بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين

الجزء السابع

أنوار نهضة الإمام الحسين عليه السلام ..

سفينة نجاة

الإمام الحسين عليه السلام

المجلس الثاني

ذكر  خروج الإمام الحسين عليه السلام من مكة المكرمة
 حتى ليلة العاشر من المحرم في كر بلاء

 

الذكر الثاني

وقائع نزول الإمام كربلاء حتى ليلة العاشر

تذكرة : فضل العزم والإصرار على رفض الكفر والطغيان :

يا طيب : في هذا الذكر ستطلع على أهم الأحداث والوقائع التي جرت بين الإمام الحسين وأهل بيته وصحبه الكرام من جهة ، ومن الجهة الأخرى ترى زمرة اللئام لجيش بني أمية، ونرى المكاتبات التي جرت بين ابن سعد وابن زياد ومكرهم لجمع الجيوش، ومن يوم نزول الإمام الحسين علية السلام كربلاء في الثاني من المحرم حتى ليلة العاشر منه .

ثم ناظر : بين الطرفين ، وتدبر البعد بين أهدافهم ، فترى الجماعة الشريفة الفاضلة في أخلاقها وأهدافها وأعمالها وترا أن الحق فيهم ولهم ، وترى الطغمة الفاجرة الفاسقة في أفعالها وأقوالها وأهدافها وترى أن الباطل معهم فيهم .

فترى الحسين عليه السلام : الذي يأبى أن يخنع للظلم والجور والعدوان، وهو على بصيرة من أمره ويتلوه صحبة ، فتدبر كلماته وكلماتهم وأفعاله وأفعالهم . وترى الظلمة الذين لا يرون للدين ومبادئه وأهدافه قيمة ولا عندهم لهداته وأئمته حرمة ، أعمتهم السلطة وأطغاهم المنصب ، وأنهم لم يروا ما يفعلون من المنكر وإرساء مبادئه لبني أمية ، ويجمعون الجموع لسلب المعروف وخيره ، وأعدادهم العدد لقتل الحق والهدى وأهل .

ويا طيب : عرفت سابقا ما يندى له جبين المؤمنون وهم في حرم الرسالة والدعوة لله ، حيث يجبر أمام الهدى وسبط رسول الله على ترك موطنه مدينتي الرسالة والوحي ليفر من العار والخزي ، ولينبه الناس على محل بالإسلام من تسلط الظلمة والمنكرون لمبادئه على زمام حكمه ، وأخذهم بالأعمال المشينة من قتل الأبرياء وسلب حقوق المسلمين وتضييع أحكام الدين ومعارفه ، ولكي يحاول إمام الهدى نشر مبادئ العدالة والتوحيد حيث قرأت بعض ما وصل إلينا من كلمات الإمام في الإشراقات السابقة .

والآن في هذا الذكر والآتية : ستقرأ أشنع عمل إجرامي يلام عليه مرتكبيه ، وأفظع فعل يندى إليه جبين الإنسانية ، فإنهم يحصرون الحق ونور الله في عدة قليلة من أهل وصحبه ليقتلوه ، وليسكتوا صوت الله ويطفئوا نوره ، ولكن هيهات فإن ثورة الحسين أصبحت قدوة لجميع المؤمنين الثائرين على الظلم والعدوان ، وأسوة لكل الطيبين الرافضين للباطل والضلال والكفر ، وإن الله يأبى أن يطفئ نوره وإنه ناصر عبده.

 فكونت ثورة الإمام الحسين عليه السلام : في مهدها عز شامخ للإباء ، وأولد عمل أبو الأحرار صرح تنطلق منه حب التضحية والفداء والإخلاص للمبادئ الحقة والأهداف الشريفة ، فأخذت تتقدم في قلوب المؤمنين وتنموا في أفكارهم حتى أصبحت عقيدة راسخة على مر الدهور ، فسبقت زمانها وتعدت الماضي والمستقبل ؛ تزف نفسها طيب وطهارة وبتبجيل وحب وبتقدير لكل راضي بالإصلاح ، ومتمني للكون بها لأنها هدى الدين ،  وليعمل بأهدافها لتعانقه برضا الله تعالى وتوصله لثوابه ونعيمه الذي لا يزول ، فضلاً عن ملئ روحه ووجدانه ووجوده كرامة الدنيا وشرفها وفخرها وعزها وتقدير واحترام الأحرار له ، وإن كل المنصفون يقدرون بإجلال ما اعتقده من مبادئ وأهداف .

فقط بالإقتداء بنهضة الإمام الحسين عليه السلام : والتذكر لما فيها من الإصرار على الهدف الأسمى لرفض الظلم والطغيان ، وفقط بالتدبر في محاسن الصبر والعزم والإخلاص في مقاومة العدوان والطغيان ، تعطيك دروس في الإباء والكرامة يعجز عنها وعض الواعظين ، وتمنحك صروح في التضحية والفداء يقصر عن التشمير لها بشعر المتحمسين وأبيات المفتخرين ، وتعلمك هوان الدنيا وما فيها من أجل المقاومة والفداء والعيش بعز وكرامة ، وعدم الخنوع لكل الطغاة والغاصبين والمستعمرين المخربين .

فهذا ذكر : العزم على التضحية والفداء من أجل الأهداف السامية التي فيها رضا الله تعالى ، ومر عليك الإصرار على الإقدام للتضحية والفداء من اجل نشر التوحيد والعدل والإيمان ومبادئه ، وسيأتي في الجزء الآتي بلوغ للفتح في الشهادة والنصر بالدم على السيف ، وفوز الكرامة والعز على الذل والخنوع ، وعلو مقام التضحية والفداء .

 

 


 

الإشراق الأول :

تذكرة بما قال الإمام الحسين حين نزوله كربلاء  :

قال الصدوق في الأمالي : ثم سار حتى نزل بكربلا ، فقال : أي موضع هذا ؟

فقيل : هذا كربلاء يا ابن رسول الله .

 فقال عليه السلام : هذ والله يوم كرب وبلاء ، وهذا الموضع الذي يهراق فيه دماؤنا ، ويباح فيه حريمنا[106] .

 

قال المفيد في الإرشاد :

ثم نزل وذلك اليوم يوم الخميس .

وهو اليوم الثاني من المحرم سنة إحدى وستين [107].

 

قال السيد في اللهوف :

 قال ثم إن الحسين عليه السلام: قام و ركب و سار ، و كلما أراد المسير يمنعونه تارة ، و يسايرونه أخرى ، حتى بلغ كربلاء، و كان ذلك في اليوم الثاني من المحرم.

فلما وصلها قال : ما اسم هذه الأرض .

فقيل : كربلاء .

فقال عليه السلام : اللهم إني أعوذ بك من الكرب و البلاء .

ثم قال : هذا موضع كرب و بلاء ، انزلوا ، هاهنا محط رحالنا ، و مسفك دمائنا ، و هنا محل قبورنا ، بهذا حدثني جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فنزلوا جميعا : و نزل الحر و أصحابه ناحية [108].

 

 


 

الإشراق الثاني :

لأبي عبد الله يصل كتاب ابن زياد فيرميه ولا يجيبه :

وقال في البحار نقلا عن المناقب : قال : فرحل من موضعه حتى نزل في يوم الأربعاء أو يوم الخميس بكربلا وذلك في الثاني من المحرم سنة إحدى وستين . 

ثم أقبل على أصحابه ، فقال :

 الناس : عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم

 يحوطونه ما درت معايشهم .

 فإذا : محصوا بالبلاء ، قل الديانون . 

ثم قال : أهذه كربلاء ؟  فقالوا : نعم يا ابن رسول الله .

 فقال : هذا موضع كرب وبلاء ، هاهنا مناخ ركابنا ، ومحط رحالنا ، ومقتل رجالنا ، ومسفك دمائنا .

قال : فنزل القوم وأقبل الحر حتى نزل حذاء الحسين عليه السلام في ألف فارس .

 ثم كتب : إلى ابن زياد ، يخبره بنزول الحسين بكربلاء[109]

 

وقال في المناقب : وكتب ابن زياد لعنه الله إلى الحسين صلوات الله عليه :

أما بعد : يا حسين ، فقد بلغني نزولك بكربلا ، وقد كتب إلي أمير المؤمنين يزيد :

أن لا : أتوسد الوثير ، ولا أشبع من الخمير ، أو ألحقك باللطيف الخبير ، أو ترجع إلى حكمي وحكم يزيد بن معاوية والسلام .

فلما ورد كتابه : على الحسين ، وقرأه ، رماه من يده .

 ثم قال : لا أفلح قوم اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق .

فقال له الرسول : جواب الكتاب أبا عبد الله ؟

فقال : ما له عندي جواب ، لأنه قد حققت عليه كلمة العذاب [110].

 

 


 

الإشراق الثالث :

ابن زياد يعد عمر ابن سعد لحرب الحسين ويرسله إلى كربلاء :

قال في البحار عن المناقب : فرجع الرسول إليه فخبره بذلك.

فغضب : عدو الله من ذلك أشد الغضب ، والتفت إلى عمر بن سعد ، وأمره بقتال الحسين ، وقد كان ولاه الري قبل ذلك ، فاستعفى عمر من ذلك .

 فقال ابن زياد : فاردد إلينا عهدنا ، فاستمهله ثم قبل بعد يوم خوفا عن أن يعزل عن  ولاية الري [111].

وقال الصدوق : فأقبل عبيد الله بن زياد بعسكره حتى عسكر بالنخيلة ، وبعث إلى الحسين رجلا يقال له : عمر بن سعد ، قائده في أربعة آلاف فارس .

وأقبل عبد الله بن الحصين التميمي في ألف فارس .

 وكتب : لعمر بن سعد على الناس ، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوه[112] .

 وقال في تأريخ الرسل والملوك :

ثم نزل: وذلك يوم الخميس، وهو اليوم الثاني من المحرم سنة إحدى وستين.

 فلما كان من الغد : قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص من الكوفة في أربعة آلاف . قال : وكان سبب خروج ابن سعد إلى الحسين رضي الله عنه أن عبيد الله بن زياد بعثه على أربعة آلاف من أهل الكوفة يسير بهم إلى دستبى ، وكانت الديلم قد خرجوا إليها وغلبوا عليها ، فكتب إليه ابن زياد عهده على الري، وأمره بالخروج .

فخرج : معسكراً بالناس بحمام أعين ، فلما كان من أمر الحسين ما كان وأقبل إلى الكوفة ، دعا ابن زياد عمر بن سعد ، فقال : سر إلى الحسين ، فإذا فرغنا مما بيننا وبينه سرت إلى عملك ؛ فقال له عمر بن سعد: إن رأيت رحمك الله أن تعفيني فافعل.

 فقال له عبيد الله : نعم، على أن ترد لنا عهدنا .

 قال : فلما قال له ذلك قال عمر بن سعد : أمهلني اليوم حتى أنظر .

 قال : فانصرف عمر يستشير نصحاءه ، فلم يكن يستشير أحداً إلا نهاه .

 قال : وجاء حمزة ابن المغيرة بن شعبة - وهو ابن أخته - فقال : أنشدك الله يا خال أن تسير إلى الحسين فتأثم بربك ، وتقطع رحمك ! فوالله لأن تخرج من دنياك ومالك وسلطان الأرض كلها لو كان لك ، خيرٌ لك من أن تلقى الله بدم الحسين!

فقال له عمر بن سعد: فإني أفعل إن شاء الله.

قال هشام: حدثني عوانة بن الحكم، عن عمار بن عبيد الله بن يسار الجهني، عن أبيه، قال: دخلت على عمر بن سعد، وقد أمر بالمسير إلى الحسين .

 فقال لي : إن الأمير أمرني بالمسير إلى الحسين ، فأبيت ذلك عليه .

 فقلت له : أصاب الله بك ، أرشدك الله ، أجل فلا تفعل ولا تسر إليه .

 قال : فخرجت من عنده ، فأتاني آتٍ ، وقال: هذا عمر بن سعد يندب الناس إلى الحسين .  قال : فأتيته فإذا هو جالس ، فلما رآني أعرض بوجهه ، فعرفت أنه قد عزم على المسير إليه ، فخرجت من عنده .

 قال : فأقبل عمر ابن سعد إلى ابن زياد فقال : أصلحك الله! إنك وليتني هذا العمل، وكتبت لي العهد، وسمع به الناس ، فإن رأيت أن تنفذ لي ذلك فافعل ، وابعث إلى الحسين في هذا الجيش من أشراف الكوفة من لست بأغنى ولا أجزأ عنك في الحرب منه ؛ فسمى له أناساً .  فقال له ابن زياد : لا تعلمني بأشراف أهل الكوفة ، ولست أستأمرك فيمن أريد أن أبعث. إن سرت بجندنا ، وإلا فابعث إلينا بعهدنا.

 فلما رآه قد لج . قال: فإني سائر.  

قال:  فأقبل في أربعة آلاف حتى نزل بالحسين من الغد من يوم نزل الحسين نينوى[113].

 

 


 

الإشراق الرابع :

المراسلات بين الإمام الحسين وعمر بن سعد وأبن زياد :

الإشعاع الأول :

ابن سعد يقدم كربلاء بجيشه ويرسل شرير للحسين :

وقال المفيد رحمه الله : فلما كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص من الكوفة في أربعة آلاف فارس ، فنزل بنينوى .

 فبعث إلى الحسين عليه السلام عروة بن قيس الأحمسي فقال له : ائته فسله ما الذي جاء بك وما تريد ! وكان عروة ممن كتب إلى الحسين ، فاستحيى منه أن يأتيه ، فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه وكلهم أبى ذلك وكرهه . 

فقام إليه كثير بن عبد الله الشعبي وكان فارسا شجاعا ـ أقول بل نذل خبيث متهور حيث يجسر على مواجهة سبط الرسول بدعوته للخنوع والذل فلذا قال ـ لا يرد وجهه شيء ، فقال له : أنا أذهب إليه ، و والله لئن شئت لأفتكن به .

 فقال له عمر بن سعد : ما أريد أن تفتك به ، ولكن ائته فسله ما الذي جاء به .

فأقبل كثير إليه ، فلما رآه أبو ثمامة الصيداوي قال للحسين عليه السلام : أصلحك الله يا عبد الله ! قد جاءك شر أهل الأرض وأجرئه على دم وأفتكه .

 وقام إليه فقال له : ضع سيفك ، قال : لا والله ولا كرامة ، إنما أنا رسول ، إن سمعتم كلامي بلغتكم ما أرسلت إليكم ، وإن أبيتم انصرفت عنكم .

قال : فإني آخذ بقائم سيفك ثم تكلم بحاجتك ، قال : لا والله لا تمسه .

فقال له : أخبرني بما جئت به وأنا ابلغه عنك ، ولا أدعك تدنو منه، فإنك فاجر.

 فأستبا  : وانصرف إلى عمر بن سعد ، فأخبره الخبر [114]

 

 


 

 

الإشعاع الثاني :

ابن سعد يرسل قرة يسأل الحسين مجيئه فيجبه :

قال المفيد : فدعا عمر بن سعد قرة بن قيس الحنظلي ، فقال له : ويحك الق حسينا فسله ما جاء به ؟ وما ذا يريد ؟

فأتاه قرة : فلما رآه الحسين مقبلا ، قال : أتعرفون هذا ؟ 

فقال حبيب بن مظاهر : هذا رجل من حنظلة تميم ، وهو ابن اختنا ، وقد كنت  أعرفه بحسن الرأي ، وما كنت أراه يشهد هذا المشهد ، فجاء حتى سلم على الحسين  ، وأبلغه رسالة عمر بن سعد إليه .

 فقال له الحسين عليه السلام : كتب إلي أهل مصركم هذا  أن أقدم ، فأما إذا كرهتموني فأنا أنصرف عنكم .

 فقال حبيب بن مظاهر : ويحك يا قرة أين تذهب ؟ إلى القوم الظالمين ؟ انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيدك الله بالكرامة ، وإيانا معك .

 فقال له قرة : أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي .

 فانصرف : إلى عمر بن سعد ، وأخبره الخبر .

 فقال عمر بن سعد : أرجو أن يعافيني الله من حربه  وقتاله[115] .

 

 


 

 

الإشعاع الثالث :

عمر بن سعد يكتب لأبن زياد وجوابه بمنع الماء عن الحسين :

وقال المفيد الطبري : وكتب ـ عمر بن سعد ـ إلى عبيد الله بن زياد :

بسم الله الرحمن الرحيم :

أما بعد : فإني حيث  نزلت بالحسين ، بعثت إليه رسولي .

 فسألته : عما أقدمه ، وماذا يطلب ؟

 فقال : كتب إلي أهل هذه البلاد وأتتني رسلهم ، يسألوني القدوم إليهم ففعلت .

 فأما إذا كرهتموني : و  بدا لهم غير ما أتتني به رسلهم ، فأنا منصرف عنهم . 

 

قال حسان بن قائد العبسي : وكنت عند عبيد الله بن زياد حين أتاه هذا الكتاب ، فلما قرأه ، قال : 

الآن إذ علقت مخالبنا به ير      جو النجاة ولاة حين مناص

وكتب ـ بن زياد ـ إلى عمر بن سعد :

 أما بعد : فقد بلغني كتابك ، وفهمت ما ذكرت ، فأعرض على الحسين أن يبايع ليزيد هو وجميع أصحابه ، فإذا فعل ذلك رأينا رأينا والسلام .

 فلما ورد الجواب على عمر بن سعد قال :

 قد خشيت أن لا يقبل ابن زياد العافية [116].

 

وقال محمد بن أبي طالب :  فلم يعرض ابن سعد على الحسين ما أرسل به ابن زياد ، لأنه علم أن الحسين لا يبايع يزيد أبدا [117].

قال المفيد رحمه الله: وورد كتاب ابن زياد في الأثر إلى عمر ابن سعد :

أن حل : بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، ولا يذوقوا منه قطرة  ، كما صنع  بالتقي الزكي عثمان بن عفان [118].

يا طيب : مر في جزء ولادة وإمامة الإمام الحسين أنه وأخيه الحسن عليهم السلام ، أوصلا إلى عثمان الماء حين منعوه ، وقد جرحى بسببه ، وذلك بأمر الإمام علي عليه السلام حين استغاثه عثمان ، فراجع.

 

 


 

الإشعاع الرابع :

الإمام يدعوا على ابن حصين فيهلك وعمر بن سعد يمنع الحسين الماء:

قال المفيد والطبري : فبعث عمر بن سعد : في الوقت ، عمرو بن الحجاج في خمسمائة فارس .

 فنزلوا على الشريعة : وحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء .

 ومنعوهم أن يسقوا منه قطرة .

 وذلك قبل قتل الحسين عليه السلام بثلاثة أيام[119] .

 

ونادى عبد الله بن حصين الأزدي وكان عداده في بجيلة : قال بأعلى صوته : 

يا حسين ! ألا تنظرون إلى الماء كأنه كبد السماء .

 والله لا تذوقون منه قطرة واحدة ، حتى تموتوا عطشا .

فقال الحسين عليه السلام : اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له أبدا .

 قال حميد بن مسلم : والله لعدته في مرضه بعد ذلك .

 فو الله : الذي لا إله غيره ، لقد رأيته يشرب الماء حتى يبغر ، ثم يقيئه ، ويصيح العطش العطش .

 ثم يعود ويشرب حتى يبغر ، ثم يقيئه ويتلظى عطشا .

 فما زال ذلك دأبه ، حتى لفظ نفسه [120]

 

 

 


 

 

الإشعاع الخامس :

ابن زياد  يجمع الجيوش لحرب الحسين فتبلغ خمسة و ثلاثون ألف :

وقال محمد بن أبي طالب : ثم جمع ابن زياد الناس في جامع الكوفة ، ثم خرج فصعد المنبر ، ثم قال :

 أيها الناس : إنكم بلوتم آل أبي سفيان فوجدتموهم كما تحبون ، وهذا أمير المؤمنين يزيد ، قد عرفتموه حسن السيرة محمود الطريقة ، محسنا إلى الرعية ، يعطي العطاء في حقه ، قد أمنت السبل على عهده ، وكذلك كان أبوه معاوية في عصره!!!!

 وهذا ابنه يزيد من بعده ، يكرم العباد ، ويغنيهم بالأموال ، ويكرمهم ، وقد زادكم في أرزاقكم مائة مائة ، وأمرني أن أوفرها عليكم ، وأخرجكم إلى حرب عدوه الحسين ، فاسمعوا له وأطيعوا ؟!

ثم نزل عن المنبر : ووفر الناس العطاء ، وأمرهم أن يخرجوا إلى حرب الحسين عليه السلام ، ويكونوا عونا لابن سعد على حربه .

 فأول من خرج : شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف ، فصار ابن سعد في تسعة آلاف ، ثم أتبعه بيزيد بن ركاب الكلبي في ألفين ، والحصين بن نمير السكوني في أربعة آلاف ، وفلانا المازني في ثلاثة آلاف ، ونصر بن فلان في ألفين ، فذلك عشرون ألفا . 

ثم أرسل إلى شبث بن ربعي : أن أقبل إلينا وإنا نريد أن نوجه بك إلى حرب  الحسين ، فتمارض شبث ، وأراد أن يعفيه ابن زياد .

فأرسل إليه : أما بعد ، فإن رسولي أخبرني بتمارضك ، وأخاف أن تكون من الذين إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن ، إن كنت في طاعتنا فأقبل إلينا مسرعا . 

فأقبل إليه شبث : بعد العشاء لئلا ينظر إلى وجهه ، فلا يرى عليه أثر العلة ، فلما دخل رحب به وقرب مجلسه . وقال : أحب أن تشخص إلى قتال هذا الرجل عونا لابن سعد عليه ,  فقال : أفعل أيها الأمير[121] .

وقال محمد بن أبي طالب : فما زال يرسل إليه بالعساكر حتى تكامل عنده ثلاثون ألفا ما بين فارس وراجل .

 ثم كتب إليه ابن زياد : أني لم أجعل لك علة في كثرة الخيل والرجال ، فانظر لا أصبح ولا أمسي إلا وخبرك عندي غدوة وعشية ، وكان ابن زياد يستحث عمر بن سعد لستة أيام مضين من  المحرم [122]

وذكر في المناقب : و جهز ابن زياد عليه خمسا و ثلاثين ألفا .

فبعث الحر : في ألف رجل من القادسية .

و كعب بن طلحة : في ثلاثة آلاف .

و عمر بن سعد : في أربعة آلاف .

و شمر بن ذي الجوشن السلولي : في أربعة آلاف من أهل الشام .

و يزيد بن ركاب الكلبي : في ألفين .

و الحصين بن نمير السكوني : في أربعة آلاف .

و مضائر بن رهينة المازني : في ثلاثة آلاف .

و نصر بن حرشة : في ألفين .

و شبث بن ربعي الرياحي : في ألف .

و حجار بن أبحر : في ألف .

و كان جميع : أصحاب الحسين :

اثنين و ثمانين رجل : منهم الفرسان اثنان و ثلاثون فارسا .

و لم يكن لهم : من السلاح ، إلا السيف و الرمح [123].

 

 


 

الإشراق الخامس :

حبيب يجمع أنصار من بني أسد وابن سعد يفرقهم :

الإشعاع الأول :

حبيب ابن مظاهر يحاول جمع جيش من بني أسد لنصر الحسين :

وقال محمد بن أبي طالب : وأقبل حبيب بن مظاهر إلى الحسين عليه السلام فقال : يا ابن رسول الله ، ههنا حي من بني أسد بالقرب منا ، أتأذن لي في المصير إليهم فأدعوهم إلى نصرتك ، فعسى الله أن يدفع بهم عنك .

قال : قد أذنت لك .

 فخرج حبيب : إليهم في جوف الليل متنكرا ، حتى أتى إليهم فعرفوه أنه من بني أسد .

فقالوا : ما حاجتك ؟

فقال : إني قد أتيتكم بخير ما أتى به وافد إلى قوم ، أتيتكم أدعوكم إلى نصر ابن بنت نبيكم ، فإنه في عصابة من المؤمنين ، الرجل منهم خير من ألف رجل ، لن يخذلوه ولن يسلموه أبدا .

وهذا عمر بن سعد : قد أحاط به .

 وأنتم قومي وعشيرتي : وقد أتيتكم بهذه النصيحة ، فأطيعوني اليوم في نصرته ، تنالوا بها شرف الدنيا والآخرة .

فإني اقسم بالله : لا يقتل أحد منكم في سبيل الله مع ابن بنت رسول الله صابرا محتسبا ، إلا كان رفيقا لمحمد صلى الله عليه وآله في عليين .

قال : فوثب إليه رجل من بني أسد ، يقال له : عبد الله بن بشر ، فقال :

 أنا أول من يجيب : إلى هذه الدعوة ، ثم جعل يرتجز ويقول : 

قد علم القوم إذا تواكلوا     وأحجم الفرسان إذ تناضلوا

أني شـجاع بطـل  مقاتل      كأننـي لـيـث  عرين  باسل

ثم تبادر رجال الحي : حتى التأم منهم تسعون رجلا ، فأقبلوا يريدون الحسين عليه السلام [124].

 

 


 

الإشعاع الثاني :

ابن سعد يرسل جيش يفرق الأنصار من بني أسد :

وقال محمد بن أبي طالب

وخرج رجل : في ذلك الوقت من الحي، حتى صار إلى عمر بن سعد فأخبره بالحال.

 فدعا ابن سعد : برجل من أصحابه ، يقال له : الأزرق ، فضم إليه أربعمائة فارس ، ووجه نحو حي بني أسد .

فبينما أولئك القوم: قد أقبلوا يريدون عسكر الحسين عليه السلام في جوف الليل.

إذا استقبلهم : خيل ابن سعد على شاطئ الفرات ، وبينهم وبين عسكر الحسين اليسير ، فناوش القوم بعضهم بعضا ، واقتتلوا قتالا شديدا .

وصاح حبيب ابن مظاهر : بالأزرق ، ويلك مالك ومالنا ، انصرف عنا ، ودعنا يشقى بنا غيرك .

 فأبى الأزرق : أن يرجع ، وعلمت بنو أسد أنه لا طاقة لهم بالقوم ، فانهزموا راجعين إلى حيهم .

ثم إنهم : ارتحلوا في جوف الليل ، خوفا من ابن سعد أن يبيتهم .

ورجع حبيب بن مظاهر : إلى الحسين عليه السلام فخبره بذلك .

فقال عليه السلام : لا حول ولا قوة إلا بالله [125]

 

 


 

الإشراق السادس :

الإمام يطلب الماء فيحفر بئر ويرسل العباس لطلبه والظلمة يمنعوهم :

الإشعاع الأول :

حفر الإمام بئر حين منع من ماء الفرات :

وقال محمد بن أبي طالب : قال :

 ورجعت خيل ابن سعد حتى نزلوا على شاطئ الفرات .

 فحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، وأضر العطش بالحسين وأصحابه.

 فأخذ الحسين عليه السلام : فأساً ، وجاء إلى وراء خيمة النساء ، فخطا في الأرض تسع عشر خطوة نحو القبلة  ثم حفر هناك ، فنبعت له عين من الماء العذب .

 فشرب الحسين عليه السلام : وشرب الناس بأجمعهم ، وملئوا أسقيتهم ، ثم غارت العين ، فلم ير لها أثر[126] .

 

 


 

الإشعاع الثاني :

أبن زياد يأمر ابن سعد من منع الحسين من حفر الآبار :

 وقال محمد بن أبي طالب : وبلغ ذلك ابن زياد ، فأرسل إلى عمر بن سعد :

بلغني : أن الحسين يحفر الآبار ، ويصيب الماء ، فيشرب هو وأصحابه .

فانظر : إذا ورد عليك كتابي ، فامنعهم من حفر الآبار ما استطعت ، وضيق عليهم ، ولا تدعهم يذوقوا الماء ، وافعل بهم كما فعلوا بالزكي عثمان .

فعندها ضيق عمر بن سعد عليهم غاية التضييق [127]

 

 


 

الإشعاع الثالث :

الحسين يدعوا العباس لجلب الماء من الفرات :

وقال محمد بن أبي طالب :

فلما اشتد العطش بالحسين : دعا بأخيه العباس ، فضم إليه ثلاثين فارسا وعشرين راكبا ، وبعث معه عشرين قربة .

 فأقبلوا في جوف الليل : حتى دنوا من الفرات .

فقال عمرو بن الحجاج : من أنتم ؟

فقال رجل من أصحاب الحسين عليه السلام ، يقال له :

 هلال بن نافع البجلي : ابن عم لك جئت أشرب من هذا الماء .

فقال عمرو : اشرب هنيئا .

فقال هلال : ويحك تأمرني أن أشرب :

والحسين بن علي ومن معه يموتون عطشا ؟

فقال عمرو : صدقت ، ولكن أمرنا بأمر لا بد أن ننتهي إليه .

فصاح هلال بأصحابه : فدخلوا الفرات .

وصاح عمرو بالناس : واقتتلوا قتالا شديدا .

فكان قوم : يقاتلون ، وقوم يملئون حتى ملئوها .

 ولم يقتل من أصحاب الحسين أحد .

ثم رجع القوم : إلى معسكرهم ، فشرب الحسين ومن كان معه .

ولذلك سمي العباس  عليه السلام السقاء [128].

 

 


 

 

الإشراق السابع :

الإمام ينصح أبن سعد وبن سعد يكتب لابن زياد فيرسل له شمر :

الإشعاع الأول

الإمام يكلم أبن سعد بين المعسكرين :

وقال محمد بن أبي طالب : ثم أرسل الحسين إلى عمر بن سعد لعنه الله :

 أني : أريد أن أكلمك ، فالقني الليلة بين عسكري وعسرك .

فخرج إليه ابن سعد في عشرين وخرج إليه الحسين في مثل ذلك ، فلما التقيا ، أمر الحسين عليه السلام أصحابه فتنحوا عنه ، وبقي معه أخوه العباس وابنه علي الأكبر .

وأمر عمر بن سعد وأصحابه فتنحوا عنه ، وبقي معه ابنه حفص وغلام له . 

فقال له الحسين عليه السلام : ويلك يا ابن سعد أما تتقي الله الذي إليه معادك، أتقاتلني وأنا ابن من علمت ؟

 ذر هؤلاء القوم وكن معي ، فانه أقرب لك إلى الله تعالى .

فقال عمر بن سعد : أخاف أن يهدم داري .

فقال الحسين عليه السلام : أنا أبنيها لك . فقال : أخاف أن تؤخذ ضيعتي .

فقال الحسين عليه السلام : أنا أخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز .

فقال : لي عيال وأخاف عليهم ، ثم سكت ولم يجبه إلى شيء.

فانصرف عنه الحسين عليه السلام ، وهو يقول : مالك ذبحك الله على فراشك عاجلا ولا غفر لك يوم حشرك ، فو الله إني لأرجو أن لا تأكل من بر العراق إلا يسيرا .

فقال ابن سعد : في الشعير كفاية عن البر مستهزئا بذلك القول [129]

ولما رأى الحسين عليه السلام : نزول العساكر مع عمر بن سعد بنينوى ومددهم  لقتاله ، أنفذ إلى عمر بن سعد : أنني أريد أن ألقاك ، فاجتمعا ليلا فتناجيا طويلا [130].

وأمام ما قال الطبري في تأريخ الرسل والملوك : قال أبو مخنف : حدثني أبو جناب، عن هانىء بن ثبيت الحضرمي - وكان قد شهد قتل الحسين ، قال:

بعث الحسين رضي الله عنه : إلى عمر بن سعد ، عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري :  أن القني الليل : بين عسكري وعسكرك .

قال: فخرج عمر بن سعد في نحو من عشرين فارساً، وأقبل حسين في مثل ذلك ، فلما التقوا أمر حسين أصحابه أن يتنحوا عنه ، وأمر عمر بن سعد أصحابه بمثل ذلك .

 قال : فانكشفنا عنهما بحيث لا نسمع أصواتهما ولا كلامهما ؛ فتكلما فأطالا حتى ذهب من الليل هزيعٌ ، ثم انصرف كل واحد منهما إلى عسكره بأصحابه .

وتحدث الناس : فيما بينهما ؛ ظناً يظنونه أن حسيناً قال لعمر بن سعد :

اخرج معي : إلى يزيد بن معاوية وندع العسكرين .

قال عمر : إذن تهدم داري ؛ قال: أنا أبنيها لك.

 قال: إذن تؤخذ ضياعي ؛ قال : إذن أعطيك خيراً منها من مالي بالحجاز .

 قال : فتكره ذلك عمر .  قال: فتحدث الناس بذلك ، وشاع فيهم من غير أن يكونوا سمعوا من ذلك شيئاً ، ولا علموه [131].

 

 


 

الإشعاع الثاني :

ابن سعد يكتب لأبن زياد في ترك الحسين في بلد معين :

قال المفيد في الإرشاد : ثم رجع عمر إلى مكانه ، وكتب إلى عبيد الله بن زياد :

أما بعد : فان الله قد أطفأ النائرة ، وجمع الكلمة ، وأصلح أمر الأمة .

هذا حسين : قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى ، أو أن يسير إلى ثغر من الثغور ، فيكون رجلا من المسلمين : له مالهم ، وعليه ما عليهم ، أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده[132] .

قال سبط ابن الجوزي في التذكرة : وقد وقع في بعض النسخ أن  الحسين عليه السلام قال : لعمر بن سعد دعوني أمضى إلى المدينة ، أو إلى يزيد فادع يدي في  فيرى فيما بينه وبينه رأيه ، وفي هذا لك رضى وللأمة صلاح  .

ولا يصح ذلك عنه : فإن عقبة بن السمعان قال : صحبت الحسين من المدينة إلى العراق ولم أزل معه إلى أن قتل ، والله ما سمعته قال ذلك[133] .

وأما عبارة الطبري : قال أبو مخنف : وأما ما حدثنا به المجالد بن سعيد والصقعب بن زهير الأزدي وغيرهما من المحدثين ، فهو ما عليه جماعة المحدثين ، قالوا :

 إنه قال : اختاروا مني خصالاً ثلاثاً : إما أن أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه ، وإما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيرى فيما بيني وبينه رأيه ، وإما أن تسيروني إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم ، فأكون رجلاً من أهله ، لي ما لهم وعلي ما عليهم .

قال أبو مخنف : فأما عبد الرحمن بن جندب فحدثني عن عقبة بن سمعان قال:

 صحبت حسين : فخرجت معه من المدينة إلى مكة ، ومن مكة إلى العراق ، ولم أفارقه حتى قتل ، وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلى يوم مقتله ، إلا وقد سمعتها .

ألا والله : ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون ؛ من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية ، ولا أن يسيروه إلى ثغر من ثغور المسلمين .

ولكنه قال : دعوني ، فلأذهب في هذه الأرض العريضة ، حتى ننظر ما يصير أمر الناس . قال أبو مخنف: حدثني المجالد بن سعيد الهمداني والصقعب بن زهير :

 أنهما كانا : التقيا مراراً ثلاثاً أو أربعاً ؛ حسين وعمر بن سعد[134] .

 

 


 

الإشعاع الثالث :

ابن زياد يرفض اقتراح بن سعد ويأمره بقتل الحسين ووطئه بالخيل :

فلما قرأ عبيد الله الكتاب قال : هذا كتاب ناصح مشفق على قومه .

 فقام إليه شمر بن ذي الجوشن ، فقال : أتقبل هذا منه ، وقد نزل بأرضك واتى جنبك ؟ والله لئن رحل بلادك ولم يضع يده في يدك ، ليكونن أولى بالقوة ، ولتكونن أولى بالضعف والعجز ، فلا تعطه هذه المنزلة ، فإنها من الوهن ، ولكن لينزل على حكمك هو وأصاحبه ، فان عاقبت فأنت أولى بالعقوبة ، وإن عفوت كان ذلك لك . 

فقال ابن زياد : نعم ما رأيت ! الرأي رأيك.

أخرج بهذا الكتاب : إلى عمر بن سعد ، فليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حكمي ، فان فعلوا فليبعث بهم إلي سلما ، وإن هم أبوا فليقاتلهم ، فإن فعل فاسمع له وأطع ، وإن أبى أن يقاتلهم فأنت أمير الجيش فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه . 

وكتب إلى عمر بن سعد : لم أبعثك إلى الحسين لتكف عنه ، ولا لتطاوله ، ولا لتمنيه السلامة والبقاء ، ولا لتعتذر عنه ، ولا لتكون له عندي شفيعا .

أنظر : فإن نزل حسين وأصحابه على حكمي ، واستسلموا ، فابعث بهم إلي سلما ، وإن أبوا ، فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم ، فإنهم لذلك مستحقون .

 فإن قتلت حسين : فأوطئ الخيل صدره وظهره ، فإنه عات ظلوم ، ولست أرى أن هذا يضر بعد الموت شيئا ، ولكن علي قول قد قلته ، لو قد قتلته لفعلته هذا به .

 فإن أنت : مضيت لأمرنا فيه ، جزيناك جزاء السامع المطيع .

وإن أبيت : فاعتزل عملنا وجندنا ، وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر ، فإنا قد أمرناه بأمرنا ، والسلام [135] .

وفي المناقب : و كان قد كتب لعمر منشورا بالري فجعل يقول :

فو الله ما أدري  و إني   لواقف            أفكر في  أمري  على خطرين‏

أ أترك ملك الري و الري منيتي            أم أرجع مذموما بقتل حسين‏

ففي قتله النار التي ليس  دونها            حجاب و ملك الري قرة عيني‏[136]

 

 


 

الإشعاع الرابع :

ابن زياد يوجه شمر يأمر عمر بقتل الحسين ومنعه الماء :

قال المفيد في الإرشاد : فأقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد ، فلما قدم عليه وقرأه .

 قال له عمر : مالك ويلك ، لأقرب الله دارك ، وقبح الله ما قدمت به علي .

والله : إني لأظنك نهيته عما كتبت به إليه ، وأفسدت علينا أمرا قد كنا رجونا أن يصلح ، لا يستسلم والله حسين إن نفس أبيه لبين جنبيه .

فقال له شمر : أخبرني ما أنت صانع ؟ أتمضي لأمر أميرك وتقاتل عدوه وإلا فخل بيني وبين الجند والعسكر ؟

قال : لا ولا كرامة لك ، ولكن أن أتولى ذلك فدونك ، فكن أنت على الرجالة[137] .

 

قال الصدوق : فبلغ عبيد الله بن زياد أن عمر بن سعد يسامر الحسين عليه السلام ويحدثه ، ويكره قتاله ، فوجه إليه شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف فارس .

 وكتب إلى عمر بن  سعد : إذا أتاك كتابي هذا فلا تمهلن الحسين بن علي ، وخذ بكظمه ، وحل بين الماء وبينه ، كما حيل بين عثمان وبين الماء يوم الدار .

 فما وصل الكتاب إلى عمر بن سعد لعنه الله .

أمر مناديه فنادى : إنا قد أجلنا حسينا وأصحابه يومهم وليلتهم [138].

 

 


 

الإشراق الثامن :

لعباس وأخوته يرفضون أمان أبن زياد ويؤجلوا القتال ليلة :

 

الإشعاع الأول :

 العباس وأخوته يرفضون أمان ابن زياد و شمرا ويلعنوه :

قال المفيد رحمه الله : ونهض عمر بن سعد إلى الحسين عليه السلام عشية الخميس لتسع مضين من المحرم ، وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين وقال :

أين بنو اختن ؟

فخرج إليه : جعفر والعباس وعبد الله وعثمان بنو علي عليه السلام ، فقالوا : ما تريد ؟ فقال : أنتم يا بني أختي آمنون .

 فقال له الفئة : لعنك الله ولعن أمانك أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له [139].

قوله لعنه الله بنو اختنا : وذلك لأن أم البنين بنت حزام : أم عباس ، وعثمان ، وجعفر ، وعبد الله ، كانت كلابية ، وشمر ابن ذي الجوشن كلابي .

 ولذا أخذ : من ابن زياد أمانا لبنيها .

وذكر ابن جرير ان جرير : بن عبد الله بن مخلد الكلابي ، كانت أم البنين عمته ، فأخذ لأبنائها أمانا ، هو ، وشمر بن ذي الجوشن [140]

 

وهذا ما قال ابن جرير الطبري : قال أبو مخنف : عن الحارث بن حصيرة ، عن عبد الله بن شريك العامري ، قال :

 لما قبض : بن ذي الجوشن ، الكتاب ، قام هو وعبد الله بن أبي المحل :

 وكانت عمته : أم البنين ابنة حزام عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

فولدت له : العباس ، وعبد الله ، وجعفراً ، وعثمان .

فقال عبد الله : بن أبي المحل بن حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب : أصلح الله الأمير !

إن بني أختنا : مع الحسين ، فإن رأيت أن تكتب لهم أماناً فعلت .

قال : نعم ، ونعمة عين ، فأمر كاتبه ، فكتب لهم أماناً .

فبعث به عبد الله بن أبي المحل : مع مولىً له ، يقال له : كزمان ، فلما قدم عليهم دعاهم ، فقال : هذا أمانٌ بعث به خالكم .

 فقال له الفتية : أقراء خالنا السلام ، وقل له : أن لا حاجة لنا في أمانكم .

 أمان الله : خيرٌ من أمان ابن سمية .

 

ـ ثم أنه : بعد أن ذكر محاورة الشمر وأبن سعد قال ـ

 قال: فنهض ـ عمر بن سعد إليه ـ الحسين ـ عشية الخميس لتسعٍ مضين من المحرم .

 

قال: وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين ، فقال : أين بنو أختنا ؟

 فخرج إليه : العباس ، وجعفر ، وعثمان بنو علي ، فقالوا له : ما لك وما تريد ؟

 قال : أنتم يا بني أختي آمنون .

 قال له الفتية : لعنك الله ولعن أمانك ! لئن كنت خالنا .

أتؤمننا : وابن رسول الله لا أمان له [141].

 

 


 

الإشعاع الثاني :

العقيلة تنبه الحسين لزحف ابن سعد بجيشه:

إنا لله وإنا إليه راجعون : فإنه بعد محاورة شمر مع بن سعد : عشية الخميس لتسعٍ مضين من المحرم .

 نادى عمر :  يا خيل الله : اركبي ! وبالجنة أبشري !

فركب الناس : ثم زحف نحوهم بعد العصر ، والحسين عليه السلام جالس أمام بيته محتبئ بسيفه ، إذ خفق برأسه على ركبتيه .

 وسمعت أخته : الصيحة ، فدنت من أخيها ، وقالت :

يا أخي : أما تسمع هذه الأصوات قد اقتربت ؟

فرفع الحسين عليه السلام رأسه فقال : إني رأيت رسول الله الساعة في المنام ، وهو يقول لي : إنك تروح إلينا ، فلطمت أخته وجهها ، ونادت بالويل .

فقال لها الحسين : ليس لك الويل يا أختاه اسكتي رحمك الله .

وفي رواية السيد قال : يا أختاه إني رأيت الساعة جدي محمدا وأبي عليا وأمي فاطمة وأخي الحسن .

وهم يقولون : يا حسين إنك رائح إلينا عن قريب وفي بعض الروايات : غدا .

 قال : فلطمت زينب عليها السلام على وجهها وصاحت .

فقال لها الحسين عليه السلام : مهلا لا تشمتي القوم بنا [142].

يا طيب : قد مر أن الإمام الحسين يكرمه الله بالخفقة ، أي نعاس ، يرى فيها أمور تخبره بحاله ومصيره ليكون على بصيرة من أمره ، ويخبر أصحابه مصيره لكي يكون من يحب البقاء يزار لأبد الدهر ، ويسلم عليه ويشكر فعله وينال رضا الله ويقتدى به ، وأما النعاس فهو كما قال الله تعالى : { ذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ  أَمَنَةً مِّنْهُ (11) } الأنفال ، وهذا ما كرم الله به الإمام ، فكان مطمئن برضا الله وقضائه مع أقدام ونهضة مختارا لها ، ليكون لمن يتذكر فعله وعلمه وما يعلمه ، مصلح لما فسد من أموره مع نفسه ومع الله .

 

 


 

الإشعاع الثالث :

الحسين يأمر العباس يستعلم سبب زحف القوم ويؤجلهم ليلة:

قال المفيد في الإرشاد والطبري في تأريخ الرسل والملوك :

وقال له العباس بن علي عليه السلام :

يا أخي : أتاك القوم .

 فنهض ، ثم قال : اركب أنت يا أخي حتى تلقاهم ، وتقول لهم : مالكم ؟ وما بدا لكم ؟ وتسألهم عما جاء بهم ؟

 فأتاهم العباس : في نحو من عشرين فارسا ، فيهم زهير بن القين ، وحبيب بن مظاهر . فقال لهم العباس : ما بدا لكم ، وما تريدون ؟

قالوا : قد جاء أمر الأمير أن يعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم .

 قال : فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم .

 فوقفوا فقالوا : القه وأعلمه ، ثم القنا بما يقول لك .

فانصرف العباس : راجعا ، يركض إلى الحسين عليه السلام يخبره الخبر ، ووقف أصحابه يخاطبون القوم ، ويعظونهم ويكفونهم عن قتال الحسين

فجاء العباس : إلى الحسين عليه السلام ، وأخبره بما قال القوم .

فقال : ارجع إليهم ، فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غد ، وتدفعهم عنا العشية .

لعلنا نصلي لربنا الليلة .

 وندعوه ، ونستغفره .

 فهو يعلم أني قد كنت :

أحب الصلاة له .

 وتلاوة كتابه .

 وكثرة الدعاء .

والاستغفار . 

فمضى العباس إلى القوم ، ورجع من عندهم .

 ومعه رسول من قبل عمر بن سعد يقول : إنا قد أجلناكم إلى غد ، فإن استسلمتم سرحنا بكم إلى عبيد الله بن زياد ، وإن أبيتم فلسنا بتاركيكم ، فانصرف[143].

 

 


 

 

الإشعاع الرابع :

أصحاب الإمام الحسين يخطبون القوم حتى رجع العباس بأمر الحسين :

قال الطبري في تكملة حديثه في الإشعاع السابق : قال: فانصرف العباس راجعاً يركض إلى الحسين يخبره بالخبر .

ووقف أصحابه يخاطبون القوم :

 فقال حبيب ابن مظاهر: لزهير بن القين كلم القوم إن شئت، وإن شئت كلمتهم.

فقال له زهير : أنت بدأت بهذا ، فكن أنت تكلمهم .

 فقال له حبيب بن مظاهر : أما والله لبئس القوم عند الله غداً ، قومٌ يقدمون عليه قد قتلوا ذرية نبيه عليه السلام ، وعترته وأهل بيته صلى الله عليه وسلم ، وعباد أهل هذا المصر ، المجتهدين بالأسحار ، والذاكرين الله كثيراً .

فقال له عزرة بن قيس : إنك لتزكي نفسك ما استطعت .

فقال له زهير : يا عزرة ، إن الله قد زكاها وهداها ، فاتق الله يا عزرة ، فإني لك من الناصحين ، أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية !

 قال : يا زهير ، ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت ، إنما كنت عثمانياً .

 قال : أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم !

أما والله : ما كتبت إليه كتاباً قط ، ولا أرسلت إليه رسولاً قط ، ولا وعدته نصرتي قط ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه ، فلما رأيته ذكرت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه من عدوه وحزبكم .

 فرأيت : أن أنصره ، وأن أكون في حزبه ، وأن أجعل نفسي دون نفسه ، حفظاً لما ضيعتم من حق الله وحق رسوله عليه السلام .

 قال : وأقبل العباس بن علي يركض حتى انتهى إليهم .

 فقال : يا هؤلاء ، إن أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتى ينظر في هذا الأمر ، فإن هذا أمرٌ لم يجر بينكم وبينه فيه منطقٌ ، فإذا أصبحنا التقينا إن شاء الله ، فإما رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه ، أو كرهنا فرددناه .

وإنما أراد بذلك : أن يردهم عنه تلك العشية حتى يأمر بأمره ، ويوصي أهله .

 فلما أتاهم : العباس بن علي بذلك ، قال عمر بن سعد : ما ترى يا شمر؟

قال : ما ترى أنت ، أنت الأمير ، والرأي رأيك .

 قال : قد أردت ألا أكون ؛ ثم أقبل على الناس فقال: ماذا تريدون ؟

 فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة الزبيدي : سبحان الله! والله لو كانوا من الديلم ، ثم سألوك هذه المنزلة ، لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليها .

وقال قيس بن الأشعث : أجبهم إلى ما سألوك، فلعمري ليصبحنك بالقتال غدوة.

 فقال : والله لو أعلم أن يفعلوا ما أخرجتهم العشية .

 قال: وكان العباس بن علي حين أتى حسيناً بما عرض عليه عمر بن سعد .

 قال : ارجع إليهم ، فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غدوة وتدفعهم عند العشية :

لعلنا : نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره .

 فهو يعلم : أني قد كنت أحب الصلاة له ، وتلاوة كتابه ، وكثرة الدعاء ، والاستغفار .

 قال أبو مخنف : حدثني الحارث بن حصيرة، عن عبد الله بن شريك العامري ، عن علي بن الحسين قال :

أتانا رسولٌ : من قبل عمر بن سعد ، فقام مثل حيث يسمع الصوت ، فقال:

إنا : قد أجلناكم إلى غد ، فإن استسلمتم سرحنا بكم إلى أميرنا عبيد الله بن زياد ، وإن أبيتم فلسنا بتاركيكم[144] .

 

 

 


 

 

الإشراق التاسع :

الإمام الحسين وآله وصحبه في ليلة العاشر من المحرم :

الإشعاع الأول :

الإمام يخطب أصحابه ليلة العاشر من المحرم ويجعلهم في حل :

قال المفيد رحمه الله والطبري بالإسناد عن علي بن الحسين :

 وجمع الحسين عليه السلام : أصحابه ، عند قرب المساء . 

قال علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام : فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم وأنا إذ ذاك مريض ، فسمعت أبي يقول لأصحابه :

أثني على الله : أحسن الثناء ، واحمده على السراء والضراء .

اللهم : إني أحمدك ، على أن أكرمتنا بالنبوة ، وعلمتنا القرآن ، وفقهتنا في الدين ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ، فاجعلنا من الشاكرين . 

أما بعد :

فإني لا أعلم أصحابا أوفى .

 ولا خيرا من أصحابي .

 ولا أهل بيت أبر وأوصل من أهل بيتي .

 فجزاكم الله عني خيرا .

ألا وإني : لأظن يوما لنا من هؤلاء ، ألا وإني قد أذنت لكم ، فانطلقوا جميعا في حل ، ليس عليكم حرج مني ولا ذمام ، هذا الليل قد غشيكم،  فاتخذوه جملاً [145].

 

 


 

الإشعاع الثاني :

اثنان ممن مع الإمام يطلبا الإذن بالانصراف :

قال أبو مخنف: حدثنا عبد الله بن عاصم الفائشي - بطن من همدان - عن الضحاك بن عبد الله المشرقي ، قال : قدمت ومالك بن النضر الأرحبي : على الحسين ، فسلمنا عليه ، ثم جلسنا إليه ، فرد عليا ، ورحب بنا ، وسألنا عما جئنا له ، فقلنا : جئنا لنسلم عليك ، وندعو الله لك بالعافية ، ونحدث بك عهداً ، ونخبرك خبر الناس ، وإنا نحدثك أنهم قد جمعوا على حربك فرأيك .

 فقال الحسين رضي الله عنه : حسبي الله ونعم الوكيل !

قال : فتذممنا وسلمنا عليه ، ودعونا الله له .

قال : فما يمنعكما من نصرتي ؟

فقال مالك ابن النضر : علي دين ، ولي عيال .

 فقلت له : إن علي ديناً ، وإن لي لعيالاً ، ولكنك إن جعلتني في حلٍّ من الانصراف إذا لم أجد مقاتلاً قاتلت عنك ما كان لك نافعاً ، وعنك دافعاً!

 قال : قال: فأنت في حل ؛ فأقمت معه .

 فلما كان الليل قال : هذا الليل قد غشيكم ، فاتخذوه جملاً ، ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله ، فإن القوم إنما يطلبوني ، ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري [146].

 

 


 

 

الإشعاع الثالث :

الآل والأصحاب يعلنون نصرهم لإمام حتى الشهادة :

قال المفيد والطبري بالإسناد :

فقال له : إخوته ، وأبناؤه ، وبنو أخيه ، وابنا عبد الله بن جعفر :

لم نفعل : ذلك لنبقى بعدك ، لا أرانا الله ذلك أبدا .

بدأهم بهذا القول : العباس بن علي ، وأتبعته الجماعة عليه  فتكلموا بمثله ونحوه .

 فقال الحسين عليه السلام : يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم بن عقيل ، فاذهبوا أنتم ، فقد أذنت لكم .

 فقالوا : سبحان الله ما يقول الناس ؟  

نقول : إنا  تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ، ولم نرم معهم بسهم ، ولم نطعن  معهم برمح ، ولم نضرب معهم بسيف ، ولا ندري ما صنعوا .

 لا والله : ما نفعل ذلك  ، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلنا ، ونقاتل معك حتى نرد موردك ، فقبح الله العيش بعدك . 

وقام إليه مسلم بن عوسجة  فقال : أنحن نخلي عنك ، وبما نعتذر إلى الله في أداء حقك ؟ لا والله حتى أطعن في صدورهم برمحي ، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به ، لقذفتهم بالحجارة .

قال: وقال سعيد بن عبد الله الحنفي:  والله لا نخليك : حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله فيك ، أما والله :

 لو علمت : أني اقتل ، ثم أحيى ، ثم احرق ، ثم أحيى ، ثم أذرى ، يفعل ذلك بي سبعين مرة ، ما فارقتك ، حتى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك ، وإنما هي قتله واحدة ، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا .

وقام زهير بن القين فقال : والله لوددت أني لو قتلت نشرت ، ثم قتلت ، حتى أقتل هكذا ألف مرة ، وأن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك ، وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك . 

وتكلم جماعة أصحابه : بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد ، فقالوا :

والله : لا نفارقك ، ولكن أنفسنا لك الفداء

نقيك بنحورنا وجباهنا وأيدينا ، فإذا نحن قتلنا كنا وفينا، وقضينا ما علينا.

 فجزاهم الحسين خيرا ، وانصرف إلى مضربه [147].

ولله در بن حماد قال[148]:

لست أنساه حين أيقن بالموت            دعاهم  و قام  فيهم  خطيبا

ثم قال  ارجعوا   إلى   أهلكم            فليس سواي  أرى لهم مطلوبا

فأجابوه  و  العيون   سكوب            و حشاهم قد شب منها لهيبا

أي عذر  لنا  غدا حين نلقى            جدك المصطفى و نحن حروبا

 

 


 

 

الإشعاع الرابع :

الإمام يعطي أحد أصحابه ما يفك به أسر أبنه :

وقال السيد ابن طاووس : وقيل لمحمد بن بشر الحضرمي في تلك الحال :

 قد اسر ابنك بثغر الري .

فقال : عند الله احتسبه ونفسي  ، ما أحب أن يؤسر ، وأنا أبقى بعده .

فسمع  الحسين عليه السلام قوله ، فقال : رحمك الله ، أنت في حل من بيعتي ، فأعمل في فكاك أبنك .

فقال : أكلتني السباع حيا إن فارقتك .

 قال : فأعط أبنك هذه الأثواب البرود يستعين بها في فداء أخيه .

 فأعطاه : خمسة أثواب قيمتها ألف دينار [149].

 

 


 

 

الإشعاع الخامس :

عبادة الحسين وآله ليلة العاشر من المحرم ومن التحق بهم  :

قال السيد في اللهوف : قال الراوي :

و بات الحسين عليه السلام و أصحابه تلك الليلة :

و لهم دوي كدوي النحل .

ما بين : راكع ، و ساجد ، و قائم ، و قاعد .

فعبر عليهم : في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد ، اثنان و ثلاثون رجلا .

وكذا كانت: سجية الحسين عليه السلام، في كثرة صلاته، وكمال صفاته[150].

 

 


 

 

الإشعاع السادس :

ليلية العاشر الإمام ينعى نفسه بأبيات وزينب تعزيه :

قال المفيد رحمه الله : قال علي بن الحسين عليه السلام ، إني جالس في تلك الليلة التي قتل أبي في صبيحتها ، وعندي عمتي زينب تمرضني ، إذا اعتزل أبي في خباء له ، وعنده فلان ( جون ) مولى أبي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويصلحه ، وأبي يقول : 

يا دهر أفٍّ لك من  خليل ... كم لك بالإشراق والأصيل

من صاحبٍ أو طالبٍ قتيل ... و الدهر  لا  يقنع  بالبديل

و إنما  الأمر   إلى   الجليل ... و كل  حيٍّ  سالك السبيل

فأعادها : مرتين أو ثلاثا حتى فهمتها ، وعلمت ما أراد ، فخنقتني العبرة .

 فرددته : ولزمت السكوت ، وعلمت أن البلاء قد نزل .

وأما عمتي : فلما سمعت ما سمعت ، وهي امرأة ، ومن شأن النساء الرقة والجزع ، فلم تملك نفسها أن وثبت تجر ثوبها ، وهي حاسرة حتى انتهت إليه ، وقالت :

واثكلاه : ليت الموت أعدمني الحياة ، اليوم مات أمي فاطمة ، وأبي علي ، وأخي ، الحسن ، يا خليفة الماضي ، وثمال الباقي .

فنظر إليها الحسين عليه السلام وقال لها : يا أخته لا يذهبن حلمك الشيطان ! وترقرقت عيناه بالدموع ، وقال :

 لو ترك القطا ليلا لنام  .

فقالت : يا ويلتاه ، أفتغتصب نفسك اغتصابا ؟

فذلك : أقرح لقلبي ، وأشد على نفسي ، ثم لطمت وجهها ، وهوت إلى جيبها وشقته ، وخرت مغشية عليها . 

فقام إليها الحسين عليه السلام : فصب على وجهها الماء .

وقال له : يا أختاه ، اتقي الله ، وتعزي بعزاء الله .

 وأعلمي : أن أهل الأرض يموتون ، وأهل السماء لا يبقون ، وأن كل شيء هالك إلا وجه الله تعالى ، الذي خلق الخلق بقدرته ، ويبعث الخلق ويعودون وهو فرد وحده.

 وأبي : خير مني ، وأمي خير مني ، وأخي خير مني .

 ولي ولكل مسلم : برسول الله أسوة ، فعزاها بهذا ونحوه .

وقال لها : يا أختاه ، إني أقسمت عليك ، فأبري قسمي .

لا تشقي علي : جيبا ، ولا تخمشي علي وجها ، ولا تدعي علي بالويل والثبور ، إذا أنا هلكت ، ثم جاء بها حتى أجلسها عندي[151]

 

 


 

الإشعاع السابع :

الإمام في السحر ينظم الخيام وما بين البيوت :

وقال المفيد في الإرشاد في تتمة الحديث السابق عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام :

ثم خرج إلى أصحابه : فأمرهم أن يقرن بعضهم بيوتهم من بعض ، وأن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض ، وأن يكونوا بين البيوت .

 فيقابلوا القوم : في وجه واحد والبيوت من ورائهم ، وعن أيمانهم وعن شمائلهم ، قد حفت بهم ، إلا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم .

 ورجع عليه السلام : إلى مكانه .

فقام ليلته كلها : يصلي ، ويستغفر ، ويدعو ، ويتضرع .

 وقام أصحابه :  كذلك يصلون ، ويدعون ، ويستغفرون [152] .

وقال الصدوف في الأمالي : ثم إن الحسين عليه السلام أمر بحفيرة فحفرت حول عسكره شبه الخندق ، وأمر فحشيت حطبا[153].

 

 


 

الإشعاع الثامن :

الإمام يخبر عن قاتله في وقت السحر :

وقال في المناقب : فلما كان وقت السحر خفق الحسين برأسه خفقة ، ثم استيقظ فقال : أتعلمون ما رأيت في منامي الساعة ؟

 فقالوا : وما الذي رأيت يا ابن رسول الله ؟ 

فقال : رأيت كأن كلابا قد شدت علي لتنهشني ، وفيها كلب أبقع رأيته أشدها علي ، وأظن أن الذي يتولى قتلي ، رجل أبرص من بين هؤلاء القوم ، ثم إني رأيت بعد ذلك جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومعه جماعة من أصحابه ، وهو يقول لي :

 يا بني : أنت شهيد آل محمد .

وقد استبشر بك أهل السماوات وأهل الصفيح الأعلى ، فليكن إفطارك عندي الليلة عجل ولا تؤخر !

فهذا ملك : قد نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء ، فهذا ما رأيت .

وقد أزف الأمر ، واقترب الرحيل من هذه الدنيا لا شك في ذلك [154].

 

 


 

الإشعاع التاسع :

سحر العاشر يتلووا الإمام آية تمييز الطيب وبرير يؤكدها :

وقال المفيد : قال الضحاك بن عبد الله : ومرت بنا خيل لابن سعد تحرسنا ، وإن حسينا عليه السلام ليقرأ :

 {  وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا أنَّمَا نُمْليْ لَهُمْ خَيْرٌ لانفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْليْ لَهُمْ لِيَزْدَادُوْا إِثْمَاً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِين (178)

 مَا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِيْن عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ

حَتَّى يَمِيْزَ الْخَبِيْثَ مِنَ الطَّيِّب (179)}آل عمران  .

فسمعها : من تلك الخيل رجل يقال له : عبد الله ابن سمير ، وكان مضحاكاً ، وكان شجاعا بطلا فارسا شريفا فاتكا ـ بل كان خنيثاً خبيثاً فاسق إذ فضل ابن زياد ويزيد وآل أبي سفيان الفجرة الكفرة على أطيب أهل الدنيا والآخرة وأطهرهم ومحمد وآله صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ـ :

فقال : نحن ورب الطيبون ميزنا بكم .

فقال له برير بن الخضير : يا فاسق أنت يجعلك الله من الطيبين ؟ 

قال له : من أنت ويلك ، قال : أنا برير بن الخضير ، فتسابا [155].

 

 


 

الإشعاع العاشر :

أنس الحسين وصحبه بالإقدام على التضحية والشهادة :

قال السيد ابن طاووس : فلما كان الغداة أمر الحسين عليه السلام بفسطاطه فضرب وأمر بجفنة فيها مسك كثير فجعل فيها نورة ، ثم دخل ليطلي .

فروي أنّ بُرير بن خضير الهمداني وعبد الرحمن بن عبد ربه الأنصار ، وقفا على باب الفسطاط ليطليا بعده ، فجعل برير يضاحك عبد الرحمن ، فقال له عبد الرحمان يا برير أتضحك ؟ ما هذه ساعة باطل .

 فقال برير : لقد علم قومي أنني ما أحببت الباطل كهلاً ولا شاباً ، وإنما أفعل ذلك استبشارا بما نصير أليه .

 فوالله ما هو إلا أن نلقي هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم ساعة ثم نعانق الحور العين[156] .

أقول : هذه رواية مرسلة ولم تسند لأحد ولم يذكرها أبو مخنف ولا غيره ، وهي  تذكر الطلاء بالنورة والمعروف أنها تحتج لماء كثير وبالخصوص إذا كانت طلاء لثلاث أنفر ، ولعله كان هذا الحدث قبل يوم العاشر بأيام ، أولاً : لقلة الماء في الأيام الأخيرة ،  وثانياً : لأن الإمام يوم العاشر بعد صلاة الصبح أقبلت جيوش الكفر تهجم عليهم كما سترى في الجزء الآتي ، فمتا أتم الإمام الصلاة ، وقابل القوم ، وقبلها كانت مقدمات تنظيم العسكر ، وجعل مقدمة له وميمنة وميسرة وصفهم وأختار القادة للمجموعات ولو مع قلتهم ، وكيف يعدهم للمواجهة ، حتى يتفرغ لمثل هذا .

وذكرت الرواية لما فيها من أنس الأصحاب بالشهادة وحبهم لقدوتهم الإمام في جميع أفعاله ، ولعله كان في الخيمة أمر آخر غفل عنه الراوي .

على أن الرواية : عند الصباح وليس من الليل مما يجعلها أشد بعدا من الواقع .

 

 


 

 

الإشراق العاشر :

عدم مبالاة الإمام وصحبه وفرحهم بالشهادة وما أعد الله لهم:

الإشعاع الأول :

فرح الحسين وصحبة بالشهادة لأن اليقين يلازمهم :

يا طيب : في الحقيقة : إن الإمام الحسين عليه السلام وصحبه الكرام ، فرحون بما وفقهم لله لإقامة دينه والتحلي بهداه والجهاد في سبيله ، ورفض الكفر والضلال والطغيان ولذا جاء عن مولى الموحدين :

لا يُقَاسُ

بِآلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام مِنْ هذِهِ الاُمَّةِ أَحَدٌ .

 وَلا يُسَوَّى بِهِمْ

مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أبَداً.

 هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ ،  وَعِمَادُ اليَقِينِ .

 إِلَيْهمْ يَفِيءُ الغَالي ، وَبِهِمْ يَلْحَقُ التَّالي .

وَلَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الوِلايَةِ ، وَفِيهِمُ الوَصِيَّةُ وَالوِرَاثَةُ [157].

وهذا تفسير ما قال الله سبحانه تعالى في محكم كتابه الكريم :

{ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ

فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ

وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ

ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)} آل عمران  .

وقال عز وجل:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ(119)} التوبة.

وإن من يباهله الإمام الحسين ويلعنه الإمام : فضلا من أن يحاربه الإمام ،  لهو الكاذب ، لأن الله سبحانه عرف الإمام الحسين وآله بالصادقين ، وأمرنا بالكون معهم كما في الآيات أعلاه ، فإن الإمام الحسين هو أحد الخمسة الذين زكاهم الله سبحانه وتعالى ، وهذا ما تيقنه أصحابه فأقدموا على الشهادة بكل اطمئنان وفرح وسرور على ما يقدمون من تقديم الأنفس ، وكل شيء يملكونه في سبيل إعلاء كلمة الدين في نصرهم أبي عبد الله الحسين عليه السلام :

وبهذا كانوا : يعرفون أنهم سيتطهرون ، بل يطهرون من يسلك منهجهم ، كما تطهروا بنصر أبا عبد الله ، أليس قال الله سبحانه :

{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً (33) } الأحزاب . وقال سبحانه :

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى

وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى  .

فصحب الحسين عليه السلام : وآله الكرام فضل عن وجوده المبارك ، متيقنون بأنهم هم أولي النعمة الصادقون المطهرون من كل شك ، وهذا عن ود لنصر آل محمد وحب وبكل سرور يسيرون في منهجهم المبارك ، فلا غرو وإنهم : لَعَلَى يَقِينٍ مِنْ رَبِّهم ، وليس عندهم شك في دينهم ، ولا تخطر في بالهم شبهة في ما أعد لهم لله تعالى عنده من الكرامة والمقام الرفيع .

فلذا لا يجزعون من الموت وهم تربيت ذلك العظيم الذي قال :

 فَإِنْ أقُلْ يَقُولُوا : حَرَصَ عَلَى الـمُلْكِ .

 وَإنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا : جَزع مِنَ المَوْتِ !

 هَيْهَاتَ وَاللهِ : لاَبْنُ أَبي طَالِبٍ آنَــــــسُ بالمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْي أُمِّهِ .

وكيف لا يظهرون السرور وهم يقدمون لجهاد قوم : زَرَعُوا الفُجُورَ، وَسَقَوْهُ الغُرُورَ، وَحَصَدُوا الثُّبُورَ ، ونكثوا أيمانهم من بعد عهدهم .

وكيف لا يستبشرون  وهم يقاتلون :

أئمة الكفر ، الذين يأمرون بالفجور والعدوان والطغيان ، وقد حبطت أعمالهم .

وكيف لا يأنسون بالشهادة وهم يتلون قول الله تعالى :

{وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ

وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمً(104)} النساء .

وقوله سبحانه : {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم (75) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (76)

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ(77)} العنكبوت. 

فإنهم حقا كانوا فرحون لأنهم يكونوا بإقدامهم حقيقة قوله عز وجل :

{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ  قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)

فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ

وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ

أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170)

يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)

 الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ

لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)

 الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ  النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ

 قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ

 فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)} آل عمران .

والله كان في إقدامهم المطمئن : لنصرة الحق والهدى مع أبا عبد الله ، حقيقة ما تلوت من كلام الله ووعده بالحسنى لهم ، ولمن يسير على صراطهم المستقيم لحقيقة النعيم :

لأنهم هم الذين ينطبق عليهم قوله تعالى :

{ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)

 الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29)} الرعد .

فلذا يا طيب : نتيقن أنهم مستبشرون بالإقدام على الجهاد والشهادة ، وهم على يقين برضا الله ونعمه ، وقد كشف لهم الغطاء لخلوص نيتهم وصفاء روحهم ، فرأوا منازلهم في الجنة ونعيمها من الحور العين والولدان المخلدين .

 وإليكم يا طيب : الأحاديث التالية ، فتدبرها كالآيات السابقة ، تعرف الحق وأهله ، وإنهم بإقدامهم على نصر الحق وأهله ، فرحون مستبشرون على ما سيكرمهم الله به في الجنة ـ ويكونوا مع الحسين وآله صلى الله عليهم وسلم .

 وجعلنا الله معهم وعلى منهجهم في الدنيا والآخرة ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 


 

 

الإشعاع الثاني :

فرح واستبشار أصحاب الحسين بنصرته وكشف الغطاء لهم  :

يا طيب : جاء في الخرايج والجرايح عن الثمالي قال :

قال علي بن الحسين عليهم السلام :

كنت مع أبي : في الليلة التي قتل في صبيحتها ، فقال لأصحابه :

هذا الليل فاتخذوه جنة .

 فإن القوم إنما يريدونني ، ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم .

 وأنتم في حل وسعة .

 فقالوا : والله لا يكون هذا أبدا .

فقال : إنكم تقتلون غدا كلكم ، ولا يفلت منكم رجل .

 قالوا : الحمد لله الذي شرفنا بالقتل معك . 

ثم دعا فقال لهم :

 ارفعوا رؤوسكم : وانظروا ، فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنة .

 وهو يقول لهم :

هذا منزلك يا فلان .

 فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره ووجهه

 ليصل إلى منزلته من الجنة [158].

 

و في علل الشرائع : عن ابن عمارة عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

قلت له : أخبرني عن أصحاب الحسين وإقدامهم على الموت .

فقال عليه السلام : إنهم كشف لهم الغطاء .

حتى رأوا منازلهم من الجنة .

 فكان الرجل منهم يقدم على القتل .

ليبادر إلى حوراء يعانقها ، وإلى مكانه من الجنة [159].

 

يا طيب : قد يشكل بأن الأصحاب أقدامهم كان لمعانقة الحور ولمنازلهم الجنة ، لا إخلاصا لرضا الله رب العالمين تعالى ؟

وهذا مذاق : من لم يعرف أصحاب الحسين حق المعرفة ، وأن جهادهم كان عن معرفة وبصيرة ، وهم يقدمون على التضحية والفداء عن مبدأ وعقيدة ، انظر مصباح الجزء الآتي في يوم إقدامهم إلى الشهادة ورجزهم ، وما فاح من كلماتهم الطيبة في شعرهم ، وهم يقدمون على فداء أنفسهم في سبيل الدفاع عن الهدى والحق ونصره .

وأن من كان له هدف كلي : وهو رضا الله تعالى ، يكون هو غايته ، وهو الدافع له للإقدام على نصر الحق ولشهادة ، نعم هناك ملازمات لا تنفك عن الهدف الكلي الذي هو رضا الله ، وهي مثل الدفاع عن الدين ، ومحاربة الكفر والنفاق ، وإقامة الواجب ، ومن ثم رجاء دخول الجنة ، ومعانقة الحور العين ، وفكاك الرقبة من النار ، وغيرها الملازمات ، كالحصول على رضا الرسول وآل البيت والشفاعة ، وطيب النفس ، وفرح الحصول على النعم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال وغيرها .

فلو قال الإنسان : أريد أقدم على الجهاد حتى الشهادة في سبيل رضا الله تعالى ، كان كلامه هذا هو المصداق الحقيقي للهدف الكلي لجهاده وعمله ، ولو قال أجاهد أعداء الله للحصول على أي أمر من الأمور الجزئية الملازمة للهدف الكلي ، أيضاً يكون صادق في كلامه ، لأن السعي للهدف الجزئي بعد الهدف الكلي يكون ملازم له ، ويدخل في مصداقه بالتبع ، لأن ليس طلب لشيء من أمور الدنيا وزخرفها .

فقول الإمام في أصحاب الحسين عليهم السلام : إنهم كشف لهم الغطاء حتى رأوا منازلهم من الجنة ، فكان الرجل منهم يقدم على القتل ليبادر إلى حوراء يعانقها وإلى مكانه من الجنة ، هذا المقام حصل لهم بعد أن حصلوا على الهدف الكلي ، وهو رضا الله تعالى ، وألا لولا رضا الله تعالى فلا جنة ولا حور ولا قصور ، بل هذه الأمور الجزئية بعد الحصول على الأمر الكلي ، وهي تؤكده وتعبر عن الحصول عليه بشكل أجمل ومقام ألطف ومصداق أحسن ، وأوقع للقلوب ، ومحبب للنفوس ، وهو أن يدخل في نتيجة النتيجة ، ويغوص في أعماق الهدف ، وذلك لأنه بتوفيق الله وبفضله ، تم للإمام ما أراهم ، وإنهم يعملون بأمره .

ويا طيب : ستأتيك في فصل استشهاد الإمام الحسين وأصحابه في يوم العاشر كثير من هذه الكلمات ، سواء في كلمات لإمام ، أو آله الطيبين ، وأصحابه الكرام ، وهي كلمات تعبر عن الإخلاص له ، ونتيجة لرضا الله تعالى عنهم ، فتدبرها وتمنى مثلها ، فلا غرو عليك ولا ملامة ، ولكن كما عرفت بشرطها وشروطها ، وهي أن تكون في طاعة الله وفي طريق الحصول على رضاه ، وألا فلا شيء إذا لم يكن رضا الله  في المقام الأول .

والله سبحانه وتعالى : عرف إخلاص الحسين وأصحابه ، فمنحهم هذا المقام الشريف من كشف الغطاء ، والنظر لما تتوق له النفس المؤمنة التي رغب الله في كتابه المؤمنين للحصول عليها ، وبإقامة العبودية الحقيقية له في كل أبعادها .

وهذا لا ينافي الإخلاص : بل عينه ، ونتيجته وخلاصته وغور في أعماقه ، لأنه بعد الحصول على الهدف الأصل ، والغاية القصوى التي هي رضا الله تعالى .

وهذا لا ينافي : عبدتك لأنك أهلاً للعبادة لا طمع في جنة ولا خوف من نار ، لأن العبادة لله فقط لدخول الجنة أو لخوف النار دون النظر لمقام الله وقدرته ، وأن كان بمكان من الإمكان ويتيسر في العبادة اليومية البسيطة والتي تجري كالعادة ، إلا أنها بالنسبة للعبادات والطاعات العالية في الجهاد والإقدام على التضحية والفداء يقدمها التوجه الشديد لرضا الله تعالى ، ثم يتبعها التوجه بالرغبة بالجنة ونعيمها والخوف من النار ولهيبها ، ورؤيتهما قبل الشهادة مقام عالي لا يحصل عليه إلا كل ذو حض عظيم ، قد أخلص لله حق الإخلاص ، وحصل على الرضا الإلهي ، وبعد ذلك دخل في أعماقه فرأى النتيجة وكان نظره لمقامه العالي المنيف :

دليل قوي لكونه في جهاده كان في مقام :

إلهي عبدتك : لأنك أهلاً لذلك ، لا طمعاً في جنة ولا خوفاً من نارك ، لأنك أهلاً للعبادة فعبدتك . أو قريب منه بما يسمح له به رؤية مقامه في نعيم الله وكرامته :

وهذا كان حق : للمتربين بتربية نبينا محمد وآله الأطهار ، والذين يرون الجنة قبل الشهادة ، وهو للواصلين لرضا الله .

 جعلنا الله و إياكم : معهم في كل مراتب اليقين مطمئنين النفس في السير على صراط أبا عبد الله الحسين وآله الكريم ، ولكل نعيم الله سبحانه وتعالى ، حتى يجلسنا معه على موائد النور يوم القيامة ، وعلى كوثر الخير نحف به في كل مراتب الجنة ، فإنه ولي التوفيق وأهو أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

ويا طيب ذا عرفنا : أحوال ليلة العاشر ، فلندخل في أظلم يوم في الدنيا ، ظهر فيه مصباح ينير كل الوجود ، ويوصل المؤمن لحق عبودية الله المحمود ، وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم على نهج الحسين ، نستنير بمصباح هداه ونركب سفينة نجاته ، والله ولي التوفيق وإنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

الحمد لله رب العالمين والشكر له على ما وفق إنه بر رحيم ولطيف كريم

يا طيب : قد عملت في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام لعدة أجزاء منها
 عشر سنوات في كل سنة في شهر محرم وصفر وأيام أخرى
وهذا الجزء صحيفة : أنوار نهضة الإمام الحسين عليه السلام  تمت مراجعته وإعداده للإنترنيت:

ليلة الأربعين 20 عشرون صفر سنة 1431 هجرية
4 / 2 / 2010 ميلادية

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

 

 



 

[106] أمالي الصدوق المجلس 30 ح 1. بحار الأنوار ج40ب37ص315ح1.

[107] الإرشاد ج2ص84 ، بحار الأنوار ج40ب37ص381ح2.

[108] اللهوف ص81 .

[109]  بحار الأنوار ج44ب37ص383ح1.المناقب ج4ص97 .

[110] بحار الأنوار ج44ب37ص383ح1.

[111] بحار الأنوار ج44ب37ص384ح1.

[112] أمالي الصدوق المجلس 30 ح 1. بحار الأنوار ج44ب37ص315ح1.

[113] تاريخ الرسل والملوك ج 3 ص 263 .الكامل في التاريخ ج2ص167 .

[114] الإرشاد ج2ص84 ، بحار الأنوار ج40ب37ص384ح2.تاريخ الرسل والملوك ج3ص264 .

[115] الإرشاد ج2ص85 ، بحار الأنوار ج40ب37ص384ح2.تاريخ الرسل والملوك ج3ص264 .

[116] الإرشاد ج2ص86 ، بحار الأنوار ج40ب37ص385ح2.

[117] بحار الأنوار ج40ب37ص385ح2.

[118] الإرشاد ج2ص86 ، بحار الأنوار ج40ب37ص389ح2.تاريخ الرسل والملوك ج3ص265 .

[119] الإرشاد ج2ص86 ، بحار الأنوار ج40ب37ص389ح2.تاريخ الرسل والملوك ج3ص265 .

[120] الإرشاد ج2ص86 ، بحار الأنوار ج40ب37ص389ح1. يقال : بغر البعير وكذا الرجل - كقطع وعلم - : بغرا : شرب فلم يرو . فهو  بغير وبغر .

[121] بحار الأنوار ج40ب37ص385ح2.

[122] بحار الأنوار ج40ب37ص386ح2.

[123]  المناقب ج4ص98 .

[124] بحار الأنوار ج44ب37ص386ح2.

[125] بحار الأنوار ج44ب37ص387ح2.

[126] بحار الأنوار ج40ب37ص387ح2.

[127] بحار الأنوار ج40ب37ص387ح2.

[128] بحار الأنوار ج40ب37ص388ح2.

[129] بحار الأنوار ج40ب37ص388ح1.

[130] الإرشاد ج2ص86 ، بحار الأنوار ج40ب37ص389ح2.

[131]تاريخ الرسل والملوك ج3ص265 .

[132] الإرشاد ج2ص86 ، بحار الأنوار ج40ب37ص389ح2.تاريخ الرسل والملوك ج3ص265 .

[133] بحار الأنوار ج40ب37ص389ح2. التذكرة ص 141.

[134] تاريخ الرسل والملوك ج3ص265 .

[135] الإرشاد ج2ص86 ، بحار الأنوار ج40ب37ص390ح2.

[136] المناقب ج4ص98 .الكامل في التاريخ ج2ص 167 .

[137] الإرشاد ج2ص89 ، بحار الأنوار ج40ب37ص390ح2.

[138] أمالي الصدوق المجلس 30 ح 1. بحار الأنوار ج40ب37ص315ح1.

[139] الإرشاد ج2ص89 ، بحار الأنوار ج40ب37ص391ح2.

[140] راجع كتاب الملهوف ص 79 . 

[141] تاريخ الرسل والملوك ج3ص267، الكامل في التاريخ لابن الأثير ج2ص168. المنتظم لابن الجوزي ج2ص197 .

[142] الإرشاد ج2ص89 ، بحار الأنوار ج44ب37ص391ح2.تاريخ الرسل والملوك ج3ص267 .

[143] الإرشاد ج2ص90 ، بحار الأنوار ج40ب37ص391ح2. تاريخ الرسل والملوك ج3ص267 .

[144] الكامل في التاريخ ج2ص168 . تاريخ الرسل والملوك ج3ص268 . البداية والنهاية لابن كثير ج8ص176 .

[145] الإرشاد ج2ص91 ، بحار الأنوار ج40ب37ص392ح2.تاريخ الرسل والملوك ج3ص268 .

[146] تاريخ الرسل والملوك ج3ص269 . يا طيب : ومر في إشراق مجالس أمير المؤمنين في صفين أن هرثمة جاء الإمام الحسين وأخبره ما قال أمير المؤمنين من شهادة الحسين ولم يبقى معه فراجع .

وأما قولهما فتذممنا له : أي طلبنا من الإذن في الانصراف ، وأن يجعلنا في حل ، ومر بيان خروجه من معسكر الإمام حين الكلام عن قرية شفية في الهامش .

[147] الإرشاد ج2ص92 ، بحار الأنوار ج40ب37ص393ح2. تاريخ الرسل والملوك ج3ص268 .

[148] المناقب ج4ص99.

[149] بحار الأنوار ج44ب37ص394ح2.اللهوف ص91م2 .

[150] بحار الأنوار ج44ب37ص394ح2.اللهوف ص91م2 .

[151] الإرشاد ج2ص93 .تاريخ الرسل والملوك ج3ص269 . القطا : جمع قطاة وهي طائر في حجم الحمام صوته قطا قطا وهذا المثل . قال  الميداني : نزل عمرو بن إمامة على قوم من مراد ، فطرقوه ليلا فأثاروا القطا من أماكنها فرأتها امرأته طائرة ، فنبهت المرأة زوجها فقال : إنما هي القطا ، فقالت : لو ترك القطا ليلا نام . يضرب لمن حمل على مكروه من غير أرادته ، وقيل غير ذلك . راجع مجمع الأمثال ج 2 ص 174 تحت الرقم 3231 . 

لا أرى لذكر : الاغتصاب ، وجها والظاهر أنه تصحيف والصحيح : أ فتحتسب نفسك احتسابا. يقال : احتسب ولدا له : إذا مات ولده كبيرا ، ومثله احتسب نفسه : إذا عدها شهيدا في ذات الله ، وقد مر في ص 138 من ج 44 كلام الحسن بن علي عليهما السلام " اللهم إني احتسب نفسي عندك " فراجع .  بحار الأنوار ج44ب37ص1ح2.

[152] الإرشاد ج2ص93 .تاريخ الرسل والملوك ج3ص269.

[153] أمالي الصدوق المجلس 30 ح 1.

[154] بحار الأنوار ج41ب37ص1ح3.

[155] الإرشاد ج2ص95 ، بحار الأنوار ج41ب37ص3ح2.تاريخ الرسل والملوك ج3ص270 .

[156] الملهوف ص84 ، بحار الأنوار ج41ب37ص1ح2.

[157]  نهج ‏البلاغة ص46 الخطبة 2 .

[158] بحار الأنوار ج40ب35ص298ح3.

[159] علل الشرائع ج1ص218باب163الرقم1 ، بحار الأنوارج40ب35ص297ح1.

 

 

 

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

http://www.msn313.com