بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين

في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -

❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




صحيفة غزوة الأحزاب

غزوة الخندق

وفيها تفسير آيات الغزوة في سورة الأحزاب ، وقصة الغزوة وأسبابها وعدد المقاتلين في الطرفين ، وقصة حفر الخندق وخصائصه وأهم وقائعه وحوادثه ، وكيفية المبارزة بين الإمام أمير المؤمنين وعمرو بن ود وأهميتها وإرسال الرياح والجنود على الكفار وهروبهم  ليلا

روابط صحيفة غزوة الأحزاب غزوة الخندق
www.alanbare.com/kndg
الصحيفة كتاب الكتروني
www.alanbare.com/kndg/kndg.pdf

تأليف
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل الأنباري
موسوعة صحف الطيبين

صحيفة غزوة الأحزاب غزوة الخندق
من هنا
تَنْزِيلُ الصَّحِيفَةُ وَقِرَاءتُها

كتاب الكتروني بي دي اف pdf

جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب

صحيفة غزوة الأحزاب غزوة الخندق

صحيفة غزوة الأحزاب غزوة الخندق

معنى خندق والأحزاب

صحيفة غزوة الأحزاب غزوة الخندق
رحم الله الشيخ الأنباري إذ قال :

عبادة الثقلين = ضربة علي في غزوة الخندق

صيّر الولي تجبر هل من مبارز أبكم والخندق

و بالأحزاب ظهر المنافقين بمناجاة الخندق

و الرب عرف صابر منتظر ولإيمانهم عارية

أو :

معنى شقه :

ورحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

متعجرف عبر خندق أبفكر سلمان النبي شقه

ينادي هل من مبارز ويحارب علي لباله شقه

اجته ضربه حيدرية طيحت حظه ولروحه شقه

وساوت ضربته عبادة الثقلين بأخلص عبودية





ضربة إمامنا علي تساوي عبادة الثقلين في غزوة الخندق

 

معنى غزوة الخندق :

الخَنْدَق : خَندَق:  اسم أُخدودٌ عميقٌ مستطيلٌ  يُحفر حول المكان ، و بالخصوص  يُحفر في ميدان القتال ليحتمي به الجنود ويحصنهم من شر عدوهم و يوقيهم بأسه ، والخَنْدَق  الوادي والجمع خنادِقُ .

 وحربُ الخندق : هي غزوة الأحزاب ، والحِزب اسم والجمع أحْزَابٌ ، و الحِزْب الأَرض الغليظةُ الشديدة ، و الحِزْب الجماعةُ فيها قوةٌ وصَلابةٌ ، الحِزْب   كلُّ قوم تشاكلتْ أَهواؤهم وأَعْمالهم .

والأَحْزاب : جُنودُ الكُفَّار تأَلَّبوا وتظاهروا على حِزبْ النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم .  وفيها جمع اليهود بنو قريظة وقريش والأحباش وغطفان وغيرها حتى صاروا 10000 عشرة آلاف مقاتل ، وغزو المسلمين في المدينة المنورة وكان عدتهم 900 نفر وكل المسلمين مع أهلهم ثلاثة آلاف ، فحفروا خندقا وأتموه قبل ثلاثة أيام من وصول الأحزاب في الجهة الشمالية للمدينة حيث لا تحيطها الجبال فتحزبو .

ولذا تسمى غزوة الأحزاب أيضا غزوة الخنْدَق : وهي إحدى غزوات قريش على المسلمين في 17 شوال سنة 5 للهجرة سنة 627 م ، وانتصر فيها المسلمون ونزلة فيها أغلب آيات سورة الأحزاب ، وبها نزلة آيات منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ، فالذي قضى نحبة حمزة عم النبي الأكرم وعتبه بن عمه والمنتظر هو علي بن أبي طالب ، وكفي الله المؤمنين القتال أي بعلي بن أبي طالب عليه السلام ، لأنه حين قتل عمرو بن ود لم يجرأ أحد على عبور الخندق ، وخارت عزائم المشركين فتركوا ساحة القتال .

 

 وخندقَ : يُخندق ، خَنْدَقَةً ، فهو مخندِق ، والمفعول مُخندَق للمتعدِّي ، تخندقَ  يتخندق تخندقًا فهو متخندِق الجمع خَنادِق ، وله يقال حفر الجنديّ خَنْدَقًا ، خَفَرَ الجَيْشُ خَنَادِقَ حَوْلَ أَسْوَارِ الْمَدِينَةِ حفر ملجأ ، مكان مأمون تحت الأرض يُتَّقى به من الغارات الجوية والقصف المدفعي ، هُرِعَ إلى خَندقه بعد حصار مقرِّه.

 

وغَزوة: اسم والجمع غَزَوات ، غزا يغزو غزوا غزَا يَغزو واغْزُ غَزْوًا فهو غازٍ والمفعول مغزوّ ، الغَزْوةُ : المرَّة من الغزو ، غَزْوَةُ  بَدْرٍ مَعْرَكَةُ بَدْرٍ ، غَزَوَاتُ الرَّسُولِ ، غَزو اسم مصدر غَزَا أي أَغَارَ عَلَى العَدُوِّ غَزْواً سَارَ إِلَى مُحَارَبَتِهِ وَقِتَالِهِ فِي عُقْرِ دِيَارِهِ ، غزا العدوَّ هاجمه ، سار إلى قتاله في أرضه، سيطرة على دولة أو منطقة بواسطة قوّات مُسلَّحة أجنبيّة ، غزو الفضاء اكتشافُ مجاهله بواسطة الأقمار الصِّناعيَّة .

 الغزو : مَا طُلِبَ وَقُصِدَ من الحرب ، وغزو الكلام غايته وما يراد منه ، عرفت مغز الكلام أي غرضه ونتيجته ، ومنه غزا القراصنةُ المدينةَ الساحليّة ،يغزو ميدانًا جديدًا ، و غزتِ البضائعُ الأسواقَ : تكاثَرَتْ وتدفَّقت عليه وفيه .

 

آيات غزوة الأحزاب ( الخندق ) :

قال الله سبحانه وتعالى تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا  اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ

إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحً وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا  (9)

إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ  بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)

هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالً شَدِيدًا (11)

وَإِذْ يَقُولُ  الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ  يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن  يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا  يَسِيرًا (14) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولًا (15)

قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَن ذَا الَّذِي  يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17)

قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ

وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَ جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ  الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ  وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19)

 يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا

وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم  بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّ قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا (20)

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً (21)

وَلَمَّا رَأَى  الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَ وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)

لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ

وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا  رَّحِيمًا (24)

وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُو خَيْرًا

 وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ  قَوِيًّا عَزِيزًا (25)

 وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ  فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ  اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27) } الأحزاب .


تفسير آيات غزوة الأحزاب :

يا طيب : شرحت الآيات أعلاه نفسها مختصرا ، وبينت كثير من حال المؤمنين والمنافقين والكفار ، وهذا تفسيرا لها وبيان أهم ما ذكرته ببعض التفسير من تفسير كريم للثقة المسدد علي بن إبراهيم رحمه الله وهو معاصر للأئمة عليهم السلام ، ونضع له عناوين مناسبة ليسهل التفسير والشرح ، فقال في تفسيره :

و قوله :  { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا  اذْكُرُو نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا  (9)

إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ  بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) ....} الأحزاب.

 

سبب تجمع الأحزاب وعددهم :

فإنها نزلت : في قصة الأحزاب‏ من قريش و العرب الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فوافوا : في عشرة آلاف ، و معهم كنانة ، و سليم و فزارة .

و كان رسول الله صلى الله عليه وآله : حين أجلى بني النضير ، و هم بطن من اليهود من المدينة ، و كان رئيسهم حيي بن أخطب ، و هم يهود من بني هارون عليه السلام ، فلما أجلاهم من المدينة صاروا إلى خيبر ، و خرج حيي بن أخطب و هم إلى قريش بمكة .

و قال لهم : إن محمدا قد وتركم و وترنا ، و أجلانا من المدينة من ديارنا و أموالنا ، و أجلى بني عمنا بني قينقاع ، فسيروا في الأرض و اجمعو حلفاءكم و غيرهم ، حتى نسير إليهم ، فإنه قد بقي من قومي بيثرب سبعمائة مقاتل و هم بنو قريظة ، و بينهم و بين محمد عهد و ميثاق ، و أنا أحملهم على نقض العهد بينهم و بين محمد ، و يكونون معنا عليهم ، فتأتونه أنتم من فوق و هم من أسفل .

و كان موضع : بني قريظة من المدينة على قدر ميلين ، و هو الموضع الذي يسمى بئر المطلب .

فلم يزل : يسير معهم حيي بن أخطب في قبائل العرب ، حتى اجتمعوا قدر عشرة آلاف من قريش ، و كنانة ، و الأقرع بن حابس في قومه ، و عباس بن مرداس في بني سليم .

 

حفر الخندق بمشورة سلمان :

فبلغ ذلك رسول الله : فاستشار أصحابه ، و كانوا سبعمائة رجل .

 فقال سلمان الفارسي : يا رسول الله إن القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة.

 قال صلى الله عليه وآله : فما نصنع ؟

قال رحمه الله : نحفر خندقا يكون بيننا و بينهم حجابا ، فيمكنك منعهم في المطاولة ( أي المقاتلة ) ، و لا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه ، فإنا كن معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم من عدونا نحفر الخنادق ، فيكون الحرب من مواضع معروفة .

فنزل جبرئيل عليه السلام : على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال : أشار سلمان بصواب .

فأمر رسول الله : بحفره من ناحية أحد إلى رائح ، و جعل على كل عشرين خطوة و ثلاثين خطوة ، قوما من المهاجرين و الأنصار يحفرونه ، فأمر فحملت المساحي و المعاول .

 و بدأ رسول الله : و أخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه ، و أمير المؤمنين عليه السلام  ينقل التراب من الحفرة ، حتى عرق رسول الله صلى الله عليه وآله  و عيي ، و قال :

لا عيش إلا عيش الآخرة

اللهم اغفر للأنصار و المهاجر(ة)ين

فلما نظر الناس‏ : إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يحفر ، اجتهدوا في الحفر و نقلوا التراب ، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر ، و قعد رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الفتح .

 

جبل الصخرة ورؤية القصور :

فبينا المهاجرون و الأنصار : يحفرون ، إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه ، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصاري إلى رسول الله يعلمه بذلك .

قال جابر : فجئت إلى المسجد و رسول الله مستلق على قفاه ، و رداؤه تحت رأسه ، و قد شد على بطنه حجرا .

فقلت : يا رسول الله إنه قد عرض لنا جبل ، لم تعمل المعاول فيه .

 فقام مسرعا : حتى جاءه ، ثم دعا بماء في إناء ، فغسل وجهه و ذراعيه و مسح على رأسه و رجليه ، ثم شرب و مج من ذلك الماء في فيه ، ثم صبه على الحجر .

 ثم أخذ معولا :

فضرب ضربة : فبرقت برقة ، فنظرنا فيها إلى قصور الشام .

ثم ضرب أخرى : فبرقت برقة ، نظرنا فيها إلى قصور المدائن.

ثم ضرب أخرى : فبرقت برقة أخرى ، نظرنا فيها إلى قصور اليمن.

 فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أما إنه سيفتح الله عليكم هذه المواطن ، التي برقت فيها البرق .

ثم انهال علينا الجبل : كما ينهال الرمل .

 

معجزة وليمة جابر

فقال جابر : فعلمت أن رسول الله مقوي ( أي جائع لما رأيت على بطنه الحجر ) .

فقلت : يا رسول الله هل لك في الغذاء ؟

قال صلى الله عليه وآله : ما عندك يا جابر ؟

فقلت : عناق‏ ( أي الأنثى ولد المعز قبل استكمالها الحول ) ، و صاع من شعير ( أي ما يعادل ثلاث كيلوغرامات ) .

 فقال صلى الله عليه وآله : تقدم و أصلح ما عندك ؟

قال : فجئت إلى أهلي ، فأمرتها فطحنت الشعير ، و ذبحت العنز و سلختها و أمرتها أن تخبز و تطبخ و تشوي .

فلما فرغت  من ذلك جئت إلى رسول الله .

 فقلت : بأبي أنت و أمي يا رسول الله ، قد فرغنا ، فاحضر مع من أحببت.

 فقام صلى الله عليه وآله : إلى شفير الخندق .

ثم قال : معاشر المهاجرين و الأنصار ، أجيبوا جابرا .

قال جابر : و كان في الخندق سبعمائة رجل ، فخرجوا كلهم ، ثم لم يمر بأحد من المهاجرين و الأنصار ، إلا قال أجيبوا جابرا .

قال جابر : فتقدمت و قلت لأهلي :

و الله قد أتاك : محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ، بم لا قبل لك به .

 فقالت : أعلمته أنت بما عندنا ؟ قالت : نعم .

 قالت : هو أعلم بما أتى .

 قال جابر : فدخل رسول الله فنظر في القدر .

ثم قال : اغرفي و أبقي .

ثم نظر : في التنور ، ثم قال: أخرجي و أبقي .

ثم دعا بصحفة : فثرد فيها و غرف .

فقال: يا جابر : أدخل علي عشرة ، فأدخلت عشرة فأكلوا حتى نهلو ( عطشوا من كثرة الأكل ) و ما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم .

ثم قال صلى الله عليه وآله : يا جابر علي بالذراع ، فأتيته بالذراع فأكلوه .

ثم قال : أدخل علي عشرة ، فدخلوا فأكلوا حتى نهلوا و ما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم .

ثم قال : علي بالذراع فأكلوا و خرجوا .

ثم قال : أدخل علي عشرة ، فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ، و لم ير في القصعة إلا آثار أصابعهم .

ثم قال : يا جابر علي بالذراع ، فأتيته .

فقلت : يا رسول الله كم للشاة من ذراع ؟

قال : ذراعان .

 فقلت : و الذي بعثك بالحق نبيا لقد أتيتك بثلاثة .

فقال : أما لو سكت يا جابر لأكلوا الناس كلهم من الذراع .

قال جابر : فأقبلت أدخل عشرة عشرة ، فدخلوا فيأكلون حتى أكلو كلهم.

 و بقي و الله : لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما .

 

إتمام الخندق ومجيئ الأحزاب :

قال ‏: و حفر رسول الله صلى الله عليه وآل الخندق ، و جعل له ثمانية أبواب ، و جعل على كل باب رجلا من المهاجرين و رجلا من الأنصار مع جماعة يحفظونه .

 و قدمت : قريش ، و كنانة ، و سليم ، و هلال ، فنزلوا الرغابة .

ففرغ : رسول الله صلى الله عليه وآله من حفر الخندق ، قبل قدوم قريش بثلاثة أيام .

 فأقبلت قريش : و معهم حيي بن أخطب ، فلما نزلوا العقيق .

 

بنو قريظة ينقضون العهد :

جاء حيي بن أخطب : إلى بني قريظة في جوف الليل ، و كانوا في حصنهم قد تمسكوا بعهد رسول الله ، فدق باب الحصن .

فسمع : كعب بن أسد قرع الباب .

فقال لأهله : هذا أخوك قد شأم قومه ، و جاء الآن يشأمنا و يهلكنا ، و يأمرنا بنقض العهد بيننا و بين محمد ، و قد وفى لنا محمد و أحسن جوارن .

 فنزل إليه : من غرفته، فقال له: من أنت؟

قال : حيي بن أخطب ، قد جئتك بعز الدهر.

فقال كعب : بل جئتني بذل الدهر .

فقال : يا كعب ، هذه قريش في قادتها و سادتها ، قد نزلت بالعقيق مع حلفائهم من كنانة ، و هذه فزارة مع قادتها و سادتها قد نزلت الرغابة [الزغابة] ، و هذه سليم و غيرهم قد نزلوا حصن بني ذبيان .

و لا يفلت : محمد و أصحابه من هذا الجمع أبدا .

فافتح الباب : و انقض العهد الذي بينك و بين محمد .

 فقال كعب : لست بفاتح لك الباب ، أرجع من حيث جئت .

فقال حيي : ما يمنعك من فتح الباب ، إلا حشيشتك التي في التنور تخاف أن أشركك فيها ، فافتح فإنك آمن من ذلك .

فقال له كعب : لعنك الله قد دخلت علي من باب دقيق‏ (أي ضيقت علي في الجواب ) .

ثم قال : افتحوا له الباب ، ففتحوا له الباب .

فقال : ويلك يا كعب ، انقض العهد الذي بينك و بين محمد ، و لا ترد رأيي ، فإن محمدا لا يفلت من هذا الجمع أبدا ، فإن فاتك هذا الوقت لا تدرك مثله أبدا .

قال : و اجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود ، مثل : غزال بن شمول ، و ياسر بن قيس ، و رفاعة بن زيد ، و الزبير بن ياطا .

فقال لهم كعب : ما ترون .

قالوا : أنت سيدنا و المطاع فينا ، و أنت صاحب عهدنا ، فإن نقضت نقضنا ، و إن أقمت أقمنا معك ،و إن خرجت خرجنا معك .

فقال الزبير بن ياطا : و كان شيخا كبيرا مجربا قد ذهب بصره ، قد قرأت التوراة التي أنزلها الله في سفرنا ، بأنه يبعث نبيا في آخر الزمان يكون مخرجه بمكة و مهاجرته بالمدينة إلى البحيرة ، يركب الحمار العربي ، و يلبس الشملة ، و يجتزي بالكسيرات و التميرات ، و هو الضحوك القتال ، في عينيه حمرة،  و بين كتفيه خاتم النبوة ، يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقاه ، يبلغ سلطانه منقطع الخف و الحافر ، فإن كان هذا هو فلا يهولنه هؤلاء و جمعهم ، و لو ناوته هذه الجبال الرواسي لغلبها .

فقال حيي : ليس هذا ذلك ، و ذلك النبي من بني إسرائيل ، و هذا من العرب من ولد إسماعيل ، و لا يكون بنو إسرائيل أتباعا لولد إسماعيل أبد ، لأن الله قد فضلهم‏ على الناس جميعا ، و جعل منهم النبوة و الملك ، و قد عهد إلينا موسى‏ ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ، و ليس مع محمد آية ، و إنما جمعهم جمعا و سحرهم- نو يريد أن يغلبهم بذلك .

 فلم يزل : يقلبهم عن رأيهم ، حتى أجابوه .

فقال لهم : أخرجوا الكتاب الذي بينكم و بين محمد ، فأخرجوه ، فأخذه حيي بن أخطب و مزقه .

و قال : قد وقع الأمر ، فتجهزوا و تهيئوا للقتال‏ .

 

رسول الله يتحقق نقض اليهود :

و بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله : ذلك ، فغمه غما شديد ، و فزع أصحابه .

فقال رسول الله : لسعد بن معاذ ، و أسيد بن حصين ، و كان من الأوس ، و كانت بنو قريظة حلفاء الأوس .

فقال لهما : ائتيا بني قريظة ، فانظروا ما صنعوا ، فإن كانو نقضوا العهد فلا تعلما أحدا إذا رجعتما إلي ، و قولا : عضل و القارة .

جاء : سعد بن معاذ و أسيد بن حصين إلى باب الحصن ، فأشرف عليهم كعب من الحصن ، فشتم سعدا و شتم رسول الله .

 فقال له سعد : إنما أنت ثعلب في جحر ، لنولين قريشا و ليحاصرنك رسول الله ، و لينزلنك على الصغر و القماع و ليضربن عنقك .

ثم رجعا : إلى رسول الله ، فقالا : عضل و القارة .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لعناء نحن أمرناهم بذلك ، و ذلك أنه كان على عهد رسول الله ، عيون لقريش يتجسسون خبره ، و كانت عضل و القارة قبيلتين‏ من العرب دخلا في الإسلام ، ثم غدرا ، فكان إذا غدر أحد ضرب بهذا المثل ، فيقال : عضل و القارة .

و رجع : حيي بن أخطب إلى أبي سفيان و قريش فأخبرهم بنقض بني قريظة العهد بينهم و بين رسول الله ، ففرحت قريش بذلك .

 

نعيم الأشجعي يثبط اليهود :

فلما كان في جوف الليل : جاء نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و قد كان أسلم قبل قدوم قريش بثلاثة أيام .

فقال : يا رسول الله قد آمنت بالله و صدقتك ، و كتمت إيماني عن الكفرة ، فإن أمرتني أن آتيك بنفسي و أنصرك بنفسي فعلت ، و إن أمرت أن أخذل بين اليهود و بين قريش فعلت ، حتى لا يخرجوا من حصنهم.

فقال رسول الله‏ : اخذل بين اليهود و قريش فإنه أوقع عندي .

 قال : فتأذن لي أن أقول فيك ما أريد .

 قال : قل ما بدا لك .

 فجاء : إلى أبي سفيان ، فقال له : تعرف مودتي لكم و نصحي و محبتي ، أن ينصركم الله على عدوكم ، و قد بلغني أن محمدا قد وافق اليهود أن يدخلوا بين عسكركم و يميلوا عليكم ، و وعدهم إذا فعلوا ذلك ، أن يرد عليهم جناحهم الذي قطعه لبني النضير و قينقاع ، فلا أرى لكم أن تدعوهم يدخلوا في عسكركم ، حتى تأخذوا منهم رهنا تبعثوا بهم إلى مكة فتأمنوا مكرهم و غدرهم .

فقال أبو سفيان : وفقك الله ، و أحسن جزاك ، مثلك أهدى النصائح ، و لم يعلم أبو سفيان بإسلام نعيم و لا أحد من اليهود.

 ثم جاء : من فوره ذلك إلى بني قريظة .

فقال : يا كعب ، تعلم مودتي لكم  .

و قد بلغني أن أبا سفيان قال : تخرج هؤلاء اليهود فنضعهم في نحر محمد ،  فإن ظفروا كان الذكر لنا دونهم ، و إن كانت علينا كانوا هؤلاء مقاديم الحرب .

 فلا أرى لكم : أن تدعوهم يدخلوا عسكركم ، حتى تأخذوا منهم عشرة من أشرافهم يكونون في حصنكم ، إنهم إن لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يردو عليكم عهدكم و عقدكم بين محمد و بينكم ، لأنه إن ولت قريش و لم يظفروا بمحمد غزاكم محمد فيقتلكم .

فقالوا : أحسنت و أبلغت في النصيحة ، لا نخرج من حصننا حتى نأخذ منهم رهنا يكونون في حصننا .

 

 

ابن ود يعبر الخندق وظهور النفاق :

و أقبلت قريش : فلما نظروا إلى الخندق ، قالوا : هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك .

فقيل لهم : هذا من تدبير الفارسي الذي معه .

 فوافى عمرو بن عبد ود : و هبيرة بن وهب ، و ضرار بن الخطاب إلى الخندق.

 و كان رسول الله : قد صف أصحابه بين يديه .

 فصاحوا : بخيلهم ، حتى طفروا الخندق إلى جانب رسول الله .

 فصاروا : أصحاب رسول الله ، كلهم خلف رسول الله ، و قدمو رسول الله بين أيديهم .

و قال رجل : من المهاجرين ، و هو فلان لرجل بجنبه من إخوانه .

 أ ما ترى : هذا الشيطان عمروا ، لا و الله ما يفلت من يديه‏ أحد ، فهلموا ندفع إليه محمدا ليقتله ، و نلحق نحن بقومنا ز

فأنزل الله : على نبيه في ذلك الوقت ، قوله‏ :

قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ

وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ  الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ  وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19).... }

 

الإمام علي بارز بن ود وقتله :

و ركز عمرو بن عبد ود : رمحه في الأرض ، و أقبل يجول حوله و يرتجز و يقول :

و لقد بححت من النداء
بجمعكم هل من مبارز

و وقفت إذ جبن الشجاع
مواقف القرن المناجز

إني كذلك لم أزل
متسرعا نحو الهزاهز

إن الشجاعة في الفتى و الجود من خير الغرائز

(بح أغلظ بصوته مع خشونة )

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من لهذا الكلب ، فلم يجبه أحد .

فقام إليه أمير المؤمنين عليه السلام و قال : أنا له ي رسول الله .

 فقال : يا علي هذا عمرو بن عبد ود فارس يليل‏ (و كان عمرو بن عبد ود فارس قريش ، و كان قد قاتل يوم بدر حتى ارتث‏ نحل وحمل من المعركة ، و أثبته الجراح فلم يشهد أحدا .

فلما كان يوم الخندق : خرج معلما ليرى مشهده ، و كان يعد بألف فارس ، و كان يسمى فارس يليل ، لأنه أقبل في ركب من قريش حتى إذا هو بيليل‏  و هو واد قريب من بدر عرضت لهم بنو بكر في عدد .

فقال لأصحابه : امضوا فمضوا ، فقام في وجوه بني بكر حتى منعهم من أن يصلوا إليه فعرف بذلك) .

 قال : أنا علي بن أبي طالب .

 فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أدن مني ، فدنا منه .

فعممه : بيده، و دفع إليه سيفه ذا الفقار .

فقال له : أذهب و قاتل بهذا .

و قال : اللهم احفظه من بين يديه و من خلفه ، و عن يمينه و عن شماله ، و من فوقه و من تحته .

فمر أمير المؤمنين عليه السلام : يهرول في مشيه .

و هو يقول :

لا تعجلن فقد أتاك
مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية و بصيرة 
و الصدق منجي كل فائز

إني لأرجو أن أقيم 
عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى
صوتها بعد الهزاهز

 

فقال له عمرو : من أنت ؟

قال : أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله و ختنه .

فقال : و الله إن أباك كان لي صديقا قديما ، و إني أكره أن أقتلك ما آمن ابن عمك حين بعثك إلي أن أختطفك برمحي هذا ، فأتركك شائلا بين السماء و الأرض لا حي و لا ميت .

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : قد علم ابن عمي أنك إن قتلتني دخلت الجنة ، و أنت في النار ، و إن قتلتك فأنت في النار و أنا في الجنة .

فقال عمرو : و كلتاهما لك يا علي‏ تلك ، إذا قسمة ضيزى‏ ز

قال علي عليه السلام : دع هذا يا عمرو ، إني سمعت منك و أنت متعلق بأستار الكعبة ، تقول :

لا يعرضن عليَّ : أحد في الحرب ثلاث خصال ، إلا أجبته إلى واحدة منها ، و أنا أعرض عليك ثلاث خصال ، فأجبني إلى واحدة .

قال : هات يا علي .

قال عليه السلام :

 أحدها : تشهد أن لا إله إلا الله ، و أن محمدا رسول الله .

 قال : نح عني هذه ، فاسأل الثانية .

فقال عليه السلام : أن ترجع و ترد هذا الجيش عن رسول الله ، فإن يك صادقا فأنتم أعلى به عينا ، و إن يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره .

فقال : إذا لا تتحدث نساء قريش بذلك ، و لا تنشد الشعراء في أشعارها ، أني جبنت و رجعت على عقبي من الحرب ، و خذلت قوما رأسوني عليهم .

فقال أمير المؤمنين عليه السلام :

فالثالثة : أن تنزل إلي ، فإنك راكب و أنا راجل ، حتى أنابذك .

فوثب : عن فرسه و عرقبه .

و قال : هذه خصلة ما ظننت أن أحدا من العرب يسومني عليها .

ثم بدأ : فضرب أمير المؤمنين عليه السلام بالسيف على رأسه ، فاتقاه أمير المؤمنين بدرقته  فقطعها و ثبت السيف على رأسه .

فقال له علي عليه السلام : يا عمرو أ ما كفاك أني بارزتك ، و أنت فارس العرب حتى استعنت علي بظهير ، فالتفت عمرو إلى خلفه فضربه أمير المؤمنين عليه السلام مسرعا على ساقيه ، قطعهما جميعا .

و ارتفعت : بينهما عجاجة .

 فقال المنافقون : قُتل علي بن أبي طالب عليه السلام .

ثم انكشف : العجاجة ، فنظروا فإذا أمير المؤمنين عليه السلام على صدره ، قد أخذ بلحيته يريد أن يذبحه .

فذبحه : ثم أخذ رأسهو أقبل إلى رسول الله.

و الدماء : تسيل على رأسه من ضربة عمرو .

و سيفه : يقطر منه الدم .

و هو يقول و الرأس بيده :

أنا علي و ابن عبد المطلب‏

الموت خير للفتى من الهرب

فقال رسول الله : يا علي ماكرته .

قال : نعم يا رسول الله ، الحرب خديعة

 

 

مبارزة الزبير لهبيرة وفرار عمر من ضرار

و بعث رسول الله : الزبير إلى هبيرة بن وهب ، فضربه على رأسه ضربة فلق هامته ز

و أمر رسول الله : عمر بن الخطاب أن يبارز ضرار بن الخطاب ، فلما برز إليه ضرار انتزع له عمر سهما .

 فقال ضرار : ويحك يا ابن صهاك ، أ ترميني في مبارزة ، و الله لئن رميتني لا تركت عدويا بمكة إلا قتلته ، فانهزم عنه عمر و مر نحوه ضرار ، و ضربه على رأسه بالقناة .

ثم قال : احفظها يا عمر ، فإني آليت أن لا أقتل قرشيا ما قدرت عليه .

فكان عمر : يحفظ له ذلك ، بعد ما ولي ، فولاه .

 

 

القطيعة بين قريش وبين واليهود :

فبقي رسول الله : يحاربهم في الخندق خمسة عشر يوما .

فقال أبو سفيان : لحيي بن أخطب ، ويلك يا يهودي ، أين قومك .

 فصار : حيي بن أخطب إليهم .

فقال : ويلكم ، اخرجوا ، فقد نابذتم محمدا الحرب ، فلا أنتم مع محمد و لا أنتم مع قريش .

فقال كعب : لسنا خارجين ، حتى تعطينا قريش عشرة من أشرافهم رهنا يكونون في حصننا ، إنهم إن لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يرد محمد علين عهدنا و عقدنا ، فإنا لا نأمن أن تفر قريش و نبقى نحن في عقر دارنا ، و يغزون محمد فيقتل رجالنا و يسبي نساءنا و ذرارينا ، و إن لم نخرج لعله يرد علينا عهدنا.

فقال له حيي بن أخطب : تطمع في غير مطمع ، قد نابذت العرب محمدا الحرب ، فلا أنتم مع محمد و لا أنتم مع قريش .

فقال كعب : هذا من شؤمك ، إنما أنت طائر تطير مع قريش غد ، و تتركنا في عقر دارنا و يغزونا محمد .

فقال له : لك عهد الله علي و عهد موسى أنه إن لم تظفر قريش بمحمد إني أرجع معك إلى حصنك ، يصيبني ما يصيبك .

 فقال كعب : هو الذي قد قلته ، إن أعطتنا قريش رهنا يكونون عندنا ، و إلا لم نخرج‏ ، فرجع : حيي بن أخطب إلى قريش ، فأخبرهم.

 فلما قال : يسألون الرهن.

قال أبو سفيان : هذا و الله أول الغدر ، قد صدق نعيم بن مسعود ، لا حاجة لنا في إخوان القرود و الخنازير .

بعض أحوال المنافقين :

فلما طال : على أصحاب رسول الله ص الأمر، و اشتد عليهم الحصار ، و كانوا في وقت برد شديد ، و أصابتهم مجاعة ، وخافوا من اليهود خوفا شديدا .

 و تكلم المنافقون : بما حكى الله عنهم ، و لم يبق أحد من أصحاب رسول الله إلا نافق إلا القليل .

 و قد كان رسول الله : أخبر أصحابه أن العرب تتحزب و يجيئون من فوق ، و تغدر اليهود و نخافهم من أسفل ، و إنه ليصيبهم جهد شديد ، و لكن تكون العاقبة لي عليهم .

 فلما جاءت قريش : و غدرت اليهود .

قال المنافقون‏ : ما وعدنا الله و رسوله إلا غرورا .

و كان قوم : لهم دور، في أطراف المدينة .

فقالوا : يا رسول الله تأذن لنا أن نرجع إلى دورنا ، فإنه في أطراف المدينة،  و هي عورة ، و نخاف اليهود أن يغيروا عليها .

و قال قوم : هلموا فنهرب و نصير في البادية ، و نستجير بالأعراب ، فإن الذي كان يعدنا محمد كان باطلا كله .

 

أحوال الإمام علي أيام الحصار :

و كان رسول الله : أمر أصحابه أن يحرسوا المدينة بالليل ، و كان أمير المؤمنين عليه السلام ، على العسكر كله بالليل ، يحرسهم .

فإن تحرك : أحد من قريش نابذهم .

 و كان أمير المؤمنين عليه السلام : يجوز الخندق و يصير إلى قرب قريش حيث يراهم ، فلا يزال الليل كله قائما وحده يصلي، فإذا أصبح رجع إلى مركزه.

و مسجد أمير المؤمنين : هناك معروف يأتيه من يعرفه فيصلي فيه ، و هو من مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوة نشابة .

 

استجابة دعاء النبي بالفرج :

 فلما رأى : رسول الله صلى الله عليه وآله من أصحابه الجزع لطول الحصار ، صعد إلى مسجد الفتح ، و هو الجبل الذي عليه مسجد الفتح اليوم .

 فدعا الله و ناجاه : فيما وعده ، و كان مما دعاه أن قال

يَا صَرِيخَ الْمَكْرُوبِينَ : وَ يَا مُجِيبَ الْمُضْطَرِّينَ ، وَ يَا كَاشِفَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ، أَنْتَ مَوْلَايَ وَ وَلِيِّي وَ وَلِيُّ آبَائِيَ الْأَوَّلِينَ ، اكْشِفْ عَنَّا غَمَّنَا وَ هَمَّنَا وَ كَرْبَنَا ، وَ اكْشِفْ عَنَّا شَرَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ ، بِقُوَّتِكَ وَ حَوْلِكَ وَ قُدْرَتِكَ .

فنزل عليه جبرئيل فقال : يا محمد إن الله قد سمع مقالتك ، و أجاب دعوتك ، و أمر الدبور ، و هي الريح مع الملائكة أن تهزم قريشا و الأحزاب .

و بعث الله : على قريش الدبور ، فانهزموا- و قلعت أخبيتهم .

و نزل جبرئيل : فأخبره بذلك .

 

حذيفة يحكي انهزام الأحزاب :

 فنادى رسول الله صلى الله عليه وآله : حذيفة بن اليمان ، و كان قريبا منه فلم يجبه ، ثم ناداه فلم يجبه ، ثم ناداه الثالثة .

فقال : لبيك يا رسول الله .

قال : أدعوك فلا تجيبني !

قال : يا رسول الله بأبي أنت و أمي من الخوف و البرد و الجوع .

فقال : أدخل في القوم و أئتني بأخبارهم ، و لا تحدثن حدث حتى ترجع إلي ، فإن الله قد أخبرني أنه قد أرسل الرياح على قريش فهزمهم .

 قال حذيفة : فمضيت و أنا أنتفض من البرد ، فو الله ما كان إلا بقدر ما جزت الخندق حتى كأني في حمام .

فقصدت خباء عظيما : فإذا نار تخبو و توقد ، و إذا خيمة فيه أبو سفيان قد دلى خصيتيه على النار ، و هو ينتفض من شدة البرد  .

و يقول : يا معشر قريش ، إن كنا نقاتل أهل السماء بزعم محمد ، فلا طاقة لنا بأهل السماء ، و إن كنا نقاتل أهل الأرض فنقدر عليهم .

ثم قال : لينظر كل رجل منكم إلى جليسه ، لا يكون لمحمد عين فيما بيننا .

 قال حذيفة : فبادرت أنا ، فقلت : للذي عن يميني من أنت ؟ فقال : أنا عمرو بن العاص ، ثم قلت : للذي عن يساري ، من أنت ؟ قال : أنا معاوية ، و إنما بادرت إلى ذلك ، لئلا يسألني أحد من أنت .

ثم ركب : أبو سفيان راحلته و هي معقولة .

 و لو لا : أن رسول الله ، قال : لا تحدث حدثا حتى ترجع إلي ، لقدرت أن أقتله .

ثم قال أبو سفيان : لخالد بن الوليد ، يا أبا سليمان ، ل بد من أن أقيم أنا و أنت على ضعفاء الناس.

 ثم قال : ارتحلوا إنا مرتحلون .

ففروا : منهزمين .

 

بعد الحرب الجريح سعد بن معاذ :

 فلما أصبح : رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال لأصحابه لا تبرحوا ،  فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة ، و بقي رسول الله ص في نفر يسير .

و كان : ابن فرقد الكناني رمى سعد بن معاذ رحمه الله بسهم في الخندق فقطع أكحله‏ ( عرق في رجله ) فنزفه الدم ، فقبض سعد على أكحله بيده .

ثم قال : اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا ، فأبقني له فلا أحد أحب إلي محاربتهم من قوم حادوا الله و رسوله ، و إن كانت الحرب قد وضعت أوزارها بين رسول الله و بين قريش فاجعلها لي شهادة ، و لا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة ، فأمسك الدم و تورمت يده .

و ضرب رسول الله له : في المسجد خيمة ، و كان يتعاهده بنفسه .

 

تفسير بعض آيات الأحزاب :

 فأنزل الله‏ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا  اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ

إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا  (9) إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ

وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ (10) ‏ } يعني بني قريظة حين غدرو و خافوهم أصحاب رسول الله .

‏{ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ  بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)

هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدً (11)

وَإِذْ يَقُولُ  الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ  يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن  يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13)}.

 و هم الذين قالوا : لرسول الله ، تأذن لنا نرجع إلى منازلن ، فإنها في أطراف المدينة و نخاف اليهود عليها ، فأنزل الله فيهم‏ : { إن بيوتن عورة و ما هي بعورة- إن يريدون إلا فرارا إلى قوله‏ و كان ذلك على الله يسيرا .

و نزلت هذه الآية : في فلان لما قال لعبد الرحمن بن عوف ، هلم ندفع محمدا إلى قريش و نلحق نحن بقومنا.

ثم وصف الله : المؤمنين المصدقين ، بما أخبرهم رسول الله  م يصيبهم في الخندق من الجهد، فقال: { وَلَمَّا رَأَى  الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22) } يعني ذلك البلاء و الجهد و الخوف .

 

و في رواية أبي الجارود : عن أبي جعفر عليه السلام ، في قوله‏ { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه‏ }  أي أن‏ لا يفروا أبدا { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ (23) } أي أجله و هو حمزة و جعفر بن أبي طالب‏ ( الصحيح عتبة بن عم النبي ) ، { و َمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} يعني علي عليه السلام .‏

 

و قال علي بن إبراهيم في قوله‏ : { و رد الله الذين كفرو بغيظهم لم ينالوا خيرا- و كفى الله المؤمنين القتال‏ } بعلي بن أبي طالب عليه السلام .

 

 و نزل في بني قريظة : {  وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ  فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ  اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27) } الأحزاب .

فلما دخل رسول الله : المدينة و اللواء معقود ، أراد أن يغتسل من الغبار ، فناداه جبرئيل عذيرك من محارب !

 و الله : ما وضعت الملائكة لأمتها ، فكيف تضع لأمتك! إن الله يأمرك أن لا تصلي العصر إلا ببني قريظة ، فإني متقدمك و مزلزل بهم حصنهم ، إن كنا في آثار القوم نزجرهم زجرا ، حتى بلغوا حمراء الأسد .

فخرج رسول الله : فاستقبله حارثة بن نعمان ، فقال له : م الخبر يا حارثة؟

 قال : بأبي أنت و أمي يا رسول الله ، هذا دحية الكلبي ينادي في الناس،  ألا لا يصلين العصر أحد إلا في بني قريظة .

فقال : ذاك جبرئيل ، ادعوا لي عليا ، فجاء علي عليه السلام .

 فقال له : ناد في الناس ، لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ، فجاء أمير المؤمنين فنادى فيهم ، فخرج الناس فبادروا إلى بني قريظة ، و خرج رسول الله و علي بن أبي طالب عليه السلام بين يديه ، مع الراية العظمى‏ ....

تفسير القمي ج2ص176 إلى صفحة 189 تفسير سورة الأحزاب ، وتمام غزوة اليهود من بني قريظة أن سلموا وتنازلوا على حكم سعد ابن معاذ ، فحكم بقتلهم وسبي النساء .

 

يا طيب : في الحديث السابق تقريبا أغلب وقائع غزوة الأحزاب وأهم أسبابها ودواعيها وأحداثها ، وتوجد روايات كثيرة أخرى مفسرة للحوادث بصورة أوسع لتي لم تشرح تفصيلا  هنا ، وإن شاء الله إن وفقنا الله سنذكر قسما منها ، ونوسع البحث بالتفصيل .


 

ضربة علي عبادة الثقلين

يا طيب : جاءت تفاصيل وأحاديث كريمة تبين قول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، في أهمية ضربة الإمام علي عليه السلام يوم الخندق وفضله ، لأنها كانت سبب لأن تقطع طمع الكفار في عبور الخندق ومبارزة المسلمين منفردين أو مجتمعين ، ولو كان عمرو بن ود هو المنتصر لهجم الكفار وتدافعوا لعبور الخندق ، وكانت حرب طاحنة لعشرة آلاف كافر مدججين بالسلاح ، على المدينة وأهلها وهم ثلاثة آلاف تسعمائة مقاتل ، ولما بقي للإسلام أثر ، لأن الكفار لهم المعنوية بنصرهم لو كان ، والمسلمين قتل أشجعهم و خوار المعنويات عندهم ، وبالخصوص وهم أتخذوا الخندق وظهر في بعضهم أحنت النفاق وآثاره كما حكاها الله في كتابة العزيز .

ولكن الله سبحانه : شاء أن تخور همم وعزائم الكفار في يوم الخندق بضربة علي عليه السلام ، وهي كما قال النبي الأكرم حين المبارزة ، برز الإسلام كله للكفر كله ، والإسلام هو بأهله وهم الثقلين وعبادتهم الشاملة لأعمالهم ونياتهم وكل تصرف لهم في طاعة الله ، ولذا كان لا غروا ولا استبعاد بأن تكون ضربة علي عليه السلام يوم الخندق تساوي وأفضل من عبادة الثقلين .

ولمعرفة الأحاديث : نذكر بعضها :

 

ضربة علي و عبادة الثقلين :

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

ضربة عليّ :

خير من عبادة الثقلين .

وفي رواية :

 ضَرْبَةُ عَلىٍّ : يَوْمَ الْخَنْدَقِ .

اَفْضَلُ : مِنْ عِبادَةِ الثَّقَلَيْنِ .

دلائل الصدق لنهج الحق ج5ص242 . عن المواقف ص412، شرح المقاصد ج5ص298، السيرة الحلبية ج2ص642- 643.

وقال ابن تيميّة في منهاج السنّة ج8ص 109 ردا على هذا الحديث : كيف يكون قتل كافر أفضل من عبادة الثقلين؟! ....

فردّ عليه الحلبي في السيرة الحلبية ج2ص643 بقوله : لأنّ قتل هذ  : كان فيه نصرة للدين ، و خذلان للكافرين .

وخرجه في إحقاق الحق ج6ص 4 و ج 16، ص 402. و في أعيان الشيعة ج1 ص 264.

 

ضربة علي أفضل من أعمال أمتي :

و في رواية الحاكم في المستدرك : بإسناده عن لؤلؤ بن عبد اللّه المقتدرى عن أبى الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب المصري، عن أحمد بن عيسى الخشاب، عن عمرو بن أبي سلمة، عن سفيان الثوري، عن بهز بن حكيم، عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لَمُبَارَزَةُ : عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِعَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ يَوْمَ الْخَنْدَقِ‏ .

أَفْضَلُ : مِنْ عَمَلِ أُمَّتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وقال في دلائل الصدق : فلا محالة يكون أفضلهم و أولاهم بالإمامة ؛ لكشف ذلك عن زيادة علمه و معرفته و تمام بصيرته ، حتّى استحقّ مدح اللّه تعالى له في كتابه المجيد ، و أنّى لغيره مثل ذلك ؟!

دلائل الصدق لنهج الحق ج5ص242 . المستدرك للحاكم النيسابوري ج3ص32_ 34 ح 4327 .

و انظر: تاريخ بغداد ج13ص19 رقم 6978، وشواهد التنزيل ج2ص8- 9 ح 636، ومناقب الإمام عليّ عليه السّلام للخوارزمي ص 106- 107 ح 112، وتاريخ دمشق ج50ص333، وتفسير الفخر الرازي ج32ص 32 تفسير سورة القدر، وفرائد السمطين ج1ص255- 256 ح 197، وكنز العمّال ج11ص623 ح 33035.بحار الأنوار ج39ص2ب70ح1 .

و روى الشيخ أمين الدين الطبرسي في مجمع البيان : عند سياق هذه القصة ، برواية محمد بن إسحاق : فجز علي عليه السلام رأسه و أقبل نحو رسول الله ص و وجهه يتهلل قال حذيفة فقال النبي صلى الله عليه وآله :

أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ فَلَوْ وُزِنَ الْيَوْمَ عَمَلُكَ بِعَمَلِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ  لَرَجَحَ عَمَلُكَ بِعَمَلِهِمْ .

وَ ذَلِكَ : أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُشْرِكِينَ، إِلَّا وَ قَدْ دَخَلَهُ وَهْنٌ بِقَتْلِ عَمْرٍو .

وَ لَمْ يَبْقَ : بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُسْلِمِينَ ، إِلَّ وَ قَدْ دَخَلَهُ عِزٌّ بِقَتْلِ عَمْرٍو .

بحار الأنوار ج39ص2ب70ح1 .

 

أحاديث أخرى تصف ضربة علي :

و روى الحافظ بالإسناد عن عبد الله بن أبي أوفى قال: دعا رسول الله  على الأحزاب فقال :

 اللَّهُمَّ : أَنْتَ مُنْزِلُ الْكِتَابِ سَرِيعُ الْحِسَابِ ، اهْزِمِ الْأَحْزَابَ .

اللَّهُمَّ : أهْزِمْهُمْ وَ زَلْزِلْهُمْ .

و عن أبي هريرة أن رسول الله كان يقول :

‏ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ‏ ، أَعَزَّ جُنْدَهُ ، وَ نَصَرَ عَبْدَهُ ، وَ غَلَبَ‏ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ، فَلَا شَيْ‏ءَ بَعْدَهُ.

و عن سلمان بن صرد قال‏ : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حين أجلى عنه الأحزاب .

الآن نغزوهم : و لا يغزونا .

 فكان كما قال : فلم يغزهم قريش بعد ذلك ، و كان هو يغزوهم حتى فتح الله عليهم مكة .

 

بحار الأنوار ج‏20ص209 .روى البخاري الأحاديث الثلاثة في صحيحه 5: 141 و 142. مجمع البيان ج8ص340- 345.

 

و جاء في الحديث :  أن رسول الله قال ذلك اليوم حين برز إليه .

بَرَزَ الْإِيمَانُ‏ كُلُّهُ‏

إِلَى الشِّرْكِ كُلِّهِ

الرسالة العلوية في فضل أمير المؤمنين عليه السلام على سائر البرية للكراجكي ص 67 وأخرجه المصنّف في كنز الفوائد ج1ص297 و عنه في بحار الأنوار 20: 215، و الإربلي في كشف الغمّة ج1ص 272 ، المناقب للخوارزمي: 169/ 202.شرح نهج البلاغة ج‏19ص60 . الطرائف ج‏1ص60 ح57.إرشاد القلوب إلى الصواب للديلمي ج2ص244 .

 

وفي الحديث ‏ : أن رسول الله صلى الله عليه وآله :

لما بارز علي عمرا : ما زال رافعا يديه مقمحا  رأسه نحو السماء داعيا ربه ، قائلا:

 اللهم : إنك أخذت مني عبيدة يوم بدر ، و حمزة يوم أحد .

فاحفظ : علي اليوم عليا .

رَبِّ : لا تَذَرْنِي فَرْداً ، وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ‏.

شرح نهج البلاغة ج‏19ص60 .

 

وعن ابن عقدة : حدّثني محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ، حدّثني الحسين بن موسى، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين‏ عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يوم الخندق :

اللّهم : إنّك أخذت منّي :

عبيدة : بن الحارث يوم بدر .

و حمزة " بن عبد المطّلب يوم أحد .

و هذا عليّ : فلا تدعني فردا و أنت خير الوارثين .

فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ص79ق2ح77 . المناقب للخوارزمي ص 143ح166 وذكر سند الحديث .متشابه القرآن و مختلفه لابن شهر آشوب ج‏2ص42 عن و روى الخطيب في الأربعين‏.

 

و روى الطبرسي‏ : أحاديث في وقعة الخندق ، و فيها أن علي عليه السّلام قتل عمرو بن عبد ود و،  كان يعدّ بألف فارس بعد ما دعا له النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال:

 اللهم : أحفظه من بين يديه و من خلفه ، و عن يمينه و عن شماله ، و من فوق رأسه و من تحت قدميه‏ .

مجمع البيان: ج8ص132ح401 .إثبات الهداة ج1ص375 .

 

و روى عمرو بن أزهر عن عمرو بن عبيد عن الحسن‏ أن عليا  : لما قتل عمرا احتز رأسه و حمله ، فألقاه بين يدي رسول الله .

فقام : أبو بكر و عمر ، فقبلا رأسه و وجه ، ورسول الله يتهلل .

فقال : هذا النصر .

أو قال : هذا أول النصر.

و في الحديث المرفوع‏ : أن رسول الله قال يوم قتل عمرو :

ذهبت ريحهم : و لا يغزوننا بعد اليوم ، و نحن نغزوهم إن شاء الله .

 

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج‏19ص60 ، أقمح رأسه: كشفها.

ضمن دعاءة آية من سورة الأنبياء 49.

 

وصف حذيفة لضربة علي :

قال بن أبي الحديد في شرح النهج :

و قد روي عن حذيفة بن اليمان رحمه الله : ما يناسب هذا ، بل ما هو أبلغ منه‏ .

روى قيس بن الربيع : عن أبي هارون العبدي ، عن ربيعة بن مالك السعدي قال‏ :

أتيت حذيفة بن اليمان فقلت : يا أبا عبد الله ، إن الناس يتحدثون‏ عن علي بن أبي طالب و مناقبه .

فيقول لهم أهل‏ البصيرة : إنكم لتفرطون في تقريظ هذا الرجل ، فهل أنت محدثي بحديث عنه أذكره للناس ؟

فقال : يا ربيعة ، و ما الذي تسألني عن علي ؟ و ما الذي أحدثك عنه ؟

و الذي نفس حذيفة بيده :

لو وضع : جميع أعمال أمة محمد صلى الله عليه وآله في كفة الميزان ، منذ بعث الله تعالى محمدا إلى يوم الناس هذا .

و وضع : عمل واحد من أعمال علي في الكفة الأخرى ، لرجح على أعمالهم كلها.

 فقال ربيعة : هذا المدح الذي لا يقام له و لا يقعد و لا يحمل ، إني لأظنه إسرافا يا أبا عبد الله .

فقال حذيفة : يا لكع ، و كيف لا يحمل ، و أين كان المسلمون يوم الخندق ، و قد عبر إليهم عمرو و أصحابه ، فملكهم الهلع و الجزع .

و دعا إلى المبارزة : فأحجموا عنه حتى برز إليه علي فقتله .

و الذي نفس حذيفة بيده :

لعمله ذلك اليوم : أعظم أجرا من أعمال أمة محمد صلى الله عليه وآله إلى هذا اليوم ، و إلى أن تقوم القيامة.

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج‏19ص60

 

وصف جابر الأنصار للضربة :

قال جابر بن عبدالله الأنصاري‏ رحمه الله:

و الله : ما شبهت يوم الأحزاب قتل علي عمرا و تخاذل المشركين بعده ، إلا بما قصه الله تعالى من قصة طالوت و جالوت .

في قوله‏ : { فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ

وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا  يَشَاء

 وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) } البقرة .

شرح نهج البلاغة ج‏19ص60.

 

وقال الحاكم في المستدرك : بسنده قاله يحيى بن آدم : ما تنبهت قتل علي عمروا إلا بقول اللّه عز وجل : { فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ  } .

المستدرك على الصحيحين ج3ص32 .

ويا طيب : تمام الآية أيضا ينطبق على الإمام علي عليه السلام نص ومتنا ومفهوما وفحوا .

وصف الضربة التابعين وتابعيهم :

قال بن أبي الحديد في شرح النهج :

فأما الخرجة : التي خرجها يوم الخندق إلى عمرو بن عبد ود .

فإنها أجل : من أن يقال جليلة .

و أعظم : من أن يقال عظيمة .

و ما هي : إلا كما قال شيخنا أبو الهذيل ، و قد سأله سائل أيما أعظم منزلة عند الله علي أم أبو بكر ؟

فقال : يا ابن أخي .

و الله لمبارزة علي : عمرا يوم الخندق ، تعدل أعمال المهاجرين و الأنصار و طاعاتهم كلها ، و تربي عليها ، فضلا عن أبي بكر وحده .

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج‏19ص61

 

وقالوا : كان في الإسلام ضربتان :

لم تكن ضربة أيمن : من أولاهما ، و هي ضربته عليه السلام عمرا يوم الخندق ، التي قال فيها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله :

أفضل من عبادة الثقلين .

و أشأم من أخراهما : و هي ضربة ابن ملجم له عليه السلام .

 فما رأى النّاس : من بعده عليه السلام عدلا و لا يرونه ، حتى يظهر القائم عليه السلام .

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة للشوشتري ص 23ص131و رواهما السروي في مناقبه ج3ص 138 . وذكرها في شرح النهج ج‏19ص60.

 

 

قصص السلب وكربلاء:

يا طيب : كم فرق بين علي وآله عليهم السلام ، يجلون أنفسهم عن أعدائهم بأقل التماس ، فلا يجهزون عليهم بالقتل ، أو لم يسلبوهم ، وبين المنافقين في كربلاء ، وأذكر هذه القصة في عدم سلب الإمام علي عليه السلام في الخندق لعمرو بن ود ، وأذكر قصة مشابهة لها له في أحد ، لتعرف جلالة نفسه وعزة شأنه وكرم أصله وخلقه العظيم ، وخسة أعدائه وآله .

ذكر المفيد رحمه الله : و روى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال:

لما قتل : علي بن أبي طالب عمرا ، أقبل نحو رسول الله و وجهه يتهلل .

فقال له : عمر بن الخطاب ، هلا سلبته‏ يا علي درعه ، فإنه ليس تكون للعرب درع مثلها .

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : إني استحيت أن أكشف عن سوأة ابن عمي.

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد ج1ص104 . ورواه كل أرباب التأريخ والسير .

 

وأما في غزوة أحد : كانت الراية بيد بني عبد الدار وهم عندهم مفاتيح الكعبة ، وكبيرهم طلحة .

فدنا القوم : بعضهم من بعض ، و قدموا طلحة بن أبي طلحة صاحب لوائهم ، و صفوا صفوفهم ، و أقاموا النساء خلف الرجال يضربن بين أكتافهم بالأكبار و الدفوف ، و هند و صواحبها يحرضن و يذمرن ( يحشمن ويحثن ) الرجال ، و يذكرن من أصيب ببدر و يقلن:

نحن بنات طارق _ نمشي على النمارق‏

إن تقبلوا نعانق _ أو تدبروا نفارق‏

فراق غير وامق

قال الواقدي : و برز طلحة فصاح من يبارز .

فقال علي عليه السلام له : هل لك في مبارزتي ؟

قال : نعم ، فبرزا بين الصفين و رسول الله ص جالس تحت الراية عليه درعان و مغفر و بيضته ، فالتقيا .

فبدره علي : بضربة على رأسه ، فمضى السيف حتى فلق هامته إلى أن انتهى إلى لحيته فوقع .

و انصرف : علي .

فقيل له : هلا ذففت عليه‏ ( أي أجهزت عليه وقتلته ) .

قال عليه السلام : إنه لما صرع استقبلني بعورته ، فعطفتني عليه الرحم ، و قد علمت أن الله سيقتله ، هو كبش الكتيبة .

قال الواقدي : و روي أن طلحة حمل على علي، فضربه بالسيف فاتقاه بالدرقة فلم يصنع شيئا .

و حمل علي : و على طلحة درع و مغفر ، فضربه بالسيف فقطع ساقيه ، ثم أراد أن يذفف عليه ، فسأله طلحة بالرحم ألا يفعل فتركه و لم يذفف عليه .

وقال : فلما قتل طلحة سر رسول الله ، و كبر تكبيرا عاليا ، و كبر المسلمون ، ثم شد أصحاب رسول الله ص على كتائب المشركين فجعلوا يضربون وجوههم حتى انتقضت صفوفهم و لم يقتل إلا طلحة بن أبي طلحة وحده.

قال الواقدي : ثم حمل لواء المشركين بعد طلحة أخوه عثمان بن أبي طلحة و هو أبو شيبة .

فارتجز و قال‏ :

إن علي رب اللواء حقا

أن تخصب الصعدة أو تندقا

فتقدم باللواء : و النسوة خلفه يحرضن و يضربن بالدفوف .

فحمل عليه حمزة بن عبد المطلب رحمه الله : فضربه بالسيف على كاهله فقطع يده ، و كتفه حتى انتهى إلى‏ مؤتزره فبدا سحره‏ ( أي رئته ) و رجع .

فقال : أنا ابن ساقي الحجيج .

ثم حمل اللواء أخوهما : أبو سعد بن أبي طلحة ، فرماه سعد بن أبي وقاص فأصاب حنجرته ، و كان دراعا و عليه مغفر لا رفرف عليه ‏، و على رأسه بيضته ، فأدلع لسانه‏  إدلاع الكلب.

قال الواقدي : و قد روي أن أبا سعد لما حمل اللواء ، قام النساء خلفه يقلن‏:

 ضربا بني عبد الدار _ ضربا حماة الأدبار

ضربا بكل بتار      

قال سعد بن أبي وقاص : فأحمل عليه فأقطع يده اليمنى فأخذ اللواء باليد اليسرى ، فأضربه على يده اليسرى فقطعتها فأخذ اللواء بذراعيه جميعا ، و ضمه إلى صدره و حنى عليه ظهره .

قال سعد : فأدخل سية القوس بين الدرع و المغفر ، فأقلع‏ المغفر فأرمي به وراء ظهره ، ثم ضربته حتى قتلته ، و أخذت أسلبه درعه ، فنهض إلي سبيع بن عبد عوف و نفر معه فمنعوني سلبه ، و كان سلبه أجود سلب رجل من المشركين ، درع فضفاضة ، و مغفر و سيف جيد ، و لكن حيل بيني و بينه.

قال الواقدي : و هذا أثبت القولين.

قال بن أبي الحديد :

قلت : شتان بين علي و سعد .

هذا يجاحش‏ : ( ينازع ويصر ويتمنى ويتحسر ) على السلب ، و يتأسف على فواته .

و ذلك ( أي علي بن أبي طالب عليه السلام ) : 

يقتل : عمرو بن عبد ود يوم الخندق ، و هو فارس قريش و صنديده ، و مبارزه .

فيعرض : عن سلبه .

فيقال له : كيف تركت سلبه ، و هو أنفس سلب .

فيقول : كرهت أن أبز السبي ثيابه .

فكأن حبيبا عناه بقوله :‏

إن  الأسود  أسود   الغاب   همتها

يوم الكريهة في المسلوب لا السلب‏

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج‏14ص235 .

 

ويا طيب : للإمام علي موقف مثل هذا في الخندق وأحد موقف كريم مع عمر بن العاص لم يقتله حين أبدى عورته في صفين .

قال : نصر بن مزاحم مؤلف كتاب معركة صفين :

 و حمل أهل العراق : و تلقاهم أهل الشام فاجتلدوا .

و حمل : عمرو بن العاص معلما ، و هو يقول :

شدوا علي شكتي لا تنكشف‏

بعد طليح و الزبير فأتلف‏

يوم لهمدان و يوم للصدف‏

و في تميم نخوة لا تنحرف‏

أضربها بالسيف حتى تنصرف

إذا مشيت مشية العود الصلف‏

و مثلها لحمير أو تنحرف

و الربعيون لهم يوم عصف‏

 

 فاعترضه علي و هو يقول:

قد علمت ذات القرون الميل

و الخصر و الأنامل الطفول

إني بنصل السيف خنشليل‏

أحمي و أرمي أول الرعيل‏

بصارم ليس بذي فلول‏

 

ثُمَّ طَعَنَهُ عليه السلام : فَصَرَعَهُ .

وَ اتَّقَاهُ : عَمْرٌو بِرِجْلِهِ .

فَبَدَتْ : عَوْرَتُهُ‏ .

فَصَرَفَ عَلِيٌّ : وَجْهَهُ عَنْهُ ، وَ ارْتُثَّ ( أي جعل بن العاص نفسه مثل الميت ) .

فقال القوم : أفلت الرجل يا أمير المؤمنين ؟

قَالَ : وَ هَلْ تَدْرُونَ مَنْ هُوَ ؟

قَالُوا : لَا .

قَالَ : فَإِنَّهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ‏ .

تَلَقَّانِي : بِعَوْرَتِهِ

فَصَرَفْتُ : وَجْهِي عَنْهُ .

 

و رجع عمرو إلى معاوية .

فقال له : ما صنعت يا عمرو؟

قال: لقيني علي فصرعني .

قال معاوية : احمد الله و عورتك ، أما و الله أن لو عرفته ما أقحمت عليه.

و قال معاوية في ذلك:

ألا لله من هفوات عمرو

يعاتبني على تركي برازي‏

فقد لاقى أبا حسن عليا

فآب الوائلي مآب خازي‏

فلو لم يبد عورته للاقى

به ليثا يذلل كل نازي‏

له كف كأن براحتيها

منايا القوم يخطف خطف بازي‏

فإن تكن المنايا أخطأته

فقد غنى بها أهل الحجاز.

فغضب عمرو و قال : ما أشد تغبيطك عليا في أمري هذا .

 هل هو : إلا رجل لقيه ابن عمه فصرعه ، أ فترى السماء قاطرة لذلك دما ؟

قال : و لكنها معقبة لك خزيا  .

وقعة صفين ص407 .والطفول: جمع طفل، بالفتح، و هو الرخص الناعم ، و الخنشليل: الجيد الضرب بالسيف، و مثله الخنشل.

 

يا طيب : هذا موقف ، وموقفهم من الحسين عليه السلام ، فإنه كان قائد جيش النفاق والشرك عمر بن سعد بن أبي وقاص وهو ينظر وتحت أمره يدار أمر المعركة ، وإنه لما قتل الحسين عليه السلام أنظر ماذا فعلوا :

قال بن مخنف الكوفي : و سلب‏ ما كان على الحسين عليه السلام‏ ، فأخذ قيس ابن الأشعث قطيفته ، و سلب‏ إسحاق بن حيوة الحضرمي قميص الحسين ، و اخذ سيفه رجل من بني نهشل، و أخذ نعله الأسود الأودي‏ ، و أخذ بحر بن كعب سراويله و تركه مجردا.

وقعة الطف ص255 .

وقال ابن نما الحلي : سلب الحسين عليه السلام بعد قتله : و لما قتل مال الناس إلى سلبه ينهبونه فأخذ قطيفته قيس بن الأشعث فسمي قيس القطيفة.

و أخذ عمامته : جابر بن يزيد و قيل أخنس بن مرثد  بن علقمة الحضرمي فاعتم بها فصار معتوها.

و أخذ برنسه : مالك بن بشير الكندي ، و كان من خز و أتى امرأته فقالت له أ سلب الحسين يدخل بيتي و اختصما قيل لم يزل فقيرا حتى هلك.

و أخذ قميصه : إسحاق بن حوية فصار أبرص.

و روي أنه وجد في القميص مائة و بضع عشر ما بين رمية و طعنة و ضربة.

قال الصادق عليه السلام وجد به ثلاث و ثلاثون و [أو] أربع و ثلاثون ضربة و أخذ درعه البتراء عمر بن سعد.

و أخذ خاتمه : بجدل بن سليم الكلبي ، و قطع إصبعه و أخذ سيفه القلافس‏ النهشلي ، و قيل جميع بن الحلق الأودي.

ثم اشتغلوا : بنهب عيال الحسين و نسائه ، حتى تسلب المرأة مقنعته من رأسها ، أو خاتمها من إصبعها ، أو قرطها من أذنها ، و حجلها من رجلها.

و جاء رجل من سنبس إلى ابنة الحسين : و انتزع ملحفتها من رأسها .

و بقين عرايا : تراوجهن رياح النوائب ، و تعبث بهن أكف قد غشيهن القدر النازل ، و ساورهن الخطب الهائل .

مثير الأحزان ص 76 .

 

الإمام علي ذو قرنيها :

يا طيب : وردت روايات كثيرة عن النبي الأكرم وعن الإمام علي صلى الله عليهم وسلم ، وعن الأئمة عليهم السلام وعن الأصحاب ، بأن أحد ألقاب أمير المؤمنين عليه السلام ، أنه ذو قرينها .

ويقصد بذي قرنيها : أنه عليه السلام ، ضرب على رأسه في الخندق ، ولم يتولى الأمر والنهي بعد رسول الله بحكومة ظاهرية ، ثم أقدم في حومته بعد خمسة وثلاثون سنة ، فحكم أربع سنوات وأشهر ، وضرب على رأسه أخرى ، فسمي بذي القرنين أيضا ، كم ذكر ذو القرنين في قوله تعالى :

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا (83)  إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)} الكهف.

نذكر بعض الأحاديث : تبين هذا المعنى ، لارتباطها غزوة الأحزاب الخندق :

في حديث طويل قال النبي الأكرم لعلي بن أبي طالب : .....

يا علي : حربك حربي ، و سلمك سلمي ، و حزبك حزبي ، و حزبي حزب الله .

يا علي : قل لإخوانك ، إن الله قد رضي عنهم إذ رضيت‏ لهم قائد و رضوا بك وليا .

يا علي : أنت أمير المؤمنين ، و قائد الغر المحجلين .

يا علي : شيعتك المنتجبون ، و لو لا أنت و شيعتك ما قام لله دين ، و لو لا من في الأرض منهم ما أنزلت السماء قطرة يا .

عَلِيُّ : لَكَ كَنْزٌ فِي الْجَنَّةِ .

وَ إِنَّكَ : أَنْتَ‏ ذُو قَرْنَيْهَا

شِيعَتُكَ : تُعْرَفُ بِحِزْبِ  اللَّهِ .....

تفسير فرات الكوفي ض 266سورة الأنبياء الآيات 101 إلى 103.

وعن أبو عبيد في غريب الحديث :

 إنّ النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله قال لأمير المؤمنين :

 إنّ لك بيتا في الجنّة .

و انّك لذو قرنيها .

ورواه سويد ابن غفلة و أبو الطّفيل قالا:

 قال أمير المؤمنين :

 إنّ ذا القرنين : كان ملكا عادلا ، فأحبّه اللَّه ، و ناصح اللَّه فنصحه اللَّه ، أمر قومه بتقوى اللَّه ، فضربوه على قرنه بالسّيف ، فغاب عنهم ما شاء اللَّه .

 ثمّ رجع إليهم : فدعاهم إلى اللَّه ، فضربوه على قرنه الآخر بالسّيف فذلك قرناه .

و فيكم : مثله ، يعني نفسه :

لأنّه ضرب على رأسه ضربتين :

إحداهما : يوم الخندق‏.

 و الثّانية : ضربة ابن ملجم .

الغارات للثقفي ج2ص741 .

 

وقال الصدوق : بسنده عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله :‏

 معاشر الناس : من أحسن‏ من الله قيلا و أصدق من الله حديث .

معاشر الناس : إن ربكم جل جلاله أمرني أن أقيم لكم عليا علم و إماما و خليفة و وصيا ـ و أن أتخذه أخا و وزيرا ......

معاشر الناس : عليكم بطاعته و اجتناب معصيته ، فإن طاعته طاعتي و معصيته معصيتي .

مَعَاشِرَ النَّاسِ : إِنَّ عَلِيّاً صِدِّيقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ فَارُوقُهَا وَ مُحَدَّثُهَا ، إِنَّهُ هَارُونُهَا وَ آصَفُهَا وَ شَمْعُونُه ، إِنَّهُ بَابُ حِطَّتِهَا وَ سَفِينَةُ نَجَاتِهَا وَ إِنَّهُ طَالُوتُهَا

وَ ذُو قَرْنَيْهَا

معاشر الناس : إنه محنة الورى و الحجة العظمى و الآية الكبرى و إمام أهل الدنيا و العروة الوثقى

الأمالي للصدوق ص31م8ح4 .

و بإسناده قال : قال النبي صلى الله عليه وآله :‏ أَنْتَ يَا عَلِيُّ فِي الْجَنَّةِ وَ أَنْتَ ذُو قَرْنَيْهَا.

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص67ب31 ح309.

 

وعن سلمة بن أبي الطفيل عن الإمام علي عليه السلام قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله :

يَا عَلِيُّ : إِنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا ، وَ إِنَّ لَكَ كَنْزاً فِي الْجَنَّةِ ، فَلَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَ لَيْسَتْ لَكَ الْأَخِيرَةُ.

وقال :  قال أبو إسحاق معنى الحديث : أنه في هذه الأمة كذي القرنين في أمته ، و إن لم يجر للأمة ذكر .

كما قال تعالى : { حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ‏ } يعني الشمس و إن لم يجر لها ذكر بذلك ، حدثني الأثرم عن أبي عبيد كما قال تعالى : { ما تَرَكَ عَلى‏ ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ } فأظهر كناية الأرض و لم يظهرها .

قال الصولي : و الدليل على صحة هذا ، أن عليا عليه السلام دعا الناس إلى الله عز و جل فضربوه على رأسه ، فكان بمنزلة ذي القرنين .

قال : و قال غير الحربي : و إنك ذو قرنيها يعني الجنة أنت فيها بمنزلة ذلك .

قال ابن المغازلي : فالأول عندي أجود .

و كذا قال : يحيى بن الحسن المصنف أيده الله تعالى و هو أليق بالصواب .

عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار ص265 ف33 ح419 , ‏

 

وكفى الله القتال بعلي :

ذكر بن شهر آشوب وغيره : عن ابن مسعود رحمه الله و الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى‏ :

{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ } ، بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَ قَتْلِهِ عَمْرَو بْنَ عَبْدَ وَدٍّ .

و قد رواه : أبو نعيم الأصفهاني ، في ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين ، بالإسناد عن سفيان الثوري عن رجل عن مرة عن عبد الله‏ .

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج3ص134 . والآية بتمامها : { وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ  قَوِيًّا عَزِيزًا (25) } الأحزاب .

وقال الشيخ الطوسي رحمه الله : ثم اخبر تعالى أنه رد المشركين من الأحزاب عن قتال النبي صلى الله عليه واله بغيظهم الذي جاءوا به وخيبهم ، لم ينالوا خيرا أملوه من الظفر بالنبي صلى الله عليه واله وبالمؤمنين { وكفى الله المؤمنين القتال } عند رجوعهم .

 وقيل : { وكفى الله المؤمنين القتال } ، بالريح والملائكة.

وقيل : { وكفى الله المؤمنين القتال بعلي } عليه السلام ، وهي قراء ة ابن مسعود ، وكذلك هو في مصحفه ، في قتله عمرو بن عبد ود ، وكان ذلك سبب هزيمة القوم.

{ وكان الله قويا عزيزا } أي قادرا لا يغالب، وعزيزا لا يقهر، لأنه قوي في سعة مقدوره، عزيز في انتقامه.

التبيان في تفسير القرآن ج8ص318 .

قال الذهبي في كتابه : وقال ابن المقري : حدثنا اسماعيل بن عبادالبصري , حدثنا عباد بن يعقوب , حدثنا الفضل بن القاسم , عن سفيان الثوري , عن زبيد ، عن مرة ، عن ابن مسعود انه كان يقرأ : { وكفى اللّه المؤمنين القتال } بعلي .

ميزان الاعتدال ج2ص380 .

وروى السيوطي في الدر المنثور ج5ص192 وقال : اخرج ابن ابي حاتم , وابن مردويه , وابن عساكر, عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أنه كان يقرا هذ الحرف : (وكفى اللّه المؤمنين القتال ) بعلى بن أبي طالب .

 

أحداث ووقائع أيام الخندق

يا طيب : حدثت كثير من القصص في غزوة الأحزاب والمسمات بغزوة الخندق ، وإنها دام الحصار للمؤمنين في المدينة قبل قتل بن ود ووهن الكفار وفرارهم ليلا لهبوب عواصف قوية عليهم حدود عشرون يوما فضلا عن أيام حفر الخندق ، بعضه مر تفصيلها أو الإشارة لها ، وهذا قسم من الأحاديث مختص بتفصيل كل واقعة نذكر قسم منها :

 

عدد المسلمين في غزوة الأحزاب :

يا طيب : جاءت بعض الروايات بأن عدد المسلمين 3000 ثلاثة آلاف ، والظاهر كل أهل المدينة المسلمين كلهم بهذا العدد ، وإن عدد المقاتلين منهم ومن حضر الخندق عدتهم 900 تسعمائة مقاتل والباقي نساء وأطفال وشيوخ ، وفي رواية أخرى المقاتلين 700 سبعمائة فقط ، كما أن عدد المقاتلين من الأحزاب في روايات كثيرة 10000 عشرة آلاف ، وفي رواية أجتمع من الأحزاب 18000 ثمانية عشر الف مقاتل ، ولمعرفة هذا المعنى الحديث الآتية :

عن أبي حمزة الثمالي : عن شهر بن حوشب قال:

قال لي الحجاج‏ : و سألني عن خروج النبي صلى الله عليه و آله إلى‏ مشاهده .

فقلت : شهد رسول الله صلى الله عليه و آله بدرا ، في ثلاثمائة و ثلاثة عشر .

و شهد أحدا : في ستمائة .

و شهد الخندق‏ : في تسعمائة .

فقال: عمن‏ ؟

قلت: عن جعفر بن محمد عليهما السلام .

فقال: ضل و الله من سلك غير سبيله .

كافي ج‏9ص456ب19ح8278/ 3. الوافي ج15ص 159ح 14839 ؛ الوسائل ج 15ص 135ح 20155. وقالوا : الرواية عن أبو حوشب أو جده.الوافي ج15ص 159ح14840 ، البحار ج19 ص 180 ح 28 ؛ و ج20ص 112ح 40.

 

وقال في بن شهر آشوب : غزوة الخندق‏ : و هي الأحزاب :  قوله‏ تعالى : { إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ  بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11) وَإِذْ يَقُولُ  الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) } الأحزاب.

فخرج إليه : أبو سفيان بقريش ، و الحارث بن عوف في بني مرة ، و وبرة بن طريف و مسعود بن جبلة في أشجع ، و طليحة بن خويلد الأسدي في بني أسد ، و عيينة بن حصن الفزاري في غطفان و بني فزارة ، و قيس بن غيلان و أبو الأعور السلمي في بني سليم ، و من اليهود حي بن أخطب ، و كنانة بن الربيع و سلام بن أبي الحقيق ، و هوذة بن قيس الوالبي في رجالهم .

فكانوا : ثمانية عشر ألف رجل .

و المسلمون : في ثلاثة آلاف فلما سمع النبي ص باجتماعهم استشار أصحابه فاجتمعوا على المقام بالمدينة و حربهم على اتقائها

و أشار سلمان : بالخندق .

فأقاموا : بضعا و عشرين ليلة ، لم يكن بينهم حرب إلا مراماة .

و كان الكفار : على الخمر و الغناء و المدد و الشوكة ، و المسلمون كأن على رءوسهم الطير لمكان عمرو .

و النبي عليه السلام : جاث‏ على ركبتيه باسط يديه باك عيناه ينادي بأشجى صوت:

يَا صَرِيخَ الْمَكْرُوبِينَ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ اكْشِفْ هَمِّي وَ كَرْبِي فَقَدْ تَرَى حَالِي. و دعا عليهم .

و قال : اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمِ الْأَحْزَابَ .

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام  ج‏1ص197 .

 

يا طيب : الظاهر كل المسلمين في المدينة ثلاثة آلاف ، والمقاتلين منهم تسعمائة كما عرفت ، أو كما قالوا سبعمائة في القول الآتي ، فتدبر .

ذكر في بحار الأنوار :

تجهزت قريش : و أتت يهود بنى سليم فوعدوهم السير معهم، و لم يكن أحد اسرع إلى ذلك من عيينة بن حصن الفزاري، و خرجت قريش و من تبعها من أحابيشه في أربعة آلاف، و عقدوا اللواء في دار الندوة، حمله عثمان بن طلحة بن أبي طلحة.

 و قادوا معهم : ثلاثمائة فرس ، و كان معهم الف بعير و خمسمائة بعير .

 و لاقتهم سليم : بمر الظهران في سبعمائة يقودهم سفيان بن عبد شمس أبو الأعور السلمى الذي كان مع معاوية بن أبى سفيان بصفين، و كان أبو سفيان بن حرب قائد قريش .

و خرجت بنو أسد : و قائدها طليحة بن خويلد الأسدي ، و خرجت بنو فزارة في الف يقودهم عيينة بن حصن، و خرجت أشجع في أربعمائة يقودهم مسعود بن رخيلة ، و خرجت بنو مرة في أربعمائة يقودهم الحارث بن عوف بن أبي حارثة، و قيل:  لم يحضر بنو مرة، ، و كانوا جميعا عشرة آلاف.

 و أقبلت قريش : في أحابيشها و من تبعها من بني كنانة ، حتى نزلت وادى العقيق، و نزلت غطفان بجانب احد و معها ثلاثمائة فرس، فسرحت قريش ركابه في عضاه وادى العقيق، و لم تجد لخيلها هناك شيئا إلا ما حملت من علفها، و هو الذرة، و سرحت غطفان ابلها إلى الغابة في اثلها و طرفائها ، و كان الناس قد حصدوا زرعهم قبل ذلك بشهر، و ادخلوا حصادهم و اتبانهم ، و كادت خيل غطفان و ابلها تهلك من الهزال، و كانت المدينة إذ ذاك جديبة.

 

 

و استشار النبي صلى الله عليه وآله : أصحابه و كانوا سبعمائة رجل‏ .

 فقال سلمان : يا رسول الله إن القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة .

قال : فما نصنع.

 قال : نحفر خندقا يكون بيننا و بينهم حجابا فيمكنك منعهم‏ في المطاولة و لا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه ، فإنا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم‏ من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة .

فنزل جبرئيل : على رسول الله ، فقال : أشار بصواب .

فأمر رسول الله : بمسحه‏ من ناحية أحد إلى راتج ، و جعل على كل عشرين خطوة و ثلاثين خطوة قوم‏ من المهاجرين و الأنصار يحفرونه ، فأمر فحملت المساحي و المعاول .

و بدأ رسول الله : و أخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه ، و أمير المؤمنين عليه السلام ينقل التراب من الحفرة حتى عرق رسول الله ص و عي‏ ، و قال :

لا عيش إلا عيش الآخرة

اللهم اغفر للأنصار و المهاجرين

فلما نظر الناس : إلى رسول الله يحفر اجتهدوا في الحفر ، و نقلو التراب فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر ....

وقال في الإمتاع : و كان المسلمون يومئذ ثلاثة آلاف.

 و زعم بن إسحاق : أنه إنما كان في سبعمائة ، و هذا غلط.

و قال ابن حزم : و خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعنى في الخندق في ثلاثة آلاف.

 و قد قيل : في تسعمائة فقط، و هو الصحيح الذي لا شك فيه، و الأول وهم.

بحار الأنوار ج‏20ص218 .

 

زمان غزوة الأحزاب الخندق :

يا طيب : إن غزوة الأحزاب الخندق كانت بعد غزوة أحد ، وإن قريش هي التي غزت المسلمين في المدينة كما كان في غزوة بدر وأحد ، وكانت غزوة أحد سنة 3 للهجرة ، والظاهر أن غزوة الخندق كانت بعدها بما يقارب السنتين ، أي أن غزوة الأحزاب الخندق في سنة 5 للهجرة كما عليه أكثر المؤرخين ، وكانت في شوال ، وبدأ الاستعداد لها بتحريض اليهود لقريش ولقبائل العرب من بعد غزوة يهود بني النظير.

يا طيب : لما وقع إجلاء يهود بني النضير ، وكانت مساكنهم على بعد ميلين من جنوب المدينة المنورة ، لخيانتهم عهدهم مع رسول الله إذ هموا بقتله فنجاه الله منهم .

 فتفرق اليهود : في خيبر وغيرها من البلاد ، ثم أجمع كبرائهم على كيد المسلمين ،  فسار منهم سلام بن مشكم ورئيسهم كنانة بن أبي الحقيق النضري ، وحييّ بن أخطب وهوذة بن قيس الوائلي وأبو عامر إلى أن قدموا مكة على قريش يدعونهم ويحرضونهم على حرب رسول الله فحزبوا الأحزاب على المسلمين ، كما عرفت .

وكانت : غزوة بني النظير في ربيع الأول سنة 4 للهجرة ، وحتى جمعوا جمعهم ، وأغروا قريش والأحزاب ممن أعانهم ممن عرفت ، صار شهر رمضان سنة خمسة للهجرة ، وفي تقريب أواسط شهر رمضان تحرك الكفار والمشركين من مدنهم إلى المدينة ، وهم  الأحزاب ، وأولهم قريش برئاسة أبو سفيان بن حرب ، و كنانة الأحباش ، و غطفان معها فزارة و بنو مرة و أشجع بقيادة عيينة بن حصن و الحارث بن مرة و مسعر بن رخيلة ، بنو أسد بقيادة طليحة بن أسد ، سليم بقيادة سفيان بن عبد شمس و معهم يهود بنى قريظة بذلك تجمعت ملة الكفر الواحدة متوجه إلى المدينة .

هذا : وقد عرف النبي الأكرم بتجمع الأحزاب ، فاستشار المسلمين ، فأشار سلمان بحفر الخندق ، فقسم كل أربعين ذراع لعشرة من المهاجرين والأنصار .

 وقبل وصول الأحزاب : للمدينة بحدود ثلاثة أيام أتم النبي الأكرم حفر الخندق .

وتقريبا : في يوم الثاني والعشرون من شهر رمضان ، وصل الكفار الخندق حول المدينة المنورة ، وكان محصور بين جبلين تحيط بالمدينة المنورة .

وكان المسلمون : يحرسون الخندق ، لكي لا يعبر منه أحد ويتناوبون بينهم في حفظه .

وبقيت المناوشات : بين الكفار والمسلمين حدود خمسة وعشرون يوما ، لأنه جاء في الروايات بضع وعشرون يوما والبضع بين 3 إلى 9 أيام .

 ثم في يوم : 15 خمسة عشر شوال عبر الخندق ستة من قريش من منطقة في الخندق تسمى المذاد ، وفيهم عمر بن ود وأبنه وممن عرفت ، وبعد المبارزة كما عرفت وسترى بعض التفاصيل ، كفى الله المؤمنين القتال بعلي عليه السلام ، وقتل علي بن أبي طالب بطل قريش ، فهرب الباقون وقتل قسم منهم ، والقى الله الرعب على قريش ، فلم يقدم أحد منهم بعد هذا .

وبعد يومين : أي في سبعة عشر شوال بعث الله على الأحزاب ريح وجنود الملائكة ، فأخذهم الرعب وهربوا من مواقعهم ليلا .

ويا طيب : مرت التفاصيل ، وهذا بعض ما لم نذكره من قصص كريمة هي أحسن القصص حول وقائع وحوادث غزوة الأحزاب المسمات بالخندق .

 

حفر الخندق :

يا طيب : عرفت أن النبي حفر الخندق بمشورة من سلمان المحمدي ، وأنه جاء جبرائيل عليه السلام يصدق حسن مشورته .

وأما طول الخندق : وعمقه وسعة عرضه ، فلم يصرح بها مصدر ، ولكن من المسلم بأن يكون :

طول الخندق : ما بين جبلين يحيطان بالمدينة ، وقدره بعضهم بخمسة آلاف ذراع وبعض بعشرة آلاف ذراع أي ما بين ثلاثة آلاف متر ثلاثة كيلو مترات إلى ستة آلاف متر ستة كيلو مترات .

وأما العمق : فلابد أن يكون من يقع فيه لا يستطيع أن يخرج بسهولة ، وقدر بين 7 سبعة إلى 10 عشرة أذرع ، وكانوا يرصفونه بالحجارة لكي لا يتهدم أطرافه ، وقدر 4أربعة أمتار .

وأما العرض : فلابد أن يكون بحيث لا يستطيع أن يعبره الخيال بخيله ، وقدر بـ 9 تسعة أذرع ، فيكون تقريبا 4.5 أربعة أمتار ونصف .

وقيل : في مدة حفر الخندق أقوال كثيرة ، بين شهر إلى ستة أيام ، وأوسطها 15 عشر يوما ، وكان في شهر رمضان وكان المسلمون صياما .

وحفر الخندق : تم قبل وصول الكفار بثلاثة أيام ، وتقريبا هذ القول متفق عليه .

و قال في البحار : إن النبي صلى الله عليه وآله ، خط الخندق عام الأحزاب ، و قطع لكل عشرة أربعين ذراعا .

فاحتج : المهاجرون و الأنصار في سلمان ، و كان رجلا قويا .

فقال المهاجرون : سلمان منا ، و قالت الأنصار : سلمان منا .

فَقَالَ النَّبِيُّ : سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ.

بحار الأنوار ج20ص189 .

 

مختصر اليعقوبي للحرب :

يا طيب : إن كل راوي أو مؤرخ حسب الاختصار والإجمال أو التفصيل والتوسعة في ذكر الحوادث ، تختلف عبارتهم ونقلهم لوقائعها بين النص من الراوي أو الفحوى ، وهذا اليعقوبي في تأريخ وهو أقدمهم يختصر أيام الحرب أيامها المهمة كأنه يوم الوصول ويوم المبارزة ويوم الفرار وبينهم استراحة ولم يذكر مدة الاستعداد ونزولهم وتفصيله .

ولكنه : جعل عدد المقاتلين من المسلمين فقط سبعمائة وهو أقل تقدير ذكر .

فقال في واقعة الخندق: وأشار عليه : سلمان الفارسي أن يحفر خندقا، فحفر الخندق وجعل لكل قبيلة حدا يحفرون إليه، وحفر رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم حتى فرغ من حفر الخندق وجعل له أبوابا وجعل على الأبواب حرسا، من كل قبيلة رجلاً، وجعل عليهم الزبير بن العوام وأمره أن رأى قتالاً أن يقاتل.

وكانت عدة المسلمين : سبعمائة رجل. ووافى المشركون فأنكرو أمر الخندق ، وقالوا: ما كانت العرب تعرف هذا. وأقاموا خمسة أيام. فلم كان اليوم الخامس خرج عمرو بن عبد ود ، وأربعة نفر من المشركين: نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي ، وعكرمة ابن أبي جهل ، وضرار بن الخطاب الفهري ، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي.

فخرج علي بن أبي طالب : إلى عمرو بن عبدود فبارزه وقتله وانهزم الباقون ، وكبا بنوفل بن عبد الله بن المغيرة فرسه فلحقه علي فقتله.

وبعث الله عز وجل : على المشركين ريحا وظلمة فانصرفوا هاربين لا يلوون على شيء حتى ركب أبو سفيان ناقته وهي معقولة.

تاريخ اليعقوبي ص123 .

 

الإطعام يوم الخندق :

في صحيفة الإمام الرضا عليه السلام : قال علي‏ عليه السلام

كنا : مع النبي صلى الله عليه وآله ، في حفر الخندق‏ .

 إذ جاءت فاطمة عليها السلام : و معها كسرة من خبز ، فدفعته إلى النبي .

فقال‏ النبي صلى الله عليه وآله : ما هذه الكسرة ؟

قالت : قرصا خبزته للحسن و الحسين‏ ، جئتك منه‏ بهذه الكسرة .

فقال النبي : أَمَا إِنَّهُ أَوَّلُ طَعَامٍ ، دَخَلَ فَمَ أَبِيكِ مُنْذُ ثَلَاثٍ‏ .

صحيفة الإمام الرضا عليه السلام ص71ح141 .

 

قصة خوات وحفر الخندق :

وفي تفسير علي بن إبراهيم : فإنه حدثني أبي رفعه قال : قال الصادق عليه السلام :

 كان : النكاح و الأكل محرمان في شهر رمضان بالليل بعد النوم ، يعني كل من صلى العشاء و نام و لم يفطر ثم انتبه ، حرم عليه الإفطار .

 و كان : النكاح حراما في الليل و النهار في شهر رمضان .

و كان : رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يقال له : خوات‏ بن‏ جبير الأنصاري ، أخو عبد الله بن جبير الذي كان رسول الله وكله بفم الشعب يوم أحد في خمسين من الرماة ، ففارقه أصحابه و بقي في اثني عشر رجلا ، فقتل على باب الشعب .

 و كان : أخوه هذا خوات‏ بن‏ جبير شيخا كبيرا ضعيفا ، و كان صائما مع رسول الله في الخندق ، فجاء إلى أهله حين أمسى .

فقال : عندكم طعام ؟

فقالوا : لا نم حتى نصنع لك طعاما ، فأبطأت أهله بالطعام ، فنام قبل أن يفطر .

فلما انتبه قال لأهله: قد حرم الله علي الأكل في هذه الليلة .

 فلما أصبح : حضر حفر الخندق ، فأغمي عليه .

 فرآه رسول الله : فرق له .

و كان قوم : من الشباب ينكحون بالليل سرا في شهر رمضان .

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ  أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ  الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي  الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) } البقرة .

 و أحل الله تبارك و تعالى : النكاح بالليل في شهر رمضان ، و الأكل بعد النوم إلى طلوع الفجر .

تفسير القمي ج1ص66 . وذكر الحديث في الكافي .

 

معجزة الصخر وظهور النفاق :

في الكافي : عن أبان بن عثمان عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

 لما حفر : رسول الله صلى الله عليه وآله الخندق‏ ، مروا بكدية .

فتناول رسول الله : المعول من يد أمير المؤمنين ، أو من يد سلمان رضي الله عنه .

فضرب بها : ضربة ، فتفرقت بثلاث فرق .

فقال رسول الله : لقد فتح علي في ضربتي هذه ، كنوز كسرى و قيصر .

فقال أحدهما لصاحبه : يعدنا بكنوز كسرى و قيصر ، و ما يقدر أحدنا أن يخرج يتخلى.

الكافي ج8ص216ح264 . الكدية : الصخرة الصلدة .

و قال الطبرسي رحمه الله : فمما ظهر من دلائل النبوة في حفر الخندق ما رواه أبو عبد اللّه الحافظ بإسناده عن بشر بن عبد اللّه بن عمرو المزني قال: حدثني أبي عن أبيه و ذكر حديث الخندق يقول فيه:

 حتى إذا بلغنا الثرى : أخرج اللّه من بطن الخندق صخرة بيضاء مدورة ، فكسرت حديدنا و شقت علينا إلى أن قال :

 فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : المعول فضرب به ضربة ، فلمعت منها برقة أضاءت به ما بين لابتيها يعني لابتي المدينة ، حتى كأن مصباحا في جوف ليل مظلم .

ثم ضرب ضربة أخرى : فلمعت برقة أخرى .

 ثم ضرب الثالثة : فلمعت برقة أخرى .

فقال سلمان : يا رسول اللّه ما هذا الذي أرى ؟

فقال : أما الأولى : فإن اللّه عز و جل فتح علي بها اليمن .

وأما الثانية : فإن اللّه فتح علي بها الشام.

و أما الثالثة : فإن اللّه فتح علي بها المشرق ، فاستبشر المسلمون بذلك‏ .

 مجمع البيان: 8/ 127.إثبات الهداة بالنصوص و المعجزات، ج‏1، ص: 375ح399.

استنشاد أمير المؤمنين :

يا طيب : حديث مناشدة أمير المؤمنين طويل في سبعين خصلة منفرد بها عن المسلمين ويتفضل بها عليهم ، وكلها يشهد بها له المسلمين حين مطالبته بحقه ، ولكنهم مع ذلك لم ينصروه ، ومنها قوله عليه السلام :

32- قَالَ عليه السلام : نَشَدْتُكُمُ اللَّهَ.

 أَ فِيكُمْ أَحَدٌ : يَوْمَ عَبَرَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ الْخَنْدَقَ‏ ، وَ كَاعَ عَنْهُ جَمِيعُ النَّاسِ ، فَقَتَلَتْهُ ، غَيْرِي ؟

 قَالُوا: اللَّهُمَّ  لَا .

المسترشد في إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام للطبري الأملي الكبير ص350 ق32 .الاحتجاج على أهل اللجاج للطبرسي ج1ص136.

 

 

معجزة إطعام جابر :

قال الطبرسي رحمه الله : و مما ظهر فيه أيضا من دلائل النبوة ما رواه أبو عبد اللّه الحافظ بالإسناد عن عبد الرحمن بن المخزومي عن أيمن المخزومي عن جابر بن عبد اللّه قال :

 كنا نحفر الخندق : فعرضت فيه كدية و هي الجبل، فقلنا يا رسول اللّه إن كدية عرضت فيه؛ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: رشوا عليها ثم قام فأتاها و بطنه معصوب بحجر من الجوع، فأخذ المعول أو المسحاة فسمّى ثلاثا، ثم ضرب فعادت كثيبا .

فقلت له : أئذن لي يا رسول اللّه إلى المنزل؟  ففعل .

فقلت للمرأة : هل عندك من شيء؟

فقالت : عندي صاع من شعير و عناق؟

 فطحنت : الشعير و عجنته ، و ذبحت الشاة و سلختها ، و خليت بين المرأة و بين ذلك .

ثم أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : فجلست عنده ساعة .

 ثم قلت : أئذن لي يا رسول اللّه ففعل.

 فأتيت المرأة : فإذا العجين و اللحم قد أمكنا .

 فرجعت : إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، فقلت: يا رسول اللّه إن عندنا طعيما لنا ، فقم يا رسول اللّه أنت و رجلان من أصحابك ؟

 فقال : و كم هو ؟

فقلت : صاع من شعير و عناق.

 فقال للمسلمين جميعا : قوموا إلى جابر.

 فقاموا : فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلا اللّه .

 فقلت : جاء بالخلق على صاع شعير و عناق!

فدخلت : على المرأة ، فقلت : قد افتضحت ، جاءك رسول اللّه و الخلق.

 فقالت : هل كان سألك كم طعامك؟

قلت : نعم .

فقالت : اللّه و رسوله أعلم ، قد أخبرناه ما عندنا ، و كشفت عني غما شديدا .

فدخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال : خذي و دعيني من اللحم.

 فجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : يثرد و يفرق من اللحم ، ثم يجم هذا و يجم هذا .

 فما زال : يقرب إلى الناس حتى شبعوا أجمعين .

 و يعود : التنور و القدر أملأ مما كانا .

ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : كلي و أهدي ، فلم نزل نأكل و نهدي قومنا أجمع‏ .

إثبات الهداة بالنصوص و المعجزات، ج‏1، ص375ح400 .مجمع البيان ج 8ص128. قال الطبرسي: أورده البخاري في الصحيح. و رواه في كتاب أعلام الورى عن جابر نحوه.

 

سلمان منا ويقول شعرا :

ذكر في مناقب آل أبي طالب :

و كان الناس : يحفرون الخندق‏ و ينشدون سوى سلمان .

فقال النبي صلى الله عليه وآله:

اللَّهُمَّ : أَطْلِقْ لِسَانَ سَلْمَانَ وَ لَوْ عَلَى بَيْتَيْنِ مِنَ الشِّعْرِ .

فأنشأ سلمان‏ :

مَا لِي لِسَانٌ  فَأَقُولُ  شِعْراً

أَسْأَلُ  رَبِّي  قُوَّةً  وَ نَصْراً

عَلَى عَدُوِّي وَ عَدُوِّ الطُّهْرِ

مُحَمَّدٍ الْمُخْتَارِ حَازَ الْفَخْرَا

حَتَّى أَتَاكَ فِي الْجِنَانِ قَصْراً

مَعَ كُلِّ حَوْرَاءَ تُحَاكِي الْبَدْرَا

 

فضج المسلمون : و جعل كل قبيلة يقول سلمان منا .

فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

 سَلْمَانُ : مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ.

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام لابن شهرآشوب ج1ص85 .

 

أحاديث وقصص في الخندق :

عن أبي سعيد الخدري قال : أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعمار :

حين جعل يحفر الخندق‏ : و جعل يمسح رأسه ، و يقول :

أَبْشِرْ : ابْنَ سُمَيَّةَ ، يَقْتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِيَةٌ.

عمدة عيون صحاح الأخبار ص322ح537 رواه من صحيح مسلم في الجزء الخامس ، بحار الأنوار ج33ص22ب13ح378 .

 

 

جثة عمر بن ود ورثائه :

يا طيب : عرفت أن محاصرة الخندق دامت أكثر من عشرين يوما :

فانتدب الكفار : للبراز عمرو بن عبد ود ، و عكرمة بن أبي جهل المخزومي ، و ضرار بن أبي الخطاب ، و مرداس الفهري .

قال الواقدي : و نوفل بن عبد الله بن المغيرة ، حتى وقفوا على الخندق ، و قالوا : و الله هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها ؟

فقال عمرو :

يا لك من مكيدة ما أنكرك

لا بد للملهوب من أن يعبرك‏

 ثم زعق : على فرسه في مضيق ، فقفر به إلى السبخة بين الخندق و سلع .

 قال الطبري : فخرج علي عليه السلام في نفر من المسلمين ، حتى أخذ الثغرة  و سلمها إليهم .

ثم بارز عمرا : و قتله ، فبعث المشركون إلى النبي يشترون جيفة عمرو بعشرة آلاف .

فقال النبي : هو لكم لا نأكل ثمن الموتى.

وعن أبو الحسين المدائني : لما نعي إلى خنساء ، قالت : من الذي أجترئ عليه .

قالوا : علي .

قالت : قتل الأبطال ، و بارز الأقران ، و كانت منيته على يد كريم قومه ، ما سمعت أفخر من هذا يا بني عامر ، ثم أنشأت‏:

لو كان قاتل عمرو غير قاتله

لكنت أبكي عليه آخر الأبد

لكن قاتله من لا يعاب به‏

من كان بدعا قديما بيضة البلد

 و روي : عن أختيه كبشة و عمرة ، و عن ابنته أم كلثوم‏ :

أسدان في ضيق المكر تصاولا

و كلاهما كفو كريم باسل

فتخالسا مهج النفوس كلاهما

وسط المدار مخاتل و مقاتل

و كلاهما حفظا القراع حفيظة

لم يثنه من ذاك شغل شاغل‏

فاذهب علي فما ظفرت بمثله

قول سديد ليس فيه تحامل

فالثأر عندي يا علي و ليتني

ما أدركته و العقل مني كامل‏

ذلت قريش بعد مقتل فارس

فالذل مهلكها و خزي شامل‏

 

 ثم قالت : و الله لا ثأرت قريش بأخي ما حنت النيب .

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام  ج‏1ص198 . الملهوب على ما قيل: اسم فرس عمرو بن عبد ود. و الثغرة: الثلمة و الثغر كل فرجة في جبل أو واد. المكر بتشديد الراء: المعركة. و تصاولا: اي تواثبا. و الباسل: الشجاع و هما يتخالسان: اي يروم كل منهما قتل صاحبه. و المخاتلة: المخادعة. و القراع: أن يقرع الأبطال بعضهم بعضا.- و لم يثنه : أي لم يرده و لم يكفه . و النيب جمع الناب: و هي المسنة من النوق.

 

رد الجاحظ وشجاعة عمروا :

يا طيب : لو تنظر الكتابات المتأخرة للوهابية والنواصب ، قدر الإمكان يبرزون لما لا يستحق ، ليحرفوا مسار التأريخ والمهم فيه وعلو شأن وقدر أبطاله ومن أثنى عليهم الله ورسوله ، ومن ثم يظهروا ما ليس له شأن بأن من الأبطال أو لا يقل عنهم ، لكي يشبهوا على الناس ويقلبوا الحق لباطلهم ، ويجعلوا أئمتهم بدل أئمة الهدى المصدقين من الله ورسوله ، وله أصول قديمة من النواصب ، ومثل هذ في واقعة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مع عمر بن ود :

قال بن أبي الحديد :  قال الجاحظ : ثم قصد الناصرون لعلي و القائلون بتفضيله إلى الأقران الذين قتلهم ، فأطروهم و غلوا فيهم ، و ليسوا هناك .

 فمنهم : عمرو بن عبد ود تركتموه أشجع من عامر بن الطفيل و عتبة بن الحارث و بسطام بن قيس ، و قد سمعنا بأحاديث حروب الفجار ، و ما كان بين قريش و دوس ، و حلف الفضول ، فما سمعت لعمرو بن عبد ود ذكرا في ذلك‏ .

قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله : أمر عمرو بن عبد ود ، أشهر و أكثر من أن يحتج له ، فلنتلمح كتب المغازي و السير ، و لينظر ما رثته به شعراء قريش لما قتل ، فمن ذلك :

ما ذكره محمد بن إسحاق في مغازيه قال : و قال مسافع بن عبد مناف بن زهرة بن حذافة بن جمح : يبكي عمرو بن عبد الله بن عبد ود ، حين قتله علي بن أبي طالب عليه السلام مبارزة ، لما جزع المذاد أي قطع الخندق‏ .

عمرو بن عبد كان أول فارس‏

جزع المذاد و كان فارس مليل‏

سمح الخلائق ماجد ذو مرة

يبغي القتال بشكة لم ينكل‏

و لقد علمتم حين ولوا عنكم‏

أن ابن عبد منهم لم يعجل‏

حتى تكفنه الكماة و كلهم‏

يبغي القتال له و ليس بمؤتل‏

و لقد تكنفت الفوارس فارسا

بجنوب سلع غير نكس أميل

سال النزال هناك فارس غالب‏

بجنوب سلع ليته لم ينزل‏

فاذهب علي ما ظفرت بمثلها

فخرا و لو لاقيت مثل المعضل

نفسي الفداء لفارس من غالب

لاقى حمام الموت لم يتحلحل‏

أعني الذي جزع المذاد و لم يكن‏

فشلا و ليس لدى الحروب بزمل

 

و قال هبيرة بن أبي وهب المخزومي :

يعتذر : من فراره عن علي بن أبي طالب ، و تركه عمرا يوم الخندق و يبكيه :‏

لعمرك ما وليت ظهري محمدا  

و أصحابه جبنا و لا خيفة القتل‏

و لكنني قلبت أمري فلم أجد

لسيفي غناء إن وقفت و لا نبلي‏

وقفت فلما لم أجد لي مقدما

صدرت كضرغام هزبر إلى شبل

ثنى عطفه عن قرنه حين لم يجد

مجالا و كان الحزم و الرأي من فعلي‏

فلا تبعدن يا عمرو حيا و هالكا

فقد مت محمود الثنا ماجد الفعل‏

و لا تبعدن يا عمرو حيا و هالكا

فقد كنت في حرب العدا مرهف النصل

فمن لطراد الخيل تقدع بالقنا

و للبذل يوما عند قرقرة البزل

هنالك لو كان ابن عمرو لزارها

و فرجها عنهم فتى غير ما وغل‏

كفتك علي لن ترى مثل موقف‏

وقفت على شلو المقدم كالفحل

فما ظفرت كفاك يوما بمثلها

أمنت بها ما عشت من زلة النعل

 

و قال هبيرة بن أبي وهب أيضا يرثي عمرا و يبكيه‏ :

لقد علمت عليا لؤي بن غالب‏

لفارسها عمرو إذا ناب نائب

و فارسها عمرو إذا ما يسوقه‏

علي و إن الموت لا شك طالب

عشية يدعوه علي و إنه‏

لفارسها إذ خام عنه الكتائب

فيا لهف نفسي إن عمرا لكائن‏
بيثرب لا زالت هناك المصائب

لقد أحرز العليا علي بقتله

و للخير يوما لا محالة جالب

 

و قال حسان بن ثابت الأنصاري يذكر عمرا :

أمسى الفتى عمرو بن عبد ناظرا

كيف العبور و ليته لم ينظر

و لقد وجدت سيوفنا مشهورة

و لقد وجدت جيادنا لم تقصر

و لقد لقيت غداة بدر عصبة
ضربوك ضربا غير ضرب الحسر

أصبحت لا تدعى ليوم عظيمة

يا عمرو أو لجسيم أمر منكر

 

و قال حسان أيضا :

لقد شقيت بنو جمح بن عمرو

و مخزوم و تيم ما نقيل‏

و عمرو كالحسام فتى قريش

كأن جبينه سيف صقيل‏

فتى من نسل عامر أريحي‏

تطاوله الأسنة و النصول

دعاه الفارس المقدام لما

تكشفت المقانب و الخيول

أبو حسن فقنعه حساما

جرازا لا أفل و لا نكول

فغادره مكبا مسلحبا

على عفراء لا بعد القتيل

 

فهذه الأشعار فيه : بل بعض ما قيل فيه‏ .

و أما الآثار و الأخبار : فموجودة في كتب السير و أيام الفرسان و وقائعهم ، و ليس‏ أحد من أرباب هذا العلم يذكر عمرا إلا قال كان فارس قريش و شجاعها .

و إنما قال له حسان‏ :

 و لقد لقيت غداة بدر عصبة

 لأنه شهد : مع المشركين بدرا ، و قتل قوما من المسلمين ، ثم فر مع من فر و لحق بمكة .

و هو الذي كان قال : و عاهد الله عند الكعبة ، ألا يدعوه أحد إلى واحدة من ثلاث إلا أجابه .

و آثاره : في أيام الفجار مشهورة تنطق بها كتب الأيام و الوقائع ، و لكنه لم يذكر مع الفرسان الثلاثة ، و هم عتبة و بسطام و عامر ، لأنهم كانو أصحاب غارات و نهب و أهل بادية ، و قريش أهل مدينة و ساكنو مدر و حجر ، لا يرون الغارات و لا ينهبون غيرهم من العرب ، و هم مقتصرون على المقام ببلدتهم و حماية حرمهم ، فلذلك لم يشتهر اسمه كاشتهار هؤلاء.

و يقال له : إذا كان عمرو كما تذكر ليس هناك ، فما باله‏ :

لما جزع الخندق‏ : في ستة فرسان هو أحدهم ، فصار مع أصحاب النبي على أرض واحدة ، و هم ثلاثة آلاف ، و دعاهم إلى البراز مرارا ، لم ينتدب أحد منهم للخروج إليه ، و لا سمح منهم أحد بنفسه ، حتى وبخهم و قرعهم ، و ناداهم

أ لستم تزعمون : أنه من قتل منا فإلى النار ، و من قتل منكم فإلى الجنة ، أ فلا يشتاق أحدكم إلى أن يذهب إلى الجنة ، أو يقدم عدوه إلى النار .

فجبنوا كلهم : و نكلوا ، و ملكهم الرعب و الوهل .

فإما أن يكون : هذا أشجع الناس كما قيل عنه ، أو يكون المسلمون كلهم أجبن العرب و أذلهم و أفشلهم .

و قد روى : الناس كلهم الشعر الذي أنشده لما نكل القوم بجمعهم عنه ، و أنه جال بفرسه و استدار و ذهب يمنة ثم ذهب يسرة ثم وقف تجاه القوم فقال‏

و لقد بححت من النداء

بجمعهم هل من مبارز

و وقفت إذ جبن المشيع

وقفة القرن المناجز

و كذاك أني لم أزل‏

متسرعا نحو الهزاهز

إن الشجاعة في الفتى

و الجود من خير الغرائز

 

فلما برز إليه علي أجابه فقال له‏ :

لا تعجلن فقد أتاك

مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية و بصيرة

يرجو الغداة نجاة فائز

إني لأرجو أن أقيم

عليك نائحة الجنائز

من ضربة تفنى و يبقى

ذكرها عند الهزاهز

و لعمري : لقد سبق الجاحظ بما قاله بعض جهال الأنصار ، لم رجع رسول الله من بدر.

 و قال : فتى من الأنصار شهد معه بدرا ، إن قتلنا إلا عجائز صلعا .

فقال له النبي صلى الله عليه وآله : لا تقل ذلك يا ابن أخ ، أولئك الملأ .

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج13ص287.  العثمانية ص49، 50. سيرة ابن هشام ج3ص298- 304 .

المذاد بالذال المعجمة : موضع بالمدينة حيث حفر الخندق، و جزع : أي قطع .

مليل : واد ببدر. المرة : القوّة ، و الشكة : السلاح . تكنفه الكماة أحاطوا به و التفوا حوله . و ليس بمؤتل : أي ليس بمقصر.

 سلع : جبل بالمدينة . و النكس : الدنيء من الرجال . و الأميل : الذي لا رمح معه. المعضل: الأمر الشديد. لم يتحلحل: لم يبرح مكانه. الزمل : الضعيف الجبان . مقدما : أي لم أجد من يقدمني. و صدرت : رجعت . الضرغام : الأسد. الهزبر الشديد : و الشبل : ابن الأسد . الثناء : الذكر الطيب . و الماجد : الشريف . تقدع : تكف . و القرقرة : أصوات فحول الإبل . و البزل : جمع بازل و هو في الأصل البعير الذي فطرنا به، و ذلك زمان اكتمال قوته.  إذا ناب نائب : أي إذا عرض أمر مكروه. خام: جين و رجع هيبة و خوفا. مشهورة : أي قد شهرها أصحابها. و لم تقصر : لم تكف و تحبس عن التجوال. جزع الخندق، أي عبره.

 


 

 

فرار الأحزاب من غزوة الخندق :

يا طيب : بعد أن عرفت أن الله بعد مبارزة علي عليه السلام ، وقتل بطل الكفار ، القى الله الرعب في قلوبهم ، وفي يومين بعد أرسل عليهم ريح أتخذوها عذرا ، فهربوا ليلا ، ولمعرفة أخر قصة الخندق تدبر .

قال الطبرسي رحمه الله : في حديث محاورة الإمام علي مع اليهودي ، وهي طويلة ، وهذا قسم منها :

 قال له اليهودي : فإن هذا هود ، قد انتصر الله له من أعدائه بالريح ، فهل فعل لمحمد  شيئا من هذا ؟

قال له علي عليه السلام : لقد كان كذلك ، و محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، أعطي ما هو أفضل من هذا ،  إن الله عز و جل قد انتصر له من أعدائه .

بالريح يوم الخندق‏ : إذ أرسل عليهم ريحا تذرو الحصى .

و جنودا : لم يروها ، فزاد الله تعالى محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ، بثمانية ألف ملك .

و فضله : على هود عليه السلام ، بأن ريح عاد ريح سخط .

و ريح محمد صلى الله عليه وآله وسلم : ريح رحمة .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا  اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَ عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا  (9)} الأحزاب .

الاحتجاج على أهل اللجاج ج1ص212.

 

 وقال محمد بن علي المازندراني : عن ابن إسحاق : نزل‏ {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ } السورة.

 فأرسل النبي صلى الله عليه وآله : حذيفة ليأتيه بخبرهم .

قال حذيفة : فخرجت ، فإذا أنا بنيران القوم قد طفيت و خمدت .

و أقبل : جند الله الأعظم ، ريح شديد فيها الحصى .

فما ترك : لهم نارا إلا أخمدها ، و لا خباء إلا طرحها ، و لا رمحا إلا ألقاها ، حتى جعلوا يتترسون‏ من الحصى ، و كنت أسمع وقع الحصى في الترسة .

فصاحوا : النجا النجا ، و ذهبوا.

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام لابن شهرآشوب ج1ص198 .


 

عمرو بصوت عالي هل من مبارز ولينا سواه ابكم والخندق

 

معنى الخندق المتفحش سُحق :

الخندق : الخن دق كلمتين ، الخن المتفحش وبذيء الكلام ، ودق ضرب وسحق ودق دقا فجعله كالدقيق أي طحين ، أي الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام سوى عمر بن ود المتفحش في كلامه طحين وأهلكه على مقال أبو عزرائيل ، المقتبس من الأئمة.

 وخنا وخنى : لهما معنين أحدها المتفحش في الكلام ، والثاني بمعنى الهلاك .

الأولى : أخنى إخناء وخنا يخنو خنوا ، وهو من قبيح الكلام و الفُحْش ، وخَنا في مَنْطقه يَخْنُو خَناً مقصور و إِخْنَاءٌ مصدر أخْنَى  ، وخنا  في مَنْطِقه أفحش في كلامه ،أخنى على ، أخنى في يُخني ، أَخْنِ إخناءً فهو مُخْنٍ ، والمفعول مُخنًى عليه ، أخنى  في الكلام أفحش فيه بكلام بذيء بكثرة ، أخنى  عليه في الكلام أفحش ، خاصم زميله حين رآه  يُخني عليه في الكلام ويكثر عليه بكلام قبيح لا يستحقه فيجني عليه .

ومنه : ولا  تُخْنُوا  عليَّ ، ولا تُشِطُّوا بقول الفخْر ، إنّ الفَخْرَ حُوبُ .

وقالوا : الخَنا من الكلام أَفْحَشُه ، وخَنا في كلامه وأَخْنَى أَفْحَش ، وفي مَنْطقه  إخْناءٌ 

 وأيضا  أَخَنَّهُ‏ اللّه ُ: أَجَنَّهُ فهو مَخْنونٌ‏ مَجْنونٌ بمعْنًى واحِدٍ؛

الثاني : خَنَا  الجِذْعَ وغيرَه خَنْيًا  أي قطَعه ، خَنَ‏ الجِذْعُ‏ بالفأْسِ‏ خَنًّا قَطَعَهُ‏ . و إِخْنَاءُ  الدَّهْرِ على الرَّجُلِ إِهْلاَكُهُ .أَخْنَى عليه الدَّهرُ  أهلكه بشدائده و وأَتى عليه .

 

وأما دَق: اسم ، دَق : فاعل من دَقيَ ، فعل دقَّ  على دَقَقْتُ يَدُقّ ادْقُقْ ، دُقَّ دَقًّا دِقّ دِقَّةً ، فهو دقيق هو دَاقّ والمفعول مَدْقوق دَقَّ  الشَّيْءَ : كَسَرَهُ ، سَحقه وطحنه ، وحوّله إلى أجزاء صغيرة ، دَقّ: اسم مصدر دَقَّ ،  دَقُّ الشيء أو السُّكَّرِ : تَفْتِيتُهُ قِطَعاً صَغِيرَةً ،  دُقَّت عُنُقه : ماتَ في حادِثٍ .

 دَقَّ  طُبولَ الحرب : أعلنها ، أثارها  دقّ  الشّيء كَسَره ، أو ضربَه بشيءٍ فهشَّمَه دَقَقْتُ رَأْسَه .

 دَقَّ  الشَّيْءَ عَلَى الشَّيْءِ أَوْ بِهِ : وَقَّعَهُ عَلَيْهِ أوْ بِهِ ،  دقَّ  المسمارَ غرزه ، و ركَّزه ، دقَّ  مسمارًا في نعشِه ساعد في هلاكه ، ألحق الفشلَ به ،  دقّ  الشّيء صَغُرَ ، صار دقيقًا ، خلاف غلظ ، ما  دَقَّ  وجَلَّ من الحوادث - دَقَّت قامتُه ، و دقّ  القلب : نَبَضَ و خَفَقَ ، تأثّر وانفعل ، اضطرب :  

دَقَّاتُ قلب المرء قائلة له ... إنّ الحياة دَقائِقٌ وثواني .

 دقَّ المعادنَ : طرقها ،  دقَّ  الوشمَ على يده : وقّعه ورسمه عليها ، الدِّقُّ  : الدَّقيق ، الدِّقُّ  : ما قلَّ أَو صغُر من الأشُياء ، الدِّقُّ  القليلُ .

دقّ  على الطّبل: قرعه ، ضرب عليه ، عزف عليه ، أخذ يدُقّ الطبلَ فتجمهر النَّاسُ ، دقّ  الجرسَ ، دقَّ  جرسَ الخطر دقَّ  ناقوسُ الخطرَ .

 

ويا طيب : دق الإمام علي عليه السلام عمر بن ود ، وهو الذي استهان بالمؤمنين في شعره الذي يستصغرهم وينسبهم للعجز والجبن وعدم قدرتهم على مواجهته في الحرب فضلا عن المبارزة ، وهذا عين الفحش والكلام البذيء منه لهم وفيهم خير خلق الله تعالى ، ولكن الإمام علي عليه السلام دق رجليه فقطعهما وجعله طحين ، بل ترابا مستهلكا في الأرض بعد أن يأكله الدود ويتبرزه مرجوعا نتنا ، ومن ثم إلى جهنم وبئس المصير ، وهذا معنى الخندق الخن دق أي المتفحش دق وصار طحين والعياذ بالله من الكفار والمنافقين .

 

مبارزة الإمام برواية المناقب :

يا طيب : مر ذكر قصة حرب الأحزاب الخندق عن تفسير القمي رحمه الله ، والآن نذكرها مختصر من كتاب المناقب ، لما فيها من القصص والشعر لم يذكر هناك ، وتفاصيل جميلة لم نعرفها فيما سبق .

قال محمد بن علي المازندراني رحمه الله : قال جماعة من المفسرين‏ في قوله تعالى‏: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا  اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ .... } الأحزاب الآيات 9 - 12.

 أَنَّهَا نَزَلَتْ : فِي عَلِيٍّ يَوْمَ الْأَحْزَابِ .

 

و لما عرف النبي صلى الله عليه وآله : اجتماعهم ، حفر الخندق بمشورة سلمان ، و أمر بنزول الذراري و النساء في الآكام .

و كانت الأحزاب : على الخمر و الغناء ، و المسلمون كأن على رءوسهم الطير ، لمكان عمرو بن عبد ود العامري ، الملقب بعماد العرب ، و كان في مائة ناصية من الملوك و ألف مقرعة من الصعاليك‏ و هو يعد بألف فارس.

فقيل في ذلك : عمرو بن عبد ود ، كان أول فارس جزع من المداد ( أي عبر الخندق في منطقة المحفور في منطقة المداد في المدينة ) .

و كان فارس : يليل ، سمي فارس يليل ، لأنه أقبل في ركب من قريش حتى إذا كان بيليل ، و هو واد ، عرضت لهم بنو بكر .

فقال لأصحابه : امضوا فمضوا ، و قام في وجوه بني بكر حتى منعهم من أن يصلوا إليه .

 و كان الخندق : المداد ( محفور في منطقة المداد ) .

و قال : و لما انتدب عمرو للبراز ، جعل يقول :

هل من مبارز ؟

و المسلمون : يتجاوزون عنه .

فركز رمحه : على خيمة النبي .

 و قال : ابرز يا محمد ؟

فقال صلى الله عليه وآله : من يقوم إلى مبارزته ، فله الإمامة بعدي ، فنكل الناس عنه .

قال حذيفة : قال النبي : ادن مني يا علي .

فنزع صلى الله عليه وآله : عمامته السحاب من رأسه ، و عممه بها تسعة أكوار ، و أعطاه سيفه .

و قال : امض لشأنك .

ثم قال : اللهم أعنه .

و روي أنه لما قتل عمرو أنشد :

ضربته بالسيف فوق الهامة

بضربة صارمة هدامة

أنا علي صاحب الصمصامة

و صاحب الحوض لدى القيامة

أخو رسول الله ذي العلامة

قد قال إذ عممني عمامة

أنت الذي بعدي له الإمامة

 

وعن محمد بن إسحاق‏ : أنه لما ركز عمرو رمحه على خيمة النبي  .

قال : يا محمد ابرز ، ثم أنشأ يقول‏ :

و لقد بححت من النداء

بجمعكم هل من مبارزٍ

و وقفت إذ جبن الشجاع

بموقف البطل المناجزِ

إني كذلك لم أزل‏

متسرعا نحو الهزاهز

إن الشجاعة و السماحة

في الفتى خير الغرائز

 

 في كل ذلك : يقوم علي ليبارزه ، فيأمره النبي بالجلوس ، لمكان بكاء فاطمة عليها السلام ، وعليه من جراحاته في يوم أحد ,

و قولها : ما أسرع أن ييتم الحسن و الحسين باقتحامه الهلكات .

فنزل جبرئيل عن الله تعالى : أن يأمر عليا بمبارزته .

فقال النبي : يا علي ادن مني‏ ، و عممه بعمامته ، و أعطاه سيفه .

و قال : أمْضِ لِشَأْنِكَ .

ثم قال : اللَّهُمَّ أَعِنْهُ .

فلما توجه إليه قال النبي : خَرَجَ الْإِيمَانُ سَائِرُهُ إِلَى الْكُفْرِ سَائِرِهِ.

 

ورحم الله السروجي‏ إذ قال :

و يوم عمرو العامري إذ أتى

في عسكر ملأ الفضاء قد انتشر

فكان من خوف اللعين قبل ذاك

محمد لخندق قد احتفر

نادى بصوت قد علا من جهله

يدعو عليا للبراز فابتدر

إليه شخص في الوغى عاداته

سفك دم الأقران بالعضب الذكر

فعندها قال النبي معلنا

و الدمع في خد كأمثال الدرر

هذا هو الإسلام كل بارز

إلى جميع الشرك يا من قد حضر

 

قال محمد بن إسحاق‏ : فلما لاقاه علي أنشأ يقول‏ :

لا تعجلن فقد أتاك

مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية و بصيرة

و الصبر منجي كل فائز

إني لأرجو أن أقيم‏

عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى

ذكرها عند الهزاهز

 

و يروى له عليه السلام في أمالي النيسابوري‏ :

يا عمرو قد لاقيت فارس بهمة

عند اللقاء معاود الأقدام‏

يدعو إلى دين الإله و نصره

و إلى الهدى و شرائع الإسلام‏

إلى قوله عليه السلام :‏

شهدت قريش و البراجم كلها

أن ليس فيها من يقوم مقامي

 

 و روي أن عمرا قال : ما أكرمك قرنا.

وقال الطبري و الثعلبي ‏:  قال علي :

يا عمرو : إنك كنت في الجاهلية .

 تقول : لا يدعوني أحد إلى ثلاثة إلا قبلتها ، أو واحدة منه .

قال : أجل .

قال: فَإِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ، وَ أَنْ تُسْلِمَ لِرَبِ‏ الْعَالَمِينَ .

قال : أخر عني هذه .

قال : أما إنها خير لك لو أخذتها ، ثم قال : ترجع من حيث جئت .

قال : لا تحدث نساء قريش بهذا أبدا .

قال : تنزل تقاتلني .

فضحك عمرو و قال : ما كنت أظن أحدا من العرب يرومني عليه ، و إني لأكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك ، و كان أبوك لي نديما .

قال : لكني أحب أن أقتلك .

قال : فتناوشا ، فضربه عمرو في الدرقة فقدها .

و أثبت فيه : السيف ، و أصاب رأسه فشجه .

و ضربه : علي على عاتقه فسقط .

و في‏ رواية حذيفة : ضربه على رجليه بالسيف من أسفل ، فوقع على قفاه .

قال جابر : فثار بينهما قترة ، فما رأيتهما ، و سمعت التكبير تحتها .

 و أنكشف أصحابه : حتى ظفرت خيولهم الخندق ، و تبادر المسلمون يكبرون ، فوجدوه على فرسه برجل واحدة ، يحارب عليا عليه السلام .

و رمى رجله : نحو علي ، فخاف من هيبتها رجلان ، و وقعا في الخندق.

و قال الطبري : و وجدوا نوفلا في الخندق ، فجعلوا يرمونه بالحجارة .

فقال لهم : قتلة أجمل من هذه ، ينزل بعضكم لقتالي .

فنزل إليه علي عليه السلام : فطعنه في ترقوته بالسيف حتى أخرجه من مراقه .

ثم جرح : منية بن عثمان العبدري ، فأنصرف و مات بمكة .

و روي : و لحق هبيرة ، فأعجزه ، فضرب علي قربوس سرجه ، و سقط درعه ، و فر عكرمة و ضرار.

فأنشأ أمير المؤمنين عليه السلام يقول‏:

و كانوا على الإسلام إلبا ثلاثة

و قد فر من تحت الثلاثة واحد

و فر أبو عمرو هبيرة لم يعد             إلينا و ذو الحرب المجرب عائد

نهمتم سيوف الهند أن يقفوا لنا

غداة التقينا و الرماح القواصد

 

قال جابر : شبهت قصته بقصة داود عليه السلام ، قوله تعالى‏: { فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا  يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (البقرة251) } .

 قالوا : فلما جز رأسه من قفاه ، بسؤال منه‏ .

قال علي عليه السلام :

أ علي تقتحم الفوارس هكذا

عني و عنهم خبروا أصحابي

عبد الحجارة من سفاهة رأيه

و عبدت رب محمد بصوابي‏

اليوم تمنعني الفرار حفيظتي

و مصمم في الهام ليس بناب

أرديت عمرا إذ طغى بمهند

صافي الحديد مجرب قصاب‏

لا تحسبن الله خاذل دينه

و نبيه يا معشر الأحزاب.

 

وقال عمرو بن عبيد : لما قدم علي برأس عمرو ، استقبله الصحابة .

فقبل : أبو بكر رأسه .

و قال : المهاجرون و الأنصار رهين شكرك ما بقوا .

 

وذكر الواقدي و الخطيب الخوارزمي :

عن عبد الرحمن السعدي بإسناده عن بهرم بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي قال :

 لمبارزة : علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود ، أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة.

وعن أبو بكر بن عياش :‏ لقد ضرب علي ضربة ما كان في الإسلام أعز منها ، و ضرب ضربة ما كان فيه أشأم منها.

و يقال : إن ضربة ابن ملجم وقعت على ضربة عمرو.

 

و من كلمات السيد رحمه الله:

و في يوم جاء المشركون بجمعهم

و عمرو بن عبد في الحديد مقنع

فجدله شلوا صريعا لوجهه

رهينا بقاع حوله الضبع يجمع‏

و أهلكهم ربي و ردوا بغيضهم‏

كما أهلكت عاد الطغاة و تبع‏

 

 و منها قوله رحمه الله :

و عمرو قد سقي كأسا بسلع‏

أقب كأنه أسد مغير

فنادى هل يرى حسب براز

و هل عند امرئ حر نكير

 

 و منها رحمه الله :

و يوم سلع إذ أتى عاديا

عمرو بن عبد مصلتا يخطر

يخطر بالسيف مدلا كما

يخطر فحل الصرمة الدوسر

إذ جلل السيف على رأسه

أبيض عضبا حده مبتر

فخر كالجذع و أوداجه

يثغب منها حلب أحمر

ينفث من فيه دما معجلا

كأنما ناظره العصفر

 

 و منها رحمه الله قوله :

و عمرو بن عبد قدمته شئانه

بأبيض مصقول الغرارين فصال

كان على أثوابه من نجيعه

عصير البرايا أو نضيحة جريال

غداة مشى الأكفال من آل هاشم‏

إلى عبد شمس في سرابيل أهوال

كأنهم و السابغات عليهم

مصاحب أجمال مشت تحت أحمال

 

ورحم الله ابن حماد إذ قال :

من دعاه المصطفى عند انقطاع الجبل‏

يوم سلع و الوغى يرمى بمثل الشعل‏

حين كان القوم من عمرو الكمي البطل‏

أين صنوي أين صهري أين من هو بدلي‏

أين من يكشف عني كل خطب جلل‏

عندها أيقن عمرو باقتراب الأجل

بحسام من كمي فالق للقلل‏

ثم ألقاه لقي الجسم تريب الحلل

و انثنى نحو أخيه غير ما محتفل‏

و غدا في الجو جبريل مليا يسأل

رافع الصوت ينادي لا فتى إلا علي‏

 

 و له‏ رحمه الله :

و سل عنه في سلع و عن عظم فعله‏

بعمرو و نار الحرب تذكى اضطرامها

و أفئدة الأبطال ترجف خيفة

و قد أحقب الرعب الشديد كلامها

فقام إليه من أقام بسيفه‏

حلائله ثكلى تطيل التزامها

 

ورحم الله ابن الحجاج‏ إذ قال :

فديت فتى دعاه جبرئيل‏

و هم بين الخنادق في انحصار

و عمرا قد سقاه الموت صرفا

ذباب السيف مشحوذ الغرار

دعا أن لا فتى إلا علي

و أن لا سيف إلا ذو الفقار

 

ورحم الله المرزكي‏ إذ قال :

و في الأحزاب جاءتهم جيوش

تكاد الشامخات لها تميد

فنادى المصطفى فيه عليا

و قد كادوا بيثرب أن يكيدوا

فأنت لهذه و لكل يوم

تذل لك الجبابرة الأسود

فسقي العامري كؤس حتف

فهزمت الجحافل و الجنود

 

 ورحم الله غيره‏ إذ قال :

و وقعة الأحزاب إذ طار لها

من خيفة الأبطال عقل البطل‏

و الناس مما نالهم في حيرة

حول رسول الله عند الدلدل

و قد بدا عمرو و عمرو بطل‏

تخافه نفس الكمي البطل

فذاق من سيف علي ضربة

أنسأه طعم الرحيق السلسل‏

 

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج3ص134 . الاكوار جمع الكور: الدور من العمامة . البحة : خشونة و غلظ في الصوت. المناجزة : المقاتلة . الهزاهز: الحروب و الشدائد.

 ضربة نجلاء : أي الواسعة العريضة الطويلة . البهمة بالضم : الشجاع الذي لا يبالى من أن يؤتى . البراجم : قوم من أولاد حنظلة بن مالك .

تناوشا : أي تناولا في القتال . الدرقة : الترس من جلود ليس فيه خشب و لا عقب. و القد : القطع . ثار الغبار : ارتفع . و القترة : الغبار. الالب : القوم تجمعهم عداوة واحد.

 صممه السيف : مضى في العظم و قطعه. و نبأ السيف عن الضريبة : كل و ارتد عنها و لم يقطع.

الشلو : الجسد . و القاع : أرض سهلة. و الضبع : ضرب من السباع . السلع جبل بالمدينة . وقب الأسد أو الفحل: سمعت قعقعة نابه . الصرمة : القطعة من الإبل ما بين العشرين إلى الثلثين أو إلى الأربعين و الخمسين و الدوسر: الجمل الضخم.

ثغب الدم: سال . العصفر : صبغ اصفر اللون . الشئان جمع الشأن : الخطب . و الغرارين تثنية الغرار : حد السيف . النجيع من الدم : ما كان مائلا إلى السواد . أو دم الجوف و البرايا جمع البرى بمعنى التراب و جمع البرية: أي الخلق. إلا إن شيئا منهما لا يلائم الكلام و النسخ متوافقة على اللفظة. و النضيح فعيل بمعنى المفعول من النضح بمعنى الرش و الرشح. و الجريال صبغ احمر. السابغات جمع السابغة: الدرع الواسعة. ذكى النار: أوقدها.

 


وهي غزوة الأحزاب وفيها ظهر المنافقين بمناجاة الخندق

والرب عرف الصابر والمنتظر لم يبدل من الإيمانهم عارية

 

الخندق : الخائن بخنه بخشمه يدقق الكلام

الخندق : الخن دق ، أيضا كلمتين ، وهنا الخن يتكلم بخشمه ، وبدقه بتفحص ويستخبر أحوال الحرب وحال المؤمنين بالسر والتجسس لا يتجاهر ، و يشاور بكلام خافت يواش ، وبلحن بالقول ، وهي شبيه بالخنة والكلام بالخياشيم ، كما عرفت بالآيات والروايات أحوال المنافقين  .

أَخَنُّ : اسم ، الجمع خُنّ ، المؤنث خَنّاء والجمع للمؤنث خنّاوات وخُنّ .

وخَنَّ : فعل خنَّ خَنِنْتُ يَخَنّ اخْنَنْ خَنَّ ، خَنَنً وخنينًا وخُنَّةً ، فهو أخَنُّ ، والمفعول مخنوّ فيه ، وهي خَنَّاءُ والجمع خُنّ .

خنَّ الشَّخصُ : خرج صوت بكائه أو ضحكه أو كلامه من أنفه ، فخَنَّ خَنَنًا وخَنِينًا ، وخُنّةً : خرج كلامهُ من خياشيمه .

و خَنا: فعل خنا في يَخنُو اخْنُ خنًا وخَنْوًا وخَنْيًا فهو خانٍ ، خانَ  يَخون ، خُنْ خِيانةً وخَوْنًا ، فهو خائن والجمع خانَة وخُوَّانٌ ، وخَوَنَة ، وهو خَوَّانٌ ، وهي  خَئُونٌ  ، والمفعول مَخُون .

 خَانَ  أَصْدِقَاءهُ : لَمْ يُحَافِظْ عَلَى الْعَهْدِ ، أَيْ غَدَرَ بِهِمْ ، خَانَ  العَهْدَ نَقَضَهُ ، أَيْ لَمْ يَرْعَ عَهْدَهُ ، خَانَ وَطَنَهُ : تَخَلَّى عَنْ وَاجِبِ الْمُوَاطَنَةِ وَالإِخْلاَصِ لِلْوَطَنِ ،  خَانَهُ فِي حُبِّهِ غَدَرَ بِهِ ، خَانَ  النَّصِيحَةَ : لَمْ يُخْلِصْ فِيهَ ، وخَانَهُ الْحَظُّ أو خانه الدَّهْرُ  تَقَلَّبَ عَلَيْهِ ، أَيْ غَيَّرَ حَالَهُ مِنَ اللِّينِ إِلَى الشِّدَّةِ وَمَا هُوَ أَسْوَأُ ، خَانَتْهُ رِجْلاَهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ ، خَانَهُ ظَهْرُهُ : ضَعُفَ ،  خانَ  الشيءَ : نقَصَهُ ، خانَ  الأمانةَ : لم يُؤَدِّها ، أو بَعْضَها .

 

دَقّ َ:  دَقَّ  الأمْرَ أظْهَرَهُ ، ودَقَّ  الأمْرُ غَمُضَ وَخَفِيَ مَعْناهُ ، يَحْتاجُ فَهْمُهُ إلى دِقَّةٍ وَتَبَصُّرٍ وَإِمْعانٍ ، دَقُّو بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشِمٍ : أَيْ أَظْهَرُوا العُيُوبَ وَالعَوْرَاتِ ، دقَّ  بينهم إسْفينًا : فرّق بينهم عن طريق الوِشاية ،  دَقَّ  ناقُوسُ الخَطَرِ أَنْذَرَ نَبَّهَ ،  دَقَّ صار خسيساً حقيراً .

 دقّ  المعْنى: غَمُضَ وخَفِي المرادُ به فلا يفهمه إلاّ الأذكياءُ  كلامُك يدِقُّ عن الشَّرح والتَّفسير ، دقّتِ المسألةُ فلا يفهمها إلاّ الرَّاسخون في العلم .

 

ويا طيب : عرفت حال المنافقين وإنهم أخذوا يتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ، وقسم يقول بيوتنا عورة ويريد الفرار ، وقسم أراد أن يهرب من المعركة ويترك التحصن مع الرسول ، وقسم قالوا أنه يعدنا بقصور كسرى واليمن والشام وهو خائف يتحصن بخندق ، وبالخصوص لما رأوا العدد الكبير للكفار ونقض اليهود للعهد ، وعبور قسم للخندق ، وفي كلها كانوا يجد المنافقون لأنفسهم كلام خفي يستصغرون به شأن النبي ووعد الله تعالى له بالنصر .

فالمنافقون : كما هم خانوا العهد ونقضوه ، صار كل منهم في كلامه أخن كالذي يتكلم بخيشومه ويبحث عن دقيق الأمر وتفاصيل نتيجة المعركة ويستعجله ولا يتوقع النصر للنبي الأكرم ، ولذا حكى الله حالهم في آيات عرفتها ، وهذ معنى الخندق ، أي الأخن المتكلم بخفاء ومتناجي بالإثم والعدوان ويدقق أمر النبي بعدم الاطمئنان له ولوعد الله له بالنصر وحب الفرار والخيانة والغدر .

 


 

الأبوذية المفصلة والمختصرة :

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال:

ضربة امامنا علي تساوي عبادة الثقلين في غزوة الخندق

عمرو بصوت عالي هل من مبارز ولينا سواه ابكم الخندق

وهي غزوة الأحزاب وفيها ظهر المنافقين بمناجاة الخندق

والرب عرف الصابر والمنتظر لم يبدل من الإيمانهم عارية

 

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال:

عبادة الثقلين = ضربة علي في غزوة الخندق

صير الولي تكبر هل من مبارز أبكم والخندق

و بالأحزاب ظهر المنافقين بمناجاة الخندق

و الرب عرف صابر منتظر ولإيمانهم عارية


 

 

أبوذية شقه :

نرحب بكم في موسوعة صحف الطيبين

متعجرف عبر خندق أبفكر سلمان النبي شقه

ينادي هل من مبارز ويحارب علي لباله شقه

اجته ضربه حيدرية طيحت حظه ولروحه شقه

وساوت ضربته عبادة الثقلين بأخلص عبودية

 

يا طيب : مر معنى أهم معاني الأبوذية في أعلاه وهذا شرح مختصر لها :

شقه : شق وحفر الخندق حول المدينة النبي بعد ما أشار سلمان المحمدي على سيد المرسلين في حرب الأحزاب حين تجمعت القبائل العربية الجاهلية بأكثر من 10000مقاتل والمسلمون 900 مقاتل فحفروا الخندق حول المدينة وشقوه ليتفادوهم و يمنعوا الدخول عليهم ولكنه عمرو بن ود

ويسمى بفارس يليل ويعد بألف مقاتل لأنه في وادي يليل شغل ألف مهاجم عن الوصول لصحبه قد أحجم المشركون عن الهجوم وتعدي الخندق ولكنه جاء مسرع بفرسه الجموح وطفر عابرا الخندق وأخذ ينادي هل من مبارز فلم يبرزه أحد من المسلمين لمعرفتهم بقوته ، وأخذ يسخر بهم فتقدم أمير المؤمنين فأشقاه وأورده جهنم بكل كبريائه وفخره .

شقه : مسخرة و وناسه ومضحكه يعتقد حربه لعلي ﻷنه في أول الأمر لم يجبه أحد فاخذ يتبختر ويلح في طلب المبارزة فبرز له الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام فحاربه بعد أن الح على النبي وكان يمنعه ﻷنه كان مريض وفضلا عن أنه كان شاب وعمرو وخبرته بالحرب والقتال.

شقه : شقاوة وعذاب وتعاسه ونار جهنم الأبدية وهذا طيحان الحظ والشقاوة لمن يعادي علي بن أبي طالب عليه السلام وشيعته ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ضربة عليّ :

خير من عبادة الثقلين . وفي رواية : ضَرْبَةُ عَلىٍّ : يَوْمَ الْخَنْدَقِ اَفْضَلُ : مِنْ عِبادَةِ الثَّقَلَيْنِ .

وفي رواية أخرى : لَمُبَارَزَةُ : عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِعَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ يَوْمَ الْخَنْدَقِ‏ .أَفْضَلُ : مِنْ عَمَلِ أُمَّتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

 

صور تخطيط الخندق في المدينة المنورة


عناوين مفيدة :

تقبل الله أعمالكم وشكر سعيكم

صحيفة غزوة الأحزاب ( الخندق )

تأليف وتحقيق وإعداد

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موقع موسوعة صحف الطيبين

لكم يا طيبين صحيفة الإمام علي عليه السلام مع قابلية الاختيار والاقتباس منها والنسخ واللصق في المواقع الاجتماعية

www.alanbare.com/1

ولحضرتكم يا طيبين شرح صحيفة غزوة الأحزاب ( وشرح أبوذية الخندق ) للاقتباس والنشر

www.alanbare.com/kndg

شرح صحيفة غزوة الأحزاب ( وشرح معنى أبوذية الخندق وشقه )كراس جيد للمطالعة على الحاسب والموبايل

www.alanbare.com/kndg/kndg.pdf





  ف ✐

  ✺ ت