنه يمكن التعبد بذكر أي أحد غير الله سبحانه وتعالى ، وأن هذا ليس شركاً ، إذا أردت أن تتعبد بالذكر فاقرأ القرآن الكريم فهو الذكر.

واذكر الله كما علمنا الرسول صلى الله عليه (وآله ) وسلم : سبحان الله ، الحمد لله ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، أستغفر الله ، توكلت على الله ، آمنت بالله ، …وغير ذلك من الذكر الخالص لله سبحانه وتعالى خالقك وخالق علي رضي الله عنه .

في الحقيقة إن آية التطهير التي تتكلم عنها : جاءت في نساء النبي وهي تؤكد أن نساء النبي هن أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ، ورغم أن هذا ليس بحثنا ولكنني سأورد لك آية التطهير مع الآية التي قبلها والآية التي بعده ، حتى تفهم أن آية التطهير جاءت مخصوصة لتأكيد أن نساء النبي هن أولا أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ، وجاءت في نساء النبي وليس في آل علي رضوان الله عليهم أجمعين ، يقول الخالق عز وجل :

{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً  مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَ يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)}الأحزاب .

{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98)}الشعراء  ، ومن يسوي رب العالمين بغيره فهو مشرك .

{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا(48) }النساء.

{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَ دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا(116)} النساء.





المحاورة العاشرة : للأخ الشيعي أبو أحمد من كتاب :
( الإِبادَة لِحُكمِ الوَضْعِ عَلى حديث ذِكْرُ عَليٍّ عليه السلام عِبادَة )
 للسيد حسن آل المجدد الشيرازي

حررها في ويوم : 27 -10-1999 ، الساعة : 12:05مساءً .

 بسم الله الرحمن الرحيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً  سَدِيدًا (70)}الأحزاب ، { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36)}الإسراء.

الأخ الكريم محمد إبراهيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

وحديث : ذكر علي عبادة ، والنظر إلى وجه علي عبادة ، هو حديث موضوع لا يستشهد به ...... ـ كتاب ذكر علي عليه السلام عبادة ـ .

ملاحظة : عرفت في المقدمة إنه قد عرضنا المحاورة على السيد صاحب كتاب الإبادة لحكم الوضع على حديث ذكر علي عليه السلام عبادة ، وإنه حفظه الله أقترح أن يوضع نص الكتاب الذي أعده لا ما وضعه المحاور أبو أحمد لكونه أتم في البحث وأكمل في تحقيق السند ، ولأن الأخ المحاور أبو أحمد أخذ قسم منه ووضعه في المحاورة وترك قسم منه ، ونحن استجابة لأمره ولتعم الفائدة ولكي لا يخل بالبحث بعدم ذكر المهم منه قررنا وضع نص بحث كتاب الإبادة هنا ، كما أن للسيد حفظة الله كتاب آخر في تصحيح سند النظر إلى علي عبادة وهو موجود على موقع مركز الأبحاث العقائدية .

ثم إن كنت يا طيب تريد نص المحاورة كما عرضت على الموسوعة الشيعية فتجدها إن شاء الله على موقع موسوعة صحف الطيبين ، قسم المقالات والبحوث حتى من غير عناوين وأي تعديل وإضافة لأي نص ، وأما نص ما أفاده السيد الجليل في كتابه فهو يا طيب تحت نظرك الثاقب ووجدانك الصاحي والحكم إليك في السند وكل المحاورة  .



الإبادَة
لِحُكْمِ الوَضْعِ عَلى‏ حديث‏
ذِكْرُ عَليٍّ عليه ‏السلام عِبادَةٌ

 

تأليف‏ خادم الحديث الشريف والسُنّة المطهّرة

الحسن بن صادقٍ الحسينيّ‏ آل المجدِّد الشيرازيّ‏

 بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد للَّه تعالى : وكفى ، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى ، وصلّى اللَّه على سيّدنا محمّدٍ أفضل من سعى بين المروة والصفا ، وعلى ‏آله وخيرة صحبه ذوي النجابة والوَفا .

 أمّا بعدُ : فهذا جزءٌ أفردته للكلام على حديث : « ذِكْر عليٍّ عبادة » وبيان رُتبته ، والردّ على مَن حكم بوضعه وعدم ثبوته ، ووسمته بـ :

« الإبادة لحكم الوضع على حديث : ذكر عليٍّ عِبادة » .

 واللَّهَ تعالى أسألُ : أن يُريَنا الحقّ حقّاً ويرزقنا اتّباعه ، والباطلَ باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه ، ولا حول ول قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .

 اعلم - هداك اللَّه وأرشدك ، وأيّدك بتأييده وسدّدك - أنّ هذا الحديث روي عن عائشة ، وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام ، وابن عبّاسٍ رضى الله عنه .



فصل‏: حديث عائشة :


البحث في سند الحديث الأول

  فأمّا حديث عائشة  ، فقد رواه الحسن بن صابرٍ الكِسائيّ الكوفيّ ، عن وكيع بن الجرّاح ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة .

وروي عن ابن صابرٍ من طريقين :

 الأوّل :

 ما أخرجه الحافظ ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) قال : أخبرنا أبو الحسن السلميّ ، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنبأنا أبو جابرٍ يزيد بن عبد الله ، أنبأنا محمّد بن عمر الجعابيّ ، أنبأنا عبد الله بن يزيد - أبو محمّدٍ - أنبأن الحسن بن صابرٍ الهاشميّ ، أنبأنا وكيع ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم :

( ذِكْر عليٍّ عِبادَةٌ ) .

تاريخ دمشق - ترجمة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه ‏السلام ج408ص  2ح907 . وأخرجه الديلميّ في ( مسند الفردوس ) من هذا الطريق .

والثاني :

ما أخرجه أبو الحسن بن شاذان في ( المناقب ) قال : حدّثني القاضي المعافى بن زكريّا - من حفظه - قال : حدّثني إبراهيم ابن الفضل ، قال : حدّثني الفضل بن يوسف ، قال : حدّثني الحسن بن صابرٍ ، قال : حدّثني وكيعٌ ، قال : حدّثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : ( ذِكْر عليّ بن أبي طالبٍ عبادةٌ ).

المناقب : 128 ، المنقبة الثامنة والستّون .

  والرادّون لهذا الحديث : اختلفوا في علّته ، فأعلّه قومٌ من جهة الإسناد ، وردّه آخرون من جهة المتن ، ومنهم من أبطله من كلتا الجهتين ، فيقع الكلام معهم في مقامين :



المقام الأوّل‏: الكلام في سنده:

  فنقول : وباللَّه تعالى التوفيق :

 قال المُناويّ في ( التيسير بشرح الجامع الصغير )إسناده‏ ضعيف .

التيسير بشرح الجامع الصغير : 20/2 .

وكذا قال العزيزيّ في ( السراج المنير ) وكأنّهما قلّدا في ذلك الحافظ جلال الدين السيوطيّ في ( الجامع الصغير ) حيث رمز لضعف الحديث .

الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير : 665/2 ح‏4332 .

وقال السندروسيّ في ( الكشف الإلهيّ ) : سنده واهٍ ، وأخذه ‏ الألبانيّ وزاد عليه قوله : جدّاً .

الكشف الإلهيّ : 358/1 . سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة : 216/4 .

قلت : لم يتّهموا من رجال الإسناد - في ما وقفت عليه من كلامهم - إلّا الحسن بن صابرٍ ، وأعلّوا الحديث به ، وجعلوا الآفة فيه منه ، ومعوَّلهم في ذلك كلامُ ابن حبّان فيه ، فلنذكره ولنبيّن زيفه بحول اللَّه وقوّته .

قال في كتاب ( المجروحين ): الحسن بن صابرٍ الكِسائيّ من أهل الكوفة ، يروي عن وكيع بن الجرّاح وأهل بلده ، روى عنه العراقيّون ، منكَر الرواية جدّاً عن الإثبات ، ممّن يأتي بالمتون الواهية عن الثقات بأسانيد متّصلة ، انتهى .

 ثمّ ساق له حديثاً مرفوعاً عن وكيعٍ ، عن هشامٍ ، عن أبيه ، عن عائشة .

كتاب المجروحين : 239/1 .  

 

وقال الذهبيّ بترجمته في ( ميزان الاعتدال ) : الحسن بن صابرٍ الكِسائيّ ، عن وكيعٍ ، قال ابن حبّان : منكَر الحديث ، انتهى .

ميزان الاعتدال : 496/1 .

 ولم يتكلّم فيه أحدٌ من أئمّة الجرح والتعديل سوى ابن حبّان ، ولم يُترجَم في غير كتابه ، وأمّا الذهبيّ فإنّه مقلّد له في ذلك ، فلا اعتداد بكلامه .

 



(رد جرح بن حبان بسبع وجوه)

 ومع ذلك فإنّ جرح ابن حبّان للكسائيّ مردودٌ من وجوهٍ :

الأوّل :

أنّ ابن حبّان - نفسَه - متَّهم مجروح ،ب ل رُمي بالعظائم، ومن قلّة حيائه وعدم تعظيمه لحرمة رسول اللَّه‏ صلى الله عليه وآله وسلم تكلّمه في عليّ ابن موسى الرضا عليه الصلاة والسلام ، وقوله : إنّه يروي عن أبيه العجائب ، كأنّه كان يَهِم ويُخطى‏ء - كما حكاه أبو سعد السمعانيّ في ( الأنساب ).

الأنساب : 74/3 - الرضا - تهذيب التهذيب : 244/4 . فتح الملك العليّ : 130 - 131 .

وعلى من لا يحترم العترة الطاهرة من اللَّه ما يستحقّه .

وحكى الذهبيّ بترجمته في ( الميزان ).

ميزان الاعتدال : 507/3 .

و ( التذكرة ) عن أبي‏ عمرو بن الصلاح في ( طبقات الشافعيّة ) أنّه قال : غلط الغلط الفاحش في تصرّفاته .  قال الذهبيّ : صدق أبو عمرو ، له أوهام يتبع بعضها بعضاً ، انتهى .

تذكرة الحفّاظ : 921/3 .

 

 قلت : سيأتي - بعد هذا إن شاء اللَّه - ذكر جملةٍ من أوهامه في نقد الرجال . ومَن كان هذا حاله كيف يُعوّل اللبيب على كلامٍ انفرد به ، ولا  متابع له عليه إلّا مَن اغترّ به ؟ !

 فتنبّه - يرحمك اللَّه -  .

 الثاني :

أنّ الجهابذة النقّاد ، وأئمّة الرجال والإسناد قد تكلّموا في جرح ابن حبّان للرواة ، وبيّنوا غلطه في كثيرٍ من أحكامه ، فلنسرد هنا نُتَفاً من ذلك ، لينجلي لك وَهْيُ كلامه ، وينكشف لديك خطؤه في حكمه وإبرامه ، ولتذعن بصدق م ادّعيناه ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه .

 فمنها : قوله في أفلح بن سعيدٍ - أبي محمّد المدنيّ - : يروي عن الثقات الموضوعات ، لا يحلّ الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه بحالٍ ( انتهى ) .

 وأفلح هذا احتجّ به مسلم والنسائيّ ، ووثّقه ابن معينٍ وابن سعد .

 وتنزّل الذهبيّ في ( ميزان الاعتدال ) للردّ عليه ، فقال : ربّم قصّب الثقة حتّى كأنّه لا يدري ما يخرج من رأسه ( انتهى ).

ميزان الاعتدال : 274/1 - تهذيب التهذيب : 233/1 . قصّب الثقة : عاب وشتم ، انظر : لسان العرب : 178/11 مادّة «قصب» .

ومنها : قوله في سويد بن عمروٍ الكلبيّ: كان يقلب الأسانيد ، ويضع على الأسانيد الصحاح المتون الواهية ( انتهى ) .

 وردّه الذهبيّ في ( الميزان ) فقال : أسرف واجترأ .

 ميزان الاعتدال : 53/2 .

 

وقال الحافظ ابن حجر في ( تقريب التهذيب ): أفحش ابن حبّان القولَ فيه ، ولم يأت بدليلٍ . ‏ وقد احتجّ به مسلم والترمذيّ والنسائيّ وابن ماجة ، ووثّقه ابن معينٍ والنسائيّ والعجليّ .

 ومنها : طعنه في عثمان بن عبد الرحمن الطرائفيّ ، وقد احتجّ به أبو داود والنسائيّ وابن ماجة ، ووثّقه ابن معينٍ وابن شاهين .

تقريب التهذيب : 260 .

قال الذهبيّ في ( ميزان الإعتدال ): وأمّا ابن حبّان فإنّه يُقَعْقِع‏ كعادته ، فقال فيه : يروي عن قومٍ ضعفاء أشياء يدلّسها عن الثقات ، حتّى إذا سمعها المستمع لم يشكّ في وضْعها ، فلمّا كثر ذلك في أخباره ؛ اُلزقت به تلك الموضوعات ، وحمل الناس عليه في الجرح ، فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته كلّها بحالٍ ، انتهى .

ميزان الاعتدال : 45/3 - 46 .

 

 وتعقّبه الذهبيّ : بأنّه لم يرْوِ في ترجمته شيئاً ، ولو كان عنده له شيءٌ موضوع لأسرع بإحضاره ، قال : وما علمتُ أنّ أحداً قال في عثمان بن عبد الرحمن هذا : إنّه يدلّس عن الهَلْكى ، إنّما قالوا : يأتي عنهم  بمناكير ، والكلام في الرجال لا يجوز إلّا لتامّ المعرفة تامّ الورع ، انتهى.

 قلت : أَمْعِنْ نظرَ الإنصاف والتحقيق في هذا الحرف الأخير من كلام الذهبيّ ، وليته بادر للردّ على ابن حبّان -في ترجمة ابن صابرٍ - بمثل هذا ، بل بأقلّ منه ، مع أنّ القدح فيه أخفّ وأيسر من جرح الطرائفيّ ، لكن هيهات أن تطاوعه نفسه على ذلك ، بل أقرّ ابن حبّان على جرحه المجروح لكون الرجل روى حديث الباب ، وتلك ( شنشنةٌ أعرفها من أَخْزَم ) .

 بل ظنّي أنّ الكسائيَّ لو كان يسلم من طعن ابن حبّان لم كان يسلم من لسان ذلك الشاميّ الخبيث ، الذي يغيظ ويستشيط ويأخذه الزَمَع إذا مرّ على منقبةٍ من مناقب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام ، وأهل البيت الطيّبين الطاهرين الكرام { قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ(119)} .سورة آل عمران .

ومن سرح نظره في تراجم رواة الفضائل من ( الطبقات ) و( الميزان ) لشاهد بالعيان كيف يُجنّ الذهبيّ فيأخذ في وَصْم الرجل وطعنه وسبّه من غير ذنبٍ ، عدا روايته الفضائل والمناقب ، فنسأل اللَّه السلامة من مخازي النواصب.

 ومنها : قوله في محمّد بن الفضل السدوسيّ - المعروف بعارِمٍ ، شيخ البخاريّ ، وقد احتجّ به الستّة ووثّقه أبو حاتم والنسائيّ والدارقطنيّ والذهليّ والعجليّ ، وروى عنه البخاريّ أكثر من مائة حديثٍ ، كما حكاه الحافظ ابن حجرٍ في ( تهذيب التهذيب )عن‏ ( الزهرة ) -  : اختلط في آخر عمره وتغيّر حتّى كان لا يدري ما يحدّث به ، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة ، فيجب التنكّب عن حديثه في ما رواه المتأخّرون ، فإن لم يُعلم هذا من هذا تُرك الكلّ ، ولا يُحتجّ بشيءٍ منها ، انتهى .

(1) تهذيب التهذيب : 269/5 .

 

 وتعقّبه الذهبيّ فقال : لم يقدر ابن حبّان أن يسوق له حديثاً منكَراً ، فأين ما زعم ؟ !

 وقال أيضاً - بعد ذكر توثيقه عن الدارقطنيّ -  : فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأتِ بعد النسائيّ مثله ، فأين هذا القول من قول ابن حبّان الخسّاف المتهوّر ؟ !

 وقال الحافظ ابن حجرٍ في ( هدي الساري ) : إبراهيم بن سويد بن حيّان تكلّم فيه ابن حبّان بلا حجّة .

 وقال أيضاً : إسحاق بن إبراهيم أبو النصر الفراديسيّ تكلّم فيه الأزدي وابن حبّان بلا حجّة .

هدي الساري - مقدّمة فتح الباري : 484 .

 

 وقال أيضاً: سهل بن بكّارٍ البصريّ ذكره ابن حبّان بلا مستند .

هدي الساري : 486 .

 

وقال أيضاً : عيسى بن طهمان ضعّفه ابن حبّان بلا مستندٍ ، والحمل على غيره . وقال أيضاً : محمّد بن الحسن الواسطيّ ذكره ابن حبّان بلا  حجّة . وقال أيضاً : محمّد بن زيادٍ الزياديّ ذكره ابن مندة وابن حبّان بلا حجّة . وقال أيضا : يونس بن أبي الفرات تكلّم فيه ابن حبّان بلا مستندٍ .

هدي الساري : 487 .

قلت : فعُلم من هذا أنّ ابن حبّان قد يُطلِق القولَ في الراوي ويتكلّم فيه من دون حجّةٍ ولا مستندٍ يعوَّل عليه ، فكيف يُقبل جرحه للرواة ؟ !

 وإذا تأمّلت ما سُقناه لك هنا لا أراك تتوقّف في ردّ كلامه في الحسن بن صابرٍ ، لا سيّما وأنّه متّهم في جرح هذا الكوفيّ ، لأنّه روى حديثاً في فضل ذِكْر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام ، وابن حبّان وأضرابه ممّن لا يطيبون نفساً بسماع ذلك ، ولا يطيقون السكوت عليه - كما ستعرف إن شاء اللَّه تعالى-  .

 

 الثالث :

 أنّ ابن حبّان له أوهام كثيرة يتبع بعضها بعضاً - كما قال الذهبيّ - فيذكر الرجل في ( المجروحين ) ثمّ يذكره في ( الثقات ) وهذا تناقض بيّن ، وتسامح غير هيّن ، فلذا أوجبت كثرة أوهامه سقوطَ كلامه !

 فمن ذلك : ذِكْره دهثم بن قُرّان في الكتابَيْن ، قال الذهبيّ في‏ (الميزان)(3) : فذكره في ( الثقات ) فأساء ، وقد ذكره أيضا في ( الضعفاء ) فأجاد .

ومن ذلك : ذكره زياد بن عبد الله النميريّ في ( المجروحين ) و ( الثقات )  قال الذهبيّ : فهذا تناقض .

كتاب المجروحين : 295/1 - الثقات : 293/6 .‏ميزان الاعتدال : 29/2 . كتاب المجروحين : 306/1 - الثقات : 255/4 - 256 .ميزان الاعتدال : 91/2 .

 

ومن ذلك(1) : ذكره عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت في كتابيه .

كتاب المجروحين : 55/2 - الثقات : 95/5 .

 قال الذهبيّ: قال ابن حبّان : فحش خلافه للأثبات فاستحقّ الترك ، وذكره أيضاً في ( الثقات ) فتساقط قولاه .

 ومن ذلك : ذكره يحيى بن سلمة بن كُهَيْلٍ في ( الثقات ) وذكره في ( الضعفاء ) أيضاً .

 ومن ذلك : ذكره كميل بن زيادٍ النخعيّ في ( الثقات ) وقوله في ( الضعفاء ) : لا يُحتجّ به .

 ومن ذلك : ذكره الوليد بن القاسم بن الوليد الهمدانيّ في الكتابين ، وكذا ميمون بن سياه البصريّ ، وهارون بن سعد العجليّ ، والوليد بن عبد الله بن جُمَيْعٍ الزهريّ المكّيّ الكوفيّ ، ويوسف بن أبي يعفورٍ ، وسفيان بن حسينٍ .

ميزان الاعتدال : 552/2 .

 

 وذكر ذلك أيضاً المحدّث الشريف محمّد بن جعفرٍ الحسنيّ الكتّانيّ في ( الرسالة المستطرفة ) فقال : إنّه - يعني ابن حبّان – قد ذكر في كتابه هذ - يعني ( الثقات ) - خلقاً كثيراً ، ثمّ أعاد ذكرهم في ( كتاب الضعفاء والمجروحين ) وبيّن ضعفهم ، وذلك من تناقضه وغفلته، أو من تغيّر اجتهاده (انتهى).

الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السُنّة المشرّفة : 146 - 147 .

 ومن غرائب أوهامه ما ذكره في ترجمة بشر بن شعيب بن أبي حمزة الحمصيّ ، قال الحافظ ابن حجرٍ : قال ابن حبّان في كتاب ( الثقات ) : «كان متقناً» ثمّ غفل غفلةً شديدةً فذكره في ( الضعفاء ) وروى عن البخاريّ أنّه قال : تركناه .

 قال ابن حجرٍ : وهذا خطأٌ من ابن حبّان نشأ عن حذفٍ ؛ وذلك أنّ البخاريّ إنّما قال في ( تاريخه ): « تركناه حيّاً سنة اثنتي عشرة » فسقط من نسخة ابن حبّان لفظة «حيّاً» فتغيّر المعنى ، انتهى .

التاريخ الكبير : 76/2 رقم‏1743 ، هدي الساري - مقدّمة فتح الباري -  : 412 ، تهذيب التهذيب : 285/1 .

 

الرابع :

أنّ ابن حبّان من المتعنِّتين المشَّدِّدين الذين يجرحون الراوي بأدنى جرحٍ ، ويُطلقون عليه ما لا ينبغي إطلاقه عند اُولي الألباب ، كأبي حاتمٍ والنسائيّ وابن معينٍ وابن القطّان ويحيى القطّان وغيرهم ، فإنّهم معروفون بالإسراف في الجرح والتعنّت فيه .

 ومن كان من الجارحين هذا دَيْدَنه فإنّ توثيقه معتبر ، وجَرْحه مردود ، إلّا إذا وافقه غيره ممّن يُنصف ويُعتبر - كما قال أبو الحسنات عبد الحيّ اللكهنويّ في «الرفع والتكميل»  .

الرفع والتكميل : 274

قلت : ولم يوافق ابنَ حبّان على جرحه الحسنَ بنَ صابرٍ أحدٌ - وللَّه الحمد - ممّن يُنْصف ويعتبر .

 وقال أيضاً : لا يحلّ لك أن تأخذ بقول كلّ جارحٍ في أيّ راوٍ كان ، وإن كان ذلك الجارح من الأئمّة ، أو من مشهوري علماء الاُمّة ، فكثيراً مّ يوجد أمر يكون مانعاً من قبول جرحه ، وحينئذٍ يُحكم بردّ جرحه ( انتهى ) .

. الرفع والتكميل : 265

 وقال في ( الأجوبة الفاضلة ) : ابن حبّان له مبالغة في الجرح في‏ بعض المواضع .

الأجوبة الفاضلة : 179 ..

 

قلت : حسبك شهادة هذا الخرّيت المتضلّع والناقد المطلع سنداً لردّ جرح ابن حبّان وأمثاله من المتعنّتين المتشدّدين ، كيف لا { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا (26) } يوسف .

 

الخامس :

 أن يقال : إنّ وصفَ ابن صابرٍ بكونه « منكَر الحديث » ماذا اُريد به ؟ فإن عنى أنّه روى حديثاً واحداً ، فهذا غلط فاحش ، لأنّ ابن حبّان - نفسه - روى له في كتاب ( المجروحين ) حديثاً آخر غير حديث الترجمة - كما مرّ - بل ظاهر قوله : «إنّه يروي عن أهل بلده» يعني الكوفة ؛ يقتضي تعدّد أحاديثه ، فتدبّر .

 وإن قصد بقوله : «منكر الحديث» أنّه لا تحلّ الرواية عنه - كما حُكي عن البخاريّ - فإنّ ذلك جرح مبهم ، يُردّ عليه ، إذ لا يعرف للحسن بن صابرٍ ما يوجب ردّ حديثه جملةً ، بل لو صرّح ابن حبّان بذلك لم يؤخذ به ، فقد رُدّ عليه مثله - كما مرّ آنفاً -  .

 وإن أراد بذلك الفرد الذي لا متابِعَ له - كما أطلقه أحمد بن حنبل - فإنّه منقوض بمتابعة غيره له - كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى -  .

 على أنّه لا يلزم من روايته المناكير - لو سُلّم - أن يكون ممّن لا يُحتجّ به ، كما قال الذهبيّ بترجمة أحمد بن عتّابٍ المروزيّ من ( الميزان ) : ما كلّ مَن روى المناكير يُضعّف .

ميزان الاعتدال : 118.

 

وقال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجرٍ في ( لسان الميزان )(3) : لو كان مَن روى شيئاً منكراً استحقّ أن يُذكر في الضعفاء لَما سلم من المحدّثين أحدٌ ، لا سيّما المُكْثِر منهم ( انتهى ) .

لسان الميزان : 308/2 ./1 .

وقال ابن دقيق العيد : قولهم : «روى مناكير» لا يقتضي بمجرّده‏ ، ترك روايته ، حتّى تكثر المناكير في روايته(انتهى).

 فتح الملك العليّ : 135 .

 

 قلت : وأنّى لابن حبّان بإثبات ذلك في حقّ الكسائيّ ؟ ومنه تعرف أنّ رميه الرجل بنكارة الحديث فيه تساهل ، بل هو منكر من القول وزور ، فل ينبغي أن يُعرَّج عليه ، ولا يركن إليه ، واللَّه المستعان .

 

 السادس :

 هب أنّ ابن حبّان مصيبٌ في قوله ، لكنّ رمْي الراوي بنكارة الحديث لا يوجب - بإطلاقه - ردّ حديثه ، والحكم عليه بالوضع - كما توهّم الخصوم - لأنّه لم يُتّهم بالكذب ، ولا بوضع الحديث .

 قال الشيخ الإمام تقيّ الدين السُّبكي: إنّ ممّا يجب أن يُتنبّه له أنّ حُكم المحدّثين بالإنكار والاستغراب قد يكون بحسب تلك الطريق ، فلا يلزم من ذلك ردّ متن الحديث ، انتهى .

شفاء السقام في زيارة خير الأنام : 29 .

 قلت : وكم من راوٍ قيل فيه « منكر الحديث » أو ما في معناه ، ومع ذلك احتجّ به الشيخان في الصحيحين ، وغيرهما من أرباب السنن من دون تَرَيُّثٍ ، ولا مبالاةٍ بما وُصم به ، وهاكَ منهم على سبيل الإجمال :

 1 - أحمد بن شعيب بن سعيدٍ الحبطيّ ، روى له البخاريّ والنسائيّ وأبو داود . قال أبو الفتح الأزديّ : منكر الحديث ، غير مرضيٍّ .

 2 - واُسَيْد بن زيدٍ الجمّال ، روى عنه البخاريّ في الرقاق .

 قال ابن حبّان : يروي عن الثقات المناكير ، ويسرق الحديث ، بل قال ابن معينٍ : حدّث بأحاديث كذبٍ .

3 - وتوبة ابن أبي الأسد العنبريّ ، روى له الشيخان وأبو داود والنسائيّ . قال الأزديّ : منكر الحديث .

 4 - وحسّان بن حسّانٍ - وهو حسّان بن أبي عبّادٍ البصريّ - روى عنه البخاريّ . قال أبو حاتم : منكر الحديث .

 5 - وحميد بن الأسود البصريّ ، روى له البخاريّ وأصحاب السنن .

 قال أحمد بن حنبل : ما أنكر ما يجيء به !

 6 - وخُثَيْم بن عراك بن مالكٍ الغفاريّ ، روى له البخاريّ ومسلم والنسائيّ . قا الأزديّ : منكَر الحديث.

 7 – وعبد الرحمن بن شريح بن عبد الله بن محمودٍ المعافريّ ، احتّج به الجماعة . قال ابن سعدٍ : منكر الحديث .

 8 - والمفضّل بن فضالة القتبانيّ المصريّ ، اتّفق الجماعة على الاحتجاج به . قال ابن سعدٍ : منكَر الحديث .

 9 - وموسى بن نافعٍ الحنّاط ، روى له الشيخان والنسائيّ وأبو داود . قال أحمد بن حنبل : منكَر الحديث .

 

 فلو كان قولهم : «منكَر الحديث» موجِباً لطرح حديث الراوي لَلَزم إبطال جملةٍ وافرةٍ من أحاديث الكتب الستّة وغيرها ، ولا يلتزم به أحدٌ منهم البتّة ،  ولمّا أعلّ ابن الجوزيّ حديث أنسٍ - عند الترمذيّ -  : «اللهمّ أحيني مسكيناً ، وأَمِتْني مسكيناً ، واحشرني في زمرة المساكين» بقوله : لا يصحّ ، لأنّ فيه الحارث بن النعمان ، منكَر الحديث ؛ تُعُقِّب بأنّ ذلك لا يقتضي الوضعَ - كما في «تنزيه الشريعة المرفوعة» لابن عَرّاقٍ -  .

تنزيه الشريعة المرفوعة : 304/2 .

 

فلو سلّمنا قولَ ابن حبّان في الحسن بن صابرٍ وصدّقناه ، فإنّ حديثه هذا ليس منكَراً ، لوجود المتابع له عليه ، فلا وجه لردّ حديثه جملةً .

 نعم ، الوَصْم بنكارة المعنى ممّا لا يكاد يَسْلَم منه حديث ورد في فضائل الآل الأطهار ومناقبهم ، ولكن لا يضرّ السحاب نباحُ الكلاب .

 وبالجملة : فقوله في الرجل «منكَر الحديث» لا يدلّ على أنّ كلَّ ما رواه منكر حتّى هذا الحديث - كما مرّ عن الذهبيّ - بل جاز أن يُراد به أنّ له مناكير وقعت في أحاديثه ، كما قالوا ذلك في جماعةٍ ، كإبراهيم بن المنذر الحزاميّ ، والحكم بن عبد الله البصريّ ، والفضل ابن موسى السينانيّ ، ومحمّد بن إبراهيم بن الحارث التيميّ - الذي إليه المرجع في حديث «إنّما الأعمال بالنيّات» - ومحمّد ابن طلحة ابن مصرفٍ الكوفيّ .

 وهؤلاء احتجّ بهم البخاريّ وغيره ، فتبيّن فساد رأي من ردّ الحديث من المتأخّرين اغتراراً بكلام ابن حبّان ، وانكشف وهن قول الألبانيّ : «إنّ الحسن هذا متّهم» ووهى‏ .

 وكذا تعقّبه على المُناويّ - إذ أعلّ حديث الباب في ( فيض القدير )بقول ابن حبّان المتقدّم -  : بأنّ ذلك يقتضي أنّ إسناده ضعيف جدّاً ، وأنّ قوله في ( التيسير ) : «إسناده ضعيف» غاية في التقصير ، هذا مع جزمه قُبيل ذلك بأنّ الحديث موضوع .

فيض القدير : 565/3 . سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة : 216ـ217/4 .

ومن هنا تُذْعن بضعف هذا الألبانيّ في هذا العلم الشريف وقصوره فيه ، وعدم اتّباعه للمتقرِّر عند أهله ، إذ حكم على الحديث - أوّلاً - بأنّه موضوع - وهو شرّ الضعيف ، لأنّه لا درجة بعده مطلقاً - .

ثمّ ذكر أنّ إسناده ضعيف جدّاً ، وهذا تناقض عظيم ، وجهل كبير يعلمه طلبة ( نخبة الفكر )  ، لأنّ السند الضعيف لا يصل أن يكون به الحديث موضوعاً ، بل يحتمل أن يكون واهياً يرتفع إلى درجة الضعيف ، بخلاف الحديث الموضوع ، فإنّه لا يرتفع إلى درجة الضعيف مطلقاً ، ولا تنفع فيه المتابعات والشواهد - كما أفاد شيخنا ابن الصدّيق أدام اللَّه حراسته .

بيان نكث الناكث : 34 .

السابع :

 أنّ ممّا يكاد أن يُقطع به أنّ ابن حبّان لم يقل في ابن صابرٍ : « منكر الرواية جدّاً عن الأثبات » إلّا لكونه كوفيّاً روى هذا الحديث في فضل ذِكْر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام ، وهذا - عنده - ذنبٌ ل يُغفر ، وحوبٌ لا يُستر ، وبمثله يُرمى الرجل بالتشيّع فيردّ حديثه .

 وهذه عادة النواصب اللئام - قبّحهم اللَّه تعالى وأخزاهم - في أكثر ما روي من مناقب آل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وقلوبهم المُنكَرة تنكر ما ثبت من ذلك ، حتّى إنّ أحدهم إذا لم يجد مَطعناً في الإسناد قال - متعنّتاً -  :

في النفس من هذا الحديث شي‏ءٌ ، أو : إنّ القلب ليشهد ببطلانه ، وما ذلك إلّا من جَفائهم للعترة الطاهرة المطهّرة ، وسعيهم في إطفاء نور اللَّه تعالى - والعياذ باللَّه -  .

 ومن تتبّع كلام الغَويّ الجوزجانيّ ، وابن قايماز التركمانيّ وأضرابهم من ألدّاء النواصب أذعن لما قلنا .

أمّا فضائل خصومهم - التي ما أنزل اللَّه بها من سلطانٍ- فل ترى فيها شيئاً من ذلك التشدّد المقيت ، والتقوّل السخيف ، وهم أعلم الخلق بكذبه وبطلانها ، لكنّ حبّ الشيء يُعمي ويُصمّ ، وهوان آل محمّد صلى الله عليه وآله

وسلم على هؤلاء الأجلاف الجفاة حملهم على ذلك ، فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم .

 هذا ، وأمّا قول السندروسيّ في كتابه ( الكشف الإلهيّ عن شديد الضعف والموضوع والواهي ) - في حديث الباب -  : سنده واهٍ .

الكشف الإلهيّ : 358/1 .

فليس بشيءٍ ؛ لأنّه فسّر الواهي : بأنّه ما يُوجد في سنده كذّابان أو أكثر ، قال : يعني في كلّ طريقٍ من طرقه ، ( انتهى ) .

(2)الكشف الإلهيّ : 65/1 .

 

وليت شعري ، كيف وهّى السندَ مع عدم اشتماله على كذّابٍ واحدٍ ، فضلاً عن كذّابَيْن ، فضلاً عن تحقّق ذلك في كلّ طريقٍ من طرقه ؟ ! فناقض بذلك نفسه !

 وقد تحصّل - ممّا مرّ - أنّ ابن صابرٍ الكسائيّ غير مطعونٍ فيه ، وأنّ جرح ابن حبّان إيّاه بنكارة الحديث - مع تفرّده به ، واختلافهم في قبول الجارح الواحد - مردود عليه ، لما بيّنّا من حاله في جرح الرواة ، ومبلغ ذلك عند الأئمّة النقّاد .

 فإن قال قائل : يلزم ممّا قرّرتَ أن يكون الحسن بن صابرٍ في عداد المجهولين .

قلنا: لا يضرّه ذلك ، لأنّ المراد : إمّا جهالة العين ، أو جهالة الوصف.

 فإن اُريد جهالة العين - وهو غالب اصطلاح أهل هذا الشأن في هذا الإطلاق - فذلك مرتفع عنه ، لأنّه قد روى عنه عبد الله بن يزيد ، والفضل بن يوسف القصبانيّ ، وبرواية اثنين تنتفي جهالة العين ، فكيف برواية العراقيّين عنه - كما ذكر ابن حبّان في ترجمته -،  مضافاً إلى أنّه عَرَفه فوصفه بما ذكره .

وإن اُريد جهالة الوصف ، فغاية الأمر أنّه مستور ، لأنّ ظاهر أمره على العدالة ، وقد قبل روايته - أعني المستورَ- جماعة بغير قيدٍ كأبي حنيفة - وتبعه ابن حبّان - إذ العدل عنده من لا يُعرف فيه الجرح .

كما في نزهة النظر - شرح «نخبة الفكر» للحافظ ابن حجر -  : 100 ، فواتح الرحموت بشرح مسلَّم الثبوت : 146/2 .

 قال : والناس في أحوالهم على الصلاح والعدالة ، حتّى يظهر منهم ما يوجب الجرح - كما في «شرح الشرح» للقاري.

شرح الشرح - للقاري -  : 154 . 

قال أبو عمرو بن الصلاح : يشبه أن يكون العمل على هذا الرأي في كثيرٍ من كتب الحديث المشهورة في غير واحدٍ من الرواة الذين تقادم العهد بهم.

علوم الحديث : 112 .

 وتعذّرت الخبرة الباطنة بهم ، وصحّحه النوويّ في‏ ( شرح المهذّب ) - كما في «تدريب الراوي» .

تدريب الراوي في شرح تقريب النواويّ : 268/1 .

 

وقال في ( علوم الحديث ) : حكى الإمام أبو المظفّر السمعانيّ‏ وغيره عن بعض أصحاب الشافعيّ : أنّه تُقبل رواية المستور وإن‏ لم تقبل شهادته .

قال ابن الصلاح : ولذلك وجه متّجه ( انتهى ) .

وهو سُليم بن أيّوب الرازيّ - كما يُعلم من علوم الحديث : 33 .  «علوم الحديث» : 112 - و «جمع الجوامع» - لابن السُبْكيّ -  : 150/2 المطبوع مع «حاشية البنّانيّ» و «تدريب الراوي» - للحافظ السيوطيّ-  : 268/1 وهو مذهب ابن فَوْرَك أيضاً ، كما في جمع الجوامع : 150/2 .

وقال أيضاً : الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستورٍ لم تتحقّق أهليّته ، غير أنّه ليس مغفّلاً كثير الخطأ في ما يرويه ، ولا هو متّهم بالكذب - أي لم يظهر منه تعمّد الكذب في الحديث - ولا سببٍ آخر مفسِّقٍ ، ويكون متن الحديث - مع ذلك - قد عُرف ، بأن رُوي مثله أو نحوه من وجهٍ آخر أو أكثر ، حتّى اعتضد بمتابعة مَن تابع راويه على مثله ، أو بما له من شاهدٍ - وهو ورود حديثٍ آخر بنحوه - فيخرج بذلك عن أن يكون شاذّاً أو منكراً .

علوم الحديث : 31 .

قال : وكلام الترمذيّ على هذا القسم يتنزّل ؛ انتهى .

قلت : فجهالة حال ابن صابرٍ - بل حتّى التكلّم فيه بنكارة الحديث - لا تضرّه في المقام .

إذ قد تُوبع على حديثه هذا بمتابعتين :

إحداهما تامّة ، والاُخرى قاصرة ؛ بان بهما أنّه لم يتفرّد به .

فأمّا التامّة ، فقد رواها الإمام الحافظ الفقيه ابن المغازليّ في ( المناقب ) قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر بن العطّار - الفقيه الشافعيّ - بقراءتي عليه فأقرّ به .  قلت : أخبركم أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان المزنيّ - الملقّب بابن السقّا - الحافظ الواسطيّ ، قال : حدّثني محمّد بن عليّ بن معمّر الكوفيّ ، حدّثنا حمدان بن المعافى‏ ، حدّثنا وكيع ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت :

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : ذِكْرُ عليٍّ عبادَة .

أحمد مناقب عليّ بن أبي طالبٍ عليه‏ السلام : 195 - 196 .

وأمّا القاصرة ، فقد رواها الرافعيّ في ( التدوين ) بترجمة كادح ابن جعفرٍ أبي عبد الله الزاهد الكوفيّ ، عن الحافظ الخليلي - صاحب «الإرشاد» - قال : حدّثني عبد الله بن محمّدٍ القاضي ، حدّثني محمّد ابن جعفرٍ الواسطيّ - ويُعرف بشعبة - حدّثنا يوسف بن يعقوب ، حدّثنا سليمان ابن الربيع ، حدّثنا كادحٌ ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت :

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : ذكر عليٍّ عبادةٌ.

‏التدوين في أخبار قزوين : 54/4 .

وهاتان المتابعتان ثبت بهما خروج الحسن بن صابرٍ من عهدة الحديث ، وزالت عنه التهمة ، وظهر أنّه لا يدور عليه - خلافاً لما توهّمه المُبْطلون - وتبيّن أنّ رمي ابن حبّان إيّاه بنكارة الحديث ليس بشيءٍ .

 ولنعم القول قول الحافظ شهاب الدين أحمد بن الصدّيق : إنّهم قد يتّهمون الراوي ويضعّفونه بحديثٍ يكون في الواقع بريئاً منه لوجود المتابعين له، أو وجود المجاهيل في السند، فوقه أو دونه.

 قال : وكثيراً مّا يقع هذا لابن حبّان من المتقدّمين ، ولابن الجوزيّ من المتأخّرين ، وربّما وقع ذلك للذهبيّ أيضاً ( انتهى ) .

فتح الملك العليّ : 118 .



(أحاديث الشيعة في كتب العامة)

 فإن قال قائلٌ :

 قد قرّروا أنّ الداعية إذا روى ما يؤيّد مذهبه فإنّ حديثه يُردّ بالإجماع .

 قلنا : مع أنّه لم يثبت أنّ ابن صابر كان داعيةً - إذ ليس كلّ من كان على مذهبٍ فهو داعية إليه - فإنّ هذه حيلة احتالها النواصب - أعداء اللَّه وأعداء رسوله صلى الله عليه وآله وسلم - لردّ ما يرويه الثقات من أحاديث الفضائل والمناقب الواردة في عليٍّ وعترته الزكيّة ، فزعموا أنّ راويها إذا كان متشيّعاً فإنّ حديثه مردود ، ولكن هذا كلّه - واللَّه - باطلٌ من رأسه ، فلا تشيّع الراوي يوجب ردَّ حديثه ، ولا روايته في فضل عليٍّ وآله .

 وهل يروي فضائلهم إلّا شيعتهم ومحبّوهم ؟ !

وهل يُعقل أن يحدّث بها - عن طوعٍ - مَن عاداهم وناواهم ، ممّن أقام دهره على نصبهم وعداوتهم ؟ !

 اللهمّ لا  .

 ولو كان تشيّع الراوي قادحاً لَما أخرج الشيخان في ( الصحيحين ) عن جماعةٍ من المتشيّعين ، وقد جمع الحافظ ابن حجرٍ أسماء من روى لهم البخاريّ منهم ، فسمّى نحو السبعين ، قال ابن الصدّيق : وما أراه استوعب.

فتح الملك العليّ : 106 .

وأمّا صحيح مسلمٍ ، ففيه أكثر من ذلك بكثيرٍ ، حتّى قال الحاكم : إنّ كتابه ملآن من الشيعة .

 وقد روى الإمام أحمد في ( مسنده ) عن عبد الرزّاق بن همّامٍ الصنعانيّ ما لعلّه يبلغ نصف مسنده .

 وحكى الذهبيّ في ( تذكرة الحفّاظ ) عن أبي أحمد الحاكم ، قال : سمعت أبا الحسين الغازيّ يقول : سألت البخاريّ عن أبي غسّان .

 قال عمّ تسأل عنه ؟

 قلت : شأنه في التشيّع .

 فقال : على مذهب أئمّة أهل بلده الكوفيين ، ولو رأيتم عبيد اللَّه وأبا نعيمٍ وجميع مشايخنا الكوفيّين لما سألتموني عن أبي غسّان - يعني لشدّتهم في التشيّع –.

تذكرة الحفّاظ : 978/3 .

 واعترف الذهبيّ أيضاً في ( ميزان الإعتدال ) بترجمة أبان بن  تَغْلِب : بأنّه لو رُدّ حديث المتشيّعين مطلقاً لذهبت جملة من الآثار النبويّة ، قال : وهذه مفسدة بيّنة .

ميزان الاعتدال : 5/1 .

وقد قَبِلَ جماعةٌ من الأئمّة كالثوريّ وأبي حنيفة وأبي يوسف وابن أبي ليلى وآخرون رواية المبتدع مطلقاً ، سواء كان داعيةً أو لم يكن ، بل نُقل عن جماعةٍ من أهل الحديث والكلام قبول رواية المبتدعة - ولو كان كافراً ببدعته -.

 واحتجّ الشيخان والجمهور بأحاديث الدُعاة كحريز بن عثمان ، وعمران بن حطّان ، وشبابة بن سوارٍ ، وعبد الحميد الحِمّاني وأضرابهم .

 إذا تقرّر هذا ، تبيّن لك إغراب ابن حبّان والحاكم في حكاية الإجماع على اشتراط عدم كون الراوي داعيةً في قبول رواية المبتدع ، وهو باطلٌ في نفسه ، مخالفٌ لِما هم مجمعون عليه في تصرّفهم ، وإنّما نشأ ذلك عن تهوّرٍ وعدم تأمّلٍ - كما قال الحافظ أبو الفيض ابن الصدّيق -  .

 وأمّا اشتراط كونه روى ما لا يؤيّد بدعته : فهو من دسائس النواصب التي دسّوها بين أهل الحديث ليتوصّلوا بها إلى إبطال كلّ ما ورد في فضل عليٍّ عليه‏ السلام ، وذلك أنّهم جعلوا آية تشيّع الراوي وعلامة بدعته هو روايته فضائل عليٍّ عليه‏ السلام ، ثمّ قرّروا أنّ كلّ ما يرويه المبتدع ممّا فيه تأييدٌ لبدعته فهو مردود - ولو كان من الثقات - والذي فيه تأييد التشيّع - في نظرهم - هو فضل عليٍّ عليه‏ السلام وتفضيله ، فينتج من هذا أن لا يصحّ في فضله حديث - كم صرّح به بعض من ألقى جلباب الحياء عن وجهه من غلاة النواصب كابن تيميّة وأضرابه -  .

 قال الإمام الحافظ شهاب الدين أحمد بن الصدّيق في ( فتح الملك العليِّ بصحّة حديث باب مدينة العلم عليّ‏ عليه‏ السلام ) :

وقد راجت هذه الدسيسة على أكثر النُقّاد ، فجعلوا يُثبتون التشيّع برواية الفضائل ، ويجرحون راويها بفسق التشيّع ، ثمّ يردّون من حديثه ما كان في الفضائل ، ويقبلون منه ما سوى ذلك.

ولَعَمْري إنّها دسيسة إبليسيّة ، ومكيدة شيطانية ، كاد ينسدّ بها باب الصحيح من فضل العترة النبويّة ، لولا حكم اللَّه النافذ «وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ» سورة يوسف 12  : 21 . ، «يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى‏ اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» سورة التوبة 9  : 32 .

قال : وأوّل من علمته صرّح بهذا الشرط - وإن كان معمولاً به في عصره - إبراهيم بن يعقوب الجوزجانيّ ، وكان من غلاة النواصب ، بل قالوا : إنّه حَرِيزيّ المذهب ، على رأي حَرِيز بن عثمان وطريقته في النصب .

 قال : وهذا الشرط لو اعتُبر لأفضى إلى ردّ جميع السُنّة ، إذ ما من راوٍ إلّا وله في الاُصول والفروع مذهبٌ يختاره ، ورأيٌ يستصوبه ويميل إليه ، ممّا غالبه ليس متّفقاً عليه ، فإذا روى ما فيه تأييدٌ لمذهبه وجب أن يردّ - ولو كان ثقةً مأموناً - لأنّه لا يُؤْمَن عليه حينئذٍ غلبة الهوى في نصرة مذهبه ، كما لا يُؤْمَن على المبتدع الثقة المأمون في تأييد بدعته.

 فكما لا يُقبل من الشيعيِّ شي‏ءٌ في فضل عليٍّ عليه‏ السلام ، كذلك لا يقبل من غيره شي‏ءٌ في فضل أبي بكرٍ ، ثمّ لا يقبل ما فيه دليل التأويل ، ولا من السلفيِّ ما فيه دليل التفويض ، ثمّ لا يقبل من الشافعيِّ ما فيه تأييد مذهبه ، ولا من الحنفيِّ كذلك ، وهكذا بقيّة أصحاب الأئمّة الذين لم يخرج مجموع الرواة بعدهم عن التعلّق بمذهبٍ واحدٍ من مذاهبهم أو موافقته .

 وحينئذٍ فلا يُقبل في بابٍ من الأبواب حديثٌ إلّا إذا بلغ رواته حدَّ التواتر ، أو كان متّفقاً على العمل به ، وذلك بالنسبة لخبر الآحاد وما هو مختلفٌ فيه قليلٌ .

 وبذلك تُردّ السُنّة أو ينعدم المقبول منها ، وهذا في غاية الفساد ، فالمبنيّ عليه كذلك ، إذ الكلّ يعتقد أنّ مذهبه ورأيه صواب ، وكونه باطلاً وبدعةً في نفسه أمرٌ خارج عن معتقد الراوي ، ولهذا لم يعتبروا هذا الشرط ولا عرّجو عليه في تصرّفاتهم أيضاً ، بل احتجّوا بما رواه الشيعة الثقات ممّا فيه تأييد مذهبهم.

 وأخرج الشيخان فضائلَ عليٍّ عليه‏ السلام من رواية الشيعة ، كحديث : «أنت منّي وأنا منك» أخرجه البخاريّ من رواية عبيد اللَّه بن‏ موسى العبسيّ - الذي أخبر عنه البخاريّ أنّه كان شديد التشيّع - .

صحيح البخاري : كتاب الصلح - باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان بن فلانٍ  . .الخ - كتاب المغازي - باب عمرة القضاء .

 وحديث : «لا يحبّك إلّا مؤمنٌ ولا يبغضك إلّا منافق» أخرجه مسلم من رواية عدي بن ثابتٍ ، وهو شيعيٌّ غالٍ ، داعية .

صحيح مسلم : كتاب الإيمان - باب الدليل على أنّ حبّ الأنصار وعليٍّ رضي اللَّه عنهم من الإيمان .

 وهكذا فعل بقيّة الأئمّة ، أصحاب الصحاح والسنن والمصنّفات الذين لا يخرّجون من الحديث إلّا ما هو محتجّ به ، وصرّحوا بصحّة كثيرٍ منها ، وذلك كثيرٌ لمتتبّعه ، دالٌّ على بطلان هذا الشرط (3)، انتهى .

 فتح الملك العليّ : 109 .

وإنّما سُقتُ لك كلام هذا الإمام الخرّيت- بطوله - لنفاسته ، وهو الحقّ الذي لا محيد عنه « فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّ تُصْرَفُونَ »سورة يونس 10  : 32 . ولم أرَ من سبقه إلى هذا التمحيص الأنيق ، فاشدد عليه يديك ، وعضّ عليه بناجذيك ، واللَّه الموفّق والمستعان .

وانظر في ذلك أيضاً : دراسات في الجرح والتعديل : 153/2 لمحمّد ضياء الدين الأعظميّ - ط دار الغرباء الأثريّة بالمدينة المنوّرة سنة ( 1417 ) .



فصل : حديث أمير المؤمنين

البحث في سند الحديث الثاني‏

 وأمّا حديث أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام ، فقد رواه محمّد بن زكريّا الغلابيّ ، عن جعفر بن محمّد بن عمارة ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّدٍ ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه‏ السلام - في حديثٍ - قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم :

 ( النظر إلى عليِّ بن أبي طالبٍ عبادة ، وذِكْره عبادة ) .

فإن قيل : الحمل في هذا الحديث على الغلابيّ ، لأنّه متّهم ، قال الدارقطنيّ : يضع الحديث .

رواه ابن شاذان رحمه الله في «المناقب» المنقبة المائة / 163؛ ومن طريقه الخوارزميّ في المناقب : 2 ، والحمويني في فرائد السمطين : 19/1 ، وكذا أخرجه الصدوق ابن بابويه رحمه الله في الأمالي : 119 . 

 قلت : هذا تعسّفٌ وإسرافٌ من الدارقطنيّ ، ولم يتابعه عليه أحدٌ ، بل إنّ الذهبيّ - على تعنّته وتشدّده - اقتصر في ( ميزان الإعتدال )(2) على تضعيفه ، وحكى عن ابن حبّان أنّه ذكره في ( الثقات ) وقال : يُعتبر بحديثه إذا روى عن ثقةٍ ، وقال : في روايته عن المجاهيل بعض المناكير ، وقال ابن مندة : تُكُلِّم فيه ( انتهى ).

ميزان الاعتدال : 550/3 - لسان الميزان : 169/5 .

ووجه طعنهم في الرجل غير خافٍ ، فإنّه كان من وجوه الشيعة بالبصرة ، وروى مناقب الآل وصنّف فيها .

قال ابن النديم في ( الفهرست ) : كان ثقةً صادقاً .

 

وفي ( مسند الشهاب )(1) : محمّد بن زكريّا الغلابيّ‏ رجلٌ حديثه حسن . ولو جاز الأخذ بقول الدارقطنيّ في الغلابيّ لجاز الأخذ بتضعيفه أبا حنيفة في الحديث ، ولا يُجيزون الأخذ به البتّة ، بل يردّونه‏ عليه ، ويعدّونه بَغْياً منه وإسرافاً .

مسند الشهاب : 109/2 .

وكما في سنن الدارقطنيّ : 123/1 - باب ذكر قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «مَن كان له إمامٌ فقراءة الإمام له قراءة» ، واختلاف الروايات في ذلك . وقد تكلّم النسائيّ في أبي حنيفة ، كما في بعض نسخ «ميزان الاعتدال» وصفحة121 من «الرفع والتكميل» ، وكذا تكلّم فيه الخطيب البغداديّ في تاريخه ، وتبعه ابن الجوزيّ .

فواتح الرحموت : 154/2 - الرفع والتكميل : صفحة70 وما بعدها .

فكذا ينبغي طرح جرحه لمحمّد ابن زكريّا . على أنّه لو صُدِّق لم يَجْرِ في ما نحن فيه ، لعدم انفراد الرجل بحديث الباب -كما عرفت- .

 ولو سُلِّم قولهم بضعفه ، فإنّ حديثه - بانفراده - يكون ضعيفاً ، وهو وإن كان حجّةً في المناقب إلّا أنّه يشتدّ ويعتضد بغيره من الأحاديث المتقدّمة ، فترتقي بمجموعها إلى درجة الحسن - كما سيأتي بيان ذلك إن شاء اللَّه تعالى.

تنبيه‏ :

 يقوى في النفس - واللَّه أعلم - اتّحاد محمّد بن زكريّا الغلابيّ البصريّ مع محمّد بن زكريّا الأنصاريّ ، لوجوهٍ :

 الأوّل : اتّحادهما في الكُنية - كالاسم - فقد كُنّي كلٌّ منهما في كتب الرجال بأبي جعفرٍ .

الثاني : أنّ ابن مندة قال في الأنصاريّ : تُكُلِّم في سماعه ، وقد مرّ أنّه قال

في الغلابيّ : تُكُلِّم فيه ؛ ولعلّه يعني سماعَه .

الثالث : أنّهما سمعا عبد الله بن رجاء الغدانيّ .

الرابع : أنّ أبا الشيخ الأصبهانيّ روى عن الأنصاريّ ، وأب القاسم الطبرانيّ عن الغلابيّ، وأبو الشيخ والطبرانيّ متعاصران.

 فإن ثبت ذلك ، فاعلم : أنّ أبا نعيمٍ قال في محمّد بن زكريّ الأنصاريّ : صاحب اُصولٍ جيادٍ صحاح(1) . فإن كان هو الغلابيّ فقد برى‏ء بهذا أيضاً من طعن الدارقطنيّ ، وإن كان طعنه باطلاً مردوداً في نفسه ، واللَّه المستعان .

لسان الميزان : 168/5 .

 



فصل‏ حديث بن عباس

البحث في سند الحديث الثالث

  وأمّا حديث ابن عبّاسٍ رضى الله عنه :

 فقد رواه صاحب ( الاختصاص ) عن أبي جعفرٍ الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي ، قال : حدّثنا محمّد بن موسى المتوكّل ، عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ ، عن موسى بن عمران ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن علي ابن سالمٍ ، عن أبيه [ سالم بن دينارٍ] عن سعد بن طريفٍ ، عن‏(3) الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت ابن عبّاسٍ يقول : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم :

( ذِكْر اللَّه عز ّوجلّ  عبادة .

 وذكري عبادة .

 وذكر عليٍّ عبادة ..... ) - الحديث .

قلت : هذا الإسناد وإن كان ضعيفاً ـ لاشتماله على بعض الضعفاء والمجاهيل ـ غير إن ذلك لا يقتضي الوضع ، كما لا يخفى على أهل هذا الشأن ، بل يتقوى و يعتضد بالطرق الأخرى والله تعالى أعلم .

الاختصاص : 223 – 224(3) كذا في النسخة المطبوعة .

 



المقام الثاني‏
الكلام في متن الحديث

 اعلم : أنّ الحافظ جلال الدين السيوطيّ أورد هذا الحديث في ( الجامع الصغير ) عن ( مسند الفردوس ) ورمز لضعفه - كما مرّ - وقد ذكر في خطبة كتابه : أنّه صانه عمّا تفرّد به وضّاعٌ أو كذّابٌ ، وإن قيل : إنّه أخلّ بشرطه .

وحكى الغُماريّ في ( المُداوي ) عن الكتّانيّ في ( الرسالة المستطرفة ) أنّه قال : إنّ السيوطيَّ انتخب الجامع الصغير وذيلَه؛ من جامعه الكبير؛ في أواخر عمره ، ولا شكّ في أنّه تحرّى فيهما الصحّة والحُسْن غاية جهده ، وأنّ الموجود من الضعيف فيهما لا يكون في غاية الضعف قطعاً ، مع أنّ الضعيف يُعمل به عند المحدّثين والاُصوليّين في فضائل الأعمال بشروطٍ مقرّرةٍ في محلّها ، ولا شكّ أنّه لم يذكر فيهما ما كان شديد الضعف ( انتهى ) .

لكنّ الحافظ أبا الفيض شهاب الدين أحمد بن الصدّيق الحسنيّ الغُماريّ تعقّبه في ( المُغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير )(2) فقال : لو روت عائشة هذا ما حاربت عليّاً عليه‏ السلام ( انتهى ) .

 المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير : 66 .

أقول لم تعمل بقول الله تعالى : {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً  مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (33)}الأحزاب، وغيرها من الآيات الموجبة لإطاعة ولي الأمر أ تطع رسول الله .

قلت : هذه زلّة عظيمة قد كنّا نربأ بصدورها عن مثله ، لكنّ الجواد قد يكبو ، والصارم قد ينبو ، والمعصوم من عصم اللَّه تعالى ، كيف لا ؟ ! وهذه دعوىً زائفةٌ فاسدة ، وحجّةٌ داحضة باردة ، لا تثبت عند البحث والتمحيص.

وليس هذا منه إلّا محض تسرّعٍ ، وجرأةٍ في التهجّم والإقدام على ردّ الحديث بمجرّد التوهّم ، وما كان هذا شأنه ولا ديدنه في الحكم على الأحاديث ، بل قد عاب - هو - في كتابه ( فتح الملك العليّ ) جماعةً بذلك ، وتراه هنا قد تورّط فيه ، فنسأل اللَّه العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ، آمين .

راجع : فتح الملك العليّ : 137 - 140 .

 

 وظنّي أنّه عَزَبَ عن خاطره ساعةَ الكتابة على هذا الحديث مخالفات اُمّ المؤمنين عائشة لأحاديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ووصاياه ، وأعظمها إعلانها ومجاهرتها بنَبْذ كتاب اللَّه تعالى وراءَها ظِهريّاً يوم خرجت لقتال أمير المؤمنين وسيّد المسلمين عليه الصلاة والسلام ؛ بعسكر البغي الجرّار ، بعد ما أُمرت بالقرار - بنصّ الذكر الحكيم - في بيت النبيِّ المختار صلى الله عليه وآله وسلم راكبةً ذلك الجمل الأدبب ، وقد نبحتها كلاب الحوأب ، فقُتل ببغيه خلائق من المسلمين لا يُحْصَوْن .

 ودَعْ عنك تحريضها على خلع عثمان ، وتأليبها على قتل ابن عفّان لمّ كانت تنادي : «اقتلوا نَعْثَلاً ، قتل اللَّهُ نعثلاً» .

راجع : شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد -  : 215/6 - 17/20 - 22 ، وتاريخ الطبري : 477/3 والنهاية - لابن الأثير -  : 80/5 وتاج العروس : 141/8 والكامل في التاريخ : 260/3 .

 

وسرورها بقتل خير خلق اللَّه تعالى بعد نبيّه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الذي حبّه علامة الإيمان ، وبغضه علامة النفاق - كما ثبت في الصحيح - وقولها - لمّا انتهى إليها ذلك -  :

 فألقَتْ عصاها واستقرّ بها النوى‏      كما قرّ عيناً بالإياب المسافر

وقولها - لمّا سألت عن قاتله ، فقيل : رجل من مرادٍ -  :

 فإن يكُ نائياً فلقد نعاه‏

غلامٌ ليس في فيه الترابُ‏

تاريخ الطبري : 115/4 - طبقات الصحابة : 3 القسم الأوّل ص‏27 - ومقاتل الطالبيّين : 26 .

فهل كان ذلك - وأضعافٌ مضاعفة ممّا صدر عنها - موافقاً لم سمعته وروته عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ؟ ! نبِّؤُنا يا اُولي الألباب ! !

 ولها مع أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام شؤون لا يحتمل هذا الجزء سردها ، فمن شاء فليقف عليها في مظانّها .

 وإنّي لا أظنّ أنّ الغُماريَّ - سامحه اللَّه وعفا عنه وعنّ بمنّه وكرمه- لم يُحِط خُبْراً بما ذكرنا ، كيف ؟ ! وهو شيخ الصنعة المقدّم ، وأبو بَجْدتها وكبش كتيبتها بلا مدافعٍ ولا نكيرٍ ، ولستُ أدري ما حمله على ذلك ، والعلم عند اللَّه تعالى !

 هذا ، ومن ألمَّ بطرفٍ من سيرتها مع أخي رسول اللَّه‏ صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمّه ، وأمعن في ذلك بدقّةٍ ، وأعطى الإنصاف حقّه ، عَلِمَ أنّ ما ردّ به هذا الشيخ حديث الباب من السذاجة بمكانٍ ناءٍ جدّاً ، ولم يكن متوقّعاً من مثله التفوّه بذلك ، إذ ليس بعزيزٍ على عائشة أن تروي حديثاً ثمّ تعمد إلى مخالفته ، كأنّه لم يطرق سمعها أبداً ، ولا حدّثت به من المسلمين أحداً ، وبسط الكلام في ذلك خارج عن وضع هذا المختصر .

 وحسبك ما رواه الحسن بن عَرَفة قال : حدّثنا يزيد بن هارون ، قال : حدّثنا حُميد الطويل ، عن أنسٍ ، عن عائشة ، قالت : سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

« عليّ بن أبي طالبٍ خير البشر ، من أبى فقد كفر».

فقيل لها : ولِمَ حاربتيه ؟ !

 فقالت : واللَّه ما حاربته من ذات نفسي ، وما حملني على ذلك إلّا طلحة والزبير .

المناقب - لابن شاذان -  : المنقبة السبعون / 130 .

 

فليس مخالفتها لحديثٍ ترويه دليلاً على بطلانه - كما لا يخفى - ، والذي ينبغي أن يقال لمن يتشبّث بتلك الحجّة لإبطال هذا الحديث : إنّ رواية عائشة له من أقوى الشواهد على صحّته وثبوته ، وللَّه دَرُّ مَن قال :

 ومليحةٍ شهدت لها ضرّاتُها      والحُسن ما شهدت به الضرّاءُ

 ومناقبٍ شهد العدوّ بفضلها    والفضلُ ما شهدت به الأعداءُ

 ومن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيدٌ عَلِمَ لطفَ اللَّه تعالى في اشتهار هذا الحديث من طريق عائشة ، وللَّه في خلقه شؤون .

 ولولا أنّ الحافظ الغُماريّ من أئمّة الحديث ، وحذّاق النُقّاد ؛ لَما أطنبنا معه في الكلام ، لكنّه أتى بكلامٍ غريبٍ استدعى المناقشة والمداقّة ، فبيّنّا - بحول اللَّه تعالى وقوّته - أنّه ليس بشي‏ءٍ عند المحاقّة .

 ثمّ بعد تحرير هذا كتب إلينا شيخنا العلّامة المحدّث أبو اليسر جمال الدين عبد العزيز بن الصدّيق - حفّه اللَّه بالعناية والتوفيق -  : أنّه تعقّب كلام شقيقه أبي الفيض في ( المغير ) بقوله : هذا لا يكفي في الدلالة على الوضع ، فقد تكون - يعني عائشة - نسيت أو تأوّلت .

وقد حاربه الزبير معها ونسي قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّك ستحاربه وأنت ظالم له» ، حتّى ذكّره عليٌّ عليه‏ السلام فترك ، انتهى .

المستدرك على الصحيحين : 366/3 ، فضائل الخمسة من الصحاح الستّة : 404/2 - 408 .

 قلت : وهذا أيضاً يوهن حكم ذلك الإمام الحافظ ، ويُبطل جزمَه بوضع حديث الباب .

وأمّا قوله في ( المُداوي ) : إنّ هذا الحديث موضوع ، وضعه‏  الحسن بن صابرٍ ، فرواه عن وكيعٍ ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، ول شيء من ذلك أصلاً ( انتهى ) .

 المُداوي لعلل الجامع الصغير وشرحَي المُناويّ : 83/4 .

 فيدفعه : أنّ الحسن بن صابرٍ الكِسائيّ لم يَرْمِه أحدٌ بالوضع إلّا الغماريّ - سامحه اللَّه -  .

 وقد بيّنّا أيضاً أنّه لم ينفرد بهذا الحديث بل تابعه عليه غيره ، وأنّ حديثه قد ورد من غير طريقٍ ، فزالت عنه التهمّة ، واللَّه وليّ العصمة .

 وأمّا الألبانيّ الشاميّ ، فله جرأة عظيمة في إطلاق دعوى الوضع على الأحاديث - كما لا يخفى على من وقف على كتبه - وقد حكم على هذا الحديث بالوضع ، زاعماً أنّ متنه ظاهر الوضع .

سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة : 216/4 - ضعيف الجامع الصغير : 448.

ولعلّه يريد - بزعمه - نكارة معناه ، فإنّ الحفّاظ يحكمون بوضع الحديث لنكارة معناه مع ثقة رجاله ، لكنّها دعوىً باطلة .

 فأيّ نكارةٍ : في كون ذِكْر أمير المؤمنين ويعسوب الدين عليّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام بالترضّي عنه ، أو بذكر مناقبه وفضائله ، أو بنقل كلامه وتقرير مواعظه وأذكاره وأحكامه ، أو برواية الحديث عنه ، أو نحو ذلك؛ عبادة اللَّه تعالى التي يُثيب عليها  .

كما في فيض القدير - شرح الجامع الصغير -  : 565/3 .

 

 كما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله :

«النظر إلى عليٍّ عبادة» و «النظر إلى الكعبة عبادة» .

 وقد جمع شيخنا العلّامة ابن الصدّيق طرق هذا الحديث وصحّحه في جزءٍ لطيف سمّاه «الإفادة» أجاد فيه وأفاد .

و «انتظار الفرج من اللَّه عبادة» و «انتظار الفرج بالصبر عبادة» و «ذكر الأنبياء عبادة» و «الصمت أرفع العبادة» وأشباه ذلك ونظائره ممّا ورد في السُنّة.

 فلا يُنْكِر ذلك إلّا ذو قلبٍ مهيضٍ ، وطَرْفٍ مريضٍ ، { خَتَمَ اللَّهُ عَلَى‏ قُلُوبِهِمْ وَعَلَى‏ سَمْعِهِمْ وَعَلَى‏ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)} البقرة .

وكم أنكر هذا المتسلِّف من أحاديث ثابتةٍ في فضل عليٍّ عليه‏ السلام دفعاً بالصدر ، وتقليداً لأسلافه النواصب كالذهبيّ وابن تيميّة وأضرابهم ممّن لم يألوا جُهداً في إطفاء نور اللَّه تعالى { وَيَأْبَى‏ اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)} التوبة .

 وكان الشيخ العلّامة المحدّث أبو الفيض أحمد بن الصدّيق قد خالط هذا الألبانيّ مدّةً استكشف فيها مكنون سريرته ، واستبان حاله ، وعرف خبث طويّته ، فقال فيه - وهو الصادق في قوله -  : خبيث الطبع ، وهّابيٌّ ، تيْميٌّ جَلْد  . . . إلى آخره . وقال فيه أيضاً : إنّه في العناد - والعياذ باللَّه - خلَف الزمزميّ . . إلى آخره.

سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة : 6/4 .

ولا بِدْعَ ممّن نَهَج سبيل ابن قايماز الذهبيّ التركمانيّ ، وكان على مذهب ابن تيميّة الحرّانيّ؛ أن يردّ مثل هذا الحديث ، فإنّ العِرْق دسّاسٌ والأصل خبيث .

 ومن وقف على كتابه في الأحاديث الضعيفة والموضوعة تبيّن له كيف ادّعى الوضع - بمجرّد التشهّي - في أحاديث صحّحها أو حسّنها الأيقاظ من أئمّة الحديث وجهابذة الحفّاظ ، وبادر هو إلى إبطالها وإنكارها من غير تروٍّ ولا تثبّتٍ ، ومن دون إستقصاءٍ ولا جمعٍ لطرقها ومتونها ، وهذا شأن من يُلقي بنفسه في كلّ وادٍ «وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ» . سورة الرعد 13  : 33 .

 ومن ثمّ لا يجوز التعويل على أحكامه ، ولا الاسترواح إلى نقضه وإبرامه؛ من دون تثبّتٍ وتحقيقٍ ، وقد تعقّبه جماعة من أهل العصر وبيّنو أخطاءه في كثيرٍ من أحكامه .

 وكأنّه حلّ في هذا الزمان محلّ ابن الجوزيّ الذي صار يُضرب به المثل - عند فرسان هذا الميدان - في تسرّعه بردّ الأحاديث ، حتّى الصحيح الثابت منها.

 بل إنّ أبا الفرج - مع تساهله الذائع في إطلاق الوضع على الأحاديث - لم يورد هذا الحديث لا في ( الموضوعات ) ولا في ( الواهيات ).

 ولا هو مذكورٌ في شي‏ءٍ من كتب الموضوعات التي وقفتُ عليه - غير ما ذكرنا - ك ( اللآلى‏ء المصنوعة ) و ( تذكرة الموضوعات ) و ( الأسرار المرفوعة ) و ( الفوائد المجموعة ) و ( اللؤلؤ المرصوع ) وغيرها ، ولو كان موضوعاً - حقّاً - لما فات هؤلاء وغيرهم ممّن صنّف في الأحاديث الموضوعة ، ول ذُهلوا عن إيراده في كتبهم - مع حرصهم على جمعها ، وتحرّيهم لضبطها وحصرها -  .

 وكفاك شاهداً على قصور باع الألبانيّ - في هذا الشأن - أنّه قال في حديث ابن عمر ، قال رسول اللَّه ‏صلى الله عليه وآله وسلم : «اتّبعوا السواد الأعظم ، فإنّ من شذّ شذّ في النار» : لم أجده في شي‏ءٍ من كتب السُنّة المعروفة ، حتّى الأمالي والفوائد والأجزاء التي مررت عليها ( انتهى ).

مشكاة المصابيح : 62/1 .

وهذا الحديث أخرجه الحاكم في ( المستدرك على الصحيحين ) عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : «لا يجمع اللَّه‏  هذه

الاُمّة على الضلالة أبداً» .

المستدرك على الصحيحين : 115/1 .

وقال : «يد اللَّه على الجماعة ، فاتّبعوا السواد الأعظم ، فمن شذّ شذّ في النار».

 فمن كان هذا مبلغ علمه ، كيف يُلقى عنان الانقياد إلى حكمه - كما اغترّ به بعض المتسلِّفين الأجلاف في هذا العصر - ؟ ! وحيث انجرّ الكلام إلى هنا ، فلا بأس بسرد مقالةٍ صَدَعَ بها الإمام الحافظ صلاح الدين العلائيّ ، فإنّ فيها موعظةً وذكرى للمتّقين ، ونصيحةً لمن أراد الحكم والتكلّم على الأحاديث بيقين .

 قال في ( النقد الصحيح لما اعتُرض عليه من أحاديث المصابيح ) : الحكم على الحديث بكونه موضوعاً من المتأخّرين‏ عَسِرٌ جدّاً ، لأنّ ذلك لا يتأتّى إلّا بعد جمع الطرق وكثرة التفتيش ، وأنّه ليس لهذا المتن سوى هذه الطريق الواحدة ، ثمّ يكون في رواتها من هو متّهم بالكذب ، إلى ما ينضمّ إلى ذلك من قرائن كثيرةٍ تقتضي للحافظ المتبحّر الجزم بأنّ هذا الحديث كذبٌ .

 قال : ولهذا انتقد العلماء على الإمام أبي الفرج ابن الجوزيّ في كتابه ( الموضوعات ) وتوسّعه بالحكم بذلك على كثيرٍ من الأحاديث ليست بهذه المثابة  . . . إلى آخر كلامه .

النقد الصحيح لما اعتُرض عليه من أحاديث المصابيح30.

 ولو كان هذا الألبانيّ فتّش عن حديث الباب وفحص عنه بصدقٍ وسلامة نفسٍ لوجده مرويّاً من غير طريقٍ كما وجدناه لكنّ التعصّب والنصب قد أصمّاه وأعمياه ، حتّى اتّهم به الحسن بن صابرٍ الكسائيّ ، وظنّ أنّ الحديث يدور عليه ، لكن قد تبيّن لك بطلانه فيما مضى ، فاللَّه المستعان .



الخاتمة
نسأل اللَّه تعالى حُسنها

  قد تحصّل - ممّا مرّ - أنّ الحديث بمقتضى الصناعة حسنٌ لغيره .

 قال أبو عيسى الترمذيّ في كتاب ( العلل ) : كلّ حديثٍ يُروى ، ل يكون في إسناده من يتّهم بالكذب ، ولا يكون الحديث شاذّاً ، ويُروى من غير وجهٍ نحو ذلك فهو عندنا حديث حسن.

سنن الترمذيّ : 758/5 . (2) النكت البديعات على الموضوعات : 299 .

وقال الحافظ جلال الدين السيوطيّ في ( النكت البديعات على الموضوعات ): المتروك والمنكر إذا تعدّدت طرقه ارتقى إلى‏ درجة الضعيف القريب ، بل ربّما يرتقي إلى الحسن .

تنزيه الشريعة المرفوعة : 10/1

فإن أبى متعنّتٌ إلّا الحكم بضعفه ، تقليداً للحافظ السيوطيّ ومن دَرَجَ على ذلك ممّن جاء بعده من المقلِّدين الذين لا يُستجاز الاستدلال بكلامهم ، لأنه بمنزلة العدم .

 قلنا : لو كان ضعيفاً لكان قريب الضعف ، ولو كان شديد الضعف فلا دليل على كونه موضوعاً .

 وقد نقل الحافظ شمس الدين السخاويّ في ( شرح التقريب ) عن سيف الدين أحمد بن أبي المجد أنّه قال : أطلق ابن الجوزيّ الوضع على أحاديث لكلام بعض الناس في رواتها ، كقوله : فلانٌ ضعيف ، أو : ليس بالقويّ ،  ونحوهما .

وليس ذلك الحديث ممّا يشهد القلب ببطلانه ، ولا فيه مخالفة لكتابٍ ولا سُنّةٍ ولا إجماعٍ ، ولا ينكره عقلٌ ولا نقلٌ ، ولا حجّة معه سوى كلام ذلك الرجل في رواته ، وهذا عدوان ومجازفة ، انتهى.

تنزيه الشريعة المرفوعة : 10/1

قلت : ونظير ذلك صنيع بعض الناس في إطلاق الوضع على هذا الحديث ، مع أنّه لم يقدح في راويه إلّا ابن حبّان بقوله : «منكر الرواية جدّاً» وقد تكلّمن على هذا الجارح وجرحه - في ما سلف

 وشتّان بين هذا وبين قول الحافظ السخاويّ : إنّ مجرّد اتّهام الراوي بالكذب - مع تفرّده - لا يسوّغ الحكم بالوضع ، ولذا جعله شيخنا - يعني الحافظ ابن حجرٍ - نوعاً مستقلاًّ وسمّاه «المتروك» وفسّره : بأن يرويه من يُتّهم بالكذب ، ولا يُعرف ذلك الحديث إلّا من جهته ، ويكون مخالفاً للقواعد .

 قال : وكذا من عُرف بالكذب في كلامه - وإن لم يظهر وقوعه منه في الحديث - وهو دون الأوّل (2)، انتهى .

قلت : هذا هو التورّع في الحكم على الأحاديث ، دون التسرّع والاقتحام من غير تدبّرٍ وإمعانٍ وتتبّعٍ .

 فإذا كان الحديث قد تدنّى وانحطّ إلى هذه المرتبة - ومع ذلك لم يَجُزْ إطلاق الوضع عليه - فعدم جواز إطلاقه على حديث الباب - الذي لم يُتّهم أحدٌ من رواته بالكذب - أولى وأحرى - كما لا يخفى على من أنصف من نفسه - واللَّه يحقّ الحقّ وهو يهدي السبيل .

 هذا ، مع إطباق جمهور الفقهاء والاُصوليّين والحفّاظ على أنّ الحديث الضعيف حجّة في المناقب كما أنّه حجّة في فضائل الأعمال بإجماع من يُعتدّ به.

وإذا ثبت ذلك لم تَبْقَ شبهة لمعاندٍ ، ولا مَطْعن لحاسدٍ ، بل وجب على كلّ من له أهليّةٌ أن يُقرّ هذا الحقّ في نصابه ، وأن يردّه إلى إهابه ، وأن لا يصغي إلى تُرّهات المضلّين ، ونزغات المبطلين .

فإنّ الحكم بالوضع على هذا الحديث مبالغة وإسراف ، وإفراط واعتساف ، نسأل اللَّه تعالى السلامة من خزي الدنيا وعذاب يوم القيامة ، إنّه سبحانه سميع مجيب ، وما توفيقي إلّا باللَّه عليه توكّلت وإليه اُنيب .

 

 وكان الفراغ من جمع هذا الجزء وتنميقه ، وتحريره وتنسيقه ، منتصف ليلة الجمعة المباركة ، ثامن عشر شهر صفرٍ ، خُتم بالخير والظفر ، من شهور سنة ( 1417 ) سبع عشرة وأربعمائة وألف من الهجرة النبويّة ، على مهاجرها أفضل صلاةٍ وأزكى تحيّةٍ ، بدار العلم ومَعْقِل الإيمان ، بلدة «قم» الطيّبة صينت عن نوائب الزمان؛ على يد الفقير إلى اللَّه تعالى خادم الحديث الشريف والسُنّة المطهّرة ، الحسن ابن صادق بن هاشمٍ الحسينيّ آل المجدِّد الشيرازيّ ، غفر اللَّه تعالى له ولوالديه ، ورَحِمَ ذُلَّه يوم الوقوف بين يديه ، آمين اللهمّ آمين .

 والحمد للَّه ربّ العالمين ، وصلّى اللَّه وسلَّم على سيّدن ونبيّنا محمّدٍ ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين ، وصفوة صحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 



  مصادر كتاب الإبادة

لحكم الوضع على ذكر علي عبادة :

 1 - الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة : لمحمّد عبد الحيّ اللكهنويّ ، تحقيق عبد الفتّاح أبو غدّة - ط مكتب المطبوعات الإسلامية - الطبعة الثانية ، سنة ( 1404 ).

 2 - الاختصاص : للإمام المجدّد الشيخ المفيد - الطبعة الاُولى سنة ( 1379 ) - ط مطبعة الحيدريّ بطهران - تحقيق علي أكبر الغفّاريّ .

 3 - أمالي الصدوق : لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي - ط مؤسّسة الأعلميّ - بيروت ، الطبعة الخامسة ، سنة ( 1400 ) .

 4 - بيان نكث الناكث المتعدّي بتضعيف الحارث : لشيخنا العلّامة المحدّث السيّد عبد العزيز بن محمّد بن الصدّيق الغُماريّ الحسنيّ - الطبعة الثانية ، سنة ( 1405 ) .

 5 - تاريخ دمشق ( ترجمة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه‏ السلام ) : لابن عساكر ، تحقيق الشيخ محمّد باقر المحموديّ - ط مؤسّسة المحموديّ - بيروت .

 6 - تدريب الراوي في شرح تقريب النواويّ : لجلال الدين السيوطيّ ، تحقيق أحمد عمر هاشم - ط دار الكتاب العربيّ - بيروت ، سنة ( 1414 ) .

 7 - التدوين في أخبار قزوين : لعبد الكريم بن محمّد الرافعيّ القزوينيّ - تحقيق الشيخ عزيز اللَّه العطارديّ - تصوير دار الكتب العلميّة ببيروت ، سنة ( 1408 ) .

 8 - تذكرة الحفّاظ : للحافظ شمس الدين الذهبيّ ، ط حيدر آباد ، سنة ( 1377 ).

 9 - تقريب التهذيب : للحافظ ابن حجر العسقلانيّ ، تحقيق محمّد عوّامة - ط دار الرشيد - سوريا ، الطبعة الرابعة ، سنة (1412) .

 10 - تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة : لأبي الحسن علي بن عَرّاق الكنانيّ ، تحقيق عبد الوهّاب بن عبد اللطيف ـ ط دار الكتب العلميّة بيروت .

 11 - تهذيب التهذيب : للحافظ ابن حجر العسقلانيّ ، ط دار إحياء التراث العربي - بيروت - سنة ( 1412 ). 12 - التيسير بشرح الجامع الصغير : لعبد الرؤوف المُناويّ .

 13 - الثقات : لابن حبّان - ط حيدر آباد - الطبعة الأولى ، سنة ( 1393 ).

 14 - الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير : للسيوطيّ ، طبعة دار الفكر - بيروت - سنة ( 1401 ) .

 15 - جمع الجوامع : لعبد الوهّاب السُبْكيّ ، المطبوع مع حاشية البنّانيّ - ط دار إحياء الكتب العربيّة - مصر .

 16 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السُنّة المشرّفة : للمحدّث الشريف محمّد بن جعفر الحسنيّ الكتّانيّ - تصوير دار البشائر ، بيروت - سنة ( 1414 ) .

 17 - الرفع والتكميل في الجَرْح والتعديل : لمحمّد عبد الحيّ اللكهنويّ ، تحقيق عبد الفتّاح أبو غُدّة طبع مكتب المطبوعات الإسلاميّة الطبعة الثالثة ، سنة ( 1407 ).

 18 - شفاء السقام في زيارة خير الأنام : لعليّ بن عبد الكافي السُبْكيّ - ط حيدر آباد - الطبعة الثانية ، سنة ( 1402 ) .

 19 - ضعيف الجامع الصغير وزيادته:لمحمّد ناصر الدين الألبانيّ،الطبعة الثالثة سنة1410.

 20 - علوم الحديث : لأبي عمرو بن الصلاح ، تحقيق نور الدين عِتِرْ - ط دار الفكر - دمشق ، سنة ( 1406 ) .

 21 - فتح الملك العليّ بصحّة حديث باب مدينة العلم عليّ : للإمام الحافظ المحدّث أحمد بن محمّد بن الصدّيق الحسنيّ المغربيّ ، ط النجف بتحقيق الأمينيّ .

 22 - فرائد السمطين في فضائل الرسول والبتول والمرتضى والسبطين‏ عليهم ‏السلام : لمحمّد بن إبراهيم الحمويّ ، ط بيروت بتحقيق المحموديّ ، سنة ( 1400 ) .

 23 - فضائل الخمسة من الصحاح الستّة : للعلّامة الفيروزآباديّ ، ط مؤسّسة الأعلميّ - بيروت - الطبعة الرابعة ، سنة ( 1402 ) .

 24 - فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت : لمحمّد بن نظام الدين الأنصاريّ ، المطبوع بهامش المستصفى - ط المطبعة الأميريّة بمصر ، سنة ( 1325 ) .

 25 - فيض القدير شرح الجامع الصغير : لعبد الرؤوف المناويّ، ط مصر سنة 1357.

 26 - كتاب المجروحين من المحدّثين والضعفاء والمتروكين : لابن حبّان ، توزيع دار الباز بمكّة المكرّمة ، تحقيق محمود إبراهيم زايد .

 27 - الكشف الإلهيّ عن شديد الضعف والموضوع والواهي : لمحمّد بن محمّد بن محمّد الحسينيّ الطرابلسيّ السندروسيّ ، ط مكتبة الطالب الجامعيّ بمكّة المكرّمة ، تحقيق محمّد محمود أحمد بكّار .

 28 - لسان الميزان : للحافظ ابن حجر العسقلانيّ - ط حيدر آباد - سنة ( 1331 ) .

 29 - المُداوي لعلل الجامع الصغير وشرحَي المُناويّ : للحافظ أحمد بن محمّد بن الصدّيق الغُماريّ - الطبعة الاُولى ، المكتبة المكّية - تحقيق : مصطفى صبري .

 30 - المستدرك على الصحيحين : للحاكم النيسابوريّ - ط حيدر آباد سنة 1344 .

 31 - مسند الشهاب : للقاضي القضاعيّ ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفيّ.

 32 - مشكاة المصابيح : للخطيب التبريزيّ ، تحقيق محمّد ناصر الدين الألبانيّ ، منشورات المكتب الإسلاميّ بدمشق ، ط سنة (1382 ) .

 33 - المُغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير : لأبي الفيض أحمد بن محمّد بن الصدّيق الغماريّ الحسنيّ - ط دار الرائد العربيّ - بيروت ، سنة ( 1402 ) .

 34 - مائة منقبة من مناقب عليّ بن أبي طالبٍ عليه‏ السلام : لأبي الحسن ابن شاذان القمّي ، ط الدار الإسلاميّة ، بيروت  الطبعة الاُولى سنة 1409 تحقيق نبيل رضا علوان .

 35 - مناقب عليّ بن أبي طالبٍ عليه‏ السلام : للفقيه ابن المغازليّ ، ط دار الأضواء - بيروت - الطبعة الثانية ، سنة ( 1412 ) .

 36 - المناقب : للموفّق بن أحمد الخوارزميّ - ط المطبعة الحيدريّة - النجف الأشرف ، سنة ( 1385 ) . 37 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال : للحافظ شمس الدين الذهبيّ ، تحقيق عليّ محمّد البِجاويّ - ط دار المعرفة - بيروت .

 38 - نُزْهة النظر في توضيح نخبة الفِكَر في مصطلح أهل الأثر : للحافظ ابن حجر ، تحقيق نور الدين عتر - ط دار الخير - الطبعة الثانية - سنة ( 1414 ) .

 39 - النقد الصحيح لما اعتُرِض عليه من أحاديث المصابيح : للحافظ صلاح الدين العلائيّ ، ط دار مسلم ، بتحقيق محمود سعيد ممدوح - الطبعة الاُولى - سنة 1410 .

 40 - النُّكَت البديعات على الموضوعات : لجلال الدين السيوطيّ ، تحقيق عامر أحمد حيدر ، ط دار الجنان - الطبعة الاُولى - سنة ( 1411 ) .

 41 - هَدْي الساري - مقدّمة فتح الباري : للحافظ ابن حجر العسقلانيّ - ط دار الريّان للتراث - مصر ، سنة ( 1407 ) .





المحاورة الحادية عشر للوهابي

لا يعتني بسند الحديث لأن نصه ينافي إخلاص العبودية لله ويسأل عن ملاك التوحيد والشرك عند الشيعة

حررها في يوم : 27-10-1999 ، الساعة : 07:16 بعد الظهر .

 الزميل أبو أحمد : يأتي بما يحاول فيه أن يثبت أن حديث "ذكر علي عبادة" غير موضوع . وهذا الحديث قد ذكر في الموضوعات في العديد من كتب الموضوعات مثل سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني و الكشف الإلهي للطرابلسي و النوافح للعدوي الصنعاني والمغير للغماري وغيرها .

والأمر هنا ليس أمر تراشق بإثباتات ضعف وصحة ، ولكن أوضحنا سابق علة عدم قبول هذا الحديث الذي يتعارض مع عدم الشرك بالله تعالى في العبادة . ولقد أوضحنا : كيف يكون الشرك بالله في العبادة وكيف أن هذا الحديث يؤدي إلى نقل العبادة من ذكر الله تعالى إلى ذكر أحد خلقه .

وبالمثل : فإذا كان ذكر علي عبادة فمن باب أولى أن يكون ذكر محمد صلى الله عليه وسلم عبادة وذكر نوح عبادة وذكر إبراهيم عبادة وذكر موسى عبادة وذكر عيسى عبادة وذكر الصالحين عبادة.

وهكذا ننقل العبادة من ذكر الخالق عز وجل إلى ذكر المخلوقات ، أو على الأقل نساوي العبادة بذكرهم إلى العبادة بذكر رب العالمين : { تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِين (98)}الشعراء .

وإذا قال قائل : إنما نحن نذكرهم لنتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بذكرهم . نقول له : ما قلته هو ما قاله المشركون حسب ما جاء في القرآن الكريم وهم يتحدثون عن أصنامهم : {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى (3)}الزمر .

ولقد أوضحت : بعض الأمور عن الشرك بالله في العبادة في الرسائل السابقة ، وهنا أورد ما جاء في كتاب الكبائر للذهبي عن الشرك وهي الكبيرة الأولى في الكتاب :

[ فأكبر الكبائر الشرك بالله تعالى وهو أن يجعل لله ندا ويعبد غيره من حجر أو شجر أو شمس أو قمر أو نبي أو شيخ أو نجم أو ملك أو غير ذلك وهذا هو الشرك الأكبر الذي ذكره الله عز وجل ؛ قال الله تعالى :

{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَ دُونَ ذَلِكَ لمن يشاء (48)}النساء  وقال تعالى : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)} لقمان ، وقال تعالى : {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ (72)}المائدة ، والآيات في ذلك كثيرة ، فمن أشرك بالله ثم مات مشركا فهو من أصحاب النار قطعا ، كما أن من آمن بالله ومات مؤمنا فهو من أصحاب الجنة وإن عذب بالنار .

 وفي الصحيح أن رسول الله قال : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ، ثلاثا . قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وكان متكئا فجلس ، فقال : ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور ، فما زال يكرره حتى قلنا ليته سكت ، وقال : "اجتنبوا السبع الموبقات" فذكر منها الشرك بالله ] .

الذي أفهمه من ردود شيعة آل علي : أن عقيدتهم في الشرك تختلف عن عقيدة المسلمين حسب ما أراه من رسائلهم وردودهم . وحيث أنني أوضحت عقيدة الشرك عند المسلمين فأرجو من شيعة آل علي أن يوضحوا ما هي عقيدتهم في الشرك بالله سبحانه وتعالى .

قال الله تعالى : { أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)}الكهف .





المحاورة الثانية عشر للشيعي

عشرة ردود على المحاورتين السابقتين والاستدلال على ضرورة التعبد لله بذكر علي عليه السلام

 

حررتها في يوم : 29-10-1999،الساعة : 04:05بعد منتصف الليل .

 حضرة الزميل العزيز محمد إبراهيم :

كلمة الزميل مقاربة لمعنى الصاحب ولم أتخبط ولم أخف وكلماتي في الغالب تناسب رد ما يخاطبني به المخاطب لا أكثر وأرجو أن لا تزعل ، لا اعتقد أني خرجت عما دار بيننا من الحوار وسوف أجيبك على الأسئلة التي طرحها جنابكم ، وأرجو منكم أن تجيبوني عن سؤالي الوحيد في آخر البحث وما أراك تبخل على بالجواب و أنت الفطن المحجاج .

أولاً : لم اسمع من أحد إن إبليس أفضل من الملائكة ، ولكن الذي دفعني لذلك حصرك العبادة بالتسبيح والتحميد والتهليل في أخر المقال السابق معي وهذه فكرة إبليسية ، لأنه لم يقبل أن يسجد لآدم باعتبار السجود لآدم شرك ، و مثله يأتي حصر العبادة بالأذكار مع أن العبادة تتم بامتثال كل ما أمر الله به.

و تعاريفك السابقة للعبادة تشهد لهذا .

ثانياً : نعم الملائكة سجدت لآدم عليه السلام ، ويصدق على فعلها أنه عبادة لله تعالى لا لآدم عليه السلام ؛ لأن الملائكة أطاعت أمر الله سبحانه وتعالى وهنا بيت القصيد .

إذا قبلت : أن إطاعة أمر الله تعالى عبادة ونعتبره أمراً كلياً ، يبقى الاختلاف بيننا في المصاديق بأن هذا الفعل يصدق معنى العبادة لأنه أمر الله به ، وهذا لا يصدق عليه معنى العبادة لأنه لم يأمر الله به ، وطبعا يبقى أمر الإخلاص وقبول الفعل وهذا موكول له سبحانه بين قبول الفعل أو رده .

ثالثاً : جميع الآيات التي ذكرتها من عند الله سبحانه ، نعم إن الله سبحانه خلق الجن والإنس لكي يعبدوه ولا يجوز الشرك بالله سبحانه وتعالى  ، كما لا يجوز اخذ الأنداد لله تعالى ، وأكبر الكبائر الشرك بالله ولا يغفر .

ولكن أين الشرك إذا قلنا : ( ذكر علي عبادة ) وهو داخل في مصداق إطاعة أوامر الله سبحانه ؛ حيث أن ذكر علي لا على نحو لقلقة لسان ول على نحو الاستقلال ، بل نريد به أن نتذكر افضل أولياء الله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وذكره يذكرنا بعظمة الله سبحانه حيث جعله افضل مخلوقاته بعد رسول الله من حيث الفقه والعلم والحلم والشجاعة وغيرها من المواصفات والمناقب التي ألفت بها كتب ، حتى حسده الناس .

وأن الله سبحانه لكثير من مواقفه : أنزل قرآناً وآيات بل سوراً في حقه ؛ حيث لا يوجد لأحد غيره مثل ما يوجد له ، كما أن له أحاديث من أخيه رسول الله في حقه وهو لا ينطق عن الهوى ، لم يستطع أعداؤه أن يكتموها ، وتحدث بها الموافق والمخالف .

فإذا تحدثنا عنه عليه السلام أو ذكرنا اسمه : لم نُرد به انه يكون شريكاً لله ولا نداً له ، بل نريد أن نبين انه عبد من عبيد الله أكرمه الله وتفضل عليه بخواص كثيرة بدورها تذكر و تبين عظمة الله سبحانه ، وانه من ينصر الله ينصره الله ، فجازاه الله لإخلاصه ومواقفه من رسوله أن جعل محبته ومحبة ذريته أجراً لرسالة نبيه حيث قال سبحانه وتعالى :

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُو وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى.

وإقراء نهج البلاغة : وغيره من الأحاديث والخطب التي يتحدث بها عن المعارف الإلهية ، هل ترى أحداً من المسلمين يمكنه أن يعلمنا مثله معنى التوحيد ، وهو تلميذ رسول الله الملازم له من الطفولة حتى الممات ، لم يفته شيء من تعاليم الله ومعرفته ، وكانت هذه أحاديثه مستقاة من علم رسول الله والقرآن ، وهكذا كل مواقفه .

فمثل هذا يحق لنا أن نتقرب إلى الله بذكره : بل ذكره يذكرن بعظمة الله سبحانه وجوده وفضله ونعمه وكبريائه ، بل ذكره أكثر من ألف مرة يذكرن بالله من التفكر بأي خلق من خلق الله بعد رسول الله ، لأنها أما جماد أو غير مختارة ولا تنطق ، ولعلي عليه السلام نطق وفعل وصفات ومناقب كلها تدعوا الإنسان لأن يقتدي بها ، إذا أراد حقاً أن يتقرب إلى الله في نطقه وكلامه أو في فعله وتصرفاته .

ولا تقل : فلنذكر النبي لأنه أفضل من علي ؛ لأن الله كما أمر بالتفكر ومعرفة ما موجود في السماوات والأرض باختلاف أنواعها ، ولعلي عليه مواقف وكلام يوضح كلام النبي ، ويدلنا على النبي كما يدلنا على الله ، وليكن مثل تذكر الأشياء الكثيرة المذكر ذكرها بذكر الله ، وطول الكلام قد يُمِلكَ .

وفضائل علي عليه السلام : غير خافية على أحد ، وذكرها لا يجعله عبادة لعلي ، وأن كان يستلزم ذكره ، وبه نتقرب إلى الله تعالى فيكون عبادة له تعالى لا لعلي عليه السلام .

رابعاً : أين الخلط بين كون طاعة الله عز وجل عبادة ، وبين كون ذكر علي عليه السلام عبادة ، والنظر إلى وجهه عبادة ، أليس ذكر علي يراد به التقرب إلى الله سبحانه لا على نحو الشريك ولا الند ، بل على نحو ذكر عبد أكرمه الله وجعله هو وأخاه وسيده رسول الله وزوجته فاطمة الزهراء وابنيه الحسن والحسين سادات أهل الجنة ، وأصحاب أعلى مقام فيها ، وأنزل بحقهم قرآناً ، وطهرهم ، ونفي عنهم الكذب في المباهلة، وآيات تأمر بمودتهم ؟؟؟

أليس المودة والمحبة توجب ذكر المحبوب و اللهج باسمه واتباع أمره ؟ وهو في نفسه عبادة وطاعة لله تعالى لأنه هو الآمر والمجازي ، وأرجو أن توافقني أن إطاعة أمر الله تعالى عبادة له سبحانه .

وفي الحقيقة أن أمر الله تعالى بمحبة أهل البيت وموالاتهم وإتباع أمرهم بعد رسول الله سبحانه اختبار وامتحان رباني شبيه باختبار الملائكة حيث أمرهم بالسجود لآدم عليه السلام ، فإنه بأقل شبه يدعو إلى الشرك به سبحانه وطرد الإنسان عن طاعته تعالى ، حيث إذا ثبت وجوب اتباع علي وآله بعد النبي يستلزم ذكرهم واللهج به ، ويكون قربى إلى الله تعالى لا أن ذكرهم موجب للشرك .

وفرق كبير : بين ذكر علي لا لعبادته ، بل لكونه مأموراً به من قبل الله ونبيه حيث يوصل إلى معرفة الله والوصول إلى أوامره ونواهيه تعالى ، وبين أن يكون ذكره عليه السلام بنحو مستقل أو بنحو الشريك .

 ونحن حين الذكر له عليه السلام : متيقنين أنه عبد لله تعالى ، و قد أمر الله بحبه وفضله على عباده بعد رسوله ، وجعله إماماً لهم وخليفته عليهم وهداه لصراطه المستقيم بيده بعد النبي الكريم ، وهذا ذكر لأنعم الله عليه وعلين ، وذكر نعيم الله عباة لله تعالى  .

وخامساً : لا يوجد خلط بين ذكر علي عبادة ، والتفكر في خلق الله عبادة ، والنظر لوجه علي عبادة ، بل ذكر مخلوقات الله والتفكر فيها إطاعة لأمره سبحانه عبادة له ، فقد امرنا الله بالنظر إلى السماء والجبال ولكثير من المخلوقات ، كما امرنا بالسير في مناكب الأرض لنرى عظمته وكبريائه تعالى ،  كما أمرنا بالنظر إلى آثار الأمم السابقة ليكون إطاعة لأمر الله بالنظر أليها وعبادة لله سبحانه ،  لا النظر فيها ولها مستقلة عن التفكر في قدرة الله على الإحياء والإماتة وم يبين عظمته تعالى ، لا كما يذهب أكثر أهل السياحة والسفر للمناطق الأثرية من غير اعتبار ولا عظة بها ولا تدبر بقدرة الله عليهم وعليها ـ.

 و النظر لعلي عليه السلام أفضل منها ألف مرة : حيث يذكر بالله وعظمته سواء ذكر تأريخه المشرق مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، أو ذكر ما قاله صلى الله عليه وآله في فضله ، أو التدبر في سيرته وصفاته وخلقه الكريم الذي فيه كل تعاليم الإسلام وتطبيقها ، أو التدبر في كلامه الذي فيه معارف إلهيه لم تجده عند كل البشر من الأولين والسابقين لا صحابة ولا متكلمين ولا غيرهم من المتأخرين ، ولا حتى في كتب الأنبياء السابقين .

فإن كلامه وخطبه وتعاليمه عليه السلام قمة المعرفة بالله تعالى : وهو تالي كلام الله المجيد ورسوله الكريم ، بل هو الناطق الحق عنهم والمبين لهم بصدق ويقين لدى كل المؤمنين والمنصفين .

 فمثل هذا كيف لا نذكره وذكره كله مذكر بالله مبين لعظمته والتفكر فيه عبادة لله ، حيث فيه ما يستبين لنا من قدرته تعالى التي وضعها في أمير المؤمنين وأخيه سيد المرسلين وفيها بيان لنعيمه على الناس أجمعين ، وهذا كله بالإضافة لأمر الله بحب قربى النبي وأولي الأمر المفروضة طاعتهم ـ .

سادساً : وأين الخلط بين الموالاة لأولياء الله وعبادة الله : أليس موالاتهم توجب ذكرهم والنظر إليهم واتباعهم ، وطالبين بذاك مرضا الله وإطاعة أمره الذي يكون نوع من العبادة له تعالى .

سابعاً : من قال نكتفي عن ذكر الله بذكر علي : بل عبادة الله بإقامة الواجبات المفروضة مثل الصلاة والصوم والحج وغيرها واجب حتمي ، ولكن للإنسان حالات مختلفة وأوقات متفاوتة يمكنه جعلها جميعاً في طاعة الله سبحانه وتعالى ، وللعبادة والأذكار درجات مختلفة يمكن للإنسان أن يأتي بما يحب منها ، وهو في مندوحة وسعة يأتي بما يشاء منها ، سواء : زيارة أخ في الله قربةً له تعالى ، أو تعلم علم ، أو ذكر علي والنظر إلى وجهه عليه السلام يريد بذلك محبة له وإطاعة لأمر الله بمحبة أوليائه والتذكر لمنزلتهم عنده وفضله عليهم .

فالتقرب إلى الله بذلك ، يكون من هذه الناحية عبادة .

وما أراك تحصر العبادة مرةً أخرى بالأذكار مثل : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، فقط ، وتقول فقط هذه عبادة ولا تجعل التفكر والتذكر لما أمر الله به عبادة .

وثامناً : نعم ذكر رسول الله والنظر إلى وجهه عبادة بلا إشكال لأنه أفضل من علي عليه السلام ، ويأتي ذكره صلاة الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وهو افضل العبادة بعد ذكر الله ، ولو على فرض لم يذكر هذا عن نفسه ، بل من فحوى حديث حب علي عبادة عليه السلام نعرف أنه صلاة الله عليه أولى بالتقرب إلى الله بذكره ، هذا فضلاً من أنه يدعمه العقل والوجدان والقرآن الذي هو كلام الله سبحانه قال عز وجل :

 { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} الأحزاب.

بل سبحانه وتعالى : أوجب ذكر اسمه ينادى معه في الأذان ولا يخطر على قلب مسلم انه شرك ، وأوجب ذكره في الصلاة في التشهد مع آله ولم يخطر على قلب أحد انه شرك .

وهل يمكن القول لأحد أن ذكره وآله في هذه المواضع ليس من العبادة في شيء إلا أن يخرج من الإسلام ؟

 

تاسعاً : وأما سند الحديث فقد بينه لك الأخ الكريم أبو احمد : بما نقله عن الفاضل السيد حسن الحسيني بما فيه الكفاية ويغني اللبيب وجزاه الله خيراً مشكورا ، ثم نفي الحديث كإثباته يحتاج لدليل ، ولا يكفي أن تقول قال فلان تقليداً لهم دون بيان دليلهم ، وتوضح المستند الذي يدل على نفيه .

فإن عدم مناقشة الحجة بمطلق النفي يدل على ثباتها ، ثم على فرض ضعفه أو لم يثبت عندك ، وأفرضه قولاً فإنه قول مقبول ، يسنده الدليل ويؤيده القرآن وما ذكرت لك في المباحث السابقة يكفي للمتدبر فيها لمعرفة الحق.

عاشراً : نعم آيات القرآن تأمر بذكر الله وتوجب نفي الشريك وتنهى عن اخذ الند له تعالى ، ولكن من قال أن ذكر علي عليه السلام على نحو التقرب لله تعالى يراد به الشرك أو كونه نداً ، بل يراد إطاعة أمر الله تعالى ، وإطاعة أمره سبحانه عبادة له تعالى .

وإما ذكر الأشياء والتقرب إليها بالاستقلال أو على نحو التزلف بها لله تعالى وجعلها شفعاء عند الله وهو تعالى لم يجعل لها حرمة ول منزلة عنده ولا كرامة خاصة شرك منهي عنه ولا يجوز.

وأما إذا أمر الله باحترامها و أقام لها منزلة عنده ، وأعطاه جاهاً عظيماً عنده يكون ذكرها واحترامها وذكر مالها من الفضل عند الله عبادة ل شرك لله ، بل مأمور به مراد ومرضي عنده سبحانه.

وقد اختبر الله عباده بالكعبة والحجر الأسود والقرآن الكريم وغيره من المواقف : ولم يقل أحد التزلف بها باحترامها وذكر فضائلها وزيارتها شرك ، بل عمل هذه الأفعال عبادة ، ومحمد وآله ـ صلاة الله وسلامه عليهم ـ أفضل من الكعبة والحجر الأسود ، وهم القرآن الناطق .

إذا كان : النظر للقرآن عبادة فالنظر لهم ـ صلاة الله وسلامه عليهم ـ أولى .

 وإذا كان : ذكر وقراءة القرآن وتذاكر آياته الذاكرة لقصص الأقوام السالفة والأنبياء وأممهم عبادة ، فذكر وتذاكر اسم محمد سيدهم وعلي أخيه وفاطمة بنته والحسن والحسين صلاة الله وسلامه عليهم اشد ذكر لله واقرب زلفى لله تعالى وأولى أن يقال له عبادة ، لأنه سبحانه أمر بذلك وأراده وارتضاه كما ارتضى قراءة القرآن .

وكم فرق بين : نهي الله عن ذكر شيء ؛ والأمر به . ومحبتهم مأمور به وهي توجب ذكرهم وذكرهم عبادة .

والعجب لك تستأنس بذكر قصص بني إسرائيل وغيرهم من الأمم عندم تقرأ القرآن وتعتبرها عبادة ، ولا تستأنس بذكر محمد وآله ولم تعتبره عبادة ، هذا.

 

وأما أية التطهير : فاقرأها تجد النصيحة والتهديد والتوبيخ بنون النسوة الثقيلة لنساء النبي ، ولما أراد أهل بيته عدل للتذكير وأراد أن يعلمهن أن لا يتبرجن بالخروج عليهم ومحاربتهم ، تدبر فيها تعرف ، وإذا رغبت أن نجعل له بحثاً مستقلاً بعد هذا كان أفضل .

السؤال : أرجو أن تجيبني هل إن ذكرك أبا بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة ترجو به قرباً لله تعالى أم لا ؟

إن قلت : نعم شاركتنا الفكرة واختلف المصداق .

وإن قلت : لا ، فلم تلهجون بذكرهم وهو لا قرب به لله تعالى ولا عبادة .

خادم علوم آل محمد عليهم السلام .





المحاورة الثالثة عشر للوهابي

يتشكر عن الجواب السابق ولا يتقرب بذكر النبي والصحابة لله ويطلب بيان ملاك التوحيد والشرك عندنا

حررها في يوم : 29-10-1999 ، الساعة : 10:00 صباحاً .               

 الزميل العزيز "hasan" :أشكرك يا عزيزي على ردك المهذب الوافي ، ولكن لا يمكن تطابق المفهوم لدين ولديكم في الشرك .

وسأكرر سؤالي : بعد أن أجيبك على ما سألتني عنه في رسالتك الكريمة : أنت سألتني عن ذكر أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، وهل ذكرهم قربى أرجوها لله ؟ طبعا لا (1) .

وسأوضح لك : هل إذا ذكرت أنا أي أحد يكون قصدي قربى أرجوه لله ؟ فمثلا أنا أذكر نتنياهو و باراك وكلينتون وصداماً وغيرهم من أعداء الأمة ، كما أنني أحيانا أمدح لاعبي كرة القدم وغيرهم وأحيانا أذكر أناسا صالحين بخير ، هل كل هذه هي عبادة أرجو منها قربى لله عز وجل ؟!

 يجب أن تحدد نوع الذكر : فذكر العبادة هو قراءة القرآن الكريم وذكر الله سبحانه وتعالى كما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم . فنحن لا نلهج بذكر أي أحد غير الله سبحانه وتعالى ولكننا نذكر الأنبياء والمرسلين والصالحين بخير ولكننا لا نقصد التعبد بذكرهم .

كما أنك خلطت بين التفكر في ملكوت الله سبحانه وتعالى وبين الذكر : فأنا عندما أفكر في ملكوت الله سبحانه وتعالى يكون في ذهني تعظيم الخالق سبحانه وتعالى الذي أبدع في خلقه ولا يكون في بالي المخلوقات التي أفكر بها سواء كانت جوامد أم أشخاص . فتعظيمي يكون موجها للخالق سبحانه وتعالى وحده لا شريك له دون سواه .

وأظن أن الأمر لديكم هو خلط بين المديح والذكر : فأنا أمدح سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم وسيدنا علياً وكل الصحابة وكل الصالحين وكل من يفعل أفعالا حسنة من الأولين والآخرين ولا أقصد التعبد بمدحهم ، بل إذا قصدت التعبد فإن تفكيري يكون خالصا لله عز وجل لا يدخل فيه ذكر أي مخلوق إلا إذا كان من باب التفكر في عظمة الله سبحانه وتعالى كالنظر في السماوات والأرض .

 فذكر التعبد : هو الذي تسقط فيه عظمة المخلوقين أمام عظمة الخالق فلذلك لا يمكن أن يكون هناك ذكر تعبد فيه تعظيم لمخلوق(1) ؛ وإلا فإننا بذلك نكون قد أشركنا بعبادة الله عز وجل ؛ والله تعالى يقول {وَاعْبُدُو اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا }النساء36 .

كما قلت : يبدوا أن المشكلة الأساسية هي أن مفهوم الشرك في العقيدة عندنا يختلف عن مفهوم الشرك في العقيدة عندكم ، وحيث أنني أوضحت مفهوم الشرك حسب عقيدتنا ، فأرجو أن توضحوا لي ما هو مفهوم الشرك حسب عقيدتكم ؟

______



تعليق لي الشيخ حسن الأنباري :

1- أقول إضافة : إني لأتعجب إذا لم يرضا  ذكر الصحابة عبادة ، لماذا يتعب بذكرهم والدفاع عنهم وهو لا يُقرب لله تعالى ؟!!! بل يكون شركاً على رأيه لأنه ذكر لغير الله وهو مبعد عن الله ، لماذا ينهى عن الشرك ويعمل به ؟ .

ولكن الإنصاف حقه في قوله : فإن ذكر الصحابة الذين لم يكن عندهم محبة للنبي وآله وبان نفاقهم في بغضهم للنبي وآله حتى أدوا إلى قتلهم وجرأت الناس على محاربتهم بدل أن يتقربوا منهم ويأخذا تعاليم الله منهم عن محبة ، يكون ذكر مثل هؤلاء الذين خانوا أمانة الله في تعريف الناس أئمة الحق والهدى شرك وبعد عن الله غير مقرب له لا عبادة في ذكرهم فضلاً عن الكذب في تعريفهم وجعل مناقب لهم فحقه أن يقول ذكرهم شرك .

أما أنه فقد اشتبه عليه الأمر : فإن ذكر من أمر الله بحبهم ومودتهم وزكاهم وجعلهم أئمة يهدون بأمره للصراط المستقيم وأنعم عليهم عبادة لله ، وتقرب له تعالى بذكر ما أنعم عليهم من المناقب والفضائل وتعاليمهم ومعارفهم التي هي معارفه وتعاليمه وموصلة لعبوديته  ، لا شرك فيها وفيه الأجر الجزيل والثواب الإلهي الجميل وهذا لكونه عبادة له

تتمه : وأين الثرى من الثريا وأين معاوية من علي ، وأل أمية من آل محمد  , أين من تسبب بقتل أئمة الحق والهدى ممن نصرهم وتعلم منهم ، فذكر من أمر الله بذكرهم عبادة له وهم محمد وآل ومن أحبهم ، وذكر وحب أعدائهم شرك ليس عبادة  .

 أقول إضافة : ما نفعل والله عظم نبيه وآله وأمرنا بتعظيمه وطاعته وطاعة أولي الأمر من آله أولياء دينه وأمر بمحبتهم ، وذكر عظيم  شأنهم عنده في كثير من الآيات حتى قال له : إنك لعلى خلق عظيم ، وجعله بشيراً ونذيراً وسراجاً منيراً ورفع بيتهم في آية البيوت المرفوع وجعل نور ذكرهم يسري في كل عبادة وتعليم يوصلنا لطاعته ومعرفته ، وجعلهم كوثر الوجود وخيره ، وطهرهم وجعلهم أهل الذكر ، وجعلهم المنعم عليهم وأصحاب الصراط المستقيم والهداة لدينه ومعرفته .

راجع ما كتبناه في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام الجزء الأول وبتفصيل أكثر مما ذكرنا هنا وكذا راجع صحيفة ذكر علي عبادة الكاملة ، تعرف معنى العبادة وذكر الله عز وجل ومعناه .

ونحن في عين : ذكر أئمة الحق والهدى وأمير المؤمنين وذكر مناقبهم وفضائلهم وتعظيمهم بما عظمهم الله به ، نرى أنهم أشد الناس إخلاصاً وتفانياً وعبودية وطاعة لله ، فنتعلم منهم الإخلاص في الطاعة والعبودية لله ونقتبس من هداهم لنطيع الله مقتدين بهم ، وأين أعدائهم منهم الذين هم معلمي النفاق والبدع في دين الله وتحريم ما حلل لله وتحليل ما حرمه وحرص على الدنيا وما فيها ، فحتماً يكون ذكر أعداء الله وأئمة الكفر بحب لهم لا للعنهم ورفض مبادئهم شركاً ، فالشرك في ذكر أئمة الكفر لا في ذكر أولياء الله وأحباءه ، فنحن بالنبي وآله نعرف الله بحق المعرفة ودينه وكل تعاليمه ولا نخلطها بغيره .





المحاورة الرابعة عشر  للشيعي

أنواع التوحيد الإلهي والشرك في المذهب الحق

حررتها في يوم : 30-10-1999 الساعة : 10:17 مساءً .

 حضرة الزميل العزيز محمد إبراهيم السلام عليكم :

الحمد لله الذي شرح صدورنا بالإسلام ، وعلمنا مكارم الأخلاق بالاقتداء بسيد الأنام ، نبينا محمد وآله وصحبه الكرام .

أمعنت النظر في مقالكم الكريم ، فجلب نظري أمران :

الأول : مرادكم تعريف الشرك عندنا .

والثاني : عدم إمكانكم التعبد والتقرب بذكر الصالحين ومناقبهم إلى الله سبحانه ، وكذا تكون مسألة التفكر ، وكذا أشرتم لمسألة الخلط بين مفهوم عبادة الذكر ، وحصرها ـ العبادة ـ بقراءة القرآن ، وذكر الله مع أن ذكر العبادة محصور بذكر الله تعالى بأسمائه وصفاته .

وقراءة القرآن : تدخل تحت مفهوم مطلق العبادة لا ضمن مفهوم الذكر ، كما يدخل ذكر الصالحين والتفكر بمخلوقات الله لاستشعار عظمته ، و هكذا باقي الأفعال العبادية الأخرى تحت مفهم مطلق العبادة ، لا تحت مفهوم الذكر ـ الخاص ـ وان استلزم إتيانها ذكرها .

والحديث الشريف : المشير إلى أن ذكر علي عبادة أو النظر إلى وجهه عبادة يدخل تحت مفهوم مطلق العبادة لا تحت مفهوم الذكر ـ الخاص ، واعتقد الخلط حصل هنا بأنكم فهمتم ذكر علي ذكره كالله مستقلاً ، أو على نحو الشريك له تعالى والعياذ بالله ، مع أن الحديث يشير إلى أن ذكره عليه السلام يدخل ضمن مفهوم مطلق العبادة المذكر بالله سبحانه وتعالى ـ والموصل لاستشعار عظمته في تكريم أولياءه ـ وهكذا النظر إلى وجهه الكريم وبذلك المعنى العام للعبادة يكون ذكره عبادة ويتقرب به لله تعالى .

 وذلك لوجود خصوصيات ومكارم أخلاق مخصوصة به وبأهل بيته آل النبي حيث حث عليها الله تعالى في القرآن الكريم  .

ولكن لما جعلت الخلاف يكون في مفهوم الشرك وتعريفه فإن شاء الله بتحديد محل الخلاف سيهون الخطب ويتضح الأمر .ولكن لما كان للشرك أنواعاً ، فيجب علينا توضيح أنواعه وتحرير محل النزاع في أي قسم منه تختارونه .

ولا اعتقد تكتفي بقول : يجب أن لا يشرك بالله أحد من خلقه .

ومثله أيضا غير شافٍ تعريف من يقول إن الشرك أن يقال : الإله اثنان على نحو الاستقلال أو بالارتباط بالابن له مثل المسيح أو عزير تعالى علواً كبيراً.

وكذا لا يكفي تعريف الشرك بالقول : إن الشرك عبادة شخص أو صنم أو غيرهما لكي يقربنا لله سبحانه وتعالى زلفى ، وتكون عبادة بالواسطة ، وإن كان حسب المفهوم من البحث أن هنا بيت القصيد ، و في هذا القسم من الشرك عدم التفاهم بيننا حسب ما اعتقد .

وعلى هذا : إن كان ما ذكرت لحضرتكم أن محل الخلاف هو الشرك في العبادة ، فهو ، وإن كان محل النزاع في أنواع أخرى من الشرك ، فسأذكر لكم أنواع الشرك عندنا مختصراً واختاروا واحد منها ، وبين لنا محل النزاع فيه لنقع على المحل الذي يبين الحق منه عند رفضه .

وإن كان يوجد نوع آخر من الشرك غير ما ذكرت وفيه محل النزاع ، فبينه لنا ووضح حدوده لنرى حاله ، وكيف يحصل الاشتباه فيه ولك الشكر ، هذا ولما كان ل يمكن تعريف الشرك وأنواعه ما لم نعرف أنواع التوحيد ، ويكون القول بخلافها شركاً .

فأليكم مختصراً :



أنواع التوحيد حسب مراتبه
وخلافه والقول بضده يكون شركاً من هذه الناحية والعياذ بالله منه .

 

لأول : توحيد الذات المقدسة لله تعالى :

والمقصود منه أن الله واحد لا شريك له ولا نظير ولا يتصور له شبيه ولا مثيل ، بل إن الذات المقدسة بسيطة غير مركبة من أجزاء .

وخلاف هذا يكون شركاً في توحيد الذات والعياذ بالله تعالى .

 

الثاني : توحيد الله تعالى في صفاته العلي و أسمائه الحسنى :

وحيث أن لله صفات كثيرة مثل العلم والحياة والقدرة والسمع والبصر والإرادة وغيرها : كالعلي والعظيم والواحد و الأحد المعبر عنها بالأسماء الحسنى ـ غير صفات الأفعال مثل : الخالق والرازق والمنعم المنتزعة من مقام الفعل ـ وإن كان متعددة بالمفهوم إلا أن مصداقها واحد يعني أن صفات الذات المقدسة عين الذات المقدسة وأن تعددت بحسب بالمفهوم .

 

والقول : بتعدد الصفات الإلهية على أنها زائدة على الذات على نحو يوجب تعدد وجود الذات المقدسة شرك ، وهذا كان النوع الثاني من الشرك المخالف للتوحيد الصفاتي .

 

الثالث : توحيد الله تعالى في فعله :

توحيده سبحانه في فعله : يعني أنه لا مؤثر في الذات في الوجود إلا الله وحده الذي لا يحتاج إلى معونة أحد أو شيء غيره في الإيجاد والتأثير ، والله سبحانه خلق الموجودات مع خواصها وأعطاها إمكانية الفعل والكل مستنده في وجوده لله تعالى غير مستقلة في فعلها عنه ، وهو تعالى قيوم عليها .

فهنا قسمان من الشرك :

بمعنى من يعطي خلقاً وتأثيراً لغير الله فهو : مشرك في الخالقية .

من يعطي استقلالاً لموجود في أفعاله فهو : مشرك بالربوبية والتدبير والقيومية .

الرابع : توحيد الله  في العبادة :

ونعني به أن العبادة لا تكون إلا لله وحده ، ولا يستحق أحد أن يتخذ معبوداً مهما بلغ من الكمال والجلال ، ومهما حاز من الشرف والجاه إلا الله تعالى .

وذلك لأن الخضوع العبودي لا يجوز لأحد ألا أن يوجد فيه ميزتان يستحق بهما أن يعبد لأجلهما :

الأولى : أن يبلغ الذي يعبد ( المعبود ) حداً من الكمال المطلق لا متناهياً يخلو معه من العيب والنقص .

الثاني : أن يكون المعبود الذي يجب أن يتوجه له بالخضوع والعبادة بيده مبدأ الوجود وتربيته و إيصاله لكماله وغايته بما في ذلك الإنسان ومنشأ حياته ، فيكون هو خالقه ورازقه والمنعم عليه نعماً لا تحصى .

وهذان الوصفان : لا يوجدان في غيره تعالى ، ولا حتى وصف واحد منها لغيره تعالى مهما كان .

وعليه كل من يعبد غير الله تعالى فهو مشرك بالعبودية والعياذ بالله من الشرك به .

 

الخامس : التوحيد في الولاية التشر يعية (1).

وحيث مر البحث في الولاية التكوينية في التوحيد الأفعالي هنا نذكر وجوب توحيد الله في الولاية التشريعية ، وهي التي تنظم شؤون الفرد والمجتمع في جميع مجالات حياته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعسكرية ، والقضاء والحكومة وكيفية إقامة العبودية لله وطريقها من الأحكام الشرعية ، ويمكن حصر هذا النوع من التوحيد بأقسام ثلاثة :

ـــــــ

(1) أقول هذه المرتبة من التوحيد لله تلزم كل مؤمن ومنصف أن يبحث ويتبع أئمة الحق والهدى لدين الله نبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم = أجمعين بعده ، لأنه لابد أن نعرف من ولاهم الله بحق على المؤمنين وجعل دينه عندهم ، وذلك لأنه تعالى أفعاله حكيمة وطلبه للتعبد له وحده يوجب أن يكون له من يصطفيهم لدينه ويختارهم للمحافظة على تعليمه ، لا كل من يدعي إنه إمام أو ولي أو خليفة لله تعالى ويشرع ما يحب يكون هو الولي والمقنن والمشرع والحاكم ، ولو كان جاهل لا يفقه شيء لمجرد تسلطه على حكومة المسلمين وبأي أسلوب كان .

 ولو بحثت في الوجود كله لما رأيت أحق من علي وآله آل النبي الكريم مطهرين مصدقين صادقين يستحقون أن ينصبهم الله لهذا المقام العظيم الذي يبين ولايته وحكومته على عباده ، ويكون هو الهادي لهم بإذنه تعالى ويستحقون بهذا خلافة رسول الله والإمامة بحق على المسلمين ، ولمعرفة المزيد من بحث الولاية راجع كتب الإمامة والصحيفة الكاملة لذكر علي عليه السلام عبادة وصحيفة التوحيد وصحيفة شرح الأسماء الحسنى ، وصحيفة الإمامة وصحيفة الثقلين في موقع موسوعة صحف الطيبين في أصول الدين وسيرة المعصومين نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين .

 

أولها : التوحيد في الحاكمية :

وهو أن الولاية في الأرض والحكومة لابد أن تكون بأذن الله ومن يخوله للحكومة ، لا على نحو ما قال الخوارج : ( لا حكم إلا لله يا علي لا لك ولا لأصحابك ) لأن الله تعالى لا يباشر الناس ، بل يبعث أنبياء هم يحكمون بين الناس وهم الذين يعينون الحكام بعدهم لكي لا يقع الناس في الاختلاف والهرج والمرج والصراع على الحكومة ، وتحصل المفاسد العظيمة .

ومن لا يرى لله هذا الحق من الحاكمية والتدبير الشرعي فهو مشرك من هذه الناحية والعياذ بالله منه ، يعني مشرك في حاكمية الله تعالى .

ثانيها : توحيد الله في طاعة تعالى :

كما يجب أن نطيع الله بالحاكمية فلا يجوز إطاعة غيره تعالى ، ول يجوز أخذ الأوامر إلا منه ، ولما كان هو تعالى لا يباشر الناس بل يبعث أنبياء .

فيجب إطاعة الله من خلال إطاعة الأنبياء ومن يخولونه كامتداد لهم ولتبليغ تعاليمهم التي جاءتهم من الله تعالى لا على نحو الاستقلال لهم بالطاعة ، بل باعتبار امتثال أمر الله حيث إنه أمر بوجوب اتباعهم واخذ أحكامه الحقة منهم لا من غيرهم .

وذلك لكي لا يختلف الناس : ويدعي كل واحد حق الطاعة له دون غيره  ، بل الطاعة لله ومن يخوله حق الطاعة بإذنه .

و من لا يقبل هذا المبدأ فهو مشرك بالله تعالى من هذه الناحية يعني مشرك في طاعته تعالى والعياذ بالله .

الثالث : توحيد الله تعالى بالتقنين:

هو تعالى المشرع للقوانين والأحكام التي توصل لعبوديته ، وما يتعلق بها من القوانين المنظمة لحياة البشر ليتمكن من إقامة العبودية له ، وبالتالي توصل الإنسان لسعادة الدنيا والآخرة ، ولا يجوز لأحد غير الله تعالى التشريع وسن الأحكام .

وكل من يسن تشريعاً مخالفاً لأحكام الله فهو مشرك من هذه الناحية ، وكل من يطيع مُشرعاً غير الله فقد أشرك بالله من هذه الناحية .

هذه أنواع التوحيد وأقسامه (1)، وما يخالفه من الشرك وأقسامها : فأرجو منك يا صاحبي الكريم أن تحدد خلافنا في أي واحد منها لنقيم البحث فيه دون غيره ، وإن كان في اكثر من واحد منها فقدم أقربها لمحل النزاع ، ثم بعد الفراغ منه نأتي لتاليه ، وإن رغبت بالبحث فيها جميعها فقدم أولها عندك ثم نتبعه بتاليه ، ولكم الخيرة في البحث وتحديده والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

خادم علوم آل محمد عليهم السلام .

ـــــ

(1) ملاحظة : أصل فكرة هذا البحث في التوحيد وتقسيماته مستفاد من كتاب أستاذنا الشيخ آية الله السبحاني حفظه الله من كتابه الموسوم مفاهيم القرآن الجزء الأول ، ومع تصرف وإضافة مناسبة للبحث وبيان للشرك وأنواعه .

وأقول لتعرف البحوث الكاملة للتوحيد راجع ما كتب الأستاذ السبحاني كالإلهيات في أربعة أجزاء ، أو لملل والنحل في ثمانية أجزاء ، أو مفاهيم القرآن في سبعة أجزاء ، وإن راقت لك بحوثنا فرجع ما كتبناه في موسوعة صحف الطيبين كصحيفة التوحيد وصحيفة الأسماء الحسنى لتعرف بحوث كاملة في معرفة الله تعالى مستقاة من كتابه المجيد ونبينا الكريم وبشرح آله الطيبين الطاهرين ، ومن غير تجسيم وجبر كم عليه من هجر الله بهجره للنبي وآله ولم يتبعهم بحق وصادق من دون خلط لهم بغيرهم .





المحاورة الخامسة عشر للوهابي

قبوله لمعنى التوحيد والشرك وانصرافه معتذر عن المحاورة

حررها في يوم : 30-10-1999 الساعة : 11:45 مساءً .

 الزميل العزيز "hasan" : أشكرك يا عزيزي على ردك الوافي الذي أعجبني كثيرا ، وأكد أن مفهوم الشرك والتوحيد لدينا ولديكم يخرج من مشكاة واحدة .

بقراءة سريعة لردك : أرى أنه ربما لا مشكلة بيننا في المفاهيم ولكن ربما تكون هناك مشكلة في الجانب التطبيقي .

على العموم أرجو أن تعذرني في أنني سوف أؤخر التعليق على رسالتك الكريمة نظرا لارتباطي بمعرض الكمبيوتر (جيتكس) الذي يقام في دبي حاليا .

كما أن هناك رسائل تنتظر ردودي وتأخرت عليها كثيرا ، وبعدها إن شاء الله سوف أتابع معك هذه المناقشة القيمة حيث أنني أحس أن هناك تقاربا بدأ بينن في جانب المفاهيم على الأقل .





تذكرة: حول المحاورة :

إن المحاورة جرت على الموقع التالي :

موقع الموسـوعة الشـيعية / منتـدى الحــوار . في يوم 22-10-1999 ، الساعة 12:05 بعد الظهر ، وانتهت بما كتبه في يوم : 30-10-1999 الساعة : 11:45 مساءً ، ولم نتلاقى بعدها في بحث معين ، كما إنه قد انشغلت بالكتابة في موقعي الشخصي موسوعة صحف الطيبين على الانترنيت وكتبت بحوث أخرى في هذا الباب وغيره ، فلم نتابع المحاور ولم يتابعنا ولم نعرف عنه شيء بعد ذلك ، لما رأيت أنه نشرها يعم الفائدة رأيت أن أضعها بين يدي الطيبين .

وإن كان لم نحصل على التوفيق للمناقشة والحوار بعد ذلك ، ولكن بحمد الله كان كل ما كتبناه في موقع صحف الطيبين كان فيه رد لهذه الشبهة ولأمثاله ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالخصوص في كتب موسوعة صحف الطيبين والتي تم منه صحيفة التوحيد وصحيفة النبوة وصحيفة الثقلين وصحيفة الإمامة وغيرها كصحيفة شرح الأسماء الحسنى وصحيفة النبوة والصحيفة ذكر علي عبادة الجزء الأول ، وصحيفة الإمام الحسين الجزء الأول ، وصحيفة الإمام الرضا عليه السلام فضلا عن غيرها من البحوث ومقالات وغيرها ، وبالخصوص صحيفة ذكر علي عليه السلام عبادة لله تعالى ، والتي نعد بعض أجزاءها فعلاً للطبع بعد هذه المحاورة ، ونسأل الله أن يوفقنا لنشرها كله في كتب أو على الانترنيت ، فإذا أردت المزيد فعليك بموقع صحف الطيبين أو تابع نشر ما ذكرنا ككتاب ، ستجد ما يفرحك ويسرك إن شاء الله .

المحاور الشيعي : خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن جليل حردان الأنباري

موقع موسوعة صحف الطيبين

 



خلف الجلد

كانت هذه المحاورة المباركة المسماة بمحاورة ( ذكر علي عليه السلام عبادة ) ـ على ساحة حوار ( شبكة الموسوعة الشيعية ) وبمناسبة ميلاد الإمام علي عليه السلام في رجب من سنة 1420 ـ وقد بدأت في يوم 22-10-1999 ، الساعة 12:05 بعد الظهر ، وانتهت بما كتبه في يوم : 30-10-1999 الساعة : 11:45 مساءً  ، وهي بعض الكتابات الموجودة على موقع موسوعة صحف الطيبين .

وبها تعرف : حقائق عن ضرورة ذكر الإمام علي وآله لمعرفة دين الله الحق وذكره الواقعي بما يحب ويرضى ، ووجوب الإيمان والتفكر بأعظم مخلوقات الله بعد رسوله من صفاته وأخلاقه وسيرته وسلوكه وعمله فضلا عن كلامه ومعارفه وعلمه الذي به تتم معرفة الله وهداه وصراطه المستقيم الذي يوصل لكل نعيم وسعادة في الدني والآخرة ، فتذكر ولي الله وإمام الحق بكل ما يخصه من المناقب والفضائل وبكل م كرمه الله لنعرف تأريخ الدين وحقائقه الموصلة لطاعة الله بكل ما يحب ويرضى وبكل ما يوجب العبودية له تعالى بإخلاص .

ولذا كان من الواجب ذكره بكل وجودنا علم وعمل وسيرة وسلوك ، وبكل ما ظهر وتحلى به من طاعة الله وعبادته والإخلاص له ، لتقتدي به في طاعة الله وعبوديته بحق .

 وإن بهجر علي وآله عليهم السلام : يكون الوقوع بالشرك الحتمي والتدين بتعاليم أئمة الضلال ، فكل من خالف آل البيت الطيبين الطاهرين الذين أمر الله بمودتهم وطاعتهم وتوليهم بكل أو بشيء من سيرتهم وسلوكهم ودينهم الحق الهادي لحقيقة عبودية الله وحده لا شريك له ، يكون ليس من المنعم عليهم ول معهم بل مغضوب عليه وضال ، من ناحية واحدة أو أكثر حسب بعده عنهم، فضلا عمن يبعد الناس عنهم حين يحاربهم بالقلم واللسان أو بالحربة والسنان .











  ف

       

ت