هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الصَّانِعُ

النور السادس والأربعون

الصانع : المعالج للشيء بيد قدرته حتى يعمله بصورة توافق غرضه .

والله تعالى هو الصانع الحق : لكن لا بمعالجة ولا يصيبه نصب ولا لغوب ، بل سبحانه هو الخالق بتجلي نور أسمائه الحسنى بأعلى إتقان ممكن لتكوين خلقه ، والله تعالى يصنع لا عن فكر ولا هندسة ولا تأمل ولا مثال سابق ، بل لعلمه الأزلي يظهر كل شيء في زمانه ومكانه ولغايته ، وبما يناسب حاله بأحسن صورة ممكنة متقنة وبكلمة كن يكون كل شيء بدون حركة منه ولا صوت بل هي نوره المشرق .

ومن تجلى عليه نور الله الصانع بتجلي خاص : يجعله نوره الأول في كل مراتب الوجود ، وبنور هداه يهتدي المهتدون فينالون نور حياتهم وحقائقهم ليرتفعوا في عبوديتهم لله لأعلى مراتب الكرامة والنور عند الله فيكونوا مع النور الأول ، لأنهم يكونوا أشد استعداد لقبول نور الكرامة من الأسماء الحسنى وبكل نعيم أبدي .

والمؤمن : لما يرى إنه يستعين بالله وبما يمدد وبإذن منه وبما هيئ له في الكون تمكن من الفكر والعمل ، عرف إنه يجب عليه الشكر ، وأن يجعل كل صنع فكره وفعله بأي صورة كان مخلصا لله تعالى ، فيصنع عبادته بأحسن صورة ممكنة مرضية لله سبحانه وتعالى ، فضلا من أن بجعل إيمانه بالله وتوحيده متقن وبالبرهان الراسخ القوي الإيمان ، وهكذا عليه إتقان فعله وصنعه العلمي والعملي في كل مجالات الحياة التي تهمه فيجعلها في طاعة الله وبأحسن صنع متقن ينفع عباده ، وهكذا في معاملاته مع عباد الله  فلا يغش في صنعه ولا في قوله ولا في سلوكه ، ولا يظهر بالباطل من العمل والقول لأنه خلاف ظهور وتجلي الصنع الحسن الطاهر في كل شيء ممكن ، مكنه منه الله الصانع الحق والطاهر في وجوده وصنعه وقواه عليه .

ويا طيب : إن الله هو الصانع الحق وبعناية بخلقه وبربوبية متقنه ، ويصنع بكن لكن لا بنداء يسمع ولا كلام يقرع بل كلامه فعله تعالى وهو تجلي نور الأسماء الحسنى في الوجود كما في سورة النور وآيات النور والبيوت المرفوعة فيها، وذكرنا بيان كريم لمعنى تجلي نور الأسماء الحسنى وهدى الله المنور للوجود ومراتبه ، ومعارف قيمة في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام عن هذا المعنى الكريم لتجلي نور الله تعالى فراجع هناك إن أحببت المزيد ، وكما وذكرنا بحث إن شاء الله يأتي في سنن التكوين وفي معنى خلق الله في صحيفة التوحيد الثالثة للعارفين ، وعرفت معنى اصطفاء الله واصطناعه لبعض عباده بالتجلي الخاص وبالكرامة الخاصة ، فكانوا هم صنع الله والخلق صنائعهم في معرفة الله فيهدوهم بما كرمهم من نور هداه ، والذي من أقتبسه يكون متنور بكل وجوده وصفاته وأفعاله ومحيطه أبدا ، ومن هجرهم لا نور له .

وإن الله الصانع : قد صنع التكوين بأحسن صورة ممكنة ، وقد مرت منه معرفة في الجزء الأول في أدلة الإيمان بالله وتوحيد عند شرح هذه الآية الكريمة في قوله تعالى : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ الله الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)} النمل .

فإن الجبال : لو تحركت وحدها دون اليابسة والبحار لخربت الأرض ولتهدم كل شيء فيها ولبغي الماء على اليابسة ولغارة الجبال في البحار، ولكن لله في هذه الآية ذكر إن الجبال تتحرك لأنها صنع الله الذي أتقن كل شيء ، وفيه بيان لعظمة فعل الله وإتقانه لحركة الأرض وميدانها لتكون الفصول وتدور فتكون الليل والنهار ، وبيان لخبرته بما يفعل بالكائنات وبما يفعل العباد وإن خلقه طاهر من النقص متقن حسن ، وذكرنا آيات حُسن الخلق في آخر الجزء الأول فراجع .

وإذا عرفنا إن الله أتقن فعله : فنعرف إن صنع الله لا يمكن أحسن منه في الوجود لما يتجلى به من نور أسماءه الحسنى ، وإنه يجب أن نفعل صنعنا طاهر من الباطل ومما يحبطه ، فنتصف بحسن الصنع بما نصنع مما سخر لنا ونتقنه ونجعله في طاعته سبحانه .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها