هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين  في  أصول الدين وسيرة المعصومين / صحيفة الإمام الحسين عليه السلام /
 الجزء
الرابع /  ظهور نور الإمام الحسين في الأرض بولادته وأدلة إمامته

الباب الثاني
النص والاستدلال على إمامة الحسن والحسين عليهم السلام
ومناقبهما وفضائلهم وما يوجب حبهما والاقتداء بهم

سفينة نجاة

تنورنا الإيمان بمناقب وفضائل أئمة الحق الحسن والحسين ووجوب حبهم والإقتداء بهم عليهم السلام

المجلس الأول
فضائل ومناقب الإمام الحسن والحسين عليهم السلام

الذكر الثاني

نور فضائل وإمامة الإمام الحسن والحسين

وفيه مشارق نسأل الله أن يحققنا بنورها :

الإشراق الأول :

كلام وجداني في إمامة أئمة الحق على كل حال :

يا طيب : إن مسألة الإمامة مُسلّمة في كل تأريخ الدنيا وعند كل الأمم ، ولا تجد أمة وليس لها رئيس أو قيم أو حاكم تأتم به .

 إلا أن بعضهم : لم يدعي لنفسه حكومة وإمامة دينية : وإن كان مسلط على الحكم وقائد للناس باعتباره وليهم وسلطانهم وأميرهم ، أو فقل في هذا العصر وما قبله ملك أو رئيس جمهورية أو ما شابه كشاه وسلطان وأمير وغيرها ، وسواء أنتخبه الناس أو تسلط بحرب أو بخدعة ومكر أو انقلاب أو وراثه أو غيرها ، وهذا القسم لا علاقة لنا به من ناحية تقليده أمر الدين ولا له حق بالتشريع الديني .

والبعض الآخر : يدعي حكومة وإمامة دينية : ثم قد يكون حاكم أيضا وبيده الأمر والنهي في البلاد ، أو لا يكون بيده الأمر والنهي في البلاد ولكنه مع ذلك يدعي الحكومة الدينية ، وإن كان معزول عن الأمر والنهي الحكومي ، إلا أنه يدعي الإمامة الدينية .

ثم من يدعي الإمامة الدينية : إما أن يكون يدعي منصبه من الله واستمرار لخلافة نبي ، وعنده أدلة وبرهان بالعقل والبرهان ، أو لا بالاجتهاد ولرأي والقياس.

ثم المدعي للإمامة بالعقل والبرهان : قد يكون محقا واقع أو لا .

والإنسان المؤمن حقا : يعتقد أنه يجب عليه واقعا أن يطيع الله سبحانه وتعالى بتعاليم علمها بكتاب منزل ، وشرحت بحق من إمام صادق محقا واقعا لا غير .

ولذا لابد لكل مؤمن من أن يطيع : إماما محقا واقعا ، وولي أمر لدينه قد تعين بالنص من الله ورسوله ، ويصدقه الدليل والبرهان والعقل والوجدان حقا واقعا ، ثم لا فرق كان الإمام له حكومة دنيوية أم لا ، له ملك دنيوي مادي واسع أم لا ، لأنه الغرض تقليده بالدين القيم الحق ومعرفة هدى الله الصادق ليطيعه سبحانه به ، وللعلم بأن الله يداول الحكم بين الناس لكي لا يطيعوه من أجل الدنيا ، وفقط حين يكون إمامهم الديني حاكم في سلطان الدنيا وحينها بدينه يطيعوه ، وإنه ولو تخلفت الدنيا عن إمام الحق يترك ويطاع الضال والظالم ، وهذا مسلم في العقل والوجدان وفي تعاليم الدين الإسلامي ، وإلا لو أطاع الإنسان أي إمام وكل مدعي ولم يعرف صدقه ولمجرد حكومته ، لم يكن مؤمن ولا أطاع الله حقا ولا كان متدينا صادقا .

وعلى ما ذكرنا يا طيب : إن ما نبحثه هنا في كل هذا الباب هو معرفة أئمة الحق بالنص من الله ورسوله ، وإن لم يكن الكتاب مختص بالإمامة بكل أدلتها ، بل فقط نريد بيان إمامة الحسن والحسين عليهم السلام ، بعد تسليم إيماننا بالله وحده لا شريك له ، وكما عرفنا في صحف التوحيد ، وبالنبوة لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في صحيفة النبوة ، والإمامة العامة في صحيفة الإمامة وصحيفة الثقلين ، وبالإمامة الخاصة في صحيفة الإمام علي عليه السلام ، وقد ذكرنا بحوث متفرقة وقد تكون واسعة في الإمامة العامة والخاصة للإمام علي في كل الصحف المتقدمة حتى في صحيفة التوحيد وشرح الأسماء الحسنى فراجع التفصيل .

 وأما هنا : فكما عرفت في كل الأدلة في هذا الباب ، فهي براهين مختصرة سواء عقلية أو بالآيات أو بالحديث الشريف على إمامتهم وولايته ، وما تشرفنا به من وجوب طاعته بكل يقين ، وما تعرفنا من ضرورة الإقتداء بهم في معرفة عبودية الله لنكون مخلصين له الدين ، فتدبر مشارق اليقين التالية ، وأسأل الله أن يلهمنا نورها علما وعملا أبدا ، إنه ولي التوفيق وهو أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

الإشراق الثاني :

كلام عقلي علمي وجداني على ضرورة وجود أئمة الحق :

عن أبو محمد الفضل بن شاذان النيسابوري إن سأل سائل فقال : و لم جعل أولي الأمر و أمر بطاعتهم ؟ قيل : لعلل كثيرة :

منها : أن الخلق لما وقفوا على حد محدود ، و أمروا أن لا يتعدوا تلك الحدود لما فيه من فسادهم ، لم يكن يثبت ذلك و لا يقوم إلا بأن يجعل عليهم فيها أمينا ، يأخذهم بالوقت عند ما أبيح لهم ، و يمنعهم من التعدي على ما حظر عليهم .

لأنه لو لم يكن ذلك : لكان أحد لا يترك لذته و منفعته ، لفساد غيره ، فجعل عليهم قيم ، يمنعهم من الفساد ، و يقيم فيهم الحدود و الأحكام .

و منها : أنا لا نجد فرقة من الفرق و لا ملة من الملل بقوا و عاشوا إلا بقيم و رئيس ، لما لا بد لهم منه في أمر الدين و الدنيا ، فلم يجز في حكمة الحكيم ، أن يترك الخلق مما يعلم أنه لا بد لهم منه و لا قوام لهم إلا به ، فيقاتلون به عدوهم ، و يقسمون به فيئهم ، و يقيمون به جمعتهم و جماعتهم ، و يمنع ظالمهم من مظلومهم .

 و منه : أنه لو لم يجعل لهم إماما قيما أمينا حافظا مستودعا ، لدرست الملة و ذهب الدين ، و غيرت السنن و الأحكام ، و لزاد فيه المبتدعون ، و نقص منه الملحدون ، و شبهوا ذلك على المسلمين ، إذ قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين ، مع اختلافهم و اختلاف أهوائهم و تشتت حالاتهم ، فلو لم يجعل فيها قيما حافظا لما جاء به الرسول الأول ، لفسدوا على نحو ما بيناه و غيرت الشرائع و السنن و الأحكام‏ و الإيمان ، و كان في ذلك فساد الخلق أجمعين .

فإن قيل : فلم لا يجوز أن يكون في الأرض إمامان في وقت واحد أو أكثر من ذلك ؟ قيل : لعلل :

منه : أن الواحد لا يختلف فعله و تدبيره ، و الاثنين لا يتفق فعلهما و تدبيرهما ، و ذلك إنا لم نجد اثنين إلا مختلفي الهمم و الإرادة ، فإذا كانا اثنين ثم اختلفت هممهما و إرادتهما ، و كانا كلاهما مفترضي الطاعة ، لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه ، فكان يكون في ذلك اختلاف الخلق و التشاجر و الفساد ، ثم لا يكون أحد مطيعا لأحدهما إلا و هو عاص للآخر ، فتعم المعصية أهل الأرض ، ثم لا يكون لهم مع ذلك السبيل إلى الطاعة و الإيمان ، و يكونون أنما أتوا في ذلك من قبل الصانع ، و الذي وضع لهم باب الاختلاف و سبب التشاجر ، إذ أمرهم بإتباع المختلفين .

و منه : أنه لو كانا إمامين لكان لكل من الخصمين أن يدعو إلى غير الذي يدعو إليه الآخر في الحكومة ، ثم لا يكون أحدهما أولى بأن يتبع صاحبه من الآخر ، فتبطل الحقوق و الأحكام و الحدود .

و منه : أنه لا يكون واحد من الحجتين أولى بالنظر و الحكم و الأمر و النهي من الآخر ، فإذا كان هذا كذلك وجب عليهم أن يبتدئوا الكلام ، و ليس لأحدهما أن يسبق صاحبه بشي‏ء إذا كانا في الإمامة شرعا واحدا ، فإن جاز لأحدهما السكوت جاز للآخر مثل ذلك ، و إذا جاز لهما السكوت بطلت الحقوق و الأحكام ، و عطلت الحدود ، و صار الناس كأنهم لا إمام لهم .

 

فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون الإمام من غير جنس الرسول ؟

قيل : لعلل :

منه : أنه كان الإمام مفترض الطاعة ، لم يكن بد من دلالة تدل عليه ، و يتميز بها من غيره ، و هي القرابة المشهورة ، و الوصية الظاهرة ، ليعرف من غيره ، و يهتدى إليه بعينه .

و منه : أنه لو جاز في غير جنس الرسول لكان قد فضل من ليس برسول على الرسول ، إذ جعل أولاد الرسول أتباعا لأولاد أعدائه ، كأبي جهل و ابن أبي معيط ، لأنه قد يجوز بزعمه أنه ينتقل ذلك في أولادهم إذا كانوا مؤمنين ، فيصير أولاد الرسول تابعين ، و أولاد أعداء الله و أعداء رسوله متبوعين ، فكان الرسول أولى بهذه الفضيلة من غيره و أحق .

و منه : أن الخلق إذا أقروا للرسول بالرسالة و أذعنوا له بالطاعة ، لم يتكبر أحد منهم عن أن يتبع ولده و يطيع ذريته ، و لم يتعاظم ذلك في أنفس الناس ، و إذا كان في غير جنس الرسول ، كان كل واحد منهم في نفسه أولى به من غيره ، و دخلهم من ذلك الكبر ، و لم تسخ أنفسهم بالطاعة لمن هو عندهم دونهم ، فكان يكون في ذلك داعية لهم إلى الفساد و النفاق و الاختلاف [46].

يا طيب : هذا البرهان الحق أعلاه ، كما عرفنا ضرورة وجود أئمة الحق في الدين والدنيا ، عرفنا ضرورة كونهم من نسل رسول الله ، وقد عرفهم الله ورسوله لنا بالنص وبكل سبيل ممكن ، فتدبر ما عرفت في مصباح الهدى وما يأتي هنا .

 

الإشراق الثالث :

بنص كتاب الله الأئمة نوعان إمام هدى وإمام ضلال :

يا طيب : قد عرفت أن الأئمة نوعان لقوله تعالى :

{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)

يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71)

 وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72) }الإسراء.

فإن الإنسان : قد فضل على كثير من الخلق ، ورزق الطيبات لكي يعبد الله عندما يطيع إمام حق قد أختاره الله وعرفه لنا ، وقد عرفت آية المباهلة والكوثر والولاية للإمام علي عليه السلام وآله وآيات الغدير ، وغيرها مما يعرفنا طهارة أهل البيت وصدقهم وأحقيتهم بالإمامة بعد رسول الله ، لأنه الله جعل الإمامة والولاية لذرية بعضها من بعض من زمن آدم حتى نوح وإبراهيم وثم نبينا وآله وإلى يوم القيامة ، وأنهم هم أئمة الحق ، وإن كل مخالف لهم مهما تسلم من أمور الدنيا ولقب به من ألقاب ومناصب دينية أو دنيوية ، فهو من أئمة الضلال والكفر أو تابع له ، ولنعرف حقيقة هذا المعنى تدبر هذا الإشراق لمعرفة أنواع الأئمة ، وتابع ما بعده لتتعرف على أئمة الحق بالنص وبالبيان الصادق :

فعن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قرأت في كتاب أبي : الأئمة في كتاب الله إمامان ، إمام الهدى ، و إمام الضلال .

فأما أئمة الهدى : فيقدمون أمر الله قبل أمرهم ، و حكم الله قبل حكمهم .

و أما أئمة الضلال : فإنهم يقدمون أمرهم قبل أمر الله ، حكمهم قبل حكم الله ، إتباعا لأهوائهم ، و خلافا لما في الكتاب [47].

وعن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال : قال الأئمة في كتاب الله إمامان :

 قال الله تبارك و تعالى : { وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا } لا بأمر الناس ، يقدمون أمر الله قبل أمرهم ، و حكم الله قبل حكمهم .

و قال : { وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ } يقدمون أمرهم قبل أمر الله  ، و حكمهم قبل حكم الله ، و يأخذون بأهوائهم خلافا لما في كتاب الله [48].

عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : إن الدنيا لا تكون إلا و فيها إمامان ، بر و فاجر .

فالبر الذي قال الله : { وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا } . و أما الفاجر : فالذي قال الله : { وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ‏[49].

 

 

 

الإشراق الرابع :

 الحسن والحسين إماما قاما أو قعدا :

يا طيب : إن كثير من الأحكام الشرعية لها حديث واحد مشهور عمل به المسلمون وتعبدوا به لله سبحانه وتعالى ، وقد لا يكون له إشارة واضحة في كتاب الله تعالى ، وإن أحاديث وآيات الإمامة لكثيرة في كتب الله تعالى نصا وتلويحا وتأكيدا ، فإنه لابد للمؤمن من متابعة أئمة يهدون بأمر الله ، وقد أختارهم الله ونصبهم بأمره ، وكما عرفت في الحديث أعلاه وقبله ، والله طهر أهل البيت وعرفنا أنهم صادقون في آية المباهلة ، وعرفت كثير من الآيات الكريمة في شأنهم .

وإن المؤمن المنصف حق : لو كان له فقط حديثا واحدا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شأن شيء لقدسه وتعبد به ، وبالخصوص إذا أشتهر فضلا عن تواتره وكثرة رواته وما يعبر عنه نصا ومفهوما ، وتؤيده أدلة العقل والوجدان ، فإنه إن كانت كرامة حقا لله في عباده فهي في آله الطيبين الطاهرين بعده ، كما عرفت في كثير من الآيات والشواهد ، ولو كان حديثا واحدا من الأحاديث أعلاه فضلا عما مر في الباب الأول من هذا الجزء ، لكان كافيا في معرفة أحقية إمامة الحسن والحسين علي غيرهم من المسلمين وبأي صفة كانوا ، ولكان حقا على المسلمين أخذ دين الله منهم ، والإقتداء بهم ، وهذا حديث كريم وهو نصا على إمامتهم ، وهو حديث متواتر ونقله الطرفان وحفظه شيعة آل محمد وتناقلوه في قلوبهم وعقولهم قبل دفاترهم وكتبهم ، بل يمكن أن يقال كل المسلمين المنصفين .

وإنه لما كان لابد من إمام حق وهدى بنص الآيات أعلاه .

وبهذا الحديث من رسول الله أن الحسن والحسين إمامان وأبوهم خيرا منهما .

فالإمام علي والحسن والحسين: وذرية الحسين المعصومين للأحاديث الكثيرة .

 أئمة حق وهدى ويجب إطاعتهم ، ومعرف هدى الله منهم ، وإلا يكون مخالفهم ضالا ، ولمعرفة الحديث تدبر ما يأتي :

قال في المناقب: اجتمع أهل القبلة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:

الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعد.
 و اجتمعوا أيضا أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال :

الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ،
 حدثني بذلك ابن كادش العكبري عن أبي طالب الحربي العشاري عن ابن شاهين المروزي في ما قرب سنده قال حدثنا محمد بن الحسين بن حميد قال حدثنا إبراهيم بن محمد العامري قال حدثنا نعيم بن سالم بن قنبر قال سمعت أنس بن مالك يقول سمعت رسول الله ص يقول الخبر و رواه أحمد بن حنبل في الفضائل و المسند و الترمذي في الجامع و ابن ماجة في السنن و ابن بطة في الإبانة و الخطيب في التأريخ و الموصلي في المسند و الواعظ في شرف المصطفى و السمعاني في الفضائل و أبو نعيم في الحلية من ثلاثة طرق و ابن حبيش التميمي عن الأعمش‏ [50].

 

وعن أبان عن سليم بن قيس عن أبي سعيد الخدري رحمهم الله قال :

نظر رسول الله : إليهما يوما و قد أقبلا ، فقال :

هذان و الله سيدا شباب أهل الجنة ، و أبوهما خير منهم .

 إن خير الناس عندي ، و أحبهم إلي ، و أكرمهم علي أبوكما ، ثم أمكم .

 و ليس عند الله أحد أفضل مني و أخي و وزيري و خليفتي في أمتي ،
 و ولي كل مؤمن بعدي علي بن أبي طالب ،
ألا إن أخي و خليلي و وزيري و صفيي و خليفتي من بعدي ،
و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي علي بن أبي طالب .
فإذا هلك : فابني الحسن من بعده .
فإذا هلك : فابني الحسين من بعده .
 ثم الأئمة
التسعة : من عقب الحسين
.
 هم
الهداة المهتدون ، هم مع الحق ، و الحق معهم ،
لا يفارقونه و لا يفارقهم إلى يوم القيامة ،
هم زر الأرض الذين تسكن إليهم الأرض ، و هم حبل الله المتين .

و هم عروة الله الوثقى التي لا انفصام لها ،
و هم حجج الله في أرضه ، وشهداؤه على خلقه ، و خزنة علمه ، و معادن حكمته .

 و هم بمنزلة سفينة نوح من ركبها نجا ، و من تركها غرق .
و هم بمنزلة باب حطة في بني إسرائيل ، من دخله كان مؤمنا ،
و من خرج منه كان كافرا ، فرض الله في الكتاب طاعتهم ، و أمر فيه بولايتهم ، من أطاعهم أطاع الله ، و من عصاهم عصى الله [51].

 

وأسند صاحب الكفاية إلى أبي ذر قول النبي صلى الله ليه وآله له في مرضه :

فاطمة بضعة مني ، من آذاها فقد آذاني .
 
بعلها سيد الوصيين .
و
ابناهـا : إمـامـان قـامـا أو قـعـدا ،
و أبوهما خير منهم
، و سوف يخرج من صلب الحسين
تســـعة معصومون قوامون بالقسط ،
و منها
مهــدي هذه الأمـة ، و الأئمة بعدي عدد
نقباء بني إسرائيل .

و نحوه عنه من طريق آخر و فيه ( إضافة ) :

 لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلى علي و على أهل بيتي [52].

وفي كفاية الأثر : بالإسناد عن يزيد بن هارون قال حدثنا مشيختنا و علماؤنا عن عبد القيس قالوا : و نزل أبو أيوب في بعض دور الهاشميين ـ بعد حرب الجمل ـ فجمعنا إليه ثلاثين نفسا من شيوخ أهل البصرة ، فدخلنا إليه و سلمنا عليه ، و قلنا : إنك قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببدر و أحد المشركين ، و الآن جئت تقاتل المسلمين ؟

فقال : و الله لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :

إنك تقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين مع علي بن أبي طالب عليه السلام .

 قلنا : الله ، إنك سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله في علي ؟

قال : سمعته يقول : علي مع الحق و الحق معه ، و هو الإمام ،
و الخليفة بعدي ، يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل .

و ابناه الحسن و الحسين سبطاي من هذه الأمة .
إمامان إن قاما أو قعدا و أبوهما خير منهما .
و الأئمة بعد الحسين
تسعة من صلبه ،
 و منهم القائم الذي يقوم في آخر الزمان كما قمت في أوله ، و يفتح حصون الضلالة .
قلنا : فهذه التسعة من هم ؟

قال : هم الأئمة بعد الحسين خلف بعد خلف ... الحديث [53].

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعد [54].
و قال صلى الله عليه وآله وسلم :

 مشيرا إلى الحسنين عليهم السلام ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا [55].

وفي كتاب المناقب : بسنده عن الحسين بن علي سلام الله عليهم قال :

 دخلت على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
 فأجلسني على فخذه
وقال لي :

إن الله اختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة
تاسعهم
قائمهم ، وكلهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء [56].

 

وعن طارق بن شهاب قال قال أمير المؤمنين عليه السلام :

 للحسن و الحسين أنتما إمــــامــان بعدي ،
 
سيدا شباب أهل الجنة ، و المعصومان حفظكما الله ،
 و لعنة الله
على من عاداكم[57] .

 

وفي المناقب : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، حدثنا أبي ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن أبي أحمد محمد بن زياد الازدي ، عن أبان بن عثمان ، عن ثابت ابن دينار ، عن زين العابدين علي بن الحسين ، عن أبيه سيد الشهداء الحسين ، عن أبيه سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي سلام الله عليهم قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 الأئمة بعدي إثنا عشر ، أولهم أنت يا علي ،
 وآخرهم القائم الذي يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الأرض ومغاربه
[58] .

 

وعن سليم ابن قيس الهلالي : عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وآله ، فإذ الحسين بن علي على فخذه ، وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ، ويقول :

 أنت سيد ابن سيد ، أنت إمــام ابن إمــام ،
 أخو إمـام ، أبو أئـمـة ،
 
أنت حجة الله ابن حجته ،
وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم
[59] .

وهذا الحديث : الحسن والحسين
إمامان قاما أو قعد
[60].

 أو ما في معناه كالحديث أعلاه ، هو مسلم عند كل المسلمين ، وينقلونه على أنه من المسائل البديهية التي يعرفها أبسط المسلمين ، فضلا عن المؤرخين ورواة الحديث ، ولذا كثر ذكره في كل الكتب التي تبحث في ضرورة الإمامة وأحقية الإمام الحسن والإمام الحسين بعد أبيهم الإمام علي ، والذي هو خليفة رسول الله صلى الله عليهم وسلم ، وقد عرفت أنه قد فصلنا البحث في فضائل ومناقب الإمام علي وما يعرف إمامته في صحيفته.

وهنا يا طيب : نذكر ما يعرفنا إمامة الإمام الحسن والحسين ، ولمعرفة من ذكر الحديث وشرحه تدبر فيما فما نذكر من المصادر في الحاشية لكل ورقة ، وإن كان في النصوص أعلاه ما يغني عن الشرح والبيان ، ولا بأس أن نذكر بعض بيانهم وشرحهم كما قال الشهيد التستري رحمه الله :

 أقول : قد استدل أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم بالصحاح من هذه الأحاديث على أحقية خلافة الأئمة الاثنا عشر عليهم السلام ، إذ لا قائل بانحصار الأئمة في هذا العدد ، سوى الإمامية ، فإن الإمامة والخلافة على ما دل عليه دليل العقل والنقل ، أن يكون الشخص المتصف بها معصوما منصوصا من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله ، فلا يقدح في ذلك عدم جريان أحكام بعض الأئمة في الظاهر .

ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم : مشيرا إلى الحسنين عليهم السلام

" ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا " .

وبالجملة : لا يقدح في مرادنا كونهم عليهم السلام منعوا الخلافة ، والمنصب الذي اختارهم الله له ، واستبد غيرهم به ، إذ لم يقدح في نبوة الأنبياء عليهم السلام تكذيب من كذبهم ، ولا وقع الشك فيهم لانحراف من انحرف عنهم ، ولا شوه وجوه محاسنهم تقبيح من قبحها ، ولا نقص شرفهم خلاف من عاندهم ونصب لهم العداوة وجاهرهم بالعصيان .

وقال علي عليه السلام : وما على المؤمن من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه ولا مرتابا بيقينه .  

وقال عمار بن ياسر رضي الله عنه : والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر ، لعلمنا إنا على الحق وأنهم على الباطل . وهذا واضح لمن تأمله .

وقال : السيد الفاضل رضي الدين على بن طاووس رضى الله عنه في كتاب ربيع الشيعة : وإذا كانت الفرقة المخالفة قد نقلت أحاديث النص على عدد الأئمة الاثنى عشر عليهم السلام ، كما نقلته الشيعة الإمامية ، ولم تنكر ما تضمنه الخبر ، فهو أدل دليل على أن الله تعالى سخرهم لروايته إقامة لحجته وإعلاء لكلمته ، وما هذا الأمر إلا كالخارق للعادة ، والخارج عن الأمور المعتادة ، لا يقدر عليه إلا الله سبحانه الذي يذلل الصعب ، ويقلب القلب ، ويسهل العسير ، وهو على كل شيء قدير [61].

 

كما وكثر ذكر الحديث : إن الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ،
في أغلب الكتب الفقهية بل كل من ذكر مسألة الوقف على أولاد الأولاد بصورة مطلقة فيشمل أولاد البنات وبناتهن ، وكذا في مسالة الخمس في مسألة شموله لمن ينتسب من جهة الأم لبني هاشم أو عدمه [62].

وقال في غنية النزوع : وإذا وقف على أولاده وأولاد أولاده : دخل فيهم ولد البنات بدليل الإجماع المشار إليه ، ولأن اسم الولد يقع عليهم لغة وشرعا ، وقد أجمع المسلمون على أن عيسى عليه السلام ولد آدم وهو من ولد ابنته  ، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحسن والحسين عليهم السلام : ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا  ، وإذا وقف على نسله أو عقبه أو ذريته ، فهذا حكمه ، بدليل قوله تعالى :  ( ومن ذريته داود وسليمان )  إلى قوله :  ( وعيسى وإلياس )  ، فجعل عيسى من ذريته ، وهو ينسب إليه من الأم . وإن وقف على عترته ، فهم ذريته ، بدليل الإجماع المشار إليه ، وقد نص على ذلك ثعلب  وابن الأعرابي من أهل اللغة [63]....

وأضاف في جامع الخلاف : وقف على أولاده وأولاد أولاده دخل فيهم أولاد البنات ، ويشتركون فيه مع أولاد البنين وبه قال الشافعي . وقال أصحاب أبي حنيفة : لا يدخل أولاد البنات فيه ، وأختار غيرهم أمورا في تعريف الوقف ومن يستحقه حسب ألفاظ مختلفة ، ومن أحب المزيد فعليه بمراجعة الكتب المفصلة[64].

فيا طيب : إن هذا الحديث الشريف وأمثاله كما يدل على إمامة الحسن والحسين عليهم السلام ، يعرفنا مسائل أخرى في الإرث والوقف والخمس والزكاة وغيرها ، وهي من ديننا ، ونعتقد بها ونتعبد بها ، وكلها ببركة الإمام الحسن والحسين وذريتهم المعصومين ، والعجب ، ممن عمي عن أئمة الحق كما عرف في آية يوم يدعى كل أناس بإمامهم ولم يعرف أن ذرية بعضها من بعض في ملاك الإمامة هي جارية في الإسلام ويحصرها في الأمم السابقة دون المسلمين ، وذلك لكي يبرر عمل غاصبين للحق وكانوا سببا لانحرافه عن هدى الله سبحانه وتعالى ، وليس لهم حق ولكن تبعهم أبائه لطمع بدنياهم أو أنهم غشوهم وخدعوهم وعرفوهم أنفسهم أئمة فتبعوهم دون تفكر في عظمة هدى الله وتدبيره ، وأنه كما أتقن الكون أتقن هداه بأئمة حقا أختارهم واصطفاهم وطهرهم وطيبهم وعرفهم بالعدل ولإحسان وبكل تصرف لهم ظهروا به ، وبعد الذي عرفت ندخل في مسألة داخلية تخص الموالين لسؤال قد يخطر عن كون إمامان في زمان واحد ممكن أو لا ولماذا لم تكن الإمامة في ذرية الإمام الحسن وقد حصرت بالإمام الحسين عليه السلام .

 

 

 

 

الإشراق الخامس :

إذا كان إمامان في زمان واحد فأحدهم صامت والإمامة في ذرية الحسين :

يا طيب : بعد أن عرفنا مسألة عامة في ضرورة وجود الإمام في المسلمين ، وعرفنا أنه يجب أن يهدي بأمر الله وهو الذي يختاره ويصطفيه ، وعرفنا أن أئمة المسلمين على طول تأريخهم إلى يوم القيامة هم نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم آله الطيبين الطاهرين بعده وإلى يوم القيامة إمام بعد إمام ، فإنه بعد ختم النبوة وقد بحثناها في بحث مفصل في صحيفة النبوة والله ذكر أن نبينا خاتم النبيين في كتابه الكريم ، وعرفت أن الله حكا لنا عن أئمة حق وأئمة ضلال ، وأنه أمر نبينا بالدعاء أن يجعل من ذريته أئمة للمتقين وقرة أعين ، وقد أوعده الله تعالى بأن يجعل له كوثر الخير والبركة بعد أن عيروه بعدم الذرية حين توفى ولده من خديجة ، فوهبه الله سبحانه الحسن والحسين عليهم السلام والذرية المعصومين من ولد الحسين ، ولم يدعي الإمام بأمر الله مع العصمة والتطهير بأمر الله غيرهم ، وقد صدقتهم سيرتهم الطيبة وسلوكهم الحسن وكل تعليم ومعارف علموها أو ظهروا بها عملا ، فراجع صحفهم.

وبقيت يا طيب : مسائل عامة في الإمامة وقد بُحث قسما منها في صحيفة الإمامة ، وليس هنا محلها ، مثل أدلة الإمام الأول ، و العصمة لهم بأنهم مطهرون ، وملاك الإمامة ودوامها وعدم خلو الأرض من إمام وعددهم الاثنى عشر وغيرها . و هنا نبحث مسائل: وإن كانت من معارف الإمامة العامة ، ولكنها تخص إمامة الحسن والحسين . وهي مسألة : إنهم حين اجتماعهم هل هما إمامان ناطقان أم لابد أن يكون أحدهم صامت ومطيع للإمام المقدم عليه حتى حين رفعه للملكوت ، فتنتقل للإمام الصامت بعده لكونه خليفته في الأمة ؟ كما أنه توجد مسألة أخرى وهي لماذا خصت الإمامة في ذرية الإمام الحسين دون الإمام الحسن مع أنه الأكبر وكان إماما له في زمانه ، فلماذا صارت الإمامة لذرية الإمام الحسين دون الحسن ، وهذا ما سنعرفه هنا .

 

 

الإشعاع الأول :

إذا كان إمامان في زمان فأحدهم صامت :

فعن سليم بن قيس الشامي : أنه سمع عليا عليه السلام يقول :

 إني و أوصيائي من ولدي ، أئمة مهتدون ، كلنا محدثون .

قلت : يا أمير المؤمنين من هم ؟

قال عليه السلام : الحسن و الحسين ، ثم ابني علي بن الحسين قال : و علي يومئذ رضيع ـ ثم ثمانية من بعده ، واحدا بعد واحد ، و هم الذين أقسم الله بهم فقال : { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) } البلد .

 أما الوالد : فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و ما ولد يعني هؤلاء الأوصياء .

فقلت : يا أمير المؤمنين ، أ يجتمع إمامان ؟

فقال : لا إلا و أحدهما مصمت لا ينطق حتى يمضي الأول .

قال سليم : سألت محمد بن أبي بكر ، فقلت : أ كان علي عليه السلام محدثا ؟ فقال : نعم . قلت : و يحدث الملائكة الأئمة ؟ فقال : أ و ما تقرأ و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث . قلت : فأمير المؤمنين محدث ؟ فقال : نعم ، و فاطمة كانت محدثة و لم تكن نبيه [65].

يا طيب : مسألة علم الإمام في صحيفة الإمامة ، وإن الأئمة محدثون ويلهمون ما يحتاجوه من شرح معارف الدين في كل سنة كما في سورة القدر ، أو في كل أسبوع لما يتجدد ويحتاجون لشرح ، أو آني حسب أحوال الوقائع وحكمة الله في هداية عباده ، والمسألة هناك تبحث .

 وهذا الحديث أعلاه : كان يعرفنا إذا كان إمامان فأحدهم صامت والإمامة للإمام الأكبر والمقدم إذا كان أبا له ، ويؤكد هذا المعنى سيرة الأنبياء السابقين حيث كان أحدهم مقدم والآخر ساكت كما في آدم وولده ، أو إبراهيم وولده ولوط كان تابعا له ، أو موسى وهارون ، أو داوود وسليمان ، أو عيسى ويحيى ، فإن الأب أو الأخ الأكبر مقدم ، بل أولي العزم مقدمون على غيرهم وتكون ولاية الله لمن هو أكبر في الشأن بأمر الله ، وهذا جاري في الإسلام سواء النبي المقدم على الكل ، وبعده الإمام علي مقدم على ولده ، وهكذا الحسن على الحسين ، ثم الحسين صامت في زمن أخيه ولذا لم ترى له أي نشاط يذكر إلا طاعته لأخيه الحسن ، ثم لما استشهد أخيه كانت الوصاية له وظهر نشاطه في تبليغ هدى الله حسب ما عرفت فيما أمره به حسب صحيفته كما عرفت في المصباح أعلاه ، وكما سترى في ما يأتي من الأجزاء وباقي الأبواب صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، وكما عرفت في كثير من الأحاديث في مصباح الهدى في الوصية له من أخيه الحسن عليه السلام ، وهذا ما تؤيده كثير من الأحاديث الآتية فتدبر :

 

عن الحسين بن أبي العلاء قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام :

تُترك الأرض بغير إمام ؟ قال : لا . فقلنا له : تكون الأرض و فيها إمامان ؟ قال : لا إلا إمام صامت لا يتكلم ، و يتكلم الذي قبله [66].

 وعن الحسن بن أبي العلاء قال قلت : لأبي عبد الله تكون الأرض بغير إمام ؟ قال : لا . قلت : و يكون إمامان ؟ قال : لا إلا و أحدهما مصمت .

قلت : فالقائم ؟ قال : إمام ابن إمام قد أوعدتم به قبل ذلك[67] .

 

وعن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

كان علي بن أبي طالب عليه السلام عالم هذه الأمة ، و العلم يتوارث ، و ليس يمضي منا أحد حتى يرى من ولده من يعلم علمه ، و لا تبقى الأرض يوما بغير إمام منا تفزع إليه الأمة .

 قلت : يكون إمامان ؟

قال : لا إلا و أحدهما صامت لا يتكلم حتى يمضي الأول[68] .

 

عن ابن قياما الواسطي : و كان واقفا ، قال : دخلت على علي بن موسى ؟ فقلت له : أ يكون إمامان ، قال : لا إلا أن يكون أحدهما صامت .

 فقلت له : هو ذا أنت ليس لك صامت ؟ فقال لي : و الله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق و أهله ، و يمحق به الباطل و أهله ، و لم يكن في الوقت له ولد ، فولد له أبو جعفر ( الجواد ) عليه السلام بعد سنة [69].

 

يا طيب : بعد أن عرفنا إن إذا أجتمع إمامان فأحدهم صامت ، بقيت مسألة في صموت الإمام الناطق ، وعدم توليه مسألة الخلافة ، فإنه الإمام الحسن كان الإمام المقدم ولكنه خذل وعزل عن منصب الحكومة الظاهرية ، وبقيت له إمامة باطنه أي أن هو المطاع والمقدم ولكنه معزول لظلم الحكام وخذلان الناس له ، وهذا ما عرفته في آخر الإشراق السابق ، وهو عينه ما يعرفه الإمام الحسن في سبب صلحه لمعاوية فتدبر:

خطبة الإمام الحسن عليه السلام : عند الصلح مع معاوية :

ذكر الطبرسي في الاحتجاج : وابن المطهر في العدد القوية عن سليم بن قيس قال : قام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام على المنبر ـ حين اجتمع مع معاوية ـ فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إن معاوية زعم أني رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا ، وكذب معاوية .

أنا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبي الله .

فأقسم بالله ، لو أن الناس بايعوني وأطاعوني ونصروني لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركته ، ولما طمعت فيها يا معاوية .

 وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه ، إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل.

وقد ترك بنو إسرائيل هارون ، واعتكفوا على العجل ، وهم يعلمون أن هارون خليفة موسى .

وقد تركت الأمة علي : وقد سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة فلا نبي بعدي  .

وقد هرب : رسول الله صلى الله عليه وآله من قومه وهو يدعوهم إلى الله حتى فر إلى الغار ، ولو وجد عليهم أعوانا ما هرب منهم .

ولو وجدت أعوانا ما بايعتك يا معاوية .

وقد جعل الله هارون : في سعة حين استضعفوه ، وكادوا يقتلونه ولم يجد عليهم أعوانا ، وقد جعل الله النبي في سعة حين فر من قومه لما لم يجد أعوانا عليهم . وكذلك أنا وأبي في سعة من الله حين تركتنا الأمة وبايعت غيرنا ولم نجد أعوانا .

وإنما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضا .

 أيها الناس : إنكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب لم تجدوا رجلا من ولد النبي غيري ، وغير أخي  الحسين عليه السلام إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة [70].

وكما رواه عنه أبو سعيد عقيصا قال :

قلت للحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام : يا ابن رسول الله لم داهنت معاوية و صالحته ، و قد علمت أن الحق لك دونه ، و أن معاوية ضال باغ ؟

فقال عليه السلام : يا أبا سعيد ، أ لست حجة الله على خلقه ، و إماما عليهم بعد أبي عليه السلام ؟ قلت : بلى .

قال : أ لست الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لي و لأخي :

هذان ولداي إمامان قاما أو قعد ؟ قلت : بلى .

قال : فأنا إذن إمام لو قمت ، و أنا إمام لو قعدت .

 يا أبا سعيد : علة مصالحتي لمعاوية ، علة مصالحة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبني ضمرة و بني أشجع و لأهل مكة حين انصرف من الحديبية ، أولئك كفار بالتنزيل ، و معاوية و أصحابه كفار بالتأويل .

 يا أبا سعيد : إذا كنت إماما من قبل الله تعالى ، لم يجز أن يسفه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة ، و إن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا ، أ لا ترى الخضر عليه السلام لما خرق السفينة و قتل الغلام و أقام الجدار ، سخط موسى عليه السلام فعله ، لاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضي ، هكذا أنا سخطتم علي بجهلكم بوجه الحكمة ، ولو لا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل[71] .

يا طيب : ليس عزيز أن يسكت ولي الله إذا لم يجد من يطيعه وإذا تحالفت الناس في زمانه على خذلانه ، فإنه هارون عليه السلام ترك وعبد العجل وموسى عليه السلام بعده حي ، وهكذا تركوا من قبل موسى وكانوا يعاندوه حتى تاهوا في الصحراء كعقاب لهم لعدم طاعتهم له ، بل كثرة قصص بني إسرائيل في كتاب الله وكانوا يقتلون الأنبياء كما حكا الله عنهم ، بل إن يحيى عليه السلام قتل وسلم رأسه لبغي ، بل عيسى وهو من أولي العزم لم يطعه إلا الحواريون وهم إثنى عشر ، وكان ملحق بهم بعض الناس ممن أخبر عليه وكادوا يصلبوه لولا أن رفعه الله تعالى .

والإمام الحسن له أسوة بالنبي : كما عرفنا حين هاجر من مكة لعدم وجود الناصر ، والمدينة كانت ليست تحت حكومة أهل مكة ، وفي زمان معاوية ملك البلاد كلها ليس للإمام حتى محل يهاجر له ، فلم يكن له إلا الصلح كما صالح رسول الله .

 

 

 

الإشعاع الثاني :

حصر الإمام في ذرية الإمام الحسين :

يا طيب : بعد أن عرفنا أنه لابد من إمام سواء كان حاكما أو لا وأنه على الناس أن يأتوا له لينصروه أو ليأخذوا دينهم منه بعد أن عرفه الله لهم بكل سبيل كما عرفت ، وإن حجة الله بالغة وتامة ، وعلى العباد الطاعة ، ولذا الإمام الناطق هو الإمام الذي يجب أن يرجع له المسلمون وعنده هدى الله تعالى ومعارفه ويظهرها علما وعملا قدر المستطاع ، وعرفت أن كل إمام يظهر من أمر الله حسب ما أمره في صحيفته كما عرفت في أخر أحاديث المصباح لهذا الباب ، والله سبحان يداول الأيام ، والإنسان المؤمن عليه أن يتبع الإمام الحق ويسلم له ولأمر الله فيه حسب أحوال أزمان :

وقد جاء عن هشام بن سالم قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليه السلام الحسن أفضل أم الحسين ؟

 فقال : الحسن أفضل من الحسين .

قال قلت : فكيف صارت الإمامة من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن ؟

فقال : إن الله تبارك و تعالى أحب أن يجعل سنة موسى و هارون جارية في الحسن و الحسين ، ألا ترى أنهما كانا شريكين في النبوة كما كان الحسن و الحسين شريكين في الإمامة ، و إن الله عز و جل جعل النبوة في ولد هارون و لم يجعلها في ولد موسى ، و إن كان موسى أفضل من هارون .

 قلت : فهل يكون إمامان في وقت واحد ؟

 قال : لا إلا أن يكون أحدهما صامتا مأموما لصاحبه ، و الآخر ناطقا إماما لصاحبه ، فأما أن يكونا إمامين ناطقين في وقت واحد فلا .

قلت : فهل تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن و الحسين ؟

قال : لا ، إنما هي جارية في عقب الحسين كما قال الله عز و جل : وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ، ثم هي جارية في الأعقاب و أعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة[72] .

وعن عبد الأعلى بن أعين ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام ، يقول :

إن الله عز وجل خص عليا عليه السلام بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله ، وما نصبه له ، فأقر الحسن والحسين له بذلك .

 ثم وصيته للحسن ، وتسليم الحسين إلى الحسن عليهم السلام ذلك ، حتى أفضي الأمر إلى الحسين عليه السلام لا ينازعه فيها احد له من السابقة مثل ما له .

فاستحقها علي بن الحسين عليه السلام لقول الله تعالى :

 وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله  . فلا يكون بعد علي بن الحسين عليه السلام إلا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب [73].

يا طيب : والأحاديث كثيرة في أن الأئمة من ذرية الإمام الحسين عليه السلام بنص كلام رسول الله والإمام الحسن والحسين عليهم السلام ، وقد تواترت وكثرة الأحاديث بعدة مضامين وأسانيد ، وإنه إذا النص والوصية والشواهد على أن الأئمة من ذرية الحسين عليه السلام ، فلا كلام يبقى لأحد في هذا البحث ، وإن الله يختار من يشاء ويصطفي ولي لأحد خيرة من خلقه ، وسيأتي بحثا أخر متتما في الجزء الآتي :
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .

وإذا عرفنا : إن الأئمة بعد الإمام الحسن هم من ذرية الإمام الحسين ، نتكلم بعض الكلام عن مواصفات أئمة الحق بصورة عامة ، وأحاديث تعرفنا بعض مواصفات الإمام الحسن والحسين عليهم السلام خاصة ، ومنه التوفيق تعالى .

 

 

 

 

 

الإشراق السادس :

مواصفات أئمة الحق الحسن والحسين  هي مواصفات رسول :

يا طيب : سيرة وسلوك كل إمام نتعرف عليها في تمام صحيفته ، فنتعرف على شيء مما نقل لنا من علمه وعمله حسب أحواله وتصرفه في أحواله الشخصية ، أو مع أصحابه ، أو المعاندين أو الحكام وأحوله معهم ، ولكن توجد مسائل عامة في مواصفات الإمام ، وقد مر قسما وافرا منها في صحيفة النبوة أو صحيفة الإمام علي عليه السلام ، ولكن هناك أحاديث عامة في مواصفات الأئمة ، أو خاصة في مواصفات الإمام الحسن والحسين عليهم السلام ، نذكر قسما منها والباقي في صحيفة الإمامة وصحيفة الإمام علي عليه السلام ، وفي الجزء الآتي أيضا ، أو في صحيفة كل إمام إن شاء الله ، وأما الموصفات العامة فهي :

يا طيب : إن موصفات أئمة الحق هي نفسها مواصفات رسول الله صلى الله عليه وآله إلا النبوة ، والموصفات الجسمية الخاصة به ، وإلا الموصفات العلمية وقوة التبليغ على هدى الله والإخلاص في طاعة الله سبحانه وتعالى ، وغيرها مما يجب أن توجد في المصطفى المختار لله تعالى من السباق في العمل الصالح والخير ، هي كلها واحدة حتى أنهم كانوا نورا واحده في الإشراق بهدى الله سبحانه وتعالى ، ولا يتخلفون عنه في شيء من معارف التوجه لله ولا في الإخلاص له وإقامة الواجبات ، ولكن لكل زمان أحوال قد أمر بها كل إمام حسب ما عين الله له في صحيفته التي أنزلها على نبيه وبلغها له الإمام قبله ، وهذا ما يجب عليه الظهور به من هدى الله أو الجهاد في تبليغه أو الصبر في جنب الله وبيان هداه ، ولذا تفاوتت أعمارهم أو أحوالهم مع حكامهم من ناحية الجهاد العلني أو السري أو التبليغ العلني أو السري .

وطبعا : هناك خصوصيا في نبينا الأكرم لا يطيقها غيره قد خصه الله بها لم يشاركها فيها أحد ، وكانت تفوق حتى قوة وعلم أولي العزم من الأنبياء السابقين ، أو في أزواجه وغيرها من أموره الشخصية ، وهذا لم نقصدها .

والقصد في أن أئمة الحق كالنبي : هو أنه النور والطينة والعلم والفهم واحد ، بل هم نفسه وجريان روحه ونوره فيهم ، وأن الحق معهم وهم مع الحق ، وهم ورثة علمه وكتابه وكل ما خصه الله من المكارم والفضائل والمناقب إلا النبوة، فهم أئمة حق وولاة أمر الله مثله في الأرض وبعده ، إلا أنه هناك في العالم الأعلى عند عرش الرحمان هو إمامهم وسيدهم وهكذا بعده الإمام علي ثم الحسن والحسين والأئمة من بعده ثم الأنبياء ثم الأخلص في طاعة الله من الأصفياء والشهداء والصديقين وعموم المؤمنين .

وأن أئمة الحق : هداة بأمر الله ومنتجبون مختارون مصطفون قد رضيهم الله لتبليغ دينه بعد نبي الرحمة ، وأنه يجب حبهم وتوليهم والإتمام بهم والإقتداء بكل علم وعمل ظهروا به أو قرروه ، وأن من يطيعهم ويسير على صراطهم المستقيم لو نفس الثواب له في الكون مع النبي يحف به حسب جده في طاعة الله والإخلاص له في الكون مع الله تعالى ، فيراهم عند الموت ويقترب منهم ويشرب من حوضهم ويسكن محل الكرامة في يوم القيامة عند المقام المحمود وتحت لواء الحمد ويسير على الصراط إلى الجنة ، ويكون مقامه قريب منهم وغيرها من تنزل بركات الله عليه ونوره الخالد له .

ولمعرفة هذه المعاني : من المواصفات العامة لأئمة الحق نذكر بعض الأحاديث الآتية والتفصيل إن شاء الله في صحيفة الإمامة وصحيفة الإمام علي والجزء التالي ، ولندخل بعداه في ذكر أحاديث اشتهرت في موصفات الحسن والحسين عليهم السلام:

 

 

 

 

 

الإشعاع الأول :

المواصفات العامة لأئمة الحق :

عن الإمام الحسين : عن أبيه الإمام علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

الأئمة اثنا عشر من أهل بيتي .

أعطاهم الله تعالي فهمي وعلمي وحكمي .

و خلقهم من طينتي .

فويل للمتكبرين عليهم بعدي ، القاطعين فيهم صلتي ، مالهم .

 لا أنالهم الله شفاعتي[74].

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

من أحب أن يحيى حياة : تشبه حياة الأنبياء عليهم السلام ، ويموت ميتة تشبه ميتة الشهداء ، ويسكن الجنان التي غرسها الرحمان .

 فليتول عليا : عليه السلام وليوال وليه ، وليقتد بالأئمة : من بعده ، فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي .

 اللهم : ارزقهم من فهمي وعلمي .

ويل للمخالفين لهم من أمتي ، اللهم لا تنلهم شفاعتي[75] .

 

وعن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

من سره أن يحيى حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل جنة عدن قضيب غرسه ربى ، فليتول عليا وأوصيائه من بعدى .

 فإنهم : لا يدخلونكم في باب ضلال ، ولا يخرجونكم من باب هدى .

ولا تعلموهم : فإنهم اعلم منكم .

 وأني سئلت ربى : إن لا يفرق بينهم وبين الكتاب ، حتى يردا على الحوض معي ، هكذا ، وضم بين إصبعيه ، وعرضه ما بين صنعاء إلى أيله ، فيه قدحان فضة وذهبا عدد النجوم [76].

و عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من سره إن يحيى حياتي ، ويموت مماتي  ، ويدخل جنة ربى ، جنة عدن ، قضيب من قضبانه ، غرسه ربى بيده ، فقال له : كن فكان .

 فليتول : عليا و الأوصياء من بعده ، وليسلم لفضلهم ، فإنهم الهداة المرضيون أعطاهم ، فهمي وعلمي ، وهم عترتي ، من دمى ولحمي ، اشكوا إلى الله عدوهم من أمتي ، المنكرين لفضلهم ، القاطعين فيهم صلتي ، والله ليقتلن ابني ولا ينالهم الله شفاعتي [77].

عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله تبارك وتعالى يقول : استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك : من ترك ولاية علي ووالى أعداءه ، وأنكر فضله وفضل الأوصياء من بعده .

 فإن فضلك فضلهم ، وطاعتك طاعتهم ، وحقك حقهم ، ومعصيتك معصيتهم ، وهم الأئمة الهداة من بعدك .

 جرى فيهم : روحك ، وروحك : ما جرى فيك من ربك .

وهم : عترتك من طينتك ولحمك ودمك .

وقد أجرى الله عز وجل : فيهم سنتك ، وسنة الأنبياء قبلك .

وهم : خزاني على علمي من بعدك ، حق عليَّ لقد اصطفيتهم وانتجبتهم وأخلصتهم وارتضيتهم .

 ونجا : من أحبهم ووالاهم ، وسلم لفضلهم .

ولقد آتاني جبرائيل عليه السلام :

بأسمائهم وأسماء آبائهم وأحبائهم والمسلّمين لفضلهم[78] .

 

وعن حذيفة بن أسيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول على منبره :

معاشر الناس : إني فرطكم ، و إنكم واردون علي الحوض ، أعرض ما بين بصرى و صنعا ، فيه عدد النجوم قدحان من فضة ، و أنا سائلكم حين تردون عليَّ عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما .

 الثقل الأكبر : كتاب الله سبب ، طرفه بيد الله ، و طرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به لن تضلوا و لا تبدلوا في عترتي أهل بيتي ، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير ، أنهما لن يفترقا حتى يردا علي‏ الحوض ، أنتظر من يرد عليَّ منكم ، و سوف تأخر أناس دوني ، فأقول : يا رب مني و من أمتي .

فيقال : يا محمد هل شعرت بما عملوا ، إنهم ما برحوا بعدك على أعقابهم ، ثم قال : أوصيكم في عترتي خيرا ثلاثا ، أو قال : في أهل بيتي . فقام إليه سلمان فقال : يا رسول الله أ لا تخبرني عن الأئمة بعدك ، أ ما هم من عترتك ؟

فقال : نعم الأئمة بعدي من عترتي عدد نقباء بني إسرائيل .
 تسعة من صلب الحسين .

 أعطاهم الله علمي و فهمي
 فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ، و اتبعوهم :

فإنهم مع الحق ، و الحق معهم[79] .

يا طيب : لو تدبرت الأحاديث أعلاه ، والتي تذكر قسما يسيرا من مواصفات أهل البيت لرأيت فيها : إن النبي وآله الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته صلى الله عليهم وسلم ، خلقوا من نورا واحدا وطينة واحدة ، وأعطوا فهم وعلم وحكمة وحكم رسول الله ، ولذا من أحب أن يحيى حياة النبي ويموت مثل ميتته شهيدا ويسكن الجنان التي غرسها الرحمن بنور عظمته ، عليه أن يوالي أئمة والحق ويقتدي بهم ، فإنهم لا يدخلوه باب ضلال ولا يخرجوه من باب هدى أبدا ، لأنهم أعلم الناس بدين الله ، ولا يفرق الله بينهم وبين النبي أبدا في كل مواقف الشرف والكرامة في الجنة ، فيكون مع المرضيين لله ولرسوله والذين ورثوا علمه ، حتى صارت طاعتهم طاعته ، وحقهم حقه ، وهم أئمة الهدى بعده ، وسنتهم سنة الأنبياء الذين اصطفاهم الله وانتجبهم ، ولذا ينجى من يحبهم وسلم لفضلهم ، فيكون مكتوبا اسمه عندهم بأمر الله ومعهم ، وهذا ما يُسأل عنه المسلمون يوم القيامة ، فيروى من الحوض من تحقق بالتولي لأئمة الحق  واقتداء بهم متيقنا أنهم  مع الحق والحق معهم .

وحينه : وويل للمتكبرين عليهم بعده والقاطعين فيهم صلته ، فلم ينالوا شفاعته ، لأنهم أنكروا فضلهم ولم يتعلموا منهم ، فكانوا ضالين مغضوبا عليهم أشقياء ، فتركوا ولاية الحق للولاة الطغاة ولأعداء الله ورسوله ، فخسروا الدنيا والآخرة ولهم بئس المصير .

ويا طيب : إن الأحاديث كثيرة في هذا المعنى ، ويوجد حديثا جامعا في صفات أئمة الحق بصورة عامة ، وقد ذكرناه في أخر شرح الأسماء الحسنى وفي صحيفة الإمامة فراجعه ، وتيقن نور الله المشرق فيهم ومنهم لكل من يتولى الله ورسله وأئمة الحق من آله ، رزقنا الله توفيق الطاعة وبعد المعصية ، وعرفنا الهدى والاستقامة على صراطه المستقيم للمنعم عليهم بهداه ، وهم نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم ، وهو ولي التوفيق وأرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

الإشعاع الثاني :

 مواصفات رسول الله للحسن والحسين :

يا طيب : مواصفات أئمة الحق عليهم السلام : هي الأمور التي تعرفنا الملاك والأسس المكونة لحقائق إمامتهم وخصائصهم العامة وهي التي تذكر في صحيفة الإمامة العامة أو فيما ذكرنا في صحيفة الثقلين ، أو فيما ذكرنا في صحيفة الإمام علي عليه السلام ، وتعتمد على ما ذكره الله تعالى عن أئمة الحق وسبب اصطفائهم واختيارهم وواجباتهم وقصص وعبر في حياتهم ، أو عما عرّفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أوصافهم وخصائصهم المشابهة له، وقد عرفت قسما منها في ما مر أعلاه .

 وأما تمام البحث في مواصفات أئمة الحق : هو فيما ما ظهر في حياتهم الكريمة سواء كلاما أو قولا أو فعلا أو تقريرا ، وإن ما عرفه المؤمنون عنهم في أحاديثهم الكريمة وسيرتهم وسلوكهم ، هو المعتمد في تعريف صفاتهم وأحوالهم الظاهرة في هذا العالم حسب ما يحتاجه الناس من دين الله وتعريفه ، ولذا كان أهمية الإمامة هي تعريف عظمة الله وخصائص توحيده وأسس الإيمان به من مسائل العدل والمعاد ، أو ظهور حقائق النبوة والإمامة في نبينا وآله صلى الله عليه وآله وسلم .

 وإنه لا سبيل لنا : لشرح كتاب الله وبيان معارفه إلا هم ، وعندما تكثر الأقوال ويختلف المفسرون عنهم ، يكون كل مخالف لهم ليس له إمامة ولا ولاية ولا حجة له في طاعته ، فضلا عن معرفة باقي الأحكام الشرعية التي لم يبين تفصيلها في كتاب الله ، وقد وترك تفصيلها لأئمة الحق بعد رسول الله كمسائل الصلاة وحدوها والزكاة والحج والبيع والشراء والإرث وغيرها، ولذا لا يصح عمل عبادي وهو حق ولم يوجد له أثر من سيرة المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام ولا من حديثهم يؤيده ، وبهذا نعرف أهمية الإمامة وشرف محلها وعظيم فضلها ومقامها السامي ومجدها العالي .

وأما هنا : بعد ما عرفنا شيء من المواصفات العامة للإمامة ، نذكر أحاديث اشتهرت تعرفنا بعض المواصفات الخاصة من رسول الله للحسن والحسين  فتدبر.

عن إبراهيم ابن علي الرافعي : عن أبيه عن جدته بنت أبي رافع قالت :

أتت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله بابنيها الحسن والحسين عليهم السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في شكواه الذي توفي فيه .

فقالت : يا رسول الله : هذان ابناك فورثهما شيئا .

قال : أما الحسن : فإن لـه هيـبتـــي  وســــؤددي .

 وأما الحسين : فإن له جــــرأتـي  وجـــــودي[80].

عن شيخ من الأنصار يرفعه إلى زينب بنت ابن أبي رافع ، عن أمها قالت : قالت فاطمة عليه السلام : يا رسول الله هذان ابناك فانحلهما .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :

أما الحسن : فنحلته  هيبتي   وسؤددي .

وأما الحسين فنحلته  سخائي  وشجاعتي[81] .

و عن صفوان  ابن سليمان أن النبي صلى الله عليه وآله قال :

أما الحسن : فأنحله الهيبة  والحلم .

وأما الحسين فأنحله الجود   والرحمة[82] .

ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه عليهم السلام قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

أما الحسن : فأنحله الهيبة  والعلم .

وأما الحسين : فأنحله الجود  والرحمة[83]

وعن علي بن هاشم ، بإسناده ، عن أبي رافع ، أن فاطمة عليه السلام أتت رسول الله صلى الله عليه وآله بالحسن والحسين عليهم السلام وهما صغيران .

 فقالت : يا رسول الله هذان ابناك ، فانحلهم . فقال : نعم .

أما الحسن : فقد نحلته هيبتي وحلمي .

وأما الحسين : فقد نحلته جودي ونجدتي .

 أرضـيـت يا فـاطـمــة ؟  فقالت : رضيــت يا رسول الله[84] .

يا طيب : في الأحاديث أعلاه لو جمعنا ما قالت فاطمة الزهراء لعرفت أنها جاءت إلى النبي لتأخذ على نحو الإرث أو الهبة نورا من النبي تخص به الحسن والحسين عليهم السلام وليس لنفسها ، ولابد أن يكون أمرا كريما تعرفه للناس وليس مادة بما هي مادة ، لأنها تعرف أنها هي الوارث الوحيد وليس للنبي وارثا غيرها إلا نساءه كلهن ولهن الثمن ليس أكثر من كل ما يبقى من رسول الله ، ولكل واحد تسع من الثمن ، ويكون المجموع 81 سهما ، 9 أسهم لنساء النبي ، ولها عليه السلام 72 سهما لأنها الوارث الوحيد فيكون حتى ثلث وصيته لها ، وليس لمن يكون في فراش الموت أن يمنع نساءه من الإرث بل حق الله فرضه ، فضلا عن كونها لم تطلب مالا مع علمها بأنها الوارث ، كما عرفت مما قال النبي الأكرم لها ، وكيف فهم كلامها وما وهبها .

فإن نبي الرحمة : جمع لفاطمة فيما وهب للحسن والحسين أعظم صفات الكرامة والمجد ، وأصل الصفات الكريمة التي تحوي في معانيها كل مكارم الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة التي تعبر عن معاني الإمامة والولاية على المسلمين بعده ، وبعد أبيهما علي بن أبي طالب عليه السلام ، لأنه خير منهما كما عرفت وكما سترى ، وأنها بالوصية في يوم الغدير وفي ويوم موته قد أكد إمامته ، فضلا عن كثير من المواقف الكثير والأحاديث المتواترة الأخرى ، ولمعرفة المزيد راجع كتاب الغدير أو صحيفة الإمام علي عليه السلام تعرف النص عليه ، بل عرفتها فيما مر .

فإذا ما وهب نبي الرحمة : في الأحاديث هو أعلى مراتب الكرامة والعز ، وأعظم نور المعرفة في كلمات مختصرة تعبر عن مجامع المجد لهما ، وما يعرف إمامتهم وولايتهم ، فإنك قد رأيت في هذا الحديث : نور حقائق المعنى الجزيل في كلمات قليلة ، والمختصر النافع ، والكلام البليغ ، والذي حقا يصدق فيه : قد أُعطينا جوامع الكلم ، و الفصاحة والبلاغة والمهابة في قلوب الناس ، وكما خطب الإمام زين العابدين في محضر يزيد كما ستأتي خطبته عليه السلام .

فإن كلمات قليلة في الحديث : وبكل عباراته ، كانت جامعة شاملة لمعنى المجد .

فإن فاطمة الزهراء عليه السلام قالت : ورثهما أو أنحلهم ، وهي عبارة عن كلمة أعطهما أمرا يعرف به الناس فضلهما لكي لا يجهل حقهم بعدك ، وإنها جاءت في موقف صعب وهو يحتضر وعند الموت وعنده صحبه ، لتسمعهم وكل مؤمن ما يجب عليهم من الطاعة للحسن والحسين عليهم السلام لما لهم من الخصائص الكريمة ، ولولا الواجب لا يصح السؤال وأبيها رسول الله في هذا الحال ، ولكن السؤال لأمر خطير ، والجواب عظيم جليل كريم ، يُعرف إمامة وولاية للحسن والحسين .

والوارث : هو من يأخذ تراث مورثه وبقايا تركته بنسب أو سبب ، والمتعارف من الإرث هو البقية من تركت المتوفى . وقد شرحنا : معنى الوارث في اسم الله الوارث في الأسماء الحسنى ، وعرفنا كيف يرث أهل البيت عليهم السلام من رسول الله علمه وصفاته فراجع البحث ، حتى كانت أشهر زيارة يزار بها الإمام الحسين عليه السلام هي زيارة وارث ، وأما نحلة أو أنحله : أي أعطية شيء بدون مقابل ، والنحل : إعطاؤك إنسانا شيئا بلا استعاضة[85].

 

القبس الأول :

الصفات الكريمة للإمام الحسن عليه السلام من نبينا الأكرم :

بعد أن عرفنا : معنى أرث رسول الله وما نحله للحسن والحسين ، نتدبر صفات الإمام الحسن أولا وما وهبه النبي الأكرم من الصفات الجامعة وأركان الإمامة :

فإن رسول الله و نبينا الأكرم قال للحسن :  له هيبـتـي  و ســؤددي . الهيبة  و الحلم . الهيبة  و العلم . هيبتي و حلمي . هذه عبارات الأحاديث .

وفي كلها : هيبتي : وفي حديثين سؤددي : وفي أخر الحلم أو حلمي ، وهو وإن مكان حليم فهو له سؤدد لأن الحلم مرافق للسيادة مع علم ، وليس له أي صفة سيئة حقا ، وفي حديث آخر بدل حلمي ، علمي : كذا من يكون له علم رسول الله يكون إمامهم ، كما أن الحلم لا يفارق العلم ، وجاء في كل الروايات بأن الإنسان لا يكون عالما إلا وأن يكون حليم، وحلم رسول الله وعلمه مترافقان وهما أس سؤدده وسيادة في المسلمين وللناس أجمعين ، وهما ركن لكون سيد الأنبياء والمرسلين .

 ولمعرفة المعاني في اللغة : لمفردات ألفاظ الحديث ، نتدبر بعض كلماته الخاصة بالصفات الإمام الحسن عليه السلام أولاً .

 

هيبتي :

هيب : الهَيْبةُ : المَهابةُ ، و هي الإِجلالُ و المَخافة .            

وفي حديث عُبَيدِ بن عُمَيْرٍ : الإِيمانُ هَيُوبٌ : أَي يُهابُ أَهْلُه ، فَعُولٌ بمعنى مفعول، فالناس يَهابونَ أَهلَ الإِيمان لأَنهم يَهابونَ الله و يَخافونَه ؛ و فيه وجهان: أَحدهما : أَن المؤمن يَهابُ الذَّنْبَ فيَتَّقِيه ، و الآخر : المؤمنُ هَيُوبٌ أَي مَهْيُوبٌ ، لأَنه يَهابُ الله تعالى، فيَهابُه الناسُ، حتى يُوَقِّرُوه .

و المهيب : الذي يرى له هيبة [86].

وهيبة النبي الأكرم للإمام الحسن عليه السلام : تعرفنا عظمة إيمانه بأنه نفس إيمان النبي وهداه هو نفس هدى النبي وعبودية لله هي نفسه عبودية النبي لله تعالى، ولذا يجب أن يسود ويكون سيدهم وإمامهم وخليفته فيهم بعد أبيه وفي زمانه، وعلى هذا من يخالفه فهو الضال ، ومتبعه له المجد والسؤدد كما في الحديث الأول والثاني :

سؤددي :

سيد : قال تعالى : سيدا و حصور . السيد : الرئيس الكبير في قومه المطاع في عشيرته و إن لم يكن هاشميا و لا علويا . ـ فكيف إذا كان كرسول الله وعلويا ـ.

و السيد : الذي يفوق في الخير . و السيد : المالك ، و يطلق على الرب و الفاضل و الكريم و الحليم و المتحمل أذى قومه و الزوج و المقدم .

يقال ساد يسود سيادة ، و الاسم السِؤدد ، و هو المجد و الشرف فهو سيد[87] .

وذكروا : السؤدد - بضم السين وفتح الدال الأولى وقد يضم وسكون الهمزة - : السيادة والشرافة .أي يصير ذا سؤدد وفخار .

ويا طيب : سيأتي المعنى في قول نبينا الأكرم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة معنى السيد ومن له السؤدد بفضل الله ورسوله حقا بأعلى معناه ، ونبحثه في جزء كامل إن شاء الله ، والذي عرفت مختصر معناه أعلاه ، وهو عين معنى السيادة والشرف والمجد له على قومه بعد رسول الله وأبيه لأنه خيرا منه ، وهذا عين الإمامة والولاية والخلافة له ، ولا معنى لسيد القوم غير هذا ، وبالخصوص سؤدد رسول الله للحسن ، كما أن معنى الحلم والعلم تعبيرا آخرا عن السؤدد لأنه حلم رسول الله وعلمه ، وقد جاء عن الإمام الصَّادِقِ عليه السلام  قال لَا سُؤْدُدَ لِسَيِّئِ الْخُلُقِ [88]... الْخَبَرَ . فإذا الإمام الحسن حسِن في كل صفاته ولا له صفة سيئة لأنه له حلم رسول الله وعلمه وسؤدده وكل واحده تكفي منها لأن يكون يسد قومه وإمامهم في زمانه .

 

 

القبس الثاني :

الصفات الكريمة للإمام الحسين عليه السلام من نبينا الأكرم :

وأما نحلة وإرث رسول لله للإمام لحسين عليه السلام فهو له :

 جرأتي  وجودي ،  سخائي  وشجاعتي . الجود  والرحمة . جودي   نجدتي .

أو فقل : جرأتي شجاعتي الرحمة نجدتي ، جودي سخائي الجود جودي .

يا طيب : هذا كان تعبير الأحاديث ، وهو تعبرا آخرا عن كمال المجد والصفات الحميد من النبي الأكرم للإمام الحسين ، وتجمع العبارات بمعنى واحده لأنها متقاربة في معنى الجود والشجاعة ، لتعطينا معنى إقداما جريئا للحسين وشجاعة يطلب بها رحمة الله لينجد المسلمين الذي يركبون سفينة نجاته ، وينورهم بمصباح هداه حتى يخلصهم من الضلال والانحراف عن إمامهم وسيدهم الذي يجب أن يكون له السيادة والإمامة عليهم قبله وهو أخيه الحسن وأبيه ، ولكنه لما لم يتم له ما طلب في تعريف هدى الله وبيان الحق .

فيُظهر هذه الجرئة والشجاعة حتى يجود بنفسه بكل سخاء من أجل نصر الدين وتعريف السيادة والمجد والهدى والإمامة والولاية لآله صلى الله عليهم وسلم .

 وهو تعبير كريما أخر : لرسول الله في هذه الأحاديث المتقاربة الألفاظ والمعاني ، وبها يعرفنا حقائق ما سيكون عليه شأن الأمة في زمن إمامة الإمام الحسين عليه السلام ، وما يجب عليه أن يظهر من صحيفته كما عرفت في آخر المصباح ، فيعرفنا صلى الله عليه وآله وسلم إن الحسين في زمانه سيجود بنفسه في سبيل دينه وإصلاح ما فسد على يد الضالين والمنحرفين ، وأنه أمره بهذه النحلة أن يظهر ما وهبه من الجرئة التي يجب عليه أن تجلى بها في بزمانه حتى الشهادة وهي أعلى مراتب الجود .

وبهذا الموقف الكريم لرسول الله : في حديث مختصر ، وهو في حال وداع قومه ، وهو صلى الله عليه وآله وسلم يريد أن يرتفع للملكوت الأعلى ، يعرفنا ويعرف كل من روى الحديث المتواتر هذا وسمع به لآخر الدهر ، وبأي عبارة من عبارات الكريمة الجامعة لمعنى واحد ينقل لهم .

 بأنكم يا معشر المسلمين والناس أجمعين : إن هيبتي وعلو إيماني هو الذي جعلني الله به سيدا للبشر وكان لي السؤدد عليكم ، هو وهبته وورثته للحسن وأبيه قبلهم ، إن خالفتم أبو الحسين وأخيه الذي له الهيبة والسؤدد ولم تعترفوا لهم بالإمامة والولاية ، وضللتم عن الدين وهدى الله الحق , وأقدم الحسين بكل جرئه وشجاعة ينجد الإسلام ويُعرف هدى الله وحقائق دينه ، فعليكم أن تنصروه ولا تخذلوه ،
 لأنه لا يقدم على الجود بنفسه ويسخو بروحه وبكل شيء إلا وقد صار الأمر خطيرا في الأمة ، وقد حصل انحرافا عظيم عن الدين ، وهذا لا يصلحه إلا أن يفدي ديني بنفسه ويجود بكل شيء ، حتى يثيب الناس لمعارف الحق وأهله حين يعرفوا مظلوميته ، لأنه هذه جرئة رسول الله وجوده يُظهره الحسين وبعد أخيه الحسين السيد الإمام الذي لم تعترفوا به وليا لكم ، فالحسين يقدم في سبيل إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى حتى يجود بنفسه .

 

 

القبس الثالث:

 معنى مفردات الأحاديث في اللغة وجرأة الحسين الرحيمة:

جرأتي :

 جرأ : فلان جري‏ء المقدم ، وبه جرأة. جرؤ جراءة، وهو جري‏ء ، أي : جسور و جرأته تجرئة[89]. جرأ : الجُرأَةُ مثل الجُرْعةِ : الشجاعةُ ،والجَرِي‏ءُ : المِقْدامُ [90].

نجدتي :

نجد : النَّجْدُ من الأَرض : قِفافُها و صَلَابَتُها ، و ما غَلُظَ منها و أَشرَفَ و ارتَفَعَ و استَوى ،و رجل ذو نَجْدة أَي ذو بأْس . و النجدة بفتح النون فالسكون : الشجاعة ،و هي البلوغ في الأمر الذي يعجز عنه . و استنجدتهم : فأنجدوني أي استعنتهم فأعانوني .  و نجد الأمر : ينجد نجودا أي استبان و وضح فهو ناجد[91] .

 وفي حديث الإمام علي عليه السلام أما بنو هاشم فأنجاد ؟ أي أشداء [92].

شجاعتي :

والشجاعة : شدة القلب عند البأس .

وقد شجع الرجل بالضم شجاعة : قوي قلبه واستهان بالحروب جرأة و إقداما[93].

رحمتي :

تعرف بأن الرحمان اسم لله يشمل الدنيا والآخرة ، والرحيم خاص بالمؤمنين يوم القيامة ، والحسين من كان معه ويتبعه فله نور رحمة الله ورسوله أبدا ، وإلا لا ، ولمعرفة هذا تدبر ما قال الله سبحانه وتعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم :

{ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ }الأعراف ، وذلك لأن رحمة الله نزلة في رسول الله كما قال سبحانه :

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)} الأنبياء .

ورحمة الله ورسوله هي للحسين عليه السلام : في قوله عز و جل :
{ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ الله (75) } الأنفال . { وَاتَّقُواْ الله الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) } النساء  ؛ { ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)} البلد  .

والحسن والحسين : أقرب رحما لرسول الله وقد أوصانا رسول الله بهما والصبر في جنبهم والكون معهم ، وسوف نسأل عنهم يوم القيامة كما سترى ، وقد عرفت أنهما ذريته وآله وأبناه وعترته ولا يوجد أقرب منهم من رسول الله ، وهو يصرح في أحد عبارات الأحاديث يجود بنفسه من أجل نشر رحمتي ، وطبعا نورها لمن يقتدي به ويتبعه ويهتدي بهداه ويسلك منهجه الكريم .

وقوله تعالى :{ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَ وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) } الأعراف . أي عفوه و غفرانه ونور كرامته ومجده الدائم لمن يكون مصلح محسن حقا ، وليس هي إلا لنبي الرحمة وآله الحسن والحسين و لمن كان معهم وأطاعهم ولم ينحرف عنهم ، وإن الأرض أصلحت في زمن رسول الله ولكنهم بعده تولى المنافقون على الحكم وأفسدوا الأرض في زمانهم بعد أن أصلحها رسول الله , ولما أقدم أبو وأخو والحسين لإصلاحها لم يستمعوا لهم حتى جادوا بأنفسهم في سبيل الله ، وقد قطع قتلتهم رحم رسول الله :

{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (محمد22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ الله فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قالوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ الله سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَالله يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) } محمد .

وإن القوم : تصوروا حين قاتلوا أهل البيت وقطعوا رحم رسول الله ، يطيعون الله في بعض العبادات كالصوم والصلاة وغيرها على ما يصوره لهم فكرهم ، ويهجروه في بعضه كأمره بمودة القربى وضرورة حب الأخيار والصالحين والذين لهم رحمة الله وتطهيره وبركاته .

وتصور القوم المبعدين لأئمة الحق عن السيادة لهم : والتي هي عين رحمة الله ، بأنهم بهجر رحمة الله يبقى لهم شيء يبعدون به الله ، فإن من ينقطع عن رحمة الله ولم يتصل بها بالصلاة على النبي وآله وحبه وتوليه معه كما أمر الله ورسوله ، بل أشد يؤذي نبي الرحمة وآله ، فله لعنة الله وغضبه وهو ضال مضل وقد قال الله تعالى :

{ إِنَّ الله وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (58) } الأحزاب .

وقد قال الله تعالى : { وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ الله لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) } التوبة .

وإن الرحم الذي جاء في الحديث : الرحم معلقة بالعرش ، تقول :

اللهم صل من وصلني و اقطع من قطعني[94].

إن أعلى رحم : يجب حبها ووصلها هي رحم رسول الله ، وقد عرفت في الجزء الأول قد قال رسول الله : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ، وسيأتي نصوص في وجوب متابعة أئمة الحق والذرية الطيبة ، وبنصوص كريمة تعرف معنى قوله تعالى : لا أسألكم عليه أجرى إلا المودة في القربى . ونص آية المباهلة وغيرها مما يعبر عن وجوب توليهم والاقتداء بهم لا قطعهم ومحاربتهم ، وأن الله ورسوله يأمر بحبهم وحب من يحبهم ويلعن من يبغضهم ويعاديهم ويقطعهم.

 

وقد قال الإمام علي في إحدى خطبه  : اللهم : فاجز قريشا عني الجوازي ، فقد قطعت رحمي ، و تظاهرت علي ، و دفعتني عن حقي ، و سلبتني سلطان ابن أمي ، و سلمت ذلك إلى من ليس مثلي في قرابتي من الرسول ، و سابقتي في الإسلام ، إلا أن يدعي مدع ما لا أعرفه ، و لا أظن الله يعرفه ، و الحمد لله على كل حال .

 و قال عليه السلام لمن أعتزله فضلا عمن حاربه : اللهم أجز قريشا عني الجوازي ، فقد قطعت رحمي ، و دفعتني عن حقي ، و أغرت بي سفهاء الناس ، و خاطرت بدمي[95] .

ولكن لا يوم كيوم أبا عبد الله في كربلاء :

قال السيد في اللهوف : فلما لم يبق مع الحسين سوى أهل بيته ، خرج علي بن الحسين عليه السلام و كان من أصبح الناس وجها ، و أحسنهم خلقا ، فاستأذن أباه في القتال : فأذن له ، ثم نظر إليه نظر آيس منه و أرخى عينه و بكى ، ثم قال :

 اللهم : اشهد فقد برز إليهم غلام ، أشبه الناس خلقا و خلقا و منطقا برسولك ،  و كنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه .

فصاح و قال : يا ابن سعد قطـــع الله رحمـــك ، كما قطعـــت رحمــــــــي ،
 فتقدم نحو القوم فقاتل قتالا شديدا ، و قتل جمعا كثيرا ، ثم رجع إلى أبيه ، و قال : يا أبت العطش قد قتلني ، و ثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلي شربة من الماء سبيل .

فبكى الحسين عليه السلام و قال : وا غوثاه يا بني قاتل قليلا ، فما أسرع ما تلقى جدك محمدا ، فيسقيك بكأسه الأوفى ، شربة لا تظمأ بعدها أبدا ، فرجع إلى موقف النزال ، و قاتل أعظم القتال ، فرماه منقذ بن مرة العبدي لعنه الله تعالى بسهم فصرعه ، فنادى : يا أبتاه ، عليك السلام ، هذا جدي يقرؤك السلام ، و يقول لك : عجل القدوم علينا ، ثم شهق شهقة فمات .

 فجاء الحسين عليه السلام : حتى وقف عليه ، و وضع خده على خده ، وقال

: قتل الله قوما قتلوك ، ما أجرأهم على الله ، و على انتهاك حرمة الرسول على الدنيا بعدك العفاء [96].

ويا طيب : بعد أن عرفنا أن الإمام الحسين عليه السلام أقدم بكل جرئة لنجدة الإسلام والمسلمين من الضلال ، ولكي يحققهم برحمة الله ونور بركاته وكرامته ومجده الدائم ، في الدنيا يعرفهم على معاني حقائق هدى الله ودينه ليعبدوه حقا كما يحب ، وفي الآخرة لهم ثواب الله والمقام المحمود مع نبي الرحمة حين يكونوا حقا مؤمنين صالحين ، ولكنهم قطعوا رحمه فانقطعوا عن رحمة الله إلا من عصمه الله بالحسين وكان معه في يوم كربلاء وبعدها ، فاستجاب له بما طالب من نصره على طول الزمان فاقتدى به وإذا عرفنا هذا .

 

 

نتدبر القسم الآخر من الحديث : وهو في جـــود الإمام الحسين بنفسه .

 فنذكر معنى الجود في اللغة والحديث بمعنى مختصر ، لأنه عرفت أن القسم الأخر من فقرات الحديث فهي ما وهب رسول الله بقوله نحلته :

جودي أو الجود وفي حديث سخائي ، والمعنى واحد وقد جاء في اللغة :

جود : جاد الشيء يجود جودة فهو جيد .

و هو يجود بنفسه . معناه : يسوق نفسه ،

والجود بالنفس أقصى غاية الجودي .

 و رجل جَواد : سـخــيّ . سخا : السَّخاوة و السَّخاءُ : الجُودُ [97].

سخو : السخاء: الجود ، و رجل سخي ، و سخيت نفسي و بنفسي عن الشيء إذا تركته و لم تنازعك نفسك إليه [98].

 

وأما الجود والسخاء في الحديث فهو :

عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ قال سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا الحسن الْأَوَّلَ عليه السلام وَ هُوَ فِي‏ الطَّوَافِ فَقال لَهُ : أَخْبِرْنِي عَنِ الْجَوَادِ ؟

فَقال : إِنَّ لِكَلَامِكَ وَجْهَيْنِ : فَإِنْ كُنْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْمَخْلُوقِ :

 فَإِنَّ الْجَوَادَ : الَّذِي يُؤَدِّي مَا افْتَرَضَ الله عَلَيْهِ .

وَ إِنْ كُنْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْخَالِقِ : فَهُوَ الْجَوَادُ إِنْ أَعْطَى ، وَ هُوَ الْجَوَادُ إِنْ مَنَعَ ، لِأَنَّهُ إِنْ أَعْطَاكَ أَعْطَاكَ مَا لَيْسَ لَكَ ، وَ إِنْ مَنَعَكَ مَنَعَكَ مَا لَيْسَ لَكَ .

وعَنِ الحسن بْنِ مَحْبُوبٍ : عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قال قُلْتُ لَهُ : مَا حَدُّ السَّخَاءِ ؟ فَقال :

 تُخْرِجُ مِنْ مَالِكَ ، الْحَقَّ الَّذِي أَوْجَبَهُ الله عَلَيْكَ ، فَتَضَعُهُ فِي مَوْضِعِهِ .

وإَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : السَّخِيُّ : مُحَبَّبٌ فِي السَّمَاوَاتِ ، مُحَبَّبٌ فِي الْأَرْضِ ، خُلِقَ مِنْ طِينَةٍ عَذْبَةٍ ، وَ خُلِقَ مَاءُ عَيْنَيْهِ مِنْ مَاءِ الْكَوْثَرِ .

وَ الْبَخِيلُ : مُبَغَّضٌ فِي السَّمَاوَاتِ ، مُبَغَّضٌ فِي الْأَرْضِ ، خُلِقَ مِنْ طِينَةٍ سَبِخَةٍ ، وَ خُلِقَ مَاءُ عَيْنَيْهِ مِنْ مَاءِ الْعَوْسَجِ .

وعَنْ أَبِي الحسن مُوسَى عليه السلام قال :

 السَّخِيُّ : الحسن الْخُلُقِ فِي كَنَفِ الله ، لَا يَسْتَخْلِي الله مِنْهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، وَ مَا بَعَثَ الله عَزَّ وَ جَلَّ نَبِيّاً وَ لَا وَصِيّاً إِلَّا سَخِيّاً ، وَ مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ الصَّالِحِينَ إِلَّا سَخِيّاً ، وَ مَا زَالَ أَبِي يُوصِينِي بِالسَّخَاءِ حَتَّى مَضَى . وَ قال : مَنْ أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ الزَّكَاةَ تَامَّةً ، فَوَضَعَهَا فِي مَوْضِعِهَا ، لَمْ يُسْأَلْ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَ مَالَكَ [99].

ويا طيب : إذا عرفت أن الجود هو الإقدام على بذل الإنسان ما عنده ونجدة غيره ، وهذه جرئة على المال ، والأفضل هو الجرئة والإقدام على تقديم النفس .

 وقد قال رسول الله للحسين عليه السلام فله أو نحلته :

جرأتي  وجودي ،  سخائي  وشجاعتي . الجود  والرحمة . جودي   نجدتي .

وعن الْقَاضِي نُعْمَانُ فِي شَرْحِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ الله :

الْجُودُ بِالنَّفْسِ أَفْضَلُ فِي سَبِيلِ الله مِنَ الْجُودِ بِالْمَالِ [100].

وفي حديث الإمام علي عليه السلام :

 أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ فَأَمْجَادٌ أَنْجَادٌ ، أَيْ أَشِدَّاءُ شُجْعَانٌ [101].

قال و أقبل الزبير على عائشة فقال : يا أمه ما لي في هذا بصيرة ، و إني منصرف . فقالت عائشة : يا أبا عبد الله أ فررت من سيوف ابن أبي طالب ؟

فقال : إنها و الله طوال حداد ، تحملها فتية أنجاد ، ثم خرج راجعا [102].

 

القبس الرابع :

 جــود أهل البيت بالنفس من أجل إعلاء كلمة الله :

قال في إرشاد القلوب : و من كان أكرم الناس كان أفضل الناس فيكون هو الإمام دون غيره .  و أما الجود و السخاء : فإنه ـ علي بن أبي طالب ـ بلغ فيه ما لم يبلغه أحد جاد بنفسه ، و الجود بالنفس أقصى غاية الجود .

فقال له صلى الله عليه وآله وسلم : إن قريشا قد تحالفت على أن تبيتني هذه الليلة ، فامض إلى فراشي و نم في مضجعي ، و التف في بردي الحضرمي ، ليروا أني لم أخرج ، و إني خارج إن شاء الله .

فمنعه أول : من التحرز و إعمال الحيلة ، و صده عن الاستظهار لنفسه بنوع من أنواع المكايد و الجهات التي يحتاط بها الناس لنفوسهم ، و ألجأه إلى أن يعرض نفسه لظبات السيوف الشحيذة ، من أيدي أرباب الحنق و الغيظة ، فأجاب إلى ذلك سامعا مطيعا طيبة بها نفسه ، و نام على فراشه صابرا محتسبا واقيا له بمهجته ينتظر القتل ، و لا نعلم فوق بذل النفس درجة يلتمسها صابر ، و لا يبلغها طالب .

و الجود بالنفس أقصى غاية الجود [103].

وقد قال الله في الإمام علي وفي رسول الله حين هجرته :

{ إِنَّ الله اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ الله فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)

التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ الله وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) } التوبة .

وإذا عرفت يا طيب: معاني كلمات الحديث للإمام الحسن والحسين فلنذكر ما :

قال صاحب كتاب كشف الغمة : الفقير إلى الله تعالى علي بن عيسى عفى الله عنه ، اعلم أيدك الله بتوفيقه و هداك إلى سبيله و طريقه .

أن الكرم : كلمة جامعة لأخلاق محمودة ، تقول : كريم الأصل ، كريم النفس ، كريم البيت ، كريم المنصب ، إلى غير ذلك من صفات الشرف ، و يقابله اللؤم ، فإنه جامع لمساوئ الأخلاق ، تقول : لئيم الأصل و النفس و البيت و غيرها.

فإذا عرفت هذا فاعلم : أن الكرم الذي الجود من أنواعه ، كامل في هؤلاء القوم ، ثابت لهم محقق فيهم ، متعين لهم ، و لا يعدوهم ، و لا يفارق أفعالهم و أقوالهم ، بل هو لهم على الحقيقة ، و في غيرهم كالمجاز ، و لهذا لم ينسب الشح إلى أحد من بني هاشم ، و لا نقل عنهم ، لأنهم يجارون الغيوث سماحة ، و يبارون الليوث حماسة ، و يعدلون الجبال حلما و رجاحة ، فهم البحور الزاخرة ، و السحب الهامية الهامرة .

فما كان من خيـر أتوه فإنما            توارثه آبـاء آبـائهم قبـل‏

وهل ينبت الخطي إلا وشيجه            وتغرس إلا في منابتها النخل‏

 

  و لهذا قال علي عليه السلام : و قد سئل عن بني هاشم و بني أمية ؟

فقال : نحن أمجد و أنجد و أجود ، و هم أغدر و أمكر و أنكر .

و لقد صدق عليه السلام : فإن الذي ظهر من القبيلتين في طول الوقت دال على ما قاله عليه السلام ،  و لا ريب أن الأخلاق تظهر على طول الأيام ، و هذه الأخلاق الكريمة اتخذوها شريعة ، و جعلوها إلى بلوغ غايات الشرف ، ذريعة ، لشرف فروعهم‏ و أصولهم و ثبات عقولهم ، لأنهم لا يشينون مجدهم بما يصمه ، و لا يشوهون وجوه سيادتهم بما يخلفها ، و لأنهم مقتدى الأمة ، و رءوس هذه الملة ، و سروات الناس ، و سادت العرب ، و خلاصة بني آدم ، و ملوك الدنيا ، و الهداة إلى الآخرة ، و حجة الله على عباده ، و أمناؤه على بلاده ، فلا بد أن تكون علامات الخير فيهم ظاهرة ، و سمات الجلال بادية باهرة ، و أمثال الكرم العام سايرة ، و أن كل متصف بالجود من بعدهم بهم اقتدى ، و على منوالهم نسج ، و بهم اهتدى .

 و كيف لا يجود بالمال : من يجود بنفسه النفيسة في مواطن النزال ، و كيف لا يسمح بالعاجل من همه في الآجل ، و لا ريب عند العقلاء أن من جاد بنفسه في القتال فهو بالمال أجود ، و من زهد في الحياة المحبوبة فهو في الحطام الفاني أزهد ، و قد عرفت زهدهم فاعرف به وفدهم ، فإن الزاهد من زهد في حطامها ، و خاف من آثامها ، و رغب عن حلالها و حرامها ، و لعلك سمعت بما أتى في هل أتى من إيثارهم على أنفسهم أ ليسوا الذين أطعموا الطعام على حبه و رغب كل واحد منهم في الطوى لإرضاء ربه ، و عرضوا تلك الأنفس الكريمة لمرارة الجوع ، و أسهروا تلك العيون الشريفة من الخوى ، فلم تذق حلاوة الهجوع ، و جعلوها لما وجدوه من الرقة على المسكين و اليتيم و الأسير ، غرقى من الدموع ، و تكرر عليهم ألم فقد الغذاء غدوا و بكورا ، و أضرم السغب في قلوب أهل الجنة سعيرا ، و آمنوا حين اطعموا فقالوا :  { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) نَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورً (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (الإنسان10) فَوَقَاهُمُ الله شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) } الإنسان .

 و الحسين عليه السلام : و إن كان فرعا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم و علي و فاطمة عليهم السلم ، فهو أصل لولده من بعده ، و كلهم أجواد كرام .

كرموا و جـاد قبيلهم من قبلهـم            و بنوهم من بعدهم كرماء

فالناس أرض في السماحة والندى            و هم إذا عد الكرام سماء

لو أنصفـوا كانوا لآدم وحدهـم            و تفردت بـولادهم حواء

 و قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و قد جاءته أم هانئ يوم الفتح تشكو أخاها عليا عليه السلام : لله در أبي طالب لو ولد الناس كلهم كانوا شجعان .

 و كان علي عليه السلام يقول في بعض حروبه : أملكوا عني هذين الغلامين ، فإني أنفس بهما عن القتل ، لئلا ينقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

و قيل لمحمد بن الحنفية رحمة الله عليه :

 أبوك يسمح بك في الحرب ، و يشح بالحسن و الحسين عليه السلام .

 فقال : هما عيناه و أنا يده ، و الإنسان يقي عينيه بيده .  و قال مرة أخرى و قد قيل له ذلك : أنا ولده ، و هما ولدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

و الحماسة و السماحة رضيعتا لبان ، و قد تلازما في الجود ، فهما توأمان .

فالجواد شجاع ، و الشجاع جواد . و هذه قاعدة كلية لا تنخرم .

و لو خرج منها بعض الآحاد : و من خاف الوصمة في شرفه جاد بالطريف و التلاد ، و قد قال أبو تمام في الجمع بينهما فأجاد :

و إذا رأيت أبا يزيد في ندى            و وغى و مبدي غارة و معيدا

أيقنت أن من السماح شجاعة            تدنى و أن من الشجاعة جودا

و قال أبو الطيب :

قالوا أ لم تكفـه سماحته حتى            بنى بيتـه على الطــرق‏

فقلت إن الفـتى شجاعتــه            تريه في الشح صورة الفرق‏

كن لجة أيها السمــاح فقـد           آمنــه سـيفه من الغرق‏

و لهذا قال القائل :

  يجـود بالنفس  إن ضن الجواد به

و الجود بالنفس  أقصى غاية الجود

و قيل الكريم شجاع القلب ، و البخيل شجاع الوجه .

وقد التقى الحسيــــن : و هو متوجه إلى الكوفة الفرزدق بن غالب الشاعر وقال‏ له:

يا ابن رسول الله : كيف تركن إلى أهل الكوفة ، و هم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل و شيعته ، فترحم على مسلم ، و قال :

صار إلى روح الله و رضوانه ، أما أنه قضى ما عليه و بقي ما علينا ، و أنشده :

و إن تـكن الدنيا تعـد نفيسـة          فـدار ثـواب الله أعلـى و أنبـل‏

و إن تكن الأبدان للموت أنشئت          فقتـل امرئ و الله بالسيف أفضـل‏

و إن تكن الأرزاق قسمـا مقدرا         فقلة حرص المرء في الكسب أجمل‏

و إن تكن الأموال للترك جمعها          فما بـال متـروك به المرء يبخل[104]

فيا طيب : قد عرفت في الباب السابق في استسقاء النبي للحسنين فرقهم مع بني أمية وتوجد بحوث كريمة في المقارنة بين أهل البيت بصورة عامة مع كل الناس ، خاصة مع بني أمية ، ولن تجد أن حد يدانيهم بالفضل ، وعقد بابا في تاريخ المدينة لابن شبة النميري ، كذا في فضل آل البيت للمقريزي والتنازع التخاصم بين بني أمية وبني هاشم ، وبن أبي الحديد في شرح النهج ذكر باب سماه : جاهلية بني هاشم في الشرف كإسلامهم ،  وفي ذخائر العقبى ، وفي الغدير تجد كثير من البحوث في تعريف بني أمية وخسة طبعهم ودناءة شيمهم ولؤمهم وخبث أحوالهم في المكر والحيلة والكذب ، وغيرها من الجور والظلم والعدوان والفسق والفجور ، وتحريف معارف الدين وتفسيره بهواهم وكيف تبعهم الناس يدرون أو لا يدرون .

كما أنه في صحيفة الإمام علي عليه السلام : وهنا في صحيفة الحسين بل بالتوحيد والنبوة وغيرهن تعرفت على شيء من الشيم العالية والأخلاق الفاضلة والخصائص الطيبة لنبينا وآله حتى صلى الله عليهم وملائكة وكل الطيبين وسلموا لهم تسليما عن حب ومودة ، وشوق لمعرفتهم بكل فضل الله عليهم الذي اصطفاهم وطهرهم وأختارهم وصدقهم ووهبهم المجد والعز الأبدي ، وكل فضائل الوجود ومكارمه ، وعرفنا بهم بكل ما يعرف عظيم نعمته عليهم وبما يفوق حد الوصف .

و بما عرفت من خصائص الإمام الحسن والحسين الجامعة : ونحلة رسول الله لهما وهو في حال فراقه الدنيا ، تعرف بذلك إمامتهم وولايتهم على الناس بعد رسول الله ، وأنه لهم السيادة والسؤدد والفضل والكرامة والمجد ، وهذا كان لهم من جود رسول الله ونوره وسؤدده وهيبته ونجدته ، وكان له جود الله الجواد نورا يرحمه به بكل شيء يظهر به علما وعملا وسيرة وسلوكا وقد ورثه ونحله لآله الطيبين الطاهرين عليه السلام للحسن والحسين وذرية الحسين ومن قبل أبيهم أمير المؤمنين وقد قال عليه السلام :

يا كميل : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدبه الله عز و جل . و هـو أدبـنـي . و أنا أؤدب المؤمنين ، و أورث الأدب المكـرمـيـن . يا كميل : ما من علم إلا و أنا أفتحه ، و ما من سر إلا و القائم يختمه .يا كميل : ذرية بعضها من بعض ، و الله سميع عليم . يا كميل : لا تأخذ إلا عنا ، تكن من[105] .

وقد قال الله لرسوله : إنك لعلى خلق عظيم ، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ، وهو البشير النذير والسراج المنير ، ولذا يجب : أن يقتدي بهم ويسلك بمعارفهم لقرب الله الجواد الكريم ، وكانت أحاديث بإسناد صحيح عن موالية لأهل البيت وري عن أئمة الحق بطرقهم أيضا كما عرفت ، وهو نصا بليغا فيه جوامع الكلم يعرف فضائل ومناقب أئمة الحق وشرفهم ، وبه نعرف عظمة رسول الله وحكمته وبلاغته وفصاحته حتى في يوم وفاته ، لا كما قال قائلهم يهجر والعياذ بالله من القوم الظالمين ، وجعلنا مع أئمة الحق في الدنيا والدين وفي كل حين ، ورحم الله من قال أمين يا رب العالمين .

 



 

[46] علل ‏الشرائع ج1 ص253ح9 .

[47]بصائر الدرجات ص32ب15 .

[48] بصائر الدرجات ص32ب15ح2 .تفسير القمي ج2ص170 . الكافي ج1ص216ح2 .

[49] بصائر الدرجات ص32ب15ح3 .

[50] المناقب ج3 ص393. فصل في معالي أمورهما . . بحار الإنوارج43ص291ب12ح54 .

[51] كتاب ‏سليم‏ بن‏ قيس  ص732 ح21 .

[52] الصراط المستقيم ج2ص118ف3 .

[53] كفاية الأثر ص38 . ص 116 باب ما جاء عن أبي أيوب الأنصاري .

[54] روضة الواعظين ج1ص156 . 

[55] الصوارم ‏المهرقة ص95.

[56] ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ج3ص395 ح45 . اكمال الدين 1 / 269 حديث 12 .

[57] كفاية الأثر ص221 . بحارا لأنوار ج43ص264ب12.

[58] ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ج3ص395 ح46 . اكمال الدين 1 / 282 حديث 35 .

[59] كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق  ص 262 ح9 . الرسائل العشر للشيخ الطوسي ص98 ص 107 . وأضاف أخره : يملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت من غيره ظلما وجورا . ويدل على إمامتهم عليهم السلام أيضا إنهم معصومون ، ولا احد ممن ادعيت فيه الإمامة بمعصوم بالإمامة فيهم .الكافي للحلبي أبو الصلاح ص 99 . وفي ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ج 3ص 291 . وأضاف في أخره قائمهم المهدي ، وخرجه عن مودة القربى : 29 . كتاب سليم : 23 حديث 7 . فرائد السمطين 2 / 313 حديث 563 .

[60]وقد ذكر الحديث : في : دعائم الإسلام للقاضي النعمان المغربي ج1ص37 .  روضة الواعظين للفتال النيسابوري  ص 156 . كفاية الأثر للخزاز القمي  ص 117 . والفصول المختارة ص 303 وفي المسائل الجارودية  ص 35 وفي النكت في مقدمات الأصول  ص 48 وفي  الارشاد ج2ص30 للشيخ المفيد . و التعجب أبو الفتح الكراجكي  ص 52 .  و مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب ج 3   ص 163 . و الفضائل- شاذان بن جبرائيل القمي  ص 118 . والطرائف للسيد ابن طاووس الحسني  ص 196 . شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي ج7ص 482 . وج 19ص 206 .وص 216 ، وج 26 ص 48 . وفي كثير من الكتب الأخرى.

[61] والصوارم المهرقة- الشهيد نور الله التستري  ص 95 .

[62] وذكر الحديث في الكتب الفقهية بكثرة في مسألة الوقف ومسألة الخمس وغيرهن : كغنية النزوع لابن زهرة الحلبي ص 323 . والسرائر لابن إدريس الحلي ج3ص 157 . وج 3ص 257 .مختلف الشيعة للعلامة الحلي ج 3ص 333. وتذكرة الفقهاء للعلامة الحلي ج 1ص 254 . وج2ص 437 . وج5ص435 . و المهذب البارع لابن فهد الحلي ج 1ص 562 . وفي مسالك الأفهام للشهيد الثاني ج5ص 342 . الحدائق الناضرة للمحقق البحراني ج 12ص 395 وص 414 .وج 22ص 216 وغيرهم الكثير .

[63] غنية النزوع لابن زهرة الحلبي  ص 298 .

[64] جامع الخلاف والوفاق لعلي بن محمد القمي  ص 368 .

[65] الاختصاص ث329 .بصائر الدرجات ص372ب1ح16 .

[66] بصائر الدرجات ص486ب10ح11 .

[67] دلائل‏ الإمامة ص231  .

[68] بصائر الدرجات ص511ب18ح20 .

[69] الإرشاد ج2ص277 .الصراط المستقيم ج2ص167 ، ولمعرفة الواقفة راجع صحيفة الإمام الرضا عليه السلام.

[70] كتاب سليم بن قيس تحقيق محمد باقر الأنصاري  ص 458 .

[71] الطرائف ج1ص196 .

[72] كمال ‏الدين ج2ص416ب40ح9 .

[73]الإمامة والتبصرة لابن بابويه القمي  ص 48 ح 31 .

[74]كمال الدين وتمام النعمة ص 281 ح33 . وعيون أخبار الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق ج2ص66ح32 .

[75]الإمامة والتبصرة لابن بابويه القمي ص 45 ح27 .

[76]بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار ص 69 ب22 1ح6 إلى الحديث 11 في هذا المعنى .

[77]بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار ص 68 ب22 ح2 وبهذا المعنى الحديث 1، 2 ، 3 ، 4 ، 5.

[78]الكافي للشيخ الكليني ج1ص 208ح4 .

[79]كفاية الأثر ص128.

[80]الخصال للشيخ الصدوق ص77 ح 123 و ح 122 . وذكر في الحاشية روى الطبراني نحوه في الأوسط وفيه مكان : جرأتي ؛ حزامتى ، وأورده العسقلاني في تهذيب التهذيب كما في المتن .  ودلائل الإمامة لمحمد بن جرير الطبري الشيعي ص 68 6 / 6 . إرشاد المفيد : 187 ، ألقاب الرسول وعترته : 247 نحوه ، روضة الواعظين : 156 ، إعلام الورى : 211 ، أسد الغابة 5 : 467 ، كشف الغمة 1 : 516  .

[81] الخصال للشيخ الصدوق ص77 ح 123 .

[82] الخصال للشيخ الصدوق ص77 ح 124 .

[83]بحار الأنوار 43 ص 263 ب12 ح 8 عن قرب الإسناد .

[84] شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي ج3ص99ح1031. وانظر بحار الإنوارج43ص263ب12ح10 ، 11 ، 12. المناقب ج3ص396 . بحار الإنوارج43ص291ب12ح54 . و الإرشاد و الروضة و الإعلام و شرف المصطفى و جامع الترمذي و إبانة العكبري‏ . وكتاب السؤدد بالإسناد عن سفيان بن سليم .

[85]كتاب ‏العين ج3 ص230 .

[86]مجمع‏ البحرين ج2ص185، لسان ‏العرب ج1ص789 .

[87]مجمع ‏البحرين ج 3ص71 .

[88]مستدرك ‏الوسائل ج12ص74ب69.

[89]كتاب‏ العين ج6ص173 .

[90]لسان العرب ج1ص44 .

[91]لسان ‏العرب ج3ص413 .

[92]مجمع‏ البحرين ج3ص148 .

[93]مجمع ‏البحرين ج4ص351 .

[94] كتاب ‏العين ج 3ص224، مجمع ‏البحرين ج6ص68 .

[95] الغارات ج2ص296 ، غارت الضحاك على اهل الحيرة ، والجمل 124 .

[96]اللهوف  ص112 المسلك الثاني في وصف حال القتال .

[97]كتاب ‏العين ج6ص169. لسان ‏العرب ج 14ص373 .

[98]  كتاب ‏العين ج4ص289 .

[99]الكافي ج 4 ص39 َبابُ مَعْرِفَةِ الْجُودِ وَ السَّخَاءِ ح1 ، 2 ، 3 ، 4.

[100]مستدرك‏ الوسائل ج11ص24ب3ح12335-5.

[101] بحار الأنوار ج19ص261ب10 .

[102]الاحتجاج ج1ص163 احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على الزبير .

[103] إرشاد القلوب ج2ج224 .

[104]كشف ‏الغمة ج2ص23-28.

[105] بشارة المصطفى ص24 .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام كرمنا بنوره رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة الإمام الحسين عليه السلام لنتنور بما خصه رب الإسلام