هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

السَّلامُ

النور  السادس والثلاثون

السَّلامُ : السالم : الخالي من النقص والعيب وكل ما يشين الشيء بحسبه .

والله تعالى هو السَّلامُ الحق : لأنه الله تعالى سالم من كل نقص وحاجة وحد ، وله كل كمال وجمال بالتمام والكمال بحق وبصدق واقعي ، فهو سالم وسلام ومقدس ومنزه عن كل حد وعد ، فهو القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار ، ويفيض على عباده كل نعيم وكمال وهدى وبكل رحمة ورأفة ورزق كريم ويريهم الحق ليسلموا في كل مراتب وجودهم ، وليصلوا لأحسن غاية لهم ، وكل ما في الوجود والتكوين خلقه للسلام وللعافية وللخير وللبركة ، وإن الشرور هي حد الموجود وضيق وجوده وعدم طلبها للخير والسلامة منه تعالى بحق بحسب شأنها .

من تجلى عليه السلام : فهو في سلامة في دينه وعافية في بدنه وبكل أحواله وتصرفاته ويكون ناشر للسلام ، وهو رسالة الإسلام المأخوذ من السلامة ، و أول كلام يجب أن يتكلم به الإنسان مع إنسان يراه هو السلام ، وهو دين نبينا محمد والمحافظين عليه من آله الطيبين الطاهرين الذين لو أجتمع الناس عليهم لم يحصل اختلاف في دين الله ، ولا كان ضلال عن الهدى ولا عمى عن الحق ، ولعم السلام كل الأرض في الدين والسياسة والاجتماع والاقتصاد وكل شيء .

والمؤمن : يطلب السلام من الله السلام في الدنيا والآخرة بالإيمان بتوحيده وبكل ما أمر ، وينشر السلام بالنية والفكر والعلم والعمل والخلق ، ويطلب السلامة في الدين ولبدن والنظافة والطهارة ويعلمها إن قدر للمؤمنين ولكل عباد الله ، ويبتعد عن الظلم والفوضى والحرام ، لأن { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ

 طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}النحل32.

ويا طيب : تجلي اسم الله السلام في الكون واسع ، بسعة أسمه الرب الرحمان ، فإنه وإن كان من أسماء الذات المقدسة المعبر عن عدم النقص والحاجة لا في الصفات ولا في الذات ، لكنه في الفعل الإلهي مشهود في كل مراتب التكوين وفي السماوات والأرض ، فإنه بين الكائنات المنتظم وجودها في تجاورها وتعاونها حتى تسير لغاية جميلة ظاهر جدا ، وعرفت في التدبر في الآيات الكونية الآفاقية وفي النفس في الجزء الأول هذا المعنى الكريم ، الدال على وحدته تعالى في ذاته وفي صفاته وأفعاله وإنه لا شريك له حتى قال تعالى :

{ هُوَ الله الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ

السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)

هُوَ الله الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسماء الحسنى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الحشر24.

وإن حُسن الأسماء الحسنى تعبير عن السلام : والرحمة المنتشرة منها في كل شيء ، وإن الشرح لعظمته تعالى في نفس الوجود المقدس ولشؤون تجلي نوره هو الذي نعرفه بعدة اعتبارات ونسب نراها في حقائق الوجود ، فنعرف عظمته في نفسه وفي فعله سبحانه بالأسماء الحسنى كلها ، وإن السلام كباقي الأسماء الواسعة تراه له تجلي خاص ودائم لمن يُسلم ويحب دين الله الإسلام ويتبع نبي الإسلام ويسلم له تسليما مطلقا ، ولكي لا يتسع البحث نذكر بعض الآيات التي تجلى بها هذا الاسم الحسن الكريم الرحيم الرءوف السلام في قوله تعالى :

{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ الله نور وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)

يَهْدِي بِهِ الله مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النور بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }المائدة16. وهذه غاية فعل الله وتجلي الرب بالرحمة والرأفة والحفاوة والسلام ، ولكن بعض يتعصى على الله فلهم الصغار والذل عند الله ، لأنهم لم يختاروا السلامة فيستعدوا لتجلي نور الأسماء الحسنى كلها دائما والتي بها يحل المسلم دار السلام هنا وفي الآخرة وقد قال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ الله الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ الله وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)  فَمَنْ يُرِدْ الله أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ الله الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } الأنعام127 .

وقد عرفت يا طيب : في كل شرح الأسماء السابقة إن تجليها بتجلي عام ولها تجلي خاص حسب شأن الموجود ، وإن لها تجلي خاص بالكرامة التامة ، وهو للأنبياء والمرسلين وبالخصوص لنبينا ولآله وهذه آيات السلام على الخاصة :

{ قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آ الله خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ } النمل59 . وفي سورة الصافات سلام خاص على من أصطفى فسلم على نوح وإبراهيم وموسى وهارون وياسين وختم بأنه : { وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الصافات182 .

ولنبينا آيات كريمة كثيرة تعرفنا ضرورة السلام عليهم : بالإضافة لما عرفت وهذه آية تخصهم بتعليمه كيفية الصلاة والسلام عليهم :{ إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمً (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ الله فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } الأحزاب58 ، وآداب السلام على المؤمنين وبينهم كثيرة والسلام أجمل آداب الإسلام الكريمة وأنظر: معنى اسم الله المؤمن .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها