هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الْمَوْلَى

النور السابع والستون

المولى : هو الولي والوالي : ويراد به الأقرب في إصلاح الأمور والقائم عليها بحسن التدبير ، والولي الحقيقي لابد أن يكون عالم بحال من ولي عليه ، وقادر على إصلاحه بما عنده من القدرة والنعمة عليه .

والله تعالى هو المولى الحق : لأنه الولاية الحقيقة خاصة بالله الذي خلق كل الوجود من تجلي أسماءه الحسنى وصفاته العليا ، والله تعالى هو المحيط بكل الوجود علم وقدرة وربوبية وقيومية وفيض بكل النعم التي توصله لأحسن غاية ولكل شيء يمده بكل كمال يحتاجه ، فيرفع نقصه ويسد خلته بما عنده من الاستعداد ، بل سبحانه يخلق له الاستعداد فضلاً عن نفس وجوده حتى يمده بعطاء نعمه وبما يعلم ويقدر به على الفكر والعلم والعمل وكل ما له من حركة وسكون ، وهو تحت حيطته وعالم بكل أحواله ينعم عليه فهو مولاه ووليه الحق .

فالله  هو الولي الحقيقي وهو المولى الحق : وولايته أحاطت بكل شيء في الوجود لأنه هو القيوم القابض الباسط قاضي الحاجات لكل شيء حتى يصلحه لأحسن حال يسعى إليها بفضله ، فهو القيوم الباسط والمولى المولي لكل ولاية لولي من خلقه ، وكل ولاية لشيء على شيء هي منه وبمقدار ما ولاه عليه ، ولا ولاية لشيء على شيء حقا إلا بإذن الله تعالى تكويناً وتشريعاً .

ومن تجلى الله عليه بالولاية الخاصة : جعله خليفة له في الأرض يحكم بإذنه وله التشريع وتعليم هداه ومعارف دينه وكيف يُعبد ويُشكر ويحمد ، وهذه الولاية التشريعية التي فيها الحكومة الدينية وإدارة العباد بكل ما يحتاجوه من قوانين اجتماعية واقتصادية وسياسية ، هي بإذن الله تعالى ، وخاصة للأنبياء ، وبالخصوص لنبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين ، وقد قال الله تعالى :

{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُو

 الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) } .

وكل المسلمين : مفسرين ومؤرخين وباحثين ومحققين ، متفقين على إن من أعطى الزكاة في الصلاة وهو راكع هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فهو المؤمن بل ولي المؤمنين بعد الله ورسوله ، وفي قصة كريمة عجيبة لطيفة بلطف الله الولي المنان يذكروها ، وقد زكى الله فعله وعرفه بالولاية بما يجعل كل إنسان منصف يقر له بها ، وهي بأية كريمة فوق النص والتصريح لأنها بقصة ولحال لم تكن لأحد قبله ولا بعده ولا غيره ، ويجب علينا أن نتولاه بأمر الله كما في الآية الآتية :

{ وَمَنْ يَتَوَلَّ الله وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُو فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمْ الْغَالِبُونَ (56)} المائدة .

 فمن تولى الله : الذي هو الولي الحقيقي الذي يهدي العباد لكل ما فيه صلاحهم وخيرهم ، ويتولى من تجلى الله عليه بالولاية الخاصة : فجعله ولي بإذنه في الأرض وهو رسوله نبينا الكريم ، والمؤمن الذي أعطى الزكاة في الصلاة وهو راكع وهو علي بن أبي طالب ؛ صار من حزب الله وفلح وغلب وبالحقيقة تولى الله تعالى ودخل تحت ولايته التشريعية التي يعقبها أو حقيقتها التجلي الدائم الخالد لنور الأسماء الحسنى الجمالية فيدخل في ولاية التكوين الجملية بكل نعمها وبأحلى تجلي للأسماء الحسنى خالدا في الكمال والمجد ونور الكرامة لها .

ومن لم يتولاهم : فلا مولى ينصره ويوصله للنعيم له بل خرج من الولاية الجمالية وإن كان بعده تحت حيطة الأسماء الحسنى لكن الأسماء الحسنى التي تتجلى بالقهر والغضب عليهم والضلال والمنع والحرمان حتى تكويهم بنار فعالهم بل تلعنهم وتطردهم من رحمة الله ، وهي لأولياء الطاغوت وهم أهل ولاية الشيطان والظالمين وكل مغضوب عليه من الضالين عن هدى رب العالمين الحق ، كما في الآيات الملحقة بآية الكرسي التي هي تبين قيومية الله وولايته للطيبين :

( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِالله فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)

الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النور

وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النور إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة257 .

والمؤمن : الصادق الجاد في معرفة الله والإيمان به وبدينه الحق عليه أن يدخل تحت ولاية الله الجمالية التي تتجلى بها الأسماء الحسنى التي تهب الكمال ، فيتعلم دينه ومعارفه التي يعرف بها ربه من أولياء الله في الأرض الذين تجلى الله عليهم بولاية خاصة فيقتدي بهم ويتعلم منهم ، فينال نعيم الله وكل عز وكرامة وشرف وعلو ورفعة ونعيم مقيم وطاعة وعبادة صادقة لرب العالمين ، ولا يدخل تحت ولاية الشيطان والطاغوت ومن أغواهم فعاندوا الولي الحق وغصبوا الخلافة الظاهرية منه فيكون نصيبه الدخول في ولايتهم التي هي ولاية الشيطان والطواغيت التي لا تغني شيء بل لها العذاب من الله الشديد العقاب بسبب أفعاله السيئة فتصيبه نار الحرمان والنقص والحاجة الدائمة في يوم القيامة وبعده خالدا ولا مولى له ينجيه ، والله ولي الذين امنوا بحق، وراجع معنى التوحيد بالولاية التشريعية في صحيفة التوحيد والإمام الحسين ، وراجع الغدير للأميني الذي عرف معنى الولي والأقوال فيه بأعلى تفصيل في الجزء الأول من كتابه بل وبعده.

والمؤمن : تحت ولاية الله الحق بصراط مستقيم كما عرفه الله ولايته ، ويكون بما ولي في بيته وأسرته ومجتمع عادل صادق يحب الصلاح والخير والفضيلة لهم وظاهر عليهم بولاية الله المتجلية بالرحمة والنعيم والصلاح لهم ، فيتجلى عليهم بهدى الله الحق وتعاليم دينه سبحانه وبما رزقه الله المنان من فضله ، ولا يكون ظالم وغاصب لحق الرعية بل أهل بيته بل نفسه بالمعاصي وأتباع الشهوات ، فيكون من أولياء الطاغوت بل قد يكون طاغوت وعبدا لشيطان ولهوى نفس ولزينة دنيا محرمه ، والعياذ بالله ، وأسأل الله أن يوفقنا لولايته بكل مراتبها وبكل تجليها بالحق إنه ولي حميد .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها