هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الْوَاسِعُ

النور الحادي والثمانون

 

الواسع : من وسع وفيه معنى الشمول والعموم والانبساط والامتداد أو الاطراد فيما يدخل تحت حيطته من المعاني ، فيشمل سعة الوجود والصفات والقدرة والعلم والفعل والإعطاء والهبة والبذل والكرم والجود ، ويمكن تعديه فيشمل كل أمر وشيء مادي وغير مادي ، وكان أسم لمن ليس كمثله شيء ولا يحد في ذاته وصفاته وأفعاله وهو الله الواسع سبحانه ، ولكل موجود مخلوق نصيبه من هذا المعنى .

 و الله تعالى هو الواسع الحق : لأنه شأنه عظيم ولا يحيط بمعرفته أحد من خلقه مهما على مقامه ، وكل ما يمكن أن نقول بحق هو الواسع : الذي لا يحد في وجوده وكماله وغنى صفاته بل وفعله ، فهو الواسع سبحانه في علمه وقدرته وحلمه وكرمه وجوده وعطائه وهبته وعفوه ومغفرة وحلمه وهداه ، بل وسعة كل شيء رحمة ، فسبحانه من واسع له الأسماء الحسنى والصفات العليا ، وبكل كمال وجمال وجلال  وبهاء وسناء ونور لا يحد ولا يوصف .

ولتعرف سعة فعله تعالى : تدبر الكون وسعته وهداه التكويني والتشريعي وتمامه وكماله ، وسيأتي بحث في الاسم العظيم سعة الكون وهداه ، ولما كان لا يحيط أحد أو شيء أو فكر بالله تعالى علما إلا الإيمان به والإيمان واسع المراتب وله درجات ، ولكل مؤمن قدرة ومعرفة معينه ، فيسع قلبه رحمته وتجليه بمقدار ظرفه ، ويكون مظهر إيمانه بالله هو مقدار طاعته وإخلاص العبودية له ، وإن كان لسعته في كل شيء ما عُرف حق معرفته ، ما عُبد حق عبادته سبحانه .

ومن جميل ما نذكر في المعرفة القلبية : أنه سبحانه لا تسعه أرضه ولا سماءه سبحانه وتعالى ، ولكن وسعه قلب عبده المؤمن ، فمن حبه عشقه وتوله له فحل نوره في عقله وقلبه المؤمن ، حتى صار في الملك له من الله نور يساوي ملك السماوات والأرض بل يرتفع عن المادة والماديات ويحل الملكوت والجبروت حسب شأنه في المعرفة والإيمان والإخلاص لله في كل هداه الحق ، وإن الهدى الحق لو أنزل على جبل لتصدع من خشيت الله وبما يشعر من عظمة الله وبالهدى والتعاليم القيمة التي فيه ، والتي تسع كل شيء وكل ما يمكن من أمور الحياة فرد وأسرة ومجتمع ودولة واقتصاد وسياسة وحرب وسلم .

فوسع سبحانه الواسع في هداه التشريعي : وتعاليمه كل مجال للحياة وتجعل البشر كلهم بل الكون يصلح له ويكون في خير هدى يمكن أن يستمر به لأحسن غاية ، هذا فضلاً عن تعاليم الدين ومعارف هدى رب العالمين في العبادات الخاصة ، وإن كان تطبيق أي تعليم في أي مجال كان عبادة ويتقرب به لرب العالمين الواسع في وجوده وقد قال تعالى : أين ما تولوا فثم وجه الله ، وقال سبحانه : وسع كل شيء علم بل سبحانه وسع كل شيء رحمة وقدرة ونعم لا تحصى وهدى لا يضل من طلبه بجد فيعرف إن الله ما كان يضلنا بعد إذ هدانا وقد طلبناه بصراط مستقيم للمنعم عليهم من أئمة الدين الصادقين .

فالله سبحانه هو الوسع بوجوده وصفاته وفعله : ويكفي أن نتدبر الكون لنعرف عظمة الخالق وكبرياءه وعلوه وهو الوجود المادي والملكوتي أضعاف مضاعفة ، وسيأتي في صحيفة العارفين معارف عن سعة الوجود في العوالم العالية ونسبتها لهذا العالم ، وفي صحيفة الإمام الحسين عليه السلام معارف راقية في هذا المجال ، فإن تعالى فقط لهذا الوجود المادي قد أوسع الكون والوجود فيه حتى قال ما معناه : إنا بنينا السماء بأيدي ـ القدرة والعلم والحكمة والهدى والتدبير ـ وإنا لموسعون ، وهو النور الواسع المحيط الهادي ، وتدبر هذا الوسع في معارف الاسم العظيم الآتي .

فلمعرفة سعة خلق الله تعالى : يكفي لمن له أنس بالمادة والماديات أن يتدبر في سعة وعظمة الكون كله ، حتى كان من أجمل العلوم ، وهو علم النجوم والفلك والتطلع  فيه وبناء المراصد له ، بل وإرسال المراصد الجوية في الفضاء ، والمراكب الفضائية الآن تجوب في الثرى الواسع ما بين من غازي للقمر أو واصل لقرب كواكب يرى لها صور واضحة ، ولم تصل لمعرفة اليسير من منظومتنا الشمسية ، ولكنها تحكي عن سعة مكتشفة في الكون تساوي ملايين السنين الضوئية ، بل أقوى السفن والمراكب الفضائية مع مالها من الأجهزة المتطورة الدقيقة المحكمة في التكبير لا ترى إلا نقاط صغير يفرح برؤيتها علماء الكون وأصحاب التدبر بالنجوم والفضاء ، وتُشعر كل منصف عاقل على التدبر في علم الأرقام أن يرى عظمة الله في الكون ، وهم يوقنون بتقديرها مجرات وكواكب وتعرف إنها على بعد كذا سنة ضوئية ولابد أن تكون أوسع من مجرتنا بكثير وكواكبها فيها ما هو أكبر من كوكبنا الأرض بل الشمس بكثير .

وهذه السعة لخلق الله الواسع في الهدى والكون والتدبير له : قد ألفت به كتب وصارت له جامعات وكليات تدرس علومه بالمباشرة أو لما يمكن أن يرسل مراكب في فضائه المترامي الذي صار حتى يصعب على اللبيب المتفكر المتخصص تصوره وتحديده بحد ، وحتى يعجز الفكر في تقدير خلق الله وسعة وجود نعمه فيه ، بل يعجز الفكر في معرفة كائن صغير بكل خصائصه حتى كانت له علوم يتدبرون بها أحواله ، وهكذا في كل مجال مباشرة أو غير مباشرة ، فيتدبرون في  خلق الله وإتقانه وحكمته وفوائده ، ومذعنين بأنه لابد من وموجد له قد أعده لأن يكون مع الكل في نظم واحد متقن ومع ما للكون من سعة وكثرة كائناته .

 وهذه العظمة في الوجود تكوين وكائنات وهدى : بنوعيه تكويني وتشريعي كله يدل على عظمة نور الخالق المبدع البارئ المصور المكون الواسع في كل شيء ذات وصفة وفعل ، فسبحانه وتعالى ما أعظم كبرياءه وأكبر سعته حتى لا يوصف ولا يعرف إلا بالإيمان به ، ولقلب المحب العارف بشيء من شؤون عظمته ليمتلئ شوقاً لطاعته وللذوبان في عبوديته ولا يبدل طاعة واحدة له بالكون وما فيه ، بل صلاة في أول وقتها عنده أهم كل شيء ، وهذا سبيل المخلصين لرب العالمين وتبارك واسم ربك ذو الجلال والأكرم والواسع الباسط الذي بيده ملكوت كل شيء .

ومن يتجلى الله عليه الله بحقيقة اسمه الواسع بالتجلي الخاص : يسعه معرفته وهداه حتى يكون واسع الذات والصفات والخلق بأحسن هدى الله وعبوديته ، ولا يسع معرفته ولا علمه ولا التدبر بأقواله وحكمته أحد من عامة الناس ، وهكذا خص الله الأنبياء السابقين وأوصياءهم .

و لله تعالى تجلى بسعة بحقيقة أسمه الواسع : لنبينا الكريم ولآله الطيبين الطاهرين حتى جعل معرفتهم سبيل لمعرفته ، وهداهم هو هداه ، وطاعتهم هي طاعته ، وولايتهم هي قبول لولايته ، ودينهم هو دينه حتى كان لا يقبل الله أمر لم يكن صدر منهم ، وإن الضلال والعمى فيمن كان دينه ومذهبه مخالف لهم .

فيا طيب يا واسع الصدر في معرفة برهان رب العالمين الواسع : والواسع الدليل والباسط البرهان لمعرفته ودينه الحق بكل شيء وسبيل ، فأتقنه وأحكمه وبينه ، وكانت له الحجة التامة على جميع خلقه ، فإنك قد عرفت إن دين الله واحد من عند الواحد ولا يقبل به اختلاف ولا عنه انحراف ، لأنه خلاف اسمه الحكيم الخبير الهادي الواسع الرحمة والهدى .

وإلا أي رحمة وهدى واسع ، ولم يُعرف عباده أئمة دينهم الصادقين وولاة الأمر الهداة للإنسان ، وهو لم يوحي لجميع البشر ، ومع ذلك طلب منهم عبوديته ومعرفته ودينه بصراط مستقيم واحد ولم يرضى بخلافه بأقل عباده وتعليم مع سعة الدين وشموله ، ثم لم يكون قد عرّف ولم يبيّن الهداة الصادقين الذين اصطفاهم واختارهم أئمة هدى ودين وولاة أمر للمسلمين ،  والناس مختلفين أديان ومذاهب وحكى عن انقلابهم بعد نبيه ولن يضروه شيء ، وقال إنهم يتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء .

فإذن لابد أن يكون الله الواسع الرحمة والهدى : قد عرّف بكل سعة وبيّن لنا أئمة دينه والهداة الحق الصادقين بتعليمه وتعريفه ، حتى يصل لهم بكل دليل وبرهان كل طالب له بحق ومجد في البحث عن أئمة الهدى الصادقين ، وقد عرفت أنه لابد للإنسان من الجد بالمعرفة وطلب العلم كما عرفت في أول صحيفة التوحيد للكاملين ، وإلا لم يحصل على تجلي اسمه العليم والهادي والحق والصادق إذا لم يسعى ويطلب العلم الحق والهدى الصادق ، بل بقي في الضلال والعياذ بالله .

 ولو شرق الإنسان وغرب : في كل معرفة لما وجد غير نبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين أئمة حق وهدى صادقين مصدقين من الله ومن نبيه وكتابه ، وقد مرت كثير من معارف تجلي أسماء الله الحسنى بالتجلي الخاص لهم حتى كان لا يمكن أن تطبق على غيرهم ، ولا دليل وبرهان لمن يدعيها غيرهم ، وكتب بحث الإمامة تشهد بحوثها لهم فتدبر كتاب المراجعات أو الغدير ، وما كتبنا في صحيفة الثقلين والإمامة وغيرها .

فالله الواسع عرفنا : بسعة الأدلة وبأتم البراهين أئمة الحق حتى وسعت معرفتهم لسبيل معرفته سبحانه والتدين بدينه الحق الصادق الواحد الفرد الوتر النور ، فكانوا نوره الذي جعله عند من أختصهم بكرامته ، وعرفنا إنه لابد لنا من معرفتهم لنصل لمعرفته ، وكان لا يُعرف إلا من سبيلهم ولا يطاع إلا بدينهم .

 وهذا فضلاً عن سعة المعارف التي جعلهم يعرفوها ويعلموها وهي بسعة معرفة الله ودينه الذي عرفت أنه قد شمل جميع مجالات الحياة الفردية والاجتماعية والدولية ، وبكل أبعادها سلم وحرب وإحسان وصدقه ونكاح وحقوق وميراث وبيع وشراء وأخلاق حتى كان من الكتب الواسعة الناقلة للأحاديث كبحار النور مائة جزء من غير شرح ، وشغل المسلمون وغيرهم بشرحها سنين متمادية ولم يستقصوا شيء يُذكر من أسرارها ، وهذا شرح مختصر لتسعة وتسعين أسما لم نذكر في معاني شرحها شيء يُذكر ، وهذه تعاليم الله التي خص بها نبينا وآله صلى الله عليهم وسلم  ، قد وسعت كل الجن والإنسان في جميع مجالات حياتهم ، فضلاً عن كل العبادات ، بل هي تعاليم كانت واسعة للبشر إلي يوم القيامة حتى لا يقبل الله دين غيرها .

فتعاليم الله الواسع : التي كرم الله بها نبينا وشرحها آله بهذا البيان المحكم الحق الواسع ، يجب أن تطلب منهم لا من غيرهم ، وهي حقا واسعة من هبة الواسع وإحسانه لهم ولنا ، فشملت الوجود عرضاً لجميع مجالات الحياة ، وطولاً لكل الزمان ومكان ، وعلواً فلا يوجد أسمى منها ولا أفضل ولا أكمل حتى كانت وحدها الدين والهدى الذي يطاع به رب العالمين ويعبد ويرضى به عنا ، ويرفعنا لأعلى عليين بها حتى لنكون مع النبي وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم .

 فسبحانه من واسع : وسعنا معرفة به وبالهداة لدينه وبدينه كله بل أمرنا أن نتدبر بالكون الواسع بكثير من الآيات، حتى عرفنا إنه لا نحتاج أمر شيء من التقرب له أو في أمورنا الاجتماعية والاقتصادية فضلاً عن العبادية ، إلا ولنا من هداه نصيب وبركة نعرف بها حقنا وما علينا ، وسبيل العيش بسلام وأمن ومحبة باطمئنان مع الله والآخرين ، ولا شيء يوجب الاختلاف ويضيع الحقوق ويوجب الخسران والحرمان إلا ونهانا عنه وأمرنا بتركه ، وبهذا وسع الله كل شيء رحمة وهدى فسبحانه النور الواسع الوهاب الهادي وحده لا شريك له .

والمؤمن : وسع قلبه حب الله حتى لا يحب غيره إلا لحبه وحسب طلبه وأمره ، فتراه لكي يحب ويعشق يرى هل فيه لله نصيب ويرضى بهذا الحب فيحبه ، وإلا لا ، أبعده حتى ولو كانت تهفو له نفسه ، وتطلبه بكل حيلة شهواته ، بل يصمم على قتلها ، ولا يفكر فيه وفيها ، ولا يدنوا مما تدعوا له بالحرام ، مهما كان وكانت ، ولذا كان الحب في الله والبغض بالله أس الدين وركنه المتين الواسع ، والذي به يدور مدار الحياة والتعامل الواسع فيها ، وهذا كله من تجلي سعة حب ومعرفة رب العالمين في القلوب وهداه لنا .

فلذا ترى المؤمن : بكل تصرف له وبكل سعت تصرفه وعلومه وأفعاله وأخلاقه وجاهة وطلاقة وجهه وبشاشته وحبه يطلب به رضى الله ، ولا يسعه إلا صراط الله المستقيم الواحد من عند أئمة الحق الذين جعلهم الله هداة لدينه ، ولا يسعه غير العمل بمعارف الله التي يتعلمها ممن وسعهم الله علمه ومعرفة عظمته ، فيكون منهم وممن تبعهم ومعهم ، وهي بسعتها وببركة الفضل والهدى والإحسان التي فيها ، يمكنه بالعلم والعمل بها أن يسع كل مؤمن طيب يتعامل معه بمحبة وود لكونه مثله قد تعلق قلبه بحب الله الواسع الذي أوسعه دينه وهداه الواضح الصادق ، بل يمكن أن يسع غيره .

والمؤمن الذي وسّع الله الواسع سبحانه عليه : من العلم والجاه والمال ، عليه أن يوسع على نفسه وأهله وإخوانه وجيرانه وأصدقائه ومعارفه بقدر الوسع والطاقة ، ويظهر بما وسع الله عليه وبنعمة الله يُحدث بل يتجلى ويشع ويظهر ، ويكون في كل تصرف مظهر من مظاهر اسم الله الواسع سبحانه بالحق والإحسان من غير تكبر ومن ّ وأذى وإسراف بما منحه الله من كل شيء ووسعه عليه وكرمه به .

 فيا لله يا واسع : يا واسع المغفرة اغفر لنا ، ويا الله يا واسع العفو أعفو عنا ، ويا الله يا واسع الهدى أهدنا ، ويا الله يا واسع العلم والقدرة والحلم والدين والغنى والمال والملك والملكوت والجبروت والنور والجنة وسع علينا بخير ما وسعت به على عبادك المخلصين الطيبين ، وبما وسعت به على محمد وآل محمد ، وبحق ما منحتهم من حقك يا واسع الرحمة يا ارحمن الراحمين الودود الهادي ، أني أودهم وأحبهم فأهدنا بهداهم الذي خصصتهم به إنك العظيم الواسع ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها