هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين  في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحف الظهور والتجلي  /  صحيفة  سادة الوجود / الجزء الأول
 معنى السيادة وملاكها وتأريخها وظهورها بنور واهب السيادة
في مراتب التدوين
في سيد الكتب وآياته وعلومه والتكوين سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين سادة المتقين
الباب الأول

سفينة نـجــاة
السيد في العرف الاجتماعي وتأريخه
وحقائق تجلي نور الله سيد في سادة الكون
 

المجلس الأول
تطبيقات لمعنى السيد في المعنى اللغوي والعرف الاجتماعي

تذكرة للطيبين بالمعنى اللغوي للسيد :

يا طيب : بعد أن عرفنا معنى السيد وسعته في اللغة ، وأقسام وأنواع السيد وأسس كلمة السيد في العرف الاجتماعي والديني ، وملاكه الحق العالي الكريم الذي يراد به سادة الوجود ، نجعل هذا المجلس الأول شرحا لما مر ويذكرنا بمصاديقه ، ويعرفنا أنواع السيد في اللغة والاجتماع وما يراد به بصورة عامة ، ولا نتعرض لسيد الباطل كما قدمنا في المصباح ، بل نحاول أن نذكر السيد الباذل للمعروف ولو حسب قومه ولشأنه ، فنذكر أنواع السيد في التأريخ والاجتماع بتفصيل أكثر ، سواء للأقوام والأديان السابقة أو في زمن نبينا الأكرم أو ما يقاربه عند العرب وغيرهم .

ولتكن أذكار هذا المجلس : إشراقات تعرفنا مصاديق معنى السيد وأفراد حقيقيون اتصفوا بكلمة السيد في أدوار التأريخ الديني والاجتماعي القديم وما يقارب زمن نبينا الأكرم وفيه وبعده  ، فنتعرف على السادة في عموم التأريخ ، ونعرج على سادة الوجود بملاكهم العالي الذي عرفته ، وهم غرض عقد هذه البحوث في كل هذا الجزء والجزء الخامس من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام بل الأجزاء السابقة والآتية .

ونقدم كتذكرة ألفاظ الكرامة والمجد في اللغة : والتي كان روح معنا لفظ السيد وملاكه فيها وبحسبها، سواء قبل الإسلام وبعده كما وعرفنا معانيها مفصلا في مصباح الهدى في أول البحث ، فتدبر ما قد عرفنا فأنه يراد بالسيد :

الرب ، والمالك ، والشريف، والفاضل، والكريم ،والحليم ، والرئيس ، والمقدم ، والواجب الطاعة في قومه ، وعظيمهم الذي يهاب لمكارمه ، ومن له السؤدد والفضائل في نفسه وفعاله ، وأمير القوم وملكهم ، وسلطان الناس والحاكم لهم .

 وإن سيد كل شيء : وسيد السادة : هو الرفيع السامي في خصاله الذاتية والصفاتية والفعلية على كل بني نوعه أو وغيرهم ، ومن يأتي منه الخير التام وله الكمال العالي ، والواجب التحبب له والتعطف له ليُنال بره ، فالسيد الحق بالمعنى العالي : هو الإمام للقوم وولي أمرهم سواء حسب العرف الاجتماعي أو الديني ، ويأتيه العاقب ومن يعقبه حسب علمه أو ونسبه بالإضافة لعلمه ومحله لديهم .

ولذا السيد : صار معناه واسعا ، و يكون روح لكل معنى فيه معنى الرفعة والعظمة والمجد والكرامة والخير والفضائل في قومه أو عند بني نوعه كما عرفته في :

اليعسوب ، والصنتيت ، والصنديد ، والملاث ، والشريف ، والسمح ، والحليم ، والجحجاح ، والصندد ، والصمد والعميد ، والخنذيذ ، والزفر ، والعبقري ، والعصفور ، والكابر ، والمكثور ، والكوثر ، والقدموس ، والقلموس ، والقومس ، البزيع ، والسميدع ، والقريع ، والمقروع ، والغطريف ، والصلقم ، والأثعل ، والحجل ، والجحفل ، والمجلجل ، واحلاحل ، والنوفل ، والجثامة ، والحمام ، والهمام ، والحمحام ، والخظم ، والدعامة ، والشهم ، والصيهم ، والصهميم ، والمضخم ، والمعمم ، والقثم ، والمنقدم ، والقرم ، والقمقام ، والقيم ، والهلقام ، والهمام ، والوحى ، وغيرها .

فأن السيد : يدخل في حقيقة و روح كل معنى يطلق على رئيس القوم وسيدهم المطاع الكريم الخير المحبوب فيهم ، ويراد بلفظ السيد المدح الجميل العظيم لمن يطلق عليه ، والثناء الكبير العالي الذي يستحقه ، وذلك لما له من الخير العميم والواسع ، والفضل العالي لمن يتصف بحقيقة معناه وأطلق عليه ، وإن السيد لا يطلق على من لا خير فيه وبركة ، ولا مجد له ولا شهامة ، ولا على بخيل وسفيه فضلا عن ظالم وجائر ولا طاغية وضال ولا فاسق ومنافق ولا كفار ومشرك إلا مجازا وللسخرية به ، أو لاتقاء شره وطلب دنيا منه وبضد المعنى لا على الحقيقة بحيث يكون ظاهره كباطنه .

وإن كلمة سيد : لها معنى واسع في بيان الخصال الحميدة فيمن له شأن اجتماعي وعلمي ومالي ولرئيس القوم والدول والعسكريين والمتنفذين حتى الأشخاص العاديين ، بل في مجمل التخاطب بين الناس والمؤتمرات والاحتفالات ، وفي كل مرة يراد بها التجليل للمخاطب وبيان الاحترام له ، وهذا ما عرفه الناس بينهم لبيان تقديرهم للآخرين وتعريف اهتمامهم بهم وحسن ظنهم بهم ، حتى كانت من أسس المجاملة والمدارات بين الناس في جميع أنواع التخاطب في العرف الاجتماعي .

وإنه أعلى معنى لكلمة سيد : ويقصد بها قمة الكمال والمجد والثناء هو حين إطلاق كلمة سيد على الله سبحانه وتعالى ، وأنه سيد السادات وواهب السيادة لمن يشاء من خلقه على الحقيقة ، وبالخصوص تجليها في سادة المرسلين وسيدهم نبينا الأكرم محمد وعلى سادة المتقين آله الكرام صلى الله عليهم وسلم ، ولذا أكد سيد المرسلين في كثير من الأحاديث إطلاقها على آله وهو لا ينطق عن الهوى ، بل بتأييد وحي يوحى ، ويريد بها أعلى هذه المعاني وأكرمها وأجملها وأوسعها ، وأعظمها التي بها يُحلى معنى السيد بكل بهاء ، ويتكون له أكرم وأفضل حقائقه ، فيكون فيه كل حقائق معاني الولاية والإمامة والرئاسة والسيادة لقومه ، وأنه له كل مراتب الكرامة والشرف والمجد والنور في كل مراتب الوجود ، وهذا ما عرفته بل و ستراه حين يقول سيد الكونين والأنبياء والمرسلين ويطلقه على أحد من آله الطيبين الطاهرين .

 وهذا ما سترى حقائقه وشواهده ودلائله في الباب الآتي وهنا .

 وبعد أن نعرف : في هذا الذكر المعنى الاجتماعي في الزمن الأول والأديان السابقة وأهميته ، وبيان علو المعنى في رؤساء الأقوام والمتنفذين بهم وعلو شئنهم في قومهم حتى ندرك أهمية كلمة سيد حين يراد بها سادة الوجود ، وبالخصوص بتعريف سيد الكائنات نبينا الأكرم لآله الطيبين الطاهرين ، جعلنا الله منهم ومعهم الآن ويوم الدين .

 

 

الذكر الأول

السيد في التأريخ الديني القديم والحديث

الإشراق الأول :

السيد في العرف الديني والاجتماعي للأديان السابقة  قبل الإسلام :

السيد الله سبحانه وتعالى : وهو الذي يهب السيادة والسؤدد والمجد والفضائل لمن يشاء من عباده ، وذلك لعلمه بصلاحه وفضله وهو يختار ما يشاء ، ولكن قبل أن نذكر معنى كلمة السيد التي يراد بها الله سبحانه وتعالى أو رسوله وآله أو في زمانه ، نذكر هنا معنى السيد في الأمم والأديان السابقة ثم عند المسلمين ، فتدبر معناه لترى بأن سيد القوم هو رئيسهم ومن له السؤدد والشرف والكرامة فيهم ، وأنه هو الحاكم والقائد لهم والولي الذي يجب أن يطاع ، وترى فيه أنه إمامهم وسيدهم الواجب السماع لأوامره وتوجيهاته عن حب ومودة وانقياد تام :

الإشعاع الأول : السيد الله سبحانه كما في التوراة والإنجيل :

يا طيب : إن كلمة سيد أو السيد أو سيدي أو سيدكم وباقي تصاريفها ، تكثر بشكل واسع جدا في التوراة والإنجيل أو ما يسمونها عندهم بالعهد القديم والعهد الجديد ، وقد تجد فيها ما يزيد على المئات ، ونحن نختار بعضها يعرفنا تداولها عندهم ، وهم قد يريدون بها الله تعالى أو نبيهم أو ملائكة أو رؤساء قومهم من الأحبار والرهبان وقد عرفت في مصباح الهدى في التعريف اللغوي وسيأتي بأن رئيس الرهبان يسمى السيد وبعده يأتي العاقب ، وأما ما جاء في العهدين :

18 فدخل الملك داود وجلس أمام الرب وقال : من أنا يا سيدي الرب وما هو بيتي حتى أوصلتني إلى ههنا . 19 وقل هذا أيضا في عينيك يا سيدي الرب فتكلمت أيضا من جهة بيت عبدك إلى زمان طويل . وهذه عادة الأنسا يا سيدي الرب . 20 وبماذا يعود داود يكلمك وأنت قد عرفت عبدك يا سيدي الرب . 21 فمن أجل كلمتك وحسب قلبك فعلت هذه العظائم كلها لتعرف عبدك . 22 لذلك قد عظمت أيها الرب الإله لأنه ليس مثلك وليس إله غيرك حسب كل ما سمعناه بآذاننا[1].

أبني لك بيتا . لذلك وجد عبدك في قلبه أن يصلي لك هذه الصلاة . 28 والآن يا سيدي الرب أنت هو الله وكلامك هو حق وقد كلمت عبدك بهذا الخير . 29 فالآن ارنضِ وبارك بيت عبدك ليكون إلى الأبد أمامك لأنك أنت يا سيدي الرب قد تكلمت فليبارك بيت عبدك ببركتك إلى الأبد [2].

 

الإشعاع الثاني : السيد لقب لأنبياء بني إسرائيل :

11 فكلم ناثان بثشبع أم سليمان قائلا أما سمعت أن أدونيا ابن حجيث قد ملك وسيدنا داود لا يعلم . 12 فالآن تعالي أشير عليك مشورة فتنجي نفسك ونفس ابنك سليمان . 13 اذهبي وادخلي إلى الملك داود وقولي له أما حلفت أنت يا سيدي الملك لأمتك قائلا إن سليمان ابنك يملك بعدي وهو يجلس على كرسيي . فلماذا ملك أدونيا . 14 وفيما أنت متكلمة هناك مع الملك أدخل أنا وراءك وأكمل كلامك . 15 فدخلت بثشبع إلى الملك إلى المخدع . وكان الملك قد شاخ جدا وكانت أبيشج الشونمية تخدم الملك . 16 فخرت بثشبع وسجدت للملك . فقال الملك مالك . 17 فقالت له أنت يا سيدي حلفت بالرب إلهك لأمتك قائلا إن سليمان ابنك يملك بعدي وهو يجلس على كرسيي . 18 والآن هو ذا أدونيا قد ملك . والآن أنت يا سيدي الملك لا تعلم ذلك . 19 وقد ذبح ثيرانا ومعلوفات وغنما بكثرة ودعا جميع بني الملك وأبياثار الكاهن ويوآب رئيس الجيش ولم يدع سليمان عبدك . 20 وأنت يا سيدي الملك أعين جميع إسرائيل نحوك لكي تخبرهم من يجلس على كرسي سيدي الملك بعده . 21 فيكون إذا اضطجع سيدي الملك مع آبائه أني أنا وابني سليمان نحسب مذنبين . 22 وبينما هي متكلمة مع الملك إذا ناثان النبي داخل . 23 فأخبرا الملك قائلين هو ذا ناثان النبي . فدخل إلى أمام الملك وسجد للملك على وجهه إلى الأرض . 24 وقال ناثان يا سيدي الملك أأنت قلت إن أدونيا يملك بعدى وهو يجلس على كرسيي . 25 لأنه نزل اليوم وذبح ثيرانا ومعلوفات وغنما بكثرة ودعا جميع بني الملك ورؤساء الجيش وأبياثار الكاهن وها هم يأكلون ويشربون ...[3].

30 كما أقسمت لك بالرب إله إسرائيل أن ابنك سليمان يملك بعدي ويخلفني على عرشي ، هكذا أفعل هذا اليوم . 31 فخرت بثشبع على وجهها إلى الأرض ساجدة للملك وقالت : ليحى سيدي الملك داود إلى الأبد ! مسح سليمان ملكا 32 وقال الملك داود : استدع لي صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع . فدخلوا إلى حضرة الملك 33 فقال الملك لهم : خذوا معكم رجال حاشية سـيدكم ، وأركبوا سليمان ابني على بغلتي الخاصة ، وانطلقوا به إلى جيحون . 34 وليمسحه هناك صادوق الكاهن وناثان النبي ملكا على إسرائيل ، وانفخوا بالبوق هاتفين :

ليحي الملك سليمان . 35 ثم اصعدوا وراءه حتى يأتي فيجلس على عرشي ، فهو الذي اخترته ليخلفني على عرش إسرائيل ويهوذا . 36 فقال بناياهو بن يهوياداع للملك : آمين !  ليكن هذا ما يعلنه الرب إله سيدي الملك ! 37

وكما كان الرب مع سيدي الملك ليكن مع سليمان ، ويجعل عرشه أعظم من عرش سيدي الملك داود . 38 ومضى صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع وضباط حرس الملك ، وأركبوا سليمان على بغلة الملك داود ، وانطلقوا به إلى جيحون . 39 فأخذ صادوق الكاهن قرن الدهن من الخيمة ومسح سليمان ، ونفخوا بالبوق وهتف جميع الشعب : ليحي الملك سليمان[4] .

وإذا عرفنا : أن الملك سليمان عليه السلام وهو نبي الله كان يسمى سيدا كما كان أبيه داود عليه السلام يسمى سيدا ، وأنه من أعلى ألقابه وأرفع عناوينه التي تدل على شرفه ومجده فيهم وأنه إمامهم ووليهم الواجب الطاعة بعد أبيه ، فهو السيد بن السيد ، وبهذا نعرف أن في بين إسرائيل يكون السيد هو أعلى مقام يتصف به رئيسهم بل نبيهم ، وإن كلمة سيد فيها أعلى ملاك وجوب الطاعة وحق التقدم والقيادة للقوم وفي كل الأمور ملك وحكومة وهدى ودين وتعليم وشأن .

 

الإشعاع الثالث : أولاد النبي وخلفاءه سادة في التوراة والإنجيل :

1 وكان لاخآب سبعون ابنا في السامرة . فكتب ياهو رسائل وأرسلها إلى السامرة إلى رؤساء يزرعيل الشيوخ وإلى مربي أخآب قائلا 2 فالآن عند وصول هذه الرسالة إليكم إذ عندكم بنـو سـيـدكـم وعندكم مركبات وخيل مدينة محصنة وسلاح 3 انظروا الأفضل والأصلح من بني سـيدكم واجعلوه على كرسي أبيه وحاربوا عن بيت سـيدكم . 4 فخافوا جدا جدا وقالوا هوذا ملكان لم يقفا أمامه فكيف نقف نحن . 5 فأرسل الذي على البيت والذي على المدينة والشيوخ والمربون إلى ياهو قائلين عبيدك نحن وكل ما قلت لنا نفعله . لا نملك أحدا . ما يحسن في عينيك فافعله . 6 فكتب إليهم رسالة ثانية قائلا إن كنتم لي وسمعتم لقولي فخذوا رؤوس الرجال بني سـيدكم وتعالوا إلي في نحو هذا الوقت غدا إلى يزرعيل [5].

وبهذا نعرف : أن السيد عند اليهود هو المقام الأول بعد نبيهم ، كرم به بني سيدهم وجعلوهم سادة ، ، ويجب أن يطاعوا ويأمروا كما أمرهم نبيهم ياهو .

 

الإشعاع الرابع :  السيد الله يهب إبراهيم إسماعيل وذريته وإسحاق:

وهذا المعنى للسيد : بأنه أعلى ما يخاطب به الشخص باحترام عندهم من نبي أو وصي نبي ، فهذا حديث شريف يعرفنا كلمة سيد وينص على الأئمة الاثنا عشر من نسل إسماعيل ابن نبي الله إبراهيم عليهم السلام وهم أجداد نبينا الأكرم محمد وعلي وأبنائهم المعصومين الطيبين الطاهرين عليهم السلام ، وهذا في أول التوراة في تأريخ نبي الله إبراهيم وأبناءه عليهم السلام :

وعد الله لسارة : 15 وقال الرب لإبراهيم : أما ساراي زوجتك فلا تدعوها ساراي بعد الآن ، بل يكون اسمها سارة ( ومعناه أميرة ) . 16 وأباركها وأعطيك ابنا منها . سأباركها وأجعلها أما لشعوب ، ومنها يتحدر ملوك أمم . 17 فانطرح إبراهيم على وجهه وضحك قائلا في نفسه : أيولد ابن لمن بلغ المئة من عمره ؟ وهل تنجب سارة وهي في التسعين من عمرها ؟

 18 وقال إبراهيم لله : ليت إسماعيل يحيا في رعايتك . 19 فأجاب الرب : إن سارة زوجتك هي التي تلد لك ابنا وتدعو اسمه إسحق ( ومعناه يضحك ) . وأقيم عهدي معه ومع ذريته من بعده عهدا أبديا .

 20 أما إســماعيــل : فقد استجبت لطلبتك من أجله .

 سأباركه حقا ، وأجعله مثمرا ، وأكثر ذريته جدا .

فيكون أبـــا لاثــنــي عــشــــر رئـيـس ،

ويصبح أمة كبيرة . 21

غير أن عهدي أبرمه مع إسحق الذي تنجبه لك سارة في مثل هذا الوقت من السنة القادمة .

22 ولما انتهى من محادثته فارق الله إبراهيم . ...

الزائرون الثلاثة : 1 ثم ظهر الرب لإبراهيم وهو جالس عند بلوطات ممرا وقت اشتداد حر النهار ، 2 فرفع عينيه وإذا به يرى ثلاثة رجال ماثلين لديه . فأسرع لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد إلى الأرض .

 3 وقال : يا سيدي : إن كنت قد حظيت برضاك فلا تعبر عن عبدك .

 4 بل دعني أقدم لكم بعض ماء تغسلون به أرجلكم وتتكئون تحت الشجرة ، 5 ثم آتي لكم بلقمة خبز تسندون بها قلوبكم ، وبعد ذلك تواصلون مسيرتكم ، لأنكم قد ملتم إلى بيت عبدكم . فأجابوه : حسنا ، ليكن كما قلت [6].

 

فإنه السيد : تراه معنى جرى عندهم إلى زمان نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، على أنه هذا نص بأن إسماعيل له اثنا عشر رئيس وسيد ولا يكونون إلا أئمة الحق ، ولا يدعي لقب سيد أحد من المسلمين ، ولا يصدق على غيرهم ، لأنه لا مطهر ومأمور بمودته في آية القربى غير نبي الرحمة وآله صلى الله عليهم وسلم وتجد إن شاء الله هذا المعنى واسعا في صحيفة الثقلين ويأتيك مفصلا إن شاء الله .

وقد قال الله تعالى : في قصة الأئمة وسيدهم رسول الله بدعاء نبيه إبراهيم وأبنه إسماعيل عليهم السلام بتوقع ظهور الإسلام وأئمته وسادته ويحكي تفسير ما موجود في التوراة في الفقرات السابقة بقوله تعالى :

{ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (120) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ (123)

وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَــامـًا

قَالَ وَمِن ذُرِّيّـَتِـي

 قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى

 وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّراَ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (البقرة127)

 رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)

 رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (129) وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) } البقرة .

لا نبي مرسل من نسل إبراهيم وابنه إسماعيل عليهم السلام  في قريش وإمام غير ظالم لم يسجد لصنم إلا نبينا وعلي وآلهم الطيبين الطاهرين وهم الطيبون وأهل الكتاب والحكمة والطهر والتزكية ، و لم يسجدوا لصنم لأن الشرك والكفر ظلم عظيم كما قال سبحانه ، فلذا قالوا للإمام علي كرم الله وجه ، وهو أس ملاك الإمامة والولاة والسيادة له على غيره .

 

 

 

الإشعاع الخامس : كلمات أخرى من العهدين في سيادة إبراهيم وكرامته :

في سفر التكوين نبي الله إبراهيم يخاطب الله بالسيد الرب :

15: 1 بعد هذه الأمور صار كلام الرب إلى إبرام في الرؤيا قائلا لا تخف يا إبرام أنا ترس لك أجرك كثير جدا  15: 2

 فقال إبرام : أيها الســـيـد الرب ماذا تعطيني و أنا ماض عقيما و مالك بيتي هو اليعازر الدمشقي 15: 3 و قال إبرام أيضا انك لم تعطني نسلا و هوذا ابن بيتي وارث لي  15: 4 فإذا كلام الرب إليه قائلا لا يرثك هذا بل الذي يخرج من أحشائك هو يرثك  15: 5 ثم أخرجه إلى خارج و قال انظر إلى السماء و عد النجوم إن استطعت أن تعدها  و قال له هكذا يكون نسلك  15: 6

فآمن بالرب فحسبه له برا  15: 7 و قال له أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها .

15: 8 فقال أيها الســيـد الـرب بماذا اعلم إني ارثها ؟

15: 9 فقال له خذ لي عجلة ثلثية و عنزة ثلثية و كبشا ثلثيا و يمامة و حمامة  15: 10 فاخذ هذه كلها و شقها من الوسط و جعل شق كل واحد مقابل صاحبه و أما الطير فلم يشقه  15: 11 فنزلت الجوارح على الجثث و كان إبرام يزجرها .

 

وفي سفر التكوين قوم إبراهيم يخاطبوه بالسيد مرسل من الرب :

23: 2 و ماتت سارة في قرية أربع التي هي حبرون في ارض كنعان فأتى إبراهيم ليندب سارة و يبكي عليها  23: 3 و قام إبراهيم من أمام ميته و كلم بني حث قائلا  23: 4 أنا غريب و نزيل عندكم أعطوني ملك قبر معكم لأدفن ميتي من أمامي  23: 5 فأجاب بنو حث إبراهيم قائلين له

23: 6 اسمعنا يا سيدي أنت رئيس من الله بيننا في أفضل قبورنا ادفن ميتك لا يمنع احد منا قبره عنك حتى لا تدفن ميتك

23: 7 فقام ابراهيم و سجد لشعب الارض لبني حث  23: 8 و كلمهم قائلا ان كان في نفوسكم ان ادفن ميتي من امامي فاسمعوني و التمسوا لي من عفرون بن صوحر  23: 9 ان يعطيني مغارة المكفيلة التي له التي في طرف حقله بثمن كامل يعطيني إياها في وسطكم ملك قبر   23: 10 و كان عفرون جالسا بين بني حث فاجاب عفرون الحثي ابراهيم في مسامع بني حث لدى جميع الداخلين باب مدينته قائلا :  23: 11

لا يا سيدي : اسمعني ، الحقل وهبتك اياه و المغارة التي فيه لك وهبتها لدى عيون بني شعبي وهبتك اياها ادفن ميتك .

 

سفر الخروج موسى يخاطب الله بالســـيد :

4: 10 فقال موسى للرب استمع أيها الســـيـد لست أنا صاحب كلام منذ امس و لا أول من أمس و لا من حين كلمت عبدك بل انا ثقيل الفم و اللسان  4: 11 فقال له الرب من صنع للإنسان فما أو من يصنع اخرس أو أصم أو بصيرا أو أعمى اما هو أنا الرب  4: 12 فألان اذهب و أنا أكون مع فمك و أعلمك ما تتكلم به   4: 13 فقال :

استمع أيها الســيد أرسل بيد من ترسل  4: 14 فحمي غضب الرب على موسى و قال اليس هرون اللاوي أخاك أنا اعلم انه هو يتكلم و أيضا ها هو خارج لاستقبالك فحينما يراك يفرح بقلبه  4: 15 فتكلمه و تضع الكلمات في فمه و أنا أكون مع فمك و مع فمه و أعلمكما ماذا تصنعان .

وسيأتي في المباهلة : أن السيد في المسيحية اسم لكبير الرهبان .

 

 

 

الإشراق الثاني :

أحاديث تذكر سيادة أهل البيت عليهم السلام في الأديان السابقة :

يا طيب : بعد أن عرفنا أن المقدم في الأديان السماوية السابقة يسمى سيد عندهم ويقدم على غيره ، وكأنه نفس المعنى الكريم في اللغة العربية وعرفها العالي في تقديم المكرمين بكلمة سيد ، وبهذا اللقب سيد يعرف شأن الشخص المسئول عن شؤونهم ، وإذا عرفنا هذا في نفس الكتب السماوية ، وإذا عرفنا أن الله سبحانه وتعالى عرف نبينا وآله لأنبياء الأمم السابقة سواء لنبيه آدم ومن بعده ، فلا غروا أن نرى عندنا أحاديث يعرف بها الأنبياء السابقين بأن سادة الوجود هم نبينا وآله الطيبين الطاهرين ، وأنهم لهم شأن مكرم عند الله سبحانه ، وأنه السيد هو لقبهم المفضل العالي الكريم الذي يعرفهم بالإمامة والولاية والشأن الكريم عند الله تعالى ، ولذا جاء في الأحاديث :

في تفسير الإمام الحسن العسكر عليه السلام : جاء فيما قال الله عز و جل :

{ وَ إِذِ اسْتَسْقى‏ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ } قال : و اذكروا يا بني إسرائيل إذ استسقى موسى لقومه ، طلب لهم السقيا ، لما لحقهم العطش في التيه ، و ضجوا بالبكاء إلى موسى ، و قالوا أهلكنا العطش .  فقال موسى :

 اللهم : بحق محمد سيد الأنبياء، و بحق علي سيد الأوصياء.

و بحق فاطمة ســيـدة النساء ، و بحق الحسن ســيـد الأولياء .

و بحق الحسين ســيـد الشهداء ، و بحق عترتهم و خلفائهم ســــادة الأزكياء ، لما سقيت عبادك هؤلاء .

 فأوحى الله تعالى إليه يا موسى :

{ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ } فضربه بها { فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ } كل قبيلة من بني أب من أولاد يعقوب { مَشْرَبَهُمْ } فلا يزاحم الآخرين في مشربهم [7]. ....

وجاء أيضا فيه :  ثم قال الله عز و جل :

{ وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } ، قال الإمام عليه السلام : و اذكروا إذ آتينا موسى الكتاب و هو التوراة الذي أخذ على بني إسرائيل الإيمان به ، و الانقياد لما يوجبه ، و الفرقان آتيناه أيضا فرق به ما بين الحق و الباطل ، و فرق ما بين المحقين و المبطلين . و ذلك أنه لما أكرمهم الله تعالى : بالكتاب و الإيمان به ، و الانقياد له .

 أوحى الله بعد ذلك إلى موسى عليه السلام : يا موسى هذا الكتاب قد أقروا به ، و قد بقي الفرقان ، فرق ما بين المؤمنين و الكافرين ، و المحقين و المبطلين ، فجدد عليهم العهد به ، فإني قد آليت على نفسي قسما حقا لا أتقبل من أحد إيمانا و لا عملا إلا مع الإيمان به .

قال موسى عليه السلام : ما هو يا رب ؟

قال الله عز و جل : يا موسى تأخذ على بني إسرائيل أن محمدا خير البشر و سيد المرسلين . و أن أخاه و وصيه عليا خــير الوصيين .

 و أن أولياءه الذين يقيمهم ســــــــادة الخلق .

و أن شيعته المنقادين له ، المسلمين له و لأوامره و نواهيه و لخلفائه ، نجوم الفردوس الأعلى و ملوك جنات عدن .

قال عليه السلام : فأخذ عليهم موسى عليه السلام ذلك ، فمنهم من اعتقده حقا ، و منهم من أعطاه بلسانه دون قلبه ، فكان المعتقد منهم حقا يلوح على جبينه نور مبين و من أعطي بلسانه دون قلبه ليس له ذلك النور .

فذلك الفرقان : الذي أعطاه الله عز و جل موسى عليه السلام ، و هو فرق ما بين المحقين و المبطلين .

ثم قال الله عز و جل : { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي لعلكم تعلمون أن الذي به يشرف العبد عند الله عز و جل ، هو اعتقاد الولاية ، كما شرف به أسلافكم [8].

وفي الحديث القدسي مع عيســى بن مـريـم عليهم السلام : ...

ثُمَّ أُوصِيكَ يَا ابْنَ مَرْيَمَ الْبِكْرِ الْبَتُولِ :

 بِسيد المرسلين : وَ حَبِيبِي ، فَهُوَ أَحْمَدُ صَاحِبُ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ ، وَ الْوَجْهِ الْأَقْمَرِ ، الْمُشْرِقِ بِالنُّورِ ، الطَّاهِرِ الْقَلْبِ ، الشَّدِيدِ الْبَأْسِ ، الْحَيِيِّ الْمُتَكَرِّمِ ، فَإِنَّهُ رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِينَ .

وَ سَـــيِّـدُ وُلْدِ آدَمَ : يَوْمَ يَلْقَانِي ، أَكْرَمُ السَّابِقِينَ عَلَيَّ ، وَ أَقْرَبُ الْمُرْسَلِينَ مِنِّي ، الْعَرَبِيُّ الْأَمِينُ ، الدَّيَّانُ بِدِينِي ، الصَّابِرُ فِي ذَاتِي ، الْمُجَاهِدُ للمُشْرِكِينَ بِيَدِهِ عَنْ دِينِي ، أَنْ تُخْبِرَ بِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَ تَأْمُرَهُمْ أَنْ يُصَدِّقُوا بِهِ ، وَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ ، وَ أَنْ يَتَّبِعُوهُ ، وَ أَنْ يَنْصُرُوهُ [9]....

يا طيب : إن كلمة سيد المرسلين وسيد الوصيين وباقي مفرداتها ، تجدها في قصة أبو البشر نبي الله آدم عليه السلام ورؤيتهم أنوار حول العرش والتوسل بحقهم في توبته ، وكذا في قصة مسامير سفينة نوح عليه السلام وأنه سأل الله بحقهم فنجا ، وإن عهد الله في الأديان السابقة وتعريفه لنبينا وآله بأنهم ســادة الوجود لكثير ، وسيأتي في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام في باب تعريف الله تعالى للأنبياء به وإقامة مجلس العزاء له ، وأنهم كانوا يتصبرون ويكون لهم قدوة وأسوة في التضحية عندهم ، ويشدون الهمم لما يرون أبنهم وبن سيد الكونين سوف يقدم نفسه وكل آله قرابين لدين الله وتعريف هداه الحق حتى ليكون سيد الشهداء بحق ، فيتعزون بذكره على مصائب قومهم وعدم طاعتهم ويرونه نبراس الصبر والفداء في سبيل تعريف دين الله .

وإذا عرفنا هذا : فلنعرف : كلمة سيد في قصص للنبي ولآله مع أصحاب الأديان السابقة وكيف يعرفونهم بالسيد وأنهم سادة المسلمين ، وهكذا يفهمها العرب .

 

 

 

الإشراق الثالث :

السيد في عرف أهل الأديان السابقة وفي زمن نبينا الأكرم :

 

 الإشعاع الأول : راهب يعرف نبينا الأكرم بأنه سيد زمانه :

يا طب : هذه قصة لراهب ينتظر ظهور النبي ويعرفه بعلامات كانت عنده :

وكان باسيل : هذا من قراء الكتب السالفة والأخبار الماضية ، وكان قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في دير بحيرا الراهب ، وكان باسيل قد مضى إلى زيارة بحيرا ، فلما قدمت عير قريش وجمال خديجة بنت خويلد ، وفيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، نظر بحيرا إلى القافلة ورسول الله في وسطها والسحابة على رأسه تظله من حر الشمس ، فلما تبينه .

 قال : والله هذه صفة النبي الذي يبعث من تهامة ، ثم انتظروا ، وإذا بالركب قد نزل ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزل وحده تحت شجرة يابسة ، واستلقى إليها ، فأورقت الشجرة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فلما عاين بحيرا ذلك : صنع طعاما لقريش ، واستدعاهم فدخلوا الدير ، وبقي هو ـ رسول الله ـ مع الإبل ليرعاها ، فلما نظر بحيرا إليهم ولم يره في جملتهم .

قال : يا معشر قريش ، هل بقي منكم أحد ؟

قالوا : نعم بقي فينا من تخلف لحفظ القافلة ورعي الإبل .

قال : ما اسم من يرعى الإبل ؟ قالوا : محمد بن عبد الله .

قال : هل مات أبوه وأمه ؟ قالوا : نعم .

قال : هل كفله جده وعمه ؟ قالو : نعم .

قال: يا قريش هو والله :

ســـيـدكـــم ، وبه يعظم في الدنيا مجـدكم.

 قالو : من أين علمت ذلك ؟

قال : لما أشرفتم علي من البرية ، لم يبق صخر ولا مدر إلا خر له ساجدا [10].

يا طيب : إذا عرفنا أن ما يعرفون في الأمم السابقة لمعنى سيد من الكرامة والعظمة في القوم ، وأنه سيسودهم وأنه له السؤدد والمجد فيهم ، وأنه سيكون رئيسهم وله عليهم الطاعة ، تعجبوا وسألوا عن سبب المعرفة ، والتي كان لها جوابا كريم مما رأى الراهب بحيرا بعين البصيرة ، وما كان له من الأوصاف الكريمة عندهم في كتابهم وتناقلوها بينهم في زمانهم ، وقد عرف الله هذا المعنى في كتبه فقال سبحانه :

{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحق وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) } البقرة .

وإذا عرفنا : إن هذا الراهب آمن ، بعد أن عرفه بأنه سيد المرسلين وصاحب سيد الأديان والمجد الإلهي ، كما وسيأتي من يكتم ، وأن السيد من له مقام النبوة والرئاسة في الأمم السابقة وفي العرف اللغوي والاجتماعي حتى زمان نبينا الكريم  ، فالسيد في كلامه حين يطلقه على نفسه وآله يكون في أعلى المعاني وأرفع لقب فيه معنى وجوب حق الطاعة ، وهو روح وحقيقة معنى الإمام والإمامة والولي والولاية ، والخليفة والخلافة بعده ، وأن السيد هو أو آله يجب أن يطاعوا كما يطاع الله سبحانه وتعالى ، لأنه امتداد لتجليه بنور السيد على النبي وعلى من يخلفه ويؤم المسلمين بعده .

ولمعرفة السيد : وعلو مقامه في الأمم السابقة وما يفهم المجتمع الديني والعربي عنهم ، ولنتأكد معناه عندهم بعد أن عرفناه في اللغة وحتى يأتي كلام الله ورسوله ، نذكر قصة المباهلة ، والتي كانت من نصارى نجران الذين كان يتقدمهم السيد والعاقب كما عرفت شرحهم في المعنى اللغوي فراجع أواخر الإشراق الثاني من النور الثاني ، وأما مباهلتهم مع النبي وآله علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، فقد ذكروا قصة طويلة تبدأ بإرسال رسول الله طلبه منهم الإسلام أو جزية ، وكيف اجتمعوا أن يرسلوا له وفدا يفاوضه وليعرف ما عنده ، نختار منها ما في :

 

 

الإشعاع الثاني :

الســيـد في قصــة المباهلــة :

قصة المباهلة : من أكرم قصص الإسلام وأعلاه وتقارب قصة سورة الكوثر ، بل آية الإنذار والدار ، بل التطهير والصلاة والتسليم لهم ، بل آيات الولاية والإمامة ، فإنه لا أحد يقدم أهله ويباهل بهم إلا أن يكون عالم بأن الحق له ومعه يدور حيث ما دار ، وبها نعرف السيد في الأديان السابقة وسادة الوجود في الإسلام فتدبر قصتهم :

ذكر السيد ابن طاووس الحسني في إقبال الأعمال[11] :

 الباب السادس فيما يتعلق بمباهلة سيد أهل الوجود لذوى الجحود .

قالوا : لما فتح النبي صلى الله عليه وآله مكة ، وانقادت له العرب ، وأرسل رسله ودعاته إلى الأمم ، وكاتب الملكين ، كسرى وقيصر ، يدعوهما إلى الإسلام .. إذا وردت عليهم رسل رسول الله صلى الله عليه وآله بكتابه ... : ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ، فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون ) .

 قال : فاجتمع القوم جميعا للمشورة والنظر في أمورهم .. وبعد حديث طويل :

 تجهز السيد والعاقب : للمسير إلى رسول الله بالمدينة انتدب معهما أربعة عشر راكبا من نصارى نجران هم من أكابرهم فضلا وعلما في أنفسهم وسبعون رجلا ، قال : فلما تجهز الســـيــد والعـاقـب للمسير إلى رسول الله بالمدينة ، انتدب معهما أربعة عشر راكبا من نصارى نجران ، هم من أكابرهم فضلا وعلما في أنفسهم ، وسبعون رجلا من أشراف بني الحرث بن كعب وسادتهم .

قال : وكان قيس بن الحصين ذو العصة ويزيد بن عبد المدان ببلاد حضرموت ، فقدما نجران على بقية مسير قومهم فشخصا معهم فاغترز القوم في أطوار مطاياهم وجنبوا خيلهم وأقبلوا لوجوههم حتى وردوا المدينة . .....

فأقبل القوم : حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجده ، وحانت صلواتهم فقاموا يصلون إلى المشرق ، فأراد الناس أن ينهوهم عن ذلك فكفهم رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم أمهلهم وأمهلوه ثلاثا ، فلم يدعهم ولم يسألوه لينظروا إلى هداه ويعتبروا ما يشاهدون منه مما يجدون من صفته .

 فلما كان بعد ثلاثة : دعاهم صلى الله عليه وآله إلى الإسلام .

فقالوا : يا أبا القاسم ! ما أخبرتنا كتب الله عز وجل بشيء من صفة النبي المبعوث بعد الروح عيسى عليه السلام إلا وقد تعرفناه فيك ، إلا خلة هي أعظم الخلال آية ومنزلة ، وأجلاها أمارة ودلالة .

قال صلى الله عليه وآله : وما هي ؟

قالوا : إنا نجد في الإنجيل من صفة النبي الغابر من بعد المسيح أنه يصدق به ويؤمن به ، وأنت تسبه وتكذب به وتزعم أنه عبد .

 قال : فلم تكن خصومتهم ولا منازعتهم للنبي صلوات الله عليه وآله إلا في عيسى عليه السلام .

فقال النبي صلى الله عليه وآله : لا بل أصدقه وأصدق به وأؤمن به وأشهد أنه النبي المرسل من ربه عز وجل ، وأقول :

إنه عبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا .

قالوا : وهل يستطيع العبد أن يفعل ما كان يفعل ؟ وهل جاءت الأنبياء بما جاء به من القدرة القاهرة ؟ ! ألم يكن يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص وينبئهم بما يكنون في صدورهم وما يدخرون في بيوتهم ؟ فهل يستطيع هذا إلا الله عز وجل أو ابن الله ؟ ! وقالوا : في الغلو فيه وأكثروا ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .

 فقال صلى الله عليه وآله : قد كان عيسى أخي  كما قلتم يحيي الموتى ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويخبر قومه بما في نفوسهم ، وما يدخرون في بيوتهم ، وكل ذلك بإذن الله عز وجل ، وهو لله عز وجل عبد ، وذلك عليه غير عار ، وهو منه غير مستنكف ، فقد كان لحما ودما وشعرا وعظما وعصبا وأمشاجا ، يأكل الطعام ويظمأ وينصب بادية ، وربه الأحد الحق الذي ليس كمثله شيء وليس له ند .

 قالوا : فأرنا مثله من جاء من غير فحل ولا أب ؟ !

 قال : هذا آدم عليه السلام أعجب منه خلقا ، جاء من غير أب ولا أم ، وليس شيء من الخلق بأهون على الله عز وجل في قدرته من شيء ولا أصعب ، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، وتلا عليهم :

 ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) .

قالا : فما نزداد منك في أمر صاحبنا إلا تباينا ، وهذا الأمر الذي لا نقر لك ، فهلم فلنلاعنك أينا أولى بالحق ، فنجعل لعنة الله على الكاذبين ، فإنها مثلة وآية معجلة ، فأنزل الله عز وجل آية المباهلة على رسول الله صلى الله عليه وآله :

 ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم

فقل تعالوا ندع  أبنـاءنـا وأبناءكم

 ونسـاءنا ونساءكم  وأنفسـنا وأنفسكم

ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) آل عمران61 .

 فتلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله ما نزل عليه في ذلك من القرآن ، فقال صلى الله عليه وآله : إن الله قد أمرني أن أصير إلى ملتمسكم ، وأمرني بمباهلتكم إن أقمتم وأصررتهم على قولكم .

قالا : وذلك آية ما بيننا وبينك ، إذا كان غدا باهلناك .

ثم قاما وأصحابهما من النصارى معهما : فلما أبعدا - وقد كانوا أنزلوا بالحرة - أقبل بعضهم على بعض فقالوا : قد جاءكم هذا بالفصل من أمره وأمركم ، فانظروا أولا بمن يباهلكم ، أبكافة أتباعه ، أم بأهل الكتابة من أصحابه ، أو بذوي التخشع والتمسكن والصفوة دينا وهم القليل منهم عددا ؟

 فإن جاءكم : بالكثرة وذوي الشدة منهم ، فإنما جاءكم مباهيا كما يصنع الملوك ، فالفلج إذن لكم دونه .

 وإن أتاكم : بنفر قليل ذوي تخشع فهؤلاء سجية الأنبياء وصفوتهم وموضع بهلتهم ، فإياكم والإقدام إذن على مباهلتهم ، فهذه لكم أمارة ، وانظروا حينئذ ما تصنعون ما بينكم وبينه ، فقد أعذر من أنذر .

فأمر صلى الله عليه وآله بشجرتين : فقصدتا وكسح ما بينهما ، وأمهل حتى إذا كان من الغد أمر بكساء أسود رقيق فنشر على الشجرتين .

 فلما أبصر السـيـد والعاقب ذلك : خرجا بولديهما صبغة المحسن وعبد المنعم وسارة ومريم ، وخرج معهما نصارى نجران ، وركب فرسان بني الحرث بن الكعب في أحسن هيئة .

 وأقبل الناس : من أهل المدينة من المهاجرين والأنصار وغيرهم من الناس في قبائلهم وشعارهم من راياتهم وألويتهم وأحسن شارتهم وهيئتهم ، لينظروا ما يكون من الأمر ، ولبث رسول الله صلى الله عليه وآله في حجرته حتى متع النهار .

ثم خرج : آخذا بيد علي والحسن والحسين أمامه وفاطمة عليه السلام من خلفهم ، فأقبل بهم حتى أتى الشجرتين ، فوقف من بينهما من تحت الكساء على مثل الهيئة التي خرج بها من حجرته، فأرسل إليهما يدعوهما إلى ما دعواه إليه من المباهلة.

فأقبلا إليه فقال : بمن تباهلنا يا أبا القاسم ؟

قال : بـخـيـر أهـل الأرض وأكـرمـهـم على الله عز وجل ، وأشار لهما إلى علـي وفاطمــة والحســن والحســين صلوات الله عليهم .

قالا : فما نراك جئت لمباهلتنا بالكبر ولا من الكثر ولا أهل الشارة ممن نرى ممن آمن بك واتبعك !

وما نرى ها هنا معك إلا هذا الشاب والمرأة والصبيين ! أفبهؤلاء تباهلنا ؟ !

 قال صلى الله عليه وآله : نعم ، أو لم أخبركم بذلك آنفا ، نعم بهؤلاء أمرت والذي بعثني بالحق أن أباهلكم . فاصفرت حينئذ ألوانهما وحوكرا ، وعادا إلى أصحابهما وموقفهما ، فلما رأى أصحابهما ما بهما وما دخلهما ، قالوا : ما خطبكما ؟ !

 فتماسكا وقال : ما كان ثمة من خطب فنخبركم .

وأقبل عليهم شاب : كان من خيارهم قد أوتي فيهم علما ، فقال : ويحكم ! لا تفعلوا ، واذكروا ما عثرتم عليه في الجامعة من صفاته ، فوالله إنكم لتعلمون حق العلم إنه لصادق ، وإنما عهدكم بإخوانكم حديث قد مسخوا قردة وخنازير .

فعلموا أنه قد نصح لهم فأمسكوا .

فصالحاه : على ألف حلة وألف دينار خرجا في كل عام ، يؤديان شطر ذلك في المحرم وشطرا في رجب .

فصار علي عليه السلام : بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ذليلين صاغرين ، وأخبره بما صالحهما عليه وأقرا له بالخرج والصغار .

 فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : قد قبلت ذلك منكم ، أما إنكم لو باهلتموني بمن تحت الكساء لأضرم الله عليكم الوادي نارا تأجج ، ثم لساقها الله عز وجل إلى من ورائكم في أسرع من طرف العين فحرقهم تأججا .

يا طيب : عرفت معنى السيد والعاقب في اللغة والأديان السابقة ، وجاري لزمان نبينا الأكرم وبعده ، وهو نفس ما نعرفه الآن ممن له شرف ورئاسة في قومه وأنه يجب طاعته وتقديمه ، وإذا عرفنا هذا في اللغة والأديان السابقة ، فلنتدبر معنى السيد في زمن نبينا صلى الله عليه وآله في قومه قريش ، بل ومعنى السيد عملا ونطقا ومعنى وفهما عند العرب كلهم ، لنرى فيه أنه يراد به رئيس القوم وسيدهم وأحسنهم كرامة وفضلا والمقدم فيهم ، بل وليهم وإمامهم وهو سيدهم ، فتدبر .

 


[1]العهد القديم والجديد ج 1  مجمع الكنائس الشرقية   ص 493 .

[2]العهد القديم والجديد ج 1 مجمع الكنائس الشرقية ص 494 .

[3]العهد القديم والجديد ج 1 مجمع الكنائس الشرقية   ص 528 .

[4]التوراة والإنجيل - موقع arabicbible  ص 580 :

[5]نصوص متفرقة في عقائد النصارى واليهود تحقيق مركز المصطفى صلى الله عليه وآله ص 1144 عن الكتاب المقدس ص 600 . والأرقام في الإنجيل والتوراة تعبر عن فقرات تماثل الآيات عندنا في كتاب الله القرآن المجيد .

[6]التوراة والإنجيل موقع arabicbible  ص 28 ، أي في سفر التكوين 17: 20 وما قبله وبعده ، وفي فقرات كثير يخاطب الله سبحانه بسيدي وهكذا يخاطبون إبراهيم عليه السلام وولده  ، كما في قوله عليه السلام : 15: 2 فقال ابرام أيها السيد الرب ماذا تعطيني ، أو 24: 12 و قال أيها الرب اله سيدي إبراهيم يسر لي اليوم و اصنع لطفا الى سيدي إبراهيم  .. والكثير جدا من المخاطبة بينهم لنبيهم أو للرب بسيدي ، وبه نعرف علو المعنى .

[7]تفسير الإمام ‏العسكري ص261ح 129 .

[8]تفسير الإمام ‏العسكري ص252ح 123 . وعنه في تأويل ‏الآيات ‏الظاهرة ص63.

[9]الكافي ج8ص138  حديث عيسى ابن مريم عليه السلام .

[10]فتوح الشام للواقدي ج 2 ص 33 .

[11]إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس ج 2 ص 310 ب6 . مجلة تراثنا ج 45 مؤسسة آل البيت ص 128.

 

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام كرمنا بنوره رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم الصلاة والسلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة سادة الوجود رزقنا واهب السيادة نعيم هداه بأحسن جود