هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

 

الودود

النور الثاني والثمانون

 

الودود : الود الظهور الحقيقي الواقعي بالحب الكثير والواسع الصادق المحبة , وفي معنى الود إظهار المحبة القلبية والتجلي بها مع التواصل والقرب دون المحبة المطلقة من غير آثار، والودود هو الظاهر بالمحبة ، ولكل شيء نصيبه من إظهار الحب والتجلي به.

 والله تعالى هو الودود الحق : لأنه هو الظاهر بالمحبة على عباده كلهم ، ولقد وسعهم علم وقدرة وحلم ورحمة بل تجلى عليهم بكل كمال وجمال من حقائق أسماءه الحسنى وصفاته العليا ، وبكل شيء وجودا وتكوينا ونعيما وهدى ، ويصلهم ويمدهم بالبر والإحسان وبالعدل والغفران حتى يصلوا لأحسن غاية لهم ، فلطف بهم وغفر لهم مساوئ وجودهم فهو اللطيف الغفور الودود ذو النور الوهاب الواسع الهادي .

 والود من الله الودود : ظاهر في تجلي كل الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية فيما بينها في واقعا ، وفي ظهور الصفات بما يناسب تجليها بالعدل والإحسان ، وبأفضل جمال وكمال جلال ، فسبقت رحمته غضبه ، ورافق علمه حلمه ، حتى كان بحق عفو غفور ستار ، وهكذا في مراتب الأفعال في كل مراتب الكون ، ولذا قالوا حقا بل مفهوم أحاديث : بالحب ظهر الوجود ، وذكروا مقال يحكى عنه : كنت كنزا مخفيا فحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف ، وهذا مأخوذ من ظهور الحب على الحقيقة نور في كل الكون وبهداه وهو من اللطف بنا فهو الودود سبحانه.

والله تعالى هو الودود الحق : لأنه له كل جمال وكمال وجلال ، وبغنى مطلق وكامل وتام لا نقص فيه ولا حاجة ولا حد له ، وهو فوق الوصف نور وبهاء وسناء وكمال وجمال وجلال ، ومثل هذا الوجود الحق يحب نفسه ويود ظهور جماله وكماله ، فلذا خلق الخلق وظهر الحب في الوجود فشمل الكون حكمة ، وإتقان هدى ، ودقة صنع ، وحسن منظر في كل شيء خلقه سبحانه ، وهذا التآلف في موجودات الكون مع اختلافها وكثرت وجودها ، وما لها من المصالح المتناقضة الداعية لنفسها ، ولكنها بهدى قادر عالم حكيم كون لها ظروف بها عاشت منسجمة متكاملة تفيد بعضها البعض وتستفيد حتى تصل لأحسن غاية لها ، وهذا لدليل على الحب فيها والتودد بينها الذي يصلح بينها ويحسنها الصحبة الكونية وبالهدى التام ، وهو من خالقها الذي جعلها منسجمة متكاملة متناسقة في أحسن ما يمكن من التآلف ، فما أعظمه من ودود ذو العرش والمجيد ، في التكون بكل مراتب والكون وهداه وبالقرآن المجيد في الهدى التشريعي ، فكان كل شيء يحبه في ذاته ويقيم له العبادة ولكن لا نفقه تسبيحه ، وكل شيء يأتيه يوم القيامة فردا مذعن بأنه الحق وله الملك وحده لا شريك له مُبدأ ومعيدا ، وهو والوتر النور الوهاب الناصر الواسع الغفور الودود الهادي  .

ومن تجلى عليه الله بحقيقة أسمه الودود بالتجلي الخاص : جعل له ودا وظهر بالوجود بالود وظهر الوجود له بالود ، وهذا الود خُص به نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين أسمع قوله الله الودود تعالى :

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

 سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّ (96)

 فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّ (97)} مريم .

يا طيب : هذا هو القانون العام في ظهور الود من الودود في الوجود ، هو لمن آمن حقا وعمل صالحا يجعل له الله ودا وهو تجلي خاص من الله الودود ، ويجب أن يوده ويحبه كل مؤمن ليكون عمله صالحا ، وإلا إذا لم يود من تجلى عليه الودود يكون من القوم المنذرين بالعذاب من الله ، ويكون من أهل اللد والبغض المغضوب عليهم ، لأنه لم يسير على الصراط المستقيم للمنعم عليهم بود الله وبركاته من الهدى والولاية المفروضه بضرورة ودهم وحبهم بأمر الودود .

وتدبر يا طيب : قول الودود سبحانه في النهي عن ود وحب كل أحد لم يجعل له ود ولم يأمر به ، فلم يكن كل قريب لنا ولو كان فاسقا أو مجرم أو ضال أو غير متدين له ود ، فإن ودهم محرم بل يجب أن يلدوا كمال قال :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالمودة وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِالله رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالمودة وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (1) إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)

 لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَــامــُكُـمْ وَلَا أَوْلَادُكُــــمْ

يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) } الممتحنة .

فقد تجلى الودود سبحانه : بتجلي جلالي قهري مانع قابض للود  وإن كل قريبا لنا ، فحرم الود للقريب ما ليكون مؤمنا ويحب المؤمنين ويودهم ويحب دين الله ومن ظهر به ، على ما عرفت في الآيات أعلاه .

وقد تجل الودود سبحانه : بالود الجمالي الطيف والحب الرءوف والحرمة والهدى وبالتجلي الخاص على نبينا الأكرم وقرباه بتجلي خاص فجعل لهم ودا مطلقا وأمرنا به ، فمن تحقق به كان مؤمنا وقبل عمله فكان صالحا وغفر الله له وشكر سعيه ، بل أكد الله الودود ضرورة الود لقربى نبينا الكريم وعرفه بعدة خصائص تعرف شأنه العظيم وأهميته ، فجعله علامة الإيمان والعمل الصالح لأنه أجر للرسالة بل معرف لها وشارح لها ومبين لها من غير خلاف واختلاف ، وبه تكرف وتقترف الحسنان وتؤخذ بكثرة مضاعفة ، وبه يغفر الله الذنوب ويشكر السعي ، ولا يوجد تأكيد بمثل هذا اللطف والعطف لنا ولمن أمر بودهم فعرفهم بكل خصلة حسنة تعرفنا إن هداه عند من أمر ودهم وتنذر من لدهم وبغضهم .

بل تجلي الودود في آية الود : وكأجر لرسالة النبي الكريم بصورة مطلقة هو لقرباه ، ولإيمانهم ولصلاحهم ولظهورهم بنور الهدى كما عرفت في آيات النور والبيوت المرفوعة بتعليم ذكر الله وهداه ، ولما طهرهم كما في آية التطهير ، وأمرنا بالصلاة والسلام عليهم والتسليم لهم معه ، ولصدقهم كما عرفت في آية المباهلة التي حرمت تكذيبهم ولعنة مكذبهم ، وكان هذا التجلي من الله الودود النور الواسع والذي به يتم صلاح الإيمان والعلم والعمل ، وبعد إن عرفت في الآية الأولى أعلاه قبل آية التحريم ، أنه يبشرنا بأنه سيجعل ودا ويتجلى بود خاص لمن يؤمن حقا ويعمل صالحا حقا وهو العليم بهم ، وهذه الآية الكريمة الودودة من الله الودود تعرفهم وقال الودود سبحان يعرفنا من يجب أن نود وبخصائص كريمة تهفو لها القلوب الطيبة المؤمنة:

 { ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

قُلْ لاَ أَسْـأَلُكُـمْ عَلَيْهِ أَجْـــرًا

إلاَّ المودة فِي الْقُـرْبَـــى

وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنً

 إِنَّ الله غَـفُــورٌ شَـكُــورٌ }الشورى23 .

والله من لم يعمل بهذه الآية ويود آل محمد لم يؤمن بالله :  لأن الله تعالى لو أراد منا فقط ذكر أسمائه الحسنى وحدها لما أمرنا بكل تعاليم الدين ولما طلب منا صلاة وصيام ، بل لأمرنا بالتفرغ لترديدها ، ولكن الودود أعلم بعباده وبما يصلح إيمانهم وأعمالهم ويهديهم لأحسن غاية توصلهم بصراط مستقيم لكل نعيم مقيم في أعلى الدرجات عنده وفي ملكوت رحمته وعزه  وفضله على عباده .

ولذا كان علينا أن نؤمن بالله تعالى وبكل ما أمرنا به : ولا يحق لأحد أن يفرق بين تعاليمه فيؤمن ويعمل ببعض ويترك بعض ، وهو يعلم إن الله تعالى يريدها منه كلها ، وهذا الآية الكريمة كانت من مودة لله لنا وظهور لحبه ووده لعباده أمر بها ، لأنه بها وبمثلها يُعرف الهداة المُعرفين لعظمة الله الودود ولكل تعاليم دينه وطاعته وعبادته وهداه ، وبالعمل بها بصدق وحق ، ينسجم الوجود البشري في كل أحواله فيما بينهم فرد وأسرة ومجتمع ودولة ، بل ينسجم مع الله تعالى ويكون معه في الود تجلي وقبول له وظهور به وبما يحب ويرضى .

فمن ود أهل بيت النبي الكريم : صلى الله عليهم وسلم كما أمر الله به في هذا الآية الكريمة ، وقد ذكر نزولها في شأنهم كل من فسرها ولم تعمه العصبية ، كما أنه تؤيد بل تبرهن على نزولها فيهم الشواهد الكثير في القرآن كله وما فيها نفسها من التأكيد والمتابعة في الآثار فيها وفي غيرها .

فأول الآية تقدم : إن الإيمان بها مختص بالمؤمن الصادق والذي يحب أن يعمل صالحا بحق ، وإنها أجر للنبي الكريم وتكريما له وتشريفه باستمرار رسالته ودوامها في آله شرحا وبيانا ، فأمر بودهم والظهور لهم بالمحبة الموجب للإقتداء بهم والسير على نهجهم ، ومن عرفهم فقد عرف الله الودود حق المعرفة ، بل ظهر الله الودود له بالتجلي بالود فتلبس به بحب النبي وآله الكرام ، وكان له السبيل والصراط المستقيم الحق لمعرفة الله وحبه ووده حق المحبة والمودة ، والود لمن ود وأمر بودهم ممن هم أهلا للود وله كل نتائج المودة المذكورة في الآية فتدبرها.

ومن ترك ود أهل البيت عليه السلام ولدهم ، أي نصر وود وحب من عاداهم وقتلهم وحاربهم فأقصاهم من ممارسة منصب الإمامة والولاية وتعريف هدى الله ظاهرا لكل الناس ، فقد أبعده الله ولم يغفر له ولم يشكر سعيه ولم يعطه حسنة واحدة .

تدبر يا طيب بهذه الآية الكريمة : تعرف إن الله جعلها بشارة للمؤمن عند العمل بها ليعرف ما له وما عليه ، وهو إن الله بشر من آمن وعمل صالحا بحق عليه أن يعرف أن له شروط وإيمان وأعمال تجب عليه ثم له أجر ، وإن نبينا الكريم له أجر وهو أحسن أجر في الوجود والكون لم يسبقه أحد ، ولم يأتي بعده ولم يكن قبله أحد بأحسن من أجره ، ولا أفضل ولا أكمل من الأجر الذي يعطيه الله وتجلى به عليه وظهر له به ، ويعرفنا فضله وكرمه عليه ومجده وعزته عنده وخيره وبركاته عليه ، وإن هذا الأجر هو مناسب لشأنه وهو أجر رسالته وتعليمه وتبليغه لدينه وهدى معارفه وكيف يحافظ عليها الطيبين الطاهرين الصادقين ليُعبد سبحانه ويطاع بحق أبدا وهذا بعض معنى الآية.

وهذا الأجر هو تجلي حقيقة اسم الله الودود : وظهوره في الكون عند كل من له ود حق صادق فيه الهدى والدين والطاعة لرب العالمين ومحبته الصادقة ، وهو طلب منا أن نود قربى نبينا الكريم وهم آله الكرام المقربين ، ونقترب منهم ونقترف من ودهم وحبهم ونظهر به ونظهره للناس بكل وجودنا ، فنحصل على حسنة مضاعفة ، وكل ما أزداد ودنا ومحبتنا لهم واقترفنا بفكرفنا منه وقربناهم فأخذنا منه علم ومعرفة لشؤون العظمة ومعارف هدى الرب الودود في الذات والصفات والأفعال والدين القيم والهدى الحق واقتدينا بهم وتعلمنا منهم ، نكون قد عرفنا الله بنفس طريقهم وصراطهم المستقيم وهدى دينهم القويم اللهي الحق .

وهذا بالإضافة لكثر الحسنات ومضاعفتها من الله الودود وازديادها : كأجر لهذا الود وللظهور به علما وعملا ؛ فإن الله الودود يغفر لنا ذنوبنا ، ولا معصية تبقى علينا نحاسب بها إذا ظهرنا بهذا الود وعملنا به بكل وجودنا معرفة لشؤون عظمة رب العالمين وطاعته بهذا السبيل ، وثم الفضل الكبير من الله الودود والعظيم بأحلى وأجمل تجلي ، وفوق كل فضل لا فضل بعده ولا قبله ولا أعلى منه وهو إنه تعالى يشكرن نعم قال تعالى يشكر حبنا وإظهاره بالود والحب لنبينا محمد وآل النبي الكريم وهم : علي وفاطمة والحسن والحسين وبالخصوص المعصومين من ذرية الحسين الذين جعل مودته هي معرفة هدى الله ودينه ، بل معرفته وعبادته بحق وصدق من غير ضلال ولا انحراف عن الصراط المستقيم .

وهذا معنى تعليل الآية بالاسمين الكريمين الغفور الشكور : أي إن عملنا بهذه الآية الكريمة يغفر لنا تقصيرنا ويشكر سعينا لأنا عملنا بما يحب ويرضى ، فلنا الأجر الكريم المضاعف الحسن أي بأحلى نور تجلى به من كل جمال وكمال وجلال ملائم للفضيلة والكمال والمجد لنا لأن علمنا وعملنا بأمره ، وأسأل الله الودود أن يصدقنا حبنا فيجعلنا معهم هدى وعبودية له مخلصة وبنعيم أبدي.

وإما من لدهم ولم يحبهم : فقد عرفته خسر ود الله ولا تنفعه لو ود الوجود كله وحبه و لكان معاند لمن أمر الله بودهم ومحبتهم ، وخسر ود الله وود أحسن أجر بالوجود لنبينا الكريم كأجر لرسالته ولتعريف الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا حتى يعبد بها ويتقرب له بذكرها وبهداه وليحصل على نوره .

كما إن هذه الأمر : وإن كان هو كأجر للرسالة ولكنه تعالى بيّن لنا إنه من يستحق الود والتجلي عليه بالود الخاص الذي يكون أساس الدين ، وهو التجلي والظهور بالحب وإن كان ود المؤمن واجب ، ولكن في هذه الآية التي جعل الله فيها الود لقربى النبي هو لوعد وعده ، وهو ود خاص لكرامة خاصة ، فهو ود خاص بتجلي خاص يكون ركن وأصل من أصول الدين ، ويعرف به رب العالمين كما عرفته ، وحتى يجب أن يحبه كل من في الوجود بفرض واجب كما عرفت فيكون حينها مؤمن ويجب وده وإلا بدونه بعد لم يتحقق إيمانه .

وأما الوعد لله الودود : بجعل الود هو لمن يصدق منه الإيمان والعمل الصالح ، فهو كما جعله فيما ذكرنا في الآية أعلاه فمن يقتدي بأهلها يكون مثلهم وتحقق بالإيمان والعمل الصالح ، هو ما كان لنبينا وآله كنتيجة للآية الآتية والتي مرت في أول الآيات ونكررها ، لنعرف كيف كان ملاك الود وأساسه من العليم الودود الواسع ، ولهذا الملاك والمناط ظهر فيهم ولهم الودود ، وصار من ودهم ينطبق عليه معنى الآية أعلاه بالمباشرة والتالية بالواسطة ، لأنها كانت من نصيب نبينا وآله كما عرفت في آية الإمامة في شرح الاسم الكريم الوهاب ، ولو تدبرتها فمن جعلوه وكيل لهم صار إمام مسجد أو جماعة بتنصيب من الإمام الحق لآل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وأما الآية هذه وكما عرفتها ، فهي لمن ظهر بحق وصدق بالإيمان والعمل الصالح الواقعي فتجلى على وجودهم الطيب الله الودود بالود وهذا ما قاله سبحانه :

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَانُ وُدًّا

(96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ

وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا }مريم97.

وهذا أسلوب شيق منه تعالى : يشوقنا له الله لنتطلع ونتعرف منهم الذي جعل لهم هذا الود الديني وحذرنا لدهم ، وهو فيه ملاك ما جعله الله لحب وود آل النبي لكونهم رجال بيته الطاهر وقد رفعهم لصدقهم مع الله الودود ، ولإيمانهم الكامل التام ولعملهم الصالح الذي يجب أن يقتدي به كل مؤمن ، وهذا هو كان سبب وملاك ود أهل البيت وقربى النبي المقربين كما عرفت ، وإلا كان أبو لهب عم النبي ولكن أبعده الله وتب لأنه لد النبي وآله ، وهذا حكم الله وظهوره بحقيقة أسمه الودود سبحانه وتعالى الذي كان به كل الوجود وهداه ، فهو بشارة وما أجملها للمؤمن وقد يسره الله بلسان نبينا الكريم وكتاب الله المجيد لتعريفنا الأمجاد من آله محمد عليهم السلام ، وإنهم هم هداة الدين والصراط المستقيم لمعرفته سبحانه ولكل معارفه ، وهذا تجلي الودود بالبشرى للمتقن وتعليمهم دينهم ، وبتحذير جدي وإنذار قوي قاطع لقوم لدوا من أمر بودهم وتجلى بالود لهم .

فسبحان الله الرب الودود : والذي بحبه لكماله ولعباده ظهر الوجود وادا لخلقه محبا لهم وكرمهم بكل النعم والهدي الذي خلقه لعباده حتى يقيموا له العبادة ، وما خُلق الإنس والجن إلا ليعبدون ، وهذا سبيل الهدى الحق والطريق المستقيم لعبادته ومعرفته ، فإنه يبشرنا به وكيف تجلى به الودود ليعلمنا ديننا ومعرفته وحبه ووده وكيف نعلم صالحا مرضيا له بطريق صحيح وكما يريد أن يود ويعبد ، وبسبيل الود الحق الواجب أن يظهر منا ، وقد عرفت كثير من البيان لأسماء الله الحسنى ، وعرفت ظهورها وكلها لها تجلي خاص بالمصطفين الأخيار الذين جعلهم هداة لدينه ، وليس لنا سبيل غيرهم لتحصيل نور تجليها .

 وهذا لطف الله الودود : إذا ود وحب عبد كرمه وجعله قدوة وأسوة في كل وجوده ، بل وآله معه بل من يتبعه بحق وصدق ويؤمن به بود حقيقي ، فيحب الله وكل آثاره وظهور وده بالنبي الكريم وبآله وبكل ما علمه من تعاليم ومعارف وهدى دين ، والحمد لله رب العالمين الغفور الشكور الودود .

والمؤمن : ودود لما وده الله وحبه ، ويلد من لده الله وأبعده ، لأنه بهذا الود يتم معرفة أئمة الحق وهدى الله ودينه ويعرفه شؤون عظمة الله الودود بحق المعرفة الممكنة للبشر ، ويعرف ويود به المؤمنين وإخوانه الصالحين وزوجته وأبناءه وكل من في حيطته ، ويكون لهم محب ودود ومظهر لود الله الحقيقي كما يريد الله ويوصلهم لود الله ولمن ودهم وحبهم وأمر بودهم الودود ، وبكل شيء يوصلهم لمعرفتهم بكل علمهم وسيرتهم ، ومن ثم الإقتداء بهم والسير على منهاج عبوديتهم لله الودود تعالى وكما ظهروا بها ، فيظهر بالود بالمظهر المطلوب منه الصادق الحقيقي المراد لله الذي لا يكون معه إمهال واستدراج .

 وإن من يلد من حبهم الله : والله يظهر له بالود والمحبة حتى يمكن أن يود ويحب ، وهو يصرف هذا الود والحب في غير الطريق المستقيم وكما أمر الله ، ويكون بدل إظهار الود الواجب لمن ودهم الله وأمر بودهم يُظهر لد وعداء وبغض ، ولمن أمر بلدهم وعدائهم يظهر الود والحب والقرب ، ويود ويحب ويلد ويبغض بخلاف عدل الودود وظهوره بالود بالإحسان والتكريم والفضل .

وهذا يخرجه الله سبحانه من تجلي اسم الودود : ومن كل الأسماء الحسنى الجمالية التي تتجلى بالكمال ، ويدخله الله تحت اسمه اللدود والذي يلد به أعداءه وأعداء من ودهم وأمر بودهم ،  ويدخلهم تحت تجلي أسماء القهر والغضب والانتقام لأنه عمل خلاف العدل والقسط والإحسان والفضل في إظهار الود والد ، فلد من ودهم الله وود من لدهم الله وأمر بالبراءة منهم .

فهذه معارف الله ودينه في الود والحب : واضح بين لكل طالب حق ممن يريد الله الودود ، ولابد أن يود ويحب بكثرة وصدق من يودهم ويحبهم الله ، ويود من ودهم الله وأمر بودهم ، ويود ويحب من ودهم وحبهم ، ويعادي من عاداهم لله ليحصل على هداه ويهتدي لدينه ومعرفته بحق وبصراط مستقيم ، وما الدين إلا الحب والبغض ، ولتعرف بعض هذا المعنى بالأحاديث الشريفة راجع ما ذكرنا في صحيفة ذكر الإمام علي عليه السلام عبادة في كل أبوابها ، وبالخصوص في باب ضرورة حبهم وودهم والظهور به .

 يا الله يا ودود : عرفني الحق وهداك وأهله لأودهم وأحبهم ، وعرفني أهل الباطل والضلال لألدهم وأعاديهم ، إنك على كل شيء قدير وأنت الغفور الودود ، فودنا بود دائم خالد إنك أنت الغفور الشكور الودود بحق من أمرت بودهم يا الله ، وليس لأحد حق عليك إلا ما أعطيته من الود فأظهر عليَّ وعلى كل مؤمن طيب بكامل الود وأحسنه وأتمه وأكمله حتى أظهر به يا ودود يا الله ، فإنك كاشف الضر الوتر النور الوهاب الناصر الواسع الودود الهادي الوفي .

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها