بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
موسوعة صحف الطيبين  في      أصول الدين وسيرة المعصومين
صحف الظهور والتجلي  /  صحيفة  سادة الوجود / الجزء الثاني / القسم الأول

تجلي نور الله السيد في سيد الآيات

آية الكرسي

بيان فضائلها وملاك سيادتها وعظمتها وشأنها الكريم
وظهور آثارها وفوائدها في أدوار حياتنا
مصباح الهدى / النور الثالث :

فضل قراءة آية الكرسي في أيام الله والمناسبات المهمة

الإشراق  السادس:

استحباب قراءة آية الكرسي في أخر ذي الحجة وعاشوراء وجمادي الآخرة :

يا طيب : وذكرت صلوات أخرى لأيام أخرى يستحب فيها تلاوة آية الكرسي ، نجمعها في إشراق واحد ، وهي :

 

وَ فِي عَمَلِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ :

يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ : بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَ عَشْرَ دَفَعَاتٍ سُورَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .

وَ عَشْرَ دَفَعَاتٍ آية الكرسي ، ثُمَّ تَدْعُو وَ تَقُولُ :

اللَّهُمَّ : مَا عَمِلْتُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ عَمَلٍ نَهَيْتَنِي عَنْهُ ، وَ لَمْ تَرْضَهُ وَ نَسِيتُهُ وَ لَمْ تَنْسَهُ ، وَ دَعَوْتَنِي إِلَى التَّوْبَةِ بَعْدَ اجْتِرَائِي عَلَيْكَ.

 اللَّهُمَّ : فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِنْهُ فَاغْفِرْ لِي ، وَ مَا عَمِلْتُ مِنْ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ فَاقْبَلْهُ مِنِّي ، وَ لَا تَقْطَعْ رَجَائِي مِنْكَ يَا كَرِيمُ .

قَالَ : فَإِذَا قُلْتَ هَذَا ، قَالَ : الشَّيْطَانُ يَا وَيْلَهْ مَا تَعِبْتُ فِيهِ هَذِهِ السَّنَةَ هَدَمَهُ أَجْمَعَ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ ، وَ شَهِدَتْ لَهُ السَّنَةُ الْمَاضِيَةُ ، أَنَّهُ قَدْ خَتَمَهَا بِخَيْرٍ [222].

 

وفي عمل ليلة عاشوراء :

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْحَافِظِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله قَالَ :

مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ : أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ :

 بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَ آية الكرسي عَشْرَ مَرَّاتٍ ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ عَشْراً عَشْراً ، فَإِذَا سَلَّمَ : قَرَأَ قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ مِائَةَ مَرَّةٍ ، بَنَى الله لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ أَلْفِ أَلْفِ قَصْرٍ مِنْ نور [223].

وتوجد أعمال : تخص العاشر من المحرم ، وما يجب فيه من الزيارة وإظهار المصاب لمعرفتها تابعها في كتب الأدعية .

 

صَلَاةٌ تُصَلَّى فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ :

قال في إقبال الأعمال : رأيت في كتاب روضة العابدين و مأنس الراغبين لإبراهيم بن عمرو بن فرج الواسطي حديثا :

فِي كِتَابِ جُمَادَى الْآخِرَةِ ، وَ لَمْ يَذْكُرْ أَيَّ وَقْتٍ مِنْهُ ، فَنَذْكُرُهَا فِي أَوَّلِهِ :

وَ هِيَ أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ :  

تَقْرَأُ : الْحَمْدَ فِي الْأُولَى مَرَّةً .

وَ آية الكرسي مَرَّةً ، وَ سُورَةَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ خَمْساً وَ عِشْرِينَ مَرَّةً .

وَ فِي الثَّانِيَةِ : الْحَمْدَ مَرَّةً ، وَ سُورَةَ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ مَرَّةً ، وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ خَمْساً وَ عِشْرِينَ مَرَّةً .

 وَ فِي الثَّالِثَةِ : الْحَمْدَ مَرَّةً ، وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ مَرَّةً ، وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ خَمْساً وَ عِشْرِينَ مَرَّةً .

 وَ فِي الرَّابِعَةِ : الْحَمْدَ مَرَّةً ، وَ إِذَا جَاءَ نَصْرُ الله وَ الْفَتْحُ مَرَّةً ، وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ خَمْساً وَ عِشْرِينَ مَرَّةً .

فَإِذَا سَلَّمْتَ فَقُلْ : سُبْحَانَ الله وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّ الله وَ اللَّهُ أَكْبَرُ ؛ سَبْعِينَ مَرَّةً ، وَ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ؛ سَبْعِينَ مَرَّةً .

 ثُمَّ قُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ : اللَّهُمَّ : اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ ، ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ فِي سُجُودِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ : يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ ، يَا الله يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين.

 ثُمَّ يَسْأَلُ الله تعالى حَاجَتَهُ : مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَانُ نَفْسُهُ وَ مَالُهُ وَ أَهْلُهُ وَ وَلَدُهُ وَ دِينُهُ وَ دُنْيَاهُ إِلَى مِثْلِهَا فِي السَّنَةِ الْقَابِلَةِ ، وَ إِنْ مَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مَاتَ عَلَى الشَّهَادَةِ [224].

يا طيب : إن صلاة النوافل المستحبة كلها على ما ذكروا تصلى ركعتين كعتين ومعها تسليم ، وإنه لا يصح فيها الجماعة إلا ما خرج بالدليل من صلاة الأعياد والاستسقاء ، ولمعرفة كيفيتها تراجع الرسالة العملية لمن تقلده ، وإن ما ذكرناه هو تبعا للمروي في كتبنا ، وللتسامح بأدلة السنن ، وإن الله يعطي من الثواب على ما بلغ ، وإنه نقلنا هنا فقط من النوافل ما فيها يستحب تلاوة آية الكرسي لمعرفة شأنها الكريم وسيادتها ، أو مع سور أخرى ، وعرفت أنها تعبر عن حقائق كريمة تعرف ولاية الله وتجليها لنبينا وآله .

 


 

الإشراق السابع :

 استحباب قراءة آية الكرسي والتوسل بأهل البيت و الدعاء بهم لله:

يا طيب : وهذه خاتمة طيبة كريمة للنور الثالث ، وهو بيان لكرامة آية الكرسي وسيادتها ، وقرنها بصورة أخرى بسادة أهل الوجود عليهم السلام ، ونحن في حال قصدهم وزيارتهم والتوسل لله بحقهم ، فنعترف لله سبحانه بأنه له الملك وحده لا شريك له وهو الحي القيوم ، وإنه يأذن بالشفاعة لمن يشاء ويحيطه بعلمه وكرامته ، بعد أن علم حقيقته فاصطفاه وأختاره كما عرفت بعض حقائق آية الكرسي في الإشراق قبل السابق ، وخصهم الله سبحانه وتعالى بالآيات والكرامات المقارنة في المعنى لآية الكرسي ، فجعل الزمان وصلاة النوافل تصرح بحقائق رعاية الله لعباده بسادة العباد في التكوين والتدوين .

وهنا نتكلم : عن حقائق أخرى في تقارن آية الكرسي وظهور نور الله سبحانه وتعالى فيها وتجليها بأكرم خلقه ، وتخص المكان كما تخص الزمان ، وهو حين نقصد الله بحقهم ونسأله أن يقضي لنا حوائجنا ويقبل أعمالنا ، لأنا تعلمنا ديننا ممن كرمهم بهداه ودينه ، ونقر له سبحانه مذعنين بأن من يخلص له الدين ويصطفيه يكون لهم عنده أعلى الكرامة والشفاعة والهدى والدين والمقام ، وبالتوجه له بحق من يختارهم يقضي حوائج كل محتاج حين يقدمونهم بين أيدي دعائهم كما قال سبحانه وتعالى في كتابه :

{ فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67)

وَرَبُّكَ يَخْلُقُ  مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ

مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ

سُبْحَانَ الله وَتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)

وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ  صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69)

 وَهُوَ الله لا إله إلا هُوَ

 لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ  تُرْجَعُونَ (70) } القصص .

وهذه الآيات المباركة : تحكي أمرا كريما عظيما ، وهو من مكنون تعاليم
آية الكرسي لو تتدبر في معانيه
، وهو أنه من يقصد التوبة ويؤمن بالله وتعاليمه حقا ، ويحب أن يظهر حقائق إيمانه بالعمل الصالح ، يجب عليه أن يقصد الله من سبيل الذين أختارهم الله سبحانه واصطفاهم بعد أن علم الله سبحانه إخلاصهم وما تكن صدورهم فضلا عن إعلانهم ، وبهذا نحمد الله وحده سبحانه ونرجع له بحقائق الإيمان .

وهذا هو: العلم الإلهي والإذن من الله لمن يشاء أن يشفعه في عباده ويحيطه بعلمه فيكرمه لأن يُقصد فيستغفر الله عنده ويصلى عليه ، ليحصل على حقائق هدى الله حين يتعرف عليه ويقر له بالإمامة والولاية من الله ، وبما يعلمه من دينه بقوله وحديثه وسيرته وسلوكه نعبد الله سبحانه بما يحب ويرضى ، وهذ هو حقائق هدى الله لمن يصدق بأنه يقصد الله بصراط مستقيم عند المنعم عليهم بهداه سبحانه ، وبسبيل صحيح حق ، لا من كل معلم ولو كان طاغية أو ضال ظالم ، ولذا طلب الله أن يقصد الرسول الأكرم وآله كما قال سبحانه :

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ  لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله

وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ    جَآؤُوكَ   فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ

وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ  لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمً (64) } النساء .

وهذا ما نطلبه من الله سبحانه : حين نقصد زيارة آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، هو لنقر لله بتقصيرنا ، وإنا لم نقيم له العبودية بمثل ما قام به أكرم خلقه ، ونطلب منه أن يتجاوز عنا فيحشرنا معهم في الدنيا والآخرة ، ونجدد العهد له معهم ونقر بولايتهم وإمامتهم والعزم على طاعتهم والاقتداء بهم ، وهذا من معنى صلاتنا عليهم حسب أمره  سبحانه بقوله : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى  النَّبِيِّ

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمً (56) } الأحزاب .

ويا طيب : لا فرق بين حياتهم ومماتهم وفي كونهم في المقام الأسمى عنده ، فإنهم لهم الشأن الكريم وفرحين بما آتاهم الله ويستبشرون بالذين لم يحقوا بهم ، بأنهم إن ساروا على طريقهم وصراطهم ، أنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، ولهم نعمة الله ، وإن أصابهم قرح أو مصيبة فالله سبحانه يجبرها بأجر عظيم وهو عين ما قال سبحانه :

{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ  قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتًا

بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)

فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ  وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ

أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170)

 يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ

وَأَنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)

 الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ  وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ

لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) } آل عمران  .

وإذا عرفنا أن سيد الأولياء والأوصياء : هو شهيد المحراب ، وآله ما بين مسموم وشهيد بالسيف ، نعرف كثير من قرن تلاوة آية الكرسي في أدعية زيارة آل محمد صلى الله عليهم ، وبالخصوص سيد الشهداء أبا عبد الله الحسين عليه السلام ، وكما جاء في قصده والشروع بالسفر له ، وعنده نرى أنه يستحب استحباب مؤكد مع الزيارة والأدعية قراءة آية الكرسي وإنا أنزلناه ، فنطلب علم الله وهداه منهم ، والبراءة من كل شر يأتي من غيرهم ممن طغى عليهم ولم يرعى ما كرمهم الله سواء حاربهم أو رفض علومهم .

 وبهذا نرى إن هدى الله سبحانه : يتحد في الزمان والمكان والدعاء والزيارة في بيان صراط الله المستقيم والسير عليه بفضل الله للمهتدين الحقيقيين ، والمؤمنين الصادقين ، ولمعرفة حقائق ما ذكر بالإضافة للآيات السابقة ، في أحاديث الزيارة والتوسل لله بحقهم ليقضي حوائجنا ، نتدبر الأحاديث الآتية في ثلاث أشعة نذكر بها بعض أحاديث الزيارة لسيد الشهداء ، والتوسل لله بحقهم بقراءة آية الكرسي وأسماء أئمة الحق وأولياء الله حقا لقضاء الحوائج ، ونذكر إشعاع خاص بولي الأمر وصاحب الزمان عليه السلام وقراءته لآية الكرسي حين الولادة :

 


 

الإشعاع الأول :

استحباب قراءة آية الكرسي في زيارة سيد الشهداء وآله عليهم السلام :

في الكتاب العتيق الغروي: زِيَارَةُ مَشْهَدِ سَيِّدِنَا أَبِي عَبْدِ الله الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ وَ الدُّعَاءُ عِنْدَهُ . وَ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ مَنْزِلِكَ ، فَقُلْ :

بِسْمِ اللَّهِ : وَ بِاللَّهِ وَ إِلَى الله وَ مَا شَاءَ الله ، تَوَكَّلْتُ عَلَى الله ، وَ تَوَجَّهْتُ إِلَى الله ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا حِيلَةَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، اللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَ إِيَّاكَ طَلَبْتُ ، وَ وَجْهَكَ أَرَدْتُ ، وَ إِلَى ابْنِ نَبِيِّكَ وَ مَوْلَايَ وَ إِمَامِي وَفَدْتُ ، وَ حَقٌّ عَلَيْكَ أَلَّا تُخَيِّبَ وَافِدَهُ وَ زَائِرَهُ ، اللَّهُمَّ أَعِنِّي وَ سَلِّمْنِي وَ سَلِّمْ مِنِّي وَ بَلِّغْنِي وَ أحْفَظْنِي فِي نَفْسِي وَ عِيَالِي وَ مَا خَوَّلْتَنِي بِخَيْرٍ ، وَ أَسْتَوْدِعُكَ نَفْسِي وَ دِينِي وَ أَمَانَتِي وَ أَهْلِي وَ وُلْدِي وَ ذُرِّيَّتِي وَ عِيَالِي وَ مَا خَوَّلْتَنِي ، فَإِنَّكَ خَيْرُ مُسْتَوْدَعٍ وَ خَيْرُ حَافِظٍ .

ثُمَّ اقْرَأِ : الْحَمْدَ ، وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ .

 وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، وَ آخِرَ الْحَشْرِ ، ثُمَّ امْضِ عَلَى بَرَكَةِ الله وَ قُوَّتِهِ وَ حُسْنِ تَوْفِيقِهِ [225]. وذكر بعد هذا الدعاء نص الزيارة .

ويا طيب : بعد أن عرفنا دعاء السفر لزيارة سيد الشهداء يستحب فيها قراءة آية الكرسي .

 فلنذكر : زيارة له عليه السلام يستحب فيها قراءة آية الكرسي :

قال المجلسي رحمه الله : قَالَ الْمُفِيدُ ، وَ مُؤَلِّفُ الْمَزَارِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ، زِيَارةً أُخْرَى لَهُ عليه السلام بِرِوَايَةٍ أُخْرَى ، غَيْرِ مُقَيَّدَةٍ بِوَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ .

إِذَا وَرَدْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَرْضَ كَرْبَلَاءَ : فَانْزِلْ مِنْهَا بِشَاطِئِ الْعَلْقَمِيِّ ، ثُمَّ اخْلَعْ ثِيَابَ سَفَرِكَ وَ اغْتَسِلْ غُسْلَ الزِّيَارَةِ مَنْدُوباً ، وَ قُلْ وَ أَنْتَ تَغْتَسِلُ :

بِسْمِ الله وَ بِاللَّهِ وَ فِي سَبِيلِ الله وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ طَهِّرْ قَلْبِي ، وَ زَكِّ عَمَلِي ، وَ نور بَصَرِي ، وَ اجْعَلْ غُسْلِي هَذَا طَهُوراً وَ حِرْزاً ، وَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ ، وَ سُقْمٍ وَ آفَةٍ وَ عَاهَةٍ ، وَ مِنْ شَرِّ مَا أُحَاذِرُ إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ اغْسِلْنِي مِنَ الذُّنُوبِ كُلِّهَا وَ الْآثَامِ وَ الْخَطَايَا ، وَ طَهِّرْ جِسْمِي وَ قَلْبِي مِنْ كُلِّ آفَةٍ تَمْحَقُ بِهَا دِينِي ، وَ اجْعَلْ عَمَلِي خَالِصاً لِوَجْهِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

 اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ اجْعَلْهُ لِي شَاهِداً يَوْمَ حَاجَتِي وَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

وَ اقْرَأْ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ .

فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْغُسْلِ : فَالْبَسْ مَا طَهُرَ مِنْ ثِيَابِكَ .

ثُمَّ تَوَجَّهْ إِلَى الْمَشْهَدِ : عَلَى سَاكِنِهِ السَّلَامُ ، وَ عَلَيْكَ السَّكِينَةُ وَ الْوَقَارُ ، وَ أَنْتَ مُتَحَفٍّ خَاضِعٌ ذَلِيلٌ ، تُكَبَّرُ الله وَ تُحَمِّدُهُ وَ تُسَبِّحُهُ وَ تَسْتَغْفِرُهُ ، وَ تُكْثِرُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطاهرين، فَإِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى بَابِهِ فَقِفْ عَلَيْهِ وَ كَبِّرْ أَرْبَعاً، ثُمَّ قُلِ :

اللَّهُمَّ : إِنَّ هَذَا مَقَامٌ أَكْرَمْتَنِي بِهِ وَ شَرَّفْتَنِي ، اللَّهُمَّ فَأَعْطِنِي فِيهِ رَغْبَتِي عَلَى حَقِيقَةِ إِيمَانِي بِكَ وَ بِرَسُولِكَ .

 ثُمَّ أَدْخِلْ رِجْلَكَ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى وَ قُلْ :

 بِسْمِ الله وَ بِاللَّهِ : وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ .

ثُمَّ امْشِ : حَتَّى تَدْخُلَ الصَّحْنَ ، فَإِذَا دَخَلْتَهُ فَكَبِّرْ أَرْبَعاً ، وَ تَوَجَّهْ إِلَى الْقِبْلَة ِ، وَ ارْفَعْ يَدَيْكَ ، وَ قُلِ :  اللَّهُمَّ : إِنِّي إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ  وَ إِلَيْكَ خَرَجْتُ  وَ إِلَيْكَ وَفَدْتُ ، وَ لِخَيْرِكَ تَعَرَّضْتُ ، وَ بِزِيَارَةِ حَبِيبِ حَبِيبِكَ إِلَيْكَ تَقَرَّبْتُ .

اللَّهُمَّ : فَلَا تَمْنَعْنِي خَيْرَ مَا عِنْدَكَ لِشَرِّ مَا عِنْدِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَ كَفِّرْ عَنِّي سَيِّئَاتِي وَ حُطَّ عَنِّي خَطِيئَاتِي وَ اقْبَلْ حَسَنَاتِي .

ثُمَّ اقْرَأِ : الْحَمْدَ ، وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ .

وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ .

وَ آخِرَ الْحَشْرِ : لَوْ أَنْزَلْنا هذَا القرآن عَلى‏ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ الله ، وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ، هُوَ الله الَّذِي لا إله إلا هو عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ هو الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، هُوَ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلَّ هو الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هو الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ  .

ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَشْهَدِ : فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهُمَا وَ سَبَّحْتَ ، فَقُلِ :

الْحَمْدُ لِلَّهِ : الْوَاحِدِ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا ، خَالِقِ الْخَلْقِ لَمْ يَعْزُبْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِهِمْ ، عَالِمِ كُلِّ شَيْءٍ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ ، وَ صَلَوَاتُ الله وَ صَلَوَاتُ مَلَائِكَتِهِ وَ أَنْبِيَائِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جَمِيعِ خَلْقِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ أَهْلِ بَيْتِهِ .

الْحَمْدُ لِلَّهِ : الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ .

الْحَمْدُ لِلَّهِ : الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيَّ ، وَ عَرَّفَنِي فَضْلَ أَهْلِ بَيْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ وَ رَحْمَةُ الله وَ بَرَكَاتُهُ .

اللَّهُمَّ : أَنْتَ خَيْرُ مَنْ وَفَدَ إِلَيْهِ الرِّجَالُ ، وَ شُدَّتْ إِلَيْهِ الرِّحَالُ ، وَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي أَكْرَمُ مَأْتِيٍّ وَ أَكْرَمُ مَزُورٍ ، وَ قَدْ جَعَلْتَ لِكُلِّ آتٍ تُحْفَةً ، فَاجْعَلْ تُحْفَتِي بِزِيَارَةِ قَبْرِ وَلِيِّكَ وَ ابْنِ نَبِيِّكَ وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ ، فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ تَقَبَّلْ عَمَلِي ، وَ اشْكُرْ سَعْيِي ، وَ ارْحَمْ مَسِيرِي مِنْ أَهْلِي بِغَيْرِ مَنٍّ اللَّهُمَّ مِنِّي عَلَيْكَ ، بَلْ لَكَ الْمَنُّ عَلَيَّ : إِذْ جَعَلْتَ لِيَ السَّبِيلَ إِلَى زِيَارَةِ وَلِيِّكَ ، َ عَرَّفْتَنِي فَضْلَهُ ، وَ حَفِظْتَنِي حَتَّى بَلَّغْتَنِي .

اللَّهُمَّ : وَ قَدْ أَتَيْتُكَ وَ أَمَّلْتُكَ ، فَلَا تُخَيِّبْ أَمَلِي ، وَ لَا تَقْطَعْ رَجَائِي ، وَ اجْعَلْ مَسِيرِي هَذَا كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهُ مِنْ ذُنُوبِي ، وَ رِضْوَاناً تُضَاعِفُ بِهِ حَسَنَاتِي ، وَ سَبَباً لِنَجَاحِ طَلِبَاتِي ، وَ طَرِيقاً لِقَضَاءِ حَوَائِجِي ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ اجْعَلْ سَعْيِي مَشْكُوراً ، وَ ذَنْبِي مَغْفُوراً ، وَ عَمَلِي مَقْبُولًا ، وَ دُعَائِي مُسْتَجَاباً ، إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَرَدْتُكَ فَأَرِدْنِي ، وَ أَقْبَلْتُ بِوَجْهِي إِلَيْكَ فَلَا تُعْرِضْ عَنِّي ، وَ قَصَدْتُكَ فَتَقَبَّلْ مِنِّي ، وَ إِنْ كُنْتَ لِي مَاقِتاً فَارْضَ عَنِّي ، وَ ارْحَمْ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ ، وَ لَا تُخَيِّبْنِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

 ثُمَّ امْشِ حَتَّى تُعَايِنَ الْجَدَثَ فَإِذَا عَايَنْتَهُ فَكَبِّرْ أَرْبَعاً وَ اسْتَقْبِلْ وَجْهَهُ بِوَجْهِكَ [226].

 يا طيب : الزيارة طويلة راجعها في محلها ، وفيها معارف كريم تؤكد ما ذكرنا في الآيات الكريمة أعلاه ، بل نفس ما ذكرنا يعرفنا حقائق ما عرفت .

ويا طيب : قصدنا لسيد الشهداء قصد لكرامة الله لأوليائه وما عندهم من هداه وتعاليمه لنا بسيرتهم وسلوكهم وكل معارف حديثهم ، وهو الإقرار بالتقصير وتوبة مقبولة في هذا المقام ، وإظهار الإيمان وعمل صالح متقبل للمخلصين ، لأن اخترت من أختارهم الله وسرت على صراطهم المستقيم وما كرمهم الله به من النعيم ، وأقررت لله بتجلي نوره وعرفت محله فطلبته ، وهو حقيقة معرفة الرشد والتمسك بالعروة الوثقى ، وهذا ما قرأته بسورة الحمد والمعوذتين وآية الكرسي وإنا أنزلناه في الزيارة مع تعظيم الله بآيات أخر الحشر ، وتبرأت من أعداء الله وكل الطغاة وشرهم وضلالهم ، وحببت كرامة الله لأوليائه ونعيمه عليهم وفرحهم بمن يأتيهم ويلتحق بهم بما كرمهم الله ، وابتعدت عن غضب الله على أعدائه الطواغيت ، وهم أعداء أولياءه ولمن نصبهم وأختارهم لدينه .

ويا طيب : عرفت أن الزمان والمكان وما نقرأ من آيات وسور من كتاب الله يتحد في المعنى ويتأكد في بيان الهدى ، وهو أنه أيام الله الشريفة ، تقرأ فيها سيد الآيات ، وبالخصوص حين يكون في مكان فيه سادة أهل الوجود ، وبهذا المكان والزمان المبارك ، وما حل فيه ممن أختارهم الله تعالى سادة للوجود ، وما يقرأ حين زيارتهم والصلاة عندهم من سيد الآيات ، فتتحد وتتوحد الكرامات الإلهية ، وتؤثر أثرها التام على عباد الله الصالحين السائرين على صراط الله المستقيم ، وهذا أيضا بيان آخر لقراءة سيد السور وسيد الآيات وأكرمها في زمان شريف وعظيم ، وهو اليوم الخامس عشر من شعبان كما عرفت فضله ، وعند سيد الشهداء أبا عبد الله الحسين ، مع آية الكرسي سيد آي القرآن ، وبيان تحقق نزول علم الله على أولياءه الكرام ، ولمعرفة هذا نتدبر الحديث الآتي  عن جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ فِي الْمَزَارِ قال :

عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ :

مَنْ بَاتَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ .

 بِأَرْضِ كَرْبَلَاءَ .

 فَقَرَأَ أَلْفَ مَرَّةٍ: قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ، وَ يَسْتَغْفِرُ أَلْفَ مَرَّةٍ ، وَ يَحْمَدُ اللَّهَ أَلْفَ مَرَّةٍ.

ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي : أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ :

أَلْفَ مَرَّةٍ آية الكرسي .

 وَكَّلَ الله بِهِ : مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ ، وَ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَ سُلْطَانٍ ، وَ يَكْتُبَانِ لَهُ حَسَنَاتِهِ ، وَ لَا تُكْتَبُ لَهُ سَيِّئَةٌ ، وَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ مَا دَامَ مَعَهُ [227].

يا طيب :عرفت أن من يقصد الله سبحانه صادقا مخلصا يغفر له ، وبالخصوص حين يكون الزمان مناسب والمكان شريف ، ويقرأ سيد الآيات والسور ، عند سيد الشهداء وآله الكرام ، وعرفت أنه في الأدعية والتوجه لله بهذا النحو أفضل الأحوال للإنسان المؤمن ليكون في حقائق سلوك الصراط المستقيم للمنعم عليهم ، والبعد عن المغضوب عليهم والضالين والطغاة المظلمين وفي نار الآخرة خالدين .

وإن الإنسان المؤمن : إذا لم يسعه أن يكون في هذا المرقد الشريف المبارك يمكنه أن ، يحصل على تربة تشير لمكانه الشريف ، ويقرأ عليها سيد السورة والآيات ، ويسأل الله بحقها ، فتؤثر فيه بركة الله وتزيل عنه كل بلاء كما جاء :

جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ فِي الْمَزَارِ : عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ : قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام : إِذَا أَرَدْتَ حَمْلَ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام :

 فَاقْرَأ : فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ، وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ، وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ ، وَ آية الكرسي ، وَ يس ، وَ تَقُولُ :

اللَّهُمَّ : بِحَقِّ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ ، وَ حَبِيبِكَ وَ نَبِيِّكَ وَ أَمِينِكَ ، وَ بِحَقِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِكَ ، وَ أَخِي رَسُولِكَ ، وَ بِحَقِّ فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ ، وَ زَوْجَةِ وَلِيِّكَ ، وَ بِحَقِّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، وَ بِحَقِّ الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ ، وَ بِحَقِّ هَذِهِ التُّرْبَةِ ، وَ بِحَقِّ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهَا ، وَ بِحَقِّ الْوَصِيِّ الَّذِي هو فِيهَا ، وَ بِحَقِّ الْجَسَدِ الَّذِي ضَمَّتْ ، وَ بِحَقِّ جَمِيعِ مَلَائِكَتِكَ وَ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ .

صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ : وَ اجْعَلْ هَذَا الطِّينَ شِفَاءً لِي ، وَ لِمَنْ يَسْتَشْفِي بِهِ ، مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ سُقْمٍ وَ مَرَضٍ ، وَ أَمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ .

اللَّهُمَّ : بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ، اجْعَلْهُ عِلْماً نَافِعاً ، وَ رِزْقاً وَاسِعاً ، وَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ سُقْمٍ وَ آفَةٍ وَ عَاهَةٍ ، وَ مِنْ جَمِيعِ الْأَوْجَاعِ كُلِّهَا ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَ تَقُولُ : اللَّهُمَّ : رَبَّ هَذِهِ التُّرْبَةِ الْمُبَارَكَةِ الْمَيْمُونَةِ ، وَ الْمَلَكِ الَّذِي هَبَطَ بِهَا ، وَ الْوَصِيِّ الَّذِي هو فِيهَا ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ انْفَعْنِي بِهَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [228].

ويا طيب : وقد عرفت اتحاد المكان الشريف والزمان في قراءة آية الكرسي في يوم الغدير ، وقد ذكرنا الصلاة بسيد السورة والآيات التي عرفتها ، فقد ذكر في كتاب المزار [229]، أن يتأكد استحبابها يوم الغدير عند الأمير أو في مسجد الكوفة وكل مكان .

 


 

الإشعاع الثاني :

قراءة أية الكرسي والتوسل لله بأهل البيت لرفع الحزن والهم والدين:

يا طيب : بعد أن عرفنا تقارن أشرف الزمان وأكرم المكان ، وما يقرأ فيها من آداب الدين وهدى رب العالمين لنتنور بأعلى ثواب وأعلى عبودية حبها الله سبحانه ليتقرب بها له عباده ، لأنها تعرف الصراط المستقيم والسبيل القويم لكل تعاليم رب العالمين وما به خيرهم في الدنيا والآخرة ، وعرفنا إن آية الكرسي هي بيان لشأن الحي القيوم في التجلي والظهور في أكرم عباده حين يشاء فيهبهم الشفاعة ويحيطهم بعلمه ، فيكونوا العروة الوثقى والحبل المتين الذي يوصل بينه وبين عباده ، فيكون المؤمن مع من أختارهم الله وأصطفهم في أصفى الود وأجمل الطاعة لله سبحانه وفي كل ما يحب ويرضى ، فيُحسن أحواله وتغفر ذنوبه ويرفع همه وحزنه ويشكره على علمه وعمله وطاعته وحبه لما أحب ، وكما قال سبحانه وتعالى :

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى

وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ الله غَفُورٌ شَكُور (23) } الشورى .

فيا طيب : إن أجر الطاعات والعبادات وفق هدى الله والصراط المستقيم ، والتوسل لله سبحانه بما أدبنا من هدى دينه بسيد آي القرآن الكريم وكلامه المجيد ، وبمن خصهم بعلمه ، يكون له أكرم الأثر وأحسنه ويرفع كل هم وغم وحزن ، ويسهل سبيل رفع الدين وقضاء الحوائج ، ويخلص من السجن بإذن الله تعالى وكرامته لما أحب أن يتوسل له به ، فإنه حقيقة في تجلي نور الله سبحانه والدخول تحت ولايته بأفضل الطرق ، وإن كان المؤمن حسن في ذاته ، ولكن قد يصيبه غم وهم تسببها مشاكل الدنيا ، فيحزن لما يأتيه منها ، ولكنه بالتوجه لله بالسبيل الصحيح يرفع بل يدفع كل شر ويقمع إفساد كل شرير ، ولمعرفة أحاديث تعرفنا ما ذكرنا نتدبر :

 


 

القبس الأول :

صلاة فيها آية الكرسي والتوسل لله بالقرآن وآل البيت لرفع الحزن:

قال الْقُطْبُ الرَّاوَنْدِيُّ فِي دَعَوَاتِهِ : رُوِيَ عَنِ الْأَئِمَّةِ عليهم السلام :

إِذَا حَزَنَكَ أَمْرٌ : فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ .

تَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى : الْحَمْدَ ، وَ آية الكرسي.

وَ فِي الثَّانِيَةِ : الْحَمْدَ وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

ثُمَّ خُذِ الْمُصْحَفَ : وَ ارْفَعْهُ فَوْقَ رَأْسِكَ ، وَ قُلِ :

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَنْ أَرْسَلْتَهُ إِلَى خَلْقِكَ ، وَ بِحَقِّ كُلِّ آيَةٍ هِيَ لَكَ فِي القرآن ، وَ بِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ مَدَحْتَهُمَا فِي القرآن ، وَ بِحَقِّكَ عَلَيْكَ ، وَ لَا أَحَدٌ أَعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ .  وَ تَقُولُ :

يَا سَيِّدِي : يَا الله عَشْراً ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَشْراً ، وَ بِحَقِّ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَشْراً .  ثُمَّ تَقُولُ :

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ نَبِيِّكَ الْمُصْطَفَى ، وَ بِحَقِّ وَلِيِّكَ وَ وَصِيِّ رَسُولِكَ الْمُرْتَضَى ، وَ بِحَقِّ الزَّهْرَاءِ مَرْيَمَ الْكُبْرَى سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ، وَ بِحَقِّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سِبْطَيْ نَبِيِّ الْهُدَى ؛ وَ رَضِيعَيْ ثَدْيِ التُّقَى ، وَ بِحَقِّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ وَ قُرَّةِ عَيْنِ النَّاظِرِينَ ، وَ بِحَقِّ بَاقِرِ عَلْمِ الْأَوَّلِينَ وَ الْخَلَفِ مِنْ آلِ يس ، وَ بِحَقِّ الصَّادِقِ مِنَ الصِّدِّيقِينَ ، وَ بِحَقِّ الصَّالِحِ مِنَ الصَّالحينَ ، وَ بِحَقِّ الرَّاضِي مِنَ الْمَرْضِيِّينَ ، وَ بِحَقِّ الْخَيِّرِ مِنَ الْخَيِّرِينَ ، وَ بِحَقِّ الصَّابِرِ مِنَ الصَّابِرِينَ ، وَ بِحَقِّ النَّقِيِّ وَ السَّجَّادِ الْأَصْغَرِ وَ بَرَكَاتِهِ لَيْلَةَ الْمُقَامِ بِالسَّهَرِ ، وَ بِحَقِّ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ وَ الرُّوحِ الطَّيِّبَةِ سَمِيِّ نَبِيِّكَ ، وَ الْمُظْهِرِ لِدِينِكَ .اللَّهُمَّ : إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّهِمْ ، وَ حُرْمَتِهِمْ عَلَيْكَ  إِلَّا قَضَيْتَ بِهِمْ حَوَائِجِي . وَ تَذْكُرُ مَا شِئْتَ [230].

 


 

القبس الثاني :

 صلاة فيها آية الكرسي والتوسل لله بالقرآن وآل البيت لقضاء الدين وشر السلطان:

قال في مَجَالِس الشَّيْخِ وَ ابْنِهِ : عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال :

جَاءَ رَجُلٌ : إِلَى سَيِّدِنَا الصَّادِقِ عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ :

يَا سَيِّدِي : أَشْكُو إِلَيْكَ دَيْناً رَكِبَنِي ، وَ سُلْطَاناً غَشَمَنِي .

فَقَالَ عليه السلام : إِذَا جَنَّكَ اللَّيْلُ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ .

اقْرَأْ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا : الْحَمْدَ  وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ .

وَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ : الْحَمْدَ ، وَ آخِرَ الْحَشْرِ : لَوْ أَنْزَلْنا هذَا القرآن عَلى‏ جَبَلٍ .... إِلَى آخِرِ السُّورَةِ .

 ثُمَّ خُذِ الْمُصْحَفَ : فَدَعْهُ عَلَى رَأْسِكَ ، وَ قُلْ :

 بِحَقِّ هَذَا القرآن : وَ بِحَقِّ مَنْ أَرْسَلَهُ ، وَ بِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ فِيهِ ، وَ بِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ ، فَلَا أَحَدَ أَعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ بِكَ .  يَا الله عَشْرَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ تَقُولُ :

يَا مُحَمَّدُ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا عَلِيُّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا فَاطِمَةُ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا حَسَنُ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا حُسَيْنُ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا عَلِيَّ بْنَ مُوسَى عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، يَا حَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَشْراً ، يَا الْحُجَّةُ عَشْراً .

 ثُمَّ تَسْأَلُ الله حَاجَتَكَ .

قَالَ : فَمَضَى الرَّجُلُ وَ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ مُدَّةٍ .

 وَ قَدْ قُضِيَ دَيْنُهُ ، وَ صَلَحَ لَهُ سُلْطَانُهُ ، وَ عَظُمَ يَسَارُهُ[231] .

 

وفي قبس المصباح‏ : قال أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ كِشْمَرْدَ بعد أن ذكر قصة طويلة فيها أنه حبسه حاكم الإحساء وحكم عليه بالإعدام وإنه توسل بالله وبأهل البيت ، ثم قال نعست فنمت : فرَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فِي مَنَامِي ذَلِكَ ، فَقَالَ :

 اكْتُبْ : بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، وَ تَمَامَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ .

وَ آية الكرسي ، وَ الْعَرْشَ ( أي آية السخرة وآيتين بعدها ) .

وَ اكْتُبْ : مِنَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إِلَى الْمَوْلَى الْجَلِيلِ ، الَّذِي لا إله إلا هو الحي القيوم . سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ : مُحَمَّدٍ ، وَ عَلِيٍّ ، وَ الْحَسَنِ ، وَ الْحُسَيْنِ ، وَ عَلِيٍّ ، وَ مُحَمَّدٍ ، وَ جَعْفَرٍ ، وَ مُوسَى ، وَ عَلِيٍّ ، وَ مُحَمَّدٍ ، وَ عَلِيٍّ ، وَ الْحَسَنِ ، وَ حُجَّتِكَ رَبِّ عَلَى خَلْقِكَ .

 اللَّهُمَّ : إِنِّي أُشْهِدُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ ، أَنَّكَ الله إِلَهِي وَ إِلَهُ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ، لَا إِلَهَ غَيْرُكَ ، أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِحَقِّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي إِذَا دُعِيتَ بِهَا أَجَبْتَ ، وَ إِذَا سُئِلْتَ بِهَا أَعْطَيْتَ ، لَمَّا صَلَّيْتَ عَلَيْهِمْ ، وَ هَوَّنْتَ عَلَيَّ خُرُوجَ رُوحِي ، وَ كُنْتَ لِي قَبْلَ ذَلِكَ غِيَاثاً وَ مُجِيراً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ وَ يَطْغَى .

وَاجْعَلِ الرُّقْعَةَ : فِي كُتْلَةِ طِينٍ ، وَ اقْرَأْ سُورَةَ يس ، وَ ارْمِ بِهَا فِي الْبَحْرِ .

 فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْبَحْرَ بَعِيدٌ مِنِّي ، وَ أَنَا مَحْبُوسٌ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيمَا أَلْتَمِسُ .

فَقَالَ : ارْمِ بِهَا فِي الْبِئْرِ أَوْ فِيمَا دَنَا مِنْكَ مِنْ مَنَابِعِ الْمَاءِ .

قَالَ ابْنُ كِشْمَرْدَ : فَانْتَبَهْتُ وَ قُمْتُ فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، وقال : فَلَمَّا أَصْبَحْنَا اسْتُدْعِيْتُ ، ثُمَّ رَأَيْنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ نُفَرِّجَ عَنْكَ ، ثُمَّ أَمَرَ بِي فَجُهِّزْتُ وَ أَصْحَبَنِي مَنْ أَوْصَلَنِي مُكَرَّماً إِلَى مَأْمَنِي [232].

ويا طيب: ذكر في مقدمة حديثه قصة طويلة في كيفية سجنه ومدته ، وكيف توسل وما قال ، وكيف رأى أمير المؤمنين عليه السلام ، وكذلك ذكر في أخر الحديث قصة أخرى بسبب هذا الحديث الذي بين يديك، وتوسل سجين أخر ونجاته وتحسن حاله.

 

 


 

القبس الثالث :

صاحب آية الكرسي والقدر والمتجلي نورهما فيه يقرئهما حين ولادته:

عن حكيمة قالت : دخلت يوما على أبي محمد عليه السلام فقال :

يا عمة : بيتي عندنا الليلة ، فإن الله سيظهر الخلف فيها .

قلت : و ممن ؟

 قال عليه السلام : من نرجس .

 قلت : فلست أرى بنرجس حملا .

قال : يا عمة إن مثلها كمثل أم موسى لم يظهر حملها بها ، إلا وقت ولادتها ، فبت أنا و هي في بيت ، فلما انتصف الليل صليت أنا و هي صلاة الليل .

فقلت في نفسي : قد قرب الفجر و لم يظهر ما قال أبو محمد .

فناداني أبو محمد عليه السلام : من الحجرة ، لا تعجلي ، فرجعت إلى البيت خجلة ، فاستقبلتني نرجس ، و هي ترتعد فضممتها إلى صدري .

و قرأت عليها :  قل هو الله أحد .

و إنا أنزلناه ، و آية الكرسي .

فأجابني الخلف من بطنه

 يقرأ كقراءتي

 قالت : و أشرق نور في البيت.

 فنظرت : فإذا الخلف تحتها ساجد لله تعالى إلى القبلة ، فأخذته .

فناداني أبو محمد عليه السلام : من الحجرة ، هلمي بابني إلي يا عمة .

قالت : فأتيته به فوضع لسانه في فيه ، و أجلسه على فخذه .

و قال عليه السلام : انطق يا بني بإذن الله .

فقال عليه السلام : أعوذ بالله السميع العليم : من الشيطان الرجيم .

بسم الله الرحمن الرحيم :

{ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ

وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً

وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5)

وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ

وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) } القصص .

و صلى الله على محمد المصطفى ، و علي المرتضى ، و فاطمة الزهراء ، و الحسن و الحسين ، و علي بن الحسين ، و محمد بن علي ، و جعفر بن محمد ، و موسى بن جعفر ، و علي بن موسى ، و محمد بن علي ، و علي بن محمد ، و الحسن بن علي أبي[233].

ويا طيب قال الله تعالى : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ

أَنَّ الْأَرْضَ  يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105)

إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا  رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)

قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (108) 

فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ (109)

 إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ  الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110)

وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111)

قَالَ رَبِّ  احْكُم بِالْحَقِّ

وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112)} الأنبياء .

يا طيب : إن الله لا إله إل هو الواحد والحي القيوم ، لابد من أن يظهر تجلي نوره وهداه بكل حقائقه حتى يعبد بكل ما يحب ويرضى ، ولابد كما وعد سبحانه في الزبور والذكر الذي هو القرآن المجيد ، أن يورث الأرض عباده الصالحون ، وتظهر رحمة لله بمن جعلهم أئمة لكل المؤمنين ،  فيورثهم أرضه ويصلح كل ما فسد من أمر أهل الأرض ، بولي أمره وصاحب ليلة القدر الذي يختص بأمر الروح وما ينزل به من علم يحيطه الله سبحانه بإذنه ، ويشفعه بتعليم ما يريد لعباده ، وما ينزل الله في سيد الليالي من سيد العلم إنا أنزلنها ، ومن كل أمر يحتاجه العباد لإصلاحهم ، وكما قرءها قبل ولادته عليه السلام ، والتي هي خلاصة عملية لسيد الآية آية الكرسي.

ويا طيب : إن كثرة استحباب تلاوة آية الكرسي في كل ما عرفت من هذه النوافل اليومية في كل صلاة نافلة ، وفي ما يستحب مرة في كل سنة ، وبعض الأدعية ، وعلى كثرتها الذي عرفته ، حتى لكانت تنافس أكرم سور القرآن المجيد ، ولعله تأتي بعد سورة الحمد في استحباب تلاوتها في النوافل وقبل الصلاة وبعدها وفي كل يوم ولكل مهمة كما عرفت وسترى في النور الآتي ، وما لها من الفضل العظيم والشأن الكريم ، يعرفنا حقائق ملاك سيادتها ، وما تهبه وتبذله من الآثار العلمية والعملية ، وما تعرفه من الحقائق التكوينية ، والتي تكون أساس معارف شرع الله ، وترينا أكرم أصوله ، وما يجب أن نؤمن به ونبحث عنه من معارفه ويحسن بنا كمؤمنين تعلمه ، وبالخصوص حين ما يقارن آية الكرسي ، وسورة التوحيد وهي كأول آية الكرسي ، وسورة إنا أنزلناه في ليلة القدر التي تحكي عن إذن الله وما يشفع من علومه لوليه ، أو المعوذتين ترينا وجوب التعوذ من كل شرير وطاغية لا يرضى  بولاية الله ومن ولاهم وجعل لهم السيادة والإمامة ، التي بمجموعها تعرفنا ما يجب التوسل بالله في جلب كل خير والتخلص من كل شر وشرير .

وبتلاوة كتاب الله : وأفضل وسيد سوره وآياته ، فنعرف أفضل عباده وسادتهم المصطفين الأخيار ، وهو عينه ما نطلبه من الله في كل صلاة ، وذلك بعد تعريف عظمته في سورة الفاتحة فنقر له بأن رحمته شملت ملكه لكل شيء من التكوين والهدى و الدين ، فنطلب منه أن يهدينا لصراطه المستقيم الذي خصه بالمنعم عليهم فإذن لهم بعلمه وشفعهم به لنا ، دون غيرهم من المغضوب عليهم والطغاة الضالين المضلين .

وبما نتلوه يا طيب : في كل هذه المستحبات وما لها من الثواب الجزيل نتحقق بأعلى طاعة وعبادة وذكر لله سبحانه وتعالى وبما حبه لنا أن نتقرب له به ، وبه يهبنا أعلى ثواب وأكرم فضائل ومقامات ، وجزيل الحسنات المضاعفة ويدفع عنى الهموم والغموم والشرور ، ولكن عرفت أن شرطه هو التدبر بها ومعرفة ما تهبه لنا من المعارف الكريمة ، وأنه يجب أن نبحث عن الرشد وأين تحقق نور الله وولايته لأكرم عباده فإذن لهم بالشفاعة وأحاطهم بعلمه كما تبينه سورة إنا أنزلناه في ليلة القدر من نزول كل أمر الله لوليه وإمام الزمان الذي أختاره واصطفاه.

 فنقتدي بسادة الوجود : الذين هم محل تجلي نور الله وحقائق ظهور آية الكرسي وسورة القدر وما نسأل الله به أن يهدينا لصراطهم المستقيم في سورة الفاتحة ، وبكل إخلاص ، فنعرف أنه بهم يتم ظهور كل تعاليم الله وتشريعه ، وبكل علم علموه وسيرة وسريرة لهم وسلوك أروه بعملهم وعبادتهم وطاعتهم ، فنجعلهم قدوة لنا كريمة وأسوة حسنة  ، وبهذا نبتعد عن شر كل ضال مضل طاغي غوي من الخالدين في النار .

وبعد الذي عرفت : من حقائق استحباب تلاوة آية الكرسي في كل أمر ونافلة مستحبة ودعاء وما يقارنها من غرر السور كالإخلاص وإنا أنزلناه والفاتحة وما نتعوذ به .

 ندخل معرفة جديدة في النور الآتي : وهي التحقق بآثار دنيوية وأخروية تكوينية ، بسبب قراءة آية الكرسي وما يقارنها للمهمات ، وما تشمله لأغلب شؤون الحياة من قبل الولادة حتى الممات ، فتجلب كل خير وبركة لمن يقرئها في كل أحواله وأطواره ، وما يحتاجه في كل أموره الدنيوية فضلا عن الطاعة والعبادة الأخروية .

وبهذا : ندخل في طور آخر لمعرفة سيادة آية الكرسي وظهور ملاك سيادتها ، ونرى نور كرمتها وشرفها وعظمتها ، فتحثنا هذه الأحاديث الكريمة لكي نواظب عليها في كل أوقات حياتنا ونداوم على ذكرها وتكرارها ، وفي كل وقت نحب أن نعبد الله به ونتقرب له ونطيعه أو لطلب لثواب ، أو لرفع ودفع كل شر وشرير ، أو لجلب كل خير وفضل منه سبحانه لا إله إلا هو الحي القيوم .

وأسأل الله تعالى الذي هو :

اللّهُ لا إله إلا هُوَ الحي القيوم لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ

 لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ

مَن  ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ

 يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ  وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء

وَسِعَ  كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)

لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ  الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ    فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ  عَلِيمٌ (256)

اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ

 وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) } البقرة .

أن يتولانا ويوفقنا لما يحب ويرضى ، ويرزقنا الصحة والعافية في الدنيا والآخرة ، ويسلك بنا صراط المنعم عليهم بهداه ، ويهب لنا رشدهم ، ويعلمنا كل ما أحاطهم به من علومه، فنسير على صراطهم المستقيم ، ويبعد عنا شر كل غوي وطاغي وظالم وشرير وأولياءهم ، ويحشرنا علما وعملا وسيرة وسلوكا مخلصين له الدين ، مع نبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين ، إنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 



[222] مستدرك‏ الوسائل ج6ص397ب44ح7079-37.إقبال الأعمال ج‏1ص530ب9.

[223] وسائل ‏الشيعة ج8ص181ب50ح10367. إقبال الأعمال ص555 .

[224] إقبال ‏الأعمال ص622. مستدرك‏ الوسائل ج6ص398ح ب44ح7080-38 .

[225] بحار الأنوار ج98ص251ب18ح39 .

[226] بحار الأنوار ج98ص206ب18ح33 . كتاب ‏المزار ص102ب50 .

[227]وسائل‏ الشيعة ج14ص471ب52ح19627 .عن كامل الزيارات ص 336 ح564/ 8 . بحار الأنوار ج94ص86ب57ح7 . وأضاف أخره بعد معه : ما شاء الله .

[228]كامل ‏الزيارات ص 283 ب93ح 12 . وسائل‏ الشيعة ج14ص530ب73ح19757 . بحار الأنوار ج98ص 128 ب16ح39 .

[229] كتاب ‏المزار ص90ب47

 [230]الدعوات ص57ح146. بحار الأنوار ج88ص375ب2ح33.

[231]الأمالي ‏للطوسي ص292م11ح567-14 . وسائل‏ الشيعة ج8ص125ب24ح10226 . بحار الأنوار ج89ص 112ب11ح1 . بحار الأنوار ج88ص346ب2ح6 .

[232] المصباح‏ للكفعمي ص 405ف36. بحار الأنوار ج91ص24ح21.

[233] كشف ‏الغمة ج2 ص498ب25. الخرائج‏ والجرائح ج1ص455ب13. الصراط المستقيم ج2ص209ب11ح1.  ألقاب الرسول وعترته ص 85 .

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

http://www.alanbare.com