بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين
في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




صحيفة أمير المؤمنين الولي والولاية والتصدق بالخاتم

عليه السلام

يا موالي : ويا متولي أولياء الله ورسوله وآله وأحبته وخلفائه وأوصياءه بالحق علي وآله آل رسول الله محمد صلى الله عليهم وسلم ، هنيئا لكم الولاية والسرور بالأيام التي تثبت ولايتهم وإمامتهم وخلافتهم ، والتي أقام الله تعالى بها حجته التامة الكاملة العامة الشاملة الدائمة على العباد في نزول آية الولاية ، وأكدها بالغدير والمباهلة والتطهير ، وعلى طول الدهر بسورة هل أتى على الإنسان ، وبسورة إنا أنزلناه في ليلة القدر ، فلم يجعل سبحانه لعباده سبيلا إلا سبيل واحدا ووسيلة واحدة هي التي تتصل بالصراط المستقيم وهم آل محمد عليهم السلام ، والمنعم عليهم بهدى الله ورعايته وعنايته ، وأمرنا كل يوم عشرة مرات في خمس صلوات أن نسأله هذا ليختم لنا بخير ، فشكرا لله على الهداية والولاية ، وشكر الله سعيكم لما أقمتم من السرور والأفراح في شهر ذي الحجة المبارك وغيره من أيام أفراحهم بل وأحزانهم .

والحمد لله والشكر له : عني وعنكم للثبات على الولاية والمحبة لآل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وإن شاء الله دائما أبدا ، وأسأل الله بحق النبي الخاتم أن يختم لي ولكم على صحيفة أعمالنا بحب علي بن أبي طالب وآله عليهم السلام وولائهم وطاعتهم ، حتى يكون عنوان صحيفتنا يوم القيامة ، فهنيئا لكم معرفة الحق وأهله والغبطة والسرور بما أنتم عليهم من نصرة الهدى الحق والفرح به .

ويا طيب : إن هذه الصحيفة المختصر في بيان التصدق بالخاتم وبعض شأن نزول الآية ، والبحث الموسع المفصل لمعنى الولي في صحيفة الولي وبيان معنى الولاية.

وكأنه يا طيب : هذا أخر تبليغ لي في هذه السنة الهجرية في بيان أفراح آل محمد وسرورهم ، وبعده في الأيام الآتية في محرم يعتصر القلب ألم لما حل بآل محمد عليهم السلام من المصائب العظام والشدائد الصعاب والتي يندى له جبين الإنسانية ، والتي يعتصر لها قلب كل مؤمن ألما وحسرة وتأسفا وغيض وغصة ، ويحزن فيها كل منصف ومن فيه ذرة من الطيب بل تصيبه غمَّة وكدَّرة وهمَّا وكربة ، وبالخصوص حين يسمع في محرم ما جرى على الحسين وآله عليهم السلام من التشريد والقتل والأسر والضرب والشتم ، وكأن الله ورسوله لم يوصي بهم ولم يبين فضلهم وعلو شأنهم وأنهم أحق بالإمامة والولاية والنصر والتأييد .

نعم نعم أنقلب : من لم يدخل الإيمان في قلبه على أولياء الله حقا، وأئمة هداه، وصراطه المستقيم إلى معرفة عظمته وعبوديته ، والذي جعل طاعتهم من طاعته وولائهم ولايته ، ومحبتهم محبته ونصرهم نصره وتأييدهم تأييدا له ، فخسر المبطلون من أعدائهم ومن لم يثبت على ولائهم ولم ينصرهم ولم يفرح لفرحهم ولم يحزن لحزنهم ، بل البعض : من أنتكس قلبه في الظلمات ، لا يحب ذكرهم ، ويكره معرفة ما لهم وعليهم ، بل يعاديهم بعداءه لشيعتهم ومحبيهم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وقد قال الله تعالى :

 { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ

 أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ  انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ

 فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144) } آل عمران.

بعد أن قال لنا سبحانه : { ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا

إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى

وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَ حُسْنًا

إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) }الشورى .

{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ

وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)
وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ  الْغَالِبُونَ (56) } المائدة .

ولهذا أمرنا الله سبحانه : في الصلاة أن نستعين به ونطلب منه الهداية والثبات على صراطه المستقيم عند المنعم عليهم بالطهارة والتزكية والتصديق من آل محمد عليهم السلام ، دون من خالفهم فضلا عمن عاداهم ، لكي لا يغضب علينا الله فلا يهدينا ويصيبنا الضلال والعياذ بالله .

فالحمد والشكر لله عز وجل : على الولاء للنبي محمد وآله صلى الله عليهم وسلم والف الف الشكر له وله المنة .

نعم والله :

ولينا الله سبحانه وتعالى

ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم

وخليفته إمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام

ولمن لم يرضا بهذا خسر خسرانا مبينا

المؤلف

الراجي لرحمة الله وشفاعة نبيه وآله عليهم السلام

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن جليل الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

روابط الصحيفة لتبليغها :

فهرس صحف الإمام علي عليه السلام
https://www.alanbare.com/1

محاورة صحيفة ذكر علي عليه السلام عبادة
https://www.alanbare.com/1/katm

الصحيفة كتاب الكتروني
https://www.alanbare.com/1/katm.pdf

ويا طيب تجد تفاصيل الصحيفة في البحوث الآتية :


أبوذية تعرفنا معنى تصدق الإمام بالخاتم

صحيفة أمير المؤمنين الولي والولاية والتصدق بالخاتم

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

الله ولي الذين أمنوا وسيد رسله النبي الخاتم

ونفسه وأخيه الأول والآخر و معطي الخاتم

فهو ولي الله والخليفة وأمير المؤمنين و الخاتم

حبه عنوان على صحيفته قد فاز بجنة أبدية


صحيفة أمير المؤمنين التصدق بالخاتم

صحيفة أمير المؤمنين التصدق بالخاتم

دارمي يشوقنا لقراءة صحيفة التصدق بالخاتم :

الإمام علي في صلاته وهو راكع تصدق بالخاتم

فأنزل الله آية تعرفنا ولينا و وصي وخليفة الخاتم

+

فولينا الله ورسوله والصديق المطهر أفهموا يا عالم

آية يؤتون الزكاة وهم راكعون نص لكريم بني آدم

+

علي بن أبي طالب أول من أسلم والله بالولاية له قد تمم

وبالمبيت شرى نفسه في سبيل الله والله بلواء نبيه له كرم

+

وجعله نفس نبيه في المباهلة ومثله مطهر وبعده الأعلم

وآتاه فضل سورة هل أتى وجعله وسيلة لهداه لمن يفهم

+

لذا خسر أعداء علي ومخالفيه ومحبهم وأتباعهم وفكرهم أظلم

و ضل من أقتدى بهم وأبعدهم عن رحمة الله و يدخلهم جهنم

 

التصدق بالخاتم الولي والولاية

من هنا
تَنْزِيلُ الصَّحِيفَةُ وَقِرَاءتُها
كتاب الكتروني بي دي اف pdf
جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب





شرح معنى الخاتم

الله ولي الذين أمنوا وسيد رسله النبي الخاتم

 

معنى الخاتم خاتم النبيين :

خاتَم : اسم ، والجمع خَواتِمُ وخَواتِيمُ ، والخاتِمُ  من كل شيء : آخره .

خاتَم : بمعنى آخِر هو من أسماء القاب سيد الأنبياء والمرسلين نبيّ المسلمين محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ، أي : آخر النبيين والمرسلين هو نبينا محمَّد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ، فهو خاتم  النَّبيّين .

وقد قال الله تعالى :

{ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ

 وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ

وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)} الأحزاب .

أي آخِرُ الأنْبِيَاءِ صلى الله عليه وآله وسلم . ‏

تكملة معنى الخاتم لغة :

وهذه معاني : في الخاتم : قريبة من معنى الخاتَم بمعنى الآخِر مثل : انختمَ  ينختم انختامًا فهو مُنختِم ، وانختم الجُرحُ انسدّ وأغلق والتحم والتأم واندمل .

و اختتمَ : يختتم اختتامًا فهو مختتِم والمفعول مختتَم ، اخْتتمَ  الشيءَ : أتمُّهُ .

و اختتم  : المؤتمرُ أعمالَه ختَمها ، أتمَّها وأنهاها و أعلن انتهاءها ، نقيض افتتحها . والاِخْتِتَامٌ : مصدر  اِخْتَتَمَ ، تَمَّ  اخْتِتَامُ  الحَفْلِ بِآيَاتٍ مِنَ الذِّكْرِ الحَكِيمِ أي إِنْهَاؤُهُ .

ومثله : خَتَمَ  الْكِتابَ : أكْمَلَ قِرَاءتَهُ أتَمَّهُ مطالعة أو حفظ .

خَتَمَ  الصَّبِيُّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ : أكْمَلَ حِفْظَهُ وَقِرَاءتَهُ  .

 خَتَمَ  عَمَلَهُ : أتمّه وأنهاه ، فرغ منه ، بلغ آخرَه .

اللَّهم : أجعل خير أعمالنا خواتيمها ، ختَم اللهُ له بخير : أتمّ عليه نعمتَه وجعل له عاقبة حسنة وختم له بخاتمة السعادة .

ويا طيب : نبينا خاتم الأنبياء من المعجزات المؤيدة بإذن الله والجارية أبدا ، فلم يأتي بعده أحد يمكن تصديقه ويعتمد عليه إن أدعى النبوة ، فإن رعاية الله وحفظ كلامه وكتابه حق ، ولا يمكن أن ينقض ولا ينقض حقا صدقا ، وأنظر هذه المعجزة بختم النبوة لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، مع مرور الأيام وتطور العلم والكلام والبحث والتحقيق ، فلم يأتي أحد بكتاب ومعجزة يمكن أن تؤيده مثل نبينا وكتابه القرآن الكريم ، والحمد لله على الهداية والولاية لمن نصبهم بعد رسوله من آله أئمة الحق عليهم السلام ، وتابع البحث .





ونفسه وأخيه الأول والآخر و معطي الخاتم

 

معطي الخاتم المتصدق بالمحبس :

خاتَم : اسم والجمع خَوَاتِمُ وَخَوَاتِيمُ  وخُتُمٌ ، والخاتم هو حَلْقة ذات فَصٍّ تُلبس في الإصبع ، كالخاتم في إصبع المؤمنين بل لكل العباد والزوج والزوجة ، وفي الحديث : فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ، فإنه مستحب التختم باليمين وإنه من علامة المؤمنين كما في نص الحديث عن الإمام العسكري عليه السلام .

تبيين أضافة :

خَاتَمُ  الزَّوَاجِ : حَلْيُ ‏الأُصْبُعِ الَّذِي يُقَدِّمُهُ الْخَطِيبُ لِخَطِيبَتِهِ عُرْبُوناً عَلَى ارْتِبَاطِهِمَا ، و وَضَعَتْ فِي أُصْبُعِهَ خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ ، أيْ حَلْقَةً لِلأُصْبُعِ .

  فصّ الخاتم : الحجر المركّب فيه .

وخاتم  المُلك : يضرب مثلا في النفاسة والشرف .

خاتم  سليمان : يضرب به المثل في الشَّرف والعلوّ ونفاذ الأمر .

وخاتم علي بن أبي طالب : فهو أشرف وأنبل وأعلى قيمة ، وإنه أنفق وتصدق به في سبيل الله تعالى ، فصار خالدا ، وإن قيمة الأعمال بخواتهما ، وخاتمة هذا الخاتم بينت إخلاص أمير المؤمنين عليه السلام ، وبذله في سبيل الله في أجمل موقف ، وهو مساعدة وصدقة وزكاة لمحتاج من المسلمين ، فخلده الله تعالى ، وجعله وليا للمؤمنين كما هو تعالى ورسوله أوليائنا ، وما أعظمها من قيمة ، ومن يخرج من هذا الولاء فهو في ولاية الشيطان شاء أم أبى .

 





أحاديث تصدق ولينا بالخاتم :

عن أبي إسحاق : أحمد بن إبراهيم الثعلبي قال: سمعت أبا منصور الحمشادي يقول: سمعت محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 بينما : عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم، يقول : قال رسول الله.

 إذ أقبل رجل : متعمم بعمامة .

فجعل : ابن عباس لا يقول : قال رسول الله .

إلا قال الرجل : قال رسول الله .

فقال ابن عباس : سألتك بالله من أنت ، فكشف العمامة عن وجهه .

و قال :

 أيها الناس : من عرفني فقد عرفني ، و من لم يعرفني :

فأنا جندب : بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري ، سمعت النبي بهاتين و إلا فصمتا ، و رأيته و إلا فعميتا .

و هو يقول : علي قائد البررة ، و قاتل الكفرة، منصور من نصره ، و مخذول من خذله.

 

أما إني : صليت مع رسول الله  يوما من الأيام ، صلاة الظهر .

فسأل سائل : في المسجد ، فلم يعطه أحد .

فرفع السائل : يده إلى السماء ، و قال :

 اللهم : أشهد أني سألت في مسجد رسول الله ، فلم يعطني أحد شيئا .

و كان علي : راكعا :

فأومئ إليه بخنصره اليمنى :

و كان يتختم فيها .

 

فأقبل السائل :

حتى أخذ : الخاتم من خنصره .

و ذلك بعين النبي .

 

فلما فرغ النبي من صلاته : رفع رأسه إلى السماء ، و قال :

اللهم : إن أخي موسى سألك ، فقال:

{ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (طه27) يَفْقَهُوا  قَوْلِي (28)

وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31)  وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) } طه .

فأنزلت عليه قرآنا ناطقا :

{  قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ (35) ‏}القصص.

اللهم : و أنا محمد نبيك و صفيك ، اللهم فاشرح لي صدري ، و يسر لي أمري‏ ، (وأحلل عقدة من لساني ، يفقهوا قولي ) ، و اجعل لي وزيرا من أهلي‏ ، عليا أخي‏،  اشدد به أزري‏ ( وأشركه في أمري ).

قال أبو ذر : فو الله ما استتم‏ رسول الله الكلام.

 حتى هبط عليه : جبرئيل من عند الله .

 و قال : يا محمد ، هنيئا لك‏ ما وهب الله لك في أخيك .

 قال: و ما ذاك جبرئيل ؟

قال : أمر الله أمتك بموالاته إلى يوم القيامة .

و أنزل قرآنا عليك‏ : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ  الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)‏ } المائدة .

 

و في مجمع البيان : قال أبو ذر : فو الله ما استتم رسول الله الكلمة ، حتى نزل عليه جبرئيل من عند الله .

 فقال : يا محمد اقرأ .

قال : و ما أقرأ ؟

قال : اقرأ { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ  الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)‏ } المائدة .

ثم قال : بعد ذكر الخبر عن الحسكاني بوساطة السيد أبي الحمد مهدي بن نزار الحسني القايني ، و روى هذا الخبر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بهذ الإسناد بعينه.

شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ج1ص229ح235 .

وقال محقق الشواهد في الهامش أقول:

و رواه أيضا : عن الثعلبي ، السيد الأجل عبد الله بن حمزة في كتاب الشافي ج1ص123.

و أيضا روى : سبط ابن الجوزي الحديث بنحو الإرسال في تذكرة الخواص ص18 عن الثعلبي .

و كذلك رواه : الشبلنجي عنه في نور الأبصار ص170.

و روى ذيله : الفخر الرازي في تفسير الآية الكريمة من تفسير مفاتيح الغيب مرسلا من غير ذكر مصدر له .

و كذا ذكره : الزرندي في نظم درر السمطين ص87 و لم يذكر مصدره .

 و رواه بعضهم :

عن ابن الصباغ : في الفصول المهمة ص 105.

و تفسير الطبري:  ج 6 ص 165 .

و لباب النقول : للسيوطي ج1ص91 .

و الحديث : 1من الباب 39 من فرائد السمطين .

و أيضا رواه : أبو الفتوح الرازي في تفسير الآية الكريمة من تفسيره ج 4ص245.

 

يا طيب : كان أبو ذر رحمه الله ينافس بن عباس رحمه في ذكر فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، كلما حدث ابن عباس بحديث قال رسول الله ، أجابه أبو ذر بحديث مثله أو أقوى منه في المعنى وأوله أيضا قال رسول الله ، وكان متنكر متعمم وملثم فلم ينتبه له ابن عباس حتى سأله من أنت ، وهذا الحديث ذكره جمع من الرواة كما عرفت المصادر أعلاه ، وهو في أكثر من فضيلة التصدق بالخاتم والولاية ، ففيه حديث المنزلة أيضا متضمن فيه ، وحديث المؤاخاة ، وتأكيد الولاية له بعد الله ورسوله .

 





الانقلاب على الولاية :

في الكافي : عن أحمد بن عيسى قال : حدثني جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام :

 في قوله عز و جل : { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ  يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83) } النحل .

قال عليه السلام : لما نزلت { إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (55)‏ } المائدة.

أجتمع : نفر من أصحاب رسول الله في مسجد المدينة .

فقال : بعضهم لبعض ، ما تقولون في هذه الآية ؟

فقال بعضهم : إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها ، و إن آمن فإن هذا ذل حين يسلط علينا ابن أبي طالب .

فقالوا : قد علمنا أن محمدا صادق فيما يقول ، و لكنا نتولاه و لا نطيع عليا فيما أمرنا !

قال عليه السلام : فنزلت هذه الآية : { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها } يعرفون يعني ولاية علي بن أبي طالب ،{وَ أَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ } بِالْوَلَايَةِ .

الكافي ج1ص427ح77 .

 





الولي هو الإمام المعصوم :

يا طيب : وهذا تحقيق لطيف لصاحب المناقب رحمه الله ، في كون الولي في آية الولاية والتصدق بالخاتم ، يجب أن يكون هو الأولى والإمام المعصوم ، فقد روى علي بن جعفر عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام‏ في قوله تعالى : {‏ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا  إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116)‏ } طه.

أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَمَرْتُ فَلَمْ أُطَعْ .

فَلَا تَجْزَعْ أَنْتَ : إِذَا أَمَرْتَ ، فَلَمْ تُطَعْ فِي وَصِيِّكَ.

فقوله تعالى‏ : { إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (55)‏ } المائدة.

أثبت الولاية : لمن جعله وليا لنا على وجه بالتخصيص ، و نفى معناها عن غيره ، و يعني بوليكم القائم بأموركم ، و من يلزمكم طاعته .

و إذا ثبت ذلك : ثبتت إمامته ، لأن لا أحد يجب له التصرف في الأمة ، و فرض الطاعة له بعد النبي ، إلا من كان إماما لهم ، و ثبتت أيضا عصمته.

 لأنه سبحانه : إذا أوجب له فرض الطاعة ، مثل ما أوجبه لنفسه و لنبيه ،  اقتضى ذلك طاعته في كل شيء ، و هذا برهان عصمته .

لأنه لو لم يكن كذلك : ( أي إن لم يكن معصوما ) لجاز منه الأمر بالقبيح ، فيقبح طاعته ، و إذا قبحت ، كان تعالى قد أوجب فعل القبيح ، و في علمن أن ذلك لا يجوز عليه سبحانه ، وهذا دليل على وجوب العصمة.

و الدليل : على أن لفظة ولي في الآية تفيد الأولى ، ما ذكره المبرد في كتاب العبارة عن صفات الله أن الولي ، هو الأولى‏ .

و قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا.

و منه : أولياء الدم ، و فلان ولي أمر الرعية.

و نعم ولي الأمر بعد وليه‏

و منتجع التقوى و نعم المؤدب‏

 و ما يعترض به السائل : فلا يلتفت إليه .

و اختصاص الآية : ببعض المؤمنين ، حيث وصفهم بإيتاء الزكاة ، يوجب خروج من لم يؤتها ، و من حيث خص : إيتاءهم ، بحال الركوع ، و لم يحصل ذلك لجميع المؤمنين.

 و من حيث : نفي الولاية عن غير المذكورين في الآية ، بإدخال لفظة إنما ، و إيتاء الزكاة في حال الركوع ، لم يدع لأحد غيره عليه السلام .

و الرواية متواترة : من طريق الشيعة ، و ظاهرة من طرق المخالفين .

و تجري الأخبار : بلفظ الجمع ، و هو واحد مجرى الأخبار بذلك عن الواحد .

قوله تعالى‏ : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ  النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَ اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)} آل عمران.

و قوله‏ : { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) } الحجرات .

و قوله‏ : { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ  وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)} المنافقون.

ثم إن قوله‏ تعالى : { وَ الَّذِينَ آمَنُوا } .

ليس : على العموم ، بل بعضهم ، لأنه وصف بإقامة الصلاة ، و إيتاء الزكاة في حال الركوع.

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام لابن شهرآشوب ج3ص5 .

 





المؤمنون جمع يراد به الواحد

 

يا طيب : قالوا في قوله تعالى :{ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (55)‏ } المائدة.

{ والذين آمنوا } جمع ويراد به المؤمنون ، وأجيب أنه مقيد بحين الصلاة وفي الركوع أعطى الزكاة ، وفيها حصر بـ { إنما } ، فهو جمع يدل على الواحد المختص بأوصاف الآية .

كما وأجاب الموالون : لأهل البيت عليهم السلام من المحدثين والمفسرين عن كل ما أشكل أشكله المخالفون .

ومن أهمها : بأنه إرادة بلفظ الجمع معنى الواحد ، وهو مستخدم بكثرة في القرآن الكريم ، وبالخصوص في خطاب الله لعبادة حين بيان عظمته جل جلاله ،  أو لبيان عظمة الموضوع مثل :قوله تعالى :

{ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) } الكوثر ، وإنا لفظ جمع بمنزلة نحن ، والله واحد أحد لا شريك له ، ولا كثرة له حتى ذهنية فضلا عن خارجية ، ومثله قوله تعالى : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (94) } الأنعام ، والله هو الخالق وحده لا شريك له ولا معين على ما خلق .

وقال اللّه تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ (105) } النساء ، { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّ لَهُ لَحَافِظُونَ (9) } الحجر ، و إنّما المراد العبارة عنه تعالى دون غيره، و هو واحد ، كما وذكر المفسرون إن من خطاب الملوك و الرؤساء فعلنا كذا و أمرن بكذا ، و مرادهم الوحدة دون الجمع، و الأمر في استعمال هذه الألفاظ على التعظيم في العبارة عن الواحد بين وواضح ، وإطلاق لفظ الجمع‏ على‏ الواحد جائز ، ومعهود استعماله في اللغة و الشريعة والعرف والآداب ، وخطابات القرآن بأسلوبه العظيم تبين علو وعظمة الله تعالى وتعرف بديع وجميل بيانه ، و الذي لا يمل منه أبدا تدبرا وقراءة وسماعا ومعنى ولفظا .

ويا طيب : يكفي في الآيات آية المباهلة فإنه بخطاب وأسلوب الجمع وإرادة المفرد ، في قوله تعالى :

{ فَمَنْ  حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ

نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ

وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ

وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ

 ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) } آل عمران.

فقد جاء النبي الأكرم : بالحسن والحسين ، وفاطمة ، وعلي وبشخصه الكريم صلى الله عليهم وسلم تسليما .

 





بيان تفسير القمي :

ويا طيب : قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الهاشمي القمي : فالقرآن منه ناسخ، و منه منسوخ، و منه محكم، و منه متشابه، و منه عام، و منه خاص، و منه تقديم، و منه تأخير، و منه منقطع، و منه معطوف، و منه حرف مكان حرف، و منه على خلاف ما أنزل الله‏ «1»، و منه ما لفظه عام و معناه خاص، و منه ما لفظه خاص و معناه عام، و منه آيات بعضها في سورة و تمامها في سورة أخرى و منه ما تأويله في تنزيله، و منه ما تأويله مع تنزيله، و منه ما تأويله قبل تنزيله، و منه ما تأويله بعد تنزيله، و منه رخصة إطلاق بعد الحظر، و منه .... إلى أن قال بعد خمس صفحات من التقسيم وبيانه :

و أما ما لفظه : جمع و معناه واحد :

و هو جار : في الناس ، فقوله : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو لا تَخُونُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ (27)} الأنفال ، نزلت في أبي لبابة بن عبد الله بن المنذر خاصة ( وهو الذي أخبر يهود بني قريضه عن التحكيم ).

 و قوله : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ (1)} الممتحنة ، نزلت في حاطب بن أبي بلتعة (حيث كتب الى قريش بخبر النبي صلى الله عليه و آله حين أراد فتح مكة ) .

و قوله : { الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ‏ (173)} آل عمران ، نزلت في نعيم بن مسعود الأشجعي ( حين أخبر المسلمين بأن أبو سفيان جمع قريش والأحباش لحرب النبي يخوفهم .. ) .

و قوله : { وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ (62)}التوبة، نزلت في عبد الله بن نفيل خاصة- و مثله كثير نذكره في مواضعه.

و أما ما لفظه : واحد ، و معناه جمع :

فقوله : { وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} الفجر ، فاسم الملك واحد و معناه جمع ( أي المراد الملائكة ).

و قوله : { أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ- وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ (18)} ، فلفظ الشجر واحد و معناه جمع ( وجمع شجر أشجار ).

و أما ما لفظه ماض و هو مستقبل :

فقوله : { وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ- إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ  (87)} النمل . ....

وذكر لكل الأقسام أمثلة : ونكتفي بهذا فيما يهم .

تفسير القمي ج1ص11-5 .

يا طيب : وجاء ما لفظه لفظ الجمع ويراد به الواحد هو للتشريف وبيان أهمية الموضوع وعلو شأن المشار إليه ، مما يؤيد أن { الذين آمنوا } في آية الولاية ، أن له خصائص خاصة سواء في فعله المسبب لشأن نزول الآية ، أو في ولايته في المستقبل ، فهو كولاية الله ورسوله تسوق المسلمين لخير الدنيا والآخرة ، بفضل تعليم عبودية الله تعالى بأفضل تعاليمه وبصراط مستقيم لكل نعيمه .

 





بيان عدة من التفاسير :

ويا طيب : ذكروا في أن لفظ الجمع يراد به الواحد مستخدم في القرآن الكريم وكلام العرب بعدة بيانات منها عن :

قال ابن الأنباري: إنّما جمع على مذهب العرب في إيقاعه الجمع‏ على‏ الواحد، تقول: خرجنا إلى البصرة في السّفن، و إنما جمع، لأنّ من عادة الملك أن يقول: أمرنا و نهينا.

ذكره الرازي في التفسير الكبير ج5ص330 . وذكره في زاد المسير في علم التفسير ج2ص371 ،

 

وقال في تفسير الكشف والبيان : { فَنَادَتْهُ  الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ (39) }آل عمران .

 و أراد بالملائكة هاهنا : جبرائيل وحده ؛ و ذلك أنّ زكري الحبر الكبير الذي تعهد بالقربان، و بفتح باب المذبح فلا يدخلون حتى يأذن لهم في الدخول، فبينا هو قائم في المسجد عند المذبح يصلي و الناس ينتظرونه أن يأذن لهم في الدخول، إذ هو برجل شاب عليه ثياب بيض ففزع منه فناداه و هو جبريل: { يَ زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (7) } مريم ، فذلك قوله: { فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ } ، يعني جبريل وحده .

نظيره قوله في هذه السورة : { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ ... (42) ...  إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ .. (45)}آل عمران ، يعني جبريل وحده .

و قوله في النحل : {  يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى  مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ (2} النحل ، يعني جبريل ما يروح بالوحي؛ لأنّ الرسول إلى جميع الأنبياء جبريل عليه السلام ، يأت عليه قوله ابن مسعود، فناداه جبريل‏ { وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ‏ } .

 و هذا جائز في العربية : أن يخبر عن الواحد بلفظ الجمع .

كقولهم : ركب فلان في السفن ، و إنما ركب سفينة واحدة ، و خرج على بغال البريد ، و إنما على بغل واحد ، و سمعت هذا الخبر من الناس، و إنم سمع من واحد .

نظير قوله تعالى: { الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ‏ (173)} آل عمران ، يعني نعيم بن مسعود. { إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ‏ (173)}آل عمران : يعني أبا سفيان و نحوها كثرة.

و قال المفضل بن سلمة : إذا كان القائل رئيسا فيجوز الإخبار عنه بالجمع؛ لاجتماع أصحابه معه، فلمّا كان جبريل رئيس الملائكة و كل ما يبعث إلّ و معه جمع منهم فهي على هذا.

الكشف و البيان تفسير ثعلبي أحمد بن محمد ج3ص60 .

ويا طيب : في آية الولاية والتصدق بالخاتم ، فهو ولي للمؤمنين ، فتعظيمه بلفظ الجمع أولى ، لأنه سوف يكون عليهم خليفة رسول الله والقائم فيهم بأمره يهديهم سبل الرشاد .

وقال أيضا :في تفسير الكشف والبيان : و قوله‏ : { الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ‏ } يعني نعيم بن مسعود الأشجعي‏ ، { إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ‏ } يعني أبا سفيان .

و إنّما يقال هذا : للذي يقتدي به ، و يكون لسان قومه و إمامهم، كقوله‏: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) } النحل.

فذكر الواحد : بلفظ الجمع ، و مثله كثير .

و قيل: الناس هاهنا آدم عليه السّلام، دليله قول سعيد بن جبير: { ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ (199‏ } البقرة ، و قيل: هو آدم نسي ما عهد إليه و الله أعلم.

الكشف و البيان تفسير ثعلبي ج‏2ص113سورة البقرة.

وقال في هامش تفسير مقاتل : في أ: زيادة ليست في ل، ف، ز، و هي: حدثنا محمد، قال: حدثني أبى قال: قال الكسائي فى قوله تعالى:

{ حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ

 قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ  صَالِحً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) } المؤمنون ، ( ويا طيب والمفروض يقول رب أرجعني ) .

 العرب : تخاطب الواحد بمخاطبة الجمع‏ .

ومن ذلك قوله: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ (1)...} الطلاق أ مخاطبة له و الحكم لغيره.

و منه قوله عز و جل : { عَلى‏ خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ...} ،  و المدركون فرعون و غيره، و الخوف منه و من غيره.

تفسير مقاتل بن سليمان ج3ص166 . 

وقال في الحجة للقراء السبعة : أنه قد جاء لفظ الجمع‏ بعد لفظ الإفراد، قال: { سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ‏ (1)} الإسراء ، و جاء بعد: { وآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ‏ (2)}الإسراء .

الحجة للقراء السبعة ج‏5ص195 .

 

وقال السيد الطباطبائي رحمه الله :

في بيان قوله تعال : { ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى  السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَ طَائِعِينَ (11) }فصلت .

 قوله:  { ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً }.

 إيجاب : الإتيان عليهما ، و تخييرهما بين أن تفعلا ذلك بطوع أو كره ...

و قوله: { قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ } جواب السماء و الأرض لخطابه تعالى باختيار الطوع، و التعبير باللفظ الخاص بأولي العقل- طائعين- لمكان المخاطبة و الجواب و هما من خواص أولي العقل.

 و التعبير بلفظ الجمع‏ : دون أن تقولا: أتينا طائعتين ، لعله تواضع منهما بعد أنفسهما غير متميزة من سائر مخلوقاته تعالى المطيعة لأمره ، فأجابت عن لسان الجميع .

 نظير ما قيل : في قوله تعالى‏: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} الحمد.

الميزان في تفسير القرآن ج17ص366.

فيا طيب : لبيان علو مقام الولي بعد الله ورسوله بينه بصيغة الجمع ويريد به الشخص الواحد المعين ، وأنه له ولاية كولاية الله ورسوله ، ويؤيده شأن النزول.

 



بيان المأمون للآية :

وعن كتاب البرهان: بسند ذكره عن أبي إسماعيل بن إسحاق بن حماد و اللفظ له قال: بعث إلي و إلى عدة من المشايخ يحيى بن أكثم القاضي فأحضرنا و قال إن أمير المؤمنين يعني المأمون أمرني‏ ... وقد عقد لهم مجلس يبين لهم أعتقاده ، والحديث طويل ، حتى قال بعد سبع صفحات من النقاش ..

 ثُمَّ قَالَ المأمون : مَنْ ذَا الَّذِي تَصَدَّقَ وَ هُوَ رَاكِعٌ ؟

قُلْتُ : عَلِيٌّ تَصَدَّقَ بِخَاتَمِهِ .

قال : أ تعرف غيره ؟ قلت : لا .

قال : فما قرأت‏ { إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏ } ؟  قلت : نعم .

قال : أ فما في هذه الآية نص الله على علي ، بقوله: { إِنَّم وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏ (55)} المائدة ؟

قلت : يا أمير المؤمنين ، قَدْ جَمَعَ بِقَوْلِهِ: { الَّذِينَ آمَنُوا } .

قال : القرآن عربي ، و نزل بلغات العرب ، و العرب‏ تخاطب‏ الواحد بخطاب الجمع.

 و يقول : الْوَاحِدُ فَعَلْنَا وَ صَنَعْنَا .

وَ هُوَ مِنْ كَلَامِ : الْمَلِكِ ، وَ الْعَالِمِ ، وَ الْفَاضِلِ ، وَ كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ‏ : { خَلَقْنَا السَّماواتِ‏ }  وَ { بَنَيْن فَوْقَكُمْ سَبْعاً }  وَ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ .

و قال جل ثناؤه : حكاية من خطابه سبحانه قال: { رَبِّ ارْجِعُونِ‏ } ،  وَ لَمْ يَقُلْ ارْجِعْنِي لِهَذِهِ الْعِلَّةِ .

ثم قال : يا إسحاق ، أ و ما علمت أن جماعة من أصحاب رسول الله، لما أشاد بذكر علي و بفضله ، و طوق أعناقهم ولايته و إمامته ، و بين لهم أنه خيرهم من بعده ، و أنه لا يتم لهم طاعة الله إلا بطاعته ، و كان في جميع ما فضله به نص على أنه ولي الأمر بعده .

قالوا : إنما ينطق النبي عن هواه ، و قد أضله حبه ابن عمه و أغواه ، و أطنبوه في القول سرا . فأنزل الله : المطلع على السرائر : { وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏ ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏ وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏} النجم .

 ثم قال : يا إسحاق ، إن الناس لا يريدون الدين ، إنما أرادو الرئاسة ، و طلب ذلك أقوام فلم يقدروا عليه بالدنيا فطلبوا ذلك بالدين ، و لا حرص لهم‏ عليه و لا رغبة لهم فيه.

 أ ما تروي أن النبي قال : يُذَادُ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِي عَنِ الْحَوْضِ ، فَأَقُولُ : يَا رَبِّ أَصْحَابِي أَصْحَابِي ؟ فَيُقَالُ لِي : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، رَجَعُوا الْقَهْقَرَى. قلت : نعم . قال : ففكر في هذا ......

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ج‏69ص139ح27 ، وروى المناظرة الصدوق في العيون ج 2 ص 184 بغير هذه الألفاظ و هكذا ابن عبد ربه في العقد.

ويا طيب : ذكر أن الجمع يراد به الفرد ، في كل التفاسير لكثير من الآيات ، وبالخصوص الآيات التي فيها تعظيم الله تعالى ، أو تعظيم أمر من الأمور المهمة في الدين والتشريع والتكوين ، وقد عرفت قسما وافرا منها ، ونذكر آية تختص بإيمان علي بن أبي طالب عليه السلام في سورة براءة التي تحكي على المشركين والمنافقين ، وتزكيه في تبليغها وفي آية خاصة به فيها ، وهي قوله تعالى :

{ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ  الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ

وَالْيَوْمِ الآخِرِ

وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ

لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ  الظَّالِمِينَ (19) الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ  وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)} التوبة .

يا طيب : هذه الآيات مختص شأن نزولها في علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهي جمع يراد به المفرد المشخص ، لأنه ذكر شأن نزولها فيه كل من فسرها حتى من أشكل في غيرها ، لمحاورة بين العباس بن المطلب بأنه أفتخر أنه ساقي الحاج ، وطلح الداري أفتخر بأن بيده مفاتيح الكعبة يدخل من يشاء ويمنع من يشاء ، وقال لهم عليه السلام أن خير منكم أول من آمن وضربت خراطيمكم حتى آمنتم فصدقه الله تعالى .

وذكر هذه القصة : كل من فسر الآية أو ذكر شأن نزولها ، مع أن سورة التوبة آخر سورة نزلة وتحكي ولها 17 عشر أسما تحكي عن المنافقين كالفاضحة والمقشقشة وسورة العذاب وغيرها ، وقد فصلنا البحث فيها في صحيفة تبليغ سورة براءة من صحيفة أمير المؤمنين عليه السلام من موسوعة صحف الطيبين ، وهذا الجمع الحاكي عن الفرد تعظيم لشأنه وبيان أنه الإيمان كله ومقابله الكفر كله ، كما في أحاديث كثيرة .

 وإن أمر ولاية أمير المؤمنين عليه السلام هي كولاية الله ورسوله ، أولى بهم من أنفسهم ، وأنه له حق التصرف بهم بتعاليمه ويجب طاعته ، فيهتدو وينجون ، ومن خالفه يهوى في الضلال وله غضب الله ، فإن الولاية هنا إخراج من الظلمات إلى النور ، وخلافها ولاية طاغوت وشيطان تخلد الداخل فيها في النار .

 



جواب المظفر وشرف الدين :

يا طيب : إن من أحسن ما بين في سر التعبير بالجمع في آية المباهلة ما أفاده المرحوم آية اللّه المظفر قال رحمه الله : ثم إن الفائدة في التعبير عن أمير المؤمنين عليه السلام ، و هو فرد بصيغة الجمع:

هي تعظيمه : و الإشارة إلى أنه بمنزلة جميع المؤمنين المصلين المزكين لأنه عميدهم، و من أقوى الأسباب في أيمانهم و مبراتهم كما أشار إلى ذلك رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله يوم الخندق : برز الايمان كله إلى الشرك كله .

 و جعل الزمخشري : الفائدة فيه ترغيب الناس في مثل فعله ، ليبينه أن سجية المؤمنين يجب أن يكون على هذه الغاية من الحرص على البر و الإحسان .انتهى ما أفاده .

دلائل الصدق ج2 ص50 .

و قال آية اللّه السيد شرف الدين رحمه الله :بعد سرده عدة نكت قلت: عندي في ذلك نكتة ألطف و أدق ، و هي أنه إنما أتى بعبارة الجمع دون عبارة المفرد ، بقيا منه تعالى على كثير من الناس ، فان شانئي على عليه السلام و أعداء بني هاشم ، و سائر المنافقين و أهل الحسد و التنافس لا يطيقون أن يسمعوها بصيغة المفرد.

إذ لا يبقى لهم : حينئذ مطمع في التمويه ، و لا ملتمس في التضليل ، فيكون منهم بسبب يأسهم حينئذ ما تخشى عواقبه على الإسلام ، فجائت الآية بصيغة الجمع ، مع كونها للمفرد اتقاء من معرتهم .

ثم كانت النصوص : بعدها تترا بعبارات مختلفة ، و مقامات متعددة ، و بث فيهم أمر الولاية تدريجا تدريجا ، حتى أكمل اللّه الدين و أتم النعمة ، جريا منه صلى اللّه عليه و آله على عادة الحكماء في تبليغ الناس ما يشق عليهم .

و لو كانت الآية : بالعبارة المختصة بالمفرد ، لجعلوا أصابعهم في آذانهم ، و استغشوا ثيابهم ، و أصروا و استكبروا استكبارا، و هذه الحكمة مطردة في كل ما جاء في القرآن الحكيم من آيات فضل أمير المؤمنين و أهل بيته الطاهرين كما لا يخفى، و قد أوضحنا هذه الجمل و أقمنا عليها الشواهد القاطعة و البراهين الساطعة في كتابينا :

سبيل المؤمنين، و تنزيل الآيات، و الحمد للّه على الهداية و التوفيق و السّلام انتهى.

المراجعات  المراجعة 42 .

 





الولي المتصرف بالأمور :

يا طيب : ذكر المخالفون بأن الولي يحمل على عدة معاني ، ومنها الناصر ، وأخذوا يؤكدون هذا المعنى ، في حين الولاية هنا في الآية تابعة لولاية الله ورسوله ، وهي التي تخرج من الظلمات إلى النور ، وهذا معنى ولاية الله لا ولاية العباد .

 فقد قال الله تعالى : {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ (257)} البقرة ، وهي ولاية هداية لنور الصراط المستقيم ، ولابد أن يكون من له ولاية من الله تعالى عالم هادي له شأنه يصدقه الله ورسوله وآيات القرآن في موارد كثيرة ، مثل قوله : { إِنَّمَ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ  قَوْمٍ هَادٍ (7) } الرعد. وقوله تعالى : { وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43) } الرعد ، فضلا عن كونه مطهر وهو نفس رسول الله وأمر الله بمودته ، وتشهد له مواقفه وثباته ، وهذا كله تدعمه آيات الإمامة والولاية .

فولاية : أمير المؤمنين عليه السلام ، هي امتداد لولاية الله ورسوله ، وخصه بالجمع لبيان التشريف له وعظمة وعلو محله في الدين وتعريف هدى رب العالمين وسوق المؤمنين على صراط مستقيم لا كل أحد .

ولذا يا طيب :  إن المراد بالولي المتولي للأمور و المستحق للتصرف فيها بعد رسول الله ، ولذا قال بعد آية الولاية : { وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا } أي  من يتخذهم أولياء ، { فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ‏ } أي و من يتول هؤلاء فهم حزب اللّه ، و حزب اللّه هم الغالبون ، و تنويها بذكرهم و تعظيما لشأنهم و تشريفا لهم بهذ الاسم، و تعريضا لمن يوالي غير هؤلاء بأنه حزب الشيطان ، و أصل الحزب القوم يجتمعون لأمر حزّ بهم.

ولو كان : معنى { أمنوا } ، نفس المسلمين يكون معناه كل منهم أن يتولى نفسه في الآية الأولى والثانية ترجع لها ، ولا يصح المعنى ، وإنما لابد أن يكون فيكم أمير يجب أن تتوله مثلما تحبون الانطواء والانضواء تحت ولاية الله ورسوله ، ولا يكون إلا واحد مشخص ، هو الذي بينت مواصفاته الآية .

 





فهو ولي الله والخليفة وأمير المؤمنين و الخاتم
حبه عنوان على صحيفته قد فاز بجنة أبدية

 

 

معنى الخاتم ختم بصمه :

  الخاتِمُ  : خَتَمَ : فعل ختَمَ ، ختَمَ  على ، والغالب كان الختم بـ فصّ الخاتم  : الحجر المركّب فيه .

الخاتِمُ  : البَكارَةُ في الأنثى، ما زالت بخاتم ربِّها أي ما زالت بكرًا لم تفض .

و ختَمَ : لـ يَختِم و خَتْمًا  وخِتامًا ، فهو خاتِم ، والمفعول مَخْتوم .

  خَتَمَ  عَلَى أسْئِلَةِ الاِمْتِحَانِ بِالشَّمْعِ : جَعَلَهَ فِي غِلاَفٍ وَوَضَعَ عَلَيْهَا الشَّمْعَ ، ومنه : ختَمَ  بالشَّمْع الأحمر : أغلق بصورة محكمة .

 ختم  عَقْدًا : ختم على الورقةَ : وضع  ختمًا  في آخره وآخره .

 ختَم  الرِّسالةَ : و ختَم  على الرِّسالة أي أثّر فيها بنقش  الخاتم  ، وضع عليها  الخاتم .

 

ختَمَ  على بياضٍ : أعطى تفويضًا مطلقًا .

ختَمَ بالشَّمْع الأحمر : أغلق بصورة محكمة .

 ختَم  اللهُ له بخير : أتمّ عليه نعمتَه وجعل له عاقبة حسنة .

ختَمَ  النَّحْلُ : ختَمَ خَتْمًا وخِتامًا أي مَلأ خَليَّتَهُ عَسَلاً .

 ختَمَ  الزَّرْعَ ، وعليه : سقاهُ أوَّلَ سقيةٍ بعد الحَرْث والبَذْر

 وَضَعَ  خَاتَمَ  الإِدَارَةِ عَلَى قَرَارَاتٍ جَدِيدَةٍ  : طَابَعٌ يُخْتَمُ بِهِ .

ما يُختم به : بصمه بخاتمه ، ختم الوثيقةَ بخاتم شعار الجمهوريّة .

 ختَم على الطَّعام والشَّراب : غطّى فوّهة إنائه بمادّة عازلة ، أحكم غطاء الإناء الذي يحويه : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ } مصون غير ممسوس .

ختَم على فمه : منعه من الكلام قال الله تعالى :{ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ } نربط ونمنع .

ختَم على قلبه : جعله لا يفهم شيئا كأنّه غطّاه ، طبع عليه : { خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ }، صرفها عن الحقّ ووسمها بسِمَة الكفر والعياذ بالله .

أختمَ : يختم إختامًا فهو مُختِم ، والمفعول مُختَم أختم الشَّيءَ رسم ، وضع عليه علامة ليميِّزه عن غيره .

مهَر الشَّخصُ الشَّيءَ : أو بالشَّيءِ أو في الشَّيء ، أي أتقنه وبرع فيه وأجاد وحذق .

وخَتَمَ الرِّسَالَةَ بِالْمُهْرِ : بِالْخَاتَمِ الَّذِي تُخْتَمُ بِهِ الرَّسَائِلُ .

بَصَمَ : ختم بطرَف إِصبعه ، رسم أو طبع علامة على قماش أو ورق ونحوهما وضع الصانعُ بصمتَه على قماش مصنعه .

 

ويا طيب : يوم القيامة تتطاير الصحف وكلا تصله صحيفة إما يأخذه بيمينه فيفوز ويلقى نظرة وسرورا وبيض وجه ، أو بشماله فيدعوا ثبورا ويسود وجهه .

ومن يلقى : كتابه وصحيفته في يمينه ، يرى فيها عنوان باسمه أنه يحب علي بن أبي طالب .

عنوان صحيفة المؤمن :

في المناقب : في تاريخ بغداد و فردوس الديلمي و خصائص النطنزي ، بالإسناد عن محمد بن شهاب عن أنس قال :

سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول‏ :

عُنْوَانُ‏ : صَحِيفَةِ الْمُؤْمِنِ ، حُبُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام.

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج2ص151 . وفي بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص154 ذكر سنده كاملا . وفي الفضائل لابن شاذان القمي ص114 .

وإن شاء الله : نضع الأحاديث في المعنى :.....

 





شعر التصدق بالخاتم

يا طيب : شعر التصدق بالخاتم كثير ، ونذكر ما ذكره بن شهر آشوب رحمه الله في مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ، فذكر :


رحم الله خزيمة بن ثابت إذ قال :

أبا حسن تفديك نفسي و أسرتي

و كل بطيء في الهدى و مسارع‏

أ يذهب مدح من محبك ضائعا

و ما المدح في جنب الإله بضائع‏

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا

علي فدتك النفس يا خير راكع

أنزل فيك الله خير ولاية

و بينها في محكمات الشرائع

وقال رحمه الله :

فديت عليا إمام الورى‏

سراج البرية مأوى التقى‏

وصي الرسول و زوج البتول‏

إمام البرية شمس الضحى‏

تصدق خاتمه راكعا

فأحسن بفعل إمام الورى‏

ففضله الله رب العباد

و أنزل في شأنه هل أتى

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام لابن شهرآشوب ج3ص6 .


و أنشأ حسان بن ثابت :

علي أمير المؤمنين أخو الهدى‏

و أفضل ذي نعل و من كان حافيا

و أول من أدى الزكاة بكفه‏

و أول من صلى و من صام طاويا

فلما أتاه سائل مد كفه

إليه و لم يبخل و لم يك جافيا

فدس إليه‏ خاتما و هو راكع‏

و ما زال أواها إلى الخير داعيا

فبشر جبريل النبي محمدا

بذاك و جاء الوحي في ذاك ضاحيا.

 


و وأنشد الحميري‏ رحمه الله :

من كان أول من تصدق راكع

يوما بخاتمه و كان مشير

من ذاك قول الله إن وليكم‏

بعد الرسول ليعلم الجمهور

وله رحمه الله

و أول مؤمن صلى و زكى‏

بخاتمه على رغم الكفور

و قد وجب الولاء له علينا

بذلك في الجهار و في الضمير

وله رحمه الله

نفسي الفداء لراكع متصدق‏

يوما بخاتمه فآب سعيدا

أعني الموحد قبل كل موحد

لا عابدا صنما و لا جلمودا

أعني الذي نصر النبي محمدا

و وقاه كيد معاشر و مكيدا

سبق الأنام إلى الفضائل كلها

سبق الجواد لذي الرهان بليدا

 و له‏ رحمه الله :

و أنزل فيه رب الناس آيا

أقرت من مواليه العيونا

بأني و النبي لكم ولي‏

و مؤتون الزكاة و راكعونا

و من يتول رب الناس يوما

فإنهم لعمري فائزونا

 و له أيضا رحمه الله :

من أنزل الرحمن فيهم هل أتى‏

لما اتحدوا للنذور وفاء

من خمسة جبريل سادسهم و قد

مد النبي على الجميع عباء

من ذ بخاتمه تصدق راكعا

فأثابه‏ ذو العرش منه ولاء.

وللرضي‏ رحمه الله :

و من سمحت بخاتمه يمين‏

تضن بكل عالية الكعاب

أ هذا البدر يكسف بالدياجي‏

و هذي الشمس تطمس بالضباب‏

 

ولدعبل‏ الخزاعي رحمه الله :

نطق القرآن بفضل آل محمد

و ولاية لعليه لم تجحد

بولاية المختار من خير الذي‏

بعد النبي الصادق المتودد

إذ جاءه المسكين حال صلاته‏

فامتد طوعا بالذراع و باليد

فتناول المسكين منه خاتما

هبط الكريم الأجودي الأجود

فاختصه الرحمن في تنزيله‏

من حاز مثل فخاره فليعدد

إن الإله وليكم و رسوله‏

و المؤمنين فمن يشأ فليجحد

يكن الإله خصيمه فيها غدا

و الله ليس بمخلف في الموعد.

 


وللعوني‏ رحمه الله :

و من بخاتمه منهم تصدق في‏

وقت الصلاة فقد سئلو و ما بذلوا

من أنزل الله فيه هل أتى و له‏

فضل كفضل رسول الله متصل‏

 و له‏ رحمه الله :

أبن لي من في القوم جاد بخاتم‏

على السائل المعني إذ جاء قانعا

و جاد به سرا فأفشاه ربه‏

و بين من كان المصدق راكعا.

 


وللعبدي رحمه الله :

ذاك المصدق في الصلاة بخاتم‏

و بقوته للمستكين السارب‏

 و له رحمه الله :‏

تصدق بالخاتم لله راكعا

فأثنى عليه الله في محكم الذكر.

 


ورحم الله ابن حماد إذ قال:

و أنزل فيه الله وحيا مفصلا

لدى هل أتى إذ قال‏ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ

 و له‏ رحمه الله :

من كان بالنذر وفى

أو لليتيم أسعفا

فانظر بما ذ أتحفا

إذا قرأت هل أتى‏

من كان زكى راكعا

بخاتم تواضعا

لذي الجلال خاشعا

فأنزلت آي الولاء.

 


للصاحب‏ بن عباد رحمه الله :

أ لم تعلموا أن الوصي هو الذي‏

آتى الزكاة و كان في المحراب‏

أ لم تعلموا أن الوصي هو الذي‏

حكم الغدير له على الأصحاب‏

و له رحمه الله :‏

هل مثل برك في حال الركوع

و ما بر كبرك بر للمزكينا

هل مثل ذلك للعاني الأسير

و للطفل الصغير وقد أعطيت مسكينا

 


ورحم الله الوراق‏ إذ قال :

علي أبو السبطين صدق راكعا

بخاتمه سرا و لم يتجهم‏

فلما أتاه سائل مد كفه‏

فلم يستو حتى حباه بخاتم

 


ورحم الله الصفي البصري‏ إذ قال :

يا من بخاتمه تصدق راكعا

إني ادخرتك للقيامة شافعا

الله عرفني و بصرني به‏

فمضيت في ديني بصيرا سامعا.

ورحم الله نصر بن المنتصر إذ قال :

و من أقام خاشعا صلاته‏

يؤتي الزكاة راكعا لمن أتى‏

و من له ملك كبير ناعم

في الخلد لا تنكره في هل أتى

 


ورحم الله الأصفهاني‏ إذ قال :

أ فمن بخاتمه تصدق راكعا

يرجو بذاك رضى القريب الداني‏

حتى تقرب منه بعد نبيه‏

بولاية بشواهد و معان‏

بولائه في آية لولاتها

نزلت حصاهم واحد و اثنان‏

فالأول الصمد المقدس ذكره‏

و نبيه و وصيه التبعان‏

هل في تلاوتها بآي ذوي هدى‏

من قبل ثالث أهلها يليان‏

هذي الولاية أن تعود عليهما

من بعده من عقدها قسمان.

 


ورحم الله أبو الحسين إذ قال :‏

من جاد للمسكين بالقوت و لم‏

يمنعه حر الصيام و الطوى‏

من من بالخاتم منه راكعا

للطالب الرفد عطاء و حبا.

 


ورحم الله الشاعر إذ قال :

أوفى الصلاة مع الزكاة أقامها

و الله يرحم عبده الصبارا

من ذا بخاتمه تصدق راكعا

و أسره في نفسه إسرارا.

 


ورحم الله بعض الأدباء إذ قال :

ليس كالمصطفى و لا كعلي‏

سيد الأوصياء من يدعيه‏

من يوالي غير الإمام علي

رغبة منه فالتراب بفيه‏

هذه إنم وليكم الله‏

أتت بالولاء من الله فيه

فإذا ما اقتضى به اللفظ معنى‏

الجمع كانت من بعده لبنيه

 

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام لابن شهرآشوب ج3ص6 _ 10 .

 

 




<





  ف

       

ت