رقيه : رُقَيَّةُ : اسم بنت واسم الجمع رُقَيات ، مأخوذ من الرقي والتقدم والنجاح والفوز والظفر بالدرجة العالية ، وتوقع الخير والصلاح والنعيم والسعادة ، والترقي والسمو لفلاح الحقيقة ، والرقي لكمال الوجود في الدارين ، كم يفيد معنى الدعاء والابتهال والاحتراز .
و رقية : أسماء كثير من بنات المعصومين أولهم سيد المرسلين وهي أخت فاطمة الزهراء ، ثم بنتين لأمير المؤمنين باسم رقية ، وبنت للإمام الحسن باسم رقية ، وبنت للإمام الحسين باسم رقية .
ويا طيب : ورقية بنت الإمام الحسين عليه السلام ، عمرها م بين ثلاثة إلى أربع سنوات ولها قصة يتفجع لها كل مؤمن ويحزن عليها كل طيب منصف ، وترينا شدة ظلم أعداء آل محمد وظلمهم وطغيانهم على أهل البيت وعدائهم المشؤم عليهم ، والذي يبين أحقية الحسين وآله صلى الله عليهم وسلم ، بالقيام على الظلم ورفض الطغيان عند آل أمية ، وسيأتي بيان هذا المعنى فيما يأتي ,
ويا طيب : راجع القصص كاملة لنهضة الإمام الحسين عليه السلام في صحيفته من موسوعة صحف الطيبين ، بل تجد كل ما تحب معرفته عنه من ولادته إلى شهادته وم بعدها في أجزاء متعددة .
ويا طيب : نذكر أسماء بنات المعصومين ممن سمى رقية ، وبه تعرف أن الإمام الحسين عليه السلام لا يفوته أن يقتدي بجده وأبيه وأخيه في تسمية أحدى بناته باسم رقية ، وهو اسم له معنى كامل في النبل والشرف والرقي والعلو والكمال.
عن مسعدة بن صدقة قال : حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه قال :
ولد لرسول الله صلى الله عليه و آله من خديجة : القاسم، و الطاهر، و أم كلثوم ، و رقية ، و فاطمة، و زينب .
فتزوج : علي عليه السلام فاطمة عليها السلام .
و تزوج : أبو العاص بن ربيعة ، و هو من بني أمية زينب .
و تزوج : عثمان بن عفان أم كلثوم و لم يدخل بها حتى هلكت .
و زوجه رسول الله صلى الله عليه و آله : مكانهَا رُقَيَّةَ .
ثم ولد لرسول الله صلى الله عليه و آله : من أم إبراهيم ، إبراهيم، و هي مارية القبطية، أهداها إليه صاحب الإسكندرية مع البغلة الشهباء و أشياء معه.
قرب الإسناد ص9ح29 .
وعن أبان عن أبي بصير عن أحدهما الباقر أو الصادق عليهم قال :
لَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةُ : ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
قال رسول الله : الحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون و أصحابه ، قال : و فاطمة عليه السلام على شفير القبر تنحدر دموعها في القبر ، ورسول الله يتلقاه بثوبه قائما يدعو .
قال : إني لأعرف ضعفها ، و سألت الله عز وجل أن يجيرها من ضمة القبر.
الكافي ج3ص241ح18 .
وعن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام :
أ يفلت : من ضغطة القبر أحد ؟
قال فقال : نعوذ بالله منها ، ما أقل من يفلت من ضغطة القبر .
إِنَّ رُقَيَّةَ : لَمَّا قَتَلَهَا عُثْمَانُ ، وقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على قبرها ، فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه ، و قال للناس : إني ذكرت هذه و ما لقيت ، فرققت لها و استوهبتها من ضمة القبر .
قال فقال : اللَّهُمَّ هَبْ لِي رُقَيَّةَ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ ، فَوَهَبَهَا اللَّهُ لَهُ .
قال و إن رسول الله : خرج في جنازة سعد ، و قد شيعه سبعون ألف ملك ، فرفع رسول الله رأسه إلى السماء ، ثم قال : مثل سعد يضم .
قال قلت : جعلت فداك ، إنا نحدث أنه كان يستخف بالبول .
فقال : معاذ الله ، إنما كان من زعارة في خلقه على أهله .
قال فقالت : أم سعد هنيئا لك يا سعد .
قال فقال لها رسول الله : يا أم سعد لا تحتمي على الله.
الكافي ج3ص236ح6 .
يا طيب : رقية دفنت في المدينة المنورة ، وبكى لها النبي صلى الله عليه وآله ، و توجد أدعية تلعن من ظلمها وقتلها ، وكذا تزار مع زيارة النبي الأكرم بالسلام عليها ، وبهذا تبين علو مقامها وشأنها ، وسمى أمير المؤمنين بنتين باسمها ، وكذا الحسن والحسين سموا بناته لهم باسمها ، فتابع البحث :
يا طيب : إن للإمام علي عليه السلام بنتان باسم رقية ، وهن خوات الإمام الحسين عليه السلام ، ولا غرو أن يقتدي بأبيه وجده وأن يسمي بعض بناته باسم رقية ، وهو اسم كريم وله معنى شريف ، ويدل على العلو والسمو والرفعة والكمال والدعاء ، ولذا نذكر أحد أهم المصادر التي روت ما سمي فيها أبناء الإمام علي عليه السلام ونرى أنه ذكر فيه أن بنتان للإمام علي عليه السلام أسمهن رقية ، كما سترى أن أحداهن زوجة مسلم بن عقيل عليه السلام ، وهي أم شهيد في كربلاء أيضا.
قال الشيخ المفيد رحمه الله : باب ذكر أولاد أمير المؤمنين و عددهم و أسمائهم و مختصر من أخبارهم :
فأولاد أمير المؤمنين عليه السلام : سبعة و عشرون ولدا ذكر و أنثى .
الحسن و الحسين و زينب الكبرى و زينب الصغرى : المكناة أم كلثوم أمهم فاطمة البتول سيدة نساء العالمين بنت سيد المرسلين محمد خاتم النبيين صلى الله عليهم وسلم .
و محمد : المكنى أبا القاسم ، أمه خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية.
و عمر و رُقَيَّةُ:كانا توأمين ، و أمهما أم حبيب بنت ربيعة.
و العباس و جعفر و عثمان و عبد الله : الشهداء مع أخيهم الحسين بن علي عليه السلام بطف كربلاء ، أمهم أم البنين بنت حزام بن خالد بن دارم.
و محمد الأصغر : المكنى أبا بكر ، و عبيد الله الشهيدان مع أخيهما الحسين عليه السلام بالطف أمهما ليلى بنت مسعود الدارمية.
و يحيى : أمه أسماء بنت عميس الخثعمية رضي الله عنها.
و أم الحسن و رملة : أمهما أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي.
و نفيسة و زينب الصغرى ، و رُقَيَّةُ الصغرى ، و أم هانئ ، و أم الكرام ، و جمانة المكناة أم جعفر ، و أمامة و أم سلمة ، و ميمونة ، و خديجة ، و فاطمة ، رحمة الله عليهن لأمهات أولاد شتى .
و في الشيعة : من يذكر أن فاطمة ص أسقطت بعد النبي صلى الله عليه وآله ولدا ذكرا كان ، سماه رسول الله و هو حمل محسنا ، فعلى قول هذه الطائفة أولاد أمير المؤمنين عليهم السلام ثمانية و عشرون و الله أعلم .
الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد ج1ص354 .
وذكر في المحقق الإرشاد في الهامش : قد تعدّدت المصادر التي تؤكد و بوضوح وجود المحسن ضمن أولاد علي من فاطمة عليهما السلام، و لم يقتصر هذ الامر في حدود كتب الشيعة ، بل ان الكثير من كتب العامّة ذكرت ذلك الامر و سلمت بوجوده من دون تعليق أو ترديد، انظر الكافي ج6ص18ح2، الخصال ص 634، تأريخ اليعقوبي ج2ص213، المناقب لابن شهرآشوب ج3ص358، تأريخ الطبريّ ج5ص153، الكامل في التأريخ لابن الأثير ج3ص397، أنساب الأشراف للبلاذري ج2ص189، الإصابة لابن حجر ج3ص471، و الذهبي في لسان الميزان ج1ص268، و ميزان الاعتدال ج1ص139، القاموس المحيط للفيروزآبادي ج2ص55 ، و غيرها من المصادر المختلفة.
وقال الطبرسي :
أما زينب الكبرى : بنت فاطمة بنت رسول الله ص فتزوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، و ولد له منها علي و جعفر و عون الأكبر و أم كلثوم ، أولاد عبد الله بن جعفر ، و قد روت زينب عن أمها فاطمة عليها السلام أخبارا.
و أما رُقَيَّةُ بنت علي عليها السلام : فكانت عند مسلم بن عقيل ، فولدت له عبد الله ، قتل بالطف و عليا و محمدا ابني مسلم .
و أما زينب الصغرى : فكانت عند محمد بن عقيل ، فولدت له عبد الله و فيه العقب من ولد عقيل .
و أما أم هانئ : فكانت عند عبد الله الأكبر ابن عقيل بن أبي طالب ، فولدت له محمدا قتل بالطف و عبد الرحمن .
و أما ميمونة بنت علي : فكانت عند عبد الله الأكبر ابن عقيل ، فولدت له عقيلا .
و أما نفيسة : فكانت عند عبد الله الأكبر ابن عقيل ، فولدت له أم عقيل .
و أما زينب الصغرى بنت عليه السلام : فكانت عند عبد الرحمن بن عقيل فولدت له سعدا و عقيلا . و أما فاطمة بنت علي عليه السلام : فكانت عند أبي سعيد بن عقيل ، فولدت له حميدة .
و أما أمامة بنت علي عليه السلام : فكانت عند الصلت بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، فولدت له نفيسة و توفيت عنده .
إعلام الورى بأعلام الهدى ص 203 وعنه بحار الأنوار ج42ص93ح21 .
يا طيب : وهذا ثالث تأكيد يؤيد بقوة أن يقتدي الإمام الحسين بعد جده رسول الله وأبيه علي بن أبي طالب ، أن يقتدي بأخيه الحسن صلى الله عليهم وسلم ويسمي إحدى بناته رقية ، كما سمى جده وأبيه وأخيه بناتهم باسم رقية :
قال الطبرسي رحمه الله :
الفصل الخامس : في ذكر ولد الحسن عليه السلام و عددهم و أسمائهم :
له من الأولاد ستة عشر ولدا ذكرا و أنثى :
زيد بن الحسن : و أختاه أم الحسن و أم الحسين أمهم أم بشر بنت أبي مسعود الخزرجية .
و الحسن بن الحسن : أمه خولة بنت منظور الفزارية ,
و عمر بن الحسن : و أخواه : عبد الله و القاسم ابنا الحسن
، قتلا مع الحسين بن علي بكربلاء أمهم أم ولد .
و عبد الرحمن بن الحسن : أمه أم ولد .
و الحسين بن الحسن : الملقب بالأثرم و أخوه ، طلحة و أختهما
فاطمة أمهم أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي .
و أبو بكر : قتل مع الحسين
و أم : عبد الله و فاطمة و أم سلمة و رُقَيَّة لأمهات أولاد شتى.
و كان زيد بن الحسن : يلي صدقات رسول الله ص و كان جليل القدر كثير البر و مات و له تسعون سنة و خرج من الدنيا و لم يدع الإمامة و لا ادعاه له مدع من الشيعة و لا غيرهم.
و أما الحسن بن الحسن عليه السلام : فكان جليلا فاضلا و كان يلي صدقات أمير المؤمنين عليه السلام ، دخل على عبد الملك بن مروان محرشا على الحجاج .
فقال له عبد الملك : بعد أن رحب به و أحسن مسألته لقد أسرع إليك الشيب يا أبا محمد ؟ و كان عنده يحيى ابن أم الحكم : و قد وعده أن ينفعه عنده ، فقال : و ما يمنعه ، يا أمير المؤمنين شيبته أماني أهل العراق تفد عليه الوفود يمنونه الخلافة .
فأقبل و قال : بئس و الله الرفد رفدت ، ليس كما قلت ، و لكن أهل بيت يسرع إلينا الشيب .
فأقبل عليه عبد الملك و قال : هلم ما قدمت له .
فقال : إن الحجاج يقول أدخل عمر بن علي معك في صدقة أبيك .
فقال عبد الملك : ليس ذلك له ، أكتب إليه كتابا لا يجاوزه ، فكتب إليه و أحسن صلة الحسن و أكرمه .
فلما خرج من عنده : لقيه يحيى ابن أم الحكم فعاتبه الحسن على سوء محضره.
فقال له يحيى : إيها عليك فو الله لا يزال يهابك و لو ل هيبتك لم يقض لك حاجة و ما ألوتك وفدا .
إعلام الورى بأعلام الهدى ص213 .
ويا طيب : وإما زوج رُقَيَّةُ بنت الحسن فهو كريم بن كريم أبن عمها :
عبيد الله بن العباس : بن أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد كان عالماً كبيرا ومنه العقب ، فإن الفضل اخاه لا عقب له .
وكان عبيد الله بن العباس : كما قال النسابة العمري في المجدي :
من كبار العلماء : موصوف بالجمال والكمال والمرؤة ؛ مات سنة 155هـ ، تزوج من ثلاثة عقائل كريمات الحسب :
1 ـ رقيه بنت الحسن بن علي عليه السلام .
2 ـ وبنت معبد بن عبد الله بن عبد المطلب.
3 ـ وبنت المسور ابن مخرمة الزبيري
ـ كذا ذكر : السيد البحاثة المقرم في كتابه قمر بني هاشم .
ثم قال : ولعبيد الله منزلة كبيرة عند السجاد ، كرامة لموقف ابيه ابي الفضل العباس عليه السلام ، وكان اذا رأى عبيد الله بن العباس رق واستعبر باكياً ، فاذا سئل عنه قال : اني اذكر موقف ابيه يوم الطف فما املك نفسي .
ادب الطف ج1ص227 .
يا طيب السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليها السلام ، توفيت في خرابة بدمشق الشام في 5 الخامس من شهر صفر سنة 61هـ ، ودفنت في المكان الذي ماتت فيه .
وعمرها 3 ثلاثة سنوات أو 4 أربع سنوات أو أكثر بقليل ، فإنه ولدت سنة 57 ، 58 للهجرة .
وذكر بعضهم : أن أمها أم أسحاق أم فاطمة بنت الحسين ، وقيل أمها الرباب أم سكينة وعبد الله.
ويا طيب : أعتاد المؤمنون أن يقيموا ذكرى لميلادها المبارك في كل 17 شعبان من كل سنة ، يخلدون فيها ذكرها ، ويسترجعون مآثر ومكارم وفضائل أهل البيت عليهم السلام بصورة عامة ، وأيام الشام ومصائب كربلاء بصورة خاصة ، ليعرفو الحق وأهله عند نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين وصبرهم وثباتهم على الهدى وإخلاصهم وتضحيتهم وإيثارهم لكل شيء في سبيل إقامة وتعريف دين الله وعبودية الله وطاعته ، وظلم أعدائهم وقساوتهم وطغيانهم وتجبرهم وفساد أخلاقهم وجورهم على آل محمد عليهم الصلاة والسلام .
وقد قال صاحب معالي السبطين : أن أول هاشمية ماتت بعد قتل الحسين عليه السلام هي رقية أبنته في الشام .
ويا طيب : قد عرفت إن اسم رقية راقي في معناه ، وكامل في نصه وبيانه ومحتواه ، وجميل في ما يراد منه وفحواه ، وبه سمي النبي والوصي والإمام الحسن والحسين بناتهم ، وأنه لا يفوت الإمام الاقتداء بآله في تسمية أحدى بناته باسم خالته ، وخالتيها ، وأبنت عمها ، فتكون عنده بنت باسم رقية ، وذكرت تحقيقات في هذا المعنى ، وسيأتي بيان مفصل بالإضافة لما عرفت :
ويا طيب : ومن أقدم المصادر التاريخية التي ذكرت أن اسم رقية ، قصيدة سيف بن عميرة النخعي الكوفي رحمه الله ، وهو أحد أصحاب الإمام جعفر الصادق والإمام موسى الكاظم عليهما السلام ووقع بهذا العنوان في إسناد عدّة من الروايات تبلغ خمسين مورداً ، فقد قال رحمه الله :
وعبد كم سيف فتى ابن عميرة
عبد لعبد عبيد حيدر قنبر
وسكينة عنها السكينة فارقـت
لــم ابتديت بفرقة و تغّير
ورقيـة رق الـحسود لضعفها
و غـدا ليعذرها الذي لم يعذر
و لأم كلثوم يـجد جــديدها
لثَّم عقيب دموعها لـم يـكرر
لم أنسهـا وسكـينة و رقيــة
يـبكينه بـتحسر و تـزفـر
عن تقويم الشيعة نقلا عن دائرة معارف التشيع : ج 8 ص 313 - 314. عن الكامل للبهائي ج 2 ص 179. ومنتخب التواريخ ص 388. ودائرة المعارف الإسلامية الشيعية : ج 1 جزء 2 ص 25. كتاب المنن عبد الوهاب بن احمد شافعي مصري شعراني متوفى 973 ق .
ويا طيب : هذا تحقيق كامل بالإضافة لما عرفت إمكان بل ضرورة وجود بنت للحسين عليه السلام باسم رقية مقتديا بآله جده وأبيه وأخيه ، ولذكره بالشعر في مصدر متقدم ، وأنه ستأتي روايات بأنه للحسين عليه السلام أربع بنات فاطمة وزينب وسكينة ولم يسموا الرابعة ويقوي أنها هي رقية ، بالإضافة لما سيأتي في شهادة رقية بنت الحسين عليه السلام ، وتحقيق جيد في وجودها :
ذكر محمد الأمين الأميني : رأس الحسين عليه السلام عند يتيمته :
روى عماد الدِّين الطبري : عن كتاب الحاوية لقاسم بن محمّد بن أحمد المأموني:
أنّ نساء أهل بيت النبوّة : أخفين على الأطفال شهادة آبائهم وقلن لهم ، إنّ آباءكم قد سافروا إلى كذا وكذا، وكان الحال على ذلك المنوال حتّى أمر يزيد بأن يدخلن داره .
وكان للحسين عليه السلام : بنت صغيرة لها أربع سنين ، قامت ليلة من منامها.
وقالت : أين أبي الحسين ؟ فإنّي رأيته في المنام مضطرباً شديداً .
فلمّا سمع النسوة ذلك : بكين وبكى معهنّ سائر الأطفال، وارتفع العويل.
فانتبه : يزيد من نومه ، وقال: ما الخبر ؟
ففحصوا : عن الواقعة وقصّوها عليه .
فأمر لعنه اللَّه : بأن يذهبوا برأس أبيها إليها ، فأتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها .
فقالت : ما هذا ؟!
قالوا : رأس أبيك .
ففزعت الصبيّة : وصاحت ، فمرضت وتوفّيت في أيّامها بالشام.
مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة ج٦ ص 218 عن كامل البهائي ج٢ث١٧٩، عنه نفس المهوم؛ معالي السبطين ج٢ص١٧٠.
وفي" الإيقاد : للسيّد الجليل السيّد محمّد علي الشاه عبد العظيمي رحمه الله ، عن العوالم وغيره ما ملخّصه :
إنّه كان للحسين عليه السلام : بنت صغيرة يحبّها وتحبّه .
وقيل : كانت تسمّى رقيّة ، وكان لها ثلاث سنين ، وكانت مع الأسراء في الشام .
وكانت : تبكي لفراق أبيها ليلًا ونهاراً .
وكانوا يقولون لها : هو في السفر ( يقصدون سفر الآخرة ) .
فرأته ليلة : في النوم ، فلمّا انتبهت جزعت جزعاً شديداً .
وقالت : ايتوني بوالدي وقرّة عيني ، وكلّما أراد أهل البيت إسكاتها ، ازدادت حزناً وبكاءً ، ولبكائها هاج حزن أهل البيت ، فأخذوا في البكاء ، ولطموا الخدود ، وحثّوا على رؤوسهم التراب ، ونشروا الشعور ، وقام الصياح .
فسمع يزيد : صيحتهم وبكاءهم .
فقال : ما الخبر ؟ قيل له : إنّ بنت الحسين الصغيرة رأت أباه بنومها ، فانتبهت وهي تطلبه وتبكي وتصيح .
فلمّا سمع : يزيد ذلك .
فقال : ارفعوا إليها رأس أبيها ، وحطّوه بين يديها تتسلّى .
فأتوا بالرأس : في طبق مغطّى بمنديل، ووضعوه بين يديها .
فقالت : يا هذ إنّي طلبت أبي ولم أطلب الطعام .
فقالوا : إنّ هنا أباك ، فرفعت المنديل ورأت رأساً .
فقالت : ما هذا الرأس ؟! قالوا : رأس أبيك ، فرفعت الرأس ووضعته إلى صدرها .
وهي تقول :
يا أبتاه : من ذا الذي خضّبك بدمائك ؟
يا أبتاه : من ذا الذي قطع وريدك «4»؟
يا أبتاه، : من ذا الذي أيتمني على صغر سنّي ؟
يا أبتاه : مَن لليتيمة حتّى تكبر ؟
يا أبتاه : مَن للنساء الحاسرات ؟
يا أبتاه : مَن للأرامل المسبيّات ؟
يا أبتاه : مَن للعيون الباكيات ؟
يا أبتاه : مَن للضائعات الغريبات ؟
يا أبتاه : مَن للشعور المنشورات ؟
يا أبتاه : مَن بعدك ؟ واخيبتاه .
يا أبتاه : من بعدك ؟ واغربتاه .
يا أبتاه : ليتني لك الفداء .
يا أبتاه : ليتني قبل هذا اليوم عمياء .
يا أبتاه : ليتني وسدت التراب ولا أرى شيبك مخضّباً بالدماء .
ثمّ وضعت : فمها على فم الشهيد المظلوم .
وبكت : حتّى غشي عليها .
فلمّا حرّكوها : فإذا هي قد فارقت روحها الدُّنيا .
فارتفعت : أصوات أهل البيت بالبكاء ، وتجدّد الحزن والعزاء .
ومن سمع : من أهل الشام بكاءهم بكى .
فلم يرَ : في ذلك اليوم إلّا باكٍ أو باكية .
فأمر : يزيد بغسلها وكفنها ودفنها » «6».
مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة ج٦ ص 220 عن الإيقاد ص ١٧٩ وقال : ولكنّا لم نجده في عوالم البحراني في النسخة التي بأيدينا . ورواه الشيخ الحائري المازندراني معالي السبطين ج٢ص١٧٠ عنه وعن مُنتخب الطريحي، ولم نعثر عليه فيه أيضاً.
ويا طيب : نفس البحث أعلاه مع تعليقات كثيرة ذكر في موسوعة الامام الحسين عليه السلام ج6ص873 عن الطّريحي، المنتخب ج2ص140- 141- وعنه البهبهاني في الدّمعة السّاكبة ج5ص141- 142 و الدّربندي في أسرار الشّهادة ص515؛ ومثله القمي في نفس المهموم ص 456- 457 .
ويا طيب : ذكرة عبارات أخرى يجمعها البحث السابق ويغني عنها فلم نذكره .
قال في أسرار الشهادة :
إنّ من تأمّل : في شدّة كفر يزيد لعنه اللّه و زندقته ، و شدّة قساوة قلبه ، و كثرة بغضه و عناده لأهل البيت عليهم السّلام ، علم أنّ مقصوده من إنفاذ الرّأس الشّريف روحي له الفداء و إرساله إلى أهل البيت في الحبس و السّجن ، لم يكن أن تتسلّى به تلك الصّغيرة المظلومة اليتيمة ، بل كان مقصوده من ذلك إهلاكه بفعله هذا و وقوع الحرم و السّبايا في حاله مثل حالتهنّ يوم عاشوراء في الطّفّ.
بل إنّ ذلك : الكافر الزّنديق كان يترجّى بفعله ذلك ، و بهلاك تلك اليتيمة الصّغيرة المظلومة ، هلاك جمع من الحرم و السّبايا .
ثمّ إنّه لمّا صبّت : في ذلك اليوم على أهل البيت مصائب ، لو أنّه صبّت على الأيّام صرن لياليا ، و ذلك بسبب رؤيتهم الرّأس الشّريف روحي له الفداء ، و مشاهدتهم هلاك تلك اليتيمة المظلومة الصّغيرة ، و تذكّرهم في تغسيلها و تكفينه و تدفينها الأجساد الطّاهرات و الأجسام الطّيّبات المطروحة بلا رأس في أرض كربلاء ، و الأبدان المجروحات و الأجسام المرضوضات المنبوذات بلا غسل و لا أكفان في عرصة البلاء ، صار يومهم ذلك كيوم عاشوراء.
فضجّت النّساء : الحاسرات ، و رفعن الأصوات ، و أحاطت ولولتهنّ بأصقاع دمشق و أطرافها ، و صار أهلها بين الباكين و الباكيات ، و ذلك حيث ذهل أهله عن فطرتهم الثّانويّة المانعة عن الرّقّة و التّرحّم و البكاء على آل اللّه و آل الرّسول ، و رجعوا إلى مقتضيات الفطرة الأوّليّة من الرّقّة و التّرحّم و البكاء على أهل البيت ,
فحينئذ كثر : التّحديث و التّحادث بينهم بظلم يزيد لعنه الله و شدّة كفره و زندقته ، و كادوا أن يخرجوا عليه و يزيلوا دولته .
فصار هذا : أيضا سببا من أسباب غلبة الخوف و الخشية على يزيد لعنه اللّه ، و وقوع الرّعب في قلبه و تطلّبه المعاذير، و إسراعه بعد ذلك إلى إطلاق أهل البيت عن المحبس و السّجن ، و ستطّلع إن شاء اللّه على جملة أخرى من الأسباب و الدّواعي.
موسوعة الامام الحسين عليه السلام ج6ص875 نقلا عن الدّربندي في أسرار الشّهادة ص515 ،
يا طيب : كم فرق تجده بين أخلاق الإمام علي وآل محمد عليهم الصلاة والسلام ولما عندهم من الرحمة والرأفة واللطف بأعدائهم ، وبين أفعال بني أمية وأتباعهم .
فإن نبي الرحمة : قال لأهل مكة : أذهبوا فأنتم الطلقاء بعد فتح مكة عام 8 للهجرة.
وقد أخرجوه وآله : وصحبه من مكة المكرمة مكرها متخفيا هارب منهم بأمر الله تعالى ، فضلا عن محاصرتهم له ولبني هاشم من أعمامه وأولاد أعمامه ونساهم وأطفالهم في شعب أبي طالب عليه السلام 3 ثلاث سنوات ، وقد ضيقوا عليهم أشد التضييق حتى لكانوا يريدوهم أن يموتوا من الجوع والعطش ، ولكن الله من عليهم بالماء في بئر أبي طالب ، وما يرفدهم الله به من الصبر والقوت من قبل بعض أنصارهم سر ، وإنهم كانوا أياما لا يذوقون الطاعم بأصعب الظروف ، وكان أطفال بني هاشم في الشعب يسمع أهل مكة صريخ عويلهم وبكائهم من شدة الجوع .
حتى من الله عليهم : بإرسال الأرضة فأكلت الصحيفة التي تعاقد وتعاهد عليها أهل مكة ، وأخبر الله تعالى نبيه بتلفها ، وذهب أبو طالب فأخبرهم ففكوا عنهم الحصار بعد أن قال لهم : إن ابن أخي أخبرني بأن ربه أخبره وهو لصادق إن الصحيفة تلفت ، فأتوا بها فإن كان صادقا ففكوا الحصار الظالم عنا ، وإن كان كاذب أسلمه لكم فاقتلوه ، فلما فتحوا الحقة والصندوق الذي كانت فيه الصحيفة رأوه مأكولة كلها إلا بسم اللهم ، ففكوا الحصار عنهم .
ثم حاربوه : عدة حروب بعد الهجرة وقتلوا عمه حمزة وابن عمه عتبه وغيرهم من أنصاره.
ولكن نبي الرحمة : لما فتح مكة المكرمة ، عفى عنهم ، وقال لهم أذهبوا أنتم الطلقاء ، ورضي منهم إسلامهم ويعلم أن كثير منهم أسلمو مكرهين وهم منافقين .
ولكن الطغاة : من بني أمية لما قتلوا الحسين وآله وصحبه عليهم السلام ، حتى بدن سيد الشهداء رضوه بحوافر الخيل ، وقطعوا رؤوس وحملوها في البلاد .
ثم أخذوا آله : أسرى يطوفون بهم في البلاد ، بأصعب الظروف وأشد الأحوال ، وهم مسلمون بل سادة العباد ، حتى كانت عليهم قصص تبكي العين دم قبل الدمع وتؤلم القلب غصة وحسرة وألما .
ومنها قصة السيدة رقية : حيث أعطوها رأس أبيها مقطوعا ، فشهقت شهقة الخلود حسرة وغصة وألما ، فارتفعت لمقام العلى والمقام المحمود مع أجداده وأبيها وأمها فاطمة الزهراء عليهم الصلاة والسلام.
ويا طيب : إما الإمام علي عليه السلام ، ففي حرب الجمل بعد أن بايعوه في المدينة راغبين بدون إكراه ، فنقضوا البيعة وحاربوه بحرب الجمل الشهيرة التي قتل فيها عشرة آلاف مسلم من الطرفين ، وكانت أمهم عائشة تحث الناس بالشعر والحديث الكاذب وبالتملق والتنمق بالكلام وقد أمرها الله تعالى أن تقر في بيته ولا تتبرج تبرج الجاهلية الأولى بقوله تعالى :
{ يَ نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلً مَّعْرُوفًا (32)
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) } الأحزاب .
فجعلت : الكتاب والحكمة في حرب المطهرين وقادت جيش لتقاتل سادة أهل الجنة ، ومعها الناكثين ومن غرتهم بصوتها .
ولكن الإمام علي عليه السلام : لما أنتصر على أهل الجمل .
أرجع عائشة : مكرمة للمدينة ، وتحف بها أربعين أمرئة حماية لها ، ولم يقتل مروان بن الحكم الأموي ولا طلحة ولا ابن الزبير وغيرهم ، ولم يسبي من حاربه ولم يأخذ أموالهم فضلا من أن يقتلهم ، وأنظر ما فعلوا بكربلاء وأسرهم حتى قصة السيد رقية و تقديم رأس أبيها مقطوعا وقيدهم وضربهم.
إن قيل : إنّه ما كان للإمام الحسين عليه السلام إلّا بنتان ، وهما سكينة وفاطمة ؟
نقول : المرويّ وإن كان ذلك ، ولكنّه ليس بمتّفق عليه ، فهناك بعض الروايات تدلّ على أنّ الإمام عليه السلام كان له بنات ثلاث بل- على قول- أربع.
قال الطبري الإماميّ : وله- أي للإمام الحسين عليه السلام- من البنات زينب ، وسكينة ، وفاطمة .
وممّن ذكر القول الآخر : العلّامة الأربلي وابن الصبّاغ المالكي، فإنّهما قالا- واللفظ للأخير-: قال الشيخ كمال الدِّين بن طلحة : كان للحسين عليه السلام من الأولاد ذكوراً وإناثاً عشرة ، ستّة ذكور وأربع إناث .
فالذكور : عليّ الأكبر ، وعليّ الأوسط وهو زين العابدين ، وعليّ الأصغر ، ومحمّد ، وعبداللَّه ، وجعفر .
وأمّا البنات : فزينب وسكينة وفاطمة، هذا قول المشهور.
ولم يصرّح : الأربلي وابن الصبّاغ باسم البنت الرابعة ، فلعلّه هي التي عرفت باسم رقيّة في أوساط الناس.
مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة ج٦ ص 221 كشف الغمة في معرفة الأئمة ج2ص39 .
وقال محمد أمين الأميني :
إن قيل : لعلّها هي رقيّة بنت الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
قلنا : لكن لا يمكن الاعتماد عليه ، لأنّ الروايات في شأنه على قسمين:
القسم الأوّل : ما تصرّح بأنّها ماتت صغيرة ، مثل ما ذكره سبط ابن الجوزي في قوله: «وقد زاد ابن إسحاق في أولاد فاطمة من عليّ عليه السلام: محسناً، مات صغيراً، وزاد الليث: رقيّة، ماتت صغيرة أيضاً.
فبناءً على هذا : لا يمكن القول بأنّها المقصودة بالمقام، لأنّ الفاصل الزماني بين وفاة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وما بعد وقعة الطفّ يخرجها عن كونها صغيرة ! هذا إذا فرضنا أنّها ولدت في آخر أيّام حياة الإمام عليّ عليه السلام ، وإلّا فإنّ المسألة أصعب .
القسم الثاني : ما تصرّح بأنّها كبرت وتزوّجت من مسلم بن عقيل .
فإنّ المؤرِّخين : ذكروا في عِداد أنصار الإمام الحسين عليه السلام الذين استشهدوا معه في كربلاء عبداللَّه بن مسلم بن عقيل ، وقد صرّحوا بأنّ امّه كانت رقيّة بنت عليّ بن أبي طالب .
صرّح بذلك ابن حبّان ، والقاضي نعمان ، والطبري عن أبي مخنف، وخليفة بن خياط ، وابن الأثير وغيرهم .
ولكن مع هذا لا يمكن القول بأنّها المقصودة، وذلك لعدّة أُمور:
أوّلًا : لا نعلم بحضورها في وقعة الطف ، ولكن القرائن تؤيّد حضورها، وذلك لأسباب متعدّدة مثل إرسال زوجها مسلم بن عقيل إلى الكوفة ، وحضور أبنائها مع الحسين عليه السلام من البنات والذكور ، فبطبيعة الحال هي تلازم أخاه في هذه المرحلة الحسّاسة والهامّة جدّاً.
ثانياً: ليس لنا دليل على وفاتها في الشام، بل هناك بعض الأخبار بوجود قبرها بمصر ، صرّح بذلك ياقوت الحموي وغيره ، وإلّا فبطبيعة الحال تكون قد توفّيت بالمدينة.
ثالثاً : القرائن التي نُقلت في شأن وفاة هذه السيّدة تختلف تماماً عمّا إذا كانت امرأة كبيرة ، كما هو واضح.
أضف إلى ذلك : ما نقل في شأن إصلاح قبر هذه السيّدة وكونه بنتاً صغيرة .
رابعاً : تصريح بعض أرباب الكُتب، مثل ما نُقل عن كتاب مُنتخبات التواريخ لمحمّد أديب آل تقي الدِّين الحصني بقوله: ونُقل أيضاً أنّ السيّدة رقيّة بنت الإمام الحسين الصغيرة دفنت عند باب الفراديس .
مُنتخبات التواريخ ص ٤٥.
وروي عن الشعراني في الباب العاشر من كتاب المنن:
وأخبرني بعض الخواص: أنّ رقيّة بنت الحسين عليه السلام في المشهد القريب من جامع دار الخليفة أمير المؤمنين يزيد، ومعها جماعة من أهل البيت، وهو معروف الآن بجامع شجرة الدرّ، وهذا الجامع على يسار الطالب للسيّدة نفيسة ، والمكان الذي فيه السيّدة رقيّة عن يمينه، ومكتوب على الحجر الذي ببابه هذا البيت: بقعة شُرِّفت بآل النبيّ وببنت الحسين الشهيد رُقيّة .
معالي السبطين ج٢ص١٧١..
وقد جُدِّد : بناء قبر هذه السيّدة بعد انتصار الثورة الإسلامية، وإقامة الجمهورية الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني أعلى الله مقامه الشريف، وقد أصبح بناءً ضخماً، ورمزاً للتضحية والجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمته.
إن قيل: هل هناك تصريح باسمها في ضمن كلمات الإمام الحسين عليه السلام؟
يُقال: نعم، مثل ما ذكره السيّد ابن طاووس أنّه حينما أراد عليه السلام أن يودِّع أهله قال: يا أُختاه، يا أُمّ كلثوم، وأنت يا زينب، وأنت يا رقيّة، وأنت يا فاطمة، وأنت يا رباب، انظُرن إذا أنا قُتلِت فلا تُشقِّقن عليَّ جيباً، ولا تخمشن عليَّ وجهاً، ولا تقلن عليَّ هُجراً .
الملهوف: ١٤١.
وما ذكره القندوزي أنّه نادى: يا أُمّ كلثوم ، ويا سكينة ،
ويا رقيّة ، ويا عاتكة ، ويا زينب ، ويا أهل بيتي عليكنّ منّي السلام .
ينابيع المودّة ج٣ص٧٩، عنه إحقاق الحقّ ج١١ص٦٣٣.
وكلا الاحتمالين : في شأنها ممكن، وإن كان ظاهر لحن خطاب ما ذكره السيّد ابن طاووس: أنّه متوجّه إلى أُخته رقيّة بنت عليّ عليه السلام ، ويمكن اعتبار هذا دليلاً آخر على حضورها في معركة الطفّ.
روى الشيخ الحائري المازندراني قال:
وقد أخبرني بعض الصلحاء : أنّ للسيّدة رقيّة بنت الحسين عليهم السلام ضريحاً بدمشق الشام ، وأنّ جدران قبرها قد تعيّبت ، فأرادوا إخراجه منه لتجديده فلم يتجاسر أحد أن ينزله من الهيبة .
فحضر شخص : من أهل البيت يدعى السيّد ابن مرتضى ، فنزل في قبرها ووضع عليها ثوباً لفّها فيه وأخرجها .
فإذا هي بنت صغيرة : دون البلوغ .
وكان متنها : مجروحاً من كثرة الضرب .
وقد ذكرتُ : ذلك لبعض الأفاضل ، فحدّثني به ، ناقلًا له عن بعض أشياخه.
مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة ج٦ ص 221 ، عن معالي السبطين ج٢ص١٧١، وذكر تفصيل ذلك العلاّمة الحجّة محمّد هاشم الخراساني، عن السيّد محمّد علي الشامي سبط السيّد إبراهيم الدمشقي آل السيّد مرتضى، عن جدّه السيّد إبراهيم الذي باشر في أمر إصلاح القبر الشريف، وذكر أنّ القصّة جرت في حوالي سنة ١٢٨٠هـ، راجع كتاب مُنتخب التواريخ ص ٣٨٨.
وإن ما ذكر أعلاه عن السيد رقية بنت الحسين في هذا الموضوع تحت العنوان أعلاه من كتاب مع الركب الحسيني لمحمد أمين الأميني ص 220 - 224 .
رقية بنت الإمام الحسين عليها السلام : وكان لها من العمر أربع سنوات ، وكانت برفقة القافلة التي سارت نحو كربلاء ، وأخذت مع السبايا .
وفي الشام : رأت أباها ليلة في المنام، وبعد اليقظة أخذت تبكي وتطلب أباها.
فبلغ الخبر يزيد : فأمر أن يأتوها برأس أبيها ، ولما جاءوه به تألمت أكثر لذلك الموقف .
وماتت : في تلك الأيام في خربة الشام ، التي وضع فيها أهل البيت حينذاك.
الكامل للبهائي ص179، منتهى الآمال ص 437 .
ثم قال المحدثي : ولا يوجد رأي متفق عليه بين المؤرخين بشأن هذه الطفلة وكيفية استشهادها .
إن صغر سن : هذه الطفلة ، ورقة عواطفها وكيفية وفاتها ودفنه تثير الحيرة والألم في النفوس ، فلا غرو لو كانت لها مكانة خاصة في قلوب الشيعة .
ويقع : موضع دفنها عند سوق قديم ، يبعد قليلا عن المسجد الأموي في دمشق ، وقد بني عدة مرات . كان آخرها سنة 1985 من قبل إيران حيث تم منه توسيع الضريح وترميمه.
الشام أرض الخواطر فارسي ص111 .
ولضريح : هذه الطفلة الآن بناء ضخم ، يزوره الموالين لأهل البيت .
موسوعة عاشوراء للشيخ جواد محدثي ص268 .
يا طيب : إن مقام رقية يقع على بعد حدود 100 متر أو أكثر قليلاً من الجامع الأموي بدمشق في حي العمارة ، وقد زاره المؤمنون الشيعة من قديم الزمان ، وحضروا بحزن عميق ودمعة ساكبة وبالتحية والإجلال والتكريم لها عند ضريحها من كل فج عميق ، فيسلمون عليها ويصلون على النبي وآله ، ويسألون الله بحقهم وبحقه التوفيق لكل خير ويستغفرونه من كل تقصير ويطلبون منه حوائجهم والمغفرة ، وهم قرب هذا المقام المقدس الذي ثوت فيه بضعة للنبي وهي بنت حفيده الحسين رقية صلى الله عليهم وسلم.
وقد جدده الميرزا علي أصغر خان رحمه: وزير الصدراة في إيران عام 1323هـ.تمَّ تجديد وترميم المقام : وذلك أن النهر المار بجانب السور قد تسلل إلى القبر الشريف وكاد يتلفه.
ثم أعيد بناؤه : عام 1985 بطراز معماري فارسي مشغول بتناظر رائع ، و تلبيس بورق الذهب. و يجاور المقام : مصلى إلى جانبه باحة صغيرة.
بلغت : مساحة البناء الحالي بعد الترميم الأخير نحو 4000 متر مربع ، ومنه 600 متر مربع صحن وفضاء واسع ، وبقية البناء يؤلف الرواق والحرم والمصلى المجاور للضريح.
وتعلوا المرقد : قبة مضلعة ، ووضع على القبر لوحة من الفسيفساء يكسوها العاج والمرمر.
ويا طيب : في الفتنة الوهابية في سوريا ، قصف القبة المباركة بالقنابل والمتفجرات عن بعد ، وهدمت فيها مواضع ، وإلى زماننا لم ترمم ، فلعنة الله على ظالمين آل محمد من الأولين والآخرين .
كتاب منتهى الآمال للشيخ عباس القمي ج1ص327 ، كتاب روائع التراث في دمشق للدكتور عبد القادر الريحاوي.
السلام عليك : يا أبا عبد الله ، يا حسينُ بن علي ، يا ابن رسول الله ، السلام عليك يا حجة الله وابن حجته ، أشهد أنك عبد الله وأمينه ، بلّغت ناصحاً ، وأدّيت أميناً ، وقلت صادقاً ، وقتلت صديقاً ، فمضيت شهيداً على يقين ، لم تؤثر عمىً على هدى ، ولم تمل من حق إلى باطل ، ولم تجب إلا الله وحده .
السلام عليكِ : يا ابنة الحسين الشهيد ، الذبيح العطشان ، المرمّل بالدماء ، السلام عليك يا مهضومة ، السلام عليك يا مظلومة ، السلام عليك يا محزونة ، تنادي يا أبتاه من الذي خضّبك بدمائك ، يا أبتاه من الذي قطع وريدك ، يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سني ، يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر .
لقد عظمت : رزيّتكم ، وُجلت مصيبتكم ، عظُمت وُجلت في السماء والأرض ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، جعلن الله معكم في مستقر رحمته ، والسلام عليكم ساداتي وموالي جميعاً ورحمة الله وبركاته .
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ ﺑﻨﺖ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦﺍﻟﺸﻬﻴﺪ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﺪِّﻳﻘﺔﺍﻟﺸﻬﻴﺪﺓ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﺿﻴﺔﺍﻟﻤﺮﺿﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻘﻴﺔ ﺍﻟﻨﻘﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺰﻛﻴﻪﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﺔ ﺍﻟﺒﻬﻴﺔ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﻭﺣﻚﻭﺑﺪﻧﻚ
ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﺰﻟﻚ ﻭﻣﺄﻭﺍﻙﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻣﻊ ﺁﺑﺎﺋﻚ
وكتب على الباب : المرقد المقدس للسيدة رقية بنت الحسين عليه السلام ، أبيات من الشعر العربي من قبل الحاج احمد رضا الشيرازي ، وهناك قصائد حول القبر منها قصيدة شعرية للمرحوم الدكتور السيد مصطفى جمال الدين تعبر عن روح الولاء لأهل البيت عليهم السلام ، ومكتوبة بماء الذهب يقول فيها:
في الشام في مثوى يزيد مرقد
ينبئك كيف دم الشهادة يخلد
رقدت به بنت الحسين فأصبحت
حتى حـجـارة ركـنـه تـتوقد
هيا استفيقي يا دمشق و ايقظي
و غدا على وضر القمامة يرقد
و اريه كيف تربعت في عرشه
تلك الدماء يضوع منها المشهد
سيظل ذكـرك يا رقـي ة عـبرة
للـظالـمين مـدى الـزمان يـخلد
رحم الله من قال :
رقدت به بنت الحسين فأوشكت
حتى حجارة ركنه تتوقدُ
ورحم الله من قال :
كريمة سبط المصطفى مـا أجلها
لـها ينحني المجد الاثيل و يخفق
يتيمة أرض الـشـام ألـف تحية الـيـك
و قـلبي بـالـمـودة يـنـطـق
وقال الشاعر السيّد سلمان هادي آل طعمة حفظه الله ( مختصرة ) :
ضريحك إكليل من الزهر مورق
به العشق من كلّ الجوانب محدّق
ملائكة الرحمن تهبط حوله
تسبّح في أرجائه و تحلّق
شممت به عطر الربى متضوّعاً
كأنّ الصبا من روضة الخلد يعبق
إليه غدا الملهوف مختلج الرؤى
و عيناه بالدمع الهتون ترقرق
كريمة سبط المصطفى ما أجلّها
لها ينحني المجد الأثيل و يخفق
يتيمة أرض الشام ألف تحية
إليك و قلبي بالمودّة ينطق
القصيدة كاملة :
ضريحك اكليل من الزهر مورق
به العشق من كل الجوانب محدّق
ملائكة الرحمن تهبط حوله
تسبّح في أرجائه و تحلّق
شممت به عطر الربى متضوعا
كأن الصبا من روضة الخلد يعبق
اليه غدا الملهوف مختلج الرؤى
و عيناه بالدمع الهتون ترقرق
كريمة سبط المصطفى ما أجلها
لها ينحني المجد الاثيل و يخفق
ارومتها طابت كحسن خصالها
لديها غدا العاني يحب و يرمق
إلى ذروة العز انتمت و تسابقت
و من راحتيها بان فضل مطوق
و ايّده الباري بكل فضيلة
و خير محلا بالعلى و هو يغدق
كأن الدجى ينشق عن سحر وجهها
كم يطلع البدر المنير و يشرق
اطلي على الدنيا كشمس منيرة
لها بقلوب المخلصين تعلق
اطلي فهذا الكون يشدو صبابة
لمجدك مهتاجا و يهفو و يرمق
و بوحي بايات الجلال فإننا
عطاشى الى بحر المنى يتدفق
فيا جذوة في النفس يحلو اوارها
و كل محب نحوه يتشوق
و ي قبسا من نور أحمد يزدهي
بطيب فعال عبر طيفك يطرق
نشأت على حب الحسين وفضله
وحزت من الجاه الذي لا يصدّق
و إنك أهل للخلود و شأوه
فذاك هو المجد العظيم الموفق
وحبك هذا ساكن ا لقلب والحشا
سيبقى منارا للهدى يتألق
شعائر قدس تملأ الأرض رحمة
مدى العمر تزهو للبرايا و تبرق
و أي مزار صار للناس ملجأ
اليه التجى الراجي وفاض التصدّق
يتيمة أرض الشام ألف تحية
اليك و قلبي بالمودة ينطق
ديوان المديح والرثاء ص121 .
قصيدة للشيخ محمود بن طريح النّجفي رحمه الله :
هجوعي و تلذاذي عليّ محرم
إذا هل في دور الشهور المحرم
أجدد حزناً ل يزال مجدداً
ولي مدمع هام همول مسجم
وأبكي على الأطهار من آل هاشم
وما ظفرت أيدي أولي البغي منهم
إلى أن قال :
و أقبل مهر السبط نحو خيامه
يحمحم عرياناً و ينعي و يلطم
فلما رأين الطاهرات خرجن
في أذل السبا كل إليه تقدم
و بادرن نحو السبط و هو
مرمل يكلمنه شجواً و لا يتكلم
رأت زينب صدر الحُسين مرضضاً
فصاحت ونار الحزن في القلب تضرم
و صكت من الضرب المبرح وجهها
و لم تر صبراً من جوى الثكل يعصم
تقول أخي قد كنت نورا ً لشملنا
فيا سورن لم أنت فينا مهدم
أخي يا أخي قد كنت كنزاً لفقرنا
فها أنت في أيدي العدى تتقسم
أخي يا أخي قد كنت كهفاً
لعزنا الم ترنا بالذل نسبى و نشتم
أخي زود الأطفال وعداً و أوبة
فليس سوى الباري و إياك يرحم
أخي زود الولهى سكينة نظرة
فمهجتها حرى و عبرته دم
أخي تهتوي التقبيل منك سكينة
و شمر لها بالسوط ضرباً يؤلم
أخي فاطم ا لصغرى تحب التفاتة
وحقك هذا قلبها فيك مغرم
أخي بنتك الأخرى رقية ضمها
إليك فأحشاها من الوجد تضرم
تقولا هلمي يا سكينة نرتمي
على والدي دعنا من الموت نسلم
المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ الفخري للطريحي ص164 .
ورحم الله من قال : في حق السيدة رقيه بنت الحُسين عليهما الصلاة والسلام :
يا دار بنت السبط ِ جـئــت ُ معـزيا
و مـذ كــرا بمصـابـكـم و مواســيا ً
خـلـت ْ الديار من الكرام فليتني
دهـرا أعـيـش مكـدرا و مٌـقـاســيا
لم يلهني حزني مكارم فضلهم
أو يلهـني فضـل إلـي ّ وصالـيـا
قد فارقونا و القلوب تفجعت
اين المحب فليواسي مـصابـيـا
قـد كان يسعدني الوصال بفيئهم
حـتى غـدا قـرب الوصال أمـانيـا
فالدهر يبعدني و يرسم غربتي
والعـمـر قـد تـرك الشباب مـناديا
سِـر ْ حيثمـا وجـدت منازل أحمد
سـتــرى و قلـبك مستغـيـثا ً باكـيا
يا روض بيت المصطفى ومقامكم
أرقــى مقـامـا للإمـامة عـالـيــــا
في ذكر سيدتـي رُقـيـة مصـائبا
و الـلـه لـو ذ ُكِــرَتْ تـَهـُـدُّ رَوابـيـا
إن ْ زُرْتَ مَرْقـَدَها فـَزُرها باكـِيا
وَالعـَـنْ يـَزيـدا ً لا تـَخَـفْ وَمُعاويـا
حال الورود لفيضها متبركا
سترى جوابك قبل قولك راجيا
فـاذ ْكُـرْ إذا رأت ْ الحسينَ بنومِهَا
واستـذ كـّرت من كان كهـفُ حامِيَا
وَ تـَذ َكّـرَتْ عـِزّ الحسين و عَمهـا
قـدْ كانَ يَرْعَاهـَا كـأسـْمَى والِـيَا
فـَازْدادَ مِـنْ وَقـْع ِ المصاب بكائها
إذ شاهدت رأس الحسين عـلانيا
فاندب معي رحـل الحسين وقل لهم
أضـحت مصائبكـم تديم عزائيا
فهي الوسيلة و النجاة بحبكم
و أرى مودتكم كأنفس ماليا
ي منزل البركات دعني التمس
عنـد القباب الطاهرات دعائيا
يا منزل البركات جئت مقبلا
و معبر م كان قلبي ناويا
ابعث سلامك للحسين مناشدا
سبط الرسول وقل اتيتك شاكيا
فلقد قصدت ضريحها مستبشرا
أن لا أخيب و لا يرد جوابيا
ورحم الله من قال :
تبكي السماء لزهرة الزهراء
و تمور أرض الله في الارزاء
و الطير تندبه بحّر نشيجها
تسبيحة الأشجار فيض دماء
بنت الحسين رقية رقت لها
غلظ القلوب بلوعة الرحماء
أدمى رقيق فؤادها جور العدى
لليتيم سهم ثم سهم سباء
هي رقة الازهار كيف يمسها
لسع السياط بزجرة و جفاء
هي بنت طه كيف يسلب قرطها
و تساق سبيا في لظى البيداء
الله اكبر قد تشقق جلدها
في رحلة الالام و الاعياء
الكون افجعه حنين يتيمة
تدعو اباها سيد الشهداء
حضنت اباها بل مدمى رأسه
فالجسم منه رهين كرب بلاء
وشكت له شكوى ظليمة فاطم
تشكو الفراق و قسوة اللؤماء
فبكى لها الرأس الشريف وروحه
ضمت إليه روحه ببكاء
وعلا نداء القدس حزنا معلنا
عرج الحسين بزهرة النجباء
بمصابها هزت قواعد شامهم
ضحت لتحمي موكب الاسراء
لحقت رقية بالشهيد شهيدة
ادمت قلوب الأهل و الغرباء
خلدت على جسد الشريف علائم
اثر السياط كدملج الزهراء. .
عظم الله اجوركم واجورنا بهذا المصاب الجلل
مرثية مؤثرة عن مولاتنا السيدة رقية بنت الحسين سلام الله عليه لعميد المنبر الحسيني المرحوم الدكتور الشيخ أحمد الوائلي رضوان الله عليه :
في ربى قاسيون قبر صغير
فيه غصن من البتول نضير
تربة هومت رقية فيها
حضن الطهر رملها و الحفير
و الضريح الذي يضم نسيجا
علوي بالاحترام جدير
إيه بنت الحسين يومك يسر
و أمام الطغاة يوم عسير
أيها الشجنة التي أذبلتها
لوعة الأسر و الفلا و الهجير
فهي من زحمة القيود على
الصدر أنين شقيقها و الزفير
طفلة يكمن الذهول بعينيها
فيبدو بدمعه التعبير
حملت قلبها الكسير على يتم
و قلب اليتيم قلب كسير
فهي جسم يدافع السوط بالكف
و عين بدمعها تسجير
يالوجدي و قد مررت عليها
و على القبر من أساها سطور
فبدى طيفها لعيني نضوا
من سياط حدا بهن الغرور
قد تعاورنها و درن عليها
و هي من وقعها الأليم تدور
قد براها السرى ففي عودها النا
حل وهن مبرح و ضمور
تسأل الأمهات أيأن أبوها
كيف أغضى وهو الشفيق الغيور
غير أن الغياب طال عليها
و العشي امتدت بها و البكور
و ألحت تريده ذات يوم
فهو في قعر ذهنها محفور
فأتوه بالرأس أذبل خديه
هجير و نحره منحور
فهوت فوقه أغفلت كما
أغفى على دفئ أمه العصفور
حضنت رأسه و أسلمت الروح
و جفت كماد تجف الزهور
أيها الزائرون في ود ذوي القربى
سعيتم و سعيكم مشكور
هل لمحتم شمائل الأم في البنت
فللفرع م روته الجذور
نعي للسيدة رقية عمار الكناني:
يعمة النوم ما مر على عيوني
يعمة سياطهم ورمت متوني
اريد اخواني جنهم ما يجوني
وابوية حسين ما بي بعد جيه
ادية ناعمه وما شايفه حبال
يبوية بلا رحم يضرب الجمال
وتالي بالخرابة اصبح الحال
عمه زينب طلعي الشوك الترس رجليه بيدج
عمه زينب وحدة وحدة براحتج عمه على كيفج
عمه زينب الخرابة مو امان وخوفتنه
عمه زينب كلي للعباس عمنه وين بتنه
ورحم الله من قال :
فزت الطفلة بلا وعيّه
وتريد أبوها حسين هيّه
نادتها زينب يا رقيّه
زيّدتي أحزان العليّه
والله يا عمة اشها الرزيّه
لمن سمع نسل الدعيّه
نادى اشجره بهاي المسيّه
أسمع بكا وونّه شجيّه
گالوا لعد ابن الزكيّه
طفلة وعليها تنوح هيّه
آمر اللي ما عنده حميّه
يودولها راسه هديّه
من شافته جتها المنيّه
وطاحت الطفلة اعلى الوطيّه
فزّت تنادي وصوتها يبيد
صم الصخر ويذوب الحديد
أريدن أبوي الضيغم الجيد
والتمن عليها المفاديد
كلما يسمعنها البكا ايزيد
وصلت الصيحة المجلس ايزيد
نشدهم اشصاير حادث جديد
أسمع بواكي يزلزل الميد
گالوله خدامه والعبيد
طفلة حسين ابوها تريد
جابوا وشافتهم من ابعيد
صاحت هلا براسك يالعميد
يهلال عزنه ابليلة العيد
ليش اگطعت بينه يصنديد
وحفظ الله جبر الصبر إذ قالت : ذي كلمات خطها قلمي في ليلة وفاة السيده رقيه طفلة الحسين عليهما السلام كأن القصيده على لسانها
يشيعه يشيعه ابكوا عليه واندبوني
آنا رقيه اللي من الصغر يتموني
ذبحوا أبويا الأعادي و بالسبى مرمروني
طفلة أنا مدللة الحسين بني أميه اضربوني
مدللة الحسين أنا والله هضيمه
شسويت أنا ؟شفعلت من جريمه ؟
يقدمون لي راس الغالي والله فاجعه عظيمه
أشوف منظر أبد ما خطر على بالي
أعاتب أبويه وأشكي له حالي
بويه من بعدك ضاع عزي ودلالي
من أبجي من يسكتني من يمسح دمعتي يالغالي
رحت مظلوم عطشان وبقينا بغير والي
بويه من بعد عينك انضربنا بالسوط
عمتي زينب والنسا منعوهم من النوح والبجه بالصوت
يا والدي كلنا من هالظلم والذل نتمنى الموت
أويلي على اللي ما حصل له قبر ولا تابوت
ولا شرب قطره اميه لحظة الموت
اللهم بحق طفلة الحسين اليتيمه فرج عنا وعن جميع المؤمنين ، اللهم تقبل اعمالنا واغفر خطايانا وذنوبنا واقضي حوائجنا ، وشافي مرضانا واجبر كسر اليتامى يا ارحم الراحمين بحق محمد وآله الطاهرين تحياتي للجميع صبر زينب
رحم الله من قال :
أبتاه من ذا الذي أيتمني على صغر سنّي؟!
يا والدي والله هظيمه
أصير من صغري يتيمه
والنوح من بعدك لگيمه
أتاري الأبو يا ناس خيمه
يفيي على ابناته وحريمه
ورحم الله من قال :
يبويه من گطع راسك
ويا هو السلّب اثيابك
يبويه غطى كل مصاب
امصاب الماجره امصابك
عسى ابعيد البلى امخضّب
وبفيض الدما اخضابك
ورحم الله من نقل : قصيده بحق السيدة رقيه من ديوان في حب الحسين / خالد الحجار:
من ينكر اسمي ** اسمي رقيّـــــــــــه
آنه بنت حسين **راعي الحميـــــــــــه
بسبب جف الجريمه
من زغري يتيمـــــه
ابوي حسين نور عيوني وآمالي
عليّه ينشد ويتفّكد احوالــــي
مالحظه نساني شلون خلانــــــي
اعاني غيبته ويلوع حرماني
أبجي عليه لو أسكت
وحدّها الدموع أتكت
عشتها للهظيمه
من زغري يتيمه
روحي أوساده صارت والغطه ظنّي
تعب رمشي ونزل سلّم على جفنــي
اجاني والدي وبشوكه يحضنّــــــــي
غفت عيني عله صدره وماسكن ونّي
أفز من نومي مرعوبه
أصيح بياكتر صوبــــه
خلص حلمي حريمه
من زغري يتيمه
صحت ياعمّه روحي شفته كدّامي
بجف أيده وبسمته داوه آلامي
سافر عنّي ماينساني بحلامــــــــي
شما طالت سفرته سوده أيامي
مني صار عالي الصوت
ماعوف البجـــــي للموت
رد صوت الظليمه
من زغري يتيمه
قلق صاير منامه يزيد من صوتي
ياريت الاجل صار وحكم موتــي
ولارض الغاضريه انشال تابوتـي
دز بالطشت راسه وشتره سكوتي
بدت دمعاتي بعتابه
رد حاجيني يايابـــه
يبو جفوف الرحيمه
من زغري يتيمه
جلمات العتب طلعن من ألساني
اخذني وياك وحدي هنا لتنساني
انكطع منّك وريدك كلّي شمتاني
شهكت روحي بآخر نفس وجداني
بآخر لحظه ودعتـــــــه
طحت عالراس وشبكته
مصيبته عظيمه
من زغري يتيمه
خدمة المنبر الحسيني مبرئين الذمه
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
رقيه : رقية الرُّقْيَةُ العُوذَة التي يُرْقَى بها المريض مِنْ كَلامٍ أَو كِتابَةِ وحِرْزٍ ونحوُه مما يستعان به لشفاء المريض ، أو لشفاء من أصابته عين ، أو لدغته حية أو عقرب ، أو لطرد الأرواح الشريرة ، أو نحو ذلك ، وهي دعاء وابتهال ولابد فيها من كلام الله وذكره والتوسل به فيها .
ويا طيب : الرقية والعوذة والحرز معاني واحدة أو متقاربة ، والرقية تكون لمن تمرض فعلا وتستمر معه لما بعد الشفاء خوفا من عودة المرض ، فتسمى عوذة وحرز ، فتحصن صاحبها من المرض وتعصمه مما قد يصيبه من البلاء والحمة ، وتمنع عنه كل سوء وشر يؤدي إلى هلاكه أو اختلال بدنه وجسمه أو روحه وعقله .
ويا طيب : إن أعظم سوء وشر وبلاء وهلاك ، هو ضلال الإنسان عن الهدى الحق والتعبد بالعبودية لله بضلال باطل ، وبالخصوص حين يحسب نفسه على حق ويجهد نفسه بالعمل الباطل .
ورقية بنت الحسين عليها السلام : هي بالحقيقة رقية وحرز وعوذة من كل شر الضلال والهلاك الدائم ، وغضب الله وعذابه الخالد في جهنم النيران ، فإنه من يسمع قصة رقية ورؤيتها لأخوتها وأعمامها وأبيها شهداء مضرجون بالدماء وتركو بلا دفن في العراء بكربلاء ، ثم يأخذوها أسيرة مع أمها وعماتها وأختها ومن دونه وأكبر منها سبايا يسيرون بها في البلاد ، وأمامها رأس أبيها والشهداء من آل محمد عليهم السلام ، ويديرون بها في المدن ، ثم يغيبون رأس أبيها ويعطوه لها في طشت فتعانقه وتستشهد ميته فوقه .
ليحزن المؤمن حقا : والطيب المنصف واقعا ، ويعتصر قلبه ألم ، وليسأل لماذا هذا الطغيان عليها وعلى آلها ، فيعرف أن السبب هو الثبات على دين الله ، وتقديم الغالي والنفيس في سبيل الله ، سواء قتل أو بذل كل العيال والمال من أجل تعريف ونشر دين الله وبيان أهل الإيمان والإسلام وتعاليمه الصادقين ، فيتمسك بهم الطيب ومن يحب أن تطهر نفسه من الضلال والخبائث وشر الظلم والطغيان على دين الله وأهله ، أهل البيت من آل محمد وسادات أهل الجنة ، والذين طهرهم الله وخصهم بتعاليم دينه وجعلهم المنعم عليهم بهدى صراطه المستقيم ، وأنهم هم أصحاب آية التطهير والمودة والمباهلة والإمامة والكتاب والحكمة وملك الله العظيم في تعليم دينه بحق من دون تحريف .
ليكون هذا : لمن يتقصى الحقائق لمعرفة ما ينجيه من الدين ، ويحب يعرف أهله بحق ليفوز بالفلاح والظفر والكمال والسعادة والنعيم الإلهي في الدارين ، ليكون هذا بحق أعلى رقية وأكمل عوذة وأتم حرز يعصم من الضلال وكل خبائث وضرر وشر ورذيلة ، وبالخصوص حب الظالمين والطغاة وأعداء الله ورسوله وفكرهم وقياسهم وكل ما جعلوه دين وهو منكر لا معروف فيه ، وباطل أبعد من السماء عن الأرض عن الهدى الحق وما يحب الله ويرضا .
فهذا يا طيب : معنى رقية بنت الحسين عليها السلام رقية وعوذة وحرز، فمعرفتها ومعرفة قصتها الدالة على أهلها أهل البيت عليهم السلام ودين الله وهداه الحق ، وهذا معنى أنه يكون المؤمن المحب للحق قد تحرز بهم من كل شر الضلال في الهدى والباطل من الاعتقاد والطالح من العلم وكل سوء وشر يبعده عن عبودية الله تعالى بحق وكما يحب ، وهذا هو أيضا تعوذ بالله من كل ما يرديه في غضبه وجهنم وعذابه .
بل يا طيب : رقية هي ابتهال ودعاء للتوفيق للكون في طاعة الله بكل إخلاص ، والثبات على دينه الحق بكل يقين وتوجه له تعالى ، والذي لا يتمكن منه ولا يتم إلا بطاعة أئمة الحق والتحقق بهداهم دائما حتى لقاء الله تعالى .
رُقية : اسم الجمع : رُقَيات و رُقْيات و رُقًى ، الرُّقْيَةُ العُوذَة التي يُرْقَى بها المريض ونحوُه صاحب الآفة والصرع والمجنون ، والجمع رُقًى ، ويقال لِما يُؤَثِّرُ رُقْيَةٌ ، والمصدر رقَى ، و رَقَيْتُهُ عوذته بالله، والاسم الرُّقْيَا على فعلى .
و الرُّقْيَةُ : هي سبب لما يَأْمُلُ شِفاءً بِرُقْيَةٍ مم يُرْقَى بِهِ المريضُ ويعوَّذ به كقراءة آية من القرآن ، أو التعوُّذ بأسمائه تعالى وصفاته .
العُوذَةُ : هي الرُّقيةُ يُرقَى بها الإنسان من فَزَعٍ أو جُنون ، الجمع عُوَذٌ ، العُوذَةُ و الرُّقْيَةُ هي التَّميمةُ أيضا والحرز.
والحِرْزُ : الموضع الحصين ، يقال هذا حِرْزٌ حَرِيزٌ ، ويسمى التعويذ حِرْزاً ، و احْتَرَزَ من كذا و تَحَرَّزَ منه أي توقاه ، و حَرُزَ حَرازةً : امتَنع وتَحَصَّن .
و كَتَبَ لَهُ الْعُوذَةَ : الرُّقْيَةُ التي تُقْرَأُ أَوْ تُكْتَبُ ، وَتُعَلَّقُ عَلَى الإِنْسَانِ لِوِقَايَتِهِ مِنَ الشَّرِّ وَالْجِنِّ وهي التَّمِيمَةُ .
وفي الحديث : ل رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَّةٍ .
وقال الله تعالى : { كَلَّا إِذَ بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30) } القيامة .
أي حين تبلغ النفس : الترقوة وهي العَظْم الذي بين ثُغرة النَحر و العاتق من الجانبين ، و الجمع التراقي . فحينها يقول الإنسان من يرقيني ويعوذني ويحرزني من الموت ، أي يطلب صاحب رقية ، أي هل طبيب يَرْقِي ، و قيل: معنى مَنْ راقٍ من يَرْقَى بروحه ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب ، وهو يريد من ينجيه برقية ، وإن من يحب أهل البيت عليهم السلام يراهم عند الموت حيث يحب ، ويراهم المنافق والكافر حيث يكره .
وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام :
أنه سئل عن قول الله عز و جل : { وَ قِيلَ مَنْ راقٍ } ؟
قال عليه السلام : ذاك قول ابن آدم إذا حضره الموت ، قال : هل من طبيب ، هل من راق ؟
قال : { وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ } ، يعني فراق الأهل و الأحبة عند ذلك .
قال : { وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } ، قال التفت الدنيا بالآخرة قال إلى ربك يومئذ المساق إلى رب العالمين يومئذ المصير.
الأمالي للصدوق ص307م51ح1 .
وفي الوافي : الراقي من الرقية فسره بالطبيب لأنها نوع طبابة ، و فسر الظن باليقين لأنه هاهنا بمعنى العلم ، و فسر الساقين بالدنيا و الآخرة لأن الساق بمعنى الشدة و للدنيا شدة و للآخرة شدة ، و التف آخر شدة الدنيا بأول شدة الآخرة حينئذ فأراد بالدنيا و الآخرة شدتهما.
وعن معلى بن خنيس قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : ي معلى ، لو أن عبدا عبد الله مائة عام ما بين الركن و المقام ، يصوم النهار ، و يقوم الليل ، حتى يسقط حاجباه على عينيه .
وَ تَلْتَقِيَ تَرَاقِيهِ : هَرَماً ، جَاهِلًا لِحَقِّنَا ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوَابٌ .
المحاسن ج1ص90ب16ح40 .
يا طيب : وأحاديث من لم يعرف الهدى الحق لم يسلك الصراط المستقيم عند المنعم عليهم من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وإنه مغضوب عليه وأنه على باطل وضلال ، حكته كثير من الأحاديث ، بل هو نص سورة الفاتحة ، والتي يتلوها المؤمنون في كل يوم عشر مرات في الصلاة ، وهي دعاء وابتهال لله لمعرفة عظمة الله والاستعانة به ولمعرفة الصراط المستقيم عند آل محمد ، وعوذة وحرز ورقية للخلاص من كل شر وضلال عند من خالفهم .
وإن معرفة رقية بنت الحسين عليه السلام : هو دليل لآلها ، ومعرفة أي واحد منهم بالحق معرفتهم جميعا بالحق ولا يجوز التفرقة بين المعصومين من آل محمد عليهم وأهل بيته الطيبين الطاهرين ، ورقية دليل من الأدلة لمعرفتهم لمن يسمع و يعرف قصتها وشأنها وما جرى عليها وعلى آلها في سبيل الله ، من قبل الطغاة وأهل الضلال المغضوب عليهم من أعداءهم أعداء الله ورسوله .
يا طيب : قد جاءت آيات وروايات بأن القرآن و ذكر الله شفاء من كل داء ، بل بعض سور القرآن مخصوصة لشفاء أمراض خاصة ، وكذا يوجد دعاء لكل داء ، وإن الدعاء يعجل الشفاء ، وورد إن من كثر ذكره لله ودعاءه وتوسله به فقد وفق وأذن له في الشفاء العاجل ، وفي هذا المعنى روايات كثيرة ، نذكر بعض أهمية ما يدعى به في الرقية والعوذة والحرز بالخصوص مختصرا ، ثم نذكر بعض الأدعية التي فيها اسم رقية ، ولمعرفة المزيد يراجع الكتب المختصة ، أو ما في بحار الأنوار من أجزاء في الأدعية والعوذ والأحراز والرقية ، أو ما عن السيد بن طاووس رحمه في كل كتبه ، فنذكر هنا أولا :
عن الحميري رحمه الله : بسنده ، قال رسول الله صلى الله عليه و آله :
وقيل له : يَا رَسُولَ اللَّهِ رُقًى يُسْتَشْفَى بِهَا ، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ ؟
فقال صلى الله عليه وآله وسلم : إِنَّهَا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ
قرب الإسناد ص95ح 320 .
ما يجوز من العوذ و الرقى و النشر :
عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال :
لَا بَأْسَ بِالرُّقَى : من العين و الحمى و الضرس ، و كل ذات هامة لها حمة ، إذا علم الرجل ما يقول ، لا يدخل في رقيته و عوذته شيئا ل يعرفه .
وعن عبد الله بن سنان : عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته : عَنْ رُقْيَةِ الْعَقْرَبِ وَ الْحَيَّةِ وَ النُّشْرَةِ ، وَ رُقْيَةِ الْمَجْنُونِ وَ الْمَسْحُورِ الَّذِي يُعَذِّبُ ؟
قَالَ : يَا ابْنَ سِنَانٍ لَا بَأْسَ بِالرُّقْيَةِ وَ الْعُوذَةِ وَ النُّشْرَةِ ، إِذَا كَانَتْ مِنَ الْقُرْآنِ ، و من لم يشفه القرآن فلا شفاه الله ، و هل شيء أبلغ في هذه الأشياء من القرآن ، أ ليس الله جل جلاله يقول :
{ وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } .
أ ليس يقول تعالى ذكره و جل ثناؤه :
{ لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.
سَلُونَا نُعَلِّمْكُمْ : وَ نُوقِفْكُمْ عَلَى قَوَارِعِ الْقُرْآنِ لِكُلِّ دَاءٍ .
و عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفر الباقر عليه السلام :
عَنِ الْمَرِيضِ : هَلْ يُعَلَّقُ عَلَيْهِ تَعْوِيذٌ وَ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ ؟
فَقَالَ عليه السلام : نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهِ ، إِنَّ قَوَارِعَ الْقُرْآنِ تَنْفَعُ فَاسْتَعْمِلُوهَا .
طب الأئمة عليهم السلام ص48 . وقوارع القرآن ما يقرع السمع منها كثير وجاءت فيها أحاديث خاصة في المهمات كآية الكرسي والحمد وقل هو الله أحد وقل ي أيها الكافرون والمعوذتين وغيرهن .
بعض الرقى شرك :
عن أحمد بن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر محمدا الباقر عليه السلام : أ نتعوذ بشيء من هذه الرقى ؟
قال : إلا من القرآن.
فإن عليا كان يقول : إِنَّ كَثِيراً مِنَ الرُّقَى وَ التَّمَائِمِ مِنَ الْإِشْرَاكِ .
وعن نصر بن يزيد عن القاسم قال:
قال أبو عبد الله الصادق ععليه السلام : إِنَّ كَثِيراً مِنَ التَّمَائِمِ شِرْكٌ.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : الْغِنَاءُ رُقْيَةُ الزِّنَا.
جامع الأخبار للشعيري ص154 .
يا طيب : عقد الحر العاملي رحمه الله في وسائل الشيعة ، باب في جواز العوذة و الرقية و النشرة إذا كانت من القرآن أو الذكر ، أو مروية عنهم عليهم السلام ، دون غيرها من الأشياء المجهولة ، و جواز تعليق التعويذ من القرآن و الذكر و الدعاء ، وذكر عدة أحاديث في هذا المعنى ومنها ما عرفت ، وهكذا تجده في كل كتب الفقه ، كمسألة فقيه ، بل عقائدية أيض .
ويا طيب : بعد أن عرفنا أن الرقية والعوذة هي دعاء وتوسل بالله تعالى وجائزة ، بل مستحب طلب الشفاء بها من الأمراض بكل أنواعها ، وبالخصوص الحمى والعين ، سواء بمفردها أو مع التداوي ، فإنها ذكر لله ودعاء مرغوب به في الدين ، وهي إما أن تكون سبب كامل للعلاج أو مساعدة ومسرعة للشفاء مع التداوي ، نذكر الآن بعض الأدعية والذكر وما يرقى به ، وللمزيد مراجعة كتاب طب الأئمة وغيرها المختصة بهذا الباب .
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : هذه عوذة نزل بها جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و النبي عليه السلام يصدع ،
فقال : يا محمد عوذ صداعك بهذه العوذة يخفف الله عنك .
و قال : يا محمد من عوذ بهذه العوذة سبع مرات ، على أي وجع يصيبه ، شفاه الله بإذنه ، تمسح يدك على الموضع الذي تشتكي ، و تقول :
بِسْمِ اللَّهِ رَبِّنَا : الَّذِي فِي السَّمَاءِ تَقَدَّسَ ذِكْرُهُ ، رَبِّنَا الَّذِي فِي السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ، أَمْرُهُ نَافِذٌ مَاضٍ ، كَمَ أَنَّ أَمْرَهُ فِي السَّمَاءِ ، اجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الْأَرْضِ ، وَ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَ خَطَايَانَا ، يَا رَبَّ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ، أَنْزِلْ شِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ ، وَ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ عَلَى ، فلان ابن فلانة و تسمي اسمه.
وهذا أيضا رقية للصداع :
يَا مُصَغِّرَ الْكُبَرَاءِ : وَ يَا مُكَبِّرَ الصُّغَرَاءِ ، وَ يَا مُذْهِبَ الرِّجْسِ عَنْ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ مُطَهِّرَهُمْ تَطْهِيراً ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ امْسَحْ مَا بِي مِنْ صُدَاعٍ وَ شَقِيقَةٍ .
طب الأئمة عليهم السلام ص20 .
وعن أبي سعيد الخدري: أن جبرئيل أتى النبي صلى الله عليه و آله .
فقال : يا محمد اشتكيت ؟ قال : نعم . قال :
بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ : مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنٍ حَاسِدٍ ، وَ اللَّهُ يَشْفِيكَ ، بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ .
الأمالي للطوسي ص638م32ح1316- 2 .
وعن بكر بن محمد الأزدي قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :
حم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فأتاه جبرئيل عليه السلام ، فعوذه فقال :
بِسْمِ اللَّهِ : أَرْقِيكَ ، يَا مُحَمَّدُ ، وَ بِسْمِ اللَّهِ أَشْفِيكَ ، وَ بِسْمِ اللَّهِ مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُعْيِيكَ ، بِسْمِ اللَّهِ وَ اللَّهُ شَافِيكَ ، بِسْمِ اللَّهِ خُذْهَا فَلْتَهْنِيكَ ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ، لَتَبْرَأَنَّ بِإِذْنِ اللَّهِ .
قال بكر : و سألته عن رقية الحمى ، فحدثني بهذا.
الكافي ج8ص109ح88 .
يا طيب : ذكرنا في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام معارف مما كان يعوذ به النبي الأكرم سبطيه ، ومنها هذه العوذة للأسنان ، وهي عجيبة وفيه معجزة ، بأن هناك دويبة وجرثومة ، تأكل العظم والأسنان وتترك اللحم في فم الإنسان ، وقبل اكتشاف المجهر ، إلا بتعليم علام الغيوب سبحانه .
عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
رقية جبرئيل عليه السلام : للحسين بن علي عليه السلام :
الْعَجَبُ كُلُّ الْعُجْبِ
لِدَابَّةٍ تَكُونُ فِي الْفَمِ
تَأْكُلُ الْعَظْمَ وَ تَتْرُكُ اللَّحْمَ
أَنَا أُرْقِي
وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الشَّافِي الْكَافِي
لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
{ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ
(72) فَقُلْنَ اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا (73)
} البقرة .
تضع إصبعك : على الضرس ثمَّ تُرْقِيهِ من جانبه ، سبع مرات بهذا إن شاء الله تعالى .
بحار الأنوار ج92ص95ب81 ، مكارم الأخلاق ص406 .بحار الأنوار ج92ص 93ب81ح4 . طب الأئمة ص25 .
و عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام أنه قال :
إذا أردت أن ترقي الجرح : يعني من الألم و الدم ، و ما تخاف منه عليه ، فضع يدك على الجروح و قل :
بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ : بِسْمِ اللَّهِ الْأَكْبَرِ ، مِنَ الْحَدِّ وَ الْحَدِيدِ ، وَ الْحَجَرِ الْمَلْبُودِ ، وَ النَّابِ الْأَسْمَرِ ، وَ الْعِرْقِ فَلَا يَنْعَرُ ، وَ الْعَيْنِ فَلَا تَسْهَرُ .
تردده ثلاث مرات.
دعائم الإسلام ج2ص142ف3ح496 .
وعن الإمام محمد الباقر عليه السلام : قال لي : يا جابر .
قلت : لبيك يا ابن رسول الله . قال :
اقرأ على كل ورم : آخر سورة الحشر :
{ لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُه لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } .
و أتل عليها ثلاثا : فإنه يسكن بإذن الله تعالى .
تأخذ سكينا : و تمرها على الورم و تقول :
بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنَ الْحَدِّ وَ الْحَدِيدِ ، وَ مِنْ أَثَرِ الْعُودِ ، وَ مِنَ الْحَجَرِ الْمَلْبُودِ ، وَ مِنْ عِرْقِ الْعَاقِرِ ، وَ مِنْ وَرَمِ الْآجَرِ ، وَ مِنَ الطَّعَامِ وَ عَقْدِهِ ، وَ مِنَ الشَّرَابِ وَ بَرْدِهِ ، امْضِ بِإِذْنِ اللَّهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فِي الْإِنْسِ وَ الْأَنْعَامِ ، بِسْمِ اللَّهِ فَتَحْتُ ، وَ بِسْمِ اللَّهِ خَتَمْتُ .
ثم : أوتد السكين في الأرض.
طب الأئمة عليهم السلام ص34 .
عن يونس بن يعقوب قال : حضرت أبا عبد الله عليه السلام ، و هو يعلم رجلا من أوليائه رقية الحمى ، فكتبتها من الرجل ، قال :يَقْرَأُ : فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ، وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ .
ثم يكتب : على جنبي المحموم ، بالسبابة :
اللَّهُمَّ ارْحَمْ جِلْدَهُ الرَّقِيقَ وَ عَظْمَهُ الدَّقِيقَ مِنْ سَوْرَةِ الْحَرِيقِ يَا أُمَّ مِلْدَمٍ إِنْ كُنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا تَأْكُلِي اللَّحْمَ وَ لَا تَشْرَبِي الدَّمَ وَ لَا تَنْهَكِي الْجِسْمَ وَ لَا تَصْدَعِي الرَّأْسَ وَ انْتَقِلِي عن فلان بن فلانة إِلَى مَنْ يَجْعَلُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ عُلُوّاً كَبِيراً .
طب الأئمة ص 54 .
عن سعد بن سعد : عن موسى بن جعفر عليه السلام : أنه قال لبعض أصحابه و هو يشكو اللواء : خذ ماء و ارقه بهذه الرقية ، و لا تصب عليه دهنا ، و قل :
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ، ثلاثا .
أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ .
ثم اشربه : و امرر يدك على بطنك ، فإنك تعافى بإذن الله تعالى .
طب الأئمة عليهم السلام ص69 .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ هَوِّنْ بِالْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى أَنْفُسِنَا كَرْبَ السِّيَاقِ ، وَ جَهْدَ الْأَنِينِ ، وَ تَرَادُفَ الْحَشَارِجِ إِذَا بَلَغَتِ النُّفُوسُ التَّراقِيَ ، وَ قِيلَ مَنْ راقٍ ، وَ تَجَلَّى مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِهَا مِنْ حُجُبِ الْغُيُوبِ ، وَ رَمَاهَا عَنْ قَوْسِ الْمَنَايَا بِأَسْهُمِ وَحْشَةِ الْفِرَاقِ ، وَ دَافَ لَهَا مِنْ ذُعَافِ الْمَوْتِ كَأْساً مَسْمُومَةَ الْمَذَاقِ ، وَ دَنَا مِنَّ إِلَى الْآخِرَةِ رَحِيلٌ وَ انْطِلَاقٌ ، وَ صَارَتِ الْأَعْمَالُ قَلَائِدَ فِي الْأَعْنَاقِ ، وَ كَانَتِ الْقُبُورُ هِيَ الْمَأْوَى إِلَى مِيقَاتِ يَوْمِ التَّلَاقِ
(14)
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ بَارِكْ لَنَ فِي حُلُولِ دَارِ الْبِلَ ى، وَ طُولِ الْمُقَامَةِ بَيْنَ أَطْبَاقِ الثَّرَى ، وَ اجْعَلِ الْقُبُورَ بَعْدَ فِرَاقِ الدُّنْيَا خَيْرَ مَنَازِلِنَ ا، وَ افْسَحْ لَنَا بِرَحْمَتِكَ فِي ضِيقِ مَلَاحِدِنَا ، وَ لَا تَفْضَحْنَا فِي حَاضِرِي الْقِيَامَةِ بِمُوبِقَاتِ آثَامِنَا (15) .
الصحيفة السجادية ص180دعاء42 دعاء ختم القرآن .
ويا طيب : الرقية الحقيقة هي التي ترقينا لمعرفة الهدى الحق وأهله والتعبد به لله ، ولا يكون إلا بمعرفة حق محمد وآله صلى الله عليهم وسلم ، فإنه في الدعاء أعلاه أولا نصلي على النبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم نطلب منه أن ينجينا حين الموت عندما تبلغ الروح التراقي والحلقوم لتخرج من البدن ، والرقية المنجية لمن يطلبها لا تكون إلا لمن عرف الحق وأهله وأبتعد عن الضلال وأهله ، وأسأل الله : أن يرقينا بكل علم وعمل وطاعة وعبودية ، ويجعلنا مع النبي وآله ، في أعلى نعيم الدنيا والأخرة وسعادتهما .
وعوذة وحرز وكتلاوة آي القرآن ترفع رقية
رقية : رقي يرقى رقيا ورقيا ورقية ، ورقى رقيه أي صعد صعود مهما وقويا عاليا ، وأرتفع ارتفاعا شديدا مسرعا واصلا لأعلى ما يقصد من الفضل والخير والنعيم ، رقي الشيء أو عليه أو فيه أو إليه صعده علاه وأرتفع ، وترفع رُقية رَقية أي ترفع رفعه شديدة وقوية لأعلى مراتب الجنان .
يا طيب : كما أن عدد درجات الجنان على عدد آيات القرآن ، ويرتقى لأعلاها المؤمن بحق بتلاوته كله ويقال له يوم القيامة أقرأ وأرقى ، أي بتلاوة كل آية يرقى درجة حتى أعلى الجنان ، وإن كان محب للظالمين يقرأ وينزل دركة في النيران ، وبالخصوص محب الظالمين لآل محمد صلى الله عليهم وسلم .
فإن رقية بنت الحسين عليه السلام : لمن يعرف ما جرى عليه وعلى آلها آل محمد صلى الله عليهم وسلم من أهوال المصائب وشدائد المحن من قبل أعداء الله ورسوله ودينه ، وصبرهم من أجل اعلاء كلمة الله ، وتحملهم للأذى والقتل والتشريد والأسر في سبيل الله تعالى ، ومن أجل تعريف الهدى الحق وأهله وإصلاح ما فسد من أمور الدين ، ويتدبر ويتمعن في حقيقة ما صار عليه أمور المسلمين في صدر الإسلام من أتباع الظلمة وترك آل محمد عليهم السلام ، يحزن المؤمن وكل طيب منصف لها ولم حل بآلها آل دين الله .
وبهذا صارت رُقية رَقية : وسبب وعلة وسبيل ومناهج وصراط مستقيم لبلوغ معالي معارف الدين الإسلامي بحق ، والتحقق به وتطبيقه مخلصين به الدين لله تعالى بصدق ، وبه صار المؤمن من المؤمنين حقا ، وطبعا لابد أن يكون تخلى و رفض وترك وهجر الظلمة من أعدائهم وكل ضلال عند مخالفيهم .
فتكون معرفة المؤمن برقية وآلها : وحزنه عليهم وتألمه لم حل بهم ، سببا للترقي في طلب الهدى الحق منهم والعمل به مخلصا لله الدين بكل يقين ، فيرقي بفضل معرفتهم بسرعة للتحقق بهدى الله عند المنعم عليهم من أهل البيت النبوي المحمدي لآل لرقية بنت الحسين صلى الله عليهم وسلم ، ويعتقد جزما بأن الضلال عند مخالفهم وغضب الله على أعدائهم ومن نصر فكر ضلالهم وظلمهم وجورهم على أهل البيت عليهم السلام .
فبهذه المعرفة : لرقية وآلها يرتفع المؤمن ويترقى ويرقى بسرعة وبمسارعة مرتقيا مرتفعا لأعلى مراتب الجنان ، فيصعد صعودا دفعيا قويا شديدا لأعلاه ، وذلك لشدة ما حصل عليه من المعرفة والتأثر بطلب الحق وتطبيقه والتحقق به يقين جزما واقعا ، وبكل جد واجتهاد وإخلاص في سبيل الله تعالى .
ويا طيب : فإن معرفة آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، تتم بأشد تأثر بمعرفة الحسين عليه السلام وآله ، ومعرفة أحدهم توجب معرفتهم كلهم ، كما إنكار أحدهم يوجب إنكارهم جميعا ، ومعرفة ما جرى على الحسين وآله هي أعلى سبيل وأرقى مرتقى لمعرفة الهدى الحق وأهله والتحقق به ، رفض الباطل والضلال وأهله والابتعاد عنه ، وإن آل محمد هم والقرآن الثقلين النفيسين المهمين الذين خلفهم الله تعالى ورسوله فينا ، فمن عرفهم وتعلم منهم أرتقى بتلاوة القرآن ورقى لأعلى مراتبه ، ومن أنكرهم أو حب من عاداهم فإن القرآن يلعنه ، فكم تالي للقرآن والقرآن يلعنه ، فمن يحب الظلم والظالمين وبالخصوص ظالمي آل محمد ، فالقرآن يلعنه وينزل بتلاوته لكل آية دركة في نار الجحيم ، ومن حزن لآل محمد صلى الله عليهم وسلم وحبهم وحب هداهم وتعاليمهم ومنهاجهم ، أرتقى بحق لأعلى مراتب الجنان حسب حبه لهم وحزنه عليهم وشدة تطبيق تعاليمهم وعبودية لله تعالى بها مخلصا له الدين ، وبحسب ما عرف من الحق وآهله ، كما أن شيعة آل محمد عليهم السلام ، من لم يحفظ القرآن الكريم في الدنيا ، يتعلمه في البرزخ ما ستأتي الأحاديث التي تعرف هذا ، فتدبر .
رقية : من رقي ارتقى ، ارتقى إلى ارتقى على ارتقى في يرتقي ارْتَقِ ارتقاءً فهو مُرتَقٍ والمفعول مُرتقًى ، ارتقى الرَّجلُ السُّلَّمَ ، ارتقى لرَّجلُ إلى السُّلَّم ، ارتقى الرَّجلُ على السُّلَّم ، ارتقَى الرَّجلُ في السُّلَّمِ ارتفع وصَعِد وعلا ، ومنه :
واِرْتَقَى : يَرْتَقِي اِرْتَقِ مصدر اِرْتِقاءٌ .
ارتقَى القمةَ : أي أرتقى على القمة ، و اِرْتَقَى : قِمَّةَ الجَبَل ِصَعِدَ إِلَيْهَا .
وارتقَى الأميرُ : على العرش أي تولى المُلْكَ وارتفع وصَعِد لمحل الحكم والأمر والنهي ، ارتقى مُرتقًى صعبًا أجهد نفسه وأتعبها أو نال أعلى ما يمكن أن يرتقى بهمة وعزم ووصل لمبتغاه .
يَرْتَقِي : السُّلَّمَ عَلَى مَهْلٍ يَصْعَدُ دَرَجَةً دَرَجَةً .
و يَرْتَقِي : مِنْ دَرَجَةٍ إلى دَرَجَةٍ فِي السُّلَّمِ الإِدَارِيِّ .
يَتَرَقَّى الإِنْسَانُ : بِمُمَارَسَةِ حُقُوقِهِ الطَّبِيعِيَّةِ.
و رْتِقَاءٌ : مَبْدَأُ النُّشُوءِ والاِرْتِقَاءِ مَبْدَأُ التَّطَوُّرِ .
تَرَقِّي الْمُوَظَّفِ : فِي وَظِيفَتِهِ : حُصُولُهُ عَلَى تَرْقِيَةٍ .
التَّرَقِّي فِي العِلْمِ : الِارْتِقَاءُ ، الوُصُولُ إِلَى دَرَجَةٍ عَالِيَةٍ .
و رْتِقَاءٌ : تنقُّل في الأحوال والمقامات والمعارف .
و المِرْقاةُ : موضع الرُّقِيِّ ، أَو ما يُرقى به أو فيه والجمع : مَرَاقٍ .
و المِرْقاةُ : وسيلةُ الرُّقِيِّ أو آلته .
صعدت مِرقاةً أو مِرْقاتين : أي درجة أو درجتين .
مَرْقىً : الدُّرْجُ ، أَيْ مَا يُصْعَدُ فِيهِ إِلَى أَعْلَى ، السُّلَّمُ ، المِرْقَاةُ .
يا طيب : رقية واحده بأعلى مراتبها ، وسببها وأعلى علوها ، والمرتقى لأعلى مراتب الجنة ، والترقي لأكمل الكمال وأعلى مراتب الجنة والصعود والارتفاع لأعلى مقام فيها ، لا يتم إلا بالكون بالمعرفة بالنبي محمد وآله صلى الله عليهم وسلم ، وأن أهل البيت أحق وأولى بالهدى الحق والدين الصادق وتطبيقه والتحقق به ، وأنه لا يتم معرفة عظمة الله وتعاليمه إلا من سبيلهم ، فمن عرف هذ فهو في أعلى مرتقى من الدين وفي أرقى درجاته ، وهو رضا الله تعالى وما أعد لأوليائه من النعيم في أعلى عليين وأعلى مراقيها ورقيها ونعيمها ، وإن الإنسان يتنزل لدركات الجحيم بشدة مخالفته لهم وحبه لأعدائهم ، وهذا أمر يؤيده كل من عرف الدين الإسلامي وأهله وأعداء أهل الحق فيه .
ويا طيب : معرفة رقية بنت الحسين عليه السلام بحق المعرفة يكون بمعرفة أهلها وآلها كلهم عليهم السلام ، وما هي إلا واحده ممن جرى عليهم ظلم الظالمين والطغاة العتاة من أعداء الدين وأهله ، ومعرفتها معرفة بكلهم ـ والحزن عليها الحزن عليهم كلهم ، فمن حزن لها حزن عليهم كلهم ، وبهذا ينكسر قلبه ويخبت لبه ، ويتيقن أن الهدى الحق عندهم ويجب تعلمه منهم وتطبيقه مخلصا لله الدين في كل الظروف وفي أصعب الأحوال ، وفي اليسر والعسر والصحة والمرض وبكل وقت وحين ، كما كانوا عليه أهل البيت وصبرهم في سبيل الله تعالى ، وبهذا يترقى في رضا الله رقي ما بعده رقي حتى ليكون مع أئمة الدين الحق وأولياءه وهم حجة الله وأولياءه .
ولهذا قلنا رقية : سبب قوي وراقي ومرقي وفيه ترقية ورقي شديد ، يدفع بسرعة لأعلى مراتب اليقين بحقهم ، وظلم من عاداهم ، وحب آل محمد وكره من ظلمهم وأعتدى عليهم .
فإن رقية : كانت بعمر يوجب اللطف بها ورحمتها من أقسى القساة ، ولكن أعدائهم كانت قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة ، يريها الطاغية يزيد رأس أبيه الحسين عليه السلام ، مقطوعا في طشت ، فتقع عليه ميتة شهيد ، ومن حزن لها وعرف سبب شهادتها وشهادة أبيها ، ليكون معهم في كل شيء وسبيل دينا وآخرة ، فتكون له سبب وسبيل ومنهاج لطلب التحقق بهدى الله منه وتطبيقه والكون معهم في جميع الأحوال في الدنيا والآخرة ، وهذا هو الرقي الحق الدائم في نعيم الله ورضوانه ، والارتقاء لأعلى مراتب الجنان.
ويا طيب : إذ عرفنا هذا فلنتدبر بعض الأحاديث الآتية في الرقي والترقي في الدين الحق :
ذكر علي بن إبراهيم : بسنده : جاء رجل إلى علي بن الحسين عليه السلام : فسأله عن مسائل ، ثم عاد ليسأل عن مثلها .
فقال علي بن الحسين عليه السلام : مكتوب في الإنجيل لا تطلبو علم ما لا تعلمون و لما عملتم بما علمتم ، فإن العالم إذا لم يعمل به لم يزده من الله إلا بعدا .
ثُمَّ قَالَ : عَلَيْكَ بِالْقُرْآنِ ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ بِيَدِهِ ، لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ وَ لَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ ، وَ جَعَلَ مِلَاطَهَا الْمِسْكَ ، وَ تُرَابَهَا الزَّعْفَرَانَ ، وَ حَصَاهَ اللُّؤْلُؤَ .
وَ جَعَلَ دَرَجَاتِهَا : عَلَى قَدْرِ آيَاتِ الْقُرْآنِ ، فَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ .
قَالَ لَهُ : اقْرَأْ وَ ارْقَ .
وَ مَنْ دَخَلَ : مِنْهُمُ الْجَنَّةَ ، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي الْجَنَّةِ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْهُ مَا خَلَا النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ ....
تفسير القمي ج2ص259 .
وفي تفسير الإمام : حديث طويل في فضل من حفظ القرآن وثواب أبويه الكثير الجليل حتى ذكر : .....
ثم يقال له : اقْرَأْ وَ ارْقَ، ، وَ مَنْزِلُكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا .
فإذا نظر والداه : إلى حليتيهم و تاجيهما ، قالا : ربنا أنى لنا هذا الشرف و لم تبلغه أعمالنا .
فيقول لهما : كرام ملائكة الله عن الله عز و جل ، هذا لكم لتعليمكما ولدكما القرآن.
التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام ص61 .
وذكر الكليني بسنده : عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال :
يجيء القرآن : يوم القيامة في أحسن منظور إليه صورة ، فيمر بالمسلمين فيقولون : هذا الرجل من ، فيجاوزهم إلى النبيين فيقولون
: هو منا ، فيجاوزهم إلى الملائكة المقربين فيقولون : هو منا .
حتى ينتهي : إلى رب العزة عز و جل ، فيقول : يا رب فلان بن فلان أظمأت هواجره و أسهرت ليله في دار الدنيا ، و فلان بن فلان لم أظمئ هواجره و لم أسهر ليله ، فيقول تبارك و تعالى : أدخلهم الجنة على منازلهم .
فيقوم : فيتبعونه .
فيقول للمؤمن : اقْرَأْ وَ ارْقَهْ .
قَالَ ، فَيَقْرَأُ وَ يَرْقَى.
حَتَّى يَبْلُغَ : كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَنْزِلَتَهُ الَّتِي هِيَ لَهُ فَيَنْزِلُهَا .
الكافي ج2ص601 ح11 .
و عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
تعلموا القرآن : فإنه يأتي يوم القيامة صاحبه في صورة شاب جميل ، شاحب اللون .
فيقول له القرآن : أنا الذي كنت أسهرت ليلك و أظمأت هواجرك ، و أجففت ريقك ، و أسلت دمعتك ، أئول معك حيثما ألت ، و كل تاجر من وراء تجارته ، و أنا اليوم لك من وراء تجارة كل تاجر ، و سيأتيك كرامة من الله عز و جل فأبشر .
فيؤتى بتاج : فيوضع على رأسه ، و يعطى الأمان بيمينه ، و الخلد في الجنان بيساره ، و يكسى حلتين .
ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَ ارْقَهْ .
فَكُلَّمَا قَرَأَ آيَةً صَعِدَ دَرَجَةً ، و يكسى أبواه حلتين إن كانا مؤمنين .
ثم يقال لهما : هذا لما علمتماه القرآن .
الكافي ج2ص603 ح3 .
و في الدعاء عند الفراغ من قراءة القرآن تقول :
اللَّهُمَّ : إِنِّي قَدْ قَرَأْتُ مَا قَضَيْتَهُ مِنْ كِتَابِكَ ، الَّذِي أَنْزَلْتَ عَلَى نَبِيِّكَ الصَّادِقِ ، فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يُحِلُّ حَلَالَهُ ، وَ يُحَرِّمُ حَرَامَهُ ، وَ يُؤْمِنُ بِمُحْكَمِهِ وَ مُتَشَابِهِهِ ، وَ اجْعَلْهُ لِي أُنْساً فِي قَبْرِي ، وَ أُنْساً فِي حَشْرِي .
وَ اجْعَلْنِي : مِمَّنْ تُرْقِيهِ .
بِكُلِّ آيَةٍ قَرَأَهَا .
دَرَجَةً فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ .
آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
و إذا سمعت شيئا من عزائم القرآن : يجب عليك السجود ، و تسجد بغير تكبير و تقول : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ : حَقّاً حَقّاً ، لَا إِلَهَ إِلَّ اللَّهُ إِيمَاناً وَ تَصْدِيقاً ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عُبُودِيَّةً وَ رِقّاً ، لَا مُسْتَنْكِفاً وَ لَا مُسْتَكْبِراً ، بَلْ أَنَا عَبْدٌ ذَلِيلٌ ضَعِيفٌ خَائِفٌ مُسْتَجِيرٌ . ثم ترفع : رأسك و تكبر.
مكارم الأخلاق 343 .
يا طيب : بعد أن عرفنا أن عدد آيات القرآن بعددها درجات الجنة ، وهي لمن يحفظها ، نعرف أن من تبع آل محمد عليهم السلام وتعلم منهم وعمل فهو معهم في الجنة ، وفي أعلى درجاتها ، لأنه الله يكرمه في البرزخ بتعلم القرآن ، كما في الأحاديث الآتية ، لأنه تعلم منهم وعمل ، وإن رقية عليها السلام من أسباب التوجه بإخلاص لتعاليم الله ومحلها والعمل بها :
قال الكليني بسنده : عن حفص قال : سمعت موسى بن جعفر عليه السلام ، يقول لرجل : أ تحب البقاء في الدنيا ؟
فقال : نعم . فقال : و لم ؟
قال : لقراءة قل هو الله أحد ، فسكت عنه ، فقال له : بعد ساعة ، يا حفص :
مَنْ مَاتَ : مِنْ أَوْلِيَائِنَا وَ شِيعَتِنَا ، وَ لَمْ يُحْسِنِ الْقُرْآنَ .
عُلِّمَ فِي قَبْرِهِ : لِيَرْفَعَ اللَّهُ بِهِ مِنْ دَرَجَتِهِ .
فَإِنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ : عَلَى قَدْرِ آيَاتِ الْقُرْآنِ .
يُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَ ارْقَ ، فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَرْقَى .
قال حفص : فما رأيت أحدا ، أشد خوفا على نفسه من موسى بن جعفر عليه السلام ، و لا أرجى الناس منه ، و كانت قراءته حزنا ، فإذا قرأ فكأنه يخاطب إنسانا .
الكافي ج2ص606ح10 .
وقال الصدوق : بسنده قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد بن الحنفية رضي الله عنه :
يا بني : لا تقل ما لا تعلم ، بل لا تقل كل ما تعلم ، فإن الله تبارك و تعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة ، و يسألك عنها و ذكرها و وعظها و حذرها و أدبها و لم يتركها سدى ....
فاتق الله يا بني : و استعملها بطاعته و رضوانه ، و إياك أن يراك الله تعالى عند معصيته ، أو يفقدك عند طاعته ، فتكون من الخاسرين .
و عليك بقراءة القرآن : و العمل بما فيه .
و لزوم : فرائضه و شرائعه ، و حلاله و حرامه ، و أمره و نهيه ، و التهجد به و تلاوته في ليلك و نهارك ، فإنه عهد من الله تبارك و تعالى إلى خلقه .
فهو واجب : على كل مسلم أن ينظر كل يوم في عهده و لو خمسين آية .
وَ اعْلَمْ : أَنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَى عَدَدِ آيَاتِ الْقُرْآنِ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ .
يُقَالُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَ ارْقَ .
فَلَا يَكُونُ : فِي الْجَنَّةِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ ، أَرْفَعُ دَرَجَةً مِنْهُ .
من لا يحضره الفقيه ج2ص626ح3215 .
ويا طيب : الوصية طويلة أخذ منها موضع الحاجة ، وهي فيها لأهم تعاليم الإسلام وضرورة العلم والعمل بما في كتاب الله القرآن المجيد .
و عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال :
عليكم : بمكارم الأخلاق ، فإن الله عز و جل يحبها .
و إياكم : و مذام الأفعال ، فإن الله عز و جل يبغضها .
وَ عَلَيْكُمْ : بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ ، فَإِنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَى عَدَدِ آيَاتِ الْقُرْآنِ.
فَإِذَا كَانَ : يَوْمُ الْقِيَامَةِ .
يُقَالُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَ ارْقَ ، فَكُلَّمَ قَرَأَ آيَةً رَقِيَ دَرَجَةً .
و عليكم : بحسن الخلق ، فإنه يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم .
و عليكم : بحسن الجوار ، فإن الله أمر بذلك .
و عليكم : بالسواك ، فإنها مطهرة و سنة حسنة .
و عليكم : بفرائض الله فأدوها .
و عليكم : بمحارم الله فاجتنبوها.
الأمالي للصدوق ص359م57ح10 .
الأبوذية مطولة :
رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :
للنبي و للوصي وللحسين بنت باسم رقية
لكن بنت سيد الشهداء من الضلال رقية
وعوذة وحرز وكتلاوة آي القرآن ترفع رقية
لأعلى الجنان للعارف الحزين على خير البرية
