هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الْحَمِيدُ

النور السادس والعشرون

الْحَمِيدُ : الحمد هو الثناء لحُسن الذات ، ولظهور صفاتها الكاملة فيها ، والمتجلية بالفعل الجميل الاختياري منها .

والله تعالى هو الحميد الحق : بذاته لأنه كله كمال وجمال ونور وبهاء وموصوف الأسماء الحسنى المتجلية بذاته على ذاته في ذاته من غير كثرة أزلا وأبدا ، فهو الغني الحميد والمحمود والحامد في ذات بذاته لذاته بظهور وبطون نور أسمائه الحسنى المعبرة عن حقيقة نور كماله التام المطلق الذي لا يحده شيء .

والله تعالى هو الحميد الحق : في فعله ، لأنه كل شيء في التكوين ، فهو من الله تعالى وجوده وحُسن صورته ونظمه ودقة صنعه وحكمة وجوده وبديع تكوينه ، فهو بوجوده يشكر الله ويحمده ويثني عليه ويبين عظمته وكبرياءه ومجده ، والله بإيجاده وتكوينه وهداه وبكل شيء من ظهوره وبطونه فيه يحمد نفسه ، ويظهر آثار قدرته وعلمه وخبرته وحكمته ، فهو تعالى حميد وحامد ومحمود .

والله الحميد : ظهر حمده بلسان حال كل شيء وأقر له بالعظمة بوجوده وحسن صنعه ودقة تكوينه ، وقال تعالى : { لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّ الله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ( 26) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ } لقمان27.

و{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى الله وَالله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }فاطر15.

{ الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النور بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } إبراهيم1 .

ومن تجلى عليه الله بحقيقة اسمه الحميد : جعله حامد له لا يتوان عن شكر الله والثناء عليه ويكون له سبحا طويلا ويبتهل إلى الله بكرة وأصيلا ، ويعطيه لواء الحمد ويبعثه المقام المحمود الذي وعده ويسميه محمد صلى الله عليه وآله ، بل يرفع بيته وآله معه ، فيكون حسبه في المفاخر بنفسه وبآله فيثني عليه وعلى آله ويحمد وجودهم وفعالهم ، ويأذن الله الحميد بأن يُذكر بالحمد والثناء والفضل والكرامة معه ويصلي عليه في التشهد في الصلاة وأينما ذكر ، فيمنح الخلائق أذنه بأن تذكره بذكر نعمه عليه وفضله وكرامته إليه ، ويجعله يُعلم ذكر الله ودينه وهداه بكل حال له ، وكما في آيات النور والبيوت المرفوعة النازلة في شأن نبينا وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم ، فبين لنا سبحانه أنه لم يلههم مله عن ذكره وتعليم دينه وحمده فكان نوره متجلي بكل أسمائه فيهم .

وإن الله الحميد : قد أمر الناس بحمدهم بل بحبهم وإتباعهم والصلاة عليه كما أمرنا بالصلاة علي نبينا محمد وآله معه ، والثناء عليه وطلب العلو له والمجد مع ما مجده الله وأثنى عليه وأبان فضله وآله صلى الله عليهم وسلم ، حتى نشر مناقبهم وتكريمه لهم والثناء عليهم فعم الآفاق وسمعه كل إنسان مؤمن ، ففرح وأقر وحمد الله لهم لما وفقهم له ، ولما علمه دينه بتوسطهم حين حمد فعالهم وأثناء عليهم فكان برهان لأئمة دين الله الصادقين ، ودليل حق على شأنهم الكريم عنده ، ومن عاندهم وحسدهم  تحسر وضل وتاه لا يدري هل دينه الحق أم لا ، فغفل عن ربه في عين عبادته له إذ لم يعرفه حق المعرفة من أئمة الحق .

والمؤمن : يعلم إنه قد سمع الله لمن حمده ، وإنه يجب عليه أن يحمد الله رب العالمين على كل نعمه وبالخصوص هداه ، ويشكره على كل شيء ، وليكون حميد يجب أن يظهر آثار نعمة الله وهداه بالحق والعدل ويتصف بالصلاح والخير والفضيلة والأخلاق الحسنة والطاعة وإخلاص العبودية لله تعالى ، فيكون حامد لله وحميد في نفسه وذاته وصفاته وأفعاله ويتجلى فيه الغني الحميد .

ويا أخي المؤمن الطيب : إن حمد الله تعالى وشكره وذكره من أجمل تعاليم دين الله وتربيته لنا لشكر المنعم والثناء عليه بالحمد ، والترنم بأسمائه الحسنى لكي نحصل على المزيد منها ، لأنه يحمد من يحمده ويشكر من يشكره ويذكر من يذكره ، وهو المتفضل المنان وذو البر والإحسان الرحمن الرحيم لكل من يتوجه له ، ويعرف عظمته وكرامته فيحمده على نعمه المادية والمعنوية وبالخصوص هداه وتعريفنا أئمة الحق لنسير على صراطه المستقيم ، فالحمد لله رب العالمين على كل شيء وهو الغني الحميد ، وقد ذكروا فروق لغوية وموارد بين الحمد لكماله الظهار والشكر لنعمه باللسان والذكر له على كل حال .

وإن شاء الله : يأتي بيانها وذكر معارف كريمة في معانيها في صحيفة الطيبين وقصة تسبيح الكائنات ، ولا يمكن هنا أن نترك أهمية قول الحمد لله ، لنحمد الله رب العالمين على نعمه وفي كل حال ، وقد أدبنا في أول سورة في كلامه المجيد أن نحمده ونثني عليه على نعمة الهداية وأن نستعينه لنتحقق بصراطها المستقيم عند المنعم عليهم ، وعلمنا معنى الحمد له في كثير من آيات كتابه المجيد ، وفي الأحاديث الشريفة لمعلمي الحمد صلى الله عليهم وسلم .

قال الله تعالى : { وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي الله وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)  لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ (14) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلاَلُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } الرعد15. و{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}الإسراء44.

وقال الله تعالى : { بِاِسْمِ الله الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين } الفاتحة2. { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ وَقَالُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا الله لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}الأعراف43 .

 { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ

وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } يونس10 .

وجاءت آيات كريمة : كثيرة تعرفنا حمد الله ومن حمده من رسله ونكتفي بما ذكرنا لكي لا يتسع البحث ، ولما كان حمد الله الحميد جميل بنفسه ويعود علينا بالخيرات ونور الحسنات  نتمم البحث بذكر أحاديث شريفة تعرفنا أهمية قول الحمد لله وفضله : فعَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله عليه السلام :

 جُعِلْتُ فِدَاكَ عَلِّمْنِي دُعَاءً جَامِعاً . فَقَالَ لِيَ : احْمَدِ الله .

 فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى أَحَدٌ يُصَلِّي إِلَّا دَعَا لَكَ ، يَقُولُ : سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ .

وكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم : يَحْمَدُ الله فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَمِائَةِ مَرَّةٍ وَ سِتِّينَ مَرَّةً عَدَدَ عُرُوقِ الْجَسَدِ ، يَقُولُ :

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيراً عَلَى كُلِّ حَالٍ .

وعَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام يَقُولُ :

إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنَ الله عَزَّ وَ جَلَّ لَبِأَفْضَلِ مَكَانٍ ، ثَلَاثاً ، إِنَّهُ لَيَبْتَلِيهِ بِالْبَلَاءِ ثُمَّ يَنْزِعُ نَفْسَهُ عُضْواً عُضْواً مِنْ جَسَدِهِ ، وَ هُوَ يَحْمَدُ الله عَلَى ذَلِكَ [8].

اللهمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّنَاءَ بِحَمْدِكَ وَ أَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوَابِ بِمَنِّكَ ... الْحَمْدُ لِلَّهِ بِجَمِيعِ محامدهِ كُلِّهَا عَلَى جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّهَ... الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ وَ لَا شَبِيهَ لَهُ فِي عَظَمَتِهِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الْفَاشِي فِي الْخَلْقِ أَمْرُهُ وَ حَمْدُهُ الظاهر بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ الْبَاسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ الَّذِي لَا تَنْقُصُ خَزَائِنُهُ وَ لَا يَبِيدُ مُلْكُهُ وَ لَا تَزِيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطَاءِ إِلَّا جُوداً وَ كَرَماً إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْوَهَّابُ ، ..... .


[8] الكافي ج2ص503 ح1، 3. وج2ص254ح 13.

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها