هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الْغَفُورُ

النور الخمسون

الْغَفُورُ : مبالغة من الغفران وهو ستر الذنب وعدم إظهار آثاره مع بقائه مغطى لا يُرى ومكتوم لا يعلم به أحد ، وليس كالعفو مسح الآثار وإزالتها .

والله تعالى هو الْغَفُورُ بحق : والغَفّار وأَهل المَغْفِرة ، لأنه يستر الذنوب ولم يظهر آثارها في الدنيا ولا يُعجل العقوبة حلما ورأفة ، هو وإن كان تفضل من الله تعالى ومنّ على العبد وكرم وجود ، ولكن غفران الله من الله الغفور هو معناه وحقيقة عدم المؤاخذة وعدم إظهار الآثار السيئة لها إما في الدنيا حلما أو أبدا غفرانا ، وإنه تجلي الغفور على العبد معناه إن العبد في أي وقت من الأوقات لا في الدنيا ولا في الآخرة لا يؤاخذه بذنب ولا بعقوبة من ربه تصدر للعبد ولا يظهر أثره ويبقى مستورا مغطى لا يعلم به أحد غيره ، ولا يتجلى عليه اسم من أسماء الجلال كشديد العقاب والمنتقم وغيره ليريه آثاره السيئة ، بل لمن آمن وعمل صالح يبدل السيئة ومصيبة الذنب حسنات فيجعل الآثار الغير مطلوبة الواقعة منهم سببا لخيره وبركاته لهم .

ومن تجل الغفور عليه بالتجلي الخاص : كمل إيمانه وتم علمه وعمله ، وإن غفران الله للأنبياء وللأوصياء هو توفيقهم لكي لا تظهر حتى في أفكارهم العلوم الطالحة ولا الأعمال السيئة ، فيكون غفرانه لهم مقدم بالتوفيق للفكر والعمل بالأعمال الصالحة فيتم عليهم نعم لم يقوى عليها غيرهم ، فيستغفرون لتقصيرهم وعدم تمكنهم من حق شكره لأنه حتى شكره فهو توفيق منه .

وأما بالنسبة للعبد المقصر التائب : فإن عمل صالحا وصدق حاله مقاله ، تجلى عليه الغفار وستر آثار الأعمال السيئة ولم يعفوها مسحا ، وهو لأن ستر الذنب وعدم مسحه وعدم إعفاء أثره ، هو لكون بعض الذنب آثره ليس له قابلية لأن يزال ويمسح من المذنب التائب ، وهو مثل بعض الآثار الكونية التي يتلبس بها العبد كقطع عضو له أو سقوط يحصل ألمه فورا أو قتل أو تخريب عملا ما بأمور معنوية ، ومن المعصية والذنوب آثارها تحصل فورية فيعاقب بها أو تبقى لها أثار ليس لها قابلية المسح .

ولكن قد يقلب الغفار والمتفضل المنان : آثار بعض الذنوب السيئة حسنات بإعمال عناية له وتجلي خاص ، وهو يكون حين يخلص العبد التوبة لله ويستغفر حقيقة بالجد في الندم وبطلب ما يمسح أثره أو يبدله خيرا للإيمان الراسخ اليقيني للمتندم بحق على ما فات من تقصير ويتبعه بالعمل الصالح الخالص فيصلح ما أفسد ويرجع الحق لأهله ويتوب ويستغفر حقا فيخرج من كل تبعاته صادق فيصدقه الله ويكرمه .

والمؤمن : عليه أن يطلب المغفرة كما يطلب العفو من الله تعالى لأنه كلها لها آثار قوية في الثبات على الإيمان ، وعمل الأعمال الصالحة والتجاوز عن السيئات وعدم ظهور آثارها ، ويعود نفسه على طلب العفو والاستغفار ولو من غير ذنب ، ولذا كانت حيثيات الدعاء كثيرة وضرورة التوسل بكل الأسماء الحسنى قدر الإمكان متوفرة لكل إنسان حسب حاله ، ولهذا كان يجب على المؤمن أن يراقب حاله بأن لا يقع في المعاصي الكبيرة والذنوب التي لا يعفى عنها أو لا تغفر ، وذكر في دعاء كميل كثير من معاني الذنوب وأحولها وبحثها طويل ، كما سيأتي تتمة البحث مفصلا في التواب .

ولذا على المؤمن : أن يراقب نفسه ولا يجعلها تكوى بالحسرة حين لا ينفع ندم التوبة مثل أخذ حقوق الناس وعدم إرجاعها ، أو بما يرتكب من الآثام التي يستصغرها وينسى فلا يطلب العفو منها ، وإن بعض الذنوب لا يقبل معها عملا صالحا بزمان قد يطول ، فإن ترك الذنب أهون من طلب التوبة ، وإن الاستغفار كطلب العفو من الله بيان للتواضع أمام الله لأنه ذكره وطلبه شعور بالتقصير أمام نعم الله ، ويكون له آثار في نزول رحمة الفيض الإلهي ، وهو في طلب رزق الله المعنوي والمادي مؤثر جدا ، وإن كان الطلب تابع للتوجه وصدق النية وطهارة الروح مع لله تعالى ، وهو العفو الغفور المتفضل المنان المحسن الغني .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها