هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الْمُؤْمِنُ

النور السابع والثلاثون

المؤمن : معنى مأخوذ من الأمن وفيه معنى الأمانة وصدق الاعتقاد وإن ظاهره وباطنه واحد وسالم وخالي مما يخالفه ، وآمين : مصدق ، أو مصدقين بالله.

والله تعالى هو الْمُؤْمِنُ الحق : لأنه ظاهره وباطنه واحد سالم وطاهر ، وله كل كمال وجمال من غير حد ولا نهاية ، فهو الصادق في وجوده والطاهر السلام من كل ما يحوجه لغيره ، فقد أمّن نفسه تعالى بوجوده الغني بكل علم وقدرة وكمال تعبر عنه الأسماء الحسنى أزلا وأبد سرمدا باقيا وحده لا شريك له، ولا معنى للخوف في ساحة.

وإن الله تعالى هو المؤمن : الحق لأنه له الحياة المطلقة فله الأمن ، ولأنه عالم بنفسه حقا بما له من كل كمال من غير نقص أبد فهو الصادق والسلام ، و لأنه تعالى لا شريك له من خلقه ولا ند ولا ضد فلا خوف في ساحته من النقص والحاجة فهو الغالب العزيز ، ومنه يتجلى الأمن والسلام لكل الوجود ولا خوف على من يسير على صراطه المستقيم وله الأمن ، وبالخصوص للإنسان الذي جعل له كل ما يحتاج من نعيم المادة والمعنى وكل ما يؤمن به نقصه وسخر له الكون كله بنعم لا تحصى ، وإن بطلبه وبالاستعداد له يحصل على كل خير منه وبركة وسلام ، ويؤمّنه بكل كمال وجمال ، ويُصدقه ويجعل القلوب تهفو له وتصدق دينه ومذهبه فتؤمن بكل ما يدل عليه من هدى الله تعالى وما يجب أن تقام به عبوديته فيكون بهذا مؤمنين بالله حقا .

فمن يتجلى عليه اسم الله المؤمن بتجلي خاص : يجعله مؤمن حقا في أعلى مراتب الإيمان ، بل يُعلم الإيمان وحقيقته وما هي أهدافه وحدوده ويعرفهم براهينه الحقة الصادقة والأدلة الواقعية التي توصل بحق لله تعالى ، بل يكون الإيمان والاعتقاد الحق الصادق بالله تعالى وحده لا شريك لا يتم إلا به ، وأفضل من تجلى عليه الله المؤمن نبينا الكريم وهو خير المؤمنين بالله تعالى ، وبعده أول المؤمنين به أخيه علي بن أبي طالب وآلهم الطيبين الطاهرين ، الذين هم أئمة المؤمنين ويعلمون الإيمان بالله والتوحيد الصادق كما تراه في أدلة التوحيد ومعارفه ومعارف الأسماء الحسنى وكل دين الله الحق الواقعي ، حتى يكون المؤمنون بهداهم ممن لا خوف عليهم ولا يحزنون .

وبالمعرفة بحقائق إيمان توحيد نبينا وآله معه بحق : يتم إيمان المؤمنين بما يٌرضي الله تعالى ، وسلم بل أمن وصار مؤمن من سلك سبيلهم وسار واقعا على صراطهم المستقيم ، ولم ينحرف عنهم ولم يخلطهم بالمغضوب عليهم والضالين ممن عاندهم وهجر هداهم وأخترع دين يشبه بمعارف الله وهو خالي من أسس توحيده ، وأنظر ما ذكرنا من معارف التوحيد هنا في صحف التوحيد ، ومعارف غيرهم عن عظمة الله وشأنه الكريم تعرف الفرق بين الإيمانين وحقائق توحيد الله الصادق الواقعي لرب عظيم كريم بما لا يوصف حقا ، إلا بمعرفة تجلي كبرياءه وعظمته ونوره في التكوين وهداه وفي كل شيء ظهر من أسماءه الحسنى.

والمؤمن من بني البشر : ظاهره كباطنه يصدق إيمانه علمه وعمله ، وكله في إطاعة الله وتوحديه ونشر هداه بسيرته وسلوكه ، ويعلم أنه عليه أن يجد لكي يُحصل اليقين ببرهان محكم ودليل قويم حق ، حتى يكون عنده في كل حال له إيمانا راسخا مصدقا بدين الله تعالى بكل حدوده فضلا عن الإيمان به عن يقين .

والمؤمن : يشتد إيمانه وتُرفع درجته حين يدعوا للإيمان بربه ويطيعه ويعبده بكل ما يحب ويرضى ، فيؤمنه الله في الدنيا والآخرة ويصدقه نيته ويصلحه فيجعله بكل حال معه ويجزيه بالحسنى  ، والمؤمن ينشر الإيمان والتصديق بالله تعالى وطاعته ليسعد هو وكل من دخل الإيمان في قلبه بمساعدته، وبهذا يتجلى بالإيمان ويدعوا له وينشر الأمن والسلام بكل وجوده، وينفر من كل شرك وكفر وضلال ومكر وخداع وحرام وتكبر وعجب ورياء وكل ما يبعد عن نور الله المؤمن ، فيطمئن قلبه بذكره ويأمن في كل أحواله ويكون ذو إيمان حق راسخ كما عرفت في باب المعرفة في الجزء الأول.

ويا طيب : قد عرفنا في الباب الأول وآخر الثاني من صحيفة التوحيد للكاملين وفي كثير من المواضع ، إن بين الإسلام والإيمان مراتب ، بل نفس الإيمان له درجات وهناك تفاوت حتى بين المؤمنين في محل الكرامة عند الله ، مع كونهم في جنة الخلد منعمون وفي رضا الله تعالى مقيمون وبتجلي أسماءه الحسنى متحلون ويزدادون نورا .

لكن يا أخي : إن الإسلام هو لمن أظهر الشهادتين فيُقبل في المسلمين ويكون له ما عليهم حتى لو كان فقط بالتلفظ بهما ، وإن كان من لم يوقن ويصدق بهما وكان منافقا ، بل المرائي الذي يؤمن بهما ولكنه لغفلة أو لحب الظهور وللتكبر وللعجب والرياء يشرك شرك خفي بالله تعالى ومن حيث لا يدري ، ولذا كما في الإيمان وشدته مراتب ودرجات في كل مرتبة ، كما في الكفر والنفاق والشرك والبعد عن الله دركات والعياذ بالله ، ولذا قال الله المؤمن تعالى أنه بفضله زرع الإيمان في الفطرة وحببه للمؤمنين ، وإن الكرامة بالتقوى وإن بعضهم مسلمين ولم يؤمنوا بعد :

{ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ الله لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ

الله حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلاً مِنْ الله وَنِعْمَةً وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ

أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) قَالَتْ الأَعْرَابُ

آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا الله وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ الله بِدِينِكُمْ وَالله يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُو قُلْ لاَ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلْ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ الله يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالله بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }الحجرات18.

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها