موسوعة صحف الطيبين
في أصول الدين وسيرة المعصومين

صحيفة سيدة النساء
الصديقة فاطمة الزهراء بنت محمد

صلى الله عليهم وسلم



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____


صحيفة الصديقة سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام

صحيفة سيدة النساء عليها السلام
قِرَاءةُ و تَنْزِيلُ الصَّحِيفَةُ

كتاب الكتروني بي دي اف pdf

نزل الصحيفة والمكتبة كتاب الكتروني pdf وفيها أهم ما تحتاج معرفته حول الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

صحيفة سيدة النساء عليها السلام
تفضل للمكتبة الشيعية

وهي دليل لكتب ومكتبات عن فاطمة الزهراء عليها السلام

بالضغط على الرابط تذهب للكتابعلى الانترنيت

تفضل للمكتبة الشيعية مكتبة الصديقة سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام صحيفة الكترونية

صحيفة سيدة النساء عليها السلام
صحائف أبوذيات ودارمي

شرح فيها مواضيع إسلامية مهمة ورائعه

ويمكن النسخ منها ونشره

أو تعريف علومها للأهل والأصدقاء
وتصلح كمحاضرة

تفضل لصحائف الأبوذيات والدارميات مشروحة مفصلا ورائعة في معاني ألقاب الصديقة سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام

فهرس المحتويات

المكتبة الشيعية
صحيفة ومكتبة
صحيفة سيدة النساء
بنت سيد المرسلين الصديقة فاطمة الزهراء
تأليف خادم علوم آل محمد عليهم السلام

المقدمة : الصفحة 20

العلم والعمل بصحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام20

الحمد والشكر لله والصلاة على النبي وآله :20

العلم بصحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام :21

العمل بصحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام :25

دعاء وإهداء صحيفة فاطمة الزهراء لولدها الحجة :27

 

مصباح هدى أنوار أيامها الأولى  مولدها ومختصر حياتها صفحة30

تمهيد كلمات كريمة في حق سيدة النساء عليها السلام30

الإشراق الأول : كلمات طيبة في حق سيدة النساء :30

كلمة طيبة للأربلي :30

الإشراق الثاني  : التهنئة بمولود سيدة النساء :32

التهنئة الأولى :32

التهنئة الثانية :33

التهنئة الثالثة :33

التهنئة الرابعة :34

التهنئة الخامسة :36

التهنئة السادسة :38

الإشراق الثالث: التعزية بشهادة سيدة النساء عليها السلام40

التعزية الأولى  :40

التعزية الثانية :41

التعزية الثالثة :41

التعزية الرابعة : تعازي مختصرة :42

 

مصباح الهدى وفيه : أنوار تشرق أسماء ونسب فاطمة الزهراء وألقابها وكناها  وحقائق أنوار تولدها في الجبروت والملكوت قبل الدنيا وتولدها في الأرض وبيان شأنها الكريم  44

النور الأول كرامة أسماء وألقاب وكنى فاطمة وشأنها الكريم  45

الإشراق الأول : اسم سيدة النساء :47

الإشراق الثاني : أسماء ألقابها وكنى فاطمة الزهراء :49

الإشراق الثالث   50

ألقاب بنسبتها لأبيها وزوجها عليهم السلام50

الإشراق الرابع  51

كناها عليه السلام وبيان لكنية أم أبيها :51

الإشعاع الثاني : أسماء من سما بنته بلقب الزهراء أم أبيها :54

أم أبيها بنت حمزة سيد الشهداء :55

أم أبيها بنت أمير المؤمنين عليها السلام :56

الإشراق الخامس : أسماء فاطمة الزهراء من زيارتها والروايات:60

الإشراق السادس: أسماء الزهراء وألقابها وكنها في كتاب المناقب:62

النور الثاني نسب فاطمة الزهراء عليها السلام65

الإشراق الأول : اسم أبيها ونسبه :65

الإشراق الثاني : اسم أمها ونسبها وإخوتها وأخواتها66

الإشراق الثالث   70

مختصر في أدوار العمر المبارك لفاطمة الزهراء عليها السلام70

النور الثالث   74

مولد سيدة النساء فاطمة الزهراء في الملكوت وطينتها74

الإشراق الأول : كلام في معنى النور وحقيقته :74

الإشراق الثاني  76

نور فاطمة الزهراء في الجبروت والملكوت :76

الحديث الأول : الأنوار الأول ونور فاطمة :78

الحديث الثاني : الأنوار الأولى تعلم التسبيح لما بعدها من الخلق :79

الحديث الثالث : عظمة نور شيعة الخلق الأول وكيف هم :80

الحديث الرابع : تفصيل فتق نور الكائنات من الخلق الأول :81

الحديث الخامس : معرفة أبينا آدم بعظمة نور الخلق الأول :86

الحديث السادس: وجوب التولي للأنوار الأولى بدون طغيان :90

الحديث السابع : تنزل أشعة الأنوار الأول ونورفاطمة في الأصلاب :95

الحديث الثامن: يفصل تنزل الأنوار وبالخصوص نور فاطمة:97

الحديث التاسع : تفصيل نور فاطمة وظهوره وخصائصه :98

الحديث العاشر: نور طينة فاطمة وآلها وشيعتها :101

النور الرابع يوم ولادتها وكيفية ظهور وتجلي نور فاطمة الزهراء في الأرض   103

الإشراق الأول : تذكرة بيوم مولد فاطمة الزهراء عليها السلام:103

الإشراق الثاني : نزول نور فاطمة من النبي لخديجة وكيفية الولادة :104

الإشراق الثالث : حديث آخر مختصر في ولادة سيدة النساء :109

النور الخامس : فاطمة الزهراء في مكة المكرمة وهجرتها للمدينة114

الإشراق الأول :  وفاة أم فاطمة أم المؤمنين خديجة وتعزية الله تعالى ورسوله لها :115

الإشراق الثاني : دفاع فاطمة الزهراء عن أبيها في مكة :117

الإشراق الثالث :  هجرة فاطمة الزهراء عليها السلام للمدينة 119

 

سفينة نجاة

أحوالها وأحاديثها حتى شهادتها عليها السلام صفحة133

الذكر الأول شذرات من حياة سيدة النساء وأحوالها133

الإشراق الأول: في زواجها من كفئها أمير المؤمنين :133

الإشراق الثالث : أحوالها مع كفئها وبعلها سيد الأوصياء :135

الذكر الثاني  حكم وأقوال وأحاديث ومواعظ سيدة النساء137

الإشراق الأول : حديث  في ثواب العلم والتعلم :137

الإشراق الثاني : حديث في  أهمية الصلاة :139

الإشراق الثالث : حديث في فضل خدمة العيال :140

الإشراق الرابع : حديث  ينذر من لم يقتدن بفاطمة :142

الإشراق الخامس : أحاديث مختصرة عن سيدة النساء :144

النور الثالث   145

صلاة وأدعية وأحراز145

الإشراق الأول : دعائها للمؤمنين :145

الإشراق الثاني: أدعية الأسبوع لفاطمة عليه السلام :147

دعاء يوم السبت :147

دعاء يوم الأحد :147

دعاء يوم الإثنين :147

دعاء يوم الثلاثاء :148

دعاء يوم الأربعاء :148

دعاء يوم الخميس :148

دعاء يوم الجمعة :149

الإشراق الثالث: دعاء كريم لسيدة النساء عليها السلام149

الإشراق الرابع : تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام :150

الذكر الرابع خطبة سيدة النساء بعد غصب فدك  153

الذكر الخامس شهادة سيدة النساء وزيارتها169

الإشراق الأول : أحاديث في كيفية شهادة سيدة النساء :169

الإشراق الثالث : توديع وحزن سيد الأوصياء عليها :171

الذكر السادس   زيارة سيدة النساء عليها السلام181

الزيارة الأولى :181

الزيارة الثانية لفاطمة الزهراء عليها السلام .182

بحوث كريمة في معارف النور :185

 

القسم الأول : من صحيفة سيدة النساء الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام
من موسوعة صحف الطيبين
لخادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن الأنباري

مولدها في الملكوت والأرض، وأسمائها ، وصبرها وجهادها، وخطبها وحكمها
 و ذكر أيام وشهادتها ، و شذرات من أخباره وفضائلها ومناقبها وخلقها

و قصص حياتها الكريمة صلى الله عليها وسلم

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المقدمة
العلم والعمل بصحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام

 

الحمد والشكر لله والصلاة على النبي وآله :

بسم الله النور ، بسم الله نور النور ، بسم الله نور على نور ، بسم الله الذي هو مدبر الأمور ، بسم الله الذي خلق النور من النور ، الحمد لله : الذي خلق النور من النور ، و أنزل النور : على الطور ، في كتاب مسطور ، في رق منشور ، بقدر مقدور ، على نبي محبور ، الحمد لله : الذي هو بالعز مذكور ، و بالفخر مشهور ، و على السراء و الضراء مشكور .

سبحان ذي العز الشامخ المنيف ، سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان من لبس البهجة و الجمال ، سبحان من تردى بالنور و الوقار ، سبحان من يرى أثر النمل في الصفا ، سبحان من يرى وقع الطير في الهواء ، سبحان من هو هكذا و لا هكذا غيره ، و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطاهرين .

يا من ليس غيره رب يدعى ، يا من ليس فوقه إله يخشى ، يا من ليس دونه ملك يتقى ، يا من ليس له وزير يؤتى ، يا من ليس له حاجب يرشى ، يا من ليس له بواب يغشى ، يا من لا يزداد على كثرة السؤال إلا كرما و جودا ، و على كثرة الذنوب إلا عفوا و صفحا ، صل على محمد و آله .

اللهم : صل على الصديقة فاطمة الزهراء الزكية ، حبيبة نبيك و أم أحبائك و أصفيائك ، التي انتجبتها و فضلتها و اخترتها على نساء العالمين .

اللهم : كن الطالب لها ممن ظلمها و استخف بحقها ، و كن الثائر اللهم بدم أولادها ، اللهم و كما جعلتها أم أئمة الهدى و حليلة صاحب اللواء و الكريمة عند الملإ الأعلى ، فصل عليها و على أمها خديجة الكبرى صلاة تكرم بها وجه محمد صلى الله عليه و آله ، و تقر بها أعين ذريتها ، و أبلغهم عني في هذه الساعة أفضل التحية و السلام .

يا الله : الفاطر الفاتق ، الفالق الفتاح ، الفاصل الفارق ، الفاضل الفرد ، فارج كل هم ، ، فخر من لا فخر له ، صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحاط به علمك وأحصاه كتابك إنك أرحم الراحمين وخير الناصرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

العلم بصحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام :

إن الله سبحانه وتعالى : هو العليم الخبير والعلي القدير والهادي لعبادة بأحسن تقدير ، قد أصطفى من خلقه وأختار مَن علِم صدقهم ، وكمل إخلاصهم ، وحسِن علمهم وعملهم في طاعته ، فجعلهم هداة لعبادة ، فوفقهم ومكنهم من تبليغ رسالته وتعليم هداه بما به خير الخلق وصلاحه وسعادته في الدارين ، فجعل خير البشر وأفضلهم في كل زمان هداة لعباده ، واصطفاهم أنبياء وأوصياء وأئمة للمؤمنين وللناس أجمعين ولم يخلِ زمان منهم على طول التأريخ البشري ، وكان لكل زمان ما يناسبه من القائمين بأمره وتبلغ هداه .

 وحين تكامل خلق الله : لغاية بها كانوا في أحسن كمال وتمام في العلم والعمل ، وصار الخلق وخصوصا خلاصته الإنسان يمكنه أن يظهر من التوجه لعظمة الله ما يقيم به كمال العبودية له ، وأقصى ما يمكن أن يتوجه له في تطبيق تعاليمه وحدودها ، إن أحسن العلم والعمل بنور تعاليم دينه الحق ، بعث وأرسل أتم وأكمل نور هداه ، وأنزل غاية ما يمكن أن يقام به العبودية له وأحسن معارف توحيده ، وعلى  أفضل وأكرم وسيد الأنبياء والمرسلين وأخرهم وهو نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وبه ختم إنزال تعاليمه إلى يوم الدين ، وجعل بعده أوصياء وأئمة هدى من آله وصلبه ، وهم أهل بيته وعترته الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، فجعلهم ولاة لدينه القويم وشارحي لرسالته ومبيني لواقع دين الله بحق كما يحب ويرضى ، ولهم يرجع الناس للتعلم فضلا عن حين الاختلاف وزمان الخلاف بينهم ، ولم يجعل لوعاظ السلاطين و لا للمغرضين ولا للمنافقين سبيل للقول بدينه سبحانه بغير علم ، ولا من غير هدى يبين كذب الكاذبين ، وصدق الصادقين من المصطفين الأخيار الأبرار .

ففي كل أدوار التأريخ : كما كان النبي أو وصيه من الرجال جعل من النساء امرأة أو أكثر كلا حسب دورها تحمله وترعاه وتربيه أو تحمل ذريته أو تكون حوله تعتني بشؤونه ، وكان لها أكبر الأثر في نشر رسالته و تعليم هداه لبنات جنسها ، فتتلقى معارفه وتنقل هداه وتعلم دينه بما يناسب حشمة الهدى وعفاف الدين ، وكل ما يمكن أن يجمع المؤمنات على إقامة العبودية لله وحده لا شريك له و بأحسن علم وهدى وصراط مستقيم ، متأسيات بها ومقتديات بإيمانها وإخلاصها ، بل تكون معلمه للرجال وقدوة لهم في كثير من معارف هدى الله وبالخصوص في الحياة الأسرية والاجتماعية والاقتصادية وفي كثير من معارف الهدى والعبودية لله تعالى .

ويا طيب : كما كانت هناك أمهات وأخوات وزوجات وبنات للأنبياء والمرسلين وأوصيائهم ، وكان لهن أكبر الأثر في رعاية هدى الله حتى كثرة قصصهن في كتاب الله المجيد ، ودورهن الكريم في تأريخ الهدى والدين .

 كان هناك نساء : قصرن وعاندن وانحرفن عن هدى رب العالمين ، وكما كان هناك من الرجال كفار ومشركين ومنافقين .

 فشكلن النساء مع الرجال حزبين : حزب هدى وحزب ضلال ، وفريقين فريق توحيد لله تعالى وبأعلى إيمان وإخلاص ، وفريق كفر وشرك ونفاق ، وكان بينهم على طول التأريخ مجاهدة ومناضلة ، فنجى وفاز أهل الهدى وحصلوا على رضا الله تعالى حتى أسكنهم جنته وأباحهم كرامته ، وجللهم بنوره وعزه حتى ملكهم الكتاب والحكمة وكل خير من نعيم مقيم لا زوال له ولا اضمحلال ، وفريقا متعهم قليلا ثم أهواهم الحاطمة وأدخلهم ناره وعذابه وهوانه وخالدين في الجحيم إلى أبد الآبدين .

والآن يا أخي الطيب : نتكلم في هذه الصحيفة الماثلة بين يديك المسماة بصحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام ، والتي هي إحدى صحف موسوعة صحف الطيبين ، عن أكرم وأشرف وأنبل وخير امرأة عرفها التاريخ ، وأفضل وأكرم عبده من عباد الله عند الله وفي تعليم هدى الله ونشره والدفاع عنه وتعريفه ، وهي سيدة نساء العالمين وخير مؤمنة في أمة محمد صلى الله عليه وآله التي لها خير نبي ودين ، وهي سيدة نساء أهل الجنة صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبينها أجمعين .

وأعلم يا طيب : إن الكلام عن فاطمة الزهراء الصديقة المصطفاة هو كلام عن ثمرة الرسالة وقرة عين الرسول ونور الله في ملكوته وأرضه ، وكآلها الكرام من الرجال ، فإنها في النور مثلهم وبها يتصل كلهم ويجتمع شملهم ، وبالدين والهدى الذي تعلمته ونشرته يعرف كثير من الحق من هداهم ، فإنها كانت عالمه فهمة صديقة بحق الكلمة وبواقع المعنى ، وذلك لما سترى هنا في هذه الصحيفة من دورها في تأريخ الرسالة الإسلامية ، وما أبدته من الإخلاص في عبودية الله وإقامة تعاليمه بما يحب ويرضى ، وبما عرّفت من تعليمها وبنشرها لواقع الدين الذي يرضي الله سبحانه وتعالى .

 ومع ما كانت عليه الصديقة الزهراء : في قصر الزمان وقلة العمر في الدنيا ، وإنه لم تتجاوز الثامنة عشر من السنين في حساب الزمن الأرضي إلا قليل ، ومع ذلك إنك لا تجد باب من أبواب أصول الدين والإيمان إلا ولها كلمة جامعة تكون من أُسس معارف هدى الله بحق ، بل يمكن القول في كل أبواب فروع الدين والأخلاق وآداب الهدى ترى لها كلمة أو دور كريم في تعريف هدى الله سبحانه وتعالى ، وبأحسن علم و ببليغ الكلام ، وبه تعرف عظمتها وجليل شأنها الكريم عند الله في الملكوت والأرض ، وعند ورسوله والأئمة المعصومين وكل المؤمنين والطيبين من الناس أجمعين ، فضلا عن تأريخ الدين وتعليم معارف الله .

 

العمل بصحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام :

يا طيب : سيكون البحث هنا في هذه الصحيفة في قسمين : مصباح هدى : الموسوم ب ( نور حياتها في الملكوت والأرض )، حيث يُبين نور حياتها وتأريخها الكريم في السماء والأرض ، فيعرفنا نورها في الملكوت بل والجبروت وكيف تجليه وظهور تولده قبل الدنيا ، وحين ولادتها في الدنيا ، ومعرفة حقائق كريمة عن نسبها ومعاني أسماءها وألقابها ، وتممه ما يأتي حين زواجها ، وفي الجنة في ملكوت الأبد ونعيمه ، ويعرفنا كذلك شأنها ودورها في حفظ الهدى ومساعدة نبي الرحمة وصاحب خاتم الرسالة الإلهية للعباد ، ويرينا إخلاصها لوصية ووليها وبعلها أمير المؤمنين عليهم الصلاة والسلام ، حتى كانت عليها السلام له ولهم بحق مكان الأمن ومحل الراحة من هم الدنيا وغمها ، وفي بيتها كان لهم صحن وحصن يرتاحون به عن متاعب ساحات الوغى ، وفناء دار يترفع ويفنى فيه كل عناد أهل الضلال والكفار والمشركين والمنافقين ومكرهم وحيلهم .

وعلى هذا يا طيب : سنرى في مصباح الهدى من صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام هذه أنوار تشرق من الصديقة الزهراء في تاريخ حياتها الأولى من نسبها ومولدها وتنزل تأريخها العلوي وتولدها في الأرض وحقائق أسمائها النورانية ، وشأنها الكريم ومحلها ودورها في تمام الخلقة والتكوين ككل ، بمعرفة نورانية عظمية ، وتبين دور آلها معها ، كما شرحنا هذا بالتفصيل في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام  بتفصيل موسع يعرف نور الله وأئمة الحق ونور دينهم الذي يرضى به الله تعالى سيرة وسلوكا .

 وفي سفينة النجاة : نرى أذكار يشرق بها تاريخ حياتها وبيان لأنوار سيرتها وسلوكها وقصص لها مع آلها ، وبيان لأقوالها ومواعظها ولحكمها وهداها وأدعيتها ،  وبها تفتح أنوار العلم في أصول الدين وفروعه والأخلاق الإسلامية الكريمة والآداب الإيمانية الحسنة ، ولكثير من مسائل ومعارف هدى رب العالمين في كثير من مجالات الحياة الطيبة الكريمة للمؤمنين بحق ، والتي بها يتم إقامة عبودية الله ، و كما علمتها الحوراء الإنسية فاطمة الزهراء عليها السلام ، أو كان لها دور في ظهور معارفها ونور وهداها .

بل في بيتها الكريم : كان نور صبرها وفدائها وتضحيتها وتحملها المشاق في سبيل الله ما يُنفس عن النبي وآله همهم وغمهم ويُذهب كل مصائب الدنيا عنهم ، بل كانت عين ترعاهم وتحبهم ويحبونها ، وتخلص لهم المودة ويخلصون لها الود في جنب الله ، وفي دارها تمكنوا من إقامة العبودية لرب العالمين وتبليغ هدى الله بما يحب ويرضى ، فكانت شريكتهم في نشر نور الله وكل ما يوصل عباد الله لعبودية الله وإقامة هداه حتى يصلوا لكمالهم في النعيم ونوره .

 وبما سترى يا طيب : من نورها في ملكوت الرب وكريم أسمائها المعبرة عن علو شأنها ومجدها ، وبما سترى من شرف أسرتها وكثير مما يخص أحوال ولادتها ونور زواجها وكرامة الرب لها ، وشمائلها وخصائصها وعبادتها وزهدها وورعها وحبها لرسول الله وآله الكرام وأئمة الحق وولاة دين الله بعده وإخلاصها لهم ، فتعرف بحق بأنها كانت الصديقة الطاهرة الزكية المصطفاة المختارة من رب العالمين لمساعدة نبي دينه ورسوله الكريم وأئمة هداه بعده ، فهي كما كانت محل يرتاح له نبي الرحمة ووصية فيتنفس فيه الراحة من غير تكدير ولا خداع ولا مكر ، بل  بما يحب من الرحمة والرأفة والعناية ومن غير اعتراض ولا طلب شيء من أمر الدنيا حتى ولا قوة يومها فضلا عن الزينة ومتاع الدنيا .

 وكما سترى من سيرتها الكريمة وسلوكها النبيل مع نبي الرحمة وآله الأخيار ، بل كانت عليها السلام تتعلم دينهم وتُعلمه وتنشر هدى الله بأحسن ما يمكن لمخلوقة بل لهم أختارها الله تعالى عونا ومساعدا في إقامة دين الله وتقواه وتبليغ رسالته ، وبنفسها كانت معلمة لعباد الله لكثير من هداه إيمانا وإخلاصا وعلما وعملا وسيرة وسلوكا وتطبيقا وبحق الدين القويم وصراطه المستقيم .

فلذا يا أخي الكريم الطيب : يمكننا فقط من كلماتها ومعارف كانت تنزل في حقها وفي شأنها الكريم أو كان لها الدور الأكبر في تعلمها تعليمها ونشرها بجوامع الكلم وتفصيله ، أن نعقد قسم آخر لبحث شريف في هدى الله وفي كل أبواب أصول الدين وفروعه ، بل بكل ما يكون من المهم من نور هدى الله ودينه الحق ، وبواقع المعرفة التي تُرضي الله تعالى .

فتابع يا طيب : بتمعن بما في صحيفتها الكريمة هذه ، وأسأل الله أن ينفعنا بها دنيا وآخرة ، وقل كما أقول بما علمتنا الصديقة الزهراء وبكل إيمان ويقين :

 

دعاء وإهداء صحيفة فاطمة الزهراء لولدها الحجة :

اللهم : بعلمك الغيب و قدرتك على الخلق : أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، و توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ، اللهم : إني أسألك كلمة الإخلاص ، و خشيتك : في الرضا و الغضب ، و القصد : في الغنى و الفقر ، و أسألك : نعيما لا ينفد ، و أسألك : قرة عين لا تنقطع ، و أسألك : الرضا بالقضاء ، و أسألك : برد العيش بعد الموت ، و أسألك : النظر إلى وجهك ، و الشوق : إلى لقاءك من غير ضراء مضرة و لا فتنة مظلمة ، اللهم : زينا بزينة الإيمان ، و اجعلنا : هداة مهديين يا رب العالمين .

ويا ربي ويا خالقي : أجعل عملي خالصا لك وتقبله بأحسن القبول والرضا ، اللهم أسألك بوجهك الكريم أكرم الوجوه ، وبحق أسمائك الحسنى التي دعاك بها الأنبياء والمرسلين وجميع الشهداء والصديقين وبالخصوص نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين وأشرف وخير الخلق أجمعين ، وبحق الدعاء الذي دعتك به الصديقة الطاهرة الزكية فاطمة الزهراء وبما نقلنا من أدعيتها في أول الكلام وآخره أن تصلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وأن توصل كتابي هذا صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام هدية لمولاي صاحب الزمان القائم بأمرك مهدي الأمة الذي جعلته من ذريتها صلى الله عليه وآله وسلم ، وعجل ظهوره واجعلني من أعوانه وأنصاره ، فترضيه عني حتى تدعوني به وبآله اليوم ويوم يدعى كل أناس بإمامهم ، فإني رضيت بك يا ربي ربا وبأبيها نبينا ، وببعلها وبنيها حتى أخرهم الحجة بن الحسن أئمة ، وبهداهم مسلما ومؤمنا حتى اليقين لا أشرك به شيئا أبدا ، فيا رب إنك وليي الآن ويوم الدين أصدقني النية في الإيمان والعلم والعمل به وكل الطيبين والمؤمنين المهتدين بهدى نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وصلي وسلم عليهم أجمعين ، إنك أرحم الراحمين وعلى كل شيء قدير ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

وقد تمت المقدمة وبعض الأبواب من صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام

في يوم مولدها الكريم 20 جمادى الثاني سنة  1425 ورفع ما تم إلى الانترنيت ، وأسأله  الله تعالى أن يوفقني لإتمام باقي الأبواب إنه أرحم الراحمين وهو ولي التوفيق .

أخوكم في الإيمان بالله وبرسوله وبكل ما أوجب من تعاليم دينه

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن جليل حردان الأنباري

موقع موسوعة صحف الطيبين

 

مصباح هدى
أنوار أيامها الأولى  مولدها ومختصر حياتها

 

تمهيد
كلمات كريمة في حق سيدة النساء عليها السلام

 

الإشراق الأول : كلمات طيبة في حق سيدة النساء :

كلمة طيبة للأربلي :

قال رحمه الله :.. في بيان فضل الإمام علي عليه السلام واختصاصه بسية النساء :

و شهد بفضله النبي : فحكم به حاكم التنزيل ، و أتم الله شرفه بفاطمة عليها السلام ، و ناهيك بهذا التمام ، و نظمت عقود فضائله ، فازدان العقد بالنظام ، فإنها :

العقيلة الكريمة : و الدرة اليتيمة ، و الموهبة العظيمة ، و المنحة الجسيمة ، و العطية السنية ، و السيدة السرية ، و البضعة النبوية ، و الشمس المنيرة المضيئة ، و البتول الطاهرية المحمدية ، سيدة النساء المخصوصة بالثناء والسناء ، المؤيدة بعناية رب السماء .

أم أبيها صلى الله عليه و عليها : و على بعلها و بنيها ، فإنها زادته شرفا إلى شرفه القديم ، و كسته حلة أوجبت له مزية التقديم ، و رفعت له منار سؤدد ظاهر الترحيب و التعظيم ، و كانت هذه الكريمة صالحة لذلك الكريم.

أتاه المجد من هنا و هنا _ و كان له بمجتمع السيول‏

اتصل بها رسول الله : من جهة تزيد على اتصاله ، و اختص بسببها به اختصاصا رفعه على أصحابه و آله ،  فلهذا جعل نفسه نفسه ، و نساءه نساءه ، و أبناءه أبناءه ، حين قدم النجرانيون لمباهلته و جداله ، و كفاك بها مناقب سمت على النجوم الظاهرة ، و مراتب يغبطها أهل الدنيا و الآخرة ، لا يدفعها إلا من يدفع الحق بعد ظهوره ، و لا ينكرها إلا من ادعى أن الليل يغلب النهار بنوره ، و سيظهر لك أيدك الله عند ذكرها ما تعرف به حقيقة أمرها و تستدل به على شرف قدرها ...

كشف‏ الغمة ج1ص376 .

 

 

الإشراق الثاني  : التهنئة بمولود سيدة النساء :

يا طيب : الغرض من نشر المكتبة وصحيفة سيدة النساء ، هو نشر علو مقامها ومعارف هداها وشأنها الكريم وما تعلمنا من هدى الدين ، ويتم بالتعلم منها أو اقتباس ونشر ما عرفه العلماء والكتاب ومن لهم شأن في فن التعبير وأسلوب الكتابة وفصاحتها ، فلذا ننقل هنا عبارات كريمة في التهنئة في ميلادها ، لكي يقتبس منه المؤمنون وينشرونه في مواقعهم الكريمة وصفاحاتهم الاجتماعية الموقرة أو المنتديات وغيرها ، فلكم .

التبريك والتهنئة مفصل:

 أقدم لكم يا طيبين : أجمل التهاني وأحسن التبريك وخالص المودة ، بمناسبة يوم الأم ، ويوم المرأة المؤمنة العالمي ، اليوم المناسب ليوم 20 جمادى الثاني سنة 5 بعد البعثة المباركة ، يوم ميلاد سيدة نساء العالمين : أم أبيها ، أم الحسن ، أم الحسين ، أم الحسنين ، أم زينب ، أم العقيلة ، أم المحسن  ، و أم الأئمة وأولياء أمر الله وحجج الله على الناس أجمعين ، وأم إيمان ومعنوية ودين لكل المؤمنين والمؤمنات ، الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء بنت محمد بن عبد الله نبي الرحمة وسيد المرسلين محمد صلى لله عليهم وآلها وسلم.

والذي يستحب فيه مؤكدا جدا : التوسع على العيال والمؤمنين ، وإقامة الأفراح و الاحتفالات ، وإظهار المودة لهم وبالخصوص للأم والزوجة والأخت والبنت والعمة و الخالة  وكل من يجب علينا حقها ، وبناتهن، والنساء المؤمنات بما حلل الله ومكن وأجاز.

وتقديم : ما أمكن من  المرطبات والكرزات (المكسرات) والحلويات ، وكل ما أمكن من الأطعمة الشهية ، والشرابت اللذيذة والطيبات ، وكل هدية تفرح المؤمنين وبالخصوص المؤمنات المواليات ، ولا نجعله مثل باقي الأيام بدون إظهار الأفراح والمسرات وآثارها .

 فإنه يوم : ظهور نور فاطمة الزهراء في الأرض ، وهي سيدة نساء العالمين في جميع مراتب التكوين من الأولين والآخرين وفي الدنيا والدين والجنة والآخرة ، ويحسن بنا الفرح وإظهار السرور وآثاره ، بتقديم الهدايا لمن لهن حقا علينا من المؤمنات أم وأخت وزوجة وعمة وخالة ومن يتعلق بهن ، و بما يستطاع ، ولو ورده أو مرطبات ، ولو جكليته وشيء يسير من الحلويات ، أو تحية وسلام وتهنئة وكلام طيب ، والجود من الماجود .

فنهنئهن : بميلاد فخر الكائنات وكوثر الخير والبركة ، والمودة والرحمة والعطف والحنان ، والأم الصالحة الطيبة الكريمة ، وقدوة الخير والصلاح ، ومظهر الإيمان والفلاح ، وسيدة الفوز والنجاح ، ورضا الله وبه تتم الأفراح، وتتنسم السعادة بشذا فواح وبمقام حق مرتاح.

وأسأل الله : أن تكون سيدة النساء قدوة لهن في الصبر وتحمل أعباء البيت وتربية الأطفال ، وإعانة الزوج والأهل على طاعة الله تعالى ، وإقامة ما شرفنا به سبحانه من الواجبات وما حبب لنا من المستحبات ، والابتعاد عما حرم وكرهه لنا .

 فبارك الله فيكم يا طيبين : لما تظهرون من شعائر البهجة والسرور بمناسبة حلول أفراح آل محمد، وبالخصوص بمولد الصديقة الزهراء والحوراء الإنسية والطاهرة الزكية ، وبارك الله بكم وشكر سعيكم ، ورزقكم الله سبحانه الثبات على ولايتها وآلها ، وشفاعتهم في الدنيا بالتعلم منهم هدى الله وتعليمه والعمل به ، والسير بصراطهم المستقيم لحياة مطمئنة بذكر الله تعالى وعبوديته وشكر نعيمه ، والتخلق بأخلاقهم الفاضلة وآدابهم الكريمة ؛ وفي الآخرة بالنشر والحشر والشرب من حوضهم  ودخول الجنة معهم إن شاء الله ، وبلطفه وإحسانه أن يخلدنا برفقتهم في دار كرامته في مقعد صدق عند مليك مقتدر في أعلى عليين، فإنه تعالى أرحم الراحمين وهو ولي التوفيق، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين.

 

التهنئة الأولى :

أبارك لكم يا أخوتي الطيبين : وأهنئكم بميلاد سيدة نساء العالمين ، الصديقة فاطمة الزهراء بنت محمد سيد المرسلين وحليلة سيد الوصيين ، أم أبيها وأم الأئمة الميامين ، و يوم المرأة المؤمنة العالمي ، وأسأل الله أن يعيده عليكم بالخير والبركة ، وبالصحة والرفاه ، واليمن والصلاح ، ولكم مني أجمل المرطبات المعنوية ، والحلويات الإيمانية ، والأطعمة الطيبة الإسلامية ، وخالص المودة الأخوية .

فهنيئا لكم يا أخوتي في الإيمان : حلول أجمل يوم من أيام الله سبحانه وتعالى ، وتجدد أحلى ذكرى لفضله على البشر ، بمناسبة ظهور نوره المشرق في أرضه بعد السماء ، وهو يوم الكرامة وكوثر الخير لحبيبه ونبيه المصطفى ، بتولد بضعته فاطمة الزهراء البتول المرضية عليها السلام ، أكرم مخلوق لله في كل مراتب الوجود بعد بعلها أمير المؤمنين وأبيها سيد المرسلين ، وأفضل وأعلى نساء الكون عند الله شأنا وكرامة وعلوا ومقاما وفي ملكوته وأرضه وفي كل حين .

ولكم يا موالين : مختصرا في أيام حياة الصديقة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين عليها السلام ، فينقل مثلا ما يأتي من مختصر حياتها ، أو أحاديث عنها :

 

التهنئة الثانية :

قدموا يا طيبين : التهاني بمناسبة ميلاد سيدة النساء ، وأبارك لكم يا أحبتي المؤمنين  ميلاد أم أبيها وأم الأئمة فاطمة الزهراء وسيدة النساء عليها السلام ،  وأقدم لكم أسمى التهاني وأجمل الترحيب بمناسبة ميلاد الصديقة ،  ويوم الأم والأخت والبنت  والمرأة العالمي ، وعيدهم :

عيد آل محمد صلى الله عليهم السلام وأفراحهم وإشراق أجمل نورهم .

وأسأل الله : أن يوفقنا في هذه الليلة ويومها ، أن نتحف أهلنا وأصدقائنا ، بالطيبات : من أنواع  الشرابت والكرزات والحلويات ، والمودة والمحبة والتحيات .

وبالخصوص : الأم لها قبلة على الرأس واليد وكل ورود الدنيا .

 والزوجة والأخت والعمة والخالة والجدة وكل من لهن مودة خاصة .

 وتحياتي لكم يا أخوتي وبالخصوص الأخوات من سواء كن عازبات أو متزوجات ، الفرح والسرور وطوبى والحبور لشيعة آل محمد جميعا ولا تنسونا من صالح دعواتكم .

 

التهنئة الثالثة :

بسم الله الرحمن الرحيم  : والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين ، بمناسبة ميلاد سيدة النساء والطهر والصفاء والعصمة والوفاء  وأم الأئمة النجباء ، أتقدم بأسمى آيات التهاني والتبريك لإمامنا المفدى وحجة الله المنتظر المهدي عجل الله فرجه الشريف ، ولكل المراجع العظام و العلماء الأعلام والموالين الطيبين الكرام في كل أرض الله الواسعة وأسأل الله أن يعمها بالسلام ، وحفظ الله الأمة الإسلامية من مكر أعداء الله وكل معتدي أثيم ونصر وأيد سبحانه كل من سلك صراط المنعم عليهم بهدى الدين ، وأسأل الله العزيز الحكيم أن يحفظكم ويديم أعياده عليكم باليمن والبركة والصحة والعافية وأن يجعلكم من المتمسكين بولاية أئمة الحق أجمعين

وأقدم لكم مشاركة متواضعة تعرفنا عظيم تجلي نور الله في أكرم خلقه

 

التهنئة الرابعة :

تهنئة ومحبة وتبريك ومودة : لكل لمؤمنين الطيبين والطيبات ، بيوم المرأة المؤمنة العالمي في 20 جمادى الثانية 5 بعد البعث .

مناسبة مولد سيدة النساء:  أم أبيها ، أم الحسن ، أم الحسين ، أم الحسنين ، أم المحسن ، أم الريحانتين ، أم الأئمة ، ويوم أم : كل المؤمنين الطيبين المحبين لنبي الرحمة محمد وآله صلى الله عليهم وسلم .

يوم أفراح آل محمد : ونزول وظهور وتجلي أجمل وأفضل وأعلى نور الله في بنت سيد المرسلين فاطمة الزهراء عليها السلام .

وهو يوم المرأة العالمي : يوم ميلاد الصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين .

فإنه يوم : الأم ، والزوجة ، والأخت ، و الخالة والعمة وبناتهم وكل المؤمنات الطيبات ، وكل من نكن لهن المودة والمحبة والاحترام والتقدير .

فلا تنسوا يوم المرأة : وبالخصوص الأم ، وتقديم التحية لها وزيارتها وتهنئتها ، وتقبيل يدها ورأسها ، وتقديم الورد وما يوجب المحبة والهدايا لها .

وللزوجة أجمل  : التحيات والقبلات وما يجب من الترفيه والمسرات .

 وللأخوات  : أجمل التحيات والسلام والمحبة والمودة ، ولكل من لهن حقا علينا من أحفادهن وبناتهن ، ومن نكن لهن المودة والاحترام والتقدير.

فإن يوم أفراح آل محمد : صلى الله عليهم وسلم ، ويستحب فيه مؤكدا تقديم الطيبات من المرطبات والشرابت و الحلويات ، والكرز من الفستق والجوز والحب اللوز ، والطعام الطيب ، والترفيه على الأهل والأولاد والأحبة ، وتقديم آيات الاحترام والمودة للمؤمنات الطيبات .

ويستحب مؤكدا : أن نجعلها يوم متغير فنظهر فيه الفرحة والمسرة والبشرى ، ونقدم الهدايا ولو بسيطة ، والتوسيع على الأحبة في الطعام والملبس بما أمكن ولو ( موطا ) ولو ( جكليته ) ولو سلام وتهنئة وتبريك .

بيوم المرأة العالمي :

وهو : يوم ميلاد أكرم أم وزوجة وجده وامرأة في السماء والأرض وفي الدارين  .

 فإنها سيدة النساء : وكوثر الخير والبركة والصلاح ، والإيمان والإخلاص واليقين ، والعاطفة والمودة والرحمة ، وإعانة الأهل على طاعة الله تعالى ،  والصبر في حال قلة اليد ، والبر والإحسان والكرم والجود في حال توفر ما جاد الله به عليهم ، ونسأل الله أن يوسع علينا  برزقه حتى ننفق في أيام من يحبهم سبحانه  .

وأسأل الله أن يعوده عليكم : أجمعين بالمحبة والمودة ، والطاعة لله بهداه الحق بما يحب ويرضى ، بهدى المنعم عليهم وصراطه المستقيم عندهم ، وصلى الله على نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين .

وأقدم لكم يا طيبين : صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام من موسوعة صحف الطيبين ، وفيها معارف قيمة عن نور تولدها في الجبروت والملكوت والأرض وأسمائها النورانية ، وبها يتم معرفة آل محمد عليهم السلام بالمعرفة النورانية ، وهي أعلى معرفة في تجلي نور الله تعالى في التكوين ، أو تكتب أي موضوع يعجبك حديث في فضلها أو عنها أو قصة وموعظة من حياتها الكريمة مما هنا أو في كتب المكتبة الشيعية.

وأسألكم الدعاء والزيارة ، وثبتنا الله تعالى وإياكم على الولاية ، والمودة لآل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وجعلنا من المتمسكين بهداهم ، والسائرين على صراطهم المستقيم لكل نعيم الله وخالص عبوديته ، فإنه سبحانه ولي التوفيق وهو أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

التهنئة الخامسة :

أبارك لكم : يا أخواني الطيبين وأخوات الطيبات، ميلاد أم أبيها وأم الأئمة سيدة النساء الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام .

وهو : يوم المرأة المؤمنة العالمي .

و يوم الأم : والزوجة ، والبنت ، والأخت ، والعمة والخالة ، وبناتهن ، وكل القريبات والصالحات المؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها وعلى طول الزمان .

 وجعل الله تعالى : فرحكم لفرح آل محمد عليهم السلام نورا في ميزان حسناتكم ، وجعل أفراحكم أعيادا مباركة عليكم ، وعملا صالحا ينوركم هدى الإيمان والإخلاص على الصراط المستقيم لكل نعيم خص به نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين والصديقين والصالحين ، ولكم يا طيبين : أطيب المرطبات والحلويات والأكلات الشهية والكرزات البهية المعنوية، وبالخصوص الروحانية التي ترينا الحق حقا فنتبعه ، والباطل باطلا فنجتنبه .

وارجوا منكم يا طيبين : يوم المولود المبارك أن لا تنسوا هدياكم لعزيزاتكم ،  وبالخصوص قبلة على خد الأم وجبهتها ويدها  ، والزوجة والبنت  وللأخت كلا حسب حالها ، والتوسع على عوائلكم بما يسعكم ، من المرطبات والحلويات والكرزات ، والطعام الطيب وتحفتهم بهدايا قدر المستطاع ، والتوسيع عليهم بما فضل الله ، ولو أنواع الفاكهة الطيبة  أو نوع منها ، أو ( موطا ) ، أو ( جكليت ) ، أو كلمة طيبة ، تعرفهم شأن هذا اليوم الكريم وتبارك لهم حلول أجمل مناسبات التأريخ وأفضلها ، وبالخصوص للعزيزات من من الأهل والقرابات وكل الطيبات من المؤمنات ، والتبريك لهن بكلمة طيبة ، ونسأل الله أن يجعل سيدة النساء قدوة لهن في العفاف والصبر والطاعة والمحبة والمودة والرحمة ، وكل خصال الخير والأخلاق الحميدة .

فإنه : يوم سيدة النساء من الأولين والآخرين وفي سماء والأرض والدنيا والآخرة ، أم أبيها ، وأم الحسنين ، وجدة الأئمة وأبنائها الطيبين ، فإنه يوم ظهور نور الله في إراضه و في أعز مخلوقة صديقة طيبة صالحة مؤمنة مخلصة صابر طاهرة مطهرة لكل من يقتدي بها وبآلها ، معينة للأهل على طاعة الله تعالى ومبعدتهم عما حرم الله ، والصابرة في حال قلة اليد ، والمنفقة الكريمة حين توسع الحال ، والمدافعة عن الحق في أشد الظروف .

 

التهنئة السادسة :

لكم يا أحبتي الطيبين : بمناسبة مولد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، وهو يوم المرأة المؤمنة العالمي ، رسائل تسجي المحبة والولاء للطيبين ، المظهرين للفرح والسرور بمناسبة مولد سيدة نساء العالمين ، فاطمة الزهراء بنت سيد المرسلين ، وحليلة سيد الوصيين علي أمير المؤمنين ، وأم الأئمة الغرر سادة الأتقياء الميامين ، صلى الله عليهم وسلم أجمعين .

أضاءت ليالي الأرض والسماء

وغردت طيور المحبة في الأجواء

وللطيبين عم السرور وتم الهناء

بمولد بنت طه فاطمة الزهراء

فهنيئا لكم الأفراح يا أولياء

*

جاءت البشرى للمصفطى الأمجد

بمولد أم الأئمة وحظها الأسعد

بأنها سيدة النساء ومنكرها ألحد

وخالف رضا الرب ولما أختاره عاند

وطاب وطهر من صدق علوها وأيد

وتهنئة لكل موالي حبها ولآلها ود

+

للطيبين شذا ريح الورود والعطور

وأسأل الله لكم الأفراح والسرور

بمناسبة ميلاد بنت نبينا المحبور

فاطمة الزهراء سيدة النساء والحور

ولكم التهاني والمحبة إلى يوم الظهور

+

أبارك للطيبين ميلاد بنت سيد المرسلين

فاطمة الزهراء أم الأمة الطيبين الطاهرين

وأسال الله الخير لموالين بمودلها  مسرورين

ومظهرين الولاء ويتبادلون التهاني فرحين

ويحفظهم من كل سوء وينصرهم على المعادين

 

 

 


 

الإشراق الثالث: التعزية بشهادة سيدة النساء عليها السلام

يا طيب : الغرض من عرض هذه والمواضيع والبحوث وتعريف المكتبات والكتب على الانترنيت وفي المواقع الاجتماعية ، هو للاستفادة والإفادة منه ، وذلك بإمكان الاقتباس منها والنشر ، كما مر في مقدمة أول البحث ، وبكل مناسبة بحسبها .

فلذا نذكر ثانيا : أنواع من التعزية بمناسبة شهادة سيدة النساء عليها السلام .

 

التعزية الأولى  :

إنا لله وإنا إليه راجعون : ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، أنعى لكم يا طيبين بكل الأسى وأشد الحزن وأعظم الأسف ما حل بفاطمة الزهراء بعد وفاة والدها سيد المرسلين ، وحلول أيام شهادتها بعد أيام من شهادته ، فعظم الله أجورك لما تظهرون من شعار الحزن لمصائب آل محمد عليهم السلام ، وبالخصوص لمصائب الصديقة ، وبارك الله بكم وشكر سعيكم ، ورزقكم الله سبحانه الثبات على ولايتها وآلها ، وشفاعتهم في الدنيا بالتعلم منهم هدى الله ، وفي الآخرة بالشرب من حوضهم والنشر والحشر معهم ، فإنه تعالى أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

ولكم يا موالين : مختصرا في أيام حياة الصديقة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين عليها السلام ، فتنقل مع نص التعزية موضوعا من المواضيع التالية أو الموضوع وحده أو التعزية وحدها ، حسب الوقت والهمة والعزم على مشاركة آل محمد صلى الله عليهم أفراحهم واحزانهم التي أمرنا أن نشاركهم بها وننشر معارفهم :

....

 

التعزية الثانية :

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم : ولله الأمر من قبل ومن بعد ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، وبقلوب يملئها الحزن والألم ، وبأرواح همها الأسف والأسى , أنعى لكم وأواسيكم حلول أيام الفاطمية ، بمناسبة شهادة الراضية المرضية ، الصديقة الطاهر الحوراء الإنسية ، فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين عليها السلام ، في 13 جمادى الأولى سنة 11للهجرة ، على رواية مشهورة وبعد شهادة والدها نبي الرحمة بـ  75 يوما  ، فسلام الله عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ، ويوم تبعث حية ، وجعلنا الله سبحانه ممن يحزن لحزن آل محمد ويرضى لرضاهم ، وأن يرزقنا شفاعتهم وعلومهم في الدنيا والآخرة ، فإنه سبحانه ولي التوفيق وهو أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

ولكم يا موالين : بعض المعارف عن مناقب الصديقة الزهراء عليها السلام ، وأبدا بذكر أحوال وشهادتها ، ثم نتبعها إن وفقنا الله باقي البيان لفضائلها ومناقبها .

 

التعزية الثالثة :

عظم الله أجوركم يا طيبين : وإنا لله وإنا إليه راجعون ، وبأشد العزاء وأعظم الأسى وأكبر الحزن ، نستقبل الفاطمية الثالثة في 3 جمادى الآخرة ، لرحيل بنت سيد المرسلين ، المحدثة العليمة ، والصديقة الزهراء ، فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وجزاكم الله خير الجزاء لما تظهرون من الأسى والهم والغم في هذه المناسبة الأليمة ، والأيام الكريمة ، ، والتي نقيم بها العزاء ونظهر بها التفجع والحزن على ما حل بآل محمد عليهم السلام من النوائب ، وما جرى عليهم من عظيم المظالم ، وأسأل الله أن يلهمكم السلوان والثبات على ولايتهم ، و العلم والعمل بسيرتهم وهداهم ، وأن يوفقكم لعبوديته بتعاليمهم ، وأن تسيروا بصراطهم المستقيم لكل نعيم أعده الله تعالى لعباده المخلصين ، فإنه سبحانه هو ولي التوفيق وهو أرحم الراحمين، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

وأقدم لكم يا طيبين : بهذه المناسبة الأليمة ، بعض المعارف تخصها ، وأقدم خطبة كريمة للإمام أمير المؤمنين عليه السلام قالها ، ويظهر فيها حزنه وأساه وما عانه من الفجيعة بعد دفنها ، مع بعض البيان .

 

التعزية الرابعة : تعازي مختصرة :

يا طيب : يمكن إنشاء تعزية وتعبير ما بداخلك من الحزن على آل محمد عليهم السلام ، بالممارسة والمحاولة ، فتختارك آيات مقل إن لله وإنا إليه راجعون وما شبهها ، وتقرنها بألقابها واسماءها وتلحق بها كلمات الحزن والأسى والأسف والهم والغم وما يتسلى به المؤمنون ، سواء بكلمات تعزية طويلة كما في أول البحث أو كالتالي :

عظم الله أجوركم يا موالين بمناسبة شهادة الصديقة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وجعلنا الله مع نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، وبهذه المناسبة نقرأ هذه الزيارة وفيها سلام وصلاة على فاطمة الزهراء عليها السلام :

إنا لله وإنا إليه راجعون: وجعلنا الله مع النبي وآله ، فنحزن لحزنهم ونقيم العزاء لمصابهم ، ونذكر مناقبهم وفضائلهم ونقتدي بهم ، وهذه زيارة مختصرة لسيدة النساء :

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم : وحسبنا الله ونعم الوكيل : عظم الله أجوركم يا موالين : لما تقومون به من ذكر شعائر آل محمد عليهم السلام وتذكرون مناقبهم وفضائلهم وشرفهم وشأنهم الكريم ، ولكن بعض الروايات في شأنها الكريم :

 

 

 

 

مصباح الهدى
وفيه : أنوار تشرق أسماء ونسب فاطمة الزهراء وألقابها وكناها
وحقائق أنوار تولدها في الجبروت والملكوت قبل الدنيا وتولدها في الأرض وبيان شأنها الكريم

 

 

النور الأول
كرامة أسماء وألقاب وكنى فاطمة وشأنها الكريم

 

 

يا طيب : إن أكرم الأسماء في الوجود هي التي خصها الله بأوليائه الكرام نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وكذا ما كان قبلهم من الأنبياء والمرسلين وآلهم المؤمنين صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، وكان لهداة البشر من الرجال المصطفين الذين أختارهم الله تعالى لتبليغ رسالته أو المحافظة عليها من الرسل والأنبياء وأوصياهم أسماء كثيرة متشابه أو غير متشابهة ، وكذا لأسماء أصحبهم وألقابهم ، فتعددت الأسماء الشريفة للرجال وتنوعت وكثرة ، وسمي بها تبعهم ومن يحب سيرة المؤمنين الطيبين الأوائل وبالخصوص أهل البيت.

 ولكن أسماء النساء : الشريفة التي كرم بها أمة النبي الأكرم بل حتى ما وصلنا من الأمم السابقة كانت معدودة ومحدودة ، ومع ذلك كان العدد الأكبر والمهم منها مختص ببضعة النبي الأكرم وثمرة فؤاده وروحه التي بين جنبيه الصديقة فاطمة الزهراء صلى الله عليها وآلها وسلم .

وكل طيب يعرف : إن ما يقارب نصف أسماء النساء من المؤمنات في المسلمين وبالخصوص المؤمنين الموالين أو أكثر في العائلات المهتمة بأمر الدين ، تراها مختصة ومقتبسة من أسماء فاطمة الزهراء عليها السلام وألقابها ، وصار في الإسلام متحلى بأسمائها أغلب بنات المؤمنين وأمهاتهم وأخواتهم ، و في كل عائلة فيها بنات ترى اسم أو كثر من الأسماء الكريمة لفاطمة الزهراء عليها السلام ، وما هذا إلا علامة ودلالة لحب الله وكل من يحب الله ويحبه الله وخصه بالكرامة والمناقب والفضائل والشرف والتفضيل والطهارة وتعاليم التنزيل ، ولذا حب المؤمنون فاطمة الزهراء وأسماءها كحبهم لأبيها سيد المرسلين وخاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين المصطفين الأخيار كلهم.

 

وبهذا الحب الطيب الذي يحبه الله تعالى : وبهذا المظهر الجميل الذي يكون له أكبر الأثر في تجلي حب الدين وأهله حتى أسماء المصطفين الأخيار فيه ، فاز المؤمنون بالكرامة وخلصوا من التنابز بالألقاب ، بل ذكر الأسماء الشريف للمؤمن والمؤمنة المشابه لأسماء أهل نور الله وهداه ، كان موجب للاحترام وللمودة المتبادلة للمنادي وللمناداة بالاسم الكريم المشابه لأسماء الصدقة فاطمة الزهراء أو آلها الكرام عليهم السلام للرجال .

 

وإنه يا أخي : المهم في البحث والمعرفة في تسمية النساء هو إنه كان لهذه الأسماء في كثير أو أغلب الأحيان تربية روحية للاقتداء بصاحبة الاسم الكريم الأصل ، وحب السير والسلوك والسيرة لها وود معرفتها والعلم بأحوالها وتعاليمها وإخلاصها وزهدها و التأسي بها في كل أحوالها ، ففاز المؤمنون والمؤمنات بتعلم هدى الله من خلال نفاذة الاسم الكريم لفاطمة وآلها الكرام ، وحب السير لعبودية الله وفق تعاليمهم وسلوك سيرتهم الطيبة الكريمة بكل أحوال تدينهم ، فإنه لا تجد مؤمن أو مؤمنة لها اسم شريف مشابه لأحد أسماء أهل البيت ولم تراه يعرف معرفة طيبة عن صاحب أسمه كما له حب الإقتداء به وزيارته ومعرفة أحواله والتأسي به ، وهذه كرامة خص بها الله سبحانه وتعالى أولياءه والمؤمنين في توجيههم لمعرفة هداه من المخلصين له في العبودية ، والصادقين المصطفين الأخيار الذين أختارهم لتعليم هداه وتعريف توحيده ودينه بحق المعرفة .

 

وإذا عرفنا هذا يا طيب : نذكر في هذا الباب نور أسماء فاطمة الزهراء وألقابها باختصار ونترك التفصيل لما بعد مولدها عليها السلام ، ونكتفي هنا بذكر حديث لاسم فاطمة وحديث جامع لبعض أسماءها ، ونتعرف باختصار على المهم من أسماء وألقاب الصديقة المقدسة الزهراء عليها السلام .

 ثم يا طيب : ندخل في معرفة نسبها ومختصر في معرفة أسماء أخوتها وأخواتها ، ومختصر آخر نعرف به عمرها الشريف وما سنبحثه من أدوار تأريخ حياتها ، وليكون كمقدمة لما يأتي في بحث آخر من معرفة نورها في الملكوت ونور مواليها وشيعتها معها بمختصر البيان الوافي ، ثم نخصص ذكر مولدها في الأرض ، فنتعرف على الصديقة الزهراء ببعض المعرفة النورانية حتى ندخل في الأبواب الأخرى في حياتها الخاصة وعلمها وزهداها والفائزون بكرامتها والمبعدون عن هداها ممن عادها فخسر دينه ونفسه والعياذ بالله منهم.

 ونسأل الله : أن يجعلنا مع فاطمة وأبيها وبعلها وبنبيها في الهدى والدين والجنة والملكوت دنيا وآخرة ، إنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

الإشراق الأول : اسم سيدة النساء :

اسمها الشريف : فاطمة :

فاطمة : هي أم الأئمة وسيدة النساء وخير امرأة في الدنيا والآخرة ، لأنه الله أختارها واصطفها وطهرها وطيبها بما خصها من نور الهدى في الملكوت قبل الدنيا وفي الدنيا والآخرة كما سترى ، وذلك لعلمه سبحانه بأنها أكرم من تطيعه في نساء المؤمنين وأصبر امرأة في جنب الإخلاص له وحبه عن معرفة وبالهدى الحق الواقعي ومن غير شرك ونفاق في إقامة توحده ، وذكرت روايات كثيرة في معنى اسمها ونحن نختار واحدة منها ونترك التفصيل لما بعد إن شاء الله ، وكما يأتي شرحه في روايات أخرى تعرف شأنها .

 

عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي بن أبي طالب عليه السلام : لما خلق الله تعالى ذكره : آدم و نفخ فيه من روحه و أسجد له ملائكته ، و أسكنه جنته و زوجه حواء أمته .

 فوقع طرفه : نحو العرش ، فإذا هو بخمس سطور مكتوبات .

 قال آدم : يا رب ما هؤلاء ؟

قال تعالى : هؤلاء الذين إذا شفعوا بهم إلى خلقي شفعتهم .

فقال آدم : يا رب بقدرهم عندك ما اسمهم ؟

فقال : أما الأول : فأنا المحمود و هو محمد . و الثاني : فأنا العالي و هذا علي .

 و الثالث : فأنا الفاطر و هذه فاطمة .

 و الرابع : فأنا المحسن و هذا الحسن ، و الخامس : فأنا ذو الإحسان و هذا الحسين ، كل يحمد الله تعالى [1].

 

الإشراق الثاني : أسماء ألقابها وكنى فاطمة الزهراء :

أهم أسماء فاطمة في رواية واحدة :

عن يونس بن ظبيان قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :

 لفاطمة عليه السلام تسعة أسماء عند الله عز و جل :

فاطمة ، و الصديقة ، و المباركة ، و الطاهرة ، و الزكية ، و الراضية ، و المرضية ، و المحدثة ، و الزهراء .

ثم قال عليه السلام : أ تدري أي شيء تفسير فاطمة ؟

 قلت : أخبرني يا سيدي . قال : فطمت من الشر .

قال : ثم قال : لو لا أن أمير المؤمنين عليه السلام تزوجها لما كان لها كفؤ إلى يوم القيامة على وجه الأرض ، آدم فمن دونه[2] .

وجاء لها أسماء أخرى وألقاب في زياراتها والأحاديث المعرفة لشأنها ك :

الصديقة ، الشهيدة ، الرضية ، المرضية ، الفاضلة ، الزكية ، الحوراء ، الإنسية ، التقية ، النقية ، المحدثة ، العليمة ، المظلومة ، المغصوبة ، الطاهرة ، البتول ، المختارة ، المصطفاة ، المنصورة ، الكريمة عند الملإ الأعلى ، السيعدة ، وغيرهن كما سيأتي [3] . وأعلم يا أخي : إن أللقب هو اسم ، أو يقال هو اسم للاسم وهو يحكي عن صفة أو خصوصية أوحاله أو مهنة أو حدث لصاحب الاسم يعرفه ، وقد جاءت في روايات كثيرة أسماء أخرى لفاطمة الزهراء عليها السلام ، مثل التي جاءت في زيارتها أو في نورها في الملكوت أو منتزعة من حالات لها، فنذكر هنا لها عدد من الأسماء المنتزعة من الروايات ونترك ذكر أحاديثها اعتمادا على ما سيأتي من الأحاديث في ولادتها وفي صفاتها وزواجها وفي حياتها مع أبيها وزوجها وأبناءها وفي الجنة صلى الله عليهم وسلم :

 

الإشراق الثالث

ألقاب بنسبتها لأبيها وزوجها عليهم السلام

بنت الرسول ، بنت الحبيب ، حبيبة حبي الله ، بنت الخليل ، بنت خير خلق الله ، بنت أفضل الأنبياء ، بنت صفي الله أو الصفي ، بنت أمين الله ، بنت خير البرية ، وغيرها مما يتصف به النبي الأكرم سيد الأنبياء والمرسلين أو زوجها ك: زوجة الوصي، زوجة ولي الله ، زوجة أبو تراب ، زوجة أمير المؤمنين ، حليلة صاحبة اللواء ، وغيرها .

وألقابها المشهور بنفسها هي : سيدة نساء العالمين ، سيدة نساء أهل الجنة ، خير نساء الأمة ، خير الحرائر ، وغيرهن .

الإشراق الرابع

كناها عليه السلام وبيان لكنية أم أبيها :

والكنية : ما يتقدمها أبو أو أم ، وتكون ككنية باسم أبيها أو زوجها أو أبنائها وألقابهم أو حسب شأنها الكريم وشرف منزلتها ومناقبها عليها السلام ك :

 أم أبيها ، أم الحسن ، أم الحسين ، أم الحسنين ، أم سيدي شباب أهل الجنة ، أم الأئمة ، أم أئمة الهدى ، أم أحباء الله ، أم أصفياء الله ، أم أولياء الله ، أم المهدي ، وغيرهن .

وأشهرها : أم أبيها أم الحسن ، أم الحسنين ، وأم الأئمة وفي كناها سيدة النساء .

 

الإشعاع الأول : معنى ومصادر كنية أم أبيها :

ويا طيب : نقدم بحث وروايات في معنى كنية أم ابيها :

أم أبيها : فاطمة الزهراء بنت محمد سيد المرسلين صلى الله عليها وسلم ، أحد ألقابها الكريمة ، والمشهورة لها ، والظاهر إنها لقبت به بعد وفاة أمها الكريمة خديجة بنت خويلد ، وحين لم يبقى مع أبيها أحد إلا هي عليها السلام ، فكانت مع صغرها وأن عمرها لا يتجاوز السبعة سنوات تعتني بوالدها المكرم ، الذي توفى أعز وأكرم حامييه وهي أمها وأبو طالب في سنة 10 من المبعث على قول ، وعلى قول آخر سنة 7 من المبعث ، فكانت ترى ما يعانيه صلى الله عليه وآله وسلم من كفار قريش ، وتتألم له فضلا عن إعداد ما يحتاجه من لوازم الحياة والرعاية والمودة والحنان .

فلحنانها وعطفها : على والدها المكرم سماها ولقبها نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم : أم أبيها عليها السلام .

وإن النبي الأكرم : بعد أكثر من سنتين من بعد وفاة أمها أم المؤمنين خديجة ، أي بعد  سنة من الهجر تزوج ، وهي بعد زواجه بأربعة أشهر تزوجت من مولى الموحدين .

فصارت : أم الحسن ، أم الحسين ، أم الحسين ، أم الأئمة .

وأما المصادر والأحاديث : التي ذكرت أن كنية فاطمة الزهراء عليها السلام :

أم أبيها :

قال أبو الفرج الأصفهاني :

الحسن بن علي بي أبي طالب عليهما السلام .

ويكنى : أبا محمد .

وأمه : فاطمة بنت رسول الله .

 وكانت فاطمة تكنى : أم أبيها .

ذكر ذلك : قعنب ابن محرز الباهلي، حدثني به محمد بن زكريا الصحاف، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن الحسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد عن أبيه.

وأمها خديجة : تكنى أم هند ، بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.

وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي.

مقاتل الطالبين سنة 313 هـ  ص12.

 

وقال بن عبد البر :

 وذكر عن جعفر بن محمد قال كانت :

 كنية : فاطمة بنت رسول الله : أم أبيها .

الاستيعاب ج1ص614 .

وقال بن الأثير :

فاطِمَة : بِنْت رسول الله صلّى الله عليه وآله سلّم ، سيدة نساء العالمين .

وكانت : فاطِمَة ، تكنى : أم أبيها .

وكانت أحب الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وزوجها من علي بعد أحد.

أسد الغابة لأبن الأثر ج3ص395.

  وقال المقريزي  :

و فاطمة الزهراء : سيدة نساء العالمين ...

وتكنى : أم أبيها .

وذكر المطور عن ابن عباس :

 أنها سميت ، فاطمة ، لأن الله تعالى فطم محبّيها عن النار.

إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال للمقريزي ج5ص351.

 

وقال العسقلاني في الإصابة :

فاطمة الزهراء : بنت إمام المتقين ، رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية صلى الله على أبيها وآله وسلم ورضي عنها .

كانت تكنى : أم أبِيها .

 بكسر : الموحدة بعدها تحتانية سكانة ، ونقل بن فتحون عن بعضهم بسكون الموحدة بعدها نون وهو تصحيف .

وتلقب : الزهراء .

روت : عن أبيها .

روى عنها : ابناها ، وأبوهما ، وعائشة ، وأم سلمة ، وسلمى أم رافع ، وأنس ، وأرسلت عنها فاطمة بنت الحسين وغيرها .

قال عبد الرزاق عن بن جريج : قال لي غير واحد: كانت فاطمة أصغر بنات النبي صلى الله عليه و سلم ، وأحبهن إليه.

الإصابة في تمييز الصحابة للعسقلاني ج8ص53ح 11583 .

 

وقال رشيد الدين محمد بن شهر آشوب مازندراني رحمه الله في المناقب .

و فاطمة عليها السلام : و هي أم أبيها . ..

و كناها : أم الحسن ، و أم الحسين ، و أم المحسن ، و أم الأئمة ، و أم أبيها . و أسماؤها : ... .

المناقب ج1 ص161 . ج3ص356 .

 

و نقل العلامة المجلسي رحمه الله عنهم :

إن كنية فاطمة الزهراء عليها السلام عن المناقب :

كناها : أم الحسن ، و أم الحسين ، و أم المحسن ، و أم الأئمة ، و أم أبيها .. .

بحار الأنوار ج43ص16ب2ح15 عن المناقب ، ح19 عن مقاتل الطالبين .

 

 

الإشعاع الثاني : أسماء من سما بنته بلقب الزهراء أم أبيها :

ويا أخوتي الطيبين : كذلك سميت بنات مقربين من النبي وأحفاده بلقب الصديقة أم أبيها ، حبا وأنسا ومودة بكنية الزهراء : أم أبيها :

منهم حمزة : عم النبي رحمه الله سمى بنته أم أبيها وهي أصغر من فاطمة الزهراء .

والإمام علي : حبا للزهراء ولكنيتها عليه السلام سمى أحد بناته أم أبيها .

وعقيلة بني هاشم : زينب بنت فاطمة بنت علي بن أبي طالب عليها السلام ، زوجة عبد الله بن جعفر الطيار ، سمت بنتها بكنية أمها فاطمة الزهراء ، أم أبيها .

والإمام موسى بن جعفر عليه السلام : سمى أحدى بناته أم أبيها .

ولمعرفة هذا : نذكر المصادر التي ذكرت أم أبيها .

 

 

أم أبيها بنت حمزة سيد الشهداء :

وذكر في ذخائر العقبى : لأحمد بن عبدالله الطبري في الفصل الثاني في ذكر حمزة بن عبد المطلب ، وكان أخا : رسول الله صلى الله عليه وآله سلم ، من الرضاعة .

وكان لحمزة ابنة :  يقال : لها أم أبيها .

قاله ابن قتيبة  ، وقال صاحب الصفوة : اسمها أمامة ، أمها زينب بنت عميس الخثعمية ، وكانت تحت عمر بن أبى سلمة المخزومي ربيب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم . وهى التي : اختصم في حضانتها ، علي ، وجعفر ، وزيد ، فقال : على ابنة عمى . وقال : جعفر ابنة عمى ، وخالتها تحتي . وقال : زيد ابنة أخي .

فقضى بها : رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها .

وقال : الخالة بمنزلة الأم .

ذخائر العقبى للطبري ص 172- 185.

 

أم أبيها بنت أمير المؤمنين عليها السلام :

وقال بن أبي الحديد : وبعد أن ذكر أسماء وعدد أولاد أمير المؤمنين عليه السلام وأسماء أمهاتهم قال :

و أما بناته : أم كلثوم الصغرى و زينب الصغرى و جمانة و ميمونة و خديجة و فاطمة و أم الكرام و نفيسة و أم سلمة .

و أم أبيها 

 و أمامة بنت علي عليه السلام فهن لأمهات أولاد شتى فهؤلاء أولاده ....  .

شرح ‏نهج ‏البلاغة ج9 ص242ح163 . وعنه في بحار الأنوار ج42ص90ب120ح18 .

 

أم أبيها : بنت عبد الله بن جعفر الطيار :

العقيلة زينب عليها السلام : تسمي بنتها بلقب أمها أم أبيها :

في السيرة النبوية ليونس عن ابن اسحق قال:

تزويج : زينب بنت علي ، وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم :

كانت زينب ابنة علي : تحت عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب .

فولدت له : علي بن عبد الله بن جعفر .

  وأم أبيها .

سيرة ابن إسحاق ج5ص235ح352 .

ولأم أبيها :

قصة كريمة : فتزويجها من شاب من بني هاشم بأمر الإمام الحسين عليه السلام ، تجدها إن شاء الله في الجزء السادس من صحيفة الإمام الحسين.

وقال اليعقوبي في تأريخه في ذكر : علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، فذكر قسم من حياته ثم أولاده فقال : وعبد الله الأكبر :

أمه : أم أبيها : بنت : عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب .. .

تاريخ اليعقوبي ص240 .

 

أم أبيها :  بنت الإمام موسى بن جعفر عليه السلام  :

وذكر في المناقب : في ولد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام :

أولاده ثلاثون : فقط ، و يقال : سبعة و ثلاثون . فأبناؤه ثمانية عشر : علي الإمام ، و إبراهيم .... وبناته : تسع عشرة : خديجة ، و أم فروة .

 و أم أبيها : و علية ، و فاطمة الكبرى ، و فاطمة الصغرى ، و نزيهة ...

المناقب ج4ص323 . الإرشاد ج2ص244. بحار الأنوار ج 48ص288ب12ح1ح4 .

  وعن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد قال :

 حدثتني عمة أبي : أم أبيها بنت موسى ، عن أبيها موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي عليه السلام؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم :

لا يقضي أحد : وهو غضبان.

أخبار القضاة ص20 .

 

وقال الطبري في أحداث سنة 231 هـ وفيها :

ماتت : أم أبيها، بنت موسى أخت علي بن موسى الرضا عليهم السلام .

تاريخ الطبري ج5ص287 .

 

فإن كانت فاطمة الزهراء عليها السلام : أم أبيها، وهي كنية وضعها رسول الله .

وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ينطق بحق ، يعرفنا بتكنيتها بهذه الكنية كرامتها وشأنها الكريم ، وعلو همتها في العناية بوالدها ورعايته ، والخصوص بعد وفاة أمها خديجة بنت خويلد ، وهو في مكة المكرمة قبل الهجرة ، على قول أربع سنوات قبل الهجرة توفت خديجة وعلى قول سنة ، ثم أكثر من سنة في الهجرة في المدينة ، ليس لنبي الرحمة زوجة ،  إلا فاطمة الزهراء بنته في بيته   كانت تخدمه وترعى أحواله ، وبالخصوص وهو في هذه الحالة من التبليغ العظيم ، والجهاد الكريم ، سواء في مكة من أعدائه وهو في اشد الأحوال ، أو في المدينة وحروبه معهم .

فلذا كان حقا وصدقا :

  أن يكنيها : أم أبيها .

ولذا كان نبي الرحمة يكرمها : ويعرف فضلها ومناقبها وشأنها الكريم ، سواء بما فضلها الله ، أو بما تبديه من الصبر في جنب الله سبحانه ، وكان صلى الله عليه وآله لا يخرج لسفر إلا كانت أخر من يودعها ، ولا يأتي من سفر إلا ويبدأ بها بعد صلاته ركعتين في المسجد .

بل كان يقول أمير المؤمنين عليه السلام : كان لنا كل يوم لقاء معه في تعاليم الهدى وجلسه لتعريف الدين وشرحه لهم مجتمعين في بيت فاطمة الزهراء أم أبيها بعد زوجها ، ولهذه المودة الكريمة والحب المتبادل العظيم : بين أس الأخلاق وأصل الهدى وتعريفه للمؤمنين وحب المخلصين لهم .

سمى المقربون بناتهم : أم أبيها ، بكنية فاطمة الزهراء عليها السلام ، بل وكثير غيرهم لم نذكر إلا اليسير منهم  .

وحقا يكون : الفرح لفرحهم والمحبة لحبهم ، هو إظهار حق المحبة لمن أحبهم الله ورسوله وأمر بمودتهم ، وأن يتخذ مولدها يوم للأم والمرآة العالمي .

فتكرم فيه : الأم والأخت والزوجة وكل من تجب لها المودة ، وتقديم لهن الهدايا والتقدير والاحترام والتوسيع عليهم بالرفاه والمحبة ، حبا لفاطمة الزهراء عليها السلام وأبيها وآلها صلى لله الله عليهم . وإظهار الفرح والسرور ، وإقامة الحفلات الدينية ، لذكر فضائل ومناقب سيدة النساء وشرفها وصبرها عليها السلام .

واسأل الله لي ولكم أخوتي الطيبين  : أن يوفقنا الله لمعرفة هدى فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها الحق ، والتحقق بنور معارف دينهم ، والتحقق به بإخلاص في عبوديته عز وجل ، والفرح لفرحهم والحزن لحزنهم ، والثبات والسير على صراطهم المستقيم إلى كل نعيم الله سبحانه ، فإنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

 

 

الإشراق الخامس : أسماء فاطمة الزهراء من زيارتها والروايات:

يا طيب : بعض أسماء وألقاب فاطمة أشتهر كاسمها وقد كثر استخدامه والتسمية به ويقرن به في التسمية وهو : الزهراء ، فلا ترى المؤمنين يذكرون اسم فاطمة وحدها بل يقرنون أسم لقبها الزهراء معه ، وإن أسماء فاطمة الزهراء لقبها مع الألف ولام ، ولكن بالنسبة لتسمية المؤمنات به تكون التسمية به بعد حذف ألف ولام والتي هي للاختصاص أو للتعريف بها عليها السلام بل للاحترام والتقدير وعن إظهار لحبها ولآلها ولدين الله كله بل لحب الله عند احترام وتقدير أولياء دينه ، فيذكرون اللقب كاسم من أسماء فاطمة الزهراء عليها السلام لهن ويسموهن أهلن به ، وليقتدين بها و ليتشرفوا بمعرفة نورها وإظهار حبها وود التجلي بدينها بعد تعلم سيرتها وسلوكها عليها السلام ، وأسماءها المنتزعة من الروايات المختصة بها وزياراتها وغيرها والتي تسمى بهن المؤمنات هي :

فاطمة ، زهراء ، مباركة ، زكية ، صديقة ، مرضية ، راضية ، رضية ، فاضلة ، حوراء ، حورية ، أنسية ، تقية ، نقية ، محدثه ، عالمه ، عليمة ، راشدة ، رشيدة ، طاهرة ، مطهرة ، طيبة ، أطياب ، طوبى ، بتول ، عذراء ، منصورة ، كريمة أو مكرمة ، و سعيدة ، فرحة ، بشرى ، تباشر ، ميمونة ، بركة ، نسمة ، ريحانه . أو ينتزع من لقب حبيبة أبيها اسم : محبوبة ، أو من بنت أمين الله : أمينة ، أو من زوجة صفي الله أو بنت صفي الله أو المصطفاة : صفية أو من ولايتها : وليه ، أو من عصمتها اسم : معصومة ، وبهذا الاسم الشريف الأخير أشتهر اسم حفيدتها فاطمة المعصومة بنت موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم الصلاة والسلام وإن مرقدها محط للزوار في قم حتى صارت تسمى بعش آل محمد عليهم السلام .

كما إنه أُنتزع : من نزول سورة الكوثر في حقها اسمها : كوثر وسمي به كثير من النساء المؤمنات ، كما من خلال فخر النبي وعلي وأبنائها بها وكثرة حب الانتساب لها من الطيبين بالسبب والنسب سمي بعض بنات المؤمنين ب : فاخرة أو فخرية ، وهذه الخصوصية لبيان ضرورة حب البنات في تعاليم الدين وود القضاء الإلهي وقدرة ، ويغلب هذا الاسم عند المؤمنين عندما تأتيهم أكثر من بنت واحدة ، ليشعروا أنفسهم وغيرهم بالرضا برضا الله وما يحب لهم .

كما سمي مؤمنون : أسماء بناتهم ، بأسماء أخوات فاطمة الزهراء عليها السلام وبناتها ك: رقبة ، وزينب ، وأم كلثوم ، وهي أسماء شريفة ترجع لها ولكرامتها كما من سمي بأسماء أمهات الأئمة من ذريتها ك : حميدة ، نجمة ، تكتم ، نرجس وغيرها أو كاسم أمها والمكرمات : خديجة أم فاطمة ، ومن الأمم السابقة : سارة ، آسية ، مريم ، كلثوم ، كما إنه قد ندر : أو لم تسمى بأسماء ألقابها الأخرى من المؤمنات أحد مثل : شهيدة ، أو مظلومة ، أو مغصوبة أو مغصوب حقها بل حتى مختارة أو مصطفاة.

وبهذه الأسماء الشريفة : لفاطمة الزهراء ولآلها سُمي أغلب المؤمنات وبالخصوص من المخلصين في حب أهل البيت عليهم السلام ، وبه تشرفن أمهات المؤمنين وأخواتهم وزوجاتهم ، وبه صار يكنون لهن الاحترام والمحبة بالإضافة لما لهمن من صلة النسب والقرابة ، وبهذا نعرف كرامة الله لنا وحب هداية لنا في كل آيات الآفاق والتكوين بل حتى في أسماء أوليائه ويدلنا على صراطه المستقيم ومحل هداه بأسمائهم الشريفة الكريمة .

ويا طيب : إن كثير من أسماء فاطمة الزهراء جاءت فيها رايات شريفة تبين معناها : كفاطمة التي قطعة وفطمت بمعرفتها نفسها وشيعتها من الشر والشرك ، أو الزهراء لنورها ، أو البتول لعدم حيضها ، أو حوراء لطينتها وغيرها من المعاني لباقي الأسماء ، وسيأتي في الروايات الآتية بيان معنى بعضها فأنتظر .

 

 

الإشراق السادس: أسماء الزهراء وألقابها وكنها في كتاب المناقب:

يا طيب : ذكرنا في صحيفة سيدة النساء من موسوعة صحف الطيبين ، ذكرنا اسم فاطمة عليها السلام وأسماء ألقاب كثيرة لها منتزعة من فضائلها ومناقبها وأحاديث شريفة في حقها وشأنها ، ومن زياراتها ، وهنا نكتفي بما ذكره ابن شهر آشوب رحمه الله :

ذكر في كتاب مناقب علي بني أبي طالب :

و كناها :

أم الحسن : و أم الحسين ، و أم المحسن ، و أم الأئمة ، و أم أبيها .

 

و أسماؤها على ما ذكره أبو جعفر القمي :

فاطمة :

 البتول ، الحصان ، الحرة ، السيدة العذراء .

الزهراء ، الحوراء ، المباركة ، الطاهرة ، الزكية.

الراضية ، المرضية ، المحدثة ، مريم الكبرى الصديقة الكبرى .

و يقال لها في السماء :

النورية ، السماوية ، الحانية .

 

و قلنا ( أي قال بن شهر آشوب في المناقب ) :

الصديقة بالأقوال ، و المباركة بالأحوال ، و الطاهرة بالأفعال ، الزكية بالعدالة ، و الرضية بالمقالة .

و المرضية بالدلالة ، المحدثة بالشفقة ، و الحرة بالنفقة ، و السيدة بالصدقة ، الحصان بالمكان .

و البتول في الزمان ، و الزهراء بالإحسان ، مريم الكبرى في الستر ، و فاطم بالسر ، و فاطمة بالبر .

النورية بالشهادة ، و السماوية بالعبادة ، و الحانية بالزهادة ، و العذراء بالولادة .

 

 الزاهدة ، الصفية ، العابدة ، الرضية ، الراضية ، المرضية .

المتهجدة : الشريفة ، القانتة ، العفيفة .

 

سيدة النسوان ، و حبيبة حبيب الرحمن ، و المحتجبة عن خزان الجنان ، و صفية الرحمن .

ابنة خير المرسلين ، و قرة عين سيد الخلائق أجمعين ، و واسطة العقد بين سيدات نساء العالمين ، و المتظلمة بين يدي العرش يوم الدين .

 

ثمرة النبوة ، و أم الأئمة ، و زهرة فؤاد شفيع الأمة .

الزهراء المحترمة ، و الغراء المحتشمة .

المكرمة تحت القبة الخضراء ، و الإنسية الحوراء ، و البتول العذراء .

 

ست النساء ، وارثة سيد الأنبياء ، و قرينة سيد الأوصياء ، فاطمة الزهراء .

الصديقة الكبرى ، راحة روح المصطفى ، حاملة البلوى من غير فزع و لا شكوى .

وصاحبة شجرة طوبى ، ومن أنزل في شأنها وشأن زوجها و أولادها سورة هل أتى .

ابنة النبي ، و صاحبة الوصي ، و أم السبطين ، و جدة الأئمة ، و سيدة نساء الدنيا و الآخرة .

زوجة المرتضى ، و والدة المجتبى ، و ابنة المصطفى .

السيدة ، المفقودة ، الكريمة ، المظلومة ، الشهيدة ، السيدة ، الرشيدة .

شقيقة مريم ، و ابنة محمد الأكرم .

المفطومة ، من كل شر ، المعلومة بكل خير .

المنعوتة في الإنجيل ، الموصوفة بالبر و التبجيل ، درة صاحب الوحي و التنزيل .

جدها الخليل ، و مادحها الجليل ، و خاطبها المرتضى بأمر المولى جبرئيل.

و أولادها : الحسن ، و الحسين ، و المحسن سقط .

و في معارف القتيبي: أن محسنا فسد من زخم قنفذ العدوي، و زينب، و أم كلثوم.

المناقب ج3ص356  فصل في حليتها و تواريخها .بحار الأنوار ج43ص16ب2ح15 .

 

 

 

النور الثاني
نسب فاطمة الزهراء عليها السلام

يا طيب : نسب فاطمة النور الأزهر ، وحقيقتها الكوثر ، وأصلها الطهارة ، وثمرتها الرحمة ، و حبها الحسنة المضاعفة ، ونتيجتها شكر الله لمن ودها وغفرانه لمن تولاها و تمسك بهداها ، وهي المخلوقة المصطفاة ، والمطهرة المجتباة ، والحوراء الأنسية ولها أحسن الأسماء والصفات ، فهي مهجة سيد المرسلين ، وبضعة خاتم النبين ، حليلة أمير المؤمنين ، وأم الحسن والحسين ، وحجة رب العالمين ، و بيان نسبها بيان لأصل الهدى والدين ، والقرب من عبودية رب العالمين ، والتحقق بالهدى وصراطه المستقيم عند أصحاب النعيم ، وشأنها الخلق العظيم ، ولمن عرفها بحقها له الشفاعة في يوم الدين ، قبل أن نذكر تولدها في الملكوت والأرض نذكر نسبها وبعض أو صافها :

 

الإشراق الأول : اسم أبيها ونسبه :

فاطمة بنت محمد : نبينا الأكرم وهو سيد البشر والأنبياء والمرسلين وخاتمهم ، ونور الله في ملكوته وأرضه واسمه وسم آبائه الكرام هو :

 محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن مرة بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة مدرك بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان  .

 وهم سادت العرب وقريش ، وجدهم الكبير هو أبو الأنبياء إبراهيم خليل الرحمان من ابنه نبي الله إسماعيل المفدى من الذبح ، كما أن بني إسرائيل من ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم أخو إسماعيل الأصغر ، وسيأتي في الباب الآتي نسبها الملكوتي ، وإن أحببت بعض كرامة أبيه وأجدادها فأنظر صحيفة النبوة من موسوعة صحف الطيبين تجد ما يسرك إن شاء الله .

 

 الإشراق الثاني : اسم أمها ونسبها وإخوتها وأخواتها

فاطمة بنت خديجة : بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهي تلتقي بالنسب مع النبي ، وكلهم من قريش ويرجعون للنبي إبراهيم عليهم السلام كما عرفت .

وخديجة : هي أم المؤمنين وسيدة نساء الجنة والعالمين بعد بنته فاطمة ، وهي سمية مريم ، وسارة وآسية ، وكان نبينا الأكرم يكن لها الاحترام والتقدير والحب في الدنيا والآخرة ، فكان يذكرها بالخير والتعظيم بل يكرم صديقاتها وكان يبعث لهن بالهدايا ويقول صديقات خديجة ، وبحق أقول : قام الإسلام بدعوة محمد ومال خديجة وسيف علي ورعاية فاطمة وكلهم بعين الله وحفظة ، وهم هي وأبو فاطمة وأمها وزوجها والله من ورائهم محيط ومؤيد .

وفي أعلام الورى إن خديجة عليها السلام  :

أول امرأة تزوجها : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي .

تزوجها صلى الله عليه وآله وسلم : و هو ابن خمس و عشرين سنة ، و كانت قبله عند عتيق بن عائذ المخزومي ، فولدت له جارية ، ثم تزوجها أبو هالة الأسدي ، فولدت له هند بن أبي هالة .

ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : و ربى ابنها هندا ، و لما استوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و بلغ أشده و ليس له مال كثير استأجرته خديجة إلى سوق خباشة ، فلما رجع تزوج خديجة ، زوجها إياه أبوها خويلد بن أسد ، و قيل زوجها عمها عمرو بن أسد ، و خطب أبو طالب عليه السلام  في نكاحها و من شاهد من قريش حضور ، فقال :

الحمد لله : الذي جعلنا من زرع إبراهيم و ذرية إسماعيل ، و جعل لنا بيتا محجوجا ، و أنزلنا حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء ، و جعلنا الحكام على الناس ، و بارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه ، ثم إن ابن أخي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، لا يوزن برجل من قريش إلا رجح به ، و لا يقاس بأحد منهم إلا عظم عنه ، و لا عدل له في الخلق و إن كان ماله قليلا ، فإن المال رزق حائل و ظل زائل ، و له في خديجة رغبة و لها فيه رغبة ، و الصداق ما سألتم عاجله و آجله من مالي .

و كان أبو طالب : له خطر عظيم ، و شأن رفيع ، و لسان شافع جسيم ، فزوجه و دخل بها من الغد ، و لم يتزوج عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى ماتت .

 و أقامت معه : أربعا و عشرين سنة و شهرا ، و مهرها اثنتا عشرة أوقية و نش ، و كذلك مهر سائر نسائه ، فأول ما حملت :

ولدت : عبد الله بن محمد ، و هو الطيب الطاهر .

و ولدت له : القاسم ، و قيل إن القاسم أكبر ، و هو بكره ، و به كان يكنى .  و الناس يغلطون فيقولون : ولد له منها أربع بنين : القاسم ، و عبد الله ، و الطيب ، و الطاهر ، و إنما ولد له منها ابنان .

 و أربع بنات : زينب ، و رقية ، و أم كلثوم ، و فاطمة .

فأما زينب بنت رسول : الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فتزوجها أبو العاص بن ربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف في الجاهلية ، فولدت لأبي العاص جارية اسمها أمامة ، تزوجها علي بن أبي طالب عليه السلام بعد وفاة فاطمة عليه السلام ، و قتل علي و عنده أمامة ، فخلف عليها بعده المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، و توفيت عنده ، و أم أبي العاص هالة بنت خويلد ، فخديجة خالته ، و ماتت زينب : بالمدينة لسبع سنين من الهجرة .

و أما رقية بنت : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فتزوجها عتبة بن أبي لهب فطلقها قبل أن يدخل بها ، و لحقها منه أذى ، فقال النبي : صلى الله عليه وآله وسلم ، اللهم سلط على عتبة كلبا من كلابك فتناوله الأسد من بين أصحابه ، و تزوجها بعده بالمدينة عثمان بن عفان فولدت له عبد الله ، و مات صغيرا نقره ديك على عينيه فمرض و ماتت بالمدينة زمن بدر ، و تخلف عثمان على دفنها ، و منعه ذلك أن يشهد بدرا ، و قد كان عثمان هاجر إلى الحبشة و معه رقية .

 و أما أم كلثوم فتزوجها أيضا عثمان بعد أختها رقية ، توفيت عنده .

و أما فاطمة : عليها السلام فنفرد لها بابا إن شاء الله .

 و لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولد من غير خديجة .

إلا إبراهيم : بن رسول الله من مارية القبطية ، ولد بالمدينة سنة ثمان من الهجرة ، و مات بها و له سنة و ستة أشهر و بعض أيام ، و قبره بالبقيع [4].

وبعد معرفة هذا المختصر : عن نسبها وأسماء أخوة فاطمة وكرامة أمها خديجة عليهم السلام نذكر مختصر لحياة الصديقة الزهراء يعرفنا بعض أدوار حياتها الكريم ، وبه نعرف بعض ما سنبحثه من أدوار تأريخها الكريم ، وسيأتي في الباب الآتي بيان وفاة أمها وهجرتها ثم أحولها في المدينة وزواجها حتى وفاتها ، وهو بيان لأدور من تأريخها في الأرض ، كما نبين في كل باب ما يناسبه من نورها في الملكوت إن شاء الله .

ويا طيب : هناك بحوث وتحقيق ، يبين أن أخوات فاطمة ربائب للرسول من زوجته ، وليس بناته ، أو أنهن بنات أخت خديجة في بيتها ، وأن هالة ابن اخت خديجة وليس أبنها ، وإن جاء في الروايات يسمى خال الحسن والحسين عليهما السلام ، وذكرنا هذا المختصر المشهور ، ومن يحب البحث وتفصيله عليه بما ذكره السيد جعفر مرتضى العاملي حفظه الله ورعاه في كتابه الموسعة عن فاطمة وخواتها .

 

 

الإشراق الثالث

مختصر في أدوار العمر المبارك لفاطمة الزهراء عليها السلام

يا طيب : هذه رواية كريمة عن الإمام الصادق عليه السلام تعرفنا مختصر من عمر فاطمة الزهراء عليها السلام وحياتها في الأرض حتى نتهيأ لمعرفة نورها في الملكوت في الباب الآتي ومولدها وهجرتها وغير ذلك ، نذكرها ونعلق عليها بين قوسين وشارحتين ، فماكن بين ـ (  ) ـ فهو مضاف للرواية قد بينا به بعض الأقوال وما لم يذكر من زواجها عليها السلام فتدبر .

عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهم السلام قال :

ولدت فاطمة عليها السلام : في جمادى الآخرة في العشرين منه سنة خمس و أربعين من مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

ـ ( أي بعد البعثة بخمس سنبين وهو الأشهر ، وقيل ولدت سنة اثنان من الهجرة وقيل غير ذلك ) ـ .

وأقامت بمكة : ثمان سنين

ـ ( ثم هاجرة للمدينة وسيأتي بيان هجرتها ) ـ.

و بالمدينة عشر سنين .

ـ ( وتزوجت في السنة الثانية للهجرة وولدت الحسن عليه السلام في الخامس عشر من شهر رمضان سنة ثلاثة وعمرها كان أحد عشر سنة على القول المشهور ، وبعد شهر وأيام علقت بالحسين وولدته بعد ستة أشهر وهكذا باقي بناتها والمحسن و سيأتي البيان ) ـ

و ( بقيت ) بعد وفاة أبيها خمسة و سبعين يوما ، و قبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه سنة إحدى عشرة من الهجرة .

ـ ( وهو الأشهر ، وقيل أربعون يوما بعد وفاة أبيها ، وقيل ثلاثة اشهر ، وقيل بعده بستة أشهر ، فكان مدة عمرها الشريف ثمانية عشر سنة وشهرا وعشرة أيام أو أكثر بأيام وأشهر حسب الأقوال ) ـ .

و كان سبب وفاتها : أن قنفذا مولى الرجل لكزها بنعل السيف بأمره فأسقطت محسنا ، و مرضت من ذلك مرضا شديدا و لم تدع أحدا ممن آذاها يدخل عليها ، و كان رجلان من أصحاب النبي سألا أمير المؤمنين أن يشفع لهما ، فسألها فأجابت .

 و لما دخلا عليها قالا لها : كيف أنت يا بنت رسول الله ؟

فقالت : بخير بحمد الله ، ثم قالت لهما : أ ما سمعتما من النبي يقول : فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني ، و من آذاني فقد آذى الله ؟

 قالا : بلى.

قالت : و الله لقد آذيتماني فخرجا من عندها و هي ساخطة عليهما [5] .

فسلام الله عليها يوم ولدت ويوم ماتت ويوم تبعث حية ، وجعلنا الله معها ومع آلها الكرام في الدنيا والآخرة ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين.

 

يا طيب وهذا مختصرا أخر في نسبها وعمرها الشريف :

الاسم : فاطمة عليها السلام .

لقبها : سيدة نساء العالمين .

كنيتها : أُم أبيها .

والدها : محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم سيد المرسلين .

وأُمها : خديجة بنت خويلد رحمها الله ، أم المؤمنين ، وثاني سيدة في نساء أهل الجنة والعالمين أجمعين من الأولين والآخرين .

زوجها : علي بن أبي طالب عليه السلام سيد الأوصياء .

أبنيها : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وعقيلة بني هاشم زينب الكبرى .

ولدت : في مكة المكرمة ، يوم ٢٠ جمادى الثاني سنة 5 بعد البعثة .

أقامت في مكة المكرمة : 8 سنوات مع أبيها ، ومع أمها إلا عدة أشهر .

وهاجرت من مكة إلى المدينة : بعد 3 ثلاثة أيام من هجرت أبيها ، هي والفواطم مع علي وأمه فاطمة وفاطمة بنت حمزة سيد الشهداء .

وخطبها أمير المؤمنين عليه السلام : سنة 2 للهجرة في 6 شوال بعد معركة بدر .

وزوجت من كفئها أمير المؤمنين عليه السلام : 6 ذي الحجة سنة 2 اثنين من للهجرة ، وقيل في أوله .

ولدت الإمام الحسن عليه السلام : يوم 15 شهر رمضان سنة 3 ثلاثة للهجرة .

ولدت الإمام الحسين عليه السلام : يوم 3 شعبان سنة 4 أربعة للهجرة .

ولدت زينب عليها السلام : يوم 5 شهر 5 جمادى الأولى سنة 5 خمسة للهجرة .

أسقطت المحسن : أثر ضربت العدوي وقنفذ يوم 3 ربيع الأول سنة 11 من الهجرة .

وكانت مدة أقامتها في المدينة المنورة : حدود 10 عشر سنوات .

وعمرها الشريف : ١٨ عاماً .

استشهدت : في ١٣ جمادي الأولى سنة ١١ ه على القول المشهور ، بعد 75 خمسة وسبعين يوما من شهادة أبيها سيد المرسلين ، وقيل بعد 40 أربعين يوما في 8 ربيع الثاني ، وقيل في يوم : 3 جمادى الآخر بعد 95 يوما من شهادة والدها سيد المرسلين ، وهناك 15 خمسة عشر قول آخر وفي كلها روايات ، أقصاها بعد 210 يوما من شهادة والدها ، ولكن المتعارف بيننا الثلاثة الأولى وتسمى أيام الفاطمية بين 40 – 95 لمدة 55 يوما، وبالخصوص يشتد العزاء وإقامة المآتم بين روايتي 75 إلى 95 يوما لمدة 20 يوما .

مرقدها الشريف : المدينة المنورة ، والأشهر : في بيتها في مسجد النبي الأكرم الآن ، و مرقدها شمال مرقد النبي المقدس صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى بعد حدود 7 أمتار .

فسلام الله عليها : يوم ولدت ، ويوم ماتت ، ويوم تبعث حية .

 

 

النور الثالث

مولد سيدة النساء فاطمة الزهراء في الملكوت وطينتها

الإشراق الأول : كلام في معنى النور وحقيقته :

الله عز وجل : نور ، وهو نور السماوات والأرض وما بينهن ، وبظهور نور أسماءه الحسنى ظهر نور كل نور لكل شيء في الوجود ، وحصل على مدده وهداه ومكانته ومرتبة في التكوين وبما يستحقه بحسب منزلته وشأنه في الوجود .

 ومعنى النور : في معارف الدين الإسلامي هو مساوي لكلمة الوجود في الفلسفة وعند الحكماء ، وفي الإسلام معنى النور معنى راقي وله معرفة كريمة قد لا تجدها في معارف العرفاء فضلا عن الحكماء والفلاسفة ، لأنه كما يُعرف معنى الوجود والعلية والمعلولية وخلقها وتكوينها وأصلاها النوراني بالنور الأول وعلة العلل سبحانه وتعالى ، فإنه يعرف معنى روحاني فيه معنوية يتوق للتحقق بها وتحصيل مددها كل مؤمن طيب قد تنور قلبه بمعارف آداب الدين وهداه القويم .

ويا طيب : قد كتبنا بحثا مفصلا في عدة أجزاء من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام من موسوعة صحف الطيبين في معنى النور ومعارفه ، فإن أحببت المزيد فراجعه ، وتجد ملخص معنى معارف النور في الباب الثالث من الجزء الأول ، وتفصيله في الباب الرابع وما بعده لأخر الأجزاء الثلاثة الأولى لصحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، وقد وضعنا الجزء الأول منه في موقع موسوعة صحف الطيبين على الانترنيت وسنضع الأجزاء الباقية في المستقبل إن شاء الله وهو ولي التوفيق .

وأما هنا : في هذا النور نذكر معرفة مبسطة ومختصرة تعرفنا شأن فاطمة الزهراء عليها السلام ، ونورها في الملكوت وطينتها التي خلقت منها وبعض المعارف المختصة بيوم مولدها ، كما سنبحث مولدها في الأرض وشأنها الكريم في يوم تولدها وقبله ، ويأتي بحثا آخرا في النور في باب مرتبة زواجها في الملكوت وكزواجها في الأرض ، ويأتي بحث في باب آخر يعرفنا نورها في ملكوت الجنة وشيء كريم من نورها ومقامها الرفيع فيها بل ومقام محبيها فيها .

 فتابع يا طيب : البحث تعرف شمة كريمة طيبة من معنى النور الذي هو حقيقة وجود كل شيء، وهو حقيقة تكوين وجود كل شيء، مع العلم إن النور في كل الكائنات وهداها كان أصله الله وتجليه في خلقه الأشرف وما بعده ، والأكمل فلأدنى ، وهو العلة الأولى ومنه وجود كل نور ومدده لكل كائن علة أو معلول في أي مرتبة وشأن عالي أو داني وإلى يوم القيامة وملكوتها وبعده ، ولا بقاء لشيء وكماله وفعاله إلا بمدده تعالى .

فإنه يا طيب : لا نور وحقيقة ووجودية لشيء دون مدد الله سبحانه له ، وكل شيء له نصيبه من مدده النوراني وحسب شأنه ، ولتعرف مدد النور لكل شيء من تجلي أسماء الله الحسنى وحقيقتها في الوجود راجع شرح الأسماء الحسنى من موسوعة صحف الطيبين ، لتعرف كيف يحصل كل شيء على حقه من النور حسب شأنه وتوجهه لاستقبال نور الله والظهور به بحسب الجهة للاسم الحسن الإلهي وتعرف كيف تقتبس نوره من مصدره التكويني لأفضل متحقق به .

كما يا أخي : إنه لا يمكن لإنكار الحقيقة النورانية للوجود مع وجود أكثر من أربعين آية في كتاب الله المجيد تبين نور الله ونور خلقه في الوجود ، سواء تكوين النور وخلقه ووجوده ، أو هدايته ومدده ومحله وكيف يُقتبس ، وهذه أحاديث شريفة تعرفنا بعض الشأن الكريم لشرح تنزل النور ومراتبه وخلقه وتحققه ومدده بالنسبة للصديقة فاطمة الزهراء وآلها الكرام، ونسأل الله أن يمنحنا الإيمان بها حتى نؤمن بما أنزل الله ، فنتحقق به فنكون مع أهل النور وأن لا يحرمنا نوره بسبب إنكار بعض من تعاليمه في كتابه المجيد وفي سنة نبيه وفي التكوين، إنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

الإشراق الثاني

نور فاطمة الزهراء في الجبروت والملكوت :

يا طيب : النور له مراتب كثيرة ، فأولها نور الله تعالى وهو محيط وكل شيء متعلق به ، ولا نور إلا بمدده وفضله وتنزل رحمته ، وتجليه في حقائق الكائنات وتكونها وما يمدها لكمالها وصفاتها وفعالها ، وهذه مرتبة خالصة ليس لأحد فيها له تعالى شريك ، ولا ينازعه أحد في شأن ولا يدانيه أحد في تجلي ، ولكن بتجلي وظهور نوره تعالى ، تظهر الكائنات في مراتب عالية أولا مثل العرش وما يعلاه وما فيه في مرتبة الجبروت ، ثم في مرتبة الكرسي وهو الملكوت وما فيه من السماوات والأرضين وما بينهما ، وإن الله تعالى أبى أن يجري الأشياء إلا بأسبابها وعللها ، وكلا له مقام معلوم لا يتجاوزه ، وشأن يحتويه لا يتعداه ، وكله بأمر الله وقضاءه وقدره ومدده وما حد له يكون ، وبما شاء يخلق .

ويا طيب : جاءت أحاديث كثيرة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله:

أول ما خلق الله نوري ، ثم قال : أنا وعلي نورا واحد ، كما جاء أول ما خلق الله العقل ، فهو العقل الأول والنور الأول ، ومنه خلق الله الأنوار الباقية ، وتجلى بظهور الأنوار الأولى في ما يليها من مراتب النور وعالم الأمر ثم في عالم الخلق ، وهذه أحاديث تعرف هذا المعنى في تجلي نور الله في أول الخلق في عالم العلوي لقاب قوسين أو أدنى ، ثم يتنزل في جبروت العرش وما يحتويه من الملائكة الكروبيين وغيرهم في المراتب العالية ثم يتنزل في خلق كائنات العرش والكرسي والسماوات والأرض وما بينهما فتدبر بها .

وتنزل الأنوار : تحكيه الأحاديث الآتية ، ويتداخل معاني تنزل الأنوار كما سترى في مراتب متعددة ، سنذكرها حسب رتبة ما يبينه كل حديث فنقدم الأول ونأخر غيره إن أشار لمرتبة دانية وإن أشار لمرتبة عالية أولا ، لأنه في تعريف مرتبة نازلة لتجلي النور ، وقد ذكرنا العالية بحديث مفرد قبله، ولمعرفة هذا المعنى تدبر الحديث الأول ، وما يأتي بعده .

 

 

الحديث الأول : الأنوار الأول ونور فاطمة :

يا طيب : نتدبر أحاديث تجلي وظهور نور سيدة النساء فاطمة الزهراء وآلها الكرام نبي الرحمة وبعليها وبنيها صلى الله عليهم وسلم ، وعرفت أن التفصيل في موسوعة الإمام الحسين عليه السلام من موسوعة صحف الطيبين ، وهو شبيه ما تحكيه آية النور .

 عن مرازم عن الإمام أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصادق عليه السلام قَالَ :

 قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى :

يَا مُحَمَّدُ : إِنِّي خَلَقْتُكَ وَ عَلِيّاً نُوراً .

يَعْنِي : رُوحاً بِلَا بَدَنٍ ، قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَ سَمَاوَاتِي وَ أَرْضِي وَ عَرْشِي وَ بَحْرِي ، فَلَمْ تَزَلْ تُهَلِّلُنِي وَ تُمَجِّدُنِي .

 ثُمَّ جَمَعْتُ رُوحَيْكُمَا : فَجَعَلْتُهُمَا وَاحِدَةً فَكَانَتْ تُمَجِّدُنِي وَ تُقَدِّسُنِي وَ تُهَلِّلُنِي .

 ثُمَّ قَسَمْتُهَا ثِنْتَيْنِ : وَ قَسَمْتُ الثِّنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ ، فَصَارَتْ أَرْبَعَةً :

 مُحَمَّدٌ وَاحِدٌ ، وَ عَلِيٌّ وَاحِدٌ ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ثِنْتَانِ .

 ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ فَاطِمَةَ : مِنْ نُورٍ ابْتَدَأَهَا رُوحاً بِلَا بَدَنٍ .

 ثُمَّ مَسَحَنَا : بِيَمِينِهِ فَأَفْضَى نُورَهُ فِينَا[6] .

يا طيب : عرفت أن أول مراتب النور للنبي ، ثم هو والإمام علي ، ثم نور الحسن والحسين ، ونور فاطمة يتجلى مبتدأ ، ويشير الحديث في أخره فأفضى نوره فينا وهم في أعلى مرتبة لخلق النور الأول الذي بدأ بالظهور والتجلي بما وهبهم بمسحهم بمدده وبركاته للظهور في المراتب الآتية فتابعها ، كما أنه في هذا الحديث يعرفنا بداية الخلق لنور واحد مجموع ، ثم تقسم أنوارا ، ويلحق به روح فيجعله فعالا متجليا ، فيكون المعنى واحد بتعبيرين ، وكما سترى كيف يخلق الأنوار والأرواح منها في الأحاديث الآتية ، فتدبرها .

 الحديث الثاني : الأنوار الأولى تعلم التسبيح لما بعدها من الخلق :

وعن بن عمير عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال :

سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

 إن الله خلقني ، و خلق عليا ، و فاطمة ، و الحسن و الحسين و الأئمة من نور ، فعصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا .

 فسبحنا فسبحوا ، و قدسنا فقدسوا ، و هللنا فهللوا ، و مجدنا فمجدوا ، و وحدنا فوحدوا .

ثم خلق الله : السماوات و الأرضين ، و خلق الملائكة فمكثت الملائكة مائة عام لا تعرف تسبيحا و لا تقديسا و لا تمجيدا ، فسبحنا فسبحت شيعتنا فسبحت الملائكة لتسبيحنا ، و قدسنا فقدست شيعتنا فقدست الملائكة لتقديسنا ، و مجدنا و مجدت شيعتنا فمجدت الملائكة لتمجيدنا ، و وحدنا فوحدت شيعتنا فوحدت الملائكة لتوحيدنا ، و كانت الملائكة لا تعرف تسبيحا و لا تقديسا من قبل تسبيحنا و تسبيح شيعتنا .

 فنحن الموحدون : حين لا موحد غيرنا ، و حقيق على الله تعالى كما اختصنا و اختص شيعتنا ، أن ينزلنا في أعلى عليين ، إن الله سبحانه و تعالى اصطفانا و اصطفى شيعتنا من قبل أن تكون أجساما ، فدعانا و أجبنا فغفر لنا و لشيعتنا من قبل أن نسبق أن نستغفر الله [7].

فيا طيب : هذا الحديث يحكي عن خلق لأنوار أرواح المؤمنين والملائكة قبل تواجدها في الأرض ، وأنه كان لهم تسبيح وذكر لله تعالى ووجود نوري فعال بالتعليم ، ثم يبين أنه خلق أنوار الخمسة ومعها أنوار الأئمة عليهم السلام ، ثم أنوار الشيعة والملائكة ، ثم ظهرت لكل منهم فعالية الذكر والتسبيح والحمد والتوحيد لله .

كما أن العصر : تعبير آخر عن الظهور والتجلي لله تعالى بمدده للأنوار الأولى ، وظهور حقائق من التكوين وخلقه في المراتب العالية ، والأحاديث الآتية تفصل بعض مراتب الخلق ، كما وتوجد روايات بل آيات أن الله أخذ من أدم ذريته وأشهدهم على أنفسهم في عالم الذر وله تفصيل بحث في كيفية شهادتهم وبماذا شهدوا ، وإن كان هذا في مرتبة أدنى ، والأحاديث الآتي تشرح ما مر .

 

الحديث الثالث : عظمة نور شيعة الخلق الأول وكيف هم :

وعن الإمام أبا عبد الله عليه السلام قال :

 إن الكروبيين : قوم من شيعتنا من الخلق الأول ، جعلهم الله خلف العرش ، لو قسم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم .

 ثم قال : إن موسى لما سأل ربه ما سأل أمر واحدا من الكروبيين ، فتجلى للجبل فجعله دكا [8].

الأحاديث أعلاه : تعرفنا مراتب الجبروت وأن الكروبيين هم لهم أعلى مراتب الخلق بعد الأنوار الأولى للنبي وآله وشيعتهم ، وهم أفضل الملائكة وهم مع النبي وآله حملة العرش ، وهذا بيان لمرتبة في العرش وتنزل النور فيه وفي خلقه، وبه بيان قدرتهم وقوة نورهم ويعرف بعض شأنهم وشأن من ظهروا بنوره بمدد من الله تعالى لهم ، و الأحاديث الشريفة أعلاه تبين شأن النبي وآله وشيعتهم من خلقه الله في عالم التكوين الأول ، وتعرفنا غرض خلقهم من التسبيح والتقديس لله سبحانه وتعالى بإظهار كماله والخضوع له ، وإنهم هنا أيضا بنفس هذا المقام هم الموحدون لله وحده لا شريك له ، وإن من خالفهم خالف عبودية الله وضل عن معرفته و معرفة المكرمين عنده وأولياؤه الصادقين المصدقين .

ويا طيب : هذه أحاديث أخرى تبين تفصيل آخر في تنزل النور في مراتب الوجود ، ونظرها لبيان تنزل مراتب الوجود في الملكوت فضلا عن بيان مقام الأنوار الأولى.

 

الحديث الرابع : تفصيل فتق نور الكائنات من الخلق الأول :

ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتابه مصباح الأنوار قال : في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمه العباس بمشهد من القرابة و الصحابة ، روى أنس بن مالك قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض الأيام صلاة الفجر ، ثم أقبل علينا بوجهه الكريم ، فقلت له :

يا رسول الله : إن رأيت أن تفسر لنا قوله تعالى : { فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً } .

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : أما النبيون فأنا ، و أما الصديقون فأخي علي ، و أما الشهداء فعمي حمزة .

و أما الصالحون : فابنتي فاطمة و أولادها الحسن و الحسين .

قال : و كان العباس حاضرا ، فوثب و جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و قال : أ لسنا أنا و أنت و علي و فاطمة و الحسن و الحسين من نبعة واحدة . قال : و ما ذاك يا عم ؟

قال : لأنك تعرف بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين دوننا .

قال : فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و قال : أما قولك يا عم أ لسنا من نبعة واحدة ، فصدقت .

 و لكن يا عم :

إن الله خلقني : و خلق عليا و فاطمة و الحسن و الحسين قبل أن يخلق الله آدم ، حين لا سماء مبنية و لا أرض مدحية ، و لا ظلمة و لا نور ، و لا شمس و لا قمر ، و لا جنة و لا نار .

فقال العباس : فكيف كان بدأ خلقكم يا رسول الله ؟

فقال يا عم : لما أراد الله أن يخلقنا تكلم كلمة خلق منها نورا .

ثم تكلم كلمة أخرى فخلق منها روحا .

ثم مزج النور بالروح فخلقني و خلق عليا و فاطمة و الحسن و الحسين . فكنا نسبحه حين لا تسبيح ، و نقدسه حين لا تقديس .

 فلما أراد الله تعالى : أن ينشئ الصنعة :

 فتق نوري : فخلق منه العرش  ، فالعرش من نوري و نوري من نور الله ، و نوري أفضل من العرش .

 ثم فتق نور أخي علي : فخلق منه الملائكة ، فالملائكة من نور علي و نور علي من نور الله و علي أفضل من الملائكة .

ثم فتق نور ابنتي فاطمة : فخلق منه السماوات و الأرض ، فالسماوات و الأرض من نور ابنتي فاطمة ، و نور ابنتي فاطمة من نور الله و ابنتي فاطمة أفضل من السماوات و الأرض .

 ثم فتق نور ولدي الحسن : و خلق منه الشمس و القمر ، فالشمس و القمر من نور ولدي الحسن ، و نور الحسن من نور الله ، و الحسن أفضل من الشمس و القمر . ثم فتق نور ولدي الحسين : فخلق منه الجنة و الحور العين ، فالجنة و الحور العين من نور ولدي الحسين ، و نور ولدي الحسين من نور الله ، و ولدي الحسين أفضل من الجنة و الحور العين .

ثم أمر الله الظلمات : أن تمر على سحائب القطر ، فأظلمت السماوات على الملائكة ، فضجت الملائكة بالتسبيح و التقديس و قالت : إلهنا و سيدنا منذ خلقتنا و عرفتنا هذه الأشباح لم نر بؤسا ، فبحق هذه الأشباح إلا ما كشفت عنا هذه الظلمة .

 فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة : قناديل فعلقها في بطنان العرش ، فأزهرت السماوات والأرض ، ثم أشرقت بنورها، فلأجل ذلك سميت الزهراء.

 فقالت الملائكة : إلهنا و سيدنا لمن هذا النور الزاهر الذي قد أشرقت به السماوات و الأرض ، فأوحى الله إليها هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة ابنة حبيبي ، و زوجة وليي و أخي نبيي ، و أبي حججي على عبادي .

 أشهدكم ملائكتي : أني قد جعلت ثواب تسبيحكم و تقديسكم لهذه المرأة و شيعتها و محبيها إلى يوم القيامة .

قال : فلما سمع العباس من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك وثب قائما و قبل بين عيني علي عليه السلام ،  و قال :

و الله يا علي : أنت الحجة البالغة لمن آمن بالله و اليوم الآخر [9].

 

تدبر يا طيب : في الحديث ترى فيه معارف واسعة في معنى النور في العالم العلوي وكيف تنزل نور رحمة الله في الخلق وعظمة النور وشأنه الكريم في المراتب العالية ، وكيف تأثيره حسب العلية والمعلولية ، والأسباب والمسببات وتنزل النور في المراتب الكونية وتكوينها وهداه ومددها حتى يوم القيامة لكل قابل للنور ولم يتعصى عليه ، وتدبر عدة أسماء لفاطمة الزهراء عليها السلام في هذه الأحاديث الشريف والآتية كلها وعظمة نورها الزاهر في الكائنات .

ويا طيب : الحديث يشرح جميع مراتب النور ، وأنه نور واحد أولي خلق ومده بالروح لتظهر فعاليته وتجليه ، فكان أولا نور لنبينا الأكرم لمراتب الجبروت والعرش ، ومن النور المتجلي به لأمير المؤمنين خلق سكان الجبروت وعالم العرش من الملائكة .

ثم من نورهم المتجلي بفاطمة الزهراء عليها السلام : خلق عالم الملكوت والكرسي وما حواه من السماوات والأرض والكواكب والنجوم مجتمعة .

ثم تجلى النور بمرتبة الخلق : فظهر من نور الإمام الحسن تفاصيل عالم الكرسي من الكواكب والنجوم والأرض مفصلة وما فيها من الخلق وسكانها .

كما أن تفاصيل : نور الجنة وسكانها من تجلي نور الإمام الحسين عليه السلام ، ليشر لمن يركب سفينة الإمام الحسين يرجع مكتملا نوره لعالم الجنة ونعيمها ، لأنه عليه السلام هو النور الظاهر بالهدى الأوسع ، وماحق لكل شبه وظلام وضلال لأئمة الكفر وأتباعهم ، بما ضحى وظهر بنور الفداء للدين وتعاليمه وإصلاح ما فسد منه .

فنور النبي والوصي : لخلق نور الجبروت وتفاصيل خلقه ، ونور فاطمة والحسن والحسين لخلق عالم الملكوت وما فيه ، وكلهم بمدد نور الله وما ظهر من نوره الأول .

ويا طيب : توجد خاصية كريمة لبيان ظهور وتجلي نور فاطمة الزهراء عليها السلام في الحديث أعلاه ، لمعرفة الملائكة في المراتب العالية بما يخلق في المراتب الدنيا ، ولما كانت في مرتبة ترى من حولها دون العمق المخلوق الأسفل فظهر لها أشبه بالظلام حتى تجلى لها بقدرة الله من أنوار فاطمة الزهراء فعرفت ما خلق الله من الكائنات في عالم الملكوت وما فيه ، كما أنه تعريف وإشارة لبدء ظهور المراتب النازل من عالم التكوين المادي للكواكب والنجوم والشمس والقمر والأرض وما بينهما من عجائب الخلق ، فعرف كل منهم ما يخصه وما يجب عليه من رعايته وحفظه وتولي كتابة أعماله مثلا أو تصعيد تسبيحه وعبوديته ، أو منعه وحجبه عن كرامة الله إن تعصى على أوامر الحقة .

ثم يا طيب : بعد أن عرفنا أنوار العوالم الأولى ، للجبروت والملكوت وما فيه وكيف ظهوره بتجلي الأنوار ، نذكر مرتبة ظهور الأنوار في عالم الخلق الأدنى المادي للأهل الأرض كأبينا آدم عليه سلام ، وللملائكة الروحانيين أيضا ، وهو شرح لما طلبت من المعرفة فمدها بقناديل تجلي نور فاطمة الزهراء لترى مراتب التكوين المخلوق الأدنى .

فالأحاديث أعلاه : بينت بكل تفصيل خلق عالم الأمر من الجبروت والملكوت ، وبينت كيف ظهور عالم الخلق للسماوات والأرضين ، وكيف ظهرة وتجلت قدرة الله في الأنوار المظهر لها ، والآن نبدأ بتفاصيل ظهور خلق أبينا آدم ومعرفة بالأنوار وشأنها فتدبر معرفة كريمة أخرى عن ظهور وشفاعة وتجلي نور فاطمة وآلها عليهم الصلاة والسلام .

 

الحديث الخامس : معرفة أبينا آدم بعظمة نور الخلق الأول :

وهذا الحديث الآتي : يعرفنا مرتبة أنزل في خلق التكوين وهو حين خلق نبي الله آدم أبو البشر عليه السلام ، ويختصر تفاصيل أنوار الخلق الأول وكيف سبحوا ومراتب العرش ، بل توجه لبيان بعد بيان الأنوار الأولى ، لأنوار معرفة أول مخلوق في الأرض أبينا آدم عليه السلام ، ويعرف كيف عرف هو والملائكة بالنور الأعلى وهو في مرتب الخلق الأدنى في النور ، وسبب سجود الملائكة لآدم لما عنده من المعرفة بأسماء الأنوار العليا وظهورها له وتجليها له ويشير لقوله تعالى : { أستكبرت أم كنت من العالين (75)}ص ، و إن سبب عصيان إبليس وتعصيه وتكبره وطرده من رحمة الله لحسده لما عند آدم من المعرفة والشأن في تعلم أسماء الأنوار العليا ، وكيف فاز من تمسك بنور الله وهداه المشرق من مصدر إشراقه في الخلق الأول ، فتدبر بيان آخر لمعرفة الأنوار الأولى صلى الله عليها وسلم ، وشأن معرفتها والاتصال بها سواء لأبينا آدم أو للملائكة عليهم السلام جميعا  ، وخسران من تكبر وطغى على شأنهم :

 

عن عبد الرحمن بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إن الله تبارك و تعالى : كان و لا شيء .

 فخلق : خمسة من نور جلاله و جعل‏ لكل واحد منهم اسما من أسمائه المنزلة :

فهو الحميد : و سمى النبي‏ محمدا .

و هو الأعلى : و سمى أمير المؤمنين عليا .

و له الأسماء الحسنى  فاشتق منها : حسنا و حسينا .

و هو فاطر : فاشتق لفاطمة من أسمائه اسما .

فلما خلقهم : جعلهم في الميثاق ، فإنهم عن يمين العرش ، و خلق الملائكة من نور ، فلما أن نظروا إليهم عظموا أمرهم و شأنهم ، و لقنوا التسبيح فذلك قوله :

{ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ } .

فلما خلق الله تعالى آدم عليه السلام :

 نظر إليهم عن يمين العرش ، فقال : يا رب من هؤلاء ؟

قال يا آدم : هؤلاء صفوتي و خاصتي خلقتهم من نور جلالي ، و شققت لهم اسما من أسمائي .  قال يا رب : فبحقك عليهم علمني أسماءهم .

قال يا آدم :فهم عندك أمانة سر من سري لا يطلع عليه غيرك إلا بإذني .

قال . نعم يا رب .

قال يا آدم : أعطني على ذلك العهد ، فأخذ عليه العهد ، ثم علمه أسماءهم ثم عرضهم على الملائكة ، و لم يكن علمهم بأسمائهم .

 { فَقالَ : أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (32).

قالُوا : سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ .

قالَ : يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ ..(33) } البقرة .

علمت الملائكة : أنه (آدم) مستودع ، و أنه مفضل بالعلم .

و أمروا بالسجود : إذ كانت سجدتهم لآدم تفضيلا له ، و عبادة لله إذ كان ذلك بحق له ، و أبى إبليس الفاسق عن أمر ربه .

فقال : ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ؟ قال أ: َنَا خَيْرٌ مِنْهُ .

قال : فقد فضلته عليك حيث أمرت‏ بالفضل للخمسة الذين لم أجعل لك عليهم سلطانا ، و لا من شيعتهم .

 فذلك استثناء اللعين { إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ }.

 قال : { إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ } ، و هم الشيعة[10] .

 الحديث أعلاه : كما بين مرتبة قبل الخلق لله وحده لا شريك له ، بين مرتبة الخلق للأنوار الخمسة ومختصرا ذكر النور الأول وظهوره ، وشرح شأن ظهوره تعالى فيهم بظهور أسماءه الحسنى ، فمحمد لحمد الله على كل شيء مخلوق بظهوره ، وهو في علوه لم يخالط خلقه بعلي أمير المؤمنين  ، ففطر الكائنات بنور فاطمة في عالم الكرسي والملكوت والتكوين الأرضي المتكثر في حدوده .

 وأحسن خلقها : في الخلق تفاصيل العالم الأدنى بنور الحسن عليه السلام بتقدير متقن وتفصيل خلق تام كامل للشمس والقمر والأرض والكواكب وما فيها وما بينها .

 وهداها : بظهور نور الإمام الحسين عليه السلام، وباقتباس نوره تتم  فعاليتها الحسنى و يتم كمالها ورجوعها بسفينة النجاة الواسعة لكرامة الله والجنة كما عرفت بأنها خلقة منه وظهرت بدأ تكوينها بأخية ، وأزهرت متنورة مجتمعة بفاطمة الزهراء عليها السلام لما أظهرت من حقائق الحق بكل حياتها الكريمة المختصرة بعد أبيها من الدفاع عن الولاية وبيان حق ولي المؤمنين حتى شهادتها ودفنها وخفاء قبرها.

ثم الحديث : يبين مرتبة لخلق آدم في الأرض وجنته التي تعلوها ، وبمعرفة أدم عليه السلام بالأنوار كان محل تقدير وسجود الملائكة له ، وأبى وتعصى ابليس لما حسده لما عنده من المعرفة بالأنوار العليا ، وهو في الحقيقة يعرفنا مرتبة عظيمة للشيعة الحقيقيين الذين لم يتسلط عليهم الشيطان ، وإلا من تسلط عليه في فترة وأغراه ، فعليه بالتوبة والتوجه بالوسيلة إلى الله ويهتدي بهداهم حتى يخرج من الظلمات إلى النور بفضل نور الله المشرق منهم ، وهذا الحديث كان يتكلم عن مرحلة من تحقق ظهور الأنوار الخمسة بما فيهم فاطمة عليها السلام ، وظهوره في زمن آدم عليه السلام ، وبيان شأنهم وشأن من يتمسك بهم ويعرف علو قدرهم ومقامهم ، وعليه أن لا تجاوزهم أحد فيفقد نور الله المتجلي منهم فيحترق بنار العدم ويكون من نصيب الشيطان ،  وهذا حدث في مرتبة الولاية وعرض الأمانة على الخلق بتفصيل أكثر :

 

الحديث السادس: وجوب التولي للأنوار الأولى بدون طغيان :

في الحديث : أعلاه والحديث الآتي يعرفنا ، مرتبة الطاعة والهداية والولاية بفضل تجلي وظهور الأنوار الأولى وما يجب التمسك بها ، وحرمة الطغيان على الأنوار الأولى وحرمة معاندتها وحسدها سواء في منزلتها في الملكوت أو بما هو جاري شأنها في الأرض وحين نزولها ، وحرمة مخالفته وهجر هداه ، لأنه الإنسان يبتعد عن رحمة نور الله ويمنعه مدده وعنايته ، كما منع ابليس اللعين ، وهو حديث قبل خلق البشر ، ويتكلم في مرتبة خلق آدم عليه السلام .

 وهذا الحديث الآتي : يقرب من سابقة ويبين مراتب أخرى لتنزل النور وظهور شأنه في التكوين ، و فيه معنى كريم واسع يبين آثار الطاعة أو عدم حفظ حرمة عهد الله وميثاقه وأمانته التي عرضها على السماوات والأرض ، ويبين وجوب اقتباس نور الله ونور هداه من المصطفين الأخيار ، فتدبر .

عن المفضل بن عمر قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :

 إن الله تبارك و تعالى : خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ، فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم صلى الله عليهم وسلم ، فعرضها على السماوات والأرض والجبال.

فغشيها نورهم : فقال الله تبارك و تعالى : للسماوات و الأرض و الجبال هؤلاء أحبائي و أوليائي و حججي على خلقي ، و أئمة بريتي ، ما خلقت خلقا هو أحب إلي منهم ، و لمن تولاهم خلقت جنتي ، و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري .

فمن ادعى منزلتهم مني : و محلهم من عظمتي ، عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، و جعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري .

و من أقر بولايتهم : و لم يدع منزلتهم مني و مكانهم من عظمتي ، جعلته معهم في روضات جناتي ، و كان لهم فيها ما يشاءون عندي ، و أبحتهم كرامتي و أحللتهم جواري ، و شفعتهم في المذنبين من عبادي و إمائي .

فولايتهم : أمانة عند خلقي ، فأيكم يحملها بأثقالها ، و يدعيها لنفسه دون خيرتي ، فأبت السماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها ، و أشفقن من ادعاء منزلتها و تمني محلها من عظمة ربها .

فلما أسكن الله عز و جل : آدم و زوجته الجنة .

قال لهما : { كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ ، يعني شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ } ، فنظرا إلى منزلة : محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم ، فوجداها أشرف منازل أهل الجنة .

فقالا : يا ربنا لمن هذه المنزلة ؟  

فقال الله جل جلاله : ارفعا رؤوسكما إلى ساق عرشي ، فرفعا رؤوسهما ، فوجدا اسم محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم صلى الله عليهم وسلم ، مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبار جل جلاله .

فقالا : يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك ؟ و ما أحبهم إليك ؟ و ما أشرفهم لديك ؟

فقال الله جل جلاله : لو لا هم ما خلقتكما ، هؤلاء خزنة علمي ، و أمنائي على سري ، إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد ، و تتمنيا منزلتهم عندي ، و محلهم من كرامتي ، فتدخلا بذلك في نهيي و عصياني ، فتكونا من الظالمين .

قالا ربنا : و من الظالمون ؟  قال : المدعون لمنزلتهم بغير حق ؟

 قالا ربنا : فأرنا منازل ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك ؟

فأمر الله تبارك و تعالى : النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال و العذاب ، و قال عز و جل : مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها ، كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ، و كلما نضجت جلودهم بدلوا سواها ، ليذوقوا العذاب .

يا آدم و يا حواء : لا تنظر إلى أنواري و حججي بعين الحسد ، فأهبطكما عن جواري ، و أحل بكما هواني .

 فوسوس لهما الشيطان : ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما ، و قال : ما نهيكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين ، أو تكونا من الخالدين ، و قاسمهما إني لكما لمن الناصحين ، فدليهما بغرور ، و حملهما على تمني منزلتهم .

 فنظرا إليهم : بعين الحسد، فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة ، فعاد مكان ما أكلا شعيرا ، فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه ، و أصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه . فلما أكلا : من الشجرة طار الحلي و الحلل عن أجسادهما ، و بقيا عريانين ، و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، و ناديهما ربهما أ لم أنهكما عن تلكما الشجرة ، و أقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين ؟

فقالا : ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين.

 قال : اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني ، فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش .

فلما أراد الله عز و جل : أن يتوب عليهما ، جاءهما جبرئيل فقال لهما :

 إنكما : إنما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما ، فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز و جل إلى أرضه ، فسلا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما .

فقالا : اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك : محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة ، إلا تبت علينا و رحمتنا .

فتاب الله عليهما : إنه هو التواب الرحيم ، فلم يزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة ، و يخبرون بها أوصياءهم و المخلصين من أممهم ، فيأبون حملها و يشفقون من ادعائها .

و حملها الإنسان : الذي قد عرف ، فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة .

 و ذلك قول الله عز و جل : { إِنَّا عَرَضْنَا الأمانةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ ، فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها ، وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا}[11] .

ويا طيب : الحديث كما يبين قصة أبينا آدم وإبليس ، يعرفنا حقيقة كريمة عن عظمة الأنوار الأولى صلى الله عليها وسلم وعظمة شأنها ، وإنه بمعرفتها يتم كمال كل شيء مخلوق ومعرفتها معرفة عظمة الله وهداه وما يجب على المخلوق من الظهور به ليتم ويكمل حتى يرجع لمقام عالي ، وبالتعصي عليها ولو بشيء قليل ولو بتمني مرتبتها يدخل في مرتبة الحسد ولو من دون آثار زوالهم عن مقامهم، بل حب الكون مكانهم فبهذا عد أبينا عاصيا وحرم الجنة وأهبط للأرض ولكونه لا تعد معصية كبيرة تاب الله عليه بفضلهم .

 وإبليس اللعين : لمجرد حسد آدم ودخوله في مرتبة أعلى من الحسد عملية ليست فكرية فقط ، وخدع آدم حرم من الملكوت وأحبطت عبادته وصار شر لعين ، يدخل النار هو وكل من تولاه ، فلذا لم يتب ولم ينجيه الله بل طرد ولعن .

ويا طيب : قبل أن ندخل في بيان خصوص نور فاطمة في الأرض ، الحديث الآتي جامع لما ذكرنا من مراتب خلق النور حتى نزول النور المودع في صلب آدم وآباء النبي حتى فاطمة والحسن والحسين ، وهو نور المرتبة الأرضية التي كانت سبب لوجود هدى الله عندهم ، وقد عرفت إن نور الله لم ينقطع عن مخلوق وإن كل شيء يحتاج لمدد نوره في كل لحظة ، ولكن له مرتبة بطون وظهور وشده وضعف ، ويتجلى بالعظمة حسب موقعه وأهميته ، وبهذا يتنقل في الأصلاب لا يعني أنه لا يوجد له أصل في المراتب العالية للوجود ، ولا إنه يعني بقي بنفسه واستغنى عن مدد نور الله ، بل كل شيء قائم بنور الله وهو نور السماوات والأرض وكل شيء قائم بأمره سبحانه وتعالى ويحتاج للمدد منه في كل آن .

ويا طيب : قد عرفت بأن النور كله للخلق الأول وهو الواجب وده واقتباس نور الله منه وهداه وحرمة الطغيان عليه وإن نور فاطمة كان له المجال الواسع وهو ركن في الأنوار الأولى وإلى يوم القيامة ، وفيه بيان لتنزل نور فاطمة ضمن الأنوار في الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهرة ، وتنزل نورها في المراتب الأرضية فتدبر .

 

 الحديث السابع : تنزل أشعة الأنوار الأول ونورفاطمة في الأصلاب :

عن أبان عن سليم عن سلمان‏ قال :

كانت قريش إذا جلست في مجالسها فرأت رجلا من أهل البيت قطعت حديثها ، فبينما هي جالسة إذ قال رجل منهم : ما مثل محمد في أهل بيته إلا كمثل نخلة نبتت في كناسة .

فبلغ ذلك : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  فغضب ثم خرج ، فأتى المنبر فجلس عليه حتى اجتمع الناس ، ثم قام :

فحمد الله و أثنى عليه ثم قال :أيها الناس : من أنا ؟

 قالوا : أنت رسول الله .

قال : أنا رسول الله ، و أنا محمد ، بن عبد الله ، بن عبد المطلب ، بن هاشم ، ثم مضى في نسبه حتى انتهى إلى نزار ، ثم قال :

ألا و إني و أهل بيتي  :

كنا نورا نسعى بين يدي الله قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام .

و كان ذلك النور : إذا سبح سبحت الملائكة لتسبيحه .

فلما خلق آدم : وضع ذلك النور في صلبه ، ثم أهبط إلى الأرض في صلب آدم .

 ثم حمله في السفينة : في صلب نوح ، ثم قذفه في النار في صلب إبراهيم .

ثم لم يزل : ينقلنا في أكارم الأصلاب حتى أخرجنا من أفضل المعادن محتدا ، و أكرم المغارس منبتا ، بين الآباء و الأمهات ، لم يلتق أحد منهم على سفاح قط .

ألا و نحن بنو عبد المطلب : سادة أهل الجنة ، أنا و علي و جعفر و حمزة و الحسن و الحسين و فاطمة و المهدي .

ألا و إن الله : نظر إلى أهل الأرض نظرة ، فاختار منهم رجلين :

 أحدهما : أنا فبعثني رسولا و نبيا ، و الآخر : علي بن أبي طالب .

و أوحى إلي : أن أتخذه أخا و خليلا و وزيرا و وصيا و خليفة ، ألا و إنه ولي كل مؤمن بعدي ، مَن  والاه والاه الله ، و من عاداه عاداه الله ، لا يحبه إلا مؤمن و لا يبغضه إلا كافر .

هو زر الأرض بعدي : و سكنها ، و هو كلمة الله التقوى و عروته الوثقى ، يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ.

ألا و إن الله نظر نظرة ثانية : فاختار بعدنا اثني عشر وصيا و أهل بيتي .

فجعلهم : خيار أمتي واحدا بعد واحد ، مثل النجوم في السماء كلما غاب نجم طلع نجم هم ، أئمة هداة مهتدون ، لا يضرهم كيد من كادهم و لا خذلان من خذلهم.

هم حجج الله : في أرضه و شهداؤه على خلقه ، و خزان علمه ، و تراجمة وحيه ، و معادن حكمته .

من أطاعهم : أطاع الله ، و من عصاهم عصى الله .

هم : مع القرآن .

و القرآن : معهم .

لا يفارقونه : حتى يردوا علي الحوض .

فليبلغ : الشاهد الغائب ، اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات[12] .

والحديث أعلاه : ذكر نزول شيء من شأن نور نبينا الأكرم في صلب الآباء في الأنبياء وذكر طهارته .

 وهذا الحديث الآتي : يفصل نور النبي في آباءه أكثر ، ويعرفنا شيء من نور فاطمة الزهراء عليها السلام في الأرض أكثر :

 

 

الحديث الثامن: يفصل تنزل الأنوار وبالخصوص نور فاطمة:

عن أنس بن مالك عن معاذ بن جبل : أن رسول الله قال :

 إن الله عز و جل : خلقني و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام .

 قلت : فأين كنتم يا رسول الله ؟ قال : قدام العرش نسبح الله تعالى و نحمده و نقدسه و نمجده .قلت : على أي مثال ؟

قال : أشباح نور ، حتى إذا أراد الله عز و جل أن يخلق صورنا صيرنا عمود نور ، ثم قذفنا في صلب آدم ، ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء و أرحام الأمهات ، و لا يصيبنا نجس الشرك و لا سفاح الكفر ، يسعد بنا قوم و يشق بنا آخرون .

 فلما صيرنا إلى صلب عبد المطلب ، أخرج ذلك النور فشقه نصفين ، فجعل نصفه في عبد الله ، و نصفه في أبي طالب ، ثم أخرج النصف الذي لي إلى آمنة ، و النصف إلى فاطمة بنت أسد .

فأخرجتني : آمنة ، و أخرجت فاطمة عليا .

ثم أعاد عز و جل : العمود إلي ، فخرجت مني فاطمة ، ثم أعاد عز و جل العمود إلى علي ، فخرج منه الحسن و الحسين يعني من النصفين جميعا .

 فما كان من نور علي : فصار في ولد الحسن ، و ما كان من نوري صار في ولد الحسين ، فهو ينتقل في الأئمة من ولده إلى يوم القيامة [13] .

وإذا عرفنا مراتب كريم للنور ونزوله وشأنه الكريم في أهم مراتبه حتى وجوده في النبي وفاطمة في الإجمال ، نتعرف على نور فاطمة الزهراء عليها السلام بالخصوص لنتهيأ لمعرفة ظهورها في الأرض :

 

الحديث التاسع : تفصيل نور فاطمة وظهوره وخصائصه :

  قال الصدوق بإسناده عن الإمام الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

خُلق نور فاطمة : قبل أن تخلق الأرض و السماء .

فقال بعض الناس : يا نبي الله فليست هي إنسية ؟

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : فاطمة حوراء إنسية .

قال : يا نبي الله و كيف هي حوراء إنسية ؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم : خلقها الله عز و جل من نوره قبل أن يخلق آدم ، إذ كانت الأرواح فلما خلق الله عز و جل آدم ، عرضت على آدم .

 قيل : يا نبي الله و أين كانت فاطمة ؟

قال : كانت في حقة تحت ساق العرش .

قالوا : يا نبي الله فما كان طعامها ؟

 قال : التسبيح و التهليل و التحميد ، فلما خلق الله عز و جل آدم و أخرجني من صلبه ، أحب الله عز و جل أن يخرجها من صلبي ، جعلها تفاحة في الجنة .

 و أتاني بها جبرائيل عليه السلام فقال لي : السلام عليك و رحمة الله و بركاته يا محمد . قلت : و عليك السلام و رحمة الله حبيبي جبرائيل .

فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام .

قلت : منه السلام و إليه يعود السلام .

قال : يا محمد إن هذه تفاحة أهداها الله عز و جل إليك من الجنة ، فأخذتها و ضممتها إلى صدري .

قال : يا محمد ، يقول الله جل جلاله : كلها .

ففلقتها : فرأيت نورا ساطعا ، ففزعت منه .

فقال : يا محمد ما لك لا تأكل كلها و لا تخف .

فإن ذلك النور : المنصورة في السماء ، و هي في الأرض فاطمة .

قلت : حبيبي جبرائيل ولم سميت في السماء المنصورة ، وفي الأرض فاطمة ؟

قال : سميت في الأرض فاطمة ، لأنها فطمت شيعتها من النار ، و فطم أعداؤها عن حبها ، و هي في السماء المنصورة ، و ذلك قول الله عز و جل : { يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ } ، يعني : نصر فاطمة لمحبيها [14].

يا طيب : إن وجود أنوارهم في كل مرتبة له شأن يختلف عن المرتبة الأخرى ، فهم كل النور في المرتبة الأولى ، ومن تجلي نورهم بفضل الله يظهر نوع من الكائنات كما عرفت ، ويتنزل أيضا نورهم وتحصل مع الأنوار الأخرى شؤون أخرى فيكونون مثلا جنب العرش الأيمن كما مر ، وإن كان خلق العرش وملائكته من نورهم بفضل فتق الله نورهم وفطر الكائنات منهم ، وهكذا يكون نور في شأن آخر ليحصل في الأرض في الأصلاب ، أو تفاحة في الجنة ليتنزل للأرض فهذا شأن آخر لتجلي نورهم وظهور بما يناسب مرتبة الخلقة ، ولا يعني أنهم فقدوا مراتبهم الأولى وهجروا شأنهم الأعلى ، بل في المرتبة النازلة لخصوصية الخلقة وحدودها وتكثرها يكون لهم شأن أقل سعة في هذه المرتبة ، وإن كان مدد الله يظهر في المراتب الدانية بتجلي نورهم في خلقه العليا ، وإذا عرفنا تنزل نور فاطمة حتى النبي ليودعه خديجة أم المؤمنين صلى الله عليهم وسلم ، نتعرف على حديث الطينة والبدن كسابقه ، ونذكر حديث بعده يفصل نور الإيداع في خديجة وبعده نور ظهور فاطمة في الأرض.

وفي هذا الحديث الشريف : كان بالإضافة لتفصيل نور فاطمة الزهراء الحوراء الإنسية المنصور نورها لمن يتولاه ، يعرفنا علل بعض أسماءها ، وهو حديث شريف يعرفنا نور الصديقة وشأنه الكريم في الملكوت والأرض ، بل يعرفنا نور كل أهل البيت عليهم السلام ، بل ونور شيعتهم وفضلهم إن بقوا متمسكين بنورهم وهداهم ، بل من يفقد نوره وهداه ويتعصى يعلم أنه لم يكن من شيعتهم بحق ولا أنه كان مخلوق من طينتهم ، وهذا لا يعني الجبر بل إن مدد نور الله للقابل موجود ، والإنسان ولا شيء من الكائنات يستغني عن نور الله ولم ينقطع نور الله في حال من الأحول عن كائن من الكائنات ، ولكن للمراتب ولكل شيء نوره حسب شأنه وطاعته ، وإلا من يفقد نوره بعصيان يظلّم وجوده ويخفت شأنه بل يحترق بنار العدم وحريق الفقدان لمدد النور وظلمات الحرمان .

 

الحديث العاشر: نور طينة فاطمة وآلها وشيعتها :

بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول لعلي عليه السلام :

أ لا أبشرك يا علي ؟

 قال : بلى بأبي أنت و أمي يا رسول الله .

قال : أنا و أنت و فاطمة و الحسن و الحسين .

 خلقنا : من طينة واحدة .

 و فضلت : منها فضلة ، فجعل منها شيعتنا و محبونا .

فإذا كان : يوم القيامة دعي الناس بأسمائهم و أسماء أمهاتهم ، ما خلا نحن و شيعتنا و محبونا فإنهم يدعون بأسمائهم و أسماء آبائهم[15] .

يا طيب : في الأحاديث السابقة عرفنا تنزل النور في فاطمة الزهراء ، وهذا كان حديث كريم مع اختصاره يعرفنا بالطينة الطيبة لفاطمة وآلها وشيعتها وبعض خصائصه وشأنه ، ولكونه في مرتبة نازلة عرف بالطينة ليشير للمرتبة الجسدية ، لحقيقة النور في بدوه ، ويحين يكمل يصفا ويتم نوره يسمى ، وحان الأن تفصيل نور فاطمة وطينتها وكيف نزلة من النبي في خديجة أم المؤمنين حتى ولادة فاطمة في الأرض في الإشراق الآتي فتدبر .

 

 

النور الرابع
يوم ولادتها وكيفية ظهور وتجلي نور فاطمة الزهراء في الأرض

 

 الإشراق الأول : تذكرة بيوم مولد فاطمة الزهراء عليها السلام:

ذكر في العدد القوية : في أحوال الصديقة الطاهرة عليها السلام و كيفية ولادتها عن تاريخ المفيد :  و في اليوم العشرين : من جمادى الآخرة ، سنة اثنتين من المبعث ، كان مولد السيدة الزهراء فاطمة عليها السلام .

و هو يوم شريف : متجدد فيه سرور المؤمنين .

و يستحب فيه : التطوع بالخيرات و الصدقة على المساكين ، و كذا في كتاب المصباح .

و في رواية أخرى : سنة خمس من المبعث .

و الجمهور : يرون أن مولدها قبل المبعث بخمس سنين ليدفعوا قدسيتها كما بعدوا عنها وعن معرفة شأنها الكريم ، ولكن الموالين وأغلب العامة أيضا ذكروا أن ولادتها بعد المبعث بين سنتين وخمسة سنين .

و في الدر : أن فاطمة عليه السلام ولدت بعد ما أظهر الله نبوة أبيها صلى الله عليه وآله وسلم بخمس سنين و قريش تبني البيت .

و روي : أنها ولدت عليه السلام في جمادى الآخرة يوم العشرين منه سنة خمس و أربعين من مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

وأما تفصيل : نزول نورها في النبي الأكرم فهو كما في المناقب :

الإشراق الثاني : نزول نور فاطمة من النبي لخديجة وكيفية الولادة :

في المناقب : روي أن فاطمة عليها السلام ولدت بمكة بعد المبعث بخمس سنين ، و بعد الإسراء بثلاث سنين في العشرين من جمادى الآخرة .

و ولدت الحسن عليه السلام و لها اثنتا عشرة سنة ، و قيل : إحدى عشرة سنة بعد الهجرة ، و كان بين ولادتها الحسن و بين حملها بالحسين عليه السلام خمسون يوما .

قيل بينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم : جالس بالأبطح ، و معه عمار بن ياسر و المنذر بن الضحضاح و أبو بكر و عمر و علي بن أبي طالب و العباس بن عبد المطلب و حمزة بن عبد المطلب .

إذ هبط عليه جبرئيل عليه السلام : في صورته العظمى ، قد نشر أجنحته حتى أخذت من المشرق إلى المغرب .

 فناداه : يا محمد العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ، و هو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحا ، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و كان لها محبا و بها وامقا .

قال : فأقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعين يوما يصوم النهار و يقوم الليل حتى إذا كان في آخر أيامه تلك بعث إلى خديجة بعمار بن ياسر و قال قل لها : يا خديجة لا تظني أن انقطاعي عنك هجرة و لا قلى ، و لكن ربي عز و جل أمرني بذلك لينفذ أمره فلا تظني يا خديجة إلا خيرا ، فإن الله عز و جل ليباهي بك كرام ملائكته كل يوم مرارا ، فإذا جنك الليل فأجيفي الباب و خذي مضجعك من فراشك ، فإني في منزل فاطمة بنت أسد .

فجعلت خديجة : تحزن في كل يوم مرارا لفقد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

 فلما كان في كمال الأربعين ، هبط جبرائيل عليه السلام فقال : يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام ، و هو يأمرك أن تتأهب لتحيته و تحفته .

 قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا جبرائيل و ما تحفة رب العالمين و ما تحيته ؟ قال : لا علم لي .

قال : فبينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذلك إذ هبط ميكائيل ، و معه طبق مغطى بمنديل سندس ، أو قال : إستبرق ، فوضعه بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و أقبل جبرائيل عليه السلام  على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و قال :

يا محمد : يأمرك ربك أن تجعل الليلة إفطارك على هذا الطعام .

 فقال : علي بن أبي طالب عليه السلام كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إذا أراد أن يفطر أمرني أن أفتح الباب لمن يرد إلى الإفطار ، فلما كان في تلك الليلة أقعدني النبي صلى الله عليه وآله وسلم على باب المنزل ، و قال :

يا ابن أبي طالب : إنه طعام محرم إلا عليَّ .

 قال علي عليه السلام : فجلست على الباب و خلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالطعام ، و كشف الطبق فإذا عذق من رطب ، و عنقود من عنب فأكل النبي صلى الله عليه وآله وسلم منه شبعا ، و شرب من الماء ريا ، و مد يده للغسل ، فأفاض الماء عليه جبرائيل ، و غسل يده ميكائيل ، و تمندله إسرافيل ، و ارتفع فاضل الطعام مع الإناء إلى السماء .

 ثم قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ليصلي .

فأقبل عليه جبرائيل و قال : الصلاة محرمة عليك في وقتك حتى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها ، فإن الله عز و جل آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة ، فوثب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى منزل خديجة .

قالت خديجة رضوان الله عليها : و كنت قد ألفت الوحدة ، فكان إذا جنتني الليل غطيت رأسي ، و أسجفت ستري ، و غلقت بابي ، و صليت وردي ، و أطفأت مصباحي ، و أويت إلى فراشي .

فلما كان في تلك الليلة : لم أكن بالنائمة و لا بالمنتبهة ، إذ جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقرع الباب ، فناديت من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها إلا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

 قالت خديجة : فنادى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعذوبة كلامه و حلاوة منطقه : افتحي يا خديجة فإني محمد .

 قالت خديجة : فقمت فرحة مستبشرة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و فتحت الباب ، و دخل النبي المنزل ، و كان من أخلافه صلى الله عليه وآله وسلم ،  إذا دخل المنزل دعا بالإناء فتطهر للصلاة ، ثم يقوم فيصلي ركعتين يوجز فيهما ، ثم يأوي إلى فراشه .

فلما كان في تلك الليلة : لم يدع بالإناء ، و لم يتأهب بالصلاة غير أنه أخذ بعضدي ، و أقعدني على فراشه و داعبني و مازحني ، و كان بيني و بينه ما يكون بين المرأة و بعلها ، فلا و الذي سمك السماء و أنبع الماء ما تباعد عني النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى حسست بثقل فاطمة في بطني .

 

 و فيه عن المفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام : كيف كانت ولادة فاطمة عليه السلام قال :

نعم إن خديجة رضوان الله عليها : لما تزوج بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هجرتها نسوة مكة ، فكن لا يدخلن عليها ، و لا يسلمن عليها ، و لا يتركن امرأة تدخل عليها،  فاستوحشت خديجة من ذلك .

 فلما حملت بفاطمة عليه السلام : صارت تحدثها في بطنها ، و تصبرها ، و كانت خديجة تكتم ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

 فدخل يوما : و سمع خديجة تحدث فاطمة ، فقال لها : يا خديجة من يحدثك ؟

قالت : الجنين الذي في بطني يحدثني و يؤنسني .

فقال لها : هذا جبرائيل يبشرني أنها أنثى ، و أنها النسمة الطاهرة الميمونة ، و أن الله تبارك و تعالى سيجعل نسلي منها ، و سيجعل من نسلها أئمة في الأمة ، يجعلهم خلفاؤه في أرضه بعد انقضاء وحيه .

 فلم تزل خديجة رضي الله عنها : على ذلك إلى أن حضرت ولادتها ، فوجهت إلى نساء قريش و نساء بني هاشم يجئن و يلين منها ما تلي النساء من النساء ، فأرسلن إليها عصيتينا و لم تقبلي قولنا ، و تزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له ، فلسنا نجيء و لا نلي من أمرك شيئا ، فاغتمت خديجة لذلك .

 فبينا هي كذلك : إذ دخل عليها أربع نسوة طوال ، كأنهن من نساء بني هاشم ، ففزعت منهن .

فقالت لها إحداهن : لا تحزني يا خديجة فإنا رسل ربك إليك ، و نحن أخواتك : أنا سارة ، و هذه آسية بنت مزاحم و هي رفيقتك في الجنة ، و هذه مريم بنت عمران ، و هذه صفراء بنت شعيب ، بعثنا الله تعالى إليك لنلي من أمرك ما تلي النساء من النساء .

فجلست : واحدة عن يمينها ، و الأخرى عن يسارها ، و الثالثة من بين يديها،  و الرابعة من خلفها .

 فوضعت : خديجة فاطمة عليهن السلام ، طاهرة مطهرة .

فلما سقطت إلى الأرض : أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ، و لم يبق في شرق الأرض و لا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور ، فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها ، فغسلتها بماء الكوثر ، و أخرجت خرقتين بيضاوتين أشد بياضا من اللبن و أطيب رائحة من المسك و العنبر ، فلفتها بواحدة و قنعتها بالأخرى .

ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليه السلام : بشهادة أن لا إله إلا الله ، و أن أبي رسول الله سيد الأنبياء ، و أن بعلي سيد الأوصياء ، و أن ولدي سيد الأسباط .

 ثم سلمت عليهن ، و سمت كل واحدة منهن باسمها ، و ضحكن إليها ، وتباشرن الحور العين ، وبشر أهل الجنة بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليه السلام.

 و حدث في السماء : نور زاهر ،لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم ، فلذلك سميت الزهراء .

 و قالت : خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة ، بورك فيها ، و في نسلها ، فتناولتها خديجة عليه السلام فرحة مستبشرة ، فألقمتها ثديها فشربت فدر عليها .

و كانت عليه السلام : تنمي في كل يوم كما ينمي الصبي في شهر ، و في شهر كما ينمي الصبي في سنة ، صلى الله عليها و على أبيها و بعلها و بنيها[16].

وفي ثواب الأعمال عن البرقي قال : بشر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفاطمة عليها السلام ، فنظر في وجوه أصحابه فرأى الكراهة فيهم .

فقال : ما لكم ريحانة أشمها ، و رزقها على الله عز و جل[17] .

 

الإشراق الثالث : حديث آخر مختصر في ولادة سيدة النساء :

يا طيب : هذا الحديث كسابقة وفيه يختصر أول سابقه ويفصل بعض آخر .

عن كتاب دلائل الإمامة قال : بسنده عن يعقوب بن زيد الأنباري :

عن همام بن عيسى : بن زرعة بن عبد الله ، عن المفضل بن عمر قال :

قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام :

كيف : كانت ولادة فاطمة عليها السلام ؟

قال : نعم ، إن خديجة رضي الله عنها ، لما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله هجرتها نسوة مكة ، فكن : لا يدخلن إليها ، و لا يسلمن عليها ، و لا يتركن امرأة تدخل إليها .

فاستوحشت خديجة : من ذلك .

فلما حملت بفاطمة: و كانت خديجة تغتم و تحزن ، إذا خرج رسول الله .

كانت فاطمة : تحدثها من بطنها و تصبرها .

و كان حزن خديجة : من حذرها على رسول الله .

و كانت خديجة : تكتم ذلك عن رسول الله .

فدخل يوما : فسمع فاطمة تحدث خديجة .

فقال يا خديجة : من يحدثك ؟

قالت : الجنين الذي في بطني يحدثني و يؤنسني .

فقال : يا خديجة ، هذا جبرئيل يبشرني بأنها أنثى .

و أنها : النسمة الطاهرة الميمونة .

و أن الله تعالى : سيجعل نسلي منها .

و سيجعل : من نسلها أئمة في الأمة .

و يجعلهم : خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه .

فلم تزل خديجة : على ذلك ، إلى أن حضرت ولادتها .

فوجهت : إلى نساء قريش ، و بني هاشم ، ليلين منها ما تلي النساء من النساء .

فأرسلن إليها : بأنك أغضبتنا ، و لم تقبلي قولنا ، و تزوجت محمدا : يتيم أبي طالب ، فقيرا لا مال له ، فلسنا نجيئك و لا نلي من أمرك .

فاغتمت : خديجة لذلك ، فبينا هي في ذلك ، إذ دخل إليها أربع نسوة : كأنهن من نساء بني هاشم ، ففزعت منهن .

فقالت إحداهن : لا تحزني يا خديجة ، فإنا رسل ربك إليك .

و نحن أخواتك : أنا سارة .

و هذه : آسية بنت مزاحم ، و هي رفيقتك في الجنة .

و هذه : مريم بنت عمران .

و هذه صفورا : بنت شعيب .

بعثنا الله إليك : لنلي من أمرك ما تلي النساء من النساء .

فجلست : واحدة عن يمينها ، و الثانية عن يسارها ، و الثالثة بين يديها ، و الرابعة من خلفها .

فوضعت خديجة : فاطمة ، طاهرة مطهرة .

فلما سقطت إلى الأرض : أشرق منها النور ، حتى دخل بيوتات مكة .

و لم يبق : في شرق الأرض و لا في غربها موضع ، إلا أشرق فيه النور .

فتناولتها : المرأة التي كانت بين يديها .

و دخلت : عشر من الحور العين ، مع كل واحدة طست من الجنة ، و إبريق فيه من ماء الكوثر .

فتناولتها : المرأة التي كانت بين يديها ، و غسلتها بماء الكوثر . و أخرجت : خرقتين بيضاوتين ، أشد بياضا من اللبن ، و أطيب رائحة من المسك و العنبر .

فلفتها بواحدة : و قنعتها بالأخرى ، ثم استنطقتها .

فنطقت بشهادة : أن لا إله إلا الله ، و أن أباها محمدا سيد الأنبياء ، و أن بعلها عليا سيد الأوصياء ، و أن ولديها سيدا الأسباط .

ثم سلمت عليهن : و سمت كل واحدة باسمها ، و ضحكن إليها .

و تباشرت : الحور العين ، و بشر أهل الجنة بعضهم بعضا بولادتها .

و حدث في السماء : نور زاهر ، لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم .

و بذلك : لقبت الزهراء .

ثم قالت : خذيها يا خديجة .

طاهرة مطهرة : ز كية ميمونة ، بورك فيها و في نسلها .

فتناولتها خديجة : فرحة مستبشرة ، و ألقمتها ثديها ، فدر عليها و شربت .

و كانت : تنمو في كل يوم كما ينمو الصبي في الشهر ، و في كل شهر ما ينمو الصبي في السنة . عن كتاب دلائل‏ الإمامة ص 8 خبر ولادتها عليها السلام .

يا طيب : إن حديث تولدها ذكر بعدة أساليب يختصر ويفصل ، وإن نورها وتناول رسول الله في المعراج للتفاحة مثلا ، لا يناقض تمام تنزل نورها فيه بعد المعراج وهو بالأبطح بأكل ما في الحديث الأول ، فإنه نور واحد له مراتب وطينة واحده لها شؤون ومنازل ، كما أنها زهراء يزهر نورها للملائكة ، فهي أيضا يزهر نور في ولادتها ، بل بعده الولادة في مكة والمدينة ، حتى ليدخل الخيط في سم الابرة بفضل نورها ، وفي الحديث معجزات وكرامات كثيرة تبين شأنها وعلو مقامها وشرفها ، وإعدادها بفضل الله لتكون أم الأئمة الأطهار بل أم أبيها عليها السلام ، بل أم لكل من تقتبس من نورها وتصبر في طاعتها وتعين عبادتها على الله سبحانه وتعالى .

ويا طيب : إن مولد فاطمة يوم مبارك يستحب به إكرام المؤمنين وتكريمهم وإطعامهم وبرهم ووصل الأرحام ، وقد جعل يوم تكرم به المرأة وبالخصوص الأم والزوجة والأخت وبالخصوص من يكون له أحد أسماء فاطمة عليها السلام .

وهو يوم : من أفراح وأعياد آل محمد صلى الله عليهم وسلم وله موقع كريم عند شيعتهم يعقدون فيه مجالس الذكر لمعرفة شأنهم الكريم وبيانه للمؤمنين ، فيحتفل به المحبون ويذكرون أفراحهم ومناقبهم وكرامات الله تعالى لهم ولشيعتهم ، وقد عرفت أسبابه وحقائقه الروحانية النورانية الكريمة فلا تتوانى في القيام بالواجب مع المؤمنين والمؤمنات وكل طيب يحب أهل البيت عليهم السلام.

 

 

 

 

النور الخامس :
فاطمة الزهراء في مكة المكرمة وهجرتها للمدينة

يا طيب : بعد إن عرفنا شيء يسير عن نور فاطمة الزهراء في الملكوت والأرض وولادتها في يوم (20) ذي الحجة سنة خمسة أو اثنين للهجرة ، فإن أمها خديجة بنت خويلد قد توفيت في شهر رمضان قبل الهجرة بثلاث سنين ، وإن عمر فاطمة الزهراء عليها السلام كان خمس سنوات فقط ، وبقيت ثلاثة سنوات في مكة وأشهر في المدينة هي وأبيها ترعاه لا زوجة له ، لأنه لم يتزوج أبيها نبي الرحمة في مكة بعد خديجة وتزوج في المدينة بعد ستة أشهر .

وإنها وهي في عمر الزهور كانت تحتاج للرعاية ، ولكن بقوة عقلها وتدبيرها كانت تدير بيت نبي الرحمة في أشد مرحلة وفي أصعب الظروف ، وبعد إن فقد النبي أعز ناصرية في سنة واحدة أمها خديجة وأبو طالب عمه المحامي والناصر له ، وهو في أشد الجهاد والمناضلة مع كفار قريش وتشديدهم عليها حتى أمره الله تعالى بالهجرة للمدينة .

وإن كانت مع الزهراء : فاطمة بنت أسد أم الإمام علي وعلي عليه السلام ، ولكن كان لهم بيتهم وإن فاطمة كانت تقوم بكثير من مهام البيت مع صغر سنها عليها السلام ، ولشدة مراعاتها للنبي وحنانها عليه وصدقها وحبها في القيام بخدمته سماها أم أبيها ، ولكي لأطيل نذكر وفاة أم المؤمنين خديجة أم فاطمة الزهراء وشأنها الكريم ، و قصة لها في مكة تبين حنانها وحبها لأبيها رسول الله ، ثم نذكر هجرتها وما عانته ، حتى يأتي الباب الآتي في زواج النور من النور ، فتدبر فضلها وتكريم الله لها لما كان لها من الصبر والطاعة لله ولرسوله ولولية والإخلاص في توحيد الله ودينه بما يحب ويرضى كما سترى .

 

الإشراق الأول :
 وفاة أم فاطمة أم المؤمنين خديجة وتعزية الله تعالى ورسوله لها :

يا طيب : عرفت حديث ولادة فاطمة الزهراء ومحادثتها لأمها أم المؤمنين خديجة الكبرى ، وإنها كبنتها سيدة النساء في الجنة ، ولها مقام كريم بأنها زوجة النبي في الدنيا والآخرة ، وتضحيتها ودخولها الشعب ابي طالب مع النبي في حصار قريش لبني هاشم ، وشأنها الكريم في إنفاق كل ثروتها في سبيل إعلاء دين الله ، وارتياح النبي الأكرم لها، وهذه حديث بين وفاتها وحال الصديقة حينه ، وبقاء فاطمة ترعى أبيها حتى صارت أم أبيها :

توفيت خديجة : بنت خويلد في شهر رمضان قبل الهجرة بثلاث سنين ، ولها خمس وستون سنة ، ودخل عليها رسول الله وهي تجود بنفسها .

 فقال : بالكره مني ما أرى ، ولعل الله أن يجعل في الكره خيرا كثيرا ، إذا لقيت ضراتك في الجنة يا خديجة فأقرئيهن السلام .

قالت : ومن هن يا رسول الله ؟

قال : إن الله زوجنيك في الجنة ، وزوجني مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وكلثوم أخت موسى .

 فقالت : بالرفاء والبنين [18] .

 

وعن بريد العجلي قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول :

لما توفيت خديجة رضي الله عنها : جعلت فاطمة صلوات الله عليها تلوذ برسول الله صلى الله عليه و آله و تدور حوله .

و تقول : يا أبت، أين أمي .

قال فنزل جبرائيل عليه السلام فقال له : ربك يأمرك أن تقرئ فاطمة السلام .

و تقول لها : إن أمك في بيت من قصب ، كعابه من ذهب ، و عمده ياقوت أحمر ، بين آسية و مريم بنت عمران .

 فقالت فاطمة عليها السلام : إن الله هو السلام ، و منه السلام ، و إليه السلام[19].

وعرفت يا طيب : إن نبي الرحمة كان يكن التقدير والاحترام الكبير لخديجة عليها السلام في حياتها وبعد وفاتها حتى سما سنة وفاتها ووفاة عمه أبو طالب بعام الأحزان ، وهذا حديث شريف يعرفنا شأنها الكريم عند نبي الرحمة بعد وفاتها ، وبعد إن عرفنا شأنها العظيم عند الله ومقامها السامي في الجنة :

 عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منزله ، فإذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها ، و هي تقول : و الله يا بنت خديجة ما ترين إلا أن لأمك علينا فضلا ، و أي فضل كان لها علينا ، ما هي إلا كبعضنا .

فسمع مقالتها: فاطمة فلما رأت فاطمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكت.

 فقال لها : ما يبكيك يا بنت محمد ؟ قالت : ذكرت أمي فتنقصتها ، فبكيت .

فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  ثم قال : مه يا حميراء فإن الله تبارك و تعالى بارك في الولود الودود .

و إن خديجة رحمها الله : ولدت مني طاهرا و هو عبد الله و هو المطهر و ولدت مني القاسم و فاطمة و رقية و أم كلثوم و زينب .

 و أنت ممن أعقم الله رحمه فلم تلدي شيئا [20].

 

الإشراق الثاني : دفاع فاطمة الزهراء عن أبيها في مكة :

وبعد إن عرفنا : وفاة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد أم فاطمة الزهراء عليها السلام وحزنها ويتمها ، نتعرف عن دفعها عن أبيها ورعايتها له في مكة المكرمة :

و في كتاب دلائل النبوة عن أبي داود عن شعبة عن أبي إسحاق سمعت عمرو بن ميمون يحدث عن عبد الله قال :

بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ساجد ، وحوله ناس من قريش ، وثم سلي بعير.

 فقالوا : من يأخذ سلي هذا الجزور أو البعير فيقذفه على ظهره .

فجاء عقبة بن أبي معيط : فقذفه على ظهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

و جاءت فاطمة عليه السلام : فأخذته من ظهره ، و دعت على من صنع ذلك .

قال عبد الله : فما رأيت رسول الله دعا عليهم إلا يومئذ .

فقال : اللهم عليك الملأ من قريش .

 اللهم عليك : أبا جهل بن هشام ، و عتبة بن ربيعة ، و شيبة بن ربيعة ، و عقبة بن أبي معيط ، و أمية بن خلف أو أبي بن خلف ، شك شعبة عد سبعة .

قال عبد الله : فرأيتهم لقد قتلوا يوم بدر ، و ألقوا في القليب .

أو قال : في بئر غير أن أمية بن خلف ، أو أبي بن خلف كان رجلا بادنا فتقطع قبل أن يبلغ به البئر ، أخرجه البخاري في الصحيح [21].

و روي من طريق آخر : أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما رمى بالسلى .

جاءت ابنته فاطمة عليها السلام : فأماطت عنه بيدها .

 ثم جاءت عليها السلام : إلى أبي طالب رحمه الله .

فقالت : يا عم ما حسب أبي فيكم .

فقال : يا بنية أبوك فينا السيد المطاع العزيز الكريم ، فما شأنك ؟

فأخبرته : بصنع القوم .

 ففعل : ما فعل بالسادات من قريش .

ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : هل رضيت يا ابن أخي .

ثم أتى فاطمة عليه السلام فقال : يا بنية هذا حسب أبيك فينا [22].

 

 

الإشراق الثالث :
هجرة فاطمة الزهراء عليها السلام للمدينة :

يا طيب : وهذا حديث يحدثنا باختصار عن هجرة النبي للمدينة المنورة وهجرة فاطمة الزهراء إليها :

ذكر في المناقب و هاجر ( النبي ) : إلى المدينة :

و أمر أصحابه بالهجرة : و هو ابن ثلاث و خمسين سنة ، و كانت هجرته يوم الاثنين ، و صار ثلاثة أيام في الغار ليخيب من قصد إليه ، و روي ستة أيام .

و دخل المدينة : يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول ، و قيل الحادي عشر ، و هي السنة الأولى من الهجرة ، فرد التاريخ إلى المحرم ، و كان نزل بقبا في دار كلثوم بن الهدم ، ثم بدار خيثمة الأوسي ثلاثة أيام ، و يقال : اثني عشر يوما إلى بلوغ علي و أهل البيت .

و كان أهل المدينة : يستقبلون كل يوم إلى قبا ، و ينصرفون فأسس بقبا مسجدهم ، و خرج يوم الجمعة و نزل المدينة و صلى في المسجد الذي ببطن الوادي . قال النسوي : في تاريخه أول صلاة صلاها في المدينة صلاة العصر ، ثم نزل على أبي أيوب ، فلما أتى لهجرته شهر و أيام تمت صلاة المقيم .

و بعد ثمانية أشهر : آخى بين المؤمنين و فيها شرع الأذان .

فلما أتى لهجرته : سنة و شهران و اثنان و عشرون يوما ، زوج عليا عليه السلام من فاطمة ، و روي أنها كانت بعد سنة من مقدمه إليها[23].

وبعد إن عرفنا تأريخ الهجرة .

نذكر هجرة فاطمة الزهراء مع الإمام علي وأمه فاطمة و فاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب ومستضعف المؤمنين ، ويقال هجرتها مع الفواطم ، نذكر الحديث بطوله لما فيه من الفائدة ويبين فيه زمن وفاة أمها خديجة عليها السلام وإن الحديث عن هند بن هند بن أبي هالة رحمه الله وهو أخ فاطمة الزهراء من أمها خديجة ، كما ونرى فيه شدة ما عانت فيه من الأحداث من اليتم والهجرة وملاحقة قريش لعلي ، وما جرى عليها من الأحداث في هجرتها حتى وردها المدينة على أبيها صلى الله عليه وآله وسلم :

عن الزبير بن سعيد الهاشمي قال : حدثنيه أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر رضي الله عنه بين القبر و الروضة ، عن أبيه و عبيد الله بن أبي رافع جميعا ، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه و أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه و آله .

 قال أبو عبيدة و حدثنيه سنان بن أبي سنان أن هند بن هند بن أبي هالة الأسدي حدثه عن أبيه هند بن أبي هالة ربيب رسول الله صلى الله عليه و آله و أمه خديجة زوج النبي صلى الله عليه و آله ، و أخته لأمه فاطمة صلوات الله عليها .

 قال أبو عبيدة و كان هؤلاء الثلاثة هند بن هالة و أبو رافع و عمار بن ياسر جميعا يحدثون عن هجرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه إلى رسول الله صلى الله عليه و آله بالمدينة و مبيته قبل ذلك على فراشه .

 قال و صدر هذا الحديث عن هند بن أبي هالة ، و اقتصاصه عن الثلاثة هند و عمار و أبي رافع ، و قد دخل حديث بعضهم في بعض قالوا :

كان الله عز و جل : مما يمنع نبيه صلى الله عليه و آله بعمه أبي طالب ، فما كان يخلص إليه من قومه أمر يسوؤه مدة حياته ، فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه و آله بغيتها و أصابته بعظيم من الأذى حتى تركته لقى، فقال صلى الله عليه و آله لأسرع ما وجدنا فقدك يا عم وصلتك رحم ، فجزيت خيرا يا عم .

 ثم ماتت خديجة بعد أبي طالب بشهر فاجتمع بذلك على رسول الله صلى الله عليه و آله حزنان حتى عرف ذلك فيه .

 قال هند : ثم انطلق ذوو الطول و الشرف من قريش إلى دار الندوة ، ليأتمروا في رسول الله صلى الله عليه و آله ، و أسروا ذلك بينهم .

 فقال بعضهم : نبني له علما ، و ينزل برجا نستودعه فيه ، فلا يخلص من الصباة إليه أحد ، و لا يزال في رنق من العيش حتى يتضيفه ريب المنون ، و صاحب هذه المشورة العاص بن وائل و أمية و أبي ابنا خلف .

 و قال قائل : بئس الرأي ما رأيتم ، و لئن صنعتم ذلك ليتنمرن له الحدب الحميم و المولى الحليف، ثم ليأتين المواسم و الأشهر الحرم بالأمن فلينتزعن من أنشوطتكم قولوا قولكم . قال عتبة و شيبة و شركهما أبو سفيان قالوا : فإنا نرى أن نرحل بعيرا صعبا، و نوثق محمدا عليه كتافا و شدا ، ثم نقصع البعير بأطراف الرماح ، فيوشك أن يقطعه بين الدكادك إربا إربا . فقال صاحب رأيهم إنكم لم تصنعوا بقولكم هذا شيئا ، أ رأيتم إن خلص به البعير سالما إلى بعض الأفاريق ، فأخذ بقلوبهم بسحره و بيانه و طلاوة لسانه، فصبا القوم إليه ، و استجابت القبائل له قبيلة فقبيلة، فليسيرن حينئذ إليكم بالكتائب و المقانب ، فلتهلكن كما هلكت إياد و من كان قبلكم قولوا قولكم .

فقال له أبو جهل : لكن أرى لكم أن تعمدوا إلى قبائلكم العشرة ، فتنتدبوا من كل قبيلة رجلا نجدا ، ثم تسلحوه حساما عضبا ، و تمهل الفتية حتى إذا غسق الليل و غور بيتوا بابن أبي كبيشة بياتا ، فيذهب دمه في قبائل قريش جميعا، فلا يستطع بنو هاشم و بنو المطلب مناهضة قبائل قريش في صاحبهم ، فيرضون حينئذ بالعقل منهم، فقال صاحب رأيهم أصبت يا أبا الحكم .

ثم أقبل عليهم فقال : هذا الرأي فلا تعدلوا به رأيا ، و أوكئوا في ذلك أفواهكم حتى يستتب أمركم ، فخرج القوم عزين ، و سبقهم بالوحي بما كان من كيدهم جبرئيل عليه السلام ، فتلا هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه و آله « وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ » .

 فلما أخبره جبرائيل عليه السلام : بأمر الله في ذلك و وحيه ، و ما عزم له من الهجرة ، دعا رسول الله صلى الله عليه و آله عليا عليه السلام ، و قال له :

يا علي : إن الروح هبط علي بهذه الآية آنفا ، يخبرني أن قريشا اجتمعوا على المكر بي و قتلي ، و أنه أوحى إلي ربي عز و جل أن أهجر دار قومي ، و أن انطلق إلى غار ثور تحت ليلتي ، و أنه أمرني أن آمرك بالمبيت على ضجاعي أو قال مضجعي ليخفى بمبيتك عليه أثري ، فما أنت قائل ؟ و ما صانع ؟

فقال علي عليه السلام : أو تسلم بمبيتي هناك يا نبي الله ؟ قال نعم .

 فتبسم علي عليه السلام ضاحكا ، و أهوى إلى الأرض ساجدا ، شكرا بما أنبأه رسول الله صلى الله عليه و آله من سلامته ، و كان علي صلوات الله عليه أول من سجد لله شكرا ، و أول من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته من هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه و آله ، فلما رفع رأسه ، قال له : امض لما أُمرت فداك سمعي و بصري و سويداء قلبي ، و مرني بما شئت أكن فيه كمسرتك ، واقع منه بحيث مرادك ، و إن توفيقي إلا بالله .

 قال : و إن ألقى عليك شبه مني ، أو قال شبهي ، قال : إن ، بمعنى نعم .

قال : فارقد على فراشي و اشتمل ببردي الحضرمي ، ثم إني أخبرك يا علي أن الله تعالى  يمتحن أولياءه على قدر إيمانهم و منازلهم من دينه ، فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل ، و قد امتحنك يا ابن عم و امتحنني فيك بمثل ما امتحن به خليله إبراهيم و الذبيح إسماعيل فصبرا صبرا ، فإن رحمة الله قريب من المحسنين ، ثم ضمه النبي صلى الله عليه و آله إلى صدره و بكى إليه وجدا به ، وبكى علي عليه السلام جشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه و آله.

و استتبع رسول الله صلى الله عليه و آله أبا بكر بن أبي قحافة و هند بن أبي هالة ، فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار ، و لبث رسول الله صلى الله عليه و آله بمكانه مع علي عليه السلام يوصيه و يأمره في ذلك بالصبر حتى صلى العشاءين .

 ثم خرج : رسول الله صلى الله عليه و آله في فحمة العشاء الآخرة ، و الرصد من قريش قد أطافوا بداره  ينتظرون أن ينتصف الليل و تنام الأعين.

 فخرج : و هو يقرأ هذه الآية « وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ » و أخذ بيده قبضة من تراب فرمى بها على رءوسهم ، فما شعر القوم به حتى تجاوزهم ، و مضى حتى أتى إلى هند و أبي بكر فنهضا معه ، حتى و صلوا إلى الغار .

 ثم رجع هند : إلى مكة بما أمره به رسول الله صلى الله عليه و آله ، و دخل رسول الله صلى الله عليه و آله و أبو بكر إلى الغار ، فلما غلق الليل أبوابه و أسدل أستاره و انقطع الأثر ، أقبل القوم على علي عليه السلام يقذفونه بالحجارة و الحلم ، و لا يشكون أنه رسول الله صلى الله عليه و آله ، حتى إذا برق الفجر و أشفقوا أن يفضحهم الصبح هجموا على علي صلوات الله عليه ، و كانت دور مكة يومئذ سوائب لا أبواب لها .

 فلما بصر بهم علي عليه السلام : قد انتضوا السيوف و أقبلوا عليه بها ، و كان يقدمهم خالد بن الوليد بن المغيرة ، وثب له علي عليه السلام فختله و همز يده ، فجعل خالد يقمص قماص البكر ، و يرغو رغاء الجمل ، و يذعر و يصيح ، و هم في عرج الدار من خلفه ، و شد عليهم علي عليه السلام بسيفه يعني سيف خالد فأجفلوا أمامه إجفال النعم إلى ظاهر الدار ، فتبصروه فإذا هو علي عليه السلام .

فقالوا : إنك لعلي ؟ قال : أنا علي .

قالوا : فإنا لم نردك ، فما فعل صاحبك ؟

قال : لا علم لي به ، و قد كان علم يعني عليا عليه السلام أن الله (تعالى) قد أنجى نبيه صلى الله عليه و آله بما كان أخبره من مضيه إلى الغار و اختبائه فيه ، فأذكت قريش عليه العيون ، و ركبت في طلبه الصعب و الذلول ، و أمهل علي صلوات الله عليه حتى إذا أعتم من الليلة القابلة ، انطلق هو و هند بن أبي هالة حتى دخلا على رسول الله صلى الله عليه و آله في الغار .

 فأمر رسول الله : صلى الله عليه و آله هندا أن يبتاع له و لصاحبه بعيرين ، فقال أبو بكر : قد كنت أعددت لي و لك يا نبي الله راحلتين نرتحلهما إلى يثرب . فقال : إني لا آخذهما و لا أحدهما إلا بالثمن . قال : فهي لك بذلك . فأمر صلى الله عليه و آله عليا عليه السلام فأقبضه الثمن ، ثم أوصاه بحفظ ذمته و أداء أمانته .

 و كانت قريش تدعو محمدا : صلى الله عليه و آله في الجاهلية الأمين ، و كانت تستودعه و تستحفظه أموالها و أمتعتها ، و كذلك من يقدم مكة من العرب في الموسم ، و جاءته النبوة و الرسالة و الأمر كذلك .

فأمر عليا عليه السلام : أن يقيم صارخا يهتف بالأبطح غدوة و عشيا : ألا من كان له قبل محمد أمانة أو وديعة فليأت فلتؤد إليه أمانته .

 قال و قال النبي : صلى الله عليه و آله إنهم لن يصلوا من الآن إليك يا علي بأمر تكرهه حتى تقدم علي ، فأد أمانتي على أعين الناس ظاهرا .

 ثم إني مستخلفك : على فاطمة ابنتي ، و مستخلف ربي عليكما و مستحفظه فيكما .

 و أمره : أن يبتاع رواحل له و للفواطم ، و من أزمع للهجرة معه من بني هاشم .

 قال أبو عبيدة : فقلت لعبيد الله يعني ابن أبي رافع : أ و كان رسول الله صلى الله عليه و آله يجد ما ينفقه هكذا ؟

فقال : إني سألت أبي عما سألتني ، و كان يحدث بهذا الحديث ، فقال فأين يذهب بك عن مال خديجة عليها السلام ، و قال : إن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : ما نفعني مال قط مثل ما نفعني مال خديجة عليها السلام .

 و كان رسول الله صلى الله عليه و آله : يفك من مالها الغارم و العاني و يحمل الكل ، و يعطي في النائبة ، و يرفد فقراء أصحابه إذ كان بمكة ، و يحمل من أراد منهم الهجرة ، و كانت قريش إذا رحلت عيرها في الرحلتين يعني رحلة الشتاء و الصيف كانت طائفة من العير لخديجة ، و كانت أكثر قريش مالا ، و كان صلى الله عليه و آله ينفق منه ما شاء في حياتها ثم ورثها هو و ولدها بعد مماتها .

 قال و قال رسول الله : صلى الله عليه و آله لعلي و هو يوصيه و إذا أبرمت ما أمرتك فكن على أهبة الهجرة إلى الله و رسوله ، و سر إلي لقدوم كتابي إليك  و لا تلبث بعده .

 و انطلق رسول الله : صلى الله عليه و آله لوجهه يؤم المدينة ، و كان مقامه في الغار ثلاثا ، و مبيت علي صلوات الله عليه على الفراش أول ليلة .

قال عبيد الله بن أبي رافع : و قد قال علي بن أبي طالب عليه السلام شعرا يذكر فيه مبيته على الفراش ومقام رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار ثلاثا :

وقيت بنفسي خير من وطئ الحصا    ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر

محمد لما خـاف أن يمكـروا بـه    فوقـاه ربي ذو الجلال من المكر

وبـت أراعيهـم متى ينشـرونني   وقد وطنت نفسي على القتل والأسر

و بات رسول الله  في الغار آمنـا   هناك و في حفظ الإلـه وفي سـتر

أقـام ثلاثا ثـم زمـت  قلائـص    قلائص يفـرين الحصا أينما تفري‏

و لما ورد رسول الله : صلى الله عليه و آله المدينة ، نزل في بني عمرو بن عوف بقباء ، فأراده أبو بكر على دخوله المدينة و ألاصه في (حثه على ) ذلك .

 فقال : ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن عمي و ابنتي ، يعني عليا و فاطمة عليهما السلام .

قال قال أبو اليقظان : فحدثنا رسول الله و نحن معه بقباء عما أرادت قريش من المكر به و مبيت علي عليه السلام على فراشه .

 قال : أوحى الله عز و جل إلى جبرائيل و ميكائيل عليهما السلام أني قد آخيت بينكما و جعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه ، فأيكما يؤثر أخاه ، فكلاهما كرها الموت ، فأوحى الله إليهما عبدي أ لا كنتما مثل وليي علي بن أبي طالب، آخيت بينه و بين نبيي فآثره بالحياة على نفسه ، ثم ظل أو قال : رقد على فراشه يفديه بمهجته ، اهبطا إلى الأرض كلاكما فاحفظاه من عدوه ، فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه ، و ميكائيل عند رجليه ، و جعل جبرئيل يقول : بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب ، و الله عز و جل يباهي بك الملائكة .

قال : فأنزل الله عز و جل في علي عليه السلام « وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ » .

 قال أبو عبيدة قال أبي و ابن أبي رافع : ثم كتب رسول الله صلى الله عليه و آله إلى علي بن أبي طالب عليه السلام كتابا يأمره فيه بالمسير إليه و قلة التلوم ، و كان الرسول إليه أبا واقد الليثي .

فلما أتاه كتاب رسول الله : صلى الله عليه و آله تهيأ للخروج و الهجرة ، فآذن من كان معه من ضعفاء المؤمنين ، فأمرهم أن يتسللوا و يتخففوا إذا ملأ الليل بطن كل واد إلى ذي طوى .

 و خرج علي عليه السلام : بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله ، و أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم ، و فاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب ، و قد قيل هي ضباعة ، و تبعهم أيمن ابن أم أيمن مولى رسول الله صلى الله عليه و آله ، و أبو واقد رسول رسول الله صلى الله عليه و آله ، فجعل يسوق بالرواحل فأعنف بهم .

 فقال علي صلوات الله عليه أرفق بالنسوة يا أبا واقد إنهن من الضعائف.

 قال : إني أخاف أن يدركنا الطالب ، أو قال الطلب .

فقال علي عليه السلام : اربِع عليك ، فإن رسول الله صلى الله عليه و آله قال لي : يا علي إنهم لن يصلوا من الآن إليك بما تكرهه .

 ثم جعل يعني عليا عليه السلام يسوق بهن سوقا رفيقا وهو يرتجز و يقول:

ليس إلا الله فارفــع ظنكا     يكفيك رب الناس ما أهمكا

و سار : فلما شارف ضجنان أدركه الطلب ، و عددهم سبعة فوارس من قريش مستلئمين ، و ثامنهم مولى لحرب بن أمية يدعى جناحا .

 فأقبل علي عليه السلام : على أيمن و أبي واقد و قد تراءى القوم ، فقال لهما أنيخا الإبل و اعقلاها ، و تقدم حتى أنزل النسوة ، و دنا القوم فاستقبلهم عليه السلام منتضيا سيفه .

 فأقبلوا عليه فقالوا : أ ظننت أنك يا غدر ناج بالنسوة ارجع لا أبا لك.

قال : فإن لم أفعل ؟

قالوا : لترجعن راغما ، أو لنرجعن بأكثرك شعرا و أهون بك من هالك ، و دنا الفوارس من النسوة و المطايا ليثوروها .

 فحال علي : عليه السلام بينهم و بينها ، فأهوى له جناح بسيفه ، فراغ علي عليه السلام عن ضربته و تختله علي عليه السلام فضربه على عاتقه ، فأسرع السيف مضيا فيه حتى مس كاثبة فرسه ، فكان عليه السلام يشد على قدمه شد الفرس ، أو الفارس على فرسه ، فشد عليهم بسيفه و هو يقول :

خلوا سبيل الجاهد المجاهد      آليت لا أعبد غير الواحد

فتصدع عنه القوم و قالوا له : اغن عنا نفسك يا ابن أبي طالب .

 قال : فإني منطلق إلى ابن عمي رسول الله صلى الله عليه و آله بيثرب ، فمن سره أن أفري لحمه و أريق دمه فليتعقبني أو فليدن مني .

 ثم أقبل : على صاحبيه أيمن و أبي واقد ، فقال لهما : أطلقا مطاياكما.

ثم سار : ظاهرا قاهرا حتى نزل ضجنان ، فتلوم بها قدر يومه و ليلته ، و لحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين ، و فيهم أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه و آله .

 فظل ليلته تلك هو و الفواطم : أمه فاطمة بنت أسد ، و فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله ، و فاطمة بنت الزبير ، طورا يصلون ، و طورا يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم ، فلم يزالوا كذلك حتى طلع الفجر فصلى عليه السلام بهم صلاة الفجر .

 ثم سار : لوجهه يجوب منزلا بعد منزل لا يفتر عن ذكر الله ، و الفواطم كذلك ، و غيرهم ممن صحبه حتى قدموا المدينة .

 و قد نزل الوحي : بما كان من شأنهم قبل قدومهم بقوله تعالى :

 { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى‏ جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ } إلى قوله : { فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ } .

الذكر : علي ، و الأنثى : الفواطم المتقدم ذكرهن .

 و هن : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله ، و فاطمة بنت أسد ، و فاطمة بنت الزبير « بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ » .

يقول : علي من فاطمة ، أو قال : الفواطم و هن من علي .

{ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ } .

و تلا صلى الله عليه و آله : { وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ } .

 قال و قال : يا علي أنت أول هذه الأمة إيمانا بالله و رسوله ، و أولهم هجرة إلى الله و رسوله ، و آخرهم عهدا برسوله ، لا يحبك و الذي نفسي بيده إلا مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان ، و لا يبغضك إلا منافق أو كافر [24].

يا طيب : إن فاطمة الزهراء عليها السلام كانت في هذه الأحداث كلها حتى في يوم المبيت ، فإن الإمام علي بات في بيت أمها خديجة وهو بيت النبي وفي نفس مكان مبيتها ، وهي تشهد كل ما جرى من الأحداث التي في هذا الحديث فضلا عن الهجرة ، بل حتى وفاة أمها وتآمر القوم على أبيها وكل ما مر في الحديث .

 بل تدبر : جهاد النبي الأكرم في مكة والمدينة في صحيفة النبوة من موسوعة صحف الطيبين تعرف إنها عاشت أصعب الأحداث في سبيل طاعة الله وإقامة دينه جنبا إلى جنب مع أبيها وزوجها وإن لم تذكر في الأحداث ، لأنه كانت في بيتها ولكن كانت هي مكان الأمن والراحة لهم حتى كان النبي حين يرجع من سفرة وجهاده أول ما يقدم عليها فيرتاح عندها ويأنس بنور مكانتها السامية عند الله ، فتدبر الأحاديث في الأبواب الآتية تعرف عظمة دورها .

 وهذا كله يدلنا على صبرها وتفانيها في طاعة أبيها وزوجها قبل الزواج وبعده .

 كما إن في هذا الحديث كانت مع أم الإمام علي عليه السلام فاطمة بنت أسد في كل هذه الأحداث،  وكذلك من لحقهم من المؤمنين .

وإذا تم ما عرفت : نذكر أحول فاطمة الزهراء عليها السلام في المدينة ونبدأ من زواجها ، لأنها بقيت في بيت أبيها ترعاه حتى في المدينة فضلا عن ما كان في مكة كما عرفت ، ثم بأمر الله ورسوله تزوجت بالإمام علي بن عم أبيها وأخيه ووصيه ووراثة وخليفته بالحق وأبو الأئمة عليهم الصلاة والسلام فتابع البحث يا طيب .

ونسأل الله : أن يمنحنا السلامة في الدين والدنيا والعافية في نعيمه الذي يُصرف في طاعته مع إخلاص العبودية له وحده لا شريك له ، وحتى نكون بحق من شيعة فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها عليهم الصلاة والسلام ، ومعهم في الهدى والنعيم في أعلى مراتب النور والمجد عنده في كرامته ورضوانه ، وإنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 


 

النور

مجمل فضائل ومناقب سيدة النساء عليها السلام

إن شاء الله تجد البحث المفصل في صحيفة سيدة النساء عليها السلام الكاملة .

 

 


 

سفينة نجاة

أحوالها وأحاديثها حتى شهادتها عليها السلام

 

الذكر الأول
شذرات من حياة سيدة النساء وأحوالها

 

الإشراق الأول: في زواجها من كفئها أمير المؤمنين :

يا طيب : تفاصيل روايات زواج الطاهرين الصديقين علي وفاطمة في صحيفة سيدة النساء ، وهنا نذكر حديث مختصر في خطبة الزواج وكان الزواج :

قال في المناقب : هاجرت إلى المدينة ، فزوجها من علي عليها السلام بعد مقدمها المدينة بسنتين أول يوم من ذي الحجة ، و روي أنه كان يوم السادس ، و دخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة بعد بدر .

المناقب ج3 ص357 .

وفي الأمالي للشيخ الطوسي : عن المفيد بسنده عن  الضحاك بن مزاحم قال :

سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول : أتاني أبو بكر و عمر .

 فقالا : لو أتيت رسول الله  فذكرت له فاطمة .

قال : فأتيته ، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وآله ضحك .

ثم قال : ما جاء بك يا أبا الحسن ، حاجتك ؟

قال : فذكرت له قرابتي ، و قدمي في الإسلام ، و نصرتي له و جهادي .

فقال : يا علي صدقت ، فأنت أفضل مما تذكر .

فقلت : يا رسول الله فاطمة تزوجنيها .

فقال: يا علي إنه قد ذكرها قبلك رجال ، فذكرت ذلك لها ، فرأيت الكراهة في وجهها .

و لكن على رسلك : حتى أخرج إليك ، فدخل عليها فقامت ، فأخذت رداءه ، و نزعت نعليه ، و أتته بالوضوء فوضأته بيدها ، و غسلت رجليه ، ثم قعدت .

فقال لها : يا فاطمة .

فقالت : لبيك لبيك حاجتك يا رسول الله .

قال : إن علي بن أبي طالب من قد عرفت قرابته و فضله و إسلامه ، و إني قد سألت ربي أن يزوجك خير خلقه و أحبهم إليه ، و قد ذكر من أمرك شيئا ، فما ترين ، فسكتت و لم تول وجهها ، و لم ير فيه رسول الله صلى الله عليه وآله كراهة .

فقام : و هو يقول الله أكبر سكوتها إقرارها .

فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد زوجها علي بن أبي طالب ، فإن الله قد رضيها له ، و رضيه لها .

قال : علي فزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم أتاني فأخذ بيدي .

فقال : قم بسم الله ، و قل على بركة الله ، و ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله .

توكلت على الله ، ثم جاءني حتى أقعدني عندها عليه السلام .

 ثم قال : اللهم إنهما أحب خلقك إلي فأحبهما ، و بارك في ذريتهما ، و اجعل عليهما منك حافظا ، و إني أعيذهما بك و ذريتهما من الشيطان الرجيم .

بحار الأنوار ج : 43 ص : 94ح4 .

 

 

الإشراق الثالث : أحوالها مع كفئها وبعلها سيد الأوصياء :

عظم الله أجوركم يا موالين : لما تقومون به من ذكر شعائر آل محمد عليهم السلام وتذكرون مناقبهم وفضائلهم وشرفهم وشأنهم الكريم ، ولكن بعض الروايات في شأنها الكريم : وفي بيان قوله تعالى :

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى  وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى .

عن ابن عباس قالوا :

يا رسول الله : من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟

قال : علي و فاطمة و ابناهما .

متشابه ‏القرآن ج2ص60 .

وعن أبي عبد الله قال :

كان أمير المؤمنين :  يحطب و يستقي و يكنس

 و كانت فاطمة : تطحن و تعجن و تخبز  .

مجموعة ورام ج2ص79 .

 

عم زيد بن الحسن قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال :

و كان علي  : يستقي و يحتطب .

و كانت فاطمة : تطحن و تعجن و تخبز و ترقع الثوب .

و كانت : من أحسن الناس وجها ، و كان وجنتيها وردتان .

 مجموعة ورام ج2ص108 .

 

 

الذكر الثاني : قصصها بعد ووفاة رسول الله :

 

 

 

الذكر الثالث
 حكم وأقوال وأحاديث ومواعظ سيدة النساء

يا طيب : هذه أحاديث مختارة وهي من غرر الأحاديث عن فاطمة الزهراء عليها السلام أو كان لها دور في وجودها وظهور نور معارفها ، نضعها بين يديك ، والتفاصيل إن شاء الله في أبواب صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام بالكامل ، وهناك إن شاء الله تجد كلماتها الغرر و التعاليم التي كان لها دور كريم في ظهورها للوجود ، تدبر فيها وأنشرها وروجها لتنال السعادة والحسنى في الدنيا والآخرة إن شاء الله ، وأسأل الله أن يوفقنا للعمل بها وكل الطيبين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

الإشراق الأول : حديث  في ثواب العلم والتعلم :

قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام : حضرت امرأة عند الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام فقالت : إن لي والدة ضعيفة .

وقد لبس عليها : في أمر صلاتها شيء ، وقد بعثتني إليك أسألك .

فأجابتها فاطمة عليها : السلام عن ذلك .

ثم ثتت : فأجابت ، ثم ثلثت  فأجابت‏ ، إلى أن عشرت  فأجابت .

ثم خجلت : من الكثرة ، فقالت : لا أشق عليك يا بنت رسول الله .

 قالت فاطمة عليها السلام : هاتي و سلي عما بدا لك ، أ رأيت من اكترى يوما يصعد إلى سطح بحمل ثقيل ، و كرائه مائة ألف دينار أ يثقل عليه ؟

فقالت : لا .

فقالت عليه السلام : اكتريت أنا : لكل مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤا ، فأحرى أن لا يثقل عليَّ .

سمعت أبي رسول الله‏ صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

 إن علماء شيعتنا : يحشرون ، فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم ، و جدهم في إرشاد عباد الله .

 حتى يخلع : على الواحد منهم ، ألف ألف خلعة من نــور .

 ثم ينادي منادي ربنا عز وجل : أيها الكافلون لأيتام آل محمد ، الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمتهم .

هؤلاء : تلامذتكم و الأيتام الذين كفلتموهم و نعشتموهم ، فاخلعوا عليهم [كما خلعتموهم‏] خلع العلوم في الدنيا ، فيخلعون على كل واحد من أولئك الأيتام على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم ، حتى أن فيهم يعني في الأيتام لمن يخلع عليه مائة ألف خلعة و كذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلم منهم .

 ثم إن الله تعالى يقول : أعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتى تتموا لهم خلعهم و تضعفوها ، فيتم لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم ، و يضاعف لهم ، و كذلك من بمرتبتهم ممن يخلع عليه على مرتبتهم .

 و قالت فاطمة عليها السلام : يا أمة الله إن سلكا من تلك الخلع لأفضل مما طلعت عليه الشمس ألف ألف مرة ، و ما فضل فإنه مشوب بالتنغيص و الكدر .

تفسير الإمام ‏العسكري ص216ح340 .

 

 

الإشراق الثاني : حديث في  أهمية الصلاة :

عن سيدة النساء فاطمة : ابنة سيد الأنبياء صلوات الله عليها و على أبيها و على بعلها و على أبنائها الأوصياء ، أنها سألت أباها محمدا صلى الله عليه وآله وسلم:

 فقالت :

يا أبتاه : ما لمن تهاون بصلاته من الرجال و النساء ؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم : يا فاطمة من تهاون بصلاته من الرجال والنساء .

 ابتلاه الله بخمس عشرة خصلة : ست منها في دار الدنيا ، و ثلاث عند موته ، و ثلاث في قبره ، و ثلاث في القيامة إذا خرج من قبره .

فأما اللواتي تصيبه في دار الدنيا :

فالأولى : يرفع الله البركة من عمره ، و يرفع الله البركة من رزقه ، و يمحو الله عز و جل سيماء الصالحين من وجهه ، و كل عمل يعمله لا يؤجر عليه ، و لا يرتفع دعاؤه إلى السماء ، و السادسة : ليس له حظ في دعاء الصالحين .

و أما اللواتي تصيبه عند موته :

فأولهن : أنه يموت ذليلا ، و الثانية : يموت جائعا ، و الثالثة : يموت عطشانا فلو سقي من أنهار الدنيا لم يرو عطشه .

و أما اللواتي تصيبه في قبره :

فأولهن : يوكل الله به ملكا يزعجه في قبره ، و الثانية : يضيق عليه قبره ، و الثالثة : تكون الظلمة في قبره .

و أما اللواتي تصيبه يوم القيامة إذا خرج من قبره :

فأولهن : أن يوكل الله به ملكا يسحبه على وجهه و الخلائق ينظرون إليه ، و الثانية : يحاسب حسابا شديدا ، و الثالثة : لا ينظر الله إليه و لا يزكيه و له عذاب أليم .

فلاح السائل ص22 ف1  .

 

الإشراق الثالث : حديث في فضل خدمة العيال :

عن الإمام علي عليه السلام قال : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و فاطمة جالسة عند القدر ، و أنا أنقي العدس .

قال : يا أبا الحسن .

قلت : لبيك يا رسول الله .

قال صلى الله عليه وآله وسلم : اسمع مني ، و ما أقول إلا من أمر ربي .

ما من رجل يعين امرأته في بيتها :

إلا كان له : بكل شعرة على بدنه عبادة سنة صيام نهارها و قيام ليلها .

و أعطاه الله تعالى : من الثواب مثل ما أعطاه الله الصابرين ، و داود النبي و يعقوب و عيسى عليهم السلام .

 يا علي : من كان في خدمة العيال في البيت و لم يأنف :

كتب الله تعالى : اسمه ، في ديوان الشهداء .

 و كتب الله له : بكل يوم و ليلة ، ثواب ألف شهيد .

و كتب له بكل : قدم ، ثواب حجة و عمرة .

و أعطاه الله تعالى : بكل عرق في جسده ، مدينة في الجنة .

يا علي : ساعة في خدمة العيال : 

خير من عبادة : ألف سنة ، و ألف حج ، و ألف عمرة ، و خير من عتق ألف رقبة ، و ألف غزوة ، و ألف عيادة مريض ، و ألف جمعة ، و ألف جنازة ، و ألف جائع يشبعهم ، و ألف عار يكسوهم ، و ألف فرس يوجهها في سبيل الله ، و خير له من ألف دينار يتصدق على المساكين .

 و خير له من : أن يقرأ التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان ، و من ألف أسير أسر فأعتقه ، و خير له من ألف بدنة يعطي للمساكين ، و لا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة .

يا علي : من لم يأنف من خدمة العيال : دخل الجنة بغير حساب .

يا علي : خدمة العيال كفارة للكبائر ، و يطفئ غضب الرب ، و مهور حور العين ، و يزيد في الحسنات و الدرجات .

يا علي : لا يخدم العيال إلا صديق أو شهيد ، أو رجل يريد الله به خير الدنيا و الآخرة .

قرب الإسناد ج1 ص25 .

 

الإشراق الرابع : حديث  ينذر من لم يقتدن بفاطمة :

عن الإمام الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال : دخلت أنا و فاطمة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فوجدته يبكي بكاءً شديدا .

فقلت : فداك أبي و أمي يا رسول الله ما الذي أبكاك ؟

فقال : يا علي ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد ، فأنكرت شأنهن ، فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن

1_ و رأيت امرأة : معلقة بشعرها يغلى دماغ رأسها .

2_ و رأيت امرأة : معلقة بلسانها و الحميم يصب في حلقها .

3_ و رأيت امرأة : معلقة بثدييها .

4_ و رأيت امرأة : تأكل لحم جسدها و النار توقد من تحتها .

5_ و رأيت امرأة : قد شد رجلاها إلى يديها وقد سلط عليها الحيات والعقارب .

6_ و رأيت امرأة : صماء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها و بدنها متقطع من الجذام و البرص .

7_ و رأيت امرأة : معلقة برجليها في تنور من نار .

8ـ و رأيت امرأة : تقطع لحم جسدها من مقدمها و مؤخرها بمقاريض من نار .

9_ و رأيت امرأة : يحرق وجهها و يداها و هي تأكل أمعاءها .

10_ و رأيت امرأة : رأسها رأس الخنزير ، و بدنها بدن الحمار ، و عليها ألف ألف لون من العذاب .

11_ و رأيت امرأة : على صورة الكلب و النار تدخل في دبرها و تخرج من فيها ، و الملائكة يضربون رأسها و بدنها بمقامع من نار .

فقالت فاطمة  عليها السلام : حبيبي و قرة عيني أخبرني ما كان عملهن و سيرتهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب ؟

فقال : يا بنيتي :

1_ أما المعلقة بشعرها ، فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال .

2_ و أما المعلقة بلسانها ، فإنها كانت تؤذي زوجها .

3_ و أما المعلقة بثدييها ، فإنها كانت تمتنع من فراش زوجها

4_ و أما المعلقة برجليها ، فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها .

5_ و أما التي كانت تأكل لحم جسدها، فإنها كانت تزين بدنها للناس.

6_ و أما التي شد يداها إلى رجليها و سلط عليها الحيات و العقارب ، فإنها كانت قذرة الوضوء قذرة الثياب و كانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ولا تتنظف و كانت تستهين بالصلاة .

7_ وأما الصماء العمياء الخرساء، فإنها كانت تلد من الزناء فتعلقه في عنق زوجها .

8_ و أما التي كانت تقرض لحمها بالمقاريض ، فإنها كانت تعرض نفسها على الرجال .

9_ وأما التي كانت تحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعاءها ، فإنها كانت قوادة .

10_ وأما التي كان رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار فإنها كانت نمامة كذابة .

11_ و أما التي كانت على صورة الكلب و النار تدخل في دبرها و تخرج من فيها ، فإنها كانت قينة نواحة حاسدة .

ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم:

 ويل : لامرأة أغضبت زوجها .

و طوبى : لامرأة رضي عنها زوجها  .

 عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام ج2ص10ب30ح24 .

أخي الطيب وأختي الطيبة : هذا الحديث كما يصدق على النساء المنحرفات عن هدى الدين وتعاليم رب العالمين ، كذلك ينطبق على الرجال المنحرفون عن تعاليم رب العالمين بما يناسبهم حين تبديل فقراتهم ، وتوجد أحاديث كثيرة تعرفنا هذا المعنى إن أحببت المزيد من المعرفة راجع القسم الثاني : ما يبعد عن الإيمان وعلامات الشرك الكفر والنفاق من الباب السابع من صحيفة النبوة في من موسوعة صحف الطيبين .

 

الإشراق الخامس : أحاديث مختصرة عن سيدة النساء :

عن‏ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنها قالت‏ :

ما يصنع : الصائم بصيامه ، إذا لم يصن لسانه ، و سمعه و بصره ، و جوارحه .

دعائم الإسلام ج‏1ص268 ، ومن لا يحضره الفقيه ج‏1ص320.

قالت فاطمة عليها السلام :

من أصعد : إلى الله خالص عبادته ، أهبط الله عز و جل له أفضل مصلحته .

مجموعة ورام ج2ص108 .

 

 

النور الثالث

صلاة وأدعية وأحراز

يا طيب : من أجمل وأفضل سنن الدعاء ما جاء مأثورا عن فاطمة الزهراء عليها السلام ، وبتطبيق علمي وعملي ، وهو استحباب الدعاء للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات بظهر الغيب وعموم الدعاء لجميعهم ، وسنذكر أولا أحاديث عن الصديقة الزهراء ، ثم في صحيفتها الكاملة نتبعه ببعض الأحاديث مما يؤكد وبين علو علومها وعملها وسيرتها وسلوكها ، وبالخصوص في هذا المعنى وهو الدعاء للغير من المؤمنين :

الإشراق الأول : دعائها للمؤمنين :

قال الصدوق بإسناده : عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن فاطمة الصغرى عن الحسين بن علي عن أخيه الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام  قال :

رأيت : أمي فاطمة عليها السلام ، قامت في محرابها ليلة جمعتها .

فلم تزل : راكعة ساجدة ، حتى اتضح عمود الصبح .

و سمعتها : تدعو للمؤمنين و المؤمنات و تسميهم ، و تكثر الدعاء لهم .

و لا تدعو : لنفسها بشيء .

فقلت لها : يا أماه لم لا تدعين لنفسك ، كما تدعين لغيرك ؟

فقالت : يا بني الجار ثم الدار .

 

وبإسناده : عن الإمام موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم الصلاة والسلام قال : كانت فاطمة عليها السلام :

إذا دعت : تدعو للمؤمنين و المؤمنات ، و لا تدعو لنفسها .

فقيل لها : يا بنت رسول الله ، إنك تدعين للناس و لا تدعين لنفسك ؟

فقالت : الجار ثم الدار .

 علل الشرائع ج‏1ص182ب145ح1 ، 2.

 

 

 

الإشراق الثاني: أدعية الأسبوع لفاطمة عليه السلام :

 دعاء يوم السبت :

اللهم : أفتح لنا خزائن رحمتك ، و هب لنا اللهم ، رحمة لا تعذبنا بعدها في الدنيا و الآخرة . و ارزقنا من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا ، و لا تحوجنا و لا تفقرنا إلى أحد سواك . و زدنا لك شكرا ، و إليك فقرا و فاقة ، و بك عمن سواك غنى و تعففا .

اللهم : وسع علينا في الدنيا .

اللهم : إنا نعوذ بك أن تزوي وجهك عنا في حال ، و نحن نرغب إليك فيه .

اللهم : صل على محمد و آل محمد .

و أعطنا : ما تحب ، و اجعله لنا قوة فيما تحب .

يا أرحم الراحمين .

 

دعاء يوم الأحد :

 اللهم : أجعل أول يومي هذا فلاحا ، و آخره نجاحا ، و أوسطه صلاحا .

اللهم : صل على محمد و آل محمد ، و اجعلنا ممن أناب إليك فقبلته ، و توكل عليك فكفيته ، و تضرع إليك فرحمته .

 

دعاء يوم الإثنين :

اللهم : إني أسألك قوة في عبادتك ، و تبصرا في كتابك ، و فهما في حكمك .

اللهم : صل على محمد و آل محمد .

و لا تجعل : القرآن بنا ماحلا ، والصراط زائلا ، ومحمدا صلى الله عليه وآله عنا موليا .

دعاء يوم الثلاثاء :

اللهم : أجعل غفلة الناس لنا ذكرا ، و اجعل ذكرهم لنا شكرا .

و اجعل : صالح ما نقول بألسنتنا نية في قلوبنا .

اللهم : إن مغفرتك أوسع من ذنوبنا ، و رحمتك أرجى عندنا من أعمالنا .

اللهم : صل على محمد و آل محمد ، و وفقنا لصالح الأعمال ، و الصواب من الفعال .

 

دعاء يوم الأربعاء :

 اللهم : أحرسنا بعينك التي لا تنام ، و ركنك الذي لا يرام ، و بأسمائك العظام .

و صل : على محمد و آله .

و احفظ علينا : ما لو حفظه غيرك ضاع .

و استر علينا : ما لو ستره غيرك شاع .

و اجعل : كل ذلك لنا مطواعا ، إنك سميع الدعاء ، قريب مجيب .

 

دعاء يوم الخميس :

اللهم : إني أسألك الهدى و التقى ، والعفاف و الغنى ، والعمل بما تحب وترضى .

اللهم : إني أسألك ، من قوتك لضعفنا ، و من غناك لفقرنا و فاقتنا ، و من حلمك و علمك لجهلنا .

اللهم : صل على محمد و آل محمد . و أعنا : على شكرك و ذكرك و،  طاعتك و عبادتك . برحمتك يا أرحم الراحمين .

دعاء يوم الجمعة :

اللهم : أجعلنا من أقرب من تقرب إليك ، و أوجه من توجه إليك ، و أنجح من سألك و تضرع إليك .

اللهم : أجعلنا ممن كأنه يراك ، إلى يوم القيامة الذي فيه يلقاك ، و لا تمتنا إلا على رضاك .

اللهم : و أجعلنا ممن أخلص لك بعمله ، و أحبك في جميع خلقك .

اللهم : صل على محمد و آل محمد .

واغفر لنا : مغفرة جزما حتما، لا نقترف بعدها ذنبا، ولا نكتسب خطيئة ولا إثما.

اللهم : صل على محمد و آل محمد .

صلاة : نامية دائمة ، زاكية متتابعة ، متواصلة مترادفة .

برحمتك يا أرحم الراحمين .

 بحار الأنوار ج87ص338ب9ح53 عن البلد الأمين.

 

 

 

الإشراق الثالث: دعاء كريم لسيدة النساء عليها السلام

 

قالت سيدة النساء الصديقة فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام :

اللهم : بعلمك الغيب و قدرتك على الخلق : أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، و توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي .

اللهم : إني أسألك كلمة الإخلاص ، و خشيتك : في الرضا و الغضب ، و القصد : في الغنى و الفقر .

و أسألك : نعيما لا ينفد ، و أسألك : قرة عين لا تنقطع ، و أسألك : الرضا بالقضاء .

و أسألك : برد العيش بعد الموت ، و أسألك : النظر إلى وجهك ، و الشوق : إلى لقاءك من غير ضراء مضرة و لا فتنة مظلمة .

 اللهم : زينا بزينة الإيمان ، و اجعلنا : هداة مهديين يا رب العالمين .

 

الإشراق الرابع : تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام :

عظم الله أجوركم يا طيبين بمناسبة حلول شهادة الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام ولكم قصة تسبيح الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام:

تسبيحة الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام :

أربعة وثلاثين : الله أكبر

ثلاثة وثلاثين : الحمد لله

وثلاثة وثلاثين : سبحان الله

ويستحب : التسبيح بها قبل النوم ، وبعد الصلاة كتعقيب لها ، وفي المهمات ، ولها ثواب كثير وجاءت روايات كثيرة في فضلها ، وإيكم يا طيبين قصتها :

 حمران بن أبان الرازي، بإسناده ، عن الإمام علي عليه السلام قال :

كانت : فاطمة عليها السلام تخدم و تقوم بمهنة بيتها ، فأتعبتها الخدمة و أخلقتها و أثر الرحى في يدها و نالها من ذلك ضرر شديد .

و جاء : إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رقيق من سبي المشركين.

فقلت لها : لو أنك مضيت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاستخدمته خادما يكفيك الخدمة.

فمضت : إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوجدته على شغل، فانصرفت.

فلما كان : من غد أتانا ، فوقف على الباب، و نحن في لفاعنا (فراشنا).

فقال: السلام عليكم يا أهل البيت.

فسكتنا : حياء منه صلّى اللّه عليه و آله، فوثبت فأخذت ثوبي .

و قلت : و عليك السلام يا رسول اللّه أدخل فداك أبي و أمي، فدخل، و بقيت فاطمة في اللفاع .

فقال لها : ما كانت حاجتك أمس يا بنية؟

فاستحيت منه : و سكتت.

فخشيت : أن يقوم و لا تذكر له شيئا.

فقلت: أنا اخبرك بحاجتها يا رسول اللّه.

أصابها : من الخدمة ضرر شديد، و بلغها أن رقيقا جاءتك .

 فقلت لها : لو استخدمت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خادما، فجاءتك، لتذكر ذلك، فوجدتك على شغل.

فقال لها النبي صلّى اللّه عليه و آله: يا بنية ما جاءني من الرقيق ما يسع نساء جميع المسلمين، و ما كنت بالذي اوثرك عليهن .

و لكن اعطيك : ما هو خير لك من خادم و خادمة .

 إذا انصرفت : من صلاتك .

أو آويت : الى مضجعك .

فسبحي اللّه : ثلاثا و ثلاثين تسبيحة .

و كبّريه : ثلاثا و ثلاثين تكبيرة .

و احمديه : ثلاثا و ثلاثين تحميدة .

و اختمي ذلك : بشهادة أن لا إله إلا اللّه.

و ذلك : ذكر اللّه بما هو أهله - مائة مرة .

تكون لك : بذلك مائة حسنة، و الحسنة بعشر أمثالها .

فيكتب : اللّه عزّ و جلّ لك في ذلك الف حسنة .

فذلك : خير لك من خادم و خادمة ، و من الدنيا و ما فيها.

فأخرجت : رأسها من اللفاع.

 فقالت : رضيت عن اللّه و عن رسول اللّه- ثلاثا-.

قال علي عليه السلام : فما تركناها مذ سمعناها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد كل صلاة مكتوبة .

شرح الأخبار للقاضي النعمان ج‏3ص67ح993 . وقال أبو نعيم في الحلية ج1ص 69 ، وعن الإمام علي: فما فاتني منذ سمعتها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلا ليلة صفين فاني نسيتها حتى ذكرتها من آخر الليل، فقلتها .

يا طيب : وإن من المواظبين عليها جدا ، بل أكثر المؤمنين ، ويحسن حين تلفظ أسماء الله في التكبير : ذكر علوه عن وصف الواصفين ومن الظلم والجور وترك عباده بدون بيان الدليل والولي الحق وإهمالهم بدون إمام ، وتذكر بعض نعم الله تعالى ولو نعمة واحدة مع كل تحميده ، وفي التسبيح : تذكر عزته وكماله وعلوه وتنزيهه عن كل نقص .

 



 

الذكر الرابع
خطبة سيدة النساء بعد غصب فدك

يا طيب : هذه صحيفة مختصر من صحيفة سيدة النساء عليها السلام ، والتفصيل تجده إن شاء الله في صحيفتها ، ولكم هنا نصفها فقط :

يا طيب : حتى نضع أحداث السقيفة وما جرى فيها وغصب فدك بعدها نذكر لكم كمقدمة للبحث الآتي حين يوفقنا الله تعالى :

 

عن دلائل الإمامة : لأبي جعفر الطبري ذكر : حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عثمان بن سعيد الزيات قال : حدثنا محمد بن الحسين العضباني قال : حدثنا أحمد بن محمد بن نصر البزنطي ، عن السكوني ، عن أبان بن عثمان الأحمر ، عن أبان بن تغلب الربعي ، عن عكرمة :

عن ابن عباس قال : لما بلغ فاطمة إجماع أبي بكر على منع فدك ...

و أخبرني : أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري قال : حدثنا أبي قال حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال : حدثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس الأشعري قال : حدثنا علي بن حسان ، عن عمه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن عمته زينب بنت أمير المؤمنين قالت : لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدكا ....

وقال أبو العباس : و حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم الأشعري قال : حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن محمد بن عمرو بن عثمان الجعفي قال : حدثني أبي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن عمته زينب بنت أمير المؤمنين ، و غير واحد : أن فاطمة لما أجمع أبو بكر على منعها فدكا ..

و حدثني : القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر بن سهل بن حمران الدقاق قال : حدثتني أم الفضل خديجة بنت محمد بن أحمد بن أبي الثلج قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني قال : حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري قال : حدثنا محمد بن زكريا قال : حدثنا جعفر بن عمارة الكندي قال : حدثني أبي عن الحسن بن صالح بن حي قال : و ما رأت عيناي مثله قال : حدثني رجلان من بني هاشم عن زينب بنت علي قالت : لما بلغ فاطمة إجماع أبي بكر على منع فدك و انصراف وكيلها عنها ، لاثت خمارها .... الحديث .

قال الصفواني : و حدثني محمد بن محمد بن يزيد مولى بني هاشم ، قال حدثني عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، عن جماعة من أهله ، و ذكر الحديث ...

قال الصفواني : و حدثني أبي عن عثمان قال : حدثنا نائل بن نجيح عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر ، عن آبائه ، و ذكر الحديث ..

قال الصفواني : و حدثنا عبد الله بن ضحاك قال : حدثنا هشام بن محمد ، عن أبيه ابن وعوانة ..

 قال الصفواني : و حدثنا ابن عائشة ببعضه ، و حدثنا العباس بن بكار قال : حدثنا حرب بن ميمون ، عـن زيـد بن عـلـي ، عن آبـائــه عليهم السـلام قالوا :

 

لما بلغ فاطمة عليها السلام : إجماع أبي بكر على منعها فدك و انصرف عاملها منها ، لاثت خمارها ، ثم أقبلت في لمة من حفدتها و نساء قومها ، تطأ أذيالها ، ما تخرم مشية رسول الله ، حتى دخلت على أبي بكر ، و قد حفل حوله المهاجرون والأنصار، فنيطت دونها ملاءة، فأنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء ..

ثم أمهلت : حتى هدأت فورتهم و سكنت روعتهم ، افتتحت الكلام فقالت :

أبتدئ بالحمد : لمن هو أولى بالحمد و المجد و الطول ، الحمد لله : على ما أنعم ، و له الشكر : على ما ألهم ، و الثناء : على ما قدم ، من عموم نعم ابتدأها ، و سبوغ آلاء أسداها ، و إحسان منن والاها ، جم : عن الإحصاء عددها ، و نأى : عن المجاراة أمدها ، و تفاوت : عن الإدراك أبدها ، استدعى الشكور بإفضالها ، و استحمد إلى الخلائق بإجزالها ، و أمر بالندب إلى أمثالها .

و أشهد : أن لا إله إلا الله كلمة جعل الإخلاص تأويلها ، و ضمن القلوب موصولها ، و أبان في الفكر معقولها .

 الممتنع : من الأبصار : رؤيته ، و من الألسن : صفته ، و من الأوهام : الإحاطة به .

 ابتدع الأشياء : لا من شي‏ء كان قبله ، و أنشأها بلا احتذاء مثله ، وضعها لغير فائدة زادته ، إظهارا لقدرته ، و تعبدا لبريته، وإعزازا لأهل دعوته.

 ثم جعل : الثواب على طاعته ، و وضع العقاب على معصيته ، ذيادة لعباده عن نقمته ، و حياشة لهم إلى جنته .

 

و أشهد : أن أبي محمدا عبده و رسوله ، اختاره قبل أن يبتعثه ، و سماه قبل أن يستنجبه ، إذ الخلائق في الغيب مكنونة ، و بسد الأوهام مصونة ، و بنهاية العدم مقرونة ، علما من الله في غامض الأمور ، و إحاطة من وراء حادثة الدهور ، و معرفة بموقع المقدور .

ابتعثه الله : إتماما لعلمه ، و عزيمة : على إمضاء حكمه ، فرأى الأمم فرقا في أديانها ، عكفا على نيرانها ، عابدة لأوثانها ، منكرة لله مع عرفانها ، فأنار الله بمحمد ظلمها ، و فرج عن القلوب شبهها ، و جلا عن الأبصار غممها ، و عن الأنفس عمهها .

ثم قبضه الله : إليه قبض رأفة و رحمة و اختيار ، و رغبة لمحمد عن تعب هذه الدار ، موضوعا عنه أعباء الأوزار ، محفوفا بالملائكة الأبرار ، و رضوان الرب الغفار ، و مجاورة الملك الجبار ، أمينه على الوحي و صفيه و رضيه و خيرته من خلقه و نجيه ، فعليه الصلاة و السلام و رحمة الله و بركاته .

 

ثم التفتت إلى أهل المسجد فقالت للمهاجرين و الأنصار :

و أنتم عباد الله : نصب أمره و نهيه ، و حملة دينه و وحيه ، و أمناء الله على أنفسكم ، و بلغاؤه إلى الأمم ، زعيم الله فيكم ، و عهد قدمه إليكم ، و بقية استخلفها عليكم :

 كتاب الله : بينة : بصائره و آية ، منكشفة : سرائره و برهانه ، متجلية : ظواهره ، مديم للبرية : استمامه ، قائد : إلى الرضوان أتباعه ، مؤد : إلى النجاة أشياعه ، فيه تبيان : حجج الله المنيرة ، و مواعظه المكررة ، و عزائمه المفسرة ، و محارمه المحذرة ، و أحكامه الكافية ، و بيناته الجالية ، و فضائله المندبة ، و رخصه الموهوبة ، و رحمته المرجوة ، و شرائعه المكتوبة .

 ففرض الله عليكم : الإيمان : تطهيرا لكم من الشرك ، و الصلاة : تنزيها لكم عن الكبر ، و الزكاة : تزييدا في الرزق ، و الصيام : إثباتا للإخلاص ، و الحج : تشييدا للدين ، و الحق : تسكينا للقلوب ، و تمكينا للدين .

و طاعتنا : نظاما للملة ، و إمامتنا : لما للفرقة .

و الجهاد : عزا للإسلام ، و الصبر : معونة على الاستجابة ، و الأمر بالمعروف : مصلحة للعامة ، و النهي عن المنكر : تنزيها للدين ، و البر بالوالدين : وقاية من السخط ، و صلة الأرحام : منماة للعدد ، و زيادة في العمر ، و القصاص : حقنا للدماء ، و الوفاء بالعهود : تعرضا للمغفرة ، و وفاء المكيال و الميزان : تعييرا للبخس  و التطفيف .

 و اجتناب قذف المحصنة : حجابا عن اللعنة ، و التناهي : عن شرب الخمور : تنزيها عن الرجس ، و مجانبة : السرقة : إيجابا للعفة ، و ـ التنزه عن: ـ أكل مال اليتيم و الاستيثار به : إجارة من الظلم ، و النهي عن الزناء : تحصنا عن المقت .

 و العدل في الأحكام : إيناسا للرعية ، و ترك الجور في الحكم : إثباتا للوعيد ، و النهي عن الشرك : إخلاصا له تعالى بالربوبية .

فاتقوا الله حق تقاته : و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ، و لا تتولوا مدبرين ، وأطيعوه فيما أمركم ونهاكم ، فإنما يخشى الله من عباده العلماء .

فاحمدوا الله : الذي بنوره و عظمته ابتغى من في السماوات و من في الأرض إليه الوسيلة ، فنحن وسيلته في خلقه ، و نحن آل رسوله ، و نحن حجة غيبه و ورثة أنبيائه .

ثم قالت : أنا فاطمة ، و أبي محمد ، أقولها عودا على بدء ، و ما أقولها إذ أقول سرفا و لا شططا : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} التوبة  إن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم ، و أخا ابن عمي دون رجالكم .

 بلغ النذارة : صادعا بالرسالة ، ناكبا عن سنن المشركين ، ضاربا لأثباجهم ، آخذا بأكظامهم ، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة ، يجذ الأصنام ، و ينكت الهام حتى انهزم الجمع و ولوا الدبر ، و حتى تفرى الليل عن صبحه ، و أسفر الحق عن محضه ، و نطق زعيم الدين ، و هدأت فورة الكفر ، و خرست شقاشق الشيطان ، و فهتم بكلمة الإخلاص .

 و كنتم على شفا حفرة من النار : فأنقذكم منها نبيه ، تعبدون الأصنام ، و تستقسمون بالأزلام ، مذقة الشارب ، و نهزة الطامع ، و قبسة العجلان ، و موطئ الأقدام ، تشربون الرنق ، و تقتاتون القدد ، أذلة خاشعين ، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم به بعد اللتيا و التي .

و بعد ما مني : ببهم الرجال ، و ذؤبان العرب .

 كلما أوقدوا نارا للحرب : أطفأها الله ، و كلما نجم قرن الضلالة ، أو فغرت فاغرة للمشركين :  قذف أخاه : في لهواتها ، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه ، و يخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات الله ، قريبا من رسول الله ، سيدا في أولياء الله .

 و أنتم : في بلهنية آمنون وادعون فرحون ، تتوكفون الأخبار ، و تنكصون عند النزال على الأعقاب .

حتى أقام الله : بمحمد عمود الدين ، و لما اختار له الله عز و جل دار أنبيائه ، و مأوى أصفيائه .

 ظهرت : حسيكة النفاق ، و سمل جلباب الدين ، و أخلق ثوبه ، و نحل عظمه ، و أودت رمته ، و ظهر نابغ ، و نبغ خامل ، و نطق كاظم و هدر ،  فنبق الباطل يخطر في عرصاتكم ، و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم ، فألفاكم غضابا ، فخطمتم غير إبلكم ، و أوردتموها غير شربكم ، بدارا زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا ، و إن جهنم لمحيطة بالكافرين .

هذا و العهد قريب : و الكلم رحيب ، و الجراح لما يندمل ، فهيهات منكم ، و أين بكم ، و أنى تؤفكون ، و كتاب الله بين أظهركم ، زواجره لائحة ، و أوامره لامحة ، و دلائله واضحة ، و أعلامه بينة ، و قد خالفتموه رغبة عنه ، فبئس للظالمين بدلا .

ثم لم تربثوا شعثها : إلا ربث أن تسكن نفرتها ، و يسلس قيادها ، تسرون حصوا بارتغاء ، أو نصر منكم على مثل حز المدى .

 و زعمتم : أن لا إرث لنا ، أ فحكم الجاهلية تبغون ، و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ، و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين .

إيها معشر المسلمين : أ أبتز إرث أبي ؟

يا ابن أبي قحافة : أبى الله أن ترث أباك و لا أرث أبي ، لقد جئت شيئا فريا ، جرأة منكم على قطيعة الرحم ، و نكث العهد ، فعلى عمد ما تركتم كتاب الله بين أظهركم ، و نبذتموه :

 إذ يقول : { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ (16)} النمل .

 و فيما قص من خبر يحيى و زكريا ، إذ يقول : { رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) } آل عمران .

و قال عز و جل : {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (11)} النساء.

و قال تعالى : { إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ  (180) } البقرة .

و زعمتم : أن لا حظ لي و لا إرث من أبي .

 أ فخصكم الله بآية أخرج أبي منها ؟

 أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثان ؟

 أ و لست أنا و أبي من ملة واحدة ؟

أم أنتم بخصوص القرآن و عمومه أعلم ممن جاء به ؟

فدونكموها : مرحولة مزمومة ، تلقاكم يوم حشركم .

فنعم الحكم الله : و نعم الخصيم محمد ، و الموعد القيامة ، و عما قليل تؤفكون ، و عند الساعة ما تحصرون ، و لكل نبإ مستقر ، و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ، و يحل عليه عذاب مقيم .

ثم التفتت إلى قبر أبيها وتمثلت بأبيات صفيه بنت عبد المطلب:

قد كان بعدك أنبــاء و هنـبثـة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطـب‏

إنا فقدنـاك فقـد الأرض وابلهـا

و اجتث أهلك مذ غيبت واغتصبوا

أبـدت رجال لنا  فحوى صدورهم

لما نـأيت وحـالت بيننا الكثـب‏

تهجمتنـا ليال و استخف بنا دهـر

فقـد أدركـوا منا  الـذي طلبـوا

قد كنـت للخلق نـورا يستضاء به

عليك تنزل من ذي العـزة  الكتب

‏و كان جبريـل بالآيـات يؤنسـنا

فغاب عنـا فكل الخيـر محتجـب‏

 

فقال أبو بكر : صدقت يا بنت رسول الله ، لقد كان أبوك بالمؤمنين رءوفا رحيما ، و على الكافرين عذابا أليما ، و كان و الله إذا نسبناه وجدناه أباك دون النساء ، و أخا ابن عمك دون الرجال ، آثره على كل حميم ، و ساعده على الأمر العظيم ، و أنتم عترة نبي الله الطيبون ، و خيرته المنتجبون ، على طريق الجنة أدلتنا ، و أبواب الخير لسالكينا .

فأما ما سألت : فلك ما جعله أبوك ، و أنا مصدق قولك ، لا أظلم حقك .

و أما ما ذكرت من الميراث : فإن رسول الله قال : نحن معاشر الأنبياء لا نورث .

 

فقالت فاطمة : يا سبحان الله ، ما كان رسول الله قال مخالفا ، و لا عن حكمه صادفا ، فلقد كان يلتقط أثره ، و يقتفي سيره ، أ فتجمعون إلى الظلامة الشنعاء ، و الغلبة الدهياء ، اعتلالا بالكذب على رسول الله ، و إضافة الحيف إليه .

 و لا عجب : إن كان ذلك منكم ، و في حياته ما بغيتم له الغوائل ، و ترقبتم به الدوائر .

 هذا كتاب الله : حكم عدل ، و قائل فصل عن بعض أنبياءه إذ قال : {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)}مريم ، و فصل في بريته الميراث مما فرض من حظ الذكور و الإناث .

 فلم سولت : لكم أنفسكم أمرا ؟

فصبر جميل ، و الله المستعان على ما تصفون .

 قد زعمت : أن النبوة لا تورث ، و إنما يورث ما دونها ، فما لي أمنع إرث أبي ؟

 أ أنزل الله : في كتابه إلا فاطمة بنت محمد ، فدلني عليه أقنع به ؟

 

فقال أبو بكر لها : يا بنت رسول الله أنت عين الحجة ، و منطق الحكمة لا أدل بجوابك ، و لا أدفعك عن صوابك ، لكن المسلمون بيني و بينك ، فهم قلدوني ما تقلدت ، و أتوني ما أخذت ، و ما تركت .

 

فقالت فاطمة : لمن بحضرته ، أ تجتمعون إلى المقبل بالباطل و الفعل الخاسر ؟ لبئس ما اعتاض المسلمون ، و ما يسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين.

 أما و الله : لتجدن محملها ثقيلا ، و عباها وبيلا ، إذا كشف لكم الغطاء ، فحينئذ لات حين مناص ، و بدا لكم من الله ما كنتم تحذرون .

 

قالوا : و لم يكن الرجل حاضرا .

 فكتب لها : أبو بكر كتابا إلى عامله برد فدك ، فأخرجته في يدها .

 و استقبلها عمر : فأخذه منها ، و تفل فيه ، و مزقه .

و قال : لقد خرف ابن أبي قحافة و ظلم .

 

فقالت له : ما لك لا أمهلك الله تعالى ، و قتلك و مزق بطنك .

 

و أتت من فورها ذلك الأنصار فقالت : معشر النقيبة ، و حصنة الإسلام ، ما هذه الغميزة في حقي ، و السنة عن ظلامتي ، أ ما كان رسول الله أمر بحفظ المرء في ولده ؟ فسرعان ما أحدثتم ، و عجلان ذا إهالة .

أ تقولون : مات محمد فخطب جليل استوسع وهيه ، و استهتر فتقه ، و فقد راتقه ، فأظلمت الأرض لغيبته ، و اكتأب خيرة الله لمصيبته ، و أكدت الآمال ، و خشعت الجبال ، و أضيع الحريم ، و أزيلت الحرمة بموت محمد ؟!

 فتلك : نازلة أعلن بها كتاب الله هتافا هتافا ، و لقبل ما خلت به أنبياء الله و رسله ، وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ الآية .

أ بني قيلة : أ أهضم تراث أبي و أنتم بمرأى و مسمع ، تلبسكم الدعوة ، و يشملكم الجبن ، و فيكم العدة و العدد ، و لكم الدار و الخيرة ، و أنتم أنجبته التي امتحن ، و نحلته التي انتحل ، و خيرته التي انتخب لنا أهل البيت ، فنابذتم فينا العرب ، و ناهضتم الأمم ، و كافحتم البهم لا نبرح و تبرحون ، و نأمركم فتأتمرون ، حتى دارت بنا و بكم رحى الإسلام ، و در حلب البلاد ، و خضعت بغوة الشرك ، و هدأت روعة الهرج ، و بلغت نار الحرب ، و استوسق نظام الدين ؟

 فأنى جرتم بعد البيان ؟ و نكصتم بعد الإقدام عن قوم : {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12)}التوبة ؟

 ألا أرى و الله : إن أخلدتم إلى الخفض ، و ركنتم إلى الدعة ، فحجتم الذي استرعيتم ، و رسعتم ما استرعيتم ، ألا : و { إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)} إبراهيم .

 { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ

جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ

وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)}إبراهيم ؟

ألا و قد قلت الذي قلت : على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم ، و لكنها فيضة النفس ، و نفثة الغيظ ، و بثة الصدر ، و معذرة الحجة .

 فدونكم فاحتقبوها دبرة الظهر ، ناقية الخضا ، باقية العار ، موسومة بشنار الأبد ، موصولة بنار الله المؤصدة الآية ، فبعين الله ما تفعلون { إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا  مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227) }الشعراء  .

 و أنا ابنة : { إِنْ هُوَ إِلَّا  نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) } سبأ .

فاعملوا { وَقُلْ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (122}هود .

{ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)} الرعد .

{وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) }التوبة .

{وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (14)}الإسراء .

 {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه (8)}الزلزلة .

و كان الأمر : قد قصر . ثم ولت .

 

فتبعها رافع بن رفاعة الزرقي فقال لها : يا سيدة النساء ، لو كان أبو الحسن تكلم في هذا الأمر ، و ذكر للناس قبل أن يجري هذا العقد ما عدلنا به أحدا ؟

فقالت : يردنها إليك عني ، فما جعل الله لأحد بعد غدير خم من حجة ، و لا عذر .

قال : فلم ير باك و باكية كان أكثر من ذلك اليوم ، ارتجت المدينة و هاج الناس و ارتفعت الأصوات .

 

فلما بلغ ذلك أبا بكر قال لعمر : تربت يداك ما كان عليك لو تركتني ، فربما فات الخرق ، و رتقت الفتق ، أ لم يكن ذلك بنا أحق ؟

فقال الرجل : قد كان في ذلك تضعيف سلطانك و توهين كافتك ، و ما أشفقت إلا عليك .

قال ويلك : فكيف بابنة محمد ، و قد علم الناس ما تدعو إليه ، و ما نحن من الغدر عليه ؟

فقال : هل هي إلا غمرة انجلت ، و ساعة انقضت ، و كان ما قد كان لم يكن !! ما قد مضى مما مضى كما مضى ، و ما مضى مما مضى قد انقضى‏.

 أقم الصلاة و آت الزكاة و أمر بالمعروف و انه عن المنكر و وفر الفي‏ء و صل القرابة فإن الله يقول إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرِينَ و يقول : {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)}الرعد .

و يقول : {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ (135) } آل عمران .

ذنب واحد في حسنات كثيرة قلدني ما يكون من ذلك .

فضرب بيده على كتف عمر و قال : رب كربة فرجتها يا عمر ، ثم نادى الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس و صعد المنبر :

فحمد الله و أثنى عليه ، ثم قال أيها الناس :

ما هذه الرعة ، و مع كل قالة أمنية ، أين كانت هذه الأماني في عهد نبيكم ، فمن سمع فليقل ، و من شهد فليتكلم ، كلا بل هو ثعالة شهيده ذنبه لعنه الله ، و قد لعنه رسوله مرات بكل أمنية ، يقول : كروها جذعة ابتغاء الفتنة من بعد ما هرمت ، كأم طحال أحب أهلها الغوى ، ألا لو شئت أن أقول لقلت ، و لو تكلمت لبحت ، و أني ساكت ما تركت ، يستعينون بالصبية و يستنهضون النساء ، و قد بلغني يا معشر الأنصار مقالة سفهائكم .

فو الله : إن أحق الناس بلزوم عهد رسول الله لأنتم ، لقد جاءكم الرسول فآويتم و نصرتم ، و أنتم اليوم أحق من لزم عهده ، و مع ذلك فاغدوا على أعطياتكم ، فإني لست كاشفا قناعا ، و لا باسطا ذراعا، ولا لسانا إلا على من استحق ذلك و السلام .

قال : فأطلعت أم سلمة رأسها من بابها ، و قالت :

 أ لمثل فاطمة يقال هذا ؟ و هي الحوراء بين الإنس ، و الأنس للنفس ، ربيت في حجور الأنبياء ، و تداولتها أيدي الملائكة ، و نمت في المغارس الطاهرات ، نشأت خير منشأ ، و ربيت خير مربا .

 أ تزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه و لم يعلمها ؟ و قد قال الله له : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ (214) } الشعراء .

فأنذرها و جاءت تطلبه ؟  و هي خيرة النسوان ، و أم سادة الشبان ، و عديلة مريم ابنة عمران ، و حليلة ليث الأقران ، تمت بأبيها رسالات ربه ، فو الله لقد كان يشفق عليها من الحر و القر ، فيوسدها يمينه ، و يدثرها شماله .

رويدا فرسول الله بمرأى لأعينكم ، و على الله تردون ، فواها لكم ، و سوف تعلمون .

قال : فحرمت أم سلمة تلك السنة عطاءها .

 و رجعت فاطمة إلى منزلها : فشكت .

 

قال أبو جعفر ـ صاحب كتاب دلائل الإمامة الذي نقلنا منه الرواية ـ : نظرت في جميع الروايات ، فلم أجد فيها أتم شرح و أبلغ في الإلزام ، و أوكد في الحجة من هذه الرواية .

ونظرت إلى رواية عبد الرحمن بن كثير ، فوجدته قد زاد في هذا الموضع :

 أ نسيتم قول رسول الله ، و بدأ بالولاية : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، و قوله : إني تارك فيكم الثقلين ، ما أسرع ما أحدثتم ، و أعجل ما نكثتم ، و هو في بقية الحديث على السياقة .

دلائل ‏الإمامة ص : 29ـ 39 حديث فدك .

 

 هذه الأبيات لتعرف عظم المصيبة :

رحم الله سلامة الموصلي إذ قال :

يا نفس إن تلتقي ظلما فقد ظلمت _ بنت النبي رسول الله و ابناها

تلك التي أحمد المختار والدها _ و جبرئيل أمين الله رباها

الله طهرها من كل فاحشة _ و كل ريب و صفاها و زكاها

           

و لبعض الموصليين رحمه الله :

حر صدري و اشتياقي فالأسى _ و احتراقي و اكتئابي و الحرب‏

لابنة الهادي الرضي فاطمة _ حقها بعد أبيها يغتصب‏

بل لما نال بني فاطمة _ من بني الطمث الملاعين العيب‏

يا لقومي ما أتى الدهر بهم _ من خطوب مفظعات و نوب‏

 المناقب ج3 ص358 .

 

وفي صحيفة سيدة النساء إن شاء الله نجد باقي مخاطبتها للأنصار وشرح الخطبة وبحوث وأحاديث أخرى .

 

 


 

 

الذكر الخامس
شهادة سيدة النساء وزيارتها

 

 

الإشراق الأول : أحاديث في كيفية شهادة سيدة النساء :

 

ذكر في المناقب : عن أبو عبد الله حمويه بن علي البصري ، و أحمد بن حنبل ، و أبو عبد الله بن بطة ، بأسانيدهم .

قالت : أم سلمى امرأة أبي رافع :

اشتكت فاطمة : شكواها التي قبضت فيها ، و كنت أمرضها .

فأصبحت يوما : أسكن ما كانت .

فخرج علي عليه السلام : إلى بعض حوائجه .

فقالت : أسكبي لي غسلا ، فسكبت .

 و قامت : و اغتسلت أحسن ما يكون من الغسل ، ثم لبست أثوابها الجدد .

ثم قالت : افرشي فراش وسط البيت ، ثم استقبلت القبلة ، و نامت .

و قالت : أنا مقبوضة ، و قد اغتسلت ، فلا يكشفني أحد .

ثم وضعت خدها : على يدها ، و ماتت .

+

و قالت أسماء بنت عميس : أوصت إلي فاطمة .

ألا يغسلها : إذا ماتت ، إلا أنا و علي .

فأعنت : عليا على غسلها .

+

وعن أبو الحسن الخزاز القمي في الأحكام الشرعية :

سئل : أبو عبد الله عن فاطمة ، من غسلها .

فقال : غسلها أمير المؤمنين ، لأنها كانت صديقة ، لم يكن ليغسلها إلا صديق .

+

في تهذيب الأحكام : عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن أول من جعل له النعش ؟

قال : فاطمة بنت رسول الله عليها السلام .

و في رواية : عبد الرحمن ، أنها قالت لأسماء :

 استريني : سترك الله من النار ، يعني بالنعش .

و روي : أنه لما صار بها إلى القبر المبارك خرجت يد فتناولها و انصرف  .

+

و قال جابر الأنصاري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لعلي بن أبي طالب ، قبل موته بثلاث .

سلام الله عليك : يا أبا الريحانتين ، أوصيك بريحانتي من الدنيا ، فعن قليل ينهد ركناك ، و الله خليفتي عليك .

فلما قبض : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فقال : علي هذا أحد ركني ، الذي قال لي رسول الله .

فلما ماتت : فاطمة عليه السلام .

قال علي : هذا الركن الثاني ، الذي قال رسول الله .

روضة الواعظين ج1ص152 .

و عن الأصبغ بن نباتة قال : سئل علي بن أبي طالب عليه السلام ، عن علة دفنه لفاطمة بنت رسول الله ليلا ؟

فقال عليه السلام : إنها كانت ساخطة ، على قوم كرهت حضورهم جنازتها ، و حرام على من يتولاهم ، أن يصلي على أحد من ولدها .

الأمالي للصدوق ص657 م 94 ح9 .

+

 

الإشراق الثالث : توديع وحزن سيد الأوصياء عليها :

 

ومن كلام أمير المؤمنين عليه السلام عندما دفن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام وهو كالمناجي بكلامه رسول الله عند قبره صلى الله عليه وآله وسلم ، ويظهر فيها حزنه وأساه وما عاناه من شدة المصيبة وعظيم الرزية وشدة الألم من فقدانها ، والتفجع عليها ، مع البيان لبعض معارف تخصها ومعاني كلمات نشرحها .

 

ذكر في الكافي : عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما السلام قَالَ :

لَمَّا قُبِضَتْ : فَاطِمَةُ عليها السلام .

دَفَنَهَا:  أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، سِرّاً .

و عَفَا : عَلى‏ مَوْضِعِ قَبْرِهَا .

 

ثُمَّ قَامَ عليه السلام :

فَحَوَّلَ و جْهَهُ : إِلى‏ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله .

فقَالَ :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنِّي .

و السَّلَامُ عَلَيْكَ : عَنِ ابْنَتِكَ وَ زَائِرَتِكَ .

و الْبَائِتَةِ : فِي الثَّرى‏ بِبُقْعَتِكَ .

و الْمُخْتَارِ اللَّهُ : لَهَا ، سُرْعَةَ اللِّحَاقِ بِكَ .

 

قَلَ‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ : عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي .

و عَفَا : عَنْ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ  تَجَلُّدِي .

إِلَّا أَنَّ لِي : فِي التَّأَسِّي بِسُنَّتِكَ فِي فُرْقَتِكَ ، مَوْضِعَ تَعَزٍّ .

فَلَقَدْ : و سَّدْتُكَ فِي مَلْحُودَةِ قَبْرِكَ .

وَ فَاضَتْ : نَفْسُكَ بَيْنَ نَحْرِي و صَدْرِي .

بَلى‏ : و فِي كِتَابِ اللَّهِ لِي ، أَنْعَمُ الْقَبُولِ .

{ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ (156) } البقرة.

 

قَدِ اسْتُرْجِعَتِ : الْوَدِيعَةُ ، و أُخِذَتِ الرَّهِينَةُ .

و أُخْلِسَتِ : الزَّهْرَاءُ .

فَمَا أَقْبَحَ : الْخَضْرَاءَ و الْغَبْرَاءَ .

 

يَا رَسُولَ اللَّهِ :

أَمَّا حُزْنِي : فَسَرْمَدٌ ، و أَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ .

و هَمٌّ : لَايَبْرَحُ مِنْ قَلْبِي .

 

أَوْ يَخْتَارَ اللَّهُ : لِي ، دَارَكَ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا مُقِيمٌ .

كَمَدٌ : مُقَيِّحٌ ، و هَمٌّ مُهَيِّجٌ .

سَرْعَانَ : مَا فَرَّقَ بَيْنَنَا .

و إِلَى اللَّهِ : أَشْكُو .

 

و سَتُنْبِئُكَ : ابْنَتُكَ ، بِتَظَافُرِ أُمَّتِكَ عَلى‏ هَضْمِهَا .

فَأَحْفِهَا : السُّؤَالَ ، و اسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ .

 

فَكَمْ مِنْ : غَلِيلٍ مُعْتَلِجٍ بِصَدْرِهَا ، لَمْ تَجِدْ إِلى ‏بَثِّهِ سَبِيلًا .

و سَتَقُولُ : و يَحْكُمُ اللَّهُ ، و هُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ .

سَلَامٌ عَلَيْكَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ سَلَامَ ، سَلَامَ مُوَدِّعٍ ، لَا قَالٍ و لَا سَئِمٍ .

فَإِنْ أَنْصَرِفْ : فَلَا عَنْ مَلَالَةٍ .

و إِنْ أُقِمْ : فَلَا عَنْ سُوءِ ظَنٍّ ، بِمَا و عَدَ اللَّهُ الصَّابِرِينَ .

و اهَ :  و اها .

و الصَّبْرُ : أَيْمَنُ و أَجْمَلُ .

 

و لَوْلَا غَلَبَةُ الْمُسْتَوْلِينَ : لَجَعَلْتُ الْمُقَامَ و اللَّبْثَ ، لِزَاماً مَعْكُوفاً .

و لَأَعْوَلْتُ : إِعْوَالَ الثَّكْلى‏ ، عَلى‏ جَلِيلِ الرَّزِيَّةِ .

 

 فَبِعَيْنِ اللَّهِ : تُدْفَنُ ابْنَتُكَ سِرّاً .

و تُهْضَمُ : حَقَّهَا ، و تُمْنَعُ إِرْثَهَا .

 و لَمْ يَتَبَاعَدِ : الْعَهْدُ ، و لَمْ يَخْلَقْ مِنْكَ الذِّكْرُ .

و إِلَى اللَّهِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمُشْتَكى .

و فِيكَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْسَنُ الْعَزَاءِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، ، و عَلَيْهَا السَّلَامُ و الرِّضْوَانُ .

الكافي ج2ص490ب114ح1246/4. الأمالي للمفيد ص281م33ح7 . الأمالي للطوسي ص109م4ح166.

 

ولكم يا موالين ويا أخوتي الطيبين : بعض البيان لشرح الخطبة الكريمة :

عفا : محا ومسح أو غطى موضع الأثر ، ومحا القبر عفا آثره ، حتى لا يعثر عليه أحد، ولكثر السؤال عن السبب، تعرف مظلوميتها ويبتعد عن ظالميها ولا يقتدى بهم .

الثرى : تراب ما تحت الأرض ، وقيل التراب الندي ، و رذاذ التراب في الهواء ، ويعبر بالثرى عن الكثرة .

البقعة : هي القطعة من الأرض التي على غير هيئة التي على جنبها ، ويريد عليه السلام بأنه بقعة أرض مباركة ، وهي قرب مرقده المقدس إذا كان مرقدها في بيتها ، ولعله إشارة إلى الحديث : ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : إذا مات المؤمن ، بكت عليه بقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها .

المختار الله لها سرعة اللحوق بك : إشارة للحديث عن رسول الله : أن فاطمة أسرع أهله لحوقا به .

صفيتك : أي التي أصطفها رسول الله بل الله تعالى كما في الأحاديث الكثيرة ، وهي سيد نساء العالمين . وقل صبري : يعبر به عن جزعه وحزنه عن فراقه لحليلة الزهراء عليها السلام .

وعفا التجلد : أي محي وأنحل وضعف حيلي وقوتي ، وقل تصلبي أمام المصائب ، فلا حول ولا قوة لي على الصبر وعدم إظهار الحزن ، لشدة ما حل به من المصاب بفقده للزهراء عليها السلام .

ألا أن لي : في التأسي في سنتك ، وهو أن يكون المؤمن صبور لا تهزه الشدائد ، وأنه مر به قبل مصابه بفاطمة الزهراء عليها السلام ، مصيبة فقده لرسول الله صلى الله عليه وآله ، وبصبره السابق يتأسى ويتعزى .

وسدتك في ملحودة قبرك : الوسادة في القبر تكون من ترابه ، واللحد شق القبر الذي يوضع فيه الميت ، وفي الغالب أنه في وسطه ، وأنه يستحب إذا أدخل الميت القبر أن يقال : بسم الله و الله أكبر ، ثم يوضع على جنبه الأيمن ، وأن تجعل له وسادة من تراب تحت رأسه ، و تجعل خلف ظهره مجموعة طين يابس نقي لكي لا يستلقي ، و يحل عقد كفنه كلها ، و يكشف عن وجهه ، ثم يدعى له بأدعية الدفن والتلقين ، ويسوى القبر وغيرها من المستحبات ، وهذا من آداب الدفن لأهل البيت ، وهو ما فعله أمير المؤمنين عليه السلام بنبي الرحمة وبنت فاطمة الزهراء ، فساعد الله قلبه وأجره الله على مصابه صلى الله عليه وسلم .

وفاضت : نفسك بين نحري وصدري ، وفاضت : خرجت ، والنحر أعلى الصدر أسفل الحلقوم محل أول اتصال الرقبة بالصدر ، يشدد عليه السلام بيان مصابه وتصبره ، وما يبين به ما عليه ، من إظهار تعزيه وتسليه بنبي الرحمة ، ويتذكر مصاب على مصاب ليهون المصاب ، ويرضى بما قدر الله له كما سيذكر عليه السلام .

بلى‏ : و في كتاب الله لي ، أنعم القبول ، بلى : نعم ، وهو تعبير عن الرضا بالقضاء والقدر ، واحتساب أمره إلى الله تعالى ، وتفويض الأمر إليه ، فهو القابل الراضي بما أجرى الله له في ملكه ، ولم يجزع بأكثر من إظهار همه وبيان غمه ، ومن غير سخط على ما أراد الله سبحانه ، ولا إنكار لما أختار الله له من فقد الأحبة .

إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ : كلمة حق ، تقال عند كل مصيبة ، وهي أدب رباني لمن يبتلى بهم وغم وحزن وفاجعة ، فيفوض الأمر لله ويختار ما أختار الله له ، ويجزيه الله أحسن الثواب المؤمنين الصابرين ، ويهديه لما فيه خيره وما يسليه ، كما في تتمة الآيات .

اختلست الزهراء : أي أخذت بسرعة ، وهو اختيار الله لها بعد أبيها واللحاق به بعد فترة قصيرة ، يندر مثلها أن تموت البنت بعد أبيها في مثلها ، وهو تعبير عن شديد الحزن ، بأسلوب حكيم ، وعبارات بليغة .

فما أقبح : الخضراء و الغبراء ، حيث ذهبت الزهراء وقبلها سيد المرسلين ، فذهب الرفيق الحبيب ، والأنيس الطاهر ، والطيب والصادق ، والوفي والمدافع ، والصبور القوي ، والبر اللطيف ، وبفقد الأحبة تسود في عين المبتلى بأعظم المصاب جو السماء فضلا عن الأرض الغبراء ، ويعبر عن الخضراء بالسماء وعن الأرض بالغبراء ، حين لم يسكنها الأعزة ، وفارقها الأحبة ، فلم يبقى لحسنها معنى ، إلا ما يتعزى به عليه السلام من تفويض الأمر لله والرضا بقضائه وقدره.

أما حزني : فسرمد ، و أما ليلي فمسهد ، الحزن السرمد : الدائم الطويل البقاء والذي لا يزول ، الدائم المستمر الذي لا ينقطع ، وأما الليل المسهد : وهو بعد غياب الشمس وزهراء الوجود فهو يعش ليله يقضا لا نوم له ، وذلك لما فيه من الحزن والتفجع على مصابها .

وسيتم يا طيبين بيان باقي الخطبة إن شاء الله .

 

نص التوديع مختصر كما في نهج البلاغة :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، عَنِّي وَ عَنِ ابْنَتِكَ النَّازِلَةِ فِي جِوَارِكَ .

وَ السَّرِيعَةِ اللَّحَاقِ : بِكَ .

قَلَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ : عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي ، وَ رَقَ‏ عَنْهَا تَجَلُّدِي .

إِلَّا أَنَّ : فِي التَّأَسِّي لِي ، بِعَظِيمِ فُرْقَتِكَ ، وَ فَادِحِ مُصِيبَتِكَ ، مَوْضِعَ تَعَزٍّ .

فَلَقَدْ وَسَّدْتُكَ: فِي مَلْحُودَةِ قَبْرِكَ ، وَ فَاضَتْ بَيْنَ نَحْرِي وَ صَدْرِي نَفْسُكَ .

فَإِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ :

فَلَقَدِ : اسْتُرْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ ، وَ أُخِذَتِ الرَّهِينَةُ .

أَمَّا حُزْنِي : فَسَرْمَدٌ ، وَ أَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ ، إِلَى أَنْ يَخْتَارَ اللَّهُ لِي دَارَكَ ، الَّتِي أَنْتَ بِهَا مُقِيمٌ .

وَ سَتُنَبِّئُكَ : ابْنَتُكَ ، بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا ، فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ ، وَ اسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ ، هَذَا وَ لَمْ يَطُلِ الْعَهْدُ ، وَ لَمْ يَخْلُ مِنْكَ الذِّكْرُ .

وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمَا : سَلَامَ مُوَدِّعٍ ، لَا قَالٍ وَ لَا سَئِمٍ ، فَإِنْ أَنْصَرِفْ فَلَا عَنْ مَلَالَةٍ ، وَ إِنْ أُقِمْ فَلَا عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الصَّابِرِينَ .

نهج‏ البلاغة ص320ح202 .

 

وعن عبد الرحمن الهمداني و حميد الطويل :

 أن أمير المؤمنين عليه السلام أنشأ على شفير قبرها :

ذكرت أبا ودي فبت كأنني _ برد الهمـوم الماضيات وكيل‏

لكل اجتماع من خليلين فرقة _ و كل الذي دون الفراق قليل‏

و إن افتقادي فاطم بعد أحمد _ دليل على أن لا يدوم خليل‏

فأجاب هاتف :

يريد الفتى أن لا يدوم خليله _ و ليس له إلا الممات سبيل‏

فلا بد من موت و لا بد من بلى _ و إن بقائي بعدكم لقليل‏

إذ انقطعت يوما من العيش مدتي _ و إن بكاء الباكيات قليل‏

ستعرض عن ذكري و تنسى مودتي _ و يحدث بعدي للخليل بديل‏

المناقب ج3ص363 .

+

لكم يا طيبين : شعر أمير المؤمنين : إن أفتقادي فاطما بعد أحمد ....

فعظم الله : أجوركم يا طيبين ، وتقبل الله أعمالكم يا موالين لحزنكم لأحزان آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وإقامة مأتم سيدة النساء الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها صلاة الله وسلامه ، وأسأل الله أن يجعلكم في شفاعتهم ومحبتهم في الدنيا والآخرة ، وعلى صراطهم المستقيم لكل نعيم العبودية والدين والجنة في أعلى عليين .

ولكم شعر كريم لأمير المؤمنين ومولى الموحدين علي بن أبي طالب زوج البتول وبعل أئمة الأئمة عليهم الصلاة والسلام ، قاله بعد وفاتها :

أَلَا هَلْ إِلَى طُولِ الْحَيَاةِ سَبِيلٌ _ وَ أَنَّى وَ هَذَا الْمَوْتُ لَيْسَ يَحُولُ‏

وَ إِنِّي وَ إِنْ أَصْبَحْتُ بِالْمَوْتِ مُوقِناً _ فَلِي أَمَلٌ مِنْ دُونِ ذَاكَ طَوِيلٌ‏

وَ لِلدَّهْرِ أَلْوَانٌ تَرُوحُ وَ تَغْتَدِي _ وَ إِنَّ نُفُوساً بَيْنَهُنَّ تَسِيلُ‏

وَ مَنْزِلُ حَقٍّ لَا مُعَرَّجَ دُونَهُ _ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهَا إِلَيْهِ سَبِيلٌ‏

قَطَعْتُ بِأَيَّامِ التَّعَزُّزِ ذِكْرَهُ  _ وَ كُلُّ عَزِيزٍ مَا هُنَاكَ ذَلِيلٌ‏

أَرَى عِلَلَ الدُّنْيَا عَلَيَّ كَثِيرَةً _ وَ صَاحِبُهَا حَتَّى الْمَمَاتِ عَلِيلٌ‏

وَ إِنِّي لَمُشْتَاقٌ إِلَى مَنْ أُحِبُّهُ _ فَهَلْ لِي إِلَى مَنْ قَدْ هَوَيْتُ سَبِيلٌ‏

وَ إِنِّي وَ إِنْ شَطَّتْ بِيَ الدَّارُ نَازِحاً _ وَ قَدْ مَاتَ قَبْلِي بِالْفِرَاقِ جَمِيلٌ‏

فَقَدْ قَالَ فِي الْأَمْثَالِ فِي الْبَيْنِ قَائِلٌ _ أَضَرَّ بِهِ يَوْمَ الْفِرَاقِ رَحِيلٌ‏

لِكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ خَلِيلَيْنِ فُرْقَةٌ _ وَ كُلُّ الَّذِي دُونَ الْفِرَاقِ قَلِيلٌ‏

وَ إِنَّ افْتِقَادِي فَاطِماً بَعْدَ أَحْمَدَ _ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا يَدُومَ خَلِيلٌ‏

وَ كَيْفَ هَنَاكَ الْعَيْشُ مِنْ بَعْدِ فَقْدِهِمْ _ لَعَمْرُكَ شَيْ‏ءٌ مَا إِلَيْهِ سَبِيلٌ‏

سَيُعْرَضُ عَنْ ذِكْرِي وَ تُنْسَى مَوَدَّتِي _ وَ يَظْهَرُ بَعْدِي لِلْخَيْلِ عَدِيلٌ‏

وَ لَيْسَ خَلِيلِي بِالْمَلُولِ وَ لَا الَّذِي _ إِذَا غِبْتُ يَرْضَاهُ سِوَايَ بَدِيلٌ‏

وَ لَكِنْ خَلِيلِي مَنْ يَدُومُ وِصَالُهُ _ وَ يَحْفَظُ سِرِّي قَلْبُهُ وَ دَخِيلٌ‏

إِذَا انْقَطَعَتْ يَوْماً مِنَ الْعَيْشِ مُدَّتِي _ فَإِنَّ بُكَاءَ الْبَاكِيَاتِ قَلِيلٌ‏

يُرِيدُ الْفَتَى أَنْ لَا يَمُوتَ حَبِيبُهُ  _ وَ لَيْسَ إِلَى مَا يَبْتَغِيهِ سَبِيلٌ‏

وَ لَيْسَ جَلِيلًا رُزْءُ مَالٍ وَ فَقْدُهُ  _ وَ لَكِنَّ رُزْءَ الْأَكْرَمِينَ جَلِيلٌ‏

لِذَلِكَ جَنْبِي لَا يُؤَاتِيهِ مَضْجَعٌ _ وَ فِي الْقَلْبِ مِنْ حَرِّ الْفِرَاقِ غَلِيلٌ‏

 بحارالأنوار ج43ص216ح48 . ديوان الإمام علي عليه السلام 325 .  

 

+

ورحم الله من قال :

يلومني في هوى أبناء فاطمة قوم _ و ما عدلوا في الله إذ عذلوا

واليت قوما تميد الأرض إن ركبوا _ و تطمئن و تهدأ إذ هم نزلوا

إن يغضبوا صفحوا أو يوهبوا سمحوا _ أو يوزنوا رجحوا أو يحكموا عدلوا

يوفون إن نذروا يعفون إن قدروا _ و إن يقولوا مقالا يرتضى فعلوا

الصراط المستقيم ج2ص214 ب11 .

ورحم الله من قال :

إذا فخرت بنو الإسلام يوما

على من ليس من آل الرسول

‏قضيت لها كما أقضي عليها

بأن خيارها ولد البتول

المناقب ج3ص330.

فسلام الله عليها : يوم ولدت ، ويوم توفيت ، ويوم تبعث حيه .

والسلام والصلاة : على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ، عدد ما أحصاه كتابه وأحاط به علمه .

وجعلنا الله سبحانه : معها ومع آلها الكرام الطيبين الطاهرين في الدنيا والآخرة ، وزقنا الثبات على ولايتهم ومحبتهم ، ونشرنا وحشرنا معهم ، وسقانا وروانا من حوضهم ، وجعلنا في أعلى عليين وعلى ضفاف الكوثر نحف بهم ، فإنه سبحانه وتعالى ولي التوفيق وهو أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين رب العالمين .

 

 


 

الذكر السادس
 زيارة سيدة النساء عليها السلام

عظم الله أجوركم يا موالين : بمناسبة شهادة الصديقة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وجعلنا الله مع نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، وبهذه المناسبة نقرأ هذه الزيارة وفيها سلام وصلاة على فاطمة الزهراء عليها السلام :

الزيارة الأولى :

عظم الله أجوركم وجعلنا الله مع النبي وآله نحزن لحزنهم ونقيم العزاء لمصابهم ونذكر مناقبلهم وفضائلهم ونقتدي بهم ، وهذه زيارة مختصرة لسيدة النساء :

ما رواه السيد ابن طاوس : أن من أراد زيارتها عليها السلام ، فليقل :

السَّلَامُ عَلَيْكِ : يَا سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ .

السَّلَامُ عَلَيْكِ : يَا وَالِدَةَ الْحُجَجِ عَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ .

السَّلَامُ عَلَيْكِ : أَيَّتُهَا الْمَظْلُومَةُ الْمَمْنُوعَةُ حَقُّهَا .

 ثم يقول :

 اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى أَمَتِكَ ، وَ ابْنَةِ نَبِيِّكَ ، وَ زَوْجَةِ وَصِيِّ نَبِيِّكَ .

صَلَاةً : تُزْلِفُهَا ، فَوْقَ زُلْفَى عِبَادِكَ الْمُكْرَمِينَ، مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلِ الْأَرَضِينَ‏.

 

ثُمَّ لْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ تَعَالَى : يغفر الله له ذنوبه و يدخله الجنة .

و هذه زيارة : مختصرة معتبرة ، و يمكن قراءتها في جميع الأوقات .

زاد المعاد ص281 ف3 . دلائل الإمامة للطبري ص 13 .

 

الزيارة الثانية لفاطمة الزهراء عليها السلام .

السلام على سيدة نساء العالمين ، و بنت سيد النبيين و أم الأئمة الطاهرين ، فاطمة بنت محمد الأكرم ، و شقيقة البتول مريم، أطهر النساء و بنت خير الأنبياء . السلام عليك و رحمة الله و بركاته .

اللهم صل على السيدة المفقودة الكريمة ، المحمودة الشهيدة ، العالية الرشيدة ، أم الأئمة و سيدة نساء الأمة ، بنت نبيك ، صاحبة وليك ، سيدة النساء ، و وارثة سيد الأنبياء ، و قرينة سيد الأوصياء ، المعصومة من كل سوء .

صلاة طيبة مباركة مرفوعة مذكورة ، ترفع بها ذكرها في محل الأبرار الأخيار ، في أشرف شرف النبيين في أعلى عليين ، في الدرجات العلى في الرفيع الأعلى .

اللهم صل على محمد و على آل محمد ، و أعل كعبها و أكرم مآبها ، و أجزل ثوابها ، و أدن منك مجلسها ، و شرف لديك مكانها و مثواها ، و انتقم لها من عدوها ، و ضاعف العذاب على من ظلمها ، و النقمة على من غصبها . و خذ لها يا رب : بحقها، إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ.

اللهم صل على محمد و على آل محمد ، و أبلغها منا التحية ، و اردد علينا منها التحية و السلام عليها و رحمة الله و بركاته

بحار الأنوار ج99ص220 .

ويا طيب : توجد زيارات أخرى تجدها في صحيفة سيدة النساء من موسوعة صحف الطيبين ، في روابط الكتب التالي في مكتبة سيدة النساء عليها السلام .

 

فهرس صحيفة سيدة النساء عليها السلام

 

وأما ما تم من أبواب صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام فهي :

الباب الأول :

أسماء ونسب فاطمة الزهراء وألقابها وكناها :

النور الأول : كرامة أسماء فاطمة وشأنها الكريم وفضلها .

النور الثاني : أسماء فاطمة الزهراء عليها السلام وألقابها وكنها .

الإشراق الأول : اسمها الشريف : فاطمة .

الإشراق الثاني : أسماء ألقابها وكنا فاطمة الزهراء .

الإشراق الثالث : ألقاب فاطمة بنسبتها لأبيها وزوجها عليها السلام .

الإشراق الرابع : كناها عليه السلام .

الإشراق الخامس : أسماء فاطمة الزهراء عند المؤمنات .

 

النور الثالث :نسب فاطمة الزهراء عليها السلام

الإشراق الأول : اسم أبيها ونسبه .

الإشراق الثاني : اسم أمها ونسبها وإخوتها وأخواتها .

الإشراق الثالث: مختصر في أدوار العمر المبارك لفاطمة عليه السلام .

 

الباب الثاني

نور مولد الزهراء في الملكوت والأرض وهجرتها إلى المدينة

النور الأول : نور مولد فاطمة الزهراء وطينتها في ملكوت السماء :

الإشراق الأول : كلام في معنى النور في الملكوت

 

الإشراق الثاني : نور فاطمة الزهراء في الملكوت :

الحديث الأول : الأنوار الأول ونور فاطمة :

الحديث الثاني : الأنوار الأولى تعلم التسبيح لما بعدها من الخلق .

الحديث الثالث : عظمة نور شيعة الخلق الأول فكيف هم .

الحديث الرابع : تفصيل فتق نور الكائنات من الخلق الأول.

الحديث الخامس : معرفة أبينا آدم بعظمة نور الخلق الأول .

الحديث السادس: وجوب التولي للأنوار الأولى بدون طغيان .

الحديث السابع : تنزل أشعة الأنوار الأول وفاطمة في الأصلاب .

الحديث الثامن: يفصل تنزل الأنوار وبالخصوص نور فاطمة .

الحديث التاسع : تفصيل نور فاطمة وظهوره وخصائصه .

الحديث العاشر: نور طينة فاطمة وآلها وشيعتها .

 

الإشراق الثالث : ظهور نور فاطمة الزهراء في الأرض .

 

النور الثاني : فاطمة الزهراء في مكة المكرمة وهجرتها للمدينة .

أحاديث عن وفاة أم فاطمة وتعزية الله تعالى ورسوله لها .

أحاديث دفاع فاطمة الزهراء عن أبيها في مكة .

حديث هجرة فاطمة الزهراء عليها السلام للمدينة .

 

بحوث كريمة في معارف النور :

يا طيب : إن ما تعرفه في الموضوع أعلاه هو من حقائق نور فاطمة الزهراء وآلها صلى الله عليهم وسلم في مراتب الملكوت العالية وفي الأرض ، وهو من معارف فلسفة النور وحكمته العالية في الإسلام ، وهي بحوث : عقلية دينية ، عميقة في أصولها ، بسيطة في بيانها ، كريمة في حقيقتها ، عالية في مضامينها ، وسهلة في أسلوبها ، تعرفنا حقائق فلسفة الـنـــور الواقعية في الإسلام .

وإنه كلمة الوجود : التي تعتمد عليها بحوث الفلسفة القديمة وحتى الآن ، وهي أول البديهيات لتعريف أي شيء وجنسه الأول ، لم تذكر في كتاب الله القرآن المجيد ، ويندر وجودها إلا في موارد قليلة في أحاديث نبينا الأكرم وآله الطيبين الطاهرين .

بينما كلمة النور : جاءت بحدود خمسين مرة في كتاب كلام الله ونوره الخالد القرآن المجيد ، وأكثر من ألف مرة جاءت في كتب الحديث الشريف عن نور الله المشرق في كل مراتب الوجود عليهم السلام ، وحتى تحقق فينا ويسعى بين أيدينا يوم القيامة إن شاء الله  ، فنسكن في أعلى مراتب النور وحقائقه المجردة عن المادة .

ولكي نتعرف يا طيب : حقائق كريمة عن حقائق الـنـــور في الإسلام وأسسه في الوجود، أقرأ صحيفة الإمام الحسين عليه السلام الجزء الأول ، وأبدأ من هذا الموضوع فإنه فيه معارف كريمة ، وله مقدمات تعرفنا معاني النور في الإسلام وحقائقة العالية :

 

وأرجو أن تستمر  بالقراءة حتى أخر الكتاب ، لكي تعرف كل آيات القرآن المجيد في النور ، والأحاديث الكريمة في مراتب النور الأول حتى تحققه في وجود الإنسان بكل أنواعه في الأرض والآخرة وما قبلهما .

وإن أردت التوسعة : فأقرأ من موسوعة صحف الطيبين ، شرح الأسماء الحسنى ، الجزء الثالث : اسم الله العظيم ثم ما بعده ، وإن أحببت التوسعة ، فأقرأ من أول صحيفة التوحيد ثم شرح الأسماء الحسنى كلها من أولها ، وصحيفة سادة الوجود وغيرها من موسوعة صحف الطيبين .

 

 

 







مصادر الكتاب

[1] علل الشرائع ج1ص135 ب116 العلة التي من أجلها سمي فاطمة ح2.

[2] الخصال ج2ص414ح 3 . وكذا ذكره بسنده في علل الشرائع ج1ص178ب142ح3 . في دلائل الإمامة ذكر طهرها من الشرك . دلائل الإمامة ص10 ذكر أسمائها .

[3]أنظر البلد الأمين ص278 وص303.

[4] إعلام ‏الورى ص139 الفصل الأول في ذكر أزواج رسول الله .

[5] دلائل الإمامة ص45.

[6] الكافي ج1ص440ح3 .

[7] جامع ‏الأخبار ص9ف4 .

[8] بصائر الدرجات ص69ح2.

[9] تأويل ‏الآيات‏ الظاهرة ص143 و بحار الأنوار ج37ص82 باب 50ح51عنه وعن كنز جامع الفوائد .

[10] تفسير فرات الكوفي ص56 53ح 56- 15 .

[11] معاني الأخبار ص108 باب معنى الأمانة التي عرضت ح 1 .

[12] كتاب ‏سليم‏ بن ‏قيس ص856ح45.

[13] علل الشرائع ج1ص208ب156ح11 ، وعنه في دلائل الإمامة ص59.

[14] معاني الأخبار ص396 باب نوادر المعاني ح53 .

[15] بشارة المصطفى ص20 بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ..... 

[16] العدد القوية ص219 نبذة من أحوال الصديقة الطاهرة عليها السلام . وانظر المناقب ج3ص340 فصل في معجزاتها. الأمالي للصدوق ص593م87ح1 ، دلائل الإمامة ص8 خبر ولادتها .

[17] ثواب‏ الأعمال ص202 ثواب أب البنات .

[18]تاريخ اليعقوب35

[19] . الأمالي للطوسي ص175م6ح294-46

[20] الخصال ج2ص404ح116 .

[21] إعلام ‏الورى ص47 .

[22] إيمان ‏أبي‏ طالب‏ للفخار ص352 .

[23] المناقب ج1ص175 فصل في أحواله و تواريخه .

[24] الأمالي ‏للطوسي ص 463 1031-  37