هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الْكَافِي

النور الخامس والسبعون

الكافي : هو المغني لمن يعطيه حتى لا يحتاج لغيره ، فيكفيه ما يهمه من نقص وحاجة ويسد خلته .

والله تعالى هو الكافي الحق : وذلك لأنه بنعمه وبما يهبه للوجود يكفي كل شيء ويقويه على كل ما يحتاجه ، وبما يناسب وجوده وذاته وصفاته ، بل يغنيه حتى يصل لأحسن غاية خُلق لها ، ما لم ينقبض وجوده ويتعصى بنعم الله على تجلي نعم الله عليه ، فإن للإنسان الذي وهب بعض الاختيار قد لا يستعد وينكمش فلا يقبل فيض وتجلي الكافي لكل شيء ورافع حاجته ، ومغنيه بما يريده حاله ومقاله .

 فالله تعالى الكافي المطلق بوجوده الغني الكامل ، وله الكمال الذي لا يحد ولا يعد ، وهو الذي كفي وأستغني عن كل شيء غيره وإن كان لا غيره في الوجود ، والوجود كله من فيض كمال وجوده وتجلي جمال وجلال الأسماء الحسنى ، فهو تعالى الكافي لنفسه بنفسه ولصفاته وهو الكافي لكل شيء من خلقه بفعله ، فهو الكافي المطلق ذاتا وصفاتا وأفعالا ، والذي لا يكفي منه وعنه شيء ، وهو كافي لكل شيء ، يا كافي اكفني ما أهمني من نعم التكوين والتشريع .

وإذا تجلى الله تعالى بحقيقة الاسم الكافي بالتجلي الخاص : على عبد يكفيه في هداه ونعيمه ، ويكتفي به كل ناقص في هداه ويحصل على هدى ونعيم الله الخالد المقيم ، وخير من كفى الله بهم هداه وعباده الأنبياء والمرسلين ، وخيرهم نبينا الأكرم حيث أرسله للناس كافة ولن يقبل لأحد غير هداه ، وكفاه من نعيمه المادي ما أحب وإن زهد به أتلو سورة الضحى والفتح وغيرها ، بل كانوا آله صلى الله عليهم وسلم كافين للمؤمنين بفضل الله الكافي ، كما كفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب حين قتل عمر بن ود في يوم الخندق وهزم الأحزاب مخذولين بفضله ، وقد كفاهم الله الكافي بكل ما يحتاجه وجودهم ووجود عباده من نعم التكوين والتشريع ، حتى يكون بالتوجه لهم يحصل على هدى الله وصراطه المستقيم الذي جعله عند عباده المنعم عليهم كما في سورة الفاتحة ، فكتفي العبد المؤمن بهدى دين يخلص به لله الكافي وفي كل ما أنزل . ويُخلّص العبد نفسه : من كل ضلال عند من غضب الله عليهم ، والناقصين المحتاجين المدحورين في وجودهم أبدا لعدم تقبل هدى الله الكافي من المنعم عليهم .

وذلك لأنهم : لم يمتثلوا أمر الله حين قال في آيات كثيرة لها منطوق أو معنى أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر ، وهم أئمة الحق والهدى الصادقين المصدقين ، وإنه بهذه الطاعة يكتفي المؤمن بدين الله وهداه ويكفيه الله في دنياه وفي آخرته إن أطاعهم ، فسبحان من يكفي عباده في الذات والصفات والأفعال حتى يكونوا أكفاء وكافين لكل من يطلب من سبيلهم الله الكافي الحق ، فسبحان الله الكافي وحده ، وكفى بالله شهيدا وحسيبا ومثيبا ، والذي لا كفوا له وهو الواحد الأحد الفرد الصمد الكبير .

والمؤمن : يكفيه الإيمان بالله تعالى وكل ما أمره الله به فيطيعه بصراط مستقيم من السبيل الذي فرضه الله وجعل فيه هداه عند المنعم عليهم نبينا وآله ، فيعبد الله وهو مطمئن بدينه لا شك عنده ولا شبهة في هدى ، بل له يقين وفرح بالتوفيق لمعرفة الحق وأهله ، فيكفيه الله ما يهمه في نفسه وذاته وصفاته وأفعاله حتى ليكون في طاعة الله الحق على الحقيقة والواقع ، وهذا فضل الله وتوفيقه لعباده وكرامته لهم فكفيهم بها في الدنيا بكفاية حقيقية هنا ، ولما يحتاجون في الآخرة ، فيكافئهم بالأجر العظيم والمقيم بنعيم الأبد بما لم يخطر على قلب بشر من المجد والنور والكرامة والعز وكل ما يحب .

 وإما حال المؤمن : مع زينة الحياة الدنيا بالمادة فالله الكافي يرزقه الكفاف والعفاف بقدر الوسع والطاقة لكي يبقى في طاعته وطلبه ، ولا يلهه عن معرفته وحبه بهمّ الدنيا وزينتها وشهواتها ، ومن يغنيه الله يكون شكورا مكتفي برزقه الحلال وكافي لمن يحتاج من إخوانه المؤمنين ويكشف ضرهم بفضل الله الكافي وكاشف الضر .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها