المجلس الثاني نور تجلي سيادة الإمام الحسين في عبادته ودعائه ومعجزاته / سفينة النجاة / الجزء الخامس صحيفة نور الإمام الحسين

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العلمين وصلى الله على نبينا الأكرم وآله الطيبين الطاهرين
موسـوعة صحف الطيبين في      أصول الدين وسيرة المعصومين

صحيفة
نور الإمام الحسين عليه السلام الجزء الخامس

المجلس الثاني

تجلي سيادة الإمام في عبادته ودعائه ومعجزاته

الذكر الثالث

معجزات وكرامات للإمام الحسين عليه السلام في حياته

 

يا طيب : ما يذكر عن معجزات الإمام الحسين عليه السلام وكرامته ، سواء في حياته عليه السلام أو في مماته والاستشفاء بقبره والتوسل إلى الله به لكثيرة ، وقد عرفنا الله سبحانه حكمة ضرورة التوسل بهم وسؤال الله بحقهم في آية المباهلة ، وذلك حين جاء النبي الأكرم بفاطمة الزهراء والحسن والحسين وعلي بن أبي طالب كما أمره الله ، وقال لهم إن باهلت وطلبت أن ينزل الله نقمته على الكاذب فصدقوني وقولوا آمين .

وكان من الممكن : أن يقول الله لنبيه أذهب وباهل وليأتوا بكبيرهم أو بمن أحبوا ، أو يدعو عليهم وحده ولم يطلب التأمين على دعاءه من آله معه، ولكن الله عرفهم بأن لهم دعوت مستجابة وأن الله لا يرد لهم طلب، وجعل لهم شفاعة بإذنه ليصلح عباده.

ثم الله سبحانه : حين أمر بالصلاة على النبي والتسليم له والسلام عليه ، أمرنا الله سبحانه أن نصلي على آله معه ، وهذا تجده في كثير من الأحاديث التي تعرف كيفية الصلاة عليهم ، بل لا تقبل الصلاة والتسليم على النبي بدون ذكرهم معه ، ولمعرفة تفاصيل الصلاة عليهم، راجع ما كتبنا حول الصلاة على النبي الأكرم في صحيفة النبوة.

بل الله سبحانه قال :

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ  لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ

 وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ

جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُو الله تَوَّابًا  رَّحِيمً (64)

فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا  مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (65) } النساء .

وإن أل محمد لهم مقام محمد صلى الله عليه وآله : إلا النبوة ، وكل ما كرمه الله من إمكان تعليم الدين وشرح هدى الإسلام و إتيان المعجزات كان لهم ، وكان لهم كل ما له من شرف المودة والمحبة والطاعة والولاية والإمامة ، وكل هذه يحتاجها الإمام لكي يقبل منه هداه ويصدق ، ومن أهمها أن يظهر بعض المعجزات ولكرامات .

ويا طيب : إن الراوندي جعل اسم كتابه في بيان معجزات أل محمد صلى الله عليهم وسلم وما جاء من الإعجاز في كتاب الله ، الخرائج والجرائح ، وذكر في تفسيره ، بأنه ما خرج من المعجزات على جوارحهم وأيديهم ، يكون مصدق لدعوتهم للإمام والولاية والخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله .

ويا طيب : ذكرنا بابا في صحيفة النبوة في معنى كريم يثبت الإعجاز والمعجزة فراجعه تراه يعرف أس كثير مما يصعب على الإنسان العادي تصديقه ، وإنه كثرة ما نقل عن نبينا وآله الكرام من أصحابهم من معجزاتهم يثبتها ، وأنه هذا العدد الكثير من الروايات من رواة متعددون وبأزمنة متعددة ، تعرف حقهم وأن ما صدر منهم حسب شأن الموالي لهم والحالة الموجبة لظهور المعجزة والكرامة على أيديهم ، تكون بمجموعها ومفردها مصداق حق لمقامهم وقربهم من كرامات الله وشرفهم في الدين ، وإنه لابد  لولي الله المختص بتبليغ دينه من المعجزة والكرامة ، وذلك لكي يصدق بما يدعي من الولاية الإلهية والإمامة، وقد ذكرنا أيضا بحث آخر في صحيفة الإمام الرضا عليه السلام فراجع .

ونحن نذكر : بعض المعجزات هنا ، ومر كثير من الكرامات بل والمعجزات للإمام الحسين وآله في الجزء السابق ، ويأتي قسم آخر منها في الأجزاء الآتية ، وبالخصوص حين دعائه على أعداء الله ورسوله وآله ، أو بيان ما سيصيب أهل الكوفة من القتل بعده ، أو غيرها من الأمور المبينة لشهادته وآله وسبي عياله حين مسيره من المدينة ومكة المكرمة ، كما مر قسم منها هنا وكما يأتي في دعاءه واستسقاء القوم بفضله وغيرها .

 

 


الإشراق الأول :

معجزات كريمة للإمام الحسين يشفي بها وينبأ عن حوادث مستقبلة:

الإشعاع الأول :

ببركة الإمام يرجع فطرس إلى مقامه :

روي أنه لما ولد الحسين عليه السلام : أمر الله تعالى جبرائيل أن يهبط في ملأ من الملائكة ، فيهنئ محمدا .

 فهبط : فمر بجزيرة فيها ملك يقال له فطرس ، بعثه الله في شي‏ء فأبطأ فكسر جناحه ، فألقاه في تلك الجزيرة ، فعبد الله سبعمائة عام .

 فقال فطرس : لجبرائيل إلى أين ؟

فقال : إلى محمد .

قال : احملني معك لعله يدعو لي ، فلما دخل جبرائيل، وأخبر محمدا بحال فطرس.

قال له النبي : قل يتمسح بهذا المولود.

فتمسح فطرس : بمهد الحسين عليه السلام ، فأعاد الله عليه في الحال جناحه ، ثم ارتفع مع جبرائيل إلى السماء[92] .

يا طيب : تم بحث الحديث وبيان معجزته وإمكانه مفصلا في الجزء السابق فراجع، وتقريبا فطرس قصته مثل قصة هاروت وماروت ولكنه لم يعلم شيء بل شفي بالحسين.

 


الإشعاع الثاني :

الإمام عليه السلام يبرئ حبابة الوالبية من مرض ويعرفها إمامته :

عن صالح بن ميثم الأسدي قال : دخلت أنا و عباية بن ربعي على امرأة في من بني والبة ، قد احترق وجهها من السجود.

 فقال لها عباية : يا حبابة ، هذا ابن أخيك .

قالت : و أي أخ ؟ قال : صالح بن ميثم .قالت : ابن أخي و الله حقا .

يا ابن أخي:  ألا أحدثك حديثا سمعته من الحسين بن علي .

قال : قلت : بلى يا عمة .

قالت : كنت زوارة الحسين بن علي عليه السلام .

قالت : فحدث بين عيني وضح فشق ذلك علي ، و احتبست عليه أياما ، فسأل عني ما فعلت حبابة الوالبية ؟

فقالوا : إنها حدث بها حدث بين عينيها ؟

فقال لأصحابه : قوموا إليها ، فجاء مع أصحابه حتى دخل علي ، و أنا في مسجدي هذا .

 فقال يا حبابة : ما أبطأ بك عليَّ ؟

قلت : يا ابن رسول الله حدث هذا بي .

قالت : فكشفت القناع فتفل عليه الحسين بن علي عليه السلام .

 فقال : يا حبابة ، أحدثي لله شكرا ، فإن الله قد درأه عنك . قالت فخررت ساجدة .

قالت فقال : يا حبابة ارفعي رأسك و انظري في مرآتك .

قالت : فرفعت رأسي فلم أحس منه شيئا .

قالت : فحمدت الله .

 

و في دعوات الراوندي ودلائل الإمامة في آخره :

 فنظر إلي ، فقال : يا حبابة :

نحن و شيعتنا : على الفطرة ، و سائر الناس منها براء [93].

وفي المحاسن للبرقي : عن عمران بن ميثم عن حبابة الوالبية قال :

دخلنا على امرأة :قد صفرتها العبادة ، أنا و عباية بن ربعي ، فقالت : من الذي معك ؟ قلت: هذا ابن أخيك ميثم ؟ قالت : ابن أخي و الله حقا .

 أما أني سمعت : أبا عبد الله الحسين بن علي عليه السلام يقول :

ما أحد : على ملة إبراهيم ، إلا نحن و شيعتنا ،و سائر الناس منها برآء[94].

ويا طيب : إن حبابة الوالبية هي صاحبة الحصاة التي جاءت إلى أمير المؤمنين تطالبه بدليل إمامته ، فأشار لها أن تأتيه بحصاة ، فطبع بخاتمه على الحصاة .

 وقال له : يا حبابة ، إذا ادعى مدع الإمامة ، فقدر أن يطبع كما رأيت .

فأعلمي : أنه إمام مفترض الطاعة ، و الإمام لا يعزب عنه شي‏ء يريده .

 قالت : ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين عليه السلام .

فجئت إلى الحسن: و هو في مجلس أمير المؤمنين عليه السلام ، والناس يسألونه.

 فقال : يا حبابة الوالبية ، فقلت : نعم يا مولاي . فقال : هاتي ما معك ؟

قالت : فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين عليه السلام .

 قالت : ثم أتيت الحسين عليه السلام ، و هو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقرب و رحب .

ثم قال لي : إن في الدلالة دليلا على ما تريدين ، أ فتريدين دلالة الإمامة ؟ فقلت : نعم يا سيدي ؟

فقال : هاتي ما معك فناولته الحصاة ، فطبع لي فيها .

قالت : ثم أتيت علي بن الحسين ....[95].

ويا طيب : عاشت إلى زمن الإمام الرضا عليه السلام ، فكان كل إمام يطبع لها.

 


 

الإشعاع الثالث :

الإمام يكشف حال أعدائهم في الملكوت :

 الأصبغ بن نباتة قال : سألت الحسين عليه السلام ، فقلت :سيدي : أسألك عن شي‏ء أنا به موقن ، و إنه من سر الله ، و أنت المسرور إليه ذلك السر .

فقال : يا أصبغ أ تريد أن ترى مخاطبة رسول الله لأبي دون يوم مسجد قبا .

قال : هذا الذي أردت .

قال عليه السلام : قم ، فإذا أنا و هو بالكوفة ، فنظرت فإذا المسجد من قبل أن يرتد إلي بصري .

 فتبسم : في وجهي ، ثم قال : يا أصبغ ، إن سليمان بن داود أعطي الريح غدوها شهر و رواحها شهر ، و أنا قد أعطيت أكثر مما أعطي سليمان .

فقلت : صدقت و الله يا ابن رسول الله .

فقال: نحن الذين عندنا علم الكتاب ، و بيان ما فيه ، و ليس عند أحد من خلقه ما عندنا ، لأنا أهل سر الله .

فتبسم في وجهي ، ثم قال : نحن آل الله و ورثة رسوله .

فقلت : الحمد لله على ذلك .

قال لي : ادخل ، فدخلت ، فإذا أنا برسول الله محتبئ في المحراب بردائه ، فنظرت فإذا أنا بأمير المؤمنين قابض على تلابيب الأعسر .

 فرأيت رسول الله: يعض على الأنامل ، و هو يقول : بئس الخلف خلفتني أنت‏ و أصحابك ، عليكم لعنة الله و لعنتي .. الخبر [96].

يا طيب : لعل الحديث من بيان أن الأعمال محفوظة وتجسم ، وأنه أرجعه إلى رؤية بصرية تحكي حالة محفوظ شكلها في الملكوت ، وإلا هم أجل من أن يكون حالهم دائما هكذا ، بل هم في نعيم الملكوت وأعدائهم في جهنم يعرضون صباحا مساء ثم خالدون.

 


الإشعاع الرابع:

 الإمام الحسين يعرف أن فضائلهم ومناقبهم لا يتحملها أحد إلا ..:

روى عبد العزيز بن كثير : أن قوما أتوا إلى الحسين عليه السلام .

و قالوا : حدثنا بفضائلكم ؟

قال : لا تطيقون ، و انحازوا عني لأشير إلى بعضكم .

 فإن أطاق‏ :سأحدثكم ، فتباعدوا عنه .

فكان : يتكلم مع أحدهم ، حتى دهش و وله ، وجعل يهيم ، ولا يجيب أحدا .

و انصرفوا عنه .[97]

وعن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

أتى رجل : الحسين بن علي عليهما السلام ، فقال :

 حدثني: بفضلكم الذي جعل الله لكم .

 فقال : انك لن تطيق حمله ، فقال : بلى حدثني يا بن رسول الله ، فإني احتمله .

 فحدثه الحسين عليه السلام : بحديث ، فما فرغ الحسين من حديثه ، حتى أبيض رأس الرجل ولحيته ، وأنسى الحديث .

فقال الحسين عليه السلام : أدركته رحمة الله حيث أنسي الحديث [98].

يا طيب : هذا الحديث يرجع إلى معارف النور وحقيقتهم النورانية ، وقبل الخلق في الجبروت والملكوت ، وقد ذكرنا قسم منها في الأجزاء الأول من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، أو ملكهم حين ظهور المنتظر ،  أو ذكر عن تمليكهم يوم القيام وقد ذكرنا بعض التفاصيل في أخر شرح الأسماء الحسنى، أو أنه ذكر أمورا لم تصلنا من معرفة شأنهم العظيم الجليل ، وأنظر:

عن المنخل بن جميل عن جابر بن يزيد قال: قال أبو جعفر عليه السلام :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

إن حديث أل محمد: عظيم صعب مستصعب ، لا يؤمن به إلا ملك مقرب ، أو نبي مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان.

فما ورد عليكم : من حديث أل محمد صلى الله عليه وآله  فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه ، وما اشمأزت له قلوبكم وأنكر تموه فردوه إلى الله والى الرسول  وإلى العالم من أل محمد صلى الله عليهم .

وإنما الهالك : أن يحدث أحدكم بالحديث ، أو بشيء لا يحتمله ،  فيقول : والله ما كان هذا ، والله ما كان هذا ، والإنكار لفضائلهم ، هو الكفر[99].

 


 

الإشعاع الخامس :

الإمام ينصح موالي له بعدم الزواج ثم يزوجه فيرزق ولدا :

و منها أن رجلا صار إلى الحسين عليه السلام فقال :

جئتك : أستشيرك في تزويجي فلانة .

فقال عليه السلام : لا أحب ذلك لك ، و كانت كثيرة المال ، و كان الرجل أيضا مكثرا .

فخالف : الحسين ، فتزوج بها ، فلم يلبث الرجل حتى افتقر .

فقال له الحسين عليه السلام : قد أشرت إليك فخل سبيلها ، فإن الله يعوضك خيرا منها .

  ثم قال عليه السلام : و عليك بفلانة فتزوجها ، فما مضت سنة حتى كثر ماله ، و ولدت له ولدا ذكرا ، و رأى منها ما أحب [100].

 


الإشعاع السادس :

الإمام يحيي موالية لتوصي وتعرف أبنها حق الإمام وولايته :

عن أبي خالد الكابلي عن يحيى ابن أم الطويل قال :

كنا عند الحسين عليه السلام : إذ دخل عليه شاب يبكي .

فقال له : الحسين ما يبكيك ؟

 قال : إن والدتي توفيت في هذه الساعة ، و لم توص و لها مال ، و كانت قد أمرتني أن لا أحدث في أمرها شيئا حتى أعلمك خبرها .

فقال الحسين عليه السلام : قوموا بنا حتى نصير إلى هذه الحرة .

فقمنا معه : حتى انتهينا إلى باب البيت الذي فيه المرأة ، و هي مسجاة.

فأشرف على البيت : و دع الله ليحييها ، حتى توصي بما تحب من وصيتها .

فأحياها الله : و إذا المرأة جلست و هي تتشهد .

ثم نظرت : إلى الحسين عليه السلام ،  فقالت :

ادخل البيت : يا مولاي ، و مرني بأمرك .

فدخل : و جلس على مخدة .

ثم قال لها : وصيّ يرحمك الله .

فقالت : يا ابن رسول الله إن لي من المال ، كذا و كذا في مكان كذا و كذا .

و قد جعلت : ثلثه إليك لتضعه حيث شئت من أوليائك .

و الثلثان : لابني هذا إن علمت‏ أنه من مواليك و أوليائك ، و إن كان مخالفا ، فخذه إليك ، فلا حق للمخالفين في أموال المؤمنين .

ثم سألته : أن يصلي عليها ، و أن يتولى أمرها .

 ثم صارت المرأة ميتة كما كانت[101] .

رحمه الله : وحشرن الله وأيها وأيكم مع الحسين وآله إنه أرحم الراحمين .

 


 

الإشعاع السابع

الإمام الحسين ببركة دعاءه يخلص يد رجل ملتصقة بامرأة :

عن الحكم بن مسكين عن أيوب بن أعين عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إن امرأة كانت تطوف : و خلفها رجل ، فأخرجت ذراعها ، فقال بيده : حتى وضعها على ذراعها ، فأثبت الله يد الرجل في ذراعها ، حتى قطع الطواف .

 و أرسل إلى الأمير : و اجتمع الناس ، و أرسل إلى الفقهاء ، فجعلوا يقولون اقطع يده ، فهو الذي جنى الجناية .

فقال : هاهنا أحد من ولد محمد رسول الله ؟

فقالوا : نعم ، الحسين بن علي ، قدم الليلة .

فأرسل إليه : فدعاه ، فقال : أنظر ما لقي ذان .

 فاستقبل الكعبة : و رفع يديه ، فمكث طويلا يدعو ، ثم جاء إليهما حتى خلص يده من يدها .

فقال الأمير : أ لا تعاقبه بما صنع ؟

 قال عليه السلام :  لا      [102] .

قال في الوسائل : أقول هذا محمول على ندم الجاني و توبته .

أو يا طيب : أن لصوق ليد كانت عقوبة له لجرأته ولها لعدم رعايتها ، فلا يعقاب مرتين ، مع أمكان ندمهما وتوبتهما .

 


 

الإشعاع الثامن :

الإمام يعلم حال الإعرابي فيقر بولايته وإمامته :

و من المعجزات : ما روي عن جابر الجعفي عن زين العابدين عليه السلام قال :

أقبل أعرابي : إلى المدينة ، ليختبر الحسين عليه السلام لما ذكر له من دلائله .

 فلما صار : بقرب المدينة ، خضخض ، و دخل المدينة ، فدخل على الحسين و هو جنب .

فقال له أبو عبد الله الحسين عليه السلام : أ ما تستحيي يا أعرابي ، أن تدخل إلى إمامك و أنت جنب.

 و قال : أنتم معاشر العرب إذا خلوتم خضخضتم .

فقال الأعرابي : يا مولاي قد بلغت حاجتي مما جئت فيه .

فخرج من عنده : فاغتسل ، و رجع إليه ، فسأله عما كان في قلبه [103].

 

 


 

الإشعاع التاسع :

الإمام يجعل طفل يتكلم ويعرف أباه :

ومن المعجزات : عن صفوان بن مهران قال : سمعت الصادق عليه السلام يقول :

رجلان اختصم : في زمن الحسين عليه السلام في امرأة و ولدها .

فقال : هذا لي . و قال : هذا لي .

فمر بهما الحسين عليه السلام فقال : لهما فيما تمرجان .

قال أحدهم : إن المرأة لي . و قال الآخر : إن الولد لي .

فقال للمدعي الأول : اقعد ، فقعد ، و كان الغلام رضيعا .

فقال الحسين عليه السلام : يا هذه اصدقي من قبل أن يهتك الله سترك .

فقالت : هذا زوجي و الولد له ، و لا أعرف هذا .

فقال عليه السلام : يا غلام ما تقول هذه ، انطق بإذن الله تعالى .

فقال له : ما أنا لهذا و لا لهذا .

و ما أبي : إلا راعي لآل فلان ، فأمر عليه السلام برجمها .

قال جعفر عليه السلام : فلم يسمع أحد نطق ذلك الغلام بعدها [104].

 

 


 

الإشعاع العاشر :

الإمام يعرف الوالي قتلة غلمانه ويأخذ بثأرهم :

روي عن مندل عن هارون بن خارجة عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال :

 إن الحسين عليه السلام : إذا أراد أن ينفذ غلمانه في بعض أموره ، قال لهم :

لا تخرجوا : يوم كذا و اخرجوا يوم كذا ، فإنكم أن خالفتموني قطع عليكم .

فخالفوه مرة : و خرجوا فقتلهم اللصوص ، و أخذوا ما معهم .

و اتصل : الخبر بالحسين عليه السلام .

فقال عليه السلام : لقد حذرتهم فلم يقبلوا مني .

ثم قام : من ساعته ، و دخل على الوالي .

فقال الوالي : يا أبا عبد الله بلغني قتل غلمانك ، فآجرك الله فيهم .

فقال الحسين عليه السلام : فإني أدلك على من قتلهم ، فاشدد يدك بهم .

قال : أ و تعرفهم يا ابن رسول الله ؟

قال عليه السلام : نعم ، كما أعرفك ، و هذا منهم و أشار بيده إلى رجل واقف بين يدي الوالي .

 فقال الرجل : و من أين قصدتني بهذا ، و من أين تعرف أني منهم .

فقال له الحسين عليه السلام : إن أنا صدقتك تصدقني ؟

فقال الرجل : نعم و الله لأصدقنك .

فقال عليه السلام : خرجت و معك فلان و فلان و ذكرهم كلهم ، فمنهم أربعة من موالي المدينة ، و الباقون من حبشان المدينة .

فقال الوالي للرجل : و رب القبر و المنبر لتصدقني ، أو لأهرأن لحمك بالسياط .

فقال الرجل : و الله ما كذب الحسين ، و قد صدق و كأنه كان معنا.

 

وقال في دلائل الإمامة :

 فجمعهم الوالي فأقروا جميعا فأمر بهم فضربت أعناقهم  [105].

 


الإشعاع الحادي عشر :

ببركة الإمام موالي يشفى وتذهب الحمى عنه :

قال الكشي :  وجدت في كتاب محمد بن شاذان بن نعيم بخطه ، روى عن حمران بن أعين ، أنه قال :

سمعت : أبا عبد الله عليه السلام يحدث عن آبائه عليهم السلام :

 أن رجل  : كان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ، مريضا شديد الحمى.

 فعاده : الحسين بن علي عليه السلام.

 فلما دخل : باب الدار ، طارت الحمى عن الرجل .

 فقال له : قد رضيت بما أوتيتم به حقا حقا ، و الحمى تهرب منكم .

فقال عليه السلام : و الله ما خلق الله شيئا ، إلا و قد أمره بالطاعة لنا .

قال : يا كباسة .

قال : فإذا نحن نسمع الصوت ، و لا نرى الشخص ، يقول : لبيك .

 قال : أ ليس أمير المؤمنين أمرك ألا تقربي ،  إلا عدوا ، أو مذنبا لكي تكون كفارة لذنوبه ، فما بال هذا.

 و كان الرجل المريض: عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي [106].

 

 


 

الإشعاع الثاني عشر :

ببركة الإمام يحلو ويعذب ويكثر ماء ابن مطيع العدوي :

عن محمد بن عمر قال : حدثني عبد الله بن جعفر عن ابن عون قال :

 لما خرج : الحسين بن علي من المدينة يريد مكة .

 مر بابن مطيع : وهو يحفر بئره ، فقال له : أين فداك أبي وأمي ؟

قال عليه السلام : أردت مكة .

قال : وذكر أنه كتب إليه شيعته بها .

فقال له ابن مطيع : إن بئري هذا قد رشحتها ، وهذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء ، فلو دعوت الله لنا بالبركة .

قال : هات من مائها .

فأتي من مائها : في الدلو ، فشرب منه ثم تمضمض ، ثم رده في البئر ، فأعذب ، وأمهى[107].

 


 

الإشعاع الثالث عشر :

أحاديث معجزة تروى عن الإمام وآله يعرفوا بها شهادته وأمورا أخرى:

عن أبا صالح التمار يقول : سمعت حذيفة يقول :

سمعت الحسين بن علي يقول : و الله ليجتمعن على قتلي طغاة بني أمية ، و يقدمهم عمر بن سعد ، و ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وآله .

 فقلت له : أنبأك بهذا رسول الله .

قال : لا .

 فأتيت : النبي فأخبرته .

فقال : علمي علمه ، و علمه علمي .

 و إنا لنعلم : بالكائن قبل كينونته [108].


 

وقال لي أبو محمد الواقدي ، و زرارة بن حلح :

لقينا الحسين : قبل أن يخرج إلى العراق بثلاث ليال .

فأخبرناه : بضعف الناس في الكوفة ، و أن قلوبهم معه و سيوفهم عليه .

فأومأ بيده : نحو السماء ، ففتحت أبواب السماء ، و نزل من الملائكة عدد لا يحصيهم إلا الله .

و قال : لو لا تقارب الأشياء ، و حبوط الأجر ، لقاتلتهم بهؤلاء.

و لكن أعلم علما : أن هناك مصرعي ، و مصارع أصحابي .

لا ينجو منهم : إلا ولدي علي[109].


 

في المناقب عن كتاب الإبانة : قال بشر بن عاصم : سمعت ابن الزبير يقول :

قلت للحسين بن علي عليه السلام :

 إنك تذهب : إلى قوم قتلوا أباك و خذلوا أخاك .

فقال : لأن أقتل بمكان كذا و كذا أحب إلي من أن يستحل بي مكة ، عرض به.

وعن كتاب التخريج  عن العامري بالإسناد عن هبيرة ابن مريم عن ابن عباس قال :

رأيت الحسين عليه السلام : قبل أن يتوجه إلى العراق على باب الكعبة ، و كف جبرائيل في كفه و جبرائيل ينادي هلموا إلى بيعة الله عز و جل .

 و عنف ابن عباس : على تركه الحسين .

 فقال : إن أصحاب الحسين لم ينقصوا رجلا و لم يزيدوا رجلا ، نعرفهم بأسمائهم من قبل شهودهم .

وقأل محمد بن الحنفية : وإن أصحابه عندنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم [110].

 

 


 

الإشعاع الرابع عشر :

الإمام يخبر زهير بشهادة ويحذر بن سعد :

وعن إبراهيم بن سعيد : و كان مع زهير بن القين حين صحب الحسين ، كما أخبر قال : قال الحسين عليه السلام له:

 يا زهير : اعلم أن هاهنا مشهدي ، و يحمل هذا و أشار إلى رأسه من جسدي ، زحر بن قيس ، فيدخل به على يزيد يرجو نواله ، فلا يعطيه شيئا[111] .

 

و روي أن الحسين بن علي عليه السلام قال : لعمر بن سعد ، إن مما يقر لعيني ، أنك لا تأكل من بر العراق بعدي إلا قليلا .

فقال مستهزئا : يا أبا عبد الله في الشعير خلف .

فكان كما قال : لم يصل إلى الري ، و قتله المختار[112].

 

وعن محمد بن سنان عن ابن مسكان قال :

سمعت : أبا بصير يقول : قلت لأبي عبد الله عليه السلام:

من أين أصاب : أصحاب علي ما أصابهم من علمهم بمناياهم و بلاياهم ؟

قال :فأجابني شبه المغضب مم ذلك إلا منهم ؟

قال قلت :فما يمنعك جعلني الله فداك ؟

قال : ذلك باب أغلق ، إلا أن الحسين بن علي عليه السلام فتح منه شيئا .

ثم قال : يا أبا محمد إن أولئك كانت على أفواههم أوكية[113].


 

يا طيب : إن آمنت بالمعجزات فبها ، وإلا أوكلها لهم أو ذرها في عالم الإمكان ، فإنهم قالوا ما قرع ذهنك من غرائب الأكوان ذره في بقعة الإمكان حتى يذود عنه قاطع البرهان ، ودليلنا : إنهم سادة والوجود ولهم شرف عظيم ومقام كريم عند الله ، وأختارهم لدينه فلابد أن يؤيدهم بالكرامات والمعجزات ، وإنه لينقل لما هو أقل منهم شأنا أكثر من معجزاتهم ، ويأتي في الأجزاء الآتية أحاديث كثيرة عن معجزات الإمام عليه السلام ـ

ويا طيب : إن المعجزة حكاه الله عن كل الأنبياء وبكثرة عن بعضهم ، وعرفنا سبحانه في كتابه الكريم حاجت الأنبياء لها ، وذلك لكي يصدقهم قومهم ويثبت عندهم نبوة من يدعوهم لتوحيد الله وطاعته ومعارف عظمته .

وإن في زمان الإمام الحسين عليه السلام : كان الأمر شديد بسبب انخداع الناس بالحكام الظالمين والطغاة ، وتشبيههم بالقرابة وغيرها من رسول الله ، وحرف أذهان الناس عن تصديق الحسين وأخيه وأبيه عليهم السلام ، فكان أمر حصول المعجزة على أيديهم لمن يمكن أن ينشر فضائلهم ومناقبهم أمر لازم وضرورة ملحة حتى يتبعهم الناس ، ويأخذوا علوم الله منهم ثم ينشروها .

وما حكي عن الإمام الحسين عليه السلام : من المعجزات لقليل مما وصلنا ، والعباد الآن يزورون الإمام الحسين عليه السلام ويحصلون على كرامات يعجز الكاتب عن عدها ، وكل إنسان مؤمن تراه يحصل له في ذكره من العبرة وانجلاء الهم بعد ذكره والسلام والصلاة عليها ، ما لم تحصل لأعلى إنسان يسافر الدنيا كلها  ويسكن في أحسن منازلها ويأكل أفضل رزق الله فيها ،  وكل شيء مسر يتصوره فيها .

 فإن شيعته : يمشون على الأقدام حتى يزوروه ويسلموا ويصلون عليه ، وهم كلهم أنس بالإيمان بمبادئه وحب لمعارفه ، يسرون بإيمانهم والولاء له بما لا يوصف من الفرح والأنس بما يعلمون ويعملون ، و في عين حزنهم عليه ، و يكفيهم زمان طويل للثبات على الإيمان بالله وإقامة عبودية والرضاء بقدره وقضاء ، والاطمئنان برضاه وثوابه .

ويا طيب : بعد أن عرفنا بعض المعجزات ، فهذا دعاء وذكر معجز يعرفه لنا فتدبر:

في الذكر الآتي :


 


[92] بحار الأنوار ج44ص182ب25ح8 . كامل ‏الزيارات ص66ب20ح1 ، الأمالي ‏للصدوق ص137م28ح8 ، المناقب ج4ص74 . دلائل ‏الإمامة ص79 وفي آخره مسح جناحه فعاد إلى حالته و رضي الله عنه و سمي عتيق الحسين و أمر أن يلزم أرض كربلاء فيخبر بكل مؤمن زاره إلى يوم القيامة  .

[93] بحار الأنوار ج44ص180ب25ح1 . بصائر الدرجات ج270ص3ح6 . . وح2 عن الدعوات ص65ح163. دلائل ‏الإمامة ص77 . رجال ‏الكشي ص115ح18 وفيه ... ثم قال يا حبابة : إنه ليس أحد على ملة إبراهيم في هذه الأمة غيرنا و غير شيعتنا و من سواهم منها براء.

[94] المحاسن ج1ص147ب16ح54 .

[95] الكافي ج1ص346ح3 . بحار الأنوار ج25ص175ب5. رجال ‏الكشي ص115 ح183 .كشف‏ الغمة ج1ص534 .كمال ‏الدين ج2ص536ح49ح1.

[96] المناقب ج4ص51 . بحار الأنوار ج44ص183ب25ح11 . بيان لأبي دون أي الأول عبر به عنه تقية و الدون الخسيس ، و الأعسر الشديد أو الشؤم و المراد به إما الأول أو الثاني .

[97] المناقب ج4ص51 . بحار الأنوار ج44ص183ب25ح11 . مختصر بصائر الدرجات ص97 وفي آخره : وحدث واحدا فقام طاير العقل ومر على وجهه وذهب فكلمه صاحباه فلم يرد عليهما شيئا وانصرفوا.

[98] مختصر بصائر الدرجات ص98 . الخرائج ‏والجرائح ج2ص795ب16 . بحار الأنوار ج25ص379ب13ح27 .

[99] بحار الأنوار ج25ص366ب13ح7 . الخرائج ‏والجرائح ج2ص792ب16 .

[100]الخرائج ‏والجرائح ج1ص248 . بحار الأنوار ج44ص182ب25ح6 ، وسائل ‏الشيعة ج20ص 52ب14ح25013 .

[101]الخرائج ‏و الجرائح ج1ص245 ب4 . فرج المهموم227 .

[102] تهذيب ‏الأحكام ج5ص470ب26ح293 . وسائل ‏الشيعة ج13ص227ب14ح17613 .بحار الأنوار ج44ص183ب25ح10 .

[103]الخرائج ‏و الجرائح ج1ص246 ب4 .

[104] المناقب ج4ص51 . بحار الأنوار ج44ص183ب25ح11 .

[105]الخرائج ‏و الجرائح ج1ص246 ب4 . دلائل ‏الإمامة ص76 ، وآخره:  فجمعهم الوالي فأقروا جميعا فأمر بهم فضربت أعناقهم  .

[106] رجال ‏الكشي  ج87 ترجمة عبد الله بن شداد الهاد .رقم 141. بحار الأنوار ج44ص183ب25ح9 .

[107] بغية الطلب في تاريخ حلب ج3ص17 . تاريخ دمشق ج14ص182 . ومهى : كلُّ شيءٍ صُفِّيَ فأَشبه المها فهو مَمَهًّى. وشراب مهو:  كثر فيه الماء، و المها: البلور، وثوب مَهْوٌ: رَقِيق، شبّه بالماء .

[108] دلائل‏ الإمامة ج75، فرج‏ المهموم ص227 .بحار الأنوار ج44ص186ب25ح14 .

[109] دلائل ‏الإمامة ص75 .

[110] المناقب ج4ص51 . بحار الأنوار ج44ص185ب25ح12 .

[111] دلائل‏ الإمامة ص74 .

[112] المناقب ج4ص56 .

[113] بصائر الدرجات ص260ب17ح1. بحار الأنوار ج26ص144ب9ح17 .

 

 

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

http://www.msn313.com