بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين

في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




صحيفة قمر بني هاشم أبو الفضل
العباس بن علي بن أبي طالب
المجاهد الشهيد الصديق الوفي

عليه السلام

يا طيب بين يديكم صحيفة : المؤمن الصديق الشهم ، والطيب الطاهر الأبي ، والموحد المتيقن المخلص ، والحليم الحكيم العالم ، معلم الثبات والإخلاص ، قمر بني هاشم ، المحامي الناصر لإمامه ووليه سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، والذاب عن معارف عظمة الله وتعاليم رب العالمين ، وهدى المنعم عليهم بالصراط المستقيم آل سيد المرسلين.
والمقر بفضله الكريم: وعلو شرفه وشأنه المجيد الخاصة والعامة، والمذعنين له بإخلاصه وطهارته ويقينه بربه وبالنبوة وبيوم الدين ، المهتضم حقه والمظلوم علو قدره من المعاندين والكفار والمنافقين .
السيد الجليل الشهيد : والمؤمن الأصيل ، أخو الحسن والحسين , ابن علي أمير المؤمنين بن أبي طالب أمير المؤمنين ، والمزار من الأئمة المعصومين عليهم الصلاة والسلام أجمعين وكل الشيعة الموالين والطيبين من المؤمنين.
أبو فاضل : السقاء، معتمد أبو عبد الله الحسين عليه السلام ، وقائد جيشه ، وحامل لوائه ، بطل كربلاء ، السيد الصنديد ، مغيض الأعداء ، المجاهد في سبيل الله ، الناصر لدين الله وهداه والمضحي المستشهد في سبيله .
فتجد في الصحيفة : حياته ونسبه، والحياة المشتركة مع آله الطيبين الطاهرين ، ودفاعه عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، وجهاده في سبيل الله ، ورفضه لمغريات الكافرين ، وتمسكه بالولاء والوفاء لابن سيد المرسلين ، وإبائه ودفاعه عن الدين ، وخلقه وآدابه ، حتى شهادته ورحيله للملكوت الأعلى عليه السلام .
كما تجد نسبه أمه الكريمة : أم البنين زوجة أمير المؤمنين عليهم السلام .
وتجد شرح لشعر الأبوذية : علمهم ، وجوده ، وأخ ، و شعر دارمي في شأنه الكريم عليه السلام
الصحيفة : 114 صفحة .
تأليف : خادم علوم آل محمد عليهم السلام الشيخ حسن جليل الأنباري
صحيفة الطاهر الصديق أبو الفضل العباس بن أمير المؤمنين عليه السلام

صحيفة الطاهر الصديق أبو طالب عليه السلام
من هنا
تَنْزِيلُ الصَّحِيفَةُ وَقِرَاءتُها

كتاب الكتروني بي دي اف pdf

جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب
رحم الله الشيخ الأنباري إذ قال :

العباس تلميذ للأئمة وعنده علمهم

وفي للسادة أبو فاضل و هو علمهم

أبكربلا حامى وسقى وبيده علمهم

مغوار على المشرعة غدروه آل أمية


المقدمة :

يا طيب : بين يديكم صحيفة المؤمن الصديق الشهم ، والطيب الطاهر الأبي ، والموحد المتيقن المخلص ، والحليم الحكيم العالم ، معلم الثبات والإخلاص ، قمر بني هاشم ، المحامي الناصر لإمامه ووليه سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، والذاب عن معارف عظمة الله وتعاليم رب العالمين ، وهدى المنعم عليهم بالصراط المستقيم آل سيد المرسلين.

والمقر بفضله الكريم: وعلو شرفه وشأنه المجيد الخاصة والعامة، والمذعنين له بإخلاصه وطهارته ويقينه بربه وبالنبوة وبيوم الدين ، المهضوم حقه والمظلوم علو قدره من المعاندين والكفار والمنافقين .

السيد الجليل الشهيد : والمؤمن الأصيل ، أخو الحسن والحسين , ابن علي أمير المؤمنين بن أبي طالب أمير المؤمنين ، والمزار من الأئمة المعصومين عليهم الصلاة والسلام أجمعين وكل الشيعة الموالين والطيبين من المؤمنين.

أبو فاضل : السقاء، معتمد أبو عبد الله الحسين عليه السلام ، وقائد جيشه ، وحامل لوائه ، بطل كربلاء ، السيد الصنديد ، مغيض الأعداء ، المجاهد في سبيل الله ، الناصر لدين الله وهداه والمضحي المستشهد في سبيله .

فتجد في الصحيفة : حياته ونسبه، والحياة المشتركة مع آله الطيبين الطاهرين ، ودفاعه عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، وجهاده في سبيل الله ، ورفضه لمغريات الكافرين ، وتمسكه بالولاء والوفاء لابن سيد المرسلين ، وإبائه ودفاعه عن الدين ، وخلقه وآدابه ، حتى شهادته ورحيله للملكوت الأعلى عليه السلام .

كما تجد نسبه أمه الكريمة : أم البنين زوجة أمير المؤمنين عليهم السلام .

وتجد شرح لشعر الأبوذية : علمهم ، وجوده ، وأخ ، و شعر دارمي في شأنه الكريم عليه السلام .

تلميذ مخلص لأبيه الوصي والحسن والحسين وعنده علمهم

معنى علمهم وتلميذ :

علمهم : علم وهدى ومعارف وتعاليم الله العليم جل جلاله والتي علمها لسيد المرسلين النبي محمد ومنه لسيد الأوصياء ومنهما لسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين صلى الله عليهم وسلم ، كان هذا العلم عند أفضل تلميذ وأفهم طالب لهم وهو أبا الفضل قمر بني هاشم العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، والعباس كان للحسين كما كان أبيه أمير المؤمنين لرسول الله صلى الله عليهم وسلم .

وأما التِّلِميذُ : فهو كقِطْمِيرٍ وهو الخادمُ ، وغلام الصَّانع، ومتعلِّم الصَّنعة ، منه المتعلّم ، أَو الخادم الخاصّ للمعلِّم .

عِلْمُهُمْ : علم النبي وآله المعصومين وعلم تلميذهم أبا الفضل صلى الله عليهم وسلم ، من الله سبحانه ، و في أسماء اللّه تعالى‏ : الْعَلِيمُ‏ و العالِمُ‏ و العَلَّامُ ، عالِمُ‏ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ ، عَلَّامُ‏ الْغُيُوبِ ، وهو العالم المحيط علمه بجميع الأشياء ظاهرها و باطنها، دقيقها و جليلها على أتمّ الإمكان . و فعيل من أبنية المبالغة.

العِلْمُ‏: نقيضُ الجهل، عَلِم‏ عِلْماً و عَلُمَ‏ هو نَفْسُه، و رجل‏ عالمٌ‏ و عَلِيمٌ‏ من قومٍ‏ عُلماءَ ، قال الله تعالى : { إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ‏ الْعُلَماءُ } وقال تعالى: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏ دَرَجاتٍ‏ } ، لا يخفى ما في الآية من الترغيب في‏ الْعِلْم‏ و مثلها كثير. و قوله‏ تعالى : { وَ أُولُوا الْعِلْمِ‏} أي المتصفون به.

وقوله‏ عز وجل : { وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي‏ عِلْمٍ‏ عَلِيمٌ‏ } أي أرفع منه درجة حتى ينتهي إلى الله تعالى ، وفي الحديث عن الإمام علي عليه السلام : عَلَيْكَ بِالْعِلْمِ‏ فَإِنَّهُ وِرَاثَةٌ كَرِيمَةٌ ، كُلُّ شَيْ‏ءٍ يَعِزُّ حِينَ يَنْزُرُ إِلَّا الْعِلْمَ‏ فَإِنَّهُ يَعِزُّ حِينَ يَغْزُرُ ، الْعِلْمُ‏ كَنْزٌ عَظِيمٌ لَا يَفْنَى ، الْعِلْمُ‏ مِصْبَاحُ الْعَقْلِ وَ يَنْبُوعُ الْفَضْلِ ، قالوا ‏: العالمُ‏ الذي يَعْملُ بما يَعْلَم‏.

و عَلّامٌ‏ و عَلّامةٌ : إذا بالغت في وصفه‏ بالعِلْم‏ أي‏ عالم‏ جِداً، و الهاء للمبالغة، و تقول‏ عَلِمَ‏ و فَقِهَ أَي‏ تَعَلَّم‏ و تَفَقَّه، و عَلُم‏ و فَقُه أي سادَ العلماءَ و الفُقَهاءَ. و الْعَالِم‏ بكسر اللام: من اتصف‏ بِالْعِلْم‏، و قد يطلق و يراد به أحد الأئمة من غير تعيين ، وقال الإمام علي عليه السلام : الْعَالِمُ الَّذِي لَا يَمَلُّ مِنْ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ‏ ، عَلَى الْعَالِمِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ وَ يُعَلِّمَ النَّاسَ مَا قَدْ عَلِمَ‏ ، لِطَالِبِ الْعِلْمِ‏ عِزُّ الدُّنْيَا وَ فَوْزُ الْآخِرَةِ ، النَّاسُ ثَلَاثَةٌ فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ وَ مُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ وَ هَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ‏ وَ لَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ ، عَلَى الْمُتَعَلِّمِ أَنْ يَدْأَبَ نَفْسَهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ‏ وَ لَا يَمَلَّ مِنْ تَعَلُّمِهِ وَ لَا يَسْتَكْثِرَ مَا عَلِمَ‏ ، الْعِلْمُ‏ قَاتِلُ الْجَهْلِ .

و يقال: اسْتَعْلِمْ‏ لي خَبَر فلان و أَعْلِمْنِيه‏ حتى‏ أَعْلَمَه‏، و اسْتَعْلَمَني‏ الخبرَ فأعْلَمْتُه‏ إياه. وعَلِمَ‏ الأَمرَ وتَعَلَّمَه: أَتقنه، وَ إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ‏ لِما عَلَّمْناهُ‏، قال: لَذُو عَمَلٍ بما عَلَّمْناه‏ .

فضل طلب العلم :

وقال سيد الأوصياء أمير المؤمنين عليه السلام أبو أبا الفضل العابس في فضل واهمية طلب العلم وآدابه :

عَلَى الْمُتَعَلِّمِ : أَنْ يَدْأَبَ نَفْسَهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ‏ وَ لَا يَمَلَّ مِنْ تَعَلُّمِهِ وَ لَا يَسْتَكْثِرَ مَا عَلِمَ‏ ، لَا يُدْرَكُ الْعِلْمُ‏ بِرَاحَةِ الْجِسْمِ ، لَيْسَ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَ وُلْدُكَ إِنَّمَا الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ‏ وَ يَعْظُمَ حِلْمُكَ ، مَنْ عَلِمَ‏ غَوْرَ الْعِلْمِ‏ صَدَرَ عَنْ شَرَائِعِ الْحِكَمِ ، رُدُّوا الْجَهْلَ بِالْعِلْمِ‏ ، يَسِيرُ الْعِلْمِ‏ يَنْفِي كَثِيرَ الْجَهْلِ .

الْعِلْمُ‏ قَائِدُ الْحِلْمِ ، تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ‏ وَ تَعَلَّمُوا مَعَ الْعِلْمِ‏ السَّكِينَةَ وَ الْحِلْمَ فَإِنَّ الْعِلْمَ‏ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ وَ الْحِلْمَ وَزِيرُهُ ، جَمَالُ الْعِلْمِ‏ نَشْرُهُ وَ ثَمَرَتُهُ الْعَمَلُ بِهِ وَ صِيَانَتُهُ وَضْعُهُ فِي أَهْلِهِ ، بَذْلُ الْعِلْمِ‏ زَكَاةُ الْعِلْمِ‏ ، زَكَاةُ الْعِلْمِ‏ نَشْرُهُ ، شُكْرُ الْعَالِمِ عَلَى عِلْمِهِ‏ عَمَلُهُ بِهِ وَ بَذْلُهُ لِمُسْتَحِقِّهِ .

الْعِلْمُ ‏: يَهْتِفُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجَابَهُ وَ إِلَّا ارْتَحَلَ ، أَطِعِ الْعِلْمَ‏ وَ اعْصِ الْجَهْلَ تُفْلِحْ ، اعْمَلُوا بِالْعِلْمِ‏ تَسْعَدُوا ، اطْلُبُوا الْعِلْمَ‏ تُعْرَفُوا بِهِ وَ اعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ .

أَوْجَبُ الْعِلْمِ‏ عَلَيْكَ : مَا أَنْتَ مَسْئُولٌ عَنِ الْعَمَلِ بِهِ ، أَحْمَدُ الْعِلْمِ‏ عَاقِبَةً مَا زَادَ فِي عَمَلِكَ فِي الْعَاجِلِ وَ أَزْلَفَكَ فِي الْآجِلِ ، إِذَا رُمْتُمُ الِانْتِفَاعَ بِالْعِلْمِ‏ فَاعْمَلُوا بِهِ وَ أَكْثِرُوا الْفِكْرَ فِي مَعَانِيهِ تَعِهِ الْقُلُوبُ ، اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ دِرَايَةٍ لَا عَقْلَ رِوَايَةٍ فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ‏ كَثِيرٌ وَ رُعَاتَهُ قَلِيلٌ ، خُذُوا مِنْ كُلِّ عِلْمٍ‏ أَحْسَنَهُ فَإِنَّ النَّحْلَ يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ زَهْرٍ أَزْيَنَهُ فَيَتَوَلَّدُ مِنْهُ جَوْهَرَانِ نَفِيسَانِ أَحَدُهُمَا فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ وَ الْآخَرُ يُسْتَضَاءُ بِهِ .

ي طيب : هذه الأحاديث عين العلم وحق الفهم وغرر الحكم ودرر جوامع الكلم ، ومثلها الكثير صدر عن آل محمد عليهم السلام وهم العين الصافية وزلال المعرفة ، لا يسعه هذا المختصر ، وذكرنا القليل عن منبع علم حق اليقين أمير المؤمنين ويعسوب الدين علي بن أبي طالب ، فهو أول من عمل به وعلمه لآله الكرام الطيبين الطاهرين ، ومنهم أبنه الكريم العالم الفاضل الوفي الشهم قمر بني هاشم أبا الفضل العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، ولمعرفة عناية الله ورسوله في تعليم سيد الأوصياء ، وعنايتهم بالعلم ، بالإضافة لما عرفت نذكر هذه الأحاديث ، لنتيقن أن أمير المؤمنين علم أبناءه وكان من أكرم تلاميذه أبا الفضل العباس عليه السلام.

أهمية العلم عند سيد المرسلين وسيد الوصيين :

يا طيب : إن الله بعث نبيه بالعلم وتعليمه ، وآيته المعجزة القرآن الكريم ، ولا يوجد كتاب في الدنيا مثله يحث على العلم والتعلم والعمل به ، وهو نبراس سيد المرسلين ومعجزته الخالدة ، وبتعلميه أمر سيد المرسلين وأخص تلميذ له هو سيد الوصيين ، وكان له منزلة لم تكن لأحد من المسلمين غيره ، فكان يخصه بالتعليم بجلسات خاصة ، والله فهمه وعلمه علم دراية كل ما يحتاجه العباد علم وتعليم وفهم وتفهيم ، حتى كان منبع للعلم والتعليم ، حتى كان علي بن أبي طالب كرسول الله معجزة في العلم والتعليم والعمل به ، وعلّمه لآله الكرام ومنهم أبا الفضل العباس عليه السلام وكل من أختص به من آله الطيبين الطاهرين ، ولمعرفة هذا المعنى نتدبر هذه الأحاديث الكريم :

عن سيد الأوصياء علي بن أبي طالب عليه السلام قال :

سلوني : عن كتاب الله عز وجل .

فوالله : ما نزلت آية منه في ليل أو نهار ، ولا مسير ولا مقام.

إلا وقد أقرأنيها : رسول الله صلى الله عليه وآله ، وعلمني تأويلها.

فقال ابن الكواء : يا أمير المؤمنين ، فما كان ينزل عليه وأنت غائب عنه ؟

قال عليه السلام : كان يحفظ على رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا عنه غائب.

حتى أقدم عليه : فيقرئنيه ، ويقول لي :

يا علي : أنزل الله علي بعدك كذا وكذا ، وتأويله كذا وكذا.

فيعلمني : تـنـزيـلــه وتـأويـلــه .

الأمالي للشيخ الطوسي ص 523ح1158/ 65.

وعن الأصبغ بن نباته قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :

لو كسرت لي وسادة : فقعدت عليها ، لقضيت بين أهل التورية بتوريتهم ، وأهل الإنجيل بإنجيلهم ، وأهل الزبور بزبورهم.

وأهل الفرقان بفرقانهم.

بقضاء : يصعد إلى الله يزهر .

والله ما نزلت آية : في كتاب الله ، في ليل أو نهار.

إلا وقد علمت فيمن أنزلت .

ولا ممن : مر على رأسه المواسى من قريش ، إلا وقد نزلت فيه آية من كتاب الله تسوقه إلى الجنة أو إلى النار.

فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما الآية التي نزلت فيك ؟

قال له عليه السلام : أما سمعت الله يقول :

{ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَـةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُـوهُ شَاهِـدٌ مِّنْــهُ (17) }هود.

رسول الله صلى الله عليه وآله : على بينة من ربه.

وأنـا : شـاهـد لـه فيـه ، واتلـوه معـه .

بصائر الدرجات للصفار ص 152 ب9ح1.

وجاء في كتاب الكنى والألقاب :

أبو عبد الرحمن السلمى : عبد الله بن حبيب احد أعلام التابعين وثقاتهم.

صحب : أمير المؤمنين وسمع منه ، وعده البرقي من خواصه من مضر .

وكان عاصم : احد القراء السبع قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي.

وقال أبو عبد الرحمن : قرأت القرآن كله على علي بن أبي طالب عليه السلام .

فقال : أفصح القراءات قراءة عاصم لأنه أتى بالأصل .

الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي ج 1ص 115.

يا طيب : وإن القرآن المطبوع في كل بلاد المسلمين برواية حفص عن عاصم عن أبو عبد الرحمان السلمي عن علي بن أبي طالب عن رسول الله عن الله تعالى ، وكان أمير المؤمنين عنده جلسات لتعليم القرآن ويحضرها الإمام الحسن والحسين وأبناءه عليهم السلام ، وهكذا من الحسن والحسين لأبي الفضل عليه السلام ، فعندهم بحق علمهم .

وعن أبان عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السلام قال :

كنت إذ سئلت : رسول الله صلى الله عليه وآله أجابني .

وإن فنيت : مسائلي ، ابتدأني .

فما نزلت عليه آية : في ليل ولا نهار ، ولا سماء ولا أرض.

ولا دنيا ولا آخرة ، ولا جنة ولا نار.

ولا سهل ولا جبل ، ولا ضياء ولا ظلمة.

إلا أقرأنيها : وأملاءها عليَّ وكتبتها بيدي.

وعلمني : تأويلها وتفسيرها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصها وعامها.

وكيف : نزلت وأين نزلت ، وفين أنزلت إلى يوم القيمة.

دعا الله لي : أن يعطيني فهما وحفظا.

فما نسيت آية من كتاب الله ، ولا على من أنزلت إلا أملاه عليّ .

بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار ص 217 ب8ح3. ح4.

يا طيب : نذكر حديث وإن كان طويل لكنه يبين لن أن الهدى الحق عند أمير المؤمنين عليه السلام وآله ، وإن من لم يوافقهم فقد زاغ عن الحق وبعد عن الهدى .

عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي قال :

قلت لأمير المؤمنين عليه السلام : إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ، وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله غير ما في أيدي الناس ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم .

ورأيت في أيدي الناس : أشياء كثيرة من تفسير القرآن ، ومن الأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أن ذلك كله باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين ، ويفسرون القرآن بآرائهم ؟

قال : فأقبل عليَّ فقال :

قد سألت فافهم الجواب :

إن في أيدي الناس : حق وباطلا ، وصدق وكذبا ، وناسخ ومنسوخا ، وعام وخاصا ، ومحكم ومتشابها ، وحفظ ووهما .

وقد كُذب : على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده ، حتى قام خطيبا ، فقال : أيها الناس : قد كثرت عليَّ الكذابة ، فمن كذب عليَّ متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار ، ثم كذب عليه من بعده .

وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس :

رجل منافق : يظهر الإيمان ، متصنع بالإسلام ، لا يتأثم ، ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمد ، فلو علم الناس أنه منافق كذاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالو : هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه ، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبره ، ووصفهم بما وصفهم ، فقال عز وجل :

{ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ (4) } المنافقون .

ثم بقوا بعده : فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان ، فولوهم الإعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا ، إلا من عصم الله ، فهذا أحد الأربعـة .

ورجل سمع من رسول الله شيئا : لم يحمله على وجهه ، ووهم فيه ، ولم يتعمد كذبا ، فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه ، فيقول : أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ، ولو علم هو أنه وهَم لرفضه .

ورجل ثالث : سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا أمر به ، ثم نهى عنه ، وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ، ثم أمر به ، وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولم علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه .

وآخر رابع : لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله ، مبغض للكذب ، خوفا من الله ، وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به كما سمع ، لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ .

فإن أمر النبي صلى الله عليه وآله : مثل القرآن ، ناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، ومحكم ومتشابه ، قد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان : كلام عام ، وكلام خاص ، مثل القرآن ، وقال الله عز جل في كتابه :

{ مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا (7) } الحشر .

فيشتبه : على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله .

وليس كل أصحاب : رسول الله صلى الله عليه وآله ، كان يسأله عن الشيء فيفهم ، وكان منهم من لا يسأله ولا يستفهمه ، حتى أن كانوا ليحبون أن يجيء الإعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا .

وقد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله :

كل يوم دخلة : وكل ليلة دخلة.

فيخليني فيها ، أدور معه حيث دار.

وقد علم : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري.

فربما كان في بيتي : يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله ، أكثر ذلك في بيتي.

وكنت : إذا دخلت عليه بعض منازله ، أخلاني وأقام عني نسائه ، فلا يبقى عنده غيري.

وإذا أتاني : للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بني.

وكنت إذا سألته : أجابني .

وإذا سكت : عنه وفنيت مسائلي ابتدأني.

فما نزلت : على رسول الله صلى الله عليه وآله آية من القرآن.

إلا أ قرأنيها : وأملاها عليّ ، فكتبتها بخطي.

وعلمني :

تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصها وعامها.

ودعا الله : أن يعطيني فهمها ، وحفظها.

فما نسيت : آية من كتاب الله ، ولا علما أملاه علي وكتبته.

منذ دعا الله لي : بما دعا ، وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام.

ولا أمر ولا نهي : كان أو يكون ، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية ، إلا علمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفا واحدا.

ثم وضع يده على صدري: ودعا الله لي أن يملا قلبي علم وفهم وحكم ونورا.

فقلت : يا نبي الله بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت، لم أنس شيئا ، ولم يفتني شيء لم أكتبه ، أ فتتخوف علي النسيان فيما بعد ؟

فقال : يا أخي لست أتخوف عليك النسيان و لا الجهل .

وقد أخبرني الله : أنه قد استجاب لي فيك.

وفي شركائك : الذين يكونون من بعدك.

قلت : يا نبي الله و من شركائي ؟

قال : الذين قرنهم الله بنفسه و بي ، الذين قال في حقهم :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ

أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِـي الأَمْـرِ مِنكُــمْ (59) } النساء .

فإن خفتم : التنازع في شيء ، فأرجعـوه إلى الله وإلى الرسـول وإلى أولي الأمـر منكم.

قلت : يا نبي الله و من هم ؟

قال : الأوصياء ، إلى أن يردوا عليّ حوضي كلهم هاد مهتد ، لا يضرهم كيد من كادهم ، و لا خذلان من خذلهم.

هم مـع القـرآن ، و القـرآن معهـم.

لا يـفـارقـونـه ، و لا يـفـارقـهـم.

بهم : ينصر الله أمتي ، و بهم يمطرون ، و يدفع عنهم بمستجاب دعوتهم.

فقلت : يا رسول الله سمهم لي ؟

فقال : ابني هذا و وضع يده على رأس الحسن.

ثم ابني هذا : و وضع يده على رأس الحسين.

ثم ابن ابني هذا : و وضع يده على رأس الحسين.

ثم ابن له على اسمي : اسمه محمد ، باقر علمي و خازن وحي الله ، و سيولد عليّ في حياتك.

يا أخي : فأقرئه مني السلام ، ثم تكملة الاثني عشر إماما من ولدك.

فقلت : يا نبي الله سمهم لي ؟ فسماهم لي رجلا رجلا منهم.

و الله يا أخا بني هلال :

مهدي هذه الأمة : الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا ، كما ملئت ظلما و جورا، و الله إني لأعرف جميع من يبايعه بين الركن و المقام ، وأعرف أسماء الجميع و قبائلهم .

أصول الكافي ج1ص63ح1 . ‏ كتاب ‏سليم‏ بن‏ قيس ص 621.

يا طيب : لو لم يكن في الأحاديث كلها إلا الحديث أعلاه لكان يجب علينا أن نقر لسيد الأوصياء بأنه أعلم الناس بسيد الكتب ، وبمعارف سيد المرسلين ، وأن آله وأولاده لهم العلم الحق بعده ، وكل من خالفهم لا شيء عنده ، فهم معلمي الهدى الحق ، وأحفظ الحديث عندك يا طيب لتعرف أن من تعلم من أمير المؤمنين والحسن والحسين وآلهم كالمتعلم من رسول الله مباشرة بحق ناسخ ومنسوخ وخاص وعام .

ويا طيب : بعد أن عرفنا علم الله ورسوله عند أمير المؤمنين وأبناءه المعصومين ومن علموهم ، نذكر مصداق وحقيقة كلام سيد الأوصياء ، في بيان اهتمام الحسن والحسين عليهم السلام في تعليم آله ومن يحيط بهم ويهدوهم للحق بعده، وأن أبا الفضل قمر بني هاشم أبا الفضل العباس بن علي وأخ الحسن والحسين عليهم السلام ، كان الطالب لحق والتلميذ المصاحب والخدم لمعارفهم تعلم وتعليم وعمل وطاعة وإخلاص وتفاني في العبودية لله تعالى كما بان في سيرته وسلوكه ومواقفه النبيلة في كربلاء .

أهمية العلم والتعليم عند الإمام الحسن عليه السلام :

عن الحسين بن زيد : عن عمه عمر بن علي عليه السلام قال :

خطب الحسن‏ بن‏ علي‏ عليه السلام :‏ الناس، حين قتل علي عليه السلام فقال:

قُبِضَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ : رَجُلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ الْأَوَّلُونَ بِعِلْمٍ ، وَ لَا يُدْرِكُهُ الْآخَرُونَ .

ما ترك : على ظهر الأرض صفراء و لا بيضاء ، إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه ، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله‏ .

ثم قال : يا أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، و من لم يعرفني .

فَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ : وَ أَنَا ابْنُ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ .

الدَّاعِي : إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ ، وَ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ .

أَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ : الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ فِيهِ جَبْرَئِيلُ وَ يَصْعَدُ .

وَ أَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ : { الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً } .

مسائل علي بن جعفر ص328ح817 .

وقال الإمام الحسن عليه السلام :

أَيُّهَا النَّاسُ : إِنَّهُ مَنْ نَصَحَ لِلَّهِ ، وَ أَخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلًا ، هدي‏ للتي هي أقوم‏ ، و وفقه الله للرشاد ، و سدده للحسنى ، فإن جار الله آمن محفوظ ، و عدوه خائف مخذول ، فاحترسوا من الله بكثرة الذكر ، و اخشوا الله بالتقوى ، و تقربوا إلى الله بالطاعة ، فإنه قريب مجيب .

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى‏ : { وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ‏ (182)} البقرة .

فاستجيبوا لله : و آمنوا به ، فإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم ، فإن رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا ، و عز الذين يعرفون ما جلال الله أن يتذللوا له ، و سلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له ، و لا ينكروا أنفسهم بعد المعرفة ، و لا يضلوا بعد الهدى‏ .

وَ اعْلَمُوا : عِلْماً يَقِيناً .

أَنَّكُمْ : لَنْ تَعْرِفُوا التُّقَى ، حَتَّى تَعْرِفُوا صِفَةَ الْهُدَى‏ .

وَ لَنْ تَمَسَّكُوا : بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ ، حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ .

وَ لَنْ تَتْلُوا الْكِتَابَ : حَقَّ تِلَاوَتِهِ ، حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي حَرَّفَهُ .

فَإِذَا عَرَفْتُمْ ذَلِكَ : عرفتم البدع و التكلف ، و رأيتم الفرية على الله و التحريف ، و رأيتم كيف يهوي من يهوي .

وَ لَا يُجْهِلَنَّكُمُ : الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، وَ الْتَمِسُوا ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِهِ .

فَإِنَّهُمْ : خَاصَّةً نُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِمْ ، وَ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِهِمْ بِهِمْ .

عَيْشُ الْعِلْمِ : وَ مَوْتُ الْجَهْلِ ، و هم الذين حكمهم عن علمهم ، و ظاهرهم عن باطنهم ، لا يخالفون الحق و لا يختلفون فيه . و قد خلت لهم من الله سنة و مضى فيهم من الله حكم ، إن في ذلك لذكرى للذاكرين .

وَ اعْقِلُوهُ‏ : إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ ، وَ لَا تَعْقِلُوهُ عَقْلَ رِوَايَةٍ .

فَإِنَّ رُوَاةَ : الْكِتَابِ كَثِيرٌ ، وَ رُعَاتَهُ قَلِيلٌ‏ ، وَ اللَّهُ الْمُسْتَعان‏.

تحف العقول ص227.

يا طيب : بعد أن عرفنا أهمية العلم ولتعليم والموعظة الإمام الحسن عليه السلام ، نذكر بعض الأحاديث في تعليمه لآله وأولاده ولأبي الفضل العباس أخيه منهم بالخصوص :

عن الإمام الحسن عليه السلام :‏

أنه دعا بنيه : و بني أخيه ، فقال :

إِنَّكُمْ : صِغَارُ قَوْمٍ .

وَ يُوشِكُ : أَنْ تَكُونُوا كِبَارَ قَوْمٍ‏ آخَرِينَ.

فَتَعَلَّمُوا : الْعِلْمَ ، فَمَنْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ أَنْ يَحْفَظَهُ .

فَلْيَكْتُبْهُ : وَ لْيَضَعْهُ فِي بَيْتِهِ .

منية المريد ص340ج 1 .بحار الأنوار ج2ص152ب 19ح37 .

وعن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

لما حضرت‏ : الحسن‏ بن‏ علي‏ عليه السلام‏ الوفاة .

قال : يا قنبر انظر هل ترى من وراء بابك مؤمنا من غير آل محمد عليهم السلام .

فقال : الله تعالى و رسوله و ابن رسوله أعلم به مني .

قال : ادع لي محمد بن علي ، فأتيته فلما دخلت عليه .

قال : هل حدث إلا خير ؟ قلت : أجب أبا محمد فعجل على شسع نعله فلم يسوه ، و خرج معي يعدو ، فلما قام بين يديه سلم .

فقال له الحسن‏ بن‏ علي‏ عليه السلام :‏ اجلس فإنه ليس مثلك يغيب عن سماع كلام يحيا به الأموات و يموت به الأحياء .

كُونُوا : أَوْعِيَةَ الْعِلْمِ ، وَ مَصَابِيحَ الْهُدَى .

فَإِنَّ ضَوْءَ النَّهَارِ : بَعْضُهُ أَضْوَأُ مِنْ بَعْضٍ .

أَ مَا عَلِمْتَ : أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ وُلْدَ إِبْرَاهِيمَ أَئِمَّةً ، و فضل بعضهم على بعض ، و آتى‏ داود زبورا ، و قد علمت بما استأثر به محمدا صلى الله عليه وآله .

يا محمد بن علي : إني أخاف عليك الحسد ، و إنما وصف الله به الكافرين .

فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : { كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ‏ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ‏ (10)} البقرة ، وَ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْكَ سُلْطَاناً .

يا محمد بن علي : أ لا أخبرك بما سمعت من أبيك فيك ؟ قال : بلى .

قال : سمعت أباك ، يقول يوم البصرة : من أحب أن يبرني في الدنيا و الآخرة ، فليبر محمدا ولدي .

يا محمد بن علي : لو شئت أن أخبرك و أنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك .

يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ : أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ، بَعْدَ وَفَاةِ نَفْسِي وَ مُفَارَقَةِ رُوحِي جِسْمِي ، إِمَامٌ مِنْ بَعْدِي وَ عِنْدَ اللَّهِ جَلَّ اسْمُهُ فِي الْكِتَابِ ، وِرَاثَةً مِنَ النَّبِيِّ أَضَافَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ فِي وِرَاثَةِ أَبِيهِ وَ أُمِّهِ .

فَعَلِمَ اللَّهُ : أَنَّكُمْ خِيَرَةُ خَلْقِهِ ، فَاصْطَفَى مِنْكُمْ مُحَمَّداً ، وَ اخْتَارَ مُحَمَّدٌ عَلِيّاً ، وَ اخْتَارَنِي عَلِيٌّ بِالْإِمَامَةِ ، وَ اخْتَرْتُ أَنَا الْحُسَيْنَ .

فقال له محمد بن علي : أنت إمام ، و أنت وسيلتي إلى محمد ، و الله لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام ، ألا و إن في رأسي كلاما لا تنزفه الدلاء ، و لا تغيره نغمة الرياح، كالكتاب المعجم في الرق المنمنم‏ ، أهم بإبدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل ، أو ما جاءت به الرسل ، و إنه لكلام يكل به‏ لسان الناطق و يد الكاتب حتى لا يجد قلما ، و يؤتوا بالقرطاس حمما .

فَلَا يَبْلُغُ : إِلَى فَضْلِكَ ، وَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُحْسِنِينَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ .

الْحُسَيْنُ : أَعْلَمُنَا عِلْماً ، وَ أَثْقَلُنَا حِلْماً ، وَ أَقْرَبُنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ رَحِماً كَانَ .

فَقِيهاً : قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ ، وَ قَرَأَ الْوَحْيَ قَبْلَ أَنْ يَنْطِقَ .

وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ : فِي أَحَدٍ خَيْراً ، مَا اصْطَفَى مُحَمَّداً ، فَلَمَّا اخْتَارَ اللَّهُ مُحَمَّداً ، وَ اخْتَارَ مُحَمَّدٌ عَلِيّاً ، وَ اخْتَارَكَ عَلِيٌّ إِمَاماً ، وَ اخْتَرْتَ الْحُسَيْنَ .

سَلَّمْنَا : وَ رَضِينَا ، مَنْ هُوَ بِغَيْرِهِ يَرْضَى ، وَمَنْ غَيْرُهُ كُنَّا نَسْلَمُ بِهِ مِنْ مُشْكِلَاتِ أَمْرِنَا .

الكافي ج1ص300ح2 .

قال الإمام الحسن‏ بن‏ علي‏ عليه السلام :

فضل : كافل يتيم آل محمد ، المنقطع عن مواليه ، الناشب في رتبة الجهل .

يُخْرِجُهُ : مِنْ جَهْلِهِ ، وَ يُوضِحُ لَهُ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ .

على فضل : كافل يتيم يطعمه و يسقيه ، كفضل الشمس على السها.

بحار الأنوار ج2ص3ب8 ح4. والسهى كويكب خفي من بنات نعش .

يا طيب : عرفت أهمية العلم والموعظة العامة عند الإمام الحسن عليه السلام ، وأهمية الموعظة الخاصة لآله بل لأطفال أخوته فضلا عن أخوته ، وعرفت أنه كان لا يلوي النصح لأخيه محمد بن الحنفية وكان كبير نسبتا بالعمر .

وإن قمر العشيرة : أبا الفضل العباس عليه السلام كان عمره 14 أربعة عشر سنة حين أستشهد ابيه أمير المؤمنين ، وسترى كيف كان يعتني بتعليمه وتربيته أمير المؤمنين ، والآن بعده تحت رعاية وكفالت الإمام الحسن عليه السلام ، وبهذا تعرف كيف تعلم من أبيه وأخيه الأكبر ، وهو إمامه مربيه بعد أبيهم الكريم .

وإذا عرفنا هذا : فلنتدبر في تعليم الإمام الحسين عليه السلام لآله ، وأهمية العلم والتعلم عنده عليه السلام .


أهمية العلم والتعلم عند الإمام الحسين عليه السلام :

يا طيب : إن الإمام الحسين عليه السلام ، كان كأبيه وأخية وجده معلم حق ومبين هدى ، وكان يعظ الناس ويذكرهم بالله ويهديهم للحق ، ولا يرى أحد يمكن أن يحدثه إلا ويبين له أن علم الله ورسوله وأبيه عنده ، ولذا تراه كان معلم لآله ولأخوته وبنيه بكل ما يسعه الزمان والمكان والحال ، ولمعرفة هذا المعنى نتدبر بعض الأحاديث في أهمية العلم والتعلم عنده عليه السلام وتعليمه للعباد ، بل وتقدير شأنهم ومحلهم عنده على قدر علمهم واهتمامهم بالعلم والمعرفة .

إن من يأتي الإمام الحسين يستقي حق العلم وأصوله :

عن الحارث بن حصيرة عن الحكم بن عتيبة قال :

لقي رجل : الحسين بن علي بالثعلبية و هو يريد كربلاء، فدخل عليه فسلم عليه.

فقال له الحسين عليه السلام : من أي البلدان أنت ؟

فقال : من أهل الكوفة .قال عليه السلام : يا أخ أهل الكوفة .

أما و الله : لو لقيتك بالمدينة .

لأريتك : أثر جبرائيل من دارنا ، و نزوله على جدي بالوحي .

يا أخا أهل الكوفة :

مستقى العلم : من عندنا .

أ فعلمو و جهلنا ، هذا ما لا يكون .

الكافي ج1ص398ح2 ، بصائر الدرجات ص11ح1 ، بحار الأنوار ج45ص93ب37ح34 .

و قال الإمام الحسين عليه السلام :

من أتانا : لم يعدم خصلة من أربع :

آية محكمة ، و قضية عادلة .

و أخا مستفادا ، و مجالسة العلماء .

كشف‏ الغمة ج2ص31ف8. نثر الدر للآبي ج1ص68. بحار الأنوار ج44ص195ب26ح9. وحقا ما قال سيدي : تدبر كلامه تراه عين الحق .

الإمام الحسين يعرفن أهمية دراسة العلم وحقائق العلماء :

قال الإمام الحسين عليه السلام :

دراسة العلم : لقاح المعرفة .

و طول التجارب : زيادة في العقل .

و الشرف : التقوى .

و القنوع : راحة الأبدان

ومن أحبك : نهاك ، ومن أبغضك أغراك .

من أحجم : عن الرأي ، وعييت به الحيل ، كان الرفق مفتاحه.

أعلام‏ الدين ص298. بحار الأنوار الجزء75ص127ب20ح10.

نعم يا مولاي : أبلغ الكلام وأنصحه وحقا على المؤمنين حفظه وتعليمه ، فالإمام الحسين عليه السلام : يحب العباد كلهم وعلمهم ما أستطاع ويحب آله وخوته وبنيه ، ولذا تراه كان يعلمهم وينهاهم ويأمرهم بكل ما يوصلهم لله ويبعدهم عن النار ، وأنظر.

قال الإمام الحسين عليه السلام :

من دلائل علامات القبول : الجلوس إلى أهل العقول .

ومن علامات : أسباب الجهل ، المماراة لغير أهل الكفر ( أي لأهل الفكر ).

ومن دلائل العلم :

انتقاده لحديثه ، وعلمه : بحقائق فنون النظر.

تحف ‏العقول ص247 . بحار الأنوار ج75ص119ب20ح2 .المماراة المجادلة والمعارضة لأهل الفكر من المؤمنين ومكايدتهم في تلوي وتعويج الكلام حتى ليحسب أنه حق وهو باطل في مقدماته ونتيجته .

الإمام الحسين لا يناظر من يتمارى بالدين :

يا طيب : عرفت في الموضوع السابق إن الجاهل يماري أهل الفكر ، ويكون سبب لطغيانه وكفره ، ومن لم يجادل ليفهم بل لكي يشبه ولا يقنع بالحق الأولى تركه ، وأنظر كلام الإمام هنا يعرفنا ما مر من كلامه :

روي أن رجلا قال للحسين بن علي عليه السلام :

اجلس : حتى نتناظر في الدين ؟

فقال عليه السلام :

يا هذا : أنا بصير بديني.

مكشوف علي هداي .

فإن كنت : جاهلا بدينك ، فاذهب و اطلبه ، ما لي و للمماراة .

و إن الشيطان : ليوسوس للرجل و يناجيه .

و يقول : ناظر الناس في الدين ، كيلا يظنوا بك العجز و الجهل .

ثم المراء : لا يخلو من أربعة أوجه :

إما أن تتمارى : أنت و صاحبك فيما تعلمان ، فقد تركتما بذلك النصيحة ، و طلبتما الفضيحة ، و أضعتما ذلك العلم .

أو تجهلانه : فأظهرت ما جهلا ، و خاصمتما جهلا .

أو تعلمه أنت : فظلمت صاحبك بطلبك عثرته .

أو يعلمه صاحبك : فتركت حرمته ، و لم تنزله منزلته .

و هذا كله محال .

فمن أنصف : و قبل الحق و ترك المماراة .

فقد أوثق إيمانه : و أحسن صحبة دينه ، و صان عقله .

بحار الأنوار ج2ص135ب17ح32.

لا كلام : بعد كلام الإمام في ترك الجاهل المماري المتبجح بالعلم ، والظالم الذي ولا يقبل الحق.

الإمام الحسين يعرفنا فضل تعليم يتامى أولياءهم وإنقاذهم :

قال الإمام الحسين بن علي عليه السلام :

من كفل لنا : يتيما ، قطعته عنا محنتنا باستتارنا .

فواساه :من علومنا التي سقطت إليه ، حتى أرشده و هداه .

قال الله عز و جل له : يا أيها العبد الكريم المواسي .

إني أولى بالكرم : اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر ، و ضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم .

تفسير الإمام‏ العسكري ص341ح 218 .الصراط المستقيم ج3ص55 .

و قال الحسين بن علي عليه السلام : لرجل ، أيهما أحب إليك :

رجل : يروم قتل مسكين قد ضعف ، تنقذه من يده .

أو ناصب : يريد إضلال ، مسكين مؤمن‏ من ضعفاء شيعتنا ، تفتح عليه ما يمتنع المسكين به منه ، و يفحمه و يكسره بحجج الله تعالى ؟

قال : بل إنقاذ هذا المسكين المؤمن من يد هذا الناصب .

إن الله تعالى يقول : { وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً (32) }المائدة.

أي : و من أحياها و أرشدها من كفر إلى إيمان .

فكأنما : أحيا الناس جميعا من قبل أن يقتلهم بسيوف الحديد .

تفسير الإمام‏ العسكري ص348ح 231 . بحار الأنوار ج2ص9ب8ح17 وقال بيان : إن الإحياء في الأول المراد به الهداية من الضلال ، و الإحياء ثانيا الإنجاء من القتل ، و قوله من قبل بكسر القاف و فتح الباء أي من جهة قتلهم بالسيوف .

وعن الإمام الحسين عن أبيه عن جده صلى الله عليهم وسلم قال :

أعطينا : أهل البيت سبعة ، لم يعطهن أحد قبلنا ، و لا يعطاها أحد بعدنا :

الصباحة : والفصاحة ، والسماحة ، والشجاعة .

والحلم : والعلم ، والمحبة من النساء .

وقال عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

حسب الرجل : دينه ، و مروته عقله ، وحلمه سروره ، و كرمه تقواه .

الجعفريات ص182 .

المعروف على قدر المعرفة وكرمه لإعرابي عارف :

يا طيب : ترى أن من يتقدم للقرب من أهل البيت ويطلب حاجة منهم ، ترى فيهم بذرة طيبة من كرامة النفس ، فيعرفون ممن يطلبون وما يقولون ، وقد ذكرنا قصص كرمه فيما سبق في مصباح الهدى عن قصة صافي وجوده عليه ، أو أكل لقمة وجدها حين الكلام عن أكله وشربه عليه السلام ، وغيرها مما عرفت في مشارق هذا الذكر من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام موسوعة صحف الطيبين .

نذكر الآن : قصة لأعرابي عارف بمحل الكرم، وقاصد لأهل الجود والحسن ، وعن معرفة ودراية تدل على معالي العلم والإيمان ، والتولي لأولياء الرحمان ، وقصده لسيد الكون في زمانه ويطلب منه الإحسان.

فيكرمه : الإمام الحسين عليه السلام على قدر معرفته ، وقد حكيت القصة في كثير من الكتب بأساليب متعددة ، وقد تكون نفسها بقصص متعددة ، فلنذكر أحدها كأصل لمعرفة إكرام وجود الإمام .

قال الفخر الرازي في تفسيره :

أعرابي قصد : الحسين بن علي رضي الله عنهم ، فسلم عليه وسأله حاجة .

وقال : سمعت جدك يقول :

إذا سألتم حاجة : فاسألوها من أحد أربعة :

إما عربي شريف ، أو مولى كريم .

أو حامل القرآن ، أو صاحب وجه صبيح .

فأما العرب : فشرفت بجدك ، وأما الكرم : فدأبكم وسيرتكم ، وأما القرآن : ففي بيوتكم نزل ، وأما الوجه الصبيح : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا أردتم أن تنظروا إليّ فانظروا إلى الحسن والحسين .

فقال الحسين : ما حاجتك ؟

فكتبها : على الأرض .

فقال الحسين : سمعت أبي علياً يقول :

قيمة : كل امرئ ، ما يحسنه .

وسمعت جدي يقول :

المعروف : بقدر المعرفة .

فأسألك عن ثلاث مسائل : إن أحسنت في جواب واحدة فلك ثلث ما عندي ، وإن أجبت عن اثنتين فلك ثلثا ما عندي ، وإن أجبت عن الثلاث فلك كل ما عندي ، وقد حمل إليّ صرة مختومة من العراق .

فقال : سل ولا حول ولا قوة إلا بالله .

فقال : أي الأعمال أفضل ؟

قال الأعرابي : الإيمان بالله .

قال : فما نجاة العبد من الهلكة ؟

قال : الثقة بالله .

قال : فما يزين المرء ؟

قال : علم معه حلم .

قال : فإن أخطأه ذلك ؟

قال : فمال معه كرم .

قال : فإن أخطأه ذلك ؟

قال : ففقر معه صبر .

قال : فإن أخطأه ذلك ؟

قال : فصاعقة تنزل من السماء فتحرقه .

فضحك الحسين : ورمى بالصرة إليه .

ويا طيب : ذكر الزمخشري ، رمى الصرة إليه ، وفيها ألف دينا ، وأعطاه خاتمه وفيه فص قيمته مائة درهم .

وقال : يا إعرابي أعط الذهب إلى غرمائك ، واصرف الخاتم في نفقتك ، فأخذ ذلك الإعرابي ، وقال : الله أعلم حيث يجعل رسالته .

تفسير الرازي ج1ص479 . تفسير النيسابوري ج1ص169 . المقتل للخوارزمي ج1ص225 .

يا طيب : قد رأيت أنه قد توسعنا في تعريف العلم عند أهل البيت عليهم السلام وأهميته ، ولعله عرفت أن الغرض هو لبيان علم قمر العشيرة أبا الفضل العباس عليه السلام ، وبهذا نعرف أن الإمام علي عليه السلام والإمام الحسن عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام ، أهتموا بتربية العباد بأعلى تربية ممكنة ، وإن أهل بيتهم كان لهم النصيب الأكبر من التعلم والمعرفة ، وبالخصوص العبد الصالح المطيع لله ورسوله والمجاهد الصابر الثابت ، والمطيع المخلص والوفي لأبيه وأخوته أبا الفضل العباس عليه السلام .

وإذ عرفت : أن الإمام الحسين عليه السلام يعامل الناس على قدر معرفتهم ، فتعلم أنه لم يجعل العباس قائد جيشه وحامل رايته وعلم شخصيته ، ورسوله لمجادلة القوم كما سيأتي في مواقف أبا الفضل العباس عليه السلام في يوم كربلاء ، فتعرف إن كل الاعتماد على قمر العشيرة في تسيير الأمور وجعله واجهة له في كل الأمور ، ما هو إلا لعلمه ولفضله ولشخصيته الكريمة ولعلو منزلته عنده ، ولما عنده من العلم والمعرفة والمعروف ، وبهذا تعرف أن علمهم عنده عليه السلام بل هو عَلمهم .




علم أهل البيت عند العباس :

يا طيب : أحاديث العلم وفضله وضرورة طلبه ووجوب تعليمه وأهميته في الدين كثيرة جدا ، وذكرنا قسم منها في شرح أبوذية باقر علم عليه السلام ، وفي كل الكتب الحديثية لعلمائنا السابقين تُقدم أبوابا في فضل العلم وضرورة تعليمه وتعلمه وآدابه ، وكلها عن أهل البيت عليهم السلام وبالخصوص عن أصحاب الكساء عليهم السلام ، وإن أهل البيت عليهم السلام أذا قرروا شيء فهم أول من يلتزمون به ثم يعلموه ، وما عرفت من علم الإمام علي عليه السلام ، يدل على أنه كان كما تعلم من رسول الله وهو يعلم آله وأهل بيته الكرام ، ومنهم العباس بن علي عليه السلام ، وسترى قصة كريمة.

كما أن الإمام الحسن والحسين عليهم السلام : كانوا يحثون على العلم ويطالبون أولادهم وآلهم أن يتعلموه ، وأبو الفضل العباس عليه السلام كما هو تلميذ وطالب ومتعلم من أبيه فهو متعلم من أخوته وهم حجج الله وولاة أمره ولهم علم كل أمر في ليلة القدر من الله تعالى ، فضلا عما يلهمهم به ، وأول متعلم منهم أخوتهم وأولادهم ثم باقي الناس ، وكانت لهم جلسات تعليم الهدى ، ولم يظفروا بفترة من الزمن ولا جلسة حتى قصيرة مع أحد إلا ويفتقون له أبواب العلم ويعلموه ، فإن لم يسألهم يبادروه ، وهو أدب لهم من رسول الله وأمير المؤمنين عليه السلام ، وتشهد لهم كثرة العلوم المنتشرة منهم .

ويا طيب : بعد أن عرفنا هذا نذكر مختصرا في تعلم أبا الفضل العباس وعلمه ، ويكفي أن أختاره الإمام الحسين عليه السلام قائد جيشه ووزيره ، ليعرفنا على بصيرته ، وهو الذي يضع الناس مواضعهم ، وكان معه من حملة القرآن ومعلميه زهير بن القين وبرير ومسلم بن عوسجة وحبيب بن مظاهر وغيرهم، بل كل كان معه كان من أهل البصيرة والعلم ، وفيم من كبار صحابته أبيه بل وجده ومعلمي القرآن في الكوفة ، ولكن أعطى رايته العباس عليه السلام لفضله ولنفوذ بصيرته وصلابته في الإيمان .

أبا الفضل صلب الإيمان نافذ البصيرة :

روى أبو عمر البخاري : عن المفضل بن عمر، أنه قال :

قال الإمام الصادق عليه السلام :

كان عمنا : العباس بن علي عليه السلام

نافذ : البصيرة .

صلب : الايمان .

جاهد : مع أبي عبد اللّه ، و أبلى بلاء حسنا ، و مضى شهيدا .

عمدة الطالب ص 349 . شرح الأخبار للفيد ج3ص191 .

نافذ البصيرة : أي ذو علم وحلم وحكمة وقوة شخصية وبيان ، ومع قدرة إيمان وإخلاص وتفاني في طاعة الله ورسوله بإطاعة ولي أمره عليهم السلام ، وهذا الحديث عن ولي الله الإمام الصادق عليه السلام، علامة فخر وعلم وموهبة ونفوذ شخصية لأبي الفضل العباس عليه السلام ، ويبن لنا أن علم آل البيت عنده ، وأنه علم من أعلامهم .

قصة أبا الفضل العباس والتوحيد :

عن مجموعة الشهيد قيل :

لَمَّا كَانَ : الْعَبَّاسُ وَ زَيْنَبُ ، ولدي علي عليه السلام صغيرين .

قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام :لِلْعَبَّاسِ : قُلْ وَاحِدٌ .

فَقَالَ : وَاحِدٌ .

فَقَالَ : قُلِ اثْنَانِ .

قَالَ : أَسْتَحِي أَنْ أَقُولَ بِاللِّسَانِ الَّذِي قُلْتُ وَاحِدٌ اثْنَانِ .

فَقَبَّلَ عَلِيٌّ عليه السلام : عَيْنَيْهِ .

ثم التفت : إلى زينب و كانت على يساره ، و العباس عن يمينه .

فقالت : يا أبتاه أ تحبنا ؟

قال : نعم يا بني ، أولادنا أكبادنا .

فقالت : يا أبتاه حبان لا يجتمعان في قلب المؤمن ، حب الله و حب الأولاد .

و إن كان : لا بد لنا ، فالشفقة لنا ، و الحب لله خالصا .

فازداد علي عليه السلام : بهما حبا .

و قيل : بل القائل الحسين عليه السلام.

مستدرك ‏الوسائل ج15ص215ب 79 ح18040-16 .

وفي رواية أخرى قال النوري : عن القطب الراوندي في لب اللباب مرسلا :

كان لعلي بن أبي طالب عليه السلام : أبن و بنت ، فقبل الأبن بين يدي البنت .

فقالت : أ تحبه يا أبه ؟ قال : بَلَى .

قَالَتْ : ظَنَنْتُ أَنَّكَ لَا تُحِبُّ أَحَداً مِنْ دُونِ اللَّهِ ؟

فَبَكَى ثُمَّ قَالَ : الْحُبُّ لِلَّهِ وَ الشَّفَقَةُ لِلْأَوْلَادِ .

مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل ج‏15ص171ب 65 ح17898-1 .

يا طيب : قوله صغيرين تغليب لكون القصة حكايتها عن الصغير وهو أبو الفضل العباس عليه السلام، وأما العقيلة زينب عليها السلام فهي أكبر منه بكثير ، وتدل القصة أنه كان يعلم الحساب لصغير لا يعرف تعداد العدد ، وكلام زينب عليها السلام في التمييز بين الحب والشفقة يدل على علم واسع وكبر في السن معتد به ، ولعله يشيب والمرء ولا يميز بينهما ، وإن الحب الحقيقي توله بالمحبوب يشغل عن غيره إلا لضرورة ، والشفقة هي حب خفيف وفيه الرقة والعطف والرحمة وحب النصح والسعادة والخير والبركة للمشفق عليه ، ك الشَّفَقُ‏ و هو النور الضعيف الرخو الدقيق بعد غروب الشمس.

قصة تحكي واقع العلم عند أبا الفضل :

وسمعت قصة : وهي إن كانت حقيقة أو للتذكرة والموعظة ، فهي تحكي حقيقة قد تخطر بخاطر من يضعف إيمانه بشأن آل محمد عليهم السلام الكريم وفضلهم ومناقبهم ، وبالخصوص عمن يغفل عن سيرتهم وسلوكهم وما كرم الله به بني هاشم الأوفياء منهم :

سمعت : أن أحد العلماء ومدرس للعلوم ومعتدا بنفسه مغرورا بعلمه ، وكان يزور الإمام الحسين عليه السلام ، ولا يزور أبا الفضل العباس عليه السلام .

وحين : سأل عن السبب ؟

قال : أنا أعلم منه درست عند فلان عالم وفلان عالم ، وإنا مدرس للعلوم .

فجائه العباس : في الطيف والحلم وهو نائم .

فقال له : أنا درست عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وعند سيدا شباب أهل الجنة وهم أعلم الناس ، وكنت لهم كما كان أبي لأخيه سيد المرسلين وخاتم النبيين .

فلما أستيقظ : فطن لغروره وخطله ، فذهب مسارعا لزيارته وواظب عليها معتذرا نادما تائبا مما كان منه .

فالعباس عليه السلام : عين التضحية والفداء ، وعين العلم والمعرفة ، ويكفيه أنه كان قائد جيش الإمام الحسين عليه السلام وحامل رايته ، ، ولولا بصيرته وفطنته في الحرب وفي تدبير الأمور لما جعلها عنده سيد شباب أهل الجنة والشهداء ، ولولا أدبه وأنه لا يتكلم في زمن أخوته وأئمته وقادته إلا بأمرهم لنشرت منه معارف جمه وعلما وافرا ، و لعرفناه باب لعلم للأئمة عليهم السلام ، كأبيه باب علم رسول الله.

والله تعالى : كرمه بهذه الكرامة لفضله وعلمه وقوة إخلاصه في عبوديته ، فجعل مرقده مزار للمؤمنين وسلم عليه ويصلى عليه ويعترف ويقر له بالعلم والمعرفة والجهاد والوفاء والثبات ، وهو فعلا أمل قضاء الحوائج للمنكوبين ، يدعى فيستجاب له و لمن يطلب منه الشفاعة عند الله ، فهو رايته وشارته معروفة لكل من سأل الله بحقه وكل من طلب منه أن يدعو له ويقضي حاجته ، وقصصه أكثر من أن يسعها هذا المختصر .

وإذا عرفنا هذا : في علم أبا الفضل العباس وتعليمه ، فلنتعرف على بعض أحواله وقوة شخصيته عليه السلام ، وأنه كان علم من أعلام بني هاشم وقمرهم عليه السلام .


أبو فاضل الوفي مولى للأئمة سادتنا وقادتنا و هو علمهم

معنى لغوي لعَلمهم رايتهم :

عَلمهم : علم القوم ، شخصية كريمة وفرد فاضل فيهم ، ومتميز بالوفاء والشهامة والشجاعة ، وإنسان كامل الصفات الحميدة وذو أخلاق إسلامية فاضلة والآداب الحسنة ، و عَلَمَه‏ يَعْلُمُه‏ و يَعْلِمُه‏ عَلْماً وَسَمَهُ. و العَلامةُ: السِّمَةُ ، و الجمع‏ عَلامٌ‏ ، و عَلَّمَ‏ نَفسَه و أَعْلَمَها وَسَمَها بِسِيما الحَرْبِ ، و رجل‏ مُعْلِمٌ‏ إذا عُلِم‏ مكانهُ في الحرب‏ بعَلامةٍ أَعْلَمَه ا، و أَعْلَمَ‏ حمزةُ يومَ بدر؛ و أَعْلَمَ‏ الفارِسُ جعل لنفسه‏ عَلامةَ الشُّجعان ؛ و يقال‏ عَلَمْتُ‏ عِمَّتي‏ أَعْلِمُها عَلْماً، و ذلك إذا لُثْتَها على رأْسك‏ بعَلامةٍ تُعْرَفُ بها عِمَّتُك؛ و قَدَحٌ‏ مُعْلَمٌ‏ فيه‏ عَلامةٌ؛ و المَعْلَمُ‏ ما جُعِلَ‏ عَلامةً و عَلَماً للطُّرُق و الحدود مثل‏ أَعلام‏ الحَرَم و معالِمِه‏ المضروبة عليه. و قيل: المَعْلَمُ‏ الأَثر. و العَلَمُ‏: المَنارُ. و العَلامة و العَلَمُ‏: شي‏ء يُنْصَب في الفَلَوات تهتدي به الضالَّةُ ويعرف به الطريق .

و أَعلامُ‏ القومِ : ساداتهم وشخصياتهم المهمة التي يشار لهم بالفضل والمعرفة وقوة الشخصية ويقصد بالمهام وله جاه و وجاهه ، و كذلك‏ مَعْلَم‏ الدِّين . و مَعْلَم‏ كلِّ شيء مظِنَّتُه ، و فلان‏ مَعلَمٌ‏ للخير ، و إنك غُلَيِّمٌ‏ مُعَلَّم‏ ، أي مُلْهَمٌ للصوابِ و الخير .

و في الحديث ذكر: الْأَعْلَام‏ و المنار، فَالْأَعْلَام‏: جمع‏ عَلَم‏ و هو الجبل الذي‏ يُعْلَمُ‏ به الطريق، و الْمَنَار بفتح الميم: المرتفع الذي يوقد في أعلاه النار لهداية الضلال و نحوه.

و أَعْلَام‏ الأزمنة : هم الأئمة عليهم السلام، لأنهم يهتدى بهم، ومنه حديث يوم الغدير : الذي نُصب فيه أمير المؤمنين عَلَماً للناس، ومنه سيد الشهداء نصب أخيه أبا الفضل في كربلاء علما ، و قمر بني هاشم علما من أعلامهم المشار له بالفضل والوفاء.

اسم أبا الفضل ولقبه وكناه ومولده :

يا طيب : من يكون عنده علم أهل البيت وعنايتهم ورعايتهم ، ومن يجعلوه قائد من قوادهم ، فضلا عن كونه منهم وهم منه ، ويشهدون له بصلابة الإيمان ونفاذ البصيرة والشأن الكبير في الدنيا والآخرة ، ويجعلوه منارا يهتدى به ويشار له بزيارات كريمة فيها بيان لعظمته ، لهو عالم وعَلم من أعلام أهل البيت عليهم السلام ، وعرفنا أدبه وعلمه ، فلنتعرف على بعض الأحوال الشخصية لقمر بني هاشم أبا الفضل العباس عليه السلام :

مولده :

ولد العباس عليه السلام : يوم 4 شعبان سنة 26 ست و عشرين من الهجرة .

و عاش مع أبيه عليه السلام : 14 أربع عشرة سنة ، حضر بعض الحروب، فلم يأذن له أبوه بالنزال.

و مع أخيه الحسن إلى : 24 أربع و عشرين سنة .

و مع أخيه الحسين إلى أن بلغ : 34 أربعا و ثلاثين سنة .

أبصار العين ص 26 . شرح الأخبار ج‏3ص194 .

وأستشهد : أبا الفضل العباس مع الحسين عليه السلام في كربلاء ، وكان قائد جيشه ووزيره وحامل رايته ، وله مرقد في كربلاء له منارة عالية وقبة شامخة تبين بعض شأنه الكريم وعلو قدره عند أهل البيت وشيعتهم ، ويزار ويسلم عليه ويطب منه الحوائج فيستجيب الله تعالى لهم بفضله وتقديرا لوفائه وتضحيته ، فسلام الله عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا .

ألقاب العباس وكناه:

يا طيب : أشهر القاب العباس عليه السلام :

قمر بني هاشم ، وذكروا أيضا السقاء .

ومقاربة لها كني : أبا قربة ، وستعرف أهمية الماء حين نذكر عطش الحسين عليه السلام ، وجهاده في محاولة جلبه حتى استشهد .

وأما كناه : فأربعة :

فأشهرها بل الوحيدة هو أبو الفضل ، وذكر أبو محمد .

وعنده ولد أسمه : عبيد الله ، ويصح تكنيته به . وأبا قربة .

وأما الروايات في ألقابه وكناه فهي :

لقب قمر بني هاشم :

في تسلية المجالس :

و كان العبّاس‏ : رجلا جسيما ، و سيما جميلا .

و كان : يركب الفرس المطهّم‏ ، و رجلاه تخطّان الأرض .

و كان يقال له : قمر بني هاشم .

و كان : لواء الحسين عليه السلام معه يوم قتل.

مقاتل الطالبيين ص56 . وتسلية المجالس ج2ص328 . المطهم القوي الرشيق التام البارع الجمال.

وذكر بن شهر آشوب :

وَ كَانَ الْعَبَّاسُ : السَّقَّاءُ .

قَمَرُ بَنِي‏ هَاشِمٍ‏ : صَاحِبَ لِوَاءِ الْحُسَيْنِ .

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج4 ص108 .

لقب السقاء :

في الاختصاص : العباس بن علي بن أبي طالب .

و هو : السقاء ، قتله حكم بن الطفيل .

الاختصاص 82 .

وقال في شرح الأخبار :

و سمّي العباس: السقّاء .

لأن الحسين عليه السلام : عطش ، و قد منعوه الماء، و أخذ العباس قربة و مضى نحو الماء ، و اتبعه إخوته: من‏ ولد علي عليه السلام: عثمان و جعفر و عبد اللّه ، فكشفوا أصحاب عبيد اللّه عن الماء. و ملأ العباس القربة، و جاء بها فحملها على ظهره الى الحسين وحده، و قد قتل إخوته‏ .

شرح الأخبار ج3ص182 ح1125 . ويقصد بأخوته : و هو أكبر اخوته لامه و أبيه و هو آخر من استشهد منهم ، والحسين عليه السلام بعده ، كما روي تفصيل آخر لمقتلهم تجده في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام من موسوعة صحف الطيبين .

كنية أبا الفضل :

قال أبو الفرج في المقاتل :

العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام :

ويكنى : أبا الفضل .

مقاتل الطالبيين لأبو الفرج الأصفهاني ص55 .

كنية أبا قربة والسقاء:

وذكر : قال جرمي بن العلاء عن الزبير عن عمه.

ولد العباس بن علي عليه السلام :

يسمونه : السقا .

و يكنونه : أبا قربة .

وما رأيت : أحدا من ولده ، ولا سمعت عمن تقدم منهم هذا.

مقاتل الطالبيين لأبو الفرج الأصفهاني ص55 .

روى أبو مخنف : أنه لما منع الحسين عليه السلام و أصحابه من الماء ، و ذلك قبل أن يجمع على الحرب اشتدّ بالحسين و أصحابه العطش.

فدعا أخاه العباس : فبعثه في ثلاثين فارسا و عشرين راجلا ليلا ، فجاؤوا حتى دنوا من الماء، و استقدم نافع ، فمنعهم عمرو بن الحجاج .

فامتنعوا منه : بالسيوف، ملأوا القربة ، و أتوا بها ، و العباس بن علي و نافع يذبان عنهم ، و يحملان على القوم حتى خلصوا بالقربة الى الحسين .

فسمي : بالسقّاء ، و أبا القربة .

ابصار العين ص 27 .

كنية أبو محمد :

وقال في نزهت الألباب :

أبو قربة : العباس بن علي بن أبي طالب

كنيته : أبو محمد .

نزهة الألباب في الألقاب ج2ص270 ر 3066 .

كنية أبو عبيد الله :

إن لأبي الفضل العباس عليه السلام : ابن اسمه عبيد الله ، ويمكن تكنيته به ، كما جاء عن الصدوق بسنده : عن ثابت بن أبي صفية قال:

نظر : سيد العابدين علي بن الحسين عليه السلام إلى :

عُبَيْدِ اللَّهِ : بْنِ عَبَّاسِ‏ بْنِ‏ عَلِيِ‏ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : فَاسْتَعْبَرَ.

ثم قال : .... و لا يوم كيوم الحسين عليه السلام ازدلف عليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة ، كل يتقرب إلى الله عز و جل بدمه و هو بالله يذكرهم فلا يتعظون حتى قتلوه بغيا و ظلما و عدوانا .

ثم قال عليه السلام : رحم الله العباس ، فلقد آثر و أبلى ، و فدى أخاه بنفسه ، حتى قطعت يداه فأبدله الله عز و جل‏ بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة ، كما جعل لجعفر بن أبي طالب .

و إن للعباس : عند الله تبارك و تعالى ، منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة..

الأمالي للصدوق ص 462م70ح10 .


اسم أمه أم البنين المكرمة :

أسمها ونسبها :

اسم أمه : أمّ البنين ، فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر .

المعروف : بالوحيد ، بن كلاب بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة

ابصار العين ص 26. الاختصاص 82 .

وذكر محقق شرح الأخبار : و أقامت أمّ البنين زوجة أمير المؤمنين ، العزاء على الحسين عليه السلام، و اجتمع عندها نساء بني هاشم يندبن الحسين و أهل بيته .

و بكته : أمّ سلمة ، و قالت : فعلوها ملأ اللّه قبورهم نارا.

قوة إيمانها :

و قال المامقاني في تنقيح المقال :

و يستفاد : من قوة إيمانها ، أن بشرا كلما نعى إليها أحدا من أولادها الاربعة .

قالت ما معناه : أخبرني عن الحسين .

فلما نعى : إليها الحسين .

قالت : قد قطعت أنياط قلبي ، أولادي كلهم فداء لأبي عبد اللّه الحسين عليه السلام ، و من تحت الخضراء ... الحديث.

رثائها للعباس وأخوته :

قال أبو الحسن الأخفش في شرح الكامل:

و قد كانت : تخرج إلى البقيع كل يوم ترثيه ، تحمل ولد العباس‏ عبيد اللّه ، فيجتمع لسماع رثائها أهل المدينة ، و فيهم مروان بن الحكم ، فيبكون لشجى الندبة .

و من قولها رضي اللّه عنها :

يا من رأى العباس كر على جماهير النقد

و وراه من أبناء حيدر كل ليث ذي لبد

انبئت أن ابني اصيب برأسه مقطوع يد

ويلي على شبلي أمال برأسه ضرب العمد

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام ج3ص186 .

وذكر صاحب مقاتل الطالبيّين : انّ العبّاس بن عليّ بن أبي طالب، و عثمان ابن عليّ بن أبي طالب، و جعفر بن عليّ بن أبي طالب، و عبد اللّه بن عليّ بن أبي طالب هؤلاء الأربعة صلّوا مع الحسين عليه السلام .

و كانت امّهم : أمّ البنين بنت‏ حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيل‏ ، و هو عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة .

و كان العبّاس : أكبرهم، و هو آخر من قتل من إخوته لامّه و أبيه.

و كانت أمّ البنين : أمّ هؤلاء الإخوة الأربعة ، تخرج إلى البقيع فتندب بنيها أشجى ندبة و أحرقه .

فيجتمع : الناس إليها يسمعون منها ، و كان مروان يجيء فيمن يجيء فيسمع ندبتها و يبكي، ذكر ذلك محمد بن علي بن حمزة عن النوفلي عن حماد بن عيسى الجهني عن معاوية بن عمار عن جعفر بن محمد عليه السلام .

تسلية المجالس ج2ص330 . مقاتل الطالبيين ص 59. بحار الأنوار ج45ص40 .

وقالت أم البنين الوحيدية : تزفن ابنها العباس بن علي بن أبي طالب عليهما السلام : الرجز :

أعيذه بالواحد _ من عين كل حاسد

قائم والقاعد _ مسلمهم والجاحد

صادرهم والوارد _ مولودهم والوالد

وباركن يا رب في بنيه .

وقالت أيضاً : الرجز :

احفظ جبيراً من سيوف فارس

وجنبنه عارض الوساوس

واحفظه من كل زحير حادس

زينن رب به المجالس

المنمق في أخبار قريش ص351 .

والظاهر : أن جبير كان أخيها وهو في غزو فارس ، فدعت الله له .


العباس علم من أعلام بني هاشم :

يا طيب : عرفنا بأن أبا الفضل العباس عليه السلام ، كان صلب الإيمان نافذ البصيرة مجاهد ، له مقام عالي في الجنة ، وكان تلميذ فاضل وذو علم وهو في صغره ، وكله يدل على أنه شخصية كريمة وأنه يشار له بالفضل والكرامة وعلوم المنزلة ، وأنه عالِم و عَلم وسيد من سادات بني هاشم وشخصية فذه من أعلام آل محمد عليهم السلام وأنهم منهم وهم منه ، والآن يا طيب لنتعرف على بعض معالم شخصيته الكريمة .

وصف العباس عليه السلام :

وفي تسلية المجالس :

و كان العبّاس‏ : رجلا جسيما و سيما جميلا .

و كان : يركب الفرس المطهّم‏ و رجلاه تخطّان الأرض .

و كان يقال له : قمر بني هاشم ، و كان لواء الحسين عليه السلام معه يوم قتل.

مقاتل الطالبيين ص55 .تسلية المجالس ج2ص328 . بحار الأنوار ج45ص40 .

ثناء للعباس من الإمام السجاد :

في أمالي الصدوق والخصال : عن الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن اليقطيني، عن يونس ابن عبد الرحمان، عن ابن أسباط، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت ابن أبي صفية الثمالي قال :

نظر علي بن الحسين سيد العابدين عليه السلام : إلى عبيد الله ابن العباس بن علي بن أبي طالب عليهم ، فاستعبر .

ثم قال : ما من يوم أشد على رسول الله صلى الله عليه وآله من يوم احد .

قتل فيه : عمه حمزة بن عبد المطلب ، أسد الله ، وأسد رسوله .

وبعده يوم مؤتة : قتل فيه ابن عمه ، جعفر بن أبي طالب .

ثم قال عليه السلام : ولا يوم كيوم الحسين .

ازدلف إليه : ثلاثون ألف رجل ، يزعمون أنهم من هذه الأمة ، كل يتقرب إلى الله عزوجل بدمه .

وهو عليه السلام : بالله يذكرهم ، فلا يتعظون .

حتى قتلوه : بغيا ، وظلما ، وعدوانا .

ثم قال عليه السلام : رحم الله العباس.

فلقد : آثر ، وأبلى ، وفدى أخاه بنفسه ، حتى قطعت يداه .

فأبدل : الله عز و جل بهما ، جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة .

كما جعل : لجعفر بن أبي طالب عليه السلام .

وإن للعباس : عند الله عز وجل منزلة .

يغبطه بها : جميع الشهداء، يوم القيامة.

أمالي الصدوق ص277 م70ح1 . مثله مع أختصار في الخصال: 1: 37. بحار الأنوار ج22ص274 ، و ج44ص298ح4 .

يا طيب : لا يغبط الشهداء وهم لهم المقام العالي أحدا إلا وإن يكون له حقيقة مقام عالي حتى الشهداء لم يصلوا له فضلا عن غيرهم ، ولا يكون هذا في الآخرة ، إلا لمن هو حقيقة كونه في الدنيا علم من أعلام الدين ومن أهل الإيمان واليقين ، وسيد من سادات أهل الدنيا مخلصا لله الدين ، وهذا الوصف يكفي ليعرفنا أن أبا الفضل العباس له الشأن الكريم والمقام العظيم وهو أقرب الناس لأبيه وأخوته منزلة يوم القيامة في أعلى عليين ، ولم يكن كذلك إلا وأنه كان في الدنيا عالما فاهما ومتبحرا في العلم وعنده حقيقة علمهم ومعارفهم ، وأنه علم من أعلامهم وسيد من سادات بني هاشم وآل محمد عليهم السلام ، وهذا الحديث يكفي له شرفا ومنقبة وفضلا وعزا وكرامة ، فيسلم عليه ويصلى عليه ويقر له بالوفاء والنصيحة والجهاد والصبر والتضحية والفداء للدين والكون في جنب الله تعالى .

العباس نافذ البصيرة :

قال الإمام أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام في حقه :

كان عمّنا : العباس‏ بن علي عليه السلام.

نافذ البصيرة : صلب الإيمان .

جاهد : مع أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام .

و أبلى : بلاءً حسناً ، و مضى شهيداً.

عمدة الطالب ص 349 . شرح الأخبار ج3ص191 .

يا طيب : عرفنا هذا في علمه ، وهنا نؤكد على أنه قائد ومجاهد ، ومن يقود قوم فلابد أن يكون علما لهم معلم ، وعلم من أعلامهم ، وبالخصوص يؤيد هذا أنه بتنصيب سيد شباب أهل الجنة وسيد الشهداء أبا عبد الله الحسين عليه السلام وهو الذي يعامل الناس ويقدمهم على قدر شأنهم ومعروفهم كما عرفت ، ولهذا يجعل رايته عند أبا الفضل كما ستعرف فيا يأتي إن شاء الله .


مواقف العباس مع الإمام الحسين عليه السلام :

في المدينة والسفر :

يا طيب : مواقف أبا الفضل العباس مع الإمام الحسين عليه السلام في كل أحواله هو إقرار مولى لمولاه وعبد لسيده ومطيع لإمامة ، وتلميذ لأستاذه وطالب لمعلمه ، لا يتجاوزه في بيان ولا يتقدمه في خطوة ، ومتواضع له في كل ما يعرف حال المؤمن المتقي الموقن لأبيه وأخيه الأكبر الذي هو بمنزلة الأب .

وأبا الفضل العباس عليه السلام : كان لا يفارق أخيه في مهمة ولا في شأن في أوسع الأمور ويسر الأحوال ، فكيف والإمام الحسين في أهم مهمة له في حياته وأشدها محنة وأصعبها في الظروف التي مرت عليهم ، وما عرفت وستعرف من أحواله في كربلاء وطاعته له وامتثاله لأوامره ، تعرف أنه كان المبادر والمقدم في كل الأمور التي يحتاجها الإمام الحسين عليه السلام ، فتراه الوزير المساعد النصوح في كل حله وترحاله ، وله تصدر الأوامر في شد الرحال والنزول والسفر والمقام ، فيتقدم بتنفيذ كل شأن المرافقين للإمام في الطريق والرحلة والترحال والمقام في كل مسير آل محمد عليهم السلام من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ومنها إلى كربلاء .

وأبا الفضل عليه السلام : وهو الكفيل والكافل والمتكفل لكل أمور يحتاجها الركب الحسين في مسيرهم المقدس في كل منزل وسفر ، وتتيقن هذا بما سترى أحواله في كربلاء.

وكذا كان أبا الفضل العباس عليه السلام : يوم دخل الإمام الحسين على طاغية زمانه ومتولي المدينة وأخبره بضرورة البيعة ليزيد ، والإمام الحسين جمع قبل أن يدخل عليه ثلاثين شخصا من بني هاشم ، وقال لهم قفوا بالباب ، فإن علا صوتي فأدخلوا ، وحتما كان أبا الفضل العباس القائد لهم وحامل الواء والآمر والمنفذ لما يتطلب الموقف ، وكذا حين شد الرحال ومساعدة أخوته وخواته وأبناءهم وكل من رافقهم ، وهو المستشار والمنفذ لتقديم كل ما يحتاجوه في كل شؤونهم ، كما هو في كربلاء كان حامل الراية والواء والمقدم في كل الأمور ، وهذا موقف كريم له ، ويتبين حاله مما سترى في المواضيع الآتية ، فتدبر .

العباس يستسقي الماء :

ذكر الطبري : في أحوال أول أيام كربلاء ، أن عمر بن سعد ، أمّر عمرو بن الحجاج على خمسمائة فارس ، فنزلوا على الشريعة ، وحالوا بين حسين وأصحابه وبين الماء أن يسقوا منه قطرة ، وذلك قبل قتل الحسين بثلاث .

قال : ونازله عبد الله ابن أبى حصين الازدي وعداده في بجيلة .

فقال : يا حسين ألا تنظر إلى الماء ، كأنه كبد السماء ، والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا .

فقال الحسين : اللهم اقتله عطشا ، ولا تغفر له أبدا .

قال حميد بن مسلم : والله لعدته بعد ذلك في مرضه فوالله الذى لا إله إلا هو ، لقد رأيته يشرب حتى بغر ثم يقئ ، ثم يعود فيشرب حتى يبغر فما يروى ، فما زال ذلك دأبه حتى لفظ غصته ، يعنى نفسه .

قال : ولما اشتد على الحسين وأصحابه العطش .

دعا الحسين : العباس بن على بن أبى طالب أخاه .

فبعثه : في ثلاثين فارسا ، وعشرين راجلا .

وبعث معهم : بعشرين قربة ، فجاءوا حتى دنوا من الماء ليلا .

واستقدم: أمامهم باللواء نافع بن هلال الجملي .

فقال عمرو بن الحجاج الزبيدي : من الرجل ، فجئ ما جاء بك ؟

قال : جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلاتمونا عنه . قال : فاشرب هنيئا ؟

قال : لا والله لا أشرب منه قطرة وحسين عطشان ، ومن ترى من أصحابه ، فطلعوا عليه ، فقال : لا سبيل إلى سقى هؤلاء ، إنما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء .

فلما دنا : منه أصحابه ، قال لرجاله : أملئوا قربكم ، فشد الرجالة فملئوا قربهم .

وثار إليهم: عمرو بن الحجاج وأصحابه.

فحمل عليهم : العباس ابن علي ، ونافع بن هلال ، فكفوهم .

ثم انصرفوا : إلى رحالهم .

فقالوا : امضوا ووقفوا دونهم ، فعطف عليهم عمرو بن الحجاج وأصحابه واطردوا قليلا ، ثم إن رجلا من صداء طعن من أصحاب عمرو بن الحجاج ، طعنه نافع بن هلال فظن أنها ليست بشيء ، ثم إنها انتقضت بعد ذلك فمات منها .

وجاء أصحاب الحسين : بالقرب فأدخلوها عليه .

تاريخ الطبري ج4ص312 .

يا طيب : رأيت أن أبا الفضل العباس عليه السلام ، كان قائد مجموعة كريمة فيهم كبار السن وصحابة أمير المؤمنين ، ومن هم في الفضل والعلم يشار لهم بالبنان ومعلمي القرآن في مسجد الكوفة ، فيجعل الإمام الحسين عليه السلام ، أبا الفضل قائدا عليهم ، وهو بنفر قليل معه كانوا أمام خمسمائة مقاتل من العدو وأخذو الماء وجاءوا به للإمام الحسين عليه السلام ، فيدل بحق على أنه نافذ البصير ومجاهد وعلما من أعلام بني هاشم رضوان الله عليهم .

العباس وأخوته يرفضون أمان بن زياد :

يا طيب : في اليوم التاسع من المحرم وصل شمر بن ذي الجوشن وجماعة وبيدهم رسالة من عبيد الله بن زياد لعمر بن سعد قائد جيشه في كربلاء ، يأمره بقتال الإمام الحسين عليه السلام ، وإن أم البنين رحمها الله وشمرا لعنه الله من كلاب وعبد الله ابن أخيها معه وقد أخذوا أمانا لأبناء أم البنين من أبن زياد ، فاسمع قصتهم :

قال أبو مخنف: عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الله بن شريك العامري.

قال: لما قبض بن ذي الجوشن الكتاب ، قام هو وعبد الله بن أبي المحل ، وكانت عمته أم البنين ابنة حزام عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

فولدت له : العباس وعبد الله وجعفراً وعثمان .

فقال : عبد الله بن أبي المحل بن حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب :

أصلح الله الأمير! إن بني أختنا مع الحسين ، فإن رأيت أن تكتب لهم أماناً فعلت.

قال: نعم ونعمة عين ، فأمر كاتبه ، فكتب لهم أماناً .

فبعث به : عبد الله بن أبي المحل مع مولىً له ، يقال له : كزمان.

فلما قدم عليهم دعاهم فقال: هذا أمانٌ بعث به خالكم .

فقال له الفتية : أقرئ خالنا السلام .

وقل له : أن لا حاجة لنا في أمانكم ، أمان الله خيرٌ من أمان ابن سمية .

قال : فأقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيد الله بن زياد إلى عمر ابن سعد ، فلما قدم به عليه فقرأه .

قال له عمر: ما لك ويلك ! لا قرب الله دارك ، وقبح الله ما قدمت به علي! والله إني لأظنك أنت ثنيته أن يقبل ما كتبت به إليه ، أفسدت علينا أمراً كنا رجونا أن يصلح، لا يستسلم والله حسين، إن نفساً أبيةً لبين جنبيه .

فقال له شمر : أخبرني ما أنت صانع ؟ أتمضي لأمر أميرك وتقتل عدوه، وإلا فخل بيني وبين الجند والعسكر.

قال : لا ولا كرامة لك ، وأنا أتولى ذلك .

قال : فدونك ، وكن أنت على الرجال .

قال : فنهض إليه عشية الخميس لتسعٍ مضين من المحرم.

قال : وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين .

فقال: أين بنو أختنا ؟

فخرج إليه : العباس وجعفر وعثمان بنو علي.

فقالوا له : ما لك وما تريد؟

قال: أنتم يا بني أختي آمنون .

قال له الفتية : لعنك الله ولعن أمانك !

لئن كنت : خالنا ، أتؤمننا ، وابن رسول الله لا أمان له!

تاريخ الرسل والملوك للطبري ج3ص267 .

و ذلك لان : أم البنين بنت حزام أم العبّاس و عثمان و جعفر و عبد اللّه ، كانت كلابية وعبد الله ابن أخيها ، و شمر ابن ذي الجوشن كلابي ، و لذا أخذا من ابن زياد أمانا لبنيها، و ذكر ابن جرير ان جرير بن عبد اللّه بن مخلد الكلابي كانت أم البنين عمته ، فأخذ لا بنائها أمانا هو و شمر بن ذي الجوشن فقد يكون ثلاثتهم عند بن زياد.

العباس رسول الحسين لمحاورة القوم :

يا طيب : سترى في هذه القصة فطنة أبا الفضل ووقوفه قرب أخيه ممتثلا لأوامره ، وتراه أنه وزيره ، ويُأمره الحسين على القراء والخطباء الذين معه مثل زهير وبرير ومسلم وحبيب وغيرهم من كبار السن ، ويرسله بهم ليحاور القوم ، كما سترى أنه أول من يرفض ترك الحسين عليه السلام ، ويعلم أهله الثبات والوفاء وتطييب قلب أبا عبد الله بالبقاء معه حتى الشهادة وأنه لا يحب البقاء بعده .

ذكر في البحار ووقعة كربلاء وغيرها :

نهض عمر : بن سعد إلى الحسين عليه السلام ، عشية الخميس ، لتسع مضين من المحرم ، ثم نادى عمر : يا خيل الله اركبي و بالجنة أبشري ، فركب الناس ، ثم زحف نحوهم بعد العصر .

وَ الْحُسَيْنُ عليه السلام : جَالِسٌ أَمَامَ بَيْتِهِ ، مُحْتَبِئٌ بِسَيْفِهِ ، إِذْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ .

فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ‏ بْنُ‏ عَلِيٍ‏ عليه السلام :

يَا أَخِي : أَتَاكَ الْقَوْمُ فَنَهَضَ .

ثُمَّ قَالَ عليه السلام : ارْكَبْ أَنْتَ يَا أَخِي حَتَّى تَلْقَاهُمْ .

وَ تَقُولَ لَهُمْ : مَا لَكُمْ وَ مَا بَدَا لَكُمْ ، وَ تَسْأَلَهُمْ عَمَّا جَاءَ بِهِمْ .

فَأَتَاهُمُ الْعَبَّاسُ : فِي نَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ فَارِساً .

فِيهِمْ : زُهَيْرُ بْنُ الْقَيْنِ ، وَ حَبِيبُ بْنُ مُظَاهِرٍ .

فَقَالَ لَهُمُ الْعَبَّاسُ : مَا بَدَا لَكُمْ ، وَ مَا تُرِيدُونَ ؟

قالوا : قد جاء أمر الأمير ، أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه ، أو نناجزكم .

قَالَ العباس عليه السلام : فَلَا تَعْجَلُوا ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، فَأَعْرِضَ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْتُمْ .

فوقفوا فقالوا : القه و أعلمه ، ثم القنا بما يقول لك .

فانصرف العباس عليه السلام : راجعا يركض إلى الحسين عليه السلام يخبره الخبر .

و وقف أصحابه : يخاطبون القوم و يعظونهم و يكفونهم عن قتال الحسين.

فَجَاءَ الْعَبَّاسُ : إِلَى الْحُسَيْنِ وَ أَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ الْقَوْمُ .

فَقَالَ الحسين عليه السلام : ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُؤَخِّرَهُمْ إِلَى غَدٍ ، وَ تَدْفَعَهُمْ عَنَّا الْعَشِيَّةَ .

لَعَلَّنَا : نُصَلِّي لِرَبِّنَا اللَّيْلَةَ ، وَ نَدْعُوهُ وَ نَسْتَغْفِرُهُ .

فَهُوَ : يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ قَدْ أُحِبُّ الصَّلَاةَ لَهُ ، وَ تِلَاوَةَ كِتَابِهِ ، وَ كَثْرَةَ الدُّعَاءِ ، وَ الِاسْتِغْفَارِ.

فَمَضَى الْعَبَّاسُ : إلى القوم ، و رجع من عندهم ، و معه رسول من قبل عمر بن سعد .

يقول : إنا قد أجلناكم إلى غد ، فإن استسلمتم سرحنا بكم إلى عبيد الله بن زياد ، و إن أبيتم فلسنا بتاركيكم ، فانصرف .

و جمع الحسين عليه السلام : أصحابه عند قرب المساء .

قال علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام : فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم ، و أنا إذ ذاك مريض ، فسمعت أبي يقول لأصحابه ، أثني على الله أحسن الثناء ، و أحمده على السراء و الضراء .

اللهم : إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة ، و علمتنا القرآن ، و فقهتنا في الدين‏ .

و جعلت لنا : أسماعا و أبصارا و أفئدة ، فاجعلنا من الشاكرين .

أما بعد : فإني لا أعلم أصحابا أوفى و لا خيرا من أصحابي ، و لا أهل بيت أبر و أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله : عني خيرا ، ألا و إني لأظن‏ يوما لنا من هؤلاء .

أَلَا وَ إِنِّي : قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ ، فَانْطَلِقُوا جَمِيعاً فِي حِلٍّ ، لَيْسَ عَلَيْكُمْ حَرَجٌ مِنِّي وَ لَا ذِمَامٌ ، هَذَا اللَّيْلُ قَدْ غَشِيَكُمُ فَاتَّخِذُوهُ جَمَلً .

فَقَالَ لَهُ : إِخْوَتُهُ وَ أَبْنَاؤُهُ ، وَ بَنُو أَخِيهِ ، وَ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ .

لِمَ نَفْعَلُ ذَلِكَ : لِنَبْقَى بَعْدَكَ ، لَا أَرَانَا اللَّهُ ذَلِكَ أَبَداً .

بَدَأَهُمْ : بِهَذَا الْقَوْلِ ، الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ.

و اتبعته : الجماعة عليه ، فتكلموا بمثله و نحوه ....

بحار الأنوار ج44ص391ب37 . تاريخ الرسل والملوك للطبري ج3ص268 .

يا طيب : عرفت في القصص السابقة ، بأن أبا الفضل عليه السلام كان له المبادرة في كل أمر مهم ، وكان يتقدم القوم في القيادة والكلام ، وتبين لك مواقفه بأنه سيد من سادة بني هاشم وأنه علم من أعلامهم فضلا عما عرفت من أن علمهم عنده ، ويؤكد هذا المعنى ما سترى من أنه أعطاه رايته وستعرف أهميتها ، ونذكر بعض القصص حتى تأتي التتمة في شرح الشطر الأخير للأبوذية .

العباس ينقذ أصحاب الحسين في كربلاء :

قال أبو مخنف حدثني فضيل بن خديج الكندي :

وكان يزيد بن زياد بن المهاصر : ممن خرج مع عمر بن سعد إلى الحسين .

فلما : ردوا الشروط على الحسين ، مال إليه فقاتل معه حتى قتل .

فأما الصيداوي : عمر بن خالد ، وجابر بن الحارث السلماني ، وسعد مولى عمر بن خالد ، ومجمع بن عبدالله العائذي ، فإنهم قاتلوا في أول القتال .

فشدوا : مقدمين بأسيافهم على الناس .

فلما وغلوا : عطف عليهم الناس ، فأخذوا يحوزونهم وقطعوهم من أصحابهم غير بعيد .

فحمل عليهم : العباس بن علي ، فاستنقذهم .

فجاؤوا : قد جرحوا .

فلما دنا : منهم عدوهم، شدوا بأسيافهم.

فقاتلوا : في أول الأمر ، حتى قتلوا في مكان واحد .

تاريخ الطبري ج3ص330 .

بعض أحوال العباس في أيام كربلاء :

وذكر في البحار عن مقاتل الطالبيين : حدثني أحمد بن سعيد ، عن يحيى بن الحسن ، عن بكر بن عبد الوهاب ، عن ابن أبي أويس ، عن أبيه عن جعفر بن محمد عليه السلام قال :

عَبَّأَ : الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ أَصْحَابَهُ ، فَأَعْطَى رَايَتَهُ‏ أَخَاهُ الْعَبَّاسَ.

بحار الأنوار ج45ص40 . مقاتل الطالبيين ص 59.

وفي المجالس :

و لمّا قتل العبّاس : قال الحسين عليه السلام :

الآن : انكسر ظهري ، و قلّت حيلتي .

تسلية المجالس ج2ص310.

يا طيب : بما عرفت من القصص في شرح الشطرين السابقين ، عرفت أنه بحق علمهم علم النبي والوصي وسيدا شباب أهل الجنة عند أبا الفضل العباس عليه السلام ، وأنه علم من أعلام بني هاشم وسيد من ساداتهم وقائد من قاداتهم ، وسترى أن علمهم ورايتهم بيده في يوم كربلاء ، فنتيقن فضله وشأنه الكريم عليه السلام .


أبكربلا حماي الحمة ساقي العطاشى وبالوغى بيده علمهم

مغوار أقتحم المشرعة ليسقي طفلهم غدروه أتباع آل أمية

معنى العلم والراية واللواء :

يا طيب : العلم هو العلامة التي تدل على أمير الحرب وقائد الجيش ، والعلم اسم يشمل الراية للقائد ويشمل اللواء للأمير ، وفيما يأتي من الأحاديث يدل أن أبا الفضل العباس عليه السلام ، هو القائد لجيش الإمام الحسين عليه السلام ، وبيده الراية ، وحين يكون قرب الإمام الحسين عليه السلام ، يحمل أيضا اللواء ويقف تحت أوامره ، وحين يفارقه يعطيه اللواء يحمله أو يحمله من يقف عنده ، ويذهب بالراية .

قال ابن منظور : اللِّوَاء: لِواء الأَمير ممدود. و اللِّوَاء: العَلَم ، و الجمع‏ أَلْوِيَة و أَلْوِياتٌ‏، الأَخيرة جمع الجمع . وفي الحديث‏: لِواءُ الحَمْدِ بيدي يومَ القيامةِ.

اللِّوَاء : الرايةُ و لا يمسكها إِلا صاحبُ الجَيْش .

الرَّايَةُ: العَلَم و الجمع‏ راياتٌ‏ .. الرَّايَةُ هاهنا: العَلَمُ. يقال: رَيَّيْتُ‏ الرَّايَةَ أَي رَكَزْتها .

لسان العرب ج15ص266 . ج‏14ص351 .

وذكر الطريحي رحمه الله :

الرَّايَةُ : العلم الكبير ، و اللواء دون ذلك.

و الرَّايَةُ : هي التي يتولاها صاحب الحرب و يقاتل عليها و إليها تميل المقاتلة .

و اللواء : علامة كبكبة الأمير تدور معه حيث دار.

و في الحديث رَّايَة خَيْبَر :

لَأُعْطِيَنَّ : الرَّايَةَ غَداً ، رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ ، وَ يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ .

يَفْتَحُ اللَّهُ : عَلَى يَدَيْهِ فَبَاتَ ، النَّاسُ‏ يَدُوكُونَ‏ تِلْكَ اللَّيْلَةِ .

وفي حديث خَيْبَر : فلما أَصْبَحَ دَعَا عَلِيًّا.

فأَعْطَاه الرَّايَةَ : فخَرَجَ بها يَؤُجُ‏ ، حَتّى رَكَزَها تَحْتَ الحِصْنِ .

مجمع البحرين ج1ص199 ،، ج5ص267 .

ولذا قالوا : و أمُ‏ الحَرْبِ‏ الرايةُ؛ لأنّ الجيشَ يَلْحَؤُونَ إليها، فإذا سَقَطَتْ لم يَلبَثوا.

تاج العروس ج‏3 ص284 .

وفي المصباح المنير : لِوَاءُ الْجَيْشِ عَلَمُهُ ، وَ هُوَ دُونَ الرَّايَةِ ، وَ الْجَمْعُ أَلْوِيَةٌ .

المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ج2ص561 .

يا طيب : بعد أن عرفنا من العَلم وأنه علامة للقيادة ويشمل اللواء عند الأمير والراية عند قائد جيشه ، والآن لكل دولة علم يحترمه شعبها ويدافع عنه كناية عن الدفاع عن الوطن ويقال للجند في خدمة العلم أي الوطن وشعبه ، هذا، والآن فلنتعرف على معنى اللواء والراية في الإسلام وأهميتها ، وإنها تمثل الدين والإسلام وتعاليمه وهداه ، وأنه يكون بيد من أرسله الله لنشر هداه وتعاليمه ، وتعبر عن علو منزلة من يشرفه رسول الله بها ، وبالخصوص كما سيأتي في الآخرة ، بل وفي كل معارك رسول الله لم يجعل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أمير بل هو أمير كل غزوة وحرب حضرها مع رسول الله وبيده رايته.

كما أن الحسين عليه السلام : جعل أخيه أبا الفضل قائد وأمير وبيده الراية في كل مرة يناجز أعدائه في كربلاء ، وبهذا نعرف أن عَلم وراية آل البيت عليهم السلام بيد أبا الفضل في كربلاء ، بالإضافة لما عرفت من أنه عنده علمهم ومعارفهم ، وأنه علم من أعلامهم وسيد من ساداتهم ، وإنه بيده الراية وعلم آل البيت في كربلاء .

ويا طيب : قبل أن نعرف أحاديث الراية لأبي الفضل نتعرف معناه عند أبيه أمير المؤمنين في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهميتها وما مكتوب عليها ، لنتعرف على أهمية موضوع أن علم أهل البيت ورايتهم بيد أبا الفضل عليه السلام فيستبين بعض علو شأنه ومقامه السامي وحقا للشهداء أن يغبطوه يوم القيام .

أمير المؤمنين حامل لواء وراية وعلم رسول الله :

يا طيب : كتبنا في صحيفة سادة الوجود الجزء الأول عن راية ولواء رسول الله في الدنيا والآخرة بالتفصيل ، وعرفنا عظمة تجلي الله سبحانه وتعالى في خلقه في كل مراتب الوجود ، وأن ظهور الإخلاص له في كلمة التوحيد لأنها سيد الكلام :

قولوا : لا إله الله تفلحوا ، قبل الدنيا وفيها وبعدها . وإن أول من قال : سيد الكلام والأذكار والقول والتسابيح هو سيد أهل التكوين . وإن من قالها بعده وعلمها له وظهر بها مدافعا عنها والحامي لها هو سيد الناس بعده أمير المؤمنين ، وإنها عند أهل البيت ، وكان حاملها بمعناها في كربلاء أبا الفضل العباس عليه السلام :

كما وقد عرفنا : أن لواء الحمد في القيامة :

مكتوب عليه : لا إله إلا الله فاز المفلحون .

وأن معناها : كلمة الإخلاص لله وحده في عبوديته وإقامة دينه .

وناشر راية الهدى : التي أمر الله به نبيه هو سيد الوصيين وفي زمانه بل وبعده بيد آله صلى الله عليهم وسلم ويحملها وزير لهم وقائد منهم ، وفي كربلاء أعطيت لقمر بني هاشم أبي الفضل العباس عليه السلام :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

ألا و إن ربي أمرني : أن أقاتل الناس حتى يقولوا :

لا إله إلا الله .

فإذا قالوها : عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله جل وعز.

ألا و إن الله جل اسمه :

لم يدع شيئا : مما يحبه ، إلا و قد بينه لعباده .

و لم يدع شيئا : يكرهه ، إلا و قد بينه لعباده و نهاهم عنه .

ليهلك : من هلك عن بينة ، و يحيا من حي عن بينة .

ألا و إن الله عز و جل : لا يظلم بظلم ، و لا يجاوزه ظلم ، و هو بالمرصاد :

{ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) } النجم .

من أحسن : فلنفسه ، و من أساء فعليه ...

أعلام‏ الدين ص427 .

ويا طيب : إرث رسول الله كان لأمير المؤمنين ولأولاد فاطمة الحسن والحسين عليهم السلام ، ورايته وعِمامته وسلاحه وكل شيء كان معنوي أو مادي له فهو لهم إلا النبوة ، وهم أهل التوحيد وناشريه ، ومن تبعهم كان متحقق بعدل كلمة لا إله إلا الله بحق ، وإن أبا الفضل حامل علمهم ورايتهم ، والداعي لهداهم ، كأبيه وأخوته وجدهم رسول الله ، أنظر وتدبر .

عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : لعلى أربع خصال ليست لأحد غيره :

هو أمير المؤمنين : أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وهو الذي كان : لـــواؤه معه في كل زحــف .

وهو الذي : صبر معه يوم فر عنه غيره .

وهو الذي : غسله وأدخله قبره .

ذخائر العقبى لأحمد بن عبدالله الطبري ص 86 .

واختصاص : أبا الفضل بالحسين كاختصاص أبيه بجده وكلا له ظروفه .

و عن أبى سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

أعطيت : في على خمسا ، هن أحب إلي من الدنيا وما فيها :

أما واحدة : فهو متكأ لي بين يدي الله عزّ وجلّ حتى يفرغ من الحساب .

وأما الثانية : فلواء الحمد بيده آدم ومن ولده تحته .

وأما الثالثة : فواقف على عقر حوضي يسقى من عرف من أمتي .

وأما الرابعة : فساتر عوراتي ومسلمي إلى ربى عزّ وجلّ .

وأما الخامسة : فلست أخشى أن يرجع زانيا بعد إحصان ولا كافرا بعد إيمان .

ذخائر العقبى لأحمد بن عبد الله الطبري ص 86 . أخرجه أحمد في المناقب . وقوله صلى الله عليه وسلم تكأتى التكأة بزنة الهمزة ما يتكأ عليه ويقال أيضا لكثير الاتكاء ، عقر الحوض : أصلها وهو موضع الشاربة منه و لأن الواردة تلازمه .

يا طيب : أمير المؤمنين حامل لواء رسول الله وإن أدم وكل البشر تحته ، وأخصهم به أقربهم به أي قربه من يحمل لواء وراية الأئمة المعصومين من آله ، لأنها لواء واحد ، وأبا الفضل عليه السلام أخصهم به وأقربهم منه لسبب الإيمان والعلم والعمل والثبات وللنسب ، وقال الله تعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) }الطور .

و يا طيب : إن حامل لواء سيد المرسلين رسول الله في الدنيا هو حامل لواءه في الآخرة ، وهو صاحب رايته فهو سيد الوصيين حقا :

عن جابر بن سمرة قال :

قيل يا رسول الله : من يحمل رايتك يوم القيامة ؟

قال : من عسى أن يحملها إلا من حملها في الدنيا ، علي بن أبي طالب .

المناقب للموفق الخوارزمي ص358ف22ح 369 . مستدرك الصحيحين للحاكم ج3ص138، المعجم الصغير للطبراني ج1ص270 ورواه أيضا ابن حنبل في فضائل الصحابة ج2ص216 و711 وفي المسند 158 ونظيره في هذا المجلد ص91،92،94.

يا طيب : فلنتعرف على لون راية أبا الفضل العباس وما مكتوب عليها ، لآنها هي نفس راية رسول الله صلى الله عليه وآله ، والتي كانت بيد والده ، وهي أرث أخيه الحسين عليه السلام بيده وهو حاملها كما سترى .

و عن ابن عباس وعن بريدة :

أن راية : رسول الله كانت سوداء .

ولواءه : أبيض .

وعن ابن عباس قال :

كانت راية : سوداء ، ولواؤه أبيض .

مكتوب عليه :

لا إله إلا الله محمد رسول الله .

مجمع الزوائد للهيثمى ج 5ص321 . بيان : الراية : العلم الكبير ، واللواء : أصغر منها ، قال في المصباح : لواء الجيش : علمه ، وهو دون الراية .

وعن ابن عباس رضى الله عنهم : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

دفع الراية : إلى علي رضى الله عنه يوم بدر .

وهو : ابن عشرين سنة .

المستدرك للحاكم النيسابوري ج3ص111 . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه 127، وذكر أيضا حديث بن عباس السابق . كنز الفوائد لأبو الفتح الكراجكي ص 121 . بحار الأنوار العلامة المجلسي ج 38ص240 .

وفي ملاحقة قريش : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثر من أرسلهم ورجعوا ـ في المهاجرين .

وكان حامل لوائه : على بن أبى طالب .

واستخلف: على المدينة زيد بن حارثة ، وطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ بدرا فلم يلحقه، وفاته كرز فرجع إلى المدينة وهذه الغزوة تسمى غزوة بدر الأولى.

الثقات لابن حبان ج1ص147.

وفي ذخائر العقبى :

كسرت : يد علي عليه السلام ، يوم احد .

فسقط : اللواء من يده.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

ضعوه : في يده اليسرى ، فإنه صاحب لوائي في الدنيا والآخرة .

في ذخائر العقبى ص 75 . وقال أخرجه ابن الحضرمي .

وروى الواقدي قال : سُئل الحسن ( البصري ) عن علي عليه السلام ، وكان يظن به الانحراف عنه ، ولم يكن كما يظن ، فقال :

ما أقول فيمن جمع الخصال الأربع :

ائتمانه : على براءة .

وما قال له الرسول : في غزاة تبوك ، فلو كان غير النبوة شيء يفوته لاستثناه .

وقول النبي صلى الله عليه وآله : الثقلان كتاب الله وعترتي.

وإنه : لم يـؤمـر عليه أمـير قـط .

وقد أمرت : الأمراء على غيره .

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج4ص95 .

يا طيب : ائتمانه على براءة ، أي تبليغ أول سورة براءة بأمر الله تعالى ، وأرجع أبا بكر ، لأنه جبرائيل بأمر الله تعالى أمره أن يدفعها له لأنه كنفسه ، وإنه لم يخرج في غزوة إلا وهو أمير الجيش ولم يجعل عليه أمير في حال من الأحوال ، وله حديث الثقلين ، وقال في غزوة تبوك أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، ويا طيب إن أبا الفضل العباس عليه السلام وإن لم يكن بمنزلة الإمام لوجود الإمام زين العابدين ، لكن له كل الخصال التي دون الإمامة في اختصاصه بالإمام الحسين عليه السلام ولم يجعله تحت راية أحد في كل أحوال كربلاء وهو الأمير فيما عرفت وفي ما سترى .

وعن مالك بن دينار قال : سألت سعيد بن جبير فقلت :

يا أبا عبد الله : من كان حامل راية رسول الله صلى الله عليه وآله ؟

قال : فنظر إلي فقال : كأنك رخي البال فغضبت وشكوته إلى إخوانه من القراء ، فقالوا : إنك سألته جهرة وهو خائف من الحجاج ، وقد لاذ بالبيت فاسأله الآن ، فسألته .

فقال : كان حامله علي عليه السلام ، كان حامله علي .

هكذا سمعته من عبد الله بن عباس .

وذكر في شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي :

سرايا الرسول : فأما ما أخرجه رسول الله صلوات الله عليه وآله من السرايا .

فإنه لم يبق : أحد من أصحابه إلا أخرجه في سرية ، وأمر عليه غيره .

غير علي صلوات الله عليه : فانه لم يؤمر عليه أحد قط .

إبانة لفضله : واستحقاقه الإمامة من بعده .

وروى عن أبا سعيد الخدري يقول :

أخذ النبي الرايـة يوم خيبر فهزه ، ثم قال :

من يأخذها بحقها : فجاء الزبير ليأخذها من يده .

فقال له : امط امط ( أي زل ) .

ثم قال : والذي نفسي بيده لأعطينها رجلا لا يفر ! هاك يا علي .

فدفعها إليه . فانطلق حتى فتح الله على يديه خيبر وفدك ، وجاء بعجوتها وقديدها .

وعن أبي رافع أنه قال :

كان علي صلوات الله عليه : صاحب راية النبي صلوات الله عليه وآله ،

وحاملها : في كل غزوة غزاه .

وكانت راية النبي صلوات الله عليه وآله معه :

يوم بدر ، ويوم احد ، ويوم الأحزاب ، ويوم بني النضير ، ويوم بني قريظة ، ويوم بني المصطلق من خزاعة ، ويوم بني لحيان من هذيل ، ويوم خبير ، ويوم الفتح ، ويوم حنين ، ويوم الطائف .

المناقب ج1 ص 360ح370ب22 , فضائل الصحابة لابن حنبل 2 / 680 - مستدرك الصحيحين 3 / 137 وقال حديث صحيح الإسناد .رخى البال : إذا كان في نعمة واسع الحال بين الرخاء. ولاذ بالبيت : في سنة 94 ه‍ حينما خرج سعيد ومن معه على الوليد بن عبد الملك كما ذكره ابن جرير الطبري في تاريخه ج8ص 93 .

يا طيب : التعبير مرة بالراية ، ومرة باللواء ، في الحقيقة الراية هي لواء لأنها تابعة له ، وتعبير له وحاكية له ، وقد يكون عنده فيحملهما أو يخرج باللواء مباشرة لخفته.

العباس حامل علم وراية ولواء الحسين :

يا طيب : كما عرفت العلم إما لواء أو راية ، و الراية بيد قمر بني هاشم أبو الفضل العباس عليه السلام ، لأنه هو قائد الجيش في كربلاء والحسين عليه السلام هو الأمير وعنده اللواء ، وإن جاء عند العباس اللواء يعني حين يقف عند الإمام الحسين عليه السلام فيحمل له اللواء مع الراية ، وإلا حين يدير الحرب ويبتعد العباس ينفرد بالراية فقط ، أو أنه يحمل اللواء لخفته ، ولمعرفة هذا المعنى نذكر الأحاديث الآتية .

وقال أبو الفرج : حدثني أحمد بن سعيد قال حدثني يحيى بن الحسن قال :حدثنا بكر بن عبدالوهاب قال : حدثني ابن أبي أويس ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد عليه السلام قال :

عَبَّأَ : الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ أَصْحَابَهُ .

فَأَعْطَى : رَايَتَهُ‏ أَخَاهُ الْعَبَّاسَ.

مقاتل الطالبيين ص55 . بحار الأنوار ج45ص40 .

وفي شرح الأخبار :

عبّأ : الحسين بن علي عليهما السلام : أصحابه يوم الطف .

و أعطى الراية : أخاه العباس بن علي‏ .

شرح الأخبار للنعمان ج3ص182 ح1125 .

وقال بن شهر آشوب :

وَ كَانَ الْعَبَّاسُ السَّقَّاءُ : قَمَرُ بَنِي‏ هَاشِمٍ‏ .

صَاحِبَ : لِوَاءِ الْحُسَيْنِ ، وَ هُوَ أَكْبَرُ الْإِخْوَانِ .

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج4 ص108 .

وفي اللهوف :

العباس عليه السلام : حمل لواء الحسين عليه السلام.

اللهوف ص 57 .

يا طيب : الأحاديث أعلاه ، مرة تعبر بالراية ومرة باللواء لأنهما يمثلان العلم الذي يعرف القائد ومن ترجع له الأمور ، فإما أمير وإما قائد ووزير ليتبع ويلتحق به جنده ، وهما تعبير عن المطاع في الجيش والواجب تنفيذ أوامره ، وأبا الفضل مع الحسين عليه السلام في كل أحوال كربلاء وقربه ، فقد يكون يحمل اللواء له حين يكون قربه ، أو أنهم يتساهلون في التعبير بالراية فيسموها لواء ، أو لأنها تعبر وتحكي عنه أو أنه كان يحملهما معا ، أو على الحقيقة يحمله لخفته فيضع الراية مادام قرب الإمام .

وبهذا يا طيب : عرفنا أن قمر بني هاشم عليه السلام ، كان للحسين عليه السلام ، كأبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام للسيد المرسلين ، وعرفنا معرفة كريمة لأهمية حمل العلم والراية في الدنيا والآخرة عند أهل البيت عليهم السلام ، وما هو معنى حملها وأهميته عند رسول الله صلى الله عليه وآله ، وبهذا فقد عرفنا بهذا شيء يسير من فضل أبو الفضل العباس ومناقبه الكريمة ومنزلته عند أهل البيت واعتمادهم عليه .

ويا طيب : بعد أن عرفنا شأن أبا الفضل واعتماد أهل البيت عليه ، نذكر أحواله في يوم العاشر وشهادته ، وقبلها نقدم أهمية الماء وعطش الحسين وآله ودفاعهم عنه حتى الشهادة .

أبا الفضل في اليوم العاشر

شأن أبا عبد الله وعطش آل رسول الله :

يا طيب : قبل أن نذكر روايات شهادة أبا الفضل عليه السلام ، تدبر هذا الحديث عن الإمام الحسين عليه السلام ، يبين فيه أنه هو نفس رسول الله ومنهجه وهداه ودينه ، وأنه هو علم رسول الله وذاته وأنه وارثه حتى في العمامة واللباس ، وإن أبا الفضل العباس كان قائد جيشه وبيده رايته فهو شعاع نوره ، فتدبر :

قال في البحار وغيره : في صبيحة يوم العاشر ، بعد نصح أصحابه للقوم ورفضهم الأعداء لإجابتهم :

فبلغ العطش من الحسين عليه السلام : وأصحابه ، فدخل عليه رجل من شيعته .

يقال له : يزيد بن الحصين الهمداني ، قال : إبراهيم بن عبد الله راوي الحديث ، هو خال أبي إسحاق الهمداني .

فقال : يا ابن رسول الله ، تأذن لي فأخرج إليهم فأكلمهم ، فأذن له فخرج إليهم .

فقال : يا معشر الناس ، إن الله عز و جل بعث محمدا ، بالحق بشيرا و نذيرا ، و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا .

و هذا ماء الفرات : تقع فيه خنازير السواد و كلابها ، و قد حيل بينه و بين ابنه .

فقالوا : يا يزيد ، فقد أكثرت الكلام ، فاكفف .

فو الله : ليعطشن الحسين ، كما عطش من كان قبله .

فقال الحسين عليه السلام : اقعد يا يزيد .

ثم وَثَبَ الْحُسَيْنُ عليه السلام : مُتَوَكِّئاً عَلَى سَيْفِهِ ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ ، فَقَالَ :

أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ : هَلْ تَعْرِفُونِّي ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، أَنْتَ ابْنُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ سِبْطُهُ .

قَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ قالوا : اللهم نعم .

قَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أُمِّي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ؟ قالوا : اللهم نعم .

قَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ؟ قالوا : اللهم نعم .

قَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدَّتِي خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أَوَّلُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِسْلَاماً ؟ قالوا : اللهم نعم .

قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةَ عَمُّ أَبِي؟ قالوا: اللهم نعم.

قَالَ : فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَعْفَرَ الطَّيَّارِ فِي الْجَنَّةِ عَمِّي ؟ قالوا : اللهم نعم .

قَالَ : فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ :

أَنَّ هَذَا سَيْفُ : رَسُولِ اللَّهِ ، وَ أَنَا مُتَقَلِّدُهُ ؟ قَالُوا : قالوا : اللهم نعم .

قَالَ : فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ عِمَامَةُ رَسُولِ‏ اللَّهِ أَنَا لَابِسُهَا ؟ قالوا : اللهم نعم .

قَالَ : فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عَلِيّاً كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلَاماً .

وَ أَعْلَمَهُمْ : عِلْماً ، وَ أَعْظَمَهُمْ حِلْماً ، وَ أَنَّهُ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ ؟ قالوا : اللهم نعم .

قَالَ : فَبِمَ تَسْتَحِلُّونَ دَمِي ، وَ أَبِي الذَّائِدُ عَنِ الْحَوْضِ غَداً ، يَذُودُ عَنْهُ رِجَالًا كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الصَّادِرُ عَنِ الْمَاءِ .

وَ لِوَاءُ الْحَمْدِ : فِي يَدَيْ جَدِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟

قالوا : قد علمنا ذلك كله ، و نحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشا ...

بحار الأنوار ج‏44ص318ب37 .

يا طيب : لما عرفت من عطش آل محمد عليهم السلام ، وخطاب الإمام الحسين عليه السلام للقوم الظالمين ، صار أهم مهمة لأبي الفضل العباس عليه السلام ، أن يطلب لهم الماء ولول بشق الأنفس وتقطع الأرواح قبل الجسد وأوصاله ، فذا سترى شيمة قمر العشيرة وغيرة بني هاشم تتجسد وتتروح فيه ، وكيف يقدم كأسد غضب ليطلب ويجلب الماء للحسين وآله آل رسول الله :

أبو الفضل يطلب الماء حتى الشهادة :

يا طيب : قصة مصيبة اليوم العاشر من المحرم ومبارزة الأصحاب وحملاتهم ، ذكرت في المقاتل وذكرناها مفصلة في جزء من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، من موسوعة صحف الطيبين وتجدها كاملة هناك ، وهنا نختار فقط ما ذكروا في شهادة سيد من سادات بني هاشم وعلم من أعلامهم وحامل رايتهم في كربلاء ، وعرفت بعض القصص فيما سبق عنه ، كما توجد قصص في كونه كان يخلص من يحتوشه القوم ممن يذهب للحرب فيخلصه العباس أو مع أخيه .

والآن نذكر : ما يخص شهادته عليه السلام ، وموقفه النبيل في طلب الماء للحسين عليه السلام الذي عرفت عطشه وعطش آله وأطفاله وعياله ، فيذهب في حربه صوب المشرعة لطلب الماء فيستشهد ، وفيه موقف نبيل عظيم ، حيث لم يشرب الماء مع عطشه لأن سيده وآله عطاشى ، فيقتحم المشرعة ، ويملأ القربة ويحملها ليوصلها للإمام لكن القوم غدروه ورموه بالنبال والسهام والحجارة وبكل شيء بيدهم من العمد والسيف .

حتى أستشهد غدرا : حين كمن له لعين وراء نخله فقطع يمينه ، ثم آخر فقطع يساره وهو يرتجز رجز الشجعان والأبطال في الدفاع عن الدين والحماية لإمامه وسيده أبا عبد الله الحسين ومنهجه وهداه ، وهو على يقين بأنه على الحق والهدى والرواح إلى الجنة قرب جد الحسين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

شهادة أبا الفضل برواية المناقب :

قال ابن شهر آشوب في المناقب وشرح الأخبار :

و كان الذي : ولي قتل العباس بن علي يومئذ يزيد بن زياد الحنفي‏ ، و أخذ سلبه حكيم بن طفيل الطائي ، و قيل إنه شرك في قتله يزيد ، و كان بعد أن قتل اخوته عبد اللّه و عثمان و جعفر معه قاصدين الماء .

و يرجع وحده : بالقربة ، فيحمل على أصحاب عبيد اللّه بن زياد الحائلين دون الماء ، فيقتل منهم ، و يضرب فيهم حتى يتفرجوا عن الماء ، فيأتي الفرات فيملأ القربة و يحملها، و يأتي بها الحسين عليه السلام و أصحابه، فيسقيهم .

حتى تكاثروا عليه :

و أوهنته الجراح : من النبل، فقتلوه كذلك‏ ، بين الفرات و السرادق ، و هو يحمل الماء .

وقال في المناقب : و كان العباس السقاء : قمر بني‏ هاشم‏ .

صاحب : لواء الحسين ، و هو أكبر الإخوان ، مضى بطلب الماء فحملوا عليه ، و حمل هو عليهم ، و جعل يقول‏ :

ل أرهب الموت إذ الموت رقى

حتى أوارى في المصاليت لقا

نفسي لنفس المصطفى الطهر وقا

إني أن العباس أغدو بالسقا

و ل أخاف الشر يوم الملتقى‏

و قيل إنه قال أيضا:

اقاتل القوم بقلب مهند

أذبّ عن سبط النبيّ أحمد

أضربكم بالصارم المهند

حتى تحيدوا عن قتال سيدي‏

إني أنا العباس ذو التودّد

نجل عليّ المرتضى المؤيد

ففرقهم : وهزمهم .

فكمن له : زيد بن ورقاء الجهني من وراء نخلة ، و عاونه حكيم بن طفيل السنبسي .

فضربه : على يمينه ، فأخذ السيف بشماله .

و حمل عليهم و هو يرتجز :

و الله إن قطعتم يميني‏

إني أحامي أبدا عن ديني‏

و عن إمام صادق اليقين‏

نجل النبي الطاهر الأمين‏

فقاتل : حتى ضعف ، فكمن له الحكيم بن الطفيل الطائي من وراء نخلة ، فضربه على شماله . فقال‏ عليه السلام :

يا نفس لا تخشي من الكفار

و أبشري برحمة الجبار

مع النبي السيد المختار

قد قطعو ببغيهم يساري‏

فأصلهم يا رب حر النار

فقتله الملعون : بعمود من حديد ، فلما رآه الحسين مصروعا على شط الفرات ، بكى .

قول الإمام حسين شهادة العباس :

و قال الإمام الحسين عليه السلام :

الآن انكسر ظهري .

و شمت بي عدوي.

و أنشأ يقول‏ عليه السلام :

تعديتم ي شر قوم بفعلكم‏

و خالفتم قول النبي محمد

أ ما كان خير الرسل وصاكم بنا

أ ما نحن من نسل النبي المسدد

أ ما كانت الزهراء أمي دونكم‏

أ م كان من خير البرية أحمد

لعنتم و أخزيتم بم قد جنيتم‏

فسوف تلاقو حر نار توقد

و قطعوا يديه : و رجليه حنقا عليه ، و لما أبلى فيهم و قتل منهم ، فلذلك سمي السقّاء ، و ثم قبره‏ رحمه اللّه.

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج4 ص108 . شرح الأخبار ج3ص193 . وقيت‏ الشيء أفيه‏ إذا صنته و سترته عن الأذى ، المصلات: الشجاع، الماضي في الحوائج.

شرح الأخبار ج3ص193 .

و المروي : أن الامام زين العابدين عليه السلام ، تولى دفنه عند ما دفن أباه و أصحابه ، يوم الثالث عشر : من شهر محرم، أي بعد الفاجعة بثلاثة أيام .

وسيلة الدارين ص 347 .

سلام الله : على أبا الفضل العباس قمر بني هاشم وصلاته ، يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا ، كان علما للوفاء والتضحية والفداء والإخلاص والإباء ، لم يرضى بأمانهم ، وحاربهم بكل إخلاص وإيمان وهو يحامي عن إمام صادق اليقين ، ويذب عن هدى الدين أبدا حتى الشهادة ، فسلام الله وصلاته عليه وجعلنا الله معه وعلى منهجه في الدارين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

تفصيل آخر لشهادة أبا الفضل :

يا طيب : كل راوي يروي وقائع يوم العاشر بكربلاء حسب نظره له ، وقد عرفت تعريف الإمام السجاد له عليه السلام وأنه صلب الإيمان وجاهد بالله حق جهاده وما له في الجنة كعمه جعفر الطيار جناحين يطير بهما في لجنة ، لأنه أيضا قطعت يداه ، بل يغبطه الشهداء لمقامه العالي السامي في أعلى عليين ، وهذه رواية أخرى تعرف تفاصيل شهادته عليه الصلاة والسلام .

روى العلامة المجلسي رحمه الله فقال :

و في بعض تأليفات أصحابنا :

أن العباس عليه السلام : لما رأى وحدة الحسين علي السلام أتى أخاه .

و قال : يا أخي هل من رخصة

فبكى الحسين عليه السلام : بكاء شديدا.

ثم قال : يا أَخِي أَنْتَ صَاحِبُ لِوَائِي ، وَ إِذَا مَضَيْتَ تَفَرَّقَ عَسْكَرِي .

فَقَالَ : الْعَبَّاسُ قَدْ ضَاقَ صَدْرِي ، وَ سَئِمْتُ مِنَ الْحَيَاةِ ، وَ أُرِيدُ أَنْ أَطْلُبَ ثَأْرِي مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ.

فَقَالَ الْحُسَيْنُ عليه السلام : فَاطْلُبْ لِهَؤُلَاءِ الْأَطْفَالِ قَلِيلًا مِنَ الْمَاءِ .

فذهب العباس : و وعظهم و حذرهم ، فلم ينفعهم .

فرجع : إلى أخيه فأخبره .

فسمع الأطفال : ينادون العطش العطش ، فركب فرسه و أخذ رمحه و القربة ، و قصد نحو الفرات .

فأحاط به : أربعة آلاف ممن كانوا موكلين بالفرات ، و رموه بالنبال .

فكشفهم : و قتل منهم على ما روي ثمانين رجلا حتى دخل الماء.

فلما أراد أن يشرب : غرفة من الماء ، ذكر عطش الحسين و أهل بيته ، فرمى الماء .

وروي : قال عليه السلام :

يا نفس من بعد الحسين هوني

و بعده لا كنت انتكوني

هذا الحسين >وارد المنونِ

و تشربين بارد المعينِ

تاللّه ما هذا فعالديني

و ملأ القربة : و حملها على كتفه الأيمن ، و توجه نحو الخيمة ، فقطعوا عليه‏ الطريق و أحاطوا به من كل جانب .

فحاربهم : حتى ضربه نوفل الأزرق على يده اليمنى ، فقطعها فحمل القربة على كتفه الأيسر ، فضربه نوفل فقطع يده اليسرى من الزند ، فحمل القربة بأسنانه .

فجاءه سهم : فأصاب القربة ، و أريق ماؤها .

ثم جاءه سهم : آخر فأصاب صدره ، فانقلب عن فرسه .

و صاح : إلى أخيه الحسين أدركني ، فلما أتاه رآه صريعا فبكى و حمله إلى الخيمة.

ثم قالوا : و لما قتل العباس .

قال الحسين عليه السلام :

الْآنَ انْكَسَرَ ظَهْرِي ، وَ قَلَّتْ حِيلَتِي.

بحار الأنوار ج45ص42. وقول الحسين عليه السلام إذا مضيت تفرق عسكري ، كناية عن شجاعته عليه السلام وكأنه معه يمثل بقاء عسكره كله ، وأنه إن مضى العباس وأستشهد بقي وحده وكأنه تفرق عنه العسكر لشدة أنس الحسين به وتقديرا لشجاعته ومواقفه الباسلة وملازمته لأخيه عليهم السلام وإن كان هو أخر من بقي مع الحسين.

وقال ابن حيون رحمه الله :

و قتل العباس بن علي : يومئذ ، و هو ابن أربع و ثلاثين سنة .

و قتل عبد اللّه بن علي : يومئذ و هو ابن خمس و عشرين سنة .

و قتل عثمان بن علي : و هو ابن احدى و عشرين سنة .

و قتل جعفر بن علي : و هو ابن سبع عشر سنة .

شرح الأخبار ج‏3ص194 .

رحم الله العباس وأخوته وجميع الشهداء عليهم السلام : ذهب لله محتسبا صابر مخلصا وفيا هاديا مهديا ، مطيعا لولي أمر الله وسيد شباب أهل الجنة وهو الآن معه في الرفيق الأعلى وفي أعلى مقامات الجنة التي أعدها الله لحججه وسادة الخلق وأئمة البشر ، فجعلنا الله معهم في الدارين ، في الدنيا نسير على منهجم وهداهم صابرين في جنب الله محبين لهم داعين لهداهم عالمين عاملين بدينهم ، وسائرين به بصراط مستقيم لكل نعيم الله تعالى ورضاه عبودية ونعيم وثواب جزيل إن شاء الله ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ورحم الله من قل آمين يا رب العالمين .


ما رثي به العباس عليه السلام

حفيد العباس يرثي جده :

قال حفيد العباس الشاعر : الفضل بن محمد بن الحسن بن عبيد اللّه بن العباس بن علي عليه السلام‏ ، وهو من شعراء القرن الثالث الهجري :

أحق الناس أن يبكى عليه‏

إذ أبكى الحسين بكربلاء

أخوه و ابن والده علي‏

أبو الفضل المضرّج بالدماء

و من واساه لا يثنيه شيء

و جاء له على عطش بماء

وقد شطرها العلامة محمد علي الاوردبادي رحمه الله فقال:

(أحق النــــــاس أن يبكى عليه) ** بدمع شـــــــــابه علق الدمـــــــــاء

بجنب العلقمي ســـــــــــري فهر ** ( فتى أبكى الحســـــين بكربلاء)

(أخوه وابن والــــــــــــده علي) ** هزبـــــر الملتقى رب اللــــــــــواء

صريعاً تحت مشتبك المواضي ** (أبو الفضل المضرج بالدمـــاء)

(ومن واســـــاه لا يثنيه شيء) ** عن ابن المصـــــطفى عند البلاء

وقد ملك الفـــــــــراتَ فلـم يذقه ** (وجــــــــاد له على عطش بماء)

****

وقد شطّرتُ أبيات الاوردبادي رحمه الله فجاءت:

(أحقُّ الناسِ أنْ يُبــــــكى عليــــه) ** ويُنعى في الصباحِ وفي المســــاءِ

فتجري العيــــــنُ من قـــلبٍ مُذابٍ ** (بدمـــعٍ شــــابَهُ عَلَقُ الدمـــــــاء)

(بجنبِ العــلقميِّ سَـــريُّ فهــــــرٍ ) ** ســليلُ المـــرتضى رمزُ الفــــــداء

وقد أشجى الملائكَ في مصــــابٍ ** (فتىً أبكى الحســــينَ بكربـــــلاءِ)

(أخـــــــــــوهُ وابنُ والــــده عـليٍّ) ** مُبيدُ عِـــداتهِ عنــــــــــد اللقـــــــاءِ

وإنْ حَمي الوطيسُ فمــــن ســـواهُ ** (هِزَبْرُ الملتــــقى ربُّ اللــــــواء؟)

(صريعاً تحت مُشْتَبَكِ المواضي) ** ليسقي بالدمـــــــا دَوْحَ الابـــــــاءِ

إذا انتسب الابــــا أولاه فخــــــراً ** (أبو الفضل المضرَّجِ بالدمـــــاءِ)

(ومن واســــاهُ لا يُثنيـــهِ شيءٌ) ** وإن مــــالتْ به كفُّ القضـــــــــاءِ

يجود بروحــــــه ويذبُّ قُدْمـــــاً ** (عن ابن المصطفى عند البـــلاءِ)

(وقد مَلَكَ الفــــراتَ فــلم يذقْـــهُ) ** وسُحْبُ الموتِ مُجْزِلَةُ العَطــــــاءِ

كفى العباسَ إذ واسى حســــــيناً ** (وجادَ له على عطشٍ بمــــــــاء)

الكميت بن زيد رحمه الله :

و أبو الفضل إنّ ذكرهم الحلو

شفاء النفوس من أسقام‏

قتل الأدعياء إذ قتلوه‏

أكرم الشاربين صوب الغمام‏

مقاتل الطالبيين ص55 .تسلية المجالس ج2ص328 .

شعراء آخرون :

و نعم ما قال الشاعر:

بذلت يا عباس نفس نفيسة

بنصر حسين عزّ بالنصر من قبل‏

أبيت التذاذ الماء قبل التذاذه‏

فحسن فعال المرء فرع من الاصل‏

فأنت أخو السبطين في يوم مفخر

و في يوم بذل الماء أنت أبو الفضل‏

شرح الأخبار ج3ص191 . تاريخ بغداد ج12ص136، أدب الطف ج9ص227، المقاتل ص 84 .

عن محمد بن الفضل كان من الشعراء المعاصرين للمأمون العباسي :

اني لأذكر العباس موقفه‏

بكربلاء و هام القوم تختلف‏

يحمي الحسين و يسقيه على ظمأ

و ل يولي و ل يثني و ل يقف‏

شرح الأخبار ج3ص194 .

ورحم الله الشيخ : حسن قفطان آل رباح فخذ من بني سعد المتوفى 1277:

وله يذكر أبا الفضل العباس بن أمير المؤمنين عليه السلام:

هيهات أن تجفو السهاد جفوني

أو أن داعية الاسى تجفوني

وأرى الخوامس في الهواجر كلما

حنت لورد فهو دون حنيني

كلا ولا الورقاء ريع فراخها

عن وكرهن أنينها كأنيني

أنى ويوم الطف أضرم في الحشا

جذوات وجد من لظى سجين

يوم أبو الفضل استفزت بأسه

فتيات فاطم من بني ياسين

في خير انصار براهم ربهم

للدين أول عالم التكوين

فرقى على نهد الجزارة هيكل

أنجبن فيه نتائج الميمون

متقلدا عضبا كأن فرنده

نقش الاراقم في خطوط بطون

وأغاث صبيته الظما بمزادة

من ماء مرصود الوشيج معين

ما ذاقه وأخوه صاد باذلا

نفسا بها لاخيه غير ضنين

حتى اذا قطعوا عليه طريقه

بسداد جيش بارز وكمين

وكتائب مشحونة مشحوذة

من يوم بدر أشحنت بضغون

فثنى مكردسها نواكص

وانثنى بنفوسها سلبا قرير عيون

أقرى السباع لحومها وعظامها

في مقفر بنجيعها مشحون

ودعته أسرار القضا لشهادة

رسمت له في لوحها المكنون

حسموا يديه وهامه ضربوه

في عمد الحديد فخر خير طعين

ومشى اليه السبط ينعاه

كسرت الان ظهري يا أخي ومعيني

عباس كبش كتيبتي وكنانتي

وسري قومي بل أعز حصوني

يا ساعدي في كل معترك به

أسطو وسيف حمايتي بيميني

لمن اللوى اعطى ومن هو جامع

شملي وفي ضنك الزحام يقيني

أمنازل الاقران حامل رايتي

ورواق أخبيتي وباب شؤوني

لك موقف بالطف أنسى أهله

حرب العراق بملتقى صفين

فرس كشفت بها الشريعة

انها عادت الي بصفقة المغبون

فمضيت محمود النقيبة فائزا

بحرير سندسها وحور عين

وتركتني بين العدى لا ناصر

يحمي حماي ولا يحامي دوني

رهن المنية بين آل أمية

ما حال مفقود العزيز رهين

عباس تسمع زينبا تدعوك

من لي يا حماي اذا العدى سلبوني

أولست تسمع ما تقول سكينة

عماه يوم الاسر من يحميني

كان الرجا بك أن تحل وثاقهم

لي بالحبال المؤلمات متوني

وتجيرني في اليتم من ضيم العدى

اليوم خابت في رجاك ظنوني

عماه ان أدنو لجسمك ابتغي

تقبيله بسياطهم ضربوني

عماه ما صبري وأنت مجدل

عار بلا غسل ولا تكفين

من مبلغ أم البنين رسالة

عن واله بشجائه مرهون

لا تسأل الركبان عن أبنائها

في كربلاء وهم أعز بنين

تأتي لأرض الطف تنظر

ولدها كابين بين مبضع وطعين

أدب الطف ـ الجزء السابع 114


زيارة أبا الفضل العباس عليه السلام :

يا طيب : وردت زيارات مختصرة لأبي الفضل العباس عليه السلام مع زيارات الإمام الحسين عليه السلام الخاصة في كل مناسبة من شهر رجب وشعبان ورمضان والأعياد والمناسبات الأخرى مثل عرفة وعاشوراء وغيرها ، فنذكر العامة وإن شاء الله نذكر الباقي حين إكمال صحيفة زيارة الإمام الحسين عليه السلام :

زيارة أبا الفضل العباس العامة :

قال الشيخ المفيد رحمه الله في المزار :

ثم امش حتى تأتي مشهد العباس بن علي عليه السلام فإذا أتيته .

فَقِفْ عَلَى بَابِ السَّقِيفَةِ :

وَ قُلْ :

سَلَامُ اللَّهِ : وَ سَلَامُ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَ أَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ ، وَ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ ، وَ جَمِيعِ الشُّهَدَاءِ وَ الصِّدِّيقِينَ ، وَ الزَّاكِيَاتِ الطَّيِّبَاتِ ، فِيمَا تَغْتَدِي وَ تَرُوحُ عَلَيْكَ ، يَا ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ .

أَشْهَدُ لَكَ : بِالتَّسْلِيمِ وَ التَّصْدِيقِ ، وَ الْوَفَاءِ وَ النَّصِيحَةِ ، لِخَلَفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ الْمُرْسَلِ ، وَ السِّبْطِ الْمُنْتَجَبِ ، وَ الدَّلِيلِ الْعَالِمِ ، وَ الْوَصِيِّ الْمُبَلِّغِ ، وَ الْمَظْلُومِ الْمُهْتَضَمِ .

فَجَزَاكَ اللَّهُ : عَنْ رَسُولِهِ ، وَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ عَنْ فَاطِمَةَ ، وَ عَنِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، أَفْضَلَ الْجَزَاءِ ، بِمَا صَبَرْتَ وَ احْتَسَبْتَ ، وَ أَعَنْتَ‏ ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ .

لَعَنَ اللَّهُ : مَنْ قَتَلَكَ ، وَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ‏، وَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَهِلَ حَقَّكَ ، وَ اسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ ، وَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ حَالَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَاءِ الْفُرَاتِ‏ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ : قُتِلْتَ مَظْلُوماً ، وَ أَنَّ اللَّهَ مُنْجِزٌ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ .

جِئْتُكَ يَا ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ : وَافِداً إِلَيْكُمْ ، وَ قَلْبِي مُسَلِّمٌ لَكُمْ وَ تَابِعٌ ، وَ أَنَا لَكُمْ تَابِعٌ ، وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ‏ بِأَمْرِهِ‏ ، وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ‏ ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ ، لَا مَعَ عَدُوِّكُمْ ، إِنِّي بِكُمْ وَ بِإِيَابِكُمْ‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ بِمَنْ خَالَفَكُمْ وَ قَتَلَكُمْ مِنَ الْكَافِرِينَ ، قَتَلَ‏ اللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالْأَيْدِي وَ الْأَلْسُنِ .

ثم ادخل و انكب على القبر :

و قل :السَّلَامُ عَلَيْكَ : أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ ، الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ ، وَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، وَ مَغْفِرَتُهُ وَ رِضْوَانُهُ ، وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ .

أَشْهَدُ وَ أُشْهِدُ اللَّهَ : أَنَّكَ مَضَيْتَ ، عَلَى مَا مَضَى‏ بِهِ‏ الْبَدْرِيُّونَ ، وَ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، الْمُنَاصِحُونَ لَهُ فِي جِهَادِ أَعْدَائِهِ ، الْمُبَالِغُونَ فِي نُصْرَةِ أَوْلِيَائِهِ ، الذَّابُّونَ عَنْ أَحِبَّائِهِ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ ، وَ أَكْثَرَ الْجَزَاءِ ، وَ أَوْفَرَ جَزَاءِ أَحَدٍ ، مِمَّنْ وَفَى بِبَيْعَتِهِ، وَ اسْتَجَابَ لَهُ دَعْوَتَهُ ، وَ أَطَاعَ وُلَاةَ أَمْرِهِ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ : قَدْ بَالَغْتَ‏ فِي النَّصِيحَةِ ، وَ أَعْطَيْتَ غَايَةَ الْمَجْهُودِ ، فَبَعَثَكَ اللَّهُ فِي الشُّهَدَاءِ ، وَ جَعَلَ رُوحَكَ مَعَ أَرْوَاحِ السُّعَدَاءِ ، وَ أَعْطَاكَ مِنْ جِنَانِهِ أَفْسَحَهَا مَنْزِلًا ، وَ أَفْضَلَهَا غُرَفاً ، وَ رَفَعَ ذِكْرَكَ فِي‏ الْعِلِّيِّينَ ، وَ حَشَرَكَ مَعَ‏ النَّبِيِّينَ‏ ، وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ ، وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً .

أَشْهَدُ أَنَّكَ : لَمْ تَهِنْ وَ لَمْ تَنْكُلْ ، وَ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ ، مُقْتَدِياً بِالصَّالِحِينَ ، وَ مُتَّبِعاً لِلنَّبِيِّينَ ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ ، وَ بَيْنَ رَسُولِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ ، فِي مَنَازِلِ الْمُخْبِتِينَ‏ ، فَإِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .

الصلاة والدعاء عنده :

ثم انحرف إلى عند الرأس : فصل ركعتين ، ثم صل بعدهما ما بدا لك ، و ادع الله كثيرا.

و قل عقيب الركعات :

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ لَا تَدَعْ لِي فِي هَذَا الْمَكَانِ الْمُكَرَّمِ ، وَ الْمَشْهَدِ الْمُعَظَّمِ ، ذَنْباً إِلَّا غَفَرْتَهُ ، وَ لَا هَمّاً إِلَّا فَرَّجْتَهُ ، وَ لَا كَرْباً إِلَّا كَشَفْتَهُ ، وَ لَا مَرَضاً إِلَّا شَفَيْتَهُ ، وَ لَا عَيْباً إِلَّا سَتَرْتَهُ ، وَ لَا رِزْقاً إِلَّا بَسَطْتَهُ ، وَ لَا خَوْفاً إِلَّا آمَنْتَهُ ، وَ لَا شَمْلًا إِلَّا جَمَعْتَهُ ، وَ لَا غَائِباً إِلَّا حَفِظْتَهُ وَ أَدَّيْتَهُ ، وَ لَا حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ، لَكَ فِيهَا رِضًى ، وَ لِيَ فِيهَا صَلَاحٌ ، إِلَّا قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

عند رجليه المباركة :

ثم عد إلى الضريح : فقف عند الرجلين .

و قل :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا أَبَا الْفَضْلِ الْعَبَّاسَ بْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أَوَّلِ الْقَوْمِ إِسْلَاماً ، وَ أَقْدَمِهِمْ إِيمَاناً ، وَ أَقْوَمِهِمْ بِدِينِ اللَّهِ ، وَ أَحْوَطِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ .

أَشْهَدُ : لَقَدْ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ ، وَ لِأَخِيكَ ، فَنِعْمَ الْأَخُ الْمُوَاسِي ، فَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ ، وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ ، وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً اسْتَحَلَّتْ مِنْكَ الْمَحَارِمَ ، وَ انْتَهَكَتْ فِيكَ حُرْمَةَ الْإِسْلَامِ .

فَنِعْمَ : الصَّابِرُ الْمُجَاهِدُ ، الْمُحَامِي النَّاصِرُ ، وَ الْأَخُ الدَّافِعُ عَنْ أَخِيهِ ، الْمُجِيبُ إِلَى طَاعَةِ رَبِّهِ ، الرَّاغِبُ فِيمَا زَهِدَ فِيهِ غَيْرُهُ مِنَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ ، وَ الثَّنَاءِ الْجَمِيلِ ، فَأَلْحَقَكَ اللَّهُ بِدَرَجَةِ آبَائِكَ فِي دَارِ النَّعِيمِ .

اللَّهُمَّ : إِنِّي تَعَرَّضْتُ لِزِيَارَةِ أَوْلِيَائِكَ ، رَغْبَةً فِي ثَوَابِكَ ، وَ رَجَاءً لِمَغْفِرَتِكَ ، وَ جَزِيلِ إِحْسَانِكَ ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَ أَنْ تَجْعَلَ رِزْقِي بِهِمْ دَارّاً ، وَ عَيْشِي بِهِمْ قَارّاً ، وَ زِيَارَتِي بِهِمْ مَقْبُولَةً ، وَ حَيَاتِي بِهِمْ طَيِّبَةً ، وَ أَدْرِجْنِي إِدْرَاجَ الْمُكْرَمِينَ ، وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يَنْقَلِبُ مِنْ زِيَارَةِ مَشَاهِدِ أَحِبَّائِكَ ، مُنْجِحاً قَدِ اسْتَوْجَبَ غُفْرَانَ الذُّنُوبِ ، وَ سَتْرَ الْعُيُوبِ ، وَ كَشْفَ الْكُرُوبِ ، إِنَّكَ‏ أَهْلُ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ .

كتاب المزار ومناسك المزار للمفيد ص121ب55 .

وداع العباس :

وقال رحمه الله باب وداع العباس بن علي‏ عليه السلام : فإذا أردت وداعه للانصراف فقف عند الرأس‏ .

و قل :

أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ : وَ أَسْتَرْعِيكَ ، وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِكِتَابِهِ ، وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ اكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي ، قَبْرَ ابْنِ أَخِي رَسُولِكَ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، وَ ارْزُقْنِي زِيَارَتَهُ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي ، وَ احْشُرْنِي مَعَهُ ، وَ مَعَ آبَائِهِ فِي الْجِنَانِ ، وَ عَرِّفْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ ، وَ بَيْنَ رَسُولِكَ وَ أَوْلِيَائِكَ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى الْإِيمَانِ بِكَ ، وَ التَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ ، وَ الْوَلَايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَ الْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، وَ الْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوِّهِمْ ، فَإِنِّي رَضِيتُ بِذَلِكَ ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .

وَ ادْعُ لِنَفْسِكَ : و لوالديك و للمؤمنين و المؤمنات ، و تخير من الدعاء ما شئت ، ثم ارجع إلى مشهد الحسين عليه السلام، وأكثر من الصلاة فيه و الزيارة و الدعاء .

و ليكن رحلك : بنينوى أو الغاضرية ، و خلوتك للنوم و الطعام و الشراب هناك ، فإذا أردت الرحيل فودع الحسين صلوات الله عليه‏ .

كتاب المزار للمفيد ص125ب56 .

الزيارة من كامل الزيارات :

ثم ادخل فانكب على القبر و قل و أنت مستقبل القبلة :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ ، الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ ، وَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَ سَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ، مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ مَغْفِرَتُهُ ، وَ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ الْبَدْرِيُّونَ ، الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، الْمُنَاصِحُونَ لَهُ فِي جِهَادِ أَعْدَائِهِ ، الْمُبَالِغُونَ فِي نُصْرَةِ أَوْلِيَائِهِ ، الذَّابُّونَ عَنْ أَحِبَّائِهِ .

فَجَزَاكَ اللَّهُ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ ، وَ أَكْثَرَ الْجَزَاءِ ، وَ أَوْفَرَ الْجَزَاءِ مِمَّنْ وَفَى بِبَيْعَتِهِ ، وَ اسْتَجَابَ لَهُ دَعْوَتَهُ ، وَ أَطَاعَ وُلَاةَ أَمْرِهِ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَالَغْتَ فِي النَّصِيحَةِ ، وَ أَعْطَيْتَ غَايَةَ الْمَجْهُودِ .

فَبَعَثَكَ اللَّهُ فِي الشُّهَدَاءِ ، وَ جَعَلَ رُوحَكَ مَعَ أَرْوَاحِ السُّعَدَاءِ ، وَ أَعْطَاكَ مِنْ جِنَانِهِ أَفْسَحَهَا مَنْزِلًا ، وَ أَفْضَلَهَا غُرَفاً ، وَ رَفَعَ ذِكْرَكَ فِي الْعِلِّيِّينَ ، وَ حَشَرَكَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ ، وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ ، وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً .

أَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَهِنْ وَ لَمْ تَنْكُلْ ، وَ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِك، َمُقْتَدِياً بِالصَّالِحِينَ ، وَ مُتَّبِعاً لِلنَّبِيِّينَ ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله ، وَ أَوْلِيَائِهِ ، فِي مَنَازِلِ الْمُخْبِتِينَ ، فَإِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .

ثم انحرف إلى عند الرأس : فصل ركعتين تطوعا أمام مسألة حوائجك ، ثم تصلي بعدهما بما بدا لك و ادع الله كثيرا .

باب وداع العباس رحمه الله :

إذا أردت وداعه فقف عند القبر و قل :

أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَ أَسْتَرْعِيكَ ، وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِكِتَابِهِ ، وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي قَبْرَ ابْنِ أَخِي رَسُولِكَ ، وَ ارْزُقْنِي زِيَارَتَهُ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي ، وَ احْشُرْنِي مَعَهُ وَ مَعَ آبَائِهِ فِي الْجِنَانِ ، وَ عَرِّفْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ رَسُولِكَ وَ أَوْلِيَائِكَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى الْإِيمَانِ بِكَ وَ التَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ ، وَ الْوَلَايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةِ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وَ الْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوِّهِمْ ، فَإِنِّي رَضِيتُ بِذَلِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ,

كامل ‏الزيارات ص 257ب85ح1.


الأبوذية المختصرة والمفصلة :

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

العباس تلميذ للأئمة وعنده علمهم

وفي للسادة أبو فاضل وهو علمهم

أبكربلا حامى وسقى وبيده علمهم

مغوار وعلى المشرعة غدروه آل أمية

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

تلميذ مخلص لأبيه الوصي والحسن والحسين وعنده علمهم

أبو فاضل الوفي مولى للأئمة سادتنا و قادتنا و هو علمهم

أبكربلا حماي الحمة ساقي العطاشى وبالوغى بيده علمهم

مغوار أقتحم المشرعة ليسقي طفلهم غدروه أتباع آل أمية

أبوذية وجوده مختصرة ومفصلة :

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

أبو فاضل النشم قدم لنصر العدل والاصلاح كل وجوده

أسرع للمشرعة ساقي الحمه خيال ومعه سيفه وجوده

يطلب الماء ليروي بقية الثقلين وآله وهذا كرمه وجوده

وفدى روحه وبدنه تقطع قطع بغدر أعوان بني أمية

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

أبو فاضل الشهم قدم كل وجوده

للمشرعه اسرع ومعه سيفة وجوده

ليروي بقية الثقلين بكرمه وجوده

وتقطع بدنه بغدر أتباع آل أمية

شرح الأبوذية :

وجوده : حققيقته نفسه وبدنه .

وجوده : و جود ه ، جود السقاء قربة الماء ـ جود معطوف بالواو مع هاء الغائب وهو قمر بني هاشم.

وجوده : جواد كريم مؤثر نفسه لآل محمد عليه السلام بكل جود ، وجوده ، جود قبله و معطوف بواو مع هاء الغائب في آخره التي تعود على أبا الفضل العباس عليه السلام .


عناوين مفيدة

تقبل الله أعمالكم وشكر سعيك

صحيفة سيد الشهداء

أبا عبد الله الحسين عليه السلام

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موقع موسوعة صحف الطيبين

فهرس 3000 ثلاثة آلاف صفحة عن الإمام الحسين عليه السلام

www.alanbare.com/3/f

أو الصفحة الأصلية :

www.alanbare.com/3

صحيفة

أبو الفضل العباس عليه السلام

ولحضرتكم يا طيبين صحيفة قمر بني هاشم عليه السلام وشرح أبوذية علمهم في صفحة ويب يمكن الاقتباس منها والنسخ واللصق والتبليغ والنشر

www.alanbare.com/ab

وهي هذه الحاضرة بين يديك وهذا عنوانها لتبليغه وتعريفه لمن تحب ولكم الشكر الجزيل

تحميل pdf كتاب الكتروني للمطالعة بصورة جيدة على المبايل والحاسب والأتحفاظ به أو ومشاركته وارساله لمن تحب
www.alanbare.com/ab/ab.pdf

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وآله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com





  ف

       

ت