هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

 

الْعَفُوُّ

النور التاسع والأربعون

الْعَفُوُّ : هو المسح والمحو والطمس والإزالة للأثر .

والله هو الْعَفُوُّ الحق : لأنه قد عرفنا إن عدل الله لتفضله ولرحمته بالعباد يوصل لكل شيء تجلي فيض حقائق أسماءه الحسنى وصفاته العليا حسب حالهم وطلبهم ، وذلك لكونه متكرم بكل صورة تجلى على العبد حسب طلبه بحاله أو مقاله أو ابتداء من غير طلب ، فيهبه نعم يقوى بها على البقاء والفعل وإن نعم الله لا تحصى ، وإن أفضل نعم الله تعالى الهداية والسير بها على صراط مستقيم إلى نعيمه الدائم .

 ولكن الإنسان والعبد : المُشرف بأن يأتي ببعض الطاعات قد يعتبرها كلفة ويسمي أوامر الله ونواهيه في دينه تكاليف ، وإنها غير ضرورية لتكميل نفسه وسعادته ، وإنه يمكنه أن لا يأتي بها ويأتي بأمور غيرها بها يتم كماله وجماله وزينته ونعيمه ، ولكنها في الحقيقة تترتب عليها آثار كثيرة تضر به واقعا ، ولها آثار ونتائج سيئة تكتب في صحيفة أعمال روحه وحقيقة نفسه ليس من شأنها تكريمه وتكميله ، بل موجبه لذله ولخزيه ، وقد تكون سبب ومانع للحرمان من تجلي الأسماء الحسنى الجمالية عليه ، بل توجب وتعد النفس لتجلي الأسماء الحسنى الجلالية المعذبة المنتقمة ، وبها يستحق العقوبة والظهور عليه بالانتقام ، ولكن لكونه كان مؤمن وقد أناب لله وطلب عفوه وتضرع له ، وتابع بالطاعات والأعمال الصالحة وإن كان قد حصل على ثوابها وحصل على جزاءها ، لكن الله لإنابته وصدقه يعفو ويمسح آثار أعماله السيئة تلك ، بل عرفت لظهور اسم الحليم من غير إنابة يمهل وإن كان لا يهمل سبحانه .

 ولكن أعلم يا طيب : إنه بحقيقة العفو منه تعالى يمسح الذنب كأنه لا ذنب للعبد ، ويمحو وجود أثره السيئ كأنه لم يكن ، ويزيل أثره المخزي المذل من حقيقة العبد وصفاته حتى يبدله كمال أولي وحسنات كريمة ، وهذا قمة التفضل والإحسان من الله العفو ، بأن يعفو عن الذنب ويمسحه ويزيل أثره ثم لا يحرمه فيض أسماءه الحسنى وبركاتها وكل خير يأتي منها ، بل يبدل سبحانه السيئات حسنات كما في بعض الأحوال للعباد الذين يطلبون العفو منه وينيبون إليه فيتحققوا بالطاعات ، وهذا لا شيء فوقه أن ينزل خيره وبركاته على عبد فقط لطب العفو بحاله ومقاله وبتوجهه إليه لطلب بركاته ، فسبحان الله العفو المتفضل المنان .

وخير من تجلى عليه العفو : هم الأنبياء والأوصياء فعفا عنهم بنحو السالبة بانتفاء الموضوع وإعدامه قبل وجوده ، وهو إنه طهرهم وعلمهم فأطاعوه من غير معصيه ولا يعتقدون ولا يعلمون ولا يعملون غير طاعته ، فلا ذنب لهم ولا أثرا سيء حتى يعفى ، ولكنهم يعلمون العباد ويطلبون العفو من غير ذنب لشعورهم بالتقصير مع حسن علمهم وعملهم ، وهم الأنبياء والأوصياء وخيرهم نبينا محمد وآله صلى الله عليهم وسلم ، حتى قال تعالى لا يلهيهم مله عن ذكر الله في آيات البيوت المرفوعة بنور ذكر الله تعالى .

والمؤمن: يرى كرم الله له في كل شيء وعفوه فيكون عنده حياء وخجل من ربه قبل المعصية ، لأن العبد يعصي في الغالب إذا فقد حقه ويتمرد إذا ظُلم ، ولكن إذا كان الرب المنان متنعم بهداه متفضل بدينه جواد بثوابه ، فالواجب أن لا يعصى ولا يخالف بذنوب توجب السيئات والخزي وليست من شأن المؤمن .

ولكن الله العفو : إذا عصى العبد بسوء اختياره وكتب له آثر سيء على نفسه وفي محيطه ، إن طلب العفو بالتوجه لربه وعمل صالحا وأصدق مقاله حاله فإنه تعالى يمسح كل آثر يوجب العقوبة ويزل سيئاته ، ولذا أدبنا أن نسارع بطلب عفوه تعالى وأن نعفو عن المؤمنين ، وإن نفس طلب العفو من الرحمان لذيذ يخلق استعداد في النفس لعدم المعصية ولتوجه الإنسان لحاله مع ربه ولسرعة التوبة، ولذا علينا أن نكرر طلب العفو منه تعالى فيا عفو أعفي عني يا عفو يا عفو ... وتابع البحث في التواب .

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها