موسوعة صحف الطيبين
في أصول الدين وسيرة المعصومين
أبوذيات ودارميات مشروحة
في ألقاب سيدة النساء
الصديقة فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى

صلى الله عليهم وسلم



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____


شرح ومعنى دارميات وأبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

أبوذيات مشروحة لأهم ألقاب الصديقة الزهراء

كتاب الكتروني بي دي اف pdf

صحيفة سيدة النساء عليها السلام
وفيه شرح وافي لأهم القاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام

ويمكن النسخ منها ومشاركته

صحيفة سيدة النساء عليها السلام تفضل لصحيفة الصديقة سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام صفحة الكترونية وفيها أهم ما تحب معرفته عنها

مكتبة سيدة النساء

روابط كتب الصديقة عليها السلام

مكتبة سيدة النساء عليها السلام تفضل لمكتبة وكتب حول الصديقة فاطمة الزهراء عليها في روابط على الأنترنيت


صحيفة الأبوذيات والدارميات

فهرس محتويات
أبوذيات ودارميات

ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء

عليها السلام

دارميات فاطمة صفحة 10

شرح معنى فاطمة لغة :11

دارميات مشروحه بالحديث.. 16

معنى الطمث :14

اسم فاطمة مشتق من الفاطر16

فاطمة ليلة القدر وروح القدس :18

أحاديث فاطمة وتسميتها :19

فاطمة معنى الإمام والولاية :21

أسماء فاطمة وألقابها حقيقية :22

معاني فاطم وفطم لفاطمة27

معنى فاطم لفاطمة :27

فاطم : ترخيم اسم فاطمة :28

فاطمة : فطم :32

يجب تكريم من أسمها فاطمة :43

شرح أبوذية فاطمة48

فاطمة : اسم علم :49

معنى فاطمة : من الشر والنار :50

فاطمه : فـ أطمه وغمره بالخير :53

شرح أبوذية بتول. 55

تعريف و معنى بتل :56

أحاديث معنى اسم بتول :60

أولا : حوراء أنسية لا ترى دم :61

ثانيا: البتول لا ترغب في الرجال:63

ثالثا : البتول المتبتلة العابدة :66

معنى البتول كتاب العوالم :68

التبتل إخلاص الطاعة لله :73

حب فاطمة وآلها يوقي الشرور :77

شرح أبوذية نساء80

نساء جمع امرأة :81

فاطمة سيدة النساء :81

أحاديث فاطمة سيدة النساء :85

نساء كثير النسيان :91

ذكر مصاب فاطمة وآلها ينسينا مصابنا:91

سمي إنسان لأنه ينسى :93

نساء مسوف يُنسأ ويؤخر :94

فاطمة الزهراء97

سيد نساء العالمين في الدارين. 97

تقديم صحيفة سادة الوجود :97

تقديم حديث خير النسوة :99

فاطمة الزهراء سيدة النساء :102

فاطمة سيدة النسوان :103

فاطمة سيدة نساء أمتي :105

فاطمة سيدة نساء العالمين :106

سيدة نساء الأولين والآخرين :113

فاطمة سيدة نساء أهل الجنة :116

فاطمة خير نساء الأمة :130

سيدة النساء في زيارتها:132

شرح أبوذية زهراء134

الزهراء لقب لفاطمة :135

سببت تسميتها بالزهراء :135

نورها يزهر في السماوات :136

أزهر نورها حين تولدها :138

يزهر نورها في الصلاة ولزوجها:139

تزهر في ولادتها :140

تزهر في الجنة :141

أحوال متعددة لنورها المزهر :141

زهراء وجوه شيعتها مضيئة :144

أحاديث نور المؤمن يزهر :144

زهراء : الحديقة ذات الورود :148

رياض العلم والجنة للشيعة :148

حديث وصف الجنة :150

شرح أبوذية زكية152

زكية : اسم لقب فاطمة :153

الله تعالى ورسوله زكى فاطمة :154

سميت زكية يوم ولادتها :155

أحاديث وشعر تزكيتها وآلها:158

زكيه يجعل أرواحنا طاهرة :159

التزكية بمودة القربى :160

معنى قد أفلح من زكاها :162

أحاديث لما يوجب التزكية :163

أحذر تزكية النفس :164

زكيه : زكي مالك وبدنك و..:166

الزكاة في الشرع الإسلامي :167

تكملة معنى الزكاة والتزكية169

المعنى اللغوي للزكاة :169

قال الطريحي رحمه الله في الزكاة :171

زكاة البدن والعلم :174

لكل شيء زكاة :176

شرح أبوذية مرضية177

مرضية : اسم لقب لفاطمة :183

إن الله يرضى لرضى فاطمة :184

وصية النبي برضا فاطمة :187

اعتقادنا في رضا فاطمة :190

أذى فاطمة أذى لله ورسوله :191

غضب فاطمة على ظالميها :194

يحكمان على أنفسهم بالنار :197

مرضيه : مر ضياءه :199

مرضية : ترجع نفس المؤمن لله 200

فاطمة سبب نزول آية الرضى :201

النفس المرضية فاطمة والحسين:203

معنى الرضا والسخط والغضب.. 206

الرضا والسخط والغضب :206

ملاحظة :207

مرادفات الرضا وأضداده :209

السخط ومرادفاته وأضداده:210

الغضب ومرادفاته وأضداده:212

الرضا والغضب شرعا :220

أحاديث في غضب الله ورسوله :225

شرح أبوذية كوثر231

معنى كوثر الخير الكثير :232

كوثر اسم لقب لفاطمة :233

كُوثر : تكاثروا عليه لظلمه :234

أحاديث في معنى الكوثر :235

شرح أبوذية شجرة240

شجره : نبات نامي وأصل :241

الشجرة الطيبة والمباركة في القرآن :241

أحاديث شجرة أنا أصلها :242

شجره : ما جرى عليهم :245

شجره : كيف سحبوه مكره :247

أحاديث أكرم الشجر في الإسلام:248

أحاديث الشجرة الملعونة :256

شرح أبوذية نبيلة259

نبيلة لقب لحميدة الخصال:260

فاطمة أنبل النساء :261

نبيله: نبينا نبيا له :262

نبيله : نبغي ونريد له :266

شرح أبوذية أم269

الأم الوالدة :270

فاطمة أم أبيها وأئمة والمؤمنين:. 270

يوم مولدها يوم المرأة العالمي :272

آيات وأحاديث بر الوالدين:274

أم بمعنى أم القوم إماما :277

أئمة الحق النبي وآله :277

أم : قصد اتجاهه :280

أم قصد في الحديث :280

الزهراء تبين إمامة بعلها :281

الأَم النية في القصد :284

تكملة حقوق الوالدين :285

معنى الأم وحقها :285

الاحتفال بولادتها وحق المرأة :286

آيات حق الوالدين :288

الأبوة والأمومة المعنوية :291

أحاديث بر الوالدين :296

بر الأبن المسلم بأمه النصرانية:299

بر أبناء بأبويهم :302

كلام أمير المؤمنين لبر الوالدين:304

دعاء الإمام السجاد للوالدين :305

شرح أبوذية محدثة307

محدثة : لقب لفاطمة :308

محدثة : يحدث به :310

محدثه : يبلغ خالص العلم :313

شرح أبوذية منصورة314

منصورة اسم لقب لفاطمة :315

من صوره ينفخ اسرافيل :317

حديث جامع للصور :318

منصوره : جمال صورة المؤمن :321

شرح أبوذية فاضلة323

فاضلة : اسم لقب لفاطمة :324

فضل فاطمة وآلها :325

زيارة الصديقة الفاضلة :327

أحاديث في فضلها :327

فاضله : فيض تغمده :331

فاضله : فـ أضله الشيطان :333

شرح أبوذية وليه334

وليه : لقب للزهراء :335

معنى الولي مدبر الأمور :338

وليه : لي كما لكم :341

شرح أبوذية ملهمة345

ملهمة : لقب للزهراء :346

أحاديث فاطمة ملهمة :347

ملهمه: يلهمه ويأخذه بشوق:350

ملهمة : الملل همه :351

شرح أبوذية ريحانه352

ريحانة اسم لقب لفاطمة :353

الولد الصالح ريحانه :356

ريحانه يرتاح المؤمن لذكرها :358

ذكر أهل البيت راحة :360

بعض فوائد الريحان وخواصه :362

أحاديث الريحان والرياحين :363

ريحانه أرتوى في حينه :366

حديث في الحوض والولاء :368

عناوين مفيدة :373

أبوذيات ودارميات

دارميات فاطمة عليها السلام



سيدة النساء و خير خلق الله فاطمة

أصلا وأصولا وهدى وعالمة وملهمة


فاطمة صديقة عالمة عابدة ساجدة قائمة

أختبرها الله قبل خلقها فوجدها أكرم أمة


تعلم الدين الصادق من آل فاطمة وبنيها

تفوز برضا الله دنيا وآخرة وجنة في أعاليها


فاطمة أم أبيها والأئمة وهم لنا قدوة

خسر دينه لما يحب يروح لهم فدوة


نور الله المشرق وخيره وحوراء أنسية فاطمة

لا تقاس بالخلق كيف استشهدت مهتضمة


من ظَلم فاطمة وآلها وعاداهم خسر

رضا الله وناله الضلال وله كل شر


فاطمة حجة الله على العباد وحرمة الدين

وإن وليها فائز ولمن خالفها خسران مبين






دارميات مشروحه بالحديث


شرح معنى فاطمة لغة :

لشيعة فاطمة الهدى والأيمان مقطوعا لهم

فالضلال والشرك و الشر ممنوعا عنهم


فاطمة جُمع العلم والحق والخير لأوليائها

فمنع وفصل الهدى والإيمان عن أعدائها

فاطمة : اسم ، و فاطمة : فاعل من فَطَمَ ، و فَطَمَ : فعل ، وفطم يفطم فطما وفطاما، فهو فاطم وفاطمة، والمفعول مَفْطوم وفَطِيم.

فَطَمَ العُودَ: قَطَعَهُ. انْفَطَمَ عنه : انتهى .

و فَطَمَهُ يَفْطِمُه : قَطَعَهُ ، فَطَمَهُ عَنْ عَادَاتِهِ : قَطَعَهُ عَنْهَا .

فَطَمَتْ رَضِيعَهَا: فَصَلَتْهُ عَنِ الرَّضَاعِ ، فهي : فاطِمٌ ، وفاطِمَة .

ـ فَطَمَ الصَّبِيَّ : فَصَلَهُ عن الرَّضاعِ ، فهو مَفْطومٌ وفَطيمٌ .

اِنفَطَمَ عَنِ الشَّيْءِ : اِنْصَرَفَ عَنْهُ .

و الفَوَاطِمُ التي في الحَديثِ : أَنَّ النبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله وسلم : أَعْطَى عليَّا حُلّةً سِيَراءَ وقالَ: شَقِّقها خُمُرًا بينَ الفَواطِمِ . فاطِمَةُ الزَّهْراءُ عليها السلام ، وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ أُمُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، و ابْنةُ حَمْزةَ بنِ عبدِ المطَّلِبِ، وفي صحيفة سيدة النساء حديث هجرتهن مع الإمام علي عليه السلام .

و الفَواطِم : اللاتي ولَدْنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم : قُرَشِيَّةٌ ، وقَيْسِيَّتانِ ، ويَمانِيَّتانِ ، وأزدِيَّةٌ ، وخُزاعِيَّةٌ ، وهن أمهات لفاطمة ، ولعلي معهن فاطمة بنت أسد ، وللأئمة معهن فاطمة الزهراء عليها السلام ، وفصلت أسمائهن بما لا يناسب هذا الموضوع المختصر.

و الْفَاطِمِيُ ‏: الذي ينتسب إلى‏ فَاطِمَةَ بالولادة . و العلوي : الذي ينتسب إلى علي . و كذلك الحسني و الحسيني والموسوي و نحو ذلك ، وهم نور واحد.

و الفاطِميّة : أيام عزاء يقيمه أولياء فاطمة وآلها لتذكر مصاب أهل البيت وذكر مناقبهم وفضائلهم وحقهم في الولاية والإمامة وما جرى من الظلم والجور عليهم ، وأيام الفاطمية من بعد وفاة رسول الله إلى خمسة وتسعون يوما ، وتتخللها فترات استراحة ، وتشتد أيام الحزن في وفاة رسول الله في 28 صفر ثم 1 ربيع لأيام المحسنية ، ثم 8 ربيع الأول لمرور أربعين يوما للذكرى الأولى لشهادة الصديقة فاطمة الزهراء ، ثم 13 جمادى الأول الفاطمية الثانية ، ثم 3 جمادى الثالثة ، ثم يضاف لها إلى 20 جمادى أيام فاطمية يحتفلون بمولدها عليها السلام وتختم الأيام .

والفاطمية : الدَّولة الفاطميَّة: دولة ينتسب خلفاؤها إلى السّيِّدة فاطمة الزَّهراء، أسِّست في المغرب وفي مصر من سنة 359 ه إلى سنة 567 ه.

والدَّوْلَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الخِلَاْفَةُ الفَاطِمِيَّةُ : قامت بعد أن نشط الدُعاة الإسماعيليّون من ذرية أسماعيل بن الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، في إذكاء الجذوة الحُسينيَّة ، وبدأت في المغرب العربي وشملت مناطق وأقاليم واسعة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فامتدَّ نطاقها على طول ساحل البحر المتوسط من المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّع الخُلفاء الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم جزيرة صقلية، والشَّام، والحجاز، فأضحت دولتهم أكبر دولةٍ استقلَّت عن الدولة العبَّاسيَّة، من سنة 300هـ المُوافقة لِسنتيّ 912 - 913م من بدأ الدعوية ، حتى تمكنوا وفي سنة 969م أسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط ، وجعلوها عاصمتهم ، فأصبحت مصر المركز الروحيّ والثقافيّ والسياسيّ للدولة، وبنوا الجامع الأزهر باسم فاطمة الزهراء عليها السلام ، ودار الحكمة ، مركزين كبيرين لنشر العلم وتعليم أُصول اللُغة والدين. و استمرَّت الدولة الفاطميَّة حتّى سنة 1171م .

و الْفَطِيمُ‏ : ككريم ، هو الذي انتهت مدة رضاعه .

ورُوِيَ‏ : أَنَّهَا سُمِّيَتْ‏ فَاطِمَةَ لِأَنَّهَا فَطَمَتْ‏ شِيعَتَهَا مِنَ النَّارِ ، وَ فُطِمَ‏ أعداؤها عَنْ حُبِّهَا.

و أيضا : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ :

لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى‏ : فَطَمَهَا بِالْعِلْمِ .

وَ مِنَ الطَّمْثِ : والشر ، وستأتي الأحاديث .




معنى الطمث :

عن الطمث و الشر زكى الله فاطمة

فمنعت من تولاها من النار الحاطمة

طَمَثَ: فعل ، طمَثَ يَطمُث ويَطمِث طَمْثًا فهو طامِث وطامثة ، والجمع : طُمّث وطوامثُ. والمفعول مطموث .

و للمتعدِّي طَمَثَتِ الْمَرْأَةُ : حَاضَتْ .

طَمِثَ المرأة : باشَرَهَا .

و طَمَثَ الشَّيْءَ : مَسَّهُ ، قال الله تعالى : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاجانٌّ (56} الرحمن .

ما طمَث هذا البعيرَ عِقالٌ: ما مَسَّه حَبْلٌ.

طَمْثُ : المَسُّ ، والدَّنَسُ ، والفَسادُ .

والطَّمْثُ : الفسادُ ؛ قال عَدِيّ بن زيد :

طاهرُ الأَثوابِ يَحْمِي عِرْضَه

من خَنَى الذِّمَّةِ أَو طَمْثِ العَطَنْ

ففاطمة عليها السلام : لم يمسها فساد روحي ولا بدني ، لكونها حوراء أنسيه كما سيأتي بيان هذه المعاني ، فلم تبتعد عن قرب الله بصلاة وصوم وقراءة قرآن ودعاء ، لأنه الله تعالى طهرها تطهيرا .

كما لم يصدر : من فاطمة عليها السلام شر ولا دنس ولا شيء من الظلم والطغيان ، لكونها مؤمنة صديقة عابدة ، كما سترى في الأحاديث في شأنها الكريم ، وإن ظلموها لم تقل إلا الحق ، وهي الراضية المرضية والطاهرة الزكية .

وعن الإمام الباقر عليه السلام : لما ولدت فاطمة عليها السلام .

أوحى الله : إلى ملك ، فأنطق به لسان محمد صلى الله عليه وآله .

فَسَمَّاهَا : فَاطِمَةَ .

ثم قال : إِنِّي فَطَمْتُكِ بِالْعِلْمِ ، وَ فَطَمْتُكِ مِنَ الطَّمْثِ .

ثم قال أبو جعفر عليه السلام : وَ اللَّهِ لَقَدْ فَطَمَهَا اللَّهُ بِالْعِلْمِ ، وَ عَنِ‏ الطَّمْثِ‏ فِي الْمِيثَاقِ.

الكافي ج1ص460ب6 . علل الشرائع ج1ص179ب142ح4 .

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يَا حُمَيْرَاءُ : إِنَّ فَاطِمَةَ لَيْسَتْ كَنِسَاءِ الْآدَمِيِّينَ ، وَ لَا تَعْتَلُّ كَمَا يَعْتَلِلْنَ‏ . يَعْنِي بِهِ الْحَيْضَ.

الطرائف ج1ص111ح163 . والخوارزمي في مقتل الحسين ص 63 .

يا طيب : الفطم هو القطع والفصل بين شيئين ، ولكن الفطم اشبه بجعل الحاجز بين مصداق كريم خير وضده الذي يوجب بقائه معه ضررا له فيكون شر ولئم له لو بقى معه ، طبعا مع عناية وحفظ وراعية للفطيم المقطوع عن ضده ، والقطع لا يلاحظ فيه هذا المعنى .

ففاطمة عليها السلام : ومعنى الفطم الحقيقي لها هو النور والهدى والإيمان والجنة ورضا الله أكير لها ولمن تولاها ، وينقطع عنها كل عدوا وخالف لها وكل شر وخبث ، مع راعية الله لفاطمة وشيعتها وآله بأفضل ثواب وكرامات ورضى من الله تعالى لهم .



اسم فاطمة مشتق من الفاطر

فاطمة مشتق أسمها من اسم الله الفاطر

وفاطم الأعداء عن الرحمة ولوليها ناصر

لمن الله الفاطر خلق العباد مؤمنين على الفطرة

واشتق اسم فاطمة منه فوليها الله يؤيده وينصره

قال علي بن الحسين عليه السلام : حدثني أبي عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :

يا عباد الله : إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه.

إذ كان الله : قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره ، رأى النور ، و لم يتبين‏ الأشباح.

فقال: يا رب ما هذه الأنوار ؟

قال الله عز و جل : أنوار أشباح، نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك، و لذلك أمرت الملائكة بالسجود لك ، إذ كنت وعاء لتلك الأشباح .

فقال آدم: يا رب لو بينتها لي ؟

فقال الله عز و جل : أنظر يا آدم إلى ذروة العرش .

فنظر آدم : و وقع‏ نور أشباحنا من‏ ظهر آدم على ذروة العرش ، فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره ، كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية ، فرأى أشباحنا .

فقال : يا رب ما هذه الأشباح ؟

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ هَذِهِ أَشْبَاحُ أَفْضَلِ خَلَائِقِي وَ بَرِيَّاتِي :

هَذَا مُحَمَّدٌ : وَ أَنَا الْمَحْمُودُ الْحَمِيدُ فِي أَفْعَالِي ، شَقَقْتُ لَهُ أسْماً مِنِ أسْمِي .

وَ هَذَا عَلَيٌّ : وَ أَنَا الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، شَقَقْتُ لَهُ اسْماً مِنِ أسْمِي .

وَ هَذِهِ فَاطِمَةُ :

وَ أَنَا : فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ .

فَاطِمُ‏ : أَعْدَائِي عَنْ رَحْمَتِي يَوْمَ فَصْلِ قَضَائِي .

وَ فَاطِمُ‏ : أَوْلِيَائِي عَمَّا يَعُرُّهُمْ وَ يُسِيئُهُمْ‏ ، فَشَقَقْتُ لَهَا اسْماً مِنِ أسْمِي .

وَ هَذَانِ : الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ، وَ أَنَا الْمُحْسِنُ وَ الْمُجْمِلُ ، شَقَقْتُ اسْمَيْهِمَا مِنِ اسْمِي .

هَؤُلَاءِ : خِيَارُ خَلِيقَتِي ، وَ كِرَامُ بَرِيَّتِي ، بِهِمْ آخُذُ ، وَ بِهِمْ أُعْطِي ، وَ بِهِمْ أُعَاقِبُ ، وَ بِهِمْ أُثِيبُ .

فَتَوَسَّلْ : إِلَيَّ بِهِمْ .

يا آدم : وإذا دهتك داهية ، فاجعلهم إلي شفعاءك ، فإني آليت على نفسي قسما حقا ، أن‏ لا أخيب بهم آملا، ولا أرد بهم سائلا .

فلذلك : حين زلت منه الخطيئة ، دعا الله عز و جل بهم ، فتاب عليه و غفر له .

التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام ص219ح102. تبيّن الشيء: تأمّله و تعرّفه. وعرّه عرّا: ساء وشانه.

فاطمة ليلة القدر وروح القدس :

فاطمة الله قدّر بمعرفتها بليلة الملائكة تدرك

و هي روح القدس تؤيد وليها ومخالفها يترك

في تفسير فرات الكوفي قال : عن الإمام أبي عبد الله‏ عليه السلام أنه قال‏ :

{ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } .

اللَّيْلَةُ : فَاطِمَةُ ، وَ الْقَدْرُ اللَّهُ .

فَمَنْ : عَرَفَ فَاطِمَةَ حَقَّ مَعْرِفَتِهَا ، فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ .

وَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ : لِأَنَّ الْخَلْقَ فُطِمُوا عَنْ مَعْرِفَتِهَا .

{ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } .

يَعْنِي : خَيْرٌ مِنْ أَلْفَ مُؤْمِنٍ .

وَ هِيَ : أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ‏ .

{ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها } .

وَ الْمَلَائِكَةُ : الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ عِلْمَ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم .‏

وَ الرُّوحُ الْقُدُسُ : هِيَ فَاطِمَةُ عليها السلام .

{‏ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } .

يَعْنِي : حَتَّى يَخْرُجَ الْقَائِمُ عليه السلام وعجل الله فرجه .

تفسير فرات الكوفي ص581ح747.

أحاديث فاطمة وتسميتها :

لله سماها فاطمة وبعلم فطمت من الشر

هي ومحبها فعدوها الجاهل للنار يحشر

بأمر الله اسم فاطمة وفطمت بعلم من الشر

والشرك والنار ومحبها ، وعدوها للنار يحشر

يا طيب : عرفت أحاديث عن تسميتها ونذكر هنا مختصر من أحاديث ذكرت سبب وعلل تسمية فاطمة بفاطمة عليها السلام ، وذكرها كاملة يأتي في الشروح الباقية للأبوذيات والدارميات ، وكلها ترجع لمنبع وأساس واحد ، تريد معنى فارد ، وهو يرجع لمرجع معنى فاطم أي قاطع ومانع وصارف .

و فاطمة : إنها النور المانع من الظلام ، والهدى الذي لا يشاركه ضلال ، وعلم ليس فيه ولا يقاربه جهل ، وإيمان لا يخالطه الشرك ، وخير مقطوع من الشر ، ورحمة إلهية ونعيم وسعادة صارفة ومانعة ومبعدة من غضب الله والعذاب والنار .

وهكذا ترى : حين نتدبر بهذه الأحاديث الآتية ، فتراها ترجع لمعنى النور والهدى والرحمة والإيمان والخير الذي لا يخالطه ومقطوع ومبتعد ومصروف عنه وممنوع أن يقرب من ساحته الظلام والضلال والشرك والجهل والشر ، لها ولشيعتها ولمحبها ممن أقتدى بها وبآلها صلى الله عليهم وسلم ، فتدبر في الأحاديث الآتية .

عن الإمام الصَّادِقُ عليه السلام :

لِفَاطِمَةَ : تِسْعَةُ أَسْمَاءٍ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَاطِمَةُ وَ الصِّدِّيقَةُ وَ الْمُبَارَكَةُ وَ الطَّاهِرَةُ وَ الزَّكِيَّةُ وَ الرَّضِيَّةُ وَ الْمَرْضِيَّةُ وَ الْمُحَدَّثَةُ وَ الزَّهْرَاءُ .

سُمِّيَتْ فَاطِمَةَ : فُطِمَتْ‏ مِنَ الشَّرِّ .

الأمالي للصدوق ص592م86ح18 .

وفي تفسير الكوفي :

سميت فاطمة : لأنّها فطمت‏ شيعتها من النار ، و فطمت‏ أعداءها عن حبها ... (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ) بنصر فاطمة.

تفسير فرات الكوفي ص651 ح 435.

وقال ابن عباس: سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ فَاطِمَةَ ، لِأَنَّهَا فُطِمَتْ‏ هِيَ وَ شِيعَتُهَا مِنَ النَّارِ ، سمعت رسول الله ص يقوله.

عيون أخبار الرضا ع ج2ص73ب31 .

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :‏ خُلِقَ نُورُ فَاطِمَةَ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ الْأَرْضُ وَ السَّمَاءُ .

وقَالَ : فَاطِمَةُ حَوْرَاءُ إِنْسِيَّةٌ .

وقَالَ: كَانَتْ فِي حُقَّةٍ تَحْتَ سَاقِ الْعَرْشِ.

وقَالَ : سُمِّيَتْ فِي الْأَرْضِ فَاطِمَةَ ، لِأَنَّهَا :

فَطَمَتْ‏ : شِيعَتَهَا مِنَ النَّارِ .

وَ فُطِمَ : أَعْدَاؤُهَا عَنْ حُبِّهَا.

وَ هِيَ : فِي السَّمَاءِ الْمَنْصُورَةُ.

معاني الأخبار ص396 ح53 .

وفي الحديث القدسي مع أبراهيم عليه السلم : قَالَ الله تعالى :

يَا إِبْرَاهِيمُ هَذِهِ فَاطِمَةُ تَلِي أَبَاهَا وَ بَعْلَهَا ، فَطَمَتْ‏ مُحِبِّيهَا مِنَ النَّارِ ...

الفضائل لابن شاذان القمي ص158 .

فَاطِمَةُ : فُطِمَتْ‏ مِنَ الشِّرْكِ ، وَ فُطِمَ مَنْ أَحَبَّهَا مِنَ النَّارِ.

العدد القوية ص226 .

إِنَّمَا فَاطِمَةُ: بَضْعَةٌ مِنِّي ، يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا ... إِنَّمَا فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي ، يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا ، وَيُنْصِبُنِي مَا أَنْصَبَهَا .....

فاطمة معنى الإمام والولاية :

جعل الله لفاطمة الطهر والإيمان ولأبنائها

الإمامة والولاية فقطعت طمع أعدائها

عن عبد الله بن الحسن قال لي أبو الحسن:

لِمَ سُمِّيَتْ : فَاطِمَةُ فَاطِمَةَ ؟

قلت : فرقا بينه و بين الأسماء ؟

قَالَ : إن ذلك لمن الأسماء ، و لكن الاسم الذي سميت به ، إن الله تبارك و تعالى علم ما كان قبل كونه ، فعلم أن رسول الله يتزوج في الأحياء ، و أنهم يطمعون في وراثة هذا الأمر فيهم من قبله .

فَلَمَّا وُلِدَتْ فَاطِمَةُ :

سَمَّاهَا : اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَاطِمَةَ ، لِمَا أَخْرَجَ مِنْهَا ، وَ جَعَلَ فِي وُلْدِهَا .

فَقَطَعَهُمْ : عَمَّا طَمِعُوا ، فَبِهَذَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةَ ، لِأَنَّهَا فَطَمَتْ‏ طَمَعَهُمْ .

وَ مَعْنَى فَطَمَتْ‏ : قَطَعَتْ.

علل الشرائع ج1ص178ب142ح2 .

أسماء فاطمة وألقابها حقيقية :

أسماء فاطمة والقابها وكناها حقيقية لها

تحكي الوجود المقدس لها ولمن تحقق بها

يا طيب : إن أسماء فاطمة الزهراء عليها السلام فاطمة وألقابها وكناها ، ليس كباقي الأسماء فهي كأسماء أبيها وبعلها والأئمة من بنيها وألقابهم وكناهم ، فهي فيها عناية ربانية ودالة بمعانيها على وجود خارجي حقيقي قدسي رباني وعيني ، ومشتقة من أسماء الله تعالى وأعلى معاني تأثير تجليه من صفاته وفعله سبحانه في والوجود ، وفيها معاني الإيمان والهداية والتربية والآداب للخلق ، ولذا حسن التسمي بها .

فأسمائها : تدل على معانيها بدلالة عقلية و شرعية ، ولها حقائق وتطابق الواقع وتأثيرات خارجية متحققة بنفسها فيها ولها ، أو لمن يتحقق بها و يراعي معارفها ، وتمام موضوعها هو لمعرفة حقائق الدين وأصوله بمعرفة يقينية ، والتعلم بإيمان لتعاليمهم وشأنهم الكريم و فضلهم وشرفهم وعلو منزلتهم ومالهم من المقام والشرف عند الله تعالى سواء قبل خلق الخلق وحينه وفي الآخرة .

فأسماء فاطمة الزهراء عليها السلام : أسماء مؤثرة حقيقية وليست منقولة لها ممن سبقها وإن تسمن بها نساء قبلها وبعدها ، فإن تسمياتهن كانت منقولة لهن أو ارتجالية لا تدل على معاني حقيقية لهن ، فأسمائهن ليس كأسماء فاطمة الزهراء عليها السلام وإن توحد وتشابه اللفظ ، لكن المعنى لهن مجازي ، والمعنى لفاطمة الزهراء حقيقي له تفسير رباني ونبوي وإمامي ، أي ديني إسلامي إيماني حقيقي يدل على شرف منزلة في الوجود ، وآثار تربوية ونفسيه روحية ، وخارجية من نعيم وسعادة وبركة وخير رباني إلهي لمن يتحقق به ويعرف فضله ويراعي آدابه فضلا عن كونه حقيقتها .

وهذا المعنى لاسم فاطمة عليها السلام : يكون اسم علم حقيقي لها ، وأسماء ألقابها هي أسماء صفات ذاتية لها وفعليه ، تحكي عن جانب من ذلك الوجود المقدس ، فالصديقة لملاحظة جهة ظهورها بالصدق حقا ، وكونها زهراء لنورها المزهر في الدنيا والآخرة ، وكوثر لكونها خير كلها دنيا وخرة وتوصل للسكن على شاطئ الكوثر في الجنة ، ومرضية لأنه رضا الله لرضاها ، وهكذا باقي الأسماء ، وستراها في شرحها على الحقيقة بمعاني قدسية كريمة فتدبر بها .

ويا طيب : ما ذكرنا من المواضيع السابقة كاسم فاطمة مشتق من الفاطر ، وفاطمة ليلة القدر وبها يكون المؤمن من الملائكة وأفضل ويؤيد بروح القدس ، وفاطمة معنى الولاية والإمامة وحقيقتها ، ويعني العلم والدين الحق والهدى والنور والخير والبركة ، وأنها حوراء أنسية منصورة، وما ما سيأتي بأنها الشفيعة والمنقذة والفاطمة القاطعة المانعة من النار والضلال والشرك والشر كله فينصرف ويتحقق بأعدائها ، فهي معاني حقيقية واقعية لها بل ولمن يتعلم منها ويقتدي بها وبآلها لأنهم كلهم نور واحد وهكذا باقي أسماء ألقابها ، فتدبر ، ونذكر بعض الأحاديث :

عن عبد الله بن الحسن بن الحسن قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام :

لم سميت فاطمة فاطمة ؟

قلت : فرقا بينه و بين الأسماء ؟

قال عليه السلام: إن ذلك لمن الأسماء .

و لكن الاسم الذي سميت به : إن الله تبارك و تعالى علم ما كان قبل كونه ، فعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوج في الأحياء ، و أنهم يطمعون في وراثة هذا الأمر فيهم من قبله .

فلما ولدت فاطمة : سماها الله تبارك و تعالى فاطمة ، لما أخرج منها و جعل في ولدها ، فقطعهم عما طمعوا ، فبهذا سميت فاطمة ، لأنها فطمت طمعهم .

و معنى فطمت قطعت.

وعلل الشرائع ج‏1ص 178ب142ح3.

فمعنى الإمامة والولاية : بتحقق وجودها ونشر نورها في ذريتها ، معناه الهدى والدين والإيمان والخير والصدق والعبودية الحقة لله تعالى بتعاليمهم ، فيكون مقطوع لهم الجنة بما فضلهم الله ولمن تبعهم ، ومقطوع عمن خالفهم كل خير ولهم النار ، ومنعت وقطعت النار عن شيعتها وعمن تولاها .

وعن يونس بن ظبيان قال: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقُ عليه السلام :

لِفَاطِمَةَ عليها السلام : تِسْعَةُ أَسْمَاءٍ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟

فَاطِمَةُ : وَ الصِّدِّيقَةُ ، وَ الْمُبَارَكَةُ ، وَ الطَّاهِرَةُ ، وَ الزَّكِيَّةُ ، وَ الرَّضِيَّةُ ، وَ الْمَرْضِيَّةُ ، وَ الْمُحَدَّثَةُ ، وَ الزَّهْرَاءُ .

ثُمَّ قَالَ : تَدْرِي لِأَيِّ شَيْ‏ءٍ سُمِّيَتْ فَاطِمَةَ ؟

قُلْتُ : أَخْبِرْنِي يَا سَيِّدِي .

قَالَ : فُطِمَتْ مِنَ الشَّرِّ .

قَالَ ثُمَّ قَالَ : لَوْ لَا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام تَزَوَّجَهَا ، لَمَا كَانَ لَهَا كُفْوٌ ، عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ.

وفي الأمالي للصدوق ص592م86ح18 . وعلل الشرائع ج‏1ص 178ب142ح3 .

وفي الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم للطبري ص455 ، بدل صديقة المدوّنة ، ولعله مدونة في الكتب السابقة وفي السماء والعرش في أول الخلق ، وبدل مرضية : البتول وسيأتي شرحهما ، وبدل : الشر الشرك ، وعنه في عوالم العلوم ج‏11ق1ص67ب4 .

وفطمت وقطعت عن الشر : يعني مقطوع لها كل خير من هدى وإيمان وعبودية لله وفضائله والسعادة الأبدية لها ولمن تولاها ، ومقطوع عن أعدائها ، وأيضا قطع عن أوليائها الشر والنار ، وقطع لأعدائها .

و عن يزيد بن عبد الملك عن أبي جعفر عليه السلام قال :

لما ولدت فاطمة عليها السلام : أوحى الله عز و جل إلى ملك فأنطق به لسان محمد ، فسماها فاطمة .

ثم قال : إني فطمتك بالعلم ، و فطمتك عن الطمث .

ثم قال أبو جعفر عليه السلام : و الله لقد فطمها الله تبارك و تعالى بالعلم ، و عن الطمث بالميثاق.

علل الشرائع، ج‏1ص179ب142ح4 .

يا طيب : ترى في الأحاديث السابقة العناية الربانية في تسميتها وفي ألقابها ، وإنها فطمت بالعلم أي قطع لها ومقطوع عنها الشر والفساد ، وإنها قبل خلق الدنيا من الميثاق علم الله بإخلاصها وصفائها معه ، فطهرها حتى عن الطمث والفساد والرعونة وكل ما يبعده عنها ، حتى الدم الذي يمنع أياما من القرب منه بالصلاة والصوم ومس القرآن الكريم كرامة لها ، وفي المواضيع السابقة عرفت بعض حقائقها وتدبر في الأحاديث الآتية في الأبوذيات وألقابها .

معاني فاطم وفطم لفاطمة

معنى فاطم لفاطمة :

فاطمة فاطم فطم ترخيم وترقيق حسن ذكر

و جعل أسمائها وألقابها للبنات يجلو الفكر

يا طيب : لذكر اسم فاطمة عليها السلام ، نذكر بعض اشتقاقاته وما أخذه المؤمنون أسماء لبناتهم ، وبالخصوص حين النداء والتصرف ,

فيجعلون : اسم إحدى بناتهم تيمنا وتبركا باسم فاطمة عليها السلام ، ولكن حين النداء يرخمون اسمها فينادونها : فاطم ، أو يختصرونه فينادونها : فطم .

فيشتهر لها : اسم فاطم ، أو فطم ، وإن كان اسمها الأولي فاطمة ، بالخصوص الآن المثبت في بطاقة الأحوال المدنية فاطمة ، والمشهور فطم أو فاطم ، وبالخصوص بين من يكبرها سنا من أهلها كأبيها وأمها وما علو ، أو أخواتها وإخوانها ، وقد يشتهر بين جيرانهم وغيرهم وقد يغلب على الاسم الأول فاطمة .

فهل : يصح هذا التصرف أم لا ؟

والحقيقة : إن لم يكن لتصغير والاستخفاف بالاسم والتنزيل لاسم فاطمة الزهراء عليها السلام ، فلا مانع منه ، وإلا إن حصل شيء من الاستهزاء بالاسم الأصل بل باسمها كتنابز بالألقاب فيحرم ولا يجوز .

ولنعرف هذا المعنى : نذكر معنى اسم فاطمه وفاطم وفطم بتفصيل آخر وأسأل الله التوفيق.

فاطم : ترخيم اسم فاطمة :

فاطم ترخيم فاطمة في الشعر وآداب اللغة

فيحسن في محله الصحيح وإلا الأفضل لغة

أي نلغيه ونحذفه .

فاطمة : و فاطم‏ ترخيما لها .

والترخيم : و هو الترقيق والتليين ، ويكون في النداء بحذف آخر حرف من المنادى. و يؤتى به للتحسين، ، نحو. يا حارِ : في ترخيم حارِث .

قول عليً لحارث عجب
كم ثم اعجوبة لها حملا
يا حار همدان من يمت يرني
من مؤمن او منافق قبلا
اثبات الوصية ص135 .

وفي حديث فاطمة بنت أسد رحمها الله :

لما أتيت الى الكهّان بشّرني

عند السؤال عليم بالمخابير

فقال يوعدني و الدمع مبتدر
يا فاطم‏ انتظري خير التباشير

نورا منيرا به الأنباء قد شهدت‏

و الكتب تنطق عن شرح المزامير

اثبات الوصية ص135 .

وفي حديث : تفسير آيات سورة الإنسان قال الإمام علي عليه السلام لما سمع المسكين واليتيم والأسير :

فَاطِمُ ذَاتَ الْوُدِّ وَ الْيَقِينِ

يَا بِنْتَ خَيْرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ‏

أَ مَا تَرَيْنَ الْبَائِسَ الْمِسْكِينَ‏

قَدْ جَاءَ بِالْبَابِ لَهُ حَنِينٌ‏


وقال أيضا :

فَاطِمُ‏ بِنْتَ السَّيِّدِ الْكَرِيمِ

بِنْتَ نَبِيٍّ لَيْسَ بِالزَّنِيمِ‏

قَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِذِي الْيَتِيمِ‏

وَ مَنْ يُسَلِّمْ فَهُوَ السَّلِيمُ‏

فقالت فاطمة عليها السلام :

‏أَمْرُكَ يَا ابْنَ الْعَمِّ سِمْعٌ طَاعَةٌ

مَا بِيَ مِنْ لُؤْمٍ وَ لَا ضَرَاعَةٍ

تفسير فرات الكوفي 521.

وقال الإمام علي عليه السلام بعد رجوعهم من غزوة أحد :

أَ فَاطِمُ هَاكِ السَّيْفَ غَيْرَ ذَمِيمٍ‏

فَلَسْتُ بِرِعْدِيدٍ وَ لَا بِلَئِيمٍ‏

لَعَمْرِي لَقَدْ جَاهَدْتُ فِي نَصْرِ أَحْمَدَ

وَ طَاعَةِ رَبٍّ بِالْعِبَادِ رَحِيمٍ‏

وَ سَيْفِي بِكَفِّي كَالشِّهَابِ أَهُزُّهُ‏

وَ أَجْذِبُهُ مِنْ عَاتِقٍ وَ صَمِيمٍ‏

فَمَا زِلْتُ حَتَّى فَضَّ رَبِّي جَمْعَهُمْ

وَ حَتَّى تَشَفَّتْ نَفْسُ كُلِّ حَلِيمٍ‏

مناقب آل أبي طالب ج1ص192 .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :

خذيه يا فاطمة : فقد أدى بعلك ما عليه ، و قد قتل الله بسيفه صناديد قريش..

وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

أنا أخو المصطفى لا شكّ في نسبي‏

معه ربيت و سبطاه هما ولدي‏

جدّي و جدّ رسول اللّه متّحد

و فاطم‏ زوجتي لا قول ذي فند‏ شرح الأخبار ج1ص427 .

ورحم الله محمد بن أبي نعمان‏ إذ قال :

خليفة الله ربي ليس ينكره‏

إلا جهول عمي بادي الصمم‏

و فاطم خير نسوان بها فطمت

أشياعها من عظيم السخط و النقم‏

مناقب آل أبي طالب ج1ص328 .

ورحم الله دعبل الخزاعي إذ قال :

فكيف يحبّون النبيّ و رهطه‏
و هم تركوا أحشاءهم و غرات‏

أ فاطم لو خلت الحسين مجدّلا

و قد مات عطشانا بشطّ فرات‏

إذا للطمت الخدّ فاطم عنده

و أجريت دمع العين في الوجنات‏

أ فاطم‏ قومي يا ابنة الخير واندبي

نجوم سماوات بأرض فلات

قبور بكوفان‏ و اخرى بطيبة

و أخرى بفخّ‏ نالها صلوات‏

و اخرى بأرض الجوزجان محلّها

و قبر بباخمرى لدى الغربات‏

و قبر ببغداد لنفس زكيّة

تضمّنها الرحمن في الغرفات‏

و قبر بطوس يا لها من مصيبة

الحت على الأحشاء بالزفرات‏

إلى الحشر حتّى يبعث اللّه قائما

يفرّج عنّا الغمّ و الكربات‏

حلية الأبرار في أحوال محمد و آله الأطهار عليهم السلام ج4ص 400 ، رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار ج‏1ص 277 .

يا طيب : بعد نداء أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة فاطم صلى الله عليها وسلم وتقرير الإمام الرضا عليه السلام لدعبل وعدم نهية بذكرها باسم فاطم ثلاثة مرات ، يظهر أنه لا مانع من التسمية وبالخصوص حين النداء لها وكما عرفت بشرط أن لا يكون فيه استهزاء واستخفاف أو تنزيل لمرتبة الاسم الأصل ، على أن تسمى أصلا وأولا تكون فاطمة تيمنا وتبركا وافتخارا باسم الصديقة فاطمة الزهراء ليصيب المسمات بعض أنوار معرفتها وآثار حقائق أسمها الكريم.

فاطمة : فطم :

أصل اسم فاطمة في اللغة معنى القطع فطم

إن كان مبرر لذكرها به وإلا في الآخرة لطم

يا طيب : إن أصل اسم فاطمة فطم ، وهو اسم مصدر ، ثم فعل ، ومنه أشتق اسم فاطمة وأضيف له الهاء للتأنيث كاسم للصديقة فاطمة بنت محمد صلى الله عليها وآلها وسلم .

ولمعرفة : هذا المعنى نذكر اشتقاق اسم فطم لنتعرف على اسم فاطمة عليها السلام أكثر تفصيلا وأجمل تحليلا .

فَطْم : اسم مصدر فَطَمَ ، ومعناه قَطْع: اسم مصدر قَطِعَ وقَطَعَ ، وفُطم : جمع فَطيم ، و فَطَمَ فعل ماضي ، فطَمَ يَفطِم فَطْمًا وفِطامًا ، فهو فاطم وفاطمة ، والمفعول مَفْطوم وفَطِيم . وأيضا :

منه اشتقاقات أخرى مثل : اِنفَطَمَ اِنفِطام إِفطام أَفْطَمَ فَطَم فَطِيم فَوَاطِمُ فِطام فاطِم فاطِميّة فاطمة مَفْطوم مُفْطِمُ مُنفطَم .

ومعنى فطم : القطع أو المنع أو الانصراف عن الشيء وتركه أو الفصل عن الشيء أو الحاجز بين الشيئين ، أو الفطم يستخدم في الحصر على الشيء والاختصاص به والاستفادة منه دون غيره وهو معنى منع وقطع غيره عنه ، وأستخدم في منع الفيض والخير في الأفعال والتصرفات ، أو منع الشر والفساد .

ويا طيب : عرفت أن الفطم فيه عناية وراعية للمفطوم إن كان مؤمنا من الله تعالى عن ضده ، أو فطمه عن كل خير ورعاية إن كان مخالف لأولياء الله وأهل كرامته ، حفاظا على أولياء الله والجنة والفيض الإلهي من أن ينزل على من لم يستحقه وليس قابلا له ، ففطم الكافر عن الجنة والولاية والهدى والثواب ، للحفاظ على الجنة وحقائق الهدى والفيض الإلهي بصفائه ولا يعكره شين الظلم والكفر والنفاق وغيره ، ويتضح هذا المعنى في الفاطم للرضيع فإنه لو بقى يرضع حتى كبره لم تستقر وتستقيم وتستمر حياته بصورة صحيحة ، فللعناية به يفطم عما يضره ويحفظ لكي لا يصيبه التلف والشر ولا يستطيع أن يعتمد على نفسه .

والفطم والفطام : بالخصوص يستخدم في أخذ الوليد من الرضاع بعد حولين سنتين من الولادة لمن أراد أن يتم الرضاعة ويصح قبله ، وله شروط كثير وتفاصيل ومسائل متنوع في الفقه ، وقد قال الله تعالى :

{ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ .. (233) } البقرة .

ف فَطَمَتْ رَضِيعَهَا : فَصَلَتْهُ عَنِ الرَّضَاعِ ، فهي فاطِمٌ ، وفاطِمَة . وهو مَفْطومٌ وفَطيمٌ , الجمع : فُطُمٌ ، والاسْمُ : فِطامٌ . و الرَضِيعٌ لَمْ يُفْطَمْ بَعْدُ . وإذا بلغ الطِّفلُ سنتين من العمر فأُفطم .إِنفَطَم : اِنْقَطَعَ ، اِنْفَصَلَ عَنِ الرَّضاعِ ، أَيْ تَوَقَّفَتْ أُمُّهُ عَنْ إِرْضاعِهِ .

و الفَطِيمُ : المفْطُومُ : ذكرًا كان أم أُنثَى .

و فَطَمَ العُودَ : قَطَعَهُ .

فَطَمَهُ عَنْ عَادَاتِهِ : قَطَعَهُ عَنْهَا .

ومن أجمل ما قيل في الفطام : قول عمرو بن كلثوم التغلبي :

إذا بلغَ الفِطامَ لنا رضيعٌ

تَخِرُّ له الجبابرُ ساجدينا

وما قاله البويصري :

والنَّفسُ كَالطّفلِ إِنْ تُهمِلْه ُشَبَّ عَلَى

حُبِّ الرّضَاع وَ إِنْ تَفْطِمْهُ يَنفَطِــمِ

يا طيب : عرفت أن فَطَمَ : نفس ما مذكر في مقاييس اللغة : الْفَاءُ وَالطَّاءُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى قَطْعِ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ ، وعرفت أنه مع رعاية وعناية بجانب الفطم لأحد طرفيه عن ضده الخير ملائم له .

وعرفت أن :

فاطِمةُ : مِنْ أَسْمَاءِ النِّسَاءِ. وأختص وأشتهر باسم سيدة النساء الصديقة فاطمة الزهراء بنت محمد صلى الله عليها وعلى آلها وسلم ، وحتى أنه الآن من تسمى فاطمة يتبادر بأن هذه التسمية حبا لفاطمة عليها الصلاة والسلام وتبركا وتيمنا بها .

وَتُسَمَّى المرأَة : فِطامًا و فَطِيمة وفِطام ككِتابٍ ، وإن هجرت الآن هذه الأسماء إلا لمعاند ومخالف لأهل البيت وجاهل بمقام الصديقة عليها السلام .

وعندنا : في اللهجات العراقية ، تصغير لاسم فاطمة ، لكون البنت صغيرة أو عملت عمل مخالف أو افتخرت بشيء ، فحين تعاقب أو يراد توبيخها إما لفعلها أو حسدا لها فيقال لها : فطيم وفطومة وفطَيمة ، ولا يستحسن ويكره وبالخصوص فططيم ولطيطيم ، وبالخصوص لمن هو متوجه أن اسمها فاطمة على اسم فاطمة الزهراء عليها سلام فيحرم ، لأنه سيأتي حديث أنه من يسمي بنت باسم فاطمة يجب أن يكرمها ويحترمها ولا يهينها كرامة لفاطمة عليها السلام ، وهكذا من سمى بأسماء الأئمة والأنبياء عليهم السلام أو أسماء الله تعالى .

وأما اسم : فطم : فهو اسم مصدر يدل على القطع وهو الأصل لاسم فاطمة ، و فطم فعل الفطم والقطع ماضي ، والغالب ينصرف للاسم حين النداء والكلام مع المسمات بفاطمة أو ذكرها دون التوجه لنفس الاسم الأصل .

فذكر : فطم : مباح لا بأس به ، ولكن لا يستحسن لمن هو متوجه بأن أسمها فاطمة ، وإن كان على ما ذكروا أن اسم فطم ، جاء في الكتب السابقة أو ذكر لبعض المسميات للنساء .

واسم فطم ورد في رواية واحدة :

ذكر ابن طاووس بسند عن كتاب قديم عن كعب قال :

قرأت : في التوراة أنّ أمّة محمّد صلّى اللّه عليه وآله و سلّم ...

يكونون : صفوفا في الحروب ، و صفوفا في الصلاة، يذكرون الجبّار عزّ و جلّ في كلّ وقت .

و رأيت في التوراة : و إلّا فعميتا ، يعني عينيه ، سطرا مكتوبا .

محمّد : ميد، و بعده : علوانا علوانا .

و بعده : فطم‏ فطم‏ .

و بعده : شبّر شبّر ، و بعده : شبيرا شبيرا، فأسلمت.

التشريف بالمنن في التعريف بالفتن ص81ب24 .

وجاء اسم فطم في الشعر :

يحكي قصة حديث عن أبي سعيد الخدري و أبي هريرة :

أن عليا : أصبح ساغبا ، فسأل فاطمة طعاما .

فقالت : ما كانت إلا ما أطعمتك منذ يومين ، آثرت به على نفسي و على الحسن و الحسين .

فقال عليه السلام : أ لا أعلمتني فأتيتكم بشيء .

فقالت : يا أبا الحسن ، إني لأستحيي من إلهي أن أكلفك ما لا تقدر عليه .

فخرج عليه السلام : و استقرض من النبي دينارا ، فخرج يشتري به شيئا ، فاستقبله المقداد قائلا ما شاء الله .

فناوله علي : الدينار ، ثم دخل المسجد فوضع رأسه فنام .

فخرج النبي : فإذا هو به فحركه .

و قال : ما صنعت ، فأخبره ، فقام و صلى معه ، فلما قضى النبي صلاته .

قال : يا أبا الحسن هل عندك شيء نفطر عليه ، فنميل معك .

فأطرق : لا يجيب جوابا حياء منه .

و كان الله : أوحى إليه أن يتعشى تلك الليلة عند علي .

فانطلقا : حتى دخلا على فاطمة ، و هي في مصلاها ، و خلفها جفنة تفور دخانا .

فأخرجت فاطمة : الجفنة ، فوضعتها بين أيديهما .

فسأل علي :‏ أنى لك هذا ؟

قالت : هو من فضل الله و رزقه‏ ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب‏ .

قال : فوضع النبي كفه المبارك بين كتفي علي .

ثم قال : يا علي ، هذا بدل دينارك ، ثم استعبر النبي باكيا .

و قال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيت في أبنتي ما رأى زكريا لمريم .

و في رواية الصادق عليه السلام : أنه أنزل الله فيهم‏ {.. وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ (9) } الحشر ‏.

ورحم الله السيد الحميري‏ إذ نظم هذا المعنى ، وذكر فيه اسم فطم :

و حدثنا عن حارث الأعور الذي‏
نصدقه في القول منه و ما يروي‏

بأن رسول الله نفسي فداؤه‏

وأهلي ومالي بات طاوي الحشى يطوي‏

لجوع أصاب المصطفى فاغتدى إلى

كريمته و الناس لأهون في سهو

فصادفها و ابني علي و بعلها

و قد أطرقوا من شدة الجوع كالنضو

فقال لها يا فطم‏ قومي تناولي

و لم يك فيما قال ينطق بالهزو

هدية ربي إنه مترحم‏

فقامت إلى ما قال تسرع بالخطو

فجاءت عليها الله صلى بجفنة

مكومة باللحم جزوا على جزو

فسموا و ظلوا يطعمون جميعهم

فبخ بخ لهم نفسي الفداء و ما أحوى‏

فقال لها ذاك الطعام هدية

من الله جبريل أتاني به يهوي‏

و لم يك منه طاعما غير مرسل

و غير وصي خصه الله بالصفو‏.

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام لابن شهرآشوب ج‏2ص77. النضو: المهزول من الإبل

وفطم : جاء كفعل يعلل سبب تسمية فاطمة بفاطمة ويعرف سبب التسمية :

و عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

إِنِّي سَمَّيْتُ : ابْنَتِي فَاطِمَةَ ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ :

فَطَمَهَا وَ فَطَمَ‏ : مَنْ أَحَبَّهَا مِنَ النَّارِ.

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص46ب31ح174 . الأمالي للطوسي ص294م11ح571- 18.

وعن الإمام الرضا والجواد عليهم السلام :

إن اللّه عزّ و جلّ :

فطم‏ : ابتني فاطمة و ولدها و من أحبهم من النار.

فلذلك سميت فاطمة .

صحيفة الإمام الرضا عليه السلام 45 وبشارة المصطفى ص 131، وفرائد السمطين ج2ص57ح384، و مقتل الخوارزمي ج1ص51ف5 .و أمالي الشيخ الطوسي ج 1ص300 بسنده عن الامام الجواد عليه السلام عن أبيه عن آبائه ..

وعن يحيى بن أبي كثير عن أبيه عن أبي هريرة قال :

إِنَّمَا سُمِّيَتْ : فَاطِمَةُ فَاطِمَةَ ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ، فَطَمَ‏ مَنْ أَحَبَّهَا مِنَ النَّارِ.

معاني الأخبار ص64 ح14 .

وجاء في تعقيب صلاة الليل :

سُبْحَانَ : مَنْ أَكْرَمَ مُحَمَّداً .

سُبْحَانَ : مَنِ انْتَجَبَ عَلِيّاً .

سُبْحَانَ : مَنْ خَصَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ .

سُبْحَانَ : مَنْ فَطَمَ‏ بِفَاطِمَةَ مَنْ أَحَبَّهَا مِنَ النَّارِ ...

تهذيب الأحكام ج3ص96ح258-30.

ومما يناسب : الحديث عن معنى فاطمة وفاطم ، معنى فطموا ليستقر المعنى في معرفة أنه فاطم يعني قاطع ومانع :

وقال الإمام علي عليه السلام :

وَ لَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّهِ : كَافٍ لَكَ فِي الْأُسْوَةِ ، وَ دَلِيلٌ لَكَ عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا وَ عَيْبِهَا وَ كَثْرَةِ مَخَازِيهَا وَ مَسَاوِيهَا ، إِذْ قُبِضَتْ عَنْهُ أَطْرَافُهَا ، وَ وُطِّئَتْ لِغَيْرِهِ أَكْنَافُهَا .

وَ فُطِمَ‏ : عَنْ رَضَاعِهَا ، وَ زُوِيَ عَنْ زَخَارِفِهَا .

نهج البلاغة ص226. إن وإن تمكن صلى الله عليه وآله من الدنيا ولكنه لم يطمع ولم يستفد من زخارفها وقطع نفسه عن الطمع فيها .

في حديث كرم الإمام الحسن والحسين وجعفر عليهم السلام :

قال عثمان : وَ مَنْ لَكَ بِمِثْلِ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةِ ، أُولَئِكَ فَطَمُوا الْعِلْمَ فَطْماً ، وَ حَازُوا الْخَيْرَ وَ الْحِكْمَةَ.

وقال الصدوق رضي الله عنه : معنى قوله فطموا العلم فطما أي قطعوه عن غيرهم قطعا و جمعوه لأنفسهم جمعا .

الخصال ج1ص135ح149 .

وقال الإمام علي عليه السلام في نكث الناكثين إلى غزوة الجمل: ....

حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ : وَ دَماً هُمْ سَفَكُوهُ ... وَ إِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَى أَنْفُسِهِمْ .

يَرْتَضِعُونَ : أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ‏ ، وَ يُحْيُونَ بِدْعَةً قَدْ أُمِيتَتْ ...وقوله عليه السلام ، يرتضعون أما ، أي يطلبون الشيء بعد فواته ، لأن الأم إذا فطمت‏ ولدها ، فقد انقضى رضاعها ، و المراد به أن طلبهم لدم عثمان لغو لا فائدة فيه ، لأن حجته مقطوعة عليهم وعنهم أي هم قتلوه وليس لهم حق بمطالبة غيرهم بدمه .

و قال ابن ميثم : استعار لفظة الأم للخلافة ، فبيت المال لبنها ، و المسلمون أولادها المرتضعون ، و كنى بارتضاعهم لها عن طلبهم منه من الصلاة و التفضيلات ، مثل ما كان عثمان يصلهم ، و كونها قد فطمت‏ عن منعه ، و قوله يحيون بدعة قد أميتت إشارة إلى ذلك التفضيل فيكون بمنزلة التأكيد للقرينة السابقة.

ومن اللطائف ما قال العاملي علي بن محمد في معنى فطم يعني قطع :

و أعلم : أنك لا تصل إلى منازل القربات ، حتى تقطع ست عقبات :

فطم الجوارح : عن المخالفات الشرعية ، فتشرف على ينابيع الحكمة العقلية.

فطم‏ النفس : عن المألوفات العادية ، فتشرف على سرائر العلوم الربانية.

فطم القلب : عن الرعونات البشرية ، فتشرف على أعلام المناجاة الملكوتية.

فطم النفس : عن الكدورات الطبيعية ، فتشرف على أنوار المنازلات القرينية.

فطم الروح : عن البخارات الحسية ، فتشرف على أقمار المشاهدات الحبيبية.

فطم العقل : عن الخيالات الوهمية ، فتهبط على رياض الحضرة القدسية.

فهنالك : تغيب مما تشاهد من اللطائف الإنسية ، عن الكثائف الحسية .

الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ج‏1ص157.

يا طيب : الأحاديث كاسم فطم لها حديث واحد مصدره ليس كتب الإمامية بتسمية فطم فطم ، وهو منقول عن التوراة ، وهو شبيه بأن اسم علي إليا والحسن والحسين شبر وشبير أو هنا ذكره علوانا ، ولعله للترجمة أو للهجتهم في الأمم السابقة ، فلذا لا يحسن التسمية به أولا مع وجود الاسم الإلهي لها فاطمة عليها السلام ، وإن ذكر به المسمات بعد ذلك للاختصار فقد يكون مباح ولكنه ليس بأولى ولا مستحب ، وقد يكون مكروه لا لعلة وسبب معقول ، أو محرم إذا كان للاستصغار ، وهذا ليس كأسماء الأخرى المباحة ، لأنه أمامه اسم إلهي قد يقدح به ويصرف عنه ، ويفوت الفائدة مما له من المعاني الكريمة المفيدة والآثار مستحب الحصول عليها بالتسمية باسم فاطمة ، ويتضح هذا المعنى في الموضوع الآتي فتدبر .

يجب تكريم من أسمها فاطمة :

من سميت بفاطمة وجب تكريمها

و لا يحق لنا سبها ولعنها وضربها

يا طيب : عرفت أن للمؤمن الواعي والإنسان المسلم الذي يتصرف بحكمة وكمال ومهذب ، لا يستبدل اسم فاطمة بغيره من تصرفاته لا لسبب وعلة معقولة ، مثلا كالضرورات الشعرية ، أو العجلة في النداء والترخيم وغيره من الآداب العربية التي يكون فيها الترخيم فاطم حسن ومباح وقد يحبب .

وأما بدون سبب : فالأولى فاطمة ، وقد يباح فاطم ، وعلى مضاضة وكراه فطم للمتوجه لما للاسم فاطمة من المعاني الكريمة الشريفة العالية المقصد والتربية ، فضلا عن غيرها من التصرفات ، ولمعرفة هذا المعنى نذكر الأحاديث الآتية :

ذكر الكليني رحمه الله في الكافي : بسنده عن فضالة بن أيوب عن السكوني قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام : و أنا مغموم مكروب .

فقال لي يا سكوني : مما غمك ؟

قلت : ولدت لي ابنة .

فقال : يا سكوني ، على الأرض ثقلها ، و على الله رزقها ، تعيش في غير أجلك ، و تأكل من غير رزقك .

فسرى : و الله عني‏ .

فَقَالَ لِي : مَا سَمَّيْتَهَا .

قُلْتُ : فَاطِمَةَ .

قَالَ : آهِ آهِ‏ ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ فَقَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ .

إِذَا كَانَ ذَكَراً : أن يستفره أمه‏ ، و يستحسن اسمه ، و يعلمه كتاب الله ، و يطهره ، و يعلمه السباحة .

وَ إِذَا كَانَتْ أُنْثَى : أن يستفره أمها ، و يستحسن اسمها ، و يعلمها سورة النور ، و لا يعلمها سورة يوسف ، و لا ينزلها الغرف ، و يعجل سراحها إلى بيت زوجها .

أَمَّا إِذَا سَمَّيْتَهَا فَاطِمَةَ : فَلَا تَسُبَّهَا ، وَ لَا تَلْعَنْهَا ، وَ لَا تَضْرِبْهَا .

الكافي ج6ص48ب34ح6 .

بيان‏ معنى : تعيش في غير أجلك و تأكل من غير رزقك : أي لا ينقص من عمرك لأجلها شيء ، و لا من رزقك ، فسرى : انكشف الغم وزال وذهب .

قال : آه آه : لتذكرة فاطمة عليها السلام جدته المظلومة وللتعظيم لشأنها الكريم ومجرى عليها .

يستفره أمه : يستكرمها و يجعلها كريمة الأصل ، و يطهره: أي يختنه ، و يعلمها سورة النور: لما فيها من الترغيب إلى سترهن و عفافهن و ما يجري هذا المجرى ، و لا يعلمها سورة يوسف لما فيها من ذكر تعشقهن و محبتهن للرجال ، و لا ينزلها الغرف" أي لا يجعل الغرف منزلا لها و مسكنا لئلا تتراءى للرجال و لا تطلع عليهم" و السراح" الانطلاق، تقول سرحت فلانا إلى موضع كذا إذا أرسلته.

يا طيب : هذا المعنى كافي لاحترام اسم فاطمة بالخصوص ، وأما الأحاديث الباقية في حب التسمية بأسماء أهل البيت عليهم السلام واحترام المسمى لأجلها فهي :

أولا قول الله تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ

وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ

وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ

وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ

بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ

وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) } الحجرات .

بعد هذه الآية الكريمة : وما فيها من النهي المشدد في حرمة التنابز بالألقاب ، لا يبقى لمؤمن حسد وحقد واستهزاء واستخفاف باسم فاطمة وتغييره وتصغيره ولا حتى لألقابها ، لأنه نهى الله تعالى نهى وحرم عن تغيير الاسم والتنابز واللمز والاستخفاف بالاسم العادي ، فكيف بالاسم المقدس الطاهر لفاطمة الزهراء عليها السلام وألقابها الكريمة العالية المعاني .

كما أن الأحاديث كثيرة : في ضرورة واستحباب اختيار الأسماء الحسنة والنداء بها بصورة عامة ، وبالخصوص أسماء الله تعالى والأئمة والأنبياء وأصحابهم الكرام ، ولكم قسما منها :

قال الإمام علي عليه السلام : استحسنوا أسماءكم.

وقال عليه السلام : حق الولد على والده أن يحسن اسمه و أدبه و يضعه‏ موضعا صالحا.

ورسول الله صلى الله عليه وآله : كان عليه السلام يغير الأسماء القبيحة في الرجال و البلدان.

و أمر أبو الحسن الكاظم عليه السلام : رجلا أن يغير اسم ابنته فإنه اسم يبغضه الله و كان اسمها الحميراء.

و قال الباقر عليه السلام: أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية، و أفضلها أسماء الأنبياء.

و روي: ما من أهل بيت فيهم اسم نبي إلا بعث الله عز و جل إليهم ملكا يقدسهم بالغداة و العشي.

قال عليه السلام: من ولد له ثلاث بنين و لم يسم أحدهم محمدا فقد جفاني.

و قال الباقر عليه السلام: إن الشيطان إذا سمع مناديا ينادي يا محمد أو يا علي ذاب كما يذوب الرصاص، حتى إذا سمع مناديا ينادي باسم عدو من أعدائنا اهتز و اختال‏ .

و قال الصادق عليه السلام: لا يولد لنا ولد إلا سميناه محمدا ، فإذا مضى سبعة أيام فإن شئنا غيرنا و إلا تركنا.

قال رجل للصادق عليه السلام: ولد لي غلام و سميته محمدا، فقال: لا تسبه و لا تضربه و لا تسئ إليه، و اعلم أنه ليس في الأرض دار فيها اسم محمد إلا و هي تقدس كل يوم.

و روي: إذا سميتم الولد محمدا فأكرموه و أوسعوا له في المجلس و لا تقبحوا له وجها.

و قال عليه السلام : لرجل ولد له بنت فسماها فاطمة: أما إذا سميتها فاطمة فلا تسبها و لا تلعنها و لا تضربها.

قال الحسين عليهما السلام: لو ولد لي مائة لأحببت أن لا أسمي أحدا منهم إلا عليا.

قال أبو الحسن عليه السلام: لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمد، أو أحمد، أو علي، أو الحسن، أو الحسين، أو جعفر، أو طالب، أو عبد الله، أو فاطمة من النساء.

قال الباقر عليه السلام: إنا لنكني أولادنا في صغرهم مخافة النبز أن يلحق بهم.

و قال الصادق عليه السلام: من السنة و البر أن يكنى الرجل باسم ابنه.

هداية الأمة إلى أحكام الأئمة عليهم السلام ج7 ص314 .








شرح أبوذية فاطمة

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

السلام على الزهراء فاطمه

هي لوليها من النار فاطمه

و ربنا برحمته غمره فاطمه

وببركاته جلله وبأنوار بهيه

أو :

السلام على أم الأئمة بضعة النبي سيدة النساء الزهراء فاطمه

الطاهرة الصديقة الراضية المرضية و لأوليائها عن النار فاطمه

ورب العباد طهرها و اصطفاها و لمواليها برحمته غمره فاطمه

و بكوثر خيره ونعيم بركاته جلله و حلاه بأنواره السنية البهيه


شرح الأبوذية :


السلام على أم الأئمة بضعة النبي سيدة النساء الزهراء فاطمه


فاطمة : اسم علم :

فاطمه : فاطمة اسم علم لسيدة نساء العالمين وأهل الجنة بنت سيد المرسلين محمد بن عبد الله ، و زوجة سيد الأوصياء علي بن أبي طالب، وأم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة والعقيلة زينب صلى الله عليهم وسلم ، وجاءت عدة أحاديث تعرف خصائص اسم فاطمة ومعناه ، منها :

يا طيب قد مر البيان مفصلا لاسم فاطمة عليها السلام في شرح الدارمي ، ونتبرك بحديث واحد

في المناقب لابن شهر اشوب:

و أسماؤها على ما ذكره أبو جعفر القمّي:

فاطمة، البتول، الحصان، الحرّة، السيّدة، العذراء، الزهراء، الحوراء، المباركة، الطاهرة، الزكيّة، الراضية، المرضيّة، المحدّثة، مريم الكبرى، الصدّيقة الكبرى.

و يقال لها في السماء : النوريّة ، السماويّة، الحانية .

المناقب ص3ج133 ، الحانية أي المشفقة على زوجها و أولادها.

قال الجزري: الحانية: الّتي تقيم على ولدها، لا تتزوّج شفقة و عطفا، و منه الحديث في نساء قريش: أحناه على ولد، و أرعاه على زوج منه .


الطاهرة الصديقة الراضية المرضية و لأوليائها عن النار فاطمه


معنى فاطمة : من الشر والنار :

عن الإمام علي بن موسى الرضا و الإمام محمد بن علي عليهما السلام قالا :

سمعنا: المأمون يحدث عن الرشيد عن‏ المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده .

قال : قال ابن عباس لمعاوية : أ تدري لم سميت‏ فاطمة فاطمة ؟

قال : لا .

قال : لأنها فطمت هي و شيعتها من النار .

سمعت : رسول الله صلى الله عليه وآله يقوله .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص73ح14، 15- 336 .

و عن أبي هريرة قال:

إنما سميت : فاطمة ، فاطمة ، لأن الله تعالى فطم من أحبها من النار.

وعلل الشرائع ج‏1ص 178ب142ح1.

و عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عليهم السلام قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

يا فاطمة : أ تدرين لم سميت فاطمة ؟

فقال علي عليه السلام : يا رسول الله لم سميت ؟

قال : لأنها فطمت هي و شيعتها من النار.

علل الشرائع، ج‏1ص179ب142ح5.

و عن محمد بن مسلم الثقفي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول‏ :

لفاطمة عليها السلام : وقفة على باب جهنم ، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر .

فيؤمر : بمحب قد كثرت ذنوبه إلى النار ، فتقرأ فاطمة بين عينيه محبا .

فتقول : إلهي و سيدي سميتني فاطمة ، و فطمت بي من تولاني و تولى ذريتي من النار ، و وعدك الحق و أنت‏ لا تخلف الميعاد .

فيقول الله عز و جل : صدقت يا فاطمة ، إني سميتك فاطمة و فطمت بك من أحبك و تولاك و أحب ذريتك و تولاهم من النار .

و وعدي الحق : و أنا لا أخلف الميعاد ، و إنما أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فأشفعك ، و ليتبين لملائكتي و أنبيائي و رسلي و أهل الموقف موقفك مني و مكانتك عندي فمن قرأت بين عينيه مؤمنا فخذي بيده و أدخليه الجنة.

علل الشرائع، ج‏1ص179ب142 ح6 .

فاطمه : تفطم شيعتها عن الضلالة ، ومانعه لمواليها من دخول النار ، وقاطعة ، كما في الأحاديث السابقة ، لأن من تولاها تبع هدى الله تعالى عند المنعم عليهم بالتطهير ، والواجب مودتهم والصلاة والسلام عليهم والتسليم لهم ، والسير لعبودية الله بصراط مستقيم مع المنعم عليهم ، وهذا هو النجاة من الضلال والبعد عن هوى وفكر الطغاة ممن قاتلهم وخالفهم وضل عن الهدى الحق ، ولهذا فاز برضا الله والجنة ومنع من دخول النار ، وله ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر وله من المزيد .


ورب العباد طهرها و اصطفاها و لمواليها برحمته غمره فاطمه

و بكوثر خيره ونعيم بركاته جلله و حلاه بأنواره السنية البهيه


فاطمه : فـ أطمه وغمره بالخير :

فاطمه : ف اطمه غمره وكثر خيره عليه وجعله يرفل في السعادة وأفاض وتجلى عليه ببركاته وطَمَّ: فعل طَمَّ طَمَمْتُ ، يَطِمّ ، اطْمِمْ طِمَّ ، طَمًّا وطُمومًا ، فهو طَامّ ، طَمَّ الْمَاءُ : كَثُرَ حَتَّى عَظُمَ ، غَمَرَ ، طَمَّ البَحْرُ : عَلاَ ، اِرْتَفَعَ ، طَمَّ الأَمْرُ : عَظُمَ ، اِشْتَدَّ طَمَّ الفَرَسُ : أَسْرَعَ ، طَمَّ الفَقْرُ البِلاَدَ : تَكَاثَرَ ، طَمَّ الْحُفْرَةَ بِالتُّرَابِ : رَدَمَهَا وَسَوَّاهَا بِالأَرْضِ ، طَمَّ الإِنَاءَ : مَلأَهُ حَتَّى فَاضَ .

وعن الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء نادى : يا شبث بن ربعي، و يا حجّار بن أبجر، و يا قيس بن الاشعث و يا يزيد بن الحارث، أ لم تكتبوا إليّ :

أن قد اينعت الثمار و اخضرّ الجناب، و طمّت الجمام‏ ، و انما تقدم على جند لك محنّد، فاقبل؟! قالوا له: لم نفعل! .

وطمت الجماجم : الجمام‏: جمع جمّة، و هي المكان الذي يجتمع فيه الماء ، وطمت قد ملئت وزاد فيها الماء وكثر ، تعبير عن كثرتهم وقلة صبرهم وهم مستعدون لنصره وإزالة عدوه .

وقال : المنصور العباسي إلى للإمام الصادق عليه السلام في حديث طويل منه : يا با عبد اللَّه لا نزال من بحرك نغترف ، و إليك نزدلف ، تبصر من العمى ، و تجلو بنورك الطخياء ، فنحن نعوم في سبحات قدسك و طامي‏ بحرك .

الوافي ج‏8ص829 .

وقال الحميري رحمه الله :

بَرِئْتُ مِنَ الَّذِي عَادَى عَلِيّاً

وَ حَارَبَهُ مِنْ أَوْلَادِ الْحَرَامِ‏

تَنَاسَوْا نَصْبَهُ فِي يَوْمِ خُمٍ

مِنَ الْبَارِي وَ مِنْ خَيْرِ الْأَنَامِ‏

بِرَغْمِ الْأَنْفِ مَنْ يَشْنَأُ كَلَامِي

عَلِيٌّ فَضْلُهُ كَالْبَحْرِ طَامِي‏

وَ أَبْرَأُ مِنْ أُنَاسٍ أَخَّرُوهُ

وَ كَانَ هُوَ الْمُقَدَّمَ بِالْمَقَامِ‏

عَلِيٌّ هَزَّمَ الْأَبْطَالَ لَمَّا

رَأَوْا فِي كَفِّهِ ذَاتَ الْحُسَامِ‏

عَلَى آلِ الرَّسُولِ صَلَاةُ رَبِّي

صَلَاةٌ بِالْكَمَالِ وَ بِالتَّمَامِ‏









شرح أبوذية بتول

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

السلام على مولاتي فاطمة بتول

من والاها وآله وهو مطيع بتول

تخلص من الأشرار والشرك بتول

قطع عن الهوى و الأفكار الردية

أو :

الصلاة والسلام على سيدتي و مولاتي فاطمة بتول

و حفظ الله من والاها وآلها و بهداهم طاع ربه بتول

وعن أعداء النبي وآله وعن المعاصي والشرور بتول

ويقطع هوى نفسه و وساوس الشيطان وأفكار ردية


شرح الأبوذية :


الصلاة والسلام على سيدتي و مولاتي فاطمة بتول


تعريف و معنى بتل :

يا طيب : بتول اسم لقب فاطمة الزهراء عليها السلام ، وبتول أقرب معنى لاسم فاطمة .

إلا أن اسم فاطمة : تقطع عن أمور لنفسها من العلم والطهارة وكل خير ، وعن الخارجة عن ذاتها من الشر والشرك وكل شيء خارجي أو فعل ، فهو لا يصيبها نصب ولا عذاب ولا شيء ولا سوء يخل بعلو مكانتها وعزها وإن ظلموها ، وكذا كل من يتمسك بها ويتولاها وآلها تفصلهم وتقطعهم بعلم لكل خير وعن كل شر ودنس لو أطاعها حقا صادق مخلصا .

واسم لقب بتول : يعني نفس معنى فاطمة ولكنه بخصوصية قطع العبودية والإخلاص والطهارة الذاتية والصفاتية وناظر لها بشدة ودون النظر لغيرها وبالخصوص الطهارة من الطمث والحمرة والحيض لأنه ينقص العبودية والطاع لله تعالى .

فهي بتول : الذاتية والصفاتية والفعلية بنفسها بكونها طاهرة مخلصة العبودية لله تعالى ، وهي كاملة الأوصاف روحا وجسما وخصائصا وفعلا و منقطعة عن النظر والمثل ولا يقاس بها أحد من نساء العالمين ، ولذا هي سيدة نساء العالمين والراضية والمرضية والزهراء وغيرها من الصفات التي تحكي عنها.

ولمعرفة : هذا المعنى فاطمة قطع وفصل لها وشيعتها عن كل شين وجمع كل خير لهم ، وبتول بخصائص نفسها ، تدبر ما ذكرنا في معنى اسم فاطمة والمعاني الآتية لاسم بتول :

بَتل: اسم : البَتْلُ عطاءٌ ، بَتْلٌ : منقطع النظير ، و البَتْلُ الحقُّ ، الفصل ، والإخلاص.

وجمع أَبْتَلُ : بُتُل و بُتْل : ومنه : اِنبَتَلَ أَبْتَل بَتَلَ بَتَلة بَتلاء بَتول بَتيل بَتيلة بتائل تَبَتَّلَ تَبتيل مُبتِّل مُتَبَتِّل .

بَتَلَ : فعل بَتَلَ بَتْلا ، بَتَلَهُ : قطعه ، و بَتَلَهُ : فصله عن غيره ، و بَتِل: فعل بَتِل بَتَلا فهو أَبْتَل ، بَتَّلَ : فعل بتَّلَ إلى يُبتِّل ، تَبتيلاً ، فهو مُبتِّل ، والمفعول مبتَّل ، و بَتَلَهُ : يَبْتُلُهُ ويَبْتِلُه بَتْلاً : قَطَعَه وفصله وابانه ، كبَتَّلَهُ فانْبَتَلَ ، وتَبَتَّلَ .

بَتَّلَ الشيءُ : بَتَلَهُ انقطع.

بَتَلَ الشيءَ : مَيَّزَه عن غيرِه .

و بَتَلة النبات : ورقة من تُويْج الزّهرة .

و انْبَتَلَ : انقطعَ . وانْبَتَلَ الفسيلةُ من أُمِّها : انفصلت عنها .

و البَتْلاءُ : يقال : بات فلان على بَتْلاءَ من رأُيه : عزيمة لا تُرَدُّ .

البَتْلَةُ : يقال : يَمِينٌ بَتْلَة : قاطعة .

وصَدَقَةٌ بَتْلَةٌ : مُنْقطعة عن صاحبها ، خالصة لوجه الله .

والبتَّلَ : عزيمة قوية فريدة ، وحيدة لا مثيل لها منقعة ولا يلحقها شبيه .

و البَتْلُ الحقُّ يُقال : ما قلتُ إلا بَتْلا . بَتْلاً أَي حقّاً .

يقال : مَرَّ على بَتِيلة من رأْيه ومُنْبَتِلة أَي عَزِيمة لا تُرَدُّ .

و بَتَّلَ لله : انقطعَ إليه وأخلص .

و بَتَّلَ عَمَلَهُ لله : أخلصه من الرياء .

ب ت ل : بَتَلَ الشيء أبانه وفصله .

البَتولِ : صيغة فَعول لِلْمُبَالَغَةِ .

وبتول : هُوَ مِنَ الأسْماءِ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَى النِّسَاءِ ؛ كَما يَعْنِي الْمَرْأةَ الْمُنْقَطِعَةَ عَنِ الزَّوَاجِ ، أَي العَذْراءُ ، وعلى المرأة الشريفة النبيلة المنقطعة عن النظر ولا مثيل يدانيها في شرفها وعزتها وفضله في قومها أو في أهل زمانها ، وأختص : بـ مريم العذراء و فاطمة الزهراء عليهما الصلاة والسلام .

و بَتولُ: المُنْقَطِعَةُ عن الرِجالِ ، عُرِفَتْ مَرْيَمُ العَذْرَاءُ باسْمِ البَتولِ رضي الله تعالى عنها.

و بَتولُ : اسم لقب سيدة النساء فاطمةُ الزهراء بنتُ سَيِّدِ المُرْسَلينَ عليهما الصلاةُ والسلامُ ، لانْقِطاعِها عن نِساءِ زَمانِها ونِساءِ الأُمَّةِ فَضْلاً و ديناً و حَسَباً ، و المُنْقَطِعَةُ عن الدنيا إلى اللهِ تعالى وهي الناسكة المتعبدة المخلصة المطيعة لله تعالى وتدبر عبادتها ونورها في صحيفتها .

و بتّل إلى الله : تفرَّغ لعبادته ، وانقطع عن الدنيا إليه .

و التَّبَتُّلُ : الانقطاع عن الدنيا إلى الله وكذا التبتِيل . يقال للعابد : إِذا ترك كل شيء وأَقبل على العبادة : قد تَبَتَّل أَي قطع كُلَّ شيء إِلا أَمْرَ الله وطاعتَه .

قوله تعالى : { وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) } المزمل.

ومعناه : أَخْلِصْ له إِخْلاصاً . وتَبَتَّلْ إِليه ، أَي انقطِعْ إِليه في العبادة .

وفي الحديث : لا رَهْبانيَّة ولا تَبَتُّل في الإِسلام ؛ والتَّبَتُّلُ : الانقطاع عن النساء وترك النكاح ، وأَصل البَتْلِ القَطْع .

وامرأَة مُبَتَّلة الخَلْق : أَي منْقطعة الخَلْق عن النساء لها عليهن فضل ؛ من ذلك قول الأَعشى :

مُبَتَّلة الخَلْقِ مِثْل المَهَاةِ

لمْ تَرَ شَمْساً ولا زَمْهَرِيرا

وقيل : المُبَتَّلة التامة الخَلْقِ .

وقيل : تَبْتِيل خَلْقِها انفراد كل شيء منها بحسنه لا يتكل بعضُه على بعض .

قال ابن الأَعرابي : المبتلة من النساء الحسَنة الخَلْقِ لا يَقْصُر شيء عن شيء ، لا تكون حَسَنة العين سَمِجَة الأَنف ، ولا حَسَنة الأَنف سَمِجَة العين ، ولكن تكون تامَّة ؛ قال غيره : هي التي تفرّد كل شيء منها بالحسن على حِدَتِه .

والمُبَتَّلة من النساء : التي بُتِّلَ حسنها على أَعضائها أَي قُطِّع .

امرأَة مُبَتَّلة : بتشديد التاء مفتوحةً ، أَي تامَّة الخَلْق لم يركب لحمها بعضه بعضاً ، ولا يوصف به الرجل .

والبَتِيلة : كل عضو مكتنز مُنْمازٍ .

وسئل أَحمد بن يحيى : عن فاطمة الزهراء ، رضوان الله عليها ، بنت سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : لم قيل لها البَتُول ؟

فقال : لانقطاعها عن نساء أَهل زمانها ونساء الأُمة عفافاً وفضلاً وديناً وحسباً ، ولانقطاعها عن الدنيا إِلى الله عز وجل .

أحاديث معنى اسم بتول :

يا طيب : عرفت معنى التبتل بأن فاطمة عليها السلام منقطعة الصفات بما يقربها لله تعالى في كل إخلاص ، وذكرنا في صحيفتها أحاديث عبادتها وطاعتها وإخلاصها ، وهنا نخص حديث معنى التبتل بأنها لم ترى حمرة وطمث وحيض ولا نفاس ، لكي لا تنقطع عن العبادة والطاعة في صوم وصلاة وقراءة القرآن الكريم ، فيدل على انقطاعها لله تعالى بما لا يوصف بمثلها في العبودية والإخلاص لله تعالى .

كما أن ذكرنا : في مواصفاتها الجسمية في صحيفتها وفي أسم زهراء وغيرها مما يأتي بحث تراها لا يوصف بكمالها الجسمي والروحي غيرها ولا بما هي فيه من الفضل .

وهنا نتدبر : أحاديث في معنى البتول التي لا ترى الدم فتدبر وتفكر بالغرض الذي ذكرناه أعلاه وهو عين الكمال والفضل وعلو المنزل والشرف بأن تكون في كل أحوالها مع الله لا يقطعها شيء عنه :

أولا : حوراء أنسية لا ترى دم :

عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قال: إن النبي صلى الله عليه وآله :

سُئِلَ : مَا الْبَتُولُ ، فإنا سمعناك يا رسول الله تقول :

إِنَّ مَرْيَمَ : بَتُولٌ‏ .

وَ فَاطِمَةُ : بَتُولٌ‏ ؟

فَقَالَ : الْبَتُولُ : الَّتِي لَنْ تَرَ حُمْرَةً قَطُّ ، أَيْ لَمْ تَحِضْ فَإِنَّ الْحَيْضَ مَكْرُوهٌ فِي بَنَاتِ الْأَنْبِيَاءِ.

معاني الأخبار ص64 ح17 . علل الشرائع ج1ص181ب144ح1 .

و قال النبي صلى الله عليه وآله :

إِنَّ فَاطِمَةَ : صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا لَيْسَتْ كَأَحَدٍ مِنْكُنَّ ، إِنَّهَا لَا تَرَى دَماً فِي حَيْضٍ وَ لَا نِفَاسٍ كَالْحُورِيَّةِ.

من لا يحضره الفقيه ج1ص89ح194 .

وعن زيد بن علي : عن أبيه، عن سكينة و زينب ابنتي علي، عن علي عليه السلام قال:

قال رسول الله صلى الله عليه و آله :

إِنَّ فَاطِمَةَ : خُلِقَتْ حُورِيَّةً فِي صُورَةِ إِنْسِيَّةٍ، وَ إِنَّ بَنَاتَ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَحِضْنَ‏ .

دلائل الإمامة ص145ح52 .

وعن زيد بن علي : عن أبيه، عن زينب بنت علي قالت : حدثتني أسماء بنت عميس قالت:

قال لي رسول الله صلى الله عليه و آله :

وَ قَدْ كُنْتُ : شَهِدْتُ فَاطِمَةَ قَدْ وَلَدَتْ بَعْضَ وُلْدِهَا ، فَلَمْ نَرَ لَهَا دَماً .

فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فَاطِمَةَ وَلَدَتْ فَلَمْ نَرَ لَهَا دَماً ؟!

فقال رسول الله صلى الله عليه و آله :

يَا أَسْمَاءُ : إِنَّ فَاطِمَةَ خُلِقَتْ حُورِيَّةً إِنْسِيَّةً.

دلائل الإمامة ص148ح56.

ويا طيب : في كل معاني أسماء فاطمة الزهراء عليها السلام حقائق نورانية منفردة لها منقطعة عليها لم يشاركها فيها أحد ، وستراها في تكوينها وصفاتها وتعرف كل معنى الكمال والفضائل والمناقب فيها ، وتعرف معنى :

وامرأَة مُبَتَّلة الخَلْق : أَي منْقطعة الخَلْق عن النساء لها عليهن فضل ، التامة الخَلْقِ . والمبتلة من النساء الحسَنة الخَلْقِ لا يَقْصُر شيء عن شيء ، لا تكون حَسَنة العين سَمِجَة الأَنف ، ولا حَسَنة الأَنف سَمِجَة العين ، ولكن تكون تامَّة ؛ قال غيره : هي التي تفرّد كل شيء منها بالحسن على حِدَتِه .

والمُبَتَّلة من النساء : التي بُتِّلَ حسنها على أَعضائها أَي قُطِّع .

وهذه المعاني كلها : تجدها على الحقيقة وواقع التكوين في فاطمة الزهراء عليها السلام ، فتدبر صفاتها في صحيفتها ، ولا نطيل لكي لا يتكرر الكلام :

يا طيب : هذا التبتل في تكوينها وحقيقتها الوجودية وصفاتها الذاتية ، وإليك حقيقة تبتل أخرى تفيض بها في صفاتها الفعلية بل تجلي صفاتها الروحية القدسية فتدبر .

ثانيا: البتول لا ترغب في الرجال:

عرفت يا طيب إن معنى بَتولُ: المُنْقَطِعَةُ عن الرِجالِ ولا رغبة لها فيهم ولم تنظر لهم نظره محرمة أو تتمنى غير بعلها ، وهذا المعنى يصدق على الصديقة الزهراء عليها السلام في أحاديث كثير منها ما مر بأنه لولا علي لا كفئ لها أبدا .

وهذا الحديث يعرفنا حقيقة ما ذكرنا :

عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال :

قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

أَيُّ شَيْ‏ءٍ : خَيْرٌ لِلْمَرْأَةِ ؟

فَلَمْ يُجِبْهُ : أَحَدٌ مِنَّا .

فَذَكَرْتُ : ذَلِكَ لِفَاطِمَةَ عليها السلام .

فَقَالَتْ عليها السلام :

مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ : خَيْرٌ لِلْمَرْأَةِ .

مِنْ أَنْ : لَا تَرَى رَجُلًا ، وَ لَا يَرَاهَا.

فَذَكَرْتُ : ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله .

فَقَالَ : صَدَقَتْ .

إِنَّهَا " بَضْعَةٌ مِنِّي .

دعائم الإسلام ج2ص215ح793 .

وهذا حديث : كريم آخر يصدق ما ذكرنا بأعلى معرفة بأنها لا رغبة لها في الرجال غير بعلها :

و عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال :

اسْتَأْذَنَ : أَعْمَى عَلَى فَاطِمَةَ عليه السلام.

فَحَجَبَتْهُ .

فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

لِمَ تَحْجُبِينَهُ‏ : وَ هُوَ لَا يَرَاكِ .

قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ :

إِنْ لَمْ يَكُنْ يَرَانِي ، فَإِنِّي أَرَاهُ .

وَ هُوَ : يَشَمُّ الرِّيحَ .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

أَشْهَدُ : أَنَّكِ بَضْعَةٌ مِنِّي.

دعائم الإسلام ج2ص214 ح792 .

وفي المناقب : وَ قَالَ النَّبِيُّ لَهَا : أَيُّ شَيْ‏ءٍ خَيْرٌ لِلْمَرْأَةِ ؟

قَالَتْ: أَنْ لَا تَرَى رَجُلًا وَلَا يَرَاهَا رَجُلٌ.

فَضَمَّهَا إِلَيْهِ وَ قَالَ‏ :

ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ‏.

بــــرة طـــيبة طاهرة

مريم الكبرى عفافا و ورع‏

مناقب آل أبي طالب ج3ص341 .

وعرفت يا طيب : وفي الحديث : لا رَهْبانيَّة ولا تَبَتُّل في الإِسلام .

والتَّبَتُّلُ : الانقطاع عن النساء وترك النكاح ، وأَصل البَتْلِ القَطْع .

عن عبد الصمد بن بشير قال : دخلت امرأة على أبي عبد الله عليه السلام :

فقالت: أصلحك الله ، إِنِّي امْرَأَةٌ مُتَبَتِّلَةٌ.

فقال : وَ مَا التَّبَتُّلُ‏ عِنْدَكِ ؟

قالت : لا أتزوج .

قال عليه السلام و لم .

قالت : ألتمس بذلك الفضل .

فَقَالَ : انْصَرِفِي ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكِ فَضْلًا ، لَكَانَتْ فَاطِمَةُ أَحَقَّ بِهِ مِنْكِ ، إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَسْبِقُهَا إِلَى الْفَضْلِ.

الكافي ج5ص509ح3 .

هذا التبتل في عفاف : سيدة النساء حقا ولذا فهي الصديقة الطاهرة الزكية فاطمة بنت سيد المرسلين عليهم السلام ، وأما عبادتها فتدبر :

ثالثا : البتول المتبتلة العابدة :

يا طيب : عرفت من معنى التبتل وهو الانقطاع إلى الله تعالى ومر :

و بَتَّلَ لله : انقطعَ إليه وأخلص .

و بَتَّلَ عَمَلَهُ لله : أخلصه من الرياء .

و التَّبَتُّلُ : الانقطاع عن الدنيا إلى الله وكذا التبتِيل . يقال للعابد : إِذا ترك كل شيء وأَقبل على العبادة : قد تَبَتَّل أَي قطع كُلَّ شيء إِلا أَمْرَ الله وطاعتَه .

قوله تعالى : { وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) } المزمل.

ومعناه : أَخْلِصْ له إِخْلاصاً . وتَبَتَّلْ إِليه ، أَي انقطِعْ إِليه في العبادة .

يا طيب : أحاديث عبادة الزهراء تدل على أنه لها حقيقة العبودية الصادقة ، سواء في صلاتها وصومها أو في زكاتها ، ويكفي أنها كانت تقوم حتى تتورم أرجلها من كثرة الصلاة ، وصومها تعرفنا به سورة الدهر ( الإنسان ) وما لها من الإخلاص بشهادة الله تعالى وكل من ذكر شأن نزولها ، و حيث لم يذكر فيها الحور كرامة لها ، وزكاته على الفقير واليتيم والأسير في نفس السورة ، ولها فدك نحله وتبيت طاوية ، والأحاديث كلها لا يسعها هذا المقام ، ولكن نذكر قسما منها ولا نطيل :

يا طيب : يكفينا أنه من الذكر الكثير أحاديث تسبيحة فاطمة الزهراء عليها السلام ، وأحاديث أدعيتها وأذكارها الكثيرة في صحيفتها ونذكر يسير منها .

وعن الإمام العسكري عليه السلام :

قَالَتْ‏ فَاطِمَةُ عليها السلام :

مَنْ أَصْعَدَ : إِلَى اللَّهِ خَالِصَ عِبَادَتِهِ‏ .

أَهْبَطَ اللَّهُ إِلَيْهِ‏ : أَفْضَلَ مَصْلَحَتِهِ‏.

التفسير الإمام ص326ح178 .

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الباقر عليه السلام :

‏ مَنْ سَبَّحَ : تَسْبِيحَ‏ الزَّهْرَاءِ عليها السلام ثُمَّ اسْتَغْفَرَ غُفِرَ لَهُ .

وَ هِيَ : مِائَةٌ بِاللِّسَانِ ، وَ أَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ ، وَ تَطْرُدُ الشَّيْطَانَ ، وَ تُرْضِي الرَّحْمَنَ.

من لا يحضره الفقيه ج‏2ص591ح3198 .

وذكرنا : قصة التسبيح وفضلها كاملا في صحيفتها عليها السلام .

الْحَسَنُ الْبَصْرِيُ‏ : مَا كَانَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَعْبَدُ مِنْ فَاطِمَةَ ،كَانَتْ تَقُومُ حَتَّى تَوَرَّمَ قَدَمَاهَا .

مناقب آل أبي طالب ج3ص341 .

معنى البتول كتاب العوالم :

يا طيب : قد جمع كثير من معاني التبتل لفاطمة الزهراء عليها السلام ، وخرج مصادرها في كتاب العوالم ، فنحن نذكر مختصرة منها ومن يحب تفصيل مصادرها يراجعها فيه .

في عوالم العلوم : ذكر في الباب الرابع : أنّها البتول ، و علّة تسميتها به صلوات اللّه عليها

الأخبار: الرسول، و الصحابة، و التابعين‏

الأول ذكر أعلاه ...

(2) و منه: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: و سمّيت فاطمة بتولا، لأنّها تبتّلت كلّ ليلة؛ معناه ترجع كلّ ليلة بكرا، و سمّيت مريم بتولا لأنّها ولدت عيسى بكرا.

(3) المناقب المرتضويّة: روي في حديث، عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم قال:

و سمّيت فاطمة بتولا، لأنّها تبتّلت و تقطّعت عمّا هو معتاد العورات في كلّ شهر؛ و لأنّها ترجع كلّ ليلة بكرا، و سمّيت مريم بتولا لأنّها ولدت عيسى بكرا. عن أمّ سلمة.

(4) الفتوحات الربّانيّة: روي في حديث عن عبد اللّه بن الحسن، عن امّه، عن جدّتها: تلقبّت عليها السّلام .... و بالبتول لتبتّلها- أي انقطاعها- إلى اللّه.

5- المناقب لابن شهر اشوب: أبو صالح المؤذّن في الأربعين :

سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: ما البتول؟

قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم: الّتي لم تر حمرة قطّ، و لم تحض، فإنّ الحيض مكروه في بنات الأنبياء و قال صلى اللّه عليه و آله و سلم لعائشة: يا حميراء، إنّ فاطمة ليست كنساء الآدميّين، لا تعتلّ كما تعتلن.

الأئمّة: أمير المؤمنين عليه السّلام، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم‏

6- معاني الأخبار و علل الشرائع: بإسناد العلويّ، عن عليّ عليه السّلام:

أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم سئل: ما البتول؟ فإنّا سمعناك يا رسول اللّه، تقول:

إنّ مريم بتول، و فاطمة بتول. فقال صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البتول: الّتي لم تر حمرة قطّ أي لم تحض، فإنّ الحيض مكروه في بنات الأنبياء.

مصباح الأنوار: عن عليّ عليه السّلام مثله.

الكتب‏ :

7- المناقب لابن شهر اشوب: قال عبيد الهروي في «الغريبين»:

سمّيت مريم بتولا، لأنّها بتلت عن الرجال؛

و سمّيت فاطمة بتولا، لأنّها بتلت عن النظير.

استدراك‏ مصباح الكفعمي: و قال الطبرسي في مجمعه:

سمّيت فاطمة عليها السّلام بالبتول، لانقطاعها إلى عبادة اللّه تعالى.

(9) النهاية: و سمّيت فاطمة البتول‏ ، لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا و دينا و حسبا، و قيل: لانقطاعها عن الدنيا إلى اللّه.

(10) تاج العروس: روي عن الزمخشري أنّه قال:

لقّبت فاطمة بنت سيّد المرسلين عليهما الصلاة و السلام و على ذرّيتهما «بالبتول» تشبيها بها في المنزلة عند اللّه تعالى.

و قال ثعلب: لانقطاعها عن نساء زمانها، و عن نساء الامّة فضلا و دينا و حسبا و عفافا و هي سيّدة نساء العالمين عليها السّلام ... الخ.

إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب و الفضائل: لم لقّبت بالبتول؟

لقّبت «بالبتول» لأنّها لا شهوة لها للرجال؛ أو لأنّه تعالى قطعها عن النساء حسنا و فضلا و شرفا، أو لانقطاعها إلى اللّه تعالى.

استدراك‏

الأخبار: النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم‏

آل محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم: عن أسماء بنت عميس قالت: قبلت فاطمة عليها السّلام فلم أر لها دما، فقلت: يا رسول اللّه، إنّي لم أر لفاطمة دما في حيض و لا نفاس؟ فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم:

أ ما علمت أنّ ابنتي طاهرة مطهّرة، لا يرى لها دم في طمث، و لا ولادة حرجة.

صحيفة الرضا عليه السّلام: (بإسناده) عن أسماء قالت:

قبلت - أي ولّدت - فاطمة عليها السّلام بالحسن عليه السّلام فلم أر لها دما.

فقلت: يا رسول اللّه، إنّي لم أر لها دما في حيض و لا نفاس؟

فقال صلى اللّه عليه و آله و سلم: أ ما علمت أنّ ابنتي طاهرة مطهّرة، لا يرى لها دم في طمث و لا ولادة.

الأئمّة عليهم السلام :

الباقر، عن آبائه عليهم السّلام‏

3- مصباح الأنوار: عن أبي جعفر، عن آبائه عليهم السّلام، قال: إنّما سمّيت فاطمة بنت محمّد الطاهرة، لطهارتها من كلّ دنس، و طهارتها من كلّ رفث .

و ما رأت قطّ يوما حمرة و لا نفاسا.

الصادق عليه السّلام‏

4- المناقب لابن شهر اشوب: أبو عبد اللّه عليه السّلام قال:

حرّم اللّه النساء على عليّ ما دامت فاطمة حيّة، لأنّها طاهرة لا تحيض.

5 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي غالب الزراري، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حرّم اللّه عزّ و جلّ على عليّ النساء ما دامت فاطمة حيّة، قلت: و كيف؟ قال: لأنّها طاهرة لا تحيض.

.....

(7) التدوين: عن أمّ سلمة رض قالت:

ما رأت فاطمة عليها السّلام في نفاسها دما، و لا حيضا.

الأئمّة:

الباقر عليه السّلام‏

8- علل الشرائع: عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

إنّ بنات الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا يطمثن، إنّما الطمث عقوبة، و أوّل من طمثت سارة.

...

(12) مسند فاطمة للسيوطي: من خصائص فاطمة عليها السّلام: أنّها كانت لا تحيض؛ و كانت إذا ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة حتّى لا تفوتها صلاة.

عوالم العلوم و المعارف ج11ق1ص79ب4 .

يا طيب : هذا قسم مما ذكره مختصرا ، وبه تعرف جميع معاني التبتل لها ، وبالخصوص حين تضيفه وتتدبره بما عرفنا سابقا وفي ما يأتي .


و حفظ الله من والاها وآلها و بهداهم طاع ربه بتول


التبتل إخلاص الطاعة لله :

يا طيب : عرفت أن التبتل هو الانقطاع والانفصال في النفس والصفاة والأفعال ، بحيث يكون فيه خاصية يتميز بها على غيره ويفوقهم ومنفرد بها .

وهذا التبتل : والانقطاع لله تعالى لا يكون إلا بحب أهل البيت عليهم السلام وطاعتهم ، أي بهدى المنعم عليهم بالصراط المستقيم ، وغير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فلهذا من أطاع فاطمة وآلها يكون متبتل حقا ، وإن من يكون في عبادته بما يخالفهم لا يصح عليه التبتل والانقطاع إلى الله تعالى فضلا من الإخلاص له ، لأنه يعبده بما لم يعلمه من أختارهم لدينه واصطفاهم لتعليم عباده ، وإنما أفكار وقياس واستحسان مخالف لهم أي لهدى الله فكيف يعبد به الله تعالى .

وعرفت إخلاص فاطمة عليها السلام : وهذه أحاديث عن زوجها في أهمية الإخلاص في طاعة الله وعبوديته :

وهذه كلمات غراء في الإخلاص :

قالها أمير المؤمنين عليه السلام :

ألكيّس : من عرف نفسه و أخلص‏ أعماله.

ألسّعيد : من أخلص‏ الطّاعة.

طوبى : لمن أخلص‏ للّه عمله و علمه و حبّه و بغضه و أخذه و تركه و كلامه و صمته.

إرض : للنّاس بما ترضاه لنفسك ، و أخلص‏ للّه عملك و علمك و حبّك و بغضك و أخذك و تركك و كلامك و صمتك.

أسعد النّاس : من عرف فضلنا و تقرّب إلى اللّه بنا ،ـ و أخلص‏ حبّنا ، و عمل بما إليه ندبنا ، و انته عمّا عنه نهينا ، فذاك منّا و هو في دار المقامة معنا.

رحم اللّه أمرئ : بادر الأجل و اكذب الأمل و أخلص‏ العمل.

من رغب : فيما عند اللّه أخلص‏ عمله.

والأحاديث في الإخلاص : وضرورة الانقطاع إلى الله والتوكل عليه وتفويض الأمر إليه كثيرة جدا ، والصحيفة مختصة بشرح ألقاب فاطمة عليها السلام ، فنكتفي بهذا ونذكر أمر يخص معنى التبتل بالدعاء :

ويكون : معنى التبتل في الدعاء له حالات خاصة يختلف عن غيره من حالات العبودية ، ولمعرفة هذا المعنى نذكر بعض الأحاديث :

ذكر في الكافي : بَابُ الرَّغْبَةِ وَ الرَّهْبَةِ وَ التَّضَرُّعِ وَ التَّبَتُّلِ‏ وَ الِابْتِهَالِ وَ الِاسْتِعَاذَةِ وَ الْمَسْأَلَةِ وفيه أحاديث كثيرة منها :

بسنده : عن أبي إسحاق عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:

الرَّغْبَةُ : أَنْ تَسْتَقْبِلَ بِبَطْنِ كَفَّيْكَ إِلَى السَّمَاءِ .

وَ الرَّهْبَةُ : أَنْ تَجْعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْكَ إِلَى السَّمَاءِ .

وَ قَوْلُهُ‏ : { وَ تَبَتَّلْ‏ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا } .

قَالَ : الدُّعَاءُ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ تُشِيرُ بِهَا .

وَ التَّضَرُّعُ : تُشِيرُ بِإِصْبَعَيْكَ وَ تُحَرِّكُهُمَا .

وَ الِابْتِهَالُ : رَفْعُ الْيَدَيْنِ وَ تَمُدُّهُمَا ، وَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّمْعَةِ ثُمَّ ادْعُ.

الكافي ج2ص479ح1 . وذكر في الهامش ِ:

الرغبة: السؤال و الطلب. و الرهبة: الخوف و الفزع، و التضرع: التذلل و المبالغة في السؤال .

و التبتل‏: الانقطاع الى عبادة اللّه و إخلاص العمل له و أصله من بتلت الشيء قطعته و منه البتول عليها السلام لانقطاعها إلى عبادة اللّه عزّ و جلّ.

و الابتهال : أن تمد يديك جميعا و أصله التضرع و المبالغة في الدعاء و يقال في قوله تعالى‏ «ثُمَّ نَبْتَهِلْ»: أي نخلص في الدعاء.

وقال علي بن إبراهيم :

قَوْلُهُ‏ : { وَ تَبَتَّلْ‏ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا } .

قَالَ : رَفْعُ الْيَدَيْنِ وَ تَحْرِيكُ السَّبَّابَتَيْنِ .

وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الباقر عليه السلام فِي قَوْلِهِ :

{ إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا } .

يَقُولُ : فَرَاغاً طَوِيلًا لِنَوْمِكَ وَ لِحَاجَتِكَ‏ .

{ وَ تَبَتَّلْ‏ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا } .

يَقُولُ : أَخْلِصْ إِلَيْهِ إِخْلَاصاً .

تفسير القمي ج‏2 ص392 .

ونكفتي بهذا : في معنى إخلاص العبودية لله تعالى بنحول الانقطاع إليه ، ويكفي أن تراجع عبودية المتقين في خطبة همام للإمام علي عليه السلام وكيفية عبوديتهم له أو حالات المعصومين في العبودية وطاعة الله تعالى .


وعن أعداء النبي وآله وعن المعاصي والشرور بتول

ويقطع هوى نفسه و وساوس الشيطان وأفكار ردية


حب فاطمة وآلها يوقي الشرور :

يا طيب : من يطيع الله ويخلص له يقيه الله كل شر ، ولا يكون ولا يحصل له شيء في الدنيا والآخرة إلا وهو خيرا له ، ويزيده هدى ولا تتم طاعته إلا بإطاعة من أختارهم لتعليم دينه واصطفاهم لتعليم معارف هداه ، وهم نبي الرحمة وآله الطيبين ، ولتعرف هذا المعنى أنظر الحديث الآتي :

عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول‏ :

أَنَا سَيِّدُ : وُلْدِ آدَمَ .

وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ : وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِكَ سَادَةُ أُمَّتِي .

مَنْ أَحَبَّنَا : فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ ، وَ مَنْ أَبْغَضَنَا فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ .

وَ مَنْ وَالانَا : فَقَدْ وَالَى اللَّهَ ، وَ مَنْ عَادَانَا فَقَدْ عَادَى اللَّهَ .

وَ مَنْ‏ أَطَاعَنَا : فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ‏ ، وَ مَنْ عَصَانَا فَقَدْ عَصَى اللَّهَ.

الأمالي للصدوق ص476م 72ح16 .

فيا طيب : هذا عين التبتل أن نخلص الحب للنبي وآله حتى يمكننا أن نخلص لله ونطيعه ، ومن يخلص الطاعة فقد فاز وأمن وأفلح ، وإلا خسر نفسه وكل شيء هباء وله جهنم وبئس المصير .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

نَحْنُ : دُعَاةُ الْحَقِّ ، وَ أَئِمَّةُ الْخَلْقِ ، وَ أَلْسِنَةُ الصِّدْقِ ، مَنْ‏ أَطَاعَنَا مَلَكَ ، وَ مَنْ عَصَانَا هَلَكَ.

عيون الحكم ص 499ح9204.

ولمعرفة بعض تعاليمه المنجية : أنظر خطبة فاطمة الزهراء عليها السلام :

وذكر الصدوق : روي عن إسماعيل بن مهران عن أحمد بن محمد عن جابر عن زينب بنت علي عليها السلام قالت :

قَالَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام فِي خُطْبَتِهَا فِي مَعْنَى فَدَكَ‏ :

لِلَّهِ فِيكُمْ عَهْدٌ : قَدَّمَهُ إِلَيْكُمْ ، وَ بَقِيَّةٌ اسْتَخْلَفَهَا عَلَيْكُمْ‏ ، كِتَابُ اللَّهِ بَيِّنَةٌ بَصَائِرُهُ ، وَ آيٌ مُنْكَشِفَةٌ سَرَائِرُهُ ، وَ بُرْهَانٌ مُتَجَلِّيَةٌ ظَوَاهِرُهُ ، مُدِيمٌ لِلْبَرِيَّةِ اسْتِمَاعُهُ ، وَ قَائِدٌ إِلَى الرِّضْوَانِ أَتْبَاعَهُ ، مُؤَدِّياً إِلَى النَّجَاةِ أَشْيَاعَهُ ، فِيهِ تِبْيَانُ حُجَجِ اللَّهِ الْمُنَوَّرَةِ ، وَ مَحَارِمِهِ الْمَحْدُودَةِ ، وَ فَضَائِلِهِ الْمَنْدُوبَةِ ، وَ جُمَلِهِ الْكَافِيَةِ ، وَ رُخَصِهِ الْمَوْهُوبَةِ ، وَ شَرَائِعِهِ الْمَكْتُوبَةِ ، وَ بَيِّنَاتِهِ الْخَالِيَةِ .

فَفَرَضَ اللَّهُ الْإِيمَانَ : تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ .

وَ الصَّلَاةَ : تَنْزِيهاً عَنِ الْكِبْرِ .

وَ الزَّكَاةَ : زِيَادَةً فِي الرِّزْقِ .

وَ الصِّيَامَ : تَبْيِيناً لِلْإِخْلَاصِ ، وَ الْحَجَّ تَسْنِيَةً لِلدِّينِ‏ .

وَ الْعَدْلَ : تَسْكِيناً لِلْقُلُوبِ .

وَ الطَّاعَةَ : نِظَاماً لِلْمِلَّةِ .

وَ الْإِمَامَةَ : لَمّاً مِنَ الْفُرْقَةِ .

وَ الْجِهَادَ : عِزّاً لِلْإِسْلَامِ .

وَ الصَّبْرَ : مَعُونَةً عَلَى الِاسْتِيجَابِ‏.

وَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ : مَصْلَحَةً لِلْعَامَّةِ .

وَ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ : وِقَايَةً عَنِ السَّخَطِ .

وَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ : مَنْمَاةً لِلْعَدَدِ .

وَ الْقِصَاصَ : حَقْناً لِلدِّمَاءِ .

وَ الْوَفَاءَ بِالنَّذْرِ : تَعْرِيضاً لِلْمَغْفِرَةِ .

وَ تَوْفِيَةَ : الْمَكَايِيلِ وَ الْمَوَازِينِ تَعْيِيراً لِلْبَخْسَةِ .

وَ قَذْفَ الْمُحْصَنَاتِ: حَجْباً عَنِ اللَّعْنَةِ.

وَ تَرْكَ السَّرِقَةِ :إِيجَاباً لِلْعِفَّةِ .

وَ أَكْلَ : أَمْوَالِ الْيَتَامَى إِجَارَةً مِنَ الظُّلْمِ‏.

وَ الْعَدْلَ : فِي الْأَحْكَامِ إِينَاساً لِلرَّعِيَّةِ .

وَ حَرَّمَ اللَّهُ : الشِّرْكَ إِخْلَاصاً لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ .

فَ اتَّقُوا اللَّهَ : حَقَّ تُقاتِهِ‏ فِيمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ وَ انْتَهُوا عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ.

من لا يحضره الفقيه ج3ص567ح4940

و الخطبة : طويلة ذكرنا منها موضع الحاجة ، ثم تشكوهم إلى الله وتمامها في صحيفتها إن شاء الله وبهذا تعرف النجاة بحبهم ومودتهم إلا فلا.








شرح أبوذية سيدة النساء

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

فاطمة في الدارين سيدة نساء

مصائبها محزنه دوما ولو نساء

وأطع الله واقعا ولا تكن نساء

يؤخر واجبه ويهجر آل الزچیه

أو :

السلام على مولاتي فاطمة للعالمين في الدارين سيدة نساء

مرت عليها وآلها مصائب مفجعة محزنة دوما حتى لمن نساء

فيا طيب صل عليها وآلها وأعبد ربك واستغفره ولا تكن نساء

تترك الطاعة كالمنقلب عن دين النبي بعده وعادى آل الزچیه


شرح الأبوذية :


السلام على مولاتي فاطمة للعالمين في الدارين سيدة نساء


نساء جمع امرأة :

نساء : نسَاءٌ : ن س و ، جَمْعٌ لِلْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهَا وهن أناث ، و إِمرأة: اسم نِساءٌ ، نِسْوَةٌ ، نِسْوانٌ ، نِصْفُ سُكَّانِ العَالَمِ نِسَاءٌ و نِصْفُ رِّجَالِ .

فاطمة سيدة النساء :

وجاءت : روايات كثيرة عن سيد المرسلين والأئمة سادة المتقين ، تعرفنا أن الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام إنها سيدة النساء في الدنيا والآخرة ومن الأولين والآخرين .

والسيادة : وهي في الحقيقة تحكي عن ما عرفها الله تعالى فضلها وعلو منزلتها وشرفها ، وإنها صديقة صادقة مصدقة ، وخير نساء المؤمنين أمثلهن وأعلاهن في الإخلاص والطاعة والعبودية له ، حين جعلها تمثل نساء المسلمين في آية المباهلة ، وأختارها من بينهن وصدقها وآلها أبوها وبعلها وبنيها ، وجعل لعنته على من يكذبهم ويخالفهم ولم يعتني بكلامهم ولم يأخذ بقولهم .

وحيث إن الإسلام : سيد الأديان ، وكتابه القرآن المجيد سيد الكتب ، ونبيه سيد الأنبياء وأوصياءه سادة الأوصياء وهم بعلها وبنيها والمعصومين منهم ، ومن أختارها الله من نساء المؤمنين وجعلها ككلهن ، فهي سيدة النساء من الأولين والآخرين وفي الدارين ، تدبر قوله تعالى :

{ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ

وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) } آل عمران .

فكان النبي : سيد المرسلين ونفسه أمير المؤمنين سيد الأوصياء ، وأبناءه الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وفاطمة جمعت إيمان كل المؤمنات فكانت سيدتهن وهي وحدها حضرت من النساء المؤمنات ولم يأتي بأي من أزوجه أو غيرهن وهي بنته ، في يوم المباهلة مع نصارى نجراء ، وكانت بمثابة نساءنا أي نساء المؤمنين وسيدتهن ، هذا .

كما جاءت كلمة نساء : في زوجات النبي ولكن ليس بلعن من يكذبهن ، بل يحذرهن ويأمرهن بالتقوى والطاعة لأهل البيت المطهرين ليكن منهم على الحقيقة ، وترى بالتدبر فرق كبير بين مقامة كلمة نساء في الآيتين ، فتدبر قوله تعالى :

{ يَا نِسَاء النَّبِيِّ

مَن يَأْتِ مِنكُنَّ : بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)

وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31)

يَا نِسَاء النَّبِيِّ

لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32)

وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ

وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ

إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) } الأحزاب .

فنساء النبي : لهن أجر مضاعف إذا لم يتبرجن تبرج الجاهلية وأطعن الله ورسوله في الأمر بمودة القربى في آية المودة ، وأما إذا لم يتقين وتبرجن و وقاتلن آل سيدة النساء وسيد البشر بعده ، وحاربن سيد الأوصياء وسيدا شباب أهل الجنة وخرجن كلهن أو إحداهن كما في حرب الجمل ، فتسببت بقتل 20000 عشرين ألف من المسلمين والمؤمنين ، وجرأت الناس على قتال بل قتل سيد الوصيين وسيدا شباب أهل الجنة ، فمثلها لها الضعف من العذاب ، وذكر هذا ليس انتقاص للنبي الأكرم ، فقد ذكر هذا الله تعالى في كتابه إمرة نوح وأمرة لوط فخانتهما ، ومن تقاتل أهل البيت النبوي فليس منه ، ولا مطهر ، بل هم المطهرون وأهل الكتابة والحكمة ، والله أمر بمودتهم بمودة القربى ، وفي آيات القربى كلها ، وآيات الإمامة من ذرية إبراهيم وغيرها ، وآيات الولاية والنعيم وصراطه في حقهم ، دون من يخرج عليهم ويقاتلهم ويتبرج تبرج الجاهلية الأولى .

وبهذا نعرف : أن من خرج على آل محمد عليهم السلام وهم سادة أهل التكوين في كل مراتبة ، حتى لو كان من نساء النبي وقد حذرهن الله من تبرج الجاهلية الأولى مثل هند أم معاوية التي كانت تعد في قيادة جيش الكفر ، تكون قد انقلبت عن هدى النبي وطاعة التي هي من طاعة الله ، وقد قال الله تعالى :

{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144)} آل عمران .

كما ذكرنا : في صحيفة سادة الوجود في أكثر من 1000 صفحة في معنى السيادة وتجلي اسم الله السيد في جميع مراتب الوجود التكويني والتدويني ، وبينا أن النبي وآله هم سادة الوجود في جميع مراتبه ومراحل ظهوره قبل الدنيا وفيها وبعدها ، وأن معنى السيادة هو روح حقيقة الولاية والإمامة وأصل أسها وتكوينها وبناءها وما يتحقق من آثارها .


أحاديث فاطمة سيدة النساء :

ولحضرتكم يا طيبين : مختصر أحاديث تبين سيادة الصديقة عليها السلام ، وسترى فيها وفي ما يلحق من بحث سيدة نساء العالمين ، إنه قد جاء هذا التعبير بعدة صيغ ، وبأنواع الجمل الكريمة المعنى ، والأسلوب البليغ المعبر عن كونها ، السيدة المطلقة في كل المقامات في الدنيا وقبلها وبعدها ، وأنها في أعلى المجد والشرف ، ولا يدانها من النساء أحد ، إلا وتكون قربها ومحيط بها ، حتى أمها المكرمة ومريم أبنت عمران وغيرهن ، ويكن معها في المقام الشامخ والعزة التامة ، لما عرف الله سبحانه من إخلاصها في العبودية والطاعة له ، وأي من النساء تطيعها وتصدقها وتتولاها وآله تلحق بها في المقام ، وتحف حولها في الجنة ، وهنا نذكر بعض الأحاديث ، والبحث التام في صحيفة سادة الوجود :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

علي : سيد العرب .

فما ترك : أن قيل له : فأنت ؟

قال : أنا سيد ولد آدم .

وقال رسول الله : فاطمة سيدة نساء العالمين .

فما ترك : أن قيل له : فمريم وآسية ؟

فقال : تلك سيدة نساء عالمها وهذه سيدة نساء عالمها .

وقال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .

فما ترك : أن قيل : فابنا هارون ؟

فقال : ذانك سيدا شباب عالمهما ، وهذان سيدا شباب عالمهما .

مناقب أمير المؤمنين ج 2ص 513 ح1014 .

وفي حديث : بكاء النبي عند رؤية كل فرد من آل بيته لتذكره ما يكون من الظلم عليهم بعده وهو حديث طويل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ...

و أما ابنتي فاطمة : فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين، و هي بضعة مني و هي نور عيني و هي ثمرة فؤادي ، و هي روحي التي بين جنبي و هي الحوراء الإنسية .

متى قامت : في محرابها بين يدي ربها جل جلاله ، ظهر نورها لملائكة السماء ، كما يظهر نور الكواكب لأهل الأرض .

و يقول الله عز و جل : لملائكته يا ملائكتي انظروا إلى أمتي .

فاطمة سيدة إمائي :قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي ، و قد أقبلت بقلبها على عبادتي .

أشهدكم : أني قد أمنت شيعتها من النار.

وقال رسول الله :

و كأني لما رأيتها : ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأني بها و قد دخل الذل بيتها ، و انتهكت حرمتها ، و غصبت حقها ، و منعت‏ إرثها ، و كسر جنبها ، و أسقطت جنينها .

و هي تنادي : يا محمداه فلا تجاب ، و تستغيث فلا تغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية ، تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة ، و تتذكر فراقي أخرى ، و تستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن .

ثم ترى نفسها : ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة .

فعند ذلك : يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة ، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران ، فتقول :

يا فاطمة : إن الله اصطفاك و طهرك ، و اصطفاك على نساء العالمين .

يا فاطمة : اقنتي لربك و اسجدي ، و اركعي مع الراكعين .

ثم يبتدئ بها : الوجع فتمرض ، فيبعث الله عز و جل إليها مريم بنت عمران تمرضها ، و تؤنسها في علتها .

فتقول : عند ذلك يا رب إني قد سئمت الحياة ، و تبرمت بأهل الدنيا ، فألحقني بأبي فيلحقها الله عز و جل بي .

فتكون : أول من يلحقني من أهل بيتي ، فتقدم علي محزونة مكروبة ، مغمومة مغصوبة ، مقتولة .

فأقول عند ذلك : اللهم العن من ظلمها ، و عاقب من غصبها ، و ذلل من أذلها ، و خلد في نارك من ضرب جنبها ، حتى ألقت ولدها .

فتقول الملائكة : عند ذلك آمين .... .

الأمالي للصدوق ص 112م24ح2 .

وفي مناشدة الإمام الحسين عليه السلام للأنصار وصالح المؤمنين حين جمعهم في منى : قال : أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال :

أنا سيد ولد آدم .

وأخي علي سيد العرب .

وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة .

وابناي الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .

قالوا : اللهم نعم . . ..

كتاب سليم بن قيس ص 322 ، بحار الأنوار ج33ص182ب17 .

وعن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن حذيفة بن اليمان، قال سمعت النبي صلى الله عليه و آله يقول :

أتاني ملك : لم يهبط إلى الأرض قبل وقته، فعرفني أنه استأذن الله عز و جل في السلام علي ، فأذن له فسلم علي .

و بشرني :

أن ابنتي فاطمة : سيدة نساء أهل الجنة .

و أن الحسن و الحسين : سيدا شباب أهل الجنة .

الأمالي ‏للطوسي ص84م3ح 127-36 ، ورواه النسائي في فضائل حذيفة تحت الرقم 193 من كتاب الفضائل ص 172 ط بيروت . ورواه محققه في تعليقه عن جامع الترمذي : ج 4 ص 342 ومسند حذيفة من مسند أحمد : ج 5 ص 391 وعن الحاكم في مستدركه : ج 3 ص 381 وقال الذهبي : صحيح . وفيه أن الملك هو جبرئيل عليه السلام . ورواه أيضا ابن أبي شيبة في باب فضائل فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام من كتاب المصنف ج 7 الورق 164 وفي طبع الحديث ج 12 ، ورواه عنه الهيثمي في باب فضائل الحسن والحسين صلوات الله عليهما تحت الرقم 2229 من كتاب موارد الظمآن ص 551 . ورواه أحمد بن حنبل بأسانيد في أواسط مسند حذيفة من كتاب المسند : ج 5 ص 391 . ورواه أيضا الترمذي في الحديث 14 من باب مناقب الحسن والحسين من كتاب المناقب تحت الرقم 3870 من سننه ج 5 ص 326 وفي ط ص 660 . ورواه ابن عساكر بسندين تحت الرقم 73 - 74من ترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق : ص 50 . مناقب أمير المؤمنين ج2ص258 ح 724 . شرح الأخبار القاضي النعمان المغربي ج 3ص74 ح995. شرح الأخبار ج3ص65ح990 . وللحديث مصادر أخر .

و يا طيب : التفصيل والأحاديث كثيرة في موسوعة صحف الطيبين في صحيفة سادة الوجود وفي صحيفة سيدة النساء عليها السلام إن شاء الله .. هذا .

ونرجع لشرح : معنى نساء في الأبوذي بمعنيين آخرين ...



مرت عليها وآلها مصائب مفجعة محزنة دوما حتى لمن نساء


نساء كثير النسيان :

نساء : نَسَّاء : صيغة مبالغة من نسِيَ : كثير النِّسيان أو سريع النِّسيان والشائع تسهيل الهمزة نسَّاي .

ذكر مصاب فاطمة وآلها ينسينا مصابنا:

فمن يتدبر: التأريخ الإسلامي وبالخصوص بعد نبي الرحمة وما جرى على آله من الظلم وغصب حقوقهم في الولاية والخلافة والإمامة ، والاعتداء عليهم في يوم الهجوم على دار وبيت الطهر ، وخطب الصديقة عليها السلام بجمعهم عامة أو خاصة وتظلمها ، وبكاءها المعبر عن حزنها وغصصها بما جرى عليها ، ووفاتها المبكرة في ريعان الشباب ، وإخفاء قبرها والمنع من حضور تشييعها ودفنها ليلا ، وخطب أهل البيت وتظلمهم ، وواقع ما جرى من الحروب والقتل والتشريد لهم ، وهم سادة أهل الدنيا والآخرة .

ينسى : كل حزن ورزية تصيبه ، وينشغل بالبكاء والحزن على مصابهم ويتأسى بهم وبصبرهم ، ولا يمكنه أن ينساهم وما جرى عليهم ما دام حيا وإن كان كثير النسيان ونساء ، بل يقيم مجالس ذكرهم بكل مناسبة لشهادتهم وفرحهم ، ويتعلم منهم هدى الله ويذكر حسن سيرتهم وعبوديتهم ومعارفهم ويقتدي بهم.

وقد جاء : عن الإمام الصَّادِقَ عليه السلام قَالَ : من‏ ذكرنا عنده في مجلس فقد فأعاننا بشطر كلمة ، أو فاضت عيناه رحمة لنا و رقة لمصابنا ، مثل جناح بعوضة غفرت له ذنوبه ، و لو كانت مثل زبد البحر .

و كان زين العابدين عليه السلام : يقول‏ أيما مؤمن ذرفت عيناه لقتل الحسين عليه السلام ، حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا ، و أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السلام .

و حزنا : على ما مسنا من الأذى من عدونا ، بوأه الله منزل صدق ، و أيما مؤمن مسه فينا أذى صرف الله عن وجهه الأذى ، و آمنه يوم القيامة من سخط النار .

وعن الأئمة الصادقين عليهم السلام قالوا : من بكى أو أبكى غيره و لو واحدا ، ضمنا له على الله الجنة ، و من لم يتأت له البكاء فتباكى فله الجنة .

مثير الأحزان، ص14 .

ورحم الله الشيخ محمد علي الأعسم إذ قال :

أَنْـسَـتْ رزيـتُكُم رزايانا التي

سـلـفت وهوّنت الرزايا الآتيه

وفـجـائـعُ الأيـامِ تـبقى مدّةً

وتزولُ وهي إلى القيامةِ باقيه


سمي إنسان لأنه ينسى :

وفي معنى النسيان : عن الإمام الصادق عليه السلام : سمي الإنسان إنسانا ، لأنه ينسى، و قال الله عزوجل‏: { وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى‏ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ (115)‏ } طه .

وقيل : الإنسان يأنس أفراده بعضه ببعض وبالخصوص المرء مع النساء ، وروي معنى الإنسان أنه ينسى ، و معنى النساء أنهن أنس للرجال ، و معنى المرأة أنها خلقت من المرء . وعن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى : { وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ‏ } .

قال : كان ذلك معاينة لله .

فأنساهم‏ المعاينة : و أثبت الإقرار في صدورهم ، و لو لا ذلك ما عرف أحد خالقه و لا رازقه ، و هو قول الله‏ : { وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ‏ } . يعني وجودهم بالعين والحقيقة والكلام .

لكن نسوا الموقف : وبقية الفطرة مقرة ، بأنه لابد لها من خالق ورازق يجب شكره للحصول على المزيد من خيره ، ولا يجوز عصيانه بنعمه تعالى ، ولا نسيان من أختارهم لهداه والفرح لفرحهم والحزن لحزنهم وإظهار الموالاة لهم والطاعة لمعارفه والتعلم منهم والأقتاد بهم والسير على صراطهم المستقيم دون غيرهم المغضوب عليهم والضالين عنهم وما عندهم من هدى الله تعالى والذهاب إلى أعدائهم .






فيا طيب صل عليها وآلها وأعبد ربك واستغفره ولا تكن نساء

تؤخر الطاعة كالمنقلب عن دين النبي بعده وعادى آل الزچیة<


نساء مسوف يُنسأ ويؤخر :

نساء : النِّسَاءُ : التأَخيرُ والمسوف للتوبة والمؤجل لها ، نُسِئَ فعل نُسِئَتِ نَسْئًا فهي نُسْءٌ ، ونَسُوءٌ والجمع : نِساءٌ نُسِئَتِ المرأَةُ : تأَخَّر حيضُها عن وقته وظُنَّ حملُها ، و النَّسِيئة: بيعُك الشَّي‏ءَ نَسَاءً ، و هو التَّأخير . تقول: أنسأتُ‏. و نَسأَ اللَّه في أجلِك و أنسأ أجلَك: أخَّره و أبعده. و انتسؤوا تأخَّروا و تباعَدُوا.

وعن الإمام الصادق عليه السلام : في الحث على التوبة ، قوله‏ : تأخير التوبة اغترار ، و طول التسويف حيرة ، و الاعتلال على الله هلكة ، و الإصرار على الذنب أمن لمكر الله‏ ، فلا يأمن مكر الله إلا القوم‏.

الإرشاد ج2ص205.

في الحديث ‏: لا تستنسئوا الشيطان. أي إذا أردتم عملا صالحا، فلا تؤخروه إلى غد، و لا تستمهلوا الشيطان. يريد: أن ذلك مهلة مسولة من الشيطان. و النسأة، بالضم مثل الكلأة التأخير.

كما يجب : المسارعة إلى التوبة من الذنوب ، وطلب المغفرة من الله تعالى ، كما قال سبحانه : { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) }آل عمران .

وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ (8) } التحريم .

وقال عز من قائل : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) } آل عمران .

ولذا يجب : المبادرة للتوبة بعد كل خلاف للطاعة أو تيان المعصية ، وقد قال سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201)} الأعراف .

وأما تمثيل : المسوف للتوبة وناسي الطاعة بالمنقلب على رسول الله تعالى بعده لمناسبة الشعر ولتقارب المعنى في قوله تعالى : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144) } آل عمران .

ومما يجمع بين : النسيان والنسأ وتأخير التوبة لكم هذه الأحاديث .

وعن عبد العزيز بن مسلم قال : سألت الرضا علي بن موسى عليه السلام : عن قول الله عز و جل :{ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ‏ } ؟

فقال عليه السلام : إن الله تبارك و تعالى لا ينسى و لا يسهو ، و إنما ينسى و يسهو المخلوق المحدث ، أ لا تسمعه عز و جل يقول‏ : { وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } .

و إنما يجازي : من نسيه ، و نسي لقاء يومه ، بأن ينسيهم أنفسهم ، كما قال عز و جل : { وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ‏ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ‏ } ، و قوله عز و جل : { فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا } أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا..

التوحيد ص159ب16ح1 .

عن الإمام الحسين بن علي عليه السلام أنه قال : من سره أن ينسأ في أجله ، و يزاد في رزقه ، فليصل رحمه.

صحيفة الإمام الرضا عليه السلام ص90ح14.

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أ لا أدلكم على خير أخلاق الدنيا و الآخرة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من وصل من قطعه ، و أعطى من حرمه ، و عفا عمن ظلمه ، و من سره أن ينسأ له في عمره ، و يوسع له في رزقه ، فليتق الله ، و ليصل رحمه.

الزهد 39 ب5ح104 .









تحقيق فاطمة الزهراء

سيد نساء العالمين في الدارين


تقديم صحيفة سادة الوجود :

يا طيب : ما بين يدك الكريمتين ، من صحيف سادة الوجود ، قسم سيادة فاطمة الزهراء ، وقد ذكرنا فيها في عدة أجزاء معنى السيادة وملاكها وأركانها وضرورتها في الوجود ، وإن الله تعالى واهب السيادة لأكرم خلقه وأنبلهم وأشرف وأعزه وأطيبهم وأطهرهم ، وذكرنا في قسم فاطمة الزهراء عليها السلام المواضيع الآتي :

يا طيب : كما أنه كثرة الأحاديث في أن رسول الله سيد الأنبياء والمرسلين وعلي سيد الوصيين ، وآلهما ، كذلك عرفت في ضمن الأحاديث السابقة أن فاطمة الزهراء عليها السلام سيدة نساء أهل الجنة ، وسيدة نساء العالمين ، وفي الحديث القدسي فاطمة سيدة إمائي ، وسترى عدة صيغ أخرى تعبر عن هذا المعنى ، وعرفنا إن السيادة الحقيقة ملاكها التقوى والإخلاص في العبودية وبذل العلم .

وهذه كرامة : أخرى تحف بالحسن والحسين وذريتهما وتعرف فضلهم وشرفهم ، وتلحق شيعتهم ومن تولاهم بهم ، فإن سادة أهل الجنة لمن يقتدي بهم ويتولاهم يكون معهم في الجنة .

وإن قبلهم سادة له : هنا فهم سادة له هناك ، وإلا إن خالفهم ولم يعتني بهم يهجرهم فضلا ولم يتأسى بهم في عبودية الله ولا عرف عظمتهم من سبيلهم يكون أئمة وسادة أئمة الكفر والنفاق والضلال والعياذ بالله .

وهذ البحث يا طيب : يخص فاطمة الزهراء بأنه سيدة نساء أهل الجنة وهي المقصودة بالأحاديث وإن كان قد يذكر آلها معها وبالخصوص زوجها وذريتها ، كما عرفت هذا المعنى ودخول آل النبي وعلي معهم في السيادة والشرف وبكل مكرمة وفضيلة ، ولكن هنا أحاديث تخص سيدة النساء بالخصوص وإن كان إن شاء الله التفصيل في صحيفتها ولكن نذكر قسما كريما منها :


تقديم حديث خير النسوة :

يعقوب بن زيد الأنباري عن همام بن عيسى بن زرعة بن عبد الله عن المفضل بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام كيف كان ولادة فاطمة ؟

فقال : نعم إن خديجة لما تزوج بها رسول الله هجرتها نسوة مكة ، فكن لا يدخلن عليها و لا يسلمن عليها ، و لا يتركن امرأة تدخل عليها ، فاستوحشت خديجة لذلك ، و كان جزعها و غمها حذرا عليه .

فلما حملت بفاطمة : كانت فاطمة عليها السلام تحدثها من بطنها و تصبرها ، و كانت تكتم ذلك من رسول الله .

فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يوما فسمع خديجة تحدث فاطمة ، فقال لها : يا خديجة من تحدثين ؟ قالت : الجنين الذي في بطني يحدثني و يؤنسني .

قال : يا خديجة هذا جبرئيل يبشرني أنها أنثى ، و أنها النسلة الطاهرة الميمونة ، و أن الله تبارك و تعالى سيجعل نسلي منها .

و سيجعل من نسلها أئمة : و يجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه .

فلم تزل : خديجة على ذلك إلى أن حضرت ولادتها ، فوجهت إلى نساء قريش و بني هاشم ، أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء ، فأرسلن إليها أنت عصيتنا و لم تقبلي قولنا ، و تزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له ، فلسنا نجيء و لا نلي من أمرك شيئا ، فاغتمت خديجة عليها السلام لذلك ، فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال ، كأنهن من نساء بني هاشم ، ففزعت منهن لما رأتهن .

فقالت إحداهن : لا تحزني يا خديجة ، فأرسلنا ربك إليك ، و نحن أخواتك ، أنا سارة ، و هذه آسية بنت مزاحم و هي رفيقتك في الجنة ، و هذه مريم بنت عمران ، و هذه كلثوم أخت موسى بن عمران ، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء .

فجلست : واحدة عن يمينها ، و أخرى عن يسارها ، و الثالثة بين يديها ، و الرابعة من خلفها ، فوضعت فاطمة طاهرة مطهرة .

فلما سقطت إلى الأرض : أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ، و لم يبق في شرق الأرض و لا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور ، و دخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة ، و إبريق من الجنة ، و في الإبريق ماء من الكوثر ، فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر ، و أخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن ، و أطيب ريحا من المسك و العنبر ، فلفتها بواحدة و قنعتها بالثانية .

ثم استنطقتها : فنطقت فاطمة بالشهادتين ، و قالت :

أشهد أن لا إله إلا الله

و أن أبي : رسول الله سيد الأنبياء .

و أن بعلي سيد الأوصياء ، و ولدي سادة الأسباط .

ثم سلمت عليهن : و سمت كل واحدة منهن باسمها ، و أقبلن يضحكن إليها ، و تباشرت الحور العين ، و بشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام ، و حدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك .

و قالت النسوة : خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة ، بورك فيها و في نسلها . فتناولتها : فرحة مستبشرة ، و ألقمتها ثديها فدر عليها .

فكانت فاطمة عليها السلام : تنمي في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر و تنمي في الشهر كما ينمي الصبي في السنة.

الأمالي ‏للصدوق ص593م87ح1. دلائل ‏الإمامة ص 8 . الخرائج ‏والجرائح ج2ص524 . كشف‏ اليقين ص111م7.

فاطمة الزهراء سيدة النساء :

ومر في حديث سيادة أهل البيت في الأديان السابقة في حديث توسل موسى بسادة الوجود :

فقال موسى : اللهم بحق محمد سيد الأنبياء ، و بحق علي سيد الأوصياء .

و بحق فاطمة سيدة النساء .

و بحق الحسن سيد الأولياء ، و بحق الحسين سيد الشهداء .

و بحق عترتهم و خلفائهم سادة الأزكياء ، لما سقيت عبادك هؤلاء

تفسير الإمام ‏العسكري ص261ح 129 .

ومر في أخر المصباح الأول قول الإمام سيد الساجدين في مجلس طاغية زمانه : ..

ثُمَّ قَالَ : أَنَا ابْنُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ .

أَنَا ابْنُ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ .

فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ : أَنَا أَنَا حَتَّى ضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِيبِ ، وَ خَشِيَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ فِتْنَةٌ ، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَقَطَعَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ ، فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ : ...

التمحيص ص33ب1ح 17 .


فاطمة سيدة نساء أمتي :

و عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن ملكا استأذن الله عز و جل في زيارتي ، فبشرني بما بشرني ، و أخبرني بما أخبرني .

أن فاطمة سيدة نساء أمتي .

و أن الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة.

كشف‏ اليقين ص305م19 . شرح الأخبار ج3ص60ح980 .

و عن حكيم بن حسن عن عقبة الهجري عن عمه قال سمعت عليا ع على المنبر و هو يقول لأقولن اليوم قولا لم يقله أحد قبلي و لا يقوله بعدي إلا كاذبا أنا عبد الله و أخو رسول الله و تزوجت سيدة نساء الأمة.

بشارة المصطفى ص263 .


فاطمة سيدة نساء العالمين :

داود في صحاحهم على ما في جامع الأصول .

عن فراس عن عامر عن مسروق عن عائشة قالت : كن أزواج رسول الله عنده لم يغادر منهن واحدة ، فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي ما تخطي مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ، فلما رآها رحب بها .

فقال : مرحبا بابنتي ، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم سارها فبكت بكاء شديدا ، فلما رأى جزعها سارها الثانية ، فضحكت .

فقلت لها : خصك رسول الله ص من بين نسائه بالسرار ، ثم أنت تبكين ، فلما قام رسول الله سألتها ما قال لك رسول الله ؟

قالت : ما كنت لأفشي على رسول الله سره . قالت : فلما توفي رسول الله ، قلت لها : عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما حدثتني ما قال لك رسول الله ؟

فقالت : أما الآن فنعم ، أما حين سارني في المرة الأولى ، فأخبرني أن جبرئيل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة ، و أنه عارضه الآن مرتين ، و أني لا أرى الأجل إلا قد اقترب ، فاتقي الله و اصبري فإنه نعم السلف أنا لك .

قالت : فبكيت بكائي الذي رأيت ، فلما رأى جزعي سارني الثانية ، فقال :

يا فاطمة : أ ما ترضين أن تكوني :

سيدة نساء العالمين ، أو سيدة نساء هذه الأمة .

قالت : فضحكت ضحكي الذي رأيت .

العمدة ص386ح 764 . وح765 . بحار الأنوار ج29ص344 . وذكر رواه البخاري ومسلم والترمذي .

وفي صحيح أبي داود قال إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سار فاطمة عليها السلام و قال لها : أ لا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ، أو سيدة لنساء هذه الأمة ، فقلت فأين مريم بنت عمران و آسية امرأة فرعون ، فقال : مريم سيدة نساء عالمها ، و آسية سيدة نساء عالمها .

العمدة ص 387ح767 . و من الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري في الكراس الخامس من آخر الجزء الثاني من أجزاء اثنين من النصف في باب مناقب فاطمة ع من صحيح أبي داود السجستاني و هو كتاب السنن .

وعن عائشة أنها قالت : كنت عند رسول الله فذكر عليا .

فقال صلى الله عليه وآله : يا عائشة لم يكن قط في الدنيا أحد أحب إلى الله : منه ، و أحب إلي منه ، و من زوجته فاطمة ابنتي ، و من ولديه الحسن و الحسين .

يا عائشة : تعلمين أي شيء رأيت لابنتي فاطمة و لبعلها ؟

قالت : لا فأخبرني يا رسول الله ؟

قال : يا عائشة ،

إن ابنتي سيدة نساء العالمين .

و إن بعلها : لا يقاس بأحد من الناس ، و إن ولديه الحسن و الحسين هما ريحانتاي في الدنيا و الآخرة .

يا عائشة : أنا و فاطمة و الحسن و الحسين و ابن عمي علي في غرفة من درة بيضاء ، أساسها من رحمة الله تعالى ، و أطرافها من عفو الله تعالى و رضوانه ، و هي تحت عرش الله تعالى ، و بين علي و بين نور الله باب ينظر إلى الله و ينظر الله إليه ، و على رأسه تاج قد أضاء نوره ما بين المشرق و المغرب، وهو يرفل في حلتين حمراوين .

يا عائشة : خلقت ذرية محبينا من طينة تحت العرش ، و خلقت ذرية مبغضينا من طينة الخبال و هي في جهنم.

الفضائل ص169 .

حلية الأولياء و كتاب الشيرازي روى عمران بن حصين و جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على فاطمة عليها السلام فقال :

كيف تجدينك يا بنية ؟

قالت: إني لوجعة و إنه ليزيدني إنه ما لي طعام آكله .

قال : يا بنية أ ما ترضين أنك سيدة نساء العالمين .

قالت : يا أبة فأين مريم بنت عمران ؟

قال : تلك سيدة نساء عالمها و أنت سيدة نساء عالمك ، أم و الله زوجتك سيدا في الدنيا و الآخرة.

المناقب ج3ص323 . بحار الأنوار ج29ص345 .

و روى صاحب كتاب الجمع بين الصحاح الستة أيضا في الجزء الثالث من جزئيين من الكراس الخامس من النسخة المنقول منها من باب مناقب فاطمة من صحيح أبي داود بإسناده :

أن النبي ص أشار إلى فاطمة فقال : أ لا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة أو نساء العالمين .

قالت : يا أبة فأين مريم ابنة عمران و آسية امرأة فرعون ، فقال : مريم سيدة نساء عالمها و آسية سيدة نساء عالمها.

الطرائف ج1ص262ح365 .

وفي خطبة لإمام علي عليه السلام قال : ...

أنا : مجدل الأبطال و قاتل الفرسان و مبيد من كفر بالرحمن و صهر خير الأنام .

أنا : سيد الأوصياء و وصي خير الأنبياء أنا باب مدينة العلم و خازن علم رسول الله و وارثه .

و أنا : زوج البتول سيدة نساء العالمينفاطمة التقية النقية الزكية البرة المهدية حبيبة حبيب الله و خير بناته و سلالته ، و ريحانة رسول الله هما سبطاه خير الاسباط وولداي خير الاولاد فهل احد ينكر ما اقوله.

بشارة المصطفى ص12 .

عن سعيد بن جبير و عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

إن عليا وصيي و خليفتي ، و زوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي .

و الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداي .

من والاهم : فقد والاني ، و من عاداهم فقد عاداني ، و من ناوأهم فقد ناوأني ، و من جفاهم فقد جفاني ، و من برهم فقد برني ، وصل الله من وصلهم ، و قطع من قطعهم ، و نصر من أعانهم ، و خذل من خذلهم .

اللهم : من كان له من أنبيائك و رسلك ثقل و أهل بيت ، فعلي و فاطمة و الحسن و الحسين أهل بيتي و ثقلي ، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

الأمالي للشيخ الصدوق ص 111 ح90 / 10 . بشارة المصطفى : 16 ، بحار الانوار 35 : 210 / 11 ، و 37 : 35 / 2 . الأمالي ‏للصدوق ص 57 م13 ح10 ، وص 473م72ح6. . وفي من‏ لا يحضره‏ الفقيه للشيخ الصدوق ج4ص179ح5404.ص 420ح5920 وأضاف أخره : يا رب العالمين .

ثقل الرجل : أنفس شيء وأعظمه في عينه وأعلاه قيمة عنده ، وهم يثقل على بعض الناس فحسدوهم وحاربهم ، واقتناه بالعقل والضمير والوجدان والقلب فكان روحهم وريحانهم أولياء الله وشيعتهم فحبوهم وأقتدوا بهم فتطهروا بفضل الله وبره ووصلهم الله برحمته وهداه فجعلهم على صراط مستقيم مع المنعم عليهم جعلنا الله منهم وحشرنا معهم .

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

إن علي بن أبي طالب أفضل خلق الله تعالى غيري .

و الحسـن و الحسـين سـيـــدا شـباب أهـل الجنـة ، و أبوهما خير منهما .

و إن فاطمة سيدة نساء العالمين .

و إن عليا : خطبني و لو وجدت لفاطمة خيرا من علي لم أزوجها منه.

مئة منقبة ص18 م2 .

وعن المبارك بن فضالة عن الحسن بن أبي الحسن البصري يرفعه قال : أتى جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله .

فقال : يا محمد إن الله عز و جل يأمرك أن تزوج فاطمة من علي أخيك ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام ، فقال له : يا علي إني مزوجك :

فاطمة ابنتي : سيدة نساء العالمين و أحبهن إلي بعدك ، و كائن منكما :

سيدا شباب أهل الجنة ، و الشهداء المضرجون المقهورون في الأرض من بعدي ، و النجباء الزهر الذين يطفئ الله بهم الظلم ، و يحيي بهم الحق ، و يميت بهم الباطل ، عدتهم عدة أشهر السنة ، آخرهم يصلي عيسى ابن مريم عليه السلام خلفه .

الغيبة للنعماني ص57ب4ح1.


سيدة نساء الأولين والآخرين :

وفي حديث بكاء النبي عند رؤية كل فرد من آل بيته لتذكره ما يكون من الظلم عليهم بعده وهو حديث طويل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :

إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ...

و أما ابنتي فاطمة : فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين ، و هي بضعة مني و هي نور عيني و هي ثمرة فؤادي ، و هي روحي التي بين جنبي و هي الحوراء الإنسية ، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله ، ظهر نورها لملائكة السماء كما يظهر نور الكواكب لأهل الأرض ، و يقول الله عز و جل لملائكته يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي ، و قد أقبلت بقلبها على عبادتي .

أشهدكم : أني قد أمنت شيعتها من النار .

وقال رسول الله : كأني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي كأني بها و قد دخل الذل بيتها و انتهكت حرمتها و غصبت حقها ، و منعت‏ إرثها و كسر جنبها ، و أسقطت جنينها ، و هي تنادي يا محمداه فلا تجاب ، و تستغيث فلا تغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية ، تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة ، و تتذكر فراقي أخرى ، و تستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن ، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة ، فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة ، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران .

فتقول : يا فاطمة إن الله اصطفاك و طهرك ، و اصطفاك على نساء العالمين ، يا فاطمة اقنتي لربك و اسجدي ، و اركعي مع الراكعين ، ثم يبتدئ بها الوجع فتمرض فيبعث الله عز و جل إليها مريم بنت عمران تمرضها ، و تؤنسها في علتها ، فتقول : عند ذلك يا رب إني قد سئمت الحياة و تبرمت بأهل الدنيا ، فألحقني بأبي فيلحقها الله عز و جل بي ، فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي ، فتقدم علي محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة .

فأقول عند ذلك : اللهم العن من ظلمها ، و عاقب من غصبها ، و ذلل من أذلها ، و خلد في نارك من ضرب جنبها ، حتى ألقت ولدها .

فتقول الملائكة : عند ذلك آمين ..... لأمالي ‏للصدوق ص112م24ح2 . بشارة المصطفى ص199 . الفضائل ص9 .

وعن إسحاق بن جعفر بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : سميت فاطمة محدثة لأن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما كانت تنادي مريم ابنة عمران .

فتقول : يا فاطمة إن الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساء العالمين، يا فاطمة اقنتي لربك و اسجدي و اركعي مع الراكعين ، فتحدثهم و يحدثونها .

فقالت لهم ذات ليلة : أ ليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟

فقالوا : إن مريم كانت سيدة نساء عالمها .

و إن الله تعالى : جعلك سيدة نساء عالمك و عالمها و سيدة نساء الأولين و الآخرين .

دلائل ‏الإمامة ص56 . العدد القوية ص226 علل ‏الشرائع ج1ص182ب146ح1 ..


فاطمة سيدة نساء أهل الجنة :

وفي مناشدة الإمام الحسين عليه السلام : للأنصار وصالح المؤمنين حين جمعهم في منى : قال : أتعلمون أنه كانت له من رسول الله صلى الله عليه وآله كل يوم خلوة وكل ليلة دخلة ، إذا سأله أعطاه وإذا سكت أبداه ؟ قالوا : اللهم نعم .

قال : أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله فضله على جعفر وحمزة حين قال لفاطمة عليها السلام : ( زوجتك خير أهل بيتي ، أقدمهم سلما وأعظمهم حلما وأكثرهم علما ) ؟ قالوا : اللهم نعم .

قال : أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال :

( أنا سيد ولد آدم .

وأخي علي سيد العرب .

وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة .

وابناي الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) .

قالوا : اللهم نعم ..

كتاب سليم بن قيس- تحقيق محمد باقر الأنصاري ص 322 ، بحار الأنوار ج33ص182ب17 .

والحديث طويل يأتي في باب كلمات الإمام الحسين واحتجاجه ومناشداته .

و عن حذيفة بن اليمان قال : سمعت النبي صلى الله عليه و آله وسلم يقول :

أتاني ملك لم يهبط إلى الأرض قبل وقته ، فعرفني أنه استأذن الله عز و جل في السلام علي ، فأذن له فسلم علي ، و بشرني :

أن ابنتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة .

و أن الحسن و الحسين عليهما السلام سيدا شباب أهل الجنة.

لأمالي ‏للطوسي ص84م3ح 127-36 .

وأخرجه ابن الملا عمر بن محمد في سيرته عن انس والبيهقي والخطيب وابن عساكر ، وأخرجه الطبراني عن ابن مسعود بلفظ :

إن الله أمرني ان أزوج فاطمة بعلي

واخرج احمد والترمذي والنسائي وابن حبان عن حذيفة من حديث طويل وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

إن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .

وان فاطمة : سيدة نساء أهل الجنة.

مسند زيد بن علي ص 461 .

حديث حسن بن زياد العطار عن الإمام الصادق :

عن الحسن بن زياد العطار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول رسول الله : فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، أ سيدة نساء عالمها ؟

قال : ذاك مريم ، و فاطمة سيدة نساء أهل الجنة من الأولين و الآخرين .

فقلت : فقول رسول الله صلى الله عليه وآله :

الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ؟

قال عليه السلام : هما و الله سيدا شباب أهل الجنة من الأولين و الآخرين.

الأمالي ‏للصدوق ص125م26ح7. الصدوق ص 187 ح196 / 7. بحار الأنوار 43 : 21 / 10 .

و عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال :

إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كان جالسا ذات يوم و عنده علي ، و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام ، فقال :

اللهم : إنك تعلم أن هؤلاء أهل بيتي ، و أكرم الناس عليّ ، فأحب من أحبهم ، و أبغض من أبغضهم ، و وال من والاهم ، و عاد من عاداهم ، و أعن من أعانهم ، و اجعلهم مطهرين من كل رجس ، معصومين من كل ذنب ، و أيدهم بروح القدس منك .

ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم :

يا علي : أنت إمام أمتي و خليفتي عليها بعدي ، و أنت قائد المؤمنين إلى الجنة ، و كأني أنظر إلى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور ، عن يمينها سبعون ألف ملك ، و عن يسارها سبعون ألف ملك ، و بين يديها سبعون ألف ملك ، و خلفها سبعون ألف ملك ، تقود مؤمنات أمتي إلى الجنة، فأيما امرأة صلت في اليوم و الليلة خمس صلوات و صامت شهر رمضان ، و حجت بيت الله الحرام ، و زكت مالها ، و أطاعت زوجها ، و والت عليا بعدي .

دخلت الجنة : بشفاعة ابنتي فاطمة ، و إنها لسيدة نساء العالمين .

فقيل : يا رسول الله ، أ هي سيدة لنساء عالمها ؟

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ذاك لمريم بنت عمران .

فأما ابنتي فاطمة : فهي سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين ، و إنها لتقوم في محرابها ، فيسلم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين ، و ينادونها بما نادت به الملائكة مريم ، فيقولون :

يا فاطمة إن الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساء العالمين .

ثم التفت إلى علي عليه السلام فقال : يا علي إن فاطمة بضعة مني ، و هي نور عيني ، و ثمرة فؤادي ، يسوئني ما ساءها ، و يسرني ما سرها ، و إنها أول من يلحقني من أهل بيتي ، فأحسن إليها بعدي .

و أما الحسن و الحسين فهما ابناي و ريحانتاي ، و هما سيدا شباب أهل الجنة ، فليكرما عليك كسمعك و بصرك .

ثم رفع صلى الله عليه وآله وسلم يده إلى السماء فقال :

اللهم إني أشهدك ، أني محب لمن أحبهم ، و مبغض لمن أبغضهم ، و سلم لمن سالمهم ، و حرب لمن حاربهم ، و عدو لمن عاداهم ، و ولي لمن والاهم .

الأمالي للصدوق ص486م73ح18. ص 574ح787 / 18. بشارة المصطفى ص177. بحار الأنوار 43 ح24/20 .الآية في آل عمران 42 .

و روى صاحب كتاب الجمع بين الصحاح الستة في الجزء الثالث من أجزائه الثلاثة في باب مناقب فاطمة بإسناده قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

فاطمة : بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني .

و إنه قال : فاطمة سيدة نساء أهل الجنة .

الطرائف ج1ص262ح364 .

و روى البخاري في صحيحه في الجزء الرابع في مناقب فاطمة بإسناده قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.

الطرائف ج1ص263ح366 .

عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن حذيفة بن اليمان، قال سمعت النبي (صلى الله عليه و آله) يقول أتاني ملك لم يهبط إلى الأرض قبل وقته، فعرفني أنه استأذن الله (عز و جل) في السلام علي، فأذن له فسلم علي.

و بشرني أن ابنتي فاطمة :

سيدة نساء أهل الجنة .

أن الحسن و الحسين (عليهما السلام) سيدا شباب أهل الجنة .

النسائي في فضائل حذيفة تحت الرقم 193 من كتاب الفضائل ص 172 ط بيروت . ورواه محققه في تعليقه عن جامع الترمذي : ج 4 ص 342 ومسند حذيفة من مسند أحمد : ج 5 ص 391 وعن الحاكم في مستدركه : ج 3 ص 381 وقال الذهبي : صحيح . وفيه أن الملك هو جبرئيل عليه السلام . ورواه أيضا ابن أبي شيبة في باب فضائل فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام من كتاب المصنف ج 7 الورق 164 وفي طبع الحديث ج 12 ، ورواه عنه الهيثمي في باب فضائل الحسن والحسين صلوات الله عليهما تحت الرقم 2229 من كتاب موارد الظمآن ص 551 . ورواه أحمد بن حنبل بأسانيد في أواسط مسند حذيفة من كتاب المسند : ج 5 ص 391 . ورواه أيضا الترمذي في الحديث 14 من باب مناقب الحسن والحسين من كتاب المناقب تحت الرقم 3870 من سننه ج 5 ص 326 وفي ط ص 660 . ورواه ابن عساكر بسندين تحت الرقم 73 - 74من ترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق : ص 50 . مناقب أمير المؤمنين ج2ص258 ح 724 . شرح الأخبار القاضي النعمان المغربي ج 3ص74 ح995. شرح الأخبار ج3ص65ح990 . وللحديث مصادر أخر .

و ذكر ابن السراج قال: حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا على بن هاشم، عن كثير النواء، عن عمران بن حصين- أنّ النبيّ صلى الله عليه و سلم عاد فاطمة و هي مريضة، فقال لها: كيف تجدينك يا بنية؟ قالت: إني لوجعة، و إنه ليزيدني أنى ما لي طعام آكله.

قال: يا بنية، أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين!

قالت: يا أبت، فأين مريم بنت عمران؟ قال: تلك سيدة نساء عالمها، و أنت سيدة نساء عالمك، أما و الله لقد زوجتك سيّدا في الدنيا و الآخرة.

قال: و أخبرنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن يزيد بن سنان أبى فروة، عن عقبة بن يريم، عن أبى ثعلبة الخشنيّ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قدم من غزو أو سفر بدأ بالمسجد فصلّى فيه ركعتين، ثم يأتي فاطمة، ثم يأتي أزواجه .

الاستيعاب ج‏4ص1895.

و ذكر الدراوَرْديّ، عن موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: سيدة نساء أهل الجنة مريم، ثم فاطمة بنت محمد، ثم آسية امرأة فرعون.

أخبرنا قاسم بن محمد، قال: حدثنا مخلد بن سعد، قال: حدثنا أحمد بن عمرو، قال: حدثنا ابن سنجر، قال: حدثنا عارم، قال: حدثنا داود بن أبى الفرات، عن علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:

خطّ رسول الله صلى الله عليه و سلم : في الأرض أربعة خطوط، ثم قال: أ تدرون ما هذا؟ قالوا: الله و رسوله أعلم.

فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت محمد، و مريم بنت عمران، و آسية بنت مزاحم امرأة فرعون.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : علي سيد العرب . فما ترك أن قيل له : فأنت ؟ قال : أنا سيد ولد آدم . قال : وقال رسول الله :فاطمة سيدة نساء العالمين. فما ترك أن قيل له : فمريم وآسية ؟ فقال : تلك سيدة نساء عالمها وهذه سيدة نساء عالمها . وقال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . فما ترك أن قيل : فابنا هارون ؟

فقال : ذانك سيدا شباب عالمهما وهذان سيدا شباب عالمهما .

مناقب أمير المؤمنين ج 2ص 513 ح1014 .

قال في العدد القوية : ذكر الغزالي في الجزء السادس من كتاب إحياء علوم الدين قال : روي عن عمران بن الحصين أنه قال : كانت لي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منزلة و جاه .

فقال لي يوما : يا عمران لك عندنا منزلة و جاها فهل لك في عيادة فاطمة بنت رسول الله ؟ فقلت : نعم بأبي أنت و أمي يا رسول الله ، فقام و قمت معه حتى وقف بباب فاطمة ، فقرع الباب ، و قال : السلام عليكم أ أدخل ؟

فقالت : ادخل بأبي أنت و أمي يا رسول الله .

قال لها : و من معي ؟ قالت : و من معك يا رسول الله .

ثم قالت : و الذي بعثك بالحق ما علي عباءة . قال : اصنعي بها هكذا و هكذا و أشار بيده ، فقالت : هذا جسدي قد واريته فكيف برأسي ، فألقى إليها ملاءة كانت عليه خلقة ، فقال : شدي بها على رأسك ، ثم أذنت له فدخل .

فقال : السلام عليكم يا بنتاه كيف أصبحتِ .

فقالت : أصبحت و الله وجعة ، و زادني وجعا على ما بي أني لست أقدر على طعام آكله ، فقد أجهدني الجوع ، فبكى النبي صلى الله عليه وآله وسلم و قال لها :

لا تجزعي يا ابنتي : فو الله ما ذقت طعاما منذ ثلاث ، و إني لأكرم على الله منك ، و لو سألت الله ربي لأطعمني ، و لكن آثرت الآخرة على الدنيا .

ثم ضرب بيده على منكبها ، و قال لها : أبشري فو الله إنك لسيدة نساء أهل الجنة .

فقالت : أين آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، و مريم بنت عمران .

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : آسية سيدة نساء عالمها ، و مريم سيدة نساء عالمها ، و خديجة سيدة نساء عالمها ، و أنت سيدة نساء عالمك، إنك في بيوت من قصب لا أذى فيها و لا صخب .

ثم قال لها : اقنعي بابن عمك ، فو الله لقد زوجتك سيدا في الدنيا و سيدا في الآخرة.

العدد القوية ص225 .

وعن عمرو بن ميمون الأودي : أنه ذكر عنده علي بن أبي طالب عليه السلام ؟! فقال : إن قوما ينالون منه ، أولئك هم وقود النار ، و لقد سمعت عدة من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، منهم حذيفة بن اليمان ، و كعب بن عجرة ، يقول كل رجل منهم :

لقد أعطي علي : ما لم يعطه بشر :

هو زوج فاطمة سيدة نساء الأولين و الآخرين ، فمن رأى مثلها أو سمع أنه تزوج بمثلها أحد في الأولين و الآخرين .

و هو : أبو الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة من الأولين و الآخرين ، فمن له أيها الناس مثلهما . ، .....

الأمالي ‏للطوسي ص558م20ح1172-8 .والحديث شريف له تتمة فراجعه .

ومر في حديث خير الناس :

عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

معاشر الناس: أ لا أدلكم على خير الناس جدا وجدة ؟ قلنا : بلى يا رسول الله.

قال : الحسن و الحسين ، أنا جدهما و جدتهما خديجة سيدة نساء أهل الجنة .

أ لا أدلكم على : خير الناس ، أبا و أما ؟ قلنا : بلى يا رسول الله .

قال : الحسن و الحسين ، أبوهما علي بن أبي طالب و أمهما فاطمة سيدة نساء العالمين .

كفاية الأثر ص98 .

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر :

إنها (فاطمة) بضعة مني ، فمن آذاها فقد آذاني .

إلا أنها سيدة نساء العالمين ، و بعلها سيد الوصيين ، و ابنيها الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة .... ويأتي تمامه في سادة الأئمة .

كفاية الأثر ص36 .

حديث الحارث :

و عن الحارث عن علي صلوات الله عليه قال :

إن فاطمة شكت إلى رسول الله صلى الله عليه و آله .

فقال : أ لا ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما ، و أحلمهم حلما ، و أكثرهم علما ، أ ما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة ، إلا ما جعل الله لمريم بنت عمران ، و أن ابنيك سيدا شباب أهل الجنة.

الأمالي‏ للطوسي ص 248 م9ح 436-28 . ص633م31ح1305-7 . بشارة المصطفى ص69 .

يا طيب : توجد من أهل الضغائن بعض الإضافات للأحاديث لكي يقصر من علو أهل البيت ويكونوا بما يقاربون عامة المسلمين أو أقل من شأن الأنبياء وآلهم السابقين ، وهذا الحديث متفق عليه بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين وسيدة نساء الأمة ، ولكن بعضهم يفضل مريم عليها السلام عليها ، وفي حين مريم تأتي بعدها بل بعد أمها خديجة عليهن السلام في المرتبة ، فراجع صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام وأنظر الحديث الآتي :

عن عمار رحمه الله قال : لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوفاة ، دعا بعلي عليه السلام ، فساره طويلا ، ثم قال :

يا علي : أنت وصيي ووارثي قد أعطاك الله علمي وفهمي ، فإذا مت ظهرت لك ضغائن في صدور قوم وغصب على حقد .

فبكت فاطمة عليها السلام ، وبكى الحسن والحسين .

فقال لفاطمة : يا سيدة النسوان مم بكاؤك ؟ قالت: يا أبة أخشى الضيعة بعدك. قال : أبشري يا فاطمة فانك أول من يلحقني من أهل بيتي ، ولا تبكي ولا تحزني .

فإنك سيدة نساء أهل الجنة ، وأباك سيد الأنبياء ، وابن عمك خير الأوصياء .

وابناك سيدا شباب أهل الجنة ، ومن صلب الحسين يخرج الله الأئمة التسعة مطهرون معصومون ، ومنا مهدي هذه الأمة.

كفاية الأثر للخزاز القمي ص 124 .

من‏ لا يحضره ‏الفقيه ج1 ص297ح907 .

ومر في حديث رسول الله في مرضه الذي توفي فيه أنه قال لفاطمة :

ثم اطلع إلى الأرض إطلاعة ثالثة : فاختارك و أحد عشر رجلا من ولدك و ولد أخي بعلك منك .

فأنت : سـيـدة نساء أهل الجنة .

و ابناك الحسن و الحسين سـيــدا شباب أهل الجنة .

و أنا و أخي و الأحد عشر إماما : أوصيائي إلى يوم القيامة ، كلهم هادون مهديون ، أول الأوصياء بعد أخي الحسن ، ثم الحسين ، ثم تسعة من ولد الحسين ، في منزل واحد في الجنة ، و ليس منزل أقرب إلى الله من منزلي ، ثم منزل إبراهيم و آل إبراهيم.

كتاب‏ سليم‏ بن‏ قيس ص565 ح1 .

حديث سيد الوصيين و أمير المؤمنين :

و روى جماع منهم ما رواه علي بن مسهر عن الأعمش عن موسى بن طريف عن عباية . و موسى بن أكيل النميري عن عمران بن ميثم عن عباية .

و موسى الوجيهي عن المنهال بن عمرو و عن عبد الله بن الحارث و عثمان بن سعيد عن عبد الله بن بكير عن حكيم بن جبير ، قالوا :

شهدنا عليا أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر يقول : أنا عبد الله و أخو رسول الله ورثت نبي الرحمة و نكحت سيدة نساء أهل الجنة ، و أنا سيد الوصيين ، و آخر أوصياء النبيين ، لا يدعي ذلك غيري إلا أصابه الله بسوء .

فقال رجل من عبس : كان جالسا بين القوم ، من لا يحسن أن يقول هذا : أنا عبد الله و أخو رسول الله ، فلم يبرح مكانه حتى تخبطه الشيطان ، فجر برجله إلى باب المسجد ، فسألنا قومه عنه .

فقلنا : هل تعرفون به عرضا قبل هذا ؟ قالوا : اللهم لا .

الإرشاد ج1ص352 .بحار الأنوار ج34ص340ب35.


فاطمة خير نساء الأمة :

عن محمد بن عبيد الله عن أبيه عن جده أبي رافع قال : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى غزوة تبوك خلف عليا وكثرت فيه الأقاويل من الناس .

فقالوا : لم يخلقه إلا بغضا له وكراهية أن يتبعه !

فبلغ ذلك عليا : فلحقه على مرحلة أو مرحلتين فسار محادثه ، وهما على بعيرين لهما ، والناس ينظرون إليهما ، وأنا قريب منهما ، فجاءت عائشة لما رأت حالهما ومناجاة كل واحد منهما لصاحبه ، فأدخلت بعيرها بينهما ، فالتفت إليها رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال : أما والله ما يومه منك بواحد .

ثم قال : أما ترض يا علي ، أنك أخي في الدنيا والآخرة ، وأنك خير أمتي في الدنيا والآخرة .

وأن امرأتك : خير نساء أمتي في الدنيا والآخرة .

وأن ابنيك : سيدا شباب أهل الجنة من أمتي في الدنيا والآخرة .

وأنك اخي : ووزيري ووارثي ، انصرف فلا يصلح ما هناك إلا أنا وأنت.

مناقب أمير المؤمنين عليه السلام لمحمد بن سليمان الكوفي ج 1ص 333 ح260 . ورواه أيضا الحافظ ابن عساكر في الحديث " 842 " من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق : ج 2 ص 329 ط 2 ولكن أتباع بني أمية حذفوا متن الحديث من النسخة الظاهرية والتركية . وقد علقنا الحديث عن عدة مصادر على ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ .


سيدة النساء في زيارتها:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ : لَمَّا قُبِضَتْ فَاطِمَةُ عليه السلام : دَفَنَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سِرّاً وَ عَفَا عَلَى مَوْضِعِ قَبْرِهَا ، ثُمَّ قَامَ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ :

السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنِّي ، وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ عَنِ ابْنَتِكَ وَ زَائِرَتِكَ وَ الْبَائِتَةِ فِي الثَّرَى بِبُقْعَتِكَ ، وَ الْمُخْتَارِ اللَّهُ لَهَا سُرْعَةَ اللِّحَاقِ بِكَ .

قَلَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ : عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي .

وَ عَفَا عَنْ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ تَجَلُّدِي ، إِلَّا أَنَّ لِي فِي التَّأَسِّي بِسُنَّتِكَ فِي فُرْقَتِكَ مَوْضِعَ تَعَزٍّ.

الكافي ج1ص458 ح3 .

السَّلَامُ عَلَيْكِ : يَا ابْنَةَ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ ،السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا زَوْجَةَ وَلِيِّ اللَّهِ وَ خَيْرِ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا أُمَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ الشَّهِيدَةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُه .

من ‏لا يحضره ‏الفقيه ج2 ص572 .

وفي زيارات الأئمة فمثلا في زيارة الإمام الرضا عليه السلام :

وَ جَعَلْتَهُ هَادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ وَ الدَّلِيلِ عَلَى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسَالَاتِكَ وَ دَيَّانِ الدِّينِ بِعَدْلِكَ وَ فَصْلِ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَ الْمُهَيْمِنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ وَ زَوْجَةِ وَلِيِّكَ وَ أُمِّ السِّبْطَيْنِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الطُّهْرَةِ الطَّاهِرَةِ الْمُطَهَّرَةِ التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ الرَّضِيَّةِ الزَّكِيَّةِ .

سَيِّدَةِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَجْمَعِينَ.

صَلَاةً لَا يَقْوَى عَلَى إِحْصَائِهَا غَيْرُكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سِبْطَيْ نَبِيِّكَ وَ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْقَائِمَيْنِ فِي خَلْقِكَ وَ الدَّلِيلَيْنِ عَلَى مَنْ بَعَثْتَ بِرِسَالَاتِكَ وَ دَيَّانَيِ الدِّينِ بِعَدْلِكَ وَ فَصْلَيْ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَبْدِكَ الْقَائِمِ فِي خَلْقِكَ وَ الدَّلِيلِ عَلَى مَنْ بَعَثْتَ بِرِسَالَاتِكَ وَ دَيَّانِ الدِّينِ بِعَدْلِكَ وَ فَصْلِ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ

من ‏لا يحضره ‏الفقيه ج2ص602 .

اللهم : بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها سادة التكوين صلى الله عليهم وسلم ، أن تجعلنا معهم في الدنيا والآخرة ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .








شرح أبوذية زهراء

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

نور الله تجلى من فاطمة زهراء

فأصبحت وجوه شيعتها زهراء

منيرة و لهم جنة غراء زهراء

خالصة من الدنس و الناصبية

أو :

السلام و الصلاة على نور الله المشرق في الوجود فاطمة زهراء

سيدة النساء وقدوتهن وبولائها وآلها صارت وجوه شيعتها زهراء

منيرة بيضاء مضيئة لهم سبيل الهدى ومدخلة لهم جنة غراء زهراء

بحديقة غناء وقصور عامر ومياه جارية والأفق طلقا بغير الناصبية


شرح الأبوذية :


السلام و الصلاة على نور الله المشرق في الوجود فاطمة زهراء


الزهراء لقب لفاطمة :

زهراء : الزَّهْرَاءُ لقب للسيدة النساء الصديقة فاطمة الزهراء بنت رسول الله وخاتم النبيين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله.

 و زَهراء: اسم ، والجمع : زُهْرٌ ، والزَّهْرَاءُ : مؤَنَّت الأَزهر ، زَهْراءُ الوَجْهِ : مُشْرِقَةُ الوَجْهِ ، نَيِّرَةٌ ، صافِيَةُ البَشَرَةِ .

 والزهراء : و الزهرة البياض المنير المشرق ، و هو أحسن الالوان و سميت‏ فاطمة عليها السلام بالزهراء لبياض وجهها و اشراق لونها و كمال حسنها و بهجتها و كثرة خيرها.

 

سببت تسميتها بالزهراء :

وأما الروايات : في بيان علة تسميتها بالزهراء ، فتحكي عن مراتب ظهور نورها وتجليه ، وقد ذكرنا في صحيفتها من موسوعة صحف الطيبين مراتب لظهور تولدها في التكوين ومراتبة حتى الأرض ، وهذه الأحاديث تبين تجلي وظهور نورها في مراتب الأرض وبعضها في السماء في أول الخلق فنتبرك بذكرها :

ويا طيب : لو تتبعت إشراق نور الصديقة سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام ،  وتكونه وظهور وتجلي نور الله فيها وفي آلها وتتبعته كما كتبناه في صحيفتها ، لعرفت أن نورها مشرق متجلي في جميع مراتب الوجود ، وما يأتي في الروايات الآتية من ذكر حالات خاصة ، بأنه أزهر نورها حين تولدها أو في صلاتها ، أو لأمير المؤمنين أو غيرها ، فإنه بيان لتجلي حقيقتها وظهورها حسب المناسبة ، وبالخصوص حين يظهر الله تعالى نوره فيها مزادا لحالات خاصة ليبين فضلها وكرامتها ، فإن حالت تولدها أو صلاتها ، أو مجالستها لأبيها ويعلها وبنيها وإظهار المحبة لهم ، يشتد ويسطع النور منها ، فتزهر بما يعم الناس ويؤثر فيهم لإدراك رويته ، وإلا هي دائمة التجلي والظهور بنور الله وفضلها ، ولا يدركه إلا القلوب الصافية ، والأرواح المؤمنة ، والنفوس المخلصة ، فيبحثون عنه ويتوصلون لها كما سترى في الروايات الآتية .

 


نورها يزهر في السماوات :

روى الصدوق بسنده عَنْ جابر : عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال :

قلت له: لم سميت فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ زَهْرَاءَ ؟

فقال : لأن الله عز و جل خلقها من نور عظمته ، فلما أشرقت أضاءت السماوات و الأرض بنورها ، و غشيت أبصار الملائكة ، و خرت الملائكة لله ساجدين .

 و قالوا : إلهنا و سيدنا ما لهذا النور ؟

فأوحى الله إليهم : هذا نور من نوري ، أسكنته في سمائي ، خلقته من عظمتي ، أخرجه من صلب نبي من أنبيائي ، أفضله على جميع الأنبياء ، و أخرج من ذلك النور أئمة يقومون بأمري يهدون إلى حقي ، وأجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي.

علل الشرائع ج1ص180ب143ح1 .

 

وفي عوالم العلوم و المعارف : عقد بابا في أنّها الزهراء، و علّة تسميتها بها صلوات اللّه عليها فذكر :  عن كنز الفوائد: روي عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: يا ابن مسعود، إنّ اللّه تعالى خلقني، و خلق عليّا، و الحسن و الحسين من نور قدسه ، فلمّا أراد أن ينشئ خلقه .

فتق نوري : و خلق منه السماوات و الأرض؛ و أنا و اللّه أجلّ من السماوات و الأرض .

وفتق نور عليّ: وخلق منه العرش والكرسيّ وعليّ و اللّه أجلّ من العرش والكرسيّ .

و فتق نور الحسن : و خلق منه الحور العين و الملائكة ، و الحسن و اللّه أجلّ من الحور العين و الملائكة.

و فتق نور الحسين: وخلق منه اللوح و القلم، و الحسين واللّه أجلّ من اللوح والقلم.

فعند ذلك : (  ثمّ أمر اللّه الظلمات أن تمر على السماوات ) فأظلمت المشارق و المغارب ، فضجّت الملائكة ، و نادت: يا إلهنا و سيّدنا : بحقّ الأشباح الّتي خلقتها ، إلّا ما فرّجت عنّا هذه الظلمة.

فعند ذلك : تكلّم اللّه بكلمة اخرى فخلق منها روحا، فاحتمل النور الروح، فخلق منه الزهراء فاطمة، فأقامها أمام العرش ، فأزهرت المشارق و المغارب.

فلأجل ذلك سمّيت الزهراء. الخبر .

وفي النوادر ذكر : ثمّ إنّ اللّه تعالى ابتلى الأرض بالظلمات فلم تستطع الملائكة ذلك فشكت إلى اللّه عزّ و جلّ، فقال عزّ و علا لجبرئيل عليه السّلام:

خذ من نور فاطمة : وضعه في قنديل و علّقه في قرط العرش. ففعل جبرئيل عليه السّلام ذلك، فأزهرت السماوات السبع و الأرضين السبع فسبّحت الملائكة و قدّست.

فقال اللّه: و عزّتي و جلالي وجودي و مجدي و ارتفاعي في أعلا مكاني، لأجعلنّ ثواب تسبيحكم و تقديسكم لفاطمة و بعلها و بنيها و محبّيها إلى يوم القيامة.

فمن أجل ذلك سميّت‏ الزهراء عليها السّلام .

نوادر المعجزات في مناقب الأئمة الهداة عليهم السلام ص194 .

 

أزهر نورها حين تولدها :

وجاء في حديث ولادتها عليها السلام : .... و تباشرت‏ الحور العين ، و بشر أهل الجنة بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام .

 وَ حَدَثَ فِي السَّمَاءِ : نُورٌ زَاهِرٌ، لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم .

فلذلك : سُمِّيَتِ‏ الزَّهْرَاءُ صلوات الله عليها.

دلائل الإمامة ص78ح17 .

 


 

يزهر نورها في الصلاة ولزوجها:

و عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : يا ابن رسول الله لِمَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءُ زَهْرَاءَ ؟

فقال : لِأَنَّهَا تَزْهَرُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فِي النَّهَارِ ثلاث مرات بِالنُّورِ .

كَانَ يَزْهَرُ : نُورُ وَجْهِهَا صلاة الغداة ، و الناس في فرشهم ، فيدخل بياض ذلك النور إلى حجراتهم بالمدينة فتبيض حيطانهم ، فيعجبون من ذلك ، فيأتون النبي صلى الله عليه وآله فيسألونه عما رأوا ؟

 فيرسلهم : إلى منزل فاطمة عليها السلام فيأتون منزلها ، فيرونها قاعدة في محرابها تصلي ، و النور يسطع من محرابها من وجهها ، فيعلمون أن الذي رأوه كان منْ نُورِ فَاطِمَةَ .

فإذا نصف النهار : و ترتبت للصلاة ، زَهَرَ وَجْهُهَا عليه السلام بِالصُّفْرَةِ ، فتدخل الصفرة حجرات الناس فتصفر ثيابهم و ألوانهم، فيأتون النبي فيسألونه عما رأوا. فيرسلهم : إلى منزل فاطمة ، فيرونها قائمة في محرابها ، وَ قَدْ زَهَرَ نُورُ وَجْهِهَا عليها السلام .

 فإذا كان آخر النهار : و غربت الشمس ، احْمَرَّ وَجْهُ فَاطِمَةَ عليها السلام ، فَأَشْرَقَ وَجْهُهَا بِالْحُمْرَةِ فرحا و شكرا لله عز و جل ، فكان يدخل حمرة وجهها حجرات القوم ، و تحمر حيطانهم ، فيعجبون من ذلك ، و يأتون النبي صلى الله عليه وآله ، ‏ و يسألونه عن ذلك ؟

 فيرسلهم : إلى منزل فاطمة عليها السلام ، فيرونها جالسة تسبح الله و تمجده ، وَ نُورُ وَجْهِهَا يَزْهَرُ بِالْحُمْرَةِ ، فيعلمون أن الذي رأوا كان من نور وجه فاطمة عليه السلام ، فلم يزل ذلك النور في وجهها حتى ولد الحسين عليه السلام ، فهو يتقلب في وجوهنا إلى يوم القيامة في الأئمة منا أهل البيت إمام بعد إمام.

علل الشرائع ج1ص180ب143 ح2 .

 

وعن محمد بن عمارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام :

عَنْ فَاطِمَةَ لِمَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءَ ؟

فقال : لأنها كانت إذا قامت في محرابها ، زَهَرَ نُورُهَا لِأَهْلِ السَّمَاءِ ، كَمَا تَزْهَرُ نُورُ الْكَوَاكِبِ لأهل الأرض.

علل الشرائع ج1ص180ب143 ح3 .


تزهر في ولادتها :

وذكر في العوالم في إسعاف الراغبين: روى النسائي أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم قال: إنّ ابنتي فاطمة : حوراء آدميّة لم تحض و لم تطمث، لذلك سمّيت زهراء ، أي الطاهرة ، فإنّها لم تر لها دما لا في حيض، و لا في ولادة ، و كانت تطهر في ساعة الولادة و تصلّي فلا يفوتها وقت.

وفي أخبار الدول: قالت عائشة:

كنّا : نخيط و نغزل و ننظم الإبرة بالليل في ضوء وجه فاطمة .

و قالت: إذا أقبلت فاطمة كانت مشيتها مشية رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و كانت : لا تحيض قطّ ، لأنّها خلقت من تفّاحة الجنّة، .

و لقد : وضعت الحسن بعد العصر ، وطهرت من نفاسها فاغتسلت وصلّت المغرب ، ولذلك سمّيت الزهراء.

تزهر في الجنة :

وذكر عن المناقب لابن شهر اشوب: الحسن بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لم سمّيت فاطمة الزهراء؟

قال عليه السلام : لأنّ لها في الجنّة قبّة من ياقوتة حمراء ارتفاعها في الهواء مسيرة سنة، معلّقة بقدرة الجبّار، لا علاقة لها من فوقها فتمسكها، و لا دعامة لها من تحتها فتلزمها ؛ لها مائة ألف باب، على كلّ باب ألف من الملائكة، يراها أهل الجنّة، كما يرى أحدكم الكوكب الدرّي الزاهر في افق السماء.

فيقولون: هذه الزهراء لفاطمة عليها السّلام.


أحوال متعددة لنورها المزهر :

وعن الإمام الرضا عليه السّلام قال: في حديث طويل، كانت فاطمة صلوات اللّه عليها إذا طلع هلال شهر رمضان يغلب نورها الهلال و يخفى، فإذا غابت عنه ظهر.

وعن المناقب لابن شهر اشوب: أبو هاشم العسكري: سألت صاحب العسكر عليه السّلام: لم سمّيت فاطمة عليها السّلام الزهراء؟

فقال عليه السلام : كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين عليه السّلام من أوّل النهار كالشمس الضاحية؛ و عند الزوال كالقمر المنير، و عند غروب الشمس كالكوكب الدرّي.

و عن أهل البيت: و قيل: إنّها لمّا وضعتها السيّدة خديجة، حدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم، و لذلك لقّبت بالزهراء عليها السّلام.

وعن إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب و الفضائل:

لم سميّت بالزهراء؟

سميّت بالزهراء : لأنّها زهرة المصطفى صلى اللّه عليه و آله و سلم.

وذكر في الهامش : و نحيل القارئ الكريم إلى هامش الخرائج ، قال : في ذكر حادثة غريبة جرت لنا عند ما كنّا في أيّام زيارة مرقد ثامن الأئمّة الأطهار عليهم السّلام بمناسبة ولادته عليه السّلام، و كنّا في البيت مجتمعين قبل الظهر للتوسّل بفاطمة الزهراء عليها السّلام .

إذ قرئ ما روي عن أمير المؤمنين : حينما كفّن فاطمة عليها السّلام، فنادى لينتبه الحسنان عليهما السّلام و ليتزوّدا من امّهما:

و اللّه لقد حنّت و أنّت و مدّت يديها و ضمّتهما إلى صدرها .

و هنا : تجلّى نور بهيّ ، و فاحت رائحة طيّبة أحسّ بها الجميع.

و ليس هذا : ببعيد من اللّه الّذي يقول لشيء كن فيكون في شأن الزهراء بضعة الرسول الأكرم صلى اللّه عليه و آله و سلم بأن يحيل نورها و رائحتها تغمر المجالس الّتي يرد فيه ذكرها أو ذكر أولادها عليهم السّلام.

عوالم العلوم و المعارف ج11باب3قسم1ص76.



سيدة النساء وقدوتهن وبولائها وآلها صارت وجوه شيعتها زهراء


زهراء وجوه شيعتها مضيئة :

زهراء : وجوه زهراء، مضيئة مشعة لامعة بإشراق النور. وَجْهٌ أَزْهَرُ : مُشْرِقُ الوَجْهِ ،

وفي الحديث : أكثروا الصّلاة عليّ في الليلة الغرّاء واليوم الأزهر ، ليلة الجمعة ويومُها .

والأزهر : وجامع في القاهرة ، بناه جوهر الصِّقلي ، كان منذ قيامه أحد مراكز الفكر الإسلامي وصار حديثًا جامعة تدرس العلوم العصريَّة إلى جانب اللغة والشَّريعة .

الأَزْهَران : الشَّمس والقمر .

الزَّهْراوان : سورتا البقرة وآل عمران ، زَهْرة الدُّنيا : بهجتها ومتاعها وحُسْنها .

الأزهَرُ : كل حيوانٍ أو نبات برَّاق اللون مشرق والجمع : زُهْرٌ زَهْرة العمر : ريعانُه صبيَّة في زَهْرَة العمر .

ويا طيب : إن المؤمن المتقي وجهه يزهر بالنور وترى فيه وعليه آثار الصلاح والهدى ، وهو يزهر نورا للسماوات وفي حقيقته الروحانية ، ويظهر جليا نورا في يوم القيامة .


أحاديث نور المؤمن يزهر :

فعن الإمام الصادق عليه السلام قال :

إِنَّ الْمُؤْمِنَ : لَيَزْهَرُ نُورُهُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تَزْهَرُ نُجُومُ السَّمَاءِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ ، وَ قَالَ : إن المؤمن ولي الله يعينه و يصنع له و لا يقول على الله إلا الحق .

المؤمن ص29ب2ح54. الكافي ج2ص170ح5 .

وطبعا العباد : مختلفين في النور والضوء والظلمة والسواد ، حسب إيمانهم وأتباع الحق وبعدهم عنه ، وحبهم للنبي وآله أو للظالمين ومن حرف الدين .

فعن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال لنا ذات يوم:

تجد الرجل : لا يخطئ بلام و لا واو، خطيبا مصقعا ، و لقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم .

و تجد الرجل : لا يستطيع يعبر عما في قلبه بلسانه، و قلبه يزهر كما يزهر المصباح .

كافي ج4ص211ب185ح2938/ 1.

وعن سعد : عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن القلوب أربعة: قلب فيه نفاق و إيمان، و قلب منكوس ، و قلب مطبوع ، و قلب أزهر أجرد . فقلت: ما الأزهر ؟

قال: فيه كهيئة السراج .

فأما المطبوع: فقلب المنافق .

و أما الأزهر : فقلب المؤمن؛ إن أعطاه شكر، و إن ابتلاه صبر .

و أما المنكوس: فقلب المشرك ...

كافي ج4ص211ب185ح2939/ 2.

وعن الإمام الباقر عليه السلام، قال: القلوب ثلاثة :

قلب منكوس : لا يعي شيئا من الخير، و هو قلب الكافر.

و قلب : فيه نكتة سودا ء فالخير و الشر فيه يعتلجان فأيهما كانت منه غلب عليه .

و قلب مفتوح : فيه مصابيح تزهر ، و لا يطفأ نوره إلى يوم القيامة، و هو قلب المؤمن.

كافي ج4ص211ب185ح2940/ 3.

وعن أبي الحمراء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول :

رَأَيْتُ : وَجْهَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَزْهَرُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، كَمَا تَزْهَرُ كَوَاكِبُ الصُّبْحِ لِأَهْلِ الدُّنْيَا .

الروضة في الفضائل ص 178ح154

وفي دعاء الندبة : .. و أنت غدا على الحوض معي، و أنت خليفتي، و أنت تقضي ديني و تنجز عداتي، وَ شِيعَتُكَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلِي فِي الْجَنَّةِ وَ هُمْ جِيرَانِي، و لو لا أنت يا علي لم يعرف المؤمنون بعدي....

المزار الكبيرص577 .

وقال الإمام الصادق عليه السلام : يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شِيعَةُ عَلِيٍّ ، رِوَاءً مَرْوِيِّينَ ، مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ ، وَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ عَلِيٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ظَامِئِينَ ، ثُمَّ قَرَأَ : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ } .

تفسير فرات الكوفي ص92 .

وَ قَالَ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء :

أَنَا بْنُ عَلِيِّ الْخَيْرِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ

كَفَانِي بِهَذَا مَفْخَرٌ حِينَ أَفْخَرُ

وَ جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ أَكْرَمُ مَنْ مَشَى

وَ نَحْنُ سِرَاجُ اللَّهِ فِي الْخَلْقِ يَزْهَرُ

وَ فَاطِمَةُ أُمِّي سُلَالَةُ أَحْمَدَ

وَ عَمِّي يُدْعَى ذَا الْجَنَاحَيْنِ جَعْفَرٌ

وَ فِينَا كِتَابُ اللَّهِ أُنْزِلَ صَادِقاً

وَ فِينَا الْهُدَى وَ الْوَحْيُ وَ الْخَيْرُ يُذْكَرُ

وَ نَحْنُ وُلَاةُ الْحَوْضِ نَسْقِي مُحِبَّنَا

بِكَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ مَا لَيْسَ يُنْكَرُ

وَ شِيعَتُنَا فِي النَّاسِ أَكْرَمُ شِيعَةٍ

وَ مُبْغِضُنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَخْسَرُ

كشف الغمة ج2ص19 .



منيرة بيضاء مضيئة لهم سبيل الهدى ومدخلة لهم جنة غراء زهراء

بحديقة غناء وقصور عامر ومياه جارية والأفق طلقا بغير الناصبية


زهراء : الحديقة ذات الورود :

زهراء : الزهراء الحديقة ذات الورود والأزهار ، الجمع : زَهْر ، أزاهير و أزهار و زُهُور و زَهرة : نَورة النّبات والشّجر ، وتنشأ من بُرعم ، وتحمل أعضاء التناسل في الزهريَّات ، وعلم الأزهار : علم دراسة الأزهار من حيث عددها وتوزيعها ونوعها في منطقة أو أكثر . وقد قال الشاعر :

ذكرتك بالزهراء مشتاقا والأفق

طلقا ووجه الأرض قد راقا

وجاء عن أمير المؤمنين عليه السلام : الكتب بساتين العلماء .

رياض العلم والجنة للشيعة :

و الحمد للّه : الذي جعنا من أتباع علومهم ومن المقتبسين لنوّر شجرة النبوة بأنوار الأئمة الهداة، و نجني زيّن حدائق الولاية بأزهار أسرار الكمّل الثقات، ونتحلى بعلومهم من هذه الازهار المبهجة بحديثهم ، و الرياحين العطرة بكلامهم ، و الورود الفواحة من أقوالهم ، والمنضدة في بساتين معارفهم والكتب و الاسفار المروية عنهم .

وإن معارف علومهم : هي رياض الجنة وبساتين دخولها وحدائق بهجتها الآني لمن طلبها وحب التحقق بها ، فتسموا بها العقول وتطمئن بها القلوب وتفرح بها الأرواح وتتنفس فيها الصعداء أنسا ورضا ، وعلى يقين بأنهم هم الراسخون بالعلم الكتاب وترجمان آياته ومبينين درره ، ومنهم يفوح شذا عطر الهدى ، ونور جمال الدين ، وسنا برقه الساطع في كل ما يفتح للإنسانية آفاقا من الخير و الصلاح .

ويا طيب : قد أعد الله في الجنة للمؤمنين ما لا عين رأت ولا إذن سمعت من النعيم ولديه المزيد مما وصف في القرآن ووصف الجنة في كتاب الله جميل منه قوله تعالى :

{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ } أي في بساتين خلقت لهم ، { وَ عُيُونٍ } من ماء و خمر و عسل تفور من الفوارة ، ثم تجري في مجاريها ، { ادْخُلُوها بِسَلامٍ } أي يقال لهم ادخلوا الجنات بسلامة من الآفات و براءة من المكاره و المضرات ، { آمِنِينَ } من الإخراج منها ساكني النفس إلى انتفاء الضرر فيها ....

و في قوله تعالى : { كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ } أي كان في حكم الله و علمه لهم بساتين الفردوس و هو أطيب موضع في الجنة و أوسطها و أفضلها و أرفعها.

وفي تفسير الإمام عليه السلام : { وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ } بَسَاتِينَ.

وقال الله تعالى : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَ عُيُونٍ وَ فَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } .

{ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً حَدائِقَ وَ أَعْناباً وَ كَواعِبَ أَتْراباً وَ كَأْساً دِهاقاً لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً}.

{ وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى } .

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ } ، { فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَ أَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَ زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } ،


حديث وصف الجنة :

ونذكر من وصف الجنة في الحديث ما به حديقة وبستان مختصرا منه :

عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك : يا ابن رسول الله ، شوقني ؟

فقال : يا أبا محمد ، إن من أدنى نعيم الجنة : يوجد ريحها من مسيرة ألف عام من مسافة الدنيا ، و إن أدنى أهل الجنة منزلا ، لو نزل به أهل الثقلين الجن و الإنس لوسعهم طعاما و شرابا و لا ينقص مما عنده شيء .

و إن أيسر أهل الجنة منزلة : من يدخل الجنة فيرفع له ثلاث حدائق :

فإذا دخل أدناهن : رأى فيها من الأزواج و الخدم و الأنهار و الأثمار ما شاء الله مما يملأ عينه قرة و قلبه مسرة ، فإذا شكر الله و حمده قيل له : ارفع رأسك إلى الحديقة الثانية : ففيها ما ليس في الأخرى؟

فيقول : يا رب أعطني هذه ، فيقول الله تعالى : إن أعطيتك إياها سألتني غيرها ، فيقول : رب هذه هذه ، فإذا هو دخلها شكر الله و حمده ، قال فيقال : افتحوا له باب الجنة ، و يقال له : ارفع رأسك ، فإذا قد فتح له باب من الخلد ، و يرى أضعاف ما كان فيما قبل.

فيقول : عند تضاعف مسراته ، رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت علي بالجنان ونجيتني من النيران .

قال أبو بصير : فبكيت، قلت له : جعلت فداك زدني.

قال : يا أبا محمد ، إن في الجنة نهرا في حافته جوار نابتات، إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها ، وأنبت الله مكانها أخرى ..... تفسير القمي ج2ص82 .








شرح أبوذية زكية

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

إلهي بحق الطاهرة فاطمة زكية

و بحق آلها أجعل أرواحنا زكية

وبدن وعلم وعمل و أموالنا زكية

لننمو بالخير واعطينا الجنة هدية

أو :

إلهي و ربي بحق الطيبة الطاهرة فاطمة بتول زكيه

و بحق آلها الأطهار طيبنا و طهرنا و أجعل أرواحنا زكيه

و يا طيب طع ربك و أقم الصلاة و مالك خمسه و زكيه

تنمو بالخير وتفلح وتصلح لك الدنيا والآخرة لك هدية


شرح الأبوذية :


إلهي و ربي بحق الطيبة الطاهرة فاطمة بتول زكيه


زكية : اسم لقب فاطمة :

زكيه : الزكية اسم لقب للصديقة فاطمة الزهراء زكيّة مؤنث زكي .

وأصل الكلمة زكو: ، زكا ، أصل الزَّكَاةِ : النّموّ الحاصل عن بركة اللّه تعالى، و يعتبر ذلك بالأمور الدّنيويّة و الأخرويّة .

و الزَّكَوَاتُ: جمع الزَّكَاةِ. وزَكَاةُ المالِ و هو تطهيره ..

زَكَّى يُزَكِّي تَزْكِيَةً و الزَّكَاةُ: الصلاح .

أرضٌ زكيَّةٌ : طيَّبَةٌ ، خِصْيبَةٌ .

زكِيّ : صالحٌ طاهرٌ طيِّب .

زكِيّ المَغْرِس : كريم الأصل ، طاهر العُنصر .

نَفْسٌ زَكِيَّةٌ : صالِحَةٌ ، طاهِرَةٌ ، عَفيفَةٌ ، طَيِّبَةٌ .

وقال الإمام علي عليه السلام : المالُ تنقُصه النَّفقة ، و العِلم يَزْكُو على الإِنْفاقِ، فاستعار له الزَّكاء و إِن لم يك ذا جِرْمٍ .

وزكاة النفس : الأصل الطاهر ونقاء الروح ، هو أصل وأس الزكاء ، وأحسنه وأفضل التزكية التزكية من الله تعالى ورسوله سيد المرسلين ذو الخلق العظيم .


الله تعالى ورسوله زكى فاطمة :

الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام : زكية ، زكاها الله تعالى وآلها في كثير من الآيات ، منها آية التطهير ، وجعلها صديقة في يوم المباهلة ، و الأمر بمودتها في آية المودة ، والأمر بوصلها وإيتاء حقها في آية القربى ، والصلاة والسلام والتسليم لها في آية الصلاة على النبي .

وجعلها الله تعالى : كوثر الخير والنمو والزيادة في الحسنات والبركات في الدنيا والآخرة ، ونجاح الدعاء بالتوسل بحقها ، كما ولها الشفاعة الكبرى يوم القيامة .

وهي : سيدة نساء العالمين في الدنيا والآخرة ، وهي الطيبة الطاهرة المطهرة .

وفيها نمو الخير والبركة : في الذرية والنسل المبارك ، وخص ذريتها بالإمام والولاية لجميع البشر .

فلا أزكى من فاطمة : في الطهارة والنمو في البركات أحد إلا من ولدها وبعلها .

وعن الحسن بن عبد الله بن يونس بن ظبيان قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :

لفاطمة عليها السلام : تسعة أسماء عند الله عز و جل ، فاطمة ، و الصديقة ، و المباركة ، و الطاهرة ، و الزكية ، و الراضية ، و المرضية ، و المحدثة ، و الزهراء .


سميت زكية يوم ولادتها :

وسميت زكية : في يوم ولادتها كما قلن أفضل نساء الجنة كما في الحديث الآتي :

وعن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام :

كيف كان ولادة فاطمة ؟

فقال : نعم إن خديجة لما تزوج بها رسول الله هجرتها نسوة مكة ، فكن لا يدخلن عليها و لا يسلمن عليها و لا يتركن امرأة تدخل عليها ، فاستوحشت خديجة لذلك ، و كان جزعها و غمها حذرا عليه .

فلما حملت : بفاطمة ، كانت فاطمة عليها السلام تحدثها من بطنها و تصبرها ، و كانت تكتم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله .

فدخل : رسول الله يوما ، فسمع خديجة تحدث فاطمة

فقال لها : يا خديجة من تحدثين ؟

قالت : الجنين الذي في بطني يحدثني و يؤنسني .

قال : يا خديجة هذا جبرئيل يخبرني أنها أنثى ، و أنها النسلة الطاهرة الميمونة ، و أن الله تبارك و تعالى سيجعل نسلي منها ، و سيجعل من نسلها أئمة ، و يجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه .

فلم تزل : خديجة على ذلك ، إلى أن حضرت ولادتها ، فوجهت إلى نساء قريش و بني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء ، فأرسلن إليها أنت عصيتنا و لم تقبلي قولنا ، و تزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له ، فلسنا نجيء و لا نلي من أمرك شيئا .

فاغتمت خديجة عليها السلام : لذلك ، فبينا هي كذلك ، إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال ، كأنهن من نساء بني هاشم ، ففزعت منهن لما رأتهن .

فقالت إحداهن : لا تحزني يا خديجة فأرسلنا ربك إليك ، و نحن أخواتك : أنا سارة ، و هذه آسية بنت مزاحم و هي رفيقتك في الجنة ، و هذه مريم بنت عمران ، و هذه كلثوم أخت موسى بن عمران ، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء .

فجلست : واحدة عن يمينها ، و أخرى عن يسارها ، و الثالثة بين يديها ، و الرابعة من خلفها .

فوضعت : فاطمة طاهرة مطهرة ، فلما سقطت إلى الأرض ، أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة، و لم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور .

و دخل : عشر من الحور العين ، كل واحدة منهن معها ، طست من الجنة ، و إبريق من الجنة ، و في الإبريق ماء من الكوثر ، فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر ، و أخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن و أطيب ريحا من المسك والعنبر ، فلفتها بواحدة ، و قنعتها بالثانية .

ثم استنطقتها : فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين ، وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء ، وأن بعلي سيد الأوصياء وولدي سادة الأسباط .

ثم سلمت عليهن : و سمت كل واحدة منهن باسمها ، و أقبلن يضحكن إليها و تباشرت الحور العين ، و بشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام ، و حدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك .

و قالت النسوة : خذيها يا خديجة .

طاهرة مطهرة .

زكية ميمونة .

بورك فيها و في نسلها .

فتناولتها : فرحة مستبشرة ، و ألقمتها ثديها ، فدر عليها .

فكانت : فاطمة عليها السلام :

تنمي في اليوم : كما ينمي الصبي في الشهر ، و تنمي في الشهر كما ينمي الصبي في السنة .

الأمالي للصدوق ص593مجلس 87ح1 .

وفي رواية أخرى : و قالت النسوة: خذيها يا خديجة، طاهرة معصومة، بنت نبيّ، زوجة وصيّ، نور وضيء، عنصر زكيّ، أمّ أبرار، حبيبة جبّار، صفوة أطهار، مباركة بورك فيها و في ولدها .

عوالم العلوم ج11قسم1ص59.


أحاديث وشعر تزكيتها وآلها:

وقال رسول الله : الذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض ، و إنه لمكتوب عن يمين عرش الله عز و جل ، مصباح هدى و سفينة نجاة ، و إمام غير وهن و عز و فخر و علم و ذخر ، و إن الله عز و جل رَكَّبَ فِي صُلْبِهِ نُطْفَةً طَيِّبَةً مُبَارَكَةً زَكِيَّةً ... والحديث يستمر في ذكر الأئمة ويزكيهم أيضا .

عيون أخبار الإمام الرضا ج1ص60ح29 .

و الزَّكِيُ : عند الإطلاق هو لقب للإمام الحسن بن علي المجتبى عليه السلام .

ويا طيب رحم الله من قال :

و زكى منه أصله و تمسك

طب بدين النبي نفسا و إن

خفت من النار في غداة تمسك

فاستجر من لظا لظى بعلي

و بنيه و بالبتول تمسك


الصراط المستقيم ج1ص209 .

ورحم الله سلامة الموصلي إذ قال :

يا نفس إن تتلقى صبرا فقد ظلمت

بنت النبي رسول الله و ابناها

فتلك التي أحمد المختار والدها

و جبرئيل أمين الله رباها

الله طهرها من كل فاحشة

و كل ريب و صفاها و زكاها

روضة الواعظين ج1ص144 .



و بحق آلها الأطهار طيبنا و طهرنا و أجعل أرواحنا زكيه


زكيه يجعل أرواحنا طاهرة :

زكيه : روح طاهرة ، جعل الله أروحنا جميعا زكية طاهرة نامية في الخيرات والبركات بفضل الموالاة للنبي وآله ، وزكي : كل مهتدي بحق صالح العمل طاهر النية .

وقال الله تعالى :

{ إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى (74)

وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا

وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى (76) } طه.

أي مَن تطهَّر : من دنس الكفر والمعاصي زكية . زَكِيٌّ: الجمع : أَزْكِياءُ .

عَطَّرَتْ ثِيابَها بِعِطْرٍ زَكِيٍّ أَي بِعِطْرٍ طَيِّبٍ .

لَهُ نَفْسٌ زَكِيَّةٌ : صالِحَةٌ ، طاهِرَةٌ ، عَفيفَةٌ ، طَيِّبَةٌ .

تزكى : صار عادلا ، و زكّى الشهودَ: عدّلهم و وصفهم بأنّهم أزكياء .


التزكية بمودة القربى :

يا طيب : إن التزكية تتم أولا بالخلو عن الذنوب والآثام ، بل وعن الفكر بالمعاصي والحرام والمكروه ، فضلا عن عمله أو الشوق والعزم عليه نية ، وحينها ينقى القلب وتصفى الروح ويطهر الوجود النفسي ، ويتم التخلي عن موانع فيض الرحمة الإلهية ، وتستعد النفس لتلقي الفيوضات الربانية ، فتنزل عليه بركات الله تعالى .

وهذا يتم : بتعلم العلم الصحيح وآداب الإسلام من دين الله وهداه ، من عند المنعم عليهم بتعاليمه حقا ، ويسير إلى الله تعالى بصراهم المستقيم ، ولم يخلطه بغير معارفهم ممن خالفهم فضلا عمن عاداهم .

وبهذا : يصح الإيمان واقعا ، و تحصل التقوى ، وتتم التزكية للمؤمن حقا ، ولا تحصل بالتمني والشعار والادعاء والمظهر ، وعدم تصفية النية في إتباع الحق .

فمن يعرف أئمة الحق : وأتخذهم أئمة فتبعهم وأقتدى بهم حقا ، يزكوا وينموا في الفضائل لما تقلى من فيض رحمة الله وكرم بركاته ، ولذا قال الله تعالى :

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى

وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا

إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) }الشورى .

والقربى : هم نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، فهم كوثر الخير والبركة والنمو ، لمن تعلم منهم وأطاعهم ، فمن يخلص لهم المودة ويتعلم منهم يقترف الحسنة وتزاد له ، فأولا يغفر له الله تعالى ويطهره ، و يشكر سعيه فيزيده .

وبهذا : تحصل التزكية والنمو والطهارة والرحمة ، وينال العبد كل فيض تجلي الأسماء الحسنى ، ونور بركاته سبحانه ونعيمه ، فيجعله مباركا ، وإلا فلا ، والسلام على من أتبع الهدى حقا .

وأهم العلم والنية والقول والعمل الذي يزكي النفس هو :

عن عيسى بن السري قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام ، حدثني عما بنيت عليه دعائم الإسلام، إذا أنا أخذت بها زكى عملي، و لم يضرني جهل ما جهلت بعده.

فقال عليه السلام : شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ، و الإقرار بما جاء به من عند الله ، و حق في الأموال من الزكاة ، و الولاية التي أمر الله عز و جل بها ولاية آل محمد صلى الله عليه وآله .

فإن رسول الله قال : من مات و لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، قال الله عز و جل : { أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم (59) } النساء .

فكان : علي ، ثم صار من بعده الحسن ، ثم من بعده الحسين ، ثم من بعده علي بن الحسين ، ثم من بعده محمد بن علي ، ثم هكذا يكون الأمر ، إن الأرض لا تصلح إلا بإمام ، و من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، و أحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه هاهنا .

قال : و أهوى بيده إلى صدره ، يقول : حينئذ لقد كنت على أمر حسن.

الكافي ج2ص21ح9 .


معنى قد أفلح من زكاها :

عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله :

{ قد أفلح من زكاها } .

قال: أمير المؤمنين عليه السلام زكاه ربه.

{ و قد خاب من دساها } .

قال : هو زريق و حبتر في بيعتهما إياه ، حيث مسحا على كفه .

تفسير القمي ج2ص424 .

قال الإمام الصادق عليه السلام : قَوْلِهِ تَعَالَى : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها } .

قَالَ : أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ زَكَّاهُ النَّبِيُّ .

تفسير فرات الكوفي ص564ح724 .

وقال أمير المؤمنين يوم مناشدة يوم الشورى : فهل فيكم أحد قال له رسول الله : أنت قسيم النار تخرج منها من زكا ، و تذر فيها كل كافر غيري ؟ قالوا : لا .

الاحتجاج ج1ص145.


أحاديث لما يوجب التزكية :

وهذه أحاديث : فيما يوجب التزكية بعد إطاعة الله بهدى من زكاهم طبعا :

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من صلى الصلاة لغير وقتها ، رفعت له سوداء مظلمة ، تقول : ضيعك الله كما ضيعتني .

و أول : ما يسأل العبد إذا وقف بين يدي الله عز و جل ، عن الصلاة .

فإن : زكت صلاته ، زكى سائر عمله ، و إن لم تزك لم يزك عمله.

ثواب الأعمال ص230.

وقال الإمام الصادق عليه السلام :

من صدق لسانه : زكى عمله .

و من حسنت نيته : زيد في رزقه .

و من حسن بره بأهل بيته : مد له في عمره .

الكافي ج2ص106ح11 .

و سئل الإمام علي عليه السلام عن العالم العلوي فقال:

صور : عارية عن المواد .

خالية : عن القوة والاستعداد .

تجلى : لها فأشرقت .

وطالعها بنوره : فتلألأت .

وألقى : في هويتها مثاله ، فأظهر عنها أفعاله، وخلق الإنسان ذا نفس ناطقة.

إن زكاها : بالعلم و العمل ، فقد شابهت جواهر أوائل عللها ، و إذا اعتدل مزاجها و فارقت الأضداد ، فقد شارك بها السبع الشداد .

عيون الحكم و المواعظ لليثي ص304ح5418.

يا طيب : العلم الحق وبه يتم العمل الصالح واقعا ، لابد أن يكون من أئمة حق واقعا .


أحذر تزكية النفس :

والمؤمن : يبتعد عن تزكية نفسه والفخر بعمله الصالح .

في حديث همام قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصف المتقين : ...

إذا زكى : أحد منهم ، خاف مما يقال له .

فيقول : أنا أعلم بنفسي من غيري ، و ربي أعلم مني بنفسي .

اللهم : لا تؤاخذني بما يقولون ، و اجعلني أفضل مما يظنون ...

وعن الإمام علي بن الحسين عليه السلام قال :

المؤمن : يصمت ليسلم ، و ينطق ليغنم ، لا يحدث أمانته الأصدقاء ، و لا يكتم شهادته من البعداء ، و لا يعمل شيئا من الخير رياء و لا يتركه حياء .

إن زكي : خاف مما يقولون ، و يستغفر الله لما لا يعلمون ، لا يغره قول من جهله ، و يخاف إحصاء ما عمله.

الكافي ج2ص231ح3.

كما يحرم ويكره التزكية للنفس حسب المناط : وقال الله تعالى :

{ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ } بتوفيق التوبة الماحية للذنوب و شرع الحدود المكفرة لها { ما زَكى } ما طهر من دنسها { مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً } لآخر الدهر .

{ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ } بحمله على التوبة و قبولها وَ اللَّهُ سَمِيعٌ لمقالهم عَلِيمٌ بنياتهم.

وأسأل الله : لي ولكم التوفيق لطاعته حقا بهدى المنعم عليهم ، وتعلمه وتعريفه والعمل به واقعا ، وأن يعبدنا عمن عاندهم وخالفهم ، بحق نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .



و يا طيب طع ربك و أقم الصلاة و مالك خمسه و زكيه

تنمو بالخير وتفلح وتصلح لك الدنيا والآخرة لك هدية


زكيه : زكي مالك وبدنك و..:

زكيه : زكي مالك ، أعطي وأدي الزكاة والصدقة ، تزكى تصدق ، أحسن .

تزكى : نما وزاد . و تصدَّق أدَّى الزكاةَ : { الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى } .

وجاء في حق أمير المؤمنين عليه السلام ، قوله تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ

وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ

وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)

وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) } المائدة .

وقال الحميري رحمه الله :

فيا أول من صلى _ و من زكى و من كبر

و يا جار رسول الله _ في مسجده الأكبر

حلال فيه أن تجنب _ لا تلحى ولا تؤزر

والشعر : كما يصدق على النبي وأمير المؤمنين ، يصدق الصديقة فاطمة الزهراء الزكية .


الزكاة في الشرع الإسلامي :

الزكاة : من الواجبات التي اهتمّ الشارع المقدّس بها ، وقد قرنها الله تبارك وتعالى بالصلاة في غير واحد من الآيات الكريمة ، وهي إحدى الخمس التي بني عليها الإسلام ، وقد ورد أنّ الصلاة لا تقبل من مانعها ، وأنَّ من منع قيراطاً من الزكاة فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً .

والزكاة على قسمين : زكاة الأموال ، وزكاة الأبدان ( زكاة الفطرة ) .

وتجب الزكاة :

في الأنعام الثلاثة : الإبل والبقر والغنم .

و الغلات الأربع : الحنطة ، و الشعير ، و التمر ، و الزبيب .

و في النقدين : الذهب و الفضة .

و في مال التجارة : على الأحوط وجوباً .

ولا تجب : فيما عدا ذلك .

نعم تستحب : في غيرها من الحبوب التي تنبت في الأرض ، كالسمسم ، و الأرز ، و الدخن ، و الحمص ، و العدس ، و الماش ، و الذروة ، و غيرها .

و لا تستحب : في الخضروات مثل البقل و القثاء و البطيخ و الخيار و نحوها .

تصرف الزكاة : في ثمانية موارد : الفقراء ، والمساكين ، والعاملون عليها ، والمؤلفة قلوبهم ، والعبيد ، و الغارمون ، وفي سبيل الله ، وابن السبيل .

ويجوز للمالك : دفع الزكاة الي مستحقيها مع استجماع الشرائط ، ومنها الأيمان ، وإن لا يصرفها من يقبضها في المعاصي .

و شروط وجوب الزكاة : في هذه الأجناس التسعة ، أن يكون مالكها حرا ، بالغا، كامل العقل ، موسرا ، و حدّ اليسار: ملك النصاب ، و أن يكون في يد مالكه ، و هو غير ممنوع من التصرف فيه .

و لا زكاة : في المال الغائب عن صاحبه، الذي لا يتمكن من الوصول إليه ، و لا زكاة في الدين ، إلا أن يكون تأخّر قبضه ، من جهة مالكه ، و أن يكون بحيث متى رامه قبضه.

ويا طيب : الكرام في الزكاة وأحكامه ، موجود في الرسائل العملية ، وهي كتب الأحكام الشرعية ، ويجب على كل مؤمن أن يرجع لمن يقلده إذا لم يكن محتاط أو مجتهد .


تكملة معنى الزكاة والتزكية

المعنى اللغوي للزكاة :

قال الراغب :

أصل الزَّكَاةِ: النّموّ الحاصل عن بركة اللّه تعالى ، و يعتبر ذلك بالأمور الدّنيويّة و الأخرويّة.

يقال: زَكَا الزّرع يَزْكُو: إذا حصل منه نموّ و بركة.

و قوله تعالى : { أَيُّها أَزْكى طَعاماً (19) } الكهف، إشارة إلى ما يكون حلالا لا يستوخم عقباه .

و منه الزَّكَاةُ : لما يخرج الإنسان من حقّ اللّه تعالى إلى الفقراء ، و تسميته بذلك لما يكون فيها من رجاء البركة .

أو لتزكية النّفس : أي تنميتها بالخيرات و البركات، أو لهما جميعا، فإنّ الخيرين موجودان فيها.

و قرن اللّه تعالى الزَّكَاةَ بالصّلاة في القرآن بقوله:

{ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ (43) } البقرة .

و بِزَكَاءِ النّفس و طهارتها : يصير الإنسان بحيث يستحقّ في الدّنيا الأوصاف المحمودة، و في الآخرة الأجر و المثوبة.

و هو أن يتحرّى الإنسان ما فيه تطهيره ، و ذلك ينسب :

تارة إلى العبد : لكونه مكتسبا لذلك، نحو: { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (9) }الشمس .

وتارة ينسب إلى اللّه تعالى: لكونه فاعلا لذلك في الحقيقة، نحو: { بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ (49) } النساء .

و تارة إلى النّبيّ : لكونه واسطة في وصول ذلك إليهم، نحو: { تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها (103) } التوبة ، { يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَ يُزَكِّيكُمْ (151) } البقرة .

و تارة إلى العبادة : التي هي آلة في ذلك ، نحو: { وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً (13) } مريم ، { لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (19) } ، أي: مُزَكًّى بالخلقة ، و ذلك على طريق ما ذكرنا من الاجتباء ، و هو أن يجعل بعض عباده عالما و طاهر الخلق لا بالتّعلّم و الممارسة بل بتوفيق إلهيّ ، كما يكون لجلّ الأنبياء و الرّسل ( بل وأهل بيت النبي محمد صلى الله عليهم وسلم ، وهم المنعم عليهم بهدى الله الذي نسأل الله الهداية له في سورة الفاتحة ) .

و يجوز : أن يكون تسميته بالمزكّى لما يكون عليه في الاستقبال لا في الحال ، و المعنى: سَيَتَزَكَّى { وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (4) } المؤمنون ، أي: يفعلون ما يفعلون من العبادة ليزكّيهم اللّه ، أو لِيُزَكُّوا أنفسهم ، و المعنيان واحد .

و تَزْكِيَةُ الإنسان نفسه ضربان:

أحدهما: بالفعل، و هو محمود و إليه قصد بقوله: { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (9)} الشمس ، و قوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) } الأعلى .

و الثاني: بالقول، كتزكية العدل غيره ، و ذلك مذموم أن يفعل الإنسان بنفسه، و قد نهى اللّه تعالى عنه فقال: { فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ (32) }النجم ، و نهيه عن ذلك تأديب لقبح مدح الإنسان نفسه عقلا و شرعا .

و لهذا قيل لحكيم: ما الذي لا يحسن و إن كان حقّا؟

فقال: مدح الرّجل نفسه.

مفردات ألفاظ القرآن ص380.


قال الطريحي رحمه الله في الزكاة :

زكا ، قوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها } الضمير للنفس .

و التَّزْكِيَةُ : التطهير من الأخلاق الذميمة ، الناشئة من شر البطن و الكلام و الغضب و الحسد و البخل و حب الجاه و حب الدنيا و الكبر و العجب ، و لكل هذه المذكورات علاج في المطولات.

و في الغريب : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها } أي ظفر من طهر نفسه بالعمل الصالح .

قوله تعالى: { ما زَكى مِنْكُمْ } أي ما طهر.

قوله تعالى: { وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ } أي الطهارة.

و قيل : زكاة الرؤوس ، لأن كل الناس ليس لهم أموال ، و إنما الفطرة على الفقير و الغني و الصغير و الكبير.

قوله تعالى : { وَ تُزَكِّيهِمْ بِها } أي تطهرهم بها .

قوله تعالى: { أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً } أي طاهرة لم تجن ما يوجب قتلها ، و قرء زَكِيَّةً و زاكية ، فالزاكية : نفس لم تذنب قط، و الزكية: أذنبت ثم غفر لها.

قوله تعالى: { ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَ أَطْهَرُ } أي أنمى لكم و أعظم بركة ، و إلا لكان تأكيدا و التأسيس خير منه .

قوله تعالى: { يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ } أي يمدحونها و يزعمون أنهم أزكياء .

يقال: زكى نفسه ، أي مدحها و أثنى عليها. قوله تعالى: { فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ } أي لا تعظموها و لا تمدحوها بما ليس لها فإني أعلم بها.

وَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: { فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى} .

قَالَ: هُوَ قَوْلُ الْإِنْسَانِ: صَلَّيْتُ الْبَارِحَةَ وَ صُمْتُ أَمْسِ وَ نَحْوَ هَذَا.

ثُمَّ قَالَ عليه السلام : إِنَّ قَوْماً كَانُوا يُصْبِحُونَ ، فَيَقُولُونَ: صَلَّيْنَا الْبَارِحَةَ وَ صُمْنَا أَمْسِ .

فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : لَكِنِّي أَنَامُ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ ، وَلَوْ أَجِدُ شَيْئاً بَيْنَهُمَا لَنِمْتُهُ .

قوله تعالى: { وَ ما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى } ، أي أن لا يسلم فيتطهر من الشرك.

قوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى. وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } قيل: تَزَكَّى أي أدى زَكَاةَ الفطرة فَصَلَّى صلاة العيد، و به جاءت الرواية عنهم عليه السلام.

قوله تعالى: { أَزْكى طَعاماً } أي أطيب و أحل .

قوله تعالى: {غُلاماً زَكِيًّا } أي طاهرا من الذنوب، و قيل: تاما في أفعال الخير.

و قد تكرر ذكر: الزَّكَاةِ في الكتاب و السنة . و هي إما مصدر : زَكَا ، إذا نمى ، لأنها تستجلب البركة في المال و تنميه و تفيد النفس فضيلة الكرم . و إما مصدر": زَكَا ، إذا طهر ، لأنها تطهر المال من الخبث و النفس البخيلة من البخل.

و في الشرع : الزكاة ، صدقة مقدرة بأصل الشرع ابتداء ثبت في المال أو في الذمة للطهارة لهما ، فَزَكَاةُ المال طهر للمال و زَكَاةُ الفطرة طهر للأبدان .

قوله تعالى: { فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً } أي إسلاما، و قيل صلاحا { وَ أَقْرَبَ رُحْماً } أي رحمة لوالديه.

وَ فِي الْحَدِيثِ: أَبْدَلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى ابْنَةً فَوُلِدَ مِنْهَا سَبْعُونَ نَبِيّاً .

و زَكَّى عمله : أي طهره و وقره .

وزَكَا الزرع يَزْكُو : من باب قعد زَكَاءً، بالمد: إذا نما. و صلاة زَاكِيَةٌ تامة مباركة. و زَكَاةُ الْأَرْضِ يُبْسُهَا ، أي طهارتها من النجاسة كالبول ، بأن يجف و يذهب أثره و زَكَاةُ الوضوء أن تقول كذا أي بركته و فضله. و هذا الأمر لا يَزْكُو بفلان" أي لا يليق به.

و النفس الزَّكِيَّةُ : محمد بن عبد الله بن الحسن .

و الزَّكِيُ : عند الإطلاق هو الحسن بن علي عليه السلام.

مجمع البحرين ؛ ج1 ؛ ص203.


زكاة البدن والعلم :

ويا طيب : توجد أحاديث كثيرة في معنى تزكية المال وكسبه ، وتزكية البدن ، وتزكية العلم ، ونذكر منها :

ما قال أمير المؤمنين عليه السلام :

الصلاة : قربان كل تقي .

و الحج : جهاد كل ضعيف .

و لكل شيء : زكاة .

و زكاة البدن : الصيام .

و جهاد المرأة : حسن التبعل .

خصائص الأئمة عليهم السلام ص 103 .

وقال في رواية أخرى :

زكاة البدن : الجهاد و الصيام.

غرر الحكم و درر الكلم ص390 .

وقال الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام :

زكاة العلم : أن تعلمه عباد الله.

الكافي ج1ص41ح3 .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

إن لكل شيء زكاة : و زكاة العلم أن يعلمه أهله.

تحف العقول ص364 .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

زكاة العلم : بذله لمستحقه ، و إجهاد النفس بالعمل به.

عيون الحكم و المواعظ ص275 حرف الزاء 4997.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

زكاة العلم : نشره.

عيون الحكم و المواعظ ص276ب11 حرف الزاء 5011 .

وقال عليه السلام :

بذل العلم : زكاة العلم.

غرر الحكم و درر الكلم ص313 / 15 .


لكل شيء زكاة :

قال الإمام الصادق عليه السلام :

على كل جزء : من أجزائك زكاة واجبة لله تعالى ، بل على كل منبت شعر من شعرك، بل على كل لحظة من لحظاتك زكاة.

فزكاة العين : النظرة بالعبرة ، و الغض عن الشهوات و ما يضاهيها .

و زكاة الأذن : استماع العين و الحكمة و القرآن ، و فوائد الدين من الموعظة و النصيحة ، و ما فيه نجاتك ، و الإعراض عما هو ضده من الكذب و الغيبة و أشباههما .

و زكاة اللسان : النصح للمسلمين ، و التيقظ للغافلين ، و كثرة التسبيح ، و الذكر و غيرها .

و زكاة اليد : البذل و العطاء و السخاء بما أنعم الله عليك به ، و تحريكها بكتابة العلم ، و منافع ينتفع بها المسلمون في طاعة الله تعالى ، و القبض عن الشر .

و زكاة الرجل : السعي في حقوق الله تعالى ، من زيارة الصالحين ، و مجالس الذكر ، و إصلاح الناس ، و صلة الأرحام ، و الجهاد ، و ما فيه صلاح قلبك و سلامة دينك هذا مما تحتمل القلوب فهمه ، والنفوس استعماله.

و ما لا يشرف عليه : إلا عباده المخلصون المقربون ، أكثر من أن تحصى ، و هم أربابه ، و هو شعارهم دون غيرهم ، اللهم وفقني بما تحب و ترضى .

مصباح الشريعة ص50ب22 .








شرح أبوذية مرضية

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

فاطمة سيدة النساء راضية مرضية

وليها متنور وعلى الصراط مرضية

و روحه دنيا وآخرة طيبة مرضية

و من عاداها نفسه بنار مشوية

أو :

قال سيد المرسلين رضا الله لرضا ابنتي فاطمة الراضية مرضيه

فمن والاها هدي لصراط مستقيم وهو عليه في الدارين مرضيه

و يرجع لربه داخل و عباده لجنته بنفس مطمئنة راضية مرضيه

و الله بالمرصاد لمن عاداها و آلها فيجعل روحه في ناره مشوية


شرح الأبوذية :


قال سيد المرسلين رضا الله لرضا ابنتي فاطمة الراضية مرضيه


معنى الرضا لغة :

رِضاً رضَّى رضي : اسم مصدر، ورِضى : فاعل من رَضيَ، و رَضَّى: فعل رضِيَ ، رضِيَ بـ ، رضِيَ على ، رضِيَ عن يَرضَى ، ارْضَ ، رِضًا ورِضًى ورُضوانًا ورِضوانًا ورِضاءً ومرضاة ، فهو راضٍ ورَضٍ ورَضِيّ ، والمفعول مَرْضُوّ ومَرْضِيّ ، والانثى مَرْضِيّة .

وأيضا : رضَّى يُرضِّي ، رَضِّ ، ترضيةً ، فهو مُرَضٍّ ، والمفعول مُرَضًّى .

رضِيَ ، رضِيَ بـ ، رضِيَ على ، رضِيَ عن .

رَضيتُ علَيْه في معنَى رَضِيتُ به وعنه .

ورَضيتُ الشيءَ وارْتَضَيْتُه ، فهو مَرْضيٌّ ، و مَرْضُوٌّ .

والرَّضِيُّ : المَرْضِيُّ .

وارْتَضاه : رآه لَهُ أَهْلاً .

وأَرْضاهُ : أَعْطاهُ ما يَرْضى به .

وتَرَضّاهُ : طَلَبَ رِضاهُ و مُوافَقَتَهُ واِسْتِحْسانَهُ .

سريعُ الرِّضا سريع الغضب : ذو طبع حسَّاس بالنسبة للمخلوقين .

نظَر بعين الرِّضا : قَبِل الشيءَ عن طيب نَفْس و بِالقَبولِ وَالاسْتِحْسانِ .

والرضا : وهو نهاية التوكُّل وقبول كلّ شيء .

والرضا : حالة من التَّوافق والقبول .

رضِيَ : رضِيه صديقًا ، رضِي به صديقًا ، رضِي عليه صديقًا ، رضِي عنه صديقًا اختاره وقبِله، رضي به رفيقًا ، رضي بمصيره .

الرِّضا : ضدُّ السَّخَطِ .

وفي حديث الدعاء : اللهم إني أَعوذُ برضاكَ من سَخَطِكَ وبمُعافاتِكَ من عُقوبَتِكَ ، وأَعوذُ بك منك لا أُحْصي ثَناءً عليك أَنت كما أَثْنَيْتَ على نفسك.

و رِضا النَّاسِ غايَةٌ لا تُدْرَكُ .

رِضا النَّفْسِ : اِطْمِئْنانُ النّفْسِ .

عَنْ رِضىً : بِطيبِ خاطِرٍ ، أَيْ تَعْبيرٌ عَنِ الْمُوافقَةِ والارْتِياحِ .

وقوله تعالى : { رَضِيَ اللهُ عنهم ورضوا عنه } ، أَنَّ الله تعالى رَضِيَ عَنْهُم أَفْعالَهم ورضوا عنه ما جازاهم به .

قوله تعالى: { فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ } ، أي مَرْضِيَّةٍ.

وقوله تعالى: { وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى } أي ارتضاه الله لأن يشفعوا له.

قوله تعالى : { وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى } اللام في وَ لَسَوْفَ لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة ، ولا يرضى بمن تولاه وآله وأقتدى بهم وحبهم وتعلم وعمل بعلمهم ومعارفهم صادقا أن لا يدخل الجنة أو يدخل النار خلاف من ظلم آله وعاداهم أو حب أعدائهم .

قوله تعالى : { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ } الرِّضْوَانُ من الله ضد السخط ، و هو المدح على الطاعة و الثناء .

وفي ليلة المبيت : نزل في حق علي بن أبي طالب عليه السلام :{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ }، في نصرة دين الله ومعونة رسول الله على نشره وتبليغه وحفظه من الخطر .

وفي غدير خم نزلت في حقه آية الولاية : { وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } يعني الإسلام المرضي بتعليم الولي بعد النبي لا كل مدعي .

و { في عيشَةٍ راضِيَة } أَي مَرْضِيَّة أَي ذات رضىً

و في الحديث: سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ. أي ما يقع منه سبحانه موقع الرِّضَا أو ما يَرْضَاهُ لنفسه.

و في الدعاء: وَ خُذْ لِنَفْسِكَ رِضًا مِنْ نَفْسِي. أي اجعل نفسي رَاضِيَةً بكل ما يرد عليها منك .

و في الحديث: مَنْ رَضِيَ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ الْيَسِيرَ مِنَ الْعَمَلِ، وَ مَنْ رَضِيَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ تَنَعَّمَ أَهْلُهُ، وَ بَصَّرَهُ اللَّهُ دَاءَ الدُّنْيَا وَ دَوَاءَهَا، وَ أَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ.

و في حديث الشيعة مع مخالفيهم : ارْضُوا مَا رَضِيَ اللَّهُ مِنْهُمْ مِنَ الضَّلَالِ ، أي أقروهم على ما أقرهم الله عليه، و ليس المراد حقيقة الرضا بضلالهم بل أرضوا بنفسكم الإيمان ورضا الله ، ولمن خالفكم ضلالهم لغضب الله عليهم .

وَ فِي حَدِيثِ مَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مُنْتَهَى عِلْمِهِ: لَا تَقُولَنَّ مُنْتَهَى عِلْمِهِ وَ قُلْ مُنْتَهَى رِضَاهُ .

وَ فِي حَدِيثِ النبي لعَلِيٍّ : أَ مَا تَرْضَىأَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى . أي في استخلافه على ذريته و أهله و قومه.

وَ فِي الْحَدِيث ِ: الصَّلَاةُ رِضْوَانُ اللَّهِ . أي سبب رضوانه، أو مبالغة كزيد عدل.

و الرِّضْوَانُ : بكسر الراء و ضمها أعلى مراتب الرضا.

وبلّغ بي رِضْوَانَكَ : أي أبلغني منتهى رضاك.

و رِضْوَانُ عليه السلام : خازن الجنان.

و رَضْوَى : جبل بالمدينة.

و الرِّضَا : هو الإمام علي بن موسى عليه السلام ، و إنما لقب بذلك لأنه كان رضى الله في سمائه، و رضى الرسول في أرضه، و رضى للأئمة من بعده، و رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من أوليائه، و لم يكن ذلك لأحد من آبائه.

ورضوي : السادة الرضوية من نسل الإمام الرضا علي بن موسى عليه السلام .

ومرضية : اسم لقب للصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام ، أي مرضية عند الله ولا يرضى بسخطها أو ظلمها أو غصب حقها أو عدم طاعتها وسماع كلامها ، ولذا الله تعالى يرضى لرضاها ويسخط لسخطها .


مرضية : اسم لقب لفاطمة :

مرضية : و راضية أسمي لقب لفاطمة الزهراء عليها السلام ، وقال الإمام الصادق عليه السلام : لفاطمة عليها السلام : تسعة أسماء عند الله عز و جل ، فاطمة ، و الصديقة ، و المباركة ، و الطاهرة ، و الزكية ، و الراضية ، و المرضية ، و المحدثة ، و الزهراء . وجاء في زيارتها :

السَّلَامُ عَلَيْكِ : أَيَّتُهَا الشَّهِيدَةُ الصِّدِّيقَةُ.

السَّلَامُ عَلَيْكِ : أَيَّتُهَا الرَّضِيَّةُ الْمَرْضِيَّةُ .

السَّلَامُ عَلَيْكِ : أَيَّتُهَا الْفَاضِلَةُ الزَّكِيَّةُ.

السَّلَامُ عَلَيْكِ : أَيَّتُهَا الْحُورِيَّةُ الْإِنْسِيَّةُ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمُحَدَّثَةُ الْعَلِيمَةُ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمُضْطَهَدَةُ الْمَقْهُورَةُ . وجاء في زيارة أمير المؤمنين : السَّلَامُ عَلَى الْمَخْصُوصِ بِالْبَرَّةِ الطَّاهِرَةِ .

الرَّضِيَّةِ الْمَرْضِيَّةِ : وَالِدَةِ الْأَئِمَّةِ الْأَطْهَارِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

يا طيب : عرفت أن




إن الله يرضى لرضى فاطمة :

عن الإمام الصادق : جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال :

يَا فَاطِمَةُ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى .

لَيَغْضَبُ : لِغَضَبِكِ .

وَ يَرْضَى : لِرِضَاكِ .

قال : فجاء صندل فقال لجعفر بن محمد عليه السلام :

يا أبا عبد الله : إن هؤلاء الشباب يجيئونا عنك بأحاديث منكرة .

فقال له جعفر عليه السلام : و ما ذاك يا صندل ؟

قال : جاءنا عنك أنك حدثتهم :

أَنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِ فَاطِمَةَ .

وَ يَرْضَى لِرِضَاهَا .

قال فقال جعفر عليه السلام : يا صندل ، أ لستم رويتم فيما تروون إن الله تبارك و تعالى ، لَيَغْضَبُ لِغَضَبِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ ، وَ يَرْضَى لِرِضَاهُ . قال : بلى .

قال عليه السلام : فَمَا تُنْكِرُونَ أَنْ تَكُونَ فَاطِمَةُ عليها السلام مُؤْمِنَةً ، يَغْضَبُ اللَّهُ لِغَضَبِهَا ، وَ يَرْضَى لِرِضَاهَا ؟

قَالَ فَقَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ .

الأمالي للصدوق ص383م61ح1. الأمالي للطوسي ص427م15ح954-11.

عن عباية عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :

إِنَّ فَاطِمَةَ : شِجْنَةٌ مِنِّي ، يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا ، وَ يَسُرُّنِي مَا يَسُرُّهَا .

وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى :

لَيَغْضَبُ لِغَضَبِ فَاطِمَةَ .

وَ يَرْضَى لِرِضَاهَا .

معاني الأخبار ص303ح2 .

وعن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي عليه السلام عن أبيه عن جده قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

إِنَّ اللَّهَ :

لَيَغْضَبُ لِغَضَبِ فَاطِمَةَ .

وَ يَرْضَى لِرِضَاهَا .

الأمالي للمفيد ص95م11 .

ذكر في المناقب : عن الحسين بن زيد بن علي عن الصادق عليه السلام ، وعن جابر الجعفي عن الباقر عليه السلام ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

إِنَّ اللَّهَ لَيَغْضَبُ لِغَضَبٍ فَاطِمَةَ .

وَ يَرْضَى لِرَضَاهَا .

وعن ابن شريح بإسناده عن الصادق عليه السلام : و ابن سعيد الواعظ في شرف النبي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، و أبو صالح المؤذن في الفضائل عن ابن عباس ، و أبو عبد الله العكبري في الإبانة ، و محمود الأسفرائيني في الديانة ، رووا جميعا أن النبي صلى الله عليه وآله قال :

يَا فَاطِمَةُ : إِنَّ اللَّهَ لَيَغْضَبُ لِغَضَبِكِ .

وَ يَرْضَى لِرِضَاكِ .

ورحم الله خطيب منيح إذ قال :

و كان الله يرضى حين ترضى

و يغضب إن غدت في المغضبينا

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج3ص325.


وصية النبي برضا فاطمة :

قال السید بن طاووس رحمه الله في كتابه الطرف والمناقب :

الطّرفة التاسعة عشر : في تسليم النّبي صلّى اللّه عليه و آله فاطمة إلى عليّ عليهم السّلام عند وفاته ، و تعظيم المخالفة لوصيّته بها في حياته .

قال : حدّثني عيسى بن المستفاد ، قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام : فما كان بعد خروج الملائكة من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ؟

قال : فقال عليه السلام : لما كان اليوم الّذي ثقل فيه وجع النبي صلّى اللّه عليه و آله و خيف عليه فيه الموت، دعا عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام .

و قال لمن في بيته : اخرجوا عنّي .

و قال لأمّ سلمة : تكوني ممّن على الباب فلا يقربه أحد ، ففعلت أمّ سلمة .

فقال : يا عليّ ، أدن منّي ، فدنا منه .

فأخذ بيد : فاطمة عليها السّلام فوضعها على صدره طويلا ، و أخذ بيد عليّ بيده الأخرى .

فلما أراد : رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الكلام ، غلبته عبرته فلم يقدر على الكلام ، فبكت فاطمة بكاء شديدا و عليّ و الحسن و الحسين عليهم السّلام لبكاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله .

فقالت فاطمة عليها السّلام :

يا رسول اللّه : قد قطّعت قلبي ، و أحرقت كبدي ، لبكائك يا سيّد النّبيّين من الأوّلين و الآخرين ، و يا أمين ربّه و رسوله ، و يا حبيبه و نبيّه ، من لولدي بعدك ؟ و لذلّ ينزل بي بعدك ؟ من لعلي أخيك و ناصر الدّين ؟ من لوحي اللّه و أمره ؟

ثمّ بكت و أكبّت : على وجهه فقبّلته، و أكبّ عليه عليّ و الحسن و الحسين عليهم السّلام .

فرفع رأسه : إليهم .

و يدها في يده : فوضعها في يد عليّ عليه السّلام .

و قال له : يا أبا الحسن هذه وديعة اللّه و وديعة رسوله محمّد عندك، فاحفظ اللّه و احفظني فيها، و إنّك لفاعل يا عليّ .

هذه و اللّه : سيدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين و الآخرين ، هذه و اللّه مريم الكبرى ، أم و اللّه ما بلغت نفسي هذا الموضع حتّى سألت اللّه لها و لكم ، فأعطاني ما سألته .

يا عليّ : أنفذ لما أمرتك به فاطمة ، فقد أمرتها بأشياء أمرني بها جبرئيل عليه السّلام .

و اعلم يا عليّ :

أنّي راض : عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة ، و كذلك ربّي و ملائكته .

يا عليّ : ويل لمن ظلمها ، و ويل لمن ابتزّها حقّها ، و ويل لمن انتهك حرمتها، و ويل لمن أحرق بابها ، و ويل لمن آذى جنينها ، و شجّ جنبيها ، و ويل لمن شاقّها و بارزها .

اللهمّ : إنّي منهم بريء ، و هم منّي براء ثمّ سمّاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله .

و ضمّ : فاطمة إليه و عليّا و الحسن و الحسين عليهم السّلام .

و قال : اللهمّ إنّي لهم و لمن شايعهم سلم و زعيم يدخلون الجنّة ، و حرب و عدوّ لمن عاداهم و ظلمهم و تقدّمهم أو تأخّر عنهم و عن شيعتهم ، زعيم لهم يدخلون النّار .

ثمّ و اللّه يا فاطمة : لا أرضى حتّى ترضي .

ثمّ لا و اللّه : لا أرضى حتّى ترضي .

ثمّ و اللّه : لا أرضى حتّى ترضي .

طرف من الأنباء و المناقب لابن طاووس علي بن موسى ص382ط19 .


اعتقادنا في رضا فاطمة :

وذكر الصدوق رحمه الله في اعتقادات الإمامية :

و أمّا فاطمة صلوات اللّه عليها : فاعتقادنا فيها ، أنّها سيدة نساء العالمين من الأوّلين و الآخرين ، و أنّ اللّه يغضب لغضبها، و يرضى لرضاها ، و أنّها خرجت من الدنيا ساخطة على ظالميها و غاصبيها و مانعي إرثها.

اعتقادات الإمامية للصدوق ص105ب38 .

وعن موسى بن عبد الله بن الحسن : و ذكرهما أي الأول والثاني .

فقال : قل لهؤلاء نحن نأتم بفاطمة عليها السلام ، فقد جاء الحديث عنها أنها ماتت و هي غضبى عليهما، فنحن نغضب لغضبها و نرضى لرضاها ، فقد جاء غضبها ، فإذا جاء رضاها رضينا.

تقريب المعارف ص252 .


أذى فاطمة أذى لله ورسوله :

يا طيب : إذا كان أذى فاطمة وعلي عليهم السلام أذ لله ورسوله ، فهو معنى أنه من رضيت عنه رضي الله عنه ورسوله ، ومن غضبت عليه غضب الله ورسوله عليه ، وفي هذا الباب آيات وأحاديث كثيرة نذكر منها قسما مراعات للاختصار :

عن تفسير عليّ بن إبراهيم : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (75)} الأحزاب .

قال: نزلت في من غصب أمير المؤمنين حقّه، و أخذ حقّ فاطمة و آذاها ,

قد قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم: من آذاها في حياتي كمن آذاها بعد موتي؛ و من آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي، و من آذاها فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى اللّه، و هو قول اللّه عزّ و جلّ :{ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ .... الآية } .

العوالم ج11ق1ب5ص143ح1 .

وقال الصدوق رحمه الله : قد قال النبي صلى الله عليه وآله :

مَنْ آذَى ذِمَّتِي فَقَدْ آذَانِي.

فإذا كان : في إيذائهم إيذاء النبي ، فكيف في قتلهم .

وَ إِنَّمَا أَرَادَ : النَّبِيُّ بِذَلِكَ فَاطِمَةَ .

وَ قَالَ : إِذَا كَانَ مَنْ آذَى ذِمَّتِي فَقَدْ آذَانِي لِمَنْعِي مِنْ ظُلْمِهِ وَ إِيذَائِهِ ، فَكَيْفَ مَنْ آذَى ابْنَتِي وَ وَاحِدَتِي الَّتِي هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي ، وَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ .

و أتبع ذلك بأن قال : مَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي ، وَ مَنْ غَاظَهَا فَقَدْ غَاظَنِي ، وَ مَنْ سَرَّهَا فَقَدْ سَرَّنِي.

من لا يحضره الفقيه ج4ص124ح5258 .

وعن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال سمعت سعد بن مالك يعني ابن أبي وقاص يقول سمعت رسول الله يقول :

فَاطِمَةُ : بَضْعَةٌ مِنِّي .

مَنْ سَرَّهَا : فَقَدْ سَرَّنِي .

وَ مَنْ سَاءَهَا : فَقَدْ سَاءَنِي .

فَاطِمَةُ : أَعَزُّ الْبَرِيَّةِ عَلَيَّ.

الأمالي للمفيد ص260م31ح2.

و عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

مَنْ سَرَّ مُؤْمِناً : فَقَدْ سَرَّنِي ، وَ مَنْ سَرَّنِي فَقَدْ سَرَّ اللَّهَ .

المؤمن ص48ح114 . الكافي ج2ص188 ح1 .

وفي المناقب : عن مستدرك الحاكم عن أبي سهل بن زياد عن إسماعيل ، و حلية أبي نعيم عن الزهري و ابن أبي مليكة و المسور بن مخزمة أن النبي قال :

إِنَّمَا فَاطِمَةُ : شَجْنَةٌ مِنِّي يَقْبِضُنِي مَا يَقْبِضُهَا ، وَ يَبْسُطُنِي مَا يَبْسُطُهَا.

و جاء سهل بن عبد الله : إلى عمر بن عبد العزيز فقال : إن قومك يقولون : إنك تؤثر عليهم ولد فاطمة ؟

فقال عمر بن عبد العزيز : سمعت الثقة من الصحابة أن النبي قالَ :

فَاطِمَةُ : بَضْعَةٌ مِنِّي يُرْضِينِي مَا أَرْضَاهَا ، وَ يُسْخِطُنِي مَا أَسْخَطَهَا .

فَوَ اللَّهِ : إِنِّي لَحَقِيقٌ أَنْ أَطْلُبَ رِضَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَ رِضَاهُ وَ رِضَاهَا فِي رِضَى وُلْدِهَا .

ورحم الله من قال :

و قد علموا أن النبي يسره

مسرتها جدا و يشني اغتمامها

مناقب آل أبي طالب ج3ص332 .


غضب فاطمة على ظالميها :

قال ابن عبّاس :

فلمّا : اشتدّت علّتها عليها السّلام .

قال : عمر لأبي بكر: اذهب بنا حتى نعود فاطمة بنت محمّد عليها السّلام. فجاءا الى أمير المؤمنين عليه السّلام فسلّما عليه و قالا له :

استأذن لنا على بنت محمّد.

قال: افعل.

و دخل إليها فقال لها: يا بنت عمّي هذا أبو بكر و عمر قد جاءا يعودانك.

فقالت : لا و اللّه لا آذن لهما .

قال : فإنّي قد ضمنت لهما ذلك عليك.

قالت: أمّا أنا فلا آذن لهما و البيت بيتك، و النساء مع الرجال، فابدر من أحببت.

فأذن لهما : فدخلا، فسلّما عليها فلم تردّ عليهما السلام .

و قالت: انشدكما اللّه هل سمعتما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول :

فاطمة : بضعة منّي فمن آذاها فقد آذاني ؟ قالا: نعم.

قالت: فأنشدكما اللّه ، هل سمعتما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

فاطمة : بضعة منّي ، فمن أسخطها فقد أسخطني ؟ قالا : نعم .

فقالت : انشدكما اللّه ، هل سمعتما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

فاطمة بضعة منّي من أرضاها فقد أرضاني ؟ قالا : نعم .

قالت عليها السلام : فإنّي اشهد اللّه تعالى أنّكما قد آذيتماني و أسخطتماني و ما أرضيتماني .

و اللّه : لا انازعكما الفضيع من فعلكما ، حتى ألقى ربّي و ألقى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ، فأشكوكما إليهما .

فإنّه أخبرني أبي صلّى اللّه عليه و آله : إنّي أوّل لاحق به من أهله .

و قبضت : من ليلتها صلّى اللّه عليها .

و تولّى أمير المؤمنين عليه السّلام : غسلها و دفنها في بيتها بعد أن صلّى عليها ، فأصبحا عائدين لها و الناس معهما ليحضروا جنازتها و الصلاة عليها .

فلمّا طال : عليهما الجلوس قال عمر يا أبا الحسن قد حبست الناس.

فقال له: إنّا قد دفنّاها البارحة .

فقال عمر: و اللّه لو لا أنّها تصير سنّة لنبشناها و صلّينا عليها، هذا أيضا كاستيثارك علينا في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

فقال عليّ: و اللّه يا عمر لو رمت ذاك لقلعت أثرك. ثمّ أخذهما غير بعيد و قال لهما: أ تراكما إن حلفت لكما تصدّقاني؟

قالا: نعم.

قال: و اللّه إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمرني بغسلها و أمرني أن لا يبصرها أحد غيري، و هي أمرتني أن لا تصلّيا عليها.

و قبضت : و هي ساخطة عليكما .

فكنتما : تريان أن اخالف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و فاطمة عليها السّلام.

فانصرفا : و انصرف الناس معهما .

و جزع : أبو بكر من ذلك جزعا شديدا ، و قال : يا ليت امّي لم تلدني .

فقال له : عمر عجبا للناس كيف ولّوك أمرهم و أنت تجزع لغضب امرأة و تفرح لرضاها ! و ما الذي بلغ من سخط امرأة.

الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم ص483 . دلائل الإمامة: ص 45.


يحكمان على أنفسهم بالنار :

ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد : عن عبد الله بن الزبير في خبر عن معاوية بن أبي سفيان قال :

دخل الحسن بن علي : على جده صلى الله عليه وآله و هو يتعثر بذيله ، فأسر إلى النبي سرا ، فرأيته فتغير لونه .

ثم قام النبي : حتى أتى فاطمة ، فأخذ بيدها ، فهزها إليه هزا قويا ، ثم قال :

يَا فَاطِمَةُ : إِيَّاكِ وَ غَضَبَ عَلِيٍّ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِهِ ، وَ يَرْضَى لِرِضَاهُ .

ثم جاء علي : فأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده ، ثم هزها إليه هزا خفيفا ثم قال :

يَا أَبَا الْحَسَنِ : إِيَّاكَ وَ غَضَبَ فَاطِمَةَ ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَغْضَبُ لِغَضَبِهَا ، وَ تَرْضَى لِرِضَاهَا .

فقلت يا رسول الله : مضيت مذعورا ، و قد رجعت مسرورا .

فقال يا معاوية : كيف لا أسر و قد أصلحت بين اثنين ، هما أكرم الخلق .

و في رواية : عبد الله بن الحارث و حبيب بن ثابت و علي بن إبراهيم : اثنين أحب من في الأرض إلي.

قال ابن بابويه : هذا غير معتمد لأنهما منزهان عن أن يحتاجا أن يصلح بينهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام لابن شهرآشوب ج3ص334 .

أقول : ابن الزبير ومعاوية قد حكما على أنفسهم بعدم رضا الله عليهم وبالكفر والنار ، وذلك لحرب الجمل لابن الزبير وقتل فيها 20000 عشرين الف مسلم ، وحرب صفين لمعاوية مع وقتل فيها أيضا أكثر من 20000 عشرين الف مسلم ِ، بفتنهما وحربهما مع الإمام علي عليه السلام وعدم رضاه عليهم والله يرضى لرضا علي ويغضب لغضبه ، فالله غاضب عليهم وأدخلهم النار رغم أنفهم وكل من يترضى على ابن الزبير ومعاوية وحزبهم ومن يؤيدهم .

كذبوا : ليذموا علي وفاطمة فأدخلوا النار أنفسهم .

فكيف عرف معاوية : بالهز لليد والكلام وقصته وهو لم يكن معهم ، ثم كيف يحارب من هو في أعلى منزلة من الله تعالى ، إلا أن يكون خارج عن طاعة الله تعالى .

وإنما هم : سمعوا الحديث فأرادوا أن يحرفوه ، ويذموا علي وفاطمة ، فأدخلوا أنفسهم النار وبئس القرار .


 


فمن والاها هدي لصراط مستقيم وهو عليه في الدارين مرضيه


مرضيه : مر ضياءه :

مرضية : مر ضيه ، مر ضوؤه على الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة ، في الدنيا يقتبس هداه من المنعم عليهم فيتنور وجوده ،كما والعلم نور والصلاة نور والطاعة لله ولمن أوجب طاعتهم نور والمؤمن نور في نور على نور .

و المؤمن : متنور منير في الآخرة ويمر على الصراط المستقيم وهو في الآخرة ممدود على النار بسرعة الضوء ، وحتى مع هذه السرعة تناديه النار يا مؤمن جزني واعبرني فإن نورك قد أطفئ لهبي ، وطبعا كلا حسب شأنه وعلو درجته يعبره من حبوا ومسرعا وراكبا .

ومن النسناس : من تحيطه النار و من قبل أول خطوة تبتلعه لدركاتها الهاوية ، وطبعا السير على الصراط المستقيم في الآخرة تبعا لما عليه سيره في الدنيا من شدة إيمانه بالله تعالى وأنه جعل هداه عند المنعم عليهم به ، وهو من والاهم وحبهم وسلك سبيلهم وتعلم وعمل بمعارفهم وعبد الله تعالى بها ، ولم يخلطها بما خالفها من فكر أعداءهم المغضوب عليهم والضالين ، قال الله تعالى : { يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) } التحريم .


 


و يرجع لربه داخل و عباده لجنته بنفس مطمئنة راضية مرضيه

و الله بالمرصاد لمن عاداها و آلها فيجعل روحه في ناره مشوية


مرضية : ترجع نفس المؤمن لله :

مرضية : نفس المؤمن مرضية لله تعالى وهو أيضا راضي عن الله وما قسم له من الكرامات والخيرات في جنته العالية ودرجاتها المرتفعة وإن أقل مؤمن فيها يمكنه أن يطعم أهل الدنيا كلها وله من الله المزيد من التحف والكرامات ، وقال الإمام الصادق عليه السلام في أحوال موت المؤمن .... : وَ يُنَادِيهِ مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ يُسْمِعُهُ وَ يُسْمِعُ مَنْ بِحَضْرَتِهِ { يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ } إِلَى مُحَمَّدٍ وَ وَصِيِّهِ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ { ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً} بِالْوَلَايَةِ بِوَلَايَةِ عَلِيٍ{مَرْضِيَّةً } بِالثَّوَابِ { فَادْخُلِي فِي عِبادِي } مَعَ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ { وَ ادْخُلِي جَنَّتِي } غَيْرَ مَشُوبَةٍ .

ومر حديث عن شفاعتها لأمتها : وقد قال الله تعالى : {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) } الأنبياء ،وجاءت أحاديث متواترة عند الطرفين عن رسول الله : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْضَبُ لِغَضَبِ فَاطِمَةَ وَ يَرْضَى لِرِضَاهَا . بل ويرضا الله لرضا المؤمن الحقيقي ويغضب لغضبه ، ولا يكون إلا لمن والاهم .

وكذا جاء في زيارتها يوم الأحد : السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا مُمْتَحَنَةُ ، امْتَحَنَكِ الَّذِي خَلَقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صَابِرَةً ، أَنَا لَكِ مُصَدِّقٌ ، صَابِرٌ عَلَى مَا أَتَى بِهِ أَبُوكِ وَ وَصِيُّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا ، وَ أَنَا أَسْأَلُكِ إِنْ كُنْتُ صَدَّقْتُكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنِي بِتَصْدِيقِي لَهُمَا ، لِتُسَرَّ نَفْسِي ، فَاشْهَدِي أَنِّي طَاهِرٌ بِوَلَايَتِكِ ، وَ وَلَايَةِ آلِ نَبِيِّكِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم .


فاطمة سبب نزول آية الرضى :

عن تفسير الثعلبي : عن جعفر بن محمد عليه السلام ، و تفسير القشيري عن جابر الأنصاري : أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله فاطمة ، و عليها كساء من أجلة الإبل ، و هي تطحن بيديها ، و ترضع ولدها .

فدمعت : عينا رسول الله .

فَقَالَ : يَا بِنْتَاهْ تَعَجَّلِي مَرَارَةَ الدُّنْيَا بِحَلَاوَةِ الْآخِرَةِ .

فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نَعْمَائِهِ ، وَ الشُّكْرُ لِلَّهِ عَلَى آلَائِهِ .

فَأَنْزَلَ اللَّهُ : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) } الضحى .

مناقب آل أبي طالب ج3ص342 . ورواه عن الإمام الصادق في مجمع البيان ومكارم الأخلاق ص235ف10 ، وغيرهم الكثير ...

وعن فرات بن إبراهيم الكوفي: بسنده عن السدي في قوله قول الله تعالى : { وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى } الضحى .

قَالَ : رِضَاهُ أَنْ يُدْخِلَ أَهْلَ بَيْتِهِ الْجَنَّةَ.

تفسير فرات الكوفي ص569 .

عن حرب بن شريح البصري قال: قلت لمحمد بن علي عليه السلام : أي آية في كتاب الله أرجى ؟

قال ما يقول : فيها قومك ؟

قال قلت يقولون : { يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ } .

قال عليه السلام : لَكِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ لَا نَقُولُ ذَلِكَ .

قال قلت : فأي شيء تقولون فيها ؟

قال نقول : { وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى } .

الشَّفَاعَةَ : وَ اللَّهِ الشَّفَاعَةَ ، وَ اللَّهِ الشَّفَاعَةَ.

تفسير فرات الكوفي ص571 سورة الضحى .

ويا طيب : لا شفاعة إلا لمن أرتضى الله دينه ، وهو من يرضى عنه نبي الرحمة وآله حين الاقتداء بهم وتوليهم والتعلم منهم والعمل به وحبهم وودهم وترك أعدائهم حبا وولاء ، ويكفي الاحاديث السابقة، ولمعرفة المزيد لهذا المعنى تدبر الآيات الآتية .


النفس المرضية فاطمة والحسين:

وقال علي بن إبراهيم في تفسيره : قوله : { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)} الفجر.

قال : إذا حضر المؤمن الوفاة نادى مناد من عند الله : { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ } ارجعي بولاية علي مرضية بالثواب ، فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي ، فلا يكون له همة إلا اللحوق بالنداء.

تفسير القمي، ج2ص422 .

و لما عزم عليه السلام على المسير إلى العراق قام خطيبا، فقال:

الحمد لله : و ما شاء الله ، و لا قوة إلا بالله، و صلى الله على رسوله و آله و سلم .

خط الموت : على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة .

و ما أولهني : إلى أسلافي ، اشتياق يعقوب إلى يوسف .

و خير لي : مصرع أنا لاقيه ، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات ، بين النواويس و كربلاء ، فيملأن مني أكراشا جوفا ، و أجربة سغبا ، لا محيص عن يوم خط بالقلم .

رِضَى اللَّهِ : رِضَانَا أَهْلَ الْبَيْتِ .

نصبر على بلائه : و يوفينا أجور الصابرين ، لن تشذ عن رسول الله صلى الله عليه و آله لحمة .

هي مجموعة له : في حظيرة القدس ، تقر بهم عينه ، و ينجز لهم وعده ، من كان باذلا فينا مهجته ، و موطنا على لقاء الله نفسه ، فليرحل ، فإني راحل مصبحا، إن شاء الله .

الاحزان ص41 ، نزهة الناظر و تنبيه الخاطر ص86ح23 . و في كتاب الملهوف ص25 .

و عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ : { يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ- ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً- فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي } . يَعْنِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام .

تفسير القمي، ج2ص422 .

ذكر الصدوق بسنده : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

تحشر : ابنتي فاطمة يوم القيامة ، و معها ثياب مصبوغة بالدم ، فتعلق بقائمة من قوائم العرش .

فتقول : يا عدل احكم بيني و بين قاتل ولدي .

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

فَيَحْكُمُ اللَّهُ تَعَالَى : لِابْنَتِي وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ.

وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ :

يَغْضَبُ بِغَضَبِ فَاطِمَةَ .

وَ يَرْضَى لِرِضَاهَا .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص26ب31ح6 .

وقال في المناقب : وَ فِي خَبَرٍ :

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله : سَمَّاهُ الْمُرْتَضَى لِأَنَّ جَبْرَئِيلَ هَبَطَ إِلَيْهِ .

وَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ ارْتَضَى عَلِيّاً لِفَاطِمَةَ .

وَ ارْتَضَى فَاطِمَةَ لِعَلِيٍّ.

مناقب آل أبي طالب ج3ص110 .

ورحم الله مهيار الديلمي إذ قال :

يا ابنة المختار من كل

الأذى روحي فداك

يا ابنة المختار إن الله

بالفضل اجتباك

و ارتضى بعلك للخلق

جميعا و ارتضاك

و على الأمة جمعا

فضل الله أباك

مناقب آلأبي طالب ج3ص324.


معنى الرضا والسخط والغضب

الرضا والسخط والغضب :

يا طيب : جاءت الأحاديث كلها بإن الله سبحانه وتعالى يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضبها ، ولم ولا يوجد حديث واحد فيه أنه يسخط لسخطها ، مع أن الرضا وضده ويقابله السخط في كل كتب اللغة ، ولمعرفة هذا المعنى يجب أن نتدبر معنى الرضا والسخط والغضب .

وخلاصته : إن رضا الله لا شيء بعده ، و هو أكبر ثواب الله تعالى ، وإن لا شيء يعلو رضا الله ، ورضوان الله أكبر من أي ثواب و أجر يقال للمؤمن وعنده تنتهي غاية الطالبين والعابدين والزهاد والعارفين والإلهيين .

ومقابل رضى الله السخط : فلماذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله يغضب لغضبها ولم يقل يسخط لسخطها ، فهو لأن الغضب شدة السخط ، والسخط إذا أشد صار غضب ، فإن السخط ينزل حتى يحل فيكون غضب .

والسخط : في التتبع للآيات والروايات يظهر منه في التقصير في الواجبات وعدم القيام بحقها .

والغضب : هو العقاب والعذاب لارتكاب المعاصي والظلم والجور والطغيان ، وبهذا المعنى جاء في الأحاديث والآيات .

ولمعرفة هذا المعنى : لماذا قابل الرضا بالغضب وليس بالسخط ، أولا لأنه سبحانه أشتد غضبه على من ظلم فاطمة الزهراء عليها السلام ، وإنه ليس قصر بحقها وما يجب عليه من احترامها وتقديمها وتصديقها وأتباعها فقط ، بل لأنه ظلمها وجار عليها وطغى وأعتدى عليها ، فلذا باء بغض الله تعالى .


ملاحظة :

يا طيب : إن رضا الله وسخطه وغضبه فعله ، وليس مثل البشر ولا مثل أي كائن يناله التغيير والتأثير والانتقال من حال إلى حال ، وإنما رضا الله التوفيق لطاعته ومعرفة هداه الحق ودينه الصادق والعبودية المخلصة له ، ومن ثم السعادة والخير والأنس والراحة والاطمئنان والفوز بثوابه ونعيمه والجنة وكل ما أعد الله من البركات والخيرات والمسرات لعباده الصالحين .

وأما سخط الله تعالى : فهو عدم رضاه والحرمان من رحمته وفقد كل ما يوجب الرضا وهبط الثواب ويقارب حلول العذاب .

والغضب : هو اشتداد السخط وحلول العذاب والنزل في ساحة المغضوب عليه .

وفي كلها : حب الله ورضاه لعباده لا يكون تأثر بشيء له سبحانه ولا تغيير في علو شأنه ، وإنما نزل خيره وبركاته وتحقق العبد بها بما يناسب الحال والزمان ، وهكذا السخط والغضب لا تأثر له سبحانه والا تغيير وإنما منع فيضه وتوفيقه وحرمان العبد سواء في الدنيا أو الآخرة ، أو في التقدير والمراتب العالية ، أو في القضاء الحتمي وحصول العقاب على المغضوب عليه ممن ظلم العباد .

ويا طيب : لم أتوسع في كل شرح الأبوذيات في بيان معاني مفرداتها كما هنا لبيان المرادفات والأضداد للرضا والسخط والغضب ، ولكن لما تعمقت في معرفة العدول من السخط إلى الغضب في مقابل الرضا في أحاديث سيد المرسلين ، فيمن يغضب أهله ويعاديهم أو يخالفهم ، وبالتدبر بحال فاطمة الزهراء وآلها عليهم السلام وما جرى عليهم من الظلم والعدوان ، لا يسع المؤمن أن يمر مرورا عابرا عن بيان هذا المعنى ولا يتدبره بعمق ويتفهمه ببيان أوسع وبكل ما يحيط به بقدر الإمكان ، لأنه حقيقة ظلم عظيم يوجع القلب ويدمع العين ويحزن الفؤاد ويوجب الهم والغم على ما جرى على الدين وأهله ، ولبيان سعة الرحمة والثواب لمن أحب النبي وآله على الحقيقة والطاعة الصادقة علم وعمل وأن رضا الله له وهو الغاية العظمى في الوجود وتكوينه وحقيقته وغايته ، وشدة عقاب من ظلمهم على طول التأريخ ولكي يبتعد الإنسان عن خلاف أهل البيت وعدم الاقتداء بهم أو حتى التقصير في إداء حقهم وطاعتهم ،

واليكم : مرادفات و أضداد كلمة سخط كما في قاموس المعاني :


مرادفات الرضا وأضداده :

يا طيب : بينا معنى الرضا في أول الكلام ، ولحضرتكم من معجم المعاني :

مرادفات كلمة رِضًى كاسم :

إِجابَة , إِجَابَة , إِسْتَجَابَة , إِسْتِجَابَة , إِكْتَفاء , ارتياح , تَصْدِيق , تَلْبِيَة , قَبُول , قَضَاء , قَنَاعَة , قُبُول , قُنُوع , موافقة , مُوَافَقَة ، اِكْتِنَات ، خُضُوع , قُبُول ، قَنَاعَة .

أضداد كلمة رِضى كاسم :

الحَرَد , الغَضَب , الإكْراه , إِبْطالٌ , إِتِّقاءٌ , إِجْتِياح , إِلْغاءٌ , إِيْقَافٌ , تنافُرٌ , تَباعُدٌ , جَشَعٌ , حَذَرٌ , خَشْيَةٌ , خَوْفٌ , خُرُوجٌ عن , رَفْضٌ , شَراهَةٌ , طَمَعٌ , عِصيانٌ تَمَرُّدٌ , مُخالَفَةٌ , مُعارَضَةٌ , مُقاوَمَةٌ , نَهَمٌ .

أضداد كلمة رِضا و الرِّضى كاسم :

الغَضَب , السَّخَط , الغَيْظ , الحُنْق .


السخط ومرادفاته وأضداده:

معنى السخط :

سَخَط: اسم مصدر سَخِطَ ، وسَخِطَ: فعل سخِطَ ، سخِطَ على يَسخَط ، سَخَطًا وسُخْطًا ، فهو ساخِط ، والمفعول مَسْخوط المَكْروهُ ضِدُّ الرِّضى . ومنه إسخاط أَسْخَطَ تَسَخَّط سَخَط ساخِط مَسْخوط مَساخِطُ مُسخَط

سَخِطَ عَلَيْهِ : غَضِبَ عَلَيْهِ وَنَقِم ، سخِط فلانٌ فلانًا ، سخِط فلانٌ على فلان : كرهه ، غضب عليه ، لم يرضه ، والسُخط : هو اِسْتِيَاء ، تَذَمُّر .

والسخط : إذا عديته بنفسه فهو خلاف الرضا، يقال: رضيه وسخطه .

والسخط : وإذا عديته بعلى فهو بمعنى الغَضَب ، تقول : سخط الله عليه إذا أراد عقابه .

خرج : من الاجتماع ساخِطًا ، أثار تصرّفه سُخْط الجميع :

وعين الرِّضا عن كلِّ عيب كليلةٌ

كما أن عين السّخط تبدي المساويا

قال الله تعالى : { أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ }.

مرادفات كلمة سُخْط كاسم :

إِحْتِدام , إِمْتِعَاض , بَغْضَاء , بُغْض , حَفِيظَة , حَنَق , حِقْد , شَحْنَاء , ضَغينَة , ضَغِينَة , ضَغْن , عَدَاوَة , عِدَاء , غَضَب , غَيْظ , كَراهِيَة , كَمَد , كَيْد , كُرْه , مَوْجِدَة ، غَضَب ، نَقْمَة

مرادفات كلمة سَخِط كفعل :

أَزْبَدَ , إِحْتَدَمَ غَيْظا , إِحْتَدَّ , إِسْتَشَاطَ , إِسْتَشَاطَ غَضَبا , إِضْطَغَنَ , إِغْتَاظَ , إِكْفَهّرَّ , إِمْتَعَضَ , إِنْفَعَلَ , تَغَضَبَ , تَغَضَّبَ , تَلَظَّى , تَوَغَّرَ صَدْرَهُ , حَرِدَ , حَقَدَ على , حَنِقَ , رَغَا , ضَغِنَ , غَضِبَ , نَقِمَ , هَاجَ , وَجَدَ , وَرِم ، غَضِبَ ، نَقَمَ .

أضداد كلمة سَخَط كاسم :

الرِّضى , الرِّضى , إِطْمِئْنانٌ , ارتياحٌ , انشراحٌ , حُبٌّ , حِلْمٌ , رِضًى , رِضَى , سكينةٌ , سكينَةٌ , سَكِينَةٌ , سُكُونٌ , عِشْقٌ , غَرامٌ , قُبول , قُبولٌ , مَحَبَّةٌ , هُدُوءٌ , هُمُودٌ , ودادٌ , وُدٌّ .

أضداد كلمة سَخَطَ عَلَيْهِ كفعل :

رَضِيَ عَلَيْهِ ,أضداد كلمة سَخِط كفعل :

أَبْشَرَ ، أَحَبَّ ، إِرْتاحَ ، إِطْمَأنَّ ، إِنْشَرَحَ ، إِنْفَرَجَ ، ارتاحَ ، ارْتاحَ ، اطمأنَّ ، اطْمَأَنَّ ، حَلُمَ ، خَمَدَ ، رضيَ ، رَضِيَ ، رَكَدَ ، سَكَنَ ، سُرَّ ، طَرِبَ ، فَرِحَ ، قَرَّ عَيْنًا ، هَدَأَ ، هَمَدَ ، هَنِئَ ، وَدَّ .


الغضب ومرادفاته وأضداده:

معنى الغضب :

الغَضَب : اسم مصدر غَضِبَ غَضَبٌ . الجمع : غِضَاب ، صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من غضِبَ .

وهو : غَضِبٌ وغَضوبٌ وغُضُبٌّ وغُضُبَّةٌ وغَضُبَّةُ وغَضَبَّةٌ وغَضْبانُ ، وهي غَضْبَى وغَضُوبٌ ، وغَضْبانَةٌ قَليلَةٌ ، ومنه : إغضاب أَغْضَبَ تَغَضُّب غَضَابَى غَضَب غَضْبَى غَضبان غَضبة غَضوب غُضابيّ غِضَاب غاضَبَ غضبانة مَغضوب مُتغضَّب مُغاضَب مُغاضَبة مُغضَب .

رَأَيْتُ الغَضَبَ بَادِياً عَلَى وَجْهِهِ : ظُهُورُ عَلاَمَاتِ الانْفِعَالِ وَالتَّشَنُّجِ عِنْدَ الْمَيْلِ إِلَى الاعْتِدَاءِ .

الغَضَبُ : استجابة لانفعال ، تتميز بالميل إِلى الاعتداءِ .

والغضب : هو إرادة انتقام ، ومصدرها شعور المرء بضررٍ أو احتقار أو إهانة ألحقها به غيره ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ .حُميَّا الغضب : شدّتهُ . غضِب على سخِط عليه وأحبَّ الانتقام منه ما لي غضِبتُ ، فضاع أمري من يدي والأمر يخرج من يد الغضبانِ .

غَضِب: اسم ، رَجُلٌ غَضِبٌ سَرِيعُ الغَضَبِ . اشتعل غضبًا : هاج ،غاضب جدًّا : مكفهرّ.

غَضِبَ: فعل ، غَضِبَ ، يَغْضَبُ ، غضِبَ على ، غضِبَ لـ ، غضِبَ من ، يَغضَب ، غَضَبًا ، فهو غاضِب وهو غَضِبٌ ، وهي غَضِبَةٌ ؛ وهو غضبانُ ، وهي غَضبَى وهو غضبانٌ ، وهي غضبانةٌ بالتنوين والجمع : للمذكر : غِضاب ، وللمؤنث : غَضَابى والمفعول مغضوب عليه .

غَضِبَ عَلَيْهِ : حَنِقَ عَلَيْهِ ، ثَارَ ، هَاجَ ، سَخِطَ . صبَّ عليه جامَ غضبه : غضب عليه غضبًا شديدًا واستفزّه ، أو انتقم منه.

وغَضِبَ له: غَضِبَ على غيره من أَجله.

سريع الغضَب : سريع التأثّر بالإهانات والإساءة .

سكن عنه الغضبُ : سكن وهدأ رَوْعُه ,

والمغضوب عليهم : الذين سخِط الله عليهم ، كاليهود والمشركين وغيرهم ممن تسموا بالإسلام وأذوا رسول الله وآله والمؤمنين .

نظرة : غاضبة .

غضِب للضَّعيف: الذي لم يستطع الدِّفاع عن نفسه .

غضِب من : اغتاظ منه ، انفعل عليه انفعالاً شديدًا وأراد الانتقام منه الغضب مفتاح كلِّ شرّ . ، و غَضِبَ عليه غَضِبَ َ غَضَبًا : سخِط عليه وأَراد الانتقامَ منه .

وغَضِبَ له : غَضِبَ على غيره من أَجله ، غَضِبَ عَلَيْهِ غَضَباً شَدِيداً : حَنِقَ عَلَيْهِ ، ثَارَ ، هَاجَ ، سَخِطَ . :-غَضِبَ مِنْهَا وَغَضِبَتْ مِنْهُ قَبْلَ الغَضْبَةِ الأَخِيرَةِ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً .

ويا طيب : الغضب هو إرادة انتقام مصدرها شعور المرء بضررٍ أو احتقار أو إهانة ألحقها به غيره . وهو سخط شديد ، يولد الانفعال للميل للاعتداء وبتغيّرات تبدو على الوجه

و الْغَضَبُ : من غير الله تعالى في المخلوقين : هو عبارة عن غليان دم القلب لإرادة الانتقام، و هو من الأخلاق المذمومة في غير الحق .

وَ فِي الْخَبَرِ : الْغَضَبُ شُعْلَةً مِنْ نَارٍ تُلْقِي صَاحِبَهَا فِي النَّارِ .

فالغضب : شيءٌ يُداخِل قُلُوبَهم .

والغضب : محمود ومذموم .

فالمذموم : ما كان في غير الحق .

والمحمود: ما كان في جانب الدين والحق.

وأَما غَضَبُ اللّه : فهو إِنكاره على من عصاه ، فيعاقبه .

والغضب : من الله سبحانه لعنٌ وطردٌ أو سُخط شديد يحل العقاب بالمغضوب عليه ، وقد تكرر الغضب في الحديث مِن اللّه ومِن الناس ، وهو مِن اللّه سُخْطُه على مَن عَصاه ، وإِعْراضُه عنه ، ومعاقبته له .

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله :

اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ وَ غَضَبُ رَسُولِهِ عَلَى مَنْ أَهْرَقَ دَمَ ذُرِّيَّتِي ، أَوْ آذَانِي فِي عِتْرَتِي.

صحيفة الإمام الرضا عليه السلام ص62ح 98 . تفسير العياشي ج2ص86ح43 .

وَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ الباقر عليه السلام وَ قَدْ قَالَ لَهُ : قَوْلُهُ تَعَالَى { وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى } مَا ذَلِكَ الْغَضَبُ ؟

فَقَالَ: هُوَ الْعِقَابُ يَا عَمْرُو، إِنَّهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَالَ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ فَقَدْ وَصَفَهُ صِفَةَ الْمَخْلُوقِينَ.

و قوله: { مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ } قيل الْغَضَبُ أشد من اللعنة فخص باليهود لأنهم أشد عداوة لأهل الحق ، وبمن آذا رسول الله وآله فهم أشد عداوة من اليهود لأنهم قتلوا الحق ومنعوه أن يعرف .

وعرفت : أن الله يرضا لرضا رسوله وآله ، وبالخصوص الأحاديث المتواتر في رضاه لرضا فاطمة وغضبه لغضبها ، وهو بكل معانيه يتحقق بأعداء آل محمد بما يناسب علو شأن الله تعالى وجلاله وشأن رسول الله وآله ، فيوجب أشد العذاب والعقاب والنار لمن يغضب عليه الله ورسوله وآله المعصومين .

مرادفات كلمة غضب :

والغَضَب كاسم :

حِقْد , سُخْط , غَيْظ , كَمَد , كَيْد , مَوْجِدَة , وَغْر ، اِحْتِداد ، اِشْتِداد , أَحِيح , اِقْطِرَار , أَوَب , بَرْح , بَرْطَمَة ، إِغْضَاب , تَمَقُّطَ ، اِغْتِيَاظ , حَدَّة ، نَشَاط ، قُوّة , حَنْق ، غَيْظ , زُكَّة ، حُزْن , سُخْط ، نَقْمَة ، إِحْتِدام , هِيَاج , إِضْطِراب , إِمْتِعَاض , إِنْفِعَال , إِهْتِيَاج , بَغْضَاء , حَفِيظَة , حَنَق ، وأنتقام .

مرادفات كلمة غَضِب كاسم : حَرْدان , حَنِق , غاضِب , غَضْبان

مرادفات كلمة غَضَب كفعل :

إِمْتِعَاض , حَنَقَ , ذَمَّ , سُخْط .

مرادفات كلمة غَضِب كفعل:

أَحِنَ , أَزْبَدَ , إِحْتَدَمَ غَيْظا , إِحْتَدَّ , إِسْتَشَاطَ , إِغْتَاظَ , إِكْفَهَرَّ , إِكْفَهّرَّ , إِمْتَعَضَ , إِنْفَعَلَ , تَجَهَّمَ , تَسَخَّطَ , تَغَضَبَ , تَغَضَّبَ , تَغَيَّظَ , تَلَظَّى , تَوَغَّرَ صَدْرَهُ , ثَارَ , حَرِدَ , حَفِظَ , حَقَدَ , حَنِقَ , رَغَا , سَخِطَ , ضَبَّ , ضَغِنَ , عَبَسَ , غَضِبَ , قَبَّطَ , قَطَّبَ , مَاجَ , نَقِمَ , نَكَسَ , هَاجَ , هَجَا , وَجَدَ , وَرِم ، اِحْتَدَّ , اِغْتَاظَ , اِقْطَرَّ , اِلْتَحَطَ، تَهَدَّدَ , تَهَدُّك ، تَهَدُّد , تَوَغَّمَ , حَرِدَ ، اِسْتَاءَ , حَنِقَ ، اِغْتَاظَ , زَمِكَ , زَمَكَ , سَخِطَ ، نَقَمَ .

وأما :

أضداد كلمة غَضَب كاسم :

الرَّضى , إِطْمِئْنانٌ , ارتياحٌ , انشراحٌ , تَهَلُّلٌ , حُبٌّ , حِلْمٌ , رَضًى , رِضَى , سكينةٌ , سكينَةٌ , سَكِينَةٌ , سُكُونٌ , طَرَبٌ , قُبول , قُبولٌ , مصافاةٌ , مَحَبَّةٌ , هُدوءٌ , هُدُوءٌ , هُمُودٌ , وُدٌّ

أضداد كلمة غَضِب كاسم :

الرّاضي , راضٍ , ساكِنٌ , مُنْشَرِحٌ , هادِئٌ.

أضداد كلمة غَضَب فعل :

إِمْتَدَحَ ، رِضًى .

أضداد كلمة غَضِب كفعل :

أَبْشَرَ ، أَحَبَّ ، إِبْتَسَمَ ، إِرْتاحَ ، إِرْتَاحَ ، إِطْمَأنَّ ، إِفْتَرَّ ، إِنْتَبَهَ ، إِنْشَرَحَ ، إِنْفَرَجَ ، ارتاحَ ، ارْتاحَ ، اطمأنَّ ، اطْمَأَنَّ ، بَشَّ ، تَبَسَّمَ ، تَهَلّلَ ، تَهَلَّلَ ، حَلُمَ ، خالَطَ ، خالَلَ ، خَمَدَ ، رضيَ ، رَضِيَ ، رَكَدَ ، سَعِدَ ، سَكَنَ ، سُرَّ ، طَرِبَ ، عَشِقَ ، عَلِقَ ، فرِحَ ، فَرِحَ ، قَرَّ عَيْنًا ، هَامَ ، هَدَأَ ، هَمَدَ ، هَنِئَ ، وَدَّ ، رَضِيَ ، طَابَ نَفْساً ، قَرَّ عَيْناً . وكلمة غَضِبَ عَلَيْهِ رَضْيَ عَنْهُ .

الغَضَب : لأنَّه اشتدادُ السُّخط يدلُّ على شدَّة و قُوّة.

الغَضَبُ: و هو تحرّك في النفس الى حدّة و شدّة في قبال شيء آخر، و يقابله الحلم، و هو التعقّل و السكون.

و في الغَضَبِ: خروج النفس عن الاعتدال في التعقّل و السكون، و حركته الى جانب الحدّة و الشدّة و الاشتعال.

قَالَ الإمام الْبَاقِرُ عليه السلام : الْغَضَبُ جَمْرَةٌ مِنَ الشَّيْطَانَ تُوقَدُ فِي جَوْفِ ابْنِ آدَمَ، وَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا غَضِبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَ انْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ وَ دَخَلَ الشَّيْطَانُ فِيهِ.

هذا إذا كان الغضب في الباطل.

و أمّا إذا كان على الحقّ و للحقّ و في اللَّه : فالغضب فيه ممدوح و حقّ ما دام لم يجرّ باطلا.

وذكر في التحقيق في كلمات القرآن الكريم : و لا يخفى أنّ الخلاف و العصيان على نوعين:

الأوّل : ما يوجب توقف الإنسان على السلوك الى الكمال و السعادة، كما في المعاصي الشخصيّة و ترك الفرائض.

و الثاني: ما يوجب إخلالا في النظم الإلهي و التقدير الربوبي، و نقضا للتقديرات و الحقائق و الأحكام التكوينيّة و التشريعيّة، كما في الكفر و الظلم و الإفساد في الأرض و القتل و المقابلة لأنبيائه و أحكامه.

و هذا النوع الثاني : يوجب هيجان الغضب من اللَّه عزّ و جلّ كما في الآيات الكريمة .

( فلذا قابل الرضا بالغضب في أحاديث إن الله يرضا لرضا فاطمة ويغضب لغضبها }

ثمّ إنّ الغَضَبَ في الخروج عن الاعتدال: يوجب تعدّيا و جرحا و شتما و ضربا و قتلا. كذلك في الحقّ و على الحقّ ، يوجب آثارا مقتضية.

و أمّا آثار غَضَبِ اللَّه عزّ و جلّ: هو البعد عن الرحمة و اللعن ، و إعداد جهنّم ، و العذاب المهين، و السقوط و الهوىّ، و التضييق- و لعنه، وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ، ... عَذابٌ شَدِيدٌ*، ... فَقَدْ هَوى.

و ممّا يتعقّب الغَضَبُ الإضلال:

{ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ } .

فانّ الضلال : كما سبق في قبال الاهتداء. { اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ} ـ

و الهداية : من اللَّه تعالى عبارة عن بسط الرحمة و الفيض و اللطف في تكوين ثمّ بعده في جريان الحياة، و يقابله الضلال و الإضلال، و هو على خلاف الفطرة و التكوين، و انّما يحدث بعوارض حادثة، بعنوان لعن و عذاب و بلاء . رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى:

. وَ ما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ.

فالانعام و الرحمة : في سبيل الهداية .

كما أنّ : الضلال في أثر الغضب، فإذا تحقّق الغضب و المغضوبيّة: يتعقّبه الضلال و البعد عن الرحمة.

سبقت رحمته غضبه.

يا طيب : تدبر في كل معاني كلمات الغضب تراها منطبقة بما يناسب عظمة الله وجلاله ورسوله وشأنه الكريم متحقق في حق من آذى رسول الله في عترته وآله ، وإنه حتما ترك الهدى الحق وتعاليمه مهما كان وإليكم :


الرضا والغضب شرعا :

يا طيب : بعد أن عرفنا الرضا والسخط والغضب لغة ، نذكر أحاديث في مطلق معنى الرضا والغضب ليتضح لنا معنى رضا الله وغضبه ، وما يجب على العباد من الرضا والغضب ، وكيف الحصول على رضا الله وتجنب غضبه ، ثم بعض معاني غضب الله ورسوله ، وبمختصر من البيان ، فتدبر :

قد عرفنا : أنه في اللغة الرضا يقابله السخط ، والرضا يولد الحب والسخط يولد الكراهية ، ولكن الغضب يولد الانتقام لأن الغضب هو شدة السخط وقوته ، ويتضح بالتدبر في معانيها أعلاه .

وإن رضا الله وغضب الله تعالى : كما عرفت ليس تأثر ولا تغير في علو شأنه ، وإنما نزول ثوابه وعقابه .

فعن المشرقي حمزة بن الربيع عمن ذكره قال : كنت في مجلس أبي جعفر الصادق عليه السلام : إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له : جعلت فداك قول الله عز و جل : { وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (80) } النساء . مَا ذَلِكَ الْغَضَبُ ؟

فقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : هُوَ الْعِقَابُ يا عمرو .

إنه : من زعم أن الله عز و جل قد زال من شيء إلى شيء ، فقد وصفه صفة مخلوق ، فإن الله عز و جل لا يتنفره شيء و لا يعزه شيء.

معاني الأخبار ص18ح1 .

وعن الإمام الصادق عليه السلام : قول الله عز وجل { فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ } .

قال : إن الله تبارك و تعالى لا يأسف كأسفنا .

وَ لَكِنَّهُ : خَلَقَ أَوْلِيَاءَ لِنَفْسِهِ يَأْسَفُونَ وَ يَرْضَوْنَ ، وَ هُمْ مَخْلُوقُونَ مُدَبَّرُونَ .

فَجَعَلَ رِضَاهُمْ : لِنَفْسِهِ رِضًى ، وَ سَخَطَهُمْ لِنَفْسِهِ سَخَطاً .

و ذلك : لأنه جعلهم الدعاة إليه و الأدلاء عليه ، و لذلك صاروا كذلك .

و ليس أن ذلك : يصل إلى الله عز و جل ، كما يصل إلى خلقه ، و لكن هذا معنى ما قال من ذلك .

و قد قال أيضا : مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً ، فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَ دَعَانِي إِلَيْهَا .

و قال أيضا : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ .

و قال أيضا : إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ .

و كل هذا و شبهه : على ما ذكرت لك .

وَ هَكَذَا الرِّضَا وَ الْغَضَبُ : و غيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك ، و لو كان يصل إلى المكون الأسف و الضجر و هو الذي أحدثهما و أنشأهما ، لجاز لقائل أن يقول إن المكون يبيد يوما ما ، لأنه إذا دخله الضجر و الغضب دخله التغيير ، و إذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة ، و لو كان ذلك كذلك لم يعرف الخالق من المخلوق .

و تعالى الله : عن هذا القول علوا كبيرا ، هو الخالق للأشياء لا لحاجة ، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد و الكيف فيه ، فافهم ذلك إن شاء الله.

و سئل الإمام الصادق عليه السلام: هَلْ لِلَّهِ تَعَالَى رِضًى وَ سَخَطٌ ؟

فقال : نعم و ليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين .

وَ لَكِنْ غَضَبُ اللَّهِ : عِقَابُهُ .

وَ رِضَاهُ : ثَوَابُهُ.

روضة الواعظين ج1ص35 .

وذكروا : لكن يجب ان يعلم انّ الرحمة ذاتية ، و الغضب عرضي، فلولا الكفر و المعصية لم يكن غضب و لم يخلق جحيم كما دل عليه قوله: { وَ لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي } .

وثبت بالبرهان : انّه لا توجد له حالة حادثة، فرضاه و سخطه الحادثان ليسا الّا ثوابه و عقابه كما علمت، من غير تغير في ذاته و لا في صفاته الحقيقة، لانّ ذلك من صفة المخلوقين ذوي النفوس الناقصة المحتاجة في استكمالها إلى الابدان الكائنة المستحيلة المنقلبة في الاحوال.

وجاء في جنود العقل والجهل :

وَ الرِّضَا وَ ضِدَّهُ السُّخْطَ.

وَ الرَّحْمَةُ وَ ضِدَّهَا الْغَضَبَ.

وقال الإمام زين العابدين عليه السلام :

(17) أَعُوذُ بِكَ اللَّهُمَّ الْيَوْمَ مِنْ غَضَبِكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ أَعِذْنِي.

والاستعاذة : هو الأعتصام بالله من الشرور والمكروه والشيطان .

(18) وَ أَسْتَجِيرُ بِكَ الْيَوْمَ مِنْ سَخَطِكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَجِرْنِي .

والاستجارة : اللجوء إلى الله لطلب العون والمساعدة ليؤمننا ويحفظنا من السخط .

الصحيفة السجادية ص240د48 .

(13) اللَّهُمَّ لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلَّا حِلْمُكَ.

وَ لَا يَرُدُّ سَخَطَكَ إِلَّا عَفْوُكَ .

الصحيفة السجادية ص238د48 ف12 .

وأما رضا العبد وغضبه :

عن فاطمة بنت الحسين بن علي قال : قال رسول الله :

ثلاث خصال : من كن فيه استكمل خصال الإيمان .

إِذَا رَضِيَ : لَمْ يُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِي بَاطِلٍ .

وَإِذَا غَضِبَ : لَمْ يُخْرِجْهُ الْغَضَبُ مِنَ الْحَقِّ.

وَ إِذَا قَدَرَ : لَمْ يَتَعَاطَ مَا لَيْسَ لَهُ.

الكافي ج2ص239ح29 .

وفي مناجاة أمير المؤمنين :

إلهي : لا تغضب علىّ، فلست أقوى على غضبك .

و لا تسخط علىّ : فلست أقوم لسخطك.

و روي :

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ .

وَ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ .

وَ أَعُوذُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ نَقِمَتِكَ

وَ أَعُوذُ بِمَغْفِرَتِكَ مِنْ عَذَابِكَ

وَ أَعُوذُ بِرَأْفَتِكَ مِنْ غَضَبِكَ

وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ

مصباح المتهجد ج1ص46 .

ويا طيب : جاءت أحاديث كثير في معنى الرضا والسخط والغضب ، وإن رضا الله هي الغاية ولا تحصل إلا بطاعته وطاعته لا تكون إلا بإطاعة من أختارهم واصطفاهم وأنعم عليهم بالولاية والخلافة والإمامة والهداية بصراط مستقيم لعبوديته ، وإن الله تعالى يرضا بطاعتهم وحبهم ، ويغضب بمن عصاهم وخالفهم فضلا عمن قاتلهم وأعان عليهم .

ويا طيب : طاعة الله توجب رضاه في كل ما أحب وأوجب ، وبتجنب كل ما كره وحرم ، وهي بالعلم والعمل بالهدى الحق ، وسخطه وغضبه بمخالفة تعاليمه سبحانه .


أحاديث في غضب الله ورسوله :

قال الإمام علي عليه السلام : إن رسول الله دخل على ابنته فَاطِمَةَ ، و إذا في عنقها قلادة ، فأعرض عنها ,

فقطعتها : و رمت بها .

فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله :

أَنْتِ : مِنِّي يَا فَاطِمَةُ .

ثم جاء سائل : فناولته القلادة .

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

اشْتَدَّ : غَضَبُ اللَّهِ وَ غَضَبِي ، عَلَى مَنْ أَهْرَقَ دَمِي وَ آذَانِي فِي عِتْرَتِي.

الأمالي للصدوق ص466م71ح7

قال الإمام الحسين عليه السلام : يوم كربلاء في خطبته لأعدائه حين تقدموا لقتله : بعدما خطب بعض أصحابه .

ثُمَّ وَثَبَ الْحُسَيْنُ عليه السلام : مُتَوَكِّئاً عَلَى سَيْفِهِ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ .

فَقَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْرِفُونِّي ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، أَنْتَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ وَ سِبْطُهُ .

قَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ .

قَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أُمِّي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ .

قَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ .

قَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدَّتِي خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أَوَّلُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِسْلَاماً ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ .

قَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةَ عَمُّ أَبِي ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ .

قَالَ : فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ : هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَعْفَرَ الطَّيَّارِ فِي الْجَنَّةِ عَمِّي ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ

قَالَ " فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَنَا مُتَقَلِّدُهُ ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ .

قَالَ : فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ عِمَامَةُ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا لَابِسُهَا ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ .

قَالَ : فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عَلِيّاً كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلَاماً وَ أَعْلَمَهُمْ عِلْماً وَ أَعْظَمَهُمْ حِلْماً وَ أَنَّهُ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ .

قَالَ : فَبِمَ تَسْتَحِلُّونَ دَمِي ، وَ أَبِي الذَّائِدُ عَنِ الْحَوْضِ غَداً ، يَذُودُ عَنْهُ رِجَالًا كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الصَّادِرُ عَنِ الْمَاءِ ، وَ لِوَاءُ الْحَمْدِ فِي يَدِ جَدِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

قَالُوا : قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ / وَ نَحْنُ غَيْرُ تَارِكِيكَ حَتَّى تَذُوقَ الْمَوْتَ عَطَشاً .

فَأَخَذَ الْحُسَيْنُ عليه السلام : بِطَرَفِ لِحْيَتِهِ ، وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً .

ثُمَّ قَالَ عليه السلام :

اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ : عَلَى الْيَهُودِ ، حِينَ قَالُوا عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ .

وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ : عَلَى النَّصَارَى ، حِينَ قَالُوا : الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ .

وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ : عَلَى الْمَجُوسِ حِينَ عَبَدُوا النَّارَ مِنْ دُونِ اللَّهِ .

وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ : عَلَى قَوْمٍ قَتَلُوا نَبِيَّهُمْ .

وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ :

عَلَى هَذِهِ الْعِصَابَةِ ،

الَّذِينَ يُرِيدُونَ قَتْلَ ابْنِ نَبِيِّهِمْ .

قَالَ : فَضَرَبَ الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ فَرَسَهُ وَ جَازَ عَسْكَرَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ وَاضِعاً يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ :

اللَّهُمَّ : إِلَيْكَ أُنِيبُ فَتُبْ عَلَيَّ ,

فَقَدْ أَرْعَبْتُ : قُلُوبَ أَوْلِيَائِكَ وَ أَوْلَادَ نَبِيِّكَ .

يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ : هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟

قَالَ الحسين عليه السلام :

نَعَمْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْكَ .....

الأمالي للصدوق ص159م30ح1 .

يا طيب : والله سبحانه وتعالى أمر بمودة القربى وحبهم بشدة لأنه كلما أقترف حسنة من ودهم وأخلص في طاعتهم زاده الله حسنا ، ثم علل الآية سبحانه بأنه يغفر له ويشكره لحبه لهم والاقتداء بهم بقوله غفور شكور ، في قوله :

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا

الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى

وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا

إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى .

وبالإضافة : لضرورة حبهم بمودة أي طاعتهم والتعلم منهم والاقتداء بهم ، ويجب على المؤمن الصالح ، أن يصلي عليهم كما يصلي على رسول الله ، ليصلي الله عليه كما في قوله :

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ

لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (57) } الأحزاب .

وهم قتلوا : وتسببوا بقتل فاطمة عليها السلام وآذوها وقتل علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام ، وهم سادة المؤمنين واصل الدين والمأمور بودهم والصلاة عليهم والمنعم عليهم بهدى الله ، وقد قال :

{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا

فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا

وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ

وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) } النساء.

وبني إسرائيل : طلبوا استبدا طعام مقدر لهم بأدون منه ، وقتلوا الأنبياء فباؤوا بغضب الله :

{ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ

وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (61)} البقرة.

وأهل البيت :عليهم السلام خير من غيرهم ، وهم سادة المؤمنين وحجج الله بعد رسوله وأئمة الخلق وخلفائه بالحق ، وهم طعام الحياة والصراط المستقيم والهدى وما يوصل لعبودية الله وبهم رضا الله يتحقق ، واستبدلوهم بزينة الدنيا وأفراد ليس لهم تقى لظلمهم أهل البيت وأذيتهم لهم فأطاعوهم حتى قتلوهم، يوجب غضب الله تعالى وسخطه .

فلم يبقى شيء : من عذاب الله يصيب من آذى أهل البيت إلا يذكر لهم وأشده غضب الله عليهم ، ومن غضب الله عليه طرده من رحمته وصب عليه عذاب شديد أليم خالدا فيه ، وإن من أحب قوما حشر معهم ، ومن أحب عمل قوم شاركهم ، فمن حب فاطمة وآلها فله الرضا والرضوان من الله ، وهو أكبر وأعظم وأعلى ما يصبوا إليه المؤمن حقا وغاية الوجود وأصل الخلقة ، ولا يتحقق إلا بولاية فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها ، وهذه الراضية المرضية وآلها صلى الله عليهم وسلم ، فتحقق بولائهم وطاعتهم ومعرفتهم .

وخلاصة الكلام : في سورة الفاتحة بعد تمجيد الله والاعتراف له بالعبودة والطاعة والحاجة للهداية للصراط المستقيم ، عرفنا أنه عند المنعم عليهم هداه وصراطه ، وخلاف المنعم عليهم في غضب الله لأنهم ضالين عن الحق ولا يتبعون ما ينجيهم ، ولا هدى حق وصراطه إلا عند محمد وآل لأنا مأمورون بودهم وطاعتهم والصلاة والسلام عليهم ، وغيرهم ممن عاندهم مغضوب عليهم ويكونوا ضالين حتما .

ونختم بهذا الدعاء :

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ وَ أَصْلَحْتَ عَلَيْهِ أَمْرَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ .

مِنْ أَنْ : يَحِلَّ عَلَيَّ غَضَبَكَ أَوْ يَنْزِلَ عَلَيَّ سَخَطَكَ ، أَوْ أَتَّبِعَ هَوَايَ بِغَيْرِ هُدًى مِنْكَ .

أَوْ أُوَالِي : لَكَ عَدُوّاً أَوْ أُعَادِي لَكَ وَلِيّاً .

أَوْ أُحِبَّ : لَكَ مُبْغِضاً أَوْ أُبْغِضَ لَكَ مُحِبّاً.

أَوْ أَقُولَ : لِحَقٍّ هَذَا بَاطِلٌ أَوْ أَقُولَ لِبَاطِلٍ هَذَا حَقٌّ .

أَوْ لِلَّذِينَ : كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا .

اللَّهُمَّ : إِنِّي ضَعِيفٌ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ قَوِّ فِي رِضَاكَ ضَعْفِي ، وَ خُذْ إِلَى الْخَيْرِ بِنَاصِيَتِي ، وَ اجْعَلِ الْإِيمَانَ مُنْتَهَى رِضَاكَ .

مصباح المتهجد ج1ص149 . ما ينبغي أن يفعله من غفل عن صلاة الليل .








شرح أبوذية كوثر

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

أفضل نعم الله فاطمة كوثر

أعطاها الله للنبي ونهر كوثر

فكيف تجرؤوا والحسين كوثر

من يوم الدار وخميس الرزية

أو :

نعم الله لا تحصى بعدد و أفضلها نعمة الهدى و أحسنها كوثر

أعطاه الله للنبي نهر في الجنة و بركة الإمامة لآله من كوثر

فاطمة خير أسباط وأوصياء وسادة للعباد فكيف الحسين كوثِر

بكربلاء أهو من هجوم الدار أم بالسقيفة أو من خميس الرزية


شرح الأبوذية :


نعم الله لا تحصى بعدد و أفضلها نعمة الهدى و أحسنها كوثر


معنى كوثر الخير الكثير :

كوثر : الخير الكثير والكثير المتراكم من كل شيء ، و يسمى الفرد السخي كوثرا ، ولا أسخى من الله لحبيبه وسيد رسله وخاتم أنبياءه فخيره له أعلى وأجل وأشرف ما نزل في الوجود ، وللنبي اعطي الكوثر في الدنيا والآخرة كما في سورة الكوثر رقمها 108 وآياتها 3 .

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ :

إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1)

فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (2) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}.

وهي تسلية للنبي : وبشارة وتخفيف عما يتعرض له من الكلمات الجارحة من الكفار والمشركين وممن يتربص به الدوائر ، والكوثر جعله في سورة خاصة وهي أقصر سورة في القرآن الكريم ، وفيها جوامع الكلم وتحكي عن معجزات ، فعرفت أن من عيره بانقطاع النسل هو الأبتر ، وإن النبي له كل الخير ومن كل شيء نافع يحفظه في نسله وأصله وشرفه وهداه ودينه وتعاليمه ، وله وفيه ومن كل خير وارده وصادره ، ومن لم يحفظه في دينه وآله في الثقلين كتاب الله وعترته فهو أبتر ولا خير فيها وإلى بوار وفناء وعذاب في نار الله الأبدية .

وكذا في الآخرة نهر الكوثر : وعليه قصوره وقصور محبيه وفي أعلى منازل الجنة وهو أشدّ بياضا من اللبن، و أشدّ استقامة من القدح، حافتاه قباب الدر و الياقوت ، ومن يستقي الحوض ومن يشرب منه لا يظمأ أبدا .


 


أعطاه الله للنبي نهر في الجنة و بركة الإمامة لآله من كوثر


كوثر اسم لقب لفاطمة :

والكوثر : في الدنيا فاطمة الزهراء عليها السلام ، وما وهبها الله تعالى من بركة الإمامة في ذريتها وخير الولاية لأمره ، ومنه خير شرف لأبنائها وكثرتهم وفيهم الوصاية لرسول الله وخلافتهم له وحفظ شأنه ودينه وهداه ، وهم الطيبون الطاهرون الواجب مودتهم كما في آيات المودة والصلاة والسلام عليهم والتسليم لهم ، وما جاء في شأنهم من مودة القربى تفصيل لمعنى الكوثر الذي أعطاه الله مع بيانه سبحانه بصورة عزيزة ومنة كريمة وعطاء شريف وهدية رائعة وتحفة أصيله تحفظه وتكرمه وتشرفه وتعلي مجدة وتبين عزته عند الله وفضله وعلو شأنه كما يحكيه لحن السورة الكريمة وخطابه بأنا العظمة .

كوثر : اسم لقب لفاطمة الزهراء بضعة النبي لأنه حين عير بالأبتر بمعنى منقطع النسل ولا خير في من يموت وليس له وارث يرث جاهه وشأنه الكريم فينقطع بموته ، ولكن الله أجابهم بأنه أعطاه الكوثر ، وبها أسكت القوم بأن شانئه ومعيره ومبغضه هو المنقطع النسل ، وسيد الرسل له الكوثر الخير والشأن الكريم مستمر له في ذريته من فاطمه ، وهو مع تكثيرهم يرثون شأنه وجاهه ومنصب الخلافة والولاية لأمر الله وهم المنعم عليهم بالهدى للصرط مستقيم لعبوديته تعالى وهم المطهرون الواجب الصلاة والسلام والتسليم لهم ، ومن تركهم وبغضهم ليس له نصيب بمعارفهم وهدى الله .


 


فاطمة خير أسباط وأوصياء وسادة للعباد فكيف الحسين كوثِر

بكربلاء أهو من هجوم الدار أم بالسقيفة أو من خميس الرزية


كُوثر : تكاثروا عليه لظلمه :

كوثر : كُوثِر : بضم الكاف وكسر الثاء تكاثروا عليه ، قال حميد بن مسلم:

فوالله ما رأيت مكثوراً قط ، قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جناناً منه، أَن كانت الرجّالة لتشدّ عليه فيشدَّ عليها بسيفه فتنكشف عن شماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب .

المكثور : من كوثِر وتكثرت وتجمعت عليه الدواهي والمصائب والبلاء وما يوجب الوهن والحزن والعجز ، ولكن أبا عبد الله عليه السلام مع ما أصيب في آله الكرام وأبناءه وأخوته وصحابه الكرام من القتل والتقطيع وما به من الجراح ، كان رابط الجأش عالي الهمة ثابت السيرة ومستبشر بفضل الله تعالى وما له من الدرجة والمقام الذي سيناله بالشهادة ويصلح أمر الدين والدنيا لجميع المؤمنين ومن يطلب الحق من المنصفين على طول التأريخ ومر الزمان وفي جميع البقاع .

كما أن : يوم الهجوم على الدار وحرق الباب وكسر ضلع الزهراء وسقوط المحسن وإجبار الإمام علي على بيعتهم ، والسقيفة قبلها اجتماع القوم و التآمر على غصب الخلافة وتنصب الأول ، ورزية يوم الخميس يوم منع رسول الله من كتابة كتاب يبين به حق آله وما يجب عليهم من إطاعة أمير المؤمنين وأنه الوصي والخليفة له بعده ، فقالوا رسول الله يهجر وحسبنا كتاب الله ، فأخرجهم النبي .


أحاديث في معنى الكوثر :

عن عبد الله بن العباس قال : لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله { إنا أعطيناك الكوثر } قال له علي بن أبي طالب عليه السلام : ما هو الكوثر يا رسول الله ؟ قال : نهر أكرمني الله به .

قال علي عليه السلام : إن هذا النهر شريف فانعته لنا يا رسول الله ؟

قال : نعم يا علي .

الكوثر : نهر يجري تحت عرش الله عز و جل ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، و أحلى من العسل ، و ألين من الزبد ، حصاؤه الزبرجد و الياقوت و المرجان ، حشيشه الزعفران ، ترابه المسك الأذفر ، قواعده تحت عرش الله عز و جل.

ثم ضرب رسول الله : يده على جنب أمير المؤمنين .

و قال : يا علي إن هذا النهر لي و لك و لمحبيك من بعدي .

الأمالي للمفيد ص294ح5 .

وعن الحسين بن أعين قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: عن قول الرجل للرجل جزاك الله خيرا ما يعني به؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن خيرا نهر في الجنة ، مخرجه من الكوثر ، و الكوثر مخرجه من ساق العرش ، عليه منازل الأوصياء وشيعتهم ، على حافتي ذلك النهر جواري نابتات كلما قلعت واحدة نبتت أخرى سمي بذلك النهر ، و ذلك قوله تعالى : { فيهن خيرات حسان } فإذا قال الرجل لصاحبه : جزاك الله خيرا فإنما يعني بذلك تلك المنازل التي قد أعدها الله عز و جل لصفوته و خيرته من خلقه.

الكافي ج8ص230ح298 .

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

أراني جبرئيل : منازلي في الجنة ، و منازل أهل بيتي ، على الكوثر.

و عن أنس بن مالك قال: دخلت على رسول الله فقال:

قد أعطيت الكوثر.

قلت: و ما الكوثر ؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم : نهر في الجنة عرضه و طوله ما بين المشرق و المغرب، لا يشرب أحد منه فيظمأ، و لا يتوضأ منه أحد أبدا فيشعث ، لا يشربه إنسان خفر ذمتي ، و لا من قتل أهل بيتي.

شواهد التنزيل ج2ص487ح1162 ، ح1163 . وخفر العهد نقضه وأنقلب .

السابقون الى المكارم و العلى

و الحائزون غدا حياض الكوثر

لو لا صوارمهم و وقع نبالهم

لم يسمع الآذان صوت مكبر

و قال أنس: بينا رسول الله صلى الله عليه و آله ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاء ثم رفع رأسه متبسما .

فقلت: ما أضحك يا رسول الله؟

قال: أنزلت على آنفا سورة فقرأ سورة الكوثر .

ثم قال : أ تدرون ما الكوثر؟

قلنا: الله و رسوله اعلم.

قال : فانه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير، هو حوضي ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء فيختلج القرن منهم .

فأقول : يا رب أمتي ؟

فيقال : انك لا تدري ما أحدثوا بعدك .

و في كتاب الخصال : فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنياه :

قال عليه السلام : أنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله و معي عترتي على الحوض ، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا، و ليعمل بعملنا، فان لكل أهل نجيبا و لنا نجيب و لنا شفاعة. و لأهل مودتنا شفاعة.

فتنافسوا : في لقائنا على الحوض، فانا نذود عنه أعداءنا و نسقي منه أحباءنا و أولياءنا، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا حوضنا فيه مثعبان (مسيل ماء ) ينصبان من الجنة، أحدهما من تسنيم و الآخر من معين، على حافتيه الزعفران، و حصاه اللؤلؤ و الياقوت، و هو الكوثر.

ومر حديث عن رسول الله : أعطاني الله تبارك و تعالى خمسا و اعطى عليا خمسا، أعطاني الكوثر و أعطاه السلسبيل، الحديث

و في تفسير على بن إبراهيم : عن النبي صلى الله عليه و آله حديث طويل ذكرناه بتمامه أول الإسراء و فيه يقول صلى الله عليه و آله:

ثم مضيت مع جبرئيل : فدخلت البيت المعمور فصليت فيه ركعتين ، و معي أناس من أصحابي عليهم ثياب جدد، و آخرين عليهم ثياب خلقان .

فدخل : أصحاب الجدد ، و جلس أصحاب الخلقان.

ثم خرجت : فانقاد لي نهران :

نهر : يسمى الكوثر .

و نهر : يسمى الرحمة .

فشربت : من الكوثر ، و اغتسلت من الرحمة .

ثم انقاد لي : جميعا ، حتى دخلت الجنة.

تفسير نور الثقلين ج5ص681ح5، أورده مسلم في الصحيح ح7،8،10 .








شرح أبوذية شجرة

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

فاطمة أصيلة أطيب شجره

عليها بعد النبي تدري شجره

قتل وسبي والصميده شجره

للبيعة و بيده صمصام المنية

أو :

سلام الله و صلاته على رسوله و آله خير الطاهرين و أطيب شجره

أصلها ثابت و فرعها في السماء هل تدري عليهم بعد النبي شجره

سلب خلافة بخباثة وقتل وسبي فكيف هجموا وعلي الصميده شجره

للبيعة مغصوب حقه وهو المغوار قاتل صناديدهم واعتدوا على الزجية


شرح الأبوذية :


سلام الله و صلاته على رسوله و آله خير الطاهرين و أطيب شجره

شجره : نبات نامي وأصل :

شجره : شجرة الشجرة نبات نامي كما تطلق على شجرة النسب ، والكلمة الطيبة ، وشجرة سدرة المنتهى ، وشجرة النور لآل البيت عليهم السلام في مراتب الوجود ، وكلها مختصة بالنبي وآله في أفضل وأقدس مجد وفضل وشرف .

الشجرة الطيبة والمباركة في القرآن :

وقد قال الله تعال :

{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن

شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ

نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) } النور . وقد شرحنا آية النور بالتفصيل في موسوعة صحف الطيبين .

وقال سبحانه : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً

كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ

أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)} إبراهيم.

والمراد بالكلمة الطيبة : وشجرتها المباركة أهل البيت عليهم السلام كما كان المسيح كلمة الله ألقاها إلى مريم وكلام الله فعله وإن كان كل التكوين كلمته ، وكل كلمة طيبة تصدر من الخلق ، والمراد في الكلمة هنا أحسنها وأكمل وأجمل وأفضل الخالق لأنه خص بالذكر من بين كل فعله ، وجاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة منها :


أحاديث شجرة أنا أصلها :

عن النبي صلى الله عليه و آله قال:

مثلي : مثل شجرة أنا أصلها، و علي فرعها، و الحسن و الحسين ثمرها، و الشيعة ورقها، فأبى أن يخرج من الطيب إلا الطيب.

الأمالي للطوسي ص353ح731- 71 .

عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وآله :

خلق الناس : من أشجار شتى ، و خلقت أنا و علي بن أبي طالب من : شجرة واحدة ، فما قولكم :

في شجرة أنا أصلها .

و فاطمة فرعها .

و علي لقاحها .

و الحسن و الحسين ثمارها .

و شيعتنا أوراقها .

فمن تعلق : بغصن من أغصانها ساقه إلى الجنة ، و من تركها هوى في النار .

و قد نظم هذا الخبر أبو يعقوب البصرائي رحمه الله فقال :

ألا يـا حـبذا دوحة في الخلد نابتة

ما مثلها أبدا في الخلد من شجر

المصطفى أصلها و الفرع فاطمة

ثـم الـلـقاح علي سيد البشر

والـهـاشـميان سبطاه لها ثمـر

و الـشـيعة الـورق الملتف بالثمر

هـذا مـقال رسول الله جاء به أهـل

الرواية في العالي من الخبر

إنـي بـحبهم أرجو النجاة غدا و الفوز

في زمرة من أفضل الزمر

والدوحة : الشجرة العظيمة ، ويقال ليوم الغدير يوم الدوح للبيعة تحتها .

وذكر بعده شعرا للسروجي رحمه الله :

خـيـر البرية آباء و أشرفها

قـدرا و أسمحها كفا لمبتذل

صدورهم لبحور العلم واعية

ظهورهم قبلة من أفضل القبل

الله اختارهم من خلقه حججا

على البرية يوم الجمع للرسل

من دوحة من جنان الخلد نابتة

و فرعها ثابت للواحد الأزلي

محمد أصلها و الطهر حيدرة

و فاطم و بنوها أطيب الأكل

و حسن أوراقها قوم بها علقوا
فـيا لها دوحة جلت عن المثل

بشارة المصطفى ص41 . وأنظر مصادرها في الغدير الشيخ الأميني ج 3ص 8 .

وعن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف الزهري قال : قال لي عبد الرحمن :

يا مينا : ألا أحدثك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟

قلت : بلى .

قال : سمعته يقول : أنا شجرة ، وفاطمة فرعها ، وعلي لقاحها ، والحسن والحسين ثمرتها ، ومحبوهم من أمتي ورقها رضوان الله عليهم أجمعين.

الأمالي- الشيخ المفيد ص 245 .


 


أصلها ثابت و فرعها في السماء هل تدري عليهم بعد النبي شجره


شجره : ما جرى عليهم :

شجره : ما جرى ما مرت وحصلت على آل البيت من المصائب والبلاوي والاعتداء والهجوم على دار الصديقة وضربها ولطمها وأخذ حقها وغصب الخلافة من بعلها وأولادها ومحاربتهم والقتل والسبي لهم بوقائع كثيرة من قبل الشجرة الخبيثة وهم الأولان وبني أمية وأتباعهم ومن سار على منهجم من الأولين والآخرين .

وقد قال الله تعالى : { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء (27) } إبراهيم .

وقد سبحانه : { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا (60) } الإسراء .

وعن علي بن إبراهيم: في قوله: (و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس و الشجرة الملعونة في القرآن)، قال: نزلت لما رأى النبي صلى الله عليه و آله في نومه كأن قرودا تصعد منبره ، فساءه ذلك و غمه غما شديدا .

فأنزل الله: (و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) لهم ليعمهوا فيها .

(و الشجرة الملعونة في القرآن) كذلك نزلت و هم بنو أمية.

بحار الأنوار ج31 ص514ح10 .

وعن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله: { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك}. قال : أرى رجالا من بني تيم و عدي على المنابر، يردون الناس عن الصراط القهقري .

قلت: { و الشجرة الملعونة في القرآن }. قال: هم بنو أمية .

يقول الله : { و نخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا } .

تفسير العياشي ج2ص298ح100 .

وعن أبي حمزة قال: دخل سعد بن عبد الملك ، و كان أبو جعفر عليه السلام : يسميه سعد الخير ، و هو من ولد عبد العزيز بن مروان ، على أبي جعفر ، فبينا ينشج كما تنشج النساء .

قال : فقال له أبو جعفر عليه السلام : ما يبكيك يا سعد ؟

قال : و كيف لا أبكي و أنا من الشجرة الملعونة في القرآن ؟

فقال له : لست منهم أنت أموي منا أهل البيت ، أ ما سمعت قول الله عز و جل يحكي عن إبراهيم : { فمن تبعني فإنه مني } .

الإختصاصص85.


 


سلب خلافة بخباثة وقتل وسبي فكيف هجموا وعلي الصميده شجره

للبيعة مغصوب حقه وهو المغوار قاتل صناديدهم واعتدوا على الزجية


شجره : كيف سحبوه مكره :

شجره : ما جره ، كيف جر ، وكيف أخذ أمير المؤمنين من بيته بعد الاعتداء على زوجته الطاهرة الصديقة الزهراء ، وكيف استطاعوا أن يأخذوه مكرها من بيته بعد الهجوم على دار الطهر وإجباره على البيعة ، ويكفي بيان وقائع ما جرى عليهم من الظلم والعداء والطغيان ما ذكرته الزهراء بخطبها أو الخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين أو خطب الإمام الحسين وخطبة الشقيقة للعقيلة صلى الله عليهم وسلم .

و روي عن المنهال بن عمرو قال: دخلت على علي بن الحسين عليه السلام فقلت له : كيف أصبحت يا ابن بنت رسول الله ؟ قال : أصبحنا و الله بمنزلة بني إسرائيل من آل فرعون ، يذبحون أبناءهم ، و يستحيون نساءهم ، و أصبح خير البرية بعد رسول الله يلعن على المنابر ، و أصبح من يحبنا منقوصا حقه بحبه إيانا .

مجمع البيان ج 6 ص 424.


أحاديث أكرم الشجر في الإسلام:

قال الإمام علي صلوات الله عليه : قال النبي صلى الله عليه و آله :

لما أسري بي : إلى السماء، ثم من السماء إلى السماء إلى :

سدرة المنتهى : وقفت بين يدي ربي عز و جل فقال لي: يا محمد . قلت: لبيك و سعديك.

قال: قد بلوت خلقي فأيهم رأيت أطوع لك ؟

قال: قلت: ربي عليا.

قال: صدقت يا محمد، فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك، و يعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون ؟

قال: قلت: اختر لي، فإن خيرتك خير لي.

قال: قد اخترت لك عليا، فاتخذه لنفسك خليفة و وصيا، فإني قد نحلته علمي و حلمي، و هو أمير المؤمنين حقا، لم ينلها أحد قبله و ليست لأحد بعده.

يا محمد : علي راية الهدى و إمام من أطاعني و نور أوليائي، و هو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه فقد أحبني، و من أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك يا محمد.

قال النبي صلى الله عليه و آله : قلت رب فقد بشرته.

فقال علي : أنا عبد الله و في قبضته، إن يعاقبني فبذنوبي لم يظلمني شيئا، و إن يتمم لي وعدي فالله مولاي. قال: أجل، و اجعل ربيعه الإيمان بك.

قال: قد فعلت ذلك به يا محمد، غير أني مختصه بشيء من البلاء لم أختص به أحدا من أوليائي. قال: قلت: رب أخي وصاحبي. قال: قد سبق في علمي أنه مبتلى، لو لا علي لم يعرف حزبي و لا أوليائي و لا أولياء رسلي .

الأمالي للطوسي ص 354ح733- 73 .

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله :

يا علي : خلق الله الناس من أشجار شتى، و خلقني و أنت من شجرة واحدة، أنا أصلها و أنت فرعها، فطوبى لعبد تمسك بأصلها، و أكل من فرعها.

وعن مينا بن أبي مينا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول:

أنا الشجرة : و فاطمة فرعها، و علي لقاحها،و الحسن و الحسين ثمرها، و شيعتنا ورقها، الشجرة أصلها في جنة عدن، و الفرع و الورق و الثمر في الجنة.

و عن أبي الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: بينا النبي صلى الله عليه و آله بعرفات و علي عليه السلام) تجاهه ، و نحن معه .

إذ أومأ النبي إلى علي ، فقال: ادن مني يا علي، فدنا منه ، فقال : ضع خمسك- يعني كفك- في كفي، فأخذ بكفه، فقال:

يا علي : خلقت أنا و أنت من شجرة، أنا أصلها، و أنت فرعها، و الحسن و الحسين أغصانها، من تعلق بغصن من أغصانها أدخله الله الجنة.

وعن صهيب بن عباد بن صهيب، قال: حدثنا أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله :

أنا الشجرة : و فاطمة فرعها، وعلي لقاحها، و الحسن و الحسين ثمرها، و أغصان الشجرة ذاهبة على ساقها، فأي رجل تعلق بغصن من أغصانها أدخله الله الجنة برحمته.

قيل: يا رسول الله، قد عرفنا الشجرة و فرعها، فمن أغصانها ؟

قال : عترتي، فما من عبد أحبنا أهل البيت، و عمل بأعمالنا، و حاسب نفسه قبل أن يحاسب، إلا أدخله الله (عز و جل) الجنة.

الأمالي للطوسي ص610 مجلس 28 ح1261- 9 ، 1262- 10، 1263- 11 ، 1264- 12 .

وعن إبراهيم النخعي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : فقلت يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى إليك رسول الله ؟ قال : سأخبركم .

أن الله : اصطفى لكم الدين و ارتضاه و أتم عليكم نعمته ، و كنتم أحق بها و أهلها ، و أن الله : أوحى إلى نبيه أن يوصي إلي ، فقال النبي صلى الله عليه وآله :

يا علي : احفظ وصيتي ، و ارع ذمامي ، و أوف بعهدي ، و أنجز عداتي ، و اقض ديني و قومهما ، و أحي سنتي ، و ادع إلى ملتي.

لأن الله تعالى : اصطفاني و اختارني ، فذكرت دعوة أخي موسى ، فقلت : اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي كما جعلت هارون من موسى .

فأوحى الله عز و جل إلي : أن عليا وزيرك و ناصرك و الخليفة من بعدك .

ثم يا علي : أنت من أئمة الهدى و أولادك منك ، فأنتم قادة الهدى و التقى .

و الشجر : التي أنا أصلها و أنتم فرعها .

فمن تمسك بها : فقد نجا ، و من تخلف عنها فقد هلك و هوى .

و أنتم : الذين أوجب الله مودتكم و ولايتكم ، و الذين ذكرهم الله في كتابه و وصفهم لعباده .

فقال عز و جل من قائل : { إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) } آل عمران ، فأنتم صفوة الله من آدم و نوح و آل إبراهيم و آل عمران ، و أنتم الأسرة من إسماعيل ، و العترة الهادية من محمد صلوات الله عليهم أجمعين.

تأويل الآيات الظاهرة ص 113.

وعن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه و آله و سلم يقول لعلي: الناس من شجر شتى و أنا و أنت من شجرة واحدة. ثم قرأ النبي صلى الله عليه و آله : { وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) } الرعد.

شواهد التنزيل ج1ص 375 و من سورة الرعد ح 395 ، 396. وراه الحاكم وفي كنوز الحقائق وابن مردويه ـ وبن عساكر ورواه السيوطي ونقله في تفسير الميزان .

وعن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى و خلقت أنا و علي من شجرة واحدة أنا أصلها و علي فرعها ، و فاطمة لقاحها ، و الحسن و الحسين ثمارها، و أشياعنا أوراقها فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ، و من زاغ عنها هوى و لو أن عبدا عبد الله بين الصفا و المروة ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي ، ثم لم يدرك محبتنا أكبه الله على منخريه في النار .

ثم تلا : { ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى .

تأويل الآيات الظاهرة 533 .

وعن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً

كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24)

تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) } إبراهيم .

فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا أصلها و علي ، فرعها ، و الأئمة أغصانها ، و علمنا ثمرها ، و شيعتنا ورقها .

يا أبا حمزة : هل ترى فيها فضلا ؟ قال : قلت : لا و الله لا أرى فيها ؟

قال : فقال : يا أبا حمزة ، و الله إن المولود يولد من شيعتنا ، فتورق ورقة منها ، و يموت فتسقط ورقة منها.

و عن سلام بن المستنير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى : { كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } .

فقال عليه السلام : الشجرة رسول الله نسبه ثابت في بني هاشم ، و فرع الشجرة علي ، و عنصر الشجرة فاطمة ، و أغصانها الأئمة ، و ورقها الشيعة ، و إن الرجل منهم ليموت فتسقط منها ورقة ، و إن المولود منهم ليولد فتورق ورقة .

قال : قلت له : جعلت فداك ، قوله تعالى : { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } .

قال : هو ما يخرج من الإمام من الحلال و الحرام في كل سنة إلى شيعته .

عن مؤمن الطاق عن سلام بن المستنير قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، عن قول الله تعالى : { كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } .

قال عليه السلام :

الشجرة : رسول الله صلى الله عليه وآله ، نسبه ثابت في بني هاشم .

و عنصر الشجرة : فاطمة .

و فرع الشجرة : علي أمير المؤمنين .

و أغصان الشجرة و ثمرها : الأئمة .

و ورق : الشجرة الشيعة .

و إن المولود : ليولد فتورق ورقة ، و إن الرجل من الشيعة ليموت فتسقط ورقة .

قال : جعلت فداك { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } قال ما يفتي الأئمة شيعتهم في كل حج و عمرة من الحلال و الحرام.

بصائر الدرجات ج1ص58ب2ح1 ، 2 ، 3 ، 4.

و عن أبي عبد الله عليه السلام : في قول الله عز و جل : { كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء } .

قال : النبي و الأئمة هم الأصل الثابت و الفرع الولاية لمن دخل فيها.

وعن سليمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: { عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) } النجم ، و قوله : { أصلها ثابت و فرعها في السماء } .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : و الله جذرها ، و علي ذروها ، و فاطمة فرعها ، و الأئمة أغصانها ، و شيعتهم أوراقها .

قال قلت : جعلت فداك فما معنى { المنتهى } ؟

قال : إليها و الله انتهى الدين ، من لم يكن من الشجرة ، فليس بمؤمن و ليس لنا شيعة.

وعن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى :

{ أصلها ثابت و فرعها في السماء } .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : و الله جذرها ، و أمير المؤمنين ذروها ، و فاطمة فرعها ، و الأئمة من ذريتها أغصانها و علم الأئمة ثمرها ، و شيعتهم ورقها ، فهل ترى فيهم فضلا ؟

فقلت : لا .

فقال : و الله إن المؤمن ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة ، و إنه ليولد فتورق ورقة فيها .

فقلت : قوله { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } .

فقال : ما يخرج إلى الناس من علم الإمام في كل حين يسئل عنه.

بصائر الدرجات ج1ص60ب2ح1 ، 2 ، 3 .

أحاديث الشجرة الملعونة :

يا طيب : إليكم تكملة روايات الشجرة الملعونة : وهي كثيرة نختار منها :

{ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ

وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ

وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ

وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا (60) } الإسراء .

وفي تفسير الصافي : { وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ } عطف على الرّؤيا { وَ نُخَوِّفُهُمْ } بأنواع التخويف { فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً } إلّا عتوّاً متجاوزاً عن الحد.

و عن الصادق عليه السلام مثله إلّا أنّه قال: رأى أنّ رجالًا على المنابر يردّون الناس ضلالًا زريق و زفر.

أقول : و هما كنايتان عن الأوّلين و تيم و عدي جدّاهما .

و في رواية أخرى عنه عليه السلام: أنّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله قد رأى رجالًا من نار على منابر من نار يردّون الناس على أعقابهم القهقري .

قال : و لسنا نسمّي أحداً .

و في أخرى: انّا لا نسمّي الرجال و لكن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله رأى قوماً على منبره يضلّون الناس بعده عن الصراط القهقري.

و في رواية اخرى قال: رأيت الليلة صبيان بني أميّة يرقون على منبري هذا فقلت يا ربّ معي فقال لا و لكن بعدك .

و في الكافي عن أحدهما عليهما السلام: أصبح رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله يوماً كئيباً حزيناً .

فقال له عليّ عليه السلام : ما لي أراك يا رسول اللَّه كئيباً حزيناً ؟

فقال : و كيف لا أكون كذلك و قد رأيت في ليلتي هذه انّ بني تيم و بني عدي و بني أميّة يصعدون منبري هذا ، يردّون الناس عن الإسلام القهقري .

فقلت : يا ربّ في حياتي أو بعد موتي ؟

فقال : بعد موتك.

وقال أقولُ: و انّما ارِيَ صلَّى اللَّه عليه و آله و سلم ردّ الناس عن الإسلام القهقري ، لأنّ الناس كانوا يظهرون الإسلام و كانوا يصلّون إلى القبلة ، و مع هذا كانوا يخرجون من الإسلامِ شيئاً فشيئاً ، كالذي يرتدّ عن الصراط السّويّ القهقري ، و يكون وجهه إلى الحق حتى إذا بلغ غاية سعيه رأى نفسه في الجحيم.

تفسير الصافي ج3ص199.








شرح أبوذية نبيلة

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سلام الله و صلاته على مولاتنا فاطمة نبيله

وجب حبها و آلها لمن آمن بالله وأبوها نبيله

و من تعلم منهم و أقتدى بهم كل خير نبيله

و من والى غيرهم خسر و نفسه شريرة دنية


شرح الأبوذية :


سلام الله و صلاته على مولاتنا فاطمة نبيله


نبيلة لقب لحميدة الخصال:

نبيله : لقب للصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام ، و نبُلَ : نبُلَ يَنبُل ، نُبْلاً ونَبَالةً ، فهو نبِيل ، و نَبيل اسم والجمع نُبلاءُ ، المؤنث نبيلة والجمع للمؤنث نبِيلات ونَبَائِلُ.

ونبيل ونبيلة : صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من نبُلَ ، والنَّبِيلُ : الشَّريفُ الخصال والفاضل في المكارم ، ونَبِيلُ الأَخْلاَقِ : شَرِيفٌ يَنْتَمِي إِلَى عَائِلَةٍ نَبِيلَةٍ .

و نبُل الشّخصُ : عظُم وشرُف ، أحسن تربيته فنبُلت أخلاقُه ، و كَرُم حَسَبُه ، وحُمِدت شمائلُه وخِصالُه . و هُوَ نَبِيلُ الرَّأْيِ : جَيِّدُهُ النُّبْلُ : في الفَضْلِ و الفَضِيْلَة ِ، و الذَّكاءُ و النَّجابة ، و نَبِيل أَي عاقل حاذِق . و نَبِيل أَي رفيق بإِصلاح عِظام الأُمور .

و امرأَة نَبِيلَة : في الحسن بَيِّنة النَّبالة .

و تنبل الرجل: تخير و أخذ الأنبل فالأنبل.

و نبلة كل شيء : خياره وأحسنه .

من أمثالهم : في استحكام البلاء ، ثار حابلهم على نابلهم ، أي أوقدوا بينهم الشر. والتبس الحابل بالنابل .

وفي الحديث: و من كثر حلمه نبل . فعرف : الحابل من النابل أي ماز الغث من السمين .


فاطمة أنبل النساء :

وفاطمة الزهراء عليها السلام : هي أَنْبَلِ النَّاسِ نَسَباً وَحَسَباً وخلقة وذاتا وصفاتا وهدى وعلما وعملا وخلقا وآدبا ، فإنها ممتحنة بالآداب الربانية والفائزة بالعناية الإلهية ، والكاملة بالرحمة الرحيمية والرحمانية ، لها ولآلها أعظم تجلي نور الله تعالى في كل مراتب الوجود ، وأعلى كرامته وفضائله .

فهي عليها السلام : أنبل نساء العالمين وسيدتهن وأفضلهن وأنجبهن وأذكاهن وأفطنهن واكرمهن أصلا وأخلاقا وخلقا ، وخير نساء الدنيا والآخرة ، وهي المختارة لله تعالى والمصطفاة ، والمطهرة المرضية ، وثار عليها الغث والخبث والخسيس واللئيم وكل شيطان مريد فغصبها حقها ودفع آلها عن مراتبهم التي رتبهم الله بها .

وجاء بالصلاة عليها : اللَّهُمَّ وَ صَلِّ عَلَى السَّيِّدَةِ الْجَلِيلَةِ ، وَ الْكَرِيمَةِ الْجَمِيلَةِ .

وَ الْفَضِيلَةِ النَّبِيلَةِ : ذَاتِ الْمُدَّةِ الْقَلِيلَةِ وَ الْأَحْزَانِ الطَّوِيلَةِ، الْمَدْفُونَةِ سِرّاً الْمَجْهُولَةِ قَدْراً الْمَغْصُوبَةِ جَهْراً ، الْإِنْسِيَّةِ الْحَوْرَاءِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ .

وهذا قمة النبل والمجد : أن يكون رضا الله رضاها وغضبه لغضبها ، وطاعته بطاعتها وآلها ومعصيته بمخالفتها ، لأن النبل ، هو الفضل والنجابة والهدى الحق ولا يوجد إلا عندها وآلها ، ومن تولاهم وطاعهم وتبعهم حقا نبل حقا وواقعا وإلا تبع ظالم فخبث.


 


وجب حبها و آلها لمن آمن بالله وأبوها نبيله


نبيله: نبينا نبيا له :

نبيله : نبي له ، و نبي لنا ، ولكل مسلم بل والبشر كلهم ، أبو فاطمة الزهراء خاتم المرسلين والنبيين نبينا وسيدنا محمد بن عبد الله المصطفى صلى الله عليه وآله ، وإن الله تعالى أختار ديننا أخر الأديان ولا يقبل غيره ، ونبينا آخر النبيين وخاتمهم ، وجعل ذريته منه وطهرهم معه وأمر بالصلاة عليهم والتسليم لهم مثله ,

فمن حب : أن يدخل في ولاية الله ويسير على صراطه المستقيم ، فيجب أن يتبع هدى المنعم عليهم ومن فضلهم وأختارهم واصطفاهم وخير الناس وأنبلهم وأمجدهم نبينا وآله صلى الله عليهم وسلم .

قال الله تعالى : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)}آل عمران.

وقال في حق النبي الأكرم : { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ

وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)} الأحزاب.

ولذا يجب الإيمان بهداه : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) }محمد .

ولا يحق الانقلاب : وترك على هداه عند المنعم عليهم من آله بعده كما قال تعالى:

{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}آل عمران.

وقد جعل الله تعالى : أجر الرسالة مودة القربى وحبهم والاقتراف من هداهم كما قال سبحانه :

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا

إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى

وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى .

والله تعالى : يغفر ويشكر ويجزي من يود النبي وآله ولا يحب المنقلبين عنهم ، وكما جعل الله آله صادقين وصدقهم في أية المباهلة وطهرهم ، هذا .

وقال بعض قريش : لرسول الله صلى الله عليه وآله ، بأي شيء سبقت الأنبياء وأنت بعثت آخرهم و خاتمهم ؟

فقال : إني كنت أول من أقر بربي و أول من أجاب ، حيث أخذ الله ميثاق النبيين و أشهدهم على أنفسهم .

{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172)} الأعراف .

فكنت أول من قال: بلى ، فسبقتهم إلى الإقرار بالله.

تفسير العياشي ج2ص39ح107 .

وقال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : منا سبعة خلقهم الله عز و جل لم يخلق في الأرض مثلهم .

منا : رسول الله صلى الله عليه و آله سيد الأولين و الآخرين و خاتم النبيين،

و وصيه : خير الوصيين .

و سبطاه : خير الأسباط حسنا و حسينا.

و سيد الشهداء : حمزة عمه .

و من قد طار : مع الملائكة جعفر .

و القائم .

قرب الإسناد 25 صلى الله عليهم وسلم .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

ألا إن العلم : الذي هبط به آدم ، و جميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين و المرسلين، في عترة خاتم النبيين و المرسلين ، فأين يتاه بكم بل أين تذهبون .

تفسير العياشي ج1ص102ح300 .

و قال الإمام علي عليه السلام في خطبته :

و لقد علم : المستحفظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله .

أنه قال : إني و أهل بيتي مطهرون .

فلا تسبقوهم : فتضلوا، و لا تتخلفوا عنهم فتزلوا ، و لا تخالفوهم فتجهلوا ، و لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم .

هم : أعلم الناس كبارا ، و أحلم الناس صغارا ، فاتبعوا الحق و أهله حيث كان .

تفسير القمي ج1ص4 .

ولهذا : ولكثير من الآيات الولاية والإمامة والقربى والصلاة والتسليم عليهم ولهم ، يجب ولاء النبي وآله وطاعتهم ، وجعل مودتهم زيادة للحسنات وشكر للسعي وغفران للذنوب في آية المودة وجزاء خير للشاكرين نعمة الهداية ولم ينقلبوا ، كما وإن من آذاهم فقد آذى الله ورسوله وعليه لعنة الله ، ومن تركهم ووالى من عاداهم وخالفهم صار مع أعدائهم وحشر معهم ، وحرم هدى وشفاعة النبي الأكرم وعبد الله بما لا يحب ويرضى .


 


و من تعلم منهم و أقتدى بهم كل خير نبيله

و من والى غيرهم خسر و نفسه شريرة دنية


نبيله : نبغي ونريد له :

نبيله : نبي له ، نبغي له ، نريد له ، نتمنى له ، نحب له من كل قلبنا أن يكون كل خير حقيقة له ، وخيره كله في الهداية لدين الله بحق ، أي وفق هدى المنعم عليهم نبينا وآله .

وقال الله تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ (10) } الحجرات ، ولذا نبي ونريد للمؤمن كل خير ومنها الهداية الحقة من أهلها كما نحب لأنفسنا ، وجاء بالحديث :

قال الإمام الصادق عليه السلام :

إن المؤمن أخو المؤمن : عينه و دليله ، لا يخونه و لا يظلمه ، و لا يغشه ، و لا يعده عدة فيخلفه .

وعن جميل : عن الإمام الصادق عليه السلام قال : سمعته يقول :

المؤمنون : خدم بعضهم لبعض .

قلت : و كيف يكونون خدما بعضهم لبعض ؟

قال : يفيد بعضهم بعضا .

و عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

قلت له : ما حق المسلم على المسلم ؟

قال عليه السلام : له سبع حقوق واجبات ، ما منهن حق إلا و هو عليه واجب ، إن ضيع منها شيئا خرج من ولاية الله و طاعته ، و لم يكن لله فيه من نصيب .

قلت له : جعلت فداك و ما هي ؟

قال : يا معلى إني عليك شفيق أخاف أن تضيع و لا تحفظ و تعلم و لا تعمل .

قال قلت له: لا قوة إلا بالله .

قال عليه السلام : أيسر حق منها :

أن تحب له : ما تحب لنفسك ، و تكره له ما تكره لنفسك .

و الحق الثاني : أن تجتنب سخطه و تتبع مرضاته و تطيع أمره .

و الحق الثالث : أن تعينه بنفسك و مالك و لسانك و يدك و رجلك .

و الحق الرابع : أن تكون عينه و دليله و مرآته .

و الحق الخامس : أن لا تشبع و يجوع ، و لا تروى و يظمأ ، و لا تلبس و يعرى .

و الحق السادس : أن يكون لك خادم و ليس لأخيك خادم ، فواجب أن تبعث خادمك فيغسل ثيابه و يصنع طعامه و يمهد فراشه .

و الحق السابع : أن تبر قسمه ، و تجيب دعوته ، و تعود مريضه ، و تشهد جنازته ، و إذا علمت أن له حاجة تبادره إلى قضائها و لا تلجئه أن يسألكها و لكن تبادره مبادرة ، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته و ولايته بولايتك.

الكافي ج2ص167ح8 . و 169 ح2 .

وعن شعيب العقرقوفي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لأصحابه:

اتقوا الله : و كونوا إخوة بررة متحابين في الله ، متواصلين متراحمين ، تزاوروا و تلاقوا ، و تذاكروا أمرنا و أحيوه .

الكافي ج2ص175ح1 .

والأحاديث : في هذا المعنى كثيرة ، وهذا ما نبيغي ونبي للمؤمن والمسلم ولا نحب له أن يكون مع المنافقين والمغضوب عليهم والضالين .








شرح أبوذية أم

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

الزهراء لأبيها وبنيها أم

وأبيها وبعلها وبنيها أم

فلرضوان الله له بهم أم

وبمولدها خصهن بهدية

أو :

هنيئا لكم الفرح بمولد الزهراء و هي لأبيها وبنيها و للمؤمنين أم

و آلها أولياء أمر الله السابقون و أبيها و بعلها و بنيها للمؤمنين أم

فيا طيب معارف هداهم تعلم منهم و بها أعبد لله ولرضاه بها أم

وبارك يومها للمرأة و خص الأم و الزوجة والبنت والأخت بهدية


شرح الأبوذية :


هنيئا لكم الفرح بمولد الزهراء و هي لأبيها وبنيها و للمؤمنين أم


الأم الوالدة :

أم : الوالدة ، وأصل الشيء أمه ، وكل أمر جامع لفضيلة كريمة يعلو بها على غيره ، أو لرذيلة وسيئة يهبط يقال له أم في منزلته ، كما في مثل أم لقرى وأم الكتاب ، أو الخمر أم الخبائث ، كما يقال له أب حسب شأنه .

فاطمة أم أبيها وأئمة والمؤمنين:

و أم أبيها : كنية للصديقة فاطمة الزهراء بنت محمد سيد المرسلين صلى الله عليها وسلم ، خلاف غيرها.

وإن أم أبيها : صار كنية للصديقة الزهراء بعد وفاة أمها الكريمة خديجة بنت خويلد ، وحين لم يبقى مع أبيها أحد إلا هي عليها السلام ، فكانت مع صغرها وأن عمرها لا يتجاوز الخمس سنوات تعتني بوالدها المكرم ، الذي توفى أعز وأكرم حامييه وهي أمها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رحمها الله وعمه الصديق أبو طالب رحمه الله في سنة 10 من المبعث على قول ، وعلى قول آخر سنة 7 من المبعث ، وسنة و أربعة اشهر كان النبي بدون زوجة في المدينة ، فكانت أم أبيها فاطمة الزهراء عليها السلام ترى ما يعانيه خاتم النبيين صلى الله عليه وآله من كفار قريش ومن يتربص بهم الدوائر ، فتتألم له وتواسيه ، فضلا عن إعداد ما يحتاجه من لوازم الحياة والرعاية والحنان له .

فلحنانها وعطفها : على والدها المكرم سماها ولقبها نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم : أم أبيها عليها السلام .

وإن النبي الأكرم : بعد أكثر من سبعة سنين أو أربع سنوات بعد وفاة خديجة تزوج ، وهي بعد زواجه بأربعة أشهر تزوجت من مولى الموحدين ، فصارت بالإضافة لأم أبيها أم الحسن ، أم الحسين ، أم الحسنين ، أم الأئمة وأم المحسن وأم زينب صلى الله عليهم وسلم.

وأم أبيها : كنية معروفة لها عند المسلمين ، وذكر هذه الكنية كثير من المؤلفين المتقدمين مثل أبو الفرج الأصفهاني في المقاتل ، وبن عبد البر في الاستيعاب ، وابن الأثير في اسد الغابة ، والمقريزي في الإمتاع ، وغيرهم الكثير وفي جميع كتب الخاصة ممن تحدث عن كنيتها وذكرها ، كما من حبها من المقربين سموا بناتهم بأم أبيها كحمزة عم النبي ، والإمام علي سمى أحد بنته بكنتها ، والعقيلة زينب لها بنت أسمها أم أبيها بنت عبد الله بن جعفر الطيار ، والإمام الكاظم عنده بنت باسم أم أبيها وغيرهم الكثير .

وفي الحقيقة : إن الصديقة أم أبيها ، و هي أم المؤمنين الحقيقية ، لأنه الله إن حرم نساء النبي على المؤمنين فجعلهن كأمهاتهم لكي لا يتزوجن بعد النبي وحتى لا يصح النظر لهن متبرجات وليس مثل الأم الحقيقية ، ففاطمة الزهراء سيدتهن وأفضل منهن وأكرم وأعلى مجدا وتطهيرا وتزكية فضلا عن وجوب مودتها في آية القربى ، وكانت في آية المباهلة تمثل كل نساء المسلمين بل سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وفي الدارين .

وكما جاء حديث : أن أبيها وبعلها أبوا هذه الأمة ، فهي أم لهذه الأمة بدون منازع لهذه الأمومة ، ومحرمة في الدارين على غير زوجها ولا كفئ لها غيره ، وإن فضلها على الأمة لأعلى وأشد في بيان العفة والنزهات وحسن التبعل والأمومة والصبر والثبات والدفاع عن الولاية والهدى والعبودة والأخلاق والسيرة والسلوك والعلم والتعليم ، ولها من غرر الكلام والمواقف الكريمة ما يبين أصول الدين وقواعد العلم والمعرفة .


يوم مولدها يوم المرأة العالمي :

وإن المعلم والهادي : يسمى أب روحاني وأب نوراني ، وهي عليها السلام أم للمؤمنين على نحو الحقيقة والتجلي بالنور والهدى والقيادة للصراط المستقيم والثبات عليه، وقدوة واسوة لكل المؤمنات والمؤمنين في كل أحوالها عليها السلام .

وإن الفرح بمولدها المبارك : هو فرح بأفراح آل محمد والسرور بحلول نورها الكريم في الأرض ، ونشر دين الله في العقول المؤمنة والقلوب الطاهرة المطمئنة والراضية برضا الله .

ويوم ولادتها : يوم الأم والمرأة الشيعية العالمي، و بالخصوص هو:

يوم الأم : وبه تكرم ويهدى لها ما يفرحها وتقبل يدها ورأسها ، وهو :

يوم المرأة و كل مؤمنة: وبالخصوص المحارم مثل الزوجة والبنت والأخت والخالة والعمة وكل موالية .

وتقديم لهن : الهدايا والتقدير والاحترام والتوسيع عليهم بالرفاه والمحبة وما تسعه الحال واليد ، وذلك حبا لفاطمة الزهراء عليها السلام وأبيها وآلها صلى لله الله عليهم ، ويقام فيه الاحتفالات المناسبة وتقدم المرطبات والحلويات وما يعلن الفرح والسرور ويظهر المولاة بذكر سيرتهم وسلوكهم وعلومهم هي وآلها صلى الله عليهم وسلم .

كما أن يوم مولد : الإمام علي عليه السلام يوم الآب العالمي ، كما هو يوم العم والخال والأخ وكل مؤمن يفرح وقدم له التهاني حسب شأنه ، كما أن الحزن لحزنهم هو التألم لغياب العفة والنبل والعدل والإحسان والشفقة والرأفة وبهم يتأسى بالصبر والسلوان والرضا بما قسم الله وأختار لأوليائه من دار البقاء .

ولمعرفة كيفية ولادتها عليها السلام : يرجى مراجعة صحيفتها المباركة ، صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام في موسوعة صحف الطيبين .


آيات وأحاديث بر الوالدين:

وأفضل تقدير للأم والوالدين أوجبه الله تعالى بقوله :

{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ

وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا

إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا

فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ

وَلاَ تَنْهَرْهُمَا

وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23)

وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ

وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) } الإسراء .

وأجمل ما قيل : في هذا المعنى في حق الأم ، هو ما قال الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن أبي طالب عليه السلام في رسالة الحقوق : ...

و أما حق أمك : فأن تعلم :

أنها حملتك : حيث لا يحتمل أحد أحدا .

و أعطتك : من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا .

و وقتك : بجميع جوارحها .

و لم تبالِ : أن تجوع و تطعمك .

و تعطش : و تسقيك .

و تعرى : و تكسوك .

و تضحى : و تظلك .

و تهجر النوم : لأجلك .

و وقتك : الحر و البرد .

لتكون لها.

فإنك : لا تطيق شكرها إلا بعون الله و توفيقه .

و أما حق أبيك : فأن تعلم :

أنه : أصلك ، فإنك لولاه لم تكن .

فمهما رأيت : من نفسك ما يعجبك ، فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه .

فاحمد الله : و اشكره على قدر ذلك و لا قوة إلا بالله .

و أما حق ولدك : فأن تعلم أنه منك ، و مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره . و أنك مسئول : عما وليته من حسن الأدب ، و الدلالة على ربه عز و جل ، و المعونة على طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه ، معاقب على الإساءة إليه .

و أما حق أخيك : فأن تعلم أنه يدك و عزك و قوتك ، فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ، و لا عدة للظلم لخلق الله ، و لا تدع نصرته على عدوه و النصيحة له ، فإن أطاع الله تعالى و إلا فليكن الله أكرم عليك منه و لا قوة إلا بالله .....

من لا يحضره الفقيه ج2ص621 . .

وأجمل ما قرأت من الشعر في الأم قول الشاعر :

يقولون إن الأم مدرســــــــــة

فقلت بل إنها الدنيا بما فيهـــــــــــــــا

فما هي الدنيا بـــــــــــــــلا أم

فالأم هي الدنيا بأحلى معانيهـــــــــــا

ولو لم تكن الأم في الدنيــــــا

لكانت الدنيا وما كان من فيهـــــــــــا


 


و آلها أولياء أمر الله السابقون و أبيها و بعلها و بنيها للمؤمنين أم


أم بمعنى أم القوم إماما :

أم : إمام أم القوم ، و يأتي لفظ إمام مصدرا لفعل أمّ القوم ، يقال لغة: أمّ القوم يؤمّهم أمّا و إماما و إمامة، إذا تقدّمهم في الصّلاة أو غيرها، فهم يقتدون به، و أم به : إذا صلى به إماما ، فهو مأموم و مأموم به .

في ديوان الأدب : امّ القوم امامة أي صلّى بهم ، و نظيره الامام و المأموم ، و الذي يشهد : على أن أمّه ، و أمّ به : أي صلّى به إماما مشتقّ من الامام ، أنّه بهذا المعنى لفظ إسلامي لأنّ العرب قبل الإسلام لم تكن تعرف الصلاة و لا الإمامة فيها ، و ليس المأموم عندهم إلّا المقصود ، من أمّه إذا قصده ، أو المشجوج في أمّ رأسه من أمّه أمّا إذا أصاب أمّ رأسه.


 

أئمة الحق النبي وآله :

وإن أئمة الحق عليهم السلام : هم نبي الرحمة أبو القاسم محمد المصطفى ، وأخيه ووصيه وخليفته أبو الحسنين علي بن أبي طالب المرتضى ، وبنيهم المعصومين عليهم السلام ، وهم : أبو محمد الحسن بن علي المجتبى ، وأخيه أبو عبد الله الحسين بن علي سيد الشهداء ، وأبو محمد علي بن الحسين سيد الساجدين ، وأبو جعفر محمد بن علي الباقر ، وأبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، وأبو الحسن الأول موسى الكاظم ، وأبو الحسن الثاني علي بن موسى الرضا ، وأبو جعفر الثاني محمد بن علي الجواد ، وأبو الحسن الثالث علي بن محمد الهادي ، وأبو محمد الحسن بن علي العسكري ، وأبو القاسم م ح م د بن الحسن المهدي المنتظر ، صلى الله عليهم وسلم .

وهم أئمتنا : وقادتنا وسادتنا وأولياء أمر الله فينا ، ولهم تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر المباركة كلا في زمانه لأن الروح من أمر الله مختص بتنزيل العلوم على النبي وآله .

وعن بشير العطار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : { يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71) وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72) } الإسراء .

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : و عنى إمامكم .

و كم من إمام : يجيء يوم القيامة يلعن أصحابه و يلعنونه .

ونحن ذرية محمد صلى الله عليه وآله :

و أمنا فاطمة عليها السلام : و ما آتى الله أحدا من المرسلين شيئا إلا و قد آتاه محمدا صلى الله عليه وآله ، كما آتى المرسلين من قبله ، ثم تلا : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً (38) } الرعد .

المحاسن ج1ص155ب22ح83 .

و عن أبي الجارود قال : قال زيد بن علي بن الحسين عليه السلام ، و قرأ هذه الآية : { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا (82)}الكهف .

قال : حفظهما الله بصلاح أبيهما و ما ذكر منهما صلاح .

فنحن أحق بالمودة : أبونا رسول الله ، و جدتنا خديجة ، و أمنا فاطمة الزهراء ، و أبونا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليهم وسلم .

تفسير فرات الكوفي ص 246 .


 


فيا طيب معارف هداهم تعلم منهم و بها أعبد لله ولرضاه بها أم

وبارك يومها للمرأة و خص الأم و الزوجة والبنت والأخت بهدية


أم : قصد اتجاهه :

أم : أقصد : أَمَّمَهُ : قَصَدَهُ . الأَمُ بالفتح: القَصْد . أَمَّهُ يَؤُمُّه أَمّاً إِذا قَصَدَه ؛ وأَمَّمهُ و أْتَمَّهُ و تَأَمَّمَهُ و يَمَّه و تَيَمَّمَهُ ، و الأَمُ : قَصَدَه يَقْصِدُه قَصْداً و قَصَدَ له ، و أَقْصَدَني إِليه الأَمرُ، و هو قَصْدُكَ و قَصْدَكَ أَي تُجاهَك .

وفي معنى المثل : أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ إجابةً ، قيل لأحدهم : أَين أَمُّكَ أَي أَين قَصْدُكَ ؟ فظَنَّ أَنه يقول له : أَين أُمُّكَ.

فقال: ذهَبَتْ تَشْتَري دَقِيقاً .

فقال أَبُوه: أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً.


أم قصد في الحديث :

ومما يبين معنى : أم قصد ، قول الإمام في الصحيفة السجادية في حديث التوبة ، كما ويشرح مصرع بيت الشعر :

فَأَقْبَلَ نَحْوَكَ : مُؤَمِّلًا لَكَ مُسْتَحْيِياً مِنْكَ، وَ وَجَّهَ رَغْبَتَهُ إِلَيْكَ ثِقَةً بِكَ.

فَأَمَّكَ : بِطَمَعِهِ يَقِيناً .

وَ قَصَدَكَ : بِخَوْفِهِ إِخْلَاصاً .

قَدْ خَلَا طَمَعُهُ : مِنْ كُلِّ مَطْمُوعٍ فِيهِ غَيْرِكَ، وَ أَفْرَخَ رَوْعُهُ مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ مِنْهُ سِوَاكَ. (9)

ودعائه في ختم القرآن : وَ جَعَلْتَهُ نُوراً نَهْتَدِي مِنْ ظُلَمِ الضَّلَالَةِ وَ الْجَهَالَةِ بِاتِّبَاعِهِ، وَ شِفَاءً لِمَنْ أَنْصَتَ بِفَهَمِ التَّصْدِيقِ إِلَى اسْتِمَاعِهِ، وَ مِيزَانَ قِسْطٍ لَا يَحِيفُ عَنِ الْحَقِّ لِسَانُهُ، وَ نُورَ هُدًى لَا يَطْفَأُ عَنِ الشَّاهِدِينَ بُرْهَانُهُ، وَ عَلَمَ نَجَاةٍ لَا يَضِلُّ مَنْ

أَمَ قَصْدَ سُنَّتِهِ .

وَ لا تَنَالُ أَيْدِي الْهَلَكَاتِ مَنْ تَعَلَّقَ بِعُرْوَةِ عِصْمَتِهِ. (4)

ويجب على كل إنسان : يحب أن يقصد الله تعالى وعبوديته أن يستعين به تعالى ويطلب منه أن يهديه للصراط المستقيم عند المنعم عليهم ، ويعبده بتعاليمهم التي خصهم بمعرفتها وبيانها وشرحا وتفسيرها وتأوليها ، ولا يسعه أحد إلا أن يؤم و أن يقصد آل محمد صلى الله عليهم وسلم ويتعلم منهم هدى الله تعالى ويعبده به ، ولا يخلطه بمن خالفهم ، ولكم حديث كريم عن فاطمة الزهراء عليها السلام في هذا المعنى :


الزهراء تبين إمامة بعلها :

عن عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ، و كانت فاطمة تأتي قبور الشهداء و تأتي قبر حمزة و تبكي هناك .

فلما كان : في بعض الأيام ، أتيت قبر حمزة رضي الله عنه ، فوجدتها تبكي هناك ، فأمهلتها حتى سكتت ، فأتيتها و سلمت عليها .

و قلت يا سيدة النسوان : قد و الله قطعت أنياط قلبي من بكائك .

فقالت : يا با عمر ، يحق لي البكاء و لقد أصبت بخير الآباء رسول الله ، وا شوقاه إلى رسول الله .

ثم أنشأت عليها السلام تقول :

إذا مات يوما ميت قل ذكره

و ذكر أبي مذ مات و الله أكثر

قلت يا سيدتي : إني سائلك عن مسألة تتلجلج في صدري.

قالت : سل .

قلت : هل نص رسول الله صلى الله عليه وآله قبل وفاته على علي بالإمامة ؟

قالت : وا عجباه أ نسيتم يوم غدير خم .

قلت : قد كان ذلك ، و لكن أخبريني بما أسر إليك .

قالت : أشهد الله تعالى لقد سمعته يقول : علي خير من أخلفه فيكم .

و هو الإمام : و الخليفة بعدي و سبطاي و تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار ، لئن اتبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين ، و لئن خالفتموهم ليكون الاختلاف فيكم إلى يوم القيامة .

قلت : يا سيدتي فما باله قعد عن حقه ؟

قالت : يا با عمر ، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مثل الإمام مثل الكعبة إذ تؤتى و لا تأتي . أو قالت : مثل علي .

ثم قالت : أما و الله لو تركوا الحق على أهله و اتبعوا عترة نبيه ، لما اختلف في الله تعالى اثنان ، و لورثها سلف عن سلف و خلف بعد خلف ، حتى يقوم قائمنا التاسع من ولد الحسين .

و لكن : قدموا من أخره و أخروا من قدمه الله، حتى إذا ألحد المبعوث و أودعوه الجدث المجدوث ، و اختاروا بشهوتهم و عملوا بآرائهم .

تبا لهم : أ و لم يسمعوا الله يقول :

{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ (68) }القصص .

بل سمعوا : و لكنهم كما قال الله سبحانه : { فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) } الحج ، هيهات بسطوا في الدنيا آمالهم و نسوا آجالهم فتعسا لهم و أضل أعمالهم .

أعوذ بك : يا رب ، من الحور بعد الكور.

كفاية الأثر ص198.

وفي الخصائص قال رسول الله للإمام علي عليه السلام : .. فإنما مثلك في الأمة مثل الكعبة نصبها الله علما و إنما تؤتى من كل فج عميق و ناد سحيق ، و إنما أنت العلم علم الهدى و نور الدين و هو نور الله ...

الخصائص ص 72 .


الأَم النية في القصد :

كما أن الأم النية في القصد : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : نية المؤمن خير من عمله ، و نية الكافر شر من عمله ، و كل عامل يعمل على نيته.

الكافي ج2ص84ح2

ولذا يجب : أن يقصد الله بهدى حق ويعبد بتعاليم يرضى بها ، وهو علمها لمن طهرهم وأختارهم واصطفاهم وأنعم عليهم بالتطهير والمودة ، وإلا يكون العبد القاصد لله بدون النبي وآله ، ومن أفكار مخالفيهم أو أعدائهم ، يكون حاله حال آخر سورة الفاتحة.


تكملة حقوق الوالدين :

معنى الأم وحقها :

الأم : أُمُّ الشيء أصله ، و الأمُّ الوالدة والجمع أمَّاتٌ ، وأصل الأم أمهة ولذلك تجمع على أُمَّهاتٍ ، تطلق على كل جامعة لما حولها وما هو في شأنها بنحو أفضل وأكمل وأتم وأعلى وأحسن أو بالعكس .

مثل سورة الفاتحة : هي وأمّ الكتاب.

و قيل في معناها : بأنّ ذلك بالنظر إلى أن الأمّ مبتدأ الولد .وقيل سمّيت بذلك لتقدّمها و تأخّر ما سواها تبعا لها ؛ لأنّها أمّته، أي: تقدّمته؛ و لهذا يقال لراية الحرب: أمّ، لتقدّمها و اتّباع الجيش لها. و يقال لما مضى من سني الإنسان: أمّ، لتقدّمها، و لمكة: أم القرى، لتقدّمها على سائر القرى.

و قيل: أمّ الشيء: أصله، و هي: أصل القرآن ؛ لانطوائها على جميع أغراض القرآن و ما فيه من العلوم و الحكم، كما سيأتي تقريره في النوع الثالث و السبعين.

و قيل: سمّيت بذلك لأنّها أفضل السور، كما يقال لرئيس القوم: أمّ القوم.

و قيل: لأنّ حرمتها كحرمة القرآن كلّه.

وفاطمة الزهراء عليها السلام : أم المؤمنين ، لأنها جمعت كل الفضائل وهي أصل المعرفة والنور ، وتجلت عليهم بالخير والبركة والهدى والثبات والولاية ، ولها حق الشكر وتقدير النعمة ، وحب الله ورسوله وما أمر الله من مودتها إلا لجمعها لكل الفضائل وتقدمها في كل الخصال الحسنة ، ولأنها قدوة للمؤمنين والمؤمنات في فضلها .


الاحتفال بولادتها وحق المرأة :

ويا أخوتي الطيبين : لكي نركز في هذا اليوم يوم ولادة الصديقة الزهراء عليها السلام ، ونتعرف على بعض حق الأم نذكر بعض ما ذكر في شأنها الكريم :

فيا طيبين : حفظكم الله وأهلكم ، وبالخصوص أمهاتكم ورعاكم بفضله وخيره وبركاته ، ورحم الله أم دخلت رحمة الله الواسعة وأعطى الصبر لمن فارق أحن الخلق عليه وأرعاهم له ، فإنه لا بأس أن يعيد الإنسان دائما أو في مناسبة خاصة يوم ويسميه عيد الأم ، ويقدم لها الهدايا والاحترام والود بكل إخلاص ، فإنه بر الوالدين وحبهما من الإيمان وواجب شرعا وعقلا وعرفا ، وبالخصوص الأم حفظها الله ورعاها .

والمعروف : عند شيعة آل محمد عليهم السلام أن يوم الأم بل يوم المرأة العالمي الشيعي ، هو يوم مولد فاطمة الزهراءعليها السلام يوم 20 جمادى الثاني من كل سنة هجرية ، وهو في الحقيقة أفضل يوم يمكن أن يعرف به قدر الأم فإنها ، بنفسها كانت سيد نساء الأمة ونساء أهل الجنة ، وهي أم سيدا شباب أهل الجنة ، بل جاء عن نبي الرحمة أنها أم أبيها المصطفى محمد بن عبد الله سيد المرسلين وخاتم النبيين وحبيب رب العالمين في كثير من الروايات وبه تكون أفضل أم ولا يدانيها في الفضل والكرامة شيء .

ويا طيب: لما نرى ما لها من الشأن الكريم وعلو المقام ، يجب أن يكون يوم الأم والمرأة العالمي ، يوم ميلاد سيدة النساء فاطمة الزهراء بنت رسول الله من أم المؤمنين خديجة بنت خويلد التي بذلت كل شيء من أجل علو دين الله ورفعة معارفه ونصر دين الله ورسوله ، فهو في الحقيقة والواقع أفضل يوم يجب أن يختاره بنو البشر لتجليل الأم واتخاذه عيدا تكرم فيه الأم والأخت والزوجة بل والخالة والعمة ، بل جميع النساء .

فيكون يوم الأم والمرأة العالمي : يوم العطف والحنان والبر والتضحية والفداء والشفقة التي تكنه المرأة في وجودها ، كما ولكل قوم لهم يوم يقدرون فيهم عطف أمهاتهم ويسموه عيد الأم ، وفي مصر الذي شمل كل العرب هو يوم 21 آذار من كل سنة ، وهو أول الربيع ، ويسمى بالكردي والفارسي عيد النوروز أو النيروز ، أو في العراق يعتبر فيه عطلة رسمية ويسمى عيد الشجرة ، وعلى كل حال عرفنا أنه مستحب استحباب أكيد حب الأم بل واجب شرعا بر الوالدين وتكريمهم والبر بهم في كل حين فضلا عن يوم مخصوص يظهر لهم التقدير والمحبة والشكر على الحب والحنان والعمر الذي قضوه في التربية والرعاية والعطف والحنان الذي لا ينسى ولا يقدر بثمن ولا يتصور من أحد غير الأم وشأنها الكريم وما وهبها الله تعالى من القدرة على الصبر والرعاية والمحبة لأبنائها .


آيات حق الوالدين :

والله سبحانه وتعالى : أوجب هذا الحق ورعايته للوالدين وبينه بأفضل تبيين بقوله :

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ

لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ

وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً

وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ

وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ (83) } البقرة .

وقال الله سبحانه وتعالى :{ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا

وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا (36) } النساء .

وقال عز من قائل :{ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا

وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) } الأنعام .

وقال تعالى بحق الوالدين و الأم بالخصوص : { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ

حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15)} لقمان.

وقال عز وجل :

{ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا

حَمَلَتْهُ أُمُّهُ

كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا

وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا

حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)

وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (الأحقاف17) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) } الأحقاف .

كما أن بر الوالدين : مستحب وإن كانا كافرين ومشركين ، ولكن لا يطاعون في ما يعصى به الله تعالى ، والآيات والروايات كثيرة في هذا المعنى ، نذكر قسم منها :

وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ

آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ

وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) } التوبة .

وقال تعالى : { فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42) } عبس .

وجاء معنى أم : لمكة المكرمة بأنها أم القرى ودحيت الأرض منها ، ونسب لها النبي بالأمي ، قال الله تعالى :

{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) }الأنعام .

وقال سبحانه : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ

فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّالَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159) } الأعراف .


الأبوة والأمومة المعنوية :

ويا طيب : لحضرتكم أحاديث كريمة في حق الأبوة المعنوية ، ويمكن تسريتها لتشمل الأمومة المعنوية والحقيقية في الدين والمعرفة ، وهي تشرح نفسها ، وبالتدبر فيها قليلا تبين معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

أنا علي أبوا هذه الأمة .

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

أنا سيد : من خلق الله عز و جل .

و أنا خير : من جبرئيل و ميكائيل ، و إسرافيل و حملة العرش ، و جميع ملائكة الله المقربين و أنبياء الله المرسلين .

و أنا صاحب : الشفاعة و الحوض الشريف .

و أنا و علي : أبوا هذه الأمة .

من عرفنا : فقد عرف الله عز و جل .

و من أنكرنا : فقد أنكر الله عز و جل .

و من علي : سبطا أمتي ، و سيدا شباب أهل الجنة الحسن و الحسين .

و من ولد الحسين : تسعة أئمة ، طاعتهم طاعتي ، و معصيتهم معصيتي ، تاسعهم قائمهم و مهديهم .

كمال الدين و تمام النعمة ج1ص261ب24ح7.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

إن الله : قد فرض عليكم طاعتي ، و نهاكم عن معصيتي ، و أوجب عليكم اتباع أمري ، و أن تطيعوا : علي بن أبي طالب بعدي .

فإنه : أخي و وزيري ، و وارث علمي ، و هو مني و أنا منه .

حبه : إيمان ، و بغضه كفر .

ألا فمن : كنت مولاه ، فهو مولاه .

أنا و علي : أبوا هذه الأمة .

فمن : عصى أباه ، حشر مع ولد نوح .

حيث قال له أبوه : { وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) .... } هود .

ثم قال النبي صلى الله عليه وآله :

اللهم : أنصر من نصره ، و أخذل من خذله ـ و وال وليه ، و عاد عدوه .

ثم بكى النبي صلى الله عليه وآله : و ودعه ثلاث كرات ، بمشهد جمع من المهاجرين ، و الأنصار كانوا حوله جالسين يبكون .

مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين و الأئمة 46 المنقبة 22 .

وعن علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال : سألت أبا الحسن الرضا علي بن موسى عليه السلام :

فقلت له : لم كني النبي صلى الله عليه وآله ، بأبي القاسم ؟

فقال : لأنه كان له ابن يقال له قاسم ، فكني به .

قال فقلت له : يا ابن رسول الله ، فهل تراني أهلا للزيادة .

فقال عليه السلام : نعم ، أ ما علمت أن رسول الله قال :

أنا و علي : أبوا هذه الأمة .

قلت : بلى .

قال : أ ما علمت أن رسول الله أب لجميع أمته ، و علي منهم ؟

قلت : بلى .

قال : أ ما علمت أن عليا عليه السلام ، قاسم الجنة و النار .

قلت : بلى .

قال : فقيل له أبو القاسم ، لأنه أبو قسيم الجنة و النار .

فقلت له : و ما معنى ذلك ؟

قال : إن شفقة النبي على أمته ، شفقة الآباء على الأولاد .

و أفضل أمته : علي .

و من بعده : شفقة علي عليه السلام ، عليهم .

كشفقته : صلى الله عليه وآله ، لأنه وصيه و خليفته و الإمام بعده .

فلذلك قال : أنا و علي أبوا هذه الأمة .

و صعد النبي المنبر فقال : من ترك دينا أو ضياعا ، فعلي و إلي ، و من ترك مالا فلورثته ، فصار بذلك أولى بهم من آبائهم و أمهاتهم ، و أولى بهم منهم بأنفسهم .

و كذلك أمير المؤمنين : بعده جرى ذلك له ، مثل ما جرى لرسول الله .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص85ح29 . معاني الأخبار ص52ح3 .

والحديث : كريم فيه معنى نوراني ، نبي الرحمة أبو القاسم أبو أفضل خلق الله وهو علي ، أي لأن علي قسيم الجنة والنار ، هذا في الآخرة ، وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم وعلي أول المؤمنين ، فهو أولى به ، وعلي أولى بنا ، فهما أبوانا نورا ونعيما في الدنيا والآخرة ، وهكذا ترى شفقة فاطمة الزهراء لمحبيها ومحبي محبيها وشفاعتها لهم .

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

أفضل والديكم : و أحقهما لشكركم ، محمد و علي صلى الله عليهم وسلم .

و قال علي بن أبي طالب عليه السلام : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:

أنا و علي : أبوا هذه الأمة .

و لحقنا : عليهم ، أعظم من حق أبوي ولادتهم .

فإنا : ننقذهم إن أطاعونا من النار إلى دار القرار ، و نلحقهم من العبودية بخيار الأحرار .

و قالت فاطمة عليها السلام :

أبوا هذه الأمة : محمد و علي .

يقيمان : أودهم ، و ينقذانهم من العذاب الدائم إن أطاعوهما .

و يبيحانهم : النعيم الدائم إن وافقوهما .

و قال الحسن بن علي عليه السلام :

محمد و علي : أبوا هذه الأمة .

فطوبى : لمن كان بحقهما عارفا ، و لهما في كل أحواله مطيعا . يجعله الله : من أفضل سكان جنانه ، و يسعده بكراماته و رضوانه .

وقال الحسين بن علي عليه السلام :

من عرف : حق أبويه الأفضلين ، محمد و علي ، و أطاعهما حق الطاعة .

قيل له : تبحبح في أي الجنان شئت .

وقال علي بن الحسين عليه السلام :

إن كان : الأبوان إنما عظم حقهما على أولادهما ، لإحسانهما إليهم .

فإحسان : محمد و علي إلى هذه لأمة ، أجل و أعظم فهما، بأن يكونا أبويهم أحق ....

التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام ص 330 ، ح 189 - 194 ، وعنه في البحار وتفسير البرهان وكتاب تأويل الآيات وغيرها .


أحاديث بر الوالدين :

ويا طيب : بعد أن عرفنا حق الأب المادي والمعنوي والبدني والروحاني ، نذكر بعض الأحاديث التي تبين حقوقهما بالإضافة لما عرفنا وتشرحه :

عن أبي ولاد الحناط قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام : عن قول الله عز و جل : { و بالوالدين إحسانا } ما هذا الإحسان ؟

فقال عليه السلام : الإحسان أن تحسن صحبتهما ، و أن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه و إن كانا مستغنيين .

أ ليس يقول الله عز و جل : { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } .

قال : ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : و أما قول الله عز و جل : { إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما } .

قال : إن أضجراك فلا تقل لهما أف ، و لا تنهرهما إن ضرباك .

قال : { و قل لهما قولا كريما } .

قال : إن ضرباك فقل لهما غفر الله لكما ، فذلك منك قول كريم .

قال : { و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة } .

قال : لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلا برحمة و رقة ، و لا ترفع صوتك فوق أصواتهما ، و لا يدك فوق أيديهما ، و لا تقدم قدامهما .

وعن محمد بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله أوصني ؟

فقال : لا تشرك بالله شيئا و إن حرقت بالنار و عذبت إلا و قلبك مطمئن بالإيمان .

و والديك فأطعهما : و برهما ، حيين كانا أو ميتين ، و إن أمراك أن تخرج من أهلك و مالك ، فافعل ، فإن ذلك من الإيمان .

و عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يأتي يوم القيامة شيء مثل الكبة ، فيدفع في ظهر المؤمن فيدخله الجنة .

فيقال : هذا البر .

و عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

قلت : أي الأعمال أفضل ؟

قال عليه السلام : الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله عز وجل.

و عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما حق الوالد على ولده ؟

قال : لا يسميه باسمه ، و لا يمشي بين يديه ، ولا يجلس قبله ، ولا يستسب له .

الكافي ج2ص158ح1ح2ح3ح4ح5 .

و عن محمد بن مروان قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين و ميتين ، يصلي عنهما ، و يتصدق عنهما ، و يحج عنهما ، و يصوم عنهما ، فيكون الذي صنع لهما ، و له مثل ذلك ، فيزيده الله عز و جل ببره و صلته خيرا كثيرا .

وعن معمر بن خلاد قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : أدعو لوالدي إذا كانا لا يعرفان الحق ؟

قال : ادع لهما و تصدق عنهما ، و إن كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما .

فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق .

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

فقال : يا رسول الله من أبر ؟ قال : أمك .

قال : ثم من ؟ قال : أمك .

قال : ثم من ؟ قال : أمك .

قال : ثم من ؟ قال : أباك .

وعن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله إني راغب في الجهاد نشيط .

قال فقال له النبي : فجاهد في سبيل الله ، فإنك إن تقتل تكن حيا عند الله ترزق ، و إن تمت فقد وقع أجرك على الله ، و إن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت .

قال : يا رسول الله إن لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ، و يكرهان خروجي .فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فقر مع والديك ، فو الذي نفسي بيده ، لأنسهما بك يوما و ليلة خير من جهاد سنة .

الكافي ج2ص159ح7ح8ح9ح10 .


بر الأبن المسلم بأمه النصرانية:

عن زكريا بن إبراهيم قال : كنت نصرانيا فأسلمت و حججت ، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام ، فقلت : إني كنت على النصرانية و إني أسلمت .

فقال عليه السلام : و أي شيء رأيت في الإسلام ؟

قلت : قول الله عز و جل : { ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان و لكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء } .

فقال : لقد هداك الله . ثم قال : اللهم اهده ثلاثا ، سل عما شئت يا بني .

فقلت : إن أبي و أمي على النصرانية ، و أهل بيتي ، و أمي مكفوفة البصر ، فأكون معهم و آكل في آنيتهم ؟

فقال : يأكلون لحم الخنزير ؟

فقلت : لا و لا يمسونه .

فقال : لا بأس ، فانظر أمك فبرها ، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك ، كن أنت الذي تقوم بشأنها ، و لا تخبرن أحدا أنك أتيتني حتى تأتيني بمنى إن شاء الله .

قال : فأتيته بمنى و الناس حوله كأنه معلم صبيان ، هذا يسأله ، و هذا يسأله .

فلما قدمت الكوفة : ألطفت لأمي ، و كنت أطعمها ، و أفلي ثوبها و رأسها و أخدمها .

فقالت لي : يا بني ما كنت تصنع بي هذا و أنت على ديني ، فما الذي أرى منك منذ هاجرت فدخلت في الحنيفية .

فقلت : رجل من ولد نبينا أمرني بهذا . فقالت : هذا الرجل هو نبي ؟

فقلت : لا و لكنه ابن نبي ، فقالت : يا بني إن هذا نبي إن هذه وصايا الأنبياء .

فقلت : يا أمه إنه ليس يكون بعد نبينا نبي ، و لكنه ابنه .

فقالت : يا بني دينك خير دين ، اعرضه علي ، فعرضته عليها ، فدخلت في الإسلام ، و علمتها فصلت الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة .

ثم عرض لها عارض في الليل ، فقالت : يا بني أعد علي ما علمتني ، فأعدته عليها ، فأقرت به و ماتت ، فلما أصبحت كان المسلمون الذين غسلوها ، و كنت أنا الذي صليت عليها و نزلت في قبرها .

وعن عمار بن حيان قال : خبرت أبا عبد الله عليه السلام ، ببر إسماعيل ابني بي .

فقال : لقد كنت أحبه ، و قد ازددت له حبا .

إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أتته أخت له من الرضاعة ، فلما نظر إليها سر بها ، و بسط ملحفته لها ، فأجلسها عليها .

ثم أقبل : يحدثها و يضحك في وجهها ، ثم قامت و ذهبت .

و جاء أخوها : فلم يصنع به ما صنع بها .

فقيل له : يا رسول الله صنعت بأخته ما لم تصنع به ، و هو رجل ؟

فقال : لأنها كانت أبر بوالديها منه .

الكافي ج2ص161ح11ح12 .


بر أبناء بأبويهم :

عن إبراهيم بن شعيب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن أبي قد كبر جدا و ضعف ، فنحن نحمله إذا أراد الحاجة ؟

فقال : إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل ، و لقمه بيدك ، فإنه جنة لك غدا .

وعن جابر قال : سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله عليه السلام :

إن لي أبوين مخالفين ؟ فقال : برهما ، كما تبر المسلمين ممن يتولانا .

عن عنبسة بن مصعب عن أبي جعفر عليه السلام قال : ثلاث لم يجعل الله عز و جل لأحد فيهن رخصة :

أداء الأمانة : إلى البر و الفاجر ، و الوفاء بالعهد للبر و الفاجر ، و بر الوالدين برين كانا أو فاجرين .

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : من السنة و البر أن يكنى الرجل باسم أبيه .

عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السالم قال : جاء رجل و سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن بر الوالدين ؟

فقال : ابرر أمك ، ابرر أمك ، ابرر أمك ، ابرر أباك ، ابرر أباك ، ابرر أباك ، و بدأ بالأم قبل الأب .

وعن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إني قد ولدت بنتا و ربيتها ، حتى إذا بلغت فألبستها و حليتها ، ثم جئت بها إلى قليب فدفعتها في جوفه ، و كان آخر ما سمعت منها ، و هي تقول : يا أبتاه ، فما كفارة ذلك .

قال : أ لك أم حية ؟ قال : لا .

قال : فلك خالة حية ؟

قال : نعم .

قال : فأبررها ، فإنها بمنزلة الأم ، يكفر عنك ما صنعت .

قال أبو خديجة فقلت لأبي عبد الله عليه السلام : متى كان هذا ؟

فقال : كان في الجاهلية ، و كانوا يقتلون البنات مخافة أن يسبين فيلدن في قوم آخرين .

عن حنان بن سدير عن أبيه قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : هل يجزي الولد والده ؟ فقال عليه السلام : ليس له جزاء إلا في خصلتين ، يكون الوالد مملوكا فيشتريه ابنه فيعتقه ، أو يكون عليه دين فيقضيه عنه .

وعن عمرو بن شمر عن جابر قال : أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : إني رجل شاب نشيط و أحب الجهاد ، و لي والدة تكره ذلك ؟

فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ارجع فكن مع والدتك ، فو الذي بعثني بالحق نبيا ، لأنسها بك ليلة خير من جهادك في سبيل الله سنة .

وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن العبد ليكون بارا بوالديه في حياتهما ثم يموتان ، فلا يقضي عنهما ديونهما ، ولا يستغفر لهما ، فيكتبه الله عاقا.

و إنه ليكون عاقا : لهما في حياتهما غير بار بهما ، فإذا ماتا : قضى دينهما ، و استغفر لهما ، فيكتبه الله عز و جل بارا .

الكافي ج2ص162ح12ح13ح14ح15 ح16ح17ح18ح19ح20ح21 .


كلام أمير المؤمنين لبر الوالدين:

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في غرر الحكم في معنى بر الوالد :

بر الوالدين : أكبر فريضة .

بروا : آباءكم ، يبركم أبناؤكم .

من : بر والديه ، بره ولده .

مودة : الآباء ، نسب بين الأبناء .

موت الوالد : قاصمة الظهر .

غرر الحكم ص408ب1ف 3 من ح9339 .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في غرر الحكم في معنى بر الوالد :

الولد : الصالح ، أجمل الذكرين .

الولد : أحد العدوين .

أشد المصائب : سوء الخلف .

خير : ما ورث الآباء الأبناء الأدب .

شر : الأولاد ، العاق .

من استنكف : من أبويه ، فقد خالف الرشد .

من العقوق : إضاعة الحقوق .

ولد : عقوق ، محنة و شؤم .

ولد السوء : يهدم الشرف ، و يشين السلف .

ولد السوء : يعر لسلف ، و يفسد الخلف .

عظم الله : أجرك فيما أباد ، و بارك لك فيما أفاد .

فقد الولد : محرق الكبد .

موت الولد صدع في الكبد .

موت الأخ قص الجناح و اليد .

غرر الحكم ص408ب1ف 3 من ح9344.


دعاء الإمام السجاد للوالدين :

وأفضل ما بين حق الوالدين الإمام زين العابدي علي بن الحسين في الصحيفة السجادية في الدعاء نختار منه مقاطعه الأولى ولمن يحب يراجعه في الصحيفة :

(24) (وَ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبَوَيْهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ:)

(2) وَ اخْصُصِ اللَّهُمَّ وَالِدَيَّ بِالْكَرَامَةِ لَدَيْكَ، وَ الصَّلَاةِ مِنْكَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (3) اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ أَلْهِمْنِي عِلْمَ مَا يَجِبُ لَهُمَا عَلَيَّ إِلْهَاماً، وَ اجْمَعْ لِي عِلْمَ ذَلِكَ كُلِّهِ تَمَاماً، ثُمَّ اسْتَعْمِلْنِي بِمَا تُلْهِمُنِي مِنْهُ، وَ وَفِّقْنِي لِلنُّفُوذِ فِيمَا تُبَصِّرُنِي مِنْ عِلْمِهِ حَتَّى لَا يَفُوتَنِي اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ عَلَّمْتَنِيهِ، وَ لَا تَثْقُلَ أَرْكَانِي عَنِ الْحَفُوفِ فِيمَا أَلْهَمْتَنِيهِ (4).....

وإن أحببت المزيد : راجعه في الصحيفة السجادية وصلى فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ، وحشرنا الله معهم في الدنيا والآخرة علما وفهما وقولا وفعلا آمين.








شرح أبوذية محدثة

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سلام الله على فاطمة محدثه

وعلى من تعلم منها ومحدثه

وعرف للطيبين غرره ومحدثه

لهم خالص من الضلال كهدية

أو :

سلام الله على فاطمة و أبيها و بعلها و بنيها العالمة ومحدثه

و على السر المستودع فيها و على من تعلم علومها ومحدثه

وعرفه لأهله وأصدقائه ومختارا لهم غرر حديث آلها ومحدثه

خالصا من ضلال مخالفيهم و بمودة يدفعه لهم كأفضل هدية


شرح الأبوذية :


سلام الله على فاطمة و أبيها و بعلها و بنيها العالمة ومحدثه


محدثة : لقب لفاطمة :

محدثة : اسم لقب لسيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام، فإنه كانت تأتيها الملائكة تؤنسها وتحدثها سواء في حياة أبيها أو بعده ، ومن أحاديثهم معها مصحف فاطمة ، فكانت تحدث زوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بما تسمعه منهم وكان يكتبه ، وورثه الحسن ثم الحسين وأولاد الحسين صلى الله عليهم وسلم .

وعن إسحاق بن جعفر قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

إنما سميت : فاطمة محدثة ، لأن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران .

فتقول : يا فاطمة : الله اصطفاك و طهرك واصطفاك على نساء العالمين .

يا فاطمة : اقنتي لربك و اسجدي و اركعي مع الراكعين ، فتحدثهم و يحدثونها .

فقالت لهم : ذات ليلة أ ليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران:

فقالوا : إن مريم كانت سيدة نساء عالمها ، و إن الله عز و جل جعلك سيدة نساء عالمك و عالمها ، و سيدة نساء الأولين و الآخرين.

علل الشرائع ج1ص183ب146ح1 ،

وعن سليمان : قال محمد بن أبي بكر : لما قرأ { وما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث} ولا محدث على قراءة ابن عباس، وهل يحدث الملائكة إلا الأنبياء .

قال : مريم لم تكن نبيه و كانت محدثة، و أم موسى بن عمران كانت محدثة و لم تكن نبيه، وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب و لم تكن نبيه .

و فاطمة بنت رسول الله : كانت محدثة و لم تكن نبيه.

و قد روي : أن سلمان الفارسي كان محدثا .

فسئل : الصادق عليه السلام عن ذلك ، و قيل له : من كان يحدثه ؟

فقال : رسول الله و أمير المؤمنين صلى الله عليهم وسلم .

و إنما صار محدثا : دون غيره ممن كان يحدثانه ، لأنهما كانا يحدثانه بما لا يحتمله غيره من مخزون علم الله و مكنونه.


 


و على السر المستودع فيها و على من تعلم علومها ومحدثه


محدثة : يحدث به :

ومحدثه : يحدث به من يعرفه ومن فيحيطه من أهله وأصدقائه أو نشره على المواقع الإجتماعية والمنتديات والصفحات الشخصية ، فيكتب أو يقرأ لها قسم من سيرة وسلوك وأحديث ومعارف الصديقة فاطمة الزهراء وآلها آل محمد صلى الله عليهم وسلم ومعارف هداهم وتعالميهم الخالصة من غير خلط بغيرها .

قال الله تعالى: { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) }النحل .

{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)}السجدة .

{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)}فصلت.

{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)}الذاريات.

{أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ (5)}إبراهيم.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يجيء الرجل يوم القيامة و له من الحسنات كالسحاب الركام أو كالجبال الرواسي .

فيقول : يا رب أنى لي هذا و لم أعملها .

فيقول : هذا علمك الذي علمته الناس يعمل به من بعدك.

وقال: إذا كان يوم القيامة وزن مداد العلماء بدماء الشهداء ، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام : المؤمن العالم أعظم أجرا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله ، و إذا مات ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء إلى يوم القيامة.

وعن الإمام الباقر قال: من علم باب هدى كان له أجر من عمل به و لا ينقص أولئك من أجورهم ، و من علم باب ضلال كان له وزر من عمل به و لا ينقص أولئك من أوزارهم.

وقال: عالم ينتفع بعلمه أفضل من عبادة سبعين ألف عابد.

وعن الإمام الصادق: من علم خيرا فله بمثل أجر من عمل به ، قلت : فإن علمه غيره يجري ذلك له ، قال : إن علمه الناس كلهم جرى له قلت فإن مات . قال: و إن مات.

و قال: إذا كان يوم القيامة بعث الله عز و جل العالم و العابد فإذا وقفا بين يدي الله عز و جل قيل للعابد انطلق إلى الجنة .

و قيل للعالم : قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم.

وعن الإمام الرضا عليه السلام: فقيه واحد أشد على إبليس من ألف عابد.

ويكفي لمعرفة : فضل تعليم الهدى وفضله حديث فاطمة الزهراء عليها السلام وتجده في صحيفتها .


 


وعرفه لأهله وأصدقائه ومختارا لهم غرر حديث آلها ومحدثه

خالصا من ضلال مخالفيهم و بمودة يدفعه لهم كأفضل هدية


محدثه : يبلغ خالص العلم :

محدثه : مح دثه ، مح خالص الشيء ، كانت قريش بيضة فتفلقت _ فالمح خالصة لعبد مناف. وفي توحيد المفضل : اعتبر بخلق البيضة و ما فيها من المح الأصفر الخاثر و الماء الأبيض الرقيق فبعضه ينشو منه الفرخ و بعضه ليغتذي به إلى أن تنقاب عنه....

دثه : معناها دفعه ، فيختار خالص أقوال وغرر أحاديث أهل البيت ودرر كلامهم الحسن ويحدث به من يعرفه ويدفعه لهم بتفهم وتدبر ، ولا يختار المتشابه والصعب الذي يحتاج لشرح طويل أو للتأويل أو المخالف للحق وما يذكره ودسه أعداء آل محمد ومخالفيهم .

و دَثَّهُ دَثَّاً، كَقَتَلَ: دَفَعَهُ و ضَرَبَهُ شديداً، و رَمَى به، و منه: الدَّثُ من الخَبَرِ، أي المظنونُ، كقولهم: الحديثُ المُرَجَّمُ من رَجَّمَ به؛ أي رَمىَ به.

أو تقرأ محدثه : بمعنى الحادث والحديث الغير الأصيل لا يحدث به فيضاف قبلها لا.








شرح أبوذية منصورة

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سلام الله على فاطمة منصوره

فالح يوم ينفخ إسرافيل منصوره

محبها وفرح و ما أجمله منصوره

وعدوها محزون وصورته مشوية

أو :

سلام الله على سيدة النساء فاطمة الزهراء المؤيدة منصوره

فاز من والاها وآلها وفلح محبهم حين ينفخ إسرافيل منصوره

و يحشر فرح مسرور أبيض وجهه وما أحلاه وأجمله منصوره

مستبشرة برحمة ربها و عدوها مسود قبيح بصورة شيطانية


شرح الأبوذية :


سلام الله على سيدة النساء فاطمة الزهراء المؤيدة منصوره


منصورة اسم لقب لفاطمة :

منصوره : منصورة اسم لقب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام ، وهي المنصورة ، بتأييد الله لها ولآلها وتطهيرها وجعلها سيدة النساء في الدنيا والآخرة وهي كوثر الخير والبركة وجعل لها المقام الكريم مع أبيها وبعلها وبينها والشأن العظيم ، ونصرها في الدنيا بحب المؤمنين والطيبين وودهم لها وسلامهم وصلاتهم عليها وعلى آلها ، وبغض أعدائها ممن خالفهم وعاداهم، ولهم منها التأييد والشفاعة ورضا الله لرضاها وبغضه لمن بغضها وآذاها وتبع وحب أعدائها ومخالفيها .

والنَّصر: إِعانة المظلوم ؛ نصَره على عدوّه ينصُره و نصَره ينصُره نصْراً، نُصَيْرٌ و ناصِر و مَنْصُور و مَنْصُورة: أَسماء..

وعن الإمام الصادق : أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

معاشر الناس : تدرون لما خلقت فاطمة ؟

قالوا : الله و رسوله أعلم .

قال : خلقت فاطمة حوراء إنسية ، لا إنسية .

قال : خلقت من عرق جبرئيل و من زغبه .

قالوا : يا رسول الله أشكل علينا، تقول: حوراء إنسية لا إنسية، ثم تقول: من عرق جبرئيل و من زغبه.

قال : إذا أنبئكم ، أهدى إلي ربي تفاحة من الجنة أتاني بها جبرئيل ، فضمها إلى صدره فعرق جبرئيل و عرقت التفاحة فصار عرقهما شيئا واحدا .

ثم قال : السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله و بركاته . قلت : و عليك السلام يا جبرئيل .

فقال : إن الله أهدى إليك تفاحة من الجنة فأخذتها فقبلتها ، و وضعتها على عيني و ضممتها إلى صدري .

ثم قال : يا محمد كلها .

قلت : حبيبي جبرئيل هدية ربي تؤكل؟

قال: نعم قد أمرت بأكلها.

فأفلقتها : فرأيت منها نورا ساطعا ففزعت من ذلك النور .

قال : كل فإن ذلك نور المنصورة فاطمة .

قلت : يا جبرئيل و من المنصورة ؟

قال : جارية تخرج من صلبك ، اسمها في السماء المنصورة و في الأرض فاطمة .

فقلت : يا جبرئيل ، و لم سميت في السماء منصورة و في الأرض فاطمة ؟

قال : سميت فاطمة في الأرض لأنه فطمت شيعتها من النار ، و فطمت أعداؤها عن حبها .

و ذلك قول الله في كتابه : { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ (5)} الروم ، بنصر فاطمة عليها السلام.

تفسير فرات الكوفي ص321ح435 .


 


فاز من والاها وآلها وفلح محبهم حين ينفخ إسرافيل منصوره


من صوره ينفخ اسرافيل :

منصوره : من صور ه ، الملك إسرافيل ينفخ في الصور وهو يشبه القرن كبير جدا نفختين النفخة الأولى يخرج منه صوت بصيحة شديدة يموت فيها الأحياء كلهم ، ثم يلبث ما شاء الله فينفخ فيه أخرى فيحشر الخلائق حسب إيمانهم وعملهم من صور حسنة بهية منيرة فرحه مستبشرة ناظرة إلى رحمة الله طيبة النفس طاهرة من كل عيب، وبعظهم ينشرون بصور قبيحة مكفهره عبوسة سيئة المنقلب والحال .

قال الله تعالى :

{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ

ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68)

وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) } الزمر .

وآيات النفخ في الصور : كثيرة وتصف حالات ومقامات متنوعة في الدنيا والآخرة ، وإقراء آخر سورة عبس وما في سورة المطففين والصاخة وغيرها ، ومحل بحثها في صحيفة المعاد إن شاء الله .


 

حديث جامع للصور :

قوله تعالى : { وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ- إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ- ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ } .

قال علي بن إبراهيم بسنده عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام قال :

سئل : عن النفختين كم بينهما ؟

قال عليه السلام : ما شاء الله .

فقيل له : فأخبرني يا ابن رسول الله كيف ينفخ فيه .

فقال : أما النفخة الأولى : فإن الله يأمر إسرافيل فيهبط إلى الأرض و معه الصور ، و للصور رأس واحد ، و طرفان ، و بين طرف كل رأس منهما ما بين السماء و الأرض.

قال : فإذا رأت الملائكة إسرافيل ، و قد هبط إلى الدنيا و معه الصور .

قالوا : قد أذن الله في موت أهل الأرض ، و في موت أهل السماء .

قال : فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدس ، و يستقبل الكعبة .

فإذا رأوه أهل الأرض قالوا : قد أذن الله في موت أهل الأرض .

قال: فينفخ فيه نفخة ، فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي أهل الأرض، فلا يبقى في الأرض ذو روح إلا صعق و مات .

و يخرج الصوت : من الطرف الذي يلي أهل السماوات ، فلا يبقى في السماوات ذو روح إلا صعق و مات ، إلا إسرافيل فيمكثون في ذلك ما شاء الله .

قال : فيقول الله لإسرافيل : يا إسرافيل مت فيموت إسرافيل .

فيمكثون : في ذلك ما شاء الله.

ثم يأمر الله : السماوات فتمور ، و يأمر الجبال فتسير .

و هو قوله : { يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً وَ تَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً } يعني تبسط و تبدل الأرض غير الأرض ، يعني بأرض لم تكسب عليها الذنوب ، بارزة ليس عليها جبال و لا نبات كما دحاها أول مرة .

و يعيد عرشه : على الماء كما كان أول مرة ، مستقلا بعظمته و قدرته ز

قال : فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله بصوت من قبله جهوري ، يسمع أقطار السماوات و الأرضين { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ! } فلا يجيبه مجيب.

فعند ذلك : يقول الجبار مجيبا لنفسه : { لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ } .

وَ أَنَا قَهَرْتُ : الْخَلَائِقَ كُلَّهُمْ وَ أَمَتُّهُمْ ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي لَا شَرِيكَ لِي وَ لَا وَزِيرَ لِي ، وَ أَنَا خَلَقْتُ خَلْقِي بِيَدِي ، وَ أَنَا أَمَتُّهُمْ بِمَشِيَّتِي ، وَ أَنَا أُحْيِيهِمْ بِقُدْرَتِي.

قال : فينفخ الجبار نفخة في الصور ، فيخرج الصوت من أحد الطرفين الذي يلي السماوات، فلا يبقى في السماوات أحد إلا حيي، و قام كما كان ، و يعود حملة العرش ، و تحضر الجنة و النار ، و تحشر الخلائق للحساب .

قال : فرأيت علي بن الحسين عليه السلام ، يبكي عند ذلك بكاء شديدا .

تفسير القمي ج2ص 253 .


 


و يحشر فرح مسرور أبيض وجهه وما أحلاه وأجمله منصوره

مستبشرة برحمة ربها و عدوها مسود قبيح بصورة شيطانية


منصوره : جمال صورة المؤمن :

منصوره : من صوره ، صورة وجه المؤمن فرح أبيض مستبشر بكل خير ، وصورة الكافر قبيحة مكفهرة عبوسة ، وقد قال الله تعالى :

{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ

وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)

وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) } آل عمران .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله : في نفر من أصحابه فيهم علي بن أبي طالب عليه السلام فقال :

يخرج قوم من قبورهم : وجوههم أشد بياضا من القمر ، عليهم ثياب أشد بياضا من اللبن ، عليهم نعال من نور شركها من ذهب ، فيؤتون بنجائب من نور عليها رحائل من نور أزمتها سلاسل من ذهب و ركبها من زبرجد فيركبون عليها حتى يصيروا أمام العرش ، و الناس يهتمون و يغتمون و يحزنون و هم يأكلون و يشربون .

فقال علي عليه السلام : من هم يا رسول الله ؟

فقال : أولئك شيعتك و أنت إمامهم .

المحاسن ج1ص179ح168 .

ومرت وتأتي : أحاديث في هذا المعنى تبين بياض وجه المؤمن وفرحه وسروره في الدنيا والآخرة ، لما له من الاطمئنان والثبات وراحة البال واليقين الموجب للسعادة بما هو عليه من معرفة الحق والولاية للنبي وآله صلى الله عليهم وسلم ، وإنه بهم وبمعرفتهم يسير بصراط مستقيم لكل خير وفضيلة وراحة ونعيم .








شرح أبوذية فاضلة

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

بضعة المصطفى فاطمة فاضله

و لوليها علم ورضا الله فاضله

و عدوها تابع لشيطان فاضله

فقيمته كفاضله و نفسه ردية

أو :

سلامي و صلاتي على أم الأئمة بضعة المصطفى فاطمة فاضله

ولمن تولاها وآلها معارف الهدى و علوم الدين و رضا الله فاضله

و من تبع من خالفهم فضلا عمن قاتلهم تعبد برأي باطل فاضله

و أكل فاضله خيرا له من التعلم و طاعة أعداء النبي وأل الزچیه


شرح الأبوذية :


سلامي و صلاتي على أم الأئمة بضعة المصطفى فاطمة فاضله


فاضلة : اسم لقب لفاطمة :

فاضله : الفاضلة اسم لقب للصديقة فاطمة الزهراء ، و الفَاضِلَةُ مؤنث فاضل. و الفَضْل والفَضِيلة: ضدُّ النَّقْص و النَّقِيصة، والجمع فُضُول، وعَرَفْتُهُ رَجُلاً فَاضِلاً: ذَا فَضْلٍ وَمُرُوءةٍ وَخُلُقٍ حَسَنٍ. والجمع أفَاضِلُ . والفَضِيلة : الدَّرَجة الرفيعة في الفَضْل ، والفِضَال والتَّفاضُل: التَّمازِي في الفَضْل. و فَضَّله: مَزَّاه. و التَّفاضُل بين القوم: أَن يكون بعضهم أَفضَل من بعض، وهِيَ فُضْلَى بَنَاتِ عَصْرِها: أحْسَنُهُنَّ وأَعْلاَهُنَّ مَرْتَبَةً ، أكْثَرُهُنَّ فَضْلاً . فُضْلَى السَّيِّدَاتِ .

وأفضل النساء : الفاضلة فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام، هي أفضل وأحسن وأكرم وأعلى شأنا من جميع نساء العالمين وفي الدنيا والآخرة ، وهي أفضلهن طاعة لله تعالى ، وأفضلهن خلقا وخلقا وشرفا ومجدا، وهي التي طهرها الله تعالى وأمر بمودتها وزكاها وصدقها في آية المباهلة ، ولها الفضل على كل نساء العالمين بكل شيء يخصها وصفة تعمها ، وسيرة وسلوك وعلم وعمل ونية وقول ، والله تعالى وأبيها سيد رسله هما من عرف مناقبها وفضلها على غيرها في كثير من الآيات والروايات ، حتى عقد في كل كتب الصحاح والسير والتأريخ الإسلامي عامه وخاصة ، بل والفقه بابا في فضلها وعلو شأنها وما يبين مناقبها وزيارتها ، وإن النقصان والرذيلة لمن خالفها .

وفضل فاطمة وآلها عليهم السلام : حكاه الله في كتابه ، فإن الله سبحانه يختص برحمته وفضله من يشاء ، وسخر كل شيء للبشر وفضله على كثير من الخلق ، وفضل نبينا وآله على كل العباد حيث قال :{ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) } آل عمران .


فضل فاطمة وآلها :

والله تعالى : يحكي قصة من فضلهم ومن يتسلط وحكم ومنع آل النبي الطاهرين عليهم السلام من نشر ما فضلهم الله به من العلم والحكمة ، فبالمكر والحيلة والخداع يغصب الخلافة فيعين من يشاء إمام مسجد وواعظ في كل بلاد المسلمين ، بل يمنعهم أرثهم من رسول الله ويغصب فدك وكانت بيد فاطمة الزهراء عليها السلام وقد فضلها الله بها كحق حيث أمر إيتاء ذي القربى حقه فأعطها لها ، فضلا عن غصب الخلافة وملك رسول الله تعالى لبعلها وذريتها ، وهم ومن نصبهم الله وأمر بودهم وطهرهم ، فيبعدهم المتسلط الغاصب للخلافة عن ظهور شأنهم ومعارف هداهم ، وتعريف من يشاء بالولاية والحكومة له ولمن بعده ويمنع من هم أحق بها ، وقد قال الله تعالى :

{ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53)

أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ

فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ = وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54) } النساء .

ولا أحد : منع حقه وحسد وعادوه بالإقصاء وغصب حقه ومنع بيان فضله ومن بيان ملك الله العظيم الكتاب والحكم وهم الراسخون بعلومه والعارفين بتنزيله وتأويله ، إلا آل محمد عليهم الصلاة والسلام ، بل وأجروا عليهم كل بلاء ومصيبة .

وإن أفضل آل إبراهيم : نبينا محمد وآله صلى الله عليهم وسلم ، وهم الناس الذين حسدوا وغصب حقهم وأقصوا وقتلوا وأوذوا ، أولهم فاطمة وبعلها وبنينها وهم آل محمد وأهل بيته وذريته وقرباه المأمورون بوصلهم وودهم وطاعتهم وأتباع ولايتهم عليهم السلام ، وهذا هو فضل الله العظيم عليهم أجمعين سلام الله وصلاته عليهم ، كما والآيات التي تعرف فضلهم في التطهير والصلاة والسلام والتسليم عليهم ولهم ووجوب مودتهم وأنهم كوثر الخير والبركة والأبرار في سورة الدهر والمباهلة والولاية والإمامة وغيرهن لكثير .

والروايات : في فضلهم كثيرة : تراجع في كتب الفضائل والمناقب ونذكر ما يعرف فضل الصديقة الفاضلة ، وإنها أفضل نساء الخلق ، وأنها الفاضلة الزكية كما جاء في زيارتها عليها السلام : ..


 

زيارة الصديقة الفاضلة :

السَّلَامُ عَلَيْكِ : يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ نَبِيِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ حَبِيبِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ خَلِيلِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ صَفِيِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ أَمِينِ اللَّهِ .

السَّلَامُ عَلَيْكِ : يَا بِنْتَ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ أَفْضَلِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ مَلَائِكَتِهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا ابْنَةَ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ .

السَّلَامُ عَلَيْكِ : يَا سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا زَوْجَةَ وَلِيِّ اللَّهِ وَ خَيْرِ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ .

السَّلَامُ عَلَيْكِ : يَا أُمَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ .

السَّلَامُ عَلَيْكِ : أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ الشَّهِيدَةُ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الرَّضِيَّةُ الْمَرْضِيَّةُ .

السَّلَامُ عَلَيْكِ : أَيَّتُهَا الْفَاضِلَةُ الزَّكِيَّةُ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْحُورِيَّةُ الْإِنْسِيَّةُ .

السَّلَامُ عَلَيْكِ : أَيَّتُهَا التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمُحَدَّثَةُ الْعَلِيمَةُ .

السَّلَامُ عَلَيْكِ : أَيَّتُهَا الْمَظْلُومَةُ الْمَغْصُوبَةُ ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمُضْطَهَدَةُ الْمَقْهُورَةُ . السَّلَامُ عَلَيْكِ : يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ....

من لا يحضره الفقيه ج2ص573 .


أحاديث في فضلها :

وعن عبد الصمد بن بشير قال: دخلت امرأة على أبي عبد الله عليه السلام ، فقالت : أصلحك الله إني امرأة متبتلة . فقال : و ما التبتل عندك ؟

قالت : لا أتزوج . قال : و لم ؟ قالت : ألتمس بذلك الفضل !

فقال عليه السلام : انصرفي ، فلو كان ذلك فضلا ، لكانت فاطمة ، أحق به منك، إنه ليس أحد يسبقها إلى الفضل .

الكافي ج5ص509ح3 .

بل وفضل آلها : على الناس بين واضح للعباد المؤمنين ، وقد كان الإمام الصادق عليه السلام ، هو وجماعة من أهل البيت عند حاكم المدينة ، فقال المتسلط :

يا بني علي و يا بني فاطمة : ما فضلكم على الناس ؟ فسكتوا .

فقال عليه السلام : إن من فضلنا على الناس ، أنا لا نحب أنا من أحد سوانا ، و ليس أحد من الناس ، لا يحب أنه منا إلا أشرك ، ثم قال أرووا هذا.

المحاسن ج2ص333ح101 . وهو مصداق من تبعني فإنه مني ، ومن أحب قوما حشر معهم ، ومن أحب عمل قوم أشرك معهم ، وشيعتهم منهم ، ولكم هذا الحديث:

عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله تبارك و تعالى يقول : استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك ، من ترك ولاية علي و والى أعداءه ، و أنكر فضله و فضل الأوصياء من بعده .

فإن فضلك فضلهم : و طاعتك طاعتهم ، و حقك حقهم ، و معصيتك معصيتهم ، و هم الأئمة الهداة من بعدك ، جرى فيهم روحك ، و روحك ما جرى فيك من ربك ، و هم عترتك من طينتك و لحمك و دمك ، و قد أجرى الله عز و جل فيهم سنتك و سنة الأنبياء قبلك .

و هم : خزاني على علمي من بعدك ، حق علي لقد اصطفيتهم و انتجبتهم و أخلصتهم و ارتضيتهم ، و نجا من أحبهم و والاهم ، و سلم لفضلهم ، و لقد أتاني جبرئيل بأسمائهم و أسماء آبائهم و أحبائهم و المسلِمين لفضلهم.

الكافي ج1ص208ح4 .

كما وجاءت أحاديث : في أن ذكرهم من ذكر الله ، وذكر عدوهم من ذكر الشيطان ، وإن من ذكر فضائلهم وسيرتهم وسلوكهم وهداهم ومعارف تعاليمهم ، فإنه من عبادة الله وطاعته ، ولا يقاس بالنبي وآله وفاطمة وآلها أحد من الناس ولا يدانيهم بالفضل بشر وخلق من عباد الله ، فهم أئمة الهدى وولاة أمره وحجته على عباده ، ولا يسع ذكر فضائلها هذا المختصر فراجعه في صحيفة فاطمة الزهراء من موسوعة صحف الطيبين ، ومر حديث ما قال جابر للإمام الباقر عليه السلام : جعلت فداك يا ابن رسول الله حدثني بحديث في فضل جدتك فاطمة عليها السلام ، إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك قال أبو جعفر حدثني أبي عن جدي عن رسول الله قال إذا كان يوم القيامة .... ، وأقراء حديث الكساء اليماني والمفاخرة بين النورين فاطمة وعلي وزيارة الجامعة ومناقبهم.


 


ولمن تولاها وآلها معارف الهدى و علوم الدين و رضا الله فاضله


فاضله : فيض تغمده :

فاضله : فاض له ، تغمده الله برحمته ، وأنزل عليه بركاته ، وتجلى له ببرهانه ، وأظهر له حقائق هداه ، وعلمه بإلهامه ، ووفقه لعبوديته والتحقق بطاعته ، مخلصا له لا يشرك به أحد ، ويوفقه لكل خير ولا ينوي الشر فضلا عن عمله ، ومنع تبع نبي الرحمة وآله الكرام له فيض منه تعالى خالص روحاني غير مشوب بخلط وسوسة الشيطان وخرابيط من تبع هواه ، وله تجلي نور جمال التكوين ومدد المعرفة المنبسط الذي لا ظلمة ولا ضلال فيه ولا تيه وتعدد مناهج القياس والضلال ، وكما عرفت لا يكون إلا بأتباع الهدى الحق عند المنعم عليهم نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين والهداة الأخيار المصطفين النجباء ، والسير به على صراطهم المستقيم مودا لهم متولي لهم متبرئ من أعدائهم ، و به يتم الدخول تحت ولايتهم ورعايتهم وتعهد عنايتهم ، نعم بشرط أن لا يخلطه بمن ضل عنهم وخالفهم .

ومن جاهد : في طلب الله وهداه بحق مخلصا لله واقعا ، هدي سبله وعرف صراطه ، وأول هدى الله هو معرفة الحق وأهله وتعلم دين الله من النبي وآله ، ولذا جاء أن للعلم شأن عظيم، و دور كبير في حياة المجتمع الإنساني، و قد اهتمّ به العقل و القرآن، وقد قال الله تعالى : { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ } ، و جعل سبحانه لمن أوتى العلم درجات فقال : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ } ، ولْعِلْمُ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ ، وأن طلب العلم فريضة على كلّ مسلم، و اللّه يحبّ بغاة العلم .

كما وإن : العلم مقرون إلى العمل كما ، قال تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ } ، و النجاة بالعلم الحق ، وبه تعمل الاعمال الصالحة و الاخلاق الفاضلة و العبادات البدنية المرضية لله تعالى ، وتحصل الكمالات العملية المصقلة والمنظفة لمرآة القلب عن الشك والشرك والسوء والخبث ، وتهيئ الروح للتطبع بالمعارف الالهية ، وتوفق جوهر النفس للتحلي بالعلوم النظرية الإيمانية ، وتسطع في العقل حقاق هدى يقينية، ويتحلى ويتجلى بالأخلاق الفاضلة الحسنة ويتحقق بالآداب الربانية ، وتصلح الأعمال وتحسن الآثار وتكمل الفضائل ، وإلى الله يصعد الكلم الطيب والهدى الحق والحديث الحسن ، والعمل الصالح يرفعه ويزكيه ويحكي حقيقته ، ولا يكون إلا لمن تعلمه من المصطفين الأخيار الطيبين الطاهرين المنعم عليهم حقا ، ولمن تبعهم وحكى معارفهم علما وعملا مخلصا لله تعالى ، وإلا يكون علمه وفكره وعمله سوء يبعده عن الله تعالى بقدر بعده عنهم وعن الاقتداء بهم وعدم تطبيق منهاجهم وترك تعالميهم .

و من تبع من خالفهم فضلا عمن قاتلهم تعبد برأي باطل فاضله

و أكل فاضله خيرا له من التعلم و طاعة أعداء النبي وأل الزچیه


 


و من تبع من خالفهم فضلا عمن قاتلهم تعبد برأي باطل فاضله

و أكل فاضله خيرا له من التعلم و طاعة أعداء النبي وأل الزچیه


فاضله : فـ أضله الشيطان :

فاضله : ف أضله عن الهدى الحق ، فأبعده عن الله من تبع فكره واختياره للمنحرف عن آل الزهراء الفاضلة ، وكل فكر مخالف لهم فهو باطل ويبعده عن الصراط المستقيم ، والضلال لمن ترك النبي وآله وتبع هواه أو أهواء ترهات وكلمات وتعاليم مخالف لهم ، وباع دينه بدنيا غيره وبشأنهم وجاههم وفكرهم، وليس بعد الحق إلا الضلال.

كما أن الفَضْل و الفَضْلة: البقيَّة من الشيء. وفي الْحَدِيث : الْبَوْلُ يَخْرُجُ مِنْ فَضْلِ الشَّرَابِ الَّذِي يَشْرَبُهُ الْإِنْسَانُ ، و الْغَائِطُ يَخْرُجُ مِنْ فَضْلِ الطَّعَامِ ، وهو أفضل من دخول النار الأبدية والحرق في جنهم العصيان وإتباع الطغاة والمغضوب عليهم والضالين .








شرح أبوذية وليه

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سيدة النساء فاطمة لله وليه

كآلها ولكل إنسان له وليه

وأسأل الله رضاها لك وليه

وشفاعتها وخسر الناصبية

أو :

سلام الله و ملائكة و الطيبين على سيدة النساء فاطمة وليه

كأبيها وبعلها وأبنائها واجبة الطاعة و لكل فرد له بدينه وليه

شأنها عظيم و رضها رضا الله و أسأل الله شفاعتها لك وليه

فمن تولاها وآلها كان الله تعالى وليه و خاب وخسر الناصبية


شرح الأبوذية :


سلام الله و ملائكة و الطيبين على سيدة النساء فاطمة وليه<


وليه : لقب للزهراء :

وليه : لقب لسيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام ، وهي مولاتي وأولى بي وبكل مؤمن من نفسه ، وتعرف ما يصلحه في دينه ودنياه وترعاه بما فضلها الله وتحيطه بعنايتها ورأفتها ودعائها ، وولايتها كآلها من ولاية الله تعالى ورضاه لرضاها .

و الوَليُّ : في أَسماء اللَّه تعالى وولايتها وولاية أبيها وبعلها وبنيها منه تعالى .

ويخاطبها المؤمنون : بمولاتي في زمانها وإلى الآن ، ومنه ما قال سلمان لها حين أرادت الدعاء على من أخرج بعلها : فَقُلْتُ: يَا سَيِّدَتِي وَ مَوْلَاتِي، إن الله تبارك و تعالى بعث أباك رحمة فلا تكوني نقمة، .. ومنها ما قال جابر الأنصاري : دخلت على مولاتي فاطمة بنت رسول الله ص لأهنئها بمولود الحسين ...

وجاء في زيارتها : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ يَا مَوْلَاتِي وَ ابْنَةَ مَوْلَايَ ، ... أُشْهِدُ اللَّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ أَنِّي رَاضٍ عَمَّنْ رَضِيتِ عَنْهُ وَ سَاخِطٌ عَلَى مَنْ سَخِطْتِ عَلَيْهِ وَ وَلِيٌّ لِمَنْ وَالاكِ وَ عَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاكِ وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكِ .

أَنَا يَا مَوْلَاتِي بِكِ وَ بِأَبِيكِ وَ بَعْلِكِ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ مُوقِنٌ وَ بِوَلَايَتِهِمْ مُؤْمِنٌ وَ بِطَاعَتِهِمْ مُلْتَزِمٌ أَشْهَدُ أَنَّ الدِّينَ دِينُهُمْ وَ الْحُكْمَ حُكْمُهُمْ ..

ومنها : الاستغاثة إلى فاطمة عليها السلام تصلي ركعتين ، فإذا سلمت فكبر الله تعالى ثلاثا و سبح تسبيح الزهراء واسجد و قل مائة مرة : يَا مَوْلَاتِي يَا فَاطِمَةُ أَغِيثِينِي ، ثم ضع خدك الأيمن على الأرض و قل كذلك ، ثم عد إلى السجود و قل كذلك ، ثم ضع خدك الأيسر على الأرض و قل كذلك ، ثم عد إلى السجود و قل كذلك مائة و عشر مرات. و اذكر حاجتك تقضى إن شاء الله .

ومنها في دعاء الفرج ودعاء التوسل : ..يَا فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ أَيَّتُهَا الْبَتُولُ يَا قُرَّةَ عَيْنِ الرَّسُولِ يَا بَضْعَةَ النَّبِيِّ يَا أُمَّ السِّبْطَيْنِ يَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ يَا سَيِّدَتَنَا وَ مَوْلَاتَنَا إِنَّا تَوَجَّهْنَا وَاسْتَشْفَعْنَا وَ تَوَسَّلْنَا بِكِ إِلَى اللَّهِ وَقَدَّمْنَاكِ بَيْنَ يَدَيْ حَاجَاتِنَا فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ يَا وَجِيهَةً عِنْدَ اللَّهِ اشْفَعِي لَنَا عِنْدَ اللَّهِ. وجاء بعبارات متنوعة.

ومنها ما جاء في زيارتها : يَا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صَابِرَةً وَ زَعَمْنَا أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاءُ وَ مُصَدِّقُونَ وَ صَابِرُونَ لِكُلِّ مَا أَتَانَا بِهِ أَبُوكِ وَ أَتَانَا بِهِ وَصِيُّهُ فَإِنَّا نَسْأَلُكِ إِنْ كُنَّا صَدَّقْنَاكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقِنَا لَهُمَا لِنُبَشِّرَ أَنْفُسَنَا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنَا بِوَلَايَتِكِ .

وكل من كتب : عنها من المؤمنون يقول قالت مولاتنا أو في ذكر مولاتنا وبعبارات مختلفة يعبرون بولايتها لهم وتوليهم لها ، مثل : فصل فيما نذكره من الرواية بصدقة مولانا علي و مولاتنا فاطمة في هذه الليلة على المسكين و اليتيم و الأسير ، ومثل أن يوم خامس عشر من رجب عقد رسول الله ص لمولانا علي على مولاتنا فاطمة الزهراء عليهم السلام عقد النكاح بإذن الله جل جلاله ، وغيرها من العبارات كثيرة .


 


كأبيها وبعلها وأبنائها واجبة الطاعة و لكل فرد له بدينه وليه


معنى الولي مدبر الأمور :

ولي : الولي هو من له حق التصرف أو تدبير لأمر أو لملك أول فرد تحت حيطته ورعايته ، وإن في حقيقة روح معنى المولى وهو أن يتعهد المولى مولاه بما به صلاحه وفلاحه حقا واقعا ، ويكون إما بالحقيقة والملك بالخلق أو بالملك الحقيقي كالملك للأعضاء والحواس ، أو التشريعي أو الاعتباري ، أو بالسبب والنسبة وغيرها ، ويختلف معنى الولي والمولى بالشدة والضعف والنسبة اختلاف واسع ، وكل من تولى وحب فكرة وقوم فهو موالي لهم ومن خالفهم تولى عنهم وبعد.

و المولى والولي : الحقيقي هو الله تعالى ، وكل ولاية تمد منه ، وهو الوَليُّ و الُمَتَوَلِّي لأُمور العالم و الخلائق القائمُ بها ، و ذلك قوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) } محمد ، أَي لا وَلِيَّ لهم . وأن ولاية الله لأوليائه ممن جعلهم أولياء للمؤمنين : فإنه قال سبحانه :

{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ (6) } الأحزاب ، وفي آية المباهلة جعله أمير المؤمنين نفس رسول الله بقوله تعالى : { وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ (61) } آل عمران ، وقال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ (59)} النساء ، وكما صرح بولايته في قوله تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) }المائدة.

ولذا ترى اشتهر : بل تواتر قطعا وبأوسع الذكر في كتب التفاسير والحديث والتأريخ الإسلامي بل كل كتب اللغة المعتد بها ، قول نبي الرحمة :

مَنْ كنتُ مَولاه : فعليٌّ مَولاه ، وجمعه الأميني رحمه الله في كتاب الغدير عن مائة وعشر رواة من الصحابة ، وذكر الحديث أكثر من الف كتب من الكتب المؤلفة في مواضيع مختلفة متقدمة فضلا عن العصر الحاضر ، وحقق معنى الولي بما يعرف أنه لا ولاية حقيقية بعد الله إلا لمن أختارهم الله وهم نبي الرحمة وآله صلى الله عليهم وسلم .

ولذا لله تعالى : ولاية تكوينية وولاية تدبير وولاية هداية ، كذا هذه الولايات لمن جعل نوره فيه أولا في الخلق في مراتب التكوين حتى ظهور الخلق الجزئي ومنه البشر .

والله ولي : لمن تولاه ، يخرجه من الظلمات إلى النور ، والذين كفروا أولياءهم الطاغوت و الشياطين وأتباعهم ثم إلى النار وهي أولى بهم .

والله تعالى : لا يباشر العباد بالكلام والتعليم والوحي ولكن يختص ويصطفي ويجتبي من يشاء وهم الأنبياء وأوصيائهم ويعلمهم تفسير كلامه وتؤيله ويجعلهم راسخون بعلمه ويهدون بأمره ، ويطهرهم ويتولاهم ويرعاهم بما يجعلهم المنعم عليهم بدينه والسير بعباده على صراط مستقيم ، وهم ولاة أمره في العباد وهم وأولياءهم وواجب مودتهم وإتباعهم والاقتداء بهم وقبول ولايتهم ، ولهم حق الطاعة الواجبة في كل شيء يأمرون به ويعلموه دون غيرهم ، ومن خالفهم يكون مغضوب عليه وضال ويخرج من ولاية الله لولاية من تولاه وصدقه خلاف ما أمر الله ونصر فكره وأيد تعاليمه ونشر ما قاله وعمل بما أمر وحب ما فعل سواء كانت موافقه أو مخالفة للحق ، فإنه لا يقبل منه .

لأن الولاء : هو الحب والمودة والرعاية لأمر من يتولى ، والإنسان يحشر مع من أحب والله لا يحب إلى من تولاه وأولياءه خالص مخلص لهم متبرئ ممن عاداهم ومن خالفهم وأقصاهم عن معارف دين الله عند أولياءه الحقيقين وحرف الناس عنهم وعرف غيرهم بالولاية لأمر الله وهو كاذب مفتري لا دليل له .


 


شأنها عظيم و رضها رضا الله و أسأل الله شفاعتها لك وليه

فمن تولاها وآلها كان الله تعالى وليه و خاب وخسر الناصبية


وليه : لي كما لكم :

وليه : الواو عاطفة ، لي حصتي سهمي ، والهاء هاء المتكلم بالخصوص في اللهجة العراقية هذا لي وإلَيّه أو ليّه ، فكما لكم لي كذلك ، تشفع لي ولكم مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام ، لأنه لها أخر مقام الشفاعة لمن تولها وآلها ، حتى ليكون من تشفع له شافع لمن لم تشفع له مباشرة بكرامة الله عليها ، فقد جاء في حديث طويل آخره يأتي ملك يقول للنبي ليخبر فاطمة عليها السلام :

أن سرها و بشرها : أني قد شفعتها في ولدها و من ودهم بعدها و حفظهم فيها ، فتقول: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن و أقر بعيني.

وفي حديث آخر طويل قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

ثم يقول جبرئيل يا فاطمة سلي حاجتك ، فتقولين : يا رب شيعتي .

فيقول الله : قد غفرت لهم.

فتقولين : يا رب شيعة ولدي .

فيقول الله : قد غفرت لهم .

فتقولين : يا رب شيعة شيعتي .

فيقول الله :انطلقي فمن اعتصم بك فهو معك في الجنة .

فعند ذلك : يود الخلائق أنهم كانوا فاطميين ، فتسيرين و معك شيعتك و شيعة ولدك و شيعة أمير المؤمنين آمنة روعاتهم ، مستورة عوراتهم ، قد ذهبت عنهم الشدائد و سهلت لهم الموارد ، يخاف الناس و هم لا يخافون ، و يظمأ الناس و هم لا يظمئون ، فإذا بلغت باب الجنة تلقتك ....

و عن الإمام جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إذا كان يوم القيامة :

نصب : للنبيين منابر من نور و نصب لي في أعلاها منبر، ثم يقال لي: قم فاخطب ، فأرقى منبري ، فأخطب خطبة لم يخطب أحد مثلها.

ثم تنصب : منابر من نور للوصيين فيكون علي على أعلاها منبرا، ثم يقال له: اخطب، فيخطب بخطبة لم يخطب مثلها أحد من الوصيين.

ثم تنصب : منابر من نور لأولاد الوصيين فيكون الحسن و الحسين على أعلاها، ثم يقال لهما: قوما فاخطبا، فيخطبان بما لم يخطب به أحد من أبناء الوصيين.

ثم ينادي مناد : يا أهل الجمع غضوا أبصاركم و طأطئوا رءوسكم لتجوز فاطمة بنت محمد. فيفعلون ذلك، و تجوز فاطمة و بين يديها مائة الف ملك و عن يمينها مثلهم، و عن شمالها مثلهم، و من خلفها مثلهم، و مائة الف ملك يحملونها على أجنحتهم ، حتى إذا صارت الى باب الجنة ألقى اللّه عزّ و جلّ في قلبها أن تلتفت.

فيقال لها: ما التفاتك؟

فتقول: أي رب إني احبّ أن تريني قدري في هذا اليوم.

فيقول اللّه: ارجعي يا فاطمة ، فانظري من أحبك و أحبّ ذريتك، فخذي بيده و أدخليه الجنة.

قال جعفر بن محمد عليه السلام: فإنها لتلتقط شيعتها و محبيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيد من بين الحبّ الرديء، حتى إذا صارت هي و شيعتها و محبوها على باب الجنة ، ألقى اللّه عزّ و جلّ في قلوب شيعتها و محبيها أن يلتفتوا.

فيقال لهم: ما التفاتكم و قد امرتم إلى الجنة؟

فيقولون : إلهنا نحبّ أن نرى قدرنا في هذا اليوم.

فيقال لهم: ارجعوا، فانظروا من أحبكم في حبّ فاطمة أو سلّم عليكم في حبها، أو صافحكم، أو ردّ عنكم غيبة فيه، أو سقى جرعة ماء، فخذوا بيده، فادخلوه الجنة.

قال جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه: فو اللّه ما يبقى يومئذ في النار إلا كافر أو منافق في ولايتنا ، فعندها يقولون: { فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ، ثم قال جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه: كذبوا و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و إنّهم لكاذبونـ كما قال تعالى. ثم ينادي مناد: لمن الكرم اليوم ؟

فيقال: للّه الواحد القهار و لمحمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين.

شرح الأخبار ج3ص64ح985 .

وعن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

يا سلمان : من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ، ومن أبغضها فهو في النار .

يا سلمان : حب فاطمة ينفع في مائة من المواطن .

أيسرها : الموت و القبر و الميزان و المحشر و الصراط و العرض و الحساب ، فمن رضيت بنتي عنه رضيت عنه ، و من رضيت عنه رضي الله عنه ، و من غضبت عليه فاطمة غضبت عليه و من غضبت عليه غضب الله عليه .

يا سلمان : ويل لمن يظلمها و يظلم بعلها أمير المؤمنين عليا ، و ويل لمن يظلم شيعتها و ذريتها .مائة منقبة ص127منقبة 61 .

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة نكتفي بهذا وأسألكم الدعاء ولكم يا طيبين .








شرح أبوذية ملهمة

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

ودي وولائي لآل صديقة ملهمه

هنيئا لعالم بحديثهم وبنهم ملهمه

وعبد الله بمعرفة ولا يكون ملهمه

فيخسر شكر وغفران رب البرية

أو :

ودي وحبي و ولائي وهداي و ديني من آل صديقة ملهمه

وهنيئا لمن تعلم هدى الله من حديثهم بشوق وبنهم ملهمه

مغترف حسنه وكماله وشكر وعبد الله به ولا يكون ملهمه

فيتركه تضجرا فيخسر شكر و غفران الله لمحب آل الزچية


شرح الأبوذية :


ودي وحبي و ولائي وهداي و ديني من آل صديقة ملهمه


ملهمة : لقب للزهراء :

ملهمه : ملهمة لقب للصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام ، والإلْهامُ : ما يُلقى في الرُّوع يقال ألْهَمَهُ الله و اسْتَلْهَمَ الله الصبر ، الإِلْهَامُ : أَن يُلْقِيَ اللَّهُ في النفس أَمراً يَبْعَثُه على الفعل أَو الترك، و هو نوع من الوَحْي، يَخُصُّ اللَّهُ به مَنْ يشاء مِن عباده ، وقوله تعالى : { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) } الشمس ـبين لها ما تأتي و ما تترك. والْإِلْهَامُ : ما يلقى في الروع ، يقال: أَلْهَمَهُ الله خيرا ، أي ألقنه ، ألقمه الله إياه.

ومر أن الصديقة الزهراء عليها السلام : محدثة ، وهي من أهل البيت الذين يلهمهم الله ما يحتاجه العباد من المعرفة بهداه وتفسير كتابه وتفصيل تعالميه ، وهم الراسخون بالعلم والمطهرون من الشرك والشك ولا ينطقون إلا بالصواب ، وقد زكاهم الله بآية المباهلة وغيرها من الآيات . وقال رسول الله في حق فاطمة الزهراء أنها وملهمة وكذا في حق الإمام علي والأئمة من آله أنهم ملهمون في أحاديث كثيرة منها :


أحاديث فاطمة ملهمة :

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن عند كل بدعة تكون من بعدي يكاد بها الإيمان ، وليا من أهل بيتي موكلا به يذب عنه .

ينطق بإلهام من الله : و يعلن الحق و ينوره ، و يرد كيد الكائدين ، يعبر عن الضعفاء ، فاعتبروا يا أولي الأبصار و توكلوا على الله. الكافي ج1ص54ح5.

و قال علي بن أبي طالب عليه السلام : كان في الوصية أن يدفع إلي الحنوط ، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وآله قبل وفاته بقليل .

فقال : يا علي و يا فاطمة هذا حنوطي من الجنة دفعه إلي جبرئيل ، و هو يقرئكما السلام ، و يقول لكما : اقسماه و اعزلا منه لي و لكما .

قالت : لك ثلثه و ليكن الناظر في الباقي علي بن أبي طالب .

فبكى : رسول الله صلى الله عليه وآله و ضمها إليه .

و قال : موفقة رشيدة مهدية ملهمة .

يا علي : قل في الباقي ، قال : نصف ما بقي لها ، و نصف لمن ترى يا رسول الله ، قال : هو لك فاقبضه .

بحار الأنوار ج22ص492ح37 .

وعن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : أعطاني الله تبارك و تعالى خمسا ، و أعطى عليا خمسا : أعطاني جوامع الكلم و أعطى عليا جوامع العلم ، و جعلني نبيا و جعله وصيا ، و أعطاني الكوثر و أعطاه السلسبيل .

و أعطاني الوحي و أعطاه الإلهام ، و أسرى بي إليه و فتح له أبواب السماوات و الحجب حتى نظر إلى ما نظرت إليه.

الخصال ج1ص293ح57 .

وعن علي بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام : علم عالمكم استماع أو إلهام ؟ قال : يكون سماعا ، و يكون إلهاما ، و يكونان معا.

بصائر الدرجات ج1ص317ح8 .

وعن محمد بن الفضيل قال: قلت لأبي الحسن الإمام الكاظم : روينا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : إن علمنا غابر و مزبور و نكت في القلب و نقر في الأسماع .

قال : فأما الغابر فما تقدم من علمنا ، و أما المزبور فما يأتينا ، و أما النكت في القلوب فإلهام ، و أما النقر في الأسماع فإنه من الملك .

وعن زرارة عن الإمام الصادق عليه السلام قال: قلت : كيف يعلم أنه كان من الملك ، ولا يخاف أن يكون من الشيطان ، إذا كان لا يرى الشخص؟

قال : إنه يلقى عليه السكينة فيعلم أنه من الملك ، و لو كان من الشيطان لاعتراه فزع ، و إن كان الشيطان يا زرارة لا يتعرض لصاحب هذا الأمر.

بصائر الدرجات ج1ص318ح2 .

وقال الإمام السجاد عليه السلام : فلك الحمد على ابتدائك بالنعم الجسام.

وإلهامك الشكر على الإحسان والإنعام .

الصحيفة السجادية ص 152دعاء32 .

وكما أعترف لهم بالعلم وإلهامه : كثير من العباد ومنهم ما قال المفيد في حديث طويل : قال المنصور لبني العباس في حق الإمام الجواد لما أعترضوا عليه بتزوجه بنته :

فقال لهم : ويحكم إنني أعرف بهذا الفتى منكم ، و إن هذا من أهل بيت علمهم من الله و مواده و إلهامه ، لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين و الأدب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال ، فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبين لكم به ما وصفت من حاله.

الإرشاد ج2ص282 .

كما إن الإلهام : هو التوفيق للصواب وعمل ما به الصلاح والخير والطاعة والعبودية. وقال الإمام علي عليه السلام يدعوا لجيشه : اللهم الهمهم الصبر و انزل عليهم النصر و أعظم لهم الأجر .

وقال الإمام السجاد : وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى ما عَرَّفَنا مِنْ نَفْسِهِ وَ الْهَمَنا مِنْ شُكْرِهِ وَ فَتَحَ لَنا مِنْ ابْوابِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَ دَلَّنا عَلَيْهِ مِنَ الاخْلاصِ لَهُ في توحيدِهِ وَ جَنَّبَنا مِنَ الاْلِحادِ وَ الشَّكّ في أَمْرِهِ حَمْداً نُعَمَّرُ بِهِ فيمَنْ حَمَّدَهُ مِنْ خَلْقِهِ وَ نَسْبِقُ بِهِ مَنْ سَبَقَ الى رِضاهُ وَ عَفْوِهِ ...... وقال الإمام الصادق عليه السلام : إِذَا أُلْهِمَ أَحَدُكُمُ الدُّعَاءَ عِنْدَ الْبَلَاءِ ، فَاعْلَمُوا أَنَّ الْبَلَاءَ قَصِيرٌ.


 


وهنيئا لمن تعلم هدى الله من حديثهم بشوق وبنهم ملهمه


ملهمه: يلهمه ويأخذه بشوق:

ملهمه : يأخذه بشوق ويتعلم معارفهم بحب ، ويلهمه بكثرة ويغترف منه بجد واجتهاد ، و لهِمَ يلهَم ، لَهْمًا فهو لَهِم ، والمفعول مَلْهوم ، لَهِمَ الماءَ لَهْماً : جَرِعَهُ ، لهِم الطعامَ : ابتلعه دفعة واحدة ، ولهم العلم طلبه بشغف وجد قوي لا يقوى على مثله في العادة ، وأما نهِمَ في يَنهَم ، والمفعول منهوم فيه ، نهِم في الشّيءِ : أفرط الشّهوةَ أو الرّغبةَ فيه ، شخصٌ نهِم : شره ذو شهوة لا تقاوم ، مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ مَنْهُومٌ فِي الْعِلْمِ لاَ يَشْبَعُ مِنْهُ وَمَنْهُومٌ فِي الدُّنْيَا لاَ يَشْبَعُ مِنْهَا .


 


مغترف حسنه وكماله وشكر وعبد الله به ولا يكون ملهمه

فيتركه تضجرا فيخسر شكر و غفران الله لمحب آل الزچية


ملهمة : الملل همه :

ملهمه : مل همه , الملل همه ، وعدم الرغبة في تعلم أحاديث أهل البيت عليهم السلام ويضجر منها ولا يستسيغها ويتنفر منها ، ولكنه قد يشتري بعمره وأغلب وقته لهو الحديث وكلمات مضحكة ، أو يسمع التمسخر بالناس والغيبة والفرية والفتن وقصص الخيال مما لا لنفع له، ولا يعجبه سماع الهدى والكلام الحق والعياذ بالله ، فيخسر نفسه في أمور تافه ويبتعد عن الله ورحمته وحسن الحديث وبديع الهدى وجمال الأخلاق ، وحسن الإسلام في كلامه وما عرفه وشرحه النبي وآله في حديثهم وسيرتهم وسلوكهم .








شرح أبوذية ريحانه

عليها السلام


أبوذيات ألقاب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

أم أبيها فاطمة الزهراء ريحانه

و ذكرها للمؤمن شذى ريحانه

و ودها وآله من الحوض ريحانه

و الآن تروى علوم خير البرية

أو :

أم أبيها النبي كفو بعلها الوصي أم الحسنين فاطمة زهراء ريحانه

ولأبيها ولبعلها ولأولادها وللمؤمنين شذا ذكرها عبق روح و ريحانه

و لمن ودها و آلها وتولاهم وطاعهم وعبد الله مخلصا بهداهم ريحانه

و أستقى الدين الحق و الرحمة و من الحوض ولعدوهم جهنم أبدية


شرح الأبوذية :


أم أبيها النبي كفو بعلها الوصي أم الحسنين فاطمة زهراء ريحانه


ريحانة اسم لقب لفاطمة :

ريحانه : ريحانة اسم لقب لسيدة النساء الصديقة فاطمة الزهراء ، وهي كانت طيبة شذية الريح ، وريحانة من رياحين الجنة وعبقها فيها ، وكان يقبلها ويشمها رسول الله ويحن إليها ، وهكذا كان زوجها وولدها ، وإن من سعادة المرء أن تكون له زوجة تسره إذا نظر إليها ، وتحفظه إذا غاب عنها ، وتعينه على طاعة الله تعالى .

ويا طيب : جاء روايات كثير تعرف أن فاطمة ريحانة رسول الله ، وكان يعرفها بالريحانة ، وريحانتي ، وكان يرتاح لها ويشم ريحها لأنها حوراء أنسية ، وهي تعطي رائحة الجنة، حتى صار اسم ريحانة لقبا لها وهذه روايات في هذا المعنى فتدبر بها:

قال جابر بن عبد الله : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام : قبل موته بثلاث ،

سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكَ : يَا أَبَا الرَّيْحَانَتَيْنِ .

أُوصِيكَ : بِرَيْحَانَتَيَّ مِنَ الدُّنْيَا .

فعن قليل : ينهد ركناك ، و الله خليفتي عليك .

فلما قبض : رسول الله .

قال علي عليه السلام : هذا أحد ركني الذي قال لي رسول الله .

فلما ماتت : فاطمة عليها السلام .

قال علي عليه السلام : هذا الركن الثاني الذي قال رسول الله .

الأمالي للصدوق ص135م28ح4 .

وعن البرقي رفعه الى الأئمة قال :

بشر النبي صلى الله عليه وآله : بفاطمة عليها السلام . فنظر : في وجوه أصحابه فرأى الكراهة فيهم .

فقال : ما لكم ريحانة أشمها .

و رزقها : على الله عز و جل.

ثواب الأعمال ص 203 ، وأضاف : و كان أبا بنات ، في من لا يحضره الفقيه ج2ص481ح4693.

وعن ابن عباس عن عائشة قالت :

دخلت على رسول اللّه ، و هو يقبل فاطمة و يشمها .

فقلت: أ تحبها يا رسول اللّه ؟

قال: انه لما عرج بي ... فلما صرت الى الحجب اخذ بيدي جبرئيل فادخلني الجنة ... فأخذت : رطبة و تفاحة فأكلتهما فتحولتا ماء في صلبي، فلما هبطت الارض اودعته خديجة ، فحملت بفاطمة حورية انسية.

فاذا اشتقت : الى الجنة ، شممت رائحة فاطمة .

قال ابن عباس: فدخلت على رسول اللّه فسألته عن فاطمة فحدثني بما حدثتني به عائشة.

وعن اسماء بنت عميس قالت : قال لي رسول اللّه و قد كنت شهدت فاطمة ، و قد ولدت بولد و لم ير لها دم ؟

فقال: يا اسماء إن فاطمة خلقت حورية في صورة انسية، هي طاهرة مطهرة.

عيون المعجزات ص56.

وقال الإمام علي عليه السلام في خطبة:

أَنَا ... صهر خير الأنام .

أنا : سيد الأوصياء ووصي خير الأنبياء .

أنا : باب مدينة العلم و خازن علم رسول الله و وارثه .

وَ أَنَا زَوْجُ الْبَتُولِ : سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ فَاطِمَةَ التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ ، الزَّكِيَّةِ الْبَرَّةِ الْمَهْدِيَّةِ حَبِيبَةِ حَبِيبِ اللَّهِ ، وَ خَيْرِ بَنَاتِهِ وَ سُلَالَتِهِ .

وَ رَيْحَانَةِ : رَسُولِ اللَّهِ .

سبطاه : خير الأسباط ، و ولدي خير الأولاد .

هل ينكر أحد : ما أقول .

أين : مسلموا أهل الكتاب .

أنا : اسمي في الإنجيل إليا ، و في التوراة بريا ، و في الزبور اريا .

بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 12. معاني الأخبار ص58ح9 .


الولد الصالح ريحانه :

يا طيب : وقد عرفنا أن فاطمة كانت ريحانة رسول الله حتى صار اسم ريحانة اسم لقب لها ، وهذه أحاديث تؤكد هذا المعنى بأن الولد الصالح ريحانه لوالديه و يرتاحان لرؤية .

عن السكوني عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

الولد الصالح : ريحانة من الله ، قسمها بين عباده .

و إن ريحانتي : من الدنيا ، الحسن و الحسين ، سميتهما باسم سبطين من بني إسرائيل شبرا و شبيرا.

الكافي ج6ص2ح1 .

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله :

الْوَلَدُ رَيْحَانَةٌ : وَ رَيْحَانَتَايَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ .

صحيفة الإمام الرضا ص 45ح23 .

وهذه أحاديث أخرى فيها أن البنات والنساء ومطلق الولد ريحانه :

عن الجارود بن المنذر قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : بلغني أنه ولد لك ابنة فتسخطها ، و ما عليك منها :

ريحانة : تشمها ، و قد كفيت رزقها ، و قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بنات.

الكافي ج6ص3ح9.

و في رواية السكوني قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

الولد : الصالح ، ريحانة من رياحين الجنة.

من لا يحضره الفقيه ج3ص481ح4688. والولد يصدق على الأنثى والذكر .

و قد سئل النبي صلى الله عليه وآله : عن الرجل يقبل امرأته و هو صائم ؟

قال : هل هي إلا ريحانة يشمها.

من لا يحضره الفقيه ج2ص113ح1874.

روى الصدوق عن غياث بن أسيد قال: ولد الخلف المهدي عليه السلام يوم الجمعة ، و أمه ريحانة ، و يقال لها نرجس ، و يقال صقيل ، و يقال سوسن ....

كمال الدين ج2ص432ب42ح12 .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

لا تملك : المرأة أمرها ما يجاوز نفسها ، فإن ذلك أنعم لبالها و بالك .

وَ إِنَّمَا الْمَرْأَةُ : رَيْحَانَةٌ .

وَ لَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ .

و لا تطعها : أن تشفع لغيرها ، و لا تطيلن الخلوة مع النساء فيملنك و تملهن ، و استبق من نفسك بقية .

كنز الفوائد ج1ص376.

و قال رسول الله صلى الله وعليه وآله : اطلبوا الولد و التمسوه ، فإنه قرة العين ، وَ رَيْحَانَةُ الْقَلْبِ ، و إياكم و العجز و العقر.

بحار الأنوار ج100ص253ب4 ح44 .


 


ولأبيها ولبعلها ولأولادها وللمؤمنين شذا ذكرها عبق روح و ريحانه


ريحانه يرتاح المؤمن لذكرها :

ريحانه : فاطمة الزهراء كانت ريحانة ويرتاح لها النبي وآله ، ومرت الأحاديث أعلاه في لقبها ريحانة ، كما يرتاح المؤمن بمعرفة فضلها وشأنها ومناقبها وأحاديثها وسلوكها ، ويحب شخصها الكريم ، ويتعبد لله بحبها وذكرها ومعرفة فضلها ومناقبها كما أمر الله بمودة القربى ، ولا أقرب من فاطمة الريحانة لرسول الله صلى الله عليه وآله .

ولمعرفة هذا المعنى : بأن ذكر فاطمة وآله من ذكر الله به تطمئن القلوب ويرتاح المؤمن ، نذكر الأحاديث الآتية :

قال الإمام الباقر عليه السلام :

إِنَّ حَدِيثَنَا : يُحْيِي الْقُلُوبَ .

الخصال ج1ص22ح76 .

وبتركهم : والتعلم من مخالفيهم ، يميت القلوب ويقسيها .

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ومنها :

وعن الفضيل بن يسار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :

ما من مجلس : يجتمع فيه أبرار وفجار ، فيقومون على غير ذكر الله عز وجل ، إلا كان حسرة عليهم يوم القيامة .

الكافي ج2ص496ح1 .

وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

ما اجتمع : في مجلس قوم لم يذكروا الله عز وجل ، ولم يذكرونا .

إلا كان : ذلك المجلس ، حسرة عليهم يوم القيامة .

الكافي ج2ص496ح2.

ثم قال أبو جعفر عليه السلام :

إن ذكرنا : من ذكر الله .

وذكر عدونا : من ذكر الشيطان .

الكافي ج2ص496ح3.

فذكر أهل البيت : عبادة لله تعالى لأنه يعرف تعاليم الله ، سواء ذكر تأريخهم أو سيرتهم أو صفاتهم ومناقبهم وفضائلهم التي خصهم الله بها لما صبروا في جنبة وأخلصوا في عبادته ، وهذا الحديث يغني عما بينا من هذا المعنى :

ذكر الشيخ المفيد بسنده : عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت ابن عباس يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : عِبَادَةٌ .

وَ ذِكْرِي : عِبَادَةٌ .

وَ ذِكْرُ : عَلِيٍّ عِبَادَةٌ .

وَ ذِكْرُ : الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ ، عِبَادَةٌ .

و الذي : بعثني بالنبوة ، و جعلني خير البرية .

إن وصيي : لأفضل الأوصياء ، و إنه لحجة الله على عباده ، وخليفته على خلقه .

و من ولده : الأئمة الهداة بعدي .

بهم : يحبس الله العذاب عن أهل الأرض ، و بهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، و بهم يمسك الجبال أن تميد بهم ، وبهم يسقي خلقه الغيث ، وبهم يخرج النبات.

أولئك : أولياء الله حقا ، وخلفائي صدقا.

عدتهم : عدة الشهور ، و هي اثنا عشر شهرا ، وعدتهم عدة نقباء موسى بن عمران.

ثم تلا هذه الآية : { و السماء ذات البروج } .

ثم قال : أ تقدر يا ابن عباس ، إن الله يقسم بالسماء ذات البروج ، و يعني به السماء و بروجها .

قلت : يا رسول الله فما ذاك ؟

قال : أما السماء فأنا ، و أما البروج فالأئمة بعدي ، أولهم علي و آخرهم المهدي صلوات الله عليهم أجمعين .

الاختصاص ص223 .


ذكر أهل البيت راحة :

قال الإمام العسكري في تفسير : ما قال الله عز و جل :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)} البقرة.

{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } بتوحيد الله ، و نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم رسول الله ، و بإمامة علي ولي الله .

{ كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ اشْكُرُوا لِلَّهِ } .

على ما رزقكم منها : بالمقام على ولاية محمد و علي ، ليقيكم الله تعالى بذلك شرور الشياطين المتمردة على ربها عز و جل.

فإنكم : كلما جددتم على أنفسكم ولاية محمد و علي ، تجدد على مردة الشياطين لعائن الله ، و أعاذكم الله من نفخاتهم و نفثاتهم .

فلما قاله رسول الله : قيل يا رسول الله ، و ما نفخاتهم ؟

قال : هي ما ينفخون به عند الغضب في الإنسان الذي يحملونه على هلاكه في دينه و دنياه ، و قد ينفخون في غير حال الغضب بما يهلكون به .

أ تدرون : ما أشد ما ينفخون به ، هو ما ينفخون بأن يوهموه أن أحدا من هذه الأمة فاضل علينا ، أو عدل لنا أهل البيت ، كلا و الله .

بل جعل الله تعالى : محمدا ، ثم آل محمد ، فوق جميع هذه الأمة ، كما جعل الله تعالى السماء فوق الأرض ، و كما زاد نور الشمس و القمر على السها .

قال رسول الله : و أما نفثاته .

فأن يرى : أحدكم أن شيئا بعد القرآن ، أشفى له من ذكرنا أهل البيت ، و من الصلاة علينا.

فإن الله عز و جل :

جعل : ذكرنا أهل البيت ، شفاء للصدور .

و جعل : الصلوات علينا .

ماحية : للأوزار و الذنوب .

و مطهرة : من العيوب .

و مضاعفة : للحسنات .

تفسير الإمام العسكري ص584ح 348 .


بعض فوائد الريحان وخواصه :

الريحان : وهو نبات عطري يتبع الفصيلة الشفوية ، يدخل في تحضير الحساء والسلطات وتحسين نكهة الشاي .

وأما زيته : فيدخل في صناعة العطور والمشروبات .

وله : عطر شذي ، والروح للرياحين يستروح له من يشمه ويقربه ، يفرح بقربه وعبقه وشذاه .

و الرائحة: ريحٌ طيبة تجدها في النسيم؛ وهو من معنى الروح والريحان ، أي ارتاحت النَّفسُ ، ونحوُها اطمأنت وخلت من الهمِّ وارتاح بالُه وضميرُه ، وارتاح للأمر نشِط وسُرَّ به واستروح وجد الراحة، واستروح الشيء وجد رائحته وتشممه، استروح اليه سكن واطمأن ، واستروح الغصن تمايل ، واستروح الشجر أحياه . وطاقة من الريحان واحدة الريحان .

وجاء مدح الريحان وشذاه في قوله تعالى :

{ وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ(12)} الرحمن ، وقال تعالى : { فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) }الواقعة .

وللطافة ريح الريحان : وعبق شذاه الثابت الزكي المنتشر يفرح الروح ويسرها ، ذكر ثواب وهدية للمؤمنين ، وفاطمة الزهراء ريحانه مظلومة ، وبدل التعلم منها والثبات على هدى والدها باحترامها ، غصبوا حقها وأذوها حسدا ومنعوها حقها حقدا وتعديا وظلما ، وهي للمؤمنين وأولياءه روح وريحان في الدنيا قبل الآخرة .


أحاديث الريحان والرياحين :

وجاء الريحان في الأحاديث منها :

عن مالك بن الجهني قال: ناولت أبا عبد الله الصادق شيئا من الرياحين ، فأخذه فشمه و وضعه على عينيه.

ثم قال : من تناول ريحانة فشمها و وضعها على عينيه .

ثم قال : اللهم صل على محمد و آل محمد ، لم تقع على الأرض حتى يغفر له.

الأمالي للصدوق ص266م45ح7 .

و من ذلك قوله عليه الصلاة و السلام: الْمَوْتُ رَيْحَانَةُ الْمُؤْمِنِ.

و المراد : أنّ المؤمن يستروح إلى الموت تغوّثا من كروب الدنيا و همومها، و روعاتها و خطوبها، كما يستروح الإنسان إلى طيب المشمومات، و نظر المستحسنات.

المجازات النبوية ص200م172 .

وقال الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام : قال الله عز و جل : ما من شيء أتردد فيه مثل ترددي عند قبض روح المؤمن، يكره الموت و أنا أكره مساءته، فإذا حضره أجله الذي لا تأخير فيه .

بعثنا إليه : بِرَيْحَانَتَيْنِ مِنَ الْجَنَّةِ ، تسمى إحداهما المسخية ، و الأخرى المنسية .

فأما المسخية : فتسخيه عن ماله .

و أما المنسية : فتنسيه أمر الدنيا.

الأمالي للطوسي ص414ح932-80 .

و قال السيد بن طاووس : أتى الحسين عليه السلام خبر مسلم في زبالة ، ثم إنه سار فلقيه الفرزدق فسلم عليه .

ثم قال : يا ابن رسول الله كيف تركن إلى أهل الكوفة ، و هم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل و شيعته .

قال : فاستعبر الحسين عليه السلام باكيا ، ثم قال :

رَحِمَ اللَّهُ مُسْلِماً : فَلَقَدْ صَارَ إِلَى :

رَوْحِ اللَّهِ وَ رَيْحَانِهِ .

وَ تَحِيَّتِهِ وَ رِضْوَانِهِ .

أَمَا إِنَّهُ : قَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ وَ بَقِيَ مَا عَلَيْنَا، ثم أنشأ يقول...

بحار الأنوار ج44ص374ب37 .

وقال أبو عبد الله الصادق عليه السلام:

عَلِّمُوا : أَوْلَادَكُمْ يَاسِينَ .

فَإِنَّهَا : رَيْحَانَةُ الْقُرْآنِ .

الأمالي للطوسي ص677م37ح1434- 13.


 


و لمن ودها و آلها وتولاهم وطاعهم وعبد الله مخلصا بهداهم ريحانه

و أستقى الدين الحق و الرحمة و من الحوض ولعدوهم جهنم أبدية


ريحانه أرتوى في حينه :

ريحانه : ري حانه ، ارتوى في الحين ، ونعمة وافره أصابته في وقته، رَيّ : اسم مصدر روِيَ ، يَعيشُ في رِيٍّ : في حُسْنِ حالٍ ونِعْمَةٍ ، ري الشجر : ارتواؤها وزارة الري : الوزارة المسئولة عن تأمين المياه للزراعة والشرب.

روى الحاضرين : استقى لهم الماء ، روى على أهله روى لأهله ، روت الأمطار الأرض سقتها ,

ومن يصيب : حديث حق عن أهل البيت يروى العلم الإلهي ، ويتحقق بالعبودية لله لأنه تعلم هداه ، ويطمئن قلبه ، وتسكن روحه ، وتفرح بما أصاب من المعرفة الحقة ، والهدى الصحيح والدين الواقعي ، ويثلج قلبه ، ويستريح ، ويروى بما تروى من تعاليم الله تعالى ومعارفه ، وفضل طلب العلم كثير نذكر منه :

فعن شعيب العقرقوفي قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لأصحابه :

اتقوا الله : و كونوا إخوة بررة متحابين في الله ، متواصلين متراحمين ، تزاوروا و تلاقوا ، و تذاكروا أمرنا و أحيوه.

الكافي ج2ص175ح1 .

وقال الإمام الباقر عليه السلام : إن حديثنا يحيي القلوب، و قال : منفعته في الدين أشد على الشيطان من عبادة سبعين ألف عابد .

و قال النبي صلى الله عليه وآله :

من أدى : إلى أمتي حديثا يقام به سنة ، أو يثلم به بدعة ، فله الجنة .

وقال : من تعلم حديثين اثنين ينفع بهما نفسه ، أو يعلمهما غيره فينتفع بهما ، كان خيرا من عبادة ستين سنة .

و قال : تذاكروا و تلاقوا و تحدثوا ، فإن الحديث جلاء القلوب ، إن القلوب لترين كما يرين السيف و جلاؤه الحديث.

بحار الأنوار ج2ص151ح29 . وص 152ح43، ح44 ، ح 45 .

والحديث وتعلمه : إنما ينفع إذا كان من أهل الحق والمنعم عليهم بهدى الله وصراطه المستقيم ، دون من ضل عنهم وخالفهم ، فضلا عن الموالاة والتعلم ممن عاداهم وحاربهم من المغضوب عليهم .

وقد قال الله : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) }المائدة هذا لأولياء الريحانة وآلها ، وبعلها من أعطى الزكاة وهو راكع.

وقال الله تعالى فيهم ومخالفيهم : {

ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا

وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11)} محمد.

وقال تعالى { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) } مريم .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

أني أرد : أنا و شيعتي الحوض ، رواء مرويين مبيضة وجوههم ، و يرد عدونا ظماء مظمئين مسودة وجوههم .

الأمالي للمفيد ص339ح4 .


حديث في الحوض والولاء :

في تفسير فرات بن إبراهيم وعنه في بحار الأنوار :

عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ :

أَنَا وَ رَسُولُ اللَّهِ : عَلَى الْحَوْضِ ، وَ مَعَنَا عِتْرَتُنَا .

فمن أرادنا : فليأخذ بقولنا ، و ليعمل بأعمالنا .

فَإِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ : لَنَا شَفَاعَةٌ .

فَتَنَافَسُوا : فِي لِقَائِنَا عَلَى الْحَوْضِ .

فإنا : نذود عنه أعداءنا .

و نسقي منه : أولياءنا .

و من شرب منه : لم يظمأ أبدا .

وَ حَوْضُنَا : مُتْرَعٌ فِيهِ مَثْعَبَانِ (أي فرعان ) يَنْصَبَّانِ مِنَ الْجَنَّةِ .

أَحَدُهُمَا : تَسْنِيمٌ .

وَ الْآخَرُ : مَعِينٌ .

عَلَى حَافَتَيْهِ : الزَّعْفَرَانُ ، وَ حَصْبَاهُ الدُّرُّ وَ الْيَاقُوتُ .

و إن الأمور : إلى الله ، و ليست إلى العباد ، و لو كانت إلى العباد ما اختاروا علينا أحدا ، و لكنه يختص برحمته من يشاء من عباده .

فاحمد الله: على ما اختصكم به من النعم ، و على طيب المولد .

فإن ذكرنا : أهل البيت .

شفاء : من الوعك ، و الأسقام ، و وسواس الريب .

و إن حبنا : رضى الرب .

و الآخذ : بأمرنا و طريقتنا ، معنا غدا في حظيرة القدس .

و المنتظر لأمرنا : كالمتشحط بدمه في سبيل الله .

و من سمع : واعيتنا فلم ينصرنا ، أكبه الله على منخريه في النار .

نحن : الباب إذا بعثوا ، فضاقت بهم المذاهب .

نحن : باب حطة ، و هو باب الإسلام ، من دخله نجا ، و من تخلف عنه هوى .

بنا : فتح الله ، و بنا يختم ، و بنا يمحوا الله ما يشاء و يثبت ، و بنا ينزل الغيث .

فلا يغرنكم : بالله الغرور ، لو تعلمون ما لكم في الغناء بين أعدائكم ، و صبركم على الأذى ، لقرت أعينكم .

و لو فقدتموني : لرأيتم أمورا ، يتمنى أحدكم الموت مما يرى من الجور ، و العدوان و الأثرة ، و الاستخفاف بحق الله ، و الخوف .

فإذا كان كذلك : ف اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا .

و عليكم : بالصبر و الصلاة و التقية .

و اعلموا : أن الله تبارك و تعالى ، يبغض من عباده المتلون .

فلا تزولوا : عن الحق ، و ولاية أهل الحق .

فإنه : من استبدل بنا هلك .

و من اتبع : أثرنا لحق .

و من سلك : غير طريقنا غرق .

و إن لمحبينا : أفواجا من رحمة الله ، و إن لمبغضينا أفواجا من عذاب الله .

طريقنا : القصد ، و في أمرنا الرشد .

أهل الجنة : ينظرون إلى منازل شيعتنا ، كما يرى الكوكب الدري في السماء.

لا يضل : من اتبعنا ، و لا يهتدي من أنكرنا ، و لا ينجو من أعان علينا عدونا ، و لا يعان من أسلمنا .

فلا تخلفوا عنا : لطمع دنيا بحطام زائل عنكم ، و أنتم تزولون عنه .

فإنه : من آثر الدنيا علينا ، عظمت حسرته .

وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: { يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ (56) } الزمر .

سِرَاجُ الْمُؤْمِنِ : مَعْرِفَةُ حَقِّنَا .

وَ أَشَدُّ الْعَمَى : مَنْ عَمِيَ مِنْ فَضْلِنَا ، و ناصبنا العداوة بلا ذنب ، إلا أن دعوناه إلى الحق ، و دعاه غيرنا إلى الفتنة ، فآثرها علينا .

لنا راية : من استظل بها كنته ، و من سبق إليها فاز ، و من تخلف عنها هلك ، و من تمسك بها نجا .

أنتم : عمار الأرض ، الذين استخلفكم فيها ، لينظر كيف تعلمون .

فراقبوا الله : فيما يرى منكم .

و عليكم : بالمحجة العظمى ، فأسلكوها ، لا يستبدل بكم غيركم .

{ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (21)} الحديد .

فاعلموا : أنكم لن تنالوها إلا بالتقوى ، و من ترك الأخذ عمن أمر الله بطاعته ، قيض الله له شيطانا فهو له قرين .

ما بالكم : قد ركنتم إلى الدنيا ، و رضيتم بالضيم ، و فرطتم فيما فيه عزكم و سعادتكم ، و قوتكم على من بغى عليكم .

لا من ربكم : تستحيون ، و لا لأنفسكم تنظرون .

و أنتم : في كل يوم تضامون ، و لا تنتبهون من رقدتكم ، و لا تنقضي فترتكم .

أ ما ترون : إلى دينكم يبلى ، و أنتم في غفلة الدنيا .

قال الله عز ذكره : { وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (113)}هود .

تفسير فرات الكوفي ص366سورة الزمر 366-499 . بحار الأنوار ج65ص61ح113 . توضيح : اترع كافتعل امتلأ ، مثاعب المدينة مسايل مائها ، الواعية الصراخ و الصوت ، كنه ستره ، قيض الله فلانا لفلان جاء به و أتاحه له و قيضنا لهم قرناء سببنا له .

وأسأل الله لي ولكم : أن يوفقنا لما يحب ويرضا من دينه ويجعلنا نرتاح حقا ونستروح لمعرفة فظله وأعظم تجلي نور ، بمعرفة هداه وفضائل نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، وأن نقيم عبادته بما علمونا وظهروا لنا سيرة وسلوكا وصفاتا ومعارف هدى ، وتطمئن قلوبنا بذكره حقا ، ولا نتبع من خالفهم وعاداهم المنقبضة قلوبهم والمغضوب عليهم ، فإنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب ال

هذا : وإن شاء الله نضع أبوذية حانية ومباركة وصديقة وغيرهن مع دارميات مناسبة .

عناوين مفيدة :

صحيفة سيد النساء الصديقة

فاطمة الزهراء عليها السلام

وشرح أبوذيات ودارميات

في ألقابها وكناها عليها السلام

تأليف وتحقيق وإعداد

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن جليل الأنباري

موقع موسوعة صحف الطيبين

ولحضرتكم يا طيبين صحيفتها مع قابلية الاختيار والاقتباس منها والنسخ واللصق في المواقع الاجتماعية

www.alanbare.com/fz

الصحيفة كتاب الكتروني بي دي اف

www.alanbare.com/fz/fz.pdf

صحيفة الأبوذيات و الدارميات

www.alanbare.com/fz/b

صحيفة الأبوذيات كتاب الكتروني

www.alanbare.com/fz/fzb.pdf

مكتبة سيدة النساء عليها السلام

www.alanbare.com/fz/m