هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الْجَبَّارُ

النور الأربعون

الْجَبَّارُ : هو العزيز الذي يَنال ما يريد بنفاذ أمره بالغلبة لكماله ولا يُنال .

والله تعالى هو الجبار الحق : لأنه هو العزيز الذي تعالى عن إن يُنال ما عنده إلا بأذنه مع إرادته النافذة في تنفيذ كل ما يريده سبحانه ، فيظهر على كل شيء بحسبه فينال ما يريد من التجلي عليه بالجمال أو بالجلال طوعا أو كرها.

فالجبار ظهور العزيز بالفعل : فيظهر للمؤمن ليجبر كسره وليعزه وليرفعه ويغلب من ناوئه فينصره بالكرامة وبقهر عدوه ، فيعوضه وينعم عليه بدل الكسر المعنوي أو المادي الذي أصابه في سبيل الله ، فيرأف به بل يلطف به ويجعل قلبه مطمئن بالإيمان وهو معه ، فيجعل نفسه مستأنسه بالراحة لذكره وتسبيحه ، ومتيقنه الفوز والفلاح ، والمؤمن لا يبالي بما يؤول عليه لأنه يعلم إنه في عين فضل الله وكرمه وخيره ، وإذا ظهر الجابر على الكافر : ذله بعد تجبره ، وغلبه بعد عزته ، وحرق وجوده وصفاته بعد ما عصاه بنعمه ، وطغى على تعاليمه بما مده ، وبما كرمه بالقدرة والعلم والعمل .

وخير من تجلى لهم الجبار : هم الأنبياء والأوصياء وبالخصوص نبينا محمد وآله ، فبعد إن ثبت إيمانهم بكل حال لهم ، ونجحوا في كل فتنة فقدموا الغالي والرخيص والأرواح والأموال في سبيله ، سوف يُظهر دولتهم في آخر الزمان ويظهر دينه على الدين كله فتقوم دولة الحق والعدل والإحسان ، فيعم الأمن والسلام والعزة للمؤمنين ظاهرا وباطنا ، ويذل الكافرون والمنافقون والمشركون وأعداء آل محمد إلى الأبد ويخزون بالهوان والخسف وآيات سماوية تهلكهم .

 فيؤيد الله المؤمنين بقيادة أئمة الحق من آل محمد : صلى الله عليهم وسلم ، ويظهرهم بالمعجزات والكرامات حتى يستولي ويهيمن دين الله على قلب كل طيب يحب الله تعالى ، ويؤوب إليه ممن بقي عند قليل من الفطرة الطاهرة ، فيجبر ما فات من محن الفتن التي أصابتهم سواء كان نقص الثمرات أو المال أو الأولاد أو الأنفس فيعمر المؤمن ما يحب الله له ، فمن مات يظهر بالحي فينال ثواب الشهادة ، ومن أستشهد يعيش ليستكمل عمره بكل كرامة ، فيرزقه الله ما يحب في الدنيا قبل الآخرة.

وأما مملكة نبينا محمد وآله يوم القيامة : فيتجلى لهم الجبار بالقدرة القاهر وبالعزة الغالبة ، فيملكهم يوم القيامة الرب المحمود ، فيعطيهم الحوض يروون هم وأتباعهم ريا هنيئا سائغا لا يعطشون بعده أبدا، ويعطيهم المقام المحمود ولواء الحمد ومفاتيح الكرامة ، ويبين عزهم وشرفهم حتى يُطأطئ لهم كل عظيم ووضيع ويعرف فضلهم ويقر لهم بالكرامة العظمى كل ملك مقرب ونبي ومرسل ، ويعطون مقام الشهادة ويُشرفون بالحساب والميزان والصراط المستقيم والشفاعة والأعراف والجنة والكوثر وكل الجنان لهم ولمن رضوا أن يكون معهم ، إذ قال الله لرسول لسوف يعطيك ربك فترضى ، وهكذا يحف بهم الأنبياء ومن تبعهم بحق من الصادقين ، فيكون أعلى مظهر ونور مشرق من العزيز الجبار على نبينا وآله صلى الله عليهم وعلى من تبعهم ، فيجبر ضيمهم وصبرهم في جنب الله ، والناس من غيرهم عطشا في أشد الحر تحيط بهم النار ولهم ضيق المنقلب أبدا وفي نار تحرقهم مع شيطان موحش المنظر قرين لهم .

والمؤمن : جبار لنفسه بطلب ما عند الله من اللطف والرحمة في كل حال ، ويرجوا الفوز والفلاح بالصبر عند المصائب ، وينتظر من الله أن يجبر كسره إن ناله مكروه فينتظر أن يفرج عنه ويزيل همه ويُفرحه بما هو خير له دنيا وآخرة ، ويجبر من كُسر من إخوانه المؤمنين بالكلمة الطيبة وبالمعنى والمادة وبكل مساعدة ممكنة قدر الوسع والطاقة ، ويحذر المؤمن أن يكون متجبر أو جبار بمعنى الطاغية ويخاف أن يكون معاند للحق ويعصي الله أو يظلم أحد أو يغصب حقه ، فيتجلى الجبار عليه بدل الرحمة بأخذ الحق منه فيقهره ويأخذ حسناته يعطيها للمظلوم ، أو يأخذ من المظلوم سيئات فيعطيها للظالم ، وإن كان كافر فله الخزي الأبدي .

يا طيب : لا جبر ولا تفويض في الإسلام ، وإن الله وإن كان جبار ومتجبر وجابر ، لكنه عرفت في بحث مفصل في الجزء الأول وبعدت مواضع هنا في هذا الجزء إن ظهور الأسماء الحسنى كلها بالعدل والإحسان .

وإنه لا جبر من الله الجبار ولا تفويض لأحد : أي إن الله تعالى لم يجبر أحد من العباد الذين كلفهم على الفعل ولا أنه يعاقبهم من غير استحقاق ، ولا أنه فوض إليهم فيتركهم يفعلون ما يشاءون وهم مستغنون عن فيض تجلي الأسماء الحسنى وعن نيل الكمال والبركات منه فيتمكنوا بدون مدد نعمه ،  بل بما أقدرهم من الحيل والقوة والاستطاعة على الفعل والقدرة على اختيار ما يشاءون لكي يعملوا أعمالهم ولكي يتخلقوا بأخلاقهم ويسيرون بسيرتهم وسلوكهم في حياتهم ، اختاروا وفعلوا .

فإن العبد وكل شيء في الكون : يحتاج لمدد الله في كل آن ولفيض تجلي الأسماء الحسنى بكل حال ، وإن قطع عن العبد فيض حقيقة اسم من الأسماء الحسنى نقص من تلك الجهة علم أو قدرة أو حلم أو عزة أو رزق أو رحمة أو حفاوة أو غيرها مما عرفت وستعرف من الأسماء الحسنى الإلهية

وإن اسم الله الجبار والجابر : يتجلى لكي يجبر كسر من حُرم في سبيل الله فيتجلى عليه بالهيمنة والرحمة واللطف والحفاوة ليكرمه كما عرفت ، ويجبر بالعقاب والهيمنة ونفوذ الإرادة المنتقمة على من تعصى بنعمه على طاعته ، فإنه يُكرمه ويُنعم عليه ويُقدره ويمنحه العلم والاستطاعة وفي كل آن يمده بالمكرمات ولكنه يتعصى عليه ويُعلم الناس على التمرد عليه ، فيتجبر ويطغى على طاعة الله بنعم الله وكرامته ، فحينها بعد إقامة الحجة عليه يحرمه الله فيض الجمال ، ويتجلى عليه بالجلال فيجبره للكون في نار تحرقه وعذاب شديد يقيم فيه ، لأنه أصر على الابتعاد عن رحمة الله بنفسه لا بالجبر والقهر والغلبة من غير استحقاق له .

وتمام الكلام في الجبر والتفويض في صحيفة العدل الإلهي  إن شاء الله فراجع .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها