بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين

في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




صحيفة الصديقة الطاهرة الجدة فاطمة بنت أسد

عليها السلام

المقدمة :

بسم الله الرحمن الرحيم : اللهم صل على محمد وآل محمد .

يا طيب : بين يديكم الكريمة صحيفة الجدة فاطمة بنت أسد عليها السلام ، فهي الصديقة العفيفة النقية ، والأم المطهرة الطيبة ، والجدة التقية الوفية ، والبرة المؤمنة المهدية ، والناصرة للرسول ودين الله قبل الهجرة وبعدها ، أم آل أبي طالب وأم سيد المرسلين بالكفالة والنصرة والتأييد والمحبة ، والمجهول حقه والمنسي ذكرها، وإنه لقليل من يعرف شأنها العظيم وفضلها الجسيم .

فهي الكريمة العزيزة : عند النبي والوصي والأئمة والمؤمنين ، كافلة سيد المرسلين والمقيمة بأمره ورعاية شؤونه 17 سبعة عشر سنة بل لآخر عمره ، وعاش في بيتها رسول الله معززا مكرما حتى تزوج ، وكان يقيل في بيتها كثيرا من الزمان حتى بعد زواجه بخديجة ، فيشعر بالراحة والنصر والتأييد في بيت العطف والحنان فإنها كأمه ، فكانت أول المؤمنات الموقنات من النساء بعد خديجة ، وأول المهاجرات للنبي في المدينة.

فهي السيد الجليلة والطاهرة الصديقة : فاطمة بنت أسد بن هشام، أم أمير المؤمنين وسيد الوصيين ، زوجة سيد البطحاء وكافل الرسول والمحامي عنه حتى أدى رسالة الله في مكة المكرمة ممنوع الجانب مهاب الشأن معززا .

وبعد الهجرة كانت هي : التي ترعاهم في المدينة المنورة ، وكانت الأم الحنون لهم ، والجدة العطوفة فكانت عون لفاطمة الزهراء في أمورها قبل الهجرة وبعده ومعينة لها في منزلها وتربية أحفادها الحسن والحسين عليهم السلام.

فهي المؤمنة الصالحة : والذي قال في حقها النبي : ( أمي بعد أمي ) وحزن عليها وبكى لوفاته ، وكفنها برداءه ونزل قبرها وتمرغ فيه وسوى ترابه لها بجسده الطاهر ولقنها بنفسه ولاية أبنها.

وهي عليها السلام : الوحيدة بعد المعصومين تنجوا من ضغطة القبر ، وتنشر مستورة بلباس رسول الله ، المبشرة بالجنة عدة مرات ، المتوفاة في يوم 23 صفر سنة 5 خمسة للهجرة ، ومرقدها في البقيع الغرقد وقد دفن عندها أربعة أئمة من أحفادها المعصومين الحسن المجتبى وعلي بن الحسين زين العابدين ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهم السلام ، حتى بحق يقال : الجنة تحت أقدام الأمهات، فـالسَّلَامُ : عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ الْهَاشِمِيَّةِ السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا كَافِلَةَ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ....

يا طيب : تجد في الصحيفة تفصيل وشرح وبأحاديث مسنده ، كل ما ذكرنا من المعارف المختصرة أعلاه إن شاء الله .

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن الأنباري

موسوعة صحف الطيبين


صحيفة الصديقة الطاهرة الجدة فاطمة بنت أسد عليها السلام
https://www.alanbare.com/jdh/
الصحيفة كتاب الكتروني
https://www.alanbare.com/jdh/jdh.pdf

صحيفة الصديقة الطاهرة الجدة فاطمة بنت أسد عليها السلام

صحيفة الصديقة الطاهرة الجدة فاطمة بنت أسد عليها السلام

معنى جدة

صحيفة الصديقة الطاهرة الجدة فاطمة بنت أسد عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الِأنباري إذ شرح ما قال في معنى الجدة


السلام على كريمة أبو طالب وللسادة جده

الخيرةالبارة المؤمنة بتعاليم الدين بكل جده

بموتها قال النبي أمي وجعل قميصه لها جده

يحيط بها كفنا يوقيها كل أهوال ما بعد المنية





السلام على كريمة أبو طالب فاطمة بنت اسد وللسادة جده

معنى جدة أم الأم وأم الأب :

جَدّة : اسم والجمع جَدَّات ، و الجَدّةُ أمّ الأب أو أمّ الأمّ وإن عَلَت . و الجَدُّ : أَبو أَب و أَبو الأُم و الجمع‏ أَجدادٌ و جُدود و إن علا . وسميت مدينة جدة في الحجاز لأنه فيها مرقد جدة جميع البشر حواء عليه السلام ، و الصديقة الصالحة والبرة الخيرة و المؤمنة الموقنة والوفية الكريمة نفس وأصلا فاطمة بنت أسد بن هشام بن نوفل ، كريمة سيد البطحاء وزوجة سيد المحامين وكفيل سيد المرسلين وناصر خاتم النبيين أبو طالب ، و أم أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليها السلام هي جدة لكل السادة من بني هاشم ، وقال النبي في حقه أنها أمي بعد أمي ، وذكر أن وفاتها في سنة 4 ، أو 5 من الهجرة في 23 صفر ، مرقده في البقيع ودفن عندها أربعة أئمة من أحفادها الحسن المجتبى وعلي زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق عليهم السلام ، وحزن عليها النبي الأكرم وكفنها بقميصه ورداءه ونزل قبرها وقال هي الوحيدة التي يوقيها الله ضغطة القبر ببركة دعاء النبي له ولكفالتها له ورعايته وعنايته به 17 سبعة عشر سنة في بيتها.

نسب فاطمة بنت أسد :

يا طيب : نسبها كريم وأصلها رفيع ، وهم سادة قريش والعرب والنخبة من ذرية إسماعيل وإبراهيم ونوح وآدم عليهم السلام ، ونسبها نسب النبي الأكرم والإمام علي صلى الله عليهم وسلم .

أسمها الكريم وأبيها :

فاطمة : بنت أسد ، بن هاشم ، بن عبد مناف ، بن قصي ، بن كلاب ، بن مرة ، بن كعب ، بن لؤي ، بن غالب ، بن فهر ، بن مالك ، بن النضر ، بن كنانة ، بن خزيمة ، بن مدركة ، بن إلياس ، بن مضر ، بن نزار ، بن معد ، بن عدنان .

فهي تلتقي : بالنبي الأكرم وأبي طالب في هشام ، وهي هاشمية ، أي تصير بنت عم أبي طالب عليهم الصلاة والسلام .

ووالدها أسد رحمه الله :

أسد بِن هاشم : كانَ تاجِراً وشَريفَاً مِن أشراف العرب في الجاهلية من قبيلة قريش. وَهو ، ابن هاشم بن عبد مناف والأخ غير الشَقيق لعبد المطلب بن هاشم أي من أم ثانية من زوجات هشام جد اسد وعبد المطلب.

وعم : أبو طالب مناف بن عبد المطلب والد الإمام علي عليه السلام ، وعم عبد الله بن عبد المطلب والِد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وحمزة بن عبد المطلب ، والعباس بن عبد المطلب .

وهو والد : للصحابية الجليلَة فاطمة بنت أسد زوجة أبو طالب بن عبد المطلب .

وجَد : طالب وعقيل وجعفر وعلي وأم هاني وجمانة أبناء أبي طالب .

اسم أمهات الجدة :

يا طيب : اسم أمهات فاطمة بنت أسد ، هو اسم أمهات وجدات أمير المؤمنين والأئمة المعصومين من ذريته وجداتهم ، فنذكره كم قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ، وقد ذكر في حياة أبنها جعفر الطيار عليه السلام ، باعتباره أول شهيد وقتيل من الطالبيين :

وكان جعفر بن أبي طالب : الثالث من ولد أبيه، وكان طالب أكبرهم سنا ، ويليه عقيل، و يلي عقيلا جعفر ، و يلي جعفرا علي .

وكل واحد منهم : أكبر من صاحبه بعشر سنين، وعلي أصغرهم سنا .

حدثني بذلك : أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال : حدثنا يحيى بن الحسن ابن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال : حدثنا الحسن بن محمد، قال : حدثنا ابن أبي السري ، عن هشام بن محمد الكلبي ، عن أبيه / عن أبي صالح عن ابن عباس :

وأمهم جميعا : فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف .

وأمها : فاطمة ، وتعرف بحبى بنت رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي .وأمها : حدية ، بنت وهب بن ثعلبه بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب ابن فهر.

وأمها : فاطمة ، بنت عبيد بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي.

وأمها : سلمى ، بنت عامر بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث ابن فهر.

وأمها : عاتكة ، بنت أبي همهمة ، واسم أبي همهمة عمرو بن عبد العزى بن عامر ابن عميرة بن أبي وديعة بن الحارث بن فهر.

وأمها : تماضر ، بنت أبي عمرو بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي.

وأمها : حبيبة ، وهي أمة الله بنت عبد ياليل بن سالم بن مالك بن حطيط بن جشم بن قسى وهو ثقيف .

وأمها : فلانة ، بنت مخزوم بن أسامة بن صبح بن وائلة بن نصر بن صعصعة بن ثعلبة بن كنانة بن عمرو بن قين بن فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر.

وأمها : ريطة ، بنت يسار بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف.

وأمها : كلية بنت قصية بن سعد بن بكر بن هوازن.

وأمها : حبى ، بنت الحارث بن النابغة بن عميرة بن عوف بن نصر بن معاوية ابن بكر بن هوازن.

مقاتل الطالبيين ص 4 .

قال ابن سعد في الطبقات :

فاطمة : بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي .

وأمها : فاطمة ، بنت قيس بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن بغيض بن عامر بن لؤي ، وهي ابنة عم زائدة بن الأصم بن هرم بن رواحة جد خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي زوج رسول الله صلى الله عليه و سلم من قبل أمه .

وكانت : فاطمة بنت أسد زوج أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، فولدت له طالبا وعقيلا وجعفرا وعليا وأم هانئ وجمانة وريطة بني أبي طالب .

وأسلمت : فاطمة بنت أسد ، وكانت امرأة صالحة وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزورها ويقيل في بيتها .

الطبقات الكبرى ج8ص222 .

الجدة فاطمة بنت أسد في سطور :

فاطمة : بنت أسد بن هشام :

ولدت : في مكة المكرمة .

زوجة : أبي طالب عم الرسول محمد ، وكانت أول امرأة هاشمية تتزوج رجلاً هاشمياً .

والدة : علي بن أبي طالب .

كفلت : سيد المرسلين ، وكانت كأم لمحمد بن عبد الله رسول الإسلام منذ صغره .

أسلمت : فاطمة بنت أسد ، بعد خديجة الكبرى ، وفي رواية قبله .

هاجرت : أول النساء إلى المدينة المنورة مع أبنها علي بن ابي طالب عليه السلام .

شهدت : بدر تداوي الجرحى .

وتوفيت : في السنة 4 للهجرة النبوية في 23 صفر .

ودفنت : في مقبرة البقيع ، وحول مرقدها أربع أئمة من أحفاده .

الوحيدة: التي تأمن ضغطت القبر ، وتحشر مستورة بلباس رسول الله بعد الأئمة .

فسلام الله وصلاته عليها وعلى آلها.

وقال أبو الفرج في المقاتل :

وفاطمة : بنت أسد بن هاشم ، أول هاشمية تزوجت هاشميا وولدت له .

وأدركت : النبي صلى الله عليه وآله ، فأسلمت وحسن إسلامها .

وأوصت إليه : حين حضرتها الوفاة فقبل وصيتها ، وصلى عليها ونزل في لحدها واضطجع معها فيه وأحسن الثناء عليها .

مقاتل الطالبيين ص 4 .

أبناء فاطمة بنت أسد :

يا طيب : أبناء فاطمة بنت أسد هم أخوت وأخوات علي بن أبي طالب ، وأعمام وعمات الحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام ، وهم :

طالب : بن ابي طالب .

عقيل : بن أبي طالب .

جعفر : الطيار بن أبي طالب .

علي : أمير المؤمنين وسيد الوصيين بن أبي طالب عليه السلام .

أم هانئ : زوجة هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم ، مهاجرة.

جمانة : تزوجها أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، وهي أيض هاجرت للمدينة.

طهارة ونور فاطمة بنت أسد:

يا طيب : إن من أبناء فاطمة بنت أسد أكرم خلق الله بعد سيد المرسلين وهو سيد الوصيين وأمير المؤمنين وولي أمر الله تعالى في عباده بعده أخيه خاتم النبيين ، ثم جعفر الطيار في الجنة رحمه الله وهو أكبر من أمير المؤمنين بعشر سنوات ، وأكبر منه بعشر سنوات عقيل رحمه ، وأكبر من منه بعشر سنوات طالب رحمه الله ، وستأتي بعض المعرفة عنهم وعن أخواتهم رحمهم الله ، ثم أحفادها الأئمة المعصومين عليهم السلام ، بل تنزل أعلى تجلي لنور الله فيها وكانت مستودع لخير خلق الله بعد رسول الله صلى الله عليها وعليهم أجمعين :

فاطمة بنت أسد من المطهرات :

قال الله تعالى : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ

أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا

(33) } الأحزاب .

يا طيب : جاء في العقائد أن أباء الأنبياء والأوصياء مؤمنون ، وهم على دين إبراهيم عليه السلام بل من آدم ونوح عليهم السلام ، كما أن أمهاتهم نساء مطهرات طيبات خيرات صالحات مؤمنات ، وهم ينتقلون بنورهم في أصلاب وأرحام مطهرة ، بالإضافة للأحاديث تصرح به زياراتهم في كثير من المواضع ، وتعد من أعلى مناقبهم وفضائلهم عليهم السلام .

وإن سيد الأوصياء بعد سيد الأنبياء : هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وأمه فاطمة بنت أسد ، فهي مؤمنة مطهرة خيرة صالحة ، ولهذا خصت بالحمل به ، وكانت على دين إبراهيم ثم على دين نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي من أول المؤمنات بعد خديجة كما سيأتي ، وهي أول المهاجرات من المؤمنات للمدينة المنورة ، وبهذا نعرف أن فاطمة بنت أسد سيدة من سيادات أهل الدنيا والآخرة ، ولها مقام عالي مع خديجة وفاطمة ومريم وأسيا ، ممن لهن المنزلة العظيمة في نساء أهل الدنيا والآخرة ، ولمعرفة هذا المعنى نذكر طهارتها والنور النازل فيها :

قال الشيخ الطوسي رحمه الله : بسنده عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول :

كنت أنا و علي : عن يمين العرش نسبح الله ، قبل أن يخلق آدم بألفي عام ، فلما خلق آدم جعلنا في صلبه.

ثُمَّ نَقَلَنَا : مِنْ صُلْبِ إِلَى صُلْبِ :

فِي أَصْلَابِ الطَّاهِرِينَ .

وَ أَرْحَامِ : الْمُطَهَّرَاتِ‏ .

حَتَّى انْتَهَيْنَا : إِلَى صُلْبِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَقَسَمَنَا قِسْمَيْنِ :

فَجَعَلَ : فِي عَبْدِ اللَّهِ نِصْفاً، وَ فِي أَبِي طَالِبٍ نِصْفاً .

وَ جَعَلَ : النُّبُوَّةَ وَ الرِّسَالَةَ فِيّ َ.

وَ جَعَلَ : الْوَصِيَّةَ وَ الْقَضِيَّةِ فِي عَلِيٍّ .

ثُمَّ اخْتَارَ لَنَا اسْمَيْنِ : اشْتَقَّهُمَا مِنْ أَسْمَائِهِ .

فَاللَّهُ : الْمَحْمُودُ وَ أَنَا مُحَمَّدٌ .

وَ اللَّهُ : الْعَلِيُّ وَ هَذَا عَلِيٌّ .

فَأَنَا : لِلنُّبُوَّةِ وَ الرِّسَالَةِ .

وَ عَلِيٌّ : لِلْوَصِيَّةِ وَ الْقَضِيَّةِ .

الأمالي للطوسي ص183م7ح307- 9 .

والحديث : نص في أن فاطمة بنت أسد وآمنة بنت وهب من المطهرات، وهذا حديث آخر يؤكده :

قال الإمام الصادق عليه السلام :

إن الله كان إذ لا كان : فخلق الكان و المكان ، و خلق نور الأنوار الذي نورت منه الأنوار ، و أجرى فيه من نوره الذي نورت منه الأنوار .

و هو النور : الذي خلق منه محمدا و عليا ، فلم يزالا نورين‏ أولين إذ لا شيء كون قبلهما .

فَلَمْ يَزَالا يَجْرِيَانِ : طَاهِرَيْنِ مُطَهَّرَيْنِ فِي الْأَصْلَابِ الطَّاهِرَةِ .

حَتَّى افْتَرَقَا : فِي أَطْهَرِ طَاهِرِينَ ، فِي عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِي طَالِبٍ عليهم السلام .

الكافي ج1ص442ب111ح9 .

طبعا : ومنهما أنتقل النور لمطهرات آمنة بنت وهب ، وفاطمة بنت أسد رحمهم الله .

وعن فرات الكوفي : بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه‏ ، في قول الله عز و جل : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبً وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) } الفرقان.

قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ نُطْفَةً بَيْضَاءَ مَكْنُونَةً ، فجعلها في صلب آدم ، ثم نقلها من صلب آدم إلى صلب شيث ، و من صلب شيث إلى صلب أنوش ، و من صلب أنوش إلى صلب قينان .

حَتَّى تَوَارَثَتْهَا :

كِرَامُ الْأَصْلَابِ

فِي مُطَهَّرَاتِ‏ الْأَرْحَامِ .

حتى جعلها الله : في صلب عبد المطلب ، ثم قسمها نصفين .

فألقى نصفها إلى صلب عبد الله .

و نصفها إلى صلب أبي طالب .

و هي سلالة : فولد :

لعبد الله محمد صلى الله عليه وآله .

و لأبي‏ طالب علي عليه السلام .

فذلك قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرً فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) } الفرقان.

زوج : فاطمة بنت محمد ـ فعلي من محمد و محمد من علي ، و الحسن و الحسين و فاطمة نسبا و علي الصهر .

تفسير فرات الكوفي ص292ح394 . فعلي : صهرا وله نفس النسب.

فهذه النطفة : الطيبة الطاهرة سكنت في الطيبة الطاهرة آمنة بنت وهب ، وفاطمة بنت أسد حتى ظهرت بعلي بن أبي طالب ، واجتمعت في فاطمة الزهراء ، ثم أمهات الأئمة صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، وهذا شأن كريم لها لم يحصل إل في سلسلة الزمان كل فترة منه إلا في واحدة ، لأنه بعد وفاة آمنه بأكثر من عشرين سنة ولد علي عليه السلام ، فكانت فاطمة بنت أسد الطاهرة المطهرة مستودعا له رحمه الله .

وفي زيارة أئمة البقيع عليهم السلام : الحسن المجتبى وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق عليهم السلام ، تقول : السلام عليكم أئمة الهدى ، السلام عليكم أهل التقوى ، السلام عليكم الحجة على أهل الدنيا ...

و أنكم : دعائم الدين ، و أركان الأرض ، وَ لَمْ تَزَالُوا بِعَيْنِ اللَّهِ .

يَنْسَخُكُمْ : فِي أَصْلَابِ كُلِّ مُطَهَّرٍ .

وَ يَنْقُلُكُمْ : فِي أَرْحَامِ الْمُطَهَّرَاتِ‏.

لَمْ تُدَنِّسْكُمُ : الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ ، وَ لَمْ تَشْرَكْ فِيكُمْ فِتَنُ الْأَهْوَاءِ .

طِبْتُمْ : وَ طَابَ مَنْبِتُكُمْ ، مَن بكم علينا ديان الدين ، فجعلكم‏ في بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه‏ ، و جعل صلواتنا عليكم رحمة لنا و كفارة لذنوبنا ، إذا اختاركم لنا و طيب خلقنا بما من به علينا من ولايتكم.

الكافي ج4ص559ح1 .

والرحم المطهر : هو رحم فاطمة بنت أسد ، لأنه رحم أبيهم أول ومنه انتقلوا لفاطمة الزهراء ثم لأمهاتهم .

وجاء عن الشيخ الطوسي بسنده : عن صفوان بن مهران الجمال قال: قال لي مولاي الصادق صلوات الله عليه في زيارة الأربعين ، تزور عند ارتفاع النهار ، و تقول :

السلام على : ولي الله و حبيبه السلام على خليل الله و نجيبه السلام على صفي الله و ابن صفيه السلام على الحسين المظلوم الشهيد ......السلام على أسير الكربات و قتيل العبرات اللهم إني أشهد أنه وليك و ابن وليك و صفيك و ابن صفيك الفائز بكرامتك أكرمته بالشهادة و حبوته بالسعادة

و اجتبيته بطيب الولادة :

و جعلته سيدا من السادة ...

بأبي أنت و أمي : يا ابن رسول الله .

أشهد أنك : كنت نورا :

في الأصلاب الشامخة .

و الأرحام الطاهرة .

لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ، و لم تلبسك المدلهمات‏ من ثيابه .

و أشهد أنك : من دعائم الدين و أركان المسلمين و معقل المؤمنين و أشهد أنك الإمام البر التقي الرضي الزكي الهادي المهدي .و أشهد أن الأئمة من ولدك : كلمة التقوى و أعلام الهدى و العروة الوثقى و الحجة على أهل الدني ......

تهذيب الأحكام ج6ص113ح201/ 17. و المزار الكبير ص514ب10 .

ويا طيب : الشهادة والإقرار والاعتراف للحسين عليه السلام بأنه نور متنقل في الأرحام المطهرة ، دليل قطعي على أن فاطمة بنت أسد بعد فاطمة الزهراء وخديجة الكبرى ، هي كانت رحم له ولأخيه ولأبيهم ، وكلهم مطهرون من مطهرين من مطهرات ، وهذا شهادة لفاطمة بنت أسد في الحقيقة من كل المؤمنين الذين يزورون الإمام الحسين عليه السلام في الأربعين وفي غيره من الزيارات ، بأنها عليه السلام كانت من المطهرات ،والمخصوصات بكرامة الله تعالى .

كما أن : معنى أن الجاهلية لم تمسهم بأنجاسها ، وهو الشرك ، فتدل على أنهن مؤمنات بالله تعالى ، وليس لهم مدلهمات أي ظلمات الضلال والمعصية والذنوب التي عليها أهل الجاهلية ، فنورها عالي وتنور بأعلى نور بعلي عليه السلام حتى أنتقل إليها ولفاطمة ثم لأبنائهم وأحفادهم ، وبهم ننجو من حيرة الضلالة وظلمات الجهالة ، ونفوز بالنور حين التوجه لهم ونقتبس هداهم ونعبد الله تعالى به.

تجلى أعلى نور الله فيها :

يا طيب : عرفنا طهارة أمهات الأنبياء والأوصياء ، والخصوص نبينا محمد في أمه آمنة بنت وهب ، وعلي في أمه فاطمة بنت أسد ، وهكذا السيدة أمن خديجة وفاطمة الزهراء بل وآباءهم ، فلنرى بعض المعرفة في أنهم كانوا حاملين لأعظم نور الله وتجليه في عباده ، حتى ظهر منهم نور سادة أهل التكوين في الأرض وأئمة الخلق وهداة البشر ، وإنهم لشأنهم الكريم كانوا يحملون هذا النور وعناية الله بهم بما سيظهر منهم ، جل وعظم شأنهم عند الله وملائكة وفي أنفسهم وعند جميع المؤمنين .

والآن نتدبر : بعد معرفة طهارتهم بعض المعرفة في تقلب نور الله الأعظم فهيم من آباء مطهرون في أمهات مطهرات صلى الله عليهم وسلم ، وإن كان في الأحاديث السابقة ، تحدث عن نورهم المتنقل في الطاهرين والطاهرات ، ولكن هنا نؤكد مما مر بالتركيز على النور ، وإن كان فيهما نص ومعنى الطهارة :

عن أسباط بن سالم : عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال :

كان حيث : طلقت آمنة بنت وهب ، و أخذها المخاض بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم .

حضرتها فاطمة بنت أسد : امرأة أبي طالب عليهم السلام ، فلم تزل معها حتى وضعت .

فقالت : إحداهما للأخرى ، هل ترين ما أرى ؟

فقالت : و ما ترين ؟

قالت : هذا النور الذي قد سطع ما بين المشرق و المغرب .

فبينما هما كذلك : إذ دخل عليهما أبو طالب‏ ، فقال لهما :

ما لكما : من أي شيء تعجبان ؟

فأخبرته فاطمة : بالنور الذي قد رأت .

فقال لها أبو طالب‏ : أ لا أبشرك ؟

فقالت : بلى .

فقال : أما إنك ستلدين غلاما ، يكون وصي هذا المولود .

الكافي ج8ص302ح460 .

وعن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول‏ :

لما ولد رسول الله : فتح لآمنة بياض فارس و قصور الشام .

فجاءت : فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين إلى أبي طالب ، ضاحكة مستبشرة ، فأعلمته ما قالت آمنة .

فقال لها أبو طالب : و تتعجبين من هذا إنك تحبلين ، و تلدين بوصيه و وزيره .

الكافي ج1ص453ح3 .

قال بن طاووس عن الطبري الشيعي بسنده : عن الفضل بن الربيع‏ أن المنصور كان قبل الدولة كالمنقطع إلى جعفر بن محمد عليه السلام ، قال : سألت جعفر بن محمد بن علي عليه السلام ، على عهد مروان الحمار ، عن سجدة الشكر التي سجدها أمير المؤمنين ، ما كان سببها ؟

فحدثني عن أبيه محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام :

أن رسول الله صلى الله عليه وآله : وجهه في أمر من أموره فحسن فيه بلاؤه و عظم عناؤه ، فلما قدم من وجهه ذلك أقبل إلى المسجد ، و رسول الله قد خرج يصلي الصلاة فصلى معه ، فلما انصرف من الصلاة أقبل على رسول الله ، فاعتنقه رسول الله ، ثم سأله عن مسيره ذلك و ما صنع فيه‏ .

فجعل علي عليه السلام : يحدثه و أسارير رسول الله صلى الله عليه وآله تلمع سرورا بما حدثه ، فلما أتى على آخر حديثه .

قال له رسول الله : أ لا أبشرك يا أبا الحسن ؟

قال‏ : فداك أبي و أمي فكم من خير بشرت به .

قال : إن جبرئيل عليه السلام ، هبط علي في وقت الزوال .

فقال لي : يا محمد ، هذا ابن عمك علي وارد عليك ، و إن الله عز و جل أبلى المسلمين به‏ بلاء حسنا ، و إنه كان من صنعه كذا و كذا ، فحدثني بم أنبأتني به .

فقال لي : يا محمد إنه نجامن ذرية آدم من تولى شيث بن آدم وصي أبيه آدم بشيث ، و نجا شيث بأبيه آدم ، و نجا آدم بالله .

يا محمد صلى الله عليه وآله : و نجا من تولى سام بن نوح وصي أبيه نوح بسام ، و نجا سام بنوح و نجا نوح بالله .

يا محمد : و نجا من تولى إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن وصي أبيه إبراهيم بإسماعيل ، و نجا إسماعيل بإبراهيم ، و نجا إبراهيم بالله

يا محمد : و نجا من تولى يوشع بن نون وصي موسى بيوشع ، و نج يوشع بموسى ، و نجا موسى بالله .

يا محمد : و نجا من تولى شمعون الصفا وصي عيسى بشمعون ، و نجا شمعون بعيسى ، و نجا عيسى بالله .

يا محمد : و نجا من تولى عليا وزيرك في حياتك ، و وصيك عند وفاتك بعلي ، و نجا علي بك ، و نجوت أنت بالله عز و جل‏ .

يا محمد : إن الله جعلك سيد الأنبياء.

و جعل : عليا سيد الأوصياء و خيرهم .

و جعل الأئمة : من ذريتكما إلى أن يرث‏ الأرض و من عليها .

فسجد علي عليه السلام : و جعل يقبل الأرض شكرا لله تعالى .

و إن الله جل اسمه : خلق محمدا و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين صلى الله عليهم وسلم ، أشباحا يسبحونه و يمجدونه و يهللونه بين يدي عرشه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام .

فجعلهم : نورا ينقلهم :

من ظهور : الأخيار من الرجال .

و أرحام : الخيرات المطهرات و المهذبات من النساء .

من عصر إلى عصر .

فلما أراد الله عز و جل‏ : أن يبين لنا فضلهم ، و يعرفن منزلتهم ، و يوجب علينا حقهم .

أخذ ذلك النور : و قسمه قسمين .

جعل قسما : في‏ عبد الله‏ بن عبد المطلب ، فكان منه محمد سيد النبيين و خاتم المرسلين و جعل فيه النبوة .

و جعل القسم الثاني : في عبد مناف و هو أبو طالب بن عبد مناف‏ ، فكان منه علي أمير المؤمنين و سيد الوصيين .

و جعله رسول الله : وليه ، و وصيه ، و خليفته ، و زوج ابنته ، و قاضي دينه ، و كاشف كربته ، و منجز وعده ، و ناصر دينه‏ .

اليقين باختصاص مولانا علي عليه السلام بإمرة المؤمنين ص226 ب67 .

يا طيب : عرفنا في نفس الحديث والحديث السابق ، إن النور في عبد الله وأبو طالب ، نقل إلى آمنة وفاطمة بنت أسد ، فتجلى في محمد وعلي صلى الله عليهم وسلم ، ومن ثم في أحفادهم آباء لأمهات الأئمة ثم لهم لزوجاتهم حتى أم المهدي ثم المهدي المنتظر الحجة بن الحسن عليهم السلام .

فأعظم نور الله تعالى : قسم تجليه في فاطمة بنت أسد ثم في أبنه علي بن أبي طالب ثم في أحفادها الأئمة المعصومين، وهذه الكرامة لم تحصل عليه إلى آمنة وأمهات أحفادها ومن سبقهم من الأنبياء .

ولم تحصل : وتحضا وتفوز على هذه الملك والجدة والإحاطة بالنور ، إلا لكونها كانت نالته من ظهور : الأخيار من الرجال . و هي من أول أرحام الخيرات المطهرات و المهذبات من النساء ، كما في نص الحديث ، وهذه المنزلة تعرفنا علو شأنها وكرامة منزلتها عند الله تعالى ، حتى خصت بهذه الكرامة ، وتبين عفته وأنها خيرة برة تقية مؤمنة صالحة ، بل من أعلى الخيرات الصالحات الطيبات الطاهرات منزلة وشأن كريم عظيم عند الله ورسوله والملائكة والمؤمنين ، وجعلنا الله معهم ومنهم في كل هدى ودين إلى يوم قيام الناس لرب العالمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

خير خلق الله من ذريتها :

ويا طيب : في الحديث الآتي ، خمسة من سبعة من خير الخلق كلهم منتقل نورهم منتقل في رحمها وكانت مستودع طيب له ، وهم : أبني فاطمة بنت أسد علي وجعفر وأحفادها الحسن والحسين والمهدي صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، والآخران لم يبعدا عنها فهم عم ولدها وأبن عمهم ، بل والأئمة كلهم .

عن أصبغ بن نباتة الحنظلي قال : رأيت أمير المؤمنين عليه السلام ، يوم افتتح البصرة و ركب بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم قال :

أيها الناس : أ لا أخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله ؟

فقام إليه : أبو أيوب الأنصاري ، فقال : بلى يا أمير المؤمنين حدثنا ، فإنك كنت تشهد و نغيب .

فقال عليه السلام : إن خير الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب ، لا ينكر فضلهم إلا كافر ، و لا يجحد به إلا جاحد .

فقام عمار بن ياسر رحمه الله فقال : يا أمير المؤمنين سمهم لنا لنعرفهم .

فقال عليه السلام : إن خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل ، و إن أفضل الرسل محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

و إن أفضل كل أمة : بعد نبيها وصي نبيها حتى يدركه نبي ، أل و إن أفضل الأوصياء وصي محمد عليه و آله السلام .

ألا و إن أفضل الخلق : بعد الأوصياء الشهداء ، ألا و إن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، و جعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة ، لم ينحل أحد من هذه الأمة جناحان غيره ، شيء كرم الله به محمد صلى الله عليه وآله وسلم و شرفه .

و السبطان : الحسن و الحسين .

و المهدي : يجعله الله من شاء منا أهل البيت ؟

ثم تلا هذه الآية : { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيمًا (70) } النساء.

الكافي ج‏1ص452ح34 .

ويا طيب : بهذا نعرف أن منها خير الخلق وبالخصوص إذا أضفن لهم المعصومين وأبناء الأئمة ممن لهم شأن عظيم من الشهداء والعلماء والصالحين على طول التأريخ ، فهذه كرامة ما بعدها كرامة ، بأن تكون أم لأعلى عباد الله في الجنة ودعاة الله إلى هداه وتوحيده وعبوديته .

كافلة سيد الرسل مبشرة بالجنة :

يا طيب : في هذا الحديث الآتي نعرف أن فاطمة بنت أسد مبشرة بالجنة ، ولم يبشر بالاسم إلا قليل من عباد الله ، ومنهم فاطمة بنت أسد رحمها ، كما ولها شأن كريم واسم لقب عظيم ، كافلة رسول الله :

عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي قال :

سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول : نزل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله ، فقال :

يا محمد: إن الله جل جلاله يقرئك السلام.

و يقول : إني قد حرمت النار :

على صلب : أنزلك ، و بطن حملك ، و حجر كفلك.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : يا جبرئيل بين لي ذلك ؟

فقال عليه السلام :

أما الصلب : الذي أنزلك ، فعبد الله بن عبد المطلب .

و أما البطن : الذي حملك ، فآمنة بنت وهب .

و أما الحجر : الذي كفلك :

فأبو طالب بن عبد المطلب .

و فاطمة بنت أسد .

الأمالي للصدوق ص606م88ح12 .

المؤمنون يبينون علو قدرها :

يا طيب : كل من ذكر فاطمة بنت أسد من الخاصة والعامة ، عن الصحابة والتابعين ، يذكرها بالفضل والعفة والكمال والمناقب العالية ، كما عرفت في رعايتها للنبي الأكرم واحترام النبي في دفنها ، فرواه كل من ذكر تأريخ الإسلام ، حتى سمي أبنها باسمها ، وأنه شهم مثلها ومثل أبيه في الدفاع عن الإسلام.

قال المقريزي : عن زبير بن بكار: حدثني أبو الحسن الأثرم، عن أبي عبيدة، قال: كان لواء المشركين يوم أحد مع طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار ، فقتله عليّ ابن أبي طالب رضي اللَّه عنه. وفي ذلك يقول الحجاج بن علاط السّلميّ ثم البهزي :

للَّه أيّ مذبّب عن حرمة

أعني ابن فاطمة المعمّ المخولا

جادت يداك لهم بعاجل طعنة

فتركت طلحة للجبين مجدّلا

و شددت شدّة باسل فكشفتهم

بالجرّ إذ يهوون أخول أخولا

وعللت سيفك بالدماء ولم تكن

لتردّه حران حتى ينهلا

في المرجع :

لتردّه في الغمد حتى ينهلا

إمتاع الأسماع للمقريزي ج1ص142,

المذبب: الحامي.

الحرمة: ما يجب على الإنسان أن يدافع عنه.

ابن فاطمة: الإمام علي.

المعم المخول: كريم الأعمام والأخوال.

الجر: أصل الجبل.

أخول أخولا: واحدا بعد واحد.

الواقدي ج 1 ص 227.

وقال ابن هشام : أنشدني أبو عبيدة للحجاح بن علاط السلمي يمدح أبا الحسن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ويذكر قتله طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار صاحب لواء المشركين يوم أحد :

لله أي مذبب عن حرمة

أعني ابن فاطمة المعم المخولا

سبقت يداك له بعاجل طعنة

تركت طليحة للجبين مجدلا

وشددت شدة باسل فكشفتهم

بالجر إذ يهوون أخول أخولا

سيرة ابن هشام ج2ص151 .

أعداء أبنها يجلون أسمها :

عن محمد بن عبيد الله عن الجرجاني قال : لما قدم عبيد الله بن عمر بن الخطاب على معاوية بالشام ـ

أرسل معاوية : إلى عمرو بن العاص ، فقال يا عمرو : إن الله قد أحيا لك عمر بن الخطاب بالشام بقدوم عبيد الله بن عمر ، و قد رأيت أن أقيمه خطيبا فيشهد على علي بقتل عثمان و ينال منه .

فقال : الرأي ما رأيت ، فبعث إليه فأتى.

فقال له معاوية : يا ابن أخي ، إن لك اسم أبيك ، فانظر بملء عينيك و تكلم بكل فيك‏ ، فأنت المأمون المصدق ، فاصعد المنبر و اشتم عليا ، و اشهد عليه أنه قتل عثمان.

فقال يا أمير المؤمنين‏ : أما شتمه فإنه علي بن أبي طالب و أمه فاطمة بنت‏ أسد بن‏ هاشم ، فما عسى أن أقول في حسبه ، و أما بأسه فهو الشجاع المطرق ، و أما أيامه فما قد عرفت ، و لكني ملزمه دم عثمان ... .

وقعة صفين ص82 .

عبد المطلب وأبو طالب :

يا طيب : لكي نعرف شأن الصديقة التقية فاطمة بنت أسد عليه السلام ، لابد أن تكون لنا بعض المعرفة بسيد البطحاء وأهل مكة وسهلها ، وكافل وراعي سيد المرسلين من ولادة النبي حتى توفي قبل الهجرة بأشهر رحمه الله ، ونعرف بعض شأنه ، فنعرف أيضا شأن زوجته الصديقة التي أخلصت له الود والسير على هدي الحق معه في حماية النبي صلى الله عليها وسلم .

وبمعرفة فضل ومناقب : ببعلها وزوجها وأبناءها نعرف شأن الأم الكريمة التي واكبتهم المسير في نصر رسول الله صلى الله عليه من قبل البعثة حتى هجرتها ووفاتها رحمها ، وإنهم أبو طالب وأبناءه وزوجته الصديقة فاطمة بنت أسد عليهم السلام ، كلهم دخلوا شعب أبي طالب محاصرين بعد النبوة ، لا يكلمهم أحد من قريش ولا يبايعهم ولا يشتري منهم ، وإن خرجوا لخارج قريش تسترقهم العرب أو يكون حلفاء مستضعفين ، فعاشت معهم صابرة محتسبة ، بل تصبرهم وترعاهم وتهون عليهم ضيق المعيشة وآلام الظروف ، حتى أفرج عنهم بفضل الله بأكل الأرضة صحيفة قريش الظالمة ، ثم مهاجرة أبنها جعفر ، فضلا عن مضايقة قريش لأبي طالب بسبب النبي الأكرم ، فضلا عن ملازمة أمير المؤمنين له .

وكل ما تعرفة : من حياة النبي الأكرم قبل وبعد البعثة وقبل الهجرة وبعدها ، مرتبط بهذه العائلة عائلة أبو طالب المباركة ، وحثهم على نصر النبي ورعايته ، وقد قالوا : لولا مال خديجة وسيف علي لما قام الإسلام ، والحق لولا حماية أبو طالب ومال خديجة وسيف علي لما قامت إلى الإسلام قائمة ولا أخضر له عود ولما نمت له شجرة .

ويا طيب : لما كانت هذه الصحيفة مختصة ببيان قصص حياة فاطمة بنت أسد عليها السلام ، ولا بد من ذكر أهم من يحيط بها ، فلذا نذكر بعض شأن بعله أبو طالب وأبيه عبد المطلب عليهم السلام لأنهم هم من كفلوا النبي بعد وفاة أمه وأبيه عليهم السلام، ثم نذكر قصصها ، بعد أن عرفنا طهارتها وبعلها وأبنها أمير المؤمنين وأحفادها المعصومين عليهم السلام ، وتنقل نور الله الأعظم فيهم .

و يا طيب : نذكر مختصرا عن شأن أبو طالب عليه السلام ، وهو يبين شأنها في الحياة المشتركة معه و تحمل أذى قريش لهم لدفاعهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإنها لم تغير ولم تبدل بل كانت أول المؤمنات وأخص الناس برسول الله بعد أمه عليهم السلام ، ونذكر مختصرا عن الصديق أبو طالب ، وإن شاء الله نفصل البحث في صحيفته ، فنختار بعض الأحاديث من الكافي ، وهذه بعض الأحاديث عن جدهم عبد المطلب لنعرف إيمانه ، وعن أبي طالب:

قال في معرفة الصحابة : حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي رحمه الله، قال: بلغني أن من بني هاشم، علي بن أبي طالب .

وأبو طالب : اسمه عبد مناف .

وعبد المطلب : اسمه شيبة بن هاشم .

وهاشم : اسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي، وقصي اسمه زيد ، واسم عبد مناف، المغيرة بن قصي.

وأم علي بن أبي طالب : فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، أسلمت وهاجرت وتوفيت بالمدينة، وولي دفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال : إنها كانت أول هاشمية ولدت لهاشمي .

معرفة الصحابة لأبي نعيم ج1ص76ح288 .

وعن عبد الرحمن بن الحجاج و عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر جميع عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال :

يبعث عبد المطلب : أمة وحده ، عليه بهاء الملوك ، و سيماء الأنبياء .

و ذلك : أنه أول من قال بالبداء .

قال : و كان عبد المطلب أرسل رسول الله إلى رعاته في إبل قد ندت له ، فجمعها فأبطأ عليه ، فأخذ بحلقة باب الكعبة .

و جعل يقول : يا رب : أ تهلك آلك إن تفعل فأمر ما بدا لك ، فجاء رسول الله ص بالإبل و قد وجه عبد المطلب في كل طريق و في كل شعب في طلبه، وجعل يصيح : يا رب أ تهلك آلك إن تفعل فأمر ما بدا لك .

و لما رأى رسول الله : أخذه فقبله .

و قال : يا بني لا وجهتك بعد هذا في شيء ، فإني أخاف أن تُغتال فتقتل.

الكافي ج1ص447 ح24.

يا طيب : البداء في التكوين كالنسخ في التدوين ، وهو لمصلحة العباد يظهر أمرا في التكوين ، ثم يغيره أو يبدله كيف يشاء ، مع علمه تعالى السابق وكيف يتلوه اللاحق لما تقتضيه مصلحة العباد .

وأما دعاء عبد المطلب عليه السلام : أمرا قد بدا لك ، أي أنه كان متيقن بأن حفيده محمد صلى الله عليه وآله نبي بل سيد المرسلين كما في وصيته لأبي طالب وأنه لابد أن يرعاه أفضل رعاية، أي لابد من بقائه حيا حتى يؤدي رسالة الله تعالى ، فإن هلك فهذا أمر قد بدا بغير ما كان يعلمه علم اليقين .

وعن رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان عبد المطلب يفرش له بفناء الكعبة ، لا يفرش لأحد غيره ، و كان له ولد يقومون على رأسه فيمنعون من دنا منه .

فجاء رسول الله : و هو طفل يدرج حتى جلس على فخذيه ، فأهوى بعضهم إليه لينحيه عنه .

فقال له عبد المطلب : دع ابني ، فإن الملك قد أتاه.

الكافي ج1ص448 ح26.

ويا طيب قد أتاه الملك أي بالوحي وأنه سيبعث نبينا ويكون رسول الله ، وبهذا نعرف إيمان جده وأبنه أبو طالب عليه السلام ، لأن أبو طالب وعبد الله أخوة من أب وأم وهو الذي كان يرعى النبي بعد وفاة والد النبي في زمن أبيه عبد المطلب ، ومستقلا بعده .

وبعد أن عرفنا : معرفة مختصرة عن إيمان جد النبي المطهر ، نذكر مختصرا عن إيمان ودفاع أبو طالب عليه السلام :

وقال اليعقوبي في تأريخه : وكان أبو طالب سيداً شريفاً مطاعاً مهيباً مع إملاقه.

قال علي بن أبي طالب : أبي ساد فقيرا، وما ساد فقير قبله.

وخرج به : أي بالنبي الأكرم إلى بصرى من أرض الشام وهو ابن تسع سنين .

وقال : والله! لا أكلك إلى غيري .

وربته فاطمة : بنت أسد بن هاشم امرأة أبي طالب وأم أولاده جميعاً .

ويروي عن رسول الله : لما توفيت، وكانت مسلمة فاضلة ، أنه قال: اليوم ماتت أمي، وكفنها بقميصه ونزل على قبرها واضطجع في لحدها.

فقيل له : يا رسول الله لقد اشتد جزعك على فاطمة.

قال: إنها كانت أمي، أن كانت لتجيع صبيانها وتشبعني وتشعثهم وتدهنني، وكانت أمي.

تاريخ اليعقوبي ص109 .

وعن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

بينا النبي : في المسجد الحرام و عليه ثياب له جدد ، فألقى المشركون عليه سلى ناقة ، فملئوا ثيابه بها .

فدخله : من ذلك ما شاء الله ، فذهب إلى أبي طالب .

فقال له : يا عم كيف ترى حسبي فيكم ؟

فقال له : و ما ذاك يا ابن أخي ، فأخبره الخبر .

فدعا أبو طالب : حمزة ، و أخذ السيف ، و قال لحمزة : خذ السلى ، ثم توجه إلى القوم و النبي معه .

فأتى قريشا : و هم حول الكعبة ، فلما رأوه ، عرفوا الشر في وجهه .

ثم قال لحمزة : أمر السلى على سبالهم‏ ، ففعل ذلك حتى أتى على آخرهم .

ثم التفت أبو طالب : إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

فقال : يا ابن أخي هذا حسبك فينا.

الكافي ج1ص449 ح29 . السلا : الجلدة التي يكون فيها الولد من الناس و المواشي . و سبال : جمع سبلة و هي ما على الشارب من الشعر ، أو مجتمع الشاربين ، أو ما على الذقن الى طرف اللحية كلها.

وعن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال :

لما توفي أبو طالب : نزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال :

يا محمد : أخرج من مكة ، فليس لك فيها ناصر ، و ثارت قريش بالنبي ، فخرج هاربا حتى جاء إلى جبل بمكة ، يقال له : الحجون فصار إليه.

الكافي ج1ص450 ح31 .

يا طيب : من أقواله الكثيرة في النبي :

ليعلم خيار الناس أن محمدا

نبي كموسى والمسيح بن مريم

الم تعلموا انا وجدنا محمدا

رسولا كموسى خط في اول الكتب

مجمع البيان ج 4 ص 37

ولما قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنَّ أبا طالب قد مات ، عظُم ذلك في قلبه ، واشتدَّ له جزعه ، ثُمَّ دخل فمسح جبينه الأيمن أربع مرَّات ، وجبينه الأيسر ثلاث مرَّات .

ثُمَّ قال : يا عم ربيّت صغيراً ، وكفلت يتيماً، ونصرت كبيراً ، فجزاك الله عنِّي خيراً.

ومشى : بين يدي سريره وجعل يعرضه ويقول : وصلتك رحم وجُزيتَ خيراً .

وقال : اجتمعت على هذه الأُمَّة في هذه الأيَّام مصيبتان لا أدري بأيِّهما أنا أشدُّ جزعاً.

يعني : مصيبة خديجة وأبي طالب رضي الله عنهما .

تاريخ اليعقوبي ج2ص35.

ويا طيب : هذه كلمة جامعة من سيد المرسلين في فضل عمه أبو طالب وفاطمة بنت أسد في حبهم لهم ورأفتهم به :

و عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال : لما ماتت فاطمة أم علي خلع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه وألبسها إياه ، واضطجع في قبره ، فلما سوى عليها التراب.

قال بعضهم : يا رسول الله رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه بأحد؟

قال : إِنِّي أَلْبَسْتُهَا قَمِيصِي لِتَلْبِسَ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ ، وَاضْطَجَعْتُ مَعَهَا فِي قَبْرِهَا لِأُخَفِّفَ عَنْهَا مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ .

إِنَّهَا كَانَتْ : أَحْسَنَ خَلْقِ اللهِ صَنِيعًا إِلَيَّ بَعْدَ أَبِي طَالِبٍ .

معرفة الصحابة لأبي نعيم ج1ص 76ح289 .

يا طيب : وقصص عن دفاع أبو طالب عن النبي الأكرم وحمايته له كثيرة ، منها ومن أهمها ، ثلاثة سنوات محاصرين مع النبي في شعب أبي طالب ومعهم فاطمة بنت أسد وتحملها الأذى والجوع معه ، وهذا مختصر في صحيف أبو طالب وقصة الشعب ذكرناها في صحيفة خديجة أم المؤمنين عليهم السلام .

كفالة أبو طالب وفاطمة للنبي :

يا طيب : ذكروا روايات كثيرة ، وتفاصيل عدة لكيفية كفالة أبو طالب وكريمته وزوجته فاطمة بنت أسد عليهم السلام ، للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، بعد كفالة جده عبد المطلب رحمه الله ، ومنها المفصل ومنها المختصر فنذكر عدة منها لنعرف شأنهم وعنايتهم بالنبي الأكرم ورعايتهم له ، وكيف جزاهم بالجنة ونعيمها وتخليصهم من كل عذاب في القبر والقيامة وغيره :

عن عيسى بن عبد الله : عن أبيه عن جده‏ أن رسول الله :

دفن فاطمة : بنت‏ أسد بن‏ هاشم ، و كانت مهاجرة مبايعة بالروحاء مقابل حمام أبي قطيعة .

قال : و كفنها رسول الله في قميصه ، و نزل في قبرها و تمرغ في لحده .

فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ :

إِنَّ أَبِي‏ هَلَكَ‏ : وَ أَنَا صَغِيرٌ ، فَأَخَذَتْنِي هِيَ وَ زَوْجُهَا ، فَكَانَا يُوَسِّعَانِ عَلَيَّ وَ يُؤْثِرَانِّي عَلَى أَوْلَادِهِمَ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُوَسِّعَ اللَّهُ عَلَيْهَا قَبْرَهَا.

بحار الأنوار ج‏35ص77ح12 . علل الشرائع ص 160.

رواية مفصلة للمسعودي :

يا طيب : المسعودي مؤلف قدير وله كتب عدة منها مروج الذهب المشهور ، ومنها كتاب إثبات الوصية من لدن آدم حتى أئمة آهل البيت عليهم السلام ، وهو كتاب كريم في بابه شريف في بيانه ، وقد فصل فيه كيفية كفالة أبو طالب للنبي الأكرم وتكلم فيه عن كفالة فاطمة بنت أسد أيضا فيه ، فنذكره هنا لنعرف شأنها الكريم وما خصها الله من الفضائل والمكارم ، حيث جعلها ترعى سيد رسله وخير أهل الأرض وتقوم بواجب الأمومة له ، قال النبي هي أمي بعد أمي كما سيأتي في وفاتها عليها السلام ، قال:

كفالة أبو طالب :

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : في حجر أبي طالب يغذّيه و يحوطه ، و ذلك أن أبا الحرث عبد المطلب بن هاشم كان يكفل الأرامل و الأيتام ، و يغيث الملهوف ، و يجير المظلوم ، و ينظر المعسر ، و يحمل الكلّ و يقري الضيف ، و يمنع من الضيم .

و كان برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : حفيّا في السر و الاعلان ، يتفقّده في مطعمه و أغذيته ، و يعدله قريشا ، يخضع له الأشراف ، و يذلّ له عظماء الملوك ، و يدين بدينه جميع أهل الملل و الأديان ، و ترعد لهيبته فرائص الجبارين ، و يظهر على من خالفه و ناوأه حتى يقرنهم في الأصفاد و يبيع ذراريهم في الأسواق و يتخذ ابناءهم عبيدا، و شجعانهم جنودا، و تعينه الملائكة على نصرته فطوبى لمن آمن به من عشيرته و طوبى لامّته .

فلما مرض مرضه الذي مات فيه : وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجر أبي طالب عليه السّلام‏ و وصّاه به .

و قال له : يا بني هذا فضل من اللّه عليك و منحة ، و هدية مني إليك الهمنيه في أمرك ، و هو ابن أخيك لأبيك و أمّك دون ساير اخوانك .

ثم اطلعه على مكنون سر علمه : و دلائله و أخبره بما بشّر به عن الأنبياء و المرسلين صلّى اللّه عليهم ، و ما رواه فيه أفاضل الأحبار، و عبّاد الرهبان ، و أقيال العرب و كهّان العجم .

و لم يكن لأبي طالب : يومئذ ولد ، و كان فردا وحيدا .

فاطمة تترقب النبي :

أمرأته : ( زوجة أبو طالب ) فاطمة بنت‏ أسد بن هاشم ابن عبد مناف ، بنت عمه ، و كانت ممنوعة من الولد ...

و كانت : كلّما لقيت كاهنا أو حبرا عالما من السدنة ، بشّره انها تبتني ولدا لم تلده و تربيه ، و يأمرها إذا رزقته أن تضمّه و تكنفه و تحفظه و لا تبعده .

فتسألهم : أن يسمّوه و يصفوه لها ؟

فيقولون : ذاك نور منير ، بشير نذير مبارك في صغره ، منبئ في كبره ، يوضح السبيل، و يختم الرسل ، يبعث بالدين الفاضل ، و يزهق العمل الباطل ، يظهر من أفعاله السداد ، و يتبيّن باتّباعه الرشاد ، و ينهج اللّه له الهدى ، و يبيّن به التقى .

فكانت فاطمة بنت أسد : ترقب ذلك و تنتظره. فلما طال انتظاره ، و ذهل اصطبارها ، أنشأت تقول :

طال الترقّب للميعاد إذ عدمت‏

مني الحوائل ولدا من عناصيري‏

لما أتيت إلى الكهّان بشّرني

عند السؤال عليم بالمخابير

فقال يوعدني و الدمع مبتدر

يا فاطم انتظري خير التباشير

نورا منيرا به الأنباء قد شهدت

و الكتب تنطق عن شرح المزامير

إني بذاك فقد طال الطلاع إلى

وجه المبارك يزهو في الدياجير

شغف أبو طالب بالنبي :

فلما مات عبد المطلب : كفل أبو طالب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأحسن كفالة ، و حن عليه ، و دأب في حياطته ، و تمسّك به ، و التحف عليه ، و عطف على جوانبه .

و كان أبو طالب : محترما معظّما ، كشّافا للكروب ، غير هذر و لا مكثار و لا عاق ، بل بر وصول ، جواد بما يملك ، سمح بما يقدر ، لا يثنيه عن مبادرة الخطاب وجل ، و لا يدركه لدى الخصام ملل ، فشغف برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شغفا شديدا.

وله فاطمة بالنبي :

و ولهت بحبّه فاطمة بنت أسد : و ذهلت بمحبته ، و دلاله التي وعدت بها.

فكانت تقول :و إله السماء لقد قبل نذري ، و شكر سعيي ، و أجيبت دعوتي ، لأنزلن محمّدا من قلبي منزلة صميم الاحشاء ، و لألهون برؤيته عن كلّ نظرائه ، و من أولى بذلك ممّن أعطي مثله ، و ليس هذا من أمر الخلق ، بل هو من عند الإله العظيم .

فكانت : قد جعلته صلّى اللّه عليه و آله نصب عينها ، إن غاب لحظة لم يغب عنها مثاله ، و لم يفقد شخصه .

تذهل حتى تحضره : فتشتغل بتغذيته و غسله ، و تنظيفه و تلبيسه و تدهينه و تعطيره ، و اصلاح شأنه .. بالنهار ، فإذا كان بالليل اشتغلت بفرشه و نومه و توسيده و تمهيده و تعوّذه و تنيمه‏ .

قال : و كانت في دار أبي طالب نخلة ، منعوتة بكثرة الحمل ، موصوفة بالرّقة و عذوبة الطعم ، شهية المضغ ، يعقب طعمها رايحة طيبة عطرية ، كرائحة الزعفران المذاب بالعسل ، كثيرة اللحا قليلة السحا ، دقيقة النوى .

فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : يأتي إليها كلّ غداة ، مع أتراب له منهم أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب ابن عمه ، و أبو سلمة بن عبد الأسد و مشروح بن نويبة ، فيلتقطون ما يتساقط تحتها من ثمرها بهبوب الرياح و وقوع الطير و نقره.

و كانت فاطمة بنت أسد : لا ترى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسابق اترابه على البسر و البلح و الرطب في أوانه ، و كان الغلمة يبادرون لذلك و هو عليه الصلاة السّلام يمشي بينهم و عليه السكينة و الوقار بتواضع و ابتسام ، و يتعجب من حرصهم و عجلتهم ، فكا إن وجد شيئا ساقطا بعدهم أخذه و إلّا انصرف بوجه منبسط طلق و بشر حسن .

فكانت فاطمة : تعجب من شدّة حيائه و طيب شأنه و رقّة قلبه و سرعة دمعته و كثرة رخمته ، فربما جمعت له من تمر النخلة قبل مجيئهم ، فاذا أقبل صلّى اللّه عليه و آله قدّمته إليه ، فيحبّ أن يأكله معهم .

قالت فاطمة : و دخل على أترابه يوما ، و أنا مضطجعة و لم أره معهم .

فقلت : اين محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟

قالوا : مع عمّه أبي طالب وراءنا .

فسكنت نفسي : قليلا ، و لقط الغلمان ما كان تحت النخلة .

و جاء بعدهم محمّد صلى الله عليه وآله : فلم ير تحتها شيئا، ، فصار إليها و وقف تحتها ، و كانت باسقة ، فأومأ بيده إليها ، فانثنت بعراجينه حتى كادت تلحق بثمارها الأرض ، فلقط منها ما أراد ثم رفع يده و أومأ إليها ، فرجعت ، و حسبني راقدة .

قالت : و كنت مضطجعة، فلما رأيت ذلك استطير في روعي ، و لم أملك نفسي فأتيت أبا طالب فخلوت به ،

فقلت له : كان من أمر محمّد صلّى اللّه عليه و آله كيت و كيت.

فقال : مهلا يا فاطمة لا تذكري من هذا شيئا ، فانّه حلم و أضغاث.

فقلت : كلا و اللّه ، بل هو حقّ يقين في يقظة لا في نوم ، و رأي العين لا رؤيا ، و اني لأرجو اللّه أن يحقّق ظنّي فيه ، و ان يكون الذي بشّرت بتربيته و وعدت الفوز عند كفالته .

فكانت فاطمة : لا تفارق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ليل و لا نهار، و لا تغفل عنه و عن خدمته و تفقّد مطعمه .

فكان صلّى اللّه عليه و آله : يسمّيها أمي .. .

النبي يأمر فاطمة بقربان لله:

و تسلّت برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : و التبني له ، و خدمته عن كلّ شيء. فلما قطعت عادتها، وجد عليها السدنة من ذلك و منعوها من الدخول على الصنم الأعظم .

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : يحضر قريشا في مشاهدهم كلّها غير السجود للأصنام ، و الذبائح للأنصاب ، و في حال شرب الخمر و وصف الشعر، و قول الزور ، فانّه كان يجتنبهم مذ كان طفلا حتى استكمل .

فدخل يوما : على سادن من سدنة الأصنام .

فقال له : لم تعتب على أمي فاطمة ، و تمنعها من زيارة هذه الأحجار المؤثرة فينا الاعتبار ؟

فقال له السادن : لأنها أتت بأمور متشابهة ، و قطعت بر الآلهة ، و هي لمن عبدها نافعة ، و لمن جاء إليها شافعة ، و ستعلم ابنة أسد انها لا ترزقه ولد ا.

فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله : أ أصنام ترزقكم الولدان ، و تأتيكم بالغيث عند المحل في السنوات الشداد ؟

قال له السادن : نعم ! أو ما علمت نحن نحمد ذلك عند الأصنام عاجلا في الفاقة و آجلا مدّخرا.

و التفت الى السدنة فقال : هذا غلام مات أبوه و جدّه و امّه و ظئره و هو طفل ، فكفله من لا يعبأ به و لا يدلّه على رشده ، و هو عمّه و امرأة عمّه.

فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله : فأخبرني عن هذه الأصنام من خلقها و من ابتدع الامم السالفة و رزقها ؟

قال السادن : اللّه فعل ذلك ، و هو لجميع الخلق مالك .

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : فان أمي تجعل قربانه للّه الحي القائم القديم ، فهو أحقّ من الأصنام .

ثم انطلق الى فاطمة من ساعته : و حدّثها بما جرى بينه و بين السادن .

و قال لها : قرّبي إلى اللّه قربانك .

فاصطفت القربان و قالت :

هذا للّه خالصا .. جعلته ذخرا .. قبلته من محمّد حبيبي .

ولادتها لأبنائها :

فما أصبحت من ليلتها : حتى اكتست حسنا الى حسنها و جمالا إلى جمالها.

فحملت فولدت : عقيلا ، ثم حملت فولدت طالبا ، ثم حملت فولدت جعفرا.

و كان وجهها : في كلّ يوم يزداد نورا و ضياء لما حملت بأزكاهم و أطهرهم و أبرّهم و أرضاهم عليّ ، فولدته و نالها في ولادته بعض الصعوبة ، ثم جاءت به الى بيت أبيه حتى حنكه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وضعه في حجره و قمطه في حضنه قبل كلّ أحد من الناس.

ثم رزقت : بعد علي .

أم هاني : و اسمها فاختة ، و هي المباركة الطيبة اخت الطاهرين من ولد أبيها أبي طالب.

فاطمة والكاهن بمولد علي :

و كانت فاطمة : حملت بعلي عليه السّلام .. .

و بعد حملها بخمسة أيام : كانت جالسة و قد كسيت نورا و جمالا، و وجهها يزهر، و جبهتها تتلألأ بين الأكارم من الفواطم من قريش، منهنّ فاطمة بنت عمرو بن عائذ جدّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأبيه ، و فاطمة بنت زائرة بن الأصم أم خديجة بنت خويلد ، و فاطمة بنت عبد اللّه بن ورام ، و فاطمة بنت الحرث بن عكرمة ، و ممّن لم‏ يحضرن و يلحقن من الفواطم اللواتي يقربن من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و من علي عليه السّلام بالنسب و اللحمة : فاطمة بنت النضر أم ولد قصي .

فإنهنّ لجلوس : يتفاخرن بالذراري و الأولاد ، إذ أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ، و كان وجهه المرآة مصقولة و المهاة مجلوة ، ينثني كغصن مياد ، و قد تبعه بعض الكهان ينظر إليه نظرا شافيا .

فجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : إلى فاطمة أم علي بين العجائز من الفواطم ، و جلس الكاهن بازائه لا يمر به كاهن مثله و لا حبر و لا قايف و لا عايف إلّا همس إليه و غمزه و استوقفه ، ينظرون إليه فبعض يشير إليه بسبّابته و بعض يعضّ على شفته .

فغاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : بقيامه و دخل الى منزل عند عمّه.

فقال الكاهن للعجائز : من هذا الفتى الذي قد زها بحسنه على كلّ الفتيان و الرجال و النساء ؟

قالوا : هذا المحبّب في قومه محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب ذو الفضل و العرف و السؤدد .

فقال الكاهن : يا معشر قريش أأذنوا بالحرب، بعد الهرب، من سيف النبيّ المنتجب ، الويل منه للعرب و للأصنام و النصب.

ثم نادى : يا أهل الموسم الحافل ، و الجمع الشامل ، قرب ظهور الدين الكامل ، و مبعث النبيّ الفاضل ، ثم أنشأ يقول :

اني رأيت نبيّا ما كنت أعرفه

حق تيقنه قلبي باثبات‏

في الكتب أنزله لما تخيره

و كنت أعرف ما في شرح توراة

من فضل أحمد من كالبدر طلعته

يزهو جمالا على كلّ البريات‏

من أمّة عصمت من كلّ خائنة

و صار مجتنبا رجس الخسارات‏

ما زلت أرمقه من حسن بهجته

كالشمس من برجها تبدي الطليعات‏

فإن بقيت الى يوم السباق و قد

نادى قريشا لتبليغ الرسالات‏

كنت المجيب له لبيك من كتب‏

أنت المفضّل من خير البريات‏

يا خير من حملت حواء أو وضعت

من أوّل الدهر في رجع الكريرات

‏قد كنت أرقب هذا قبل فجوته‏

حتى تلمسته قبضا براحات‏

فاليوم أدركت غنما كنت أرقبه‏

من عند ربّي جبار السموات‏

فيا لها فرحة يعتاده نجح‏

لما حبيت بتحبير التحيات‏

فكيف ينزل من نال الرياح و من‏

أهدى له موهب من خير خيرات‏

ذاك النبيّ الذي لا شك منتجب

جبريل يقصده بالوحي تارات‏

في كلّ يوم بوحي اللّه يمنحه

ينبيه عن كلّ معلوم الدلالات‏

قال: فقالت فاطمة بنت أسد :

فرأيت حبرا منهم : يسمع شعر الكاهن ، و دموعه تسحّ على خدّيه .

فتبعته فقلت له : أقسمت عليك بدينك و سفرك و كتابك ، لتخبرني بالأمر على حقيقته ، فإن الحكيم لا يكتم من استنصحه نصيحة يقوي بها بصيرته.

فنظر الحبر : إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نظرا مستقصي ثم قال :

و اللّه : هذا غلام همام ، آباؤه كرام ، يكفله الأعمام ، دينه الإسلام ، شريعته الصلاة و الصيام ، تظلّه الغمام، يجلي بوجهه الظلام، من كفله رشد ، و من أرضعه سعد ، و هو للأنام سند ، يبقى ذكره ما بقي الأبد .

ثم ذكر : كفالة أبي طالب إيّاه و عدّد سيرته ، و خاتمة أمره و عقباه.

ثم قال :

و تكفله : منكم امرأة ، تطلب بذلك زيادة العدد ، فسيكون هذ المبارك المحمود لها في طيب الغرس أفضل ولد .

قالت : فقلت له : لقد أصبت فيما وصفت الى حيث انتهيت ، و قلت الحق عند ما شرحت ، انا المرأة التي أكفله ، زوجة عمّه الذي يرجوه و يؤمله.

فقال لها : ان كنت صادقة فستلدين غلاما ، رابع أربعة من أولادك ، شجاعا قمقاما عالما ، إماما مطواعا همّاما ، بدينه قوّاما، لربّه مصلّيا صوّام ، غير خرق و لا نزق ، و لا أحيف و لا جنف ، اسمه على ثلاثة أحرف .

يلي هذا النبي : في جميع أموره ، و يواسيه في قليله و كثيره ، يكون سيفه على أعدائه ، و بابه الذي يؤتى منه الى أولياءه ، يقصع في جهاده الكفّار قصعا ، و يدع أهل النكث و الغدر و النفاق دعا ، يفرّج عن وجه نبيّه الكربات ، و تجلي به دياجر حندس الغمرات ، أقربهم منه رحما، و أمسهم لحما ، و أسخاهم كفّا ، و أنداهم يدا .

يصاهره على أفضل كريمة : و يقيه بنفسه في أوقات شدّته ، تعجب من صبره ملائكة الحجاب ، إذا قهر أهل الشرك بالطعن و الضراب ، يهاب صوته أطفال المهاد ، و ترعد من خيفته الفرائص يوم الجلاد ، مناقبه معروفة ، و فضائله مشهورة .

هزبر دفاع : شديد مناع ، مقدام كرّار ، مصدّق غير فرّار .

أحمش الساقين : غليظ الساعدين ، عريض المنكبين ، رحب الذراعين .

شرّفه اللّه : بأمينه ، و اختصه لدينه ، و استودعه سرّه ، و استحفظه علمه ، عماد دينه ، و مظهر شريعته ، يصول على الملحدين ، و يغيظ اللّه به المنافقين ، ينال شرف الخيرات ، و يبلغ معالي الدرجات ، يجاهد بغير شكّ ، و يؤمن من غير شرك ، له بهذا الرسول وصلة منيعة، و منزلة رفيعة.

يزوّجه ابنته : و يكون من صلبه ذرّيته ، يقوم بسنّته ، و يتولّى دفنه في حفرته ، قائد جيشه ، و الساقي من حوضه ، و المهاجر معه عن وطنه الباذل دونه دمه .

سيصح لك ما ذكرت : من دلالته إذا رزقتيه ، و ترين ما قلته فيه عيانا كما صح لي دلائل محمّد المحمود باللّه ، إن ما وصفته من أمرهما موجود مذكور في الأسفار و الزبور ، و صحف إبراهيم و موسى .

ثم أنشأ يقول:

لا تعجبي من مقالي سوف تختبري‏

عمّا قليل ترين القول قد وضحا

أما النبي الذي قد كنت أذكره‏

فاللّه يعلم ما قولي له مزحا

يأوي الرشاد إليه مثل ما سكنت

أمّ إلى ولد إذ صادفت نجحا

ثم المؤازر و الموصى إليه إذا

تتابع الصيد من أطرافه كلحا

فأحمد المصطفى يعطيه رايته

يحبوه بابنته يا خير ما منحا

بذاك أخبرنا في الكتب أولنا

والجن تسترق الأسماع متّضحا

قالت فاطمة : فجعلت أفكر في قوله .

رؤية فاطمة بشأن أبنائها :

فلما كان بعد ليال : رأيت في منامي .

كأن جبال الشام : قد أقبلت تدبّ على عراقبها ، و عليها جلابيب حديد ، و هي تصيح من صدورها بصوت مهول

فأسرعت نحوها : جبال مكّة .

و أجابتها : بمثل صياحها و أهول ، و هي تنضح كالشرر المجمر ، و جبل أبي قبيس ينتفض كالفرس المسربل بالعدّة ، و فصاله تسقط عن يمينه و شماله ، و الناس يلتقطون تلك النصول .

فلقطت معهم : أربعة أسياف ، و بيضة حديد مذهبة ، فأوّل م دخلت مكّة سقط منها سيف في ماء فعبر ، و طار الثاني في الجو فانثمر ، و سقط الثالث الى الأرض فانكسر .

و بقي الرابع : في يدي مسلولا ، فبينما أنا به أصول إذ صار السيف شبلا أتبينه ، ثم صار ليثا مستأسدا ، فخرج عن يدي ، و مر نحو تلك الجبال‏ ، يجوب بلاطخها ، و يخرق صلادحها ، و الناس منه مشفقون ، و من خوفه حذرون .

إذ أتاه محمّد صلى الله عليه وآله ابني : فقبض على رقبته ، فانقاد له كالظبية الألوف ، فانتبهت و أنا مرتاعة .

فغدوت : على الحبر و الكاهن اللذين بشّراني و وعداني ، و على ساير القافة و العافة ، بأن قصدت أبا كرز الكاهن ، و كان عارفا محذقا ، فوجدته قد نهض في حاجة له ، فجلست أرقبه ، و كان عنده جميل كاهن بني تميم ، فكرهت حضوره ، و عملت على انتظار قيامه و انصرافه .

فنظر : جميل إليّ و ضحك .

ثم قال لي : أقسم بالأنواء و مظهر النعماء ، و خالق الأرض و السماء ، انّك لتكرهين مثواي و تحبين مسراي ، لتسألي أبا كرز عن الرؤيا ، فينبئك بالأنباء .

فقلت له : ان كنت صادقا فيما قلت ، من الهتف حين زجرت ، فنبئني بما استظهرت ، فأنشأ يقول :

رأيت أجبالا تلي أجبالا

و كلّها لابسة سربالا

مسرعة قد تبتغي القتالا

حتى رأيت بعضها تعالى‏

ينثر من جلبابه نصالا

أخذت منها أربعا طوالا

و بيضة تشتعل اشتعالا

فواحد في ثج ماء عالا

و آخر في جوّها قد صالا

بذي طواف طار حين زالا

و ثالث قد صادف اختلالا

لما غدا منكسرا أوصالا

و رابع قد خلته هلالا

مقتدح الزندين قد تلالا

ولت به صائلة ايغالا

حتى استحال بعدها انتقالا

أدرك في خلقته الاشبالا

ثم استوى مستأسدا صوّالا

يخطف من سرعته الرجالا

فانسل في قيعانها انسلالا

يخرق منها الصعب و المحالا

و الناس يرهبون منه الحالا

حتى اتى ابن عمّه ارسالا

فتلّه بعنقه اتلالا

كظبية ما منعت غفالا

ثم انتبهت تحسبين خالا

قالت فاطمة : فقلت : صدقت و اللّه يا جميل و بررت في قولك ، هكذا رأيت مما رأيت في الكرى فنبئني بتأويله .

فأنشأ يقول :

أما النصول فهي صيد أربع

ذكور أولاد حكتها الأسبع‏

و البيضة الوقداء بنت تتبع

كريمة غرّاء لا تروع‏

فصاحب الماء غريب مفتقد

في لجّة ترمى بأصناف الزبد

و الطائر الأجنح ذو الغرب الزغب

تقتله في الحرب عبّاد الصلب‏

و الثالث المكسور ميت قد دفن

ينزل عقبا بعده طول الزمن‏

و الرابع الصائل كالليث المرح‏

يرفل في عراصها و يقترح‏

فذاك للخلق إمام منتصح‏

إذا بغاه كافر جهر ذبح‏

و إن لقاه بطل عنه جنح

حتى تراهم من صياصيهم بطح‏

فاستشعري البشرى فرؤياك تصحّ‏

قالت فاطمة : فما زلت مفكّرة في ذلك ، و تتابع حملي و ولادتي لأولادي .

رؤياها الثانية بالإمام علي :

وقالت فلما كان في الشهر : الذي ولدت فيه عليّا ، رأيت في منامي كأن عمودا حديدا انتزع من أمّ رأسي ، ثم شع في الهواء حتى بلغ عنان السماء ، ثم رد إليّ فمكث ساعة ، فانتزع من قدمي .

فقلت : ما هذا ؟

فقيل : هذا قاتل أهل الكفر ، و صاحب ميثاق النصر ، بأسه شديد ، تجزع من خيفته الجنود ، و هو معونة اللّه لنبيّه و مؤيده به على أعدائه ، بحبّه فاز الفائزون ، و سعد السعداء ، و هو ممثل في السماء المرفوعة ، و الأرض الموضوعة ، و الجبال المنصوبة ، و البحار الزاخرة ، و النجوم الزاهرة ، و الشموس الصاحية ، و الملائكة المسبّحة .

ثم هتف بي هاتف يقول :

جال الصباح لدى البطحاء إذ شملت

سود بذي خدم فرش المراقيل‏

من دلج هام جراثيم جحا جحة

من كلّ مدرع بالحلم رعبيل‏

من الجهاضم إذ فاقت قماقمها

دون السحاب على جنح الاثاكيل‏

يا أهل مكّة لا تشقى جدودكم‏

و أبشروا ليس صدق القيل كالقيل‏

فقد أتت سود بالميمون فانتحجوا

واجفوا الشكوك و اضغاث الأباطيل‏

من خازن النور في أبناء مسكنه

من صلب آدم في نكب الضماحيل‏

انّا لنعرفه في الكتب متّصلا

بشرح ذي جدل بالحق حصليل‏

الجدة تبشر بولادة النبي :

وفي المعاني : عن محمد بن عبد الله بن مسكان، عن أبيه قال : قال أبو عبد الله عليه السلام:

إن فاطمة بنت أسد رحمها الله : جاءت إلى أبي طالب رحمه الله تبشره بمولد النبي صلى الله عليه وآله .

فقال لها أبو طالب : اصبري لي سبتا ، آتيك بمثله إلا النبوة .

وقال : السبت : ثلاثون سنة ، وكان بين رسول الله صلى الله عليه واله وأمير المؤمنين عليه السلام ثلاثون سنة .

معاني الاخبار: 114. بحار الأنوار ج15ص263ح13 .

قال المسعودي : و روي ان فاطمة بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين عليه السّلام ، كانت في الليلة التي ولدت فيها آمنة بنت وهب أم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حاضرة عندها ، و انها رأت مثل الذي رأته آمنة .

فلما كان الصبح : انصرف أبو طالب من الطواف فاستقبلته .

فقالت له : لقد رأيت الليل عجبا، قال لها و ما رأيت؟

قالت : ولدت آمنة بنت وهب مولودا أضاءت له الدّنيا بين السماء و الأرض نورا ، حتى مددت عيني فرأيت سعفات هجر .

فقال لها أبو طالب : انظري سبتا فستأتين بمثله.

فولدت : أمير المؤمنين عليه السّلام بعد ثلاثين سنة و روي ان السبت ثلاثون سنة ، و روي انّه ثمان و عشرون سنة.

و روي : أن فاطمة بنت‏ أسد لما حملت بأمير المؤمنين عليه السّلام كانت تطوف بالبيت ، فجاءها المخاض و هي في الطواف ، فلما اشتد بها دخلت الكعبة فولدته في جوف البيت على مثال ولادة آمنة النبي صلّى اللّه عليه و آله ، ما ولد في الكعبة قبله و لا بعده غيره.

أثبات الوصية للمسعودي ص134 .

ولادة الإمام وكفالة النبي له :

قال فولد علي عليه السّلام : و لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثون سنة ، فأحبّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حبّا شديدا.

و قال لفاطمة امّه : اجعلي مهد علي بجنب فراشي ، و كان صلّى اللّه عليه و آله يلي تربيته و يوجره اللبن في ساعة رضاعه ، و يحرّك مهده عند نومه و يناغيه في يقظته ، و يحمله على صدره تارة و على عاتقه اخرى و يتكتّفه .

و يقول : هذا أخي و وليي ، و ناصري و صفيي ، و وصيي و ذخيرتي ، و كهفي و صهري ، و زوج كريمتي ، و أميني على وصيتي .

و كان يحمله : و يطوف به جبال مكّة و شعابها و أوديتها و فجاجها .

فلما تزوّج صلّى اللّه عليه و آله خديجة بنت خويلد : علمت بوجده بعلي عليه السّلام ، فكانت تستزيره و تزيّنه بفاخر الثياب و الجوهر ، و ترسل معه ولايدها .

فيقلن : هذا أخو محمّد ، و أحبّ الخلق إليه و قرّة عين خديجة ، و من ينزل السكينة عليه.

و كانت ألطاف خديجة : و هداياها الى منزل أبي طالب متصلة ، حتى أصابت قريشا أزمة شديدة ، و سنة معصوصبة ، و كان أبو طالب رجلا جوادا معطاء سمحا ، فقل ماله و كثر عياله ، و أجحفت السنة بحاله .

فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : عمّه العباس ، و كان أيسر بني هاشم في وقته و زمانه .

فقال له : يا عم إن أخاك كثير العيال ، متضعضع الحال ، و قد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة ، و ذوو الأرحام أحقّ بالرفد ، و أولى من حمل عنهم الكلّ ، فانطلق بنا إليه لنحمل من كلّه و نخفف من عيلته ، فيأخذ بعض ببنيه و نأخذ البعض .

فقال له العباس : نعم ما رأيت يا بن أخ و على الصواب أتيت ، هذا و اللّه التيقظ على الكرم و العطف على الرحم.

فمضيا : الى أبي طالب ، فأجملا مخاطبته .

و قالا له : ان لك سوابق محمودة و مناقب غير مجحودة ، و أنت صنو الأباة الانجاد ، و قد جمع لك العرف في قرن فهو إليك منقاد ، و لسنا نبلغ صفاتك ، و قد أضلت هذه السنة الغبراء ، و عيالك كثير و لا بد أن نخفّف عنك بعضهم‏ ، حتى ينكشف ما فيه الناس من هذا القمطرير .

فقال أبو طالب : اذا تركتما لي عقيلا و طالبا ، فشأنكما الاصاغر.

فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا : و أخذ العباس جعفرا عليه السّلام.

فتولّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : منذ ذلك الوقت تربية أمير المؤمنين عليه السّلام ، و تغذيته و تعليمه بنفسه.

و كان يصلّي معه : قبل أن تظهر نبوّته بسنتين ، ثم كان من قصّته وقت إظهار النبوّة الى وقت مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ، و من أمر غدير خم و غيره ما هو مشهور ، و قد روي و قص به و ذكرنا بعضه.

و قام بأمر اللّه جل و علا : و سنه خمس و ثلاثون سنة ، و اتبعه المؤمنون ، و قعد عنه المنافقون ، و نصبوا للملك و أمر الدّنيا رجلا اختاروه لأنفسهم دون من اختاره اللّه جلّ و عز و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

اثبات الوصية، ص135 .

يا طيب : القصة طويلة وأغلبها كما عرفت تحكي عن رعاية فاطمة بنت أسد للنبي وولادتها لأبنائها صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، وبالنظر فيها يمكن معرفة جلالة شأنها واهتمام الرواة في تعريف فضلها ، لما لها من الكرامة والسؤدد وحب النبي الأكرم لها ، وإن زوجها كريم قريش وسيد البطحاء أبو طالب ، وهي أم لأمير المؤمنين وسيد الوصيين ، وأم لجعفر الطيار في الجنة وجدة الأئمة والسادة عليهم الصلاة والسلام .

ويا طيب : وما جاء من قربها للأصنام ستأتي الرواية ، إن كانت تأتي بيت الله تقصد الله وحده لا شريك له ، وإن قربت من الأصنام لا تريدهم ولكن تداري قومها لتقترب من بيت الله تعالى ، وتهيئ نفسها لتدخله حين ولادة سيد الأوصياء وخير البشر عليه السلام علي بن أبي طالب عليه السلام ، كما أن دخول النبي عليه حين ولادتها لأمير المؤمنين عليه السلام لمعرفته أنه وصيه ، وفي زياراته لبيت عمه في كثير من الأحيان حتى بعد زواجه ، لأنه بيته وقد تربى فيها 17 عشر سنة ، وكان يعتبر أمه فاطمة بنت أسد وأبيه أبو طالب وأبنائهم أخوته صلى الله عليهم وسلم أجمعني .

ولادتها لأمير المؤمنين عليه السلام :

قال الكليني في الكافي : ولد أمير المؤمنين عليه السلام بعد عام الفيل بثلاثين سنة .

و قتل عليه السلام : في شهر رمضان لتسع بقين منه ليلة الأحد سنة أربعين من الهجرة ، و هو ابن ثلاث و ستين سنة ، بقي بعد قبض النبي ثلاثين سنة .

و أمه : فاطمة بنت‏ أسد بن هاشم بن عبد مناف ، و هو أول هاشمي ولده هاشم مرتين .

إن فاطمة بنت أسد : جاءت إلى أبي طالب لتبشره بمولد النبي .

فقال أبو طالب : أصبري سبتا ، أبشرك بمثله إلا النبوة .

و قال : السبت ثلاثون سنة ، و كان بين رسول الله و أمير المؤمنين صلى الله عليهم وآلهم ثلاثون سنة .

الكافي ج‏1ص452ب113ح1 . السبت هو الدهر و البرهة من الزمان و خص في الحديث بالثلاثين .

فاطمة بنت أسد و الرسول :

و روي عن فاطمة بنت أسد قالت :

فلما توفي عبد المطلب : أخذه أبو طالب .

و كنت أخدمه : و كان يدعوني الأم .

قالت : و كان في بستان دارنا نخلات ، و كان أول إدراك الرطب ، و كان أربعون صبيا من أتراب محمد صلى الله عليه وآله ، يدخلون علينا كل يوم في البستان ، و يلتقطون ما يسقط .

فما رأيت قط : محمدا صلى الله عليه وآله و سلم ، أخذ رطبة من يد صبي سبق إليها ، و الآخرون يختلس بعضهم من بعض .

و كنت كل يوم : ألتقط لمحمد صلى الله عليه وآله حفنة فما فوقه ، و كذلك جاريتي ، فاتفق يوما أن نسيت أن ألتقط له شيئا و نسيت جاريتي .

و كان محمد صلى الله عليه وآله : نائما ، و دخل الصبيان و أخذوا كل ما سقط من الرطب و انصرفوا .

فنمت : فوضعت الكم على وجهي حياء من محمد إذا انتبه .

قالت : فانتبه محمد و دخل البستان ، فلم ير رطبة على الأرض ، فانصرف.

فقالت له الجارية : إنا نسينا أن نلتقط شيئا ، و الصبيان دخلوا و أكلوا جميع ما كان قد سقط .

قالت : فانصرف محمد صلى الله عليه وآله إلى البستان ، و أشار إلى نخلة .

و قال : أيتها الشجرة أنا جائع .

قالت : فرأيت الشجرة قد وضعت أغصانها التي عليها الرطب ، حتى أكل منها محمد صلى الله عليه وآله ما أراد ، ثم ارتفعت إلى موضعها .

قالت فاطمة : فتعجبت ، و كان أبو طالب قد خرج من الدار ، و كل يوم إذا رجع و قرع الباب كنت أقول للجارية حتى تفتح الباب .

فقرع أبو طالب : فعدوت حافية إليه ، و فتحت الباب ، و حكيت له ما رأيت .

فقال : هو إنما يكون نبيا ، و أنت تلدين وزيره بعد ثلاثين .

فولدت : عليا عليه السلام كما قال .

الخرائج ‏والجرائح ج1ص138 .

الجدة تروي كفالة النبي لعلي :

قال السيد بن طاووس : فصل : ورأيت في كتاب عتيق تسميته كتاب الأبواب الدامغة تأليف أبي بشر أحمد بن ابراهيم بن أحمد العمي ما هذا لفظه :

قالت فاطمة بنت أسد :

فلما أملق أبو طالب : جاءه رسول الله صلى الله عليه وآله والعباس ، فأخذا من عياله اثنين بالقرعة ، فطار سهم رسول الله صلى الله عليه واله بعلي عليه السلام .

فصار : معه وله ، وأنشأه وربّاه ، فأخذ علي عليه السلام بخلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهديه وسيرته ، وكان أول من آمن به وصدقه . تم الحديث.

الامان من اخطار الاسفار والازمان ج9ص17ف11 .

فاطمة بنت أسد في المدينة :

يا طيب : الأخبار منقطعة عن حياتها بعد أبو طالب عليه السلام إلا القليل ، وذكرنا قسم منها في صحيفة أم المؤمنين خديجة في حصار قريش لهم في شعب أبي طالب ثلاث سنوات ، وكانت فيهم خديجة وفاطمة بنت أسد ، وهي سيدة بني هاشم لمقام زوجها ، وأبيها أسد أخو أبو طالب عليهم السلام .

كما ذكرنا : قصة هجرتها للمدينة المنورة مع أبنها علي بن أبي طالب عليه السلام ، في صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام ، ولم تبقى مع طالب وعقيل وأعمامها في بيتها في مكة المكرمة ، وهي العزيز في قريش الممنوعة الجانب ، ونذكر ملخصها هنا .

بل رحمها الله : اختارت الهجرة مع أبنها بعد هجرة النبي بثلاثة أيام ، فكانت ترعى النبي وابنها علي وفاطمة الزهراء في المدينة ، حتى تزوج النبي الأكرم ، فكانت كالأم أيضا لفاطمة الزهراء عليها السلام ، حتى تزوجت بعلي بن أبي طالب عليه السلام ، فكانت :

هي : وفاطمة الزهراء وعلي ابن أبي طالب ، وعاصرت الحسن والحسين في مولدهما ، وكانت تخدمهم وترعاهما حتى أخر أجلها في يوم 23 صفر في 4 للهجرة .

الجدة أول المهاجرات للمدينة :

قال الشيخ الطوسي : أخبرنا جماعة، بعدة أسانيد عن هند بن هالة و أبو رافع و عمار بن ياسر جميعا يحدثون : عن هجرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه إلى رسول الله صلى الله عليه و آله بالمدينة و مبيته قبل ذلك على فراشه .

قال الله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) } البقرة.

قال أبو عبيدة : قال أبي و ابن أبي رافع : ثم كتب رسول الله صلى الله عليه و آله إلى علي بن أبي طالب عليه السلام كتابا يأمره فيه بالمسير إليه و قلة التلوم ، و كان الرسول إليه أبا واقد الليثي .

فلما أتاه : كتاب رسول الله صلى الله عليه و آله ، تهيأ للخروج و الهجرة ، فآذن من كان معه من ضعفاء المؤمنين ، فأمرهم أن يتسللوا و يتخففوا إذ ملأ الليل بطن كل واد إلى ذي طوى ، و خرج علي عليه السلام :

بفاطمة : بنت رسول الله صلى الله عليه و آله .

و أمه فاطمة : بنت أسد بن هاشم .

و فاطمة : بنت الزبير بن عبد المطلب ، و قد قيل هي ضباعة ، و تبعهم أيمن ابن أم أيمن مولى رسول الله صلى الله عليه و آله ، و أبو واقد رسول رسول الله صلى الله عليه وآله.

فجعل يسوق : بالرواحل فأعنف بهم .

فقال علي صلوات الله عليه : ارفق بالنسوة يا أبا واقد ، إنهن من الضعائف.

قال : إني أخاف أن يدركنا الطالب، أو قال : الطلب .

فقال علي عليه السلام : اربع عليك ، فإن رسول الله صلى الله عليه و آله قال لي : يا علي ، إنهم لن يصلوا من الآن إليك بما تكرهه .

ثم جعل : يعني عليا عليه السلام يسوق بهن سوقا رفيقا ، و هو يرتجز و يقول :

ليس إلا الله فارفع ظنكا

يكفيك رب الناس ما أهمكا

و سار : فلما شارف ضجنان أدركه الطلب ، و عددهم سبعة فوارس من قريش مستلئمين، و ثامنهم مولى لحرب بن أمية يدعى جناحا .

فأقبل علي عليه السلام : على أيمن و أبي واقد ، و قد تراءى القوم ، فقال لهما : أنيخا الإبل و اعقلاها ، و تقدم حتى أنزل النسوة ، و دنا القوم فاستقبلهم عليه السلام منتضيا سيفه .

فأقبلوا عليه فقالوا : أ ظننت أنك يا غدر ناج بالنسوة ، ارجع لا أبا لك .

قال : فإن لم أفعل ؟

قالوا : لترجعن راغما، أو لنرجعن بأكثرك شعرا و أهون بك من هالك ، و دنا الفوارس من النسوة و المطايا ليثوروها .

فحال علي عليه السلام : بينهم و بينها، فأهوى له جناح بسيفه ، فراغ علي عليه السلام عن ضربته ، و تختله علي عليه السلام ، فضربه على عاتقه، فأسرع السيف مضيا فيه حتى مس كاثبة فرسه، فكان عليه السلام يشد على قدمه شد الفرس ، أو الفارس على فرسه، فشد عليهم بسيفه و هو يقول :

خلوا سبيل الجاهد المجاهد

آليت لا أعبد غير الواحد

فتصدع عنه القوم و قالوا له : اغن عنا نفسك يا ابن أبي طالب .

قال : فإني منطلق إلى ابن عمي رسول الله صلى الله عليه و آله بيثرب، فمن سره أن أفري لحمه وأريق دمه فليتعقبني أو فليدن مني.

ثم أقبل على صاحبيه : أيمن و أبي واقد ، فقال لهما : أطلق مطاياكما.

ثم سار ظاهرا قاهرا : حتى نزل ضجنان، فتلوم بها قدر يومه و ليلته ، و لحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين ، و فيهم أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه و آله .

فظل ليلته تلك :

هو و الفواطم :

أمه فاطمة : بنت أسد .

و فاطمة : بنت رسول الله صلى الله عليه و آله .

و فاطمة : بنت الزبير .

طورا يصلون : و طورا يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم ، فلم يزالوا كذلك حتى طلع الفجر فصلى عليه السلام بهم صلاة الفجر، ثم سار لوجهه يجوب منزلا بعد منزل لا يفتر عن ذكر الله .

و الفواطم : كذلك ، و غيرهم ممن صحبه حتى قدموا المدينة، و قد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم بقوله تعالى : { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

« إلى قوله : فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى«

الذكر : علي .

و الأنثى : الفواطم المتقدم ذكرهن :

و هن : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله .

و فاطمة : بنت أسد .

و فاطمة : بنت الزبير .

{ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ }

يقول : علي من فاطمة .

أو قال : الفواطم ، و هن من علي .

{ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُو فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ } .

و تلا صلى الله عليه و آله : { وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ } .

قال و قال : يا علي ، أنت أول هذه الأمة إيمانا بالله و رسوله ، و أولهم هجرة إلى الله و رسوله، و آخرهم عهدا برسوله ، لا يحبك و الذي نفسي بيده إلا مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان، و لا يبغضك إلا منافق أو كافر.

الأمالي للطوسي ص17ص473 م16 ح37-1031.

الجدة أول من بايعت وهي بدرية :

وقال أبو الفرج الأصفهاني : حدثني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثنا يحيى بن الحسن العلوي ، عن حسين بن حسين اللؤلئي قال " حدثنا السري بن سهل الجندي سابوري قال : حدثنا محمد ابن عمرو ربيح عن جرير بن عبدالحميد عن مغيرة عن إبراهيم، عن الحسن البصري عن الزبير بن العوام قال :

سمعت النبي صلى الله عليه وآله : يدعو النساء إلى البيعة ، حين أنزلت هذه الآية :

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ

فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (12)} الممتحنة.

وكانت فاطمة بنت أسد : أول امرأة بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله .

مقاتل الطالبيين ص 4 .

حدثني محمد بن الحسين الخثعمي قال: حدثنا عباد بن يعقوب قال: أخبرن عمرو بن ثابت، عن عبدالله بن يسار، عن جعفر بن محمد قال:

كانت فاطمة بنت أسد : أم علي بن أبي طالب حادية عشرة ، يعني في السابقة إلى الاسلام .

وكانت بدرية .

مقاتل الطالبيين ص 4 .

يا طيب : وتوجد روايات إن إسلامها وتوحيدها قبل البعث حين كان النبي الأكرم في بيتها ولها قصة مرت ، وإنها كانت بدرية أي ممن شهد بدر ، وكان خروج النساء لخدمة الجند ومداواة المجروحين .

فاطمة تكفي فاطمة :

وقال في معرفة الصحابة : بسنده عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، به، عن علي، قال:

قُلْتُ : لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ .

اكْفِي : فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سِقَايَةَ الْمَاءِ وَالذَّهَابَ فِي الْحَاجَةِ .

وَتَكْفِيكِ : خِدْمَةَ الدَّاخِلِ الطَّحْنَ وَالْعَجْنَ .

معرفة الصحابة لأبي نعيم ج6ص 3409ح 7784 . أسد الغابة ج3ص393 .

هدية النبي للفواطم :

يا طيب : جاء في غزوة أكيدر بدومة الجندل ، بعد أن ذكرو تفاصيلها ، ومنها أهدى الأكيدر سيد الدومة هدية ثوب للنبي فقسمه بين الفواطم : فاطمة بنت أسد ، وفاطمة بنته سيد النساء ، فاطمة بنت حمزه صلى الله عليهم وسلم .

فذكر في الإمتاع والمؤانسة : ...

الرجوع بأكيدر إلى المدينة :

ثم خرج قافلا : إلى المدينة ومعه أكيدر ومضاد ، وعلى أكيدر صليب من ذهب ، وعليه الديباج ظاهر ، ومع خالد الخمس مما غنموا ، وصفيّ خالص لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وكانت السّهمان خمس فرائض لكلّ رجل معه سلاح ورماح.

فلما قدم بأكيدر : صالحه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الجزية ، وخلى سبيله وسبيل أخيه ، وكتب لهم أمانا وختمه بظفره : لأنه لم يكن في يده خاتم .

وأهدى أكيدر : إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثوب حرير ، فأعطاه عليا .

فقال : شقّقه خمرا بين الفواطم.

إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع ج2ص64 .

خمر : جمع خمار وهو غطاء رأس المرأة.

الفواطم : أراد بهن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وفاطمة بنت أسد ، وفاطمة بنت حمزة.النهاية ج 3 ص 458 والحديث في سنن ابن ماجة ج 2 ، وفي المغازي للواقدي ج 3 ص 1027 ، 1028 . الروض الأنف ج1ص426 .

وقال بن الأثير : بسنده عن جَعْدَة بن هُبيرة، عن علي قال :

أهدى : إليَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حُلَّةً مسيَّرة بحرير .

فقال : اجعلْها خُمُراً بين الفواطم .

فشققت منها أربعة أخمرة : خماراً لفاطِمَة بِنْت مُحَمَّد صلّى الله عليه وسلّم ، وخماراً لفاطِمَة بِنْت أسد ، وخماراً لفاطِمَة بِنْت حمزة... ولم يذكر الرابعة.

أسد الغابة ج3ص394 .

وفاة فاطمة بنت أسد ورسول الله:

يا طيب : هذه عدة روايات تحكي كلا منها قسما من وقائع وفاته ، وأحوال تصرف النبي الأكرم معها في كفنها ودفنها ، وشدت مراعاته لها وتقديم الاحترام والتقدير لها ، وكلا منها تنقل قسم ، فمنها تحكي خبر الإمام علي عليه السلام له وكيف نقل وفاة أمه للنبي الأكرم ، ومنها تحكي قصة وصيتها للنبي الأكرم وبعضها ل تذكره ، ولكن تذكر أمرا آخر مثل مشيه على أطراف أنامله ، ومنها تذكر مشي الملائكة مع المشيعين ، ومنها تذكر الملائكة المصلين عليها ، وبعضها تذكر قسم من أثواب النبي مما كفنها به ، وقسم تقتصر على القميص الذي كفنها به ، وأيضا كيفية نزوله للقبر وتوسيعه ونزول الإمام علي والإمام الحسن معه ، وكثير من الأحداث الأخرى كعدد التكبيرات غسلها .

وبعض الروايات : مرسل ، وبعضها موثق صحيح عن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه ، وبعضها رواية ابن عباس بسند التابعين ، وإن الاختلاف بينه ، يحكي كلا منهم ما رآه أو ما سمعه وما حب ذكره من قصة وفاتها وكلا منهم لا يستقصي ، وقد يفوت أحد الرواة بعض المواقف أو لا يراه مناسب أن يرويه لكون السامعين أو السائل يحب الاختصار أو الإطالة ولكل موقف كلام مناسب .

ومجموع الأخبار : يؤلف حقيقة شأنها ويحكي عظيم منزلتها عند النبي صلى الله عليه وآله بل وعند الله تعالى والملائكة ، بل والمؤمنين حيث أخذوا يتناقلون قصة شهادتها بكثرة مع أحداث سابقة أو لاحقة لوفاتها ، لما أظهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المودة والمحبة والأفعال الكريمة التي تدل على فضلها ومناقبه وشأنها الكريم ، ولكون الصحيفة مختصة بفاطمة بنت أسد رحمها الله نذكرها هنا.

خبر وفاتها عن الصفار :

عن بكر بن جناح : عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

لما مات فاطمة بنت أسد : أم أمير المؤمنين .

جاء علي عليه السلام : عند النبي .

فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أبا الحسن ما لك ؟

قال عليه السلام :

أمي ماتت.

قال فقال النبي صلى الله عليه وآله :

و أمي و الله ، ثم بكى .

و قال :

وا أماه .

ثم قال لعلي عليه السلام : هذا قميصي فكفنها فيه ، و هذا ردائي فكفنها فيه ، فإذا فرغتم فآذنوني .

فلما أخرجت :

صلى عليها النبي : صلاة لم يصل قبلها و لا بعدها على أحد مثله .

ثم نزل على قبرها : فاضطجع فيه .

ثم قال لها : يا فاطمة .

قالت : لبيك يا رسول الله .

فقال : فهل وجدت ما وعد ربك حقا ؟

قالت : نعم ، فجزاك الله جزاء .

و طالت : مناجاته في القبر .

فلما خرج : قيل يا رسول الله لقد صنعت بها شيئا .

في تكفينك ثيابك ؟

و دخولك في قبرها ؟

و طول مناجاتك ؟

و طول صلواتك ؟

ما رأيناك صنعته بأحد قبلها ؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم :

أما تكفيني إياها :

فإني : لما قلت لها ، يعرض الناس يوم يحشرون من قبورهم .

فصاحت فقالت : وا سوأتاه .

فلبستها ثيابي : و سألت الله في صلواتي عليها ، أن لا يبلي أكفانها حتى تدخل الجنة ، فأجابني إلى ذلك .

و أما دخولي : في قبرها .

فإني قلت لها يوما : إن الميت إذا دخل قبره و انصرف الناس عنه ، دخل عليه ملكان منكر و نكير ، فيسألانه ؟

فقالت : وا غوثاه بالله ، فما زلت أسأل ربي في قبرها .

حتى فتح لها : روضة من قبرها إلى الجنة و روضة من رياض الجنة .

بصائر الدرجات ص287 ب7 ح9 .

خبر وفاتها عن الكليني :

قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام :

إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ :

أُمَّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ :

كانت : أَوَّلَ امْرَأَةٍ ، هَاجَرَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، من مكة إلى المدينة على قدميها.

و كانت : من أبر الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فسمعت رسول الله و هو يقول :

إن الناس : يحشرون يوم القيامة ، عراة كما ولدوا .

فقالت : وا سوأتاه .

فقال لها رسول الله : فإني أسأل الله أن يبعثك كاسية .

و سمعته : يذكر ضغطة القبر .

فقالت : وا ضعفاه .

فقال لها رسول الله : فإني أسأل الله أن يكفيك ذلك .

و قالت لرسول الله : يوما ، إني أريد أن أعتق جاريتي هذه .

فقال لها : إن فعلت ، أعتق الله بكل عضو منها ، عضوا منك من النار .

فلما مرضت : أوصت إلى رسول الله ، و أمرت أن يعتق خادمها .

و اعتقل لسانها : فجعلت تومي إلى رسول الله إيماء .

فقبل رسول الله : وصيتها .

فبينما هو : ذات يوم قاعد ، إذ أتاه أمير المؤمنين عليه السلام و هو يبكي .

فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : ما يبكيك ؟

فقال : ماتت أمي فاطمة .

فقال رسول الله :

و أمي و الله .

و قام مسرعا : حتى دخل فنظر إليها ، و بكى .

ثم أمر النساء : أن يغسلنها .

و قال صلى الله عليه وآله : إذا فرغتن فلا تحدثن شيئا حتى تعلمنني .

فلما فرغن : أعلمنه بذلك .

فأعطاهن : أحد قميصيه الذي يلي جسده ، و أمرهن أن يكفنها فيه .

و قال للمسلمين : إذا رأيتموني قد فعلت شيئا لم أفعله قبل ذلك فسلوني لم فعلته .

فلما فرغن : من غسلها و كفنها .

دخل صلى الله عليه وآله وسلم : فحمل جنازتها على عاتقه ، فلم يزل تحت جنازتها حتى أوردها قبرها .

ثم وضعها : و دخل القبر فاضطجع فيه .

ثم قام : فأخذها على يديه حتى وضعها في القبر .

ثم انكب : عليها طويلا يناجيها .

و يقول لها : ابنك ابنك ابنك‏ .

ثم خرج : و سوى عليها .

ثم انكب : على قبرها، فسمعوه يقول:

لا إله إلا الله : اللهم إني أستودعها إياك .

ثم انصرف .

فقال له المسلمون : إنا رأيناك فعلت أشياء لم تفعلها قبل اليوم ؟

فقال : اليوم فقدت بر أبي طالب .

إن كانت : ليكون عندها الشيء ، فتؤثرني به على نفسها و ولده .

و إني‏ ذكرت : القيامة ، و أن الناس يحشرون عراة .

فقالت : وا سوأتاه ، فضمنت لها أن يبعثها الله كاسية .

و ذكرت : ضغطة القبر .

فقالت : وا ضعفاه .

فضمنت لها : أن يكفيها الله ذلك ـ

فكفنتها : بقميصي ، و اضطجعت في قبرها ، لذلك .

و انكببت عليها : فلقنتها ما تسأل عنه .

فإنها سئلت : عن ربها ؟ فقالت .

و سئلت عن رسولها : فأجابت .

و سئلت : عن وليها و إمامها فأرتج عليها .

فقلت : ابنك ابنك ابنك‏ .

الكافي ج1ص453ح2 .

يا طيب : كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله جلسات قرآن وبيان وتفسير وشرح وتعليم في بيت علي بن أبي طالب ، وقد ذكرنا الكثير منها في صحيفة سادة الوجود ، وإنه كان يأتيهم في بيت فاطمة الزهراء عليها السلام في المدينة المنورة ، ويشرح لهم تعاليم الدين وتفسير ما نزل ، وكانت ممن يحضر ، ومن جملة المعارف والتعاليم مما لها دور في بيانها والتذكير بها ، ما عرفت من البر والإحسان والعتق ، وبالخصوص أحوال الحسر والناس فيه ، بل والقبر وضغطته ، فضمن رسول الله صلى الله عليه وآله لها النجاة .

كما تبين : هذه الجلسات كما قال علي بن أبي طالب ، حين كان يأتي في بيت لم يقم أحد من أهل بيت النبوة ، وكانت تسمع وتتعلم التفسير والتأويل خاصه وعامه ، فكانت من العلماء كأهل البيت عليهم السلام بل هي سيدة من ساداتهم ، وإذا كانت الجلسة في بيت النبي كانت تقوم النساء ويخلوا بأهل بيته بالمناجاة والتعليم .

خبر دعائم الإسلام :

يا طيب : ترى في الأحاديث عن وفاتها شؤون من فضائلها وخصائص من مكرمات تشارك بها النبي والأئمة المعصومين ، حتى كانت العزيزة البرة التقية المقدرة المحترمة فيهم وبينهم ، لسابقتها في الإسلام ولطهارتها بفضل الله ولتحمله لنور الإمامة وعلو درجتها ، وبالإضافة لما عرفت هذا حديث آخر برواية أخرى :

عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السلام :

أوصت : فاطمة بنت‏ أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب عليهم السلام.

و قالت : يا رسول الله أعتق خادمي فلانة.

فقال : أما إنك ما قدمت من خير تجديه.

فلما توفيت : وقف رسول الله صلى الله عليه وآله ، على قبره من قبل أن تنزل فيه .

و قال : اصبروا ، ثم نزل فاضطجع في لحدها ثم خرج .

و قال : أنزلوها ، إنما فعلت ما فعلت أردت أن يوسعه الله عز وجل عليها .

فإنه لم ينفعني أحد : نفعها و نفع أبي طالب ، و قام بوصيته و نفذها على ما أوصت.

دعائم الإسلام ج2ص361ح1314 .

وفاتها برواية الصدوق :

عن عباية بن ربعي : عن عبد الله بن عباس قال :

أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام : ذات يوم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم باكيا ، و هو يقول‏ :

إنا لله و إنا إليه راجعون‏ .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : مه يا علي ( أي ما الأمر ).

فقال علي عليه السلام : يا رسول الله ماتت أمي فاطمة بنت‏ أسد ؟

قال : فبكى النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم :

رحم الله : أمك يا علي .

أما إنها : إن كانت لك أما .

فقد كانت : لي أما .

خذ : عمامتي هذه .

و خذ : ثوبي هذين .

فكفنها : فيهما .

و مر النساء : فليحسن غسلها ، و لا تخرجها حتى أجيء ، فألي أمرها .

قال : و أقبل النبي صل الله عليه وآله وسلم بعد ساعة .

و أخرجت : فاطمة أم علي عليه السلام ، فصلى عليها النبي صلاة لم يصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة .

ثم كبر عليها : أربعين تكبيرة .

ثم دخل إلى القبر : فتمدد فيه ، فلم يسمع له أنين و لا حركة .

ثم قال : يا علي أدخل ، يا حسن ادخل ، فدخل القبر فلما فرغ مما احتاج إليه .

قال له : يا علي أخرج ، يا حسن أخرج ، فخرجا .

ثم زحف النبي صلى الله عليه وآله : حتى صار عند رأسها .

ثم قال : يا فاطمة ، أنا محمد سيد ولد آدم و لا فخر .

فإن أتاك منكر و نكير : فسألاك من ربك ؟

فقولي :

الله ربي : و محمد نبيي ، و الإسلام ديني ، و القرآن كتابي ، و أبني إمامي و وليي .

ثم قال : اللهم ثبت فاطمة بالقول الثابت‏ .

ثم خرج : من قبرها ، و حثا عليها حثيات ، ثم ضرب بيده اليمنى على اليسرى فنفضهما .

ثم قال : و الذي نفس محمد بيده ، لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي.

فقام إليه عمار بن ياسر فقال : فداك أبي و أمي يا رسول الله ، لقد صليت عليها صلاة لم تصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة ؟

فقال : يا أبا اليقظان ، و أهل ذلك هي‏ مني .

و لقد كان : لها من أبي طالب ولد كثير ، و لقد كان خيرهم كثير ، و كان خيرنا قليلا .

فكانت : تشبعني و تجيعهم ، و تكسوني و تعريهم ، و تدهنني و تشعثهم .

قال : فلم كبرت عليها أربعين تكبيرة يا رسول الله ؟

قال : نعم يا عمار ، التفت عن يميني فنظرت إلى أربعين صف من الملائكة ، فكبرت لكل صف تكبيرة .

قال : فتمددت في القبر و لم يسمع لك أنين و لا حركة ؟

قال : إن الناس يحشرون يوم القيامة عراة ، فلم أزل أطلب إلى ربي عز و جل أن يبعثها ستيرة .

و الذي : نفس محمد صلى الله عليه وآله وسلم بيده ، ما خرجت من قبرها :

حتى رأيت : مصباحين من نور عند رأسها ، و مصباحين من نور عند يديها ، و مصباحين من نور عند رجليها ، و ملكاها الموكلان بقبرها يستغفران له إلى أن تقوم الساعة .

الأمالي للصدوق ص314م51ح14 .

يا طيب : لا غروا أن يكون لها هذا الاحترام وتقدير من الإمام الحسين عليه السلام ، حيث دفن أخيه الحسن المجتبى وهو إمام له ولها أسفل منها ودونه ولم يقدمه عليها ، وفيه احترام للأم وتقدير لسابقتها في الإسلام ، ولشأنها الكريم الذي يكفيها أن الأئمة من ولدها ، وقبرها مقدسة وروضة من رياضة الجنة مفتوحة له ، لمن عرف قدرها وشأنها الكريم وعرفه أنها سيدة بني هاشم في زمانها كفاطمة الزهراء والعقيلة زينب حفيدتها بعدها .

خبر وفاتها عن بن شاذان :

وعن بن شاذان و قيل : لما ماتت فاطمة بنت أسد والدة أمير المؤمنين عليه السلام ، أقبل علي عليه السلام و هو باك .

فقال له النبي : ما يبكيك لا أبكى الله لك عينا ؟

قال عليه السلام :

توفيت أمي يا رسول الله .

فقال له النبي صلى الله عليه وآله :

بل و أمي يا علي .

فلقد كانت : تجوع أولادها و تشبعني ، و تشعث أولادها و تدهنني .

و الله لقد كانت : في دار أبي طالب نخلة ، و كنا نتسابق إليه من الغداة لنلتقط ما يقع منها في الليل ، و كانت رضي الله عنها تأمر جاريتها لتلتقط ما تحتها من الغلس ، ثم تجنيه ، فيخرج بنو عمي فتناولني ذلك .

ثم نهض صلى الله عليه وآله : و أخذ في جهازها .

و كفنها : بقميصه صلى الله عليه وآله.

و كان في حال : تشييع جنازتها ، يرفع قدما و يتأنى بين الآخر ، و هو حافي القدم .

فلما صلى عليها : كبر سبعين تكبيرة.

ثم وسدها : في اللحد بيده الكريمة .

بعد أن نام : في قبرها ، و لقنها الشهادتين .

فلما أهيل : عليها التراب و أراد الناس الانصراف .

جعل يقول :ابنك ابنك، لا جعفر و لا عقيل ، علي بن أبي طالب.

فقالوا له : يا رسول الله ، فعلت فعلا ما رأينا قط مثله ، مشيت متأنيا حافي القدم ؟ و كبرت سبعين تكبيرة ؟ و نمت في لحدها ؟ و جعلت قميصك عليها ؟ و قلت لها ابنك ابنك لا جعفر و لا عقيل ؟

فقال صلى الله عليه وآله وسلم :

أما التأني : في وضع أقدامي في حال تشييع الجنازة ، فلكثرة ازدحام الملائكة.

و أما نومي : في لحدها فإني ذكرت لها في حال حياتها ضغطة القبر .

فقالت : وا ضعفاه ، فنمت في لحدها لأجل ذلك حتى كفيتها ذلك .

و أما تكفينها : بقميصي ، فإني ذكرت لها القيامة و حشر الناس عراة .

فقالت : وا فضيحتاه ، فكفنتها به لتقوم يوم القيامة مستورة .

و أما قولي لها : ابنك ابنك .

فإنه نزل الملكان : و سألاها عن ربها ؟

فقالت : الله ربي .

و قالا لها : من نبيك ؟

فقالت : محمد .

و قالا لها : من وليك و إمامك ، فاستحيت أن تقول ولدي .

فقلت لها : قولي ولدك علي بن أبي طالب ، أبنك ابنك ، فأقر الله تعالى بذلك عينها .

الفضائل ص102 .

دعاء النبي للجدة أمُّ الإيمان :

قال في كتاب مشاهير النساء المسلمات : لعلي بن نايف الشحود :

أم الإيمان فاطمة بنت أسد :

عن أنس بن مالك قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي رضي الله عنهما ، دخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس عند رأسها ، فقال :

" رَحِمَكِ اللَّهُ : يَا أُمِّي .

كُنْتِ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي :

تَجُوعِينَ : وَتُشْبِعِينِي ، وَتَعْرَيْنَ وَتَكْسِينِي ، وَتَمْنَعِينَ نَفْسَكِ طَيِّبًا وَتُطْعِمِينِي ، تُرِيدِينَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ " .

ثم أمر أن تغسل ثلاثا : فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله بيده ، ثم خلع رسول الله قميصه فألبسها إياه ، وكفنها ببرد فوقه .

ثم دعا رسول الله : أسامة بن زيد ، وأبا أيوب الأنصاري ، وعمر بن الخطاب ، وغلاما أسود يحفرون ، فحفروا قبرها ، فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله بيده ، وأخرج ترابه بيده ، فلما فرغ دخل رسول الله فاضطجع فيه .

فقال : " اللَّهُ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ ، اغْفِرْ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ ، وَلَقِّنْهَا حُجَّتَهَ ، وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي ; فَإِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ "

وَأَدْخَلُوهَا اللَّحْدَ .

مشاهير النساء المسلمات ص130 .

مرقد فاطمة بنت أسد في البقيع:

يا طيب : يظهر في الصور الأفلام الملتقطة من مراقد أئمة البقيع عليهم السلام ، أربعة قبور وهي للإمام المجتبى الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، والإمام زين العابدين بن الحسين تلو عمه ، وتلوه وأبنه والإمام محمد الباقر ، وتلوه الإمام جعفر الصادق ، وهم أحفاد فاطمة بنت أسد صلى الله عليهم وسلم أجمعين .

وإن مرقد وقبر : جدتهم فاطمة بنت أسد عليه السلام ، يتقدمهم ويكون أمامهم ، وهذا بحق يصدق القول وينطبق مفردا تاما كامل عليهم ، وهو قول :

الجنة :تحت أقدام الأمهات ، الصالحات المؤمنات التقاة الثقاة ، ولذا قد كرم الله فاطمة بنت أسد أن تدفن عند مراقد سادة الوجود وأئمة أهل التكوين وخير أهل الأرض من أحفادها ، بل وتتقدمهم .

وهذه القبور والمراقد : هي روضة من رياض الجنة ، وفيها أئمة معصومين وجدتهم صلى الله عليهم وسلم ، ولمعرفة هذا بأن مرقدها أمام أحفادها ، نذكر :

سنة وفاتها :

يا طيب : يقيم الموالين لآل محمد عليهم السلام ، ذكر وفاة الصديقة الطيبة الطاهرة فاطمة بنت أسد عليها السلام ، في يوم 23 صفر من كل سنة لما ورد سنة وفاتها.

قال في كتاب سيد المرسلين وغيره : وفي الثالث من شهر شعبان من هذه السنة الرابعة من الهجرة ، وُلِد السبط الثاني لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الامام الحسين بن عليّ .

كما توفيت : فاطمة بنت أسد ، والدة الإمام علي عليه السلام .

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله ج2 ص17 ، عن تاريخ الخميس ج1ص467.

يا طيب : وذكرت أقوال أخرى في سنة وفاتها ، فبعض قال في سنة خمسة ، وبعض قال في سنة ثالثة ، وأما يوم تخليد ذكرها وبيان فضلها ومناقبها ، فاتفق الشيعة على يوم 23 صفر .

ويا حبذا : يكون يوم تخليد ولادتها في يوم 12 رجب ، قبل ولادة أبنها علي بن ابي طالب عليه السلام ، لنعيد ذكر فضائلها ومناقبها ومنزلته وشرفها ، ونذكر المؤمنين بأكرم أم في التأريخ وأعظمه بعد آمنة بنت وهب عليهم السلام ، فننشر معارف الحق وفضل أمهات المعصومين عليهم السلام ، ونعرف كم فرق شاسع بينهن وبين أمهات أعدائهم و ممن خالفهم كهند آكلت الأكباد ، وأم عمر بن العاص ذات الرايات ، وعبيد الله بن زياد وغيرهن .

أقوال العلماء في مرقدها بالبقيع :

قال الشيخ المفيد رحمه الله : باب نسب أبي عبد الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه السلام و تاريخ مولده و وفاته و موضع قبره .

جَاءَ فِي الْأَخْبَارِ :

أَنَّهُمْ أُنْزِلُوا : عَلَى جَدَّتِهِمْ‏ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا.

المقنعة ص473ب19 .

وقال الشيخ الطوسي : باب نسب أبي عبد الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام و تاريخ مولده و وقت وفاته و موضع قبره :

جَعْفَرُ : بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهم الصلاة والسلام ، الصَّادِقُ ، الْإِمَامُ الْعَادِلُ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ ...

وَ قَبْرُهُ بِالْبَقِيعِ أَيْضاً : مَعَ أَبِيهِ ، وَ جَدِّهِ ، وَ عَمِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهم السلام .

وَ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ :

أَنَّهُمْ أُنْزِلُوا : عَلَى جَدَّتِهِمْ‏ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا.

تهذيب الأحكام ج6ص78ب25 . وعن التهذيب والكافي في الوافي ج3ص 796 ، وفي ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار ج‏9ص196ب25 .

وقال العلامة المجلسي رحمه الله :

و قبر عقيل بن أبي طالب رحمه الله : و معه في القبر ابن أخيه عبد الله الجواد بن جعفر الطيار ، و قريب من قبة عقيل بقعة فيها زوجات النبي ، و قبر صفية بنت عبد المطلب عمة النبي على يسار الخارج من البقيع ، و في طرف القبلة من البقعة قبر متصل بجدار البقعة عليه ضريح ، و العامة يعتقدون أنه قبر الزهراء عليها السلام ، و أن قبر فاطمة بنت أسد هو الواقع في زاوية المقبرة العمومية للبقيع في الطرف الشمالي من قبة عثمان و هو اشتباه .

فإن من المحقق : أن قبر فاطمة الزهراء عليهما السلام إما في بيتها أو في الروضة النبوية على مشرفها آلاف الثناء و التحية .

و أن القبر الواقع : في الطرف القبلي من البقعة ، هو قبر فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليه السلام ، كما في بعض الأخبار : أن الأئمة عليهم السلام الأربعة نزلوا إلى جوار جدتهم‏ فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف .

بحار الأنوار ج48ص298 .

وقال في باب : زيارة إبراهيم بن رسول الله ، و فاطمة بنت أسد ، و حمزة و سائر الشهداء بالمدينة، وإتيان سائر المشاهد فيها.

أنهم أي الأئمة الأربعة : أنزلوا على جدتهم‏ فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضوان الله عليها .

فلا يبعد أن يكون : الموضع الذي يزور الناس فيه فاطمة بنت رسول الله في قبة أئمة البقيع ، هو موضع قبر فاطمة بنت أسد رضي الله عنها.

بحار الأنوار ج97ص220 .

وصية الإمام الحسن ليدفن عند جدته فاطمة في البقيع :

يا طيب : إن من المتيقن إن قبر فاطمة بنت أسد عليها السلام ، وهو القبر في قبلة أئمة البقيع من أحفادها ، هو وصية الإمام الحسن المجتبى عليه السلام لأخيه الحسين عليه السلام لأن يدفنه عند جدته فاطمة الزهراء عليها السلام ، والروايات متواترة جدا بهذه الوصية ، وبإسناد متعدد متفق المعنى على هذا ، ومنه :

قال الشيخ المفيد رحمه الله في الإرشاد :

لما استقر الصلح : بين الحسن عليه السلام ومعاوية ، خرج الحسن عليه السلام إلى المدينة، فأقام بها كاظما غيظه ، لازما منزله ، منتظرا لأمر ربه عز وجل ، إلى أن تم لمعاوية عشر سنين من إمارته ، وعزم على البيعة لابنه يزيد ، فدس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس وكانت زوجة الحسن عليه السلام من حملها على سمه ، وضمن لها أن يزوجها بابنه يزيد ، فأرسل إليها مائة ألف درهم، فسقته جعدة السم .

فبقي أربعين يوما : مريضا ، ومضى لسبيله في شهر صفر سنة خمسين من الهجرة ، وله يومئذ ثمانية وأربعون سنة ، وكانت خلافته عشر سنين .

وتولى أخوه ووصيه : الحسين عليه السلام غسله وتكفينه .

ودفنه : عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها بالبقيع .

الارشاد ص 174 - 176. مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 29 و 42 - 44. بحار الأنوار ج44 ص158.

و روي أن الصادق عليه السلام قال :

لما أن حضرت الحسن بن علي عليه السلام : الوفاة بكى بكاء شديد ،.

وقال : إني أقدم على أمر عظيم وهول لم أقدم على مثله قط .

ثم أوصى : أن يدفنوه بالبقيع .

فقال : يا أخي احملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ، لأجدد به عهدي .

ثم ردني : إلى قبر جدتي فاطمة بنت أسد فادفني هناك .

فستعلم : يا ابن أم ، أن القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند رسول الله ، فيجلبون في منعكم ذلك ، وبالله أقسم عليك أن لا تهرق في أمري محجمة دم .

فلما غسله وكفنه : الحسين عليه السلام حمله على سريره ، وتوجه به إلى قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله ليجدد به عهدا .

أتى مروان بن الحكم : ومن معه من بني أمية فقال : أيدفن : عثمان في أقصى المدينة ، ويدفن الحسن مع النبي ؟ لا يكون ذلك أبدا .

ولحقت عائشة : على بغل ، وهي تقول : ما لي ولكم يا بني هاشم ؟ تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب ؟

فقال ابن عباس لمروان : انصرفوا ، لا نريد دفن صاحبنا عند سول الله ، فإنه كان أعلم وأعرف بحرمة قبر جده رسول الله من أن يطرق عليه هدم ، كما يطرق ذلك غيره ، ودخل بيته بغير إذنه .

إنصرف : فنحن ندفنه بالبقيع كما وصى .

ثم قال لعائشة : واسوأتاه يوما على بغل ، ويوما على جمل .

وفي رواية : يوما تجملت ، ويوما تبغلت ، وإن عشت تفيلت .

فأخذه ابن الحجاج الشاعر البغداي فقال :

يا بنت أبي بكر لاك ان ولا كنت

لك التسع من الثمن وبالكل تملكت

بحار الأنوار ج44ص154 .

وقال أبو الفرج الأصفهاني:

قال أحمد بن سعيد : قال يحيى بن عبيدالله بن علي : خبره وغيره : أخبره : أن الحسن بن علي ، أرسل إلى عائشة ان تأذن له أن يدفن مع النبي صلى الله عليه وآله .

فقالت : نعم ما كان بقي إلا موضع قبر واحد ، فلما سمعت بذلك : بنو أمية اشتملوا بالسلاح ، هم وبنو هاشم للقتال ؟

وقالت بنو أمية : والله لا يدفن مع النبي أبدا ، فبلغ ذلك الحسن ، فأرسل إلى أهله ، إما إذا كان هذا فلا حاجة لي فيه ، أدفنوني : إلى جانب أمي فاطمة ، فدفن إلى جنب أمه فاطمة عليها السلام.

وقال يحيى بن الحسن : وسمعت علي بن طاهر بن زيد يقول :

لما ارادوا دفنه : ركبت عائشة بغلا ، واستنفرت بني أمية مروان بن الحكم ومن كان هناك منهم ومن حشمهم ، وهو القائل:

فيوما على بغل ويوما على جمل.

مقاتل الطالبيين ص49 .

وفي الحديث : سمى جدته فاطمة بأمي فاطمة ، ولا غروا فإنه أم النبي وعلي والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام ، كما يسمون الأئمة كالإمام الصادق والباقر وغيرهم ، فاطمة الزهراء عليها السلام أمي وأمنا ، فالجدة وإن علت فهي أم كأمنا حواء عليها السلام ، وسيأتي حديثا آخر.

زيارة فاطمة بنت أسد :

يا طيب : من الكرامات العالية ، والمناقب الشامخة ، والفضائل المخصوصة بها عليها السلام ، أنها لها زيارة مخصوصة عن الإمام ، وإن من لهم زيارة مفصلة معدودين ، وهي للمعصومين ولحمزة سيد الشهداء ، ومن له مقام شامخ وشأن عالي ، يخص بزيارة ، وبهذا تعرف علو قدرها وعظيم منزلتها وشرف درجتها عليها السلام ، فالتدبر بزيارتها يعرفنا كثير من فضائلها ومناقبها فتدبرها يا طيب :

قال في المزار الكبير : زيارة فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام :

فإذا وقفت على قبرها قال :

السَّلَامُ : عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، السَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ ، السَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ الْآخِرِينَ ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَ النَّبِيُّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

السَّلَامُ : عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ الْهَاشِمِيَّةِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ الْمَرْضِيَّةُ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَاالْكَرِيمَةُ الرَّضِيَّةُ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا كَافِلَةَ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ .

السَّلَامُ : عَلَيْكِ يَا مَنْ ظَهَرَتْ شَفَقَتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ خَاتَمِ النَّبِيِّين ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا مَنْ تَرْبِيَتُهَا لِوَلِيِّ اللَّهِ الْأَمِينِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ وَ عَلَى رُوحِكِ وَ بَدَنِكِ الطَّاهِرِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ وَ عَلَى وُلْدِكِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

أَشْهَدُ أَنَّكِ : أَحْسَنْتِ الْكَفَالَةَ ، وَ أَدَّيْتِ الْأَمَانَةَ ، وَ اجْتَهَدْتِ فِي مَرْضَاةِ اللَّه ِ، وَ بَالَغْتِ فِي حِفْظِ رَسُولِ اللَّهِ ، عَارِفَةً بِنُبُوَّتِهِ، مُسْتَبْصِرَةً بِنِعْمَتِهِ ، كَافِلَةً بِتَرْبِيَتِهِ، مُشْفِقَةً عَلَى نَفْسِهِ ، وَاقِفَةً عَلَى خِدْمَتِهِ، مُخْتَارَةً رِضَاهُ ، مُؤْثِرَةً رِضَاهُ.

وَ أَشْهَدُ أَنَّكِ : مَضَيْتِ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَ التَّمَسُّكِ بِأَشْرَفِ الْأَدْيَان ِ، رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ، طَاهِرَةً زَكِيَّةً ، تَقِيَّةً نَقِيَّةً ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْكِ وَ أَرْضَاك ِ، وَ جَعَلَ الْجَنَّةَ مَنْزِلَكِ وَ مَأْوَاكِ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ انْفَعْنِي بِزِيَارَتِهَا ، وَ ثَبِّتْنِي عَلَى مَحَبَّتِهَا ، وَ لَا تَحْرِمْنِي شَفَاعَتَهَ وَ شَفَاعَةَ الْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِهَا ، وَ ارْزُقْنِي مُرَافَقَتَهَ ، وَ احْشُرْنِي مَعَهَا ، وَ مَعَ أَوْلَادِهَا الطَّاهِرِينَ .

اللَّهُمَّ : لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي إِيَّاهَا ، وَ ارْزُقْنِي الْعَوْدَ إِلَيْهَا أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي ، وَ إِذَا تَوَفَّيْتَنِي فَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهَا ، وَ أَدْخِلْنِي فِي شَفَاعَتِهَ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللَّهُمَّ : بِحَقِّهَا عِنْدَكَ ، وَ مَنْزِلَتِهَا لَدَيْكَ ، اغْفِرْ لِي وَ لِوَالِدَيَّ ، وَ لِجَمِيعِ‏ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ ، وَ آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النَّارِ .

وَ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ : لِلزِّيَارَةِ مَنْدُوباً ، قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى .

المزار الكبير لابن المشهديص93ب8.وعنه في بحار الأنوار ج97ص219ب7ح17 .

التبرك وقضاء الحوائج بحقها :

عن داود الرقي قال : دخلت على أبي عبد الله الصادق عليه السلام :

و لي على رجل : مال ، قد خفت تواه‏ .

فشكوت : إليه ذلك . فقال لي :

إذا صرت بمكة :

فطف : عن عبد المطلب طوافا ، و صل ركعتين عنه .

و طف : عن أبي طالب طوافا ، و صل عنه ركعتين .

و طف عن عبد الله طوافا ، و صل عنه ركعتين .

و طف : عن آمنة طوافا ، و صل عنها ركعتين .

و طف : عن فاطمة بنت‏ أسد طوافا ، و صل عنها ركعتين .

ثم ادع : أن يرد عليك مالك .

قال : ففعلت ذلك ، ثم خرجت من باب الصفا .

و إذا غريمي : واقف ، يقول : يا داود حبستني تعال ، اقبض مالك.

الكافي ج4ص544ح21 .وتواه تضييع ماله وإهلاكه والذهاب به .

افتخار ابن الحنفية بالفواطم :

عن سعيد بن جبير قال : خطب عبد الله بن الزبير ، فنال من علي عليه السلام ، فبلغ ذلك محمد بن الحنفية ، فجاء إليه و هو يخطب ، فوضع له كرسي فقطع عليه خطبته .

و قال : يا معشر العرب شاهت الوجوه ، أ ينتقص علي و أنتم حضور .

إن عليا : كان يد الله على أعداء الله ، و صاعقة من أمره أرسله على الكافرين و الجاحدين لحقه ، فقتلهم بكفرهم فشنئوه ، و أبغضوه و أضمروا له الشنف (البغض) و الحسد .

و ابن عمه صلى الله عليه وآله : حي بعد لم يمت ، فلما نقله الله إلى جواره و أحب له ما عنده ، أظهرت له رجال أحقادها ، و شفت أضغانها .

فمنهم : من ابتز حقه ، و منهم من ائتمر به ليقتله ، و منهم من شتمه ، و قذفه بالأباطيل ، فإن يكن لذريته و ناصري دعوته دولة ، تنشر عظامهم و تحفر على أجسادهم و الأبدان منهم يومئذ بالية ، بعد أن تقتل الأحياء منهم و تذل رقابهم .

فيكون الله عز اسمه : قد عذبهم بأيدينا ، و أخزاهم و نصرن عليهم ، و شفا صدورنا منهم .

إنه و الله : ما يشتم عليا إلا كافر ، يسر شتم رسول الله صلى الله عليه وآله ، و يخاف أن يبوح به‏ ، فيكني بشتم علي عليه السلام عنه ، أم إنه قد تخطت المنية منكم من امتد عمره ، و سمع قول رسول الله فيه :

لا يحبك : إلا مؤمن ، و لا يبغضك إلا منافق ، { وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ } .

فعاد ابن الزبير إلى خطبته و قال : عذرت بني الفواطم يتكلمون ، فما بال ابن أم حنيفة .

فقال محمد رحمه الله : يا ابن أم رومان ، و ما لي لا أتكلم .

و هل فاتني من الفواطم : إلا واحدة ، و لم يفتني فخرها .

لأنها : أم أخوي .

أنا ابن فاطمة : بنت عمران بن عائذ بن مخزوم جدة رسول الله .

و أنا ابن فاطمة بنت أسد بن هاشم : كافلة رسول الله ، و القائمة مقام أمه .

أما و الله : لو لا خديجة بنت خويلد ، ما تركت في بني أسد بن عبد العزى عظما إلا هشمته ، ثم قام فانصرف.

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏4ص62 .

الإمام الحسين يبين الفواطم :

عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر الباقر عليه السلام يقول : لما احتضر الحسن بن علي عليه السلام قال للحسين :

يا أخي : إني أوصيك بوصية فاحفظها ، فإذا أنا مت فهيئني ثم وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لأحدث به عهدا ، ثم اصرفني إلى أمي فاطمة عليها السلام ، ثم ردني فادفني بالبقيع .

و اعلم : أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعه و عداوتها لله و لرسوله و عداوتها لنا أهل البيت .

فلما قبض الحسن عليه السلام : و وضع على سريره فانطلقوا به إلى مصلى رسول الله الذي كان يصلي فيه على الجنائز ، فصلى على الحسن عليه السلام ، فلما أن صلى عليه حمل فأدخل المسجد .

فلما أوقف : على قبر رسول الله بلغ عائشة الخبر ، و قيل له إنهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله ، فخرجت مبادرة على بغل بسرج ، فكانت أول امرأة ركبت في الإسلام سرجا .

فوقفت و قالت : نحوا ابنكم عن بيتي ، فإنه لا يدفن فيه شيء ، و لا يهتك على رسول الله حجابه .

فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليه : ما قديما هتكت أنت و أبوك حجاب رسول الله ، و أدخلت بيته من لا يحب رسول الله قربه ، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة.

إن أخي أمرني : أن أقربه من أبيه رسول الله ليحدث به عهد .

و اعلمي : أن أخي أعلم الناس بالله و رسوله ، و أعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله ستره .

لأن الله تبارك و تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلو بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم } ، و قد أدخلت أنت بيت رسول الله ص الرجال بغير إذنه .

و قد قال الله عز و جل : { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعو أصواتكم فوق صوت النبي } ، و لعمري لقد ضربت أنت لأبيك و فاروقه عند أذن رسول الله المعاول.

و قال الله عز و جل : { إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى‏ } ، و لعمري لقد أدخل أبوك و فاروقه على رسول الله بقربهما منه الأذى ، و ما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله ، إن الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء .

و تالله : يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول الله جائزا فيما بيننا و بين الله ، لعلمت أنه سيدفن ، و إن رغم معطسك .

قال ثم تكلم محمد بن الحنفية و قال :

يا عائشة : يوما على بغل ، و يوما على جمل ، فما تملكين نفسك ، و لا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم .

قال فأقبلت عليه فقالت : يا ابن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلمون ، فما كلامك .

فقال لها الحسين عليه السلام : و أنى تبعدين محمدا من الفواطم .

فو الله : لقد ولدته ثلاث فواطم :

فاطمة : بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم .

و فاطمة : بنت أسد بن هاشم .

و فاطمة : بنت زائدة بن الأصم ابن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر.

قال فقالت : عائشة للحسين عليه السلام ، نحوا ابنكم و اذهبو به ، فإنكم قوم خصمون .

قال : فمضى الحسين عليه السلام إلى قبر أمه ، ثم أخرجه فدفنه بالبقيع.

الكافي ج1ص302ح3 .

ويا طيب : عرفت أنه دفن عند قبر جدته فاطمة بنت أسد ، وذكر هذه الفواطم الطاهرات ، دلالة على صلاحهن وعلو شأنهن ، ودفنه عند فاطمة بنت أسد وبعدها دليل على إجلالهم لها وبيان لعلو قدرها وكرامتها عندهم بل عند الله ورسوله والمؤمنين صلى الله عليهم وسلم أجمعين .

أم الوصي علي الخيرة البارة و المؤمنة بتعاليم الدين بكل جده

معنى جدة السعي له بسرعة:

جده : أجدَّ في يُجِدّ أجدِدْ أجِدَّ إجدادًا فهو مُجِدّ والمفعول مُجَدٌّ ، أجدَّ التِّلميذُ اجتهد وصار ذا جِدّ واجتهاد ، و إنّه عاملٌ مُجدّ ، أجدَّ السَّيرَ وجدَّ في السَّيرِ أسرع فيه .

وأجدَّ في الأمر : سعى واجتهد فيه ، وفلان أجد فلان وجده جعله يجد ويسرع في أمر حثه عليه ، وجد ضدّ هزَل وكسل وتوانى وضعف .

وجد الدين : هو الإسراع والمسابقة على تطبيق تعاليمه وهداه وكل ما حث عليه وأرد تطبيقه من الأخلاق الحسنة والآداب الفاضلة والعبودية والتوجه لله تعالى مخلصين له الدين ، والسيدة الجليلة فاطمة بنت أسد ، عاشت أيام النبوة من أول أيامها ، وتحلت بتعاليمه بل وتجلت بمعارفه ، فكانت أول المؤمنات الموقنات من النساء بعد خديجة ، وأول المهاجرات للنبي في المدينة حتى توفيت في بيت علي وفاطمة صلى الله عليهم وسلم وكانت عون الزهراء في أمور منزلها ، بل وتربية أولادها وأحفاده الحسن والحسين في أوائل سني الهجرة ، بل قبل إعلان النبوة كانت حريصة على إسعاد سيد المرسلين والإسعاد به ، وكان النبي يقيل ويستريح في بيتها وبيت عمه أبو طالب بعد النبوة أحيانا كثيرة فضلا عن قبلها ورعايتها له.

إضافة في معنى جده جد :

وما طالب الحاجات في كلّ وجهة

من الناس إلاّ من أجدّ وشمَّرا

وجد : أجادَ يُجيد أجِدْ إجادةً ، أجادَ الشَّخصُ أتى بالجيِّد من قولٍ أو عملٍ ، و أجاد الممثِّلُ في تأدية دوره والعامل عمله والطالب درسه ، أتقنه وأظهره علما أو عملا بصورة حسنة مرضية لنفسه ولغيره . و أجادَ العملَ أتقنه صيّره جَيِّدًا ، وأجاد لغةً أجنبيَّةً تعلمها ونطق بها ، و كافأه على إجادته .

وفاطمة بنت أسد رحمها الله : كانت جيدة ومجدة بكل وجودها وصفاته وأعلمها وعملها ومواقفها ، وأنها كانت مخلصة الإيمان ، حتى كان رسول الله يحدثه بتعاليم الدين فكانت تستوعبه وتصدقه موقنة ، فكانت تطلب النجاة من كل عذاب الله تعالى وكل سوء يخلصها من أي ضر وسوء ، فهاجرت لرسول الله وخدمة رسول الله وبنته وأحفاده وهم أحفادها ، حتى توفيت راضيا عنها رسول الله صلى الله عليه وآل ، بل بكى بحرقة عليها وأضجع في مرقدها وناجاها وكفنها بقميصه ، حتى قال سيوقيها الله ضغطت القبر ، ولم يقل أن الله سيخلص من ضغطة القبر غيرها ، وهذه منقبة خصة به لفضلها ولإيمانها ولخدماتها للدين وآله رحمه الله وجدها واجتهادها فيه وفي تطبيقه والتحلي به مخلصة لله الدين .

ويا طيب : من المعاني للجدة ، هو ما جاء في كتاب الله تعالى عن الجن :

{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّ بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)

وَأَنَّهُ تَعَالَى

جَدُّ رَبِّنَا

مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)

وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَ عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) } الجن .

يا طيب : الجن مثل البشر فيها المؤمن والمشرك والكافر ، ومن المشركين إما يهود أو نصارى ، فلما عرفت الجن إن نفي الشريك عن الله تعالى ضروري في الإسلام وحتى نفي الصاحبة والولد ، وإن الله تعالى يعاقب عقاب شديد على من ينسبهم لها ,

قالوا : {جد ربنا } أي مجد في قوله ، يعني أخذ الأمر في وجوب نفي الشريف بأمر جدي حقيقي واقعي ، ويجب على من يحب أن يؤمن ويوحد الله ويقيم عبوديته مخلصا له الدين ، يجب أن ينفي الشريك عنه بكل أنواعه ، والأمر جدي في أنه من أصل الإيمان به تعالى ، وبجد يعاقب الله من يشرك به ، فقالت ما عرفت { جد ربنا } ، وإنه لا هزل ولا باطل في كلامه ، وإنه حق { ما اتخذ صاحبة ولا ولدى } وبحق يعذب الله تعالى من يشرك به ، ومن قال غير هذا فقد كان سفيه وشط وبعد وتأرجح في إيمانه وسوف يؤاخذ بكلامه بأشد العذاب .

ويا طيب : قيل : الجَدُّ العَظَمَةُ في التنزيل العزيز: { وَ أَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا}

قيل ‏: جَدُّه‏ عظمته وجلاله وكبريائه ، ويرجع لما عرفت من المعنى ، بأنه جاد في قوله تعالى ولا باطل وإهمال في كلامه ، بل هو أمر حقيقي واقع ، في سعادة ونعيم للمطيع وبالخصوص من يجد في طاعته فبجد يدخل الجنة ، ومن سوف وماطل ولم يخلص أو أشرك وكفر ، فهو في ضلال بعيد وسوء مصير والأمر جدي في دخوله النار ولا مجملة أو تعارف أو نقض وعيد إلا أن يشاء الله .

بموتها حزن النبي عليها وقال وهي أمي وجعل قميصه لها جده

يحيط بها كفنا يقيها أهوال ضغطة القبر و أحوال ما بعد المنيه

الجدة : الملك والإحاطة :

و الجَدُّ : البَخْتُ و الحِظْوَةُ و الحظ و الرزق ؛ يقال : فلان ذو جَدٍّ في كذا أَي ذو حظ وغنى وملك يحيط به ، و جَدِدْتُ‏ بالأَمر جَدًّاحظيتُ به، خيراً كان أَو شرّاً .

والجدة : من المقولات العشرة العرضية في الحكمة والفلسفة ، وتسمى أيضا الملك ، والجدة كل ما يحيط شيء بشيء ، وبالخصوص م أحاط الإنسان إحاطة كاملة أو ناقصة مثل الثوب واللباس وحتى الجوارب والعمامة والخاتم .

وأفضل حظ وحظوة وملك وجدة : كانت للسيدة السعيد جدت السادات وأم سيد الوصيين وجدة الأئمة من ولده ، هو قميص ولباس رسول الله الذي أحاطها ليوقيه من ضغطة القبر وآلامه بل وكل عذاب بعده.

ففازت فاطمة بنت أسد رحمها الله : بأفضل جدة و أحسن ملك وأفضل سعادة ونعيم يحيط بها حتى يدخلها الجنة ، وذلك لتقاها و عفتها وفضلها وإخلاصه في إيمانها ويقينها وعبوديتها وعلمها وعملها رحمها الله.

معاني في الجدة والملك :

يا طيب : جاءت معاني لطيفة في معنى الجدة والإحاطة بمعنى الغنى والملك منها ما جاء في حديث الدعاء :

تبارك اسمك : و تعالى‏ جَدُّك‏ .

وقيل : أَي علا جلالك و عظمتك ، والحق إنه ظهر خيره وتجلى نوره ,

و تقول: جَدِدْتَ‏ يا فلان أَي صرت ذا جدّ ، فأَنت‏ جَديد حظيظ و مجدود محظوظ. و جَدَّ: حَظَّ. و جَدِّي‏: حَظِّي؛ عن ابن السكيت ، و الجَدُّ: الحظ و السعادة و الغنى : و

في حديث أَنس‏: أَنه كان الرجل منا :

إِذا حفظ البقرة و آل عمران‏ جَدَّ فينا.

أَي عظم : في أَعيننا و جلَّ قدره فينا و صار ذا جَدّ، و خص بعضهم‏ بالجَدّ عظمة الله عزّ و جلّ .

و في حديث القيامة: قال صلى الله عليه و سلم‏ وآله : قمت على باب الجنة فإِذا عامّة من يدخلها الفقراء ، و إِذا أَصحاب‏ الجدِّ محبوسون .

وقيل : أَي ذوو الحظ و الغنى في الدنيا

وقيل في معنى : أَتْعَسَ اللَّهُ‏ جُدُودَكُمْ . أي أهلك حظوظكم أي زال ما يحيطهم من الملك والجدة من أعراض الدنيا وزينتها .

و مِثْلُهُ : عَيْبُكَ مَسْتُورٌ مَا أَسْعَدَكَ‏ جَدُّكَ‏ . أي ما يحيط من العيوب والصفات والنقص مستور ، فأنت سعيد بنفسك لخفاء ما يحيط من الجدة والملك السيء.

ويجمعها قولهم : لَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ‏ الْجَدُّ . أي لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، و إنما ينفعه العمل بطاعتك ، فما يحيط من زينة الدنيا ، لا ينفع جده تعالى في طلب الطاعة والتحلي بالإيمان إذا لم يخدم جدك جده تعالى ويبذل فيه .

معنى أبوذية جده المفصلة والمختصرة :

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

السلام على كريمة أبو طالب وللسادة جده

الخيرة البارة المؤمنة بتعاليم الدين بكل جده

بموتها قال النبي أمي وجعل قميصه لها جده

يحيط بها كفنا يقيها كل أهوال ما بعد المنية

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

السلام على كريمة أبو طالب فاطمة بنت اسد وللسادة جده

أم الوصي علي الخيرة البارة و المؤمنة بتعاليم الدين بكل جده

بموتها حزن النبي عليها وقال وهي أمي وجعل قميصه لها جده

يحيط بها كفنا يقيها أهوال ضغطة القبر و أحوال ما بعد المنيه

أبوذية أسد :

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سلام الله على جدة الأئمة فاطمة بنت اسد

كافلة النبي أم الوصي لها علم و فكر اسد

وبأمر الله باب بنيها شارعة للمسجد و اسد

النبي أبواب غيرهم وهذا دليل ولائنا للطالبيه

أسد : بن هشام عم أبو طالب ، والد فاطمة أم الإمام علي :

أسد : سديد حكيم وفاهمة عالمة تتصرف بكل ما يحب الله ويرضاه تعالى .

أسد : سد وغلق النبي الأبواب الشارعة للمسجد النبوي في المدينة إلا بابه وباب علي بن أبي طالب .

عناوين مفيدة :

تقبل الله أعمالكم وشكر سعيكم

صحيفة الجدة

فاطمة بنت أسد عليه السلام

تأليف وتحقيق وإعداد

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موقع موسوعة صحف الطيبين

www.alanbare.com/jdh

كتاب الكتروني جيد للمطالعة على الجوال والحاسب

www.alanbare.com/jdh/jdh.pdf

ولحضرتكم يا طيب صحيفة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مع قابلية الاختيار والاقتباس منها والنسخ واللصق في المواقع الاجتماعية

www.alanbare.com/1

وصحيفة الجد أبو طالب عليه السلام

www.alanbare.com/jd




  ف ✐

  ✺ ت