هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

 

كَاشِفُ الضُّرِّ

النور السادس والسبعون

 

كاشف الضر : الضرر: هو النقص والحاجة في الذات والصفات والأفعال ، وما يحتاجه الموجود من الظروف الخارجية الملائمة له من النعم التي يرتاح معها ، والكشف : هو رفع وإزالة الحاجة والنقص في الأمور المذكورة في الضرر .

والله تعالى هو كاشف الضر الحق : لأنه له كل كمال وجمال ، ومنه ظهر كل الوجود وكائناته ونعمه وهداه وكل ما يحتاجه في بقائه حتى يصل لغايته .

 وبالنور المشرق من حقيقة الأسماء الحسنى الإلهية المتحدة في الذات المقدسة : وظهورها بالكمال المطلق الفياض حصل الخلق وهداه وكل نعمه وهي تتجلى مادام للممكنات ظهور وللمخلوق الممكن مجال ومحل قابل لتجليها ، بل هي تخلق وتوجد الاستعداد من العدم إن أراد الله حتى تتجلى الأسماء الحسنى في المحل والزمان والمكان المناسب لممكن أراد سبحانه أن يوجده ، فتخلق فيه المحل والاستعداد وتفيض وتتجلى فيه كل كمال وجمال وبهاء وحُسن ، وبأحسن صورة ممكنة ودقة متناهية في التقدير ، وبحكمة متقنه حتى لا يمكن أن يوجد موجود بأحسن مما هو عليه حسب ظروفه وحاله وزمانه وخلقته واستعداده ، وهذا المعنى تام وكامل في العالم الأعلى سبحانه .

ولما كانت هذه الدنيا مادية : ودار اختبار ومزاحمات في تنافس الممكنات فيما بينها ليأخذ كل منها محله المناسب بما هيئ له ، فإذا أصاب موجود ضر ونقص في جانب وتوجه لمن له الكمال المطلق بحاله سد نقصه ورفع حاجته وأكمل وجوده حتى يسير لغايته بأحسن صورة ممكنة ، فيكشف ضره الله كاشف الضر تعالى ، بل يغنيه إن أراد حتى يمكن أن يكشف ضر غيره .

 فكيف إذا توجه لله كاشف الضر : شيء ناطق له القدرة بالإضافة لطلبه بحاله طلب بمقاله وينادينه يا كاشف الضر أكشف ضري ويسر أمري وهو متوجه له بكل حاله ومقاله وهو صادق بنيته مع الله ، فهو إن كان له ضر وكان في رفعه صلاحه وحسن حاله يُكشف ويرفع ويزال ، لأن الله العالم بحاله وله القدرة لكشف ضره وتكميله بالخيرات ، فيكشف ضره ويرفع نقصه ويسد خلته وقد قال سبحانه :

أدعوني أستجب لكم ، وقال عز من قائل : أمن يجب المضطر إذا دعاه فيكشف السوء ، وقد أتخذ على نفسه عهد أن يستجيب لمن طلبه بحاله فإنه يمد هؤلاء وهؤلاء ، فكيف الطالب بمقاله وهو الكريم الجواد الرءوف كاشف الضر والآمر بالدعاء .

 فتراه سبحانه وهو كاشف الضر ومجيب المضطر : إن كان في صلاح العبد طلبه بمقاله تجلى عليه بما يجعله كاملا بل يفيض الكمال فضلاً عن رفع النقص والحاجة وكشف الضر الذي أصابه ، كما إنه يجب على العبد الطالب من الله كاشف الضر أن لا يخالف مقاله حاله ونيته ، حيث يعلم الله إنه عبد مؤمن وإن دينه ونعيم الآخرة أفضل عنده من كل شيء ، وهو ويدعوا بما يضره بدينه فيؤجل طلبه ويعطيه أضعاف مضاعفة بالآخرة ، ولهذا يجب أن يعتقد كل إنسان ما من دعاء وذكر وتوسل بالله إلا وهو مجاب وله الأجر العظيم والثواب الجزيل المضاعف .

فلذا يجب أن ندعو الله : بما علمن بالأدعية المذكورة عن أهل بيت العصمة والطاهرين الذي يعلمون من الذكر ما يكشف الضر حسب الحال ، ويصلح الدعاء حتى يناسب الطلب الدنيوي فضلاً عن الأخروي ، ويكون للمؤمن صلاح الحال فيهما من دون الضرر بالدين ، وهذه من قمة التعاليم التي تفضل الله بها علينا بتوسط أولياءه الكرام ، حيث تجد عندهم لكل أمر وضر دعاء خاص يكشفه دين أو عدو أو مرض وغيرها من الأمور التي تجدها في كتب الأدعية العامة والمختصة .

فيجب أن نتوجه : لأولياء الله الحقيقيين وأئمة الحق الصادقين فنتعلم منهم ونطلب أن يساعدونا ويعلمونا ويكشفوا ضرنا بما علمهم الله وحسب حالنا ، ونسألهم أن يدعوا لنا وأن لا يخالف حالنا مقالنا ، فيقول الله لنا : يدعون لضره أقرب من نفعه ، بل بتعليم الكرام نطلب منه سبحانه بأحسن حال ومقال ما هو فيه نفعا تاما لا ضر به ، ولا يقول لنا يطلبون الدنيا فقط ، بل ينطبق علينا قوله :

ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنه وقنا عذاب النار ، فيستجيب لنا ويفيض علينا من حقيقة الاسم المناسب لحالنا فيكمل وجودنا وصفاتنا وسيرنا وسلوكنا وأفعالنا بما به نفعا تاما لنا ، فضلاً عن كشف ضرنا ، وهو الذي يعطي من يسأله بحاله ومقاله ومن لم يسأله بمقاله وإن سأله بحاله ، فيا كاشف الضر أكشف ضرنا وأصلح حالنا برحمتك يا أرحم الراحمين .

وإذا تجلى الله تعالى بالتجلي الخاص بحقيقة أسمه كاشف الضر : لعبد توجه له يُكمل وجوده ، بل يهب له من الكمال ما يمكنه كشف ضر من يأتيه لكشف ضره ، وهذا ما خص به الأنبياء وأوصيائهم فكان لهم هذا المقام ، وراجع القرآن المجيد الذي هو شفاء ورحمة للمؤمنين وكاشف الضر ورافع النقص بتلاوته ، فترى ما ذكره الله سبحانه مما استجاب به لأوليائه ، وأمر الناس أن يستجيبوا لهم لما يدعوهم له من الخير والهدى والدين وصلاح الحال والأحوال ، والذي فيه بركات الله ونعيمه وكل خير وفضيلة وكرامة وعز ، مما يفخر به المؤمن وتطمئن به نفسه وبه حياته الحقيقية الصادقة الماجدة الخيرة السعيدة بحق واقع دائما .

وإن أكمل تجلي الله كاشف الضر : قد أختص بنبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم أجمعين بأحسن صورة وأتم ما يمكن من الكمال ، فإنه تعالى جعل بهدى نبينا نبي الرحمة الهدى وتمام الرحمة للعالمين وبكل صلاح واقعي أبدي لمن تبعهم فقال بصورة مطلقة : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }الأنبياء107 .

{ وَمَا أَفَاءَ الله عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَكِنَّ الله يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَالله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)

 مَا أَفَاءَ الله عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى

 فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ } الحشر7 .

فهذه آيات الرحمة للعالمين والخمس للنبي وآله : ويجب التسليم للنبي وأخذ كل ما أمر به وأن ننتهي عن كل ما نهى ، وكرمهم بآيات الأنفال والغنائم والخمس وغيرها ، وبفضله يكشف الضر المادي والمعنوي ويوصل ضعفاء المسلمين للغنى المادي فيكشف ضره وكل المؤمنين للغنى المعنوي بإطاعته ، وجعل آله الكرام كوثر الوجود وأمرنا بطاعتهم مثله في آيات الولاية والهداية والإمامة .

وقال يؤدبنا ويعلمنا الله سبحانه : بطلب كشف الضر بنبينا الأكرم وسؤاله الدعاء لنا ليرفع ضرر عظيم عنا ، وهو ظلم النفس وغيره من المصائب التي تصيبها ، وأمرنا أن نسلم له تسليما مطلق حيث قال عز من قائل :

{ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِالله إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ الله مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا (63)

 وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا الله تَوَّابًا رَحِيمً(64)

فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمً(65)

... وَمَنْ يُطِعْ الله وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا (69)

ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنْ الله وَكَفَى بِالله عَلِيمًا } النساء70 .

وقال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) } الأنفال .

 وقد علمنا الله : ليكشف مصائبنا وضرنا بأن نأتي النبي ونسلم لله وله فيما يأمرنا ونستجيب له ، بل ونصلي عليه وعلى آله معه كما أمرنا في آية الصلاة عليهم ونسلم لهم ، فإن الله تعالى صلى عليه وملائكته ، وهو علمنا كيف نصلي عليه وعلى آله صلى الله عليهم وسلم ، ومن علم الله تعالى صدق قوله وحاله بأتباعهم بحق ، يفيض عليه كمال ما يحتاج ، فيكشف ضره سواء كان في هدى دين وتقصير طاعة ، أو غفران ذنب أو رفع مصيبة أو كمال نقص وسد خله أو حاجة ، بل يكمله الله لأنه هو الذي أمر بكيفية الدعاء وعلمنا ما يستجاب به وسبيله .

ولذا من يتحقق بالمعرفة لشؤون عظمة الله : وكيف تجلي أسماءه الحسنى فيطلبه بما عرفنا يرفعه الله بالكمال التام وبكل ما ينفعه حقا دائما ، فضلا عن كشف نقصه وضره هنا ، حتى يكون مع نبينا وآله ، أي مع الصديقين والشهداء والصالحين كما عرفت في الآيات أعلاه ، وبشرط أن يكون رفيق لهم وبهم في الدنيا وعنده لهم بحق حب وود وكان صاحب مخلص لهم بصحبته في زمانهم وبعده ، لم يؤذهم ويمنعهم حقهم ويقاتلهم بالقول واللسان والسنان ويمنع الناس من دينهم وتعاليم الله التي عندهم والتي بها حقيقة عبودية الله ومعرفته ، فحينئذ يكون بإذن الله معهم قد كشف الله ضره أبدا وسد نقصه دائما بأي حال كان هنا في الدنيا فهو فيه صلاحه وخيره الأبدي ، بل كرمه وأكلمه بكل نعيم وتجلى الله عليه بكل جمال وجلال وفضل من الله يأتي من أسماءه الحسنى .

فيكون بالحقيقة : مرافق ورفيق لهم دائما دنيا وآخرة ظاهرا وباطنا ، فيكفيه الله ما أهمه وهو العليم بحاله ومقاله ، فلذا كان على المجد في طلب تجلي فيض الله الكافي لكل شيء ولا كافي غيره وكاشف الضر سبحانه مهما كان بالخصوص في معارف الدين التي يُعبد بها سبحانه ؛ أن يطلبه الطلب الصحيح ، ويأتيه من الباب الذي أمر أن يؤتى منه أي يستعين به لهداية للصراط المستقيم عند المنعم عليهم حتى لا يضل ولا يغضب الله عليه ، فيتعلم ممن جعلهم الله مكرمون ويفيضون الكرامة والخير والبركة بإذن الله ، وهو الوهاب لمن يشاء ما يشاء من الفضل رجع الآيات وتدبرها تعرف المقام العظيم لنبينا وآله الطيبين الطاهرين ومن رافقهم بالمودة الحسنة فتبعهم ، فتعرف كيف يستجيب له الله تعالى ولنا إن صدقنا صراطه المستقيم وتبعناه لكل هدى ونعيم دائم بحق .

وقال الله تعالى : { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ  }آل عمران172 .

 والاستجابة لله و للرسول : هو إطاعة الإمام علي وآل النبي بعده ، لأنه هو الذي كان قائد لهم في كل معركة وجعله أميرهم بعده ولم يُأمر عليه أحدا منهم ، وأمر رسول الله هو أمر الله ويجب أن نستجيب له ، فهو مقام لإمام حق وأمير للمؤمنين في كل زمان مع رسول الله وبعده حسب آيات الولاية والغدير وكل آيات الإمامة ، كما إنه لم يستجيب للنبي ولا لله من نصب العداء للإمام علي ولآله آل النبي وقام بمحاربتهم وقتالهم ونصر أعدائهم بالحال والمقال ، فيمنع معرفة الحق من هدى الله الظاهر بسيرتهم وسلوكهم وأقوالهم ، فيكون في حاله ممن لم يستجيب لنبينا ولا لله على الحقيقة ، ويكون حاله غير مقاله ، فيكون لا حسنى له ولا أجر عظيم ، والله بدوره لم يستجيب له ولا يكشف ضره أبدا ، وإن أنعم بنعمة ما لدعائه أو لحاله أو لغيره ، فتكون حجة عليه ويحاسب عليها أشد الحساب ويكون مصداق لقوله تعالى :

{ وَمَا محمد إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ الله شَيْئً وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ (144)

وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ } آل عمران145.

فالانقلاب عن النبي بعده : هو انقلاب عن الإمام الحق أي أنقلب عن معرفة الله وهداه بحق كما يعرفها أئمة الحق ، وإن طلب الدنيا بحاله أو مقاله كشف ضره في الدنيا أو أتي من ثوابها ، وهو إمهال مؤقت يستدرج بالنعم وهو لم يستجيب لله ولا للرسول على الحقيقية ، فيكون في أحسن حاله يجر لمعصية الله والرسل وهو بنعم الله وفضله عليه يعصيه ويعرف غير أئمة هداه أئمة هدى وهم على ضلال  فيخرج من ولاية الله ، فيكون في ضر وإن أوتي من الدنيا وزينتها لتوليه أئمة الكفر والضلال ، ولم يشكر الله على نعمة الهداية بأئمة حق كما أمر وأراد سبحانه كاشف الضر الكافي بنعيم الأبد الواقعي الدائم .

فالمؤمن الطيب : يجب أن يستجيب للنبي الكريم بكل دينه وهداه وما أمر به من أمر المودة والمحبة له ولآله وإطاعتهم والصلاة عليهم ووصلهم على الحقيقة الصادقة الواقعية من معرفتهم ومعرفة هدى الله منهم بحسب طلب الله تعالى ورسوله ، وعند ذلك يطهر الإنسان من الضر ، ويكشف قرح النفس كلها ، حتى يحصل على الاطمئنان بذكر الله الواقعي ، ويكون بنعيم الدنيا بأي حال ، وبالمعنوي والأخروي دائما ، وكل شيء يحسن له ، ويكون له أجر عظيم .

وقال الله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ

فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ }الأنعام42 .

طالب الله تعالى بهذا القانون المذكور : التوجه له تعالى والتضرع له وذكره ودعاءه وحده لا شريك له بكل حال لهم ، وبمعرفة وبإيمان صادق بكل ما أمر وعلم من هداه وكيفية عبوديته ، وعن طريق الصراط المستقيم الذي عينه حتى يكشف الضر والبأس وكل أمر تعس ومؤذي عنهم في الدنيا ، وهكذا يجب على كل الأمم ونحن في الإسلام كذالك يتجلى علينا بأحسن كمال وجمال بالحقيقة الدائمة إذا توجهنا له بالتوجه الصحيح ، لا بالنعم المنقطعة الظاهرية كما لأعداء دين الله وأعداء أهل ولايته وإن مكنهم من أمور الدنيا ، لكنه منقطع لا بقاء له وفي الآخرة لهم عذاب أليم ، لأنهم بنعم الله تكون عندهم القدرة على معصيته الكبيرة وهي بمعادة الله وكتم تعاليمه ودينه الحقيقي الذي جعله عند أولياءه والهداة لدينه ، وكان عليهم بالنعم الطاعة والإقرار له ، بل التضرع ودعاءه وعبوديته بما يحب به من دينه وبكل أوامره حتى يكشف ضرهم الدائم الذي فيه صلاح حالهم والذي فيه كل نعيم تام كامل حق أبدي بإذنه وفضله .

لا أنه يتضرعون فقط : لكشف الضر مع البقاء على معصيته ومحاربة وعدم إطاعة رسله وأوصياءهم ومن تبعهم ، ولذا لعدم إطاعتهم وكان لهم قدرة على المعصية بنعمه قال لم يتضرعون ، فالتضرع الحقيقي هو الاستجابة للرسول لما يحيهم بحق دائم لهم و أخذ دينه الحق من ولاة أمره وأئمة المؤمنين الواقعيين كما عرفت .

ولو تدبرنا سورة يونس : وما فيها من أنواع الضر ورفعه ودفعه من الله تعالى ، إلى قوله تعالى لهم البشر وما بعدها ، تعرف إن الله جعل البشرى للمؤمن العاملين صالحا و الذي ذكره تعالى في آية مودة أهل البيت ، فترى في آية القربى إن الله غفر الذنوب وشكر السعي لمن يأخذ من مودتهم باقتراف وازدياد والتي هي حقيقتها الإقتداء بهم والتعلم منهم علم الدين الحق ، فتعرف باليقين إن أهل بيت النبي كالنبي في كشف الضر الذي يأتي للإنسان في الدنيا أو والآخرة  .

 وهذا الكمال من الله لهم : هو بما تجلى عليهم بكل كمال وجمال من نور أسماءه الحسنى حتى كانوا مظهر تام لتجليها بل أسماء حسنى يكشفون الضر بإذن الله ، ولذا كانت طاعتهم واجبة حسب آية الولاية التي عرفتها سابقاً ، ووجوب الاستجابة التامة للنبي في طاعتهم والصلاة عليهم معه لتنزل علينا بركات الله ، وإنه لهم بها وللمؤمنين المصلين عليهم والمتصلين بهم كل كرامة وعزة من الله ، لأنه دليل ناطق معبر عن المكنون وبيان لطلب لله بالمعرفة التامة ، ووفق الصراط المستقيم الذي جعله عند أولياء دينه المنعم عليهم ، حتى يفيضوا على العباد هداه عند الإقتداء بهم والتعلم منهم .

 بل وبالتوسل بالله كاشف الضر بحقهم وبما أعطاهم من الكرامة .

نقول له سبحانه : أعطنا كما أعطيهم ، وهو إقرار منا بأن كل ما كان لهم من الكرامة والمجد والهدى والنور والعزة والمناقب التي ذكرها سبحانه لهم ، من دين وخلق كريم ، وكشف ضر ورفع مقام ، وجعل نبينا وآله سادت البشر وكبرائهم في تعليم معارفه ودينه ، وهو من فضل نعم الله عليهم وبما فضلهم وأحسن لهم من الجزاء والمقام الكريم ، فسبحانه من كافي كاشف الضر الوتر الواحد النور الوهاب .

وهذا المعرفة بالنبي وآله ومالهم من الشأن الكبير في تجلي الله عليهم بأعلى تجلي للأسماء الحسنى ، هو المعرفة بعظمة تجلي الله : وكبرياء كرمه وفضله وإحسانه على العباد بكل صورة توصلهم لهداه ونعيمه ، وهو ليس إلا الإقرار بولايتهم وولاية الله المتجلية في أرضه وسماءه للطيبين الطاهرين المصطفين الأخيار من خلقه ، وذلك لأنه بدونهم لا يعرف الله ولذا سبحانه يوجهنا لهم ليُعرف فيحصل على فيضه وتجليه ، وبدونهم لا معرفة حقيقية لله ، وهذا الذي حرم منه العباد في كثير من المذاهب الإسلامية غير المجسمة له فضلا عن غيرها ، والتي تحده بوجود حتى تجعله أصغر من عرشه وخلقه فيجلسوه على عرشه ويزيد بأشبار وأذرع من الجانبين ، وسبحانه وتعال عما يصف المجسمين من دون عباد الله المخلصين الذين علمهم شؤون عظمته ، ولم يعرفوا أن يصفوا الله كما هو أهله فيدعوه ويذكروه بحق ، ويما يستحقه من الحمد والشكر وبما هو أهله سبحانه .

وليس لهم هذه المعارف القيمة : والتي هي كما يحمد الله ويذكر الله ويشكر الله شيعة آل محمد بما علمهم سادتهم وكبرائهم الذين كبرهم الله ، حتى كانوا بإذنه يكشفون الضر وشفعاء لله ، فتدبر آية الكرسي ولا يوجد أحد يُعرف مؤذون له بالشفاعة غير نبينا وآله الكرام الطيبين الطاهرين ، وقد عرفت إطاعة أولي الأمر هي الاستجابة لله بما يحيينا ويجعلنا في حياة كاملة تامة ولا نقص فيها بل في نعيم خالد لا زوال له ولا اضمحلال ، ومستمر من الدنيا وعند الموت وفي البرزخ ويوم القيامة وفي الجنة معهم حول مقام نبي الكرامة ، وصاحب المجد اللهي نبينا الأكرم محمد فنحف به وبآله صلى الله عليهم وسلم عند الرفيق الأعلى ، والذي يعلى به كل طيب متبع للطيبين الطاهرين ، وهذا هو حقيقة كشف الضر من الله ، بأن يعرفنا دينه وكيف ندعوه بالأسماء الحسنى حتى نتوجه له التوجه الصحيح ، والذي يكون له نتائج حتمية دائمة في كشف الضر ورفع النقص وتحصيل الكمال والنعيم الدائم .

والمؤمن : إذا عرف بكل يقين وهدى تام إن الله تعالى كاشف الضر الذي هو حقيقة ضر ، لا بحسب حسبانه الذي يستعجل النعم من دون علم حتى لو كانت تضر بحاله وهو يلح في طلبها ، فلذا تراه سبحانه يحب أن يُطلب بالسبيل الصحيح وبالصراط المستقيم الذي علمه نبينا وآله الطيبين الطاهرين في الأدعية المناسبة للأيام وللأشهر الشريفة ، كشهر رجب وشعبان ورمضان ، وبالخصوص ليلة القدر وعرفه والمباهلة والغدير : يوم الولاية وكمال الدين وتمام الدين ورضى الرب ، وفي كل أيام مواليد الأئمة والمناسبات الشريفة التي تجدها في كتب الدعاء وبالخصوص مفاتيح الجنان ، وكذلك يقصد الأماكن المقدسة ويدعوا بها بالخصوص عند بيت الله وفي المساجد بالأدعية الجماعية وعند مراقد نبينا وآله الطاهرين ، الذين كرمهم الله تعالى وطلب مودتهم ، فيقر ويذعن لهم بالإمامة وبتوجه لله تعالى وحده بهم فيقدمهم أمام طلبته ويقر إن لهم الكرامة بكرمه ، فيكون ممتثل ومظهر بكل وجوده ومقاله وحاله، طاعتهم التي أمر الله بها ، فيكون مطيع لله تعالى وممتثل لأمره بالولاية التامة في كونه تحت ولاية الله الصادقة التي هي ولاية التجلي بالأسماء الحسنى الجمالية التي تمنح الكمال والهدى والنعيم ، لا تحت طرد وقهر الجلالية المتجلية على أعداءهم بسلب كل خير وفضيلة عند الله بل وتنقصهم حتى يرجعوا مغضوب عليهم خائبين خاسرين في يوم الدين .

بل يكون المؤمن : بما عرفنا من المواصفات في أحسن حال للدعاء في مكان مناسب ويوم مناسب ودعاء مناسب ، فتتوفر كل الظروف المناسبة ويتهيأ حاله ويحصل له أحسن استعداد ، فيقول كلمات طيبة تسقي شجرة وجوده فتنموا بالكمال بتجلي الأسماء الحسنى اللهية الجمالية بأحسن حال يصلحه ، ويخلق فيه الاستعداد فيرتفع في ملكوت المعنى ، ويكون متوجه لله بكله فيدعوه ويذكر الله بإخلاص وبتوسل ملح حتى يصلح حاله ويكشف ضره ، بل يكمله ويعوضه حتى يغني وجوده بالعلم والعمل والصفات الطيبة ، حتى يكون كاشف ضر إخوانه المؤمنين علما وعملا بهدى الدين والذي بفقده اشد الضر .

والمؤمن : يسعى بما فضله الله من القوة والعلم سعيا جميل لا يضر بالدين لرفع الضرر المادي ، ويدعو الله ليتفضل عليه بكشف الضرر المادي تاما ولا ضرر أخروي فيه ، لأنه لا يستغني قوام الإنسان منه في هذه الدنيا لكي يستمر فيها بوجوده حتى النعيم المقيم ، والذي هناك في الجنة يأتيه بالتمني والفكر فقط ، فيحصل عنده هناك ثمر طيب شهي جني ، وماء زلال طاهر ، وكل شراب فيه لذة للشاربين ، وهواء منعش لا حر فيه ولا برد ، وهو في أجمل القصور مع الحور ، وله كل طلب وأمنية لنعيم من غير تعب ولا كد ولا كدح ولا حزن له ولا هم أبدا .

 بل المؤمن : يصل بفضل الله الذي يرفعنا من الدنيا التي تحف بها المنغصات والأضرار لما لا ضر فيه أصلاً ولا مزاحم من علل وأمراض ولا جبار وطاغية ، بل نعم خالدة مع الطاعة الكاملة لأهل مملكة النعيم له . رزقنا الله تعالى كل كمال وكشف ضرنا وأصلح حالنا حتى يكون مقالنا مناسب لما يكون في هدى ديننا ويكون لنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنه ، وهو أرحم الراحمين الكافي وكاشف الضر الوتر النور الوهاب الفرد الواحد الأحد لا شريك له وهو الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، بحق نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها