بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين

في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




أول ربيع الأول ليلة الهجرة
والمبيت والمواساة وشراء الأنفس

صحيفة ربيع الأول سبب الهجرة وكيفيتها ووقائعها

مقدمة أول شهر ربيع الأول :

بارك الله فيكم يا مؤمنين : وبالخصوص ما أقمتم من شعائر الله سبحانه في شهر محرم وصفر ، وأظهرتم الحزن والأسى والأسف والتفجع على ما حل بآل خير المرسلين وأهل بيته الطيبين الطاهرين ، من القتل والأسر والظلم ، والآن بمناسبة حلول أول شهر ربيع الأول سنة 11 ه ق ، وفي أوله كانت هجرت نبي الرحمة ، ومبيت علي بن أبي طالب على فراشه ، ونزول آية شراء الأنفس في حقهم ، ونجاتهم من كفار قريش ، فيستحب صيامه أو التوسيع على عيال والأهل والمؤمنين وشكر الله وحمده على أنعم علينا بنصر دينه وتحققنا به ، وهذه بعض الأعمال لكل الشهر ، ودعاء خاص بهذا الشهر ، مع بيان قصة الهجرة وليلة المبيت وفداء وتضحية الوصي للنبي صلى الله عليهم وسلم وما جرى في تلك الأيام الشريفة .

الراجي لرحمة ربه بأن يجعله من أنصار الحسين ومنهجه الحق حقا

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن الأنباري

موسوعة صحف الطيبين


روابط صحيفة ليلة الهجرة والمبيت
https://www.alanbare.com/1r
الصحيفة كتاب الكتروني
https://www.alanbare.com/1r/1r.pdf

أبوذية ليلة الهجرة والمبيت

صحيفة ليلة الهجرة والمبيت

رحم الله الشيخ حسن الِأنباري في معنى ليلة

ليلة القدر وليلة المبيت أعظم وأكرم ليلة

خيرا من ألف شهر وعلي قال ما ليله

يشري الوصي بنفس رضا الله كل ليله

فباعه الله نور الهدى والإمامة والولاية

+

أبوذية ليلة الهجرة والمبيت

صحيفة ليلة الهجرة والمبيت

رحم الله الشيخ حسن الِأنباري في معنى بات

بعد أبي طالب جاء من الرب لنبيه أمر بات

هاجر لا ناصر لك بمكة و علي بمكانه بات

لما هاجر للمدينة أبقاه وصيا وخليفة له بات

شرى نفسه بمرضاة الله فجزاه الله أمر الولاية





أعمال شهر ربيع الأول :

وقائع شر ربيع الأول

قال الشيخ الطوسي رحمه الله في مصباح المتهجد :

شهر ربيع الأول :

أول ليلة منه :

هاجر : النبي ، من مكة إلى المدينة ، سنة ثلاث عشرة من مبعثه .

و فيها : كان مبيت أمير المؤمنين عليه السلام على فراشه ، و كانت ليلة الخميس .

و في : ليلة الرابع منه :كان خروجه صلى الله عليه وآله من الغار متوجها إلى المدينة .

وفي أول يوم منه : كانت وفاة أبي محمد الحسن بن علي العسكري ، ومصير الأمر إلى القائم بالحق عليهم الصلاة والسلام (على رواية وسيأتي أنها في ثمانية ربيع الأول ).

و يوم العاشر منه : تزوج النبي صلى الله عليه وآله بخديجة بنت خويلد ، و له يومئذ خمس و عشرون سنة . و في مثله : لثمان سنين من مولده ، كانت وفاة جده عبد المطلب ، سنة ثمان من عام الفيل .

و في اليوم الثاني عشر منه : كان قدوم النبي عليه السلام المدينة مع زوال الشمس .

و في مثله : من سنة اثنتين و ثلاثين و مائة ، كان انقضاء دولة بني مروان.

و في الرابع عشر منه : سنة ست و ستين كان موت يزيد بن معاوية عليهما لعنة الله و غضبه ، و له يومئذ ثمان و ثلاثون سنة .

و في اليوم السابع عشر منه: كان مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله ، عند طلوع الفجر من يوم الجمعة في عام الفيل .

و هو : يوم شريف عظيم البركة ، و في صومه فضل كثير و ثواب جزيل ، و هو أحد الأيام الأربعة .

فروي : عنهم عليهم السلام ، أنهم قالوا : من صام يوم السابع عشر من شهر ربيع الأول ، كتب الله له صيام سنة .

و يستحب فيه : الصدقة ، و زيارة المشاهد .

مصباح ‏المتهجد ص791 .

أول ربيع ليلة المبيت :

وفي اليوم الأول من ربيع الأول : كانت هجرت نبي الرحمة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ، وبعد ثلاثة أيام في غار ثور وفي اليوم الرابع منه خرج إلى يثرب ، فوصلها يوم 12 اثنا عشر من ربيع الأول .

وبات الإمام علي عليه السلام : في فراش النبي في مكة المكرمة ، فأنزل الله سبحانه وتعالى :

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ

وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ

(207) }البقرة .

وفيها روايات كثيرة تعرف : مبيته عليه السلام وما جرى له مع كفار مكة ، وبقي فيها ثلاثة أيام حتى أدى وصايا رسول الله وأمانات الناس عنده ثم لحق به ، فأنتظره رسول الله في أول المدينة ودخلها معه ، ومعه الفواطم الثلاثة فاطمة أمه وبنت رسول الله وبنت حمزة .

ويستحب : في هذا اليوم الصوم شكرا لله على نجاة أولياءه من أعدائه ، وما فق سبحان من انتشار الإسلام حتى شملنا ، وحققنا به كما يحب ويرضى ، وعلى ولاية نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، فهنيئا لكم الولاية ، ومن لم يصمه شكرا ، فليوسع على العيال .

دعاء المبيت ( دعاء الفراش ) :

وهو الذي : دعا به أمير المؤمنين حين بات على فراش النبي الأكرم :

عن الحسن : بن معاوية بن وهب عن أبيه قال : دخلت على أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه السلام ، وقت المغرب .

فإذا هو : قد أذن و جلس ، فسمعته يدعو بدعاء ما سمعت بمثله، فسكت حتى فرغ من صلاته .

ثم قلت : يا سيدي لقد سمعت منك دعاء ما سمعت بمثله قط .

قال : هذا دعاء أمير المؤمنين ليلة بات على فراش رسول الله ، و هو :

يَا مَنْ : لَيْسَ مَعَهُ رَبٌّ يُدْعَى ، يَا مَنْ لَيْسَ فَوْقَهُ خَالِقٌ يُخْشَى.

يَا مَنْ : لَيْسَ دُونَهُ إِلَهٌ يُتَّقَى ، يَا مَنْ لَيْسَ لَهُ وَزِيرٌ يُغْشَى ، يَا مَنْ لَيْسَ لَهُ بَوَّابٌ يُنَادَى .

يَا مَنْ : لَا يَزْدَادُ عَلَى كَثْرَةِ السُّؤَالِ إِلَّا كَرَماً وَ جُوداً، يَا مَنْ لَا يَزْدَادُ عَلَى عِظَمِ الْجُرْمِ إِلَّا رَحْمَةً وَ عَفْواً .

صَلِّ : عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَدٍ ، وَ افْعَلْ بِي مَ أَنْتَ أَهْلُهُ ، فَإِنَّكَ أَهْلُ التَّقْوَى وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، وَ أَنْتَ أَهْلُ الْجُودِ وَ الْخَيْرِ وَ الْكَرَمِ .

فلاح ‏السائل ص228ف23. مستدرك ‏الوسائل ج4ص31ب11ح4107-1 .بحار الأنوار ج81ص180ب14ح13 .

دعاء أول شهر ربيع الأول :

قال السيد بن طاووس رحمه الله في إقبال الأعمال : وَجَدْنَ فِي كِتَابِ الْمُنْتَخَبِ :

الدُّعَاءَ فِي غُرَّةِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ تَقُولُ :

اللَّهُمَّ : لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، يَا ذَا الطَّوْلِ وَ الْقُوَّةِ ، وَ الْحَوْلِ وَ الْعِزَّةِ .

سُبْحَانَكَ‏ : مَا أَعْظَمَ وَحْدَانِيَّتَكَ ، وَ أَقْدَمَ صَمَدِيَّتَكَ ، وَ أَوْحَدَ إِلَهِيَّتَكَ .

وَ أَبْيَنَ : رُبُوبِيَّتَكَ ، وَ أَظْهَرَ جَلَالَكَ ، وَ أَشْرَفَ بَهَاءَ آلَائِكَ ، وَ أَبْهَى كَمَالَ صَنَائِعِكَ .

وَ أَعْظَمَكَ : فِي كِبْرِيَائِكَ ، وَ أَقْدَمَكَ فِي سُلْطَانِكَ ، وَ أَنْوَرَكَ فِي أَرْضِكَ وَ سَمَائِكَ ، وَ أَقْدَمَ مُلْكَكَ ، وَ أَدْوَمَ عِزَّكَ .

وَ أَكْرَمَ : عَفْوَكَ ، وَ أَوْسَعَ حِلْمَكَ ، وَ أَغْمَضَ عِلْمَكَ ، وَ أَنْفَذَ قُدْرَتَكَ ، وَ أَحْوَطَ قُرْبَكَ .

أَسْأَلُكَ : بِنُورِكَ الْقَدِيمِ ، وَ أَسْمَائِكَ الَّتِي كَوَّنْتَ بِهَا كُلَّ شَيْ‏ءٍ .

أَنْ تُصَلِّيَ : عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ ، وَ رَحِمْتَ وَ تَرَحَّمْتَ ، عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

وَ أَنْ تَأْخُذَ : بِنَاصِيَتِي إِلَى مُوَافَقَتِكَ ، وَ تَنْظُرَ إِلَيَّ بِرَأْفَتِكَ وَ رَحْمَتِكَ .

وَ تَرْزُقَنِي : الْحَجَّ إِلَى بَيْتِكَ الْحَرَامِ ، وَ تَجْمَعَ بَيْنَ رُوحِي وَ أَرْوَاحِ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ .

وَ تُوصِلَ : الْمِنَّةَ بِالْمِنَّةِ ، وَ الْمَزِيدَ بِالْمَزِيدِ ، وَ الْخَيْرَ بِالْبَرَكَاتِ ، وَ الْإِحْسَانَ بِالْإِحْسَانِ .

كَمَا تَفَرَّدْتَ : بِخَلْقِ مَا صَنَعْتَ ، وَ عَلَى مَا ابْتَدَعْتَ ، وَ حَكَمْتَ وَ رَحِمْتَ .

فَأَنْتَ : الَّذِي لَا تُنَازَعُ فِي الْمَقْدُورِ ، وَ أَنْتَ مَالِكُ الْعِزِّ وَ النُّورِ ، وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً .

وَ أَنْتَ : الْقَائِمُ الدَّائِمُ ، الْمُهَيْمِنُ الْقَدِيرُ .

إِلَهِي : لَمْ أَزَلْ سَائِلًا مِسْكِيناً ، فَقِيراً إِلَيْكَ .

فَاجْعَلْ : جَمِيعَ أُمُورِي مَوْصُولَةً بِثِقَةِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْكَ ، وَ حُسْنِ الرُّجُوعِ إِلَيْكَ ، وَ الرِّضَا بِقَدَرِكَ ، وَ الْيَقِينِ بِكَ ، وَ التَّفْوِيضِ إِلَيْكَ .

سُبْحانَكَ : لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ سُبْحانَهُ ، بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ .

سُبْحانَكَ : فَقِنا عَذابَ النَّارِ .

سُبْحانَكَ : تُبْتُ إِلَيْكَ ، وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ .

سُبْحانَكَ : أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ .

سُبْحانَ اللَّهِ : رَبِّ الْعالَمِينَ .

سُبْحانَ اللَّهِ : وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ .

سُبْحانَ اللَّهِ : عَمَّا يُشْرِكُونَ .

سُبْحانَ الَّذِي : أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلًا ، مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ، الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ ، لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

سُبْحَانَ اللَّهِ : حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ ، وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ، وَ عَشِيًّا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ ، يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ، وَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ، وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ .

سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏ : عَمَّا يُشْرِكُونَ .

سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏: عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً .

سُبْحانَ رَبِّنا : إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا .

سُبْحَانَ الَّذِي : بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏ .

سُبْحانَهُ : بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ .

سُبْحانَهُ : هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ .

سُبْحانَ رَبِّنا : إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ .

سُبْحانَ رَبِّكَ : رَبِّ الْعِزَّةِ ، عَمَّا يَصِفُونَ ، وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ عَرِّفْنَ بَرَكَةَ هَذَا الشَّهْرِ وَ يُمْنَهُ ، وَ ارْزُقْنَا خَيْرَهُ ، وَ اصْرِفْ عَنَّ شَرَّهُ ، وَ اجْعَلْنَا فِيهِ مِنَ الْفَائِزِينَ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

إقبال‏ الأعمال ص592 . بحار الأنوار ج95ص349ب12ح1 .

سبب الهجرة وكيفيتها

يا طيب : في أول ربيع الأول بعد ثلاث عشر سنة من بعثت النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، هاجر رسول الله من مكة المكرمة إلى يثرب بأمر الله تعالى فنورها .

وذلك بسب : فقده للمحامي والناصر له في مكة وهو عمه أبو طالب رحمه الله ، وذلك حيث اجتمعت قريش واختارت من عشائرها من كل عشيرة أقوى كفاره ، وقرروا قتل النبي ليلا .

فأوحى الله تعالى : للنبي الأكرم بضرورة الهجرة إلى يثرب لكي يتمم تبليغ الدين الإسلامي ، وقد أختار وصيه وخليفته علي بن أبي طلب أن يبيت في فراشه لكي لا تعرف قريش بهجرته ، فهاجر في أول ربيع .

وليلة أول ربيع : تسمى ليلة الهجرة ، وليلة المبيت ، وليلة المواساة ، وليلة شراء الأنفس في سبيل الله ، ولمعرفة القصة الكاملة وتفاصيل الهجرة وأهم وقائعها وكيفيتها تدبر الأحاديث التالية :

وفاة أبو طالب برواية الكليني :

ذكر الكليني رحمه الله في الكافي : في أبواب التاريخ باب مولد النبي ووفاته :

ولد النبي : ... في منزل عبد الله بن عبد المطلب ، و ولدته في شعب أبي طالب في دار محمد بن يوسف ( وهي منزل النبي سميت باسم من أشتراها وبنى بها قصرا كبير فعرفت باسمه ) ، في الزاوية القصوى عن يسارك و أنت داخل الدار ، و قد أخرجت الخيزران ذلك البيت فصيرته مسجدا يصلي الناس فيه .

و بقي بمكة : بعد مبعثه ثلاث عشرة سنة ، ثم هاجر إلى المدينة ، و مكث بها عشر سنين ....

و توفي أبوه : عبد الله بن عبد المطلب بالمدينة عند أخواله و هو ابن شهرين.

و ماتت أمه : آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، و هو ابن أربع سنين .

و مات عبد المطلب : و للنبي نحو ثمان سنين .

و تزوج خديجة : و هو ابن بضع و عشرين سنة ..

و ماتت خديجة : حين خرج رسول الله صلى الله عليه وأل من الشعب ، و كان ذلك قبل الهجرة بسنة .

و مات أبو طالب : بعد موت خديجة بسنة .

فلما فقدهما رسول الله : شنأ المقام بمكة و دخله حزن شديد ، و شكا ذلك إلى جبرئيل ، فأوحى الله تعالى إليه :

اخرج : من القرية الظالم أهلها ، فليس لك بمكة ناصر بعد أبي طالب و أمره بالهجرة .

الكافي ج1ص 440 باب مولد النبي .

هجرة نبين ومبيت الإمام علي في فراشه :

قال اليعقوبي في تاريخه : وأجمعت قريش على قتل رسول الله ، وقالوا :

ليس له اليوم : أحد ينصره وقد مات أبو طالب ، فأجمعو جميعا على أن يأتوا من كل قبيلة بغلام نهد ، فيجتمعوا عليه فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد ، فلا يكون لبني هاشم قوة بمعاداة جميع قريش .

فلما بلغ رسول الله : أنهم أجمعوا على أن يأتوه في الليلة التي أتعدوا فيها ، خرج رسول الله لما اختلط الظلام ومعه أبو بكر .

وإن الله ، عز وجل : أوحى في تلك الليلة إلى جبرائيل وميكائيل أني قضيت على أحدكما بالموت فأيكما يواسي صاحبه ؟

فاختار الحياة كلاهما.

فأوحى الله إليهما : هلا كنتما كعلي بن أبي طالب ، آخيت بينه وبين محمد ، وجعلت عمر أحدهما أكثر من الآخر ، فاختار علي الموت وآثر محمدا بالبقاء وقام في مضجعه ، اهبطا فاحفظاه من عدوه .

فهبط جبريل وميكائيل : فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه يحرسانه من عدوه ويصرفان عنه الحجارة .

وجبرائيل يقول : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب من مثلك يباهي الله بك ملائكة سبع سماوات !

وخلف عليا : على فراشه لرد الودائع التي كانت عنده .

وصار : إلى الغار فكمن فيه .

وأتت قريش فراشه فوجدوا عليا فقالوا : أين ابن عمك ؟

قال : قلتم له اخرج عنا ، فخرج عنكم .

فطلبوا الأثر فلم يقعوا عليه ، وأعمى الله عليهم المواضع فوقفو على باب الغار وقد عششت عليه حمامة .

فقالوا : ما في هذا الغار أحد ، وانصرفوا.

تاريخ اليعقوبي 136 وهو من أوائل كتاب التأريخ في الإسلام.

تفصيل الهجرة والمبيت :

في إعلام الورى وغيره : ثمّ اجتمعت قريش في دار الندوة : وكانو أربعين رجلاْ من أشرافهم ، وكان لا يدخلها إلاّ من أتى له أربعون سنة ، سوى عتبة بن ربيعة فقد كان سنّه دون الأربعين ، فجاء الملعون إبليس في صورة شيخ .

فقال له البوّاب : من أنت ؟ قال : أنا شيخ من نجد .

فاستأذن فأذنوا له ، وقال : بلغني اجتماعكم في أمر هذ الرجل ، فجئتكم لاشير عليكم ، فلا يعدمكم منّي رأي صائب .

فلمّا أخذوا مجلسهم قال أبو جهل : يا معشر قريش ، إنّه لم يكن أحدُ من العرب أعزّ منّا ونحن في حرم الله وأمنه ، تفد إلينا العرب في السنة مرّتين ، ولا يطمع فينا طامع ، حتّى نشأ فينا محمّد ، فكنّا نسمّيه الأمين لصلاحه وأمانته ، فزعم أنّه رسول الله ، وسبّ آلهتنا ، وسفّه أحلامنا ، وأفسد شبّانن ، وفرّق جماعتنا ، وقد رأيت فيه رأياً ، وهو أن ندسّ إليه رجلاً يقتله ، فإن طلبت بنو هاشم بدمه أعطيناهم عشر ديات .

فقال إبليس : هذا رأي خبيث، فإنّ بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمّد على الأرض أبداً، وتقع بينكم الحروب في حرمكم.

فقال آخر: الرأي أن نأخذه فنحبسه في بيت ونثبته فيه ونلقي إليه قوته حتّى يموت كما مات زهير والنابغة.

فقال إبليس : إنّ بني هاشم لا ترضى بذلك ، فإذ جاء موسم العرب اجتمعوا عليكم وأخرجوه فيخدعهم بسحره .

وقال آخر : الرأي أن نخرجه من بلادنا ونطرده فنفرغ نحن لآلهتنا.

فقال إبليس : هذا أخبث من الرأيين المتقدّمين ، لأنّكم تعمدون إلى أصبح الناس وجهاً، وافصح الناس لساناً ، وأسحرهم ، فتخرجوه إلى بوادي العرب فيخدعهم بسحره ولسانه ، فلا يفجأكم إلاّ وقد ملأها عليكم خيلاً ورجلاً .

فبقوا حيارى . ثم قالوا للملعون إبليس : فما الرأي عندك فيه ؟

قال: ما فيه إلاّ رأي واحد ، أن يجتمع من كلّ بطن من بطون قريش رجلٌ شريفُ ، ويكون معكم من بني هاشم واحد، فيأخذون حديدة أو سيفاً ويدخلون عليه فيضربوه كلّهم ضربة واحدة ، فيتفرقّ دمه في قريش كلّها ، فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه وقد شاركوا فيه ، فما بقي لهم إلاّ أن تعطوهم الدية، فأعطوهم ثلاث ديات.

قالوا : نعم وعشر ديات .

وقالوا بأجمعهم: الرأي رأي الشيخ النجدي.

فاختاروا خمسة عشر رجلاً : فيهم أبو لهب على أن يدخلو على رسول الله فيقتلونه .

فأنزل الله سبحانه وتعالى على رسوله : ( واذ يمكُرُ بك الّذين كفرُوا ليُثبتُوك أو يقتلوك او يُخرجُوك ) الأنفال 30.

ثمّ تفرّقوا على هذا وأجمعوا أن يدخلوا عليه ليلاً وكتموا أمرهم ، فقال أبو لهب : بل نحرسه فإذا أصبحنا دخلنا عليه .

فباتوا حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم

وأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يفرش له ، وقال لعليّ بن أبي طالب عليه السلام : يا عليّ افدني بنفسك .

قال: نعم يا رسول الله .

قال: نم على فراشي والتحف ببردي .

فنام عليه السلام على فراش رسول الله والتحف ببردته .

وجاء جبرائيل عليه السلام إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال له :اُخرج .

والقوم يشرفون : على الحجرة ، فيرون فراشه وعليّ عليه السلام نائمٌ عليه ، فيتوهّمون أنّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عليهم وهو يقرأ «يس» إلى قوله: { فاغشيناهُم فهُم لا يُبصرون(9)} يس . وأخذ تراباً بكفّه ونثره عليهم وهم نيام ومضى .

فقال له جبرائيل عليه السلام : يا محمّد ، خذ ناحية ثور .

وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور، فمرّ رسول الله وتلقّاه أبو بكر في الطريق ، فأخذ بيده ومرّ به ، فلمّا انتهى إلى ثور دخل الغار .

فلمّا أصبحت قريش : وأضاء الصبح وثبوا في الحجرة وقصدوا الفراش.

فوثب عليّ عليه السلام : إليهم وقام في وجوههم .

فقال لهم: ما لكم ؟ .

قالوا : أين ابن عمّك محمّد ؟

قال عليّ عليه السلام: جعلتموني عليه رقيباً ؟

ألستم قلتم له : اُخرج عنّا ، فقد خرج عنكم ، فما تريدون ؟ .

فأقبلوا عليه : يضربونه ، فمنعهم أبو لهب ، وقالوا : أنت كنت تخدعنا منذ الليلة . فلمّا أصبحوا تفرّقوا في الجبال ، وكان فيهم رجلٌ من خزاعة يقال له : أبو كرز يقفو الآثار ، فقالوا له : يا أبا كرز اليوم اليوم .

فما زال : يقفو أثر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى وقف بهم على باب الحجرة ، فقال : هذه قدم محمد ، هي والله اُخت القدم التي في المقام ، وهذه قدم أبي قحافة أو ابنه ، وقال : ههنا عبر ابن أبي قحافة .

فلم يزل بهم : حتّى وقفهم إلى باب الغار ، وقال لهم : ما جازوا هذا المكان ، إما أن يكونوا صعدوا السماء أو دخلوا الأرض .

وبعث الله العنكبوت : فنسجت على باب الغار .

قال : وجاء فارسٌ من الملائكة في صورة الإنس ، فوقف على باب الغار وهو يقول لهم : اطلبوه في هذه الشعاب ، فليس ههنا . فأقبلوا يدورون في الشعاب.

وبقي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : في الغار ثلاثة أيام ، ثمّ أذن الله له في الهجرة .

وقال : اُخرج عن مكّة يا محمد فليس لك بها ناصرٌ بعد أبي طالب.

فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم من الغار ، وأقبل راع لبعض قريش يقال له : ابن اُريقط .

فدعاه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وقال له : يا ابن اُريقط أءتمنك على دمي ؟ .

قال: إذاً والله أحرسك وأحفظك ولا أدلّ عليك، فأين تريد ي محمد ؟

قال : يثرب .

قال: والله لأسلكنّ بك مسلكاً لا يهتدي فيه أحدٌ .

قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : ائت عليّاً وبشّره بأنّ الله قد أذن لي في الهجرة ، فيهيّئ لي زاداً وراحلة.

إعلام الورى ج1ص146ب3ف8 ، انظر: تفسير القمي 1: 273، قصص الأنبياء للراوندي: 335/114 ــ 115، السيرة النبوية لابن هشام 2: 124، الطبقات الكبرى 1: 227، دلائل النبوة للبيهقي 2: 467الوفا بأحوال المصطفى 1: 229، الكامل في التاريخ 2: 101، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 19: 48.

وروى علي بن هاشم ، عن محمّد بن عبد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جدّه أبي رافع قال : كان عليّ يجهّز النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حين كان في الغار يأتيه بالطعام والشراب .

واستأجر له : ثلاث رواحل ، للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ولأبي بكر ولدليلهم .

وقيل : وخلّفه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يخرج إليه أهله فأخرجهم ، وأمره أن يؤدّي عنه أمانته ووصاياه وما كان يؤتمن عليه من مال ، فادّى عليّ عليه السلام أماناته كلّها .

وقال له النبيّ عليه وآله السلام : إنّ قريشاً لن يفتقدوني ما رأوك ، فاضْطَجع على فراش رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فكانت قريش ترى رجلاً على فراش النبيّ فيقولون : هو محمّد ، فحبسهم الله عن طلبه .

وخرج عليّ إلى المدينة ماشياً على رجليه فتورمت قدماه ، فلمّ قدم المدينة رآه النبيّ فاعتنقه وبكى رحمة له ممّا رأى بقدميه من الورم ، وأنّهم يقطران دماً، فدعا له بالعافية ومسح رجليه ، فلم يشكهما بعد ذلك.

تاريخ ابن عساكر- ترجمة الإمام علي (ع ) - 1 : 154 ، ودون صدره في : اُسد الغابة 4 :19 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 19: 84 | 35 ، و نحوه في : قرب الإسناد : 111 | 387، تفسير العياشي 2 : 65 | 70، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 19 : 293 | 36.

وكان جميع مقامه بمكة حتى خرج منها إلى المدينة ثلاث عشرة سنة من مبعثه.

تاريخ اليعقوبي ص40 .

يا طيب : بعد إن عرفنا جهاد رسول الله وثباته في مكة المكرمة وتحمله الأذى والمصائب في سبيل نشر دين الله وتبلغيه بكل جهده ، وكيف تحمل هو والمسلمون الأذى في سبيل الله والثبات على دينه والإخلاص له في طلب عبوديته ورضاه ، فقسم هاجر وقسما في الشعب بقي بتحمل الأذى والقحط ، وعرفنا كيف كرم الله نبينا الأكرم بالإسراء والمعراج ليسليه ويريه من آياته الكبرى ، فيطمئن ويحدث المؤمنون فيرجون ثواب الله ويشتاقون لنور ملكوته والكون به بعد أيام من هذه الدنيا ، حتى توفي الناصر له عمه أبو طالب وزوجته خديجة عليهم السلام ، وأخذ يخرج لخارج مكة يدعوا الناس ولم يسلم له إلا القليل ، ولكن الله منَّ عليه بالأنصار وأيده بهم لما علم إخلاصه وإخلاص المؤمنين ، فهاجر إليهم ولحقه باقي المسلمون بعد إن هاجر قسم كبير من المسلين قبله .

وفي كل هذا من ثباته وشرفه وأصله وما عرفت من براهين النبوة ، كلها تدلنا على حقيقة الدعوة ، وتكون كلها برهانا جليا ودليلا قويا يعرفنا ، عناية الله بخلقه واختياره لأفضلهم علما وعملا وسيرة وسلوكا لتبليغ رسالته ، ويؤيده بالمؤمن الصابرون معه ، وهذه مرحلة وجوده الشريف في مكة بعد البعثة .

وندخل في جهاده وثباته وإصرار على دعوته في المدينة المنورة ، لنرى دور آخر من حياته الشريفة وعلو همته لتبلغ دين الله وهو قد جاوز الخمسون سنة ، ولكنه كله نشاط وحركة من أجل الله تعالى وتعريف دينه ، فكان يظهر بمعارف الله بكل وجوده وسيرته .

ونسأل الله أن يجعلنا معه ومع آله وصحبه الكرام ، ويرزقن شفاعته إنه أرحم الراحمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

هجرة الإمام علي للمدينة :

وبعد ذكر تفاصيل : مبيت الإمام علي في فراش النبي ليلة الهجرة ، بعد أن قضى أمير المؤمنين وصايا النبي وأداء الأمانات إلى أهلها ، قال في المناقب :

عن محمد الواقدي ، و أبو الفرج النجدي ، و أبو الحسن البكري ، و إسحاق الطبراني :

أن عليا عليه السلام : لما عزم على الهجرة .

قال له العباس : إن محمدا ما خرج إلا خفيا ، و قد طلبته قريش أشد طلب.

و أنت : تخرج جهارا في إناث و هوادج و مال و رجال و نساء ، و تقطع بهم السباسب و الشعاب من بين قبائل قريش .

ما أرى لك : أن تمضي إلا في خفارة خزاعة .

فقال علي عليه السلام :

إن المنية شربة مورودة

لا تنزعن و شد للترحيل‏

إن ابن آمنة النبي محمدا

رجل صدوق قال عن جبرئيل‏

أرخ الزمام ولا تخف من عائق

فالله يرديهم عن التنكيل‏

إني بربي واثق و بأحمد

و سبيله متلاحق بسبيلي‏

قالوا : فكمن مهلع غلام حنظلة بن أبي سفيان في طريقه بالليل ، فلما رآه‏ سل سيفه و نهض إليه .

فصاح علي عليه السلام : صيحة خر على وجه ، و جلله بسيفه .

فلما أصبح : توجه نحو المدينة ، فلما شارف ضجنان ، أدركه الطلب بثمانية فوارس .

و قالوا : يا غدر ، أ ظننت أنك ناج بالنسوة ( ناجزهم في قصة طويلة فروا بين يديه وتركوه ).

و كان الله تعالى : قد فرض على الصحابة الهجرة ، و على علي المبيت .

ثم الهجرة : ثم إنه تعالى قد كان امتحنه ، بمثل ما امتحن به إبراهيم بإسماعيل ، و عبد المطلب بعبد الله .

ثم إن التفدية : كانت دابة في الشعب .

فإن كان : بات أبو بكر في الغار ثلاث ليال ، فإن عليا بات على فراش النبي في الشعب ثلاث سنين و في رواية أربع سنين.

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام لابن شهرآشوب ج2ص60.

تفصيل لهجرة الإمام علي :

قال الشيخ الطوسي : أخبرنا جماعة، بعدة أسانيد عن هند بن هالة و أبو رافع و عمار بن ياسر جميعا يحدثون : عن هجرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه إلى رسول الله صلى الله عليه و آله بالمدينة و مبيته قبل ذلك على فراشه .

قال الله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) } البقرة.

قال أبو عبيدة : قال أبي و ابن أبي رافع : ثم كتب رسول الله صلى الله عليه و آله إلى علي بن أبي طالب عليه السلام كتابا يأمره فيه بالمسير إليه و قلة التلوم ، و كان الرسول إليه أبا واقد الليثي .

فلما أتاه : كتاب رسول الله صلى الله عليه و آله ، تهيأ للخروج و الهجرة ، فآذن من كان معه من ضعفاء المؤمنين ، فأمرهم أن يتسللوا و يتخففوا إذ ملأ الليل بطن كل واد إلى ذي طوى ، و خرج علي عليه السلام :

بفاطمة : بنت رسول الله صلى الله عليه و آله .

و أمه فاطمة : بنت أسد بن هاشم .

و فاطمة : بنت الزبير بن عبد المطلب ، و قد قيل هي ضباعة ، و تبعهم أيمن ابن أم أيمن مولى رسول الله صلى الله عليه و آله ، و أبو واقد رسول رسول الله صلى الله عليه وآله.

فجعل يسوق : بالرواحل فأعنف بهم .

فقال علي صلوات الله عليه : ارفق بالنسوة يا أبا واقد ، إنهن من الضعائف.

قال : إني أخاف أن يدركنا الطالب، أو قال : الطلب .

فقال علي عليه السلام : اربع عليك ، فإن رسول الله صلى الله عليه و آله قال لي : يا علي ، إنهم لن يصلوا من الآن إليك بما تكرهه .

ثم جعل : يعني عليا عليه السلام يسوق بهن سوقا رفيقا ، و هو يرتجز و يقول :

ليس إلا الله فارفع ظنكا

يكفيك رب الناس ما أهمكا

و سار : فلما شارف ضجنان أدركه الطلب ، و عددهم سبعة فوارس من قريش مستلئمين، و ثامنهم مولى لحرب بن أمية يدعى جناحا .

فأقبل علي عليه السلام : على أيمن و أبي واقد ، و قد تراءى القوم ، فقال لهما : أنيخا الإبل و اعقلاها ، و تقدم حتى أنزل النسوة ، و دنا القوم فاستقبلهم عليه السلام منتضيا سيفه .

فأقبلوا عليه فقالوا : أ ظننت أنك يا غدر ناج بالنسوة ، ارجع لا أبا لك .

قال : فإن لم أفعل ؟

قالوا : لترجعن راغما، أو لنرجعن بأكثرك شعرا و أهون بك من هالك ، و دنا الفوارس من النسوة و المطايا ليثوروها .

فحال علي عليه السلام : بينهم و بينها، فأهوى له جناح بسيفه ، فراغ علي عليه السلام عن ضربته ، و تختله علي عليه السلام ، فضربه على عاتقه، فأسرع السيف مضيا فيه حتى مس كاثبة فرسه، فكان عليه السلام يشد على قدمه شد الفرس ، أو الفارس على فرسه، فشد عليهم بسيفه و هو يقول :

خلوا سبيل الجاهد المجاهد

آليت لا أعبد غير الواحد

فتصدع عنه القوم و قالوا له : اغن عنا نفسك يا ابن أبي طالب .

قال : فإني منطلق إلى ابن عمي رسول الله صلى الله عليه و آله بيثرب، فمن سره أن أفري لحمه وأريق دمه فليتعقبني أو فليدن مني.

ثم أقبل على صاحبيه : أيمن و أبي واقد ، فقال لهما : أطلق مطاياكما.

ثم سار ظاهرا قاهرا : حتى نزل ضجنان، فتلوم بها قدر يومه و ليلته ، و لحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين ، و فيهم أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه و آله .

فظل ليلته تلك :

هو و الفواطم :

أمه فاطمة : بنت أسد .

و فاطمة : بنت رسول الله صلى الله عليه و آله .

و فاطمة : بنت الزبير .

طورا يصلون : و طورا يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم ، فلم يزالوا كذلك حتى طلع الفجر فصلى عليه السلام بهم صلاة الفجر، ثم سار لوجهه يجوب منزلا بعد منزل لا يفتر عن ذكر الله .

و الفواطم : كذلك ، و غيرهم ممن صحبه حتى قدموا المدينة، و قد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم بقوله تعالى : { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

« إلى قوله : فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى«

الذكر : علي .

و الأنثى : الفواطم المتقدم ذكرهن :

و هن : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله .

و فاطمة : بنت أسد .

و فاطمة : بنت الزبير .

{ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ }

يقول : علي من فاطمة .

أو قال : الفواطم ، و هن من علي .

{ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُو فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ } .

و تلا صلى الله عليه و آله : { وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ } .

قال و قال : يا علي ، أنت أول هذه الأمة إيمانا بالله و رسوله ، و أولهم هجرة إلى الله و رسوله، و آخرهم عهدا برسوله ، لا يحبك و الذي نفسي بيده إلا مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان، و لا يبغضك إلا منافق أو كافر.

الأمالي للطوسي ص17ص473 م16 ح37-1031.

النبي ينتظر علي وأهله ليدخل المدينة :

يا طيب : وروي عن ابن شهاب الزهري قال :

كان بين ليلة العقبة : وبين مهاجرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أشهر ، وكانت بيعة الأنصار لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلة العقبة في ذي الحجة ، وقدوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم المدينة في شهر ربيع الأول لاثنتي عشرة ليلة خلت منه في يوم الاثنين .

وكان الأنصار : قد خرجوا يتوكّفون (يتطلعون) أخباره ، فلمّ آيسوا رجعوا إلى منازلهم .

فلمّا رجعوا : أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ، فلمّا وافى ذا الحُليفة ( ميقات المدنيين على بعد ست أميال من المدينة ) سأل عن طريق بني عمرو بن عوف ، فدلّوه فرفعه الآل (أي السراب) ، فنظر رجل من اليهود وهو على اُطم (بناء مرتفع) له ، إلى ركبان ثلاثة يمرّون على طريق بن يعمرو بن عوف ، فصاح : يا معشر المسلمة هذا صاحبكم قد وافى .

فوقعت الصيحة بالمدينة : فخرج الرجال والنساء والصبيان مستبشرين لقدومه يتعاودون ، فوافى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقصد مسجد قب ونزل ، واجتمع إليه بنو عمرو بن عوف ، وسرّوا به واستبشروا واجتمعوا حوله ، ونزل على كلثوم بن الهدم ، شيخ من بني عمرو ، صالح مكفوف البصر .

واجتمعت إليه بطون الأوس : وكان بين الأوس والخزرج عداوة ، فلم يجسروا أن يأتوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لما كان بينهم من الحروب .

فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يتصفّح الوجوه : فلا يرى أحداً من الخزرج ، وقد كان قدم على بني عمرو بن عوف قبل قدوم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ناسٌ من المهاجرين ، ونزلوا فيهم .

وروي : أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا قدم المدينة جاء النساء والصبيان يقلن :

طلع البدر علينـا

من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا

مـا دعا لله داع

وكان سلمان الفارسيّ : عبداً لبعض اليهود ، وقد كان خرج من بلاده من فارس يطلب الدين الحنيف الذي كان أهل الكتاب يخبرونه به ، فوقع إلى راهب من رهبان النصارى بالشام فسأله عن ذلك وصحبه ، فقال : اُطلبه بمكّة فثم مخرجه ، واطلبه بيثرب فثمّ مهاجره .

فقصد يثرب فأخذه بعض الأعراب فسبوه واشتراه رجلٌ من اليهود ، فكان يعمل في نخله ، وكان في ذلك اليوم على النخلة يصرمها (أي يأخذ ثمرها) ، فدخل على صاحبه رجلٌ من اليهود ، فقال :

يا أبا فلان : أشعرت أنّ هؤلاء المسلمة قد قدم عليهم نبيّهم ؟

فقال سلمان : جعلت فداك ، ما الذي تقول ؟

فقال له صاحبه : مالك وللسؤال عن هذا ، أقبل على عملك .

قال : فنزل وأخذ طبقاً وصيّر عليه من ذلك الرطب فحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ما هذا ؟ .

قال : صدقة تمورنا ، بلغنا أنّكم قومٌ غرباء قدمتم هذه البلاد ، فأحببت أن تأكلوا من صدقاتنا .

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : سمّوا وكلوا .

فقال سلمان في نفسه وعقد بإصبعه : هذه واحدة ، يقولها بالفارسية. ثمّ أتاه بطبق آخر . فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ما هذ ؟

فقال له سلمان : رأيتك لا تأكل الصدقة ، وهذه هديّة أهديتها أليك .

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : سمّوا وكلوا، وأكل عليه وآله السلام.

فعقد سلمان بيده اثنين ، وقال له : هذه اثنتان ـ يقولها بالفارسية ـ.

ثمّ دار خلفه ، فألقى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن كتفه الإزار ، فنظر سلمان إلى خاتم النبوّة والشامة فأقبل يقبّلها .

فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من أنت ؟ .

قال : أنا رجلٌ من أهل فارس ، قد خرجت من بلادي منذ كذا وكذ ، وحدّثه بحديثه ، فأسلم ـ وله حديث طويل لم ننقله ـ.

وبشّره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال له : أبشر واصبر ، فإنّ الله سيجعل لك فرجاً من هذا اليهوديّ .

فلمّا أمسى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : فارقه أبو بكر ودخل المدينة ونزل على بعض الأنصار ، وبقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بقبا نازلاً على كلثوم بن الهدم .

فلمّا صلّى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المغرب والعشاء الآخرة .

جاءه أسعد بن زرارة مقنّعاً فسلّم على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وفرح بقدومه ، ثمّ قال : يا رسول الله ما ظننت أن أسمع بك في مكان فأقعد عنك ، إلاّ أنّ بيننا وبين إخواننا من الأوس ما تعلم ، فكرهت أن آتيهم ، فلمّا أن كان هذا الوقت لم أحتمل أن أقعد عنك .

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم للأوس : من يجيره منكم ؟

فقالوا : يا رسول الله ، جوارنا في جوارك فأجره .

قال : لا ، بل يجيره بعضكم .

فقال عويم بن ساعدة وسعد بن خيثمة : نحن نجيره يا رسول الله .

فأجاروه ، وكان يختلف إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيتحدّث عنده ويصلّي خلفه ، فبقي رسول الله خمسة عشر يوماً .

فجاءه أبو بكر فقال : يا رسول الله تدخل المدينة ؟ فإنّ القوم متشوّقون إلى نزولك عليهم .

فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : لا أريم من هذا المكان حتّى يوافي أخي عليّ .

وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد بعث إليه : أن أحمل العيال وأقدم ، فقال أبو بكر : ما أحسب عليّاً يوافي ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : بلى ما أسرعه إن شاء الله .

فبقي خمسة عشر يوماً ، فوافى عليّ عليه السلام بعياله ، فلمّ وافى كان سعد بن الربيع وعبد الله بن رواحة يكسران أصنام الخزرج .

وكان كلّ رجل شريف في بيته صنم يمسحه ويطيّبه ، ولكلّ بطن من الأوس والخزرج صنم في بيت لجماعة يكرمونه ويجعلون عليه منديلاً ويذبحون له ، فلمّا قدم الاثنا عشر من الأنصار أخرجوها من بيوتهم وبيوت من أطاعهم ، فلمّ قدم السبعون كثر الإسلام وفشا ، وجعلوا يكسرون الأصنام .

قال : وبقي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد قدوم عليّ يوماً أو يومين ثمّ ركب راحلته ، فاجتمعت إليه بنو عمرو بن عوف ، فقالو : يا رسول الله أقم عندنا فإنّا أهل الجدّ والجلد والحلفة والمنعة .

فقال عليه وآله السلام: خلوا عنها فإنّها مأمورة .

وبلغ الأوس والخزرج : خروج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فلبسوا السّلاح وأقبلوا يعدون حول ناقته ، لا يمرّ بحيّ من أحياء للأنصار إلاّ وثبوا في وجهه وأخذوا بزمام ناقته ويطلّبوا إليه أن ينزل عليهم ، ورسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : ( خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة ) حتّى مرّ ببني سالم .

وكان خروج : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قبا يوم الجمعة ، فوافى بني سالم عند زوال الشمس ، فتعرضت له بنو سالم فقالوا : يا رسول الله هلم إلى الجدّ والجلد والحلفة والمنعة .

فبركت ناقته : عند مسجدهم ، وقد كانوا بنوا مسجداً قبل قدوم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فنزل عليه وآله السلام في مسجدهم وصلّى بهم الظهر وخطبهم ، وكان أوّل مسجد صلّى فيه الجمعة ، وصلّى إلى بيت المقدس ، وكان الذين صلّوا معه في ذلك الوقت مائة رجل .

ثمّ ركب : رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ناقته وأرخى زمامه ، فانتهى إلى عبد الله بن اُبيّ ، فوقف عليه وهو يقدّر أنّه يعرض عليه النزول عنده ، فقال له عبد الله بن اُبيّ ـ بعد أن ثارت الغبرة وأخذ كمّه ووضعه على أنفه ـ : يا هذا اذهب إلى الذين غرّوك وخدعوك وأتوا بك فانزل عليهم ولا تغشنا في ديارنا . فسلّط الله على دور بني الحبلى الذرّ ( اصغر من النمل ) فخرق دورهم فصارو نزالاً على غيرهم ، وكان جدّ عبد الله بن اُبّي يقال له : ابن الحبلى .

فقام سعد بن عبادة فقال : يا رسول الله لا يعرض في قلبك من قول هذا شيء ، فإنّا كنّا اجتمعنا على أن نملّكه علينا ، وهو يرى الآن أنّك قد سلبته أمراً قد كان أشرف عليه ، فأنزل عليّ يا رسول الله ، فإنّه ليس في الخزرج ولا في الأوس أكثر فم بئر منّي ، ونحن أهل الجلد والعزّ ، فلا تجزنا يا رسول الله .

فأرخى زمام ناقته : ومرّت تخبّ (تعدوا) به حتّى انتهت إلى باب المسجد الذي هو اليوم ، ولم يكن مسجداً إنّما كان مربداً (مكان للإبل) ليتيمين من الخزرج يقال لهما : سهل وسهيل ، وكانا في حجر أسعد بن زرارة .

فبركت الناقة : على باب أبي أيّوب خالد بن زيد ، فنزل عنه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فلمّا نزل اجتمع عليه النّاس وسألوه أن ينزل عليهم .

فوثبت : اُمّ أبي أيّوب إلى الرحل فحلّته وأدخلته منزلها ، فلمّا أكثروا عليه قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أين الرّحل ؟ .

فقالوا : اُمّ أبي أيّوب قد أدخلته بيتها .

فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : المرء مع رحله .

وأخذ أسعد بن زرارة بزمام الناقة فحوّلها إلى منزله ، وكان أبو أيّوب لهم نزل أسفل وفوق المنزل غرفة ، فكره أن يعلو رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فقال : يا رسول الله بأبي أنت واُمّي العلوّ أحبّ إليك أم السفل ؟ فإنّي أكره أن أعلو فوقك .

فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : السفل أرفق بنا لمن يأتين .

قال أبو أيّوب : فكنّا في العلوّ أنا واُميّ ، فكنت إذا استقيت الدلو أخاف أن تقع منه قطرة على رسول الله ، وكنت أصعد واُمّي إلى العلوّ خفيّاً من حيث لا يعلم ولا يحسّ بنا ، ولا نتكلّم إلاّ خفيّاً ، وكان إذا نام صلّى الله عليه وآله وسلّم لا نتحرّك ، وربّما طبخنا في غرفتنا فنجيّف الباب على غرفتنا مخافة أن يصيب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم دخان ، ولقد سقط جرّة لنا واُهريق الماء فقامت اُمّ أبي أيّوب إلى قطيفة ـ لم يكن لها والله غيرها ـ فألقتها على ذلك الماء تستنشف به مخافة أن يسيل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من ذلك شيء ، وكان يحضر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المسلمون من الأوس والخزرج والمهاجرين .

وكان أبو أمامة أسعد بن زرارة : يبعث إليه في كلّ يوم غداء وعشاء في قصعة ثريد عليها عراق (عظم عليه لحم) ، وكان يأكل معه من حوله حتّى يشبعون ، ثمّ تردّ القصعة كما هي ، وكان سعد بن عبادة يبعث إليه في كل يوم عشاء ويتعشّى معه من حضره وتردّ القصعة كما هي .

فكانوا يتناوبون في بعثة الغداء والعشاء إليه : أسعد بن زرارة ، وسعد بن خيثمة ، والمنذر بن عمرو ، وسعد بن الرّبيع ، واُسيد بن حضير.

قال : فطبخ له اُسيد يوماً قدراً ، فلم يجد من يحملها فحمله بنفسه ، وكان رجلاً شريفاً من النقباء ، فوافاه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وقد رجع من الصلاة ، فقال : حملتها بنفسك ؟ .

قال: نعم يا رسول الله ، لم أجد أحداً يحملها .

فقال: بارك الله عليكم من أهل بيت .

إعلام الورى ج1ص150ب3ف8 وانظر الخرائج والجرائح 1: 150 /240، وقصص الأنبياء للراوندي: 337،وسيرة ابن هشام 2: 137،والطبقات الكبرى 1: 233، ودلائل النبوة للبيهقي 2: 498، والوفا بأحوال المصطفى 1: 248،والكامل في التاريخ 2: 109 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 19: 104 / 1.

نزول من يشري نفسه في علي :

في الأمالي للطوسي بالإسناد : عن حكيم بن جبير : عن علي بن الحسين صلوات الله عليه ، في قول الله عز و جل :

{ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ } .

قال عليه السلام : نزلت في علي عليه السلام ، حين بات على فراش رسول الله صلى الله عليه و آله .

الأمالي للطوسي ص446م16ح 996-2 .

وفي تفسير فرات الكوفي بسندين : عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى : { وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ } .

قال : نزل في علي بن أبي طالب عليه السلام ، حين بات على فراش رسول الله ، حيث طلبه المشركون .

تفسير فرات ‏الكوفي ص65س53

قال في المناقب : نزل قوله :

{ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ } .

في علي عليه السلام : حين بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

ورواه : جماعة من أصحابنا ، و من ينتمي إلينا .

نحو : ابن بابويه ، و ابن شاذان ، و الكليني ، و الطوسي ، و ابن عقدة ، و البرقي ، و ابن فياض ، و العبدلي ، و الصفواني ، و الثقفي .

بأسانيدهم : عن ابن عباس ، و أبي رافع ، و هند بن أبي هاله .

وأما من الجماعة رواه : إبراهيم الثقفي ، و الفلكي الطوسي ، بالإسناد عن الحكم عن السدي . و عن أبي مالك : عن ابن عباس . و رواه : أبو المفضل الشيباني : بإسناده عن زين العابدين عليه السلام . و عن : الحسن البصري عن أنس .و عن : أبي زيد الأنصاري عن أبي عمرو بن العلاء .

و رواه الثعلبي : عن ابن عباس و السدي ، و معبد .

أنها أي آية { وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ }: نزلت في علي عليه السلام ، بين مكة و المدينة ، لما بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

و في فضائل الصحابة : عن عبد الملك العكبري ، و عن أبي المظفر السمعاني بإسنادهم عن علي بن الحسين عليه السلام قال :

أول : من شرى نفسه لله علي بن أبي طالب ، كان المشركون يطلبون رسول الله .

فقام : من فراشه ، و انطلق هو و أبو بكر ، و اضطجع علي على فراش رسول الله .

فجاء المشركون : فوجدوا عليا ، و لم يجدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

رواه : الثعلبي : في تقسيره .

و ابن عقب : في ملحمته .

و أبو السعادات : في فضائل العشرة .

و الغزالي : في الأحياء ، و في كيمياء السعادة أيضا .

برواياتهم : عن أبي اليقظان .

واليوم الأول فضيل وشريف : نجا الله فيه نبي الرحمة ، والوصي من يد أعداء الله وكفار مكة ، ويستحب صومه أو الترفيه على الأحبة ، شكرا لله على ما أظهر من فضله على العباد ، ولنصر أولياءه وخذلان أعدائه .

وفيه نزل آية :

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) }البقرة .

في حق الإمام علي عليه السلام : وجاءت فيها روايات كثيرة من الطرفين العامة والخاصة .

وبأخوته وتضحيته باها الله ملائكته :

وقال في تفسير الكشف والبيان :

إن رسول الله : لما أراد الهجرة ، خَلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه ، ورد الودايع التي كانت عنده .

فأمره : ليلة خرج إلى الغار ، وقد أحاط المشركون بالدار ، أن ينام على فراشه.

وقال له : ( أتشح ببردي الحضرمي الأخضر ، ونم على فراشي ، فإنّه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله .

ففعل ذلك : عليٌ .

فأوحى الله تعالى : إلى جبرئيل وميكائيل ، إني قد آخيت بينكم ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الأخر .

فأيكما : يؤثر صاحبه بالبقاء والحياة ؟

فأختار : كلاهما الحياة .

فأوحى الله تعالى إليهما : أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب .

آخيت : بينه وبين محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فبات على فراشه ( يفديه ) نفسه ويؤثره بالحياة .

إهبطا : إلى الأرض ، فاحفظاه من عدوه .

فنزلا : فكان جبرئيل عند رأس علي ، وميكائيل عند رجليه .

وجبرائيل ينادي : بخ بخ ، من مثلك يا بن أبي طالب .

فنادى : الله عزّ وجلّ الملائكة ، وأنزل الله على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي .

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) } البقرة .

الكشف والبيان للثعلبي وهو من أقدم التفاسير ج2ص125 ، العمدة لابن البطريق ج1ص270 , غاية المرام ص 344 . الفضائل ص94 .

وروي هذا المعنى : ونزول الآية في علي بن أبي طالب عليه السلام عن كثير من الصحابة وكلا بأسلوبه ، وهذه بعض الأحاديث في نزول آية شراء الأنفس في علي بن أبي طالب عليه السلام في ليلة الهجرة .

قال الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل :

و مما نزل فيهم قوله تعالى :

{ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (207) } البقرة .

وبإسناده عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال :

لما أسري بالنبي : يريد الغار ، بات علي بن أبي طالب على فراش رسول الله.

فأوحى الله : إلى جبرئيل و ميكائيل ، أني قد آخيت بينكما ، و جعلت عمر أحدكما أطول من الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة .

فكلاهما : اختاراها ، و أحبا الحياة .

فأوحى الله إليهما : أ فلا كنتما مثل علي بن أبي طالب ، آخيت بينه و بين نبيي محمد ، فبات على فراشه يقيه بنفسه .

اهبطا : إلى الأرض ، فاحفظاه من عدوه .

فكان جبرئيل : عند رأسه ، و ميكائيل عند رجليه .

و جبرئيل ينادي : بخ بخ ، من مثلك يا ابن أبي طالب ، الله عز و جل يباهي بك الملائكة .

فأنزل الله تعالى : { وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ } .

شواهد التنزيل ج1ص123ح133 .

بإسناده بعدة أحاديث : عن عمرو بن ميمون الأودي عن ابن عباس قال‏ :

إن رسول الله : لما انطلق ليلة الغار ، أنام عليا في مكانه ، و ألبسه برده .

فجاءت قريش : تريد أن تقتل النبي ، فجعلوا يرمون عليا ، و هم يرونه النبي و قد لبس برده .

و جعل علي : يتضور ، فنظروا ، فإذا هو علي .

فقالوا : إنك أنت تتضور ، و كان صاحبك لا يتضور ، و قد أنكرن ذلك .

شواهد التنزيل ج1ص124ح134 ، 136 ، 137 ، 138. تفسير فرات الكوفي ص65ح31 و32 عن بن عباس . وذكر الشيخ الطوسي في الأمالي ص445ب16ح995- 1 وفي خمسة أحاديث بعدة فيها عدة تفاصيل . و التضور: التقلب و التلوي من وجع الضرب أو الداء أو الجوع.

الشعر والشعراء وليلة المبيت

معنى ليلة وبات :

يا طيب : بعد أن عرفنا أهم وقائع ليلة أول ربيع وهجرة النبي فيها ، وقد سميت بعدة أسماء منها ليلة الهجرة وليلة المبيت وليلة شراء الأنفس ، نذكر بعض الشعر المناسب لهذه التأريخ الكريم ، والذي عرف الله إخلاص نبيه ووصيه وآلهم ، وكيف جاهدوا في سبيل الله تعالى ، وقد وهبهم الله كل كرامة حتى أمر بالصلاة عليهم والاستغفار عندهم وطلب الحوائج منه بسبيلهم ، فضلا عما وهبهم من كل أمر وعلم وهدى حتى جعلهم المنعم عليهم بالصراط المستقيم ، وأن نطلب منه تعالى أن يثبتن على هداهم في كل صلاة :

ورحمه الله الشيخ حسن الأنباري إذ شرح ما قال :

ليلة القدر وليلة المبيت أعظم وأكرم ليلة

خيرا من ألف شهر وعلي قال ما ليله

يشري الوصي بنفس رضا الله كل ليله

فباعه الله نور الهدى والإمامة والولاية

شرح معنى ليلة :

أكرم ليلة : لَيْلَة واحدة الليل جمع لَيْلات ولَيَالٍ ، وهي من غروب الشمس إلى طلوعها ، وليلة القدْر: لَيلَةِ الشَّرفِ والعَظَمَة والعمل فيها خير من ألف شهر ليس فيه ليلة قدر وفيها ينزل الروح لولي الأمر رسول الله وبعده آله علي و أبناءه المعصومين ، وليلة المبيت : هي ليلة المواساة وليلة كرامة شراء الأنفس في سبيل الله فيهبه الله كل خير وبركة ويجعله وصي للنبي وخليفة له بالحق فليلة المبيت أسم لواقعة وزمان خاص كليلة القدر ولكنها لم تكرر .

ما ليله : ما لي له وهي نفس علي وروحه ووجوده فبمبيته بمكان رسول الله معناه كل ما لي فهو لله لأنه مبيت في سبيل الله ونصر دينه ورسوله ، ولم وهبها الإمام علي لله ، شراها الله و وهب الله تعالى لعلي بن أبي طالب الولاية والوصاية والخلافة لرسول الله بالحق .

كل ليلة : كل هذه الليلة كانت تحت رعاية الله ونظره الخاص بلطفه إذ أمر سيد الرسلين رسول الله وخاتم النبيين بالخروج من مكة لأنه لا ناصر له بعد أبو طالب كما في الحديث ، وأمر الله أن يقيه علي بن أبي طالب بنفسه في هذه الليلة ، فبات علي عليه السلام في فراش النبي متظاهرا بالنوم حتى الصباح ، وكان كل هذه الليلة تحت مراقبة أعتى كفار قريش وكانوا يرموه بعض الليل بالحجارة ويتضور متقلبا من الآلام ، ونجى رسول الله من حملة قريش ورجالهم الذين جاؤوا لقتله بفضل الله ورحمته وتدبيره حين نام علي بمكانه ليلة كاملة وسميت ليلة المبيت وليلة شراء الأنفس .

معنى بات وليلة للِأنباري:

ورحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ شرح ما قال في معنى بات :

بعد أبي طالب جاء من الرب لنبيه أمر بات

هاجر لا ناصر لك بمكة و علي بمكانه بات

لما هاجر للمدينة أبقاه وصيا وخليفة له بات

شرى نفسه بمرضاة الله فجزاه الله أمر الولاية

شرح معنى بات :

أمر بات : أي أم قاطع نهائي تام صارم مقضي صريح ، لا خيار فيه ولا عود عنه وممنوع منعا باتا مخالفته ، فعن الكليني : مات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة فلما فقدهما رسول الله شنأ المقام بمكة ودخله حزن شديد وشكا ذلك إلى جبرئيل فأوحى الله تعالى إليه : أخرج : من القرية الظالم أهلها فليس لك بمكة ناصر بعد أبي طالب و أمره بالهجرة .

بمكانه بات : أي أقام علي في الليل في مكان النبي الأكرم حين هاجر ، والمبيت في المكان هو الإقامة فيه سواء نام أم لم ينم ، لأنه كل من أَدركه الليلُ فقد باتَ ، نام أَو لم يَنَم . وفي التنزيل العزيز : { والذين يَبيتُون لربهم سُجَّداً وقياماً } أي باتوا ليلهم ساهرين في طاعة الله تعالى ، والبَيْتُوتة دُخُولُك في الليل . وبات علي على سرير النبي أي أظلَّه المبيت ، وأَجَنَّه الليل سواءٌ أنام أم لم ينمْ ، بات في المكان : نَزَلَ فيه وأقام به ليلاً .

خليفة له بات : أي بمعنى أنه صار وأصبح له خليفة ، لأنه بات فعل يرفع الاسم وينصب الخبر بمعنى صار أو أصبح بات الأمرُ معلومًا ، و بات يفعل كذا : صار يفعله ليلاً ، وبات من المقرَّر أن : أصبح وصار من المقرّر أن يكون له وصي وخليفة عملا والقيام بأكبر مهمة .

ليلة المبيت في الشعر الفصيح

يا طيب : لحضرتكم بعض ما قيل من الشعر القريظ في مدح همة وعزيمة الإمام علي بن أبي طالب وثباته في المبيت في مكان النبي ليهاجر ولا يشعر به الكفار ، وأول من أفتخر بها الله تعالى حيث عرفه للملائكة كما عرفت وأمرهم بحفظه لما عرف عزمه على المبيت وفداء نفسه في سبيله ن وكما هنته الملائكة ، وهو أيضا يعتز بهذه الواقعة ويفتخر بها حقا ، وكذا ذكرها كل من حبه وتولاه ، ونظمها الموالون له شعر فصيحا يقرظوه بها ويمدحوه ويفتخرون بالولاء له ، وذلك لما أقدم به من شراء نفسه في مرضاة الله تعالى ، وهذا بعض ما قيل في ليلة المبيت والهجرة :

عن العكبري : في فضائل الصحابة ، و الفنجكردي في سلوة الشيعة .

أن عليا عليه السلام قال‏ :

وقيت بنفسي خير من وطأ الحصى
و من طاف بالبيت العتيق و بالحجر
محمد لما خاف أن يمكروا به
فوقاه ربي ذو الجلال عن المكر
و بت أراعيهم و ما يثبتونني
وقد صبرت نفسي على القتل والأسر
و بات رسول الله في الغار آمنا
و ذلك في حفظ الإله و في ستر
أردت به نصر الإله تبتلا
وأضمرته حتى أوسد في قبر

المناقب ج2ص59 .

وبأسناده بثلاث أحاديث : عن حكيم بن جبير عن علي بن الحسين قال :

إن أول : من شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله ، علي بن أبي طالب .

زاد الحاكم : عند مبيته على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله .

ثم قالا و قال علي بن أبي طالب عليه السلام : وذكر الأبيات أعلاه .

شواهد التنزيل ج1ص130ح140 ، 141 ، 142.

و للشاعر السيد الحميري رحمه الله :

و من ذا الذي قد بات فوق فراشه
و أدنى وساد المصطفى فتوسدا
و خمر منه وجهه بلحافه
ليدفع عند كيد من كان أكيدا
فلما بدا صبح يلوح تكشفت
له قطع من حالك اللون أسودا
و دارت به أحراسهم يطلبونه
و بالأمس ما سب النبي و أوعدا
أتوا طاهرا و الطيب الطهر قد مضى
إلى الغار يخشى فيه أن يتوردا
فهموا به أن يقتلوه و قد سطوا
بأيديهم ضربا مقيما و مقعدا
وأضمرته حتى أوسد في قبر

المناقب ج2ص59 .

وللسيد الحميري رحمه الله :

و ليلة كاد المشركون محمدا
شرى نفسه لله إذ بت ل تشري‏
فبات مبيتا لم يكن لمبيته
ضعيف عمود القلب منتفح السحر
و له رحمه الله :

باتوا و بات على الفراش ملفقا
فيرون أن محمدا لم يذهب‏
حتى إذا طلع الشميط كأنه
في الليل صفحة خدادهم معرب‏
ثاروا لإحداج الفراش فصادفت
غير الذي طلبت أكف الخيب‏
فوقاه بادرة الحتوف بنفسه
حذرا عليه من العدو المجلب‏
حتى تغيب عنهم في مدخل
صلى الإله عليه من متغيب

وللسيد الحميري رحمه الله:

و سرى النبي و خاف أن يسطى به
عند انقطاع مواثق و معاهد
و أتى النبي فبات فوق فراشه
متدثرا بدثاره كالراقد
و ذكت عيون المشركين و نطقوا
أبيات آل محمد بمراصد
حتى إذا م الصبح لاح كأنه
سيف تخرق عنه غمد الغامد
ثاروا و ظنوا أنهم ظفرو به
فتعاوروه و خاب كيد الكائد
فوقاه بادرة الحتوف بنفسه
و لقد تنول رأسه بجلامد‏

و للسيد الحميري رحمه الله :

و بات على فراش أخيه فردا
يقيه من العتاة الظالمينا
و قد كمنت رجال من قريش
بأسياف يلحن إذا انتضينا
فلما أن أضاه الصبح جاءت
عداتهم جميعا مخلفينا
فلما أبصروه تجنبوه
و م زالوا له متجنبينا

المناقب ج2ص60 .

ولابن علوية رحمه الله :

أ من شرى لله مهجة نفسه
دون النبي عليه ذا تكلان‏
هل جاد غير أخيه ثم بنفسه
فوق الفراش يغط كالنعسان‏

وقال الصاحب بن عباد رحمه الله :

هل مثل فعلك في ليل الفراش و قد
فديت بالروح ختام النبيينا

وقال المرزكي رحمه الله :

و نام على الفراش له فداء
و أنتم في مضاجعكم رقود‏

المناقب ج2ص61 .

وقال ابن طوطي :

و لما سرى الهادي النبي مهاجرا
و قد مكر الأعداء و الله أمكر
و نام علي في الفراش بنفسه
و بات ربيط الجأش ما كان يذعر
فوافوا بياتا و الدجى متقوض
و قد لاح معروف من الصبح أشقر
فألفوا أبا شبلين شاكي سلاحه
له ظفر من صائك الدم أحمر
فصال علي بالحسام عليهم
كما صال في العريس ليث غضنفر
فولوا سراع نافرين كأنما
هم حمر من قسور الغاب تنفر
فكان مكان المكر حيدرة الرضا
من الله لما كان بالقوم يمكر

وقال الزاهي رحمه الله :

بات على فرش النبي آمنا
و الليل قد طافت به أحراسه‏
حتى إذا ما هجم القوم عل
مستيقظ ينصله أشماسه‏
ثار إليهم فتولو مزقا
يمنعهم عن قربه حماسه‏‏

المناقب ج2ص62 .

وقال الناشئ رحمه الله :

وقى النبي بنفس كان يبذلها
دون النبي قرير العين محتسبا
حتى إذا ما أتاه القوم عاجلهم
بقلب ليث يعاف الرشد ما وجبا
فسائلوه عن الهادي فشاجرهم
فخوفوه فلما خافهم وثبا

المناقب ج2ص63 .

وقال ابن دريد الأسدي رحمه الله :

أ و لم يبت عنه أبو حسن
و المشركون هناك ترصده‏
متلففا ليرد كيدهم
و مهاد خير الناس ممهده‏
فوقى النبي ببذل مهجته
و بأعين الكفار منجدة

وقال دعبل عليه السلام :

و هو المقيم على فراش محمد
حتى وقاه كائدا و مكيدا
و هو المقدم عند حومات الندى
ما ليس ينكر طارفا و تليدا‏

وقال مهيار الدليمي رحمه الله :

و أحق بالتمييز عند محمد
من كان منهم منكبيه راقيا
من بات عنه موقيا حوباؤه
حذر العدا فوق الفراش و فاديا

وقال العبدي رحمه الله :

ما لعلي سوى أخيه
محمد في الورى نظير
فداه إذ أقبلت قريش
عليه في فرشه الأمير
وافاه في خم و ارتضاه
خليفة بعده وزير‏

المناقب ج2ص64 .

وقال الأجل المرتضى رحمه الله :

و هو الذي لا يقتضي في موقف
إقدامه نكص به أقدامه
و وقى الرسول على الفراش بنفسه
لما أراد حمامه أقوامه‏
ثانية في كل الأمور و حصنه
في البائنات و ركنه و دعامه‏
لله در بلائه و دفاعه
فاليوم يغشى الدالعين قتامه‏
و كأنما أجم العوالي غيلة
و كأنما هو بينه ضرغامه‏
طلبوا مداه ففاتهم سبقا إلى
أمد يشق على الرجال مذامه‏‏

وقال العوني رحمه الله :

أبن لي من كان المقدم في الوغى بمهجته عن وجه أحمد دافعا
أبن لي من في القوم جدل مرحبا
و كان لباب الحصن بالكف قالعا
و من باع منهم نفسه واقيا بها
نبي الهدى في الفرش أفديه يافعا
و قد وقفوا طرا بجنب مبيته
قريش تهز المرهفات القواطعا
و مولاي يقظان يرى كل فعلهم
فما كان مجزاعا من القوم فازعا‏

لشاعر لم يعرف أسمه رحمه الله :

و ليلته في الفرش إذ صمدت له
عصائب لا نالوا عليه انهجامها
فلما تراءوا ذا الفقار بكفه
أطار بها خوف الردى و أهامها
و كم كربة عن وجه أحمد لم يزل
يفرجها قدما و ينفي اهتمامها

المناقب ج2ص64 .

يجود بالنفس إذ ضن الجواد بها

و الجود بالنفس أقصى غاية الجود

ورحم الله ابن حماد إذ قال :

باهى به الرحمن أملاك العلى
لما انثنى من فرش أحمد يهجع‏
يا جبرئيل و ميكائيل فإنني
آخيت بينكما و فضلي أوسع‏
أ فإن بدا في واحد أمري فمن
يفدى أخاه من المنون و يقنع‏
فتوثق كل يضن بنفسه
قال الإله أنا الأعز الأرفع‏
إن الوصي فدى أخاه بنفسه
و لفعله زلفى لدي و موضع‏
فلتهبطا و لتمنعا من رامه
أم من له بمكيده يتسرع‏‏

وقال خطيب خوارزم :

علي في مهاد الموت عار
و أحمد مكتس غار اغتراب‏
يقول الروح بخ بخ يا علي
فقد عرضت روحك لانتهاب ‏

المناقب للخوارزمي المناقب ج2ص60.




  ف ✐

           

  ✺ ت