بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين

الجزء السابع

أنوار نهضة الإمام الحسين عليه السلام

مجالس ذكر الحسين للأولين أسوة وقدوة وبيان لشأنه الكريم

وحقائق نهضته وأسبابها والظروف المحيطة بها

ومسيره المبارك من المدينة المنورة حتى ليلة العاشر من المحرم في كربلاء

 

المقدمة :

الحمد والشكر لله على ما جرى به قضائه وعملنا في هذه الصحيفة :

بسم الله الرحمن الرحيم :

بسم الله النور : وإنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم لك الحمد حمد الشاكرين لك على مصابهم ، ولك الشكر على ما جرى به قضائك في أوليائك الذين اجتبيتهم ، وبالبلاء والاختبار طهرتهم وزكيتهم ، فجعلتهم سادة العباد إلى يوم الدين وأئمتهم وبأعلى مقام كرمتهم ، فلك الحمد والشكر لما وفقتنا لمعرفتهم ولحبهم ولطاعتهم ، ولم تجعلنا من الذين ضل عنهم وحاربهم ، فما أعظم حكمتك فيما وفقت المخلصين لطاعتك بهدى صراطهم ، وجعلت الكفار والمنافقين والضالين من خالفهم وحاربهم ، وليس له نصيب من نعيم آل نبيك محمد ولا يكون منهم ولا معهم .

فيا إلهي وسيد ومولاي : ضلت العقول من أن تصفك ، وحارت الألباب من أن تعرف عظمتك ، وعجز المتفكرون من الإحاطة بشؤون عزتك ، وأحاط بكل شيء علمك ورحمتك ، وصار كل شيء مقهورا لقيوميتك بقدرتك ، وقد دبرت أمرهم بعد أن خلقتهم بربوبيتك ، سبحانك ربي ما أعظم شأنك وأجل إرادتك ، خلقت الخلق ولم تجبرهم على طاعتك ، وأنت مكنتهم برحمتك وعزتك ، وأطاعوا هداك بما وهبتهم من نعمتك ، وشكرتهم على قيامهم بطاعتك وعبوديتك ، ولك عليهم من أول الخلق متواتر إحسانك و منتك ، تشكر متفضلا وتعفوا عن الذنب للتائب بحلمك ورحمتك ، و لم تعصى بالغلبة لأمرك ولا بالخروج عن ملكك وسلطانك وقدرتك ، سبحانك ربي وتعاليت ما أجل وأعز وأعلى لطفك ورأفتك وحكمتك .

إلهي : أمرك نافذ حتم ، وقضائك مبرم عن علم ، وقَدرك جعلته للعباد فسحت وعزم ، فاختبرتهم بما قويتهم بما لا يحصى من النعم ، فوفقنا لهداك ذو الصراط المستقيم عند الذين أنعمت عليهم ولكرمك علينا أدم، واجعلنا في طاعتك بسبيلهم من غير ظلم.

فيا إلهي وسيدي ومولاي وربي ومعتمدي ورجائي : صلِ وترحم وبارك وتحنن وسلم على أفضل خلقك وأكرمهم ، وأعلاهم مجدا وعزا وبنورك التام الكامل شرفتهم ، ومن العلم بهدك والعمل به مكنتهم ، فصاروا أفضل العباد والكائنات و أحسنهم ، سيد الأنبياء والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين محمد الحميد من العهد التليد ، كما صليت وترحمت وباركت وتحننت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، واجعلنا معهم لنقترف من حبهم وعلمهم وعملهم حتى بفضل منّك بالكرامة والرحمة نتنعم ونحصل على الحسنات كثرة ومزيد ، فنفوز بكل ما رغبتنا به من صفات الجنة ونعيمها بأفضل وعد آمنين الوعيد ، ونجينا يا ولي الإحسان من مكر أعدائهم والمنحرفين عنه وحيلتهم وضلالهم ونفاقهم وكفرهم ومن صفدهم بنارك في سلاسل الحديد ، ورحم الله مقال أمين يا رب العالمين ولها يكرر ويعيد .

يا طيب : المعرفة النورانية التي قدمناها في الأجزاء الأولى من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام من موسوعة صحف الطيبين ، هي أعلى وأكرم معرفة لحقائق الدين وهداه ولصراطه المستقيم التي تنورنا معرفة أهل البيت وكل شؤونهم في التكوين والعبودية لرب العالمين ، وإن حقيقة التكوين هو نور الله سبحانه وتعالى الظاهر في خلقه بأعلى كرامة ، وهو لنبينا وآله الطيبين الطاهرين في كل مراتب الوجود ، ويأتي بعدهم في المجد والكرامة من يكون متصل بهم ومقتبس من نورهم في الخلقة تحققا وتخلقا ، وسواء في هذه الدنيا وعالم الشهادة ، أو في المراتب العالية من الكائنات وشؤون التكوين في الملكوت بل الجبروت ، ولمعرفة مختصرا مما ذكرنا راجع صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام وللتوسعة راجع ما ذكرنا في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام .

ويا طيب : إن من يكون في الخلق أشدا إخلاصا لله وبهداه أعلى علما وعملا ، يكون له أعلا مقاما وجاها وكبرياء وعظمة في التكوين ، وسابق في اقتباس نور الله تحققا والتجلي به  ، فيستبين في صفاته وأخلاقه وسيرته وسلوكه ، ويرينا بيان حقائق إخلاصه لله بكل تصرفه ، فيظهر له أعلى نور في حقيقته و يتجلى به في كل أحواله .

وهذا الإخلاص والتفاني في طاعة الله وإظهار نور عبودية الله سبحانه : هو ما تجلى من نور الإمام الحسين عليه السلام في نهضته ، وهو ما تحلى به تحققا بعالي مقام شهادته ، والتي هي خلاصة عبادته وخلقه ودينه وهداه ، وكل ما تحكيه آيات التطهير والصادقين والإمامة والولاية والإخلاص ، وهو الفوز بلا افتتان بوهن ولا طمع بزينة دينا ، والنجاح بالاختبار في أكرم امتحان في مصاعب الدهر ونوائبه ، فكان بيان وشرح وتفسير تمام كلمات الابتلاء كلها ومخلص في العبودية لله تحققا قاطبة في جميعها.

فأبان لنا سيدنا ومولانا الإمام الحسين عليه السلام : في ثورته علو مقامه ومنزلته ، وبكل تصرف له شأن تربيته بيد القدرة الإلهية لهداية العباد والسير بهم على صراط مستقيم إلى يوم الدين ، وهو يحكي إبائه وما ورثه من جده سيد المرسلين وخاتم النبيين ، وأبيه سيد الوصيين ومولى الموحدين ، ومن أمه سيدة نساء العالمين فاطمة بنت النبي الأمين ، ومن أخيه الإمام الحسن المجتبى الولي المبين ، وهو أعلى هدى الله وأفضل نعيم دينه وأطهره وأطيبه مشروحا بكل شأن ظهر به الإمام الحسين عليه السلام .

فيا طيب : ما سنبينه في هذا الجزء هو مشيئة الله سبحانه في أولياءه وأحباءه ، وإرادته في اختبار عباده حتى يظهر سيد المخلصين وولي المؤمنين وسيد شبان أهل الجنة في يوم الدين ، وهو بيان تقدير الله وعلمه بما شاء أن يكون سبحانه ، لكي يظهر أعلى نوره في الأخيار المصطفين ، ومن عرفهم بكل حركة وسيرة وسلوك لهم أنهم أئمة المؤمنين وسادتهم وولاتهم ، وهو بعد أنذر سيد المرسلين وخاتم النبيين ، جعل سبحان لكل أناس إمام منهم شهيد عليهم في زمانهم ، وهاد يسير بهم لصراطه المستقيم ، فأتم حجته سبحانه ، وأكمل بيانه ، وعرف محل هداه بما لا شك فيه .

فعرف الإمام الحسين عليه السلام : إرادة الله سبحانه في اصطفاء عباده وابتلاءهم واختبارهم ، فجعل من يطيع الإمام الحسين وآله في صراط مستقيم ويقودوهم للنعيم المقيم ، وبيان إن من قاتله وقتله ورضي بفعل أعداه منحرف عن الدين ، وإنهم في ضلال مبين وطاغين مغضوب عليهم أجمعين .

فهنا يا طيب : نبين أهم ما ورد من الآيات والروايات في بيان قدر الله وقضائه في أولياءه ، وما أختار لهم من الفوز بالاختبار ، فنحكي ما ذكره رسول الله عن بيان جبرائيل عن الله وما عرف سبحانه للأنبياء من شأن الإمام الحسين على طول التأريخ ، وبالخصوص لنبينا الأكرم وآله سيد الوصيين وأمه سيدة نساء العالمين ولأخيه ولصحبهم المخلصين المؤمنين ، وما أقاموا من مجالس ذكر شهادته وشأنه الكريم وبيانهم انحراف الناس عنه وعن آله آل محمد صلى الله عليهم وسلم .

ثم نذكر : شأن جهاد الإمام الحسين عليه السلام ورفضه لبيعة الطغاة وخروجه لطلب الإصلاح في أمة جده وشيعة أبيه عليه السلام ، فنذكر الأحوال التي عاصرها في المدينة حتى خروجه منها لمكة المكرمة مهاجرا في سبيل الله ومصلحا لمن ضل عن هداه ، ومن ثم مسيره من مكة المكرمة إلى كربلاء حتى ليلة العاشر من المحرم ، وما جرى فيها ، والظروف التي كانت تحيطه ، وما ظهر له من السيرة والسلوك والبيان في ذلك الزمان ، بعد أن عرفنا في الجزء السابق الكثيرة من أخلاقه وصفاته وأحواله .

وأسأل الله سبحانه :أن يوفقكم و يوفقنا لما يحب ويرضى ، وإتمام هذا الباب ، بما فيه من الهدى وبيان تأريخ الدين وحماته وولاة أمره في مسيرهم في الصراط المستقيم ، فإنه سبحانه ولي التوفيق وهو على كل شيء  قدير ، بحق الحسين وجده وأمه أبيه وأخيه والأئمة المعصومين من بنيه ،  وصحبهم أجمعين وبالخصوص المستشهدين بين يديه ، وأسأل الله أن يوفق من يقرأه وينشره ويعرفه للمؤمنين كل خير ، ويهبه المعرفة التامة بشأن ولاة دينه وأئمته ، فإنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

يوم المباهلة 24 / 12 / 1430

http://www.msn313.com