بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين

في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____



صحيفة
الإمام المهدي المنتظر أبو القاسم محمد بن الحسن

عليه السلام

المقدمة مختصرة :

يا طيب : بين يديكم صحيفة بقية الله ابن أحسن السلف و أشرف الخلف وأنبل موجود في أرض الله تعالى ، وأكرم إنسان في عالم الشهادة ، وهو صاحب الإمامة والولاية العظمى والهداية الكبرى ، وأعظم أبناء الزمان إلى يوم الدين ، وله كرامة الله العليا ، وهو الطيب الطاهر والإمام الولي المنصور المؤيد بالله خير الناصرين .
فهو سيد أهل الكائنات : وأميرهم ، و صاحب ليلة القدر وخيرها ونزول الروح فيها بإذن الله بكل أمر، فهو القائم بأمر الله في عباده وخليفته ، وحجة الله وولي أمر دينه فيهم .

مولانا الإمام الثاني عشر : و المعصوم الرابع عشر ، إمامنا وسيدنا المهدي المنتظر : م ح م د : ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين أخ الحسن بن علي بن أبي طالب زوج فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله سيد الأنبياء صلى الله عليهم وسلم .
فهو عليه السلام : إمام العدل والإحسان ، والقسط والإيمان ، وحافظ الدين والهدى بالبرهان ، فهو أكرم وأمجد وأنبل إنسان ، و صاحب أعلى معاني حكمة رب العالمين ، إمام العصر وصاحب الزمان ورباني آيات الله تعالى ، وصاحب وأجمل معارف شؤون الخالق في تدبير عباد الله بأمر الله .
فهو عليه السلام : حافظ دين الله وسيد البشر ، و الواجب موالاته والإيمان به منقذ للعباد من الضلال ، والذي يجب على المؤمن حب انتظار ظهوره والفرج به للعباد ، حتى يتجلى نوره فيملئ الأرض قسطا وعدلا وصلاحا وهدى وأيمانا ، وبه يتم نور الله وكل خير وبركة تنزل منه لكل عباده ، فيرفع الله سبحانه به جور الطغاة وظلم الظالمين ويبور الكفار والمنافقين وكل المعاندين لدين الله وهداه وعبوديته سبحانه وتعالى .
فهو عليه السلام : كاشف هم المظلومين ، و عز المستضعفين والمحرومين، مزيل الأحزان بهدم أركان الفسق والفجور والعصيان ، آخر الخلفاء المصطفين الأخيار والمجتبين الأبرار للرب الرحمن .
متع الله سبحانه : أنظارنا جميعا بغرته الحميدة ، وشرفنا بطلعته الرشيدة ، ويجعلنا جميعا من أنصاره أعوانه ، ورزقنا الثبات على ولايته وآله حتى ظهوره، والكون معه ومن السابقين إلى إرادته إن شاء الله تعالى .

وتجد يا طيب : في صحيفة الإمام المهدي المنتظر، والنصر والظفر منجي البشر ، القائم بالعدل والإحسان ، ثاني عشر خلفاء الرحمان ، كاشف الهم والأحزان ، صاحب العصر والزمان ، قائم آل محمد عليهم السلام ، الإمام الثاني عشر أبا صالح الحجة ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف

تجد فيها يا طيب : ذكر جملة من أحواله و أسمائه ، وألقابه ، وكناه ، وإمامته ، ونقش خاتمه ، تاريخ مولده ، وحليته ، وكلامه ، وسبب غيبته ، ومن رآه ، ووكلاءه ، وثواب انتظار الفرج ، وعلامات الظهور ، وحتمية ظهوره ودولته عليه السلام ، وما يحدث فيها ، وإن شاء الله .

الراجي لرحمة ربه بأن يجعله من أنصار الحسين ومنهجه الحق حقا

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن الأنباري

موسوعة صحف الطيبين


روابط صحيفة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام
https://www.alanbare.com/12/
الصحيفة كتاب الكتروني
https://www.alanbare.com/12/12.pdf

صحيفة الإمام المهدي عليه السلام

صحيفة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام

دارمي يشوقنا لقراءة صحيفة الإمام

صحيفة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام

رحم الله الشيخ حسن الِأنباري إذ قال :

دارمي يشوقنا لقراءة الصحيفة:

أقرأ يا طيب صحيفة بقية الله المهدي

وتعرف على مولده وغيبته وبه أهتدي

+

وتيقن ضرورة وجوده حقا بأمر الله المقضي

وأن الله أصطفاه وذخره لكي لعباده يرعي

+

تولي وحب أبو صالح يعني يا دنياي أصلحي

وحب العبودية لله بدين وهدى آباءه بوعي

+

أنتظار بقية الله للمؤمن من أفضل ما أعطي

وإنتظار فرجه عبادة لله لحب من أختاره ولي

+

ظهور الإمام المنتظر من أمر الله المقدر الحتمي

ونتنعم بالعدل والإحسان ويخزى الظالم المعتدي





المقدمة

أهم بحوث صحيفة المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف :

ضرورة وجود الحجة لكل زمان

أولاً : ضرورة وجود نبي أو وصي حجة لله على خلقه :

يا طيب : قد كتبنا في ضرورة وجود الهادي للبشر على طول الزمان في الوجود في بحث الإمامة العامة ، بل وفي بحث النبوة العامة ، أو فيما كتبناه في صحيفة الثقلين ؛ ما ينفع في التمهيد والبيان لضرورة وجود الأنبياء وأوصيائهم وبالخصوص أئمتنا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم خلفاء الله الحقيقيين في أرضه ، فراجع لعل الله ينفعنا بالإيمان بها والاطلاع على جمال حقيقتها .

وقد بان في تلك البحوث : أهم الأسباب الموجبة لحتمية وضرورة وجود الإمام المعصوم بعد نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، كخليفة له ووصي وولي على المؤمنين بعده ، قد أعده الله إعداد خاص وهيئه وفق تربية إلهية خاصة لقيادة الأمة الإسلامية ، ولتعليمهم تعاليمه الحقيقية ويهدي الناس لدينه من غير اجتهاد برأيه أو قياس أو نظر، بل يبين دين الله على حقيقة ما أنزله على نبيه الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك لكونه الوصي والخليفة الحقيقي للنبي الأكرم المختار من قبل الله تعالى .

وذلك : لاعتناء الله بدينه وجدية ما يريده من العبودية الحقيقية من عباده من غير اختلاف في الرأي وتفاوت في التعاليم ، فيكون الإمام المعصوم وخليفة نبينا الأكرم هو الموكل بهذه المهمة لهداية الناس وتعليمهم ، ولابد أن لا يخلو زمان من وجود إمام معصوم يهدي الناس الهداية التشريعية ، وقيامه بأمور إدارة المجتمع وحكومته لهم بأمر الله تعالى بمقدار طاعتهم له ورجوعهم إليه وانقيادهم له .

ثانياً : قيادة النبي والإمام لأهل زمانه حسب طاعتهم له :

إذا عرفت : أن الله تعالى لإرادته الجدية في وجوب اتباع تعاليمه وإقامة العبودية له من قبل البشر باختيارهم ؛ ينصب خليفة له في بيان تعاليمه والحجة الداعي لدينه في كل زمان سواء نبي أو وصي نبي ، وإن على الناس وجوب طاعته واتباعه من غير جبر تكويني ، وتتم قيادته لهم ما انقادوا له . هذا .

وإذا وانحرف الناس : وتركوا نبيهم أو إمام زمانهم ولم يتبعوه ولم يتمكن من حكمهم ، فيكفي أن يدير ويحكم اتباعه والمنقادين له ما تمكن من قيادتهم ، وإن لم يمكنه وضيق عليه فليس عليه غمه ولا على الله الذي اختاره ملامة ؛ لأن الله تعالى عليه أن ينصب حجة وعلى الناس أن يتبعوه باختيارهم .

وإذا عرف الله : من الناس الغدر والقتل لوليه ، فله أن يغيبه عن أنظارهم ، عقابا لهم ويظهره في الزمان الذي يريده تعالى ، وهذا له شاهد في حياة الأنبياء والأئمة سنبينه في هذه الصحيفة إن شاء الله تعالى .

الثالث: كل الأمم تعتقد بالمهدي ومصلح آخر الزمان:

فإذا عرفت يا طيب : أن الله سبحانه يجعل حجة على الناس من نبي أو وصي نبي يبين تعاليمه لهم ، وذلك لاهتمامه بدينه وجديته لهداية خلقه ، وإن وجود النبي أو وصيه ظاهر أو في حال غيبته عنهم بشخصه يكون مقدار عبوديتهم لله وأتباعهم لتعاليمه ، بمقدار طاعتهم لذلك النبي أو للوصي وانقيادهم له والعزم الجدي على متابعته في جمع الأحوال سواء في حال ظهوره أو غيبته، لأنه هو المختار من الله لهدايتهم والمنصوب لقيادتهم للصراط المستقيم.

كما أن في زماننا الحاضر : قد توافقت كل المذاهب والأديان أن حجة الله والمصلح الأعظم غائب وغير معروف في أوساط الناس بشخصه ، وإن كان معروف باسمه ونسبه وغالب مواصفاته بين المسلمين كلهم لأخبار النبي الأكرم به أو الأنبياء السابقين .

فلذا قد كتب : في عقيدة ومسألة المهدي المنتظر وصاحب الزمان كتب كثيرة من العامة والخاصة بل ومن غير المسلمين ؛ لكون العقيدة بظهور مصلح للبشرية ومخرجها من الظلام والكفر إلى النور والإيمان ، ومن الجور والظلم إلى العدل والإحسان ؛ عقيدة جميع الأديان السماوية ، بل قد تأثرت بها العقائد الوضعية لانتشارها بينهم من المتدينين ، لتبشير الأنبياء كلهم على طول التأريخ بظهور مصلح آخر الزمان بتأييد الله تعالى كتبشيرهم بنبوة نبينا الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم .

فأصبحت عقيدة المهدي : وانتظاره يعيشها جميع المتدينون في العالم ، وكل من يأمل فضل الله تعالى في إقامة الدين والعدل والعبودية في جميع بقاع الأرض ، ويأمل تحققها كل إنسان ينتظر الفرج من الله تعالى لرفع الظلم والجور والقهر والاستكبار في الدنيا ، حتى اصبح انتظار الفرج نوع من العبادة مرضية لله تعالى قد أمر بها الله تعالى للإيمان بقبول حكم هداة دينه ، ولعقد النفس على متابعة أولياءه وأخذ تعاليمه الحقيقية منهم وعبوديته بما يحب ويرضا .

وللمسلمين بالإيمان بالمهدي : والتعايش مع فكرة انتظار ظهوره المشرف والبحث عنها وعن حقيقتها بالنقل والعقل والتعبد بها السهم الأكبر من بين جميع الأديان ، لأن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من ذكرها ومن ذكر الأحداث المحيطة بها ، والملاحم والفتن التي تحصل في الدنيا ، وانتشار الظلم والجور على طول الزمان .

وذلك لكون : الداعي لوجوده كبير واحتياج البشر إليه شديد ، فيتوق وينتظر المؤمنون المخلصون المجدد لدين الله في آخر الزمان والذي يبعث في الناس روح الإيمان وحقيقته بعد أن تندرس اكثر تعاليمه الصحيحة وينتشر الجهل الديني والانحراف عن حقيقة العبودية ، بحيث يكون احتياج الناس لإمام أخر الزمان والمهدي المنتظر كاحتياج البشر والمجتمع في زمان نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم إليه ، هذا وقد أشار الله تعالى إلى ما ذكرنا بالإضافة للحديث النبوي في عدة آيات ستطلع عليها في هذه الصحيفة إن شاء الله تعالى .

رابعاً : وجوب الاعتقاد بوجود المهدي المنتظر في غيبته :

يا طيب : إذا عرفت أن لاهتمام الله بدينه وبعباده المؤمنين وبأمر جميع البشر ، لا يخلوا أرضه من حجته والقائم بأمرهم ، فلذا ينصب الله للناس مصلح لهم وهادي لهم لحقيقة تعاليمه على طول الزمان ، يتعلمون تعاليم الله منه ، ويرجعون له عند اختلافهم ويقودهم لسعادة الدنيا والآخرة .

ثم إن وجود : نبي الله أو وصي نبي بين الناس وقيادته لهم حسب طاعتهم له ، وإذا عرف الله من المتسلطين على الناس وحكام الأرض وأهل القوة الظاهرية ، عدم أطاعتهم لحجته والأمام المعين من قبله ، وإنهم سيغدرون به ويقتلوه وكان هذ عملهم مع جميع حججه ، فالله يغيب شخص هاديهم عن أنظارهم ويجعله يصلحهم سراً ل علناً ، ويهديهم حسب أساليب أخرى غير ظاهره ، ويظهره بالوقت المناسب الذي يمكّن به لوليه الإدارة والحكومة المطلقة على جميع البشر ، وذلك بالخصوص في آخر الزمان كما ستطلع على تفصيل هذا في فصول هذا الكتاب .

ولشيعة : آل محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام بالخصوص ، إيمان راسخ بهذه العقيدة واطمئنان بوضوح هدفها وغاياتها مما فاق جميع الأديان السماوية والمذاهب الإسلامية الأخرى ، وذلك لاعتقادهم القطعي بولادته وإيمانهم الراسخ بوجوده وإن كان غائب ، وتتبع سلفهم وقادتهم لهذه العقيدة بالبيان والتحقيق وجمع الآيات والروايات المبينة لهذه الحقيقة ، مما يقطع كل شك كما وينفي كل شبه عن وضوح حقيقتها وضرورة التعبد لله تعالى بها .

خامساً : صحيفة المهدي المنتظر تبين وجوده الكريم وأهداف غيبته وظهوره :

ويا طيب : وهذا الكتاب الماثل بين يديك باسم ، صحيفة المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، واحد من هذه الكتب التي تبين أهم خصائص دعوة الإمام المهدي المنتظر ، واهم خواص إمام زماننا وحجة الله تعالى علينا في عصرنا الحاضر ، ، فهي تختص ببيان وجوده الشريف من ولادته واسمه ونسبه وصباه ومواصفاته وبداية إمامته وغيبته الصغرى والكبرى ووكلائه والمتشرفين برؤيته ، والروايات والآيات المبشرة بظهوره ، والعلامات والملاحم والفتن الحاصلة في زمانه ، وأهمية انتظار ظهوره والتعايش بعقيدة حصول فرجه الشريف ، وغيرها من البحوث المتعلقة بشؤونه عليه السلام .

وما ذكرناه هنا : أهم الأدلة والبراهين النقلية والعقلية سالكين بذلك سبيل الاختصار الغير مخل ، والإشارة لما تم تحقيقه من علماء الأمة ، وبالتطويل الغير الممل في المواضيع التي قد ننفرد بأسلوب بيانها ولنا تحقق خاص في تعريفها .

وقد نقدم : بعض البحث والتحقيق على غيره لأهميته ، وذلك كحتمية ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف لإتمام الوعد والقضاء الإلهي وسننه بظهور الحق وغلبته على الباطل ، لأن سبب احتياج البشر لظهوره عليه السلام هو لإتمام الوعد الإلهي لإصلاح العالم كله بشموله بالحكومة والتطبيق الحتمي لأحكامه وتعاليمه وبالإعجاز الإلهي ، ولم يقتصر البحث فقط في إتمام الحجة بوجوده ووجوب رجوع الناس إليه في اخذ تعاليمهم منه مباشرة في زمان ظهوره فقط ، بل لابد من الرجوع لوكلائه من فقهاء المذهب الجعفري في حال الغيبة ، وإنه في غيبته له رعاية خاصة ودراية تامة بكل أحوال من ينتمي إليه ويسدد من يواليه حقيقة منتظر لفرجه ، وهذا ما انفردت به إمامته عليه السلام ، فنسأل الله أن يوفقنا لصواب الرأي والبيان ويرزقنا الله رؤيته ويجعلن من أنصاره وأعوانه .

ضرورة وجود إمامنا المهدي المنتظر وأهداف غيبته

عجل الله تعالى فرجه الشريف

يا طيب : بعد أن عرفنا بكلام برهاني منطقي وبدليل جداني عرفي ديني يقره المؤمن حتى اليقين ويصدقه المسلم المطلع على معارف الدين الإسلامي وكل منصف يتدبر الوجود ، عرفنا بصورة مختصرة عقلية بحته ضرورة وجود الحجة في كل زمان حتى ولينا وإمام العصر المهدي المنتظر ، نتدبر معنى أخر من ضرورة وجود الإمام المهدي عليه السلام والفائدة من وجوده ، أيضا بمعرفة برهانية عقلية إيمانية لمن يعرف معارف الإسلام وهداه وآدابه :

يا طيب : يجب أن نؤمن ونتيقين ضرورة وجود الإمام المهدي في الوجود والهداية للدين :

فإمامنا المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف : وإن كان غاب عن أنظار الناس بأمر الله ولا يعرف شخصه ، وطال عمره الشريف بالنسبة للمتعارف من أعمار الناس ، وذلك لحكمة وقضاء وقدر من الله تعالى ، لكن هو الذي قد اختاره الله تعالى لأن يكون خاتم هداة دينه وآخر أوصياء نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو الإمام الثاني عشر بعد آباءه الأئمة المعصومين الكرام من آل محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، الحجة بن الحسن المنتظر من أسباط نبينا الأكرم وعلي بن أبي طالب صلاة الله عليهم وعلى آلهم ، وعجل الله تعالى فرجهم الشريف .

فقد : جعله الله تعالى ضرورة في وجود الهداية لدينه ، وهو في حضوره في الوجود من دون معرفة شخصه الكريم للناس له ، بحيث يكون بوجوده الكريم عليه السلام تتم أهم وأقوى السنن الكونية والتشريعية الإلهية ، أنه لابد في الوجود الكوني وجود أتم وأكمل العباد وهو هادي لهم وشاهد عليهم ، والسبب مشروحا مختصر هو :

أولاً : الحافظ للشريعة والمرشد للحق :

فهو عليه السلام : الحافظ للشريعة والمرشد للحق ، وراد المجمعين على الباطل في المعارف الإسلامية إلى الحق من تعاليم دين الله ، وهادي الأمة ومنبه علمائها ، إن غلطوا هداهم ، وإن نسوا ذكرهم .

وشاهد : أحوال العالم والعالِم بأخباره ، المؤيد بالروح وصاحب ليلة القدر ، و حجة الله التي لم يخلي منها أرضه ، وإمام الزمان وصاحب العصر ، المصلح الأعظم للدنيا وأهلها في كل زمان ، وبه الله ينشر ما ينجيهم إن قبلوا العمل بتعاليمه وتوصياته التي يبينها بأسلوب وطرق بها صلاح الناس في دينهم ودنياهم كم في أيام ظهوره ودولته وحكومته في آخر الزمان ، إلا أن الفرق هو في آخر الزمان يؤيد بمعجزات النصر بالسلاح والقوة ، وهنا مؤيد بالتعليم الغير المباشر للناس عن طريق أولياءه وتوصياته وإلقاءها بين الناس من غير معرفته بشخصه .

ثانياً : وجوده استمرار لوجود حجج الله :

فهو عليه السلام : وصي النبي الأكرم وسبطه ومن ذرية الأطهار واستمرار وجوده ووجود النبوة وهو وحافظ تعاليم دينه ، قد بشر به الله وأنبياءه وبخصوص نبينا الأكرم ، وعند ظهوره يصلي خلفه عيسى بن مريم والحواريين وخالص المؤمنين كلهم تحت قيادته وولايته في إدارة شؤون الدنيا .

ووجوده إعداد : لإقامة عدل الله وحكومة دينه ، ومعرفة العبودية الحقيقة لله تعالى كما أنزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك للوعد الإلهي وسننه في الهداية التكوينية والتشريعية ، ووفق غرض الخلقة والوجود ، بحيث يظهر دين الله على الدين كله ، ويستخلف عباد الله الصالحين في حكومة الأرض كله يكون القائد لهم أحسن وأشرفهم وأنبلهم .

ثالثاً : وجوده من سنة الله في الاختبار الدائم لعباده :

وهو عليه السلام : في زمان غيبته آية الامتحان الإلهي وعلامة الاختبار الرباني ، الذي يستبين الله تعالى به حال أهل الدنيا ونياتهم ، فتظهر حقيقة الناس جميعهم ، ويعرف بحق قولهم وعملهم واعتقادهم ، ويتميز وبجوده وبغيبته عليه السلام حال :

الصادقين والمخلصين : والثابتين على عهد الله ، والمترقبين لإقامة العدل والحق بيد بقية الله ومصلح الدنيا ، والمعدين العدة لظهور ولي دينه الله ، والعاقدين القلب باليقين على نصر أمر الله وقدره ، الممهدين لحكومة دين الله ، الموطئين لدولة الله ، المقاومين للشرك والنفاق والكفار ، الرافضين للذل والعار ، والمجاهدين للمستكبرين والظلمة والاستعمار .

يتميزوا : من الذين ينكرون اهتمام الله تعالى بدينه ، ومحكمي الأهواء ، الآيسين من رحمة الله وفرجه ، المدبرين عن انتظار دين الله وعدله وإحسانه ، الخاضعين للظلم والاستعمار ، والمصافحين للمشركين والكفار ، والخانعين بذل أمام الاستكبار ، المستعطفين للمفسدين والفجار ، والمتلطفين بنفاق وعدم حياء للمسلمين وللأشرار .

رابعاً : وجوده تربية وخير وبركة للمؤمنين :

يا طيب : إن وجود وصي نبي وإمام حق منصوب من قبل الله تعالى وهو حي غائب عليه السلام ، من خير وبركة الله ومن تمام نعمته على المؤمنين ، بحيث يتنسم عباد الله به أمل ظهور وعد الله وانتشار عدله ، ويستنشقون بذكره رحمة الله التي تعم الوجود باللطف والإحسان للمتدينين ، ويجدون بوجوده روح إقامة عبودية الله في جميع أرجاء الدنيا فيسعون لتوطيدها والتمهيد لها ، والمؤمنون في كل زمان لهم برجاء الأذن في الفرج له ما يطرد كل تكاسل وتقاعس وتواني عن العمل وتعلم ونشر دين الله من وجودهم وقولهم وعملهم واعتقادهم ، مقتدين بوعد الله ووجود أمام لهم أعده الله لهذا الأمر .

فلوجوده الكريم : في الدنيا وأن كان لا يعرف شخصه ؛ يترقب المؤمنون في كل آن حكومة دين الله للدنيا كلها فيعدون عدتهم لها ، ويتسابق المخلصون في عقد قلوبهم على نصر دين الله في كل لحظة ، ويعمل الصادقون في كل آن من أجل التمهيد لدولة الله وإقامة أحكامه وحدوده .

فالإيمان : بوجود أمام حي يرزق بين الناس ، وإن كان غائب ل يعرف شخصه بينهم وهو عليه السلام يراقب حال الدين والدنيا ، ويتدخل في ما هو المناسب من إصلاح ما حرف من تعاليم الله بتعليم علمائها ونشر أدلتها وبراهينها بينهم وأن كان لا يعرف شخصه ، له أكبر الأثر في المحافظة على دين الله تعالى ، وهو لا يقل أثر عن وجود نبي لله أو وصي نبي ممنوع من العمل في حكومة الكفار ، أو في حال انحراف الناس عنه وعدم أطاعتهم له .

خامساً : عمله في الغيبة أكبر أثر من ظهوره مع قلة الناصر وكثرة المعاندين :

فهو عليه السلام : في غيبته عمله أكبر أثر من ظهوره مع قلة الناصر وكثرة المعاند ، فهو في غيبته عليه السلام بأمر الله وإلقاء التعاليم له الحرية في التصرف ونشر تعاليم الله ، فهو عليه السلام بعض الأحيان له إلقاء التعاليم بين الناس على أنها فكر وبرامج لإصلاح حال قوم أو ملة أو دوله أو الدنيا قد يفوق ما يقوم به الأنبياء وأوصياءهم في حضورهم ، وذلك في حال عناد الناس للحق وعدم انصياعهم له وعدم إطاعتهم لله ، وذلك بحث تلقى التعاليم لهم بصور مختلفة وأحوال متباينة وأسباب متعددة ، وسواء عن طريق علماء دين أو أناس خيرين ومصلحين بل وحتى ناس عاديين هذا .

وبعد أن يلقي عليه السلام : التعاليم الإلهية بأساليب متعددة كما عرفت في أسماع قادة الدنيا ومصلحيها ، بل في أذن وبرامج كل من بيده القدرة وإن لم يكن ذا دين من المتسلطين على الحكومات الدنيوية ، وعن طرق متباينة كمحاورة أو مقابلة أو حوار ، أو حتى مقال أو كتاب أو فكرة تشاع بين الناس فيكتبها من لهم القدرة في البيان ، فيتبنى نشرها غيره بين الناس ممن لهم القدرة على تطبيقها ؛ ويصلح حال دين الناس ودنياهم بقدر المستطاع من غير إجبار بأفضل أسلوب ممكن ويترفع الظلم ويخف العناد لله تعالى وتعاليمه بجمل طريقة للهداية وباحترام لولي الله وسيد الناس وإمامهم الحق على طول التأريخ .

وبهذه الطرق : وبغيرها الله ووصي نبيه يعلمها ، تكون تعاليم الله منتشرة بين البشر بدون أن يشار إليها أنها سماوية فيعاندها المستكبرون والكفار والظلمة ، ومن غير تجاوز وتعدي على شخصه الكريم ، ومن غير عدم اعتناء بتعاليمه الإلهية وعناد لها .

فآثار وأهداف : وضرورة وجود أمام حي بين الناس قد غيب شخصه الكريم من بينهم ولا يعرفه الناس على التعيين له آثار كثيرة ، كما وله الأثر الكبير في انتشار دين الله وتعاليمه ، والأثر الأكبر موجود في قلوب أولياءه والخواص من المؤمنين المتدينين ، وبهم يعم خير الله تعالى الدنيا كما عرفت ، فضلاً عن حكمة الله تعالى في خلقة ووعده باستخلاف الصالحين وجعل حكومة لهم تعم الدنيا في أخر الزمان ، هذا وقد وردة الآيات وروايات والأخبار الكثيرة في ذلك .

سادساً : معرفة ضرورة وجوده تبين بركة آثاره وخيره :

ويا طيب : بما ذكرنا من بيان بعض الأمور التي تبين ضرورة وجوده عليه السلام، قد تبينت بعض الآثار من خيره وبركته عليه السلام في الوجود في غيبته ، وذلك حيث به يستبين :

اختبار الله تعالى : وبلائه وفتنه في امتحان المؤمنين بوجوده الكريم ليعرف المخلصون والصادقون من غيرهم ، وليتعبد المؤمنون في انتظار رحمة الله تعالى .

نشر تعاليم الله : بطرق مختلفة مع المحافظة عليها بوجوده عليه السلام ، ووجوب اتباع الحق من قبل الناس من غير إكراه فقط ببيانها لهم من قبله ولو بصورة غير مباشرة ، ومن غير جبر بل لكي يختاروا بأنفسهم طاعة الله أو عدمه والعياذ بالله ، ولكي يؤمن ويعمل صالح من تقام عليه الحجة الإلهية أو يعصي ويعاند من لم يصدق وعد الله ووعيده .

فهذه يا طيب : بعض آثار وجود الإمام الحجة ابن الحسن عليه السلام من حيث كونه حي يرزق بأمر الله وأن لم يعرفه الناس بشخصه الكريم .

وأنه لقد حُرم : من هذه الآثار وغيرها الكثير التي الله يعلمه والراسخون في العلم ، من لم يؤمن بوجود إمام معصوم من قبل الله تعالى حي يرزق ، و له إصلاح الدنيا في غيبته وظهوره بأمر الله تعالى وروح القدس الملازمة له لكونه أفضل خلق الله وصفيه ومختاره لهداية البشر .

ومن عاند : وجود بقية الله وصاحب ليلية القدر ، يكون قد منع نفسه من ثواب التعبد بعناية الله بدينه واهتمامه بتعاليمه ، ومن لم يقل بوجوده وولادته وحياته عليه السلام ، أتهم الله تعالى بعدم الإرادة الجدية في إصلاح البشر عن طريق حجة له قائمة على طول الزمان .

كما أن وجود : دولة الله والحكومة العامة لله في آخر الزمان بيد الحجة بن الحسن عليه السلام ، أو كونه سبط لرسول الله فقط من دون تعيين كم يؤمن به طائفة من المسلمين ، لا يكون دليل على عدم وجوده عليه السلام حي يرزق فعلاً وعلى طول الزمان ، ولا طول الفترة في حياته تنافي ولادته في زمان سابق تجاوز الألف سنة وقد ذكر الله طول عمر أنبياءه نوح أو الخضر أو عيسى عليهم السلام وقدرة الله لا يشك فيها مسلم.

هذا و قد عرفت : كم هي آثار بركت الله في وجود وصي لرسول الله بين الناس حي يرزق ، وإن كان غائب عن الأنظار بالتعيين ولا يعرف شخصه بالخصوص ، وقد عرفت شيء من حكمة الله تعالى في غيبته مثل فتنته للمسلمين والمؤمنين واختبارهم وابتلائهم لكي يعرف المخلصون والصادقون من غيرهم ، أو نشر تعاليم الله تعالى .

هذا جزء من البيان : والبيان التام هي للشواهد الكثيرة من الروايات الآتية في هذه الصحيفة المباركة ، وكما هي في الكتب المختصة المكتوبة في المهدي عليه السلام ، وسورة القدر وغيرها خلاصة كل بحث لأنه الوحي لا ينزل بكل أمر إلا على صاحب الأمر والزمان وحجة الله على العباد كما سترى ، وقطع وإيمان طائفة كبيرة من المسلمين من أتباع نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وتسالمهم ابن عن أب عن جد سيرة ونقل بوجوده الكريم بينهم وإن غاب عنهم معرفته بشخصه ؛ لهي أكبر دليل على ولادته المباركة ووجوده حي بين الناس يسقيهم من رحيق علومه ما ينفعهم دنيا وآخره ويهديهم لسعادتهم في الدارين .

ولمزيد المعرفة : المفصلة بكثرة المصادر وتنوعها عند العامة والخاصة راجع كتاب معجم أحاديث المهدي عليه السلام ، أو كتاب من هو المهدي للمرحوم أبو طالب التجليلي ، وكتب الغيبة للطوسي والنعماني وكفاية الأثر والإرشاد وكمال الدين والبحار والغيبة الصغرى وإلزام الناصب وغيرها الكثير مما كتب في حياته الكريمة ، مما تثبت لك التواتر في ولادته الكريمة ووجوده المبارك وتنفي عنك كل شك وريبة ، وتغنيك الأدلة النقلية عن ما ذكرنا من الأدلة العقلية والبراهين المنطقية وإن كان ما ذكر له اصل في الأسس الدينة ومأخوذة منها ، فتابع تعرف الحق والحكمة في وجوده المبارك من كلام المعصومين عليهم السلام وأصحابهم الكرام والروايات عنهم من الثقاة في جميع الطبقات .

هذا وأسأل الله تعالى : أن يثبتنا على دينه ، ويظهر الإمام المنتظر ويجعل الدنيا دولة كريمة واحدة يعز بها الإسلام وأهله ، ويذل بها النفاق وأهله ، ويكحل ناظرنا بإمامنا ، ويسرنا بطلعة الكريمة ، فإنه أرحم الرحمين ، ورحم الله من قال آمين .

شعر :

صلى الإلـــه ذو العلى

عليــــــك يـا خيـر البشر

أنـت النبـي المصطـفي

والهاشــمـي المفـتخــــر

بك هدانا ربنا

وفيـك نـرجوا مــا أمــر

ومعـشـــــر سمـيــتهم أ

ئمــة اثــنـــا عـشـــــــر

حبــــــاهم رب العـلــى

ثم اصطفـاهم من كـــدر

قد فاز من والاهــــــــم

وخاب من عادى الزهر

آخــرهم يســــقي الظمـا

وهــو الإمــام المنتظــر

عتــرتـــــك الأخـيــــار

لي والتــابعيــن مـــا أمر

من كان عـن هم معرضا

فســـوف تصــلاه سـقر

ينابيع المودة ص442.

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن جليل الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

معنى المهدي عليه السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سلام الله على الإمام المهدي

بظهوره يزول الظلم و الم‌هدي

وتنزل البركات والمال المهدي

ويقيم الدين بأحسن عبودية

أو

سلام الله على سيدي و مولاي الإمام المنتظر المهدي

بظهوره ينشر العدل و يزول الظلم و الغصص و الم‌هدي

و تنزل السماء بركاتها و خيراتها و يحث المال المهدي

فلا يطلب ويقيم دين الله الحق بأحسن إخلاص وعبودية



سلام الله على سيدي و مولاي الإمام المنتظر المهدي

معنى المهدي والهداية

معنى المهدى لغة :

الْمَهْدِىُ‏: الذي قد هداه اللّه إلى الحقّ ، و هداه‏ للسّبيل و إلى السبيل ، وهو هادٍ من‏ الهُداة ، و قد استعمل في الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة ، و به سمّى المهدىّ الَّذِي بَشَّرَ النبي بِمَجِيئِهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وأقد أقر به العامة والخاصة ، بل وفي كل الأديان هناك مهدي منتظر ، والحق هو من آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام ، ولقبه :

الْمَهْدِىُ : وهو مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ بنِ عَلِيٍ‏ الْهَادِي‏ بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين سيد الشهداء أخ الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب المرتضى زوج فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى رسول الله صلى الله عليهم وسلم .

وهو الذي : يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً ، و الَّذِي يَجْتَمِعُ مَعَ عِيسَى ، و يَمْلِكُ الْعَرَبَ وَ الْعَجَمَ ، وَ يَقْتُلُ الدَّجَّالَ ، وأقر بظهوره في آخر الزمان المخالف و المؤالف وتواترت الأخبار بذلك‏ ، وعند الطرفين إنه من ذرية النبي وعلي ، وعندن أبن من عرفت وهو حي يرزق مع طول عمره بحفظ الله له كما جعل نوح والخضر والياس والعيسى عليهم السلام وغيرهم ، إلا أنه غائب بأمر الله ويظهر بأمر الله في مكة لمكرمة ثم يسكن لكوفة وهي عاصمة ملكه ، و عند العامة وإن كان من آل محمد إلا أنه مجهول نسبه و لم تحدد سلسلة آباءه ، وللطرفين علامات ملاحم وفتن تروى عن زمان ظهوره ، اللهم عجل ظهوره وأرنا الطلعة الرشيدة و الغرة الحميدة، وأجعلنا من أتباعه وأنصاره والمسارعين إلى إرادته والممتثلين لأوامره.

و الْمَهْدِىُ‏: مشتق هَدَى‏ و الْهُدَى‏ هو الرشاد و الدلالة والبرهان على الحق و البيان لتعاليم الله ، و الِاهْتِدَاءُ يختصّ بما يتحرّاه الإنسان على طريق الاختيار ، وهو هادٍ من‏ الهُداة، و استهديتُه‏ فهداني‏ ، و هَدَى‏ هَدْيَ‏ فلان : سار سيرته في الدلالة و الدعوة و البينة ، و تفرد هو تعالى‏ بِالْهُدَى‏ الذي معناه التوفيق والتأييد.

و الْهَادِي‏ : من أسماء الله الحسنى تعالى، و هو الذي بصر عباده و عرفهم سبيل معرفته حتى أقروا بربوبيته ، و هَدَى‏ كل مخلوق إلى ما لا بد له منه في بقائه و دوام وجوده هداية تكوينية ، وللبشر ولجن هداية أخرى تشريعية بها يسمو لأعلى عليين وإن تركها يخسر نور الفطرة ، و الْهَادِي‏ الدليل ، في حديث الإمام علي عليه السلام ، كُنْتُ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ هَدْياً ، و مثله في من خالفه : وَ رَغِبُوا عَنْ‏ هَدْيِ‏ رَسُولِ اللَّهِ .

و الْهَدْيُ‏ : كأنه يشير بالسمت إلى ما يرى على الإنسان من الخشوع و التواضع لله ، و بِالْهَدْيِ‏ ما يتحلى به من السكينة و الوقار و إلى ما يسلكه من المذهب المرضي وتطبيق تعاليم الله المنزلة على رسول الله والمحفوظة بآله الطيبين الطاهرين .

معنى المهدي مختصر بالدارمي :


حجة الله على خلقه الإمام المهدي

وصاحب العصر والزمان للعباد ولي

+

بقية الله من ذرية نبينا رسول الله خير نبي

وخليفته الثاني عشر من أولاد أفضل وصي

+

الإمام المهدي يظهر ويقيم عدل جده علي

والله سبحانه ناصره ومؤيده بقضاء حتمي

+

بالمهدي الظلم والجور والضلال كله ينجلي

وللبشرية العدل والرفاه وكل خير لهم يعطي

+

لمن آمن بالمهدي الفوز والفلاح والأمن يسري

ولمن أنكره الخسران والحرمان أعده له الله ربي

أنواع الهداية :

يا طيب : هناك عدة أنواع من التقسيم للهداية وفروعها ، من حيث كونها فطرية مع الخلقة وتسوق كل شيء لكماله اللائق به حسب شأنه ، أو تشريعية تكليفية بها يتكامل من شرف بها ، أو من حيث أنه الْمَهْدِىُ بهدى الله بنفسه عن طريق الوحي أو الإلهام والتسديد والتوفيق وهو مختار ومصطفى لله لهداية العباد وهم الرسل والأنبياء وأوصيائهم ، وهم يهدون بأمر الله وتعليمه لهم ، وهم المنعم عليهم بأعلى مراتب العلم بعظمة الله ومعارفه وهم وأصحاب الصراط المستقيم ، أو أنه عبد لله هدي بنبي أو وصي ولم يلهم ولم يوحى له مباشرة وهم أغلب العباد المؤمنين ، أو تقسيم الهداية من حيث المهتدي من حيث القبول لها والعلم والعمل بها حقا ، أو عدم قبولها وهم من ضل عنها وأنحرف عن تعاليمها ، أو من حيث شدة الهداية وقوته في مراتب الإسلام والإيمان واليقين ، أو غيرها من التقسيمات ، وورد مثل هذه الأنواع في معنى الهدى في كتاب الله تعالى وسنة نبيه الأكرم ، والبحث فيها واسع نختار منه الهداية التكوينية والتشريعية مختصرا ، لنعرف الله عظمة الله وهداه ممن اصطفاهم وهدى بهم العباد ، ولذى جاء في الدعاء :

اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ

اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ

اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي

الكافي ج1ص337ح5. وسيأتي نص الحديث الكامل .

وفي هذا المختصر : نذكر مجمل آيات تعرفنا عظمة الله تعالى وجلال قدرته ضمن تعريفنا الهداية التكوينية ، ثم نتعرف على الهداة المهديين بصورة مختصرة ، حتى نتوجه لمعرفة حجج الله بعد الإيمان بالله ورسله وكتبه وما أمر تعالى ، فنتعلم منهم في زمان ختم النبوة ، لأن الله لم يترك الخلق بدون أن يحفظ دينه بمن اصطفاهم وأختارهم ، فتدبر معنا ، كما أنه سيأتي الدعاء أعلاه كاملا في قسم الدعاء والزيارة للحجة عليه السلام .

الخلق و الهداية التكوينية :

وهي الهداية : التي شملت كل الخلق واعتنت بكل كائن ، من أول وجوده وما دام باقيا ، حتى توصله لغايته المناسبة لشأنه ، وتشمل الهداية التكونية السماوات والأرضين وكل مراتب الوجود وكل ما فيها وبينها .

فهو تعالى الخالق لكل شيء فقال سبحانه :

{ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ (62) } غافر .

وثم هداه لما فيه بقائه فقال سبحانه :

{ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ

ثُمَ‏ هَدى‏ (50) }طه .

والله تعالى يدبر أمور الخلق ويربيه بربوبيته ويسخره بأمره لغايته فقال عز وجل:

{ إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ

مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ

وَالأَمْرُ

تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) } الأعراف .

والله سبحانه كما يدبر أمور المخلوق ، فجعل له أجل وغاية : { اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ

كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى

يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) } الرعد .

والله خلق كل شيء حسن جميل في شأنه فقال :

{ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ (7) } السجدة .

كما خلقه الله تعالى متقن :

{ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ

صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) } النمل .

وخلق كل شيء بالحق لا باطل فيه :

{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَ إِلاَّ بِالْحَقِّ

وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) } الحجر .

{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا

ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ

أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)

كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29) } ص .

والعقلاء : يتدبرون في الكون فيقرون بعظمته ، فقال تعالى : { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) }آل عمران .

ويا طيب : آيات التدبر بالكون ومعرفة عظمة الله كثيرة وبالخصوص في سورة النحل والرعد ويس وآل عمران والبقرة وغيرهن الكثير ، وأنه تعالى جعل للخلق غاية وغرض ولم يخلقه باطلا كما عرفت ، وإن غرض الخلقة هو تجلي نور عظمته وبيان قدرته ، فخلق الكون بأحسن تكوين وهدى ونظم متقن ممكن ، ثم سخره لبني الإنسان لكي يعبده ويشكره ويقيم عبوديته ، فيسعد ويرتفع لأعلى منازل الكمال والجمال في أعلى مراتب التكوين ولكل عبد درجته في مراتبه ، أو يتنزل من يتعصى على هداه لدركات الجحيم النازلة ، وأنه تعالى لم يجبر أحد على الطاعة له والتحقق بهداه ، وإنما يختبرهم ويفتنهم ويهديهم بمن أختار وأصطفى ، ولمعرفة هذا المعنى نتدبر الهداية التشريعية :

الخلق المهدي تكوينا مسخر للإنسان :

ويا طيب : إن هذا الخلق من السماوات والأرضين وما فيهن كله مسخر للإنسان فقال الله سبحانه :

{ اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)

وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) } الجاثية .

وقال تعالى { اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ (32) وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)

وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ

وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)} إبراهيم .

وعطائه تعالى لكل مؤمن وكافر غير محدودة حتى يصل كلا لغايته :

{ كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ

وَ ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (20) } الإسراء .

فالله بما خلق وسخر : يختبر عباده ويلبوا أخبارهم حتى يظهر المصلح من المفسد والمهدي من الضال ويجازيهم حسب حالهم ولذا قال تعالى :

{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَ لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) } الكهف.

و{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)}الأنبياء.

فمن آمن ورجع لله تعالى : بالعبودية والشكر له فاز ، ومن تغافل عن هداه خسر، و إذا عرفنا المهم من غرض التكوين وهداه، فلنتدبر بالهداية التشريعية للبشر والهداة فيها.

الهداية الخاصة للبشر :

ويا طيب : بما عرفت من غرض الخلقة وإنها مسخرة للإنسان وفي خدمته تهبه كل ما سأل بوجوده ليستمر ويبقى بأحسن صورة ممكنة في الحياة ، فهو أيض له غاية وأجل مسمى ، وإن الغرض من خلقه هو ليشكر خالقه تعالى ويقيم له العبودية ، ليسمو في مراتب الكمال ويرتفع في معالي النعيم ويسعد بأجمل فرح وسرور ، فإن أقام العبودية لله تعالى لأنها غرض خلقته سير به بأحسن ما يمكن لمعالي الكمال .

ولذا قال الله تعالى :

{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) }الذاريات .

وقال تعالى يبين غرض الخلق ببيان آخر :

والله لم يكره عباده على الإيمان بل يبلوهم ويختبرهم كما عرفت وقال :

{ قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) } الأنعام .

{ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا

أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ (99) } يونس .

{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)

الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ

لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) } الملك .

والله تعالى بالفطرة وفي ذات الخلقة والتفكر بها هداهم وعرفهم م به خيرهم وصلاحهم وما فيه ضرهم وما يفسدهم ، و وجههم إليه ليطلبوا منه المزيد بعبودته ، فقال الله سبحانه :

{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا

فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ

ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) } .

وقال سبحانه في هداية الإنسان العامة :

{ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) } الإنسان.

وقال سبحانه :

{ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) } البلد .

و وهي الهداية : التي عمّ بجنسها كلّ مكلّف من الفطرة ، والعقل ، و الفطنة ، والتفكر ، والحواس ، و المعارف الضّروريّة ، وكل إنسان بقدر وحسب احتماله ، ويثاب على قدر عقله وتفكره وعلمه وعمله ، وقد عرف سبحانه سبيل الخير والشر ، والهدى والصلاح ، والضلال ولفساد ، وإنه تعالى جعل كل ما في الكون يدل عليه ، وعرفت هذا في أول آيات التسخير والنعم التي لا تحصى ، وإنه جعل في كل شيء له آية تدعو الإنسان لعبوديته تعالى والبحث عن هداه الحق ، فقال تعالى يطالب التفكر والتعقل ثم الشكر على ما أنعم بالإضافة لما عرفنا في الآيات السابقة :

{ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ

إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)

وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ

فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)

وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13)

وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)

وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15)

وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)

أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17)

وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18) } النحل .

وقال تعالى :

{ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ

أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) } فصلت .

{ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ (29) }الكهف.

فالله خلق العباد : لعبوديته ودلهم عليه وهداهم بالفطرة وم ألهمهم من القدرة على التعقل والتفكر في الخلق ، وأراهم سبيل الصلاح والشر فيه ، فمن شاء الخير والنعيم الأبدي والسعادة الدائمة طلبهم منه بشكره ، ومن تعصى فل يضر إلا نفسه ، وبالإضافة لهذا فالله تعالى ، هداهم بالأنبياء وإنزال الكتب عليهم يدعوهم لسبيل عبوديته وليسيروا معهم على صراط لمستقيم لنعيم هداه وعبوديته وثوابه ، فتدبر .

الهداية بالأنبياء والأوصياء :

يا طيب : إن الله تعالى بالإضافة لما عرفت من سبيله في تمكين البشر من التوجه إليه بالآيات الكونية والنفسية وبالنعم التي لا تحصى وبالفطرة ، بعث لهم أنبياء ورسل يهدوهم سبيله الحق ويسيرون بهم على صراط مستقيم لكل نعيم رضاه وثوابه ، وحتى بعد ختم النبوة عرّف لهم أن لهم أئمة وأوصياء مطهرون اصطفاهم واختارهم على علم على العالمين ، وجعلهم أفضل خلقه وأطيبهم وأطهرهم وهم يهدون بالحق بما مكنهم الله تعالى من تعاليمه وتعليمها لهم وتمكينهم من الهداية والتعليم ، وهو الموفق للحق فتدبر :

الله هو الهادي بالحق :

فالله يهدي للحق من يريد الهدى الحق بحق فقال تعالى : { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ

قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ

أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى

فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35)} يونس .

وإن الله تعالى أخذ على نفسه الهدى :

{ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) } الليل . ولذا : { مَنْ‏ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ (97) } الإسراء .

فهو سبحانه : لم يقطع نعيمه عن البشر قبل أن يعلمهم هداه ولذ قال سبحانه :

{ مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَ كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) } الإسراء .

الله يهدي بالأنبياء والكتاب :

ولذا سبحانه بما تعهد على نفسه قال :

{ فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ

وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ

لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيً بَيْنَهُمْ

فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ

وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (213) } البقرة .

حتى جاء الدور لنبينا فهو يهدي للصراط المستقيم فقال تعالى :

{ إِنَّكَ‏ لَتَهْدِي‏ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ (52) } الشورى .

كما أرسل مع النبي كتابا يهدي للحق وللتي هي أقوم فقال :

{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ

وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)} الإسراء .

{ ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)} البقرة.

ووصفه بعدة أوصاف كريمة : أنه من الله حق وفصله الحكيم فالكتاب حكيم وحكمة ، وكذلك مفصل مبين ، وهو يخرج من الظلمات إلى النور ، ولذا يجب أن يحافظ عليه ممن يختارهم ويجعلهم أهل الكتاب والحكمة لكي لا يحرفه المغرضون فتدبر البحث هذا والآتي ، تعرف الله الحق الحكيم وكتابه الحق المحكم :

{تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ (2)}الرعد.

{ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (2)} هود .

{ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) } يونس .

{ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) } يوسف.

{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ(2)}إبراهيم .

والقرآن الكريم المطهر : حافظه الله وحافظ عليه اللفظ والمعنى ، فقال :

{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) } الحجر .

{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (78)

لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (80) } الواقعة .

فالمس اللفظ : للكتاب الحق المحكم المفصل المبين يجب بالوضوء والطهارة على لكل المسلمين ، وبالتفسير والتأويل لما هو مكنون للراسخين بالعلم ، ومن طهرهم الله تعالى من كل شك وشرك ، ومنهم نعرف تفاصيله ، فلنتعرف عليهم بعد خاتم النبيين :

الله حافظ على هداه الحق والكتاب بآل محمد:

فالله كما طهر كتابه : المكنون ، طهر قسم من عباده ، وهم نبي الرحمة وآله ، وقرنهم به في عدة آيات بالمعنى ، فضلا عن أحاديث الثقلين ، أو أنهم مع القرآن والقرآن معهم ، كم ذكرنا في شرح أبوذية علينا ، ولمعرفة أن نبي الرحمة وآله صلى الله عليهم مطهرون .

قال الله تعالى :

{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ

أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) } الأحزاب .

فالله تعالى : أصطفى نبي الرحمة وآله أهل البيت وطهرهم ، وهو اجتباهم وأختارهم ، ليحافظوا على الكتاب وتعليم هداه من دنس المغرضين ممن في قلوبهم زيغ ، فجعل معارفه عند راسخون بعلمه ، ولا يكونون إلا من قد طهرهم، فقال:

{ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ

وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ

فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ

وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ

إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ

يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا

وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ (7) } آل عمران .

فالمطهرون : النبي وآله صلى الله عليهم وسلم ، يقولون تأويل الكتاب وتفسير القرآن وشرح الفرقان بكل آياته ، من تعليم الله ومن عنده الهدى لهم والتوفيق لمعارفه ، لأنه الله تعالى جعلهم راسخون بعلمه ، فيقولون كل أمر هداه هذا من عند ربنا الله ، لأنه تعالى هو الملهم لهم معارفه والمبين لهم تعاليمه بتوفيقه لهم ، ولا أحد أدعى هذا غيرهم ، ولو أدعاه غيرهم لكذب صراحة .

فهو سبحانه يجتبي من يهدي لصراط مستقيم فقال :

{ وَ اجْتَبَيْناهُمْ وَ هَدَيْناهُمْ‏ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ (87) } الأنعام .

كما جعلهم أئمة يهدون بأمره فقال تعالى :

{ وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ‏ بِأَمْرِنا (73)} الأنبياء .

وهو مطلق الأئمة : قبل ختم النبوة ، وبعد ختم النبوة ، وجعل الهادي بالأمر باقي إلى آخر الزمان فقال تعالى :

{ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) } الرعد .

والهاد بعد النبي من عنده علم الكتاب بأمر الله فقال سبحانه :

{ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ

كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ

وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43) } الرعد.

ومن عنده علم الكتاب : هو علي بن أبي طالب عليه السلام ، وبه جاءت الروايات ، ويؤده ويوكده الله تعالى بأن جعلي الهادي بأمر الله تعالى بعد النبي شاهد منه .

فقال سبحانه :

{ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ (17) } هود .

فالنبي : عنده الهدى : والبينة من ربه عنده ، والشاهد منه علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يتلوه ، لأنه عنده علم الكتاب ، وهو كنفسه كما جاء في آية المباهلة بل عم آله معه بالتصديق فقال:

{ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ

فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَ وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ

ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) } آل عمران .

فنفس النبي : في الآية علي بن أبي طالب ، والأبناء الحسن والحسين والصديقة تمثل النساء ، فزكاهم وجعل اللعنة على من يكذبهم .

ولذا من يحب أن يقترف الحسنة : عليه أن يتبع الهداه المهديين المنعم عليهم بالهدى ، ولذا طلب منا أن نقترف منهم دينه وتعالميه لكل من يحب الإيمان وعبادة الله وعمل الصالحات فقال تعالى :

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُو وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى

وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى .

فبمودة قربى النبي : تحسن العبودية والعلم والعمل والله يغفر الذنوب ويشكر السعي ، ولا يمكن أن يقال مطلق القربى لأنه فيهم من لا يعقل أو ل يؤمن أو لا فقه له ، وأن العمل الصالح وبشرى المؤمنين يتم بالهدى الحق عند من عندهم علم الكتاب والراسخون بعلمه ، وبه يشكر السعي ويتجاوز عن الذنوب كما علل سبحانه بالاسمين الكريمين .

ومن لم يقبل : النبي وآله بعده ، لم يقبل الكتاب والحكمة ول تفصيله وتأويله بحق ، قال الله تعالى :

{ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ

فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ

الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54)} النساء.

ولا ناس : حسدوا وأقصوا وقاتلهم مدعي الإسلام والمنافقين والناكثين والمارقين والقاسطين ، إلا آل محمد ، علي بن أبي طالب أقصي وحورب ، وفاطمة الزهراء غصب حقها وأعتدي عليها والحسن حورب وأقصي ، والحسين قتلوه وآله شر قتله وسبوا عياله مصرين على فعله الشنيع وسيأتي بعض البيان ، وذلك لما عندهم من الحق والكتاب والحكمة وهو ملك الله العظيم كما في الآية أعلاه ، لأنه به يعبد ويصل لرضاه ونعيمه الأبدي ، فمن عرف النبي وآله بالكتاب والحكمة والملك العظيم والهدى الحق فقد نجى وفاز ، وإلا خاب وخسر من خلطهم بغيرهم وساوى بينهم وبين من حاربهم وأقصاهم ، كما وإن ملك النبي وآله العظيم المستمر إلى يوم القيامة في الذرية الطيبة الطاهرة ، فلنتعرف عليه .

الكتاب والحكمة لآل محمد عند المهدي الآن:

يا طيب : ما عرفت من أن الله يحافظ على هداه وأسه في القرآن الكريم المطهر ، بالمطهرين الهداه المهديين بفضله ، وهم نبي الرحمة وآله كما عرفت ، فمن عرف النبي وآله بالهدى الحق وتبعهم نجى ، وهذا هو معنى ما نسأل الله ونطلب منه الهداية وزيادتها في سورة الفاتحة :

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)

اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6)

صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7) } الفاتحة .

فالنبي وآله : هم المنعم عليهم بالهدى والصلاح علما وعمل ، وبتعاليمهم يعبد الله لأنهم راسخون بعلم الكتاب ومطهرون مثله والله زكاهم في آية المباهلة ، وجعل عندهم الكتاب والحكمة ، وجعلهم أئمة يهدون بأمره ، والأمر مستمر إلى يوم القيامة ، كما في الآيات المباركة وسورة القدر حيث قال سبحانه :

{ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3)

فِيهَ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)

أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5)

رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) } الدخان .

فالأمر من عند الله : أمر حكيم ينزل ويفرق في الليلة المباركة القدر ، فالكتاب وتعاليمه وشرحه وتفسير ينزل من أمر الله الحكيم ، وهو مستمر نزوله إلى يوم القيامة باستمرار ليلة القدر ، وكان ينزل على خاتم النبيين ، وبعده ينزل على الإمام الحق من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وهو الآن إمام زماننا وعصرن المهدي المنتظر الحجة بن الحسن عليه الصلاة والسلام .

قال الله تعالى :

{ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)

تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ

فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4)

سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) } القدر .

وليلة القدر : مستمرة إلى يوم القيامة ، وينزل فيها الملائكة لهدى العباد وإرشادهم ، وبتوسط الروح المختص بأمر الوحي والإلهام لولي الأمر وصاحب العصر والزمان من آل محمد عليهم السلام وهو المهدي المنتظر الحجة ابن الحسن عجل الله ظهوره وجعلنا من أنصاره وأعوانه .

لأن الروح : ملك أعظم من كل الملائكة ومختص بهدى الله وتعاليمه ، وينزل بأكل أمر وليس بآيات مختصة كما ينزل بها جبرائيل عليه السلام ، ولا يستحق نزول الروح عليه وكل أمر من تعاليم الله تعالى إلا من اجتباه وطهره ويكون من النبي شاهد منهم ومن قرباه الذين أمرنا بإتيانهم ، والآن هو الحجة بن الحسن المهدي المنتظر ، جعلنا الله من أعوانه ونصاره ، وهو إمامنا الذي نسأل الله هداه وآله صلى الله عليهم وسلم ويدعونا بهم يوم القيامة فيأتينا كتابنا بيميننا كمال قال تعالى :

{ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ

فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71)

وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72) } الإسراء.

فمن يدعو الله تعالى : كل يوم أن يهديه الصراط المستقيم عند المنعم عليهم ، لابد أن يعرف أنهم نبي الرحمة وآله المعصومين وأئمة الحق الذين يهدون بأمر الله والآن إمامنا وهادينا المهدي صاحب الزمان ، وإلا يكون أعمى وضال مغضوب عليه يعمل ويتعب هواء وهراء وكرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ولا يقام له وزنا يوم القيامة .

الآيات المؤلة في لإمام المهدي

يا طيب : الآيات المؤولة في الإمام المهدي كثيرة جدا ، وقد جمعها كثير من العلماء ، وقد جمعنا منها من الكتب المتقدمة لعلماء المذهب الأوائل ، فنذكر المهم منها مختصرا .

ذكر في الكافي بالإسناد : عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل :

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30) } الملك.

قال : إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد .

الكافي ج1ص339ح14.

وذكر في الكافي بالإسناد : عن أم هانئ قالت :

سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام ، عن قول الله تعالى : { فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16)}التكوير .

قالت : فقال : إمام يخنس سنة ستين ومائتين ، ثم يظهر كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء ، فإن أدركت زمانه قرت عينك .

الكافي ج1ص341ح 22 ، 23.

ذكر في الكافي بالإسناد : عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل : { فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8)} المدثر.

قال : إن منا إماما مظفرا مستترا ، فإذا أراد الله عز ذكره إظهار أمره ، نكت في قلبه نكتة ، فظهر فقام بأمر الله تبارك وتعالى .

الكافي ج1ص343ح30.

وذكر في الكافي بالإسناد : عن الحسن بن العباس ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لابن عباس :

إن ليلة القدر : في كل سنة ، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال ابن عباس : من هم ؟

قال : أن وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون .

الكافي ج1ص532ح11.

وذكر في الكافي بالإسناد : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه :

آمنوا بليلة القدر : إنها تكون لعلي بن أبي طالب ولولده الأحد عشر من بعدي .

الكافي ج1ص533ح12.

وذكر في الكافي بالإسناد : عن عبد الله بن القاسم البطل ، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : { يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ (71)} الإسراء . قال : إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه .

الكافي ج1ص537ح3.

صفات الإمام المهدي
في السماء والأرض

يا طيب : بعد ما عرفنا أن الهداة المهديين الذين يهدون بأمر الله ، هم النبي وقرباه الذين بهم يحسن العلم والعمل ويغفر الذنب ويشكر السعي ، وعرفنا أن ليلة القدر والروح الآن في زماننا مختص بالحجة بن الحسن الإمام المهدي عليه السلام بعد آله الكرام ، وهم هدى ونور واحد ، فلنتعرف عليه بعض المعرفة في الأحاديث الآتية فتدبر :

الإمام أحسن الناس علما وعملا :

يا طيب : إن الإمام لابد أن يكون أعلم الناس وأحسنهم عمل وصلاحا ، وبينا هذا المعنى في أحاديث الإمامة ولنا محاضرة في موسوعة صحيفة الطيبين ، نبين بها شرح حديث موسع للإمام الرضا عليه السلام في خصائص وصفات الإمام ليس هنا محله ، فمن يريد مطلق مواصفات الإمام وسعتها فليراجعه ، وهنا نذكر مختصر يبين إن الإمام أحسن العباد عملا ولا يكون أحسنهم عملا إلا أن يكون أحسنهم علما ، كم وعرفت علمه من الكتاب والحكمة وملك الله العظيم لهم و بيانه والهدى به ، وهنا نذكر طرفا آخر من البيان لكونه أحسنهم عملا وعلما بالملازمة بينهم ، قال الله تعالى :

{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)

الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ

لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) } الملك .

عرفنا الله تعالى : أن غرض الخلق هو عبوديته ، وفي الآيات أعلاه يبين أن سبب خلق الموت والحياة هو ليظهر أحسن العباد عملا ، وبالملازمة فهو أحسنهم علما ، وحينها أحسن الناس عملا وعلما فهو إمامهم وقدوتهم ولا يقدم المفضول على الفاضل ، بل يجب أن يطاع أحسن العباد ويتعلم منه ويسير باقي العباد على نهجه الكريم ، وأكد الله سبحانه هذا المعنى :

{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا

لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) } الكهف .

ويا طيب : إن الموت والحياة وكل ما على الأرض من زينة ، هو أبتلاء أي اختبار وفتنه وامتحان ليظهر أحسن العباد عملا ، وهو سيدهم لأنه أحسن العباد عملا أحسنهم عبودية لله وأعلاهم نعيم عند الله ولا يكون إلا ولي أمره ويختاره ليكون إمامهم ووليهم في زمانه ، ولذا لا يخلوا الزمان من إمام مادام الحياة مستمرة وزينة الحياة موجوده ، بل الحكمة بكل وجود السماوات والأرض ، هو ليظهر أحسن الناس عملا ، ولذا قال سبحانه وتعالى :

{ وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ

لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (7) } هود .

فالآية أعلاه : أوسع تظهر أن خلق السماوات والأرض وما فيهم ، فتنه وبلاء واختبار ليظهر ما يختار سبحانه من العباد أحسنهم عملا ، وهو ولي أمره وكأن غرض الخلقة يكون له وحده ، ولذا جاء في حق النبي وآله لولاك لما خلقت الأفلاك .

يا طيب : هذا كان طريق لمعرفة صفة الإمام في كل زمان وأنه أحسن العباد في كل شيء ، ولذا هو المصطفى والمجتبى والمختار لله تعالى لعبوديته وهداه وتعليم عباده، فتدبر.

ويا طيب : هذا طريق آخر مختصر قال الله تعالى :

{ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) } العنكبوت .

المؤمنون : مهما صعد مجموعة منهم فهم في حالة اختبار ويفتنون ليظهر صدقه في مرتبتهم ، حتى يصفى فيبقى أخرهم ، الذي يفوز وينجح في كل بلاء وفتنه ، فيكون هو الإمام ولولي لأمر الله فهو قدوة وأعلاهم مقاما وجاها عند الله ، فهو ولي الأمر والإمام، وإذا عرفنا هذا يا طيب : من أن الإمام أحسن العباد ، فلنتعرف على بعض مواصفاته .

قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

إن الله عز و جل : أوحى إلي ليلة أسري بي يا محمد من خلفت في الأرض في أمتك ، و هو أعلم بذلك .قلت : يا رب أخي ؟

قال : يا محمد علي بن أبي طالب ؟ قلت : نعم يا رب .

قال : يا محمد ، إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منه ، فلا أذكر حتى تذكر معي ، فأنا المحمود و أنت محمد .

ثم إني اطلعت : إلى الأرض اطلاعة أخرى ، فاخترت منها علي بن أبي طالب ، فجعلته وصيك ، فأنت سيد الأنبياء و علي سيد الأوصياء ، ثم شققت له اسم من أسمائي فأنا الأعلى و هو علي .

يا محمد : إني خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من نور واحد ، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة ، فمن قبلها كان من المقربين ، و من جحدها كان من الكافرين .

يا محمد : لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع، ثم لقيني جاحدا لولايتهم أدخلته ناري .

ثم قال : يا محمد أ تحب أن تراهم ؟

فقلت : نعم . فقال : تقدم أمامك .

فتقدمت أمامي :

فإذا علي بن أبي طالب : و الحسن ، و الحسين ، و علي بن الحسين ، و محمد بن علي ، و جعفر بن محمد ، و موسى بن جعفر ، و علي بن موسى ، و محمد بن علي ، و علي بن محمد ، و الحسن بن علي .

وَ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ :

كَأَنَّهُ الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ فِي وَسْطِهِمْ .

فَقُلْتُ : يَا رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ ؟

قَالَ : هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ .

وَ هَذَا الْقَائِمُ : مُحَلِّلٌ حَلَالِي ، وَ مُحَرِّمٌ حَرَامِي ، وَ يَنْتَقِمُ‏ مِنْ أَعْدَائِي .

يَا مُحَمَّدُ : أَحْبِبْهُ ، فَإِنِّي أُحِبُّهُ ، وَ أُحِبُّ مَنْ يُحِبُّهُ .

الغيبة للنعماني ص93ح14، 1، 12- 24.

يا طيب : هذا شأنه قبل نزوله نوره في الأرض مع آله صلى الله عليهم وسلم ، في عناية ورعاية الله وهم بهم تستنير الأرض ويحصل على نور الهدى عباد الله ، وفي مثل هذا الحديث كثير من الأحاديث تبين هذا المعنى ذكرنا قسما منها في صحيفة سادة الوجود وبيانات كثير في بحوث النور المتفرقة في موسوعة صحف الطيبين .

البشارات بالمهدي

يا طيب : أحاديث البشارات بتولد وإمامة وغيبة وظهور وأدعية الفرج وأحوال العباد في الملاحم والفتن في الإسلام حتى تجلي نوره ظاهرا في آخر الزمان ، الأحاديث بل والآيات كثيرة ووردت عن النبي والأئمة عليهم السلام كلهم وقد جمعت في عدة أجزاء ، وعن العامة والخاصة وقد جمعت في معجم أحاديث المهدي عليه السلام وغيرها الكثير جدا ، ولكن نختار أحاديث جامعة تعرفنا ببشارة النبي والأئمة بوجوده المبارك عليه السلام ، ثم تجد البشارات في أحاديث تعرفنا أحواله في كل تأريخه وما يجب العلم والعمل في الغيبة والظهور ، فتابع :

حديث نور القائم وعلامة ظهوره :

قال في كفاية الأثر : في النص على الأئمة الاثني عشر للخزاز رحمه الله :

أخبرنا : أبو عبد الله أحمد بن أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله

قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ عُبَيْدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ نَصْرٍ الْأَنْبَارِيُّ :

قال : حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق، قال حدثنا عبد الله بن شبيب.

قال : حدثنا محمد بن زياد الهاشمي ، قال حدثنا سفيان بن عتبة ، قال حدثنا عمران بن داود ، قال حدثنا محمد بن الحنفية .

قال أمير المؤمنين عليه السلام : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول‏ :

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى :

لَأُعَذِّبَنَ‏ : كُلَّ رَعِيَّةٍ دَانَتْ بِطَاعَةِ إِمَامٍ لَيْسَ مِنِّي ، وَ إِنْ كَانَتِ الرَّعِيَّةُ فِي نَفْسِهَا بَرَّةً .

وَ لَأَرْحَمَنَّ : كُلَّ رَعِيَّةٍ دَانَتْ بِإِمَامٍ عَادِلٍ مِنِّي ، وَ إِنْ كَانَتِ الرَّعِيَّةُ فِي نَفْسِهَا غَيْرَ بَرَّةٍ وَ لَا تَقِيَّةٍ .

ثُمَّ قَالَ لِي : يَا عَلِيُّ :

أَنْتَ : الْإِمَامُ وَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِي ، حَرْبُكَ حَرْبِي وَ سِلْمُكَ سِلْمِي .

وَ أَنْتَ : أَبُو سِبْطَيَّ ، وَ زَوْجُ ابْنَتِي ، مِنْ ذُرِّيَّتِكَ الْأَئِمَّةُ الْمُطَهَّرُونَ .

فَأَنَا : سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَ أَنْتَ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ .

وَ أَنَا : وَ أَنْتَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ .

وَ لَوْلَانَا : لم يخلق الجنة و النار ، و لا الأنبياء ، و لا الملائكة .

قال قلت : يا رسول الله ، فنحن أفضل من الملائكة ؟

فقال : يا علي نحن خير خليقة الله على بسيط الأرض ، و خير من‏ الملائكة المقربين .

و كيف : لا نكون خيرا منهم ، و قد سبقناهم إلى معرفة الله و توحيده .

فبنا : عرفوا الله ، و بنا عبدوا الله ، و بنا اهتدوا السبيل إلى معرفة الله .

يا علي : أنت مني و أنا منك ، و أنت أخي و وزيري .

فإذا مت : ظهرت لك ضغائن في صدور قوم .

و سيكون بعدي : فتنة صماء صيلم ، يسقط فيها كل وليجة و بطانة .

و ذلك : عند فقدان شيعتك ، الخامس من السابع من ولدك .

يحزن لفقده : أهل الأرض و السماء ، فكم مؤمن و مؤمنة ، متأسف متلهف حيران عند فقده .

ثم أطرق مليا : ثم رفع رأسه .

وَ قَالَ : بِأَبِي وَ أُمِّي :

سَمِيِّي : وَ شَبِيهِي‏ ، وَ شَبِيهُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ .

عَلَيْهِ : جُبُوبُ النُّورِ ، أَوْ قَالَ : جَلَابِيبُ النُّورِ .

يَتَوَقَّدُ : مِنْ شُعَاعِ الْقُدْسِ ، كَأَنِّي بِهِمْ آيَسُ مَنْ كَانُوا .

ثُمَّ نُودِيَ : بِنِدَاءٍ يَسْمَعُهُ مِنَ الْبُعْدِ ، كَمَ يَسْمَعُهُ مِنَ الْقُرْبِ .

يَكُونُ : رَحْمَةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَ عَذَاباً عَلَى الْمُنَافِقِينَ .

قُلْتُ : وَ مَا ذَلِكَ النِّدَاءُ ؟

قَالَ : ثَلَاثَةُ أَصْوَاتٍ فِي رَجَبٍ :

أَوَّلُهَا : أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ‏ .

الثَّانِي‏ : أَزِفَتِ الْآزِفَةُ .

وَ الثَّالِثُ : تَرَوْنَ بَدْرِيّاً بَارِزاً مَعَ قَرْنِ الشَّمْسِ .

يُنَادِي : الْآنَ اللَّهُ قَدْ بَعَثَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ ، حَتَّى يَنْسُبَهُ إِلَى عَلِيٍّ .

فِيهِ : هَلَاكُ الظَّالِمِينَ .

فَعِنْدَ ذَلِكَ : يَأْتِي الْفَرَجُ ، وَ يَشْفِي اللَّهُ صُدُورَهُمْ ، وَ يُذْهِبُ‏ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ‏ .

قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَكَمْ يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الْأَئِمَّةِ ؟

قَالَ : بَعْدَ الْحُسَيْنِ تِسْعَةٌ .

وَ التَّاسِعُ : قَائِمُهُمْ‏ .

و هذا أمير المؤمنين عليه السلام : روى عنه الحسين بن علي ، و الأصبغ بن نباتة ، و أبو الطفيل ، و عبد الرحمن بن أبي ليلى ، و سعد بن مالك ، و يحيى البكاء ، و محمد بن الحنفية.

كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ص156 علي بن محمد الخزازر الرازي القرن الرابع عشر .وعن في بحار الأنوار ج‏36ص337ب41ح200 .

قس بن ساعدة يذكر المهدي عليه السلام :

ذكر في مقتضب الأثر : عن الجارود بن المنذر و اخباره عن قس بن ساعدة:

ما حدثنا به أبو جعفر محمد بن لاحق بن سابق‏ بن‏ قرين‏ الأنباري :

قال : حدثني جدي أبو النصر سابق‏ بن‏ قرين‏، في سنة ثمان و سبعين و مأتين بالأنبار في دارنا .

قال : حدثني أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، قال : حدثني أبي عن الشرقي بن القطامي؛ عن تميم بن وهلة المري .

قال حدثني الجارود بن المنذر العبدي : و كان نصرانيا فأسلم عام الحديبية و حسن إسلامه ، و كان قارئا للكتب، عالما بتأويلها على وجه الدهر و سالف العصر؛ بصيرا بالفلسفة و الطب ، ذا رأي أصيل و وجه جميل ؛ أنشأ يحدثنا في إمارة عمر بن الخطاب قال :

وفدت على رسول الله صلى الله عليه و آله : في رجال من عبد القيس ذوي أحلام و أسنان ، و فصاحة و بيان ، و حجة و برهان ، فلما بصروا به صلى الله عليه و آله راعهم منظره و محضره ؛ و أفحموا عن بيانهم و اعتراهم العرواء في أبدانهم .

فقال زعيم القوم لي : دونك من أقمت بنا أممه ، فما نستطيع أن نكلمه .

فاستقدمت : دونهم إليه ، فوقفت بين يديه صلى الله عليه و آله ، و قلت: السلام عليك يا نبي الله بأبي أنت و أمي ، ثم أنشأت أقول :

يا نبي الهدى أتتك رجال‏

قطعت قرددا و آلا فآلا

جابت البيد و المهامة حتى‏

غالها من طوي السري ما غالا

قطعت دونك الصحاصح تهوى‏

لا تعد الكلال فيك كلالا

كل دهناء تقصر الطرف عنها

أرقلتها قلاصنا إرقالا

و طوتها العتاق تجمح فيها

بكماة مثل النجوم تلالا

ثم لما رأتك أحسن مرأى‏

أفحمت عنك هيبة و جلالا

تتقي شر بأس يوم عصيب‏

هائل أوجل القلوب و هالا

و نداء بمحشر الناس طرا

و حسابا لمن تمادى ضلالا

نحو نور من الإله و برهان‏

و بر و نعمة لن تنالا

و أمان منه لدى الحشر و النشر

إذ الخلق لا يطيق السؤالا

فلك الحوض و الشفاعة و الكوثر

و الفضل إذ ينص السؤالا

خصك الله يا ابن آمنة الخير

إذا ما تلت سجال سجالا

أنبأ الأولون باسمك فينا

و بأسماء بعده تتلالا

قَالَ : فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، بِصَفْحَةِ وَجْهِهِ الْمُبَارَكِ ، شِمْتُ مِنْهُ ضِيَاءً لَامِعاً سَاطِعاً كَوَمِيضِ الْبَرْقِ .

فَقَالَ : يَا جَارُودُ ، لَقَدْ تَأَخَّرَ بِكَ‏ وَ بِقَوْمِكَ الْمَوْعِدُ ؟

و قد كنت : وعدته قبل عامي ذلك أن أفد إليه بقومي ؛ فلم آته ، و أتيته في عام الحديبية .

فقلت: يا رسول الله ، بنفسي أنت ما كان إبطائي عنك إلا أن جلة قومي أبطئوا عن إجابتي ، حتى ساقها الله إليك لما أراد لها من الخير لديك ، فأما من تأخر عنه فحظه فات منك ؛ ذلك أعظم حوبة و أكثر عقوبة .

و لو كانوا : ممن سمع بك أو رآك لما ذهبوا عنك .

فإن برهان الحق : في مشهدك و محتدك‏ ، و قد كنت على دين النصرانية قبل أتيتي إليك الأولى ، فها أنا تاركه بين يديك ، إذ ذلك مما يعظم الأجر و يمحو المأثم و الحوب ، و يرضي الرب عن المربوب .

فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : أَنَا ضَامِنٌ لَكَ يَا جَارُود .

قلت : أعلم يا رسول الله أنك بذلك ضمين قمين‏ .

قال : فدن الآن بالوحدانية ، و دع عنك النصرانية .

قلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أنك عبده و رسوله.

وَ لَقَدْ أَسْلَمْتُ : عَلَى عِلْمٍ بِكَ وَ نَبَإٍ فِيكَ ؛ عَلِمْتُهُ مِنْ قَبْل .

فَتَبَسَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : كَأَنَّهُ عَلِمَ مَا أَرَدْتُهُ مِنَ الْإِنْبَاءِ فِيه .

فَأَقْبَلَ عَلَيَّ وَ عَلَى قَوْمِي فَقَالَ : أَ فِيكُمْ مَنْ يَعْرِفُ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيَّ؟

قلت : يا رسول الله كلنا نعرفه غير أني من بينهم عارف بخبره واقف على أثره.

كان قس بن ساعدة : يا رسول الله ، سبطا من أسباط العرب ، عمر خمسمائة عام ، تقفر منها في البراري خمسة أعمار .

يضج بالتسبيح : على منهاج المسيح ؛ لا يقره قرار ، و لا يكنه جدار ، و لا يستمتع منه جار، لا يفتر من الرهبانية ، و يدين الله بالوحدانية .

يلبس : المسوح ، و يتحسى في سياحته بيض النعام‏ ، و يعتبر بالنور و الظلام، يبصر و يتفكر فيختبر .

تضرب : بحكمته الأمثال ، أدرك رأس الحواريين شمعون ، و أدرك لوقا ، و يوحنا و أمثالهم ، ففقه كلامهم ، و نقل منهم ، تحوب الدهر ، وجانب الكفر .

و هو القائل بسوق عكاظ و ذي المجاز :

شَرْقٌ وَ غَرْبٌ : وَ يَابِسٌ وَ رَطْبٌ ، وَ أُجَاجٌ وَ عَذْبٌ ، وَ حَبٌّ وَ نَبَات .

وَ جَمْعٌ وَ أَشْتَاتٌ : وَ ذَهَابٌ وَ مَمَاتٌ ، وَ آبَاءٌ وَ أُمَّهَاتٌ ، وَ سُرُورٌ مَوْلُودٌ ، وَ رُزْءٌ مَفْقُودٌ ، نَبَأٌ لِأَرْبَابِ الْغَفْلَةِ .

لَيُصْلِحَنَّ الْعَامِلُ : عَمَلَهُ ، قَبْلَ أَنْ يَفْقِدَ أَجَلَهُ .

كَلَّا بَلْ : هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ ، لَيْسَ بِمَوْلُودٍ ، وَ لَا وَالِدٍ ، أَمَاتَ وَ أَحْيَا، وَ خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثَى ، وَ هُوَ رَبُّ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى ، ثُمَّ أَنْشَدَ كَلِمَةً لَهُ شِعْراً:

ذَكَّرَ الْقَلْبَ مِنْ جَوَاهُ أَذْكَارٌ

وَ لَيَالٍ خِلَالَهُنَّ نَهَارٌ

وَ شُمُوسٌ تَحْتَهَا قَمَرُ

اللَّيْلِ وَ كُلُّ مُتَابِعٍ مَوَّارٌ

وَ جِبَالٌ شَوَامِخُ رَاسِيَاتٌ

وَ بِحَارٌ مِيَاهُهُنَّ غِزَارٌ

وَ صَغِيرٌ وَ أَشْمَطُ وَ رَضِيعٌ‏

كُلُّهُمْ فِي الصَّعِيدِ يَوْماً بَوَارٌ

كُلُّ هَذَا هُوَ الدَّلِيلُ عَلَى اللَّهِ‏

فَفِيهِ لَنَا هُدًى وَ اعْتِبَارٌ

ثُمَّ صَاحَ : يَا مَعَاشِرَ إِيَادٍ أَيْنَ ثَمُودُ وَ أَيْنَ عَادٌ ، وَ أَيْنَ الْآبَاءُ وَ الْأَجْدَادُ ، وَ أَيْنَ الْعَلِيلُ وَ الْعُوَّادُ ، وَ أَيْنَ الطَّالِبُونَ وَ الرُّوَّادُ ، وَ كُلٌّ لَهُ مَعَادٌ.

أَقْسَمَ : قُسٌّ بِرَبِّ الْعِبَادِ ؛ وَ سَاطِحِ الْمِهَادِ ، وَ خَالِقِ السَّبْعِ الشِّدَاد ، سَمَاوَاتٍ بِلَا عِمَادٍ .

لَيُحْشَرَنَّ : عَلَى الِانْفِرَادِ، ، وَ عَلَى قُرْبٍ وَ بِعَادٍ .

إِذَا نُفِخَ : فِي الصُّوَرِ ، وَ نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ؛ وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِالنُّور .

فَقَدْ : وَعَظَ الْوَاعِظُ ، وَ انْتَبَهَ الْقَائِظُ ، وَ أَبْصَرَ اللَّاحِظُ ، وَ لَفَظَ اللَّافِظُ .

فَوَيْلٌ : لِمَنْ صَدَفَ عَنِ الْحَقِّ الْأَشْهَرِ ، وَ كَذَّبَ بِيَوْمِ الْمَحْشَر ،ِ وَ السِّرَاجِ الْأَزْهَرِ، ، فِي يَوْمِ الْفَصْلِ وَ مِيزَانِ الْعَدْلِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

يَا نَاعِيَ الْمَوْتِ وَ الْأَمْوَاتُ فِي جَدَثٍ‏

عَلَيْهِمُ مِنْ بَقَايَا بَزِّهِمْ خَرَقُ

مِنْهُمْ عُرَاةٌ وَ مَوْتَى فِي ثِيَابِهِمْ

مِنْهَا الْجَدِيدُ وَ مِنْهَا الْأَوْرَقُ الْخَلَقُ

دَعْهُمْ فَإِنَّ لَهُمْ يَوْماً يُصَاحُ بِهِمْ‏

كَمَا يُنَبَّهُ مِنْ رَقَدَاتِهِ الصَّعِقُ‏

حَتَّى يَجِيئُو بِحَالٍ غَيْرِ حَالِهِمْ‏

خَلْقٌ مَضَوْا ثُمَّ مَا ذَا بَعْدَ ذَاكَ لَقُوا

ثُمَّ أَقْبَلْتُ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقُلْتُ : عَلَى عِلْمٍ بِهِ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ مَبْعَثِه ،ِ كَمَا آمَنْتُ بِهِ أَنَا ؟

فَنَصَّتْ : إِلَ ى رجل منهم ، و أشارت إليه ، و قالوا :

هذا صاحبه : و طالبه على وجه الدهر ، و سالف العصر؛ و ليس فينا خير منه و لا أفضل .

فبصرت به : أغر أبلج ، قد وقذته الحكمة ، أعرف ذلك في أسارير وجهه‏ ، و إن لم أحط علما بكنهه .

قلت : و من هو ؟

قالوا : هذا سلمان الفارسي ، ذو البرهان العظيم، و الشأن القديم.

فقال سلمان : عرفته يا أخا عبد القيس من قبل إتيانه .

فَأَقْبَلْتُ : عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، وَ هُوَ يَتَلَأْلَأُ وَ يُشْرِقُ وَجْهُهُ نُوراً وَ سُرُوراً .

فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ قُسّاً كَانَ يَنْتَظِرُ زَمَانَكَ ، وَ يَتَوَكَّفُ إِبَّانَكَ‏ .

وَ يَهْتِفُ : بِاسْمِكَ وَ اسْمِ أَبِيكَ وَ أُمِّكَ ، وَ بِأَسْمَاءٍ لَسْتُ أُصِيبُهَا مَعَكَ، وَ لَا أَرَاهَا فِي مَنِ اتَّبَعَكَ .

قال سلمان : فأخبرنا فأنشأت أحدثهم ، و رسول الله صلى الله عليه و آله يسمع ، و القوم سامعون واعون .

قلت : يا رسول الله لقد شهدت قسا ، خرج من ناد من أندية إياد ، إلى صحصح ذي قتاد ، و سمرة و عتاد ، و هو مشتمل بنجاد ، فوقف في إضحيان ليل كالشمس ، رافعا إلى السماء وجهه و إصبعه .

فدنوت منه و سمعته يقول:

اللَّهُمَّ : رَبَّ هَذِهِ السَّبْعَةِ الْأَرْقِعَةِ ، وَ الْأَرَضِينَ الْمُمْرِعَةِ .

وَ بِمُحَمَّدٍ : وَ الثَّلَاثَةِ الْمَحَامِدَةِ مَعَهُ .

وَ الْعَلِيِّينَ : الْأَرْبَعَةِ .

وَ سِبْطَيْهِ : النَّبِعَةِ .

وَ الْأَرْفِعَةِ : الْفَرِعَةِ ، وَ السُّرَى اللَّامِعَةِ .

وَ سَمِيِّ : الْكَلِيمِ الضَّرَعَةِ ، وَ الْحَسَنِ ذِي الرِّفْعَةِ .

أُولَئِكَ : النُّقَبَاءُ الشَّفَعَةُ ، وَ الطَّرِيقُ الْمَهْيَعَةُ .

دَرَسَةُ : الْإِنْجِيلِ ، وَ حَفَظَةُ التَّنْزِيلِ .

عَلَى عَدَدِ : النُّقَبَاءِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ .

مُحَاةُ : الْأَضَالِيلِ ، وَ نُفَاةُ الْأَبَاطِيلِ ، الصَّادِقُو الْقِيلِ .

عَلَيْهِمْ : تَقُومُ السَّاعَةُ ، وَ بِهِمْ تُنَالُ الشَّفَاعَةُ ، وَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَرْضُ الطَّاعَةِ ، ثُمَّ قَالَ :

اللَّهُمَّ : لَيْتَنِي مُدْرِكُهُمْ ، وَ لَوْ بَعْدَ لَأْيٍ مِنْ عُمُرِي وَ مَحْيَايَ .

ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ :

مَتَى أَنَا قَبْلَ الْمَوْتِ لِلْحَقِّ مُدْرِكٌ

وَ إِنْ كَانَ لِي مِنْ بَعْدِ هَاتِيكَ مَهْلَكُ‏

وَ إِنْ غَالَنِي الدَّهْرُ الْخَئُونُ بِغَوْلِهِ

فَقَدْ غَالَ مَنْ قَبْلِي وَ مَنْ بَعْدُ يُوشِكُ‏

فَلَا غَرْوَ إِنِّي سَالِكٌ مَسْلَكَ الْأُولَى‏

وَشِيكاً وَ مَنْ ذَا لِلرَّدَى لَيْسَ يَسْلُكُ‏

ثُمَّ آبَ : يُكَفْكِفُ دَمْعَهُ ، وَ يَرِنُّ رَنِينَ الْبَكْرَةِ ، وَ قَدْ بُرِيَتْ بِمِبْرَاةٍ .

وَ هُوَ يَقُولُ:

أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَماً

لَيْسَ بِهِ مُكْتَتِمَا

لَوْ عَاشَ أَلْفَيْ عُمُرٍ

لَمْ يَلْقَ مِنْهَا سَأَمَا

حَتَّى يُلَاقِيَ أَحْمَداً

وَ النُّقَبَاءَ الْحُكَمَا

هُمْ أَوْصِيَاءُ أَحْمَدَ

أَكْرَمَ مَنْ تَحْتَ السَّمَا

يَعْمَى الْعِبَادُ عَنْهُمُ‏

وَ هُمْ جَلَاءٌ لِلْعَمَى

لَسْتُ بِنَاسٍ ذِكْرَهُمْ

حَتَّى أَحُلَّ الرَّجَمَا

ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْبِئْنِي أَنْبَأَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ عَنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَمْ نَشْهَدْهَا وَ أَشْهَدَنَا قُسٌّ ذِكْرَهَا ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ :

يَا جَارُودُ : لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ .

أَوْحَى : اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيَّ ، أَنْ سَلْ‏ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا عَلَى مَا بُعِثُوا ؟

فَقُلْتُ : عَلَى مَا بُعِثْتُمْ ؟

فَقَالُوا : عَلَى نُبُوَّتِكَ ، وَ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَ الْأَئِمَّةِ مِنْكُمَا .

ثُمَّ أَوْحَى إِلَيَّ : أَنِ الْتَفِتْ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ .

فَالْتَفَتُّ فَإِذَا : عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ؛ وَ الْحُسَيْنُ، وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ؛ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، وَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ؛ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ؛ وَ الْمَهْدِيُّ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نُورٍ يُصَلُّونَ .

فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ تَعَالَى : هَؤُلَاءِ الْحُجَجُ لِأَوْلِيَائِي .

وَ هَذَا : الْمُنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِي .

قَالَ الْجَارُودُ : فَقَالَ لِي سَلْمَانُ :

يَا جَارُودُ : هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ كَذَلِكَ .

فَانْصَرَفْتُ بِقَوْمِي .

وَ قُلْتُ فِي وِجْهَتِي إِلَى قَوْمِي:

أَتَيْتُكَ يَا ابْنَ آمِنَةَ الرَّسُولَا

لِكَيْ بِكَ أَهْتَدِي النَّهْجَ السَّبِيلَا

فَقُلْتُ وَ كَانَ قَوْلُكَ قَوْلَ حَقٍ‏

وَ صِدْقٍ مَا بَدَا لَكَ أَنْ تَقُولَا

وَ بَصَّرْتَ الْعَمَى مِنْ عَبْدِ قَيْسٍ

وَ كُلٌّ كَانَ مِنْ عَمَهٍ ضَلِيلَا

وَ أَنْبَئْنَاكَ عَنْ قُسِّ الْإِيَادِي

مَقَالًا فِيكَ ظِلْتَ بِهِ جَدِيلَا

وَ أَسْمَاءً عَمَتْ عَنَّا فَآلَتْ‏

إِلَى عِلْمٍ وَ كُنْتُ بِهِ جَهُولَا

المصدر : مقتضب الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر لأحمد بن عبد العزيز الجوهري البصري المتوفى سنة 401 للهجرة ص32، بحار الأنوار ج15ص240ب2ح60 . والكراجكيّ في كنز الفوائد: 256- 258. و الحرّ العاملي في اثبات الهداة ج 3 ص 202 عن هذا الكتاب مختصرا.

قُسُّ بن ساعدة : بن حُذَافة بن زُهَير ابن إياد بن نِزَار الإيادي. من حكماء العرب قبل الإسلام ، توفي حوالي عام 600 م (حوالي 23 قبل الهجرة). وأياد أخو ربيعة ومضر وأنمار أبناء نزار العدناني من نسل أنبياء الله إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهم السلام .

و في سيرة ابن هشام : قال ابن إسحاق: و قدم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم الجارود بن عمرو بن حنش أخو عبد القيس، قال ابن هشام: الجارود: ابن بشر بن المعلى في وفد عبد القيس، و كان نصرانيا اه قلت: و قال اليعقوبي في تاريخه: و قدمت عبد القيس و رئيسهم الاشبح العصري، ثمّ وفد الجارود بن المعلى.

اعتريه الامر: أصابه و العرواء: نفضة ورعدة تصيب المريض و غيره. والقمين الجدير والخليق به ، يتحوب أي يتأثم ويتوجع ويحزن ، ، قذة غلبه وساكنه ، و آلا فآلا الآل السّراب. و قردد: الموضع المرتفع من الارض و يقال للأرض المستوية ايضا قردد ، والصحاصح جمع الصّحصح: ما استوى من الارض و كان اجود. الدهناء: الفلاة و أرقل المفازة: قطعها. القلاص جمع القلوص من الابل: الطّويلة القوائم. العتاق جمع العتق و فرس عتيق: رائع. و جمح الفرس: تغلب على راكبه و ذهب به لا ينثني . السجال جمع السجل: الدّلو العظيمة فيها ماء قل او كثر. وميض البرق: لمعانه.

الحوبة: الاثم. المحتد: الاصل. القمين: الخليق الجدير. كنّ الشيء: ستره في كنه و غطاءه و أخفاه و صانه من الشّمس. المسوح جمع المسح بالكسر: ما يلبس من نسيج الشّعر على البدن تقشعا و قهرا للجسد. و تحسى المرق: شربه شيئا بعد شيء. تحوب: اجتنب الحوب أي الاثم. الاشمط: الذى خالط بباض رأسه سواد.

قال اليعقوبي في تاريخه 1: 227: سوق عكاظ بأعلى نجد، يقوم في ذي القعدة، و ينزلها قريش و سائر العرب، الا ان أكثرها مضر، و بها كانت مفاخرة العرب و جمالاتهم و مهادناتهم ، ثمّ سوق ذي المجاز، و كانت ترتحل من سوق عكاظ، و سوق ذي المجاز الى مكّة من لحجهم.

الأسارير: الخطوط في الجبهة. توكف الخبر: انتظر ظهوره. وأبان الشيء بكسر الهمزة و شدّ الباء: أوّله. حينه. الاندية جمع النادى: مجلس القوم ما دامو مجتمعين فيه. و الصّحصح تقدّم معناه و القتاد: شجر صلب له شوك كالأبر. و السّمرة بالضّمّ: شجر الطّلح و هو شجر عظام كثير الشّوك. و العتاد بفتح العين: كلّ ما هيى‏ء من سلاح و دوابّ و آلة حرب.

ليلة اضحيانة: مضيئة. الارقعة جمع الرقيع: السّماء عموما. و قيل الرقع اسم سماء الدّنيا و أمرع المكان: أخصب . الضرعة أو الصرعة الحليم عند الغضب. المهيع: الطّريق الواسع البين. اللائي: الشّدّة و المحنة.

الوشيك: السّريع. كفكف الدّمع: مسحه مرّة بعد مرّة و البكرة بضمّ الباء و كسرها: آلة مستديرة في وسطها محزم عليها حبل لرفع الاثقال و حطّها. الرّجم: القبر.

خير خلق الله والمهدي :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أصبغ بن نباتة الحنظلي قال :

رأيت أمير المؤمنين عليه السلام : يوم افتتح البصرة ، وركب بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال :

أيها الناس : ألا أخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله ؟

فقام إليه أبو أيوب الأنصاري فقال : بلى يا أمير المؤمنين حدثنا فإنك كنت تشهد ونغيب .

فقال : إن خير الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب ، لا ينكر فضلهم إلا كافر ولا يجحد به إلا جاحد .

فقام : عمار بن ياسر رحمه الله ، فقال : يا أمير المؤمنين سمهم لنا لنعرفهم ؟

فقال عليه السلام : إن خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل ، وإن أفضل الرسل محمد صلى الله عليه وآله .

وإن أفضل كل أمة : بعد نبيها ، وصي نبيها حتى يدركه نبي ، ألا وإن أفضل الأوصياء وصي محمد عليه وآله السلام .

ألا وإن أفضل الخلق : بعد الأوصياء الشهداء ، ألا وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، وجعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة ، لم ينحل أحد من هذه الأمة جناحان غيره شيء كرم الله به محمدا صلى الله عليه وآله وشرفه .

والسبطان : الحسن والحسين .

والمهدي : يجعله الله من شاء منا أهل البيت .

ثم تلا هذه الآية : { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيمًا (70) } .

الكافي ج1ص450ح34. وفي تفسير فرات الكوفي ص113ح113 . وفي أخره و السبطان الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ، و من ولدت إياهما ، و المهدي يجعله الله من أحب منا أهل البيت ، ثم قال : أبشروا ثلاثا .....

والظاهر : المهدي يجعله الله متى شاء منا أهل البيت يعني ظهوره ، وعلى رواية تفسير الفرات أضاف للحسنين أمهما ، يجعله الله من شاء أي متى شاء وأحب أي جعل ظهوره متى أحب سبحانه لإصلاح العباد والعالم كله أي تابع ظهور لإذن الله وقراره وقدره وقضاءه .

مختصر تأريخ الإمام المهدي المنتظر

البحث الأول : اسمه ونسبه الشريف :

اسمه الشريف : مُ حَ مَّ دْ .

اسمه : أسم جده الأكرم نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وتفريق الحروف مراعات لأحاديث عدم التسمية وإن كانت مختصه بأوائل زمان غيبته .

وكنيته : كنيت جده صلى الله عليه وآله وسلم ، أبو القاسم ، كما يكنى : أبا صالح ، وشاع بين المؤمنين تكنيت كل من اسمه مهدي قبل أن يكون له ولد أبو صالح تيمناً وتبركاً باسم إمامهم ، كما يكنى من اسمه صالح بأبي زمان ـ .

وفي غيبة الطوسي : بسنده عن حذيفة بن اليمان ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول وذكر المهدي :

إنه يبايع : بين الركن والمقام ، أسمه :

أحمد

وعبد الله

والمهدي

فهذه أسماؤه ثلاثتها .

غيبة الطوسي ص 470 ح486 .

وقد وردة روايات تنهى عن التسمية الصريحة في المحافل والمجالس دون الألقاب والكناية ، وبعض الأصحاب جوز التسمية في الغيبة ، وفصل البحث العلامة النوري في النجم الثاقب وذكر مائة واثنان وثمانين اسما ونذكر هنا أشهرها :

ألقابه وأسمائه الأخرى :

الأول : بقية الله : روي أنه عليه السلام إذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، وأول ما ينطق به هذه الآية :

{ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (86)} هود، ثم يقول :

أنا بقية الله : في أرضه ، وخليفته ، وحجته عليكم ، فلا يسلّم عليه مسلّم ، إلا قال :

السلام عليك يا بقية الله في أرضه .

كمال الدين ج1 ص231ح16 ب32.

الثاني : الخلف ، الخلف الصالح : لكونه عليه السلام خليفة رسول الله ووارث علمه وعلم جميع الأنبياء والأوصياء .

الثالث : الحجة : هو لقب لجميع الأئمة وشاع إطلاقه عليه من بينهم على لسان أوليائه واتباعه حتى اختص به عليه السلام ، لأنهم عليهم السلام المصداق الحقيقي لقوله تعالى : { قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ 0149)} الأنعام، وهو في طول إمامته حجة الله التي شمل زمانه أكثر البشر ، ومر في الحديث أعلاه أنه يقول أنا حجة الله .

كما أن نقش خاتمه عليه السلام : أنا حجة الله .

الرابع : القائم : أي القائم في أمر الله ، وينتظر أمره بالقيام بالحق ونشر دينه وإقامة العدل ويبدد الظلم . ويستحب القيام للمؤمنين عند السماع بهذا الاسم المبارك ، وهذا سيرة جميع طبقات الإمامية .

وذُكر أنه : ذُكر هذا الاسم عند الإمام الصادق عليه السلام ، فقام الإمام تعظيماً واحتراماً لأسمه عليه السلام ، وفي كتاب وفاة الإمام الرض المسمى تأجيج نيران الأحزان في وفاة سلطان خراسان قال :

لما أنشد دعبل الخزاعي قصيدته التائية على الإمام الرضا عليه السلام ، ولما وصل إلى قوله :

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم الله بالبركات

قال : قام الإمام الرضا عليه السلام على قدميه ، وأطرق رأسه إلى الأرض ، ثم وضع يده اليمنى على رأسه وقال : اللهم عجل فرجه ومخرجه ، وانصرن به نصراً عزيزاً .

منتهى الأمال ج2 ص813 .

الخامس : المهدي : وهو من اشهر أسمائه وألقابه عند جميع الفرق الإسلامية ، وقد وردت روايات كثيرة بالتصريح له باسم المهدي ، لأنه يهدي الناس بأمر الله ، وهو مهدي بأمر الله ولا يهديه غير الله وهو هادي لجميع البشر .

وروى عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إذا قام القائم : دعا الناس إلى الإسلام جديداً ، وهداهم إلى أمر قد دثر وضل عنه الجمهور .

وإنما سُمي المهديّ : مهدياً ، لأنّه يهدي إلى أمر قد ضلوا عنه .

وسمي بالقائم : لقيامه بالحق .

إعلام الورى 2ـ288، إرشاد المفيد 2 : 383 ، روضة الواعظين : 264 .

السادس : المنتظر : أي الذي يُنتظر ، والمخلصون ينتظرون قدوم طلعته البهية ، وينتظرون فرج الله وإقامة دين الله وعدله في جميع بقاع الأرض ، وينكره المرتابون في أمر الله تعالى ، وتوجد أحاديث كثيرة تسميه بهذا الاسم المبارك .

السابع : الصاحب ، صاحب الزمان ، صاحب الأمر : ألقاب ذكره الأصحاب وجاءت في الروايات ، ومعناها المصاحب والملازم لأمر الله وطاعته على طول زمانه في غيبته وظهوره، وله أمر الإمامة والخلافة والهداية والولاية على طول الزمان ، وورد : صاحب الدار ، أي وارث دار والده في سامراء كناية عن التسمية ومقام الإمامة .

الثامن : إمام العصر : يراد بالعصر الزمان الذي يعيش فيه الإنسان ، وهو أمام عصرنا وزماننا وإما عصر كل إنسان يعيش في زمن غيبته وظهوره .

التاسع : الماء المعين : جاء في الرواية المفسرة لقوله تعالى : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30) } الملك، ويراد أن علوم الله الخاصة والصافية من القياس والرأي والتحريف عنده ، وهو عليه السلام الذي ينشرها خالصة حقه ، وإذا كان غير موجود فمن هو الذي يوصل تعاليم الله الخالصة والصافية غيره إذاً ؟؟!! وهي دالة على وجوده الشريف وإن كان غائب .

العاشر : المنصور : لأن الله ينصره بأمره ويمكنه في أرضه .

وذكر في إعلام الورى بأعلام الهدى ج2 ص 213، وكانت الشيعة في غيبته الأولى تعبر عنه وعن غيبته بـ الناحية المقدسة ، وكان ذلك رمزاً بين الشيعة يعرفونه به ، وكانوا يقولون أيضاً على سبيل الرمز والتقية : الغريم : يعنونه عليه السلام أي صاحب الخمس ، كما جاءت ألقاب أخرى كـ صاحب السيف ، الرجل ، الغلام وغيرها من الألقاب التي يراد به شخصه الكريم عجل الله فرجه الشريف .

نسب المهدي المنتظر عليه السلام :

مُ حَ مَّ دْ بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام ، فهو الإمام الثاني عشر من آل محمد عليهم السلام من صلب نبينا محمد من بنته فاطمة الزهراء عليه السلام ، فهم أربعة عشر معصوم ، وهم سادات الدنيا وأشراف بني البشر ، والولاة على المؤمنين والقائمين بأمر الله والهداية لدينه بهم فتح الله معالم دينه وبهم يختم ، وهذا أشرف وأكرم وأطيب وأطهر نسب في الوجود وأرفع مقام عند الله في الدنيا والآخرة ، ومن تعلم منهم وعمل مخلصا لله الدين فقد فاز ونجى ، وإلا ضل وهلك .

نسبه واسم أمه الفاضلة :

مليكة وتسمى نرجس : من نسل شمعون أحد حواري وأوصياء عيسى المسيح عليه السلام .

يوم ولادته المهدي المنتظر عليه السلام :

ولد عليه السلام في ـ 15 ـ شعبان يوم الجمعة سنة 255 للهجرة النبوية المباركة في مدينة سامراء ، سر من رأى ، عاصمة الخلافة العباسية آنذاك شمال مدينة بغداد، ولم يُخَلِّفْ أبوه ولَداً غَيْرَه ظاهراً ولا باطناً ، وسوف نذكر تفصيل ولادته أن شاء الله . كما في الكافي وغيره وهو الأشهر بل المسلم ، وبقيت الأقوال غير معتنى بها ، فلم نذكرها .

أنظر الكافي ج2ص645ب25- بَابُ‏ مَوْلِدِ الصَّاحِبِ‏ عَلَيْهِ السَّلَامُ‏ .

ولد الإمام المهدي عليه السلام : للنصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين هذا هو الاشهر بين العلماء و له عند موت أبيه عليهما السلام خمس سنين .

قال الصدوق فى كتاب كمال الدين : حدثنا محمد بن محمد بن عصام- رحمه اللّه- قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكلينى قال: حدثنا على بن محمد قال: ولد الصاحب عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين .

و روى الصدوق باسناده عن حكيمة بنت محمد بن على بن موسى عليهم السلام قالت :

بعث إلي أبو محمد الحسن بن على عليهما السلام فقال: يا عمة اجعلى افطارك الليلة عندنا فإنها ليلة النصف من شعبان ، فإن اللّه تبارك و تعالى سيظهر فى هذه الليلة الحجة و هو حجته فى أرضه - وسيأتي الحديث بتمامه .

التهنئة بمولد الإمام المهدي

يا طيب : منذ زمن طويل كنت أبلغ في الانترنيت في المنتديات ثم في المواقع الاجتماعية في المناسبات الإسلامية لأيام أفراح آل محمد عليهم السلام وفي أيام أحزانهم ، ومما كنت أكتبه في أيام مولد الحجة المهدي المنتظر عجل الله ظهوره هذه العبارات ، وأذكرها لعله يستفيد منها المؤمنون وينشروها أو يشذبوها ويختارون منها ، أو يكتبون أحسن منها فتكون لهم ذكرى ، تدعوهم لتهنئة المؤمنين في مثل هذ اليوم المبارك ويشاركون الطيبين أفراحهم وسروهم :

التهنئة الأولى :

يا طيب : أزف أجمل التهاني وأحلاها ، وأقدم أبهى التبريكات وأسماها ، لنبينا الأكرم سيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين عليهم صلاة الله ، وللأمّة الإسلامية ولحضرتكم ولكل موالي محب للنبي وآله ، وأسعد الله أيامكم وأفرحكم ، وجعلكم ترفلون في كل خير وتقبل أعمالكم وطاعاتكم وسروركم ، لحلول ذكرى اليوم المبارك :

لميلاد : بقية الله قائم آل محمد وأفضل الخلف ، أنبل موجود صاحب الزمان وله الشرف ، خليفة الله المهدي المنتظر وحجته : م ح م د ابن الحسن العسكري عجل الله فرجه الشريف ، وأرواحنا وأرواح العالمين له الفداء ، وجعلن من أنصاره وأعوانه وأرانا الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة .

والذي كان في يوم 15 شعبان سنة 255 للهجرة المباركة

فهنيئاً : لمنتظري سرور نبينا بظهور ابن بنته سيدة نساء العالمين ، والذي أعده الله لإصلاح ما فسد من أمور الدنيا والدين ، حتى يجعل كلمة الله العلي ويظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركين ، صلوات الله عليه وعلى آبائه أجمعين ، وحشرنا الله معهم في الدنيا والآخرة ورحم الله من قال آمين .

وبمناسبة هذه الأيام السعيدة لحلول هذا اليوم الأغر و عودة هذا اليوم المبارك نقدم لمحبي الإنسانية والقيم العالية ولكل الطيبين :

ما تم كتابته : في موقع صحف الطيبين وما كتب فيها حول الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف ، واهم الأخبار المناسِبة لهذه المناسَبة المباركة .

فنذكر لكم يا طيبين أولاً ما يناسب هذه المناسبة الشريفة :

روي أن الإمام الصادق عليه السلام كثيرا ما كان يقول :

لكل أناس دولة ترقبوها

ودولتنا في آخر الدهر تظهر

شعر السيد الحميري وتكملته :

وقال السيد الحميري رحمه الله : قصيدة يظهر حب مشاركته الإمام علي عليه السلام في حله وترحاله واعتقاده بوجوب متابعته والأخذ بسيرته ، وقد أكملته من حيث انتهى رحمه الله ، فأتممتها : إلى زمان إمامنا المهدي المنتظر عجل الله ظهور ، ووجوب الاعتقاد به وبظهوره عليه السلام ، راجياً من الله ونبينا وآله وبالخصوص خاتم الأوصياء إمام عصرنا الحجة ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف قبولها قولاً وعملاً واعتقاداً :

وما به مـن دان يوم الدهر دنت به

وشـاركـــت كـفـه كـفي بصفينا

في سفك ما سفكت فيه إذا حضروا

وابـــرز الله للقسـط المــوازينا

تلك الدماء معا يا رب في عـنـقـي

ثم اســــقني مثــلها آميـن آمـيـنا

آميـــن مــن مثلهم في مثل حــالهم

في عصـبة هاجروا لله شــارينا

في عصبة حول مهدى يسير بهــم

من بطـن مكة ركبانا وماشـــينا

ليســوا يريــــدون إل الله ربــهـــم

نعـــم المــراد توخـاه المريدونا

حتى يلاقو بنى حـرب بجمعهــم

فيـضربوا الهــام منهم والعرانينا

هناك ربى ما أعطـاك من شـرف

مـنـه أبا حســن خيــر الوصيينا

وزادك الله أضعـــافا مضـــاعـفة

حتــــى ينيــــلك ما نـال النبـييـنا

فـالله يشــــهد لي إنـــي احبهـــــم

حـبـا أديـن به فيــــكم لـــه ديـنـا

لا ابتغى بــــدلا من معشـر بكـم

حتى أغـيب فـي الأكـفان مدفـونا

( وأنا خادم علوم آل محمد عليهم السلام مؤلف هذه الصحيفة وكتب موسوعة صحف الطيبين ، قد أكملت بيات )

وارجـــوا بعـــدها رجعـة يكـر

فيهـــا العدل يقوده الإمـام مهـدينا

فأخرج بـإذن الله ناصـراً لوليه

ســالكاً لســــبيله وخــادم لوالـينا

ولــي فخـر باتبـــاع إمـام هدى

محيـــي دارس ديـــن الله هادينا

بعد إذ نكست راية الإسلام ينشر

هـــا خفاقتــاً بها العز يــــؤوينا

ناصـر المظـلوم رافع الظــــلم

كاشف الغم مفـرج الهـم مرضينا

آخذ الحـق معطي الحق ناصره

معـلم الحــق والحــق لـــــه دينا

الحـــق ناصره بقضــاء وقـدر

وملائكــة كــرام وصفـوة محبينا

فاز منتظـــر الظهــور عبادة

ومعتـقـداً بكرتـه حينــا بعده حينا

ممهد لوطئته معد عدته موقــنٌ

أنّــه نـــور الله تشـريعاً وتكـوينا

يرجـــوا نجـاحاً به في فتــــن وبلاء

الله لا يجتازه إلا المخلـصينا

وخاسر فيها من لم يعتقــد بظهور

مصلح الدينا بقية الله يـهدينا

خاسئ غير معاهـد بنصرتـــه

ولم يـدعو لطلعتـه ولا قـال آمينا

فيا إلهي وربي اقبل حبـي لـه

وأفـراح قلـبي به شـــوقاً وتسكينا

ويا محب النبي صلِّ عليه وآله

تأيـــداً لــقولي وبالعقــل توطينا

قصيدة دعبل وتكملتها :

ومن قصيدة لدعبل بن علي الخزاعي رحمه الله :

روى في البحار : عن الكافي وعيون أخبار الرضا عليه السلام بسندهما عن الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن الهروي ، قال : سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول :

أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا عليهما السلام قصيدتي التي أولها :

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي :

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كل حق وباطل

ويجزي على النعمـاء والنقمات

بكى الرضا عليه السلام : بكاء شديدا ، ثم رفع رأسه إلي فقال لي :

يا خزاعي : نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين فهل تدري من هذا الإمام ؟ ومتى يقوم ؟

فقلت : لا يا مولاي ، إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملاها عدلا كما ملئت جورا .

فقال عليه السلام : يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره ، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج ، فيملاها عدلا كما ملئت جورا ، وأما متى ؟

فأخبار عن الوقت : ولقد حدثني أبي ، عن أبيه عن آبائه ، عن علي عليهم السلام : أن النبي صلى الله عليه وآله قيل له : يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك ؟

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: مثله مثل الساعة لا يجلبه لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا يأتيكم إلا بغتة .

بحار الأنوار: جزء51ص145ب8ح4 .

فقال دعبل رحمه الله في تمام القصيدة:

فلولا الذي أرجوه في اليوم أوغد

تقـــطع قلبــي أثرهم قطعات

خروج إمـــام لا محـالـة خــارج

يــقـوم على اسم الله والبركات

يميز فينـا كـل حــق وبــاطل و

يجزى على الإحسان والنعمات

ويلعن فذ الناس في الناس كلهـم

إذا ما دعا ذاك ابن هـن وهنات

فيا نفسي طيبي ثم يا نفـس فابـ

شري فغيـر بعيد كل ما هـو آت

ولا تجزعي من مدة الحور إنني

كأني بها قـــــد آذنـــت بشتات

فإن قرب الرحمن من تلك مدتي

وأخر في عمري ووقت وفات

شــفيت ولم اترك لنفسي ريـــبة

ورويــت منـهم منصلي وقنات

وأنا خادمهم : خادم علوم آل محمد عليهم السلام شيخ حسن جليل حردان الأنباري مؤلف هذه الصحيفة ، لهذا قسم من القصيدة : المتعلق بظهور أمامنا الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، و التي أنشدها دعبل رحمه الله أمام الإمام الرضا عليه السلام وقد أضفت لهذا القسم من القصيدة بما يشابه الشعر مما يكمل السبب والغاية وما يناسب زماننا الحاضر ، مشيرا لأهم أحداثه وواجبي فيها ، فإن أصبت فأرجو من سيد ومولاي الإمام الرضا عليه السلام وحفيده الحجة بن الحسن عليه السلام ، أن يقبل مني كما قبل من دعبل ، وإن قصرت فأرجو أن يرفعني عنده بمنه .

فقلت :

أخذ بثارات النبي وآله وشيعة لهم

مـن ناصـب ظـالم لحقهم عات

طالب بذلك رضا الجبــار وعلـوه ومعتقـد بنصـرهـم فـوز نجات

ومعادي لظلـم أمريكا وبني صـهـ

يون وللعمـلاء أتباعهم وللنمات

وشانئ لكـل غاصب حق وأثــم

و كـل غاشـم لا يذعـن للنصفـات

جندي ناصر لإمام يبسـط العـدل

بقية الله عنـده للجــور نقمـات

مذل فنـون الكـفر والظلـم ولأهـل

الشـرك وللنفـاق عنـده جولات

وللإسلام وأهـله كل عـــز وفخـر

وخيـر أعده الرحمان للدولات

ويا رب ثبت إخلاصي للنبي وآله

واكحــل ناظـري بآخـر ولات

ويا رب طيب وطهر روحي بهـم

وأقـبــل عملي وزكـي صفاتِ

ثم نكتب : معلومات أخرى من هذه الصحيفة ونبلغها للمؤمنين .

التفصيل في اسم الإمام المهدي

يا طيب : جاءت روايات كثيرة تعرفنا اسم الإمام المهدي عليه السلام سواء تصريحا أو بالإشارة ، وبعضها في المنع من ذكر أسمه ، والظاهر أن المنع كان في أول أيامه وفي الغيبة الصغرى ، أو أنها تشير أنه يجب أن يذكر مع مرعات الأحتياط عند غير أهل الولاية ومن ليس أهلا لسماع اسمه الشريف ، لكي لا يقل شأن البشارة بوجوده والإيمان به والدعاء بتعجيل ظهوره ، وحب الكون معه ، وعلى كل حال نذكر الرويات المصرحة والمناعة ، فتدبرها يا طيب :



المنع من ذكر اسم الإمام :

ذكر في الكافي : بالإسناد عن داود بن القاسم الجعفري قال : سمعت أبا الحسن العسكري عليه السلام يقول :

الخلف : من بعدي الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟

فقلت : ولم جعلني الله فداك ؟

قال : إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه .

فقلت : فكيف نذكره ؟

فقال : قولوا : الحجة من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه .

الكافي ج1ص332ح1.

يا طيب : تسميته بالحجة أو بالقائم أو المنتظر أو غيرها كم سيأتي مثل تسمية الإمام الكاظم عليه السلام بأبي إبراهيم أو العالم أو غيرها من الأسماء التي كان يشار بها للأئمة عليهم السلام .

وذكر في الكافي بالإسناد : عن الريان بن الصلت قال : سمعت أب الحسن الرضا عليه السلام يقول - وسئل عن القائم - ؟

فقال : لا يرى جسمه ، ولا يسمى اسمه .

الكافي ج1ص333ح3.

ذكر في الكافي بالإسناد عن ابن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

صاحب : هذا الأمر ، لا يسميه باسمه إلا كافر .

الكافي ج1ص333ح4.

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي عبد الله الصالحي قال :

سألني أصحابنا : بعد مضي أبي محمد عليه السلام ، أن أسأل عن الاسم والمكان .

فخرج الجواب : إن دللتهم على الاسم أذاعوه ، وإن عرفوا المكان دلوا عليه.

الكافي ج1ص333ح2.

يا طيب : هذا الحديث الأخير ، يبين سبب عدم ذكر الاسم ومكان تواجده ، والعلة واحده ، أي أنه لو ذاع عند الشيعة ذكر اسمه لطالبهم الحاكم بتعريف من يعرف مكانه ليأخذوه ، ويبطل سبب الغيبة ، وما أعد الله تعالى له من النصر في حين الظهور الذي أعده الله له ، ولما هذا لا يكون أن يسلم الله وليه للحكام الظلمة وقد غيبه عنهم ، فيحنئذ يؤذي الحكام الشيعة المذيعين للاسم ولغيرهم من كبراء الشيعة وعلمائهم ، ثم تكذيبهم والتشهير بهم ، وهذا في غير صالح المذهب ونشر معارف الغيبة العالية وهدافها السامية ، والواجب العمل بها في زمان الإنتظار ، ولكن لما خفت الوطئة على الشيعة عرف علماء الشيعة الأحاديث الذكر لأسمه فتدبر بها .

وهذا حديث : يعرفنا بأنه الإمام الحجة لا يكنى ولا يسمى ، تأكيد لما مضى ، ليشوق المؤمنون لأخباره بعزة ومعرفة بكمال تام حتى يعملوا بالواجب في غيبته من الأنتظار والدعاء وغيرها .

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ومعه الحسن بن علي عليه السلام وهو متكئ على يد سليمان ، فدخل المسجد الحرام فجلس ، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين ، فرد عليه السلام ، فجلس .

ثم قال : يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضى عليهم وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم ، وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء .

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : سلني عما بدا لك .

قال : أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه ؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى ؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال ؟

فالتفت أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن فقال : يا أبا محمد أجبه .

قال : فأجابه الحسن عليه السلام .

فقال الرجل : أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك .

وأشهد أنك : وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ، والقائم بحجته - وأشار إلى أمير المؤمنين - ولم أزل أشهد بها .

وأشهد أنك : وصيه والقائم بحجته - وأشار إلى الحسن عليه السلام - .

وأشهد أن : الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده .

وأشهد على : علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده .

وأشهد على : محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين .

وأشهد على : جعفر بن محمد بأنه القائم بأمر محمد .

وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد .

وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر .

وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي ابن موسى .

وأشهد على علي بن محمد بأنه القائم بأمر محمد بن علي .

وأشهد على الحسن بن علي بأنه القائم بأمر علي بن محمد .

وأشهد على رجل : من ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى ، حتى يظهر أمره فيملاها عدلا كما ملئت جورا ، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، ثم قام فمضى .

فقال أمير المؤمنين : يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد ؟

فخرج الحسن بن علي عليهما السلام فقال : ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله ، فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأعلمته .

فقال : يا أبا محمد أتعرفه ؟

قلت : الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم .

قال : هو الخضر عليه السلام .

الكافي ج1ص525ح1.

التصريح بالاسم والإشارة له :

يا طيب : هذه أحاديث تصرح باسم الإمام المهدي عليه السلام بأن أسمه م ح م د ، أو أن اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والظهار إنها كانت معروفة عند الخاصة ، وتحرم التسمية للعموم حتى حين كما عرفت .

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال :

دخلت على فاطمة عليها السلام : وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها ، فعددت اثني عشر آخرهم القائم عليه السلام ، ثلاثة منهم محمد ، وثلاثة منهم علي .

الكافي ج1ص532ح9.

بيان : ثلاثة محمد من أولاد فاطمة : فهم محمد الباقر ، ومحمد الجواد ، م ح م د المهدي ، والمتسمون بعلي فهم : علي بن السجاد ، وعلي الرض ، وعلي الهادي ، عليهم صلاة الله وسلامه أجمعين .

يا طيب : وفي رواية أخرى في كمال الدين و تمام النعمة ج1ص313ب28 ح15/4 باب ذكر النص على القائم عليه السلام في اللوح الذي أهداه الله عز و جل إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، و دفعه إلى فاطمة عليها السلام فعرضته على جابر بن عبد الله الأنصاري حتى قرأه و انتسخه و أخبر به أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام ، قال : بسنده عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ عليها السلام : وَ بَيْنَ يَدَيْهَا لَوْحٌ فِيهِ أَسْمَاءُ الْأَوْصِيَاءِ ، فَعَدَدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً .

آخِرُهُمُ الْقَائِمُ : ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ ، وَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ .

ويا طيب : الفرق في الأول ذكر من ولد فاطمة ثلاثة علي ، وفي الثاني الأوصياء أربعة علي فمعهم علي ابن أبي طالب عليه السلام وهو سيد الأوصياء وسيد العباد بعد رسول الله وهو أبوهم .

وفي حديث اللوح المفصل : ذكر اسم الحجة المهدي نصا ، والحديث طويل يذكر كل الأئمة فنختار ما يهمنا لهذا الموضوع :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

قال أبي لجابر : بن عبد الله الأنصاري إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها ، فقال له جابر : أي الأوقات أحببته ....... فذكر أسماء الأئمة عليهم السلام كلهم ثم قال :.....

أخرج منه : الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن .

واكمل ذلك بابنه : " م ح م د " رحمة للعالمين ، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب ...

الكافي ج1ص527ح3. رواه في : الغيبة للنعماني ص62ح5 ، و في عيون الأخبار ج1ص41ح2؛ و كمال الدين ص 308 ح 1 ، وعنهم رواه الكثير .

يا طيب : ومن المسلم عند كل الشيعة إن كنيت الإمام الحسن العسكري عليه السلام أبو محمد ، وهذا تجده في كل الأحاديث التي تكنيه ولا كنية له غيره ، مما يدل أيضا على أن اسم الإمام الحجة عجل الله ظهور هو : م ح م د ، وعرفت أن تباعد حروف اسمه هو لمراعات أحاديث المنع ولتأني والتريث والتأدب بذكر اسمه الشريف ، ولذا نذكر بعض الأحاديث المروية عن أبي الحجة الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، ومنها :

عن المسعودي : بسنده عن جعفر بن محمد القلانسي قال : كتب محمد أخي إلى :

أبي محمّد عليه السّلام : و امرأته حامل ، تسأله الدعاء بخلاصه ، و أن يرزقها اللّه ذكرا ـ أو تسأله أن تسميه .

فكتب إليه عليه السلام : رزقك اللّه ذكرا سويّا، و نعم الاسم محمّد و عبد الرحمن .فولدت : ابنين توأما فسمّى أحدهما محمّدا و الآخر عبد الرحمن.

وبسنده : عن أبي هاشم الجعفري قال: سأل محمّد بن صالح الأرمني .

أبا محمّد عليه السّلام : عن قول اللّه عز و جل { يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتاب (39) } الرعد .

فقال عليه السلام : هل يمحو إلّا ما كان ، و هل يثبت الّ ما لم يكن ؟

فقلت في نفسي : هذا خلاف ما يقول هشام الفوطي: إنّه لا يعلم الشي‏ء حتى يكون.

فنظر إليّ شزرا و قال: تعالى اللّه الجبّار العالم بالشي‏ء قبل كونه ، الخالق إذ لا مخلوق ، و الربّ إذ لا مربوب ، و القادر قبل المقدور عليه .

فقلت : أشهد إنّك وليّ اللّه و حجّته و القائم بقسطه ، و انّك على منهاج أمير المؤمنين عليه السّلام.

إثبات الوصية ص 249 .

يا طيب : والأحاديث كثيرة في هذا المعنى ، وتسمية بعض الأحاديث ، يعرفنا بأنه يجوز تسميته عند الضرورة ومع التأدب والتبيين والأحترام لذكر اسمه المبارك ، وهو يقرب من اسم القائم الموجب أحتراما القيام لمن يسمعه أو يشير برأسه مطأطأ له ، ليدل على الإيمان به والتولي له والإعتراف بإمامته عليه السلام .

اسم القائم بأمر الله قائم آل محمد:

يا طيب : عرفت الاسم الصريح وأنه م ح م د عليه السلام باسم رسول الله وحتى كنيته كنيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن هنا نذكر الروايات الذاكرة لأهم أسماءه عليه السلام ، وهي مثل القائم بأمر الله والقائم من آل محمد ، والقائم وقائمهم ، والحجة وحجة الله ، وغيرها فتدبر

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي ، تاسعهم قائمهم .

الكافي ج1ص533ح15.

وذكر في الكافي بالإسناد : عن الحكم بن أبى نعيم قال :

أتيت أبا جعفر عليه السلام وهو بالمدينة ، فقلت له : علي نذر بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا ؟ فلم يجبني بشيء ، فأقمت ثلاثين يوما ، ثم أستقبلني في طريق .

فقال : يا حكم وإنك لههنا بعد ؟

فقلت : نعم ، إني أخبرتك بما جعلت لله علي ، فلم تأمرني ولم تنهني عن شيء ولم تجبني بشيء ؟ فقال : بكر علي غدوة المنزل .

فغدوت عليه فقال عليه السلام : سل عن حاجتك .

فقلت : إني جعلت لله علي نذرا وصياما وصدقة بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا ، فإن كنت أنت رابطتك وإن لم تكن أنت ، سرت في الأرض فطلبت المعاش .

فقال عليه السلام : يا حكم كلنا قائم بأمر الله .

قلت : فأنت المهدي ؟ قال : كلنا نهدي إلى الله .

قلت : فأنت صاحب السيف ؟ قال : كلنا صاحب السيف ووارث السيف .

قلت : فأنت الذي تقتل أعداء الله، ويعز بك أولياء الله ، ويظهر بك دين الله ؟

فقال : يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمسا وأربعين سنة ، وإن صاحب هذا الأمر أقرب عهدا باللبن مني وأخف على ظهر الدابة .

الكافي ج1ص537ح1.

بيان : رابطك : أي حبست نفسي على نصرتك وموالاة أوليائك ومجاهدة أعدائك .

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن القائم؟

فقال : كلنا قائم بأمر الله ، واحد بعد ، واحد حتى يجيء صاحب السيف ، فإذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الذي كان .

الكافي ج1ص537ح2.

المهدي صاحب السيف :

يا طيب : مر حديث سابقيعرف أن المهدي هو صاحب السيف ، وكم سيأتي أن له حروب مع السفياني وغيره ، ولكن نذكر هنا تصريح باسم له أنه صاحب السيف عليه السلام ، فنأكد بعض أسماء القابه عليه السلام :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن الحسين ابن أبي العلاء قال :

سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن عندي الجفر الأبيض ، قال : قلت : فأي شيء فيه ؟ قال : زبور داود ، وتوراة موسى ، وإنجيل عيسى ، وصحف إبراهيم عليهم السلام والحلال والحرام.

ومصحف فاطمة : ما أزعم أن فيه قرآنا ، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة ، ونصف الجلدة ، وربع الجلدة وأرش الخدش .

وعندي الجفر الأحمر ، قال : قلت : وأي شئ في الجفر الأحمر ؟

قال : السلاح وذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل .

فقال له عبد الله ابن أبي يعفور : أصلحك الله أيعرف هذا بنو الحسن ؟

فقال : إي والله كما يعرفون الليل أنه ليل والنهار أنه نهار ، ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والإنكار ، ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيرا لهم .

الكافي ج1ص241ح3.

الحجة والخلف من آل محمد :

يا طيب : مر الحديث عن الإمام الهادي عليه السلام في الكافي ، بالإسناد عن داود بن القاسم الجعفري قال : سمعت أبا الحسن العسكري عليه السلام يقول :

الخلف : من بعدي الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟

فقلت : ولم جعلني الله فداك ؟

قال : إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه .

فقلت : فكيف نذكره ؟

فقال : قولوا : الحجة من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه .

الكافي ج1ص328ح13.




من رأى الإمام في سامراء

يا طيب : الأحاديث هنا تكون فيها المعرفة قطعية يقينية ، سواء رأى الإمام أو جاءته الدلالة من براهين معرفة ما عنده من المال وله من الأحوال بمعرفة غيبية ، فيقطع بوجود الإمام وأنه عليه السلام حي يرزق لما أخبره بأمور لا يعلم بها إلا الله وصاحب الحديث ، فتكون كالرؤيا العينية بل أشد تأكيدا ، فلعله يرى شخص لم يره ويقول له أنا المهدي ، ولكن لا يستطيع أن يتقينه ، إلا أن يقول له أمور لم يعلمها إلا صاحب الحديث والله سبحانه ومن أختاره وأصطفاه الله تعالى للولاية والإمامة وجعله صاحب العصر والزمان ، فتكون المعرفة يقينية أكثر حجة وأشد بيان ، على أن الإمام يدبر أمور شيعته ومن يتجه له ويحب أن يبلغ عنه ويعرف حكمة رب العالمين بغيبته ، ويقطع شك من يتلاعب به الشيطان بوجود الإمام وعدمه ، فتدبر :

الحسن بن النظر يرى الإمام :

يا طيب : الحسن بن النضر يسمع كلام صاحب الأمر عليه السلام ويبين دلائل رؤيته :

ذكر الكافي بالإسناد : عن سعيد بن عبد الله قال : إن الحسن بن النضر وأبا صِدام وجماعة تكلموا بعد مضي أبي محمد عليه السلام فيما في أيدي الوكلاء وأرادوا الفحص ، فجاء الحسن بن النضر إلى أبي الصدام فقال : إني أريد الحج ، فقال له : أبو صدام أخره هذه السنة .

فقال له الحسن ابن النضر : إني أفزع في المنام ولابد من الخروج ، وأوصى إلى أحمد بن يعلى بن حماد ، وأوصى للناحية بمال ، وأمره أن لا يخرج شيئ إلا من يده إلى يده بعد ظهور.

قال : فقال الحسن : لما وافيت بغداد اكتريت دارا فنزلتها ، فجاءني بعض الوكلاء بثياب ودنانير وخلفها عندي ، فقلت له : ما هذا ؟ قال هو ما ترى ، ثم جاء ني آخر بمثلها وآخر حتى كبسوا الدار .

ثم جاء ني أحمد بن إسحاق: بجميع ما كان معه ، فتعجبت وبقيت متفكراً.

فوردت عليّ : رقعة الرجل عليه السلام .

إذا مضى : من النهار كذا و كذا ، فاحمل ما معك .

فرحلت : وحملت ما معي ، وفي الطريق صعلوك يقطع الطريق في ستين رجلا، فاجتزت عليه ، وسلمني الله منه ـ فوافيت العسكر ونزلت .

فوردت عليَّ : رقعة أن أحمل ما معك ، فعبيته في صنان الحمالين .

فلما بلغت الدهليز : إذا فيه أسود قائم ، فقال : أنت الحسن ابن النضر ؟ قلت : نعم ، قال : ادخل .

فدخلت الدار : ودخلت بيتا ، وفرغت صنان الحمالين ، وإذا في زاوية البيت خبز كثير ، فأعطى كل واحد من الحمالين رغيفين واخرجوا .

وإذا بيت عليه ستر فنوديت منه : يا حسن بن النضر ، أحمد الله على ما من به عليك ولا تشكن ، فود الشيطان أنك شككت ، وأخرج إلي ثوبين ، وقيل : خذها فستحتاج إليهما ، فأخذتهما وخرجت .

قال سعد : فانصرف الحسن بن النضر ومات في شهر رمضان وكفن في الثوبين .

الكافي ج1ص517ح4ب25.أرادو الفحص : يعنى عن الصاحب عليه السلام . كبسوا : هجموا عليه بكثرتهم فملؤها . رقعة الرجل يعنى صاحب الزمان عليه السلام . فعبيته ملئته. وصنان الحمالين : الصن بالكسر شبه السلة المطبقة يجعل فيها الخبز .

وقال في مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ج‏6ص179 الحديث الرابع‏: صحيح ، قال الكشي: الحسن بن النضر من أجلة إخواننا، و أبو صدام‏ بكسر الصاد غير مذكور في الرجال‏ . فيما في أيدي الوكلاء : أي تكلموا فيها كيف يعملون‏ به و كيف يوصلونه إليه‏. و لا بد من الخروج : أي للفحص ، و ضمير أوصى في الموضعين للحسن، و المراد بالأول : أنه جعله وصي نفسه في أمر عياله و سائر أموره، و بالثاني : أنه أوصى إليه بإيصال ما عنده إلى الناحية إن لم يتيسر له الوصول إليه عليه السلام و قيل: المراد بظهوره وضوح كونه صاحب الزمان‏، و ربما يقرأ بالمجهول أي ما يأتيك العلم به من الناحية . حتى كبسوا الدار : أي ستروها و ملئوها من كثرة ما جاءو به لداره وهجم عليه .

رقعة الرجل : أي القائم عليه السلام عبر به تقية ، الصعلوك‏ الفقير، أو متمرد شرس يقطع الطريق أي ما بين بغداد و سر من رأى، الصن‏ بالكسر : شبه السلة المطبقة يجعل فيها الخبز .


دليل أبن مهزيار على الإمام :

في الكافي بالإسناد : عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار قال :

شككت : عند مضي أبي محمد عليه السلام ، وأجتمع عند أبي مال جليل ، فحمله وركب السفينة وخرجت معه مشيعا ، فوعك وعكا شديدا .

فقال : يا بني ردني ، فهو الموت .

وقال لي : اتق الله في هذا المال ، وأوصى إلي فمات .

فقلت في نفسي : لم يكن أبي ليوصي بشيء غير صحيح ، أحمل هذ المال إلى العراق ، وأكتري دارا على الشط ، ولا أخبر أحدا بشيء ، وإن وضح لي شيء كوضوحه في أيام أبي محمد عليه السلام ، أنفذته وإلا قصفت به .

فقدمت العراق : واكتريت دار على الشط وبقيت أياما .

فإذا أنا : برقعة مع رسول فيها ، يا محمد معك كذا وكذا في جوف كذا وكذا، حتى قص علي جميع ما معي ، مما لم أحط به علما فسلمته إلى الرسول.

وبقيت أياما : لا يرفع لي رأس واغتممت .

فخرج إلي : قد أقمناك مكان أبيك فأحمد الله .

الكافي ج1ص518ح5. القصوف : الإقامة على الآكل والشرب . مكان أبيك في بعض النسخ : مقام أبيك .محمد بن إبراهيم‏ : هو و أبوه من وكلاء الناحية ذكره في ربيع الشيعة و أعلام الورى‏ . شككت : أي في القائم عليه السلام . الوعك : أذى الحمى ووجعها. و أوصى إلي : أي بإيصال المال إليه عليه السلام أو الأعم. وأنفذته أوصلت المال ، و إلا قصفت به : أي صرفته بما يحلو لي ، لا يرفع لي رأس : كناية عن عدم‏ التوجه و الاستخبار من الناحية المقدسة عنه فاغتم .


من رأى الإمام في مكة

مجموعة من الأحاديث :

في الكافي بالإسناد : عن خادمٍ لإبراهيم بن عبده النيسابوري، أنها قالت : كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا .

فجاء عليه السلام : حتى وقف على إبراهيم ، وقبض على كتاب مناسكه ، وحدثه بأشياء .

الكافي ج1ص331ح6.

وفي الكافي بالإسناد : عن أبي عبد الله بن صالح :

أنه رآه : عند الحجر الأسود ، والناس يتجاذبون عليه .

وهو يقول : ما بهذا أمروا .

الكافي ج1ص331ح7.

في الكافي بالإسناد : عن أبي علي أحمد بن إبراهيم بن إدريس ، عن أبيه أنه قال :

رأيته عليه السلام : بعد مضي أبي محمد حين أيفع ، وقبلت يديه ورأسه .

الكافي ج1ص331ح8.

في الكافي بالإسناد : عن أبي أحمد بن راشد عن بعض أهل المدائن قال :

كنت حاجا : مع رفيق لي ، فوافينا إلى الموقف .

فإذا شاب : قاعد عليه إزار ورداء ، وفي رجليه نعل صفراء ، قومت الإزار والرداء بمائة وخمسين دينارا وليس عليه أثر السفر .

فدنا منا سائل : فرددنا ، فدنا من الشاب فسأله .

فحمل شيئا : من الأرض وناوله ، فدعا له السائل ، واجتهد في الدعاء وأطال ، فقام الشاب وغاب عنا .

فدنونا : من السائل ، فقلنا له : ويحك ما أعطاك ؟

فأرانا : حصاة ذهب مضرسة ، قدرناها عشرين مثقالا .

فقلت لصاحبي : مولانا عندنا ونحن لا ندري ، ثم ذهبنا في طلبه فدرنا الموقف كله ، فلم نقدر عليه ، فسألنا كل من كان حوله من أهل مكة والمدينة ، فقالوا شاب علوي يحج ، في كل سنة ماشيا .

الكافي ج1ص332ح15.


المستبصر الهندي رأى الإمام :

ذكر الكافي بالإسناد : عن أبي سعيد غانم الهندي قال :

كنت بمدينة الهند : المعروفة بقشمير الداخلة ، وأصحاب لي يقعدون على كراسي عن يمين الملك ، أربعون رجلا كلهم يقرأ الكتب الأربعة : التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم ، نقضي بين الناس ونفقههم في دينهم ونفتيهم في حلالهم وحرامهم ، يفزع الناس إلينا ، الملك فمن دونه .

فتجارينا : ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقلنا : هذ النبي المذكور في الكتب قد خفي علينا أمره ، ويجب علينا الفحص عنه وطلب أثره ، وأتفق رأينا وتوافقنا على أن أخرج فارتاد لهم .

فخرجت : ومعي مال جليل ، فسرت اثني عشر شهرا حتى قربت من كابل ، فعرض لي قوم من الترك فقطعوا علي وأخذوا مالي وجرحت جراحات شديده ودفعت إلى مدينة كابل ، فأنفذني ملكها لما وقف على خبري إلى مدينة بلخ ، وعليها إذ ذاك داود بن العباس بن أبي أسود ، فبلغه خبري ، وأني خرجت مرتادا من الهند وتعلمت الفارسية وناظرت الفقهاء وأصحاب الكلام .

فأرسل إلي : داود بن العباس ، فأحضرني مجلسه وجمع علي الفقهاء ، فناظروني ، فأعلمتهم أني خرجت من بلدي أطلب هذا النبي الذي وجدته في الكتب .

فقال لي : من هو وما اسمه ؟ فقلت : محمد ، فقال : هو نبينا الذي تطلب ، فسألتهم عن شرائعه ، فأعلموني .

فقلت لهم : أنا أعلم أن محمدا نبي ولا أعلمه هذا الذي تصفون أم لا ، فأعلموني موضعه لأقصده فأسائله عن علامات عندي ودلالات ، فإن كان صاحبي الذي طلبت آمنت به .

فقالوا : قد مضى صلى الله عليه وآله .

فقلت : فمن وصيه وخليفته ؟ فقالوا : أبو بكر ، قلت : فسموه لي فإن هذه كنيته ؟ قالوا : عبد الله بن عثمان ونسبوه إلى قريش ، قلت : فانسبوا لي محمدا نبيكم فنسبوه لي .

فقلت : ليس هذا صاحبي .

الذي طلبت : صاحبي الذي أطلبه خليفته أخوه في الدين وابن عمه في النسب وزوج ابنته وأبو ولده ، ليس لهذا النبي ذرية على الأرض غير ولد هذا الرجل الذي هو خليفته .

قال : فوثبوا بي ، وقالوا : أيها الأمير إن هذا قد خرج من الشرك إلى الكفر هذا حلال الدم ، فقلت لهم : يا قوم أنا رجل معي دين متمسك به لا أفارقه حتى أرى ما هو أقوى منه ، إني وجدت صفة هذا الرجل في الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه وإنما خرجت من بلاد الهند ومن العز الذي كنت فيه طلبا به ، فلما فحصت عن أمر صاحبكم الذي ذكرتم لم يكن النبي الموصوف في الكتب ، فكفوا عني .

وبعث العامل إلى رجل يقال له : الحسين بن اشكيب فدعاه ، فقال له : ناظر هذا الرجل الهندي ، فقال له الحسين : أصلحك الله عندك الفقهاء والعلماء وهم أعلم وأبصر بمناظرته ، فقال له : ناظره كما أقول لك وأخل به والطف له .

فقال لي الحسين بن أشكيب بعد ما فاوضته : إن صاحبك الذي تطلبه هو النبي الذي ، وصفه هؤلاء وليس الأمر في خليفته كما قالوا ، هذا النبي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ووصيه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ، وهو زوج فاطمة بنت محمد وأبو الحسن والحسين سبطي محمد صلى الله عليه وآله .

قال غانم أبو سعيد فقلت : الله أكبر هذا الذي طلبت ، فانصرفت إلى داود بن العباس ، فقلت له : أيها الأمير وجدت ما طلبت وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، قال : فبرني ووصلني ، وقال للحسين : تفقده .

قال : فمضيت إليه حتى آنست به وفقهني فيما احتجت إليه من الصلاة والصيام والفرائض.

قال : فقلت له : إنا نقرأ في كتبنا أن محمدا صلى الله عليه وآله خاتم النبيين لا نبي بعده وأن الأمر من بعده إلى وصيه ووارثه وخليفته من بعده ، ثم إلى الوصي بعد الوصي ، لا يزال أمر الله جاريا في أعقابهم حتى تنقضي الدني ، فمن وصي وصي محمد ؟

قال : الحسن ثم الحسين ابنا محمد صلى الله عليه وآله ، ثم ساق الأمر في الوصية حتى انتهى إلى صاحب الزمان عليه السلام ، ثم أعلمني ما حدث ، فلم يكن لي همة إلا طلب الناحية .

فوافى قم : وقعد مع أصحابنا في سنة أربع وستين ومائتين ، وخرج معهم حتى وافى بغداد ومعه رفيق له من أهل السند كان صحبه على المذهب .

قال : فحدثني غانم قال : وأنكرت من رفيقي بعض أخلاقه ، فهجرته وخرجت حتى سرت إلى العباسية أتهيأ للصلاة وأصلي ، وإني لواقف متفكر فيما قصدت لطلبه ، إذا أنا بآت قد أتاني فقال : أنت فلان ؟ - اسمه بالهند - فقلت : نعم فقال : أجب مولاك .

فمضيت معه : فلم يزل يتخلل بي الطريق حتى أتى دارا وبستانا .

فإذا أنا به عليه السلام جالس ، فقال : مرحبا يا فلان - بكلام الهند - كيف حالك ؟ وكيف خلفت فلانا وفلانا ؟ حتى عد الأربعين كلهم فسائلني عنهم واحداً واحدا ، ثم أخبرني بما تجارينا كل ذلك بكلام الهند .

ثم قال : أردت أن تحج مع أهل قم ؟ قلت : نعم يا سيدي ، فقال : لا تحج معهم وانصرف سنتك هذه وحج في قابل ، ثم ألقى إلى صرة كانت بين يديه ، فقال لي : اجعلها نفقتك ولا تدخل إلى بغداد إلى فلان سماه ، ولا تطلعه على شيء وانصرف إلينا إلى البلد .

ثم وافانا : بعض الفيوج فأعلمونا أن أصحابنا انصرفوا من العقبة ومضى نحو خراسان .

فلما كان في قابل : حج و أرسل إلينا بهدية من طرف خراسان فأقام بها مدة ، ثم مات رحمة الله .

الكافي ج1ص 515ح3. وذكر المجلسي في مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ج6ص174 ، و قشمير بالكسر معرب‏ كشمير ، و وصفه بالداخلة إما لإطلاقه في هذا الزمان على موضعين، و الآن صقع معروف في الهند، أو لأن المراد داخل البلد لا نواحيه، و فتجارينا : أي تذاكرنا، والرائد : الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلاء و مساقط الغيث .

وقوله: فسرت اثنا عشر شهرا، لعله كان يتوقف في المواضع و يسير متبطئا لأن المسافة بين القمشير و كابل يسيرة، فاتفقنا على أن أخرج في طلبه و أبحث عنه، فخرجت و معي مال، فقطع على الترك و شلحوني‏ اي أخذوا ما معي ، و الحسين بن إشكيب‏ قال النجاشي: شيخ لنا خراساني ثقة مقدم ذكره أبو عمرو في كتابه الرجال في أصحاب صاحب العسكر عليه السلام و روى عنه العياشي و أكثر و اعتمد ثقة ثقة ثبت .

كما أقول : أي أقبل قولي و إشارة إلى ما ذكره بعده من الخلوة و اللطف، و أفهمه بالرمز أن يدعوه إلى مذهبه و يتم عليه الحق بما رآه في كتبه لكن في الخلوة ، و هذا يدل على أن الأمير كان عالما بحقية دين الإمامية و كان يخفيه للدنيا أو للتقية ، بعد ما فاوضته : أي ناظرته أو ذكرت له ما خرجت له و ما قال لي الفقهاء، و تفقده : أي صاحبه و اطلبه عند غيبته ، وأخبره ما حدث أي وفاة العسكري و غيبة القائم عليه السلام و ما جرى من الظلمة في ذلك‏ .

إلا طلب الناحية : أي الإمام عليه السلام أو سر من رأى و موضع غيبته لعلي أطلع منه على خبر، و قوله: فوافى‏، كلام العامري الراوي‏ أربع و ستين أي بعد المائتين من الهجرة .

و وافى معنا بغداد : فذكر لنا أنه كان معه رفيق قد صحبه على هذا الأمر فكره بعض أخلاقه ففارقه، قال: فبينا أنا يوما و قد مشيت في الصراة: نهر بالعراق و أنا مفكر فيما خرجت له إذ أتاني آت فقال لي: أجب مولاك، فلم يزل يخترق بي المحال حتى أدخلني دارا و بستانا و إذا بمولاي عليه السلام جالس، إلى آخره‏ و قوله: اسمه بالهند، كلام العامري‏ يتخلل بي الطرق أي يدخل معي أو يدخلني خلالها، و انصرف إلينا كلام العامري‏ إلى البلد" أي إلى قم‏" بعد الفتوح" أي الفتوح المعنوية من لقاء الإمام عليه السلام و وصوله إلى بغيته‏ .

فأعلمونا : أي القوافل و المترددون‏ ، أن أصحابنا أي الحاج‏ انصرفو من العقبة و لم يحجوا ، فظهر أنه عليه السلام لهذا منعه و الأظهر أن الفتوح تصحيف الفيوج بالياء المثناة التحتانية و الجيم، جمع فيج معرب پيك، أي جاء المسرعون فأخبرون بما ذكر، و منهم من قرأ بعد بتشديد الدال، و قال الباء للتعدية أي إحصاء ما رأى من إنعامات الصاحب عليه السلام‏ .

من طُرف خراسان : بضم الطاء و فتح الراء جمع طرفة بالضم و هي الغريب المستحدث، أي تحف خراسان و غرائبه، و يمكن أن يقرأ بالتحريك أي من ناحيته، فمن على الأول تبعيضية، و على الثاني ابتدائية.


دلائل علي اليماني على الإمام :

ذكر الكافي بالإسناد : عن علي بن الحسين اليماني قال : كنت ببغداد ، فتهيأت قافلة لليمانيين ، فأردت الخروج معها .

فكتبت : ألتمس الإذن في ذلك ، فخرج : لا تخرج معهم فليس لك في الخروج معهم خيرة وأقم بالكوفة .

قال : وأقمت وخرجت القافلة فخرجت عليهم حنظلة فاجتاحتهم .

وكتبت أستأذن : في ركوب الماء ، فلم يؤذن لي ، فسألت عن المراكب التي خرجت في تلك السنة في البحر فما سلم منها مركب ، خرج عليها قوم من الهند يقال لهم البوارح فقطعوا عليها .

قال : وزرت العسكر فأتيت الدرب مع المغيب ولم أكلم أحد ولم أتعرف إلى أحد ، وأنا أصلي في المسجد بعد فراغي من الزيارة ، إذا بخادم قد جاءني ، فقال لي : قم ، فقلت له : إذن إلى أين ؟ فقال لي : إلى المنزل ، قلت : ومن أنا لعلك أرسلت إلى غيري ، فقال : لا م أرسلت إلا إليك أنت علي بن الحسين رسول جعفر بن إبراهيم .

فمر بي : حتى أنزلني في بيت الحسين بن أحمد ثم ساره ، فلم أدر ما قال له ، حتى آتاني جميع ما أحتاج إليه وجلست عنده ثلاثة أيام واستأذنته في الزيارة من داخل ، فأذن لي فزرت ليلا .

الكافي ج1ص 519ح12. حنظلة : قبيلة من بنى تميم والاجتياح الإهلاك والأستيصال . البوارح الشدائد والدواهى والظهار البوارج سفن حربية عليها لصوص البحر. كأنه أراد بالزيارة زيارة الصاحب عليه السلام من خارج داره كما يدل عليه قوله من داخل الدار في آخر الحديث ، لأن كان لا يدخل دار العسكريين وفيه مرقدهم في ذلك الوقت إلا بالأذن من القيم ، ويشير الحديث على أن الإمام الحجة عليه السلام كان في بيته في ذلك الوقت حين كانت تظهر آثاره عليه السلام فيه ، وإن كان في الحديث لم يصرح بملاقاة الإمام لكنه كن يرى آثاره من منعه من السفر وعلمه بأسمه ، و علمه وبما يحتاج إليه .


دلائل حسن اليماني على الإمام:

ذكر الكافي : عن الحسن بن الفضل بن زيد اليماني قال :

كتب أبي بخطه : كتابا فورد جوابه ، ثم كتبت بخطي فورد جوابه ، ثم كتب بخط رجل من فقهاء أصحابنا ، فلم يرد جوابه ، فنظرنا فكانت العلة أن الرجل تحول قرمطيا .

قال الحسن بن الفضل : فزرت العراق ووردت طوس وعزمت أن ل أخرج إلا عن بينة من أمري ونجاح من حوائجي ، ولو احتجت أن أقيم بها حتى أتصدق .

قال : وفي خلال ذلك يضيق صدري بالمقام وأخاف أن يفوتني الحج .

قال : فجئت يوما إلى محمد بن أحمد أتقاضاه .

فقال لي : صر إلى مسجد كذا وكذا وإنه يلقاك رجل ، قال : فصرت إليه فدخل علي رجل فلما نظر إلي ضحك ، وقال : لا تغتم فإنك ستحج في هذه السنة وتنصرف إلى أهلك وولدك سالما .

قال : فاطمأننت وسكن قلبي ، وأقول ذا مصداق ذلك والحمد لله .

قال : ثم وردت العسكر فخرجت إلي صرة فيها دنانير وثوب ، فأغتممت وقلت في نفسي : جزائي عند القوم هذا واستعملت الجهل فرددتها .

و كتبت رقعة : ولم يشر الذي قبضها مني علي بشيء ولم يتكلم فيها بحرف ، ثم ندمت بعد ذلك ندامة شديدة ، وقلت في نفسي : كفرت بردي على مولاي

وكتبت رقعة :أعتذر من فعلي وأبوء بالأثم وأستغفر من ذلك وأنفذته وقمت أتمسح ، فأنا في ذلك أفكر في نفسي وأقول إن ردت علي الدنانير لم أحلل صراره ولم أحدث فيها حتى أحملها إلى أبي فإنه أعلم مني ليعمل فيها بما شاء .

فخرج إلي الرسول : الذي حمل إلي الصرة ، أسأت إذ لم تعلم الرجل ، إنا ربما فعلنا ذلك بموالينا ، وربما سألونا ذلك يتبركون به ,

وخرج إلي : أخطأت في ردك برنا ، فإذا استغفرت الله ، فالله يغفر لك ، فأما إذا كانت عزيمتك وعقد نيتك ألا تحدث فيها حدثا ، ولا تنفقها في طريقك ، فقد صرفناها عنك ، فأما الثوب فلا بد منه لتحرم فيه .

قال : وكتبت في معنيين وأردت أن أكتب في الثالث وامتنعت منه مخافة أن يكره ذلك ، فورد جواب المعنيين والثالث الذي طويت مفسرا والحمد لله .

قال : وكنت وافقت جعفر بن إبراهيم النيسابوري بنيسابور على أن أركب معه وأزامله ، فلما وافيت بغداد بدا لي فاستقلته وذهبت أطلب عديلا .

فلقيني ابن الوجنا : بعد أن كنت صرت إليه وسألته أن يكتري لي فوجدته كارها ، فقال لي : أنا في طلبك .

وقد قيل لي : إن يصحبك ، فأحسن معاشرته ، وأطلب له عديلا ، و أكتر له .

الكافي ج1ص520ح13. القرمطي : القرامطة طائفة منشقه من الشيعة ، يقولون بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليه السلام ولهم تعاليم خاصة منحرفة عن المذهب الحق ، و سبب تسميتهم بهذا الاسم انه كتب في بداية الحال واحد من رؤسائهم بخط مقرمط فنسبوه الى القرمطى، و القرامطة جمعه. وأتصدق أي أسأل الصدقة ، و يتمسح أي لا شيء معه ، هو تمسح الكف بالكف كناية عن الندامة والحسرة ، استقلته : أي طلبت منه الإقالة و فسخ المشاركة ، ويطلب له عديل أي رفيق سفر مناسب ويكتري له دابة توصله والأمر من الإمام عليه السلام .

وفي مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ج6ص189 ، قال المجلسي : و يظهر من كتب الغيبة : أن ابن الوجناء هو أبو محمد بن الوجناء ، و كان من نصيبين و ممن وقف على معجزات القائم عليه السلام، و حاصل الكلام / أن الحسن بعد الاستقالة صار إلى ابن الوجناء أولا ، و طلب أن يكتري له و يطلب له عديلا فوجده كارها لذلك، ثم ذهب ليطلب عديلا فلقيه ابن الوجناء و قال له: أنا في طلبك ، فقد قيل لي و القائل الصاحب عليه السلام أو بعض خدمة أو سفرائه‏ ، أن الحسن يصحبك .. إلخ، و في إكمال الدين قال: و قصدت إلى ابن وجناء أسأله أن يكتري لي و يرتاد لي عديلا فرأيته كارها ثم لقيته بعد أيام فقال لي: أنا في طلبك منذ أيام قد كتب إلى أن أكتري لك و ارتاد لك عديلا ابتداء .

فحدثني الحسن : أنه وقف في هذه السنة على عشرة دلالات، و الحمد لله رب العالمين .

وقال المولى صالح في شرحه قوله: فزرت العراق و زرت طوس و عزمت أن لا أخرج ، ليس المراد أنه زيارة طوس بعد زيارة العراق و أنه عزم أن لا يخرج من طوس بل المراد زار طوس و زار العراق ، و عزم ان لا يخرج من العراق، و هو في بغداد إلا عن بينة من أمره و نجاح من حوائجه .

و هي علمه بوجود صاحب الامر : و الّذي يدل على ذلك ما ذكره الصدوق في كتاب كمال الدين في هذا الحديث قال الحسن بن الفضل : و ضاق صدرى ببغداد في مقامى ، فقلت : أخاف أن لا أحج في هذه السنة و لا أنصرف الى منزلى، و قصدت أب جعفر اقتضيها جواب رقعة كتبتها .

فقال : صر إلى المسجد الّذي في مكان كذا و كذا فانه يجيئك رجل يخبرك بما تحتاج إليه ، فقصدت المسجد و أنا فيه اذ دخل على رجل فلما نظر الى سلم و ضحك و قال لي أبشر فإنك ستحج في هذه السنة و تنصرف إلى أهلك سالما ان شاء اللّه. قوله: حتى أتصدق، على صيغة المجهول أى حتى أخذ الصدقة لشدة الفقر و الحاجة، و فيه مبالغة لقصد الاقامة. قوله: بالمقام، في بغداد ، قوله: فجئت يوم الى محمد بن أحمد أتقاضاه ، أي اتقاضاه جواب رقعة كتبتها إلى الصاحب عليه السلام ، و في إرشاد المفيد :كان محمد بن‏ أحمد السفير يومئذ ، ( الظاهر واسطة بين السفراء المعروفين وباقي الموالين لأنه سيأتي ذكر السفراء بالتفصيل ) .

قوله : و أقول ذا مصداق ذلك، أى هذا الّذي قال: أو رأيته مصداق ذلك الّذي قصدته من التوفيق للحج في هذه السنة و الرجوع إلى الأهل أو رؤية صاحب الأمر و العلم بوجوده.

قوله: و قلت في نفسى جزائى عند القوم هذا ، أى يعطوني شيئ لأجل الفاقة ، و في كتاب كمال الدين : و قلت في نفسي أنا عندهم بهذه المنزلة فأخذتني العزة ثم ندمت بعد ذلك ، و كتبت رقعة أعتذر ، و دخلت الخلاء و أنا أحدث نفسي ، و أقول : و اللّه لئن ردت الى الصرة لم أحلها و لم أنفقها حتى أحملها إلى والدي إلى آخره ر.

قوله: فقمت اتمسح : أي قمت أسير في الارض و أقطعها و امشى فيها يقال: مسح الارض اذا قطعها، و يمسحها إذا ذرعها، و مسح يومه اذا سار، أو قمت أتوضأ، يقال تمسح اذا توضأ أو قمت أمر اليد على اللحية أو غيرها يقال مسح اذا أمر اليد على الشي‏ء.

قوله: لم أحلل صرارها : الصرار بالكسر خيط يشد به رأس الصرة، و نحوها تقول صرت الصرة إذا شددتها بالصرار.

قوله: فخرج الى الرسول الّذي حمل إلي الصرة أسأت ، الظاهر أن أسأت فاعل خرج باعتبار هذا اللفظ، و قد أدب عليه السلام كل واحد من الرسول و المرسل إليه بما يليق به، و فيه دلالة على قبح رد بر الصلحاء، و أنه معصية يفتقر الى الاستغفار.

بعد الاستقالة : صار الى ابن الوجنا أولا و طلب أن يكترى له و يطلب له عديلا فوجده كارها لذلك ، و أبى أن يقبل منه ذلك، ثم ذهب ليطلب عديل فلقيه ابن الوجنا في الطريق ، فقال له : أنا في طلبك.

و قد قيل لي: و القائل صاحب الزمان عليه السالم أنه يعنى الحسن يصحبك و الخطاب لابن الوجنا، و كذا الخطاب في قوله فاحسن و اطلب، و الضمير في معاشرته و له للحسن، و في كتاب كمال الدين قال الحسن بن الفضل: قصدت ابن وجن أسأله أن يكترى لي و يرتاد لي عديلا فرأيته كارها ثم لقيته بعد أيام فقال لي : أنا فى طلبك منذ أيام قد كتب إلي أن أكتري لك و أرتاد لك عديلا أبتداء . شرح الكافي للمازندراني ج7ص344. أي الإمام كتب له أن يعتني بأمره ويصحبه صحبة حسنة .


الإمام يأمر الحسن بأن لا يشك في وكيله :

ذكر الكافي بالإسناد : عن الحسن بن عبد الحميد قال :

شككت : في أمر حاجز ، فجمعت شيئاً ثم صرت إلى العسكر .

فخرج إلي : ليس فينا شك ، ولا فيمن يقوم مقامنا بأمرنا ، رد ما معك إلى حاجز بن يزيد .

الكافي ج1ص521ح14. قال المجلسي : في مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ج6ص189 ، شككت في أمر حاجز : أي في أنه هل هو من وكلاء القائم عليه السلام أم لا، و دل الخبر على أنه كان من وكلائه عليه السلام كما دل عليه ما رواه الصدوق رحمه الله في الإكمال بإسناده عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، أنه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات صاحب الزمان عليه السلام و رآه من الوكلاء ببغداد ، العمري و ابنه، و حاجز و محمد بن صالح الهمداني، إلى آخر من ذكره.

و قال المحقق : شرح الكافي الأصول و الروضة للمولى صالح المازندراني ج7ص347، قوله : ممن وقف على معجزات ، المنقول من معجزات صاحب الزمان عليه السلام كثير بحيث يمتنع عادة تواطؤ ناقليها على الكذب ، و هذا هو الّذي يعتمد عليه في باب المعجزات .

فإنه من أصول الدين : لا يكتفى فيه بالظن و الخبر الواحد و إن كان صحيحا في إصطلاح أهل الحديث لا يفيد غير الظن ، و لذلك كان مبنى علمائن على تكثير النقل ليحصل التواتر و لم ينظروا في الإسناد كثيرا، و لا يضر كون إسناد بعضها ضعيفا أو مجهولا ، فإن ذلك غير قادح في التواتر و لا نشك فى أن الشيعة فى عصر الكافي و قبله كانوا يعتقدون في الإمام معجزات و لا يعترفون بإمامة أحد إل إذا ثبت لديهم دلائل إمامته ، و نعلم أنهم مع كثرتهم في مشارق الأرض و مغاربه مجمعون على أنهم رأوا من دلائل إمامته عجل اللّه فرجه ما أقنعهم ، فما نقل فى الكتب مؤيد بالعلم بعادة الشيعة و اعتقادهم و اجماعهم .و لو لا ذلك : لم يكن يودع صاحب الكافي و هو فى عصره عليه السلام هذه المعجزات ، و لم يكن يقبل منه الشيعة و لنسبوه إلى الغلو و التخليط و أمثالهما ، فقبولهم للكافي دليل على أنه يوافق ما رأوا و اعتقدوا.

و أيضا روى : في الكافي معجزات يطلع عليها الشيعة جميعهم ، إن كانت واقعة كما يأتى ان شاء اللّه .


موالي يوفق لأخذ مال الإمام :

ذكر الكافي : عن محمد بن صالح قال :

لما مات أبي : وصار الأمر لي، كان لأبي على الناس سفاتج من مال الغريم.

فكتبت إليه : أعلمه .

فكتب : طالبهم واستقض عليهم ، فقضاني الناس إلا رجل واحد كانت عليه سفتجة بأربعمائة دينار ، فجئت إليه أطالبه فماطلني ، واستخف بي أبنه وسفه عليَّ ، فشكوت إلى أبيه ، فقال : وكان ماذا ؟

فقبضت على لحتيه : وأخذت برجله وسحبته إلى وسط الدار وركلته ركلا كثيرا .

فخرج أبنه : يستغيث بأهل بغداد ، ويقول : قمي رافضي قد قتل والدي .

فاجتمع عليّ : منهم الخلق ، فركبت دابتي ، وقلت : أحسنتم يا أهل بغداد ، تميلون مع الظالم على الغريب المظلوم .

أنا رجل : من أهل همدان من أهل السنة ، وهذا ينسبني إلى أهل قم والرفض ليذهب بحقي ومالي .

قال : فمالوا عليه وأرادوا أن يدخلوا على حانوته ، حتى سكنتهم وطلب إلي صاحب السفتجة ، وحلف بالطلاق أن يوفيني مالي حتى أخرجتهم عنه .

الكافي ج1ص521ح15. عن محمد بن صالح : عد الصدوق بإسناده السابق محمد بن صالح الهمدانى ممن وقف على معجزاته و رآه عليه السلام و كان من وكلائه ببغداد بعد أبيه ، و في رجال الشيخ و الخلاصة : محمد بن صالح‏ بن محمد الهمداني الدهقان من أصحاب العسكري عليه السلام وكيل، و ذكر الكشي توقيعا طويلا عن أبي محمد عليه السلام يتضمن مدح الدهقان حيث قال فيه : أقرء كتابي على البلالي رضي الله عنه فإنه الثقة المأمون، إلى قوله: فإذا وردت بغداد فاقرأه على الدهقان وكيلنا و ثقتنا، و الذي يقبض من موالينا، و قد مر ما رواه الصدوق رحمه فيه آنفا"، و صار الأمر لي : أي الوكالة ، و الغريم من له الدين وهو كناية عن صاحب الزمان عليه السلام عبر كذلك تقية، و في الإرشاد من مال الغريم يعني صاحب الأمر عليه السلام، قال الشيخ أيده الله: و هذا رمز كانت الشيعة تعرفه قديما بينها، و يكون خطابها له عليه السلام للتقية. سفاتج : جمع السفتجة بالضم ، وهي أن تعطى مالا لرجل فيعطيك خطا يمكنك من استرداد ذلك المال من عميل له في مكان آخر . سحبته إي جررته . والركل : الضرب بالرجل ، والظاهر المطلوب لم يكن من الموالين لحلفه بالطلاق .


الإمام يطالب بدر بالمال:

ذكر الكافي بالإسناد : عن بدر غلام أحمد بن الحسن قال :

وردت الجبل : وأنا لا أقول بالإمامة ، أحبهم جملة إلى أن مات يزيد بن عبد الله .

فأوصى في علته : أن يدفع الشهري السمند وسيفه ومنطقته إلى مولاه .

فخفت : إن أنا لم أدفع الشهري إلى إذكوتكين نالني منه استخفاف ، فقومت الدابة والسيف والمنطقة بسبعمائة دينار في نفسي ولم أطلع عليه أحدا .

فإذا الكتاب : قد ورد علي من العراقئ ، وجه السبعمائة دينار التي لنا قبلك من ثمن الشهري والسيف والمنطقة .

الكافي ج1ص522ح16. و الجبل‏ بالتحريك كورة بين بغداد و آذربيجان، و ضمير أحبهم‏ لبني فاطمة أو العلويين‏ جملة، أي بدون تميز الإمام منهم من غيره، و الفاء في‏ قوله: فأوصى، للبيان، و في القاموس‏ الشهرية بالكسر: ضرب من البراذين، و السمند، فرس له لون معروف، و إذكوتكين‏ كان من أمراء الترك من أتباع بني العباس، فكانه بدر أراد أن يوصلها للحاكم لخوفه منه ، فمنعه الإمام وطالبه بحقه . ‏


موالي يستأذن الإمام :

ذكر في الكافي عن علي ، عمن حدثه قال :

ولدلي ولد : فكتبت أستأذن في طهره يوم السابع ، فورد : ل تفعل ، فمات يوم السابع أو الثامن .

ثم كتبت : بموته ، فورد : ستخلف غيره وغيره ، تسميه أحمد من بعد أحمد جعفراً ، فجاء كما قال .

قال : وتهيأت للحج وودعت الناس وكنت على الخروج .

فورد : نحن لذلك كارهون والأمر إليك .

قال : فضاق صدري واغتممت ، وكتبت أنا مقيم على السمع والطاعة ، غير أني مغتم بتخلفي عن الحج .

فوقع : لا يضيقن صدرك ، فإنك ستحج من قابل إن شاء الله .

قال : ولما كان من قابل . كتبت: أستأذن ، فورد الإذن .

فكتبت : إني عادلت محمد بن العباس ، وأنا واثق بديانته وصيانته .

فورد : الأسدي نعم العديل ، فإن قدم فلا تختر عليه ، فقدم الأسدي وعادلته .

الكافي ج1ص522ح17. وفي شرح الكافي للمازندراني ج7ص349 ، قوله: فورد الاسدى نعم العديل، عده الصدوق في كمال الدين من الوكلاء الذين وقفوا على معجزات صاحب الزمان و رواه، و هو محمد بن جعفر بن عون الاسدى الكوفى ساكن الرى و مات سنة 312 على ما في النجاشى.


الإمام يأمر مرداس بإنفاذ المال :

ذكر الكافي : عن الحسن بن علي العلوي قال :

أودع : المجروح ، مرداس بن علي مال للناحية ، وكان عند مرداس مال لتميم بن حنظلة .

فورد على مرداس : أنفذ مال تميم مع ما أودعك الشيرازي .

الكافي ج1ص523ح18.

قوله : أودع المجروح مرداس بن على مالا، عد الصدوق رحمه الله فى كتاب كمال الدين‏ المجروح الشيرازى، و مرداس بن على القزويني ممن وقف على معجزات صاحب الزمان صلوات اللّه عليه ، و رآه من غير الوكلاء ، وقد مر الحديث كاملا .

الإمام يترحم على المصري:

ذكر الكافي : عن الحسن بن عيسى العريضي أبي محمد قال :

لما مضى أبو محمد عليه السلام : ورد رجل من أهل مصر بمال إلى مكة للناحية ، فاختلف عليه .

فقال بعض الناس : إن أبا محمد عليه السلام مضى من غير خلف ، والخلف جعفر . وقال بعضهم : مضى أبو محمد عن خلف .

فبعث رجل : يكنى بأبي طالب ، فورد العسكر ومعه كتاب ، فصار إلى جعفر وسأله عن برهان ، فقال : لا يتهيأ في هذا الوقت .

فصار : إلى الباب وأنفذ الكتاب إلى أصحابنا .

فخرج إليه : أجرك الله في صاحبك ، فقد مات ، وأوصى بالمال الذي كان معه إلى ثقة ليعمل فيه بما يحب ، وأجيب عن كتابه .

الكافي ج1ص523ح19.

وفي مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ج‏6ص194 للمجلسي : و معه كتاب : أي إلى من قام مقام أبي محمد عليه السلام فيه عرض المال أو تفصيل المال‏ . إلى الباب : أي باب دار القائم عليه السلام‏ . إلى أصحابنا : أي الموالي و خواص الشيعة الساكنين في الدار، و في الإرشاد فقال بعض الناس: إن أب محمد قد مضى من غير خلف، و قال آخرون الخلف من بعده جعفر، و قال آخرون الخلف من بعده ولده، إلى قوله: و أنفذ الكتاب إلى أصحابنا الموسومين بالسفارة، إلى‏ قوله: و أجيب عن كتابه‏، و كان الأمر كما قيل له.

وفي شرح الكافي للمازندراني ج7ص344.قال قوله : ورد رجل من أهل مصر. قال الصدوق ممن وقف على معجزات صاحب الزمان صلوات اللّه عليه و رآه من أهل مصر من غير الوكلاء صاحب المال بمكة و لعله هذا الرجل.

قوله: و الخلف جعفر : و هو جعفر الكذاب أخو أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام. قوله: فصار الى جعفر و ساله عن برهان- الى آخر الحديث ، لعل المراد : بالباب باب القائم عليه السلام ، و بالاصحاب الوكلاء ، و يحتمل أن يراد بالباب الوكيل، و بالاصحاب خلص الشيعة ، و المراد بصاحبك صاحب المال بمكة .


الإمام يُذكر بالسيف المنسي :

ذكر الكافي : عن علي بن محمد قال : حمل رجل من أهل آبة شيئ يوصله ، ونسي بآبة فأنفذ ما كان معه .

فكتب إليه : ما خبر السيف الذي نسيته .

الكافي ج1ص523ح20. آبه : قرية قرب ساوة، و فى الحديث ثلاث آيات الاخبار : بأنه كان في المال سيف ، و بأنه لم يجي‏ء به، و بأن سببه هو النسيان .

وقريب منه ذكر الكافي : عن أحمد بن الحسن قال : أوصى يزيد بن عبد الله بدابة وسيف ومال .

وأنفذ : ثمن الدابة وغير ذلك ولم يبعث السيف .

فورد : كان مع ما بعثتهم سيف فلم يصل ، أو كما قال .

الكافي ج1ص523ح22. قوله: أو كمال قال ، تردد الراوى لعدم علمه قطع بأن المكتوب هو العبارة المذكورة ، و جوز أن يكون عبارة اخرى تؤدى مؤداها.

الإمام يعزل أحد الخدم :

ذكر الكافي : الحسن بن خفيف ، عن أبيه قال :

بعث : بخدم إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله ومعهم خادمان ، وكتب إلي خفيف أن يخرج معهم ، فخرج معهم فلما وصلوا إلى الكوفة شرب أحد الخادمين مسكرا .

فما خرجوا : من الكوفة .

حتى ورد كتاب : من العسكر ، برد الخادم الذي شرب المسكر ، وعزل عن الخدمة .

الكافي ج1ص523ح21. بعث : يعنى بعث صاحب الأمر عليه السلام . بعث بخدم : جمع الخادم و هو المملوك، و لعلهم كانوا مماليكه و مماليك والده عليهم السلام، بعثهم ليسكنوا المدينة و يغفل الخليفة و أصحابه عنهم و عنه عليه السلام ، أو لخدمة المسجد و الضرائح المقدسة، و كأن الخادمين لم يكونا مملوكين بل كان أجيرين فرد من شرب المسكر .

الإمام ومال بن شاذان :

ذكر في الكافي : عن محمد بن علي بن شاذان النيسابوري قال : اجتمع عندي خمسمائة درهم تنقص عشرين درهما ، فأنفت أن أبعث بخمسمائة تنقص عشرين درهما ، فوزنت من عندي عشرين درهما وبعثتها إلى الأسدي ، ولم أكتب مالي فيها .

فورد : وصلت خمسمائة درهم ، لك منها عشرون درهما .

الكافي ج1ص523ح23.

الإمام يعطي المال لأصحابه :

ذكر في الكافي : عن الحسين بن محمد الأشعري قال :

كان يرد : كتاب أبي محمد عليه السلام في الإجراء على الجنيد قاتل فارس ، وأبي الحسن وآخر.

فلما مضى : أبو محمد عليه السلام ، ورد استيناف من الصاحب لإجراء أبي الحسن وصاحبه ، ولم يرد في أمر الجنيد بشيء .

قال : فاغتممت لذلك ، فورد نعي الجنيد بعد ذلك .

الكافي ج1ص524ح24. يعني الإمام الحسن العسكري عليه السلام كان يعطي مال لبعض أصحبه ويجري عليهم الإنفاق مستمر إما كل شهر أو كل سنة ، ومنهم الجنيد قاتل فارس وآخرين ، وفي سنة وفاة الإمام الحسن العسكري كأن الأمر للإمام صاحب الزمان فلم يأمر للجنيد بمال وأمر لصاحبيه ، وذلك لعلمه عليه السلام بحلول أجل الجنيد وعدم احتياجه للمال . و فارس بن حاتم بن القزوينى : و كان غاليا ملعونا لعنه على بن محمد العسكرى عليه السلام .

في الإرشاد ج2ص366، الإجراء على الجنيد قاتل فارس بن حاتم بن ماهويه وفي الكشي ج2ص807ح1006 سنده عن محمد بن عيسى بن عبيد: إن فارس : كان فتان يفتن الناس و يدعو إلى البدعة ، و ان أبا الحسن عليه السلام أمر بقتله و ضمن لمن قتله الجنة ، فقتله جنيد و رمى الساطور الذي قتله به من يديه ، و أخذه الناس و لم يجدوا هناك أثرا من السلاح. انظره مفصلا في الكشي.

استرداد الجارية بأمر الناحية :

في الكافي عن علي بن محمد قال : باع جعفر فيمن باع صبية جعفرية ، كانت في الدار يربونها . فبعث : بعض العلويين وأعلم المشتري خبرها .

فقال المشتري: قد طابت نفسي بردها وأن لا أرزأ من ثمنها شيئ فخذه .

فذهب العلوي : فأعلم أهل الناحية الخبر ، فبعثوا إلى المشتري بأحد وأربعين دينارا ، وأمروه بدفعها إلى صاحبها .

الكافي ج1ص524ح29. جعفر المشهور بالكذاب . لا أزرأ : لا أنقص ، من الرزه بتقديم المهملة .

وفي مرآة العقول ج6ص201 قال المجلسي رحمه الله : و جعفر : هو الكذاب‏ . جعفرية : أي من أولاد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه . في الدار : أي في دار أبي محمد عليه السلام‏ . و أن لا أرزا : أي لا أنقص ، و الحاصل أني أردها بطيب نفسي بشرط أن لا تنقصوني من ثمني الذي أعطيت جعفرا شيئا . و أمروه : أي العلوي‏ ، بدفعها : أي الصبية ، إلى صاحبها : أي وليها من آل جعفر، و كأنهم لم يعلموا ثمنها كم هو، فبعث عليه السلام ذلك المقدار بالإعجاز، فلذا ذكر هيهنا، مع أنه يحتمل أن يكون ذكره لبيان ما جرى من الظلم عند تلك الداهية لا بيان الإعجاز.

أحاديث مختصرة وبراهينها تامة :

دليل عبد الله النسائي على الإمام:

في الكافي بالإسناد : عن أبي عبد الله النسائي قال :

أوصلت : أشياء للمرزباني الحارثي ، فيها سوار ذهب .

فقبلت : ورد علي السوار ، فأمرت بكسره ، فكسرته فإذا في وسطه مثاقيل حديد ونحاس أو صفر فأخرجته .

وأنفذت الذهب : فقبل .

الكافي ج1ص 518ح6.السِوار بالكسر ما تجعل المرأة في يدها .

وفي الكافي بالإسناد : عن الفضل الخزاز المدائني مولى خديجة بنت محمد أبي جعفر عليه السلام قال :

إن قوما : من أهل المدينة من الطالبيين كانوا يقولون بالحق ، وكانت الوظائف ترد عليهم في وقت معلوم .

فلما مضى أبو محمد عليه السلام : رجع قوم منهم عن القول بالولد ، فوردت الوظائف على من ثبت منهم على القول بالولد وقطع عن الباقين ، فلا يذكرون في الذاكرين والحمد لله رب العالمين .

الكافي ج1ص518ح7. مولى خديجة بنت محمد أبو جعفر الجواد عليه السلام ، ترد لهم الوضائف يعني حقوق من أبي محمد عليه السلام الحسن العسكري عليه السلام . يعنى القول بأن له عليه السلام ولدا يخلفه بعده ، الإمام الحجة أوصل مال مم يأتيه من الخمس لمن ثبت على إمامته وقطعه عمن لم يقول بإمامته ، فلم يكون لهم ذكر مهم عند الموالين .

الإمام يأمر بإرجاع المال المغصوب :

في الكافي بسنده : عن علي بن محمد قال :

أوصل رجل : من أهل السواد مالا فرد عليه ، وقيل له : أخرج حق ولد عمك منه ، وهو أربعمائة درهم ، وكان الرجل في يده ضيعة لولد عمه ، فيه شركة قد حبسها عليهم .

فنظر : فإذا الذي لولد عمه من ذلك المال أربعمائة درهم ، فأخرجه وأنفذ الباقي ، فقبل .

الكافي ج1ص519ح8.

الإمام يدعوا لبن علاء:

ذكر الكافي : عن القاسم بن العلاء قال :

ولد لي : عدة بنين ، فكنت أكتب وأسأل الدعاء ، فلا يكتب إلي لهم بشيء ، فماتوا كلهم .

فلما ولد لي : الحسن أبني كتبت أسأل الدعاء ، فأجبت يبقى والحمد لله .

الكافي ج1ص 519ح9.

ابن صالح يسلم ببركة الإمام:

ذكر الكافي بالإسناد : عن أبي عبد الله بن صالح قال :

كنت : خرجت سنة من السنين ببغداد ، فاستأذنت في الخروج ، فلم يؤذن لي ، فأقمت اثنين وعشرين يوما وقد خرجت القافلة إلى النهروان ، فأذن في الخروج لي يوم الأربعاء .

وقيل لي : أخرج فيه ، فخرجت وأنا آيس من القافلة أن ألحقه ، فوافيت النهروان والقافلة مقيمة ، فما كان إلا أن أعلفت جمالي شيئا حتى رحلت القافلة ، فرحلت.

وقد دعا لي : بالسلامة ، فلم ألق سوءاً والحمد لله .

الكافي ج1ص519ح10.في المغرب هى من أرض العراق على أربعة فراسخ من بغداد.

ابن يوسف يشفى بدعاء الإمام:

ذكر الكافي بالإسناد : عن محمد بن يوسف الشاشي قال : خرج بي ناصور على مقعدتي فأريته الأطباء ، وأنفقت عليه مالا . فقالوا : لا نعرف له دواء .

فكتبت رقعة : أسأل الدعاء .

فوقع عليه السلام إلي : ألبسك الله العافية وجعلك معنا في الدني والآخرة.

قال : فما أتت علي جمعة حتى عوفيت وصار مثل راحتي .

فدعوت : طبيبا من أصحابنا و أريته إياه . فقال : م عرفنا لهذا دواء .

الكافي ج1ص519ح11. الشاشي شاش : قرية من بلاد كردستان قريبة من فارياب . ناصور هو النَّاسُورُ : قَرحةٌ تمتدُّ في أَنسجة الجسم على شكل أُنبوبة ضيِّقة الفتحة، وكثيرًا ما تكون حول المقعدة، وهو قَرحة لا تزال تنتقض، وقد يستعصى شفاؤها، فكلَّما برئ جزءٌ منها عاوده الفساد ، قوله: ما عرفنا لهذا دواء أي لم تأت تلك العافية من قبل الدواء، و في الإرشاد بعد ذلك : و ما جاءك العافية إلا من قبل الله بغير أحتساب .

الإمام يوكل الأمر لله تعالى :

في الكافي بالإسناد : عن محمد بن صالح قال :

كانت لي : جارية ، كنت معجبا بها ، فكتبت أستأمر في استيلاده .

فورد : استولده ويفعل الله ما يشاء ، فوطئتها فحبلت ثم أسقطت فماتت.

الكافي ج1ص524ح25. معجبا : فرحا مسرورا بها ، و يفعل لله ، إشارة إلى موتها.

الإمام أين الثلث المعطى :

في الكافي : علي بن محمد قال :

كان ابن العجمي : جعل ثلثه للناحية ، وكتب بذلك .

وقد كان : قبل إخراجه الثلث ، دفع مالا لابنه أبي المقدام ، لم يطلع عليه أحد .

فكتب : إليه فأين المال الذي عزلته أبي المقدام ؟

الكافي ج1ص524ح26.

بيان : يعنى أين ثلث ذلك المال الذي اعطيته لأبنك ، وذلك لأنه جعل الثلث للناحية ، و لم يخرج ثلث ما دفعه الى ابنه .

الإمام يبعث بكفن للصيمري :

في الكافي : عن أبي عقيل عيسى بن نصر قال :

كتب : علي بن زياد الصيمري يسأل كفنا .

فكتب إليه : إنك تحتاج إليه في سنة ثمانين ، فمات في سنة ثمانين ، وبعث إليه بالكفن قبل موته بأيام .

الكافي ج1ص524ح27.

في الكافي علي بن محمد ، عن محمد بن هارون بن عمران الهمداني قال :

كان للناحية : علي خمسمائة دينار فضقت بها ذرعا .

ثم قلت في نفسي : لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة وثلاثين دينار ، قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار ، ولم أنطق بها .

فكتب إلي محمد بن جعفر : اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بالخمسمائة دينار التي لنا عليه .

الكافي ج1ص524ح28. ضقت بالأمر ذرعا إذا لم تطقه ولم تقو عليه، و أصل الذرع إنما هو بسط اليد، فكأنك تريد مددت يدي إليه فلم تنله ، و محمد بن جعفر هو الأسدي المتقدم ذكره الراوي ممن رأى الحجة عليه السلام ، و الحانوت‏ الدكان .

الإمام يمنع الزيارة لفترة :

ذكر في الكافي : علي بن محمد قال :

خرج نهي : عن زيارة مقابر قريش والحير .

فلما كان بعد أشهر دعا الوزير الباقطائي .

فقال له : ألق بني الفرات والبرسيين ، وقل لهم : لا يزورو مقابر قريش فقد أمر الخليفة أن يتفقد كل من زار فيقبض عليه .

الكافي ج1ص525ح31. خرج النهي عن الناحية المقدسة عليه السلام يمنعهم من زيارة مقابر قريش أي مراقد الكاظمين عليهم السلام ، و الحير : الحائر الحسيني على ساكنه التحية والسلام ، وهو في الغالب ما يزار ويقصد بالحير الحائر الحسيني لما دار حوله الماء ولم يغرق عندما أمر المتوكل بفتح الماء عليه ، وبني الفرات رهط الوزير والبرسيين شيعة زوار للأئمة عليهم السلام ، البرس بلدة بين الكوفة والحلة .

وفي شرح الكافي : للمازندراني ج7ص356. والباقطائي : منسوب إلى باقطايا قرية من قرى بغداد كان كاتبا من كتاب الوزير، و قال الياقوت في معجم البلدان بعد ذكر باقطايا منها الحسين بن على الاديب الكاتب و بنو الفرات قوم معروفون تصدوا للوزارة و ذكرهم وارد في أكثر الكتب ، وان الوزير كان نفسه من بنى الفرات أراد بذلك حفظ عشيرته الشيعيين. والوزير أبى الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات من وزراء بنى العباس، و هو الّذي صحح طريق الخطبة الشقشقية الى أمير المؤمنين عليه السلام قبل الرضى رحمه اللّه.

وقال محقق الشرح : قوله : و هو الّذي صحيح طريق الخطبة الشقشقية ، قال الحكيم الفاضل ابن ميثم البحرانى : فى شرح نهج البلاغة ، قد وجدتها يعنى الخطبة الشقشقية في موضعين تاريخهما قبل مولد الرضى بمدة ، أحدهما : أنها مضمنة كتاب الانصاف لأبي جعفر بن قبة تلميذ ابى القاسم الكعبي أحد شيوخ المعتزلة و كانت وفاته قبل مولد الرضى، الثانى : أني وجدتها بنسخة عليها خط الوزير ابى الحسن على بن محمد بن الفرات ، و كان وزير المقتدر باللّه و ذلك قبل مولد الرضى بنيف و ستين سنة، و الّذي يغلب على ظني أن تلك النسخة كانت كتبت قبل وجود ابن الفرات بمدة انتهى.

و أقول : إنما ذكر ذلك ، لاستبعاد جماعة من أهل السنة أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام شكا ممن قبله ، و نسبوا تلك الخطبة إلى جعل الرضى رحمه اللّه ، و هي من الدعاوى التى دليل بطلانها معها ، وكما نقل الشارح المذكور عن ابن الخشاب النحوى قال : لا و اللّه ، و من أين للرضى هذا الكلام و هذا الاسلوب ، فقد رأينا كلامه في نظمه و نثره لا يقرب من هذا الكلام و لا ينتظم في سلكه ، على أنى قد رأيت هذه الخطبة بخطوط العلماء الموثوق بنقلهم من قبل أن يخلق أبو الرضى

فضلا عنه. انتهى كلام ابن الخشاب.

وقال : أقول قد مر في الصفحة 212 و 213 من هذا المجلد رواية عن صحيح مسلم صريحة في شكاية أمير المؤمنين عليه السلام عن ابى بكر و قوله له : إنك استبددت علينا بالأمر فإذا جاز شكايته عن الأول و أدعائه الأحقية بالخلافة منه جاز عن الثاني و الثالث بالطريق الأولى و ليس مسلم ممن يتهم في هذا الخبر ، و كأني رأيت نظيره في البخاري أيضا و اللّه العالم .

و أما الوزير : أبو الفتح الفضل بن جعفر بن فرات الّذي ذكره الشارح ، فكانه أشتباه بأبي الحسن على بن محمد الّذي ذكره ابن ميثم ، و ابن ميثم هو الاصل في نقله و كان وزارة ابى الحسن على فى دولة المقتدر ثلاث مرات في زمان حياة الكليني رحمه اللّه، و اما ابو الفتح فضل بن جعفر فوزارته سنة وفاته ، و ليس هو المراد من الوزير الّذي يشير إليه قطعا ، الشارح .

الإمام يخبر وكلاءه بمؤامرة فيحبطها :

في الكافي : عن الحسين بن الحسن العلوي قال :

كان رجل : من ندماء روز حسني ، وآخر معه .

فقال له: هو ذا يجبي الأموال ، وله وكلاء ، وسموا جميع الوكلاء في النواحي.

وأنهى ذلك : إلى عبيد الله بن سليمان الوزير ، فهم الوزير بالقبض عليهم .

فقال السلطان : أطلبوا أين هذا الرجل ، فإن هذا أمر غليظ .

فقال عبيد الله بن سليمان : نقبض على الوكلاء .

فقال السلطان : لا ، ولكن دسوا لهم قوما لا يعرفون بالأموال ، فمن قبض منهم شيئا قبض عليه.

قال : فخرج بأن يتقدم إلى جميع الوكلاء

أن لا يأخذوا من أحد شيئا

وأن يمتنعوا من ذلك ويتجاهلوا الأمر .

فاندس : لمحمد بن أحمد رجل لا يعرفه ، وخلا به .

فقال : معي مال أريد أن أوصله ، فقال له محمد : غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئا ، فلم يزل يتلطفه ومحمد يتجاهل عليه وبثوا الجواسيس وامتنع الوكلاء كلهم لما كان تقدم إليهم .

الكافي ج1ص525ح30. روز حسني في بعض النسخ بدر حسني ، هو نعت رجل‏ : يجبي الأموال أي يجمعها للناحية عليه السلام ، وأحد الرجلين قال للآخر بأنه يجمع الأموال للناحية ، وعرفوا بحكم قربهم من الحسني جميع الوكلاء وأنهو أي أخبرو الوزير بعمل الحسني ووكلائه ، و السلطان‏ الخليفة ، و دس‏ الخليفة والوزير رجل بالإخفاء دسيس ليأتيهم بالأخبار . فخرج : أي خرج التوقيع من الناحية المقدسة عليه السلام ، إلى الوكلاء وإلى الحسني بأن لا يأخذوا مالا من أحد ، فأمتنع الوكلاء ولم يأخذوا شيئا ومالا من أحد ممن بثوهم ودسوهم لهم ، وحتى ممن دُس لهم وتلطف لهم ويلائمهم ليخدعهم ، فنجوا من مكر ومؤاخذة السلطان بحمد الله ، لما تقدم إليهم من أمر الإمام ورعايتهم لهم .

وهذا معنى واقعي : لقول الإمام للمفيد :

نحن و إن كنّا : نائين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين، حسب الذي أراناه اللّه تعالى لنا من الصلاح و لشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين. فإنّا : نحيط علما بأنبائكم، و لا يعزب عنّا شي‏ء من أخباركم، و معرفتنا بالذلّ الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا، و نبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون .إنّا : غير مهملين لمراعاتكم، و لا ناسين لذكركم، و لو لا ذلك لنزل بكم اللأواء و اصطلمكم الأعداء،....

أورده في الاحتجاج ج2ص 322، و في البحار ج53ص174 ح 7 و 176 ح 8 ، اللأواء: الشدة و ضيق المعيشة. اصطلمه: استأصله.

صفات الإمام المهدي

مواصفات الإمام المهدي الكلية :

في حديث اللوح : ذكر بعض مواصفات الإمام المهدي عليه السلام ، والحديث طويل يذكر كل الأئمة فنختار ما يهمنا لهذا الموضوع :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

قال أبي لجابر : بن عبد الله الأنصاري إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها ، فقال له جابر : أي الأوقات أحببته ....... فذكر أسماء الأئمة عليهم السلام كلهم ثم قال :.....

أخرج منه : الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن .

واكمل ذلك بابنه : " م ح م د " .

رحمة للعالمين : عليه كمال موسى ، وبهاء عيسى ، وصبر أيوب ...

الكافي ج1ص527ح3.

و عن الإمام الحسين بن علي عليه السلام قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : يا أمير المؤمنين نبئنا بِمَهْدِيِّكُمْ هَذَا ؟

فقال عليه السلام : إذا درج الدارجون ، و قل المؤمنون ، و ذهب المجلبون‏ ، فهناك هناك .

فقال يا أمير المؤمنين : ممن الرجل ؟

فقال عليه السلام : من بني هاشم من ذروة طود العرب‏ ، و بحر مغيضها ، إذا وردت و مخفر أهلها إذا أتيت ، و معدن صفوتها إذا اكتدرت‏ .

لا يجبن : إذا المنايا هكعت ، و لا يخور إذا المنون اكتنعت‏ ، و لا ينكل إذا الكماة اصطرعت‏ .

مشمر مغلولب : ظفر ضرغامة ، حصد مخدش ، ذكر سيف : من سيوف الله :

رأس قثم : نشؤ رأسه في باذخ السؤدد ، و غارز مجده في أكرم المحتد .

فلا يصرفنك : عن بيعته صارف ، عارض ينوص إلى الفتنة كل مناص‏ إن قال فشر قائل و إن سكت فذو دعائر .

ثم رجع إلى صفة المهدي عليه السلام فقال :

أَوْسَعُكُمْ كَهْفاً : وَ أَكْثَرُكُمْ عِلْماً ، وَ أَوْصَلُكُمْ رَحِماً .

اللَّهُمَّ : فَاجْعَلْ بَعْثَهُ خُرُوجاً مِنَ الْغُمَّةِ ، وَ اجْمَعْ بِهِ شَمْلَ الْأُمَّةِ .

فإن خار الله لك : فاعزم ، و لا تنثن عنه إن وفقت له‏ ، و لا تجوزن عنه‏ إن هديت إليه .

هَاهْ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ : شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِ.

الغيبة للنعماني ص212ب13ح1 .

بعض معنى العبارات :

بين ظهوره عليه السلام : يكون حين يعلو من سفل ، ويدرج في القوة من ليس له شأن ، وقيل درج الدارجون ذهبت أقوام كثيرة ، ويقل المؤمنون ويكثر من يهوى الدينا ، ويندر من يدعو ويجلب الناس للصلاح والخير والهدى الحق .

وهو عليه السلام : ذروة بني هاشم وطودهم وأعلاهم نسبا ، مخفر أهلها فيجير أهلها ويمنعهم العدو ، ومن يلتجئ له فهو بحر عذب يرويهم كل خير وعنده يغيضون فيفضون بالعلم ، وإذا الحرب اشتدت وهكعت عليهم بالموت لا يخاف ولا يجبن بل يحمي من يلوذ به ، وإذا كنعت الأمور به وله استقرت فلا يجور ولا يظلم ، وإذ تكدرت الدنيا وخبطة الزين بالشين فهو الزين الصافي الزلال حقا ، ولا يجبن حين صراع الكمات الأبطال المكنعين بالسلح .

مشمر مغلوب : فإذا شمر عن ساعد الجد وظهر فكل من يناله يكون مغلوب له ، من شمره بنوره آمن ومن شمره بسيفه غلبه مقتولا ، وظفر ضرغامة : كم يظفر الأسد بفريسته ، ومن يحصده ينخدش ويناله الضر إلا أن يؤمن ، ذكره ذكر سيف من سيوف الله ورسوله ،

رأس قثم : عالي في المجد وهو كريم جواد ، الرأس أعلى كل شيء، فهو سيد القوم ، و القثم الجامع للخير و الذي كثر عطاؤه ، لأنه سيأتي تفتح له بركات الأرض والسماء ويعطي بجود كثير باذخ ، و الباذخ المرتفع العالي، و السؤدد المجد و السيادة و الشرف، و قد نشق وعلا رأسه الشريف بكل فضيلة ومكرمة ، لأنه غرز أصيل مغروز في المجد ومحتده أفضل الأصول حده ، فصلى الله عليه وآله وسلم وجعلنا الله من أعوانه وأنصاره .

فلا يصرفنك : من ينوص إليه ويقوم ليمنعه وهو خبيث ذو شر في قوله وخبث في فعله وفاسق ذو دعارة وفساد .

وعن الأعمش عن أبي وائل قال:

نظر أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى الحسين عليه السلام فقال :

إن ابني هذا : سيد كما سماه رسول الله سيدا .

وَ سَيُخْرِجُ اللَّهُ : مِنْ صُلْبِهِ رَجُلًا ، بِاسْمِ نَبِيِّكُمْ .

يُشْبِهُهُ : فِي الْخَلْقِ وَ الْخُلُقِ .

يَخْرُجُ : عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنَ النَّاسِ ، وَ إِمَاتَةٍ لِلْحَقِ‏ ، وَ إِظْهَارٍ لِلْجَوْرِ .

وَ اللَّهِ : لَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَضُرِبَتْ عُنُقُهُ‏ .

يَفْرَحُ بِخُرُوجِهِ : أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ سُكَّانُهَ .

وَ هُوَ رَجُلٌ : أَجْلَى الْجَبِينِ ، أَقْنَى الْأَنْفِ ، ضَخْمُ الْبَطْنِ ، أَزْيَلُ الْفَخِذَيْنِ ، بِفَخِذِهِ الْيُمْنَى شَأْمَةٌ ، أَفْلَجُ الثَّنَايَا .

وَ يَمْلَأُ الْأَرْضَ : عَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً.

الغيبة للنعماني ص 215ب13ح2 .

وعن حمران بن أعين : سأل أبي جعفر الباقر عليه السلام عن صاحب الأمر فقال :

ذَاكَ الْمُشْرَبُ حُمْرَةً : الْغَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ، الْمُشْرِفُ الْحَاجِبَيْنِ ، الْعَرِيضُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ .

بِرَأْسِهِ حَزَازٌ : وَ بِوَجْهِهِ أَثَرٌ ، رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى‏ ..

الغيبة للنعماني ص 215ب13ح3 . القنا في الانف: طوله و دقة أرنبته مع حدب في وسطه، و أزيل الفخذين كناية عن كونهما عريضتين، و فلج الثنايا انفراجها. الاشراب خلط لون بلون، يقال: بياض مشرب ، المشرف الحاجبين أي في وسطهما ارتفاع، من الشرفة. الحَزّ الزيادة على الشرف ؛ يقال: ليس في القبيل أَحد يَحُزُّ على كرم فلان أَي يزيد عليه ، و الحَزْحَزة: الاستقصاء والاهتمام بالأمر ، والحزازة من فعل الرئيس في الحرب عند تَعْبِيَة الصفوف، و هو أن يقدّم هذا و يؤخر هذا ؛ يقال: هم في‏ حَزاحِز من أَمرهم . وقيل الحَزَاز : أجسام لطيفة شبيهة بالنّخالة خاصَّة بالرّأس، تنتشر من جِلدته من غير تَقَرُّح‏ ، وبوجهه أثر السجود ، ورحم الله الظاهر أنه نبي الله موسى بن عمران عليه السلام.

وعن محمد بن مسلم الثقفيّ قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :

القائم منّا : منصور بالرعب ، مؤيد بالنصر .

تُطوى له الأرض : وتظهر له الكنوز .

يبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر به الله دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون .

فلا يبقى في الأرض : خراب إلا عمر ، وينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه .

إعلام الورى 2ـ292، كمال الدين : 330ـ16 ، وباختلاف يسير في : الفصول المهمة : 302

قال الصدوق رحمه الله بالإسناد : عن الحسين بن خالد قال : قال علي بن موسى الرضا عليه السلام .

لا دين : لمن لا ورع له ، و لا إيمان لمن لا تقية له .

إن أكرمكم : عند الله أعملكم بالتقية .

فقيل له : يا ابن رسول الله إلى متى ؟

قال عليه السلام : إلى يوم الوقت المعلوم ، و هو يوم خروج قائمن أهل البيت .

فمن ترك : التقية ، قبل خروج قائمنا ، فليس منا .

فقيل له : يا ابن رسول الله ، و من القائم منكم أهل البيت ؟

قال عليه السلام : الرابع من ولدي ، ابن سيدة الإماء .

يطهر الله : به الأرض ، من كل جور .

و يقدسها : من كل ظلم .

و هو الذي : يشك الناس في ولادته ، و هو صاحب الغيبة قبل خروجه .

فإذا خرج :

أشرقت : الأرض بنوره .

و وضع : ميزان العدل بين الناس .

فلا يظلم : أحد أحدا .

و هو : الذي تطوى له الأرض ، و لا يكون له ظل .

و هو : الذي ينادي مناد من السماء ، يسمعه جميع أهل الأرض ، بالدعاء إليه .

يقول : ألا إن حجة الله ، قد ظهر ، عند بيت الله ، فاتبعوه ، فإن الحق معه و فيه .

و هو قول الله عز و جل : { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)} الشعراء .

كمال ‏الدين ج2ص371ب35ح5 . وعنه في بحار الأنوار ج52ص330ب27ح52 .

‎ صفة وحليته المهدي المنتظر عند الظهور:

روي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في صفته عليه السلام :

هو شابَ مربوع : حسن الوجه ، حسن الشعر ، يسيل شعره على منكبيه ، يعلو نور وجهه سواد شعر لحيته ورأسه ، بابي ابن خيرة الإماء .

إعلام الورى للطبرسي ج2ص294 إرشاد المفيد ح2ص382 ، غيبة الطوسي : 470ـ487 ، روضة الواعظين 266 ، وصدره في : كمال الدين ص470ـ487 .

وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على المنبر :

يخرج رجل : من ولدي في آخر الزمان ، أبيض مشرب حمرة ، مبدح البطن ( واسع البطن ) ، عريض الفخذين ، عظيم مُشاش (رأس العظم) المنكبين ، بظهره شامتان : شامة على لون جلده ، وشامة على لون شامة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم .

له اسمان : اسم يُخفى واسم يُعلن : فأما الذي يُخفى فأحمد ، وأما الذي يعلن فمحمد ؟

فإذا هزّ رايته : أضاء لها ما بين المشرق والمغرب ، ووضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشدّ من زبر الحديد ، وأعطاه اللهّ عز وجل قوة أربعين رجلاً ، ولا يبقى ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره ، فهم يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم عليه السلام .

كمال الدين : 653 ح17 .

وروى أبو الصلت الهروي قال : قلت للرضا عليه السلام : ما علامة القائم منكم إذا خرج ؟

فقال عليه السلام :

علامته : أن يكون شيخ السن ، شابَ المنظر ، حتى أن الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها ، وإن من علاماته أن لا يهرم بمرور الأيام واللّيالي عليه حتّى يأتي أجله .

كمال الدين ص652ح12 .

وعن محمد بن مسلم الثقفيّ قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام ، وأنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

فقال لي مبتدئاً : يا محمد بن مسلم ، إن في القائم من آل محمد شبهاً بخمسة من الرسل : يونس بن متى ، ويوسف بن يعقوب ، وموسى، وعيسى ، و محمد صلوات الله عليه واله وعليهم .

فأمّا شبهه : الذي من يونس عليه السلام ، فرجوعه من غيبته وهو شاب مع كبر السنّ .

وأمّا شبهه : من يوسف عليه السلام ، فالغيبة من خاصته وعامته ، واختفاؤه من إخوته ، وإشكال أمره على أبيه يعقوب النبي مع قرب من المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته .

وأمّا شبهه : من موسى عليه السلام ، فدوام خوفه ، وطول غيبته ، وخفاء ولادته ، وتعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الأذى والهوان إلى أن أذن الله في ظهوره ، وأيّده على عدوه .

وأمّا شبهه : من عيسى عليه السلام ، فاختلاف من اختلف فيه ، حتى قالت طائفة : ما ولد ، وطائفة قالت : مات ، وطائفة قالت : قُتل وصلب .

وأمّا شبهه : من جدّه المصطفى صلى الله عليه وآله ، فتجريده السيف ، وقتله أعداء الله وأعداء رسوله والجبّارين والطواغيت ، وأنّه يُنصر بالسيف وبالرّعب ، وأنّه لا تردّ له راية .

وإنّ من علامات خروجه : خروج السفياني من الشام ، وخروج اليماني ، وصيحة من السماء في شهر رمضان ، ومناد ينادي باسمه واسم أبيه .

كمال الدين : 327:7 ، إعلام الورى 2:233.

وعن سليمان بن بلال قال : حدثنا جعفر بن محمد عليهما السلام ، عن أبيه، عن جده عن الحسين بن عليعليهم السلام قال:

جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال له : يا أمير المؤمنين نبئنا بمهديكم هذا ؟

فقال: إذا درج الدارجون، وقل المؤمنين، وذهب المجلبون ، فهناك هناك .

فقال : يا أمير المؤمنين ممن الرجل ؟

فقال: من بني هاشم من ذروة طود العرب وبحر مغيضها إذا وردت ، ومخفر أهلها إذا أتيت ، ومعدن صفوتها إذا اكتدرت ، لا يجبن إذا المنايا هكعت ، ولا يخور إذا المنون اكتنعت ، ولا ينكل إذا الكماة اصطرعت.

مشمر مغلولب : ظفر ضرغامة ، حصد مخدش ، ذكر سيف من سيوف الله ، رأس قثم ، نشؤ رأسه في باذخ السؤدد ، وعارز مجده في أكرم المحتد .

فلا يصرفنك : عن بيعته صارف عارض ينوص إلى الفتنة كل مناص ، إن قال فشر قائل، وإن سكت فذو دعاير .

ثم رجع إلى صفة المهدى عليه السلام فقال:

أوسعكم كهفا : وأكثركم علما ، وأوصلكم رحما ، اللهم فاجعل بعثه خروجا من الغمة ، واجمع به شمل الامة.

فإن خار الله لك : فاعزم ، ولا تنثن عنه إن وفقت له ، ول تجوزن عنه إن هديت إليه .

هاه : وأومأ بيده إلى صدره ، شوقا إلى رؤيته .

غيبة النعماني 212باب13 حديث1 ، يا طيب شرحناه في أبوذية المهدي فراجعه .

وعن أبي وائل قال : نظر أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى الحسين عليه السلام فقال :

إن ابني هذا : سيد كما سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيدا .

وسيخرج الله من صلبه : رجلا باسم نبيكم ، يشبهه في الخلَق والخُلق ، يخرج على حين غفلة من الناس ، وإماتة للحق وإظهار للجور، والله لو لم يخرج لضربت عنقه .

يفرح بخروجه : أهل السماوات وسكانها ، وهو رجل أجلى الجبين ، أقنى الأنف ، ضخم البطن ، أزيل الفخذين ، بفخذه اليمنى شامة ، أفلج الثنايا ، ويملا الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا.

غيبة النعماني 212باب13 حديث2 .

عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

المهدي : رجل من ولدي ، وجهه كالكوكب الدرّي .

الجامع الصغير للسيوطي قسم العرف الوردي، كنز العمال: 14، ح 38666. وأخرجه البروياني في مسنده عن حذيفة.




مختصر كلي لحياة المهدي :عليه السلام

قال الشيخ المفيد رحمه الله في الإرشاد:

و كان الإمام بعد أبي محمد عليه السلام : ابنه المسمى باسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، المكنى بكنيته .

و لم يخلف أبوه : ولدا غيره ظاهرا و لا باطنا ، و خلفه غائب مستترا على ما قدمنا ذكره.

و كان مولده عليه السلام : ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين.

و أمه : أم ولد ، يقال لها نرجس.

و كان سنه عند وفاة أبي محمد العسكري : خمس سنين ، آتاه الله فيها الحكمة و فصل الخطاب ، و جعله آية للعالمين ، و آتاه الحكمة ، كما آتاها يحيى صبيا ، و جعله إماما في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسى ابن مريم ع في المهد نبيا.

و قد سبق النص عليه في ملة الإسلام : من نبي الهدى ، ثم من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، و نص عليه الأئمة ، واحدا بعد واحد إلى أبيه الحسن عليهم الصلاة والسلام .

و نص أبوه عليه : عند ثقاته و خاصة شيعته.

و كان الخبر : بغيبته ثابتا قبل وجوده ،و بدولته مستفيضا قبل غيبته .

و هو صاحب : السيف من أئمة الهدى ، و القائم بالحق ، المنتظر لدولة الإيمان .

و له قبل قيامه : غيبتان .

إحداهما : أطول من الأخرى ، كما جاءت بذلك الأخبار .ذ

فأما القصري منهما : فمنذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه و بين شيعته ، و عدم السفراء بالوفاة .

و أما الطولى : فهي بعد الأولى .

و في آخرها : يقوم بالسيف .

قال الله تعالى : { وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُم مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ } .

و قال جل ذكره : { وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ } .

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لن تنقضي الأيام و الليالي حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، يملؤها عدلا و قسط ، كما ملئت ظلما و جورا .

و قال صلى الله عليه وآله وسلم : لو لم يبق من الدنيا إل يوم واحد ، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا من ولدي ، يواطئ اسمه اسمي يملؤها عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا .

الإرشاد ج2ص339 .

إمامة المهدي المنتظر عليه السلام

كان سن الإمام المهدي عليه السلام عند وفاة أبيه عليه السلام 5 خمس سنين ، آتاه الله سبحانه الحكم وفصل الخطاب صبياً كما آتاها يحيى صبياً ، وجعله في حال الطفولة إماماً كما جعل عيسى عليه السلام نبياً وهو في المهد ، وقد سبق النص عليه من جده رسول الله بأمر الله ونص أجداه الأئمة المعصومين عليهم السلام عليه بالإمامة والولاية لأمر الله ورسوله وستأتي بعض النصوص عنه في البحوث الآتية .

فأصبح إماماً في حدود سنة 260 هجرية قمرية أي في السنة التي توفى فيها والده المعظم الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، وتمتد إمامته عليه السلام إلى زماننا الحاضر ، وحتى يظهره الله تعالى ويقيم دولته وحكومة دينه وعدله على يديه ، وله عليه السلام الهداية في غيبته بطرق وأساليب خاصة ، وله الهدية والولاية والحكومة في ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف علنا .

وقد بينا في مقدمة هذا الكتاب صحيفة المهدي المنتظر ، وفي ما كتبناه في الإمامة العامة أو فيما كتبناه صحيفة الثقلين ، ما ملخصه أنه ضرورة وجود الإمام ضرورة حتمية يوجبها العقل والنقل ، وأن وجود هادي للبشر وإمام يقودهم لسبيل السعادة الدنيوية والأخروية سبيل السنن الكونية والتشريعية المبينة لمدى اهتمام الله تعالى بدينه وجديته تعالى في دعوته لعبوديته بدين حق واحد لا اختلاف فيه ، وعدم خلو الدنيا على طول الزمان من وجود حجة لله على عباده يهديهم سبيل الرشاد ظاهراً وباطناً ، يحتاج إليه الناس لهدايتهم وهو مهدي بأمر الله تعالى ل يحتاج لهداية أحد غيره ، ويكون هو السبب المتصل بين الأرض والسماء يوصل لهم تعاليم الله الخالصة من غير تحريف ولا رأي ولا اجتهاد .

والهادي للبشر : سواء كان نبي أو في زمان ختم النبوة هو الإمام المعصوم في كل زمان ، ويكون قد أعده الله تعالى إعداد خاص ورباه تربية متميزة تحت عنايته ، وذلك لكي يهدي البشر زمان إمامته وخلافته وولايته بحق ويكون قدوة لهم ، وهو عليهم منصوب من قبله تعالى خليفة لرسو الله في زمان ختم النبوة .

وأما الآيات : الذاكرة لظهوره أو لضرورة علو دين الله حتى يتم نور هداه لكل البشر فإن شاء الله يأتي لها بحث خاص ، وذكرنا تفصيل بحث الهداية التشريعية في الآيات في شرح الشطر الأول من أبوذية المهدي عليه السلام .

وأما الروايات : الذاكرة لإمامة إمام عصرنا المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف والمبشرة به فهي كثير جداً ، تبينها جميع الرواية المصرحة بإمامته أو المبشرة بظهوره وحكومته عليه السلام ، فنذكر بعض هذه الروايات وسنفصل القول في بحث مستقل إن شاء الله تعالى.

عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال :

دخلت : على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها ، فعددت اثني عشر أخرهم القائم، ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم عليّ .

بيان : ثلاثة محمد من أولاد فاطمة : فهم محمد الباقر ، ومحمد الجواد ، م ح م د المهدي ، والمسمون بعلي فهم : علي بن أبي طالب ، علي السجاد ، وعلي الرضا ، وعلي الهادي ، عليهم صلاة الله وسلامه أجمعين .

إعلام الورى ج2ص162، الكافي ج1ص 447ح9 ، وكذا في : كمال الدين : 269، 13 و 311 ،3 و 313،4 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 46:6 و 47: 7 ، الفقيه 4 : 132،459 ، الخصال : 477،42 ، إرشاد المفيد 2 : 346 ، الغيبة للطوسي : 139،103 .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : إنّ الله تعالى أرسل محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى الجنّ والإنس ، وجعل من بعده اثني عشر وصيّاً ، منهم من سبق ومنهم من بقي ، وكلّ وصيّ جرت به سنّة ، والأوصياء الذين من بعد محمد على سنّة أوصياء عيسى ، وكانوا اثني عشر ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام على سنّة المسيح عليه السلام .

إعلام الورى 2: 167،الكافي 1 : 447،1 ، وكذا في : كمال الدين : 326:4 ، الخصال : 478،43 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 55:2 ، الإمامة والتبصرة : 134،146 ، إرشاد المفيد 2 : 345 ، والغيبة للطوسي : 141،105 ، إثبات الوصية : 228 .

وعن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال لابن عبّاس :

إنّ ليلة القدر : في كلّ سنة ، وإنّه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم .

فقال ابن عبّاس : من هم ؟

قال : أنا وأحداً عشر من صلبي أئمّة محدّثون .

إعلام الورى 2:172، الكافي 1 : 447،11 ، وكذا في : الخصال : 479،47 ، إرشاد المفيد 2 : 346 ، الغيبة للنعماني : 60:3 ، الغيبة للطوسي 141، 106 . .

ذكر الشيخ المفيد رحمه الله في الإرشاد في باب ما جاءَ من النصِّ على وعن أبي جعفرٍ الثاني ، عن آبائه ، عن أميرِ المؤمنينَ عليهمِ السَلامُ قالَ :

قالَ رسولُ الله صلى الله عليهِ وآلهِ لأصحابِه :

آمِنوا بليلةِ القدرِ : فإنه يَنْزِلُ فيها أمْرُ السَنةِ ، وإنَّ لذلك وُلاةً من بَعْدي عليَّ بن أبي طالبٍ وأَحَدَ عشرَ من وُلْده .

الإرشاد الجزء الثاني ص 345 ، الكافي 1 : 448،12 ، والخصال : 480:48 ، وإعلام الورى : 370، باختلاف يسير، مناقب آل أبي طالب 1 : 298 ، مثله .

وعن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عبّاس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

إنّ خلفائي : وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي لأثنى عشر ، أوّلهم أخي ، وآخرهم ولدي .

قيل : يا رسول الله ومن أخوك ؟

قال : عليّ بن أبي طالب .

قيل : فمن ولدك ؟

قال : المهدي ، الذي يملاَها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، والذي بعثني بالحقّ بشيرا لولم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطّول الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه ولدي المهديّ ، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه ، وتشرق الأرض بنور ربّها ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب .

كمال الدين : 280، 27 .

عن سلمان الفارسي قال : دخلت على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فإذا الحسين بن علي على فخذه ، وهو يقبِّل عينيه ويلثم فاه ، وهو يقول :

أنت سيّد : ابن سيّد ، أنت إمام ابن إمام أبو أئمة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم .

كمال الدين : 262:9 ،إعلام الورى 2 : 180.

في الإرشاد : عن أبيه عليّ ، عن أبيه الحسين عليهم السلام قال : سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ، مَن العترة ؟

فقال : أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسين ، تاسعهم مهديّهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتّى يردوا على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حوضه .

كمال الدين : 240،64 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 57،25.

وعن عبد الله ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

أنا سيّد النبيّين : وعلي بن أبي طالب سيّد الوصيّين ، وأنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر أوّلهم عليّ ابن أبي طالب وآخرهم القائم .

كمال الدين : 280،29 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 64،31 .

وعن جابر ابن يزيد الجعفيّ قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول :

لمّا أنزل الله تعالى : على نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم : { يا أَيّهَا الَّذينَ آمَنوُا أَطيعُوا الله وَ أَطيعُوا الرّسولُ وَأُولِي الاَمرِ مِنكُم (59) } النساء .

قلت : يا رسول الله ، عرفنا الله ورسوله ، فمن أُولي الأمر الذي قرن الله طاعتهم بطاعتك ؟

فقال عليه السلام : هم خلفائي يا جابر، وأئمّة المسلمين بعدي ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر ، وستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فأقرئه منّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثم عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ .

ثمّ سميّي : وكنيّي ، حجّة الله في أرضه ، وبقيّته في عباده ، ابن الحسن ابن عليّ .

ذاك الذي : يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربه ، وذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان .

قال جابر : فقلت له : يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟

فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : إي والذي بعثني بالنبوّة :

انّهم ليستضيئون بنوره

وينتفعون بولايته في غيبته

كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلاها سحاب.

يا جابر : هذا من مكنون سرّ الله ومخزون علم الله ، فاكتمه إلاّ عن أهله .

إلى آخر الخبر في كمال الدين : 253:3، وأعلام الورى 2:182.

و عن سعيد ابن جبير ، عن عبد الله بن عبّاس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

إنّ الله تعالى : إطّلع على الأرض إطّلاعة فاختارني منها فجعلني نبيّا ، ثمّ اطّلع الثانية : فاختار منها عليّاً فجعله إماماً ، ثم أمرني أن أتّخذه أخاً ووصياً ، وخليفة ووزيراً .

فعليّ : منّي وأنا من عليّ ، وهو زوج ابنتي وأبو سبطيّ الحسن والحسين ، ألا وإنّ الله تبارك وتعالى جعلني وإيّاهم حججاً على عباده ، وجعل من صلب الحسين أئمّة يقومون بأمري ويحفظون وصيّتي ،.

التاسع منهم : قائم أهل بيتي ومهدّي أُمتي ، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله ، يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلّة ، فيعلن أمر الله ويظهر دين الله ويؤيّد بنصر الله وينصر بملائكة الله ، فيملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً .

كمال الدين 257:2 ، وكذا في : كفاية الأثر للخزاز 10 .

هذا مختصرا من الأحاديث بإمامته : و إن شاء الله تعالى نفصل القول ، أو راجع الكتب المطولة المختصة في هذا الباب ككتاب بحار الأنوار ، و معجم احاديث الامام المهدي عليه السلام ، وغيره الكثير .

غيبة الإمام المهديعليه السلام

يا طيب : نذكر هنا بعض المعارف عن غيبة الإمام المهدي عليه السلام ، وسببها وتهئية المؤمنين من قبل الغيبة لتقبلها ، وإنها واقعة بأمر الله فلا يستغربها المؤمن ، ويكون عارف بها عن علم ودراية ، سواء سببها والحكمة منه وكيفيتها ، أو ما يجب عليه العمل حين الغيبة وكيف تكون عبادة الأنتظار فضلا عن الإيمان به وهو غائب عن الأنظار ، سواء في الغيبة الصغرى أو الكبرى ، فتدبر المعارف بها هنا :

أحاديث تهئية المؤمنين للغيبة :

يا طيب : هذه أحاديث عن أئمة الحق من زمن الإمام علي عليه السلام بل قدر عرفت من زمن نبينا الأكرم ، تعرفنا أن إمام آخر الزمان الذي يصلح العالم كله ويرفع الظلم والجور ويرجع العباد لمعرفة الله بأعلى معرفة وعبودية وإصلاح أحوال الناس ، لابد له من غيبة ، ثم بعدها الله يظهره ويصلح له كل شيء فيصلح العباد ، فتدبر :

في الكافي بالإسناد : عن عبد الله بن عطاء ، عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له : إن شيعتك بالعراق كثيرة والله ما في أهل بيتك مثلك ، فكيف لا تخرج ؟

قال : فقال : يا عبد الله بن عطاء ، قد أخذت تفرش أذنيك للنوكي إي والله ما أنا بصاحبكم .

قال : قلت له : فمن صاحبنا ؟

قال عليه السلام : انظروا من عمي على الناس ولادته .

فذاك : صاحبكم .

إنه ليس منا : أحد يشار إليه بالإصبع ويمضغ بالألسن إلا مات غيظا أو رغم أنفه .

الكافي ج1ص342ح26. تفرش أذنك للنوكي : أي شرعت تفتح وتبسط أذنيك للحمقى تسمع منهم . يمضغ بالألسن : كناية عن كثرة ذكره في المجالس.

وذكر في الكافي بالإسناد : عن محمد بن مسلم قال :

سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن بلغكم من عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها .

الكافي ج1ص340ح15، ص338ح10.

وفي الكافي بالإسناد : عن إسحاق بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :

للقائم غيبتان : إحداهما قصيرة والأخرى طويلة .

الغيبة الأولى : لا يعلم بمكانه فيها ، إلا خاصة شيعته .

والأخرى : لا يعلم بمكانه فيها ، إلا خاصة مواليه .

الكافي ج1ص340ح19.

ذكر في الكافي بالإسناد : عن مفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

لصاحب هذا الأمر غيبتان : إحداهما يرجع منها إلى أهله والأخرى يقال : هلك ، في أي واد سلك .

قلت : كيف نصنع إذا كان كذلك ؟

قال : إذا ادعاها مدع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله .

الكافي ج1ص340ح20.

وذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي حمزة قال :دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ، فقلت له : أنت صاحب هذا الأمر ؟ فقال : لا .

فقلت : فولدك ؟ فقال : لا .

فقلت : فولد ولدك هو ؟ قال : لا .

فقلت : فولد ولد ولدك ؟ فقال : لا . قلت : من هو ؟

قال : الذي يملاها عدلا كما ملئت ظلما وجورا ، على فترة من الأئمة ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث على فترة من الرسل .

الكافي ج1ص341ح21.

وفي الكافي بالإسناد : عن أيوب بن نوح قال : قلت لأبي الحسن الرض عليه السلام : إني أرجو أن تكون صاحب هذا الأمر ، وأن يسوقه الله إليك بغير سيف ، فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك ؟

فقال : ما منا أحد اختلفت إليه الكتب ، وأشير إليه بالأصابع ، وسئل عن المسائل ، وحملت إليه الأموال ، إلا أغتيل أو مات على فراشه .

حتى يبعث الله : لهذا الأمر غلاما منا ، خفي الولادة والمنشأ ، غير خفي في نسبه .

الكافي ج1ص341ح25. أغتيل : أي قتل غيله بدون مبارزة وحرب .

وفي الكافي بسنده : عن أبي إسحاق السبيعي ، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ممن يوثق به .

أن أمير المؤمنين عليه السلام : تكلم بهذا الكلام وحفظ عنه ، وخطب به على منبر الكوفة :

اللهم : إنه لا بد لك من حجج في أرضك ، حجة بعد حجة على خلقك ، يهدونهم إلى دينك ، ويعلمونهم علمك ، كيلا يتفرق أتباع أوليائك .

ظاهر : غير مطاع ، أو مكتتم يترقب .

إن غاب : عن الناس شخصهم في حال هدنتهم ، فلم يغب عنهم قديم مبثوث علمهم ، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة ، فهم بها عاملون .

ويقول عليه السلام ، في هذه الخطبة في موضع آخر : فيمن هذ ؟

ولهذا يأزر العلم : إذا لم يوجد له حملة يحفظونه ويروونه ، كما سمعوه من العلماء ويصدقون عليهم فيه .

اللهم : فإني لاعلم أن العلم لا يأزر كله ، ولا ينقطع مواده ، وإنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك ، ظاهر ليس بالمطاع ، أو خائف مغمور كيلا تبطل حجتك ، ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم .

بل أين هم ؟ وكم هم ؟

أولئك : الاقلون عددا ، الاعظمون عند الله قدرا .

الكافي ج1ص339ح13.

سبب غيبت الإمام المهدي:

يا طيب : سبب غيبة الإمام المهدي عليه السلام ، هو بتقدير الله وتدبيره لأمور العباد ، وامتحان منه لهم ، وإن الله تعالى يجعل فترة بين الأمم ليسيروا بما عندهم من الهدي ، وحتى يستفحل الأمر بالاختلاف فيظهر وليه ، فيصلح ما فسد من أمورهم ، كالفترة بين عيسى عليه السلام ونبينا محمد صلى الله عليه وآله .

ويا طيب : إن في الإسلام بعد نبينا كان الأوصياء ظاهر أمرهم ، ويفتون ويعلمون من يتصل بهم ،ونشروا آل محمد صلى الله عليهم وسلم إمام بعد إمام لمدة 260 مئتان وستون سنة ، كل ما يحتاج شيعتهم من معارف الهدى ، ودونت وكتبت عنهم الأصول من الكتب حتى كانت أربعمائة كتاب ، ثم جمعت في الأصول الأربعة عند الصدوق و الكليني والطوسي وما نشر بعدهم المفيد رحمه الله ، وهم في عناية إمام الزمان والعصر ورعايته إلى زمن الغيبة الكبرى ، بل إلى الآن .

ولما كان الله تعالى : قد قدر الأئمة من آل محمد صلى الله عليهم وسلم باثني عشر إمام ، جعل لآخرهم غيبة ، لأنه كان عند من تبع النبي وآله كل ما يحتاجوه من المعارف ، وجعل الإمام ناظر لهم في غيبته ، يراهم ولا يرونه ويعرفهم ولا يعرفونه ، فعند الاختلاف يعلم ويسدد بالدليل والبرهان شخصيات الشيعة وعلمائهم بما يسر له الله تعالى من الطرق ، فلا تكون غيبته مضرة بالأمة .

وإنه لو الله تعالى : أظهره ، فإما ينصره بالمعجزة ، أو أن يقتل ، لأن أغلب الناس مع سلاطين وحكام الوقت ، ولما كان القتل له أو الظهور بالمعجزة في أول زمان غيبته أو حتى الآن ، مخالف لما أجل العباد لفترة قدرها سبحانه ، فكانت الغيبة له ضرورية وواجبه بما قدر تعالى ، وفيه اختبار وتمحيص للمؤمنين كما سيأتي بعض هذا المعنى .

كما جعل الله تعالى : الإيمان به والانتظار لظهوره عبادة ، لأنه من يحب الصلاح والمصلح والهادي والهدى ومقيم العدل والعدل وولي أمر الله وأمره وتعاليمه ، فهو متوجه لله وهو نوع من العبادة كريمة ومرتبة إيمانية في الرضا والتسليم لأمر الله تعالى ، كما وهو طالب للهدى الحق والعمل به ، وهو متوفر عند آل محمد عليهم السلام وأتباعهم ، على أنه سيأتي حديث يأمر به الإمام الرجوع بالحوادث الواقعة إلى علماء الأمة .

كما أن الله لم يختر : في أول زمان الإمام إلى الآن المعجزة القاهرة لهداية العباد ، وجعلهم بالاختيار ، فلم يظهره حتى الآن ، ولظهوره جعل علامات وبعده يقترب يوم القيامة جدا ، وبظهوره يبين الله للبشر قدرته على هدايتهم بالمعجزات ، ولكن لا ينفع نفس لم تكن آمنت من قبل ، ولم تكن تنوي الإيمان ، وبظهور الإمام معجزات كثيرة وملاحم وفتن ذكرت في الكتب لا يسعها هذا المختصر ، وتجد قسم منها في صحيفة الإمام المهدي عليه السلام .

وهنا نذكر بعض أسباب الغيبة :

وقال الإمام علي عليه السلام على منبر الكوفة :

و إن من ورائكم : فتنا مظلمة عمياء ، منكسفة ، لا ينجو منها إل النومة .

قيل : يا أمير المؤمنين و ما النومة ؟

قال‏ عليه السلام : الذي يعرف الناس و لا يعرفونه .

وَ اعْلَمُوا : أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ لِلَّهِ .

وَ لَكِنَّ اللَّهَ :

سَيُعْمِي خَلْقَهُ مِنْهَا

بِظُلْمِهِمْ ، وَ جَوْرِهِمْ ، وَ إِسْرَافِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ .

وَ لَوْ خَلَتِ الْأَرْضُ : سَاعَةً وَاحِدَةً مِنْ حُجَّةٍ لِلَّهِ ، لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا .

وَ لَكِنَّ الْحُجَّةَ : يَعْرِفُ النَّاسَ وَ لَا يَعْرِفُونَهُ ، كَمَا كَانَ يُوسُفُ يَعْرِفُ النَّاسَ‏ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ‏ ، ثُمَّ تَلَا : { يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون (30) } يس ‏.

بحار الأنوار ج51ص112ب3ح8 .

يا طيب : سبب الغيبة أوضحه الإمام بأن الناس سيكون بينهم ظلم وجور وإسراف على أنفسهم ، وأنهم لا ينصروه ويظلموه لو ظهر ، لأنهم يسرفون على أنفسهم فلم يطلبوا لها الهدى الحق من ولي الأمر فلا ينصروه ، بل يعينون عدوه ولا ينصروه بجورهم عليه ، فيقتل ، والله تعالى لم يأمره بالظهور في وقت حدده تعالى، وحينه إن أمره بالظهور يسدده ويؤيده بالمعجزات والملائكة وبكل ما في الكون فيكون هو المنتصر ، وترى العباد آثار آيات الله معه فيتبعه المؤمنون وينتشر العدل والإحسان، ويبيد الظلم والجور.

وذكر في الكافي بالإسناد : عن محمد بن الفرج قال : كتب إلي أبو جعفر عليه السلام :

إذا غضب : الله تبارك وتعالى على خلقه ، نحانا عن جوارهم .

الكافي ج1ص343ح31. يا طيب هذا الحديث يبين أن العباد لم تنصر الحق وإن منهم الكثير يعمل بالمعاصي ووقاع في الفتن وزينة الحياة الدنيا ، ومشغولون عن نصر الإمام الحق والتعلم منه والعمل بدين الله بحق .

وفي الكافي بالإسناد : عن زرارة بن أعين قال :

قال أبو عبد الله عليه السلام ، لابد للغلام من غيبة .

قلت : ولم ؟

قال : يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه – وهو المنتظر .

وهو الذي : يشك الناس في ولادته ، فمنهم من يقول : حمل ، ومنهم من يقول : مات أبوه ولم يخلف ، ومنهم من يقول : ولد قبل موت أبيه بسنتين .

قال زرارة : فقلت : وما تأمرني لو أدركت ذلك الزمان ؟

قال : ادع الله بهذا الدعاء :

اللهم : عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك .

اللهم : عرفني نبيك ، فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرفه قط .

اللهم : عرفني حجتك ، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني .

قال أحمد بن الهلال : سمعت هذا الحديث منذ ست وخمسين سنة .

الكافي ج1ص342ح29. وسيأتي دعاء طويل يستحب أن يدعى به في زمن الغيبة فيه هذه الجمل من الدعاء أعلاه ، فتابع مشكورا .

يا طيب : هذا الحديث يعرف ما في الحديث السابق ، بأنه إن ظهر لم ينصر ويقتل ،ويظهر منه أن شيعته قليلون والحكام الظلمة أقوياء .

في الكافي بالإسناد : عن زرارة في حديث آخر ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

إن للقائم : غيبة قبل أن يقوم ، إنه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل.

الكافي ج1ص340ح18.

وفي الكافي بالإسناد : عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال :

إذا فقد الخامس : من ولد السابع ، فالله الله في أديانكم ، لا يزيلكم عنها أحد .

يا بني : إنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة ،حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به ، إنما هو محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه ، لو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصح من هذا لأتبعوه .

قال : فقلت : يا سيدي من الخامس من ولد السابع ؟

فقال : يا بني ! عقولكم تصغر عن هذا ، وأحلامكم تضيق عن حمله ، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه .

الكافي ج1ص336ح2. أديانكم : ضمير الجمع باعتبار تعدد المخاطبين .

يا طيب : يعرفنا هذ الحديث سببا آخر لغيبة الإمام وهو الأبتلاء والأختبار للعباد من يثبت على الحق ممن ينقلب ، وهذه سنة الله جارية على جميع الأمم وبالخصوص المؤمنين حتى يصفى منهم المخلصين ، وتدبر هذا الحديث أيضا يعرفنا بأن أمر الحجة بيّن في غيبته وظهوره ويختبر به المؤمنون والموفق من يتبعه :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن المفضل بن عمر قال : سمعت أب عبد الله عليه السلام يقول :

إياكم والتنويه : أما والله ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم ، ولتمحصن حتى يقال : مات قتل ، هلك ، بأي واد سلك ؟

ولتدمعن عليه : عيون المؤمنين .

ولتكفأن : كما تكفأ السفن في أمواج البحر ، فلا ينجو إل من أخذ الله ميثاقه ، وكتب في قلبه الإيمان ، وأيده بروح منه .

ولترفعن : اثنتا عشرة راية مشتبهة ، لا يدرى أي من أي .

قال : فبكيت ثم قلت : فكيف نصنع ؟

فنظر إلى شمس داخلة في الصفة فقال : يا أبا عبد الله ترى هذه الشمس .

قلت : نعم .

فقال : والله لأمرنا أبين من هذه الشمس .

الكافي ج1ص336ح3. التنويه : الرفع والتشهير وذكر أسمه . لتكفأن على بناء المجهول من المخاطب او الغائب من قولهم : كفأت الإناء إذا كببته . كناية عن اضطرابهم وتذللهم في الدين لشدة الفتن وانحرف بعض عن الدين .

ذكر في الكافي بالإسناد : عن مفضل بن عمر قال : في حديث آخر مثله إلا أن في آخره قال :

وفي مجلسه : كوة تدخل فيها الشمس .

فقال : أبينة هذه ؟ فقلت : نعم ، قال : أمرنا أبين من هذ الشمس .

الكافي ج1ص338ح11. الكوة : خرق في الجدار، ثلمة، فتحة، نافذة للتهوية والإضاءة ونحوهما.

صاحب الأمر كيوسف في غيبته :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن سدير الصيرفي قال :

سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن في صاحب هذ الأمر شبها من يوسف عليه السلام ، قال قلت له : كأنك تذكره حياته أو غيبته ؟

قال : فقال لي : وما تنكر من ذلك ، هذه الأمة أشباه الخنازير ، إن إخوة يوسف عليه السلام كانوا أسباطا أولاد الأنبياء تاجروا يوسف ، وبايعوه وخاطبوه ، وهم إخوته ، وهو أخوهم ، فلم يعرفوه حتى قال : أنا يوسف وهذا أخي .

فما تنكر : هذه الأمة المعلونة أن يفعل الله عز وجل بحجته في وقت من الأوقات كما فعل بيوسف ، إن يوسف عليه السلام كان إليه ملك مصر ، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما ، فلو أراد أن يعلمه لقدر على ذلك ، لقد سار يعقوب عليه السلام وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر .

فما تنكر : هذه الأمة أن يفعل الله عز وجل بحجته كما فعل بيوسف ، أن يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك له كما أذن ليوسف ، قالوا : أئنك لانت يوسف ؟ قال : أنا يوسف .

الكافي ج1ص336ح4.

أمتحان الشيعة بالغيبة والدعاء :

الإمام الصادق عليه السلام : يبين الاختلاف في ولادة الحجة ودعاء المعرفة وحدث قبل ظهوره ، ذكر في الكافي بالإسناد : عن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

إن للغلام غيبة قبل أن يقوم

قال قلت : ولم ؟ قال عليه السلام : يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - .

ثم قال : يا زرارة وهو المنتظر ، وهو الذي يشك في ولادته ، منهم من يقول : مات أبوه بلا خلف ، ومنهم من يقول : حمل ، ومنهم من يقول : إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين ، وهو المنتظر ، غير أن الله عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة ، فعند ذلك يرتاب المبطلون .

يا زرارة ، قال : قلت : جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شي ء اعمل ؟ قال : يا زرارة إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء :

اللهم : عرفني نفسك ، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك ، اللهم عرفني رسولك ، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك ، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني .

ثم قال : يا زرارة لابد من قتل غلام بالمدينة .

قلت : جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني ؟

قال : لا ولكن يقتله جيش آل بني فلان (3) يجيء حتى يدخل المدينة ، فيأخذ الغلام فيقتله ، فإذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لا يمهلون ، فعند ذلك توقع الفرج إن شاء الله .

الكافي ج1ص337ح5.

حمل : أي مات أبوه وهو حمل ، الغلام : المعرف هو صاحب الأمر وقتل غلام نكره الهو غيره لكن الظاهر له شأن وهو من آل محمد ، ولعله ما ذكر أنه ذو النفس الزكية أو غيره في زمان يقرب من زمن الظهور، ويكون الفرج بعد مقتله.

وذكر في الكافي بالإسناد : عن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن للقائم عليه السلام غيبة قبل أن يقوم .

قلت : ولم ؟ قال : إنه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل .

الكافي ج1ص338ح9.

وفي هذا الحديث : لصاحب الأمر غيبة، يختبر بها الناس وهو المهدي الموعود :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن الأصبغ بن نباتة قال :

أتيت أمير المؤمنين عليه السلام : فوجدته متفكرا ينكت في الأرض .

فقلت: يا أمير المؤمنين مالي أراك متفكرا تنكت في الأرض، أرغبة منك فيها ؟

فقال : لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط ، ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري ، الحادي عشر من ولدي ، هو المهدي الذي يملا الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، تكون له غيبة وحيرة ، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون .

فقلت : يا أمير المؤمنين ، وكم تكون الحيرة والغيبة ؟

قال : ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين .

فقلت : وإن هذا لكائن ؟ فقال : نعم كما أنه مخلوق وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العتره .

فقلت : ثم ما يكون بعد ذلك ؟ فقال : ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات .

الكافي ج1ص338ح7.

ذكر في الكافي بالإسناد : عن معروف بن خربوذ ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

إنما نحن : كنجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم ، حتى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بأعناقكم ، غيب الله عنكم نجمكم ، فاستوت بنو عبد المطلب ، فلم يعرف أي من أي ، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم .

الكافي ج1ص338ح8.

شرح معنى أنتظار المنتظر

عجل الله تعالى ظهوره

يا طيب : هذه أبوذية ودارمي يشرح بشكل مختصر معنى المنتظر ، ثم نشرحه بتفصيل ، لنعرف حقائق معنى الأنتظار وأهميته وفضله وثوابه :

فرحم الله الشيخ الأنباري إذ شرح ما قال :

سلام الله على مهدي منتظر

متى الفرج مولاي فأنا منتظر

وشيعتك معي ودنيانا منتظر

تقطع المؤمن وللضال دنية

 دارمي :

سلام الله على الإمام الحجة المهدي المنتظر

ولي الله الحق مدخر لإصلاح الفاسد المدمر

+

الله أختار مصلح العباد من نسل آل خير البشر

نسبه صح صريح نعرفه وهو الإمام الثاني عشر

+

محب المهدي يحب الإصلاح والعدل بكل فخر

و يعلم و يعمل بهدى النبي وآله دون من بتر

+

المؤمن الحق متيقن بظهور إمامه وإن تأخر

أليس نوح عمر و الخضر يجول البر والبحر

+

إمامنا المهدي سيظهر بإذن الله منتصر بظفر

ينشر العدل والهدى الحق ومعانده قد خسر

يا طيب : من الأسماء العزيزة على قلوب المؤمنين ، وفيه علم واجب المعرفة هو اسم المنتظر ومعناه ، وضرورة معرفته بتفصيل دقيق لكل مؤمن ، لأنه من أعماله العبادية الضرورية في زمن غيبة الإمام المهدى عليه السلام ، فلذا نذكر هنا بعض التفصيل لمعرفة هذا الأسم الشريف ومعانيه التي يتحقق بها المؤمنون بمحبة وشوق وعن علم ويقين بفضل الأنتظار ، وتمني الكون من المنتظريين الحقيقين ، فتدبر لعل الله يجعنا معهم علما وعملا وإيمانا ويقينا بحق الإمام المنتظر وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم :

شرح معنى منتظر لغة :

منتظر : اِنتَظَرَ فعل ينتظر انتظارًا فهو مُنتظِر واسم المفعول مُنتظَر ، و ولي الله في أرضه المهدي الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف هو إمام مُنتظَر ، والـمُنتظَر اسم لقب له كباقي القابة مثل المرتقب المأمول و الحجة المهدي الغائب الخلف المظفر المنصور صاحب الزمان وغيرها ...، وجاء لقب المنتظر في عدة روايات وأدعية ، كما إن كل واحد من شيعته ومحبيه هو مُنتظِر وهم مُنتظِرون .

وعن الإمام الرضا عليه السلام : سُمِّيَ الْمُنْتَظَرَ : لأن له غيبة يكثر أيامها و يطول أمدها فَيَنْتَظِرُ خُرُوجَهُ الْمُخْلِصُونَ و ينكره المرتابون و يستهزئ بذكره الجاحدون و يكذب فيها الوقاتون و يهلك فيها المستعجلون و ينجو فيها المسلمون.

منتظر : مُنتظِر: اسم فاعل من إِنتَظَرَ، اِنْتَظَرَهُ صاحِبُهُ أي يَرْتَقِبُ ويَأْمُلُ وُصولَهُ ، واِنْتَظِرْ حُدوثَ أَمْرٍ تَوَقَّعْهُ ، وجاء في الأحاديث عنهم عليهم السلام : ثم تمتد الغيبة ، بولي الله عز و جل الثاني عشر من أوصياء رسول الله و الأئمة بعده ، و إن أهل زمان غيبته القائلين بإمامته .

وَ الْمُنْتَظِرِينَ لِظُهُورِهِ : أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ ، لأن الله تبارك و تعالى أعطاهم من العقول و الأفهام و المعرفة ، ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسيف. و الْمُنْتَظِرُ لِأَمْرِنَ : كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وسيأتي : ذكر أحاديث المنتظر والمنتظرون مفصلا إن شاء الله .

منتظر : مركب من كلمتين: منت ظر ، مَنّت الدنيا ظر وتاء منت عائدة لها. مَنّ : اسم لما يُنعم به مع أذى ، و الْمَنُّ : تعداد الفضل والاحسان ، يَمُنُّ بِمَا أَعْطَى، ويَعْتَدُّ بِهِ اعْتِداداً ، مَنَّ على مَنَنْتُ ، يَمُنّ امْنُنْ ، مُنَّ مَنًّا ، فهو مانّ ، والمفعول ممنون عليه ، مَنَّنَ، يُمَنِّنُ، مصدر تَمْنِينٌ ، يُمَنِّنُ عَلَى النَّاسِ بِعَطَايَاهُ : مَنْ يَعُدُّ وَيَحْسُبُ مَا يَفْعَلُهُ ويُقَدِّمُهُ مِنْ صَنَائِعَ وعَطَايَا لِغَيْرِهِ .

المِنَّةُ :استكثارُ الإحسان والفخر به حتَّى يفسده ، وقد قال الله تعالى :

{ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) } المدثر .

وقوله تعالى : { قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم

بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) } البقرة .

ظِرّ: اسم الظِّرُّ: قطعة حجر لها حد كحد الفأس و السكين ويعد من الأدوات الحادة القاطعة، و الظِّرُّ هو : الحجر المضرَّسُ من الصِّوَّان له حَدٌّ كحَدِّ السكِّين كانَتْ تُسْتَعْمَلُ قَديماً كأَدَواتٍ حَرْبِيَّةً كحِرابٌ ونِصالٌ وفُؤُوسٌ ، واحدته: ظِرَّة ، و ظَرَّ الرَّجُلُ: كَسَرَ الظِّرَّ. ظَرَّ النَّاقَةَ: ذَبَحَها بِالظِّرِّ.

وإن عطايا الدنيا : على المؤمن الموالي لأهل البيت ظر ، لأنه تمن علينا بالأعداء والمفسدين المحيطون بالمؤمنين وكإسرائيل وأمريكا وأتباعها من بني سعود وبني زايد وداعش والوهابية وعبادهم الجوكريه ، وأمثالهم الكثير مما سبق في العصور السالفة من بعد النبي الأكرم وبني أمية وغيرهم ، وتزين دعواهم وتظهرهم للأغبياء ولبائعي الضمير وللمفسدين الأشرار بالمصلحين المحسنين ، فهي تقوي الكافر وتضيق على المؤمن ، وتقلب الباطل حق والحق باطل ، فضلا عن بلاياها الأخرى وشروره ومصائب تأتي بها على العباد الصالحين .

ولذا نطلب من الله تعالى : تعجيل فرج سيدنا ومولانا صاحب الزمان عليه السلام ، ليقيم العدل والقسط والإحسان والإنصاف ،ـ وأن يفتح الله عز وجل بركاته وخيرات السماوات والأرضين على عباده المؤمنين المصلحين في زمانه ، ولهذ ننتظر حجة الله المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف .

فنحن المنتظِرون : وهو المنتظَر للخلاص من أعداء المؤمنين ، ومن مَنّ الدنيا علينا بهم وهم ضر وشر ، بل كظر حجر حاد قاطع محيط بنا يهددن ، وكأنه تحتنا نمشي عليه وحقيقة أن دنيانا حفت بالمكاره ، و تقطعنا بأشفارها الحادة وبمصائب لا طاقة لنا بها ، وقد ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ، ولا خلاص إلا بما أعده الله تعالى لعباده الصالحين من تعجيل فرج بقية الله المدخور لنجاتهم صلاة الله وسلامه عليه .

ويا طيب : إذا عرفنا هذا ، فنذكر أهم الأحاديث الذاكرة للمنتظر عجل الله فرجة ، وفضل المنتظرون للفرج بظهوره ، وما لهم من الإيمان والثواب والكرامة .

‏ويا طيب كل العالم ينتظرون المخلص المنتظر‏‏وحتى يرى اليهود أن المخلص المنتظر مرسل من عند الرب لاستعادة مملكة إسرائيل وإدارة شئون العالم .

تفصيل معنى الْمُنْتَظَرَ:

الله تعالى سماه المنتظر :

قال الخزاز الرازي : أخبرنا الحسين محمد بن سعيد الصيرفي قال : حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن شبنوذ قال : حدثنا علي بن حمدون قال : حدثن علي بن حكيم الأودي قال : أخبرنا شريك عن عبد الله بن سعد عن الحسين بن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :

أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ عليه السلام : لَمَّا ثَبَّتَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اسْمَ مُحَمَّدٍ عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ .

قلت : يَا رَبِّ هَذَا الِاسْمَ الْمَكْتُوبَ فِي سُرَادِقِ الْعَرْشِ ، أَرِنِي أَعَزَّ خَلْقِكَ عَلَيْكَ ؟

قَالَ : فَأَرَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اثْنَيْ عَشَرَ أَشْبَاحاً ، أَبْدَاناً بِلَا أَرْوَاحٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ .

فقال : يَا رَبِّ بِحَقِّهِمْ عَلَيْكَ إِلَّا أَخْبَرْتَنِي مَنْ هُمْ ؟

قَالَ : هَذَا نُورُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَ هَذَا نُورُ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، وَ هَذَا نُورُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَ هَذَ نُورُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَ هَذَا نُورُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَ هَذَ نُورُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَ هَذَا نُورُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى ، وَ هَذَا نُورُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَ هَذَا نُورُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَ هَذَا نُورُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ .

وَ هَذَا نُورُ الْحُجَّةِ :

الْقَائِمِ‏ الْمُنْتَظَرِ .

قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :

مَا أَحَدٌ : يَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ ، إِلَّا أَعْتَقَ اللَّهُ تَعَالَى رَقَبَتَهُ مِنَ النَّارِ.

كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر ص170 .

رسول الله يسميه المنتظر :

ذكر علي بن محمد الخزاز الرازي : في كتابه كفاية الأثر باب بعنوان ما جاء عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في النصوص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام:‏ فذكر سنده عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :

خطبنا رسول الله فقال : مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنِّي رَاحِلٌ عَنْ‏ قَرِيبٍ وَ مُنْطَلِقٌ إِلَى الْمَغِيبِ ، أُوصِيكُمْ فِي عِتْرَتِي خَيْراً ، وَ إِيَّاكُمْ وَ الْبِدَعَ ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَ الضَّلَالَةُ وَ أَهْلُهَا فِي النَّارِ .

مَعَاشِرَ النَّاسِ : مَنِ افْتَقَدَ الشَّمْسَ فَلْيَتَمَسَّكْ بِالْقَمَرِ ، وَ مَنِ افْتَقَدَ الْقَمَرَ فَلْيَتَمَسَّكْ بِالْفَرْقَدَيْنِ ، فَإِذَا فَقَدْتُمُ الْفَرْقَدَيْنِ فَتَمَسَّكُوا بِالنُّجُومِ الزَّاهِرَةِ بَعْدِي .

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا : وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ .

قال : فلما نزل عن المنبر تبعته حتى دخل بيت عائشة فدخلت إليه .

و قلت : بأبي أنت و أمي يا رسول الله ، سمعتك تقول : إذ افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر ، و إذا افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين ، و إذ افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة ، فما الشمس و ما القمر و ما الفرقدان و ما النجوم الزاهرة ؟

فَقَالَ : أَنَا الشَّمْسُ ، وَ عَلِيٌّ الْقَمَرُ ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ الفَرْقَدَانِ ، فَإِذَا افْتَقَدْتُمُونِي فَتَمَسَّكُوا بِعَلِيٍّ بَعْدِي ، وَ إِذَا افْتَقَدْتُمُوهُ فَتَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، وَ أَمَّا النُّجُومُ الزَّاهِرَةُ فَهُمُ الْأَئِمَّةُ التِّسْعَةُ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ تَاسِعُهُمْ مَهْدِيُّهُمْ .

ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم : إِنَّهُمْ هُمُ الْأَوْصِيَاءُ ، وَ الْخُلَفَاءُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ أَبْرَارٌ ، عَدَدَ أَسْبَاطِ يَعْقُوبَ وَ حَوَارِيِّ عِيسَى .

قلت : فسمهم لي يا رسول الله ؟

قَالَ : أَوَّلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَ بَعْدَهُ سِبْطَايَ ، وَ بَعْدَهُمَا عَلِيٌّ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ، وَ بَعْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بَاقِرُ عِلْمِ النَّبِيِّينَ ، وَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَ ابْنُهُ الْكَاظِمُ سَمِيُّ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ، وَ الَّذِي يُقْتَلُ بِأَرْضِ الْغُرْبَةِ ابْنُهُ عَلِيٌّ ، ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ ، وَ الصَّادِقَانِ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ .

وَ الْحُجَّةُ : الْقَائِمُ‏ .

الْمُنْتَظَرُ : فِي غَيْبَتِهِ .

فَإِنَّهُمْ : عِتْرَتِي مِنْ دَمِي وَ لَحْمِي ، عِلْمُهُمْ عِلْمِي ، وَ حُكْمُهُمْ حُكْمِي ، مَنْ آذَانِي فِيهِمْ ، فَلَا أَنَالَهُ اللَّهُ شَفَاعَتِي .

كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر ص 40 .

الإمام الرضا يسميه المنتظر :

وعن النعمان المغربي : عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي الصلت الهروي، قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول : أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا عليه السلام قصيدة التي أولها:

مدارس آيات خلت عن تلاوة

و مهبط وحي مقفر العرصات‏

فلما انتهيت الى قوله:

خروج امام لا محالة خارج

يقوم على اسم اللّه و البركات‏

يميز فينا كل حقّ و باطل

و يجزي على النعماء و النقمات‏

بكى الرضا عليه السلام : شديدا ثم رفع رأسه إليّ .

ثم قال : يَا خُزَاعِيُّ نَطَقَ رُوحُ الْقُدُسِ عَلَى لِسَانِكَ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ ، فَهَلْ تَدْرِي مَنْ هَذَا الْإِمَامُ وَ مَتَى يَقُومُ ؟

فقلت : لَا يَا سَيِّدِي إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ بِخُرُوجِ إِمَامٍ مِنْكُمْ يُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنَ الْفَسَادِ وَ يَمْلَؤُهَا عَدْلًا.

فقال: ياِ دعْبِلُ الْإِمَامُ بَعْدِي مُحَمَّدٌ ابْنِي ، وَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ابْنُهُ عَلِيٌّ ، وَ بَعْدَ عَلِيٍّ ابْنُهُ الْحَسَنُ .

وَ بَعْدَ الْحَسَنِ : ابْنُهُ الْحُجَّةُ .

الْقَائِمُ‏ : الْمُنْتَظَرُ فِي غَيْبَتِهِ .

الْمُطَاعُ : فِي ظُهُورِهِ ، لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَ إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ ، فَيَمْلَأَهَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً .

وَ أَمَّا مَتَى : فَإِخْبَارٌ عَنِ الْوَقْتِ ، وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام :

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قِيلَ لَهُ : يَ رَسُولَ اللَّهِ ص مَتَى يَخْرُجُ الْقَائِمُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ ؟

فَقَالَ : مَثَلُهُ مَثَلُ السَّاعَةِ لا يُجَلِّيها لِوَقْتِه إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً .

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام ج‏3ص352ح7 . كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر ص275 . عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص265ح35 .

والآية كاملة : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَ لِوَقْتِهَ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَ عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (187) } الأعراف .

سببت تسميته بالمنتظر :

عن الصدوق : بسنده عن الصقر بن أبي دلف قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول‏ :

إِنَّ الْإِمَامَ بَعْدِي : ابْنِي عَلِيٌّ ، أَمْرُهُ أَمْرِي ، وَ قَوْلُهُ قَوْلِي ، وَ طَاعَتُهُ طَاعَتِي .

وَ الْإِمَامُ بَعْدَهُ : ابْنُهُ الْحَسَنُ ، أَمْرُهُ أَمْرُ أَبِيهِ ، وَ قَوْلُهُ قَوْلُ أَبِيهِ ، وَ طَاعَتُهُ طَاعَةُ أَبِيهِ ، ثُمَّ سَكَتَ.

فَقُلْتُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَنِ الْإِمَامُ بَعْدَ الْحَسَنِ ؟ فَبَكَى عليه السلام: بُكَاءً شَدِيداً.

ثُمَّ قَالَ : إِنَّ مِنْ بَعْدِ الْحَسَنِ ابْنَهُ :

الْقَائِمَ بِالْحَقِّ : الْمُنْتَظَرَ .

فَقُلْتُ لَهُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، لِمَ سُمِّيَ الْقَائِمَ ؟

قَالَ عليه السلام : لِأَنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَوْتِ ذِكْرِهِ ، وَارْتِدَادِ أَكْثَرِ الْقَائِلِينَ بِإِمَامَتِهِ.

فَقُلْتُ لَهُ : وَ لِمَ سُمِّيَ الْمُنْتَظَرَ ؟

قَالَ عليه السلام : لِأَنَّ لَهُ غَيْبَةً يَكْثُرُ أَيَّامُهَ وَ يَطُولُ أَمَدُهَا .

فَيَنْتَظِرُ خُرُوجَهُ : الْمُخْلِصُونَ ، وَ يُنْكِرُهُ الْمُرْتَابُونَ ، وَ يَسْتَهْزِئُ بِذِكْرِهِ الْجَاحِدُونَ ، وَ يَكْذِبُ فِيهَ الْوَقَّاتُونَ ، وَ يَهْلِكُ فِيهَا الْمُسْتَعْجِلُونَ ، وَ يَنْجُو فِيهَا الْمُسْلِمُونَ .

كمال الدين و تمام النعمة ج2ص378ب36ح3 .




الْمُنْتَظِرُون في الأدعية والزيارات والأحاديث

الْمُنْتَظَرُ في الزيارات والأدعية :

وجاء في الزيارة :

و عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَ أَفْضَلُ الْوَصِيِّينَ وَ وَارِثُ عِلْمِ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ ، وَ بَعْدَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بَاقِرُ عِلْمِ النَّبِيِّينَ ، ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ وَارِثُ عِلْمِ الْوَصِيِّينَ ، ثُمَّ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاظِمُ ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ .

ثُمَّ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ

صَلَوَاتُ اللَّهِ : عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، أَشْهَدُ لَهُمْ بِالْوَصِيَّةِ وَ الْإِمَامَةِ .

وَ أَنَّ الْأَرْضَ : لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَ أَوَانٍ .

وَ أَنَّهُمُ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى : وَ أَئِمَّةُ الْهُدَى وَ الْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا ، إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ‏ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْها ، وَ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَالَفَهُمْ ضَال مُضِلٌّ بَاطِلٌ تَارِكٌ لِلْحَقِّ وَ الْهُدَى ، وَ أَنَّهُمُ الْمُعَبِّرُونَ عَنِ الْقُرْآنِ وَ النَّاطِقُونَ عَنِ الرَّسُولِ بِالْبَيَانِ .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج‏2ص267ب68ح1 .

المنتظر في زيارة الجامعة :

في زيارة الجامعة عن الإمام الهادي عليه السلام قال : .........

أُشْهِدُ اللَّهَ وَ أُشْهِدُكُمْ : أَنِّي مُؤْمِنٌ بِكُمْ وَ بِمَا آمَنْتُمْ بِهِ ، كَافِرٌ بِعَدُوِّكُمْ وَ بِمَا كَفَرْتُمْ ، بِهِ مُسْتَبْصِرٌ بِشَأْنِكُمْ وَ بِضَلَالَةِ مَنْ خَالَفَكُمْ ، مُوَالٍ لَكُمْ وَ لِأَوْلِيَائِكُمْ ، مُبْغِضٌ لِأَعْدَائِكُمْ وَ مُعَادٍ لَهُمْ ، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ ، وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ ، مُحَقِّقٌ لِمَا حَقَّقْتُمْ ، مُبْطِلٌ لِمَا أَبْطَلْتُمْ ، مُطِيعٌ لَكُمْ ، عَارِفٌ بِحَقِّكُمْ ، مُقِرٌّ بِفَضْلِكُمْ ، مُحْتَمِلٌ لِعِلْمِكُمْ ، مُحْتَجِبٌ بِذِمَّتِكُمْ .

مُعْتَرِفٌ بِكُمْ : وَ مُؤْمِنٌ بِإِيَابِكُمْ ، مُصَدِّقٌ بِرَجْعَتِكُمْ .

مُنْتَظِرٌ لِأَمْرِكُمْ

مُرْتَقِبٌ‏ لِدَوْلَتِكُمْ

آخِذٌ بِقَوْلِكُمْ : عَامِلٌ بِأَمْرِكُمْ ، مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ ، زَائِرٌ لَكُمْ ، لَائِذٌ عَائِذٌ بِقُبُورِكُمْ ، مُسْتَشْفِعٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِكُمْ ، وَ مُتَقَرِّبٌ بِكُمْ إِلَيْهِ ، وَ مُقَدِّمُكُمْ أَمَامَ طَلِبَتِي وَ حَوَائِجِي وَ إِرَادَتِي فِي كُلِّ أَحْوَالِي وَ أُمُورِي .

مُؤْمِنٌ : بِسِرِّكُمْ وَ عَلَانِيَتِكُمْ ، وَ شَاهِدِكُمْ وَ غَائِبِكُمْ ، وَ أَوَّلِكُمْ وَ آخِرِكُمْ ، وَ مُفَوِّضٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَيْكُمْ ، وَ مُسَلِّمٌ فِيهِ مَعَكُمْ ، وَ قَلْبِي لَكُمْ سِلْمٌ ، وَ رَأْيِي لَكُمْ تَبَعٌ ، وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ .

حَتَّى يُحْيِيَ اللَّهُ دِينَهُ بِكُمْ : وَ يَرُدَّكُمْ فِي أَيَّامِهِ .

وَ يُظْهِرَكُمْ لِعَدْلِهِ ، وَ يُمَكِّنَكُمْ فِي أَرْضِهِ .

فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ : لَا مَعَ عَدُوِّكُمْ ، آمَنْتُ بِكُمْ ، وَ تَوَلَّيْتُ آخِرَكُمْ بِمَا تَوَلَّيْتُ بِهِ أَوَّلَكُمْ ، وَ بَرِئْتُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَعْدَائِكُمْ وَ مِنَ الْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ ، وَ الشَّيَاطِينِ وَ حِزْبِهِمُ الظَّالِمِينَ لَكُمْ ، الْجَاحِدِينَ لِحَقِّكُمْ ، وَ الْمَارِقِينَ مِنْ وَلَايَتِكُمْ ، وَ الْغَاصِبِينَ لِإِرْثِكُمْ‏ ...

من لا يحضره الفقيه ج2ص614 .

أولياء أمرنا منهم المنتظر:

ذكر الصدوق رحمه الله في كمال الدين : حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال : حدثنا محمد بن هارون الصوفي ، عن عبد الله بن موسى :

عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ‏ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : حدثني صفوان بن يحيى عن إبراهيم بن أبي زياد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت : على سيدي علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام :

فقلت له : يا ابن رسول الله : أخبرني بالذين فرض الله عز و جل طاعتهم ومودتهم ، وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟

فقال لي : يا كنكر ، إن أولي الأمر الذين جعلهم الله عز و جل أئمة للناس ، و أوجب عليهم طاعتهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، ثم الحسن ثم الحسين ابنا علي بن أبي طالب ، ثم انتهى الأمر إلينا ، ثم سكت .

فقلت له : يا سيدي ، روي لنا عن أمير المؤمنين علي عليه السلام ، أن الأرض لا تخلو من حجة لله جل وعز على عباده ، فمن الحجة والإمام بعدك ؟

قال عليه السلام : ابني محمد ، و اسمه في التوراة باقر ، يبقر العلم بقرا ، هو الحجة و الإمام بعدي ، و من بعد محمد ابنه جعفر و اسمه عند أهل السماء الصادق .

فقلت له : يا سيدي ـ فكيف صار اسمه الصادق ، و كلكم صادقون ؟

قال عليه السلام : حدثني أبي عن أبيه عليهم السلام ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، فسموه الصادق ، فإن للخامس من ولده ، ولدا اسمه جعفر ، يدعي الإمامة اجتراء على الله و كذبا عليه ، فهو عند الله جعفر الكذاب المفتري على الله عز و جل ، و المدعي لما ليس له بأهل ، المخالف على أبيه ، والحاسد لأخيه ، ذلك الذي يروم كشف ستر الله عند غيبة ولي الله عز و جل .

ثم‏ بكى علي بن الحسين عليه السلام : بكاء شديدا .

ثم قال عليه السلام : كأني بجعفر الكذاب ، و قد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله ، و المغيب في حفظ الله ، و التوكيل بحرم أبيه ، جهلا منه بولادته ، و حرصا منه على قتله إن ظفر به ، و طمعا في ميراثه ، حتى يأخذه بغير حقه .

قال أبو خالد : فقلت له : يا ابن رسول الله و إن ذلك لكائن ؟

فقال عليه السلام : إي و ربي إن ذلك لمكتوب عندنا في الصحيفة ، التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله .

قال أبو خالد : فقلت : يا ابن رسول الله ثم يكون ما ذا ؟

قال عليه السلام : ثم تمتد الغيبة ، بولي الله عز و جل الثاني عشر من أوصياء رسول الله و الأئمة بعده .

يا أبا خالد : إن أهل زمان غيبته ، القائلين بإمامته .

وَ الْمُنْتَظِرِينَ لِظُهُورِهِ

أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ .

لأن الله تبارك و تعالى : أعطاهم من العقول و الأفهام و المعرفة ، ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة ، و جعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسيف .

أولئك : المخلصون حقا ، و شيعتنا صدقا ، و الدعاة إلى دين الله عز و جل سرا و جهرا .

و قال علي بن الحسين عليه السلام :

انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏ : مِنْ أَعْظَمِ الْفَرَجِ ‏.

كمال الدين و تمام النعمة ج1ص319ب31ح2 .إعلام الورى بأعلام الهدى ص407ف2 . قصص الأنبياء عليهم السلام للراوندي ص365ف15ح438 .

يا طيب : هذا الحديث يعرف أولي أمر الله تعالى وحججه والأئمة كلهم إلى الحجة عجل الله تعالى ظهوره ، وما يستحب العمل به من انتظار فرجه ، وهو يقرب من حديث العرض للدين.

المنتظر مع أمير المؤمنين :

روى الصدوق : حدثنا محمد بن أحمد الشيباني رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن جعفر الكوفي قال : حدثنا سهل بن زياد الآدمي قال : حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني رضي الله عنه ، عن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال :

لِلْقَائِمِ مِنَّا : غَيْبَةٌ أَمَدُهَا طَوِيلٌ‏ ، كَأَنِّي بِالشِّيعَةِ يَجُولُونَ جَوَلَانَ النَّعَمِ فِي غَيْبَتِهِ ، يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلَا يَجِدُونَهُ .

أَلَا فَمَنْ : ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ ، وَ لَمْ يَقْسُ قَلْبُهُ لِطُولِ أَمَدِ غَيْبَةِ إِمَامِهِ .

فَهُوَ مَعِي : فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

ثم قال عليه السلام : إِنَّ الْقَائِمَ مِنَّا إِذَا قَامَ ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ ، فَلِذَلِكَ تَخْفَى وِلَادَتُهُ وَ يَغِيبُ شَخْصُهُ .

كمال الدين و تمام النعمة ج1ص303ب26ح14 .




أحاديث انتظار المهدي عبادة :

يا طيب : إن الانتظار للعبادة عبادة ، فانتظار المصلح والهادي والمقيم لأمر الله ووليه عبادة لله ، لأنه يحب ما قضى الله وقدر وأراد من حب أولياءه وما عندهم من الهدى والعدل والرحمة والدين والصلاح ، وفي هذا المعنى جاءت أحاديث كثيرة منها :

وعن الإمام الباقر عليه السلام في قوله عَزَّ وَ جَلَّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) } آل عمران .

فَقَالَ‏ عليه السلام : اصْبِرُوا عَلَى أَدَاءِ الْفَرَائِضِ‏ ، وَ صابِرُوا عَدُوَّكُمْ‏ .

وَ رابِطُوا : إِمَامَكُمُ الْمُنْتَظَرَ.

وقال الإمام الباقر عليه السلام :

مَنْ مَاتَ : مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ .

مُنْتَظِراً :

كَانَ كَمَنْ هُوَ : فِي الْفُسْطَاطِ الَّذِي لِلْقَائِمِ عليه السلام .

وعن أبي بصير : عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام :‏ أنه قال ذات يوم :

أ لا أخبركم : بما لا يقبل الله عز و جل من العباد عملا إل به ؟

فقلت : بلى .

فقال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده و رسوله ، والإقرار بما أمر الله .

و الولاية لنا : و البراءة من أعدائنا .

يعني الأئمة خاصة : و التسليم لهم .

و الورع : و الاجتهاد ، و الطمأنينة .

وَ الِانْتِظَارُ لِلْقَائِمِ عليه السلام .

ثُمَّ قَالَ : إِنَّ لَنَا دَوْلَةً، يَجِي‏ءُ اللَّهُ بِهَ إِذَا شَاءَ .

ثُمَّ قَالَ : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ .

فَلْيَنْتَظِرْ .

و ليعمل : بالورع ، و محاسن الأخلاق .

وَ هُوَ مُنْتَظِرٌ : فإن مات .

وَ قَامَ الْقَائِمُ : بَعْدَهُ ، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه .

فَجِدُّوا وَ انْتَظِرُوا : هَنِيئاً لَكُمْ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ .

الغيبة للنعماني ؛ النص ص199ب11 ح13 ، ح 15 ، 16.

توقع فرج الظهور القرب من الله :

يا طيب : أقرب الناس من رضى الله منتظري الفرج ، فقد ذكر في الكافي بالإسناد : عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

أقرب ما يكون : العباد من الله جل ذكره وأرضى ما يكون عنهم ، إذ افتقدوا حجة الله عز وجل ، ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه ، وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله جل ذكره ولا ميثاقه .

فعندها فتوقعوا الفرج : صاحبا ومساء .

فإن أشد ما يكون : غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجته ولم يظهر لهم ، وقد علم أن أولياءه لا يرتابون ، ولو علم أنهم يرتابون ما غيب حجته عنهم طرفه عين ، ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس .

الكافي ج1ص333ح1.

ثواب أنتظار الفرج :

يا طيب : الإمام الصادق يذكر أن لصاحب الأمر غيبة ويأمرن بالصبر والتقوى والتمسك بالدين :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن يمان التمار قال :

كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جلوسا فقال لنا : إن لصاحب هذا الامر غيبة ، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد ، ثم قال هكذا بيده فأيكم يمسك شوك القتاد بيده ؟

ثم أطرق مليا ثم قال : إن لصاحب هذا الأمر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه .

الكافي ج1ص335ح1 .

هكذا بيده : إي أشار بيده لكيفية الخرط ، والخارط من يضرب بيده على أعلى الغصن ثم يمدها إلى الأسفل ليسقط ورقه والقتاد شجر له شوك .

أهم ما نصنعه في الغيبة :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

قلت : إذا أصبحت وأمسيت لا أرى إماما أئتم به ما أصنع ؟

قال عليه السلام : فأحب من كنت تحب ، وابغض من كنت تبغض ، حتى يظهره الله عز وجل .

الكافي ج1ص342ح28.

ثواب الطاعة للإمام المستتر والعبادة لله في دولة الباطل:

ذكر في الكافي بالإسناد : عن عمار الساباطي قال :

قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أيما أفضل : العبادة في السر مع الإمام منكم المستتر في دولة الباطل ، أو العبادة في ظهور الحق ودولته ، مع الإمام منكم الظاهر ؟

فقال عليه السلام : يا عمار الصدقة في السر والله أفضل من الصدقة في العلانية ، وكذلك والله عبادتكم في السر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل وتخوفكم من عدوكم في دولة الباطل وحال الهدنة ؛ أفضل ممن يعبد الله عز وجل ذكره في ظهور الحق مع إمام الحق الظاهر في دولة الحق ، وليست العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة والأمن في دولة الحق .

واعلموا : أن من صلى منكم اليوم صلاة فريضة في جماعة ، مستتر بها من عوده في وقتها فأتمها ، كتب الله له خمسين صلاة فريضة في جماعة ، ومن صلى منكم صلاة فريضة وحده مستترا بها من عوده في وقتها فأتمها ، كتب الله عز وجل به له خمسا وعشرين صلاة فريضة وحدانية ، ومن صلى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمها ، كتب الله له بها عشر صلوات نوافل .

ومن عمل منكم : حسنة ، كتب الله عز وجل له بها عشرين حسنة ويضاعف الله عز وجل حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ، ودان بالتقية على دينه وإمامه ونفسه ، وأمسك من لسانه أضعافا مضاعفة إن الله عز وجل كريم .

قلت : جعلت فداك قد والله رغبتني في العمل ، وحثثتني عليه ، ولكن أحب أن أعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام الظاهر منكم في دولة الحق ونحن على دين واحد ؟

فقال عليه السلام : إنكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله عز وجل وإلى الصلاة والصوم والحج وإلى كل خير وفقه وإلى عبادة الله عز ذكره سر من عدوكم مع إمامكم المستتر ، مطيعين له ، صابرين معه ، منتظرين لدولة الحق ، خائفين على إمامكم وأنفسكم من الملوك الظلمة .

تنتظرون : إلى حق إمامكم وحقوقكم في أيدي الظلمة ، قد منعوكم ذلك ، واضطروكم إلى حرث الدنيا وطلب المعاش مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف مع عدوكم ، فبذلك ضاعف الله عز وجل لكم الأعمال ، فهنيئا لكم .

قلت : جعلت فداك فما ترى إذا أن نكون من أصحاب القائم ويظهر الحق ، ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا من أصحاب دولة الحق والعدل ؟

فقال عليه السلام : سبحان الله أما تحبون أن يظهر الله تبارك وتعالى الحق والعدل في البلاد ، ويجمع الله الكلمة ويؤلف الله بين قلوب مختلفة ، ولا يعصون الله عز وجل في أرضه ، وتقام حدوده في خلقه ، ويرد الله الحق إلى أهله فيظهر ، حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق .

أما والله : يا عمار ، لا يموت منكم ميت على الحال التي أنتم عليه ، إلا كان أفضل عند الله من كثير من شهداء بدر واحد فابشروا .

الكافي ج1ص333ح2.

وصف جميل للإمام علي للمنتظرين :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي حمزة عن أبي إسحاق قال :

حدثني الثقة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أنهم سمعوا أمير المؤمنين عليه السلام يقول في خطبة له :

اللهم : وإني لأعلم أن العلم لا يأزر كله ، ولا ينقطع مواده ، وإنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك ، ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور ، كيل تبطل حججك ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم ، بل أين هم وكم ؟

أولئك : الأقلون عددا ، والأعظمون عند الله جل ذكره قدرا ، المتبعون لقادة الدين ، الأئمة الهادين ، الذين يتأدبون بآدابهم ، وينهجون نهجهم .

فعند ذلك : يهجم بهم العلم على حقيقة الإيمان ، فتستجيب أرواحهم لقادة العلم ، ويستلينون من حديثهم ما استوعر على غيرهم ، ويأنسون بما استوحش منه المكذبون ، وأباه المسرفون .

أولئك : أتباع العلماء ، صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك وتعالى وأوليائه ، ودانوا بالتقية عن دينهم والخوف من عدوهم ، فأرواحهم معلقة بالمحل الأعلى ، فعلماؤهم وأتباعهم خرس صمت في دولة الباطل ، منتظرون لدولة الحق .

وسيحق الله : الحق بكلماته ، ويمحق الباطل ، ها ، ها ، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم .

ويا شوقاه : إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم ، وسيجمعنا الله وإياهم في جنات عدن ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم .

الكافي ج1ص335ح3. خرس صمت: أي لا يقدرون على التكلم بالحق وإعلاء كلمته في دولة الباطل .

يا طيب : بعد أن عرفنا بعض المعرفة عن الإمام المهدي عليه السلام وعلو شأنه وجلالته ، وعرفنا بعض سبب غيبته ، نذكر بعض ، أحوال الدنيا في زمن الغيبة ، وما يجري من الظلم على النبي وآله وشيعتهم من أعداء الهدى الحق ومعادات أئمة الهدى حسدا لما عندهم من الكتاب والحكمة ، ونتعرف على بعض ما أجروا عليهم من البلاء والويلات والمحن طغاة زمانهم، وأنه بظهور الإمام المهدي ترتفع المحن والبلاء ويزول الهم والغم والغصص ، لما يمكنه الله من إقامة العدل والإحسان وينتصف لأوليائه من أعدائهم ، ويفني الجور والعدوان والطغيان ، ويقيم دين الله بالعدل والقسط والبر واللطف والرحمة ولإحسان ، فلنتدبر الشطر الآتي .




شرح معنى الفرج للمنتظر

يا طيب : بعد أن عرفنا معنى الأنتظار ، فلنتعرف على نتيجه وهو الفرج ، المجموع أنتظار الفرج ، أي الإيمان بالله تعالى بأن الأرض يرثها عباده الصالحون دون غيرهم ، والفرج معنى كريم وهو غاية الإنتظار وغرض المنتظر وأمنته القصوى ، وهي كرامة الله للمؤمنين في الدنيا قبل الآخرة ، بل هي جنته في الدنيوية للمؤمن وفرح المتقينين وسرور المخلصين .

فلنتدبر يا موالي : معنى الفرج وحقائقه وما يكون فيها لن حقا عيانا واقع بإذن الله تعالى وفضله ، وهو ظهور إمامنا الثاني والمعصوم الرابع عشر من آل محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، والتمتع بطلعته الرشيدة وغرته الحميدة ، وننال كل غير أعده الله للنبي وآله في الدنيا قبل الآخرة ، من عبوديته بإخلاص دون خوف من أحد ، فضلا عن نزول خيرات السماء والأرض بلا حساب ولا عدد حتى ينتعم المؤمن بكل فضل وخير ونعيم ، وإن شاء الله يجعلنا الله سبحانه وتعالى منهم ، و

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ شرح ما قال :

اللهم عجل لوليك الفرج

و أجعل لنا بظهوره الفرج

ولا تجعل بيننا وبينه الفرج

بل أنصارا له عل الناصبية




الشرح المختصر لمعنى الفرج:

الفرج : فَرَّجَ أفْرَج إفراجا، اللهم عجل لوليك الفرج، طلب العبد من الله سبحانه وتعالى بأن يعجل ظهور ولي أمر دينه وصاحب العصر والزمان الإمام المهدي المنتظر الحجة م ح م د بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب زوج فاطمة الزهراء بنت محمد سيد المرسلين صلى الله عليهم وسلم، ويسمح له بالخروج ويؤيده بالمعجزات لإصلاح العباد والبلاد وكل فاسد من أمور الدين والدنيا ، ويقيم به العدل والقسط بعدما ملئت لأرض ظلما وجورا وفسادا وطغيانا ، وانتظار الفرج والدعاء بتعجيله وطلب ظهور ولي أمر الله مؤكد الاستحباب ، ويدل على حب العدل والإصلاح وظهور ولي أمر الله تعالى ليقيم دينه الحق وهداه الواقعي ، وكما يحب سبحانه ، وبيانه مفصل في الشرح الملحق في الروابط الآتية.

الفرج : وأجعل لنا بظهوره الفرج ، أي فرَّج عنا الشدَّة والهمّ والغمَّ الحاصل بغياب ولي أمر ديننا وأَذْهَبَهُ وأكَشَفَهُ وأزالهُ وخلَّصنا منه بحضوره، وأجعلنا من أنصاره وأعوانه، ومنه: وَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ بِتَعْجِيلِ الْفَرَجِ فَإِنَّ ذَلِكَ فَرَجُكُمْ‏، ودعاء: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَ عَجِّلْ‏ لِوَلِيِّكَ‏ الْفَرَجَ وَ الْعَافِيَةَ وَ النَّصْرَ..

الفَرْجُ: الخَلَلُ بين الشيئين، والجمع فُرُوجٌ، وفرَجَ يَفرِج فَرْجًا فهو فارِج والمفعول مَفْروج وفرَج بين الشَّيئين جعل بينهما فُرْجةً أو شقًّا وسَّع بينهما وباعد بمسافة تفرق بينهم وفَرْجُ الطَّرِيقِ جْوَتُهُ والْجَبَلِ ثَغْرُهُ، والثَّوْبِ : الْفَتْقُ , ونسأل الله أن لا يجعل بيننا وبين ولي أمره في عباده فرقه وتباعد ومسافة مانعة من الاتصال به ، وأن لا يحرمنا صحبته ونصرته والاهتداء بهداه ومعارفه ، كما أبتعد عنه أهل العناد من الضالين والمغضوب عليهم ممن ينكر ظهوره وضرورة وجوده .. والباقي أدناه في الروابط .

ويا طيب : جاء في كثير من الأحاديث استحباب انتظار الفرج والصبر وحب ظهور ولي أمر الله وإمام عصرنا ، لكي يقيم دين الله وهداه الحق والعدل ويصلح ما فسد من أمور الدين والدنيا ، ومن الأدعية الكثيرة نختار بعضها أو قسما منه المتعلق بالدعاء بحب ظهور الفرج لولي أمرنا وإمامنا أبو صالح المهدي المنتظر الحجة بن الحسن عليه السلام ، ومنها :

دعاء الفرج في الأدعية

دعاء الفرج عقيب الظهر :

يَا سَامِعَ : كُلِّ صَوْتٍ ، يَا جَامِعَ كُلِّ فَوْتٍ ، يَ بَارِئَ كُلِّ نَفْسٍ بَعْدَ الْمَوْتِ ، يَا بَاعِثُ يَا وَارِثُ ، يَا سَيِّدَ السَّادَةِ ، يَا إِلَهَ الْآلِهَةِ ، يَا جَبَّارَ الْجَبَابِرَةِ ، يَا مَالِكَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ، يَا رَبَّ الْأَرْبَابِ ، يَا مَلِكَ الْمُلُوكِ ، يَا بَطَّاشُ يَا ذَا الْبَطْشِ الشَّدِيدِ ، أَيْ فَعَّالُ لِما يُرِيدُ ، يَ مُحْصِيَ عَدَدِ الْأَنْفَاسِ وَ نَقْلِ الْأَقْدَامِ، يَا مَنِ السِّرُّ عِنْدَهُ عَلَانِيَةٌ ، يَا مُبْدِئُ يَا مُعِيدُ.

أَسْأَلُكَ " بِحَقِّكَ عَلَى خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَ بِحَقِّهِمُ الَّذِي أَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلَى نَفْسِكَ .

أَنْ تُصَلِّيَ : عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ السَّاعَةَ السَّاعَةَ ، بِفَكَاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ .

وَ أَنْجِزْ : لِوَلِيِّكَ وَ ابْنِ وَلِيِّكَ ، الدَّاعِي إِلَيْكَ بِإِذْنِكَ ، وَ أَمِينِكَ فِي خَلْقِكَ ، وَ عَيْنِكَ فِي عِبَادِكَ ، وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ ، عَلَيْهِ صَلَوَاتُكَ وَ بَرَكَاتُكَ وَعْدَهُ .

اللَّهُمَّ : أَيِّدْهُ بِنَصْرِكَ ، وَ انْصُرْ عَبْدَكَ ، وَ قَوِّ أَصْحَابَهُ‏ وَ صَبِّرْهُمْ ، وَ افْتَحْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً .

وَ عَجِّلْ فَرَجَهُ : وَ أَمْكِنْهُ مِنْ أَعْدَائِكَ ، وَ أَعْدَاءِ رَسُولِكَ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

مصباح المتهجد و سلاح المتعبد ج1ص61.

دعاء الفرج وصلاة الليل :

قال الشيخ الطوسي : في مصباح المتهجد ، فيما ينبغي أن يفعله من غفل عن صلاة الليل ، وبعد ذكره عدة أدعية ، ذكر منها :

يَا اللَّهُ : يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ ، وَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى ، وَ أَمْثَالِكَ الْعُلْيَا ، وَ نِعَمِكَ الَّتِي لَا تُحْصَى ، وَ بِأَكْرَمِ أَسْمَائِكَ عَلَيْكَ ، وَ أَحَبِّهَا إِلَيْكَ ، وَ أَقْرَبِهَا مِنْكَ وَسِيلَةً ، وَ أَشْرَفِهَا عِنْدَكَ مَنْزِلَةً ، وَ أَجْزَلِهَا لَدَيْكَ ثَوَاباً ، وَ أَسْرَعِهَا فِي الْأُمُورِ إِجَابَةً ,

وَ بِاسْمِكَ : الْمَكْنُونِ الْأَكْبَرِ ، الْأَعَزِّ الْأَجَلِّ الْأَعْظَمِ الْأَكْرَمِ ، الَّذِي تُحِبُّهُ وَ تَهْوَاهُ ، وَ تَرْضَى بِهِ عَمَّنْ دَعَاكَ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ ، وَ حَقٌّ عَلَيْكَ ، أَنْ لَا تَحْرِمَ سَائِلَكَ وَ لَا تَرُدَّهُ .

وَ بِكُلِّ اسْمٍ : هُوَ لَكَ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ .

وَ بِكُلِّ اسْمٍ : دَعَاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَ مَلَائِكَتُكَ ، وَ أَنْبِيَاؤُكَ وَ رُسُلُكَ ، وَ أَهْلُ طَاعَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ .

أَنْ تُصَلِّيَ : عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .

وَ أَنْ تُعَجِّلَ : فَرَجَ‏ وَلِيِّكَ‏ وَ ابْنِ وَلِيِّكَ ، وَ تُعَجِّلَ خِزْيَ أَعْدَائِهِ .

و تدعو : بما تحب.

مصباح المتهجد و سلاح المتعبد ج1ص140.

دعاء الفرج بعد صلاة الصبح :

ذكر الشيخ الطوسي : أدعية كثيرة في تعقيبات صلاة الفجر ، ومنه :

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ صِلْنِي بِجَمِيعِ مَا سَأَلَكَ عِبَادُكَ الْمُؤْمِنُونَ أَنْ تَصِلَهُمْ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ ، وَ اصْرِفْ عَنِّي جَمِيعَ مَا سَأَلَكَ عِبَادُكَ الْمُؤْمِنُونَ أَنْ تَصْرِفَهُ عَنْهُمْ مِنَ السُّوءِ وَ الرَّدَى ، وَ زِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ وَ وَلِيُّهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ .

وَ عَجِّلْ : فَرَجَهُمْ‏ وَ فَرَجِي‏ ، وَ فَرِّجْ عَنْ كُلِّ مَهْمُومٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْزُقْنِي نَصْرَهُمْ ، وَ أَشْهِدْنِي أَيَّامَهُمْ ، وَ اجْمَعْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ، وَ اجْعَلْ مِنْكَ عَلَيْهِمْ وَاقِيَةً حَتَّى لَا يَخْلُصَ إِلَيْهِمْ إِلَّا بِسَبِيلِ خَيْرٍ ، وَ عَلَى مَنْ مَعَهُمْ ، وَ عَلَى شِيعَتِهِمْ وَ مُحِبِّيهِمْ ، وَ عَلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَ عَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ ، فَإِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ .... .

مصباح المتهجد و سلاح المتعبد ج1ص226 .

دعاء الفرج بقنوت الوتر والجمعة

و روى حريز : عن زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السام قال : في قنوتك يوم الجمعة تقول قبل دعائك لنفسك :

اللَّهُمَّ : تَمَّ نُورُكَ فَهَدَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا ، وَ عَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا ، وَ بَسَطْتَ يَدَكَ فَأَعْطَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا ، وَجْهُكَ أَكْرَمُ الْوُجُوهِ ، وَ جَاهُكَ أَكْرَمُ الْجَاهِ ، وَ جِهَتُكَ خَيْرُ الْجِهَاتِ ، وَ عَطِيَّتُكَ أَفْضَلُ الْعَطِيَّاتِ ، وَ أَهْنَؤُهَا تُطَاعُ رَبَّنَا فَتُشْكَرُ ، وَ تُعْصَى رَبَّنَا فَتَغْفِرُ لِمَنْ شِئْتَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ

تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ : وَ تَكْشِفُ الضُّرَّ ، وَ تُنَجِّي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ، وَ تَقْبَلُ التَّوْبَةَ ، وَ تَشْفِي السَّقِيمَ‏ ، وَ تَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ‏ ، لَا يَجْزِي أَحَدٌ بِآلَائِكَ ، وَ لَا يَبْلُغُ نَعْمَاءَكَ قَوْلُ قَائِلٍ .اللَّهُمَّ : إِلَيْكَ رُفِعَتِ الْأَصْوَاتُ ، وَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ ، وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ ، وَ رُفِعَتِ الْأَيْدِي ، وَ دُعِيَتْ بِالْأَلْسُنِ ، وَ تُقُرِّبَ‏ إِلَيْكَ بِالْأَعْمَالِ . رَبَّنَا : اغْفِرْ لَنَا وَ ارْحَمْنَا ، وَ افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ ، وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ . ‏ اللَّهُمَّ : إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ‏ فَقْدَ نَبِيِّنَا ، وَ غَيْبَةَ وَلِيِّنَا ، وَ شِدَّةَ الزَّمَانِ عَلَيْنَ ، وَ وُقُوعَ الْفِتَنِ ، وَ تَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ ، وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَ ، وَ قِلَّةَ عَدَدِنَا .

فَافْرَجْ‏ ذَلِكَ : يَا رَبِّ عَنَّا ، بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ ، وَ نَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ .

وَ إِمَامِ عَدْلٍ : تُظْهِرُهُ إِلَهَ الْحَقِّ آمِينَ .

ثم تقول سبعين مرة :

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّي وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ .

مصباح المتهجد ج‏1ص366 . الأمالي للطوسي ص432ح971- 28 . وقال في أوله قال أبو جعفر الباقر عليه السلام : القنوت في الوتر كقنوتك يوم الجمعة، تقول في دعاء القنوت .

دعاء الفرج للبقاء في الدنيا :

قال أبن طاووس في فلاح السائل :

و من مهمات من يريد طول البقاء : أن يكون من تعقيبه بعد كل صلاة :

ما رواه : جميل بن دراج قال:

دخل رجل : على أبي عبد الله الصادق عليه السلام ,

فقال له : يا سيدي ، علت سني ، و مات أقاربي ، و إني خائف أن يدركني الموت و ليس لي من آنس به و أرجع إليه .

فَقَالَ لِي عليه السلام : مِنْ إِخْوَانِكَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ نَسَباً أَوْ سَبَباً وَ أُنْسُكَ بِهِ ، خَيْرٌ مِنْ أُنْسِكَ بِقَرِيبٍ .

وَ مَعَ‏ هَذَا : فَعَلَيْكَ بِالدُّعَاءِ ، وَ أَنْ تَقُولَ فِي عَقِيبِ كُلِّ فَرِيضَةٍ :

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .

اللَّهُمَّ : إِنَّ الصَّادِقَ قَالَ : إِنَّكَ قُلْتَ :

مَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْ‏ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ

كَتَرَدُّدِي فِي قَبْضِ رُوحِ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ

يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَ أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ

وَ عَجِّلْ‏ لِوَلِيِّكَ‏

الْفَرَجَ وَ الْعَافِيَةَ وَ النَّصْرَ

وَ لَا تَسُؤْنِي : فِي نَفْسِي ، وَ لَا فِي أَحَدٍ مِنْ أَحِبَّتِي .

إن شئت : أن تسميهم واحدا واحدا فافعل ، و إن شئت متفرقين ، و إن شئت مجتمعين .

قال الرجل : و الله عشت حتى سئمت الحياة .

قال أبو محمد : هارون بن موسى رحمه الله ، إن محمد بن الحسن بن شمون البصري ، كان يدعو بهذا الدعاء ، فعاش مائة و ثمان و عشرين سنة في خفض ، إلى أن مل الحياة فتركه ، فمات رحمه الله .

فلاح السائل و نجاح المسائل لأبن طاووس ص167 ، وفي البلد الأمين و الدرع الحصين ص13.

خفض العيش : العافية والسعة في الرزق . وقريب منه مع أدعية أخرى في المصباح للكفعمي ص24ف5فيما يقال عقيب كل فريضة.

الدعوات للراوندي ص134ح 332 فصل في فنون شتى من حالات العافية و الشكر عليها . وقال قالوا : من قال ذلك في دبر كل صلاة فريضة ، عاش حتى مل الحياة .

وفي بحار الأنوار ج‏83ص7ح7 قال : وذكره في مكارم الأخلاق ، و دعوات الراوندي، و مصباح الشيخ، و جنة الأمان، و البلد الأمين‏ ، روي‏ أن من دعا بهذا الدعاء عقيب كل فريضة و واظب على ذلك عاش حتى يمل الحياة ، و في المكارم : إن رسولك الصادق المصدق صلواتك عليه و آله قال ، و في البلد الأمين اللَّهُمَّ إِنَّ الصَّادِقَ الْأَمِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ ، و المصباح موافق للمتن.

ثم قال : في بيان معنى أن الله لا يتردد في شيء فاعله لأنه أمره حتما مقضيا كيف يشاء .

قال بيان : قيل في التردد الوارد في الخبر وجوه :

الأول : أن في الكلام إضمارا ، و التقدير لو جاز علي التردد ما ترددت في شيء كترددي في وفاة المؤمن.

الثاني: أنه لما جرت العادة بأن يتردد الشخص في مساءة من يحترمه و يوقره كالصديق و الخل ، و أن لا يتردد في مساءة من ليس له عنده قدر و لا حرمة كالعدو و المؤذيات ، صح أن يعبر بالتردد و التواني في مساءة الرجل من توقيره و احترامه ، و بعدمها عن إذلاله و احتقاره ، فالمعنى ليس لشيء من مخلوقاتي عندي قدر و حرمة كقدر عبدي المؤمن و حرمته ، فالكلام من قبيل الاستعارة التمثيلية.

الثالث : أنه قد مر أن الله سبحانه يظهر للعبد المؤمن عند الاحتضار من اللطف و الكرامة و البشارة بالجنة ما يزيل عنه كراهة الموت ، و يوجب رغبته في الانتقال إلى دار القرار ، فيقل تأذيه به و يصير راضيا بنزوله راغبا في حصوله ، فأشبهت هذه المعاملة معاملة من يريد أن يؤلم حبيبه ألما يتعقبه نفع عظيم ، فهو يتردد في أنه‏ كيف يوصل ذلك الألم إليه على وجه يقل تأذيه به ، فلا يزال يظهر له ما يرغبه فيما يتعقبه من اللذة الجسيمة إلى أن يتلقاه بالقبول.

و قوله : يكره الموت جملة مستأنفة ، كأن سائلا يسأل ما سبب التردد ، فأجيب بذلك و يحتمل الحالية من المؤمن ، و المساءة مصدر ميمي من ساءه إذا فعل به ما يكرهه.

قوله عليه السلام : و إن شئت متفرقين ، أي فرقت الأحبة على الصلوات ، و إن شئت مجتمعين أي ذكرت الجميع في كل صلاة ، أو التفرق إعادة الفعل أعني لا تسؤني في كل واحد و الاجتماع عدمها أو الأول ذكرهم أفرادا و الثاني ذكرهم أصنافا إذ المراد بالأول ذكر بعضهم على الخصوص و بعضهم على العموم و بالثاني ذكر جميعهم على العموم بلفظ واحد كما في أصل الدعاء و في المصباح هكذا في نفسي و ل في أهلي و لا في مالي و لا في أحد من أحبتي.

و روي لطول العمر: هذا الدعاء، بعد الفرائض: (اللهم إنّ رسولك الصّادق المصدّق قال: إنك قلت: ما تردّدت في شيء أنا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن، يكره الموت، و أكره مساءته، اللهم فصلّ على محمد و آل محمد، و عجّل‏ لوليّك‏ بالفرج و العافية و النّصر، و لا تسوؤني في نفسي و لا في أحد ممّن أحبّني) و يسمي من أراد.

دعاء بالفرج في دعاء الطريق :

اللَّهُمَّ : إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ : ,,,,

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ الْأَئِمَّةِ الْهُدَى الْمَهْدِيِّينَ وَ الْحُجَّةِ عَلَى خَلْقِكَ ، وَ الْأَدِلَّاءِ عَلَى سَبِيلِكَ ، وَ الْبَابِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى ، وَ التَّرَاجِمَةِ لِوَحْيِكَ ، كَمَ سَنُّوا سُنَّتَكَ ، النَّاطِقِينَ بِحِكْمَتِكَ ، وَ الشُّهَدَاءِ عَلَى خَلْقِكَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ الْمُنْتَظِرِ أَمْرَكَ ، الْمُنْتَظَرِ لِفَرَجِ‏ أَوْلِيَائِكَ .

اللَّهُمَّ : اشْعَبْ بِهِ الصَّدْعَ ، وَ ارْتُقْ بِهِ الْفَتْقَ ، وَ أَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ ، وَ أَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ ، وَ زَيِّنْ بِطُولِ بَقَائِهِ الْأَرْضَ ، وَ أَيِّدْهُ بِنَصْرِكَ ، وَ انْصُرْهُ بِالرُّعْبِ ، وَ قَوِّ نَاصِرَهُمْ .

وَ اخْذُلْ خَاذِلَهُمْ : وَ دَمْدِمْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُمْ ، وَ دَمِّرْ عَلَى مَنْ غَشَّهُمْ ، وَ اقْصِمْ بِهِمْ رُءُوسَ الضَّلَالَةِ وَ شَارِعَةَ الْبِدَعِ وَ مُمِيتَةَ السُّنَّةِ ، وَ الْمُتَعَزِّزِينَ بِالْبَاطِلِ ، وَ أَعِزَّ بِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ أَذِلَّ بِهِمُ الْكَافِرِينَ وَ الْمُنَافِقِينَ وَ جَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ وَ الْمُخَالِفِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ......

إقبال الأعمال ج1ص283 .




انتظار الفرج في الأحاديث

يا طيب : انتظار الفرج : أي الترقّب و التهيّؤ له بحيث يصدق عليه اسم المنتظر و المترقّب، و ليس معناه ترك السعي و العمل لأنه ينافى معنى الجهاد ويكون يأس من روح الله ولا يكون الإنسان في عباده من لم يتوجه لله تعالى أن يخلصه من محنه ، وبالخصوص محنة الأمة والمؤمنين بغيبة وليهم ، وانتظار الفرج وبالخصوص انتظار ظهور إمام العصر يكون أفضل العبادة وجهاد في سبيل الله تعالى كما نصت عليه الأحاديث الكثيرة ومنها :

أنتظار الفرج أفضل وأحب الأعمال :

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله :

أَفْضَلُ : جِهَادِ أُمَّتِي انْتِظَارُ الْفَرَجِ .

تحف العقول ص37 .

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :

أَفْضَلُ : أَعْمَالِ أُمَّتِي انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

كمال الدين و تمام النعمة ج2ص644ب55ح3 .

قال أمير المؤمنين عليه السلام :

انْتَظِرُوا الْفَرَجَ‏ : وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‏ .

فَإِنَّ أَحَبَّ : الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ .

انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏ : مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُ.

عيون الحكم و المواعظ ص 93ف4ح2177 .

وقال عليه السلام :

أَفْضَلُ : عَمَلِ الْمُؤْمِنِ ، انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏ .....

تحف العقول ص111 .

قال أمير المؤمنين عليه السلام :

أَوَّلُ الْعِبَادَةِ : انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏ بِالصَّبْرِ.

عيون الحكم و المواعظ ص125ف9ح 2858

وعن الإمام : علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ :

مَنْ رَضِيَ : مِنَ اللَّهِ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ ، رَضِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْعَمَلِ .

وَ انْتِظَارُ : الْفَرَجِ‏ عِبَادَةٌ.

الأمالي للطوسي ص405ب14 .

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم :

أَفْضَلُ : أَعْمَالِ أُمَّتِي ، انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏ ؟

وَ لَا يَزَالُ شِيعَتُنَا : فِي حُزْنٍ ، حَتَّى يَظْهَرَ وَلَدِي الَّذِي بَشَّرَ بِهِ النَّبِيُّ ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَ مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً .

فَاصْبِرْ : يَا شَيْخِي يَا أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ ، وَ أْمُرْ جَمِيعَ شِيعَتِي بِالصَّبْرِ .

فَإِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ‏ .

وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ : وَ عَلَى جَمِيعِ شِيعَتِنَا وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ.

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج4ص426 .

و عن أمير المؤمنين عليه السلام قال :

‏ أَفْضَلُ : الْعِبَادِةِ الصَّبْرُ وَ الصَّمْتُ ، وَ انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏.

تحف العقول ص201 .

قال علي بن الحسين عليه السلام :

انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏ : مِنْ أَعْظَمِ الْفَرَجِ ‏.

كمال الدين و تمام النعمة ج‏1ص319ح2 .

لأنه يا طيب : يحكي معنى أنه هون بي أنه الإيمان بالإمامة والإمام وغيبته بعين الله ورعايته ، وأنه الله تعالى يعرف أني مؤمن به وبتقديره وقضاءه في تغييب وليه حتى تحين مصلحة ظهوره ، وهذا ما يوجب الطمأنينة والسكينة . وسيأتي الحديث في شرح أبوذية منتظر .

وعن الإمام الكاظم عليه السلام :

وَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ : بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ ، انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏ .

وَ مَنْ دَعَا : قَبْلَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ، كَانَ كَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ بِلَا وَتَرٍ .

تحف العقول ص403 .

انتظار الفرج من محض الإسلام :

عن الفضل بن شاذان قال: سأل المأمون علي بن موسى الرضا عليه السلام ، أن يكتب له محض الإسلام على سبيل الإيجاز و الاختصار .

فكتب عليه السلام له : أَنَّ مَحْضَ الْإِسْلَامِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ...

وَ مَنْ مَاتَ : وَ لَمْ يَعْرِفْهُمْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ، وَ أَنَّ مِنْ دِينِهِمُ الْوَرَعَ وَ الْعِفَّةَ وَ الصِّدْقَ وَ الصَّلَاحَ وَ الِاسْتِقَامَةَ وَ الِاجْتِهَادَ وَ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ إِلَى الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ ، وَ طُولَ السُّجُودِ وَ صِيَامَ النَّهَارِ وَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَ اجْتِنَابَ الْمَحَارِمِ .

وَ انْتِظَارَ الْفَرَجِ‏ : بِالصَّبْرِ ، وَ حُسْنَ الْعَزَاءِ ، وَ كَرَمَ الصُّحْبَةِ ، ثُمَّ الْوُضُوءُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى .....

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص121ب35ح1 .

وعن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام : قال: سمعته يقول‏ :

ما أحسن الصبر : و انتظار الفرج‏ .

أ ما سمعت : قول العبد الصالح { فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ‏ (71) } الأعراف.

تفسير العياشي ج2ص20ح52 .

و عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال‏ :

سألته : عن شي‏ء في الفرج ؟

فقال عليه السلام : أ و ليس تعلم أن انتظار الفرج‏ من الفرج .

إن الله يقول: { فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ‏ } .

تفسير العياشي ج2ص138ح50 .

و عن محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال‏ :

سألته : عن انتظار الفرج‏ ؟

فقال عليه السلام : أ و ليس تعلم أن انتظار الفرج‏ من الفرج .

ثم قال عليه السلام : إن الله تبارك و تعالى يقول { وَ ارْتَقِبُو إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ‏ (93) } هود.

تفسير العياشي ج2ص159ح62 .

عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : قال الإمام الرضا عليه السلام :

مَا أَحْسَنَ : الصَّبْرَ وَ انْتِظَارَ الْفَرَجِ‏ ؟

أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ : {وَ ارْتَقِبُو إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ‏ } { فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ‏ } .

فَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ : فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَجِي‏ءُ الْفَرَجُ عَلَى الْيَأْسِ ، فَقَدْ كَانَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَصْبَرَ مِنْكُمْ.

كمال الدين و تمام النعمة ج2ص645ب55ح5 .

في جواب أمير المؤمنين عليه السلام للشامي حيث :....

قَالَ له : فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟

قَالَ عليه السلام : انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏ ......

معاني الأخبار ص197ح3 .

عنه عن ابن أسباط عن الحسن بن الجهم قال: سألت أبا الحسن الكاظم عليه السلام : عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْفَرَجِ ؟

فَقَالَ عليه السلام :

أَ وَ لَسْتَ تَعْلَمُ : أَنَّ انْتِظَارَ الْفَرَجِ‏ مِنَ الْفَرَجِ .قُلْتُ : لَا أَدْرِي إِلَّا أَنْ تُعَلِّمَنِي .

فَقَالَ عليه السلام : نَعَمْ انْتِظَارُ الْفَرَجِ‏ مِنَ الْفَرَجِ.

.الغَيبة للطوسي ص459 .

عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

أقرب : ما يكون العباد من الله جل ذكره ، و أرضى ما يكون عنهم ، إذا افتقدوا حجة الله جل و عز و لم يظهر لهم ، و لم يعلموا مكانه ، و هم في ذلك يعلمون ، أنه لم تبطل حجة الله جل ذكره و لا ميثاقه .

فَعِنْدَهَا : فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ‏ صَبَاحاً وَ مَسَاءً

فإن أشد : ما يكون غضب الله على أعدائه ، إذا افتقدوا حجته ، و لم يظهر لهم ، و قد علم أن أولياءه لا يرتابون ، و لو علم أنهم يرتابون م غيب حجته عنهم طرفة عين ، و لا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس.الكافي ج1ص333ح1 .

قال الإمام الباقر علي بن محمد عليه السلام :

حَدِيثُنَا : صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ ، لَا يَحْتَمِلُهُ إِلَّ : مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، أَوْ مُؤْمِنٌ مُمْتَحَنٌ ، أَوْ مَدِينَةٌ حَصِينَةٌ .

فَإِذَا وَقَعَ أَمْرُنَا : وَ جَاءَ مَهْدِيُّنَا ، كَانَ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِنَا أَجْرَى مِنْ لَيْثٍ ، وَ أَمْضَى مِنْ سِنَانٍ ، يَطَأُ عَدُوَّنَ بِرِجْلَيْهِ ، وَ يَضْرِبُهُ بِكَفَّيْهِ ، وَ ذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِ رَحْمَةِ اللَّهِ ، وَ فَرَجِهِ‏ عَلَى الْعِبَادِ.

بصائر الدرجات ج1ص24ب11ح17 .




انتظار الفرج في الزيارة:

زيارة الإمام الرضا ودعاء الفرج :

عن محمد : بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمي رضي الله عنه في كتابه المترجم بالجامع‏ : إذا أردت زيارة قبر أبي الحسن الرضا عليه السلام فاغتسل ، و قل :

اللَّهُمَّ : طَهِّرْنِي وَ طَهِّرْ قَلْبِي وَ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ، وَ أَجْرِ عَلَى لِسَانِي مِدْحَتَكَ وَ الثَّنَاءَ عَلَيْكَ ، فَإِنَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ ا، للَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِي طَهُوراً وَ شِفَاءً وَ نُوراً ..... وبعد التوجه لله : بالدعاء والثناء لله والشهادة لرسوله وأولياءه وذكر المعصومين عليهم السلام كلهم قال :

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى حُجَّتِكَ ، وَ وَلِيِّكَ‏ الْقَائِمِ فِي خَلْقِكَ ، صَلَاةً تَامَّةً نَامِيَةً بَاقِيَةً .

تُعَجِّلُ بِهَا : فَرَجَهُ‏ وَ تَنْصُرُهُ .

وَ تَجْعَلُنَا مَعَهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ .

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِحُبِّهِمْ ، وَ أُوَالِي وَلِيَّهُمْ ، وَ أُعَادِي عَدُوَّهُمْ ، فَارْزُقْنِي بِهِمْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ، وَ اصْرِفْ عَنِّي بِهِمْ شَرَّ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ، وَ اكْفِنِي أَهْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ......

كامل الزيارات ص308ب2ح2 . من لا يحضره الفقيه ج‏2ص604 ، تهذيب الأحكام ج6ص85ح170- 6 .

زيارة العسكريين ودعاء الفرج :

السَّلَامُ عَلَيْكُمَا : يَا وَلِيَّيِ‏ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا حُجَّتَيِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا نُورَيِ اللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ ...

اللَّهُمَّ : عَجِّلْ فَرَجَ‏ وَلِيِّكَ‏ وَ ابْنَ وَلِيِّكَ‏ ، وَ اجْعَلْ فَرَجَنَا مَعَ فَرَجِهِمْ‏ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

كامل الزيارات ص314ب103ح1 .من لا يحضره الفقيه ج2ص607ح3211 .

الصَّلَاةُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ الْمُنْتَظَرِ:

الصلاة على ولي الأمر المنتظر الحجة بن الحسن عليه السلام : ذكر الشيخ الطوسي رحمه الله : أخبرنا جماعة من أصحابنا ، عن أبي المفضل الشيباني ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد العابد ، بالدالية لفظا .

قال : سألت مولاي ، أبا محمد الحسن بن علي عليه السلام في منزله بسر من رأى ، سنة خمس و خمسين و مائتين ، أن يملي علي : من الصلاة على النبي و أوصيائه ، و أحضرت معي قرطاسا كثيرا ، فأملى علي لفظا من غير كتاب :

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ وَ ابْنِ أَوْلِيَائِكَ ، الَّذِينَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ ، وَ أَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ ، وَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً .

اللَّهُمَّ : انْصُرْهُ وَ انْتَصِرْ بِهِ لِدِينِكَ ، وَ انْصُرْ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ وَ أَوْلِيَاءَهُ وَ شِيعَتَهُ وَ أَنْصَارَهُ ، وَ اجْعَلْنَ مِنْهُمْ .

اللَّهُمَّ : أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ كُلِّ طَاغٍ وَ بَاغٍ ، وَ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ خَلْقِكَ ، وَ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ ، وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ ، وَ احْرُسْهُ وَ امْنَعْهُ أَنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ بِسُوءٍ ، وَ احْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَ آلَ رَسُولِكَ‏ ، وَ أَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ ، ، وَ أَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ ، وَ انْصُرْ نَاصِرِيهِ ، وَ اخْذُلْ خَاذِلِيهِ .

وَ اقْصِمْ بِهِ : جَبَابِرَةَ الْكَفَرَةِ ، وَ اقْتُلْ بِهِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنَافِقِينَ ، وَ جَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ ، حَيْثُ كَانُو مِنْ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا ، وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا ، وَ سَهْلِهَ وَ جَبَلِهَا .

وَ امْلَأْ بِهِ الْأَرْضَ : عَدْلًا ، وَ أَظْهِرْ بِهِ دِينَ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ .

وَ اجْعَلْنِي اللَّهُمَّ : مِنْ أَنْصَارِهِ وَ أَعْوَانِهِ ، وَ أَتْبَاعِهِ وَ شِيعَتِهِ ، وَ أَرِنِي فِي آلِ مُحَمَّدٍ مَا يَأْمُلُونَ ، وَ فِي عَدُوِّهِمْ مَا يَحْذَرُونَ ، إِلَهَ الْحَقِّ رَبَّ الْعَالَمِينَ آمِينَ.

جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع ص493 . وذكرت الصلاة في عدة مصادر أخرى من كتب الأدعية وذكرنا الصلاة كاملة مع المصادر في صحيفة الإمام الحسن العسكري عليه السلام.

بظهوره ينشر العدل ويزول الظلم والغصص و المهدي

يا طيب : نستمر ببيان معنى المهدي وما يقاربة في اللفظ وله معنى يتعلق بظهور الإمام المهدي عليه السلام ، فنبين كلمة المهدي بتركبها من الم هدي.

معنى الم هدي غصص هدأت :

المهدي : الم هدي ، الألم الوجع ، وهدي هدأ ، وباللهجة العراقية هدّي أطمئن وأسكن وأستقر أو يواشك ، وهدأ تقلب الألف المهموزة في آخر الكلمة بالعامية إلى ياء فتكون هدي ، كجاء جاي ، أو مثل ما رأيك شنو رايك فتخفف ، أو تقلب الألف هاء مثل محمدنا محمدنه ورضانا رضانه وغيرها كالضرورة الشعرية لثقل الهمزة والألف في آخر بعض الكلمات على اللسان ، فبظهور الإمام المهدي عجله الله ورزقنا رؤيته ، الآلام تهدأ والنفوس تطمئن بوعد الله وتفرح بنصره لعباده المؤمنين ، تهدي وتهد بل تذبل وتذوب الغصص وتمحى آثارها المؤلمة ويندثر غيظها، فيهدأ البال وتعم الراحة بهديه عليه السلام ، ويزول الحزن وتهدأ الروح بالأفراح والسرور بظهور المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف.

لأنه بطلعته الرشيدة : يفرج الله تعالى عن الهموم في طلب الدنيا ، وتزل الغموم والنصب والتعب من خوف فوت زينتها ، وتهدأ النفوس من الحرص على مقتنياتها وزخرفها ، ويزول الشح من بني البشر فيطلبوا بما عندهم الآخرة ونعيمه بجد ، لأنهم يرون عظمة الله وقدرته بنصره لوليه وإنه على كل شيء قدير ، وإن م وعد الله من النصر وظهور الأمر حقا قائما ، وأن الآخرة هي دار الحيوان والحياة السعيدة الأبدية وفيها النعيم الدائم ، وإن ولي أمر الله فيهم بحق اليقين يقيم العدل ويبيد الجور والظلم والعدوان ، وينشر الرحمة والبر والخير والبركات ، ويُهلك أهل التعسف والطغيان ، ويمنع غاصبي حقوق بني الإنسان من غيهم وجبروتهم ، فيعم الإنصاف وينتشر البر والإحسان ، فيهدأ بني الإنسان بما بروا من الآيات الباهرة بظهوره ، والبراهين المعجزة بتجلي نوره عليه اسلام .

والمهدي : ألم هدي .

الم : الأَلَم‏ الوَجَع ، و هو الإحساس بالمنافي للطّبيعة من حيث هو مُنافٍ ، و الجمع آلام‏ ، و قد أَلِمَ‏ الرّجُل يَأْلَمُ‏ أَلَماً، وهو أَلِمٌ‏ و الأَلِيمُ‏ الموجِع .

قال الله تعالى : { فَإِنَّهُمْ‏ يَأْلَمُونَ‏ كَما تَأْلَمُونَ‏ (104)} النساء ، يتوجعون ، و قد آلَمْتُ‏ فلانا أوجعته ، و عذاب‏ أَلِيمٌ‏ أي مؤلم لأعداء الله ، وبظهور المهدي عليه السلام تزول كل الآلام والغصص إن شاء الله تعالى .

وهدي : هَدَأَ يَهْدَأُ هُدُوءاً ، أي: سكن من صوت أو حركة ، و هَدَأَ فلان بالمكان‏ ، أي أقام به، وأتانا بعد هُدُوءٍ من الليل أي حين سكن الناس ، رجل‏ هَادِئٌ‏ وديع ساكن، ذو هَدْءٍ و سكون .

قال ابنُ هَرْمَةَ :

لَيْتَ السِّبَاعَ لَنَا كَانَتْ مُجَاوِرَةً __ و أَنَّنَا لَا نَرَى مِمَّنْ نَرَى أَحَدَا

إِنَّ السِّبَاعَ لَتَهْدَي عَنْ فَرَائِسِهَ __ و النَّاسُ لَيْسَ‏ بِهَادٍ شَرُّهُمْ أَبَدَا

أَرَادَ : لَتَهْدَأُ، و بِهَادِئٍ‏، فأَبدَلَ الهمزةَ إِبْدَالً صحيحاً، و ذلك أَنه جَعلَها ياءً، فأَلحَقَ‏ هَادِئاً ، و هَدَأَ عَنْهُ : سَكَنَ‏ ، و هَدَأَ بِالمَكَان أَقَامَ‏ فسَكَن، و تَسَاقَطُوا إِلى بَلَدِ كَذَ فَهَدُؤُوا ، أَي أَقامُوا، و هو مجازٌ.

نَظَرْت : إلى‏ هَدْئِهِ‏ بالهمز، هو السِّيرَةُ، كالهَدْيِ‏ بالياءِ، و إِنَما أَسْقَطُوا الهمزةَ فجعَلُوا مكانها الياءَ، و أَصْلُهَا الهمزُ، من‏ هَدَأَ يَهْدَأُ إِذا سَكَنَ .

مواعظ الحق وظهور المهدي:

يا طيب : عند ظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ، تكون النصائح حقائق ، ومن كان يعتقدها دعاوي بعيدة الأجل ، يراها قريبة حقيقة العجل ، وما كان يظنه من أمر الآخرة أو يتغافل عنه يسعى له بجد لأنه بما يرى من براهين ظهور عين القين أو حق اليقين ، كما عليه أهل الزهد والصابرين في جنب الله من علم اليقين اليوم ، أو أعلى لمن هم من أهل الله وربانيي آياته ، فتكون النصيحة بحقائق وقائع الدنيا ، ويراها صادقة بحوادث جريان الظهور ، فيعتقد بها من وفقه الله لدينه ممن في قلبه قليل من طلب الحق فيؤمن بها بجد ، ويتبعه المنصف نفسه ممن يحب له النجاة والسعادة الأبدية ، فتكون عنده مثل هذه النصائح بمثل ما لأهل يقين بمرتبة من مراتبه ، فيهدأ باله عن الجشع في الدنيا وطلبها من غير حلها ، فيزول المكر والحيلة والظلم من الأغلب الأعم من بني البشر ، ومن يتجبر ويطغى يباد ويزول بما يؤيد الله وليه بالملائكة والآيات المعجزة ، فيبقى المؤمنون حقا ، لأنه مثل هذه المواعظ الدنيوية صارت حقيقة ، وكلمات جوامع الحكم في ذم الدنيا المحرمة والحرص عليها ، وتخرج من كونها فقط حكم نظرية إلى حكم عملية ، منها :

قول مولى الموحدين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب :

أَيُّهَا النَّاسُ : إنكم في هذه الدار أغراض ، تنتضل فيكم المنايا ، لن يستقبل أحد منكم يوما جديدا من عمره ، إلا بانقضاء آخر من أجله .

فَأَيَّةُ أُكْلَةٍ : لَيْسَ فِيهَا غُصَصٌ‏ ، أَمْ أَيُّ شَرْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا شَرَقٌ .

اسْتَصْلِحُوا : مَا تَقْدَمُونَ عَلَيْهِ بِمَا تَظْعَنُونَ عَنْهُ ، فَإِنَّ الْيَوْمَ غَنِيمَةٌ ، و غدا لا تدري لمن هو ، أهل الدنيا سفر يحلون عقد رحالهم في غيرها ، قد خلت منا أصول نحن فروعها فما بقاء الفرع بعد أصله ، أين الذين كانوا أطول أعمارا منكم و أبعد آمالا .

أَتَاكَ : يَا ابْنَ آدَمَ مَا لَا تَرُدُّهُ ، وَ ذَهَبَ عَنْك ، فلا تعدن عيشا منصرفا ، عيشا ما لك منه إلا لذة تزدلف بك إلى حمامك و تقربك من أجلك ، فكأنك قد صرت الحبيب المفقود ، و السواد المخترم .

فعليك بذات نفسك . و دع ما سواها ، و استعن بالله يعنك.

تحف العقول ص299 .

في طلب : ما عند الله من النعيم الدائم ، بالصبر على الطاعات وتحمل النوائب وعدم الجزع من المصائب ، وكن كاظم للغيظ عافا عن الناس والله يحب المحسنين ، يهدأ بالك تطمئن نفسك ، وتزول آلام وحسرات نفسك ، ويذهب الهم والغم من لبك ويتنور عقل ، وتعلم وتعمل لله تعالى ، وهذ بعينه يكون موعظة حقيقة وحكمة علمية وعملية حين ظهور الإمام المهدي عليه السلام .

وبهذا : ترى تهدأ النفوس وتطمئن ، وتذهب حسرات الحسد والغبطة أيضا ، فيرى أنه بما عنده في خير ورحمة ، فصبره يكون عين ما يرى من الثواب ، وكظم غيظه يكون عين العفو والرأفة ، ويرى معروفه كرامة وحسنة وأفضل ما يقتني لنفسه ، فلا يرى نفسه خسر شيء وإن زويت الدنيا عنه نوعا ما ، على آنه في زمانه عليه السلام تظهر الخيرات فتعم الدنيا كما سترى فيكون الناس في فرح وسرور ولا ألم من مظلومية ولا غصة وحسرة على دينا ، فكل ألم هدي وهدأ .

الابتلاء من سنن الله ليظهر أفضل الخلق :

يا طيب : عرفنا أن الابتلاء والامتحان والاختبار للعباد ليظهر الطيب من الخبيث وليميز بين المؤمنين والمنافقين ، وليعلم المجاهدين الصابرين الشاكرين ، ممن يعبد الله على حرف من المنقلبين على الهدى بأقل زلة نعيم وأن تمحيص في ضيق المعيشة أو مرض أو قتل وما شابه من بلاء الدنيا ، أو يترف في زينة الحياة الدني فيغتر ويطغى إن رءاه استغنى ويهجر العلم والعمل بالهدى الحق ، ويرجح مصالح الدني على الآخرة ، وشهوة فانية على نعيم دائم ، وعرفنا أن الله يبتلي العباد ليظهر أحسنهم وهو إمامهم ، وإن المؤمنين هم الذين يمحصون ويغربلون ، حتى يصفى المخلصون ، والآن نذكر بعض هذا المعنى من الابتلاء الإلهي بطبقة من المؤمنين دون الإمام بعد أن عرفنه للإمام بل تشمل الإمام أيضا ، ولنعرف أن ما يجري بالغيبة من البلاء والفتن على الشيعة أو أئمتهم هو من سنن الله في تصفية عباده واصطفائه لعبادته ونعيمه الدائم بذكر بعض الآيات .

قال الله تعالى :

{ هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ (138)

وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139)

إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ

وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ

وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ

وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء

وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)

وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ

وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)

أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ

وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ

وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) } آل عمران .

آيات كريمة : تدعو للصبر حين تمس الضراء عباد الله ، وحين تحزنه آلام أقراح وشدائد الدنيا والمعاندين لهم من الأعداء ومكرهم ، فتُعلم على ظهر الواقع وتظهر حقيقة ثبات المؤمنين ، وعرفنا أن في الابتلاء الإلهي للمؤمنين تشتد المحن على كل طبقة تصعد درجة في الإيمان ، حتى يبقى الإمام في أعلى الدرجات ابتلاء أي إيمان ، وأكد سبحانه هذا المعنىفي الآية أعلاه ، فقال ويتخذ من المؤمنين الفائزين الشهداء أي الإمام ، وهو شهيد الأعمال ، وقد شرحنا هذا المعنى مفصلا في شرح أبوذية علينا وعرفنا أن شهداء يوم القيامة هم الأئمة ، والله لا يحب من ظلمهم ولا من ظلم شيعتهم المؤمنين الذين عبروا وفازوا ولو بدرجة من درجات الإيمان وخرجو من درجات الكافرين بنعمة الهداية وسلكوا الصراط المستقيم لأئمة الولاية ، ولله عاقبة الأمور فيدخل الجنة الثابتين على الهدى الحق ، وتبعوا إمام الهدى ولم يكونو من الضالين ، فجاهدوا أنفسهم ومحن الدنيا وأعداء الله بصبرهم وثباتهم والدفاع عن دينهم وهداهم وإمامهم .

ونفس هذا المعنى : تختصره هذه الآية الكريمة ، في قوله تعالى :

{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ

الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ

وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) } محمد .

والله عالم : ولكن ليتحقق ما علم ، ويظهر لكل العباد صبرهم وثباتهم على الهدى في كل حال ، وبهذا المعنى يشرح الله سبحانه أعلى معاني الابتلاء و الصبر والثبات فقال سبحانه وتعالى :

{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ (154)

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ

مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)

الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156)

أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) } البقرة.

فحقيقة : المهتدي والمهدي بأمر الله تعالى أعلاهم صبرا وثبات ولذا سمي المهدي عليه السلام ، ومن تبعه وأقتدى به ولم يعجز عن ولا يتوانى عن طاعة الله وعبوديته ولم ينقلب ويبقى من الشاكرين لله على كل حال ، وشرحنا معاني الابتلاء في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام بصورة مفصلة .

وبعد أن عرفنا : سبب عدم بقاء الدنيا على حال وفاق ونعيم ظاهر بزينتها للمؤمنين ، وإنه تتداول الأيام بين جميع الناس وعباد الله ، ونذكر بعض ما جرى على الأئمة الطيبين الطاهرين من آل محمد عليهم السلام ، وعلى شيعتهم بمختصر البيان ، حتى نعرف أنه لماذا يرجو ويحب المؤمنون الظهور للإمام المهدي عليه السلام .

ففضلا : عن إقامة الهدى الحق والعدل والإحسان ، سترى أنه يتنعم العباد بالعبودية لله وتفتح لهم بركات الدنيا وتزال كل آلام وغصص المظلومية وأهات حسرات غشم الظالمين وجور الطغاة من المتسلطين بدون حق على المؤمنين والمتحكمين في مقادير الأمور من الفاسدين ، فيظهر الإيمان ويشع نور العبودية ويرفل العباد في فرح راحة العدل والإحسان والتوجه لطلب رضا الله الرحمان وثوابه بكل وجودهم علم وعملا وسيرة ، فيهدأون مطمئنين.




أحاديث جور الأيام على آل محمد :

يا طيب : بظهور الإمام المهدي تخرج الدنيا خيراتها وتنزل السماء بركاتها ، ويرجع الحق لأهله ويقام دين الله ويشكر سبحانه ويعبد بما يحب ويرضا تعالى ، وينشر العدل والإحسان ، ويتم لبني البشر راحة البال وهدوء النفس ويعم الصلاح ، و يفرج‏ الهم‏ ، و يكشف به الكرب ، و يذهب به الغم ، و يبرئ به السقم ، و يجبر به الكسير ، و يغني به الفقير ، و يقضي به الدين ، و يرد به العين ، و يغفر به الذنوب ، و يستر به العيوب ، و يؤمن به كل خائف من شيطان مريد وجبار عنيد ، يرتفع الظلم ويبيد الجور ويزيل معالم الفسوق والعصيان والطغيان .

فإنه يا طيب : لو تتدبر أحول الدنيا من لزمن الأول حتى الآن لأريت المؤمنين مظلومين في أغلب التأريخ ، حتى وإن كان لهم الشأن الكريم والحكومة كما في زمن الإمام عليه السلام ، لأنهم لا يقتصون من المجرم قبل عمله ، ولا يأخذون على الظنة ولا يظلمون ولا يعتدون ولا يخيفون العباد ، فيتجرأ عليهم أهل الطغيان ويعاندهم أهل الفسوق والعصيان ، فتفلت الدنيا لأتباعها ومن يريدها حظا له ، والله يحب الصابرين ويجزي المحسنين الذين أحسنوا به ظنا ، ومن لم يخرجوا عن طاعة إمامهم في أي حال من الأحوال، ولمعرفة هذا المعنى ننظر هذه الأحاديث :

عن جبر بن نوف أبي الوداك قال : قلت لأبي سعيد الخدري :

و الله : ما يأتي علينا عام إلا و هو شر من الماضي ، و لا أمير إلا و هو شر ممن كان قبله .

فقال أبو سعيد : سمعته من رسول الله صلى الله عليه و آله يقول ما تقول .

و لكن سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول :

لَا يَزَالُ بِكُمْ الْأَمْرُ : حَتَّى يُولَدَ فِي الْفِتْنَةِ وَ الْجَوْرِ مَنْ لَا يَعْرِفُ غَيْرَهَا .

حَتَّى يَمْلَأَ : الْأَرْضَ جَوْراً ، فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَقُولُ اللَّهُ .

ثُمَّ يَبْعَثُ‏ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : رَجُلًا مِنِّي وَ مِنْ عِتْرَتِي ، فَيَمْلَأَ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مَلَأَهَا مَنْ كَانَ قَبْلَهُ جَوْراً .

وَ تُخْرِجُ لَهُ الْأَرْضُ : أَفْلَاذَ كَبِدِهَا، وَ يَحْثُو الْمَالَ حَثْواً وَ لَا يَعُدُّهُ عَدّاً .

وَ ذَلِكَ حِينَ يَضْرِبُ الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ‏ .

الأمالي للطوسي ص512م18ح1121-28 .

وجرانه : أي تمكن وثبت و استقرّ، و هو مجاز منقول عن الكناية من قولهم ألقى البعير بجرانه‏ ، إذا برك ، وترى يا طيب جور الأيام من الزمن الأول للإسلام على المؤمنين وتولي الفاسدين ، وقد أخبر بهذا رسول الله صلى الله عليه وآله ، وبشر بظهور المهدي من ولده صلى الله عليهم وسلم أجمعين .

وأما أهم جور : وقع في الدنيا ، فهو حروبهم للنبي ومن قبله حصروا النبي وآل هاشم في الشعب ثلاثة سنوات عجاف ، وبعد تمكن الإسلام وحكم الغاصبين باسمه ، فهذه بعض أعلى مصاديق الظلم والجور على المؤمنين بل أئمتهم عليهم السلام :

جاء في زيارة فاطمة الزهراء عليها السّلام عند بيتها و بالبقيع‏ تَقُولُ:

السَّلَامُ عَلَى : الْبَتُولَةِ الشَّهِيدَةِ ، ابْنَةِ النَّبِيِّ الرَّحْمَةِ، وَ زَوْجِ الْوَصِيِّ الْحُجَّةِ وَ أُمِّ السَّادَةِ الْأَئِمَّةِ، السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ ابْنَةَ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى، السَّلَامُ عَلَيْكِ وَ عَلَى أَبِيكِ، السَّلَامُ عَلَيْكِ وَ عَلَى بَعْلِكِ وَ بَنِيكِ.

السَّلَامُ عَلَيْكِ : أَيَّتُهَا الْمُمْتَحَنَةُ، السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمَظْلُومَةُ الصَّابِرَةُ .

لَعَنَ اللَّهُ : مَنْ مَنَعَكِ حَقَّكِ وَ دَفَعَكِ عَنْ إِرْثِكِ .

وَ لَعَنَ اللَّهُ : مَنْ كَذَّبَكِ وَ أَعْنَتَكِ‏ ، وَ غَصَّصَكِ‏ بِرِيقِكِ ، وَ أَدْخَلَ الذُّلَّ بَيْتَكِ .

لعن الله : من رضي بذلك ، و شايع فيه ، و اختاره و أعان عليه ، و ألحقهم بدرك الجحيم.

إني أتقرب إلى الله سبحانه : بولايتكم أهل البيت ، و البراءة من‏ أعدائكم من الجن و الإنس، و صلى الله على محمد و آله الطاهرين‏ .

المزار الكبير ص83 ح3.

ويا طيب : راجع ما جرى عليها في تأريخها تعرف ما تذكر الزيارة ، وراجع خطبتها الفدكية ترى مظلوميتها وحزنها وغصص آلامها وتوجعها ، وتوجد في توجع أمير المؤمنين عليه السلام في بيان حقهم المغصوب وعدم طاعة الناس لهم كثيرا من الأحاديث ، وهذا واحد منها فيه بيان صبره واحتماله لفتنة غصب الخلافة وسبب سكوته فقال :

...

صَبْراً وَ احْتِسَاباً : وَ يَقِيناً وَ إِشْفَاقاً من أن تفنى عصبة ، تألفها رسول الله باللين مرة و بالشدة أخرى ، و بالبذل مرة ، و بالسيف أخرى .

وأن كان الناس : في السكن و القرار ، و الشبع و الري ، و اللباس و الوطاء و الدثار .

وَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ : لَا سُقُوفَ لِبُيُوتِنَ ، وَ لَا أَبْوَابَ وَ لَا سُورَ إِلَّا الْجَرَائِدُ وَ مَا أَشْبَهَهَا ، وَ لَا وِطَاءَ لَنَا وَ لَا دِثَارَ عَلَيْنَا ، تَدَاوَلْنَا الثَّوْبَ الْوَاحِدَ فِي الصَّلَاةِ أَكْثَرُنَا ، وَ نَطْوِي الْأَيَّامَ وَ اللَّيَالِيَ جُوعاً عَامَّتُنَ .

فَرُبَّمَا أَتَانَا الشَّيْ‏ءُ : مِمَّا أَفَاءَهُ اللَّهُ وَ صَيَّرَهُ لَنَا خَاصَّةً دُونَ غَيْرِنَا ، وَ نَحْنُ عَلَى مَا وَصَفْتُ مِنْ حَالِنَا ، فَيُؤْثِرُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ أَرْبَابَ النِّعَمِ وَ الْأَمْوَالِ ، تَأَلُّفاً مِنْهُ لَهُمْ وَ اسْتِكَانَةً مِنْهُ لَهُمْ .

فكنت : أحق من لم يفرق هذه العصبة التي ألفها رسول الله ، و لم يحملها على الخطة التي لا خلاص لها منها دون بلوغها أو فناء آجالها .

لأني لو نصبت نفسي : فدعوتهم إلى نصرتي كانوا مني و في أمري على إحدى منزلتين ، إما متبع مقاتل ، أو مقتول إن لم يتبع الجميع ، و إما خاذل يكفر بخذلانه إن قصر عن نصرتي ، أو أمسك عن طاعتي .

و قد علم أني منه : بمنزلة هارون من موسى ، يحل به في مخالفتي و الإمساك عن نصرتي ، ما أحل قوم موسى بأنفسهم في مخالفتهم هارون و ترك طاعته .

وَ رَأَيْتُ تَجَرُّعَ الْغُصَصِ‏ : وَ رَدَّ أَنْفَاسِ الصُّعَدَاءِ ، وَ لُزُومَ الصَّبْرِ .

حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ : أَوْ يَقْضِيَ بِمَا أَحَبَّ .

أَزْيَدَ لِي : فِي حَظِّي مِنَ اللَّهِ ، وَ أَرْفَقَ بِالْعِصَابَةِ الَّتِي وَصَفْتُ أَمْرَهُمْ‏ ، وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً ،....

الاختصاص ص172 كتاب محنة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .

فهذا أعلى : معنى الصبر والثبات في طاعة الله وعبوديته ، وعدم الانقلاب لطلب زينة الدنيا ، وترجيح سبيل الله تعالى وما فيه الصلاح والهدى التام في بقاء دولة الإسلام ونشر هداه ، ولو ظاهرا حتى يفيئ من يفيئ لأمر الله ويرجع لمعرفة الحق والثبات عليه من وفقه الله .

ويا طيب : تدبر أيام الإمام الحسن عليه السلام وخذلانه ، وم جرى على الإمام الحسين عليه السلام ، وهذا بعضه :

إن الإمام زين العابدين : علي بن الحسين عليه السلام احتج على أهل الكوفة وبث غصصه وبين آلمه وحزن آله ، و وبخم على غدرهم ونكثهم فقال : ...

أَيُّهَا النَّاسُ : مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي .

فَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ :

الْمَذْبُوحِ : بِشَطِّ الْفُرَاتِ مِنْ غَيْرِ ذَحْلٍ وَ لَ تِرَاتٍ .

أَنَا ابْنُ مَنِ : انْتُهِكَ حَرِيمُهُ وَ سُلِبَ نَعِيمُهُ ، وَ انْتُهِبَ مَالُهُ وَ سُبِيَ عِيَالُهُ .

أَنَا ابْنُ مَنْ : قُتِلَ صَبْراً فَكَفَى بِذَلِكَ فَخْراً .

أيها الناس : اشدتكم بالله هل تعلمون ، أنكم كتبتم إلى أبي و خدعتموه و أعطيتموه من أنفسكم العهد و الميثاق و البيعة ثم قاتلتموه و خذلتموه ، فتبا لكم ما قدمتم لأنفسكم و سوء لرأيكم بأية عين تنظرون إلى رسول الله ص- يقول لكم قتلتم عترتي و انتهكتم حرمتي فلستم من أمتي ..

الاحتجاج ج2ص305 .

وكلمات أئمة الحق : من آل محمد عليهم السلام ومظلوميتهم ، كثيرة جدا لا يسعها هذا المختصر ، وتحكي بعضه هذه الزيارة لهم بعض آلامهم التي لم تهدأ إلا بظهور المهدي عجل الله تعالى فرجه :

جاء في زيارة جامعة لسائر الأئمة صلوات اللّه عليهم‏ نذكر قسما منه : ...

اللَّهُمَّ : صِلْ عَزْمِي بِالتَّحْقِيقِ، وَ نِيَّتِي بِالتَّوْفِيقِ، وَ رَجَائِي بِالتَّصْدِيقِ، وَ تَوَلَّ أَمْرِي وَ لَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي ..

السَّلَامُ عَلَيْكُمْ : أَئِمَّةَ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَادَةَ الْمُتَّقِينَ وَ كُبَرَاءَ الصديقين و أمراء الصالحين و قادة المحسنين و أعلام المهتدين و أنوار العارفين، و ورثة الأنبياء و صفوة الأوصياء، و شموس الأتقياء و بدور الخلفاء، و عباد الرحمن و شركاء القرآن، و منهج الإيمان و معادن الحقائق و شفعاء الخلائق، و رحمة الله و بركاته....

وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمْ : قَدْ وَفَيْتُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ ذِمَّتِهِ، وَ بِكُلِّ مَا اشْتَرَطَهُ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِهِ ، و دعوتم إلى سبيله، و أنفدتم طاقتكم في مرضاته ، و حملتم الخلائق على منهاج النبوة و مسالك الرسالة ، و سرتم فيه بسيرة الأنبياء، و مذاهب الأوصياء ، فلم يطع لكم أمر و لم تصغ إليكم أذن، فصلوات الله على أرواحكم و أجسادكم...

ثم صر إلى عند الرجلين و قل:

يَا سَادَتِي : يَا آلَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنِّي بِكُمْ أَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَ عَلَا ، بِالْخِلَافِ عَلَى الَّذِينَ غَدَرُوا بِكُمْ ، و نكثوا بيعتكم ، و جحدوا ولايتكم ، و أنكروا منزلتكم ، و خلعوا ربقة طاعتكم ، و هجروا أسباب مودتكم ، و تقربوا إلى فراعنتهم بالبراءة منكم ، و الإعراض عنكم ، و منعوكم من‏ إقامة الحدود ، و استئصال الجحود ، و شعب الصدع ، و لم الشعث ، و سد الخلل ، و تثقيف الأود ، و إمضاء الأحكام ، و تهذيب الإسلام ، و قمع الآثام .

و أرهجوا : عليكم نقع الحروب و الفتن ، و أنحوا عليكم سيوف الأحقاد ، هتكوا منكم الستور، و ابتاعوا بخمسكم الخمور، و صرفوا صدقات المساكين إلى المضحكين و الساخرين.

وَ ذَلِكَ بِمَا طَرَّقَتْ لَهُمُ الْفَسَقَةُ الْغُوَاةُ : و الحسدة البغاة ، أهل النكث و الغدر ، و الخلاف و المكر، و القلوب المنتنة من قذر الشرك ، و الأجساد المشحنة من درن الكفر، أضبوا على النفاق، و أكبوا على علائق الشقاق‏ .

فلما مضى المصطفى صلى الله عليه و آله : اختطفوا الغرة ، و انتهزوا الفرصة ، و انتهكوا الحرمة ، و غادروه على فراش الوفاة ، و أسرعوا لنقض البيعة ، و مخالفة المواثيق المؤكدة ، و خيانة الأمانة المعروضة على الجبال الراسية ، و أبت أن تحملها و حملها الإنسان‏ الظلوم الجهول ، ذو الشقاق و الغرة ، بالآثام المؤلمة ، و الأنفة عن الانقياد لحميد العاقبة .

فَحُشِرَ سِفْلَةُ الْأَعْرَابِ : و بقايا الأحزاب ، إلى دار النبوة و الرسالة ، و مهبط الوحي و الملائكة ، و مستقر سلطان الولاية ، و معدن الوصية و الخلافة و الإمامة ، حتى نقضوا عهد المصطفى ، في أخيه علم الهدى ، و المبين طريق النجاة من طرق الردى.

وَ جَرَحُوا كَبِدَ خَيْرِ الْوَرَى : فِي ظُلْمِ ابْنَتِهِ ، وَ اضْطِهَادِ حَبِيبَتِه ِ، وَ اهْتِضَامِ عَزِيزَتِهِ ، وَ بَضْعَةِ لَحْمِهِ ، وَ فِلْذَةِ كَبِدِهِ.

وَ خَذَلُوا بَعْلَهَا : وَ صَغَّرُوا قَدْرَه ُ، وَ اسْتَحَلُّو مَحَارِمَهُ ، وَ قَطَعُوا رَحِمَهُ ، وَ أَنْكَرُوا أُخُوَّتَهُ ، وَ هَجَرُو مَوَدَّتَهُ ، وَ نَقَضُوا طَاعَتَهُ ، وَ جَحَدُوا وَلَايَتَهُ ، وَ أَطْمَعُو الْعَبِيدَ فِي خِلَافَتِهِ .

و قادوه إلى بيعتهم : مصلتة سيوفها ، مشرعة أسنتها .

و هو ساخط القلب ، هائج الغضب ، شديد الصبر ، كاظم الغيظ ، يدعونه إلى بيعتهم التي عم شؤمها الإسلام ، و زرعت في قلوب أهلها الآثام .

و عقت سلمانها : و طردت مقدادها ، و نفت جندبها ، و فتقت بطن عمارها ، و حرفت القرآن ، و بدلت الأحكام ، و غيرت المقام ، و أباحت الخمس للطلقاء ، و سلطت أولاد اللعناء على الفروج ، و خلطت الحلال بالحرام .

وَاسْتَخَفَّتْ بِالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ : وهدمت الكعبة ، وأغارت على دار الهجرة يوم الحرة ، وأبرزت بنات المهاجرين والأنصار للنكال و السوءة ، وألبستهن ثوب العار والفضيحة .

و رخصت : لأهل الشبهة في قتل أهل بيت الصفوة و إبادة نسله ، واستيصال‏ شافته ، و سبي حرمه ، و قتل أنصاره ، و كسر منبره ، و قلب مفخره ، و إخفاء دينه ، و قطع ذكره .

يَا مَوَالِيَّ : فَلَوْ عَايَنَكُمْ الْمُصْطَفَى.

وَ سِهَامُ الْأُمَّةِ : مُعْرِقَةٌ فِي أَكْبَادِكُمْ ، وَ رِمَاحُهُمْ مُشْرَعَةٌ فِي نُحُورِكُمْ ، وَ سُيُوفُهَا مُولَغَةٌ فِي دِمَائِكُمْ ، يَشْفِي أَبْنَاءُ الْعَوَاهِرِ غَلِيلَ الْفِسْقِ مِنْ وَرَعِكُمْ ، وَ غَيْظَ الْكُفْرِ مِنْ إِيمَانِكُمْ .

وَ أَنْتُمْ بَيْنَ : صَرِيعٍ فِي الْمِحْرَابِ ، قَدْ فَلَقَ السَّيْفُ هَامَتَهُ .

وَ شَهِيدٍ فَوْقَ الْجِنَازَةِ قَدْ شُكَّتْ أَكْفَانُهُ‏ بِالسِّهَامِ

وَ قَتِيلٍ بِالْعَرَاءِ قَدْ رُفِعَ فَوْقَ الْقَنَاةِ رَأْسُه .

وَ مُكَبَّلٍ فِي السِّجْنِ قَدْ رُضَّتْ بِالْحَدِيدِ أَعْضَاؤُهُ‏ .

وَ مَسْمُومٍ قَدْ قُطِّعَتْ بِجُرَعِ السَّمِّ أَمْعَاؤُهُ .

وَ شَمْلُكُمْ عَبَادِيدُ تُفْنِيهِمُ الْعَبِيدُ وَ أَبْنَاءُ الْعَبِيدِ .

فَهَلِ الْمِحَنُ يَا سَادَاتِي : إِلَّا الَّتِي لَزِمَتْكُمْ .

وَ الْمَصَائِبُ إِلَّا الَّتِي عَمَّتَكُمْ .

وَ الْفَجَائِعُ إِلَّا الَّتِي خَصَّتْكُمْ .

وَ الْقَوَارِعُ‏ إِلَّا الَّتِي طَرَقَتْكُمْ .

صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَ أَجْسَادِكُمْ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

ثم قبله و قل:

بِأَبِي وَ أُمِّي يَا آلَ الْمُصْطَفَى : إنا لا نملك إل أن نطوف حول مشاهدكم .

و نعزي فيها : أرواحكم ، على هذه المصائب العظيمة الحالة بفنائكم ، و الرزايا الجليلة النازلة بساحتكم .

التي أثبتت : في قلوب شيعتكم القروح .

و أورثت : أكبادهم الجروح .

و زرعت : في صدورهم الغصص‏.

فَنَحْنُ نُشْهِدُ اللَّهَ : أنا قد شاركنا أولياءكم و أنصاركم المتقدمين ، في إراقة دماء الناكثين و القاسطين و المارقين ، و قتلة أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة يوم كربلاء، بالنيات و القلوب، و التأسف على فوت تلك المواقف، التي حضروا لنصرتكم، و الله وليي يبلغكم مني السلام‏ ....

المزار الكبير ص291ح14 .

يا طيب : تدبر الزيارة ومن يعرف حقائها وما جرى على آل محمد عليهم السلام ، تراه لا يهدأ البال وترتاح الروح لا تطيب له النفس ، ولا الدني ولو ملكها كلها ، إلا بظهور الحجة وإقامة العدل والهدى ودين الله ، وقطع حبل الجور والفسوق والعصيان والرضا به ، وهذا ما وصفت الزيارة قليل من كثير من الظلم والجور عليهم وعلى شيعتهم .

وأنظر هذ الحديث :

عن عبد الله بن دينار : عن الإمام الباقر عليه السلام قال : قال يا عبد الله :

ما من عيد : للمسلمين أضحى ولا فطر، إلا وهو يتجدد فيه لآل محمد حزن .

قلت : فلم ؟ قال : لأنهم يرون حقهم في يد غيرهم .

علل الشرائع ج2ص389ب126ح1 .

جور الزمان على الشيعة وتمحيصهم :

يا طيب : المصائب والبلاء ليس فقط على أهل البيت عليهم السلام ، بل على شيعتهم أجراه ممن عاندهم وخالفهم ، وترى في زماننا شدة عدائهم للشيعة وتكفيرهم وقتالهم في كل مكان وصلت للنواصب أيدهم ، وترى شهداء الشيعة في تفجير القوم لهم بالمفخخات الأحزمة الناسفة وبكل ما يصل له مكرهم وخبثهم وأموالهم وأسلحتهم حتى الغازات السامة ، ومعهم الدول الكبر ومن يدعي الإنصاف والعدل ، وهم يزودهم بأدوات الجور والعدوان والظلم والطغيان .

فأنظر يا طيب : بعض الفتن والملاحم على الشيعة ، ما يلحق الشيعة من التمحيص و التفرق و التشتت عند الغيبة حتى لا يبقى على حقيقة الأمر إل من اختاره الله لجنته وطيبه بهداه الحق ووفقه وحبه واقعا لعبوديته :

عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال :

لما بويع لأمير المؤمنين عليه السلام : بعد مقتل عثمان ، صعد المنبر و خطب خطبة ، ذكرها يقول فيها : ألا إن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه ، و الذي‏ بعثه بالحق .

لتبلبلن بلبلة : و لتغربلن غربلة ، حتى يعود أسفلكم أعلاكم ، و أعلاكم أسفلكم‏ .

و ليسبقن : سابقون كانوا قصروا ، و ليقصرن سباقون كانوا سبقو .

و الله : ما كتمت وسمة ، و لا كذبت كذبة ، و لقد نبئت بهذ المقام و هذا اليوم.

و عن معمر بن خلاد قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول‏ :

{ الم أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون‏ (2)}العنكبوت.

ثم قال لي :ما الفتنة ؟

فقلت : جعلت فداك الذي عندنا، أن الفتنة في الدين‏ .

فقال : يفتنون كما يفتن الذهب ، ثم قال : يخلصون كما يخلص الذهب.

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام‏ أقال :

مع القائم عليه السلام : من العرب شيء يسير .

فقيل له : إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير .

قال : لا بد للناس من أن يمحصوا و يميزوا و يغربلوا ، و سيخرج من الغربال خلق كثير.

الغيبة للنعماني ص201ب12ح1، ح2 ،ح3، ح6 .

ويا طيب : بعد الغربال يبقى الطيبون من الشيعة حقا ، وهذ بعض حالهم :

عن أبي محمد الفحام قال: دخل سماعة بن مهران على الإمام الصادق عليه السلام.

فقال : يا سماعة من شر الناس ؟

قال : نحن يا ابن رسول الله . قال فغضب عليه اسلام : حتى احمرت وجنتاه ، ثم استوى جالسا و كان متكئا .

و قال : يا سماعة من شر الناس عند الناس ؟

فقلت : و الله لا كذبتك يا ابن رسول الله ، نحن شر الناس عند الناس .

لأنهم سمونا : كفارا و رافضة .

فنظر إلي ثم قال :

كيف بكم : إذا سيق بكم إلى الجنة ، و سيق بهم إلى النار .

فينظرون إليكم فيقولون‏ : ما لنا لا نرى‏ رجالا كنا نعدهم من الأشرار ...

بشارة المصطفى ص187.

وفي حديث اللوح : وهو طويل يذكر كل الأئمة ومنه :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

قال أبي لجابر : بن عبد الله الأنصاري إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها ، فقال له جابر : أي الأوقات أحببته . فذكر أسماء الأئمة عليهم السلام كلهم ثم قال :

أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن .

واكمل ذلك : بابنه " م ح م د " رحمة للعالمين ، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب ...

فيذل أوليائي : في زمانه وتتهادى رؤوسهم ، كما تتهادى رؤوس الترك والديلم ، فيقتلون ويحرقون و يكونون خائفين ، مرعوبين ، وجلين ، تصبغ الأرض بدمائهم ، ويفشو الويل والرنة في نسائهم ، أولئك أوليائي حقا ، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس ، وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والاغلال ، { أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} البقرة.

قال عبد الرحمن بن سالم : قال أبو بصير : لو لم تسمع في دهرك ، إلا هذا الحديث لكفاك ، فصنه إلا عن أهله .

الكافي ج1ص527ح3ب126. ورواه في الإمامة و التبصرة من الحيرة، النص، ص106ح92 . ورواه الصدوق فِي الاكمال ج1ص 308 ح 1 وَ عيون الأخبار ج1ص34 ح 2 عوفي البحار: 36/ 195 ح 3 ومصادر أخرى كثيرة .

وذكر محمد علي النبطي العاملي :

في علة تسمية الرافضة :

قال ابن شهر شهرآشوب‏ : الصحيح أن أبا بصير قال للصادق عليه السلام : إن الناس يسمونا الرافضة ؟ فقال : و الله ما سموكم به ، و لكن الله سماكم .

فإن سبعين رجلا : من خيار بني إسرائيل ، آمنوا بموسى و أخيه ، فسموهم رافضة .

فأوحى الله : إلى موسى ، أثبت هذا الاسم لهم في التوراة .

ثم ادخره الله : لينحلكموه .

يا أبا بصير : رفض الناس الخير و أخذوا بالشر ، و رفضتم الشر و أخذتم بالخير.

وعن الإمام الكاظم عليه السلام‏ : قال النبي صلى الله عليه وآله :

لأبي الهيثم بن التيهان : و المقداد و عمار و أبي ذر و سلمان ، هؤلاء رفضوا الناس و والفوا عليا ، فسماهم بنو أمية الرافضة.

وشهد عمار الدهني : عند ابن أبي ليلى .

فقال : لا نقبلك لأنك رافضي ، فبكى .

و قال : تبكي‏ ، تبرأ من الرفض ، و أنت من إخواننا .

فقال : إنما أبكي لأنك نسبتني إلى رتبة شريفة لست من أهلها ، و بكيت لعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي‏.

و عيرتني بالشيب و هو وقار

و ليتها عيرتني بما هو عار

وقيل لعلوي : يا رافضي ؟

فقال : الناس ترفضت بنا ، فنحن بمن نترفض .

ولقي الصاحب رحمه الله : رجلا حجازيا معه رقعة فيها : أنا من أولاد فلان الصديق .

فكتب في ظهرها:

أنا رجل مذ كنت أعرف بالرفض

فلا كان بكري لدي على الأرض‏

ذروني و آل المصطفى عترة الهدى

فإن لهم حبي كما لكم بغضي

و قال رحمه الله أيضا :

قالوا ترفضت قلت كلا

ما الرفض ديني و لا اعتقادي

لكن توليت غير شك‏

خير إمام و خير هادي‏

إن كان حب الوصي رفضا

فإنني أرفض العباد

و قال منصور الفقيه‏ رحمه الله :

إن كان حبي خمسة

زكت بهم فرائضي‏

و بغض من عاداهم

رفضا فإني رافضي

و قال السوسي‏ رحمه الله :

يا سيدي يا أمير المؤمنين و من

عند الصلاة به أدعو و أبتهل‏

لولاك لم يقبل الرحمن لي عملا

و لا سعدت و لا أعطيت ما أسل‏

رفضي عدوك ثوب الرفض ألبسني

و الاعتزال لأني عنه معتزل

و قال ابن حماد رحمه الله :

عقد الإمامة في الإيمان مندرج‏

و الرفض دين قويم م له عوج‏

ما في عداوة من عادى الوصي على

من كان مولى له إثم و لا حرج‏

الله شرفني إذ كنت عبدهم

و حبهم بدمي و اللحم ممتزج‏

دين الولي و البراء لا أبتغي بدلا

و لا إلى غيره ما عشت أنعرج

و قال الشافعي‏ :

إذا في مجلس ذكروا عليا

و سبطيه و فاطمة الزكية

فقطب وجهه من نال منهم

فأيقن أنه لسلقلقية

إذا ذكروا عليا أو بنيه

تشاغل بالروايات الغبية

يقول لما يصح ذروا فهذا

سقيم من حديث الرافضية

برئت إلى المهيمن من أناس

يرون الرفض حب الفاطمية

على آل الرسول صلاة ربي

و لعنته لتلك الجاهلية

و قال العاملي رحمه الله :

ما الرفض لي برذيلة

و لا أنا منه بري‏ء

بل هو لي فضيلة

أنجو به في محشري‏

و إنما يغضبني‏

قول عدو مفتري‏

من حيث كان عقده

أنا من الحق عري‏

فلعنة الله على

كل مضل مجتري‏

يصلى به سعيره‏

مع زفر و حبتر

الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ج‏3ص76.

يا طيب : هذه الأشعار تبيين كم كان والآن ما يعانيه الشيعة ، وتعيير الناس لهم ، وبحمد الله هم يفتخرون بالثبات على الهدى الحق فيصيغون معاناتهم شعرا ، يخلدون محنهم صبرا ، ويروون لمن بعدهم تأريخا فيه تعدي وجور على شيعة آل محمد ، وما عرفت مختصر من هذا المعنى وهو يكفي لمعرفة ، جور الأيام وتغير أحواله في تجريع المؤمنين الغصص وآلام لا تهدأ إلا بظهور الإمام المهدي عليه السلام ، فتدبر .

أحاديث الفرج والفلج في الظهور :

وفي لتوقيع الصادر من إمام العصر والزمان المهدي المنتظر عليه السلام :

أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ: أرشدك الله و ثبتك ، من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا ؟ فَاعْلَمْ : أنه ليس بين الله عز و جل و بين أحد قرابة ، و من أنكرني فليس مني و سبيله سبيل ابن نوح .

و أما أموالكم : فلا نقبلها إلا لتطهروا ، فمن شاء فليصل ، و من شاء فليقطع‏ ، فما آتاني الله خير مما آتاكم‏ .

وَ أَمَّا ظُهُورُ الْفَرَجِ : فَإِنَّهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَ كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ ..

أَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ : فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَ أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.....

وَ أَمَّا عِلَّةُ مَا وَقَعَ مِنَ الْغَيْبَةِ : فإن الله عز و جل يقول‏ : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ‏ «} إنه لم يكن لأحد من آبائي ع إلا و قد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، و إني أخرج حين أخرج و لا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي .

وَ أَمَّا وَجْهُ الِانْتِفَاعِ بِي فِي غَيْبَتِي :

فَكَالانْتِفَاعِ بِالشَّمْسِ إِذَا غَيَّبَتْهَا عَنِ الْأَبْصَارِ السَّحَابُ .

وَ إِنِّي لَأَمَانٌ : لِأَهْلِ الْأَرْضِ كَمَا أَنَّ النُّجُومَ أَمَانٌ لِأَهْلِ السَّمَاءِ .

فَأَغْلِقُوا : بَابَ السُّؤَالِ عَمَّا لَا يَعْنِيكُمْ ، وَ لَا تَتَكَلَّفُوا عِلْمَ مَا قَدْ كُفِيتُمْ .

وَ أَكْثِرُوا الدُّعَاءَ : بِتَعْجِيلِ الْفَرَجِ .

فَإِنَّ ذَلِكَ : فَرَجُكُمْ‏ .

وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا إِسْحَاقَ بْنَ يَعْقُوبَ وَ عَلى‏ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى‏ .

كمال الدين و تمام النعمة ج2ص483ب45ح4.

نعم يا مولاي : وسيدي بظهوركم الفرج ويهدأ البال وتطمئن النفس ويرتفع الجور والظلم والعدوان على المؤمنين من شيعتكم الطيبين ، ويقام العدل وعبودية رب العالمين .

و تنزل السماء بركاتها و خيراتها و يحث المال المهدي

فلا يطلب ويقيم دين الله الحق بأحسن إخلاص وعبودية

يا طيب : هذا المعنى الثالث لكلمة ولفظ المهدي ، وأيضا ننظر به إلى معنى متعلق بالإمام المهدي عليه السلام ، وما يهدي من المال في زمان ظهوره لمواليه ، فتدبره فإنه من معاني المهدي وكرمه وفضله والفرج بظهوره عليه السلام :

معنى الهديّة المال المهدي :

المهدي : مال مهدي هدية ، المال المهدى يهدي المال ، سواء أعيان وعقار أو نقد ، الإمام المهدي المنتظر يهدي المال لمن يحتاجه من أنصاره وأعوانه بدون عوض ومعاملة ، لأنه تنزل السماء بركاتها وتخرج الأرض كنوزها ، أهدى‏ له و إليه‏ هَدِيّة لأنّها تُقدّم أمام الحاجة في‏ مِهْدًى‏: أي في طبق وصحن وما عون والآن تغلف بورق جميل . و استهدَى‏ صِدّيقَه ، طلب هدية أو هدى له شيء ، وفي الحديث و تهادوا تحابُّوا ، فلان‏ يُهَدّي‏ للنّاس إذا كان كثير الهدايا .

الْهَدْيُ‏ و الْهَدِيُ‏ : على فعيل لغتان، و هو ما يُهْدَى‏ إلى بيت الله الحرام من بدنة أو غيرها، الواحدة هَدْيَةٌ و هَدِيَّةٌ : قال الله تعالى : { فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (196)} الحج. وقوله تعالى يحكي عن بلقيس ملكة سبأ : { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) } النمل .

و الْهَدِيَّةُ : مختصّة باللُّطَف الذي يُهْدِي بعضنا إلى بعضٍ .

وفي الحديث :كَانَ النَّبِيُّ يسْتَهْدِي‏ مَاءَ زَمْزَمَ وَ هُوَ بِالْمَدِينَةِ، أي يستدعي أن يهدى إليه ذلك الماء .

وقال الإمام الكاظم عيه السلام : إن رسول الله كان يأتيه الأعرابي .

فَيُهْدِي لَهُ الْهَدِيَّةَ .

ثم يقول مكانه : أَعْطِنَا ثَمَنَ هَدِيَّتِنَا ، فيضحك رسول الله .

و كان إذا اغتم يقول : ما فعل الأعرابي ليته أتانا.

الكافي ج2ص663ح1 .

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله :‏ الْهَدِيَّةُ على ثلاثة أوجه :

هَدِيَّةُ مُكَافَأَةٍ ، وَ هَدِيَّةُ مُصَانَعَةٍ ، وَ هَدِيَّةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ .

و عن إبراهيم الكرخي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام : عن الرجل تكون له الضيعة الكبيرة ، فإذا كان يوم المهرجان أو النيروز .

أَهْدَوْا إِلَيْهِ : الشيء ليس هو عليهم يتقربون بذلك إليه . فقال عليه السلام : أ ليس هم مصلين ؟ قلت : بلى . قال : فليقبل هديتهم و ليكافهم .

فإن رسول الله قال : لَوْ أُهْدِيَ إلي كراع لقبلت ، و كان ذلك من الدين ، و لو أن كافرا أو منافقا أهدى إلي‏ وسقا ما قبلت و كان ذلك من الدين ، أبى الله عز و جل لي زبد المشركين و المنافقين و طعامهم‏ .

قال أمير المؤمنين عليه السلام :

لَأَنْ أُهْدِيَ لِأَخِي الْمُسْلِمِ هَدِيَّةً تَنْفَعُهُ ، أحب إلي من أن أتصدق بمثلها.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله:‏ تَهَادَوْا تَحَابُّوا تَهَادَوْ ، فإنها تذهب بالضغائن.

الكافي ج5ص144ح1، 2 ، 6، 12 ، 14.

عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال:

إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ : لَيَتَعَاهَدُ الْمُؤْمِنَ بِالْبَلَاءِ ، كَمَا يَتَعَاهَدُ الرَّجُلُ أَهْلَهُ

بِالْهَدِيَّةِ مِنَ الْغَيْبَةِ ، وَ يَحْمِيهِ الدُّنْيَا كَمَ يَحْمِي الطَّبِيبُ الْمَرِيضَ.

الكافي ج‏2ص255ح17 .

يا طيب : حين الظهور يفرح المؤمنون بنصر الله وتنزل السماء بركاته والأرض تخرج كنوزها ، فيهدي المال فلا طالب له إلا ما ستعرف .

عدل الإمام المهدي يفتح خيرات السماء وكنوز الأرض :

يا طيب : سنة الله تعالى أنه من يؤمن يرزقه من حيث لا يحتسب ويفتح له كل خير ، بشرط أن يكون في طاعته ، وإن أضره في العبودية منعه ، كما أنه قد يمتحنه بالضراء والبلاء ليرفع درجته إن أخلص له العبودية كما عرفت ، ولما كان آيات الظهور وعلامات وجود الإمام المهدي ونصره المعجز كثير يراها العباد عيان ، يجعل العباد من أتباعه مؤمنين واقعيين ، يرون حقائق كرامات الله في كل شيء يحيط بهم ، ويرون النصر المؤزر والمعجزات الباهرة تجري على يد إمام الزمان بالعدل والإحسان والرحمة والرضوان ، فيؤمنوا إيمان حقيقي ، ولهذا تنزل السماء بركاتها وتفتح الأرض عن كنوزها وتخرجها له ولهم ، فيستغني العباد بكل شيء ثمرات ومعادن وبكل ما يحتاجوه ، كما ويرتفع عنهم الجشع والبخل والحرص ، وتزيد عندهم حالات الزهد والقناعة ، فيكون الخير والنعيم متوفر للجميع فلا يطلب المال أحد إلا ما سترى .

وأما معنى الإيمان والعدل يوجب الخيرات فقد قال الله تعالى :

{ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا (16) } الجن .

{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)

يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11)

وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ( 12) } نوح .

{ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ

يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا

وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ (52) } هود .

{ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2)

وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ

وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ

إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) } الطلاق .

وقال الإمام الصاق عليه السلام :

مَا أَوْسَعَ : اللَّهُ الْعَدْلَ ؟

ثم قال : إن الناس يستغنون إذا عدل بينهم .

و تنزل : السماء رزقها ، و تخرج‏ الأرض‏ بركتها بإذن الله تعالى.

الكافي ج3ص568ح6 .

ويا طيب : إذا عرفنا الإيمان والاستغفار والتقى والعدل والكون مع الله ينزل الخيرات والبركات ، فإن في زمن ظهور الإمام المهدي تفتح السماء بركاته والأرض كنوزها ، لأنه يقيم العدل ويزيل الظلم والجور ، كما عرفت أن الناس يكونو في زمانه مؤمنين ، ولمعرفة هذا المعنى نتدبر أحواله عليه السلام بما يقيم من العدل ونزول خيرات الله لعباده :

عن أبي حمزة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ، فقلت له : أنت صاحب هذا الأمر ؟ فقال : لا . فقلت : فولدك ؟ فقال : لا . فقلت : فولد ولدك هو؟ قال: لا . فقلت : فولد ولد ولدك ؟ فقال : لا . قلت : من هو؟

قَالَ : الَّذِي يَمْلَأُهَا عَدْلًا ، كما ملئت ظلما و جور .

على فترة : من الأئمة .

كما أن : رسول الله ، بعث‏ على‏ فترة من الرسل ‏.

الكافي ج1ص341ح21 .

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله :

‏ من ولدي : اثنا عشر نقيبا نجباء ، محدثون مفهمون .

آخِرُهُمُ : الْقَائِمُ بِالْحَقِّ ، يَمْلَأُهَا عَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً.

الكافي ج1ص534ح18 .

وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

يَكُونُ : عِنْدَ انْقِطَاعٍ مِنَ الزَّمَانِ ، وَ ظُهُورٍ مِنَ الْفِتَنِ .

رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : الْمَهْدِيُّ ، يَكُونُ عَطَاؤُهُ هَنِيئاً.

وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏ :

يخرج رجل : من أهل بيتي ، و يعمل بسنتي .

و ينزل الله : له البركة من السماء ، و تخرج الأرض بركتها .

و تملأ به : الأرض عدلا ، كما ملئت ظلما و جورا .. .

بحار الأنوار ج51ص82ب1 ح5 ق 24، 25.

و عن زيد بن وهب الجهني عن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه صلوات الله عليهما قال‏ :

يبعث الله : رجلا في آخر الزمان ، و كلب من الدهر ، و جهل من الناس .

يؤيده الله : بملائكته ، و يعصم أنصاره ، و ينصره بآياته .

و يظهره : على الأرض .

حتى يدينوا : طوعا أو كرها .

يملأ الأرض : عدلا و قسطا و نورا و برهانا .

يدين له : عرض البلاد و طولها ، لا يبقى كافر إلا آمن ، و لا طالح إلا صلح .

و تصطلح في ملكه السباع .

و تخرج‏ الأرض‏ : نبتها ، و تنزل السماء بركتها .

و تظهر له : الكنوز ، يملك ما بين الخافقين أربعين عاما .

فطوبى : لمن أدرك أيامه ، و سمع كلامه .

بحار الأنوار ج52ص280ب26ح6.

وعن أبي سعيد الخدري : عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏ :

يَكُونُ مِنْ أُمَّتِيَ الْمَهْدِيُّ : ... .

يتنعم أمتي : في زمانه نعيما ، لم يتنعموا مثله قط البر و الفاجر .

يرسل السماء : عليهم مدرارا ، و لا تدخر الأرض شيئا من نباته .بحار الأنوار ج51ص78ح37 .

و عن الإمام الصادق أبي عبد الله عليه السلام قال :

إِذَا أَرَادَ اللَّهُ قِيَامَ الْقَائِمِ ، بعث جبرئيل في صورة طائر أبيض ، فيضع إحدى رجليه على الكعبة، و الأخرى على بيت المقدس، ثم ينادي بأعلى صوته :

أتى‏ أمر الله : فلا تستعجلوه‏ .

قال عليه السلام : فَيَحْضُرُ الْقَائِمُ ، فيصلي عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين، ثم ينصرف ، و حواليه أصحابه ، و هم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا .

إن فيهم : لمن يسري من فراشه ليلا ، فَيَخْرُجُ وَ مَعَهُ الْحَجَرُ ، فَيُلْقِيهِ فَتَعْشُبُ الْأَرْضُ‏ .

الأمالي للطوسي ص513م18ح464/ 68 .

و عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :

يَخْرُجُ : فِي آخِرِ أُمَّتِي ، الْمَهْدِيُّ .

يسقيه الله : الغيث ، تخرج الأرض نباتها ، ويعطى المال صحاحا تنعم الأمة ، وتكثر الماشية ، ويعيش سبع سنين ، أو ثمان سنين.

إتحاف الخيرة المهرة ج8ص 113 ب62ح7613 .

وعن يحيى بن العلاء الرازي قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

ينتج اللّه : في هذه الأمة رجلا مني و أنا منه .

يسوق اللّه : به بركات السموات و الأرض .

فتنزل : السماء قطرها ، و تخرج‏ الأرض‏ بذرها ، و تأمن سباعه .

فتمتلئ الأرض : قسطا و عدلا ، كما ملئت ظلما و جورا .

و يقتل : حتى يقول الجاهل : لو كان هذا من ذرية محمّد لرحم.

إثبات الهداة ج‏5ص123ف12ح304 .

يا طيب : بعد أن عرفنا أنه عليه السلام يقيم العدل ويقيم العبودية لله بل يؤمن العباد بما يرون من آثار رحمة الله ونصره لوليه والمعجزات الباهرة ، وهكذا كل من كان من أتباعه وأنصاره ، ولا يبقى طاغية أو ظالم أو مفسد له أمان ، فيصطلح العباد على الإيمان ويكثر خيرهم وينزل الله رحمته وبركاته فتعمهم ، فل يكون أحد طالب أو متمني للهدية فضلا عن الصدقة ، ولكن يبقى واحد فلنتعرف عليه :

و عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه و آله ذكر المهدي، فقال :

يخرج : عند كثرة اختلاف الناس و زلازل .

فَيَمْلَأُهَا : عَدْلًا وَ قِسْطاً ، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً .

يَرْضَى بِهِ : سَاكِنُ السَّمَاءِ ، وَ سَاكِنُ الْأَرْضِ .

وَ يَقْسِمُ : الْمَالَ قِسْمَةً صَحَاحاً.

قال: قلت: و ما صحاح ؟

قَالَ : بِالسَّوَاءِ .

قَالَ : وَ يَغْنَمُ النَّاسُ ، حَتَّى لَا يَحْتَاجَ أَحَدٌ أَحَداً .

فينادي مناد: من له إلي من حاجة ؟

فلا يجيبه : أحد من الناس .

إلا إنسان واحد .

فيقول له : خذ.

قال: فيحثو في ثوبه ما لا يستطيع حمله .

فيقول: احمل علي ، فيأبى عليه ، فيخفف منه ، حتى يصير بقدر ما يستطيع أن يحمله .

فيقول : ما كان في الناس أجشع نفسا من هذا .

فيرجع إلى الخازن فيقول: إنه قد بدا لي رده ، فيأبى أن يقبله .

فيقول: إنا لا نقبل ممن أعطيناه .

...... .

دلائل الإمامة ص471ح463/ 67 .

يا طيب : ما ذكرنا من الأخبار عن الإمام المهدي عليه السلام ، وأحوال الظهور ، فيفرح المؤمنون بنصر الله ، لقليل جدا وكشرح لأبوذية فيها اسم المهدي وهو اسم لقب للحجة عجل الله تعالى ظهوره ، أو المهدي الم يهدأ يحكي تأريخ الدنيا وجورها على المؤمنين وأئمتهم ولا يهدأ إلا بظهوره ، أو ومال يهدى من الله لعباده في زمان ظهوره فيفرحون بالعبودية وخيرات ثوابها المعجل فضلا عن الآخرة ، وعرفنا معارف جميلة ولابد منها عن الهداية التكوينية والتشريعية ، وعن سبب الغيبة والابتلاء ونزول رحمة الله على المؤمنين حين الظهور ، وكله ببركة مولد الإمام المهدي المنتظر الحجة بن الحسن صلى الله عليه وسلم و عجل الله تعالى ظهوره وجعلنا من أنصاره وأعوانه ، وإن أحببت المزيد فأنظر يا طيب ، صحيفته المباركة من موسوعة صحف الطيبين ، تجد كثير من الأخبار والمواضيع عنه ، كما توجد مواقع كثيرة مختصه بشؤونه الكريمة وفيها كتب كثيرة تتحدث عنه فراجعها إن أحببت المزيد .

دعاء اللهم عرفني نفسك :

يا طيب : يا موالي من أفضل أدعية زمان الغيبة ، دعاء اللهم عرفني نفسك ، وهو عن يحيى بن يعلى عن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول‏ :

إِنَّ لِلْقَائِمِ : غَيْبَةً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ .

فقلت : و لم ؟ قال : يخاف و أومأ بيده إلى بطنه .

ثم قال : يا زرارة ، وَ هُوَ الْمُنْتَظَرُ .

و هو الذي : يشك في ولادته ، فمنهم من يقول : مات أبوه بلا خلف ، و منهم من يقول : حمل ، و منهم من يقول : غائب ، و منهم من يقول : ولد قبل وفاة أبيه بسنين ، وَ هُوَ الْمُنْتَظَرُ .

غير أن الله : يحب أن يمتحن قلوب الشيعة .

فعند ذلك : يرتاب المبطلون يا زرارة .

قال زرارة قلت : جعلت فداك ، إن أدركت ذلك الزمان ، أي شيء أعمل .

قال : يا زرارة ، متى أدركت ذلك الزمان ، فادع بهذا الدعاء :

اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ

اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ

اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي

الغيبة للنعماني ص66ح6 . الكافي ج1ص337ح5. وسيأتي تمامه في قسم الزيارة والدعاء للحجة ، وكما أنه يكتفى بالدعاء بالفقرات أعلاه مع ضيق الوقت ، أو في أول المجالس وخاتمتها ، ومثله الدعاء الآتي :

اللهمَّ كُنْ لِوليكَ الحُجّةَ بنَ الحسنِ العَسكَري ، صَلواتُكَ عَليهِ وَعَلى آبائِهِ

في هذهِ السّاعةِ وَفي كُلِّ ساعةِ ، ولياً وحافِظاً ، وقائِداً وناصِراً

ودليلاً وَعيناً ، حتّى تُسكِنهُ أرضكَ طَوعاً ، وَتمتعهُ فيه طويلاً

وَهَبْ لَنا : رَأفتهُ وَرَحمتهُ ، وَدَعوتهُ ودُعائهُ

وَخيرُه ما نَنالُ بِهِ ، سَعَة مِنْ فَضلِكَ وَفوزاً عِندَكَ يا كريمُ

ويا طيب : ولمعرفة مزيد الأدعية راجع قسم الدعاء والزيارة من هذه الصحيفة الماثلة بين يديكم .

الغيبة الصغرى

أسماء نوابه عليه السلام:

يا طيب : لم يظهر الإمام لعموم الناس منذ أيامه الأولى ، وقد تشرف برؤيته علية السلام خواص شيعته ، وذلك لحكمة الله بختم الإمامة به ، كما ختم النبوة بجده ، وأراد الله تعالى أن يهدي عباده سراً لحكمة ، والتي سنبين بعض شؤونه في ما يأتي إن شاء الله تعالى .

كما أن في الخوف عليه : من سلطان والوقت وتهديدهم بقتله حتى من أقرب مقربيه ، كان له أكبر الأثر في إخفاء شخصه الكريم عن عموم الناس ، وأقتصر معرفته بشخصه الكريم من مواليه وخاصته وخالص شيعته ، وأهم من أتصل به الناس في .

زمان غيبته الصغرى : من سنة إمامته سنة 260 هجري بعد وفاة أبيه الحسن بن علي عليه السلام إلى حدود سنة330 هجر التي حصلت بها الغيبة الكبرى ، والغيبة الصغرى تكون حدود 70 سنة اتصل به عليه السلام الناس عن طريق عمة أبيه حكيمة ، وبواسطة نوابه الأربعة ، و هم على الترتيب :

الأول : عثمان بن سعيد

الثاني : محمد بن عثمان .

الثالث : الحسين بن روح .

الرابع : علي بن محمد السمري .

وأما من رآه : في غيبته الصغرى من غيرهم فالكثير ، روأ طلعته الرشيدة عليه السلام ، ونذكر قسم منهم :

عن عبد الله بن جعفر الحميري قال : اجتمعت والشيخ أبو عمرو ، عند أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري ، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف .

فقلت له : يا أبا عمرو إني لأريد أن أسألك عن شيء وما أن بشاك فيما أريد أن أسألك عنه ، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة إل إذا كان قبل القيامة بأربعين يوما ، رفع الحجة وغلق باب التوبة ، فلم يكن ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، فأولئك شرار من خلق الله عز وجل ، وهم الذين تقوم عليهم القيامة.

ولكن أحببت : أن أزداد يقينا ، فإن إبراهيم عليه السلام سأل ربه أن يريه كيف يحيى الموتى ، قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي .

وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق : أنه سأل أبا الحسن صاحب العسكر عليه السلام وقال :

من أعامل : وعمن آخذ وقول من أقبل ؟

فقال له : العمري ثقتي ، فما أدى إليك عني ، فعني يؤدي ، وما قال لك فعني يقول ، فاسمع له وأطع ، فإنه الثقة المأمون .

وأخبرني أبو علي سأل : أبا محمد عليه السلام عن مثل ذلك .

فقال له : العمري و إبنه ثقتان ، فما أديا إليك فعني يؤديان ، وم قالا فعني يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما ، فإنهما الثقتان المأمونان .

فهذا قول : إمامين قد مضيا فيك .

قال : فخر أبو عمرو ساجدا وبكى .

ثم قال: سل حاجتك .

فقلت له : أنت رأيت الخلف من أبي محمد عليه السلام ؟

فقال : إي والله ورقبته مثل هذا وأومأ بيده.

فقلت : بقيت واحدة ، فقال : هات .

قلت : الاسم ؟ قال : محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك ، ولا أقول هذا من عندي ، فليس لي أن أحلل ولا أحرم ، ولكن عنه صلوات الله عليه.

فإن الأمر : عند السلطان ، أن أبا محمد عليه السلام مضى ولم يخلف ولدا ، وقسم ميراثه ، وأخذه من لا حق له ، فصبر على ذلك ، وهو ذا عماله يجولون ، فليس أحد يجسر أن يتقرب إليهم ويسألهم شيئا .

وإذا وقع الاسم : وقع الطلب ، فالله الله ، اتقوا الله وأمسكوا عن ذلك .

غيبة الطوسي 243حديث 209 ،الكافي: 1 : 329 ح 1 وعنه إعلام الورى: 396 وحلية الأبرار: 2 : 687 وتبصرة الولي: ح 21 و 100 وقطعة منه في الوسائل: 18 : 99 ح 4 .

الغيبة الكبرى

بعض أحوال المهدي في غيبته الكبرى :

و بعد سنة 74 سبعين : من ولادته ، أي في حدود سنة 330 هجرية قمرية بدأت الغيبة الكبرى ـ

في عهد الغيبة الكبرى : لم و لن يعين أحدٌ كنائب خاص ، و على الأمة في هذا العهد أن ترجع إلى نوابه العامين وهم الفقهاء ، و رواة الحديث المتخصصون في الشؤون الدينية .

وروى محمد بن عطاء : عن سلآم بن أبي عمرة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أن لصاحب هذا الأمر بيتاً يقال له : الحمد ، فيه سراج يزهر ، منذ يوم ولد إلى يوم يقوم بالسيف .

إعلام الورى ج2ص289، غيبة الطوسي : 467 |483 ، غيبة النعماني : 239| 31 ، إثبات الوصية ص226 .

وفي التوقيع الشريف : عن إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه :

أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فوردت في التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان : بعد ذكر عدة مسائل ..

وَ أَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ : فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا .

فَإِنَّهُمْ : حُجَّتِي عَلَيْكُمْ ، وَ أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ....

كمال الدين و تمام النعمة ج2ص483ب45ح4 .

عمر الإمام عليه السلام :

يا طيب : بعد أن عرفنا ولادة الإمام ومن رآه وغيبته ، نذكر جواب من شك في طول عمر الإمام عليه السلام ، ويكفي إن الله قد شاء ذلك كما شاء لنوح والخضر والياس وغيرهم ، وإن الله على كل شيء قدير ، ونذكر ما ذكر من العلماء السابقين ومنها :

ما ذكره في الطرائف :

قال بن طاووس رحمه الله في الطرائف :

و أما من يشك : في هذا من مخالفينا ، و يقولون : أنه ما ولد فلو خالطونا و سمعوا أخبارنا الصحيحة عن الثقات تحققوا ما نقلناه.

و أما استبعاد : من استبعد منهم ذلك لطول عمره الشريف ، فم يمنع من ذلك إلا جاهل بالله و بقدرته و بأخبار نبينا و عترته ، أو عارف و يعاند بالجحود كما حكى الله تعالى عن قوم فقال : { وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْه أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا } .

فكيف يستبعد : بطول الأعمار و قد تواتر كثير من الأخبار بطول عمر جماعة من الأنبياء و غيرهم من المعمرين ، و هذا الخضر عليه السلام باق على طول السنين و هو عبد صالح من بني آدم ليس بنبي و لا حافظ شريعة و لا بلطف في بقاء التكليف.

فكيف يستبعد : طول حياة المهدي عليه السلام و هو حافظ شريعة جده محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، و لطف في بقاء التكليف ، و حجة في أحد الثقلين ، اللذين قال النبي فيهما : إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، و المنفعة ببقائه في حال ظهوره و خفائه أعظم من المنفعة بالخضر.

و كيف يستبعد : طول عمره الشريف من يصدق بالقرآن ، و قد تضمن قصة أصحاب الكهف أعجب من هذا ، لأنه مضى لهم على ما تضمنه القرآن ثلاثمائة سنين و ازدادوا تسعا و هم أحياء كالنيام ، يقلبهم الله ذات اليمين و ذات الشمال لئل تبلى جنوبهم بالأرض ، فهؤلاء محتاجون إلى الطعام و الشراب ـ قد بقوا هذه المدة بنص القرآن بغير طعام و لا شراب مما يأكل الناس ، و بمقتضى ما تقدم من الخبر السالف عن ذكر قصة أصحاب الكهف إلى زمن محمد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم حيث بعث الصحابة على البساط ليسلموا عليهم ، و يبقون كما رواه الثعلبي فيما سلف عنه إلى زمن المهدي عليه السلام على الصفة التي تضمنها القرآن ، و الحياة بغير طعام و لا شراب ,

فأيما أعجب : هؤلاء أو بقاء المهدي عليه السلام و هو يأكل و يشرب و له مواد يصح معها استمرار البقاء ، فكيف استبعدت حياته نفوس السفهاء و عقول الجهلاء. قال عبد المحمود رأيت تصنيفا لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني من أعيان الأربعة المذاهب سماه كتاب المعمرين و ذكرهم بأسمائهم. و بعد هذا فليس على أحد من الملوك و الخلفاء و غيرهم من الأتباع و الأقوياء و الضعفاء ضررا في اعتقادن هذا لأن المسلمين كافة متفقون على البشارة بالمهدي عليه السلام ، و إنما خالفون في وقت ولادته و تعيين أبيه ، و لأننا نعتقد أن المهدي عليه السلام إذا أراد الله ظهوره نادى مناد من السماء باسمه و وجوب طاعته و حدث من الآيات ما يدل على فرض متابعته.

فممن روى : أن الملك المنادي من السماء ينادي باسم المهدي عليه السلام ، أحمد بن المناوي في كتاب الملاحم ، و أبو نعيم الحافظ في كتاب أخبار المهدي ، و ابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس ـ و أبو العلاء الحافظ في كتاب الفتن ، و ابن التميمي في كتاب الفتن أيضا ، و هؤلاء كلهم من أعيان رجال الأربعة المذاهب.

و أما رواية الشيعة : بالملك الذي ينادي فهي كثيرة يضيق الكتاب عن ذكر مواضعها و عن تسمية رواتها ، و هذه معجزات إذا وقعت كما قلنا ، فما يمكن دفعها و ربما لا يخالف أحد في العمل بها ممن يكون عارفا بها و موافقا ....

حتمية ظهور الإمام المهدي

من سنن الهداية التشريعية

المقدمة : أهم بحوث حتمية ظهور مصلح العالم :

وفيها أمور

الأمر الأول : تعريف السنن الكونية والتشريعية :

السنة التكوينية : هي الأسس والقوانين التي جعلها الله تعالى في الكون لينتظم وجوده وتهديه لغايته إلى أجله المحدد .

السنن التشريعية : هي الأسس والقوانين التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه والتي ختم تكاملها بالتعاليم التي أنزلها على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لتنظيم شؤون المتشرفين بتكاليف الله وهدايتهم للسعادة الدنيا والآخرة .

الأمر الثاني : تبعية السنن الكونية للسنن التشريعية :

وإن كان الوجود : محكوم للسنن الكونية بما في ذلك الإنسان إلى أن السنن الكونية تابعة للسنن التشريعية ، وتوضيح ذلك :

أن الوجود الكوني : كله منتظم بشكل دقيق وقدر فيه كل شيء بقدر مناسب ومكان ووضع مناسب لا يتعداه ولا يمكنه تجاوزه ، حتى يوجد عصارته وثمرة وجوديه ألا وهو الإنسان ليكون في خدمته ويسخر له ليتمكن من الوصول لغاية الهداية التشريعية ـ أقرأ الفصل الأول من كتابنا صحيفة الثقلين تجد دليل ما ذكرنا من القرآن الكريم بالتفصيل ـ .

وأهم سنة كونية : وقانون إلهي للحفاظ على الكون ونظامه ليصل لغايته هي : إذا حاول موجود ما الطغيان وتجاوز قدره أو غصب حق غيره ؛ اصلح بم يناسب حاله وشأنه ، وإذا تمادى في غيه قاومته الموجودات الأخرى وألزمته حده وأوقفت طغيانه ، أو نفس وجوده يتحول أو يتلاشى عما كان عليه ويصبح شيء آخر و عوض بدله مشابه له يحل مكانه ، حتى يصلح الوجود وينتظم أمره ، وسواء في هذه السنة كل موجودات الكون بما في ذلك الإنسان ، وعملية التغيير والإيقاف للطغيان تابعة لأهمية الموجود وغايته ومدى طغيانه ، هذا ما سنشير إلى أهمه هنا ويطلب التفصيل وجزئيات الموضوع من كتابنا سنن الله التكوينية والتشريعية .

وأما تابعية السنن الكونية للتشريعية : هي وإن كان الإنسان محكوم وتحت سيطرة السنن الكونية ، إلا أنه لما كان الإنسان ثمرة الوجود وخلاصته ، والوجود و الكون كله وجد ليخدم الإنسان ليصل لغاية الهداية التشريعية ، فهو يتأثر في التغيير والحركة الإصلاحية حسب حال الإنسان في الهداية التشريعية ، فإن صلح الإنسان وسار حسب ما هو مرسوم له من الهداية التشريعية صلح له الكون ، وإن فسد الإنسان وكفر بأنعم الله تغير عليه الوجود حتى يصلحه .

وما ذكرنا : يدل على مدى اهتمام الله تعالى بدينه وطلبه الجدي تعالى من الإنسان في جميع بقاع الأرض أن يقيم له العبودية وفق ما هداه الله تعالى بخاتم الأديان ، فإذا تمرد الإنسان وطغى وافسد في الأرض أمهله الله تعالى ويمتعه قليلاً لعله يرجع ويشكر أنعمه ، فإن ازداد في غيه وطغيانه وتمرده أخذه بالبأساء والضراء ويرسل له مصلح ويؤيده بالمعجزات والأمور الخارقة للعادة يذكر بني الإنسان أنعم الله تعالى ووجوب طاعته لعلهم يرجعون للعبودية والصراط المستقيم وفق الهداية التشريعية .

الأمر الثالث : المنتظر لإصلاح البشر المهدي قائم آل محمد عجل الله فرجه الشريف :

ولما كان أخر الأديان : الإسلام وخاتم الأنبياء نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولما كان الإسلام لجميع أهل الأرض وكل بني البشر ، فلابد أن يكون خاتم المصلحين ليس بنبي بل إمام ووصي نبي و من ذرية نبينا الأكرم لوراثته الكتاب والحكمة منه ، ولابد أن تكون دعوته الإصلاحية والعودة لتعاليم الله عالمية ولكل البشر وهي أخر دعوة من الله للإصلاح وخاتمة للدعوات الإصلاحية .

كما انه لابد : أن يكون أخر هادي للإنسان الهداية التشريعية بأمر الله تعالى موجود على طول الزمان لاحتياج بني الإنسان للإصلاح ولعدم خلو الأرض من حجة يجب على الناس اتباعه ، ولما كان الثابت أن الأئمة من ذرية نبينا الأكرم اثنا عشر ، فلابد أن يكون خاتم المصلحين الإمام الثاني عشر وهو أبا صالح المهدي وهو الحجة ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي ـ ابن أبي طالب ـ عليهم السلام وهو من ذرية بنت النبي الأكرم فاطمة صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنا نعلم أن ذرية النبي من بنته فاطمة عليها السلام ولا ذرية له من غيرها ، وعلى هذا يكون الإمام الثاني عشر حي يرزق موجود وأن طال زمان حياته .

وظهور المصلح : يكون في آخر الزمان ـ وطبعاً وإن قد يظهر مصلحون ويعلنون عن عالمية دعوتهم وهدايتهم التشريعية إلا أنها تفترق عن أخر دعوة وهداية أخر مصلح للوجود ، وهذه الدعوات إن كانت حقيقة ، تكون ممهدة ومنبهة للهداية الكبرى التي تتك على يد أخر مصلح لبني الإنسان أو فقل للكون التابع في صلاحه للإنسان ـ .

هذا فإن صلح بني البشر : ودانوا لله ولم ينحرفوا عن أخر مصلح ، انعم الله تعالى عليهم في الأرض بما يشتهون ، وان تمردوا على أخر مصلح وطغو على أخر إصلاح وفسد بني الإنسان صاح عليهم الوجود صيحة وأفناهم ، ثم يقيمهم بصيحة أخرى يصحون فيها ويبعثون ليجازى كل إنسان بعمله يوم القيامة ، وكل هذا بتقدير الله وحكمته وقضائه وسننه الكونية التابعة لسننه التشريعية .

وما ذكرنا من البحث : في حتمية الظهور مساوي للبحث في النبوة العامة والإمامة العامة ومكمل لها ، ولخصوصيات فيه تدعوا انفراده هنا ، لأنه يكون إتمام دين الله تعالى بالظهور والغلبة على كل معتقدات الدنيوية والسماوية المحرفة وله الغلبة عليها في التطبيق والحكومة والتدين بها في جميع بقاع الأرض ، وولايته وحكومته وإمامته وتطبيق تعاليم الله في زمانه تفوق غلبة وحكومة وتعاليم نبي الله سليمان أو ذي القرنين عليهما السلام بل نبي الله نوح عليه السلام وما حصل فيهم من الإعجاز وظهور قدرة الله تعالى ، كما انه دعوته خاتمة للدعوات السماوية الإصلاحية ووفق الدين الإسلامي لا برسالة جديدة ، كما أنها على يد وصي نبي وإمام لا على يد نبي كما في الأزمنة السابقة لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

الآيات والروايات الحاكية عن حتمية ظهوره عليه السلام :

يا طيب : سورة إنا أنزلنا في ليلة القدر حاكية بقوة وبشدة وبصراحة وببيان عميق وواضح جدا ، بضرورة وجود الإمام الحجة المهدي المنتظر عليه السلام ، لأن الروح ينزل في كل سنة ، وهو ملك لا ينزل إلا على الأنبياء بل المرسلين ، ولما ختمت النبوة ، فلابد من قائم مقامه يستحق نزول الروح عليه بكل أمر بإذن الله ، ولايكون إلا الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، ولابد أن يدوم بقائه حيا حتى ظهوره عجله الله تعالى ، هذا وقد ذكرناها سابقا.

ويكفي قول الله تعالى :

{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) } النور .

وإلا الآن : لم تحصل هذه الدولة لعباد الله سبحانه وتعالى ، وإن شاء الله تتحقق بظهور المهدي عليه السلام .

وقوله تعالى :{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدً (28) } الفتح .

وقال عز وجل : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُو فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) } القصص .

فوراثة الأرض : لإمام مستضعف غائب خائف من القتل ، حتى يمكنه الله وينصره بقوة وبالملائكة وبكل ما يمكنه من إقامة دولة الرشيد الشاملة الحاكمة لكل العالم .

قالَ جلّ ذِكْرُه : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا في ألزٌبورِ مِنْ بَعْدِ ألذِّكْر أنَ الأرْضَ يَرثُها عِبَادِيَ ألصالِحُونَ (105) } الأنبياء .

وقالَ رَسولُ ِ الله صلّى الله عليهِ وآلهِ :

لَنْ تَنْقَضِيَ الأيام والليالي : حتى يَبْعَثَ اللهُ رَجُلاً من أهل بيتي ، يُواطِن اسْمُه اسْمي ، يَمْلَؤُها عدلاً وقسطاً كما مُلِئَتْ ظُلْماً وجَوْراً .

إرشاد المفيد 2ـ240، ووردت قطعة منه في مسند أحمد 1 : 376، وتاريخ بغداد 4 : 388، ونقله ابن الصباغ في الفصول المهمة : 291 .

وقالَ عليه السلام : لو لَمْ يَبْقَ من الدنيا إِلا يوم واحد لَطَوٌلَ اللهً ذلك اليومَ حتّى يَبْعَثَ الله فيه رَجلاً من ولدي ، يُواطىءِ اسْمُه اسْمي ، يَمْلَؤُها عَدْلاُ وقِسْطاً كما مُلِئتْ ظُلْماً وجَوْراً .

إرشاد المفيد 2ـ 240، سنن ابي داود 4 : 106ـ4282 ، سنن الترمذي 4 : 505ـ2231 ، غيبة الشيخ الطوسي : 140ـ180.

و عن أبى عمارة حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

لو بقى : في الأرض اثنان ، لكان أحدهما الحجة على صاحبه .

غيبة النعماني 140 باب9 ح2 والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

يا طيب : والروايات في هذا المعنى كثيرة مر قسم كثيرا منه ويأتي الباقي .

علامات ظهور المهدي عليه السلام

يا طيب : قد جاءت الأحاديث والآثار بذكر علامات وأمور وحوادث ووقائع تحصل قبل الظهور، وبعضها مقاربة أو مقارنة لزمان قيام إمامنا المهدي المنتظر عليه السلام منها :

عدد العلامات قبل الظهور :

يا طيب : جاءت روايات تحدد عدد أهم العلامات قبل الظهور وتسكت عن الباقي ، وتأتي رويات أخرى تبين غيرها ، فنذكر هنا الرويات التي فيها العدد ثم نذكر الرويات التي تذكر علامات متعددة :

خمسة علامات قبل الظهور :

عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

خمس قبل قيام القائم : اليماني ، والسفياني ، والمنادي ينادي من السماء ، وخسف بالبيداء ، وقتل النفس الزكية .

كمال الدين ج1ص949ـ

وعن أبي حمزة قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : خروج السفياني من المحتوم ؟

قال : نعم ، والنداء من المحتوم ، وطلوع الشمس من مغربها من المحتوم ، واختلاف بني العباس محتوم ، وقتل النفس الزكيّة محتوم ، وخروج القائم من آل محمد محتوم .

قلت له : وكيف يكون النداء ؟

فقال : ينادي مناد من السماء أول النهار :

ألا إن الحقّ : مع آَل علي شيعته .

ثم ينادي إبليس في آخر النهار :

ألا إن الحق مع عثمان ـ عثمان بن عنبسة ، وهو السفياني ـ وشيعته ، فعند ذلك يرتاب المبطلون .

إعلام الورى ج2ص297، إرشاد المفيد ج2ص371 ، وباختلاف في كمال الدي نص652ـ14 ، غيبة الطوسي 474ـ497 ، وصدره في الفصول المهمة : 302 .

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال :

بين يدي القائم : موت أحمر وموت أبيض ، وجراد في حينه وجراد في غير حينه ، كألوان الدم .

فأمّا الموت الأحمر : فالسيف ، وأمّا الموت الأبيض فالطاعون .

إعلام الورى2ـ281 ، إرشاد المفيد 2 : 372 ، غيبة الطوسي : 438ـ430 ، غيبة النعماني : 277ـ61 ، الخرائج والجرائح 3 : 1152.

وعن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

الزم الأرض : ولا تحرك يداً ولا رجلاً حتّى ترى علامات أذكره لك ، وما أراك تدرك ذلك .

اختلاف بني العباس : ومناد ينادي من السماء ، وخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية ، ونزول الترك الجزيرة ، ونزول الروم الرملة ، واختلاف كثير عند ذلك في كلّ أرض حتّى تخرب الشام ، ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني .

إرشاد المفيد ج2ص372 ، الاختصاص ص249 ، الغيبة للنعماني ص 279ـ67 ، الغيبة للطوسي : 441ـ434 ، الخرائج والجرائح 3 : 1156 ، الفصول المهمة : 301 .

كثرة المعاصي قبل الظهور :

وعن الحسين بن يزيد ، عن منذر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

يزجر الناس : قبل قيام القائم عن معاصيهم بنار تظهر في السماء ، وحمرة تجلل السماء ، وخسف ببغداد ، وخسف ببلد البصرة ، ودماء تُسفك بها ، وخراب دورها ، وفناء يقع في أهلها ، وشمول أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار .

إرشاد المفيد ج2ص378.

وعن محمد بن مسلم عن أبا جعفر ، قال : فقلت : يا ابن رسول الله ، ومتى يخرج قائمكم ؟

قال عليه السلام : إذا تشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ، وركبت ذوات الفروج السروج .

وقُبلت : شهادات الزور ، وردّت شهادات العدول ، واستخف الناس بالدماء ، وارتكاب الزنا ، وأكل الربا ، واتّقي الأشرار مخافة ألسنتهم .

وخرج : السفيانيّ من الشام ، واليماني من اليمن ، وخسف بالبيداء ، وقتل غلام من آل محمد بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية ، وجاءت صيحة من السماء بانّ الحق فيه وفي شيعته .

فعند ذلك : خروج قائمنا .

إعلام الورى ج2ص292، كمال الدين ص330ح16 ، وباختلاف يسير في الفصول المهمة ص302 .

خروج القيادات والحروب

خروج السفياني والخراساني واليماني :

وعن بكر بن محمد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

خروج الثلاثة : السفياني ، والخراساني ، واليماني في سنة واحدة ، في شهر واحد ، في يوم واحد ، وليس فيها راية أهدى من راية اليماني ، لأنّه يدعو إلى الحق .

إرشاد المفيد ج2ص375 ، غيبة الطوسي ص443 ، الخرائج والجرائح ج3ص1163.

السفياني :

وروى قتيبة عن محمد بن عبد الله بن منصور البجليّ قال : سألت أب عبد الله عليه السلام عن اسم السفياني ؟

فقال : وما تصنع باسمه ؟ ! إذا ملك كور الشام الخمس : دمشق ، وحمص ، وفلسطين ، والأردن ، وقنسرين ، فتوقّعوا عند ذلك الفرج.

قلت : يملك تسعة أشهر؟

قال : لا ولكن يملك ثمانية أشهر لا تزيد يوماً.

كمال الدين ص651ح11 .

وقال أبو عبد الله عليه السلام : قال أبي عليه السلام : قال أمير المؤمنين عليه السلام :

يخرج : ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس ، وهو رجلّ ربعة ، وحش الوجه ، ضخم الهامة ، بوجهه أثر جدري ، إذا رأيته حسبته أعور ، اسمه عثمان وأبوه عيينة ، وهو من ولد أبي سفيان ، حتّى يأتي أرضاً ذات قرار ومعين فيستوي على منبرها .

كمال الدين ص651ح9 ، الخرائج والجرائح ج3ص1150 .

خروج الرايات :

عليّ بن أسباط ، عن الحسن بن الجهم قال : سأل رجل أبا الحسن عليه السلام عن الفرج ، فقال : تريد الإكثار أم اُجمل لك ؟ .

قال : بل تجمل لي .

قال : إذا ركزت رايات قيس بمصر ، ورايات كندة بخراسان .

إرشاد المفيد ج2ص376 . غيبة الطوسي : 448ـ449 الخرائج والجرائح ج3ص1164.

علامات المطر والكسوف والخسوف :

عن أبي بصير : عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إن قدّام القائم : لسنة غيداقة (كثيرة المطر) تفسد الثمر في النخل ، فلا تشكّوا في ذلك .

إرشاد المفيد 2 : 377 ، غيبة الطوسي : 449ـ450 ، الخرائج والجرائح 3 : 1164.

وعن سعيد ابن جبير قال : إن السنة التي يقوم فيها المهديّ تمطر الأرض أربعا وعشرين مطرة ، ترى لآثارها وبركاتها إن شاء الله .

إرشاد المفيد 2 : 373 ، غيبة الطوسي : 443ـ435.

عن إبراهيم بن محمد بن جعفير ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

سنة الفتح : ينشق الفرات حتى يدخل أزقة الكوفة .

إرشاد المفيد 2 : 377 ، غيبة الطوسي : 451 ـ456 ، الخرائج والجرائح3 : 1164.

و عن ثعلبة الأزدي قال : قال ابو جعفر عليه السلام : آيتان تكونان قبل قيام القائم : كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان ، وخسوف القمر في آخره .

قال : فقلت : يا ابن رسول الله ، تنكسف الشمس في النصف من الشهر والقمر في آخر الشهر؟

فقال عليه السلام : أنا أعلم بما قلت ، إنّهما آيتان لم تكون منذ هبط آدم عليها لسلام .

الكافي ج8ص212ـ258 ، إرشاد المفيد ج2ص374 ، غيبة الطوسي ص439 ، غيبة النعماني ص 271.

خروج النار :

عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام قال : إذا رأيتم : ناراً من المشرق كهيئة المرد ، في رواية : الهرد لون الكركم ـ العظيم يطلع ثلاثة أيام أو سبعة ـ الشك من العلاء ـ فتوقّعوا فرج آل محمد ، إن الله عزيزٌ كريمٌ .

الغيبة للنعماني ص253ح13 .

النداء في السماء :

وقال في كفاية الأثر : في النص على الأئمة الاثني عشر للخزاز رحمه الله :

أخبرنا : أبو عبد الله أحمد بن أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله

قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ عُبَيْدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ نَصْرٍ الْأَنْبَارِيُّ :

و سيكون بعدي : فتنة صماء صيلم ، يسقط فيها كل وليجة و بطانة .

و ذلك : عند فقدان شيعتك ، الخامس من السابع من ولدك .

يحزن لفقده : أهل الأرض و السماء ، فكم مؤمن و مؤمنة ، متأسف متلهف حيران عند فقده .

ثم أطرق مليا : ثم رفع رأسه .

وَ قَالَ : بِأَبِي وَ أُمِّي :

سَمِيِّي : وَ شَبِيهِي‏ ، وَ شَبِيهُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ .

عَلَيْهِ : جُبُوبُ النُّورِ ، أَوْ قَالَ : جَلَابِيبُ النُّورِ .

يَتَوَقَّدُ : مِنْ شُعَاعِ الْقُدْسِ ، كَأَنِّي بِهِمْ آيَسُ مَنْ كَانُوا .

ثُمَّ نُودِيَ : بِنِدَاءٍ يَسْمَعُهُ مِنَ الْبُعْدِ ، كَمَ يَسْمَعُهُ مِنَ الْقُرْبِ .

يَكُونُ : رَحْمَةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَ عَذَاباً عَلَى الْمُنَافِقِينَ .

قُلْتُ : وَ مَا ذَلِكَ النِّدَاءُ ؟

قَالَ : ثَلَاثَةُ أَصْوَاتٍ فِي رَجَبٍ :

أَوَّلُهَا : أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ‏ .

الثَّانِي‏ : أَزِفَتِ الْآزِفَةُ .

وَ الثَّالِثُ : تَرَوْنَ بَدْرِيّاً بَارِزاً مَعَ قَرْنِ الشَّمْسِ .

يُنَادِي : الْآنَ اللَّهُ قَدْ بَعَثَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ ، حَتَّى يَنْسُبَهُ إِلَى عَلِيٍّ .

فِيهِ : هَلَاكُ الظَّالِمِينَ .

فَعِنْدَ ذَلِكَ : يَأْتِي الْفَرَجُ ، وَ يَشْفِي اللَّهُ صُدُورَهُمْ ، وَ يُذْهِبُ‏ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ‏ .

قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَكَمْ يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الْأَئِمَّةِ ؟

قَالَ : بَعْدَ الْحُسَيْنِ تِسْعَةٌ .

وَ التَّاسِعُ : قَائِمُهُمْ‏ .

كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ص156 علي بن محمد الخزازر الرازي القرن الرابع عشر .وعن في بحار الأنوار ج‏36ص337ب41ح200 .




سنة ويوم ظهور الإمام :

عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

لا يخرج القائم : إلا في وتر من السنين ، سنة إحدى ، أو ثلاث، أو خمس ، أو سبع ، أو تسع .

أعلام الورى 2ـ286، إرشاد المفيد 2 : 378 ، غيبة الطوسي : 453ـ460 ، روضة الواعظين : 263 ، الخرائج والجرائح 3 : 1161 ، الفصول المهمة : 302 .

عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:

يُنادى : باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ، ويقوم في يوم عاشوراء ، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي عليهما السلام ، لكأني به في يوم السبت العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام ، جبرئيل بين يديه ينادي بالبيعة له .

فتصير إليه شيعته : من أطراف الأرض ، تطوى لهم طياً ، حتّى يبايعوه ، فيملأ الله به الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً .

إعلام الورى 2ـ286، لإرشاد المفيد 2 : 379 ، غيبة الطوسي : 453ـ459 ، روضة الواعظين : 263 ، وفي : البيعة لله ، بدل بالبيعة له .

وروى عن أبي عبد الله عليه السلام يقول :

ليس بين : قائم آل محمد ، وبين قتل النفس الزكية إلاّ خمس عشرة ليلة .

إعلام الورى2ـ 281، كمال الدين : 649 ـ 2 ، غيبة الطوسي : 445ـ440، ارشاد المفيد 2 : 274.

نداء الإمام عند الكعبة :

وفي الموائد :

إذا ظهر القائم : قام بين الركن و المقام ، و ينادي بنداءات خمسة :

الأول : ألا يا أهل‏ العالم ،‏ أنا الإمام القائم .

الثاني : ألا يا أهل‏ العالم‏ ، أنا الصمصام المنتقم.

الثالث : ألا يا أهل‏ العالم‏ ، إن جدّي الحسين قتلوه عطشان .

الرابع : ألا يا أهل‏ العالم ‏، إنّ جدّي الحسين عليه السّلام طرحوه عريانا .

الخامس : ألا يا أهل‏ العالم‏ ، إنّ جدّي الحسين عليه السّلام سحقوه عدوانا.

إلزام الناصب ج‏2 ص232.

وفي رواية ابن طاووس رحمه الله :

وإن الإمام المهدي إذا خرج عليه السلام كان له خمسة نداءات عند البيت الحرام:

ألا يا أهل العالم أنا الإمام القائم.

ألا يا أهل العالم أنا الصمصام المنتقم.

ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين قتلوه عطشانا.

ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين طرحوه عريانا.

ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين سحقوه عدوانا.

(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).

إقبال ‏الأعمال ص 694 . و الصمصام : السيف الصارم الذي لا ينثني.

كيفية بيعته في يوم الظهور :

وفي رواية المفضل قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

إذا أذن الله تعالى : للقائم بالخروج ، صعد المنبر فدعا الناس إلى نفسه ، وناشدهم بالله ، ودعاهم إلى حقه ، على أن يسير فيهم بسيرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ، ويعمل فيهم بعمله .

فيبعث الله عزّ وجل : جبرئيل عليه السلام حتّى يأتيه ، فينزل على الحطيم ، ثمّ يقول له : إلى أي شيء تدعو ؟ فيخبره القائم .

فيقول جبرئيل : أنا أول من يبايعك ، ابسط كفّك ، فيمسح على يده ، وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ، فيبايعونه ، ويقيم بمكة حتّى يتم أصحابه عشرة آلاف نفس ، ثمّ يسير إلى المدينة .

إعلام الورى 2ـ288، إرشاد المفيد 2 : 382 ، روضة الواعظين : 265 لم يرد فيه ذيل الحديث .

وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إذا قام القائم : نزلت ملائكة بدر : ثلث على خيول شهب ، وثلث على خيول بلق ، وثلث على خيول حُوّ .

قلت : يا ابن رسول الله ، وما الحُوّ ؟

قال : الحمر .

إعلام الورى ج2ص289، غيبة النعماني ص 244.

القائم يحكم بالعدل :

و عن الإمام الباقر عليه السّلام :

إذا قام القائم : حكم بالعدل ، و ارتفع في أيّامه الجور ، و أمنت به السبل ، و أخرجت الأرض بركاتها ، و ردّ كلّ حقّ إلى أهله ، و لم يبق أهل دين حتّى يظهروا الإسلام و يعترفوا بالإيمان .

أ ما سمعت اللّه سبحانه يقول : { وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ‏ (83) } آل عمران .

و حكم بين الناس : بحكم داود عليه السّلام ، و حكم محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم .

فحينئذ : تظهر الأرض كنوزها ، و تبدي بركاتها ، و لا يجد الرجل منكم يومئذ موضعا لصدقته و لا لبرّه ، لشمول الغنى جميع المؤمنين .

ثمّ قال عليه السلام : إنّ دولتنا آخر الدول ، و لم يبق أهل بيت لهم دولة إلّا ملكوا قبلنا ، لئلّا يقولوا إذا رأوا سيرتنا إذا ملكنا سرن عنده سيرة هؤلاء .

و هو قول اللّه تعالى : { وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ‏ (128)} الأعراف .

الانتقام من الظالمين :

في الكافي بالإسناد : عن كَرّام قال :

حلفت: فيما بيني وبين نفسي ألا آكل طعاما بنهار أبدا ، حتى يقوم قائم آل محمد . فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال : فقلت له : رجل من شيعتكم جعل لله عليه ألا يأكل طعاما بنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد ؟

قال : فصم إذا يا كرام ، ولا تصم العيدين ولا ثلاثة التشريق ، ولا إذا كنت مسافرا ولا مريضا .

فإن الحسين عليه السلام : لما قتل عجت السماوات والأرض ومن عليهما والملائكة .

فقالوا : يا ربنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتى نجدهم عن جديد الأرض بما استحلوا حرمتك ، وقتلوا صفوتك .

فأوحى الله إليهم : يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي اسكنو ، ثم كشف حجابا من الحجب فإذا خلفه محمد صلى الله عليه وآله واثنا عشر وصيا له عليهم السلام .

وأخذ بيد : فلان القائم من بينهم ، فقال : يا ملائكتي وي سماواتي ويا أرضي بهذا أنتصر لهذا - قالها ثلاث مرات .

الكافي ج1ص534ح19.

وصف حكومة الإمام المهدي ومسيرها :

وروى المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

يخرج إلى القائم : من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلاً ، خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون ، وسبعة من أصحاب الكهف ، ويوشع ابن نون ، وسلمان ، وأبو دجانة الأنصاري ، والمقداد بن الأسود ، ومالك الأشتر ، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً .

إرشاد المفيد ج2ص386 ، روضة الواعظين ص266 ، وباختلاف يسير في تفسير العياشي ج2ص32ح90.

وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال :

كأني بالقائم : على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة ، جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله ، والمؤمنون بين يديه ، وهو يفرّق الجنود في الأمصار .

إعلام الورى 2ـ278، إرشاد المفيد 2 : 379 ، روضة الواعظين : 264.

وفي رواية عمرو بن شمر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ذكر المهدي فقال :

يدخل الكوفة وفيها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له ، ويدخل حتى يأتي المنبر فيخطب فلا يدريَ الناس ما يقول من البكاء ، فإذا كانت الجمعة الثانية سأله الناس أن يصلي بهم الجمعة ، فيأمر أن يخط له مسجد على الغري ، ويصلّي بهم هناك ، ثم يأمر من يحفر من ظهر مشهد الحسين عليه السلام نهراً يجري إلى الغريين حتّى ينزل الماء في النجف ، ويعمل على فوهته القناطير والأرحاء ، فكأني بالعجوز على رأسها مكتل فيه بر تأتي تلك الأرحاء فتطحنه بلا كراء .

إرشاد المفيد ج2ص380 ، غيبة الطوسي ص468ـ485 ، روضة الواعظين : 263

وفي رواية المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

إذا قام قائم آل محمد : بنى في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب ، واتصلت بيوت أهل الكوفة بنهر كربلاء .

إعإلام الورى ج2ص288، إرشاد المفيد ج2ص380 ، غيبة الطوسي ص467ح484 .

وروى عبد الله بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إذا قام القائم من آل محمد أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم ، ثم أقام خمسمائة فضرب أعناقهم ، ثمّ خمسمائة أخرى ، حتى يفعل ذلك ست مرات .

قَلت : ويبلغ عدد هؤلاء هذا ؟

قال : نعم ، منهم ومن مواليهم .

إرشاد المفيد ج2ص383 ، إعلام الورى ج2ص288، روضة الواعظين ص 265 .

وروى أبو بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :

إذا قام القائم : هدم المسجد الحرام حتّى يردّه إلى أساسه ، وحول المقام إلى الموضع الذي كان فيه ، وقطع أيدي بني شيبة وعلقها بالكعبة ، وكتب عليه هؤلاء سرّاق الكعبة .

إعلام الورى ج2ص289، إرشاد المفيد ج2ص383 ، روضة الواعظين ص 265 ، ونحوه في غيبة الطوسي ص 472ص492 . .

وروى أبو بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

إذا قام القائم عليه السلام : سار إلي الكوفة فهدم بها أربع مساجد ، ولم يبق مسجد على وجه الأرض لهِ شرف كل إِلاّ هدمه وجعلها جمّاً ، ووسع الطريق الأعظم ، وكسر كل جناج خارج في الطريق ، وأبطل الكنف المازيب ، ولا يترك بدعة إلا أزالها ، ولا سنة إلا أقامها ، ويفتح قسطنطينية والصين وجبال الديلم ، ويمكث على ذلك سبع سنين من سنيكم هذه ، ثم يفعل الله ما يشاء.

إرشاد المفيد ج2ص385 ، إعلام الورى ج2ص291، روضة الواعظين ص 264 ، ونحوه في : غيبة ص475وص 498.

حروب الإمام مع أعدائه :

وروى أبو الجارود : عن أبي جعفر عليه السلام ـ في حديث طويل ـ أنّه قال :

إذا قام القائم : سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر ألف نفس يدعون البترية، عليهم السلاح.

فيقولون له : ارجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على أخرهم ، ثم يدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب ، ويهدم قصورها ، ويقتل مقاتليها ، حتى يرضى الله عزّ وجل .

إرشاد المفيد ج2ص384 ، إعلام الورى ج2ص289 .

حال الناس والدنيا في دولة الإمام:

وروى المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

إن قائمنا : إذا قام أشرقت الأرض بنور ربها ، واستغنى العباد عن ضوء الشمس ، وذهبت الظلمة ، ويعمر الرجل في ملكه حتّى يولد له ألف ذكر لا يولد فيهم أنثى ، وتظهر الأرض كنوزها حتّى يراها الناس على وجهها ، ويطلب الرجل منكم من يصله بماله ، ويأخذ منه زكاته فلا يجد أحداً يقبل منه ذلك ، لاستغناء الناس بما رزقهم الله من فضله .

إرشاد المفيد ج2ص381 ، إعلام الورى ج2ص293، روضة الواعظين ص 264 ، وأنظر غيبة الطوسي ص467ص484.

وعن محمد بن مسلم الثقفيّ قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :

القائم منّا : منصور بالرعب ، مؤيد بالنصر ، تُطوى له الأرض ، وتظهر له الكنوز ، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر به الله دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون ، فلا يبقى في الأرض خراب إلا عمر ، وينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه .

إعلام الورى 2ـ292، كمال الدين : 330ـ16 ، وباختلاف يسير في : الفصول المهمة : 302 .

مدة حكومته وملكه عليه السلام :

قال أبو جعفر عليه السلام :

إنّ دولتنا : آخر الدول ، ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلاّ ملكو قبلنا لئلاً يقولوا ـ اذا رأوا سيرتنا و ملكنا ـ سرنا مثل سيرة هؤلاء ، وهو قول الله عز وجل { والعاقِبَة لِلمُتقِينَ (128)} الأعراف.

إرشاد المفيد ج2ص384 ، روضة الواعظين ص265.

وروى عبد الكريم الخثعمي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : كم يملك القائم ؟

قال : سبع سنين ، تطول له الأيّام والليالي حتّى تكون السنة من سنيهم كان عشر سنين من سنيكم هذه ، فيكون ملكه سبعين سنة من سنيكم هذه.

وإذا آن قيامه : مطر الناس جمادى الآخرة وعشرة أيّام من رجب مطراً لم ير الناس مثله ، فينبت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم ، فكأني انظر إليهم مقبلين من قبل جهينة ينفضون رؤوسهم من التراب .

إرشاد المفيد ج2ص381 ، إعلام الورى ج2ص290 .

وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال :

قلت له : جعلت فداك ، وكيف تطول السنون ؟

قال : يأمر الله تعالى الفلك بالثبوت وقلة الحركة ، فتطول الأيام لذلك والسنون.قال : قلت : إنهم يقولون : إن الفلك إن تغير فسد ؟

قال : ذلك قول الزنادقة ، فإما المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك وقد شق الله القمر لنبيّه ، ورد الشمس من قبله ليوشع بن نون ، وأخبر بطول يوم القيامة { وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (47)} الحج.

إرشاد المفيد ج2ص385 ، إعلام الورى ج2ص291 .

الأرض بعد ظهور الأئمة تسيخ :

ذكر في الكافي بالإسناد : عن أبي الجاورد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

إني واثني عشر : من ولدي وأنت يا علي زر الأرض ، يعني أوتاده وجبالها ، بنا أوتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها .

فإذا ذهب : الإثنا عشر من ولدي ، ساخت الأرض بأهلها ولم ينظرو .

الكافي ج1ص534ح17.




الشعر في الإمام المهدي

أرجوزة الحر العاملي :

اُرجوزة للشيخ الحرّ العاملي قدّس سرّه بحق الإمام المهدي المنتظر عليه السلام:

لقبــه المهــــدي والمنـتظــــر

والقــــــائـــم المكــرم المطهـــر

تواتــر النــص بأنــه ولــــد

مــن الــــفــريقـــيـن وأنـه وجــد

وكـــم رآه رجـــــل فــفــازا

إذ شـــاهد الرشاد والإعجـــــازا

لذاك قــــد تواتــر الأخبــار

بـــذاك والأنــبــــاء والآثــــــــــار

وغاب غيبتـين صغرى أمتدت

وكـــانت الشـــــدة فيها اشــدت

وغيبة أخـــرى إلــى ذا الآن

وأنــــه لصــــاحـــب الزمــــــان

لـكـنـه لابــــد مــن أن يخرجـا

وبعـــــد شــــدة تلافــي الفرجا

والنص ناهيك بــه تواتـــــرا

فأنظر إلى كل كتـــاب كــي ترى

وهي ألــوف رويت في الكـتب

وشـــــــهدت لــه بـكل عجــب

عليك بتتبع الــنصــــــــــوص

على العموم وعلى الخصــوص

إن شئت فاصــرف نحوها الأعنة

وانظـــــر مؤلفـات الســنـّة

تجــــــد كثيــــــراً من رواياتهم

جـــاء بها من لــيس بالمتهــم

ومعجــزات كثيــــرة أتــــت

منقـــولة ممــــا اسـتـفاض وثبت

كم أخبر القوم بما كان اختــفى

من مرض الشكوك فازوا بالشفا

ونطقـه في ســـــــاعة الـولادة

بالذكـــــر والدعـــــاء والشهادة

وبعده في صـغر السـن عجب

وأي عـلم عنــهم قـــد احتجب

غيبته تواتـــــرت أخبـــارهـا

واشتــــهرت مــن قبلها آثـــارها

وطـــــول عمــره كذا مـــروي

ينقــلـــه العـــدو والـــــــولـــي

خــروجــه فــي آخــر الزمانــي

قـــد صــح بالنـص والبرهان

وحسبنا : من مصادرنا غيبة الطوسي ، ومن مصادرهم ما ذهب اليه إمامهم السيوطي في “العرف الوردي في احاديث الامام المهدي”. وفقهاء علم الحديث اجمعو على تواتر الاحاديث الدالة على ظهور الامام المهدي عليه السلام في آخر الزمان بالاجماع .

قصائد شعر

نشر عقيل الحمداني في منتديات يا حسين عليه السلام ، وننقل لكم ابيات من الشعر قالها علماء السنه في مدح الامام المهدي عليه السلام ، وقال : لكي تعرفو أن الأعتقاد بالإمام المهدي عليه السلام وحبه ليس من مختصات الشيعة فحسب ، بل يشاركهم علماء السنه والسنه بل كافة المذاهب في ذلك ، وقد قال الشيخ عبد الرحمن البسطامي : في درة المعارف في حقه نظما ( على ما في تاريخ آل محمد ص 197 :

ويظهر ميم المجد من آل أحمد

ويظهر عدل الله في الناس أول

كما قد روينا عن علي الرضا

وفي كنز علم الحرف أضحى محصل

ويخرج حرف الميم من بعد شينه

بمكة نحو البيت بالنصر قد عل

فهذ هو المهدي بالحق ظاهر

سيأتي من الرحمن للخلق مرسل

ويملأ كل الأرض بالعدل رحمة

ويمحو ظلام الشرك والجور أول

ولايته بالأمر من عند ربه

خليفة خير الرسل من عالم العل

وقال صدر الدين قونوي من كبار الصوفية :

يقوم بأمر الله في الأرض ظاهرا

على رغم الشياطين يمحق الكفر

يؤيد شرع المصطفى وهو ختمه

ويمتد من ميم بأحكامها يدري

وقال العلامة السيد عباس المكي في نزهة الجليس ( ج 2 ص 128 ) : وأما فضائله ( أي المهدي عليه السلام ) فكثيرة ومعجزاته كالشمس شهيرة ، وقد ذكر بعض فضائله ومعجزاته الشيخ العلامة الفهامة محمد بن الحسن الحر الشامي العاملي المشغري في ديوانه في أرجوزة طويلة اختصرنا منها قوله :

لقبه المهدي والمنتظر

والقائم المكرم المطهر

تواتر النص بأنه ولد

من الفريقين وأنه وجد

وكم رآه رجل ففازا

إذ شاهد الرشاد والإعجاز

أكثر من سبعين شخص شاهدوا

جماله ولاحت الشواهد

لذاك قد تواتر الأخبار

بذاك والأنباء والآثار

وغاب غيبتين صغرى امتدت

وكانت الشدة فيها اشتدت

قريب سبعين من الأعوام

كان اختفى عن أكثر الأنام

كان له من الموالي سفرا

إذ غاب واختفى ورام السفر

وغيبة أخرى إلى ذا الآن

وأنه لصاحب الزمان

لكنه لا بد من أن يخرجا

وبعد شدة تلاقي الفرج

والنص ناهيك به تواترا

فانظر إلى كل كتاب كي ترى

وهي ألوف قد روت في الكتب

وشهدت له بكل عجب

عليك بتتبع النصوص

على العموم وعلى الخصوص

إن شئت فاصرف نحوها الأعنة

وانظر مؤلفات أهل السنة

تجد كثيرا من رواياتهم

جاء بها من ليس بالمتهم

وإن ترد أخبار البديعة

فانظر إلى مؤلفات الشيعة

فإنها مشحونة بذاكا

فدع جهولا منكرا أفاك

ومعجزاته كثيرة أتت

منقولة مما استفاض وثبت

كم أخبر القوم بما كان اختفى

من مرض الشكوك فازوا بالشفاء

كم حملوا له من الأموال

وما درى خلق بتلك الحال

فجائهم كتابه بكل ما

كان وبالتفصيل فأنظر وأعلم

وفي سوار أرسلوه من ذهب

عجائب شتى بها الشك ذهب

إذ رده وباقي المال قبل

قال اكسروه فبأمره عمل

فظهر الحديد والنحاس

وسطه وحار فيه الناس

وأرسلوا ذهبه فقبلا

وكم غريب مثله قد نقل

وبعثوا يوما إليه مالا

فرده إذ لم يكن حلال

وقال : من مال فلان فيه

أربعمائة بلا تمويه

فحسبو فوجدوه حقا

ولم يقل مولاي إلا صدق

أخبر قوما بزمان موتهم

وأرسل الأكفان عند فوتهم

وكم دعى فلاحت الإجابة

وربه لما دعي أجابه

وجعل التراب في الحال ذهب

ووهب السائل منه ما وهب

ونطقه في ساعة الولادة

بالذكر والدعاء والشهادة

وبعدها في صفر السن عجب

وأي علم عنهم قد احتجت

ولاح نور ساطع إلى السماء

إذ ذاك فتعجبوا لما سم

وطيه الأرض لبعض الناس

معجزة لاحت بلا التباس

وكتبوا له بلا مداد

فورد الجواب بالسواد

وقد شفى الأمراض ميل كحلا

به فأذهب الشكوك والبلا

وفرش الحصير فوق الماء

وقام للصلاة والدعاء

فحار فيه طالب وغرقا

وعاد عنه خائبا منطلق

ومحمل له مضى نحو السماء

كأنه قد كان يرقى سلم

وكم شفى المرضى بمسح الكف

أو بدعاء في الشفاء يكفي

روى ثلاثمأة من ماء

لم ينتقص من أعجب الأشياء

شبعهم من زاده أيضا عجب

وهو بحاله وقد زال السغب

أراهم الورد الطري الأحمرا

في غير وقته فدع عنك المر

إخباره بالغيب ليست تنكر

إذ في كتاب الله ذاك يذكر

إلا من ارتضاه من رسول

في سورة الجن فخذ دليلي

إذ علمه من النبي المرتضى

إختارهم لكل غيب وارتضى

رأيته في النوم غير مرة

فأوجب الفرحة والمسرة

أخبرني بكل ما أضمرته

وقد أجابني وما سئلته

ناولني الكأس وليس يكسر

شربته ما كان فيه سكر

وكنت إذ ذاك مريضا دنفا

ففزت لما أن شربت بالشفا

تفصيل معجزاته يطول

وكل ما نقلوا له قليل

وعمره ثمانمأة خلت

ثلاثة وأربعين قد تلت

وربنا أدرى بما قد بقي

من عمره وما رأى ولقي

غيبته تواترت أخبارها

واشتهرت من قبلها آثاره

وطول عمره كذا مروي

ينقله العدو والولي

وطول عمر الخضر ليس ينكر

فما الذي من مثل هذا أنكر

وعمر لقمان وإبليس عجب

وذاك ممكن وهذا قد وجب

كذاك إلياس بلا نزاع

وذاك أمر ما اقتضاه داع

كذاك إدريس وعيسى بقيا

وكم وكم مثلهم قد روي

وانظر إلى المعمرين ألفا

وفوقها بين الأنام يلقى

وانظر إلى غيبة بعض الأنبيا

ثم إلى اختفاء بعض الأوصيا

وقدرة الله التي لا تنكر

تشمل ما يروي هنا ويذكر

خروجه في آخر الزمان

قد صح بالنص وبالبرهان




الزيارات والأدعية

للإمام المهدي عجل الله فرجه

الصلاة على الإمام المهدي المنتظر :

حديث الصلاة على المعصومين واحدا واحدا عن الإمام العسكري :

ذكر الشيخ الطوسي رحمه الله : أخبرنا جماعة من أصحابنا ، عن أبي المفضل الشيباني ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد العابد ، بالدالية لفظا .

قال : سألت مولاي ، أبا محمد الحسن بن علي عليه السلام في منزله بسر من رأى ، سنة خمس و خمسين و مائتين ، أن يملي علي : من الصلاة على النبي و أوصيائه ، و أحضرت معي قرطاسا كثيرا ، فأملى علي لفظا من غير كتاب ، ذكر الصلاة على الأئمة وهذه الصلاة على الإمام المهدي المنتظر عليه السلام : ....

الصَّلَاةُ : عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ الْمُنْتَظَرِ عليه السلام :

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ ، وَ ابْنِ أَوْلِيَائِكَ .

الَّذِينَ : فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ ، وَ أَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ .

وَ أَذْهَبْتَ : عَنْهُمُ الرِّجْسَ ، وَ طَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً .

اللَّهُمَّ : انْتَصِرْ بِهِ لِدِينِكَ، وَانْصُرْ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ، وَأَوْلِيَاءَهُ وَشِيعَتَهُ وَأَنْصَارَهُ ، وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ.

اللَّهُمَّ : أَعِذهُ مِنْ شَرِّ كُلِّ بَاغٍ وَ طَاغٍ ، وَ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ خَلْقِكَ .

وَ احْفَظْهُ : مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ ، وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ .

وَ احْرُسْهُ وَ امْنَعْهُ : أَنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ بِسُوءٍ .

وَ احْفَظْ فِيهِ : رَسُولَكَ وَ آلَ رَسُولِكَ .

وَ أَظْهِرْ بِهِ : الْعَدْلَ ، وَ أَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ ، وَ انْصُرْ نَاصِرِيهِ ، وَ اخْذُلْ خَاذِلِيهِ .

وَ اقْصِمْ بِهِ : جَبَابِرَةَ الْكَفَرَةِ ، وَاقْتُلْ بِهِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنَافِقِينَ ، وَجَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ .

حَيْثُ كَانُوا : وَ أَيْنَ‏ كَانُوا ، مِنْ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا ، وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا .

وَ امْلَأْ بِهِ : الْأَرْضَ عَدْلًا ، وَ أَظْهِرْ بِهِ دِينَ نَبِيِّكَ ، عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ .

وَ اجْعَلْنِي اللَّهُمَّ : مِنْ أَنْصَارِهِ وَ أَعْوَانِهِ ، وَ أَتْبَاعِهِ وَ شِيعَتِهِ .

وَ أَرِنِي : فِي آلِ مُحَمَّدٍ مَا يَأْمُلُونَ ، وَ فِي عَدُوِّهِمْ مَا يَحْذَرُونَ .

إِلَهَ الْحَقِّ آمِين‏ .

مصباح المتهجد و سلاح المتعبد للطوسي ج1ص400, وذكرت الصلاة في عدة مصادر أخرى من كتب الأدعية وذكرنا الصلاة كاملة مع المصادر في صحيفة الإمام الحسن العسكري عليه السلام.

صلاة على الحجة بن الحسن :

صلى الله عليه

اللهم : صل على محمد وأهل بيته ، وصل على ولي الحسن ووصيه ووارثه ، القائم بأمرك ، والغائب في خلقك ، والمنتظر لإذنك .

اللهم : صل عليه وقرب بعده ، وأنجز وعده ، وأوف عهده ، واكشف عن بأسه حجاب الغيبة ، وأظهر بظهوره صحائف المحنة ، وقدم أمامه الرعب ، وثبت به القلب ، وأقم به الحرب ، وأيده بجند من الملائكة مسومين ، وسلطه على أعداء دينك أجمعين .

وألهمه : أن لا يدع منهم ركنا إلا هده ، ولا هاما إلا قده ، ول كيد إلا رده ، ولا فاسقا إلا حده ، ولا فرعون إلا أهلكه ، ولا سترا إلا هتكه ، ولا علما إلا نكسه ، ولا سلطانا إلا كبسه ، ولا رمحا إلا قصفه ، ولا مطردا إل خرقه ، ولا جندا إلا فرقه ، ولا منبرا إلا أحرقه ، ولا سيفا إلا كسره ، ولا صنم إلا رضه ، ولا دما إلا أراقه ، ولا جورا إلا أباده ، ولا حصنا إلا هدمه ، ولا باب إلا ردمه ، ولا قصرا إلا أخربه ، ولا مسكنا إلا فتشه ، ولا سهلا إلا أوطنه ، ول جبلا إلا صعده ، ولا كنزا إلا أخرجه ، برحمتك يا أرحم الراحمين .

يا طيب : ذُكرت زيارات للناحية المقدسة ، إمام عصرنا وولي زماننا الحجة بن الحسن العسكري عليه السلام وأدعية ، يستحب أن يزار بها ويدعا الله عنده وباسمه في عصر الغيبة ، وهي إما في محل غيبته أو بصورة عامة في أي محل من البلاد ، فرتبناها بأن نقدم العام منها والتي لم تحدد بزمان معين أو لها زمان يتكرر بكل أسبوع أو يوم ، ثم نذكر زيارة جامعة في محل الغيبة ، ثم زيارات أخرى متفرقة ، ونسأل الله أن ينفع بها المؤمنين ، وأن يتلوها الطيبون ولو بالعمر مرة ، أو يتلوه الأبرار بالسنة مرة ، أو يتلوها ويتدبرها المقربون بالشهر أو بالأسبوع مرة أو مرات .

ثم يا طيب : لم نذكر تشكيل الحروف على الكلمات لما فيه من سهولة المطالعة ، وقلة التوجه للحركات التي قد لا يضر وجودها ، ونذكر الضروري منه إن شاء الله ، ومن أحب التشكيل للحروف فهي موجودة في كتب الأدعية والزيارة فليراجعه ، ونسألكم الدعاء والزيارة وغفر الله لنا ولكم ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

الزيارات والأدعية العامة للحجة

ما يستحب تكراره في كل زمان ومكان وحال :

عن زرارة بن أعين قال : قال أبو عبد الله عليه السلام ، لابد للغلام من غيبة ، قلت : ولم ؟ قال : يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - وهو المنتظر ، وهو الذي يشك الناس في ولادته ، فمنهم من يقول : حمل ، ومنهم من يقول : مات أبوه ولم يخلف ومنهم من يقول : ولد قبل موت أبيه بسنتين .

قال زرارة : فقلت ، وما تأمرني لو أدركت ذلك الزمان ؟

قال : ادع الله بهذا الدعاء :

اللهم عرفني نفسك

فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك .

اللهم عرفني نبيك

فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرفه قط .

اللهم عرفني حجتك

فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني

قال أحمد بن الهلال : سمعت هذا الحديث منذ ست وخمسين سنة .

الكافي ج1ص337باب في الغيبة ح5 . وص342ح29.

وعن محمد بن عيسى بإسناده عن الصالحين عليهم السلام قال : تكرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان هذا الدعاء ، ساجدا وقائما وقاعدا ، وعلى كل حال ، وفي الشهر كله ، و كيف أمكنك ، ومتى حضرك من دهرك ، تقول :

بعد تحميد الله تبارك وتعالى ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله :

اللهم كن لوليك ( الحجة بن الحسن )

في هذه الساعة وفي كل ساعة

وليا وحافظا ، وناصرا ودليلا وقائدا وعينا

حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا

وفي رواية أخرى :

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن

في هذه الساعة و في كل ساعة

وليا و حافظا و قائدا و ناصر و دليلا و عينا

حتى تسكنه أرضك طوعا و تمتعه فيها طويلا .

الكافي ج4ص162خ4ـ6656 . وأضاف في الكافي : وعونا بعد كلمة وعينا . وذكره بدون هذه الكلمة في البلد الأمين ص203، ومصباخ المتهجد ص630 ، وذكر فلان بن فلان وذكرنا الحجة بن الحسن ، وهكذا اشتهر على السن المؤمنين الطيبين الحجة بن الحسن بدل ذكر كلمة فلان بن فلان ، وهي معناها.

أدعية يزار بها إمام زماننا في كل صباح وزمان :

زيارة بعد صلاة الفجر :

ذكر في البحار قال السيد بن طاووس رحمه الله : ما يزار به مولان صاحب الزمان صلوات الله عليه كل يوم بعد صلاة الفجر .

اللهم : بلغ مولاي صاحب الزمان - صلواتك عليه - عن جميع المؤمنين والمؤمنات ، في مشارق الأرض ومغاربها ، وبرها وبحرها ، وسهلها وجبلها ، حيهم وميتهم ، وعن والدي وولدي وعني ، من الصلوات والتحيات زنة عرش الله ، ومداد كلماته ، ومنتهى رضاه ، وعدد ما أحصاه كتابه ، وأحاط به علمه به . اللهم : أجدد له في هذا اليوم وفي كل يوم ، عهدا وعقدا وبيعة له في رقبتي .

اللهم : فكما شرفتني بهذا التشريف ، وفضلتني بهذه الفضيلة ، وخصصتني بهذه النعمة فصل على مولاي وسيدي صاحب الزمان ، واجعلني من أنصاره وأشياعه والذابين عنه .

واجعلني: من المستشهدين بين يديه ، طائعا غير مكره ، في الصف الذي نعت أهله في كتابك ، فقلت صفا كأنهم بنيان مرصوص ، على طاعتك وطاعة رسولك وآله عليهم السلام .

اللهم هذه بيعة له في عنقي إلى يوم القيامة .

بحار الأنوار ج95ص110 عن مصباح الزائر ص 234 . وقال: وجدت في بعض الكتب القديمة بعد ذلك ويصفق بيده اليمنى على اليسرى .

دعاء يوم الجمعة :

ذكر السيد بن طاووس رحمه الله ، يوم الجمعة : و هو يوم صاحب الزمان صلوات الله عليه و باسمه ، و هو اليوم الذي يظهر فيه عجل الله فرجه‏ ، وزيارته في هذا اليوم :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا حُجَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا عَيْنَ‏ اللَّهِ‏ فِي‏ خَلْقِهِ‏ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا نُورَ اللَّهِ الَّذِي يَهْتَدِي بِهِ الْمُهْتَدُونَ ، وَ يُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : أَيُّهَا الْمُهَذَّبُ الْخَائِفُ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : أَيُّهَا الْوَلِيُّ النَّاصِحُ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا سَفِينَةَ النَّجَاةِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا عَيْنَ الْحَيَاةِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : عَجَّلَ اللَّهُ لَكَ مَا وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَ ظُهُورِ الْأَمْرِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا مَوْلَايَ .

أَنَا مَوْلَاكَ : عَارِفٌ بِأُولَاكَ وَ أُخْرَاكَ ، أَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِكَ وَ بِآلِ بَيْتِكَ ، وَ أَنْتَظِرُ ظُهُورَكَ وَ ظُهُورَ الْحَقِّ عَلَى يَدَيْكَ .

وَ أَسْأَلُ اللَّهَ : أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لَكَ ، وَ التَّابِعِينَ وَ النَّاصِرِينَ لَكَ عَلَى أَعْدَائِكَ ، وَ الْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي جُمْلَةِ أَوْلِيَائِكَ .

يَا مَوْلَايَ : يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ عَلَى آلِ بَيْتِكَ .

هَذَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ : وَ هُوَ يَوْمُكَ الْمُتَوَقَّعُ فِيهِ ظُهُورُكَ ، وَ الْفَرَجُ فِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى يَدِكَ ، وَ قَتْلُ الْكَافِرِينَ بِسَيْفِكَ .

وَ أَنَا يَا مَوْلَايَ : فِيهِ ضَيْفُكَ وَ جَارُكَ ، وَ أَنْتَ يَا مَوْلَايَ كَرِيمٌ مِنْ أَوْلَادِ الْكِرَامِ ، وَ مَأْمُورٌ بِالضِّيَافَةِ وَ الْإِجَارَةِ ، فَأَضِفْنِي وَ أَجِرْنِي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ ، وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِينَ.

وقال : يقول : سيدنا رضي الدين ركن الإسلام أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس ، و هذا أنا أتمثل بعد هذه الزيارة ، و أقول بالإشارة :

نَزِيلُكَ حَيْثُ مَا اتَّجَهَتْ رِكَابِي‏

و ضَيْفُكَ حَيْثُ كُنْتُ مِنَ الْبِلَادِ

وقال أقول متمثلا و أشير إليهم صلوات الله عليهم‏ :

مُحِبُّكُمْ وَ إِنْ قُبِضَتْ حَيَاتِي

وَ زَائِرُكُمْ وَ إِنْ عُقِرَتْ رِكَابِي‏

جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع ص37 .

دعـــــاء الــعــهــــد

يستحب كل صباح :

قال السيد أبن طاووس رضي الله عنه : ذكر العهد المأمور به في زمان الغيبة روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال :

من دعا إلى الله أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا سلام الله عليه وعجل الله فرجه ) وإن مات قبله أخرجه الله من قبره ، وأعطاه الله بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة ، وهذا هو العهد : :

اللّهُمَّ ربَّ النُور العظيم ، وربُ الكرسيِّ الرفيع ، وربَّ البحرِ المسجورِ ، ومُنزل التوراة والإنجيل والزبور ، وربَّ الظلِّ والحرورِ ، ومنزل الفرقان العظيمِ ، وربَّ الملائكة المقربينَ ، والأنبياءِ والمرسلينَ .

اللّهُمَّ إني أسئلتكَ باسمك الكريمِ ، وبنورِ وجهكَ المنيرِ ، ومُلكك القديم يا حي يا قيوم ، أسألُكَ بَاسمِكِ الذي أشرَقَتْ بهِ السماواتُ والأرضونَ ، وباسمكَ الذي يَصلحُ به الأولونَ والآخِرُونَ ، يا حيّاً قبلَ كُلِّ حيٍّ ، ويا حيّاً بعدَ كلِّ حيِّ ، ويا حياً حِينَ لا حيَّ ، يا محييَ الموّتى ومُميتَ الأحياءِ ، يا حيُّ ، لا إله إلا أنتَ .

اللّهُمَّ بَلّغ مَولانا الإمامَ الهادِيَ المَهديَّ القائِمَ بأمرِكَ صلواتُ الله عَليه وعلى آبائهِ الطاهرينَ ، عَنْ جَمِيعِ المؤمنينَ والمؤمناتِ في مشارِقِ الأرضِ ومغارِبِها ، سَهلِها وجَبلِها وبَرَّها وَبَحرِها ، وعَنَّي وعَنْ والدِيَّ مِنَ الصَّلواتِ زِنَة عَرشِ اللهِ ، ومِدادَ كَلماتِهِ ، وَمَ أحصاهُ عِلمُهُ ، وأحاطَ به كتابُهُ .

اللّهُمَّ إنِّي أجدُّدُ لَهُ في صَبيحَةِ يَومي هذَا وما عِشتُ مِنْ أيامي ، عَهداً وعَقداً وبيعةً لَهُ في عُنُقِي لا أحُولُ عَنه ولا أزولُ أبداً .

اللّهُمَّ اجعَلنِي مِنْ أنصارِهِ وأعوانِهِ والذابّينَ عنهُ ، والمسارِعينَ في قضاءِ حوائِجهِ ، والمُمتثلينَ لأوامرِهِ ، والمحامينَ عَنهُ والسَّابقين إلى إرادتِهِ ، والمُستشهدينَ بيَن يَديهِ .

اللّهُمَّ إنْ حالَ بيني وبَينهُ الموتُ الّذي جَعلتهُ عَلَى عِبادِكَ حَتماً مَقضيّاً ، فأخْرِجني مِن قَبرِي مُؤتزِراً كفني شاهِراً سيِفي مُجرداً قَناتي ، مُلبياً دَعوَةَ الدَّاعِي فِي الحاضِرِ والبادِي .

اللّهُمَّ أرِنِي الطَّلعَةَ الرشِيدَةَ ، والغُرَّةَ الحَمِيدةَ ، وَاكحل ناظرِي بِنَظرَةٍ منِّي إليهِ ، وعَجِّل فَرجهُ ، وسَهِّل مَخرَجَهُ ، وَأوسِع مَنهجَهُ واسلُك بِي مَحَجَّتَهُ وأنفِذ أمرَهُ ، واشدُد أَزرَهُ واعمُر اللّهُمَّ بهِ بلادكَ ، وأحيِ بهِ عِبادكَ ، فإنَّكَ قُلتَ وَقُولكَ الحَقُ :

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ }.

فَأظهِر اللّهُمَّ لَنا وليَّكَ وابنَ بنتِ نبيك المُسمَّى بِاسمِ رَسُولكَ صَلّى الله عَليهِ وآلِهِ ، حَتَّى لا يَظفَرَ بشيءٍ مِن الباطلِ إل مَزّقهُ ، وَيُحِقَّ الحَقَّ وَيُحَقَّقَهُ .

وَاجعلهُ اللّهُمَّ مَفزَعاً لِمَظُلومِ عِبادِكَ ، وَناصِراً لِمَنْ لا يَجِدُ لَهُ ناصِراً غَيرَكَ ، وَمُجَدَّدا لِمَا عُطِّلَ مِن أحكامِ كتِابِكَ ، ومُشَيداً لما وَرَدَ من أعلامِ دِينكَ وَسنَنِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ ، وَاجعَلهُ اللّهُمَّ مِمّن حَصنتهُ مِن بَأسِ المُعتدَينَ .

اللّهُمَّ وَسُرَّ نَبِيّكَ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ برؤيتهِ ، وَمَن تَبِعهُ عَلى دَعوَتِهِ وارحَمِ استِكانَتنا بعدهُ .

اللّهُمَّ اكشِف هذِهِ الغُمةَ عَن الأمَّةِ بِحُضُورِهِ ، وَعَجّل لَنا ظُهُورَهُ ، إنَّهُمْ يَرونَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً بِرَحمَتِك ي ارحَمَ الراحمينَ .

ثم تضرب على فخذك الأيمن بيدك بثلاث مرات وتقول كل مرة :

العَجَلَ العَجَلَ يَا مَولايَ يَا صاحِبَ الزمانِ .

بحار الأنوار ج95ص110ـ112 عن مصباح الزائر ص 235 236 . قوله عليه السلام : والغرة الحميدة : قال الكفعمي في المصباح ص551، أي البيضاء المحمودة والأغر الأبيض المشرق ، ومنه سمي النجم بالغرار لبياضه وإشراقه ، والغرة ابيضاض في جبهة الفرس والغرة الحسن . قوله عليه السلام : وأكحل ناظري في بعض النسخ وأكحل مرهي ، يقال : مرهت العين مرها إذا فسدت لترك الكحل ، فإسناد الاكتحال إليه مجاز ، والازر الشدة والقوة والظهر .

دعاء الندبة

يستحب الدعاء به في كل صباح جمعة وفي الأعياد

ذكر المجلسي قال السيد بن طاووس رضي الله عنه : ذكر بعض أصحابن قال : قال محمد بن علي ابن أبي قرة ، نقلت من كتاب محمد بن الحسين بن سفيان البزوفري رضي الله عنه دعاء الندبة ، وذكر أنه الدعاء لصاحب الزمان صلوات الله عليه ، ويستحب أن يدعى به في الأعياد الأربعة .

وهي يا طيب : الفطر والأضحى والغدير والجمعة ، وقد مر الكلام في أن يوم الجمعة أحد أعياد المسلمين وبعض أعماله ، وقد أخذ المؤمنون بهذا الدعاء حتى كثرت مجالس ذكره ، وندبوا الله لظهور مولاهم وإمام زمانهم ، وتوسلوا إلى الله لتعجيل فرجه ، وفرجهم للكون في دولته حتى يعبد الله بما يحب ويرضى ويقام العدل والإحسان ، و في كل صباح جمعه حين الشروق ، ورءوا له آثار كريمة .

وأعلم يا أخي الطيب : إن فيه معاني الحمد والتسبيح والذكر والاعتراف لله بالعبودية ، وللنبي والأئمة بالطاعة والولاية ، ومعرفة الحق وأهل دين الله ، وأصحاب الصراط المستقيم المنعم عليهم بهدى رب العالمين ، وبه معرفة جليلة لتأريخ الدين ، وأسس الإمامة ومعاني الولاية ، وأسباب انحراف الناس عنه ، ثم الطلب من الله أن يعجل ظهور وليه بذكر مواصفاته ومواصفات ظهوره ، حتى يقيم الحق ودولة العدل وتوحيد الله ، ونشر راية الهدى والصلاح والرضا ، فلا يفوتك ي مؤمن الدعاء به أو حضور مجالس المؤمنين لتدعوا معهم ، والدعاء هو :

الحمد لله : رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد ، نبيه وآله وسلم تسليما .

اللهم : لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك ، الذين استخلصتهم لنفسك ودينك ، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم ، الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية ، وزخرفه وزبرجها[1] ، فشرطوا لك ذلك ، وعلمت منهم الوفاء به ، فقبلتهم وقربتهم ، وقدمت لهم الذكر العلي ، والثناء الجلي ، و أهبطت عليهم ملائكتك . وكرمتهم بوحيك ، ورفدتهم بعلمك ، وجعلتهم الذرائع إليك ، والوسيلة إلى رضوانك .

فبعض : أسكنته جنتك إلى أن أخرجته منها ، وبعضهم حملته في فلكك ونجيته مع من آمن معه من الهلكة برحمتك ، وبعض اتخذته لنفسك خليل وسألك لسان صدق في الآخرين فأجبته وجعلت ذلك عليا ، وبعض كلمته من شجرة تكليم وجعلت له من أخيه ردءا[2] ووزيرا ، وبعض أولدته من غير أب وآتيته البينات وأيدته بروح القدس .

وكل شرعت : له شريعة ، ونهجت له منهاجا ، وتخيرت له أوصياء ، مستحفظا بعد مستحفظ ، من مدة إلى مدة ، إقامة لدينك ، وحجة على عبادك ، ولئلا يزول الحق عن مقره ويغلب الباطل على أهله ، ولئلا يقول أحد :

لولا أرسلت إلينا رسولا منذر وأقمت لنا علما هاديا ، فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى .

إلى أن انتهيت بالأمر : إلى حبيبك ونجيبك محمد ، صلى الله عليه وآله ، فكان كما انتجبته ، سيد من خلقته ، وصفوة من اصطفيته ، وأفضل من اجتبيته ، وأكرم من اعتمدته ، قدمته على أنبيائك ، وبعثته إلى الثقلين من عبادك ، و أوطأته مشارقك ومغاربك ، وسخرت له البراق ، وعرجت بروحه إلى سمائك ، وأودعته علم ما كان ، وما يكون إلى انقضاء خلقك .

ثم نصرته بالرعب :وحففته بجبرائيل وميكائيل ، والمسومين من ملائكتك ، ووعدته أن تظهر دينه على الدين كله ، ولو كره المشركون ، وذلك بعد أن بوأته مبو صدق من أهله ، وجعلت له ولهم أول بيت وضع للناس للذي ببكة ، مباركا وهدى للعالمين ، فيه آيات بينات : مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمنا ، وقلت : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .

ثم جعلت أجر محمد صلواتك عليه وآله : مودتهم في كتابك ، فقلت : لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، وقلت : ما سألتكم من أجر فهو لكم ، وقلت : ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء ، أن يتخذ إلى ربه سبيلا ، فكانوا هم السبيل إليك ، والمسلك إلى رضوانك .

فلما انقضت أيامه : قام وليه علي بن أبي طالب ، صلوات الله عليهم وعلى آلهما هاديا ، إذ كان هو المنذر ولكل قوم هاد ، فقال والملا أمامه : من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، اللهم : وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وقال : من كنت نبيه ، فعلي أميره .

وقال : أنا وعلي : من شجرة واحدة ، وسائر الناس من شجر شتى . وأحله محل هارون من موسى ، فقال : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ، وزوجه ابنته سيدة نساء العالمين ، وأحل له من مسجده ما حل له وسد الأبواب إل بابه .

ثم أودعه : علمه وحكمته ، فقال : أنا مدينة العلم وعلي بابه ، فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها ، ثم قال : أنت أخي ووصيي ووارثي ، لحمك لحمي ، ودمك دمي ، وسلمك سلمي ، وحربك حربي ، والإيمان مخالط لحمك ودمك ، كما خالط لحمي ودمي ، وأنت غدا على الحوض خليفتي ، وأنت تقضي ديني ، وتنجز عداتي ، وشيعتك على منابر من نور ، مبيضة وجوههم حولي في الجنة ، وهم جيراني ، ولولا أنت يا علي ، لم يعرف المؤمنون بعدي .

وكان بعده : هدى من الضلال ، ونورا من العمى ، وحبل الله المتين ، وصراطه المستقيم ، لا يسبق بقرابة في رحم ، ولا بسابقة في دين ، ولا يلحق في منقبة ، يحذو حذو الرسول ، صلى الله عليهما وآلهما ، ويقاتل على التأويل ، ول تأخذه في الله لومة لائم ، قد وتر فيه صناديد العرب ، وقتل أبطالهم ، وناهش ذؤبانهم ، فأودع قلوبهم أحقادا بدرية ، وخيبرية وحنينية وغيرهن ، فأضبت على عداوته ، وأكبت على منابذته حتى قتل الناكثين والقاسطين والمارقين[3] .

ولما قضى نحبه ، وقتله أشقى الآخرين ، يتبع أشقى الأولين ، لم يمتثل أمر رسول الله ، صلى الله عليه وآله في الهادين بعد الهادين ، والأمة مصرة على مقته ، مجتمعة على قطيعة رحمه ، وإقصاء ولده ، إلا القليل ممن وفى لرعاية الحق فيهم .

فقتل : من قتل ، وسبي من سبي ، وأقصي من أقصي ، وجرى القضاء لهم بما يرجى له حسن المثوبة ، وكانت الأرض لله ، يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين ، وسبحان ربن إن كان وعد ربنا لمفعولا ، ولن يخلف الله وعده هو العزيز الحكيم .

فعلى الأطائب : من أهل بيت محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهم ، فليبك الباكون ، وإياهم فليندب النادبون ، ولمثلهم فلتدر الدموع ، وليصرخ الصارخون ، ويعج العاجون [4].

أين الحسن أين الحسين ، أين أبناء الحسين ، صالح بعد صالح ، وصادق بعد صادق . أين السبيل بعد السبيل ، أين الخيرة بعد الخيرة ، أين الشموس الطالعة ، أين الأقمار المنيرة ، أين الأنجم الزاهرة ، أين أعلام الدين ، وقواعد العلم .

أين بقية الله : التي لا تخلو من العترة الهادية ، أين المعد لقطع دابر الظلمة ، أين المنتظر لإقامة الأمت والعوج[5] ، أين المرتجى لإزالة الجور والعدوان ، أين المدخر لتجديد الفرائض والسنن ، أين المتخير لإعادة الملة والشريعة ، أين المؤمل لإحياء الكتاب وحدوده ، أين محيى معالم الدين وأهله ، أين قاصم شوكة المعتدين ، أين هادم أبنيه الشرك والنفاق ، أين مبيد أهل الفسوق والعصيان والطغيان ، أين حاصد فروع الغي والنفاق ، أين طامس آثار الزيغ والأهواء ، أين قاطع حبائل الكذب والافتراء ، أين مبيد العتاة والمردة ، أين مستأصل أهل العناد والتضليل والإلحاد ، أين معز الأولياء ومذل الأعداء ، أين جامع الكلم على التقوى .

أين باب الله : الذي منه يؤتى ، أين وجه الله الذي يتوجه إليه الأولياء ، أين السبب المتصل بين الأرض والسماء ، أين صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى ، أين مؤلف شمل الصلاح والرضا ، أين الطالب بذحول[6] الأنبياء ، أين المطالب بدم المذبوح بكربلا ، أين المنصور على من اعتدى عليه وافترى[7] ، أين المضطر الذي يجاب إذا دعا ، أين صدر الخلائق ذو البر والتقوى ، أين ابن : النبي المصطفى ، وابن علي المرتضى ، وابن خديجة الغراء ، وابن فاطمة الكبرى .

بأبي أنت وأمي : ونفسي لك الوقاء والحمى ، يا ابن السادة المقربين ، يا ابن النجباء الاكرمين، يا ابن الهداة المهديين ، يا ابن الغطارفة الانجبين ، يا ابن الأطائب المستظهرين ، يا ابن الخضارمة المنتجبين ، يا ابن القماقمة الاكبرين ، يا ابن البدور المنيرة ، يا ابن السرج المضيئة ، يا ابن الشهب الثاقبة ، يا ابن الأنجم الزاهرة ، يا ابن السبل الواضحة ، يا ابن الأعلام اللائحة ، يا ابن العلوم الكاملة ، يا ابن السنن المشهورة ، يا ابن المعالم المأثورة ، يا ابن المعجزات الموجودة ، يا ابن الدلائل المشهودة ، يا ابن الصراط المستقيم ، يا ابن النباء العظيم ، يا ابن من هو في أم الكتاب لدى الله عليٌّ حكيم .

يا ابن الآيات والبينات ، يا ابن الدلائل الظاهرات ، يا ابن البراهين الباهرات ، يا ابن الحجج البالغات ، يا ابن النعم السابغات ، يا ابن طه والمحكمات ، يا ابن يس والذاريات ، يا ابن الطور والعاديات ، يا ابن من دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، دنوا واقترابا من العلي الأعلى .

ليت شعري : أين استقرت بك النوى ، بل أي أرض تقلك أو ثرى ، أبرضوي أم غيرها أم ذي طوى ، عزيز على أن أرى الخلق ولا ترى ، ولا أسمع لك حسيسا ولا نجوى ، عزيز علي أن تحيط بك دوني البلوى ، ولا ينالك مني ضجيج ولا شكوى

بنفسي أنت : من مغيب لم يخل منا ، بنفسي أنت من نازح ما نزح عن ، بنفسي أنت أمنية تائق يتمنى ، من مؤمن ومؤمنة ذكرا فحنا ، بنفسي أنت من عقيد عز لا يسامى ، بنفسي أنت من أثيل مجد لا يجازى ، بنفسي أنت من تلاد نعم لا تضاهى ، بنفسي أنت من نصيف شرف لا يساوي [8].

إلى متى : أحار فيك يا مولاي وإلى متى ؟ وأي خطاب أصف فيك وأي نجوى ؟ عزيز علي أن أجاب دونك و أناغى ، عزيز علي أن أبكيك ويخذلك الورى ، عزيز علي أن يجري عليك دونهم ما جرى .

هل من معين : فأطيل معه العويل والبكاء ؟ هل من جزوع فأساعد جزعه إذا خلا ؟ هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى ؟

هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى ؟ هل يتصل يومنا بغده فنحظى ؟ متى نرد مناهلك الروية فنروى ؟ متى ننتفع من عذب مائك فقد طال الصدى ؟ متى نغاديك ونراوحك فنقر عينا ؟ متى ترانا نراك وقد نشرت لواء النصر ترى ؟

أترانا نحف بك وأنت تؤم الملاء و قد ملأت الأرض عدلا ، وأذقت أعداءك هوانا وعقابا ، وأبرت العتاة وجحدة الحق ، وقطعت دابر المتكبرين ، واجتثثت أصول الظالمين، ونحن نقول الحمد لله رب العالمين ؟ [9]

اللهم : أنت كشاف الكرب والبلوى ، وإليك أستعدي فعندك العدوى ، وأنت رب الآخرة والأولى ، فأغث يا غياث المستغيثين عبيدك المبتلى ، وأره سيده ي شديد القوى ، وأزل عنه به الأسى والجوى ، وبرد غليله يا من على العرش استوى ، ومن إليه الرجعى والمنتهى.

اللهم : ونحن عبيدك التائقون[10]، إلى وليك المذكر بك وبنبيك ، خلقته لنا عصمة وملاذا ، وأقمته لنا قواما و معاذ ، وجعلته للمؤمنين منا إماما ، فبلغه منا تحية وسلاما ، وزدنا بذلك يا رب إكرام ، واجعل مستقره لنا ، مستقرا ومقاما ، وأتمم نعمتك بتقديمك إياه أمامنا ، حتى توردن جنانك ، ومرافقة الشهداء من خلصائك .

اللهم : صل على محمد وآل محمد ، وصل على محمد جده ورسولك ، السيد الأكبر ، وعلى أبيه السيد الأصغر ، وجدته الصديقة الكبرى ، فاطمة بنت محمد ، وعلى من اصطفيت من آبائه البررة ، وعليه ، أفضل وأكمل وأتم وأدوم ، وأكبر وأوفر م صليت على أحد من أصفيائك ، وخيرتك من خلقك ، وصل عليه صلاة لا غاية لعددها ، ول نهاية لمددها ، ولا نفاد لأمدها .

اللهم : وأقم به الحق ، وأدحض به الباطل ، وأدل به أولياءك ، وأذلل به أعداءك .

وصل اللهم : بيننا وبينه ، وصلة تؤدي إلى مرافقة سلفه ، واجعلن ممن يأخذ بحجزتهم ، ويمكث في ظلهم ، وأعنا على تأدية حقوقه إليه ، والاجتهاد في طاعته ، والاجتناب عن معصيته .

وامنن علينا : برضاه ، وهب لنا رأفته ، ورحمته ودعاءه ، وخيره ، ما ننال به سعة من رحمتك ، وفوزا عندك .

واجعل : صلاتنا به مقبولة ، وذنوبنا به مغفورة ، ودعاءنا به مستجاب ، واجعل أرزاقنا به مبسوطة ، وهمومنا به مكفية ، وحوائجنا به مقضية ، وأقبل إلين بوجهك الكريم ، واقبل تقربنا إليك ، وانظر إلينا نظرة رحيمة ، نستكمل بها الكرامة عندك ، ثم لا تصرفها عنا بجودك ، واسقنا من حوض جده صلى الله عليه وآله بكاسه وبيده ، ريا رويا ، هنيئا سائغا ، لا ظمأ بعده ، يا أرحم الراحمين[11] .

يا طيب : غلب على المؤمنين الدعاء بدعاء الندبة في صباح كل جمعة وعند الأعياد ، وقبله يعقد مجلس موعظة ، وبعد الدعاء مأدبة الصباح بما جاد به عليهم الله لإتحاف المؤمنين ، ولكن بدون ذكر الصلاة ، فإن استطعت الصلاة فبه ، وأسأل الله أن لا تعدم الثواب إن دعوت به مفردا عن الصلاة ، وإما الصلاة فكم ذكرها لمجلسي فهي .

ثم صل صلاة الزيارة :

وهي كما سيأتي ـ ثم تدعو بما أحببت فانك تجاب إنشاء الله تعالى[12]. أقول قال المجلسي : قال محمد بن المشهدي في المزار الكبير : قال محمد بن علي بن أبي قرة : نقلت من كتاب أبي جعفر محمد بن الحسين بن سفيان البزوفري . . فذكر مثل ما ذكره السيد سواء وظن أن السيد أخذه منه إلا أنه لم يذكر الصلاة في آخره[13] .

وأما صلاة الزيارة : فقد ذكر لها في البحار في زيارات الغيبة عبارات منها لها معنى واحد وهي : ثم صل في مكانك اثنتي عشرة ركعة واقرأ فيه ما شئت ، واهدها له عليه السلام ، فإذا سلمت في كل ركعتين فسبح تسبيح الزهراء عليها السلام .

والعبارة الثانية : و التوجه إلى الصاحب بالزيارة بعد صلاة اثنتي عشرة ركعة ، تقرأ قل هو الله أحد في جميعها ركعتين ركعتين ، ثم تصلي على محمد وآله . ثم تصلي صلاة الزيارة : اثنتي عشرة ركعة كل ركعتين بتسليمة.

ثم تدعو بعدها بالدعاء المروي عنه عليه السلام ، وهو :

دعاء عظم البلاء :

اللهم : عظم البلاء ، وبرح الخفاء وانكشف الغطاء ، وضاقت الأرض ، ومنعت السماء ، وإليك يا رب المشتكى ، وعليك المعول في الشدة والرخاء .

اللهم : صل على محمد وآله ، الذين فرضت علينا طاعتهم ، فعرفتن بذلك منزلتهم ، فرج عنا بحقهم فرجا عاجلا كلمح البصر ، أو هو أقرب من ذلك .

يا محمد يا علي يا علي يا محمد ، انصراني فإنكما ناصراي ، و اكفياني فإنكما كافياي ، يا مولاي يا صاحب الزمان ، الغوث الغوث الغوث ، أدركني أدركني أدركني .

يا طيب : قد يدعى بهذا الدعاء الأخير للحوائج مفردا ، فإن استطعت فأحفظه ، وأسألكم الدعاء والزيارة .

دعاء المعرفة

الدعاء والتوسل بالله : لمعرفة الحجة بن الحسن عجل الله فرجه والدعاء له ولنا وزيارته ولم يحدد بمكان ولا زمان معين

عن أبو محمد الحسين بن أحمد المكتب قال : حدثنا أبو علي بن همام بهذا الدعاء ، و ذكر أن الشيخ العمري قدس الله روحه أملاه عليه و أمره أن يدعو به ، و هو الدعاء في غيبة القائم عليه السلام :

اللهم : عرفني نفسك ، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك .

اللهم : عرفني نبيك ، فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرف حجتك .

اللهم : عرفني حجتك ، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني .

اللهم : لا تمتني ميتة جاهلية ، و لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني .

اللهم : فكما هديتني بولاية من فرضت طاعته عليَّ ، من ولاة أمرك بعد رسولك صل الله عليه وآله وسلم ، حتى واليت ولاة أمرك :

كمال‏الدين ج2ص 512 الدعاء في غيبة القائم عليه السلام ح43 ، وذكره في جمال ‏الأسبوع ص521 . وذكر هذا الدعاء الذي نقلناه من كتاب كمال الدين للصدوق والذي فيه معنى الزيارة في البلد الأمين ثم قال : ودع بالوداع الجامع لسائر الأئمة عليهم السلام وأضاف بعده كلمة آمين يا رب العالمين ، ثم قال :

دعاء وداع الأئمة :

تقول : إذا أردت الانصراف من الزيارة :

السلام عليكم : يا أهل بيت النبوة ، و معدن الرسالة ، سلام مودع لا سئم و لا قال ، و رحمة الله و بركاته ، إنه حميد مجيد ، سلام ولي غير راغب عنكم ، و لا منحرف عنكم ، و لا مستبدل بكم ، و لا موثر عليكم ، و لا زاهد في قربكم ، لا جعله الله آخر العهد من زيارتكم ، و إتيان مشاهدكم ، و السلام عليكم ، و رحمة الله و بركاته .

حشرني الله في زمرتكم ، و أوردني حوضكم ، و جعلني في حزبكم ، و أرضاكم عني ، و مكنني في دولتكم ، و أحياني في رجعتكم ، و ملكني في أيامكم ، و شكر سعيي بكم ، و غفر ذنبي بشفاعتكم ، و أقال عثرتي بمحبتكم ، و أعلى كعبي بولايتكم ، و شرفني بطاعتكم ، و أعزني بهداكم ، و جعلني ممن ينقلب مفلحا منجحا ، غانما سالم ، معافى غنيا ، فائزا برضوان الله و فضله و كفايته ، بأفضل ما ينقلب به أحد من زواركم و مواليكم و شيعتكم ، و رزقني الله العود ، ثم العود أبدا ما أبقاني ، بنية صادقة ، و إيمان و تقوى ، و رزق واسع حلال طيب .

اللهم : لا تجعله آخر العهد من زيارتهم ، و ذكرهم و الصلاة عليهم ، و أوجب لي المغفرة ، و الرحمة و البركة ، و الخير و النور و الإيمان ، و حسن الإجابة كما أوجبت لأوليائك العارفين بحقهم ، الموجبين طاعتهم ، الراغبين في زيارتهم ، المتقربين إليك و إليهم ، بأبي أنتم و أمي ، و نفسي و أهلي ، و مالي و ولدي ، فاجعلوني من همتكم ، و صيروني من حزبكم ، و أدخلوني في شفاعتكم ، و اذكروني عند ربكم ، و أوردوني حوضكم .

اللهم : صل على محمد و آل محمد ، و أبلغ أرواحهم و أجسادهم مني تحية كثيرة و سلاما ، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

كلام في زيارة الأئمة والمؤمنين :

وذكر في البلد الأمين خاتمة فقال :

يستحب : زيارة المهدي في كل مكان و زمان ، و الدعاء بتعجيل فرجه صلوات الله عليه عند زيارته ، و تتأكد زيارته في السرداب بسر من رأى ، و يستحب زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم و الأئمة عليه السلام كل جمعة و لو من البعد ، و إذا كان على مكان عال كان أفضل ، و زيارة المنتجبين من الصحابة خصوص جعفر بن أبي طالب بمؤتة ، و العباس و أولاده ، و سلمان بالمدائن ، و حذيفة ، و زيارة الأنبياء عليه السلام حيث كانوا خصوصا ، إبراهيم و إسحاق و يعقوب بمشهدهم المعروف ، و زيارة قبور الشهداء و الصلحاء من المؤمنين [14].

قال الكاظم عليه السلام : من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي إخواننا يكتب له ثواب زيارتنا ، و من لم يقدر أن يصلنا فليصل صالحي إخوانه ، يكتب له ثواب صلتنا .

و يستحب تلاوة شي‏ء من القرآن عند ضريح المعصوم ، و إهداؤه إلى المزور ، و المنتفع بذلك الزائر ، و فيه تعظيم للمزور ، و إهداء ثواب الأعمال و القربات ، و خصوصا القرآن للأموات من المؤمنين ، و خصوصا العلماء و ذوي الأرحام ، و خصوصا الوالدين ، و يستحب زيارة الإخوان في الله تعالى استحبابا مؤكدا .

فعن الصادق عليه السلام : من زار أخاه في الله تعالى ، وكل الله به سبعين ألف ملك ينادونه ، ألا طبت و طابت لك الجنة .

و يستحب : للمزور استقبال الزائر و اعتناقه و مصافحته ، و تقبيل موضع السجود من كل منهما ، و لو قبل يده كان جائزا خصوصا العلماء ، و ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فإذا زاره نزل على حكمه ، و لا يحتشمه و لا يكلفه ، و ليتحفه بما حضر من طعام و شراب و فاكهة و طيب ، و أدناه شرب الماء و الوضوء و صلاة ركعتين عنده ، و التأنيس بالحديث و التوديع .

فعن الباقر عليه السلام : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا ودع مسافرا أخذ بيده . و قال :

أحسن الله لك الصحابة ، و أكمل لك المعونة ، و سهل لك الحزونة ، و قرب لك البعيد ، و كفاك المهم ، و حفظ لك دينك ، و أمانتك و خواتيم عملك ، و وجهك لكل خير عليك بتقوى الله ، أستودع الله نفسك ، سر على بركة الله عز و جل [15].

ويا طيب : إن استحباب زيارة المؤمن هو لسرورهم وفرحهم بالطيبين وتواجدهم بينهم ، وتذكيرهم بالحق وبحث شؤون الدين وما يسهل أمور المؤمنين ، ويقضي حوائج الخيرين أو حوائجه ، أو ذكر معارف الدين والتذكير بها ، أو إقامة زيارة للحجة والدعاء له ، أو ذكر بعض أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، وبهذا تكون زيارة مباركة وفي رضا الله ، ولا يكون المجلس حسرة علينا يوم القيامة ، لأن ذكر آل محمد صلى الله عليهم وسلم من ذكر الله ، وبه يُعرف الله تعالى بما عرفنا من معرفة نفسه على قدرنا ، وبه يعرف هداه القيم ودينه الحق ، وبه يسر المؤمنون ويتألفوا على الدين ، وترفع حوائجهم الضرورية .

ويجب : أن لا يكون الاجتماع على ذكر الباطل والغيبة أو النميمة أو غيرها مما يبعد عن أئمة الحق ، وعن هدى الله ودينه ورضاه ، ويكون المجلس حسرة على صاحبه يوم القيامة ، كما إن ذكر أعداء النبي وآله والمؤمنين بالحسنى وتحسين فعلهم وعبادتهم ، أو أي شيء يفرحهم من ذكر الشيطان ، لأنه مدح لأعداء آل محمد ومدح للضلال وأهله والباطل وأصحابه ، لأنهم منحرفون عن هدى الله ودينه القيم ، وإنه الله يحب أن يطاع بدين أئمة الحق وهداهم الواقعي ، ونصر أولياء الدين بالكلام والمال والحال وبكل شيء لا غيرهم .

ويا أخي : كما سيأتي ذكر هذا الدعاء الأخير وما بعده الذي ذكرناه في الأذكار الآتية ، نكرر ذكره لكونه ضمن زيارة جامعة ، وهذا ما ذكرناه أعلاه يمكن أن يزار به إمام زماننا أرواحنا له الفداء في أي زمان ولم يحدد بمكان ، لأنه في الرواية ذكر مطلق عن قيد المكان والزمان ، لا كما سيأتي في الزيارات أدناه ، ونسأل الله أن يكون التكرار غير ممل ولا مخل لأنه ننقله كما عرفونا من أدب الزيارة من غير تحريف إن شاء الله ، ونسألك الدعاء والزيارة ، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لزيارة مولانا وإمام عصرنا الحجة بن الحسن عليه السلام .

يا طيب : إن الزيارات شريفة ولو تطالعها وتتدبرها مرة بالعمر ، فإنها كلمات حديث حسنة المعنى ، ولها ثواب ومعرفة عظيمة بأحول إمامنا وشأنه وأحوال الزمان ، ونسأل الله أن يفوقنا لطاعته وزيارته وعبودية الله بما يحب ويرضى ، إنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

زيارة آل يا سين

يمكن أن يزار بها الحجة بن الحسن في أي مكان وزمان

خرج من الناحية المقدسة إلى محمد الحميري بعد الجواب عن المسائل التي سألها :

بسم الله الرحمن الرحيم : لا لا مره تعقلون ، ولا من أوليائه تقلبون ، حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

إذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى وإلينا ، فقولوا كما قال الله تعالى :

سلام على آل ياسين ، السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته ، السلام عليك يا باب الله وديان دينه ، السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه ، السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته ، السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه ، السلام عليك في آناء ليلك وأطراف نهارك ، السلام عليك يا بقية الله في أرضه ، السلام عليك يا ميثاق الله الذي أخذه ووكده ، السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه ، السلام عليك أيها العلم المنصوب ، والعلم المصبوب ، والغوث والرحمة الواسعة ، وعدا غير مكذوب .

السلام عليك : حين تقوم ، السلام عليك حين تقعد ، السلام عليك حين تقرأ وتبين ، السلام عليك حين تصلي وتقنت ، السلام عليك حين تركع وتسجد ، السلام عليك حين تهلل وتكبر ، السلام عليك حين تحمد وتستغفر ، السلام عليك حين تصبح وتمسي ، السلام عليك في الليل إذا يغشى ، والنهار إذا تجلى .

السلام عليك : أيها الإمام المأمون ، السلام عليك أيها المقدم المأمول ، السلام عليك بجوامع السلام .

أشهدك يا مولاي : أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، لا حبيب إلا هو وأهله ، وأشهدك يا مولاي : أن عليا أمير المؤمنين حجته ، والحسن حجته ، والحسين حجته ، وعلي بن الحسين حجته ، ومحمد بن علي حجته ، وجعفر بن محمد حجته ، وموسى بن جعفر حجته ، وعلي بن موسى حجته ، ومحمد بن علي حجته ، وعلي بن محمد حجته ، والحسن بن علي حجته .

وأشهد أنك : حجة الله .

أنتم : الأول والأخر ، وأن رجعتكم حق لا ريب فيها ، يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، أو كسبت في إيمانها خيرا ، وأن الموت حق ، وأن ناكرا ونكيرا حق .

وأشهد : أن النشر والبعث حق ، وأن الصراط حق ، والمرصاد حق ، والميزان حق ، والحشر حق ، والحساب حق ، والجنة والنار حق ، والوعد والوعيد بهما حق.

يا مولاي : شقي من خالفكم ، وسعد من أطاعكم ، فاشهد على ما أشهدتك عليه ، وأنا ولي لك ، برئ من عدوك ، فالحق ما رضيتموه ، والباطل ما سخطتموه ، والمعروف ما أمرتم به ، والمنكر ما نهيتم عنه ، فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له ، وبرسوله ، وبأمير المؤمنين ، وبكم يا مولاي ، أولكم وآخركم ، ونصرتي معدة لكم ، ومودتي خالصة لكم ، آمين آمين .

الدعاء بعد الزيارة :

اللهم : إني أسألك أن تصلي على محمد نبي رحمتك وكلمة نورك ، وأن تملا قلبي نور اليقين ، وصدري نور الإيمان ، وفكري نور النيات ، وعزمي نور العلم ، وقوتي نور العمل ، ولساني نور الصدق ، وديني نور البصائر من عندك ، وبصري نور الضياء ، وسمعي نور الحكمة ، ومودتي نور الموالاة لمحمد وآله عليهم السلام ، حتى ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك ، فتغشيني رحمتك ، يا ولي يا حميد .

اللهم : صل على محمد حجتك في أرضك ، وخليفتك في بلادك ، والداعي إلى سبيلك ، والقائم بقسطك ، والثائر بأمرك ، ولي المؤمنين ، وبوار الكافرين ، ومجلي الظلمة ، ومنير الحق ، والناطق بالحكمة والصدق ، وكلمتك التامة في أرضك .

المرتقب : الخائف ، والولي الناصح ، سفينة النجاة ، وعلم الهدى ، ونور أبصار الورى ، وخير من تقمص وارتدى ، ومجلي العمى ، الذي يملأ الأرض عدل وقسطا ، كما ملئت ظلما وجورا ، إنك على كل شيء قدير .

اللهم : صل على وليك وابن أوليائك ، الذين فرضت طاعتهم ، وأوجبت حقهم ، وأذهبت عنهم الرجس ، وطهرتهم تطهيرا .

اللهم : انصره وانتصر به لدينك ، وانصر به أولياءك وأولياءه ، وشيعته وأنصاره، واجعلنا منهم.

اللهم : أعذه من شر كل باغ وطاغ ، ومن شر جميع خلقك ، واحفظه من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن شماله ، واحرسه وامنعه من أن يوصل إليه بسوء ، واحفظ فيه رسولك وآل رسولك

وأظهر به : العدل ، وأيده بالنصر ، وانصر ناصريه ، واخذل خاذليه ، واقصم قاصميه ، واقصم به جبابرة الكفر ، واقتل به الكفار والمنافقين ، وجميع الملحدين ، حيث كانوا من مشارق الأرض ومغاربها ، برها وبحرها ، واملأ به الأرض عدلا ، وأظهر به دين نبيك صلى الله عليه وآله .

واجعلني اللهم : من أنصاره وأعوانه ، وأتباعه وشيعته ، وأرني في آل محمد عليهم السلام ما يأملون ، وفي عدوهم ما يحذرون ، إله الحق آمين ، يا ذ الجلال والإكرام ، يا أرحم الراحمين [16] .




الزيارة الكاملة محل الغيبة

لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه

الإذن بالدخول لسرداب الغيبة المقدس :

قال السيد علي بن طاووس نور الله مرقده : إذا فرغت من زيارة العسكريين عليهما السلام ، فامض إلى السرداب المقدس وقف على بابه وقل :

إلهي : إني قد وقفت على باب بيت من بيوت نبيك محمد صلواتك عليه وآله ، وقد منعت الناس من الدخول إلى بيوته إلا بإذنه ، فقلت : يا أيها الذين آمنو لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم .

اللهم : وإني أعتقد حرمة نبيك في غيبته ، كما أعتقد في حضرته ، وأعلم أن رسلك وخلفاءك ، أحياء عندك يرزقون ، فرحين ، يرون مكاني ويسمعون كلامي ، ويردون سلامي عليّ ، وأنك حجبت عن سمعي كلامهم ، وفتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتهم .

فاني أستأذنك يا رب أولا ، وأستأذن رسولك صلواتك عليه وآله ثاني ، وأستأذن خليفتك الإمام المفترض علي طاعته في الدخول في ساعتي هذه إلى بيته ، وأستأذن ملائكتك الموكلين بهذه البقعة المباركة المطيعة لك السامعة ، السلام عليكم أيتها الملائكة الموكلون بهذا المشهد الشريف المبارك ورحمة الله وبركاته .

بإذن الله : وإذن رسوله ، وإذن خلفائه ، وإذن هذا الإمام وبإذنكم ، صلوات الله عليكم أجمعين ، أدخل هذا البيت متقربا إلى الله ، بالله ورسوله محمد وآله الطاهرين ، فكونوا ملائكة الله أعواني ، وكونوا أنصاري ، حتى أدخل هذا البيت ، وأدعو الله بفنون الدعوات ، وأعترف لله بالعبودية ، ولهذا الإمام وآبائه - صلوات الله عليهم - بالطاعة[17] .

ثم تنزل إلى السرداب :

مقدما رجلك اليمنى وتقول :

بسم الله وبالله ، وفي سبيل الله ، وعلى ملة رسول الله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

وكبر الله ، واحمده ، وسبحه ، وهلله .

فإذا استقررت فيه فقف مستقبل القبلة وقل :

سلام الله وبركاته وتحياته وصلواته : على مولاي صاحب الزمان ، صاحب الضياء والنور ، والدين المأثور ، واللواء المشهور ، والكتاب المنشور ، و صاحب الدهور والعصور ، وخلف الحسن ، الإمام المؤتمن ، والقائم المعتمد ، والمنصور المؤيد ، والكهف والعضد ، وعماد الإسلام ، وركن الأنام ، ومفتاح الكلام ، وولي الأحكام ، وشمس الظلام ، وبدر التمام ، ونضرة الأيام ، وصاحب الصمصام ، وفلاق الهام ، والبحر القمقام ، والسيد الهمام ، وحجة الخصام ، وباب المقام ليوم القيام .

والسلام على : مفرج الكربات ، وخواض الغمرات ، ومنفس الحسرات ، وبقية الله في أرضه ، وصاحب فرضه ، وحجته على خلقه ، وعيبة علمه ، وموضع صدقه ، والمنتهى إليه مواريث الأنبياء ، ولديه موجود آثار الأوصياء ، وحجة الله وابن رسوله ، والقيم مقامه ، وولي أمر الله ، ورحمة الله وبركاته .

اللهم : كما انتجبته لعلمك ، واصطفيته لحكمك ، وخصصته بمعرفتك ، و جللته بكرامتك ، وغشيته برحمتك ، وربيته بنعمتك ، وغذيته بحكمتك ، و اخترته لنفسك ، واجتبيته لبأسك ، وارتضيته لقدسك ، وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك ، وديان الدين بعدلك ، وفصل القضايا بين عبادك ، ووعدته أن تجمع به الكلم ، وتفرج به عن الأمم ، وتنير بعدله الظلم ، وتطفئ به نيران الظلم ، وتقمع به حر الكفر و آثاره ، وتطهر به بلادك ، وتشفى به صدور عبادك ، وتجمع به الممالك كلها ، قريبها وبعيده ، عزيزها وذليلها ، شرقها وغربها ، سهلها وجبلها ، صباها و دبورها ، شمالها وجنوبه ، برها وبحرها ، حزونها ووعورها ، يملاها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وتمكن له فيها ، وتنجز به وعد المؤمنين ، حتى لا يشرك بك شيئا ، وحتى لا يبقى حق إل ظهر ، ولا عدل إلا زهر ، وحتى لا يستخفي بشيء من الحق ، مخافة أحد من الخلق .

اللهم : صل عليه صلاة تظهر بها حجته ، وتوضح بها بهجته ، وترفع بها درجته ، وتؤيد بها سلطانه ، وتعظم بها برهانه ، وتشرف بها مكانه ، وتعلي به بنيانه ، وتعز بها نصره ، وترفع بها قدره ، وتسمي بها ذكره ، وتظهر بها كلمته ، وتكثر بها نصرته ، وتعز بها دعوته ، وتزيده بها إكراما ، وتجعله للمتقين إمام وتبلغه في هذا المكان ، مثل هذا الأوان ، وفي كل مكان وأوان ، منا تحية وسلام ، لا يبلى جديده ، ولا يفنى عديده .

السلام عليك : يا بقية الله في أرضه وبلاده ، وحجته على عباده ، السلام عليك يا خلف السلف ، السلام عليك يا صاحب الشرف ، السلام عليك يا حجة المعبود ، السلام عليك يا كلمة المحمود ، السلام عليك يا شمس الشموس ، السلام عليك يا مهدي الأرض ، و مبين عين الفرض ، السلام عليك يا مولاي ، يا صاحب الزمان ، والعالي الشأن ، السلام عليك يا خاتم الأوصياء ، وابن خاتم الأنبياء ، السلام عليك يا معز الأولياء ومذل الأعداء ، السلام عليك أيها الإمام الوحيد ، والقائم الرشيد .

السلام عليك : أيها الإمام الفريد ، السلام عليك أيها الإمام المنتظر ، والحق المشتهر ، السلام عليك أيها الإمام الولي المجتبى ، والحق المنتهى ، السلام عليك أيها الإمام المرتجى لإزالة الجور والعدوان ، السلام عليك أيها الإمام المبيد لأهل الفسوق والطغيان ، السلام عليك أيها الإمام الهادم لبنيان الشرك والنفاق ، والحاصد فروع الغي والشقاق .

السلام عليك أيها المدخر لتجديد الفرائض والسنن ، السلام عليك يا طامس آثار الزيغ والأهواء ، وقاطع حبائل الكذب والفتن والامتراء ، السلام عليك أيها المؤمل لإحياء الدولة الشريفة ، السلام عليك يا جامع الكلمة على التقوى .

السلام عليك : يا باب الله ، السلام عليك يا ثار الله ، السلام عليك يا محيي معالم الدين وأهله ، السلام عليك يا قاصم شوكة المعتدين ، السلام عليك يا وجه الله الذي لا يهلك ولا يبلى إلى يوم الدين ، السلام عليك يا ركن الإيمان ، السلام عليك أيها السبب المتصل بين الأرض والسماء.

السلام عليك يا صاحب الفتح وناشر رأيه الهدى ، السلام عليك ي مؤلف شمل الصلاح والرضا ، السلام عليك يا طالب ثار الأنبياء ، وأبناء الأنبياء ، والثائر بدم المقتول بكربلاء ، السلام عليك أيها المنصور على من اعتدى ، السلام عليك أيها المضطر المجاب إذا دعا ، السلام عليك يا بقية الخلائف ، البر التقي ، الباقي لإزالة الجور والعدوان .

السلام عليك : يا ابن النبي المصطفى ، السلام عليك يا ابن على المرتضى ، السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء ، السلام عليك يا ابن خديجة الكبرى ، وابن السادة المقربين ، والقادة المتقين ، السلام عليك يا ابن النجباء الأكرمين ، السلام عليك يا ابن الأصفياء المهتدين ، السلام عليك يا ابن الهداة المهديين ، السلام عليك يا ابن خيرة الخير .

السلام عليك يا ابن سادة البشر ، السلام عليك يا ابن الغطارفة الاكرمين ، والاطائب المطهرين ، السلام عليك يا ابن البررة المنتجبين ، والخضارمة الانجبين .

السلام عليك : يا ابن الحجج المنيرة ، والسراج المضيئة ، السلام عليك يا ابن الشهب الثاقبة ، السلام عليك يا ابن قواعد العلم ، السلام عليك ي ابن معادن الحلم ، السلام عليك يا ابن الكواكب الزاهرة ، والنجوم الباهرة ، السلام عليك : يا ابن الشموس الطالعة ، السلام عليك يا ابن الأقمار الساطعة .

السلام عليك : يا ابن السبل الواضحة والأعلام اللائحة ، السلام عليك يا ابن السنن المشهورة ، السلام عليك يا ابن المعالم المأثورة ، السلام عليك يا ابن الشواهد المشهودة ، والمعجزات الموجودة ، السلام عليك يا ابن الصراط المستقيم ، و النباء العظيم ، السلام عليك يا ابن الآيات البينات ، والدلائل الظاهرات ، السلام عليك يا ابن البراهين الواضحات ، السلام عليك يا ابن الحجج البالغات ، والنعم السابغات ، السلام عليك يا ابن طه والمحكمات، وياسين والذاريات، والطور والعاديات.

السلام عليك : يا ابن من دنى فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، واقترب من العلي الأعلى ، ليت شعري أين استقرت بك النوى ، أم أنت بوادي طوى ، عزيز علي أن ترى الخلق ولا ترى ، ولا يسمع لك حسيس ولا نجوى ، عزيز علي أن يرى الخلق ولا ترى ، عزيز علي أن تحيط بك الأعداء ، بنفسي أنت من مغيب ما غاب عنا ، بنفسي أنت من نازح ما نزح عنا (هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى ؟ هل يتصل يومنا بغده فنحظى ؟ متى نرد مناهلك الروية فنروى ؟ متى ننتفع من عذب مائك فقد طال الصدى ؟ متى نغاديك ونراوحك فنقر عينا ؟ متى ترانا نراك وقد نشرت لواء النصر ترى ؟ أتران نحف بك وأنت تؤم الملاء و قد ملأت الأرض عدلا ، وأذقت أعداءك هوانا وعقابا ، وأبرت العتاة وجحدة الحق ، وقطعت دابر المتكبرين ، واجتثثت أصول الظالمين ) ونحن نقول الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله أجمعين .

بحار الأنوار ج94ص84ح2عن مصباح الزائر ص 217 .

يا طيب : العبارة بين القوسين وضعناها من دعاء الندبة ليتم بها المعنى ، وإن العبارة فيه أوسع اخترنا منها هذا المقطع ـ وأسأل الله أن ل يكون تصرف بالدعاء فأتلوها بعنوان الرجاء أو أهجرها لأنه بدونها موجودة في كتاب البحار ولم أعثر على كتبا مصباح الزائر .

قال صاحب البحار رحمه الله : ولنوضح بعض ما يحتاج من الزيارات والأدعية السابقة إلى البيان والله المستعان .

قوله : بدر التمام : كذا في النسخ بدون اللام من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة بتقدير ، أي بدر النور التمام ، يقال : قمر تمام بكسر التاء وفتحها والكسر أفصح : إذا لم يكن فيه نقص ، والصمصام : السيف القاطع الذي لا ينثني ، والهام : جمع الهامة هي الرأس .

والقمقام : بالفتح وقد يضم السيد والبحر والعدد الكثير ، والهمام : كغراب الملك العظيم الهمة ، والسيد الشجاع السخى ، وخاض الغمرات : أي اقتحمه ودخلها مبادرا ، وغمرة الشي ء شدته ومزدحمه ومن الناس جماعتهم أي الدخال بين الجماعات الكثيرة للقتال من غير مبالاة أو في الشدايد وعظائم الأمور ، والحزون جمع الحزن كالوعور جمع الوعر وهما ما غلظ من الأرض فيهما ليسا على سياق ما سبق قوله حتى ل يشرك لعل فاعله محذوف أي أحد .

والغطارفة : بالغين المعجمة والطاء المهملة جمع الغطريف بالكسر ، وهو السيد الشريف ، والخضارمة : بالخاء والضاد المعجمتين جمع خضرم بكسر الخاء والراء ، وهو البئر الكثيرة الماء والبحر الغطمطم ، والكثير من كل شيء والواسع والجواد المعطاء والسيد الحمول . والثاقبة : المضيئة ، والنوى : الدار والتحول من مكان إلى آخر . ورضوى : كسكرى جبل بالمدينة ، يروى أنه عليه السلام قد يكون هناك ، وطوى : بالضم والكسر وقد ينون واد بالشام ، وذو طوى : مثلثة الطاء وقد ينون أيضا موضع قرب مكة ، والحسيس : الصوت الخفى .

ثم ترفع يديك وتقول :

اللهم : أنت كاشف الكرب والبلوى ، وإليك نشكو فقد نبينا ، وغيبة إمامنا وابن بنت نبينا ، اللهم : واملأ به الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجور ، اللهم : صل على محمد وأهل بيته ، وأرنا سيدنا وصاحبنا ، وإمامنا ومولانا صاحب الزمان ، وملجأ أهل عصرنا ، ومنجأ أهل دهرنا ، ظاهر المقالة ، واضح الدلالة ، هادي من الضلالة ، منقذا من الجهالة ، وأظهر معالمه ، وثبت قواعده ، وأعز نصره، وأطل عمره، وابسط جاهه، وأحيِّ أمره ، وأظهر نوره ، وقرب بعده ، وأنجز وعده ، وأوف عهده ، وزين الأرض بطول بقائه ، و دوام ملكه ، وعلو ارتقائه وارتفاعه، وأنر مشاهده، وثبت قواعده ، وعظم برهانه وأمد سلطانه ، وأعل مكانه ، وقو أركانه ، وأرنا وجهه ، وأوضح بهجته ، وارفع درجته ، وأظهر كلمته ، وأعز دعوته ، وأعطه سؤله ، وبلغه يا رب مأموله ، و شرف مقامه، وعظم إكرامه .

وأعز به : المؤمنين ، وأحيِّ به سنن المرسلين ، وأذل به المنافقين ، وأهلك به الجبارين ، واكفه بغي الحاسدين ، وأعذه من شر الكائدين ، وازجر عنه إرادة الظالمين ، وأيده بجنود من الملائكة مسومين ، وسلطه على أعداء دينك أجمعين ، واقصم به كل جبار عنيد ، وأخمد بسيفه كل نار وقيد .

وأنفذ حكمه في كل مكان ، وأقم بسلطانه كل سلطان ، واقمع به عبدت الأوثان ، وشرف به أهل القرآن والإيمان ، وأظهر على كل الأديان

و اكبت من عاداه ، وأذل من ناواه ، واستأصل من جحد حقه ، وأنكر صدقه ، واستهان بأمره ، وأراد إخماد ذكره ، وسعى في إطفاء نوره .

اللهم : نور بنوره كل ظلمة، واكشف به كل غمة ، وقدم أمامه الرعب ، وثبت به القلب ، وأقم به نصرة الحرب ، واجعله القائم المؤمل ، والوصي المفضل ، والإمام المنتظر والعدل المختبر ، واملأ به الأرض عدلا وقسط كما ملئت جور وظلما و أعنه على ما وليته واستخلفته واسترعيته ، حتى يجري حكمه على كل حكم ، ويهدي بحقه كل ضلالة .

واحرسه اللهم : بعينك التي لا تنام ، واكنفه بركنك الذي لا يرام ، وأعزه بعزك الذي لا يضام ، واجعلني يا إلهي من عدده ومدده ، وأنصاره وأعوانه وأركانه ، وأشياعه وأتباعه ، وأذقني طعم فرحته ، وألبسني ثوب بهجته ، وأحضرني معه لبيعته ، وتأكيد عقده بين الركن والمقام ، عند بيتك الحرام ، ووفقني يا رب للقيام بطاعته ، والمثوى في خدمته ، والمكث في دولته ، واجتناب معصيته .

فان توفيتني اللهم : قبل ذلك ، فاجعلني يا رب فيمن يكر في رجعته ، ويملك في دولته ، ويتمكن في أيامه ، ويستظل تحت أعلامه ، ويحشر في زمرته ، وتقر عينه برؤيته ، بفضلك وإحسانك ، وكرمك وامتنانك ، إنك ذ والفضل العظيم ، والمن القديم ، والإحسان الكريم .

الصلاة والدعاء بعد الزيارة :

ثم صل في مكانك اثنتي عشرة ركعة واقرأ فيها ما شئت ، واهده له عليه السلام ، فإذا سلمت في كل ركعتين فسبح تسبيح الزهراء عليها السلام وقل:

اللهم : أنت السلام ومنك السلام ، وإليك يعود السلام ، حينا ربن منك بالسلام ، اللهم : إن هذه الركعات هدية مني إلى وليك وابن وليك ، وابن أوليائك ، الإمام ابن الأئمة ، الخلف الصالح ، الحجة صاحب الزمان ، فصل على محمد وآل محمد ، وبلغه إياها ، و أعطني أفضل أملي ورجائي فيك وفي رسولك ، صلواتك عليه وعلى آله أجمعين .

فإذا فرغت من الصلاة فادع بهذا الدعاء :

وهو دعاء مشهور يدعى به في غيبة القائم عليه السلام وهو :

الدعاء في غيبة القائم عليه السلام

قال الصدوق رحمه الله : في كتابه كمال الدين وتمام النعمة ، حدثنا أبو محمد الحسين بن أحمد المكتب ، قال حدثنا أبو علي بن همام بهذا الدعاء ، و ذكر أن الشيخ العمري قدس الله روحه أملاه عليه ، و أمره أن يدعو به ، و هو الدعاء في غيبة القائم عليه السلام :

اللَّهُمَّ : عَرِّفْنِي نَفْسَكَ ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ ، لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ .

اللَّهُمَّ : عَرِّفْنِي نَبِيَّكَ ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَبِيَّكَ ، لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ .

اللَّهُمَّ : عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ، ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي .

اللَّهُمَّ : لَا تُمِتْنِي مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ، وَ لَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي .

اللَّهُمَّ : فَكَمَا هَدَيْتَنِي بِوَلَايَةِ ، مَنَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُ عَلَيَّ ، مِنْ وُلَاةِ أَمْرِكَ بَعْدَ رَسُولِكَ .

حَتَّى وَالَيْتَ وُلَاةَ أَمْرِكَ : أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ الْحَسَنَ ، وَ الْحُسَيْنَ ، وَ عَلِيّاً ، وَ مُحَمَّداً ، وَ جَعْفَراً ، وَ مُوسَى ، وَ عَلِيّاً ، وَ مُحَمَّداً ، وَ عَلِيّاً ، وَ الْحَسَنَ ، وَ الْحُجَّةَ الْقَائِمَ الْمَهْدِيَّ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ .

اللَّهُمَّ : فَثَبِّتْنِي عَلَى دِينِكَ ، وَ اسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ ، وَ لَيِّنْ قَلْبِي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ ، وَ عَافِنِي مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ .

وَ ثَبِّتْنِي : عَلَى طَاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ ، الَّذِي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ .

فَبِإِذْنِكَ : غَابَ عَنْ بَرِيَّتِكَ ، وَ أَمْرَكَ يَنْتَظِرُ ، وَ أَنْتَ الْعَالِمُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ ، بِالْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ صَلَاحُ أَمْرِ وَلِيِّكَ ، فِي الْإِذْنِ لَهُ بِإِظْهَارِ أَمْرِهِ ، وَ كَشْفِ سِتْرِهِ .

فَصَبِّرْنِي : عَلَى ذَلِكَ ، حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَ أَخَّرْتَ ، وَ لَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ ، وَ لَا أَكْشِفَ عَمَّا سَتَرْتَهُ ، وَ لَا أَبْحَثَ عَمَّا كَتَمْتَهُ ، وَ لَا أُنَازِعَكَ فِي تَدْبِيرِكَ ، وَ لَا أَقُولَ لِمَ وَ كَيْفَ ، وَ مَا بَالُ وَلِيِّ الْأَمْرِ لَا يَظْهَرُ ، وَ قَدِ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ مِنَ الْجَوْرِ ، وَ أُفَوِّضُ أُمُورِي كُلَّهَا إِلَيْكَ .

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُرِيَنِي وَلِيَّ أَمْرِكَ ظَاهِراً نَافِذاً لِأَمْرِكَ ، مَعَ عِلْمِي بِأَنَّ لَكَ السُّلْطَانَ وَ الْقُدْرَةَ ، وَ الْبُرْهَانَ وَ الْحُجَّةَ ، وَ الْمَشِيئَةَ وَ الْإِرَادَةَ ، وَ الْحَوْلَ وَ الْقُوَّةَ ، فَافْعَلْ ذَلِكَ بِي وَ بِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ .

حَتَّى نَنْظُرَ : إِلَى وَلِيِّكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، ظَاهِرَ الْمَقَالَةِ ، وَاضِحَ الدَّلَالَةِ ، هَادِياً مِنَ الضَّلَالَةِ ، شَافِياً مِنَ الْجَهَالَةِ .

أَبْرِزْ يَا رَبِّ : مَشَاهِدَهُ ، وَ ثَبِّتْ‏ قَوَاعِدَهُ ، وَ اجْعَلْنَا مِمَّنْ تَقَرُّ عَيْنُهُ بِرُؤْيَتِهِ ، وَ أَقِمْنَا بِخِدْمَتِهِ ، وَ تَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ ، وَ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ .

اللَّهُمَّ : أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ ، جَمِيعِ مَا خَلَقْتَ وَ بَرَأْتَ وَ ذَرَأْتَ ، وَ أَنْشَأْتَ وَ صَوَّرْتَ ، وَ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ ، وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ ، وَ مِنْ فَوْقِهِ وَ مِنْ تَحْتِهِ ، بِحِفْظِكَ الَّذِي لَا يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ ، وَ احْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ ، وَ وَصِيَّ رَسُولِكَ .

اللَّهُمَّ : وَ مُدَّ فِي عُمُرِهِ ، وَ زِدْ فِي أَجَلِهِ ، وَ أَعِنْهُ عَلَى مَا أَوْلَيْتَهُ وَ اسْتَرْعَيْتَهُ ، وَ زِدْ فِي كَرَامَتِكَ لَهُ ، فَإِنَّهُ الْهَادِي وَ الْمُهْتَدِي ، وَ الْقَائِمُ الْمَهْدِيُّ ، الطَّاهِرُ التَّقِيُّ ، النَّقِيُّ الزَّكِيُّ ، الرَّضِيُّ الْمَرْضِيُّ ، الصَّابِرُ الْمُجْتَهِدُ ، الشَّكُورُ .

اللَّهُمَّ : وَ لَا تَسْلُبْنَا الْيَقِينَ ، لِطُولِ الْأَمَدِ فِي غَيْبَتِهِ ، وَ انْقِطَاعِ خَبَرِهِ عَنَّا ، وَ لَا تُنْسِنَا ذِكْرَهُ وَ انْتِظَارَهُ ، وَ الْإِيمَانَ وَ قُوَّةَ الْيَقِينِ فِي ظُهُورِهِ ، وَ الدُّعَاءَ لَهُ ، وَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ ، حَتَّى لَا يُقَنِّطَنَا طُولُ غَيْبَتِهِ مِنْ ظُهُورِهِ وَ قِيَامِهِ ، وَ يَكُونَ يَقِينُنَا فِي ذَلِكَ ، كَيَقِينِنَا فِي قِيَامِ رَسُولِكَ ، وَ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وَ تَنْزِيلِكَ ، وَ قَوِّ قُلُوبَنَا عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ ، حَتَّى تَسْلُكَ بِنَا عَلَى يَدِهِ مِنْهَاجَ الْهُدَى ، وَ الْحُجَّةَ الْعُظْمَى ، وَ الطَّرِيقَةَ الْوُسْطَى ، وَ قَوِّنَ عَلَى طَاعَتِهِ ، وَ ثَبِّتْنَا عَلَى مُتَابَعَتِهِ ، وَ اجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ وَ أَعْوَانِهِ وَ أَنْصَارِهِ ، وَ الرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ ، وَ لَا تَسْلُبْنَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِنَا ، وَ لَا عِنْدَ وَفَاتِنَا ، حَتَّى تَتَوَفَّانَا وَ نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرَ شَاكِّينَ ، وَ لَا نَاكِثِينَ وَ لَا مُرْتَابِينَ وَ لَ مُكَذِّبِينَ .

اللَّهُمَّ : عَجِّلْ فَرَجَهُ .

وَ أَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ : وَ انْصُرْ نَاصِرِيهِ ، وَ اخْذُلْ خَاذِلِيهِ ، وَ دَمِّرْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَ كَذَّبَ بِهِ ، وَ أَظْهِرْ بِهِ الْحَقَّ ، وَ أَمِتْ بِهِ الْبَاطِلَ ، وَ اسْتَنْقِذْ بِهِ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الذُّلِّ ، وَ انْعَشْ بِهِ الْبِلَادَ ، وَ اقْتُلْ بِهِ جَبَابِرَةَ الْكُفْرِ ، وَ اقْصِمْ بِهِ رُءُوسَ‏ الضَّلَالَةِ ، وَ ذَلِّلْ بِهِ الْجَبَّارِينَ ، وَ الْكَافِرِينَ ، وَ أَبِرْ بِهِ الْمُنَافِقِينَ وَ النَّاكِثِينَ ، وَ جَمِيعَ الْمُخَالِفِينَ وَ الْمُلْحِدِينَ ، فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَ ، وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا ، وَ سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا ، حَتَّى لَا تَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً ، وَ لَا تُبْقِيَ لَهُمْ آثَاراً ، وَ تُطَهِّرَ مِنْهُمْ بِلَادَكَ ، وَ اشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبَادِكَ ,

وَ جَدِّدْ بِهِ : مَا امْتَحَى مِنْ دِينِكَ ، وَ أَصْلِحْ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ ، وَ غَيِّرْ مِنْ سُنَّتِكَ ، حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ ، وَ عَلَى يَدَيْهِ ، غَضّاً جَدِيداً ، صَحِيحاً لَا عِوَجَ فِيهِ ، وَ لَا بِدْعَةَ مَعَهُ ، حَتَّى تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نِيرَانَ الْكَافِرِينَ .

فَإِنَّهُ عَبْدُكَ : الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ ، وَ ارْتَضَيْتَهُ لِنُصْرَةِ نَبِيِّكَ ، وَ اصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ ، وَ عَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ ، وَ بَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ ، وَ أَطْلَعْتَهُ عَلَى الْغُيُوبِ ، وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ، وَ طَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ ، وَ نَقَّيْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ .

اللَّهُمَّ : فَصَلِّ عَلَيْهِ ، وَ عَلَى آبَائِهِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ ، وَ عَلَى شِيعَتِهِمُ الْمُنْتَجَبِينَ ، وَ بَلِّغْهُمْ مِنْ آمَالِهِمْ أَفْضَلَ مَا يَأْمُلُونَ ، وَ اجْعَلْ ذَلِكَ مِنَّا خَالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَ شُبْهَةٍ وَ رِيَاءٍ وَ سُمْعَةٍ ، حَتَّى لَا نُرِيدَ بِهِ غَيْرَكَ ، وَ لَا نَطْلُبَ بِهِ إِلَّا وَجْهَكَ .

اللَّهُمَّ : إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنَا ، وَ غَيْبَةَ وَلِيِّنَا ، وَ شِدَّةَ الزَّمَانِ عَلَيْنَا ، وَ وُقُوعَ الْفِتَنِ بِنَا ، وَ تَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ عَلَيْنَا ، وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا ، وَ قِلَّةَ عَدَدِنَا .

اللَّهُمَّ : فَافْرُجْ ذَلِكَ ، بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ ، وَ نَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ ، وَ إِمَامِ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ ، إِلَهَ الْحَقِّ ، رَبَّ الْعَالَمِينَ .

اللَّهُمَّ : إِنَّا نَسْأَلُكَ ، أَنْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّكَ فِي إِظْهَارِ عَدْلِكَ فِي عِبَادِكَ ، وَ قَتْلِ أَعْدَائِكَ فِي بِلَادِكَ ، حَتَّى لَا تَدَعَ لِلْجَوْرِ يَا رَبِّ ، دِعَامَةً إِلَّا قَصَمْتَهَا ، وَ لَا بِنْيَةً إِلَّا أَفْنَيْتَهَا ، وَ لَا قُوَّةً إِلَّا أَوْهَنْتَهَا ، وَ لَا رُكْناً إِلَّا هَدَدْتَهُ ، وَ لَا حَدّاً إِلَّا فَلَلْتَهُ ، وَ لَا سِلَاحاً إِلَّ أَكْلَلْتَهُ ، وَ لَا رَايَةً إِلَّا نَكَّسْتَهَا ، وَ لَا شُجَاعاً إِلَّا قَتَلْتَهُ ، وَ لَا جَيْشاً إِلَّا خَذَلْتَهُ ، وَ ارْمِهِمْ يَا رَبِّ بِحَجَرِكَ الدَّامِغِ ، وَ اضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ الْقَاطِعِ ، وَ بِبَأْسِكَ الَّذِي لَا تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ، وَ عَذِّبْ أَعْدَاءَكَ ، وَ أَعْدَاءَ دِينِكَ ، وَ أَعْدَاءَ رَسُولِكَ ، بِيَدِ وَلِيِّكَ ، وَ أَيْدِي عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ .

اللَّهُمَّ : اكْفِ وَلِيَّكَ ، وَ حُجَّتَكَ فِي أَرْضِكَ ، هَوْلَ عَدُوِّهِ ، وَ كِدْ مَنْ كَادَهُ ، وَ امْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ ، وَ اجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَى مَنْ أَرَادَ بِهِ سُوءاً ، وَ اقْطَعْ عَنْهُ مَادَّتَهُمْ ، وَ أَرْعِبْ لَهُ قُلُوبَهُمْ ، وَ زَلْزِلْ لَهُ أَقْدَامَهُمْ ، وَ خُذْهُمْ جَهْرَةً وَ بَغْتَةً ، وَ شَدِّدْ عَلَيْهِمْ عِقَابَكَ ، وَ أَخْزِهِمْ فِي عِبَادِكَ ، وَ الْعَنْهُمْ فِي بِلَادِكَ ، وَ أَسْكِنْهُمْ أَسْفَلَ نَارِكَ ، وَ أَحِطْ بِهِمْ أَشَدَّ عَذَابِكَ ، وَ أَصْلِهِمْ نَاراً ، وَ احْشُ قُبُورَ مَوْتَاهُمْ نَاراً ، وَ أَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ ، فَإِنَّهُمْ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُو الشَّهَواتِ ، وَ أَذَلُّوا عِبَادَكَ .

اللَّهُمَّ : وَ أَحْيِ بِوَلِيِّكَ الْقُرْآنَ ، وَ أَرِنَا نُورَهُ سَرْمَداً لَا ظُلْمَةَ فِيهِ ، وَ أَحْيِ بِهِ الْقُلُوبَ الْمَيْتَةَ ، وَ اشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الْوَغِرَةَ ، وَ اجْمَعْ بِهِ الْأَهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ عَلَى الْحَقِّ ، وَ أَقِمْ بِهِ الْحُدُودَ الْمُعَطَّلَةَ ، وَ الْأَحْكَامَ الْمُهْمَلَةَ ، حَتَّى لَا يَبْقَى حَقٌّ إِلَّا ظَهَرَ ، وَ لَا عَدْلٌ إِلَّا زَهَرَ .

وَ اجْعَلْنَا يَا رَبِّ : مِنْ أَعْوَانِهِ ، وَ مُقَوِّي سُلْطَانِهِ ، وَ الْمُؤْتَمِرِينَ لِأَمْرِهِ ، وَ الرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ ، وَ الْمُسَلِّمِينَ لِأَحْكَامِهِ ، وَ مِمَّنْ لَا حَاجَةَ لَهُ بِهِ إِلَى التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ .

أَنْتَ يَا رَبِّ : الَّذِي تَكْشِفُ السُّوءَ ، وَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاكَ ، وَ تُنَجِّي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ، فَاكْشِفْ يَا رَبِّ الضُّرَّ عَنْ وَلِيِّكَ ، وَ اجْعَلْهُ خَلِيفَةً فِي أَرْضِكَ ، كَمَا ضَمِنْتَ لَهُ .

اللَّهُمَّ : وَ لَا تَجْعَلْنِي مِنْ خُصَمَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ لَا تَجْعَلْنِي مِنْ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ لَا تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الْحَنَقِ وَ الْغَيْظِ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ فَأَعِذْنِي ، وَ أَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْنِي .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ اجْعَلْنِي بِهِمْ فَائِزاً عِنْدَكَ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ . آمين يا رب العالمين .

كمال الدين و تمام النعمة ج2ص512ح43 . مصباح المتهجد و سلاح المتعبد ج‏1ص414 . بحار الأنوار ج95ص86ح2عن مصباح الزائر ص 201 ـ223. ومعنى أباره أي أهلكه، و المبير: المهلك. الغض: الطرى.الهدة: الهدم و الكسر. والحد: السيف. و الفل: الكسر و الثلمة. الوغرة شدة توقد الحر.

والوقيد : المتوقد المشتعل . ودوائر الدهر : صروفه التي تدور وتحيط بالإنسان ، ودائرة السوء ما يدور عليه ويسوؤه ، والبغتة : المفاجأة ، والجهرة : العلانية ، والوغر : بالغين المعجمة الحقد والضغن والعداوة والتوقد من الغيظ .

ملاحظة : يوجد في الذكر الآتي زيارات مختصرة ، ودعاء لوداع الإمام في محل الغيبة فراجعها وودع بها إن أردت الوداع ، كما إنه مر أعلاه إن الدعاء الأخير هذا كزيارة يزار بها الإمام ودعاء يدعى به في أي مكان وزمان.

زيارات أخرى في محل الغيبة

زيارة الندبة

للإمام المهدي صلوات الله عليه

وهي المعروفة بالندبة وهي غير دعاء الندبة

خرجت من الناحية المحفوفة بالقدس إلى أبي جعفر محمد بن عبد الله الحميري رحمه الله وأمر أن تتلى في السرداب المقدس وهي :

بسم الله الرحمن الرحيم : لا لأمر الله تعقلون[18] ، ولا من أوليائه تقبلون ، حكمة بالغة فما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فتزور وتقول :

سلام على آل ياسين ، ذلك هو الفضل المبين ، والله ذو الفضل العظيم لمن يهديه صراطه المستقيم ، قد آتاكم الله يا آل يسين خلافته ، وعلم مجاري أمره فيما قضاه ودبره ، ورتبه وأراده في ملكوته ، فكشف لكم الغطاء ، وأنتم خزنته وشهداؤه ، وعلماؤه وأمناؤه ، وساسة العباد ، وأركان البلاد ، وقضاة الأحكام ، وأبواب الإيمان ، وسلالة النبيين ، وصفوة المرسلين ، وعترة خيرة رب العالمين ، ومن تقديره منايح العطاء[19] بكم ، إنفاذه محتوما مقرونا ، فما شيء منا ، إلا وأنتم له السبب وإليه السبيل ، خياره لوليكم نعمة ، وانتقامه من عدوكم سخطة ، فلا نجاة ولا مفزع إلا أنتم ، ول مذهب عنكم

يا أعين الله الناظرة ، وحملة معرفته ، ومساكن توحيده في أرضه وسمائه . وأنت يا مولاي ويا حجة الله وبقيته كمال نعمته ، ووارث أنبيائه وخلفائه ، ما بلغناه من دهرنا ، وصاحب الرجعة لوعد ربنا ، التي فيها دولة الحق وفرجنا ، ونصر الله لنا وعزنا .

السلام عليك : أيها العلم المنصوب ، والعلم المصبوب ، والغوث والرحمة الواسعة ، وعدا غير مكذوب ، السلام عليك يا صاحب المرأى والمسمع ، الذي بعين الله مواثيقه ، وبيد الله عهوده ، وبقدرة الله سلطانه ، أنت الحكيم الذي لا تعجله الغضبة ، والكريم الذي لا تبخله الحفيظة ، والعالم الذي لا تجهله الحمية ، مجاهدتك في الله ذات مشية الله ، ومقارعتك في الله ذات انتقام الله ، وصبرك في الله ذو أناة الله ، وشكرك لله ذو مزيد الله ورحمته[20] .

السلام عليك : يا محفوظا بالله ! الله نور أمامه وورائه ، ويمينه وشماله ، وفوقه وتحته .

السلام عليك : يا مخزونا في قدرة الله ، نور سمعه وبصره .

السلام عليك : يا وعد الله الذي ضمنه ، ويا ميثاق الله الذي أخذه ووكده ، السلام عليك يا داعي الله وديان دينه ، السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه ، السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته ، السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه .

السلام عليك : في آناء الليل والنهار ، السلام عليك يا بقية الله في أرضه ، السلام عليك حين تقوم ، السلام عليك حين تقعد ، السلام عليك حين تقر وتبين ، السلام عليك حين تصلي وتقنت ، السلام عليك حين تركع وتسجد ، السلام عليك حين تعوذ وتسبح ، السلام عليك حين تهلل وتكبر ، السلام عليك حين تحمد وتستغفر ، السلام عليك حين تمجد وتمدح ، السلام عليك حين تمسي وتصبح .

السلام عليك : في الليل إذا يغشى ، والنهار إذا تجلى ، السلام عليك في الآخرة والأولى ، السلام عليكم يا حجج الله ودعاتنا ، وهداتنا ورعاتن ، وقادتنا وأئمتنا ، وسادتنا وموالينا ، السلام عليكم أنتم نورنا ، وأنتم جاهن أوقات صلواتنا ، وعصمتنا بكم لدعائنا وصلاتنا وصيامنا ، واستغفارنا وسائر أعمالن ، السلام عليك أيها الإمام المأمون ، السلام عليك أيها الإمام المأمول ، السلام عليك بجوامع السلام .

اشهد يا مولاي : أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، لا حبيب إلا هو وأهله ، وأن أمير المؤمنين حجته ، وأن الحسن حجته وأن الحسين حجته ، وأن علي بن الحسين حجته ، وأن محمد بن علي حجته ، وأن جعفر بن محمد حجته ، وأن موسى بن جعفر حجته ، وأن علي بن موسى حجته ، وأن محمد ابن علي حجته ، وأن علي بن محمد حجته ، وأن الحسن بن علي حجته ، وأنت حجته ، وأن الأنبياء دعاة وهداة رشدكم ، أنتم الأول والأخر وخاتمته[21] .

وان رجعتكم : حق لا شك فيها ، ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، أو كسبت في إيمانها خيرا ، وأن الموت حق ، وأن منكرا ونكيرا حق ، وأن النشر حق ، والبعث حق ، وأن الصراط حق ، وأن المرصاد حق ، وأن الميزان حق ، والحساب حق ، وأن الجنة حق ، والنار حق ، والجزاء بهما للوعد والوعيد حق ، وأنكم للشفاعة حق لا تردون ولا تسبقون ، بمشية الله وبأمره تعملون ، ولله الرحمة ، والكلمة العلي ، وبيده الحسنى ، وحجة الله النعمى ، خلق الجن والأنس لعبادته ، أراد من عباده عبادته ، فشقي وسعيد ، قد شقي من خالفكم ، وسعد من أطاعكم .

وأنت يا مولاي : فاشهد بما أشهدتك عليه ، تخزنه وتحفظه لي عندك ، أموت عليه ، وأنشر عليه ، وأقف به وليا لك ، بريئا من عدوك ، ماقتا لمن أبغضكم ، وادا لمن أحببتم ، فالحق ما رضيتموه ، والباطل ما سخطتموه ، والمعروف ما أمرتم به ، والمنكر ما نهيتم عنه ، والقضاء المثبت ما استأثرت به مشيئتكم ، والممحو م لا استأثرت به سنتكم [22].

فلا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ومحمد عبده ورسوله ، علي أمير المؤمنين وحجته ، الحسن حجته ، الحسين حجته ، علي حجته ، محمد حجته ، جعفر حجته ، موسى حجته ، علي حجته ، محمد حجته ، علي حجته ، الحسن حجته ، وأنت حجته ، وأنتم حججه وبراهينه ، أنا يا مولاي مستبشر بالبيعة التي أخذ الله عليَّ شرطها ، قتال في سبيله اشترى به أنفس المؤمنين .

فنفسي : مؤمنة بالله وحده لا شريك له ، وبرسوله وبأمير المؤمنين وبكم يا موالي ، أولكم وآخركم ، ونصرتي لكم معدة ، ومودتي خالصة لكم ، وبراءتي من أعدائكم : أهل الحردة[23] والجدال ثابتة ، لثأركم أنا ولي وحيد .

والله إله الحق جعلني بذلك ، آمين آمين ، من لي إلا أنت فيما دنت ، واعتصمت بك فيه ، تحرسني فيما تقربت به إليك ، يا وقاية الله وستره وبركته ، أغنني أدركنى ، أدركني صلني بك ، ولا تقطعني .

اللهم : بهم إليك توسلي وتقربي ، اللهم : صل على محمد وآل محمد ، وصلني بهم ولا تقطعني ، وبحجتك اعصمني ، وسلامك على آل يسين ، مولاي أنت الجاه[24] عند الله ربك وربي ، إنه حميد مجيد .

اللهم : إني أسألك باسمك الذي خلقته[25] من ذلك ، واستقر فيك ، فلا يخرج منك إلى شيء أبدا ، أيا كينون أيا مكون ، أيا متعال أيا متقدس ، أيا مترحم أيا مترئف أيا مُتحنن .

أسألك : كما خلقته غضا ، أن تصلي على محمد نبي رحمتك ، وكلمة نورك ، ووالد هداة رحمتك .

و املأ قلبي : نور اليقين ، وصدري نور الأيمان ، وفكري نور الثبات ، وعزمي نور التوفيق ، وذكائي نور العلم ، وقوتي نور العمل ، ولساني نور الصدق ، وديني نور البصائر من عندك ، وبصري نور الضياء ، وسمعي نور وعي الحكمة ، ومودتي نور الموالاة لمحمد وآله عليهم السلام ، ونفسي نور قوة البراءة من أعداء محمد وأعداء آل محمد ، حتى ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك .

فلتسعني رحمتك يا ولي يا حميد ، بمرأى آل محمد ومسمعك يا حجة الله دعائي ، فوفني منجزات إجابتي ، أعتصم بك ، معك معك معك ، سمعي ورضاي يا كريم [26].

وقال صحاب البحار : قال مؤلف المزار الكبير : بسنده عن : أبو المفضل محمد بن عبيد الله الشيباني أن أبا جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، أخبره وأجاز له جميع ما رواه أنه :

خرج إليه من الناحية المقدسة حرسها الله، بعد المسائل والصلاة والتوجه أوله :

بسم الله الرحمن الرحيم : لا لأمر الله تعقلون ، ولا من أوليائه تقبلون ، حكمة بالغة عن قوم لا يؤمنون ، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى :

سلام على آل ياسين ، ذلك هو الفضل المبين ، والله ذو الفضل العظيم ، من يهديه صراطه المستقيم .

التوجه : قد آتاكم الله يا آل ياسين خلافته ومجارى أمره .

أقول : وساق الدعاء إلى آخر ما مر ، ثم قال رحمه في المزار الكبير : ذكر التوجه إلى الحجة صاحب الزمان صلوات الله عليه بالزيارة بعد صلاة اثنتي عشرة ركعة[27].

وعن أحمد بن إبراهيم قال : شكوت إلى أبي جعفر محمد بن عثمان شوقي إلى رؤية مولانا عليه السلام فقال لي : مع الشوق تشتهي أن تراه ؟ فقلت له : نعم .

فقال لي : شكر الله لك شوقك وأراك وجهه في يسر وعافية ، ل تلتمس يا أبا عبد الله أن تراه فإن أيام الغيبة تشتاق إليه ، ولا تسأل الاجتماع معه إنها عزائم الله والتسليم لها أولى ، ولكن توجه إليه بالزيارة ، وأما كيف يعمل ؟ وما أملاه عند محمد بن على فانسخوه من عنده .

كيفية الصلاة قبل الزيارة :

وهو التوجه إلى الصاحب : بالزيارة ، بعد صلاة اثنتي عشرة ركعة .

تقرأ : قل هو الله أحد ، في جميعها ، ركعتين ركعتين ، ثم تصلي على محمد وآله .

وتقول قول الله جل اسمه :

سلام على آل ياسين ، ذلك هو الفضل المبين ، من عند الله ، والله ذو الفضل العظيم ، إمامه من يهديه صراطه المستقيم ، وقد آتاكم الله خلافته يا آل ياسين .

وذكرنا في الزيارة أعلاه ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين [28] .

قال صاحب البحار : ولعله أشار بقوله وذكرنا في الزيارة إلى أنه يتلو بعد ذلك ، زيارة الندبة كما مر ، فظهر من هذا الخبر: أن الصلاة قبل الزيارة ، وأنها اثنت عشرة ركعة .

زيارة سلام الله الكامل التام

زيارة أخرى له صلوات الله عليه

قال السيد ابن طاووس رحمه الله : تصلي ركعتين .

وتقول بعدهما :

سلام الله الكامل التام ، الشامل العام ، وصلواته وبركاته الدائمة ، على حجة الله ووليه في أرضه وبلاده ، وخليفته في خلقه وعباده ، وسلالة النبوة ، وبقية العترة والصفوة ، صاحب الزمان ، ومظهر الإيمان ، والحجة القائم المهدي ، الإمام المنتظر المرضي ، الطاهر ابن الأئمة المعصومين .

السلام عليك : يا وارث علم النبيين ، ومستودع حكم الوصيين ، السلام عليك يا عصمة الدين ، السلام عليك يا معز المؤمنين المستضعفين ، السلام عليك ي مذل الكافرين المتكبرين .

السلام عليك يا مولاي صاحب الزمان ، يا ابن رسول الله ، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين ، السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء ، سيدة نساء العالمين السلام عليك يا ابن الأئمة الحجج على الخلق أجمعين .

السلام عليك : يا مولاي سلام مخلص لك في الولاء.

أشهد أنك : الإمام المهدي قولا وفعلا ، وأنك الذي تملا الأرض قسطا وعدلا ، عجل الله فرجك ، وسهل مخرجك ، وقرب زمانك ، وكثر أنصارك وأعوانك ، وأنجز لك وعدك ، فهو أصدق القائلين ، ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ، ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين

" يا مولاي حاجتي ـ كذاو كذا ، فنذكرها ـ

فاشفع لي : إلى ربك في نجاحها ، وادع بما أحببت وتنصرف ولا تحول وجهك حتى تخرج من الباب[29] .

قال : سيأتي سند هذه الزيارة في باب رقاع الحوائج ، وفيه أنه يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة إنا فتحنا ، وفي الثانية إذا جاء نصر الله.

زيارة السلام عليك يا خليفة الله في أرضه

زيارة أخرى له عليه السلام

قد تقدم ذكر الاستئذان في أول زيارته عليه السلام : فأغنى ذلك عن الإعادة في كل زيارة ـ وأنظر في أخر عنوان يوجد استئذان آخر لمحل الغية ولكل إمام فزر وأدعو به قبل هذه الزيارة إن أحببت ـ ، فإذا دخلت بعد الإذن فقل :

السلام عليك : يا خليفة الله في أرضه ، وخليفة رسوله وآبائه الأئمة المعصومين المهديين ، السلام عليك يا حافظ أسرار رب العالمين ، السلام عليك ي وارث علم المرسلين ، السلام عليك يا بقية الله من الصفوة المنتجبين ، السلام عليك يا ابن الأنوار الزاهرة ، السلام عليك يا ابن الأشباح الباهرة ، السلام عليك ي ابن الصور النيرة الطاهرة .

السلام عليك : يا وارث كنز العلوم الإلهية ، السلام عليك يا حافظ مكنون الأسرار الربانية ، السلام عليك : يا من خضعت له الأنوار المجدية ، السلام عليك يا باب الله الذي لا يؤتى إلا منه ، السلام عليك يا حجاب الله الأزلي القديم ، السلام عليك يا ابن شجرة طوبى وسدرة المنتهى[30] ، السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفئ ، السلام عليك يا حجة الله التي لا تخفى ، السلام عليك يا لسان الله المعبر عنه ، السلام عليك يا وجه الله المتقلب بين أظهر عباده .

سلام مَن عرفك : بما تعرفت به إليه ، ونعتك ببعض نعوتك التي أنت أهلها وفوقها.

أشهد أنك : الحجة على من مضى ومن بقى ، وأن حزبك هم الغالبون ، وأولياءك هم الفائزون ، وأعداءك هم الخاسرون ، وأنك حائز كل علم ، وفاتق كل رتق ، ومحقق كل حق ، ومبطل كل باطل ، وسابق لا يلحق ، رضيت بك يا مولاي إماما وهادي ، ووليا ومرشدا ، لا أبتغي بك بدلا ، ولا أتخذ من دونك وليا .

وأنك الحق الثابت : الذي لا ريب فيه ، لا أرتاب ولا أغتاب لأمد الغيبة ، ولا أتحير لطول المدة ، وأن وعد الله بك حق ، ونصرته لدينه بك صدق ، طوبى لمن سعد بولايتك ، وويل لمن شقي بجحودك ، وأنت الشافع المطاع الذي لا يدافع ، ذخرك الله سبحانه لنصرة الدين ، وإعزاز المؤمنين ، والانتقام من الجاحدين ، الأعمال موقوفة على ولايتك ، والأقوال معتبرة بإمامتك .

من جاء بولايتك : واعترف بإمامتك ، قبلت أعماله ، وصدقت أقواله ، وتضاعف له الحسنات ، وتمحى عنه السيئات ، ومن زل عن معرفتك ، واستبدل بك غيرك ، أكبه الله على منخريه في النار ، ولم يقبل له عملا ، ولم يقم له يوم القيامة وزنا .

أشهد يا مولاي : أن مقالي ظاهره كباطنه ، وسره كعلانيته ، وأنت الشاهد علي بذلك ، وهو عهدي إليك ، وميثاقي المعهود لديك ، إذ أنت نظام الدين ، وعز الموحدين ، ويعسوب المتقين ، وبذلك أمرني فيك رب العالمين .

فلو تطاولت الدهور : وتمادت الأعصار ، لم أزدد بك إلا يقينا ، ولك إلا حبا ، وعليك إلا اعتمادا ، ولظهورك إلا توقعا ، ومرابطة بنفسي ومالي ، وجميع ما أنعم به على ربي .

فان أدركت أيامك الزاهرة : وأعلامك الظاهرة ، ودولتك القاهرة ، فعبد من عبيدك ، معترف بحقك ، متصرف بين أمرك ونهيك ، أرجو بطاعتك الشهادة بين يديك ، وبولايتك السعادة فيما لديك ، وإن أدركني الموت قبل ظهورك ، فأتوسل بك إلى الله سبحانه ، أن يصلي على محمد وآل محمد ، وأن يجعل لي كرة في ظهورك ، ورجعة في أيامك ، لأبلغ من طاعتك مرادي ، وأشفي من أعدائك فؤادي ، يا مولاي : وقفت في زيارتي إياك ، موقف الخاطئين ، المستغفرين النادمين .

أقول : عملت سوء وظلمت نفسي ، وعلى شفاعتك يا مولاي متكلي ومعولي ، وأنت ركني وثقتي ، ووسيلتي إلى ربي ، وحسبي بك وليا ومولى وشفيعا ، والحمد لله الذي هداني لولايتك ، وما كنت لأهتدي لو لا أن هداني الله ، حمدا يقتضى ثبات النعمة ، وشكرا يوجب المزيد من فضله ، والسلام عليك يا مولاي ، وعلى آبائك مواليّ الأئمة المهتدين ، ورحمة الله وبركاته ، وعلي منكم السلام .

ثم صل صلاة الزيارة والدعاء بعدها :

وقد تقدم بيانها في الزيارة الأولى ـ وهي اثنا عشر ركعة بالحمد والتوحيد أو بما شئت ـ فإذا فرغت منه فقل :

اللهم : صل على محمد وأهل بيته ، الهادين المهديين ، العلماء الصادقين الأوصياء المرضيين ، دعائم دينك ، وأركان توحيدك ، وتراجمة وحيك ، وحججك على خلقك ، وخلفائك في أرضك ، فهم الذين اخترتهم لنفسك ، واصطفيتهم على عبادك ، وارتضيتهم لدينك ، وخصصتهم بمعرفتك ، وجللتهم بكرامتك ، وغذيتهم بحكمتك ، وغشيتهم برحمتك ، وزينتهم بنعمك ، وألبستهم من نورك ، ورفعهتم في ملكوتك ، وحففتهم بملائكتك ، وشرفتهم بنبيك .

اللهم : صل على محمد صلاة زاكية نامية ، كثيرة طيبة دائمة ، ل يحيط بها إلا أنت ، ولا يسعها إلا علمك ، ولا يحصيها أحد غيرك .

اللهم : صل على وليك ، المحيي لسنتك ، القائم بأمرك ، الداعي إليك ، الدليل عليك ، وحجتك على خلقك ، وخليفتك في أرضك ، وشاهدك على عبادك .

اللهم : أعز نصره ، وامدد في عمره ، وزين الأرض بطول بقائه .

اللهم : اكفه بغي الحاسدين ، وأعذه من شر الكائدين ، وازجر عنه إرادة الظالمين ، وخلصه من أيدى الجبارين .

اللهم : أعطه في نفسه وذريته ، وشيعته ورعيته ، و خاصته وعامته ، ومن جميع أهل الدنيا ما تقر به عينه ، وتسر به نفسه ، وبلغه أفضل أمله في الدني والآخرة ، إنك على كل شيء قدير . ثم ادع الله بما أحببت .

زيارة السلام على الحق الجديد

زيارة أخرى مستحسنة يزار بها صلوات الله عليه

تقول فيها :

السلام على الحق الجديد : والعالم الذي علمه لا يبيد ، السلام على محيي المؤمنين ومبير الكافرين ، السلام على مهدي الأمم وجامع الكلم ، السلام على خلف السلف وصاحب الشرف ، السلام على حجة المعبود وكلمة المحمود ، السلام على معز الأولياء ومذل الأعداء ، السلام على وارث الأنبياء وخاتم الأوصياء

السلام على القائم المنتظر : والعدل المشتهر ، السلام على السيف الشاهر والقمر الزاهر والنور الباهر ، السلام على شمس الظلام وبدر التمام ، السلام على ربيع الأنام ونضرة الأيام ، السلام على صاحب الصمصام وفلاق الهام ، السلام على صاحب الدين المأثور والكتاب المسطور ، السلام على بقية الله في بلاده وحجته على عباده ، المنتهى إليه مواريث الأنبياء ، ولديه موجود آثار الأصفياء ، المؤتمن على السر ، والولي للأمر .

السلام على المهدي : الذي وعد الله عز وجل به الأمم ، أن يجمع به الكلم ، ويلم به الشعث ، ويملا به الأرض قسطا وعدلا ، ويمكن له ، وينجز به وعد المؤمنين .

أشهد يا مولاي : أنك والأئمة من آبائك ، أئمتي ومواليّ ، في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، أسألك يا مولاي أن تسأل الله تبارك وتعالى في صلاح شأني ، وقضاء حوائجي ، وغفران ذنوبي ، والأخذ بيدي في ديني ودنياي وآخرتي ، لي ولإخواني وأخواتي المؤمنين والمؤمنات كافة ، إنه غفور رحيم .

الصلاة والدعاء بعدها :

ثم صل صلاة الزيارة بما قدمناه فإذا فرغت فقل :

اللهم : صل على حجتك في أرضك ، وخليفتك في بلادك ، الداعي إلى سبيلك ، والقائم بقسطك ، والفائز بأمرك ، ولي المؤمنين ، ومبير الكافرين ومجلي الظلمة ، ومنير الحق ، والصادع بالحكمة والموعظة الحسنة والصدق ، وكلمتك وعيبتك وعينك في أرضك ، المترقب الخائف ، الولي الناصح ، سفينة النجاة ، وعلم الهدى ، ونور أبصار الورى ، وخير من تقمص وارتدى ، والوتر الموتور ، ومفرج الكرب ، ومزيل الهم ، وكاشف البلوى ، صلوات الله عليه وعلى آبائه الأئمة الهادين ، والقادة الميامين ، ما طلعت كواكب الأسحار ، وأورقت الأشجار ، وأينعت الأثمار ، واختلف الليل والنهار ، وغردت الأطيار .

اللهم : انفعنا بحبه ، واحشرنا في زمرته ، وتحت لوائه ، إله الحق آمين رب العالمين .

زيارة الله أكبر الله أكبر

زيارة أخرى يزار بها مولانا صاحب الأمر صلوات الله عليه ، وهي من زيارات محل الغيبة في السرداب .

إذا زرت العسكريين صلوات الله عليهما ، فأتي إلى السرداب وقف ماسك جانب الباب كالمستأذن وسلم ، وانزل وعليك السكينة والوقار .

وصل ركعتين في عرصة السرداب وقل :

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولله الحمد ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وعرفنا أولياؤه وأعداءه ، ووفقنا لزيارة أئمتن ، ولم يجعلنا من المعاندين الناصبين ، ولا من الغلاة المفوضين ، ولا من المرتابين المقصرين .

السلام على : ولي الله وابن أوليائه ، السلام على المدخر لكرامة أولياء[31] الله وبوار أعدائه ، السلام على النور الذي أراد أهل الكفر إطفاءه ، فأبى الله إلا أن يتم نوره بكرههم ، وأيده بالحياة حتى يظهر على يده الحق برغمهم ، أشهد أن الله اصطفاك صغيرا ، وأكمل لك علومه كبيرا ، وأنك حي لا تموت حتى تبطل الجبت والطاغوت .

اللهم : صل عليه وعلى خدامه ، وأعوانه على غيبته ونأيه ، واستره سترا عزيزا، واجعل له معقلا حريزا .

واشدد اللهم : وطأتك[32] على معانديه ، واحرس مواليه وزائريه .

اللهم : كما جعلت قلبي بذكره معمورا ، فاجعل سلاحي بنصرته مشهور ، وإن حال بيني وبين لقاءه الموت الذي جعلته على عبادك حتما ، و أقدرت به على خليفتك رغما ، فابعثني عند خروجه ، ظاهرا من حفرتي ، مؤتزرا كفني ، حتى أجاهد بين يديه ، في الصف الذي أثنيت على أهله في كتابك ، فقلت كأنهم بنيان مرصوص .

اللهم : طال الانتظار ، وشمت بنا الفجار ، وصعب علينا الانتصار .

اللهم : أرنا وجه وليك الميمون ، في حياتنا وبعد المنون[33] .

اللهم : إني أدين لك بالرجعة ، بين يدي صاحب هذه البقعة ، الغوث الغوث الغوث ، يا صاحب الزمان ، قطعت في وصلتك الخلان ، وهجرت لزيارتك الأوطان ، وأخفيت أمري عن أهل البلدان ، لتكون شفيعا عند ربك وربي ، وإلى آبائك وموالي في حسن التوفيق لي ، وإسباغ النعمة عليَّ ، وسوق الإحسان إليَّ .

اللهم : صل على محمد وآل محمد ، أصحاب الحق ، وقادة الخلق ، واستجب مني ما دعوتك ، وأعطني ما لم أنطق به في دعائي ، من صلاح ديني ودنياي ، إنك حميد مجيد ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .

صلاة ودعاء بعدها .

ثم ادخل الصفة فصل ركعتين وقل :

اللهم : عبدك الزائر في فناء وليك المزور ، الذي فرضت طاعته على العبيد والأحرار ، وأنقدت به أولياءك من عذاب النار ، اللهم : اجعلها زيارة مقبولة ذات دعاء مستجاب من مصدق بوليك غير مرتاب .

اللهم : لا تجعله آخر العهد به ولا بزيارته ، ولا تقطع أثري من مشهده ، وزيارة أبيه وجده .

اللهم : أخلف علي نفقتي ، وانفعني بما رزقتني ، في دنياي وآخرتي ، لي ولإخواني وأبوي وجميع عترتي ، أستودعك الله أيها الإمام الذي يفوز به المؤمنون ، ويهلك على يديه الكافرون المكذبون .

يا مولاي : يا ابن الحسن بن علي ، جئتك زائرا لك ولأبيك وجدك ، متيقنا الفوز بكم ، معتقدا إمامتكم .

اللهم : اكتب هذه الشهادة والزيارة لي عندك في عليين ، وبلغني بلاغ الصالحين ، وانفعني بحبهم يا رب العالمين [34].

وأورد محمد بن المشهدي هذه الزيارة في المزار الكبير مثلها سواء [35].

دعاء الانصراف من محل الغيبة

وقال المجلسي رحمه الله ثم قال السيد رحمه الله : فإذا أردت الانصراف من حرمه الشريف فعد إلى السرداب المنيف وصل فيه ما شئت، ثم قم مستقبل القبلة وقل :

اللهم : ادفع عن وليك وخليفتك وحجتك على خلقك ، ولسانك المعبر عنك ، والناطق بحكمتك ، وعينك الناظرة بإذنك ، وشاهدك على عبادك .

الجحجاح المجاهد ، العائذ بك ، العائد عندك ، وأعذه من شر جميع ما خلقت وبرأت وأنشأت وصورت ، واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته ، بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به ، واحفظ فيه رسولك وآباءه السادة ، أئمتك ودعائم دينك ، واجعله في وديعتك التي لا تضيع ، وفي جوارك الذي لا يخفر ، وفي منعك وعزك الذي لا يقهر .

وآمنه بأمانك الوثيق الذي لا يخذل من آمنته به ، واجعله في كنفك الذي لا يرام من كان فيه ، وانصره بنصرك العزيز ، وأيده بجندك الغالب ، وقوه بقوتك ، وأردفه بملائكتك ، ووال من والاه ، وعاد من عاداه .

وألبسه درعك الحصينة ، وحفه بالملائكة حفا .

اللهم : أشعب به الصدع ، وارتق به الفتق ، وأمت به الجور ، وأظهر به العدل ، وزين بطول بقائه الأرض ، وأيده بالنصر ، وانصره بالرعب ، وقو ناصريه ، واخذل خاذليه ، ودمدم على من نصب له ، ودمر على من غشه ، واقتل به جبابرة الكفر ، وعمده ودعائمه ، واقصم به رؤوس الضلالة ، وشارعة البرع ، ومميتة السنة ، ومقوية الباطل ، وذلل به الجبارين ، وأبر به الكافرين ، وجميع الملحدين ، في مشارق الأرض ومغاربها ، وبرها وبحرها ، وسهلها وجبلها ، حتى لا تدع منهم ديارا ، ولا تبقي لهم آثارا .

اللهم : طهر به بلادك ، واشف منهم صدور عبادك ، وأعز به المؤمنين ، وأحي به سنن المرسلين ، ودارس حكم النبيين ، وجدد به ما أمتحى من دينك ، وبدل من حكمك ، حتى تعيد دينك به وعلى يديه جديدا غضا محضا صحيحا ، لا عوج فيه ولا بدعة معه ، وحتى تنير بعدله ظلم الجور ، وتطفئ به نيران الكفر ، وتوضح به معاقد الحق ، ومجهول العدل ، فانه عبدك الذي استخلصته لنفسك ، واصطفيته على غيبك ، وعصمته من الذنوب ، وبرأته من العيوب ، وطهرته من الرجس ، وسلمته من الدنس .

اللهم : فانا نشهد له يوم القيامة ، ويوم حلول الطامة ، أنه لم يذنب ذنبا ، ولا أتى حوبا ، ولم يرتكب معصية ، ولم يضيع لك طاعة ، ولم يهتك لك حرمة ، ولم يبدل لك فريضة ، ولم يغير لك شريعة ، وأنه الهادي المهتدي ، الطاهر التقي النقي ، الرضي المرضى الزكي .

اللهم : أعطه في نفسه وأهله وذريته ، وأمته وجميع رعيته ، ما تقر به عينه ، وتسر به نفسه ، وتجمع له ملك الممالك قريبها وبعيدها ، وعزيزها وذليله ، حتى يجري حكمه على كل حكم ، ويغلب بحقه على كل باطل .

اللهم : اسلك بنا على يديه منهاج الهدى ، والمحجة العظمى ، والطريقة الوسطى التي يرجع إليها الغالي ، ويلحق بها التالي ، وقونا على طاعته ، وثبتن على متابعته ، وامنن علينا بمبايعته ، واجعلنا في حزبه القوامين بأمره ، الصابرين معه ، الطالبين رضاك بمناصحته ، حتى تحشرنا يوم القيامة في أنصاره وأعوانه ، ومقوية سلطانه .

واجعل ذلك خالصا من كل شك وشبهة ، ورياء وسمعة ، حتى لا نعتمد به غيرك ، ولا نطلب به إلا وجهك ، وحتى تحلنا محله ، وتجعلنا في الجنة معه ، وأعذن من السأمة والكسل والفترة .

واجعلنا ممن تنتصر به لدينك ، وتعز به نصر وليك ، ولا تستبدل بن غيرنا ، فإن استبدالك بنا غيرنا عليك يسير ، وهو علينا كبير .

اللهم : نور به كل ظلمة ، وهد بركنه كل بدعة ، واهدم بعزه كل ضلالة ، واقصم به كل جبار ، واخمد بسيفه كل نار ، وأهلك بعدله جور كل جائر ، وأجر حكمه على كل حاكم ، وأذل بسلطانه كل سلطان .

اللهم : أذل كل من ناواه ، وأهلك كل من عاداه ، وامكر بمن كاده ، واستأصل من جحد حقه ، واستهان بأمره ، وسعى في إطفاء نوره ، وأراد إخماد ذكره .

اللهم : صل على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء وخديجة الكبرى والحسن الرضي ، والحسين المصفى ، وجميع الأوصياء ، مصابيح الدجى ، وأعلام الهدى ، ومنار التقى ، والعروة الوثقى ، والحبل المتين ، والصراط المستقيم ، وصل على وليك ، وولاة عهدك ، والأئمة من وَلَده ، ومد في أعمارهم ، وزد في آجالهم ، وبلغهم أقصى آمالهم دينا ودنيا وآخرة ، إنك على كل شيء قدير .

ثم ادع الله كثيرا وانصرف مسعودا إنشاء الله تعالى[36].

قال صاحب البحار: إلى هذا انتهى ما نقلناه وأخرجناه من كتاب مصباح الزائر .

ونقل عن الكفعمي رحمه الله في مصباحه : روى يونس بن عبد الرحمن عن الرضا عليه السلام أنه كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر عليه السلام بهذا الدعاء " اللهم : ادفع عن وليك وخليفتك " وساق الدعاء مثل ما مر إلى قوله : وهو علينا كبير .

ثم أورد بعده هذه الزيارة :

اللهم : صل على ولاة عهده ، والأئمة[37] من بعده وبلغهم آمالهم وزد في آجالهم وأعز نصرهم ، وتمم لهم ما أسندت إليهم من أمرك لهم ، وثبت دعائمهم ، واجعلنا لهم أعوانا ، وعلى دينك أنصارا ، فانهم معادن كلماتك و خزان علمك ، وأركان توحيدك ، ودعائم دينك ، وولاة أمرك ، وخالصتك من عبادك ، وصفوتك من خلقك ، وأولياؤك وسلائل أوليائك ، وصفوة أولاد نبيك ، والسلام عليهم ورحمة الله وبركات[38].

استئذان وزيارة أخرى لمحل الغيبة

دعاء أخر للاستئذان لمحل الغيبة وزيارة الأئمة:

قال المجلسي رحمه الله أقول : وجدت في نسخة قديمة من مؤلفات أصحابن ما هذا لفظه :

استيذان على السرداب المقدس والأئمة عليهم السلام :

اللهم : إن هذه بقعة طهرتها ، وعقوة شرفتها ، ومعالم زكيتها ، حيث أظهرت فيها أدلة التوحيد ، وأشباح العرش المجيد ، الذين اصطفيتهم ملوكا لحفظ النظام ، واخترتهم رؤساء لجميع الأنام ، وبعثتهم لقيام القسط في ابتداء الوجود إلى يوم القيامة ، ثم مننت عليهم باستنابة أنبيائك لحفظ شرائعك وأحكامك ، فأكملت باستخلافهم رسالة المنذرين ، كما أوجبت رياستهم في فطر المكلفين .

فسبحانك من إله ما أرأفك ، ولا إله إلا أنت من ملك ما أعدلك ، حيث طابق صنعك ما فطرنَّ عليه العقول ، ووافق حكمك ما قررته في المعقول والمنقول ، فلك الحمد على تقديرك الحسن الجميل ، ولك الشكر على قضائك المعلل بأكمل التعليل .

فسبحان من لا يسأل عن فعله ، ولا ينازع في أمره ، وسبحان من كتب على نفسه الرحمة قبل ابتداء خلقه .

والحمد لله : الذي من علينا بحكام يقومون مقامه لو كان حاضرا في المكان ، ولا إله إلا الله الذي شرفنا بأوصياء يحفظون الشرائع في كل الأزمان .

والله أكبر : الذي أظهرهم لنا بمعجزات يعجز عنها الثقلان .

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، الذي أجرانا على عوائده الجميلة في الأمم السالفين .

اللهم : فلك الحمد والثناء العلي ، كما وجب لوجهك البقاء السرمدي ، و كما جعلت نبينا خير النبيين ، وملوكنا أفضل المخلوقين ، واخترتهم على علم على العالمين ، وفقنا للسعي إلى أبوابهم العامرة إلى يوم الدين ، واجعل أرواحنا تحن إلى موطن أقدامهم ، ونفوسنا تهوى النظر إلى مجالسهم وعرصاتهم ، حتى كأننا نخاطبهم في حضور أشخاصهم ، فصلى الله عليهم من سادة غائبين ، ومن سلالة طاهرين ، ومن أئمة معصومين .

اللهم : فأذن لنا بدخول هذه العرصات ، التي استعبدت بزيارتها أهل الأرضين والسماوات ، وأرسل دموعنا بخشوع المهابة ، وذلل جوارحنا بذل العبودية و فرض الطاعة ، حتى نقر بما يجب لهم من الأوصاف ، ونعترف بأنهم شفعاء الخلائق ، إذ نصبت الموازين في يوم الأعراف ، والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ، محمد وآله الطاهرين .

ثم قبل العتبة ، وادخل خاشعا باكيا ، فإنه الإذن ، منهم صلوات الله عليهم أجمعين .

ثم تقدم للزيارة في باب السرداب وقل :

ما قال الشيخ المفيد والشهيد[39] ومؤلف المزار الكبير رحمهم الله في وصف زيارته عليه السلام : فإذا فرغت من زيارة جده وأبيه فقف على باب حرمه فقل:

السلام عليك : يا خليفة الله ، وخليفة آبائه المهديين ، السلام عليك يا وصي الأوصياء الماضين ، السلام عليك يا حافظ أسرار رب العالمين ، السلام عليك يا بقية الله من الصفوة المنتجبين ، السلام عليك يا ابن الأنوار الزاهرة ، السلام عليك يا ابن الأعلام الباهرة ، السلام عليك يا ابن العترة الطاهرة .

السلام عليك يا معدن العلوم النبوية ، السلام عليك يا باب الله الذي لا يؤتى إلا منه ، السلام عليك يا سبيل الله من سلك غيره هلك .

السلام عليك يا ناظر شجرة طوبى وسدرة المنتهى ، السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفئ ، السلام عليك يا حجة الله التي لا تخفى ، السلام عليك يا حجة الله على من في الأرض والسماء .

السلام عليك : سلام من عرفك بما عرفك به الله ، ونعتك ببعض نعوتك التي أنت أهلها ، وفوقها : أشهد أنك الحجة على من مضى ومن بقي ، وأن حزبك هم الغالبون ، وأولياءك هم الفائزون ، وأعداءك هم الخاسرون ، وأنك خازن كل علم ، وفاتق كل رتق ، ومحقق كل حق ، ومبطل كل باطل ، رضيتك يا مولاي إماما وهاديا ، ووليا ومرشدا، لا أبتغى بهم بدلا، ولا أتخذ من دونك وليا.

أشهد أنك: الحق الثابت الذي لا عيب فيه ، وأن وعد الله فيك حق ، لا أرتاب لطول الغيبة ، وبعد الأمد ، ولا أتحير مع من جهلك وجهل بك ، منتظر متوقع لأيامك ، وأنت الشافع الذي لا تنازع ، والولي الذي لا تدافع ، ذخرك الله لنصرة الدين ، وإعزاز المؤمنين ، والانتقام من الجاحدين المارقين .

أشهد أن بولايتك تقبل الأعمال ، وتزكى الأفعال ، وتضاعف الحسنات وتمحى السيئات ، فمن جاء بولايتك واعترف بإمامتك ، قبلت أعماله ، وصدقت أقواله ، وتضاعفت حسناته ، ومحيت سيئاته ، ومن عدل عن ولايتك ، وجهل معرفتك ، واستبدل بك غيرك ، كبه الله على منخره في النار ، ولم يقبل الله له عملا ، ولم يقم له يوم القيامة وزنا .

اشهد الله واشهد ملائكته ، وأشهدك يا مولاي بهذا ، ظاهره كباطنه ، وسره كعلانيته ، وأنت الشاهد على ذلك ، وهو عهدي إليك ، وميثاقي لديك ، إذ أنت نظام الدين ، ويعسوب المتقين ، وعز الموحدين ، وبذلك أمرني رب العالمين .

فلو تطاولت الدهور ، وتمادت الأعمار ، لم أزدد فيك إلا يقين ، ولك إلا حبا ، وعليك إلا متكلا ومعتمدا ، ولظهورك إلا متوقعا ومنتظرا ، ولجهادي بين يديك مترقبا ، فأبذل نفسي ومالي وولدي وأهلي ، وجميع ما خولني ربي بين يديك ، والتصرف بين أمرك ونهيك .

مولاي : فإن أدركت أيامك الزاهرة : وأعلامك الباهرة ، فها أن ذا عبدك المتصرف بين أمرك ونهيك ، أرجو به الشهادة بين يديك ، والفوز لديك .

مولاي : فإن أدركني الموت قبل ظهورك : فإني أتوسل بك وبآبائك الطاهرين إلى الله تعالى ، وأسأله أن يصلي على محمد وآل محمد ، وأن يجعل لي كرة في ظهورك ، ورجعة في أيامك ، لأبلغ من طاعتك مرادي ، وأشفي من أعدائك فؤادي .

مولاي : وقفت في زيارتك موقف الخاطئين ، النادمين الخائفين من عقاب رب العالمين ، وقد اتكلت على شفاعتك ، ورجوت بموالاتك وشفاعتك محو ذنوبي وستر عيوبي ومغفرة زللي ، فكن لوليك يا مولاي عند تحقيق أمله ، واسأل الله غفران زلله ، فقد تعلق بحبلك ، وتمسك بولايتك ، وتبرأ من أعدائك .

اللهم : صل على محمد وآله ، وأنجز لوليك ما وعدته .اللهم : أظهر كلمته ، وأعل دعوته ، وانصره على عدوه وعدوك يا رب العالمين .

اللهم : صل على محمد وآل محمد ، وأظهر كلمتك التامة ، ومغيبك في أرضك الخائف المترقب .

اللهم : انصره نصرا عزيزا ، وافتح له فتحا قريبا يسيرا .

اللهم : وأعز به الدين بعد الخمول ، وأطلع به الحق بعد الأفول ، واجل به الظلمة واكشف به الغمة ، اللهم : وآمن به البلاد ، واهد به العباد . اللهم : املأ به الأرض عدلا وقسطا ، كما ملئت ظلما وجورا ، إنك سميع مجيب .

السلام عليك يا ولي الله ، ائذن لوليك في الدخول إلى حرمك ، صلوات الله عليك وعلى آبائك الطاهرين ، ورحمة الله وبركاته[40] .

النزول للسرداب والصلاة والزيارة فيه :

ثم ائت سرداب الغيبة وقف بين البابين ، ماسكا جانب الباب بيدك ، ثم تنحنح كالمستأذن وسم وانزل ، وعليك السكينة والوقار .

وصل ركعتين في عرصة السرداب . وقل : الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، الحمد لله الذي هدانا لهذا . أقول : وساقوا الزيارة والصلاة والدعاء مثل ما أوردناه سابقا برواية السيد إلى قوله . وانفعني بحبهم يا رب العالمين . ثم قالوا قدس الله أرواحهم : وروي بطريق آخر أن تقول عند نزول السرداب :

السلام على الحق الجديد ، وساقوا مثل ما مر إلى قوله ، والأخذ بيدي في ديني ودنياي وآخرتي ، لي ولكافة إخواني المؤمنين والمؤمنات ، إنه غفور رحيم ، وصلى الله على سيدنا محمد رسول الله ، وآله الطاهرين .

ثم تصلي صلاة الزيارة :

اثنتي عشرة ركعة ، كل ركعتين بتسليمة ، ثم تدعو بعدها بالدعاء المروي عنه عليه السلام ، وهو :

دعاء عظم البلاء :

اللهم : عظم البلاء ، وبرح الخفاء وانكشف الغطاء ، وضاقت الأرض ، ومنعت السماء ، وإليك يا رب المشتكى ، وعليك المعول في الشدة والرخاء ، اللهم : صل على محمد وآله ، الذين فرضت علينا طاعتهم ، فعرفتنا بذلك منزلتهم ، فرج عن بحقهم فرجا عاجلا كلمح البصر ، أو هو أقرب من ذلك ، يا محمد يا علي يا علي يا محمد ، انصراني فإنكما ناصراي ، واكفياني فإنكما كافياي ، يا مولاي يا صاحب الزمان ، الغوث الغوث الغوث ، أدركني أدركني أدركني .

ثم قال المفيد والشهيد رحمهما الله : ثم عد إلى العسكريين صلوات الله عليهما فزر أم الحجة ، وذكراها مثل ما تقدم [41].

ثم اعلم : أنه يستحب زيارته صلوات الله عليه في كل مكان وزمان ، وفي السرداب المقدس ، وعند قبور أجداده الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين أفضل ، وفي الأزمنة الشريفة .

لاسيما ليلة ميلاده وهي النصف من شعبان على الأصح .

وليلة القدر : التي تنزل عليه فيها الملائكة والروح أنسب ، وقد مر الخبر في زيارة الإمام الموجود في باب زيارة الحسين عليه السلام من البعيد فلا تغفل .

زيارة مولانا الخلف الصالح صاحب الزمان عليه السلام : السلام عليك يا خليفة الله ، وساق الزيارة نحوا مما مر إلى قوله : ورحمة الله وبركاته .

ويا طيب : أسألك الدعاء والزيارة ، وأسأل الله أن يتقبل دعاءك وزيارتك إنه ولي حميد ، وصل الله على نبينا محمد وآله وسلم وعجل الله تعالى فرجهم ، وارانا الغرة الحميدة لولي ديننا وإمام زماننا الحجة بن الحسن عليه السلام ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .




أدعية الاستغاثة بالإمام المهدي

الاستغاثة بالدعاء بعد الصلاة :

ذكر في المزار الكبير : استغاثة إلى‏ المهدي :

من حيث تكون : تصلي ركعتين بالحمد و سورة .

و قم مستقبل القبلة تحت السماء و قل :

سلام الله : الكامل التام الشامل العام ، و صلواته الدائمة و بركاته العامة ، على حجة الله و وليه في أرضه و بلاده ، و خليفته على خلقه و عباده ، سلالة النبوة و بقية العترة و الصفوة ، صاحب الزمان و مظهر الإيمان و معلن أحكام القرآن ، و مطهر الأرض ، و ناشر العدل في الطول و العرض .

الحجة القائم المهدي : و الإمام المنتظر المرضي ، الطاهر ابن الطاهرين ، الوصي ابن الأوصياء المرضيين ، الهادي المعصوم ابن الهداة المعصومين .

السلام عليك : يا إمام المسلمين و المؤمنين ، السلام عليك يا وارث النبيين و مستودع حكمة الوصيين ، السلام عليك يا عصمة الدين ، السلام عليك ي معز المؤمنين المستضعفين ، السلام عليك يا مذل الكافرين المتكبرين الظالمين ، السلام عليك يا مولاي يا صاحب الزمان يا ابن رسول الله ، السلام عليك يا صاحب الزمان ي ابن أمير المؤمنين و ابن فاطمة الزهراء ، سيدة نساء العالمين‏ ، السلام عليك ي ابن الأئمة الحجج على الخلق أجمعين ، السلام عليك يا مولاي سلام مخلص لك في الولاء .

أشهد أنك : الإمام المهدي قولا و فعلا ، و أنك الذي تملأ الأرض قسطا و عدلا ، فعجل الله فرجك و سهل مخرجك ، و قرب زمانك ، و كثر أنصارك و أعوانك ، و أنجز لك موعدك ، و هو أصدق القائلين‏ ، و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين‏ .

يا مولاي حاجتي كذا و كذا فتذكرها .

فاشفع لي في نجاحها : فقد توجهت إليك بحاجتي لعلمي أن لك عند الله شفاعة مقبولة و مقاما محمودا ، فبحق من اختصكم لأمره و ارتضاكم لسره ، و بالشأن الذي بينكم و بينه ، سل الله تعالى في نجح طلبتي و إجابة دعوتي، و كشف كربتي.

و ادع بما أحببت، فإنه يقضى إن شاء الله تعالى‏ .

المزار الكبير ص670ب7 . البلد الأمين ص158 وكان أولها عنده و هي بعد الغسل . و صلاة ركعتين تحت السماء ، تقرأ في الأولى بالحمد و الفتح ، و في الثانية بالحمد و النصر ، فإذا سلمت ، فقم و قل ، وبأيها عملت إن شاء الله تقبل وتقضى .

الاستغاثة بالكتابة على ورقة :

قال الكفعمي : و منها استغاثة إلى المهدي عليه السلام : تكتب ما سنذكره في رقعة ، و تطرحها على قبر من قبور الأئمة عليهم السلام ، أو فشده و اختمها ، و اعجن طينا نظيفا ، و اجعلها فيه ، و اطرحها في نهر أو بئر عميقة أو غدير ماء .

فإنها : تصل إلى صاحب الأمر عليه السلام .

و هو يتولى : قضاء حاجتك بنفسه ، تكتب :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : كتبت يا مولاي صلوات الله عليك مستغيثا ، و شكوت ما نزل بي مستجيرا بالله عز و جل ، ثم بك ، من أمر قد دهمني ، و أشغل قلبي ، و أطال فكري ، و سلبني بعض لبي ، و غير خطير نعمة الله عندي ، أسلمني عند تخيل وروده الخليل ، و تبرأ مني عند ترائي إقباله إلي الحميم ، و عجزت عن دفاعه حيلتي ، و خانني في تحمله صبري ، و قوتي ، فلجأت فيه إليك ، و توكلت في المسألة لله جل ثناؤه عليه و عليك ، في دفاعه عني ، علما بمكانك من الله رب العالمين ، ولي التدبير ، و مالك الأمور ، واثقا بك في المسارعة في الشفاعة إليه جل‏ ثناؤه في أمري ، متيقنا لإجابته تبارك و تعالى إياك ، بإعطاء سؤلي .

و أنت يا مولاي : جدير بتحقيق ظني ، و تصديق أملي فيك ، في أمر (كذا و كذا فتذكر حاجتك وما أهمك ) ، فيما لا طاقة لي بحمله ، و لا صبر لي عليه ، و إن كنت مستحقا له ، و لأضعافه ، بقبيح أفعالي ، و تفريطي في الواجبات التي لله عز و جل .

فأغثني يا مولاي : صلوات الله عليك ، عند اللهف ، و قدم المسألة لله عز و جل في أمري ، قبل حلول التلف ، و شماتة الأعداء .

فبك : بسطت النعمة علي ، و اسأل الله جل جلاله لي نصرا عزيزا ، و فتحا قريبا ، فيه بلوغ الآمال ، و خير المبادي ، و خواتيم الأعمال ، و الأمن من المخاوف كلها في كل حال ، إنه جل ثناؤه لما يشاء فعال ، و هو حسبي وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ ، في المبدأ و المآل .

ثم تصعد : النهر ، أو الغدير ، و تعمد بعض الأبواب ، إما عثمان بن سعيد العمروي ، أو ولده محمد بن عثمان ، أو الحسين بن روح ، أو علي بن محمد السمري .

فهؤلاء : كانوا أبواب المهدي عليه السلام .

فتنادي بأحدهم : يا فلان بن فلان سلام عليك ، أشهد أن وفاتك في سبيل الله ، و أنك حي عند الله مرزوق ، و قد خاطبتك في حياتك التي لك عند الله عز و جل ، و هذه رقعتي و حاجتي إلى مولانا عليه السلام ، فسلمها إليه ، فأنت الثقة الأمين ، ثم ارمها في النهر ، أو البئر ، أو الغدير ، تقضى حاجتك إن شاء الله .

بحار الأنوار ج99ص231ب10ح1 ح2 . البلد الأمين ص157ح16 .

يا طيب لمعرفة المزيد من التوسل آل محمد لله سبحانه وطلب التوجه بهم له سبحانه ليكونوا شفعاء لنا في قضاء حوائجنا راجع : صحيفة سيادة آية الكرسي ، مصباح الهدى ،النور الثالث فضل قراءة آية الكرسي في أيام الله والمناسبات المهمة .




فضل وأعمال ليلة ويوم

ولادة المهدي 15 شعبان

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

من أحيا : ليلة العيد، و ليلة النصف من شعبان ، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب .

بحار الأنوار ج88ص132ب4ح43 .

و روى حريز عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام :

ما تقول في ليلة النصف من شعبان ؟

قال : يغفر الله عز و جل فيها من خلقه ، لأكثر من عدد شعر معزى كلب .

و ينزل الله عز و جل : ملائكته إلى السماء الدنيا ، و إلى الأرض بمكة .

من ‏لا يحضره ‏الفقيه ج2ص94ح1830 . كانت عشيرة كلب أكثر القبائل تملك معز .

وعن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا كان النصف من شعبان : نادى مناد من الأفق الأعلى .

ألا زائري : قبر الحسين ، ارجعوا مغفورا لكم ، و ثوابكم على ربكم ، و محمد نبيكم .

الكافي ج4ص589ح9.

وعن أحمد البزنطي قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام : في أي شهر نزور الحسين عليه السلام ؟ فقال عليه السلام : في النصف من رجب ، و النصف من شعبان .

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

من أحب : أن يصافحه مائة ألف نبي و عشرون ألف نبي .

فليزر : قبر الحسين بن علي عليه السلام ، في النصف من شعبان. فإن أرواح النبيين عليه السلام : تستأذن الله في زيارته ، فيؤذن لهم .

تهذيب ‏الأحكام ج6ص48ب16ح23 ح24.

وعن يونس بن ظبيان قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :

من زار الحسين عليه السلام : ليلة النصف من شعبان ، و ليلة الفطر ، و ليلة عرفة في سنة واحدة ، كتب الله له : ألف حجة مبرورة و ألف عمرة متقبلة و قضيت له ألف حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة .

وعن زيد الشحام عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال :

من زار الحسين عليه السلام : ليلة النصف من شعبان ، غفر الله له ما تقدم من ذنوبه و ما تأخر.

و من زاره : يوم عرفة ، كتب الله له ثواب ألف حجة متقبلة و ألف عمرة مبرورة . و من زاره : يوم عاشوراء فكأنما زار الله فوق عرشه .

كامل ‏الزيارات ص170ب70ح6 . ص174ب71ح6 .

الدعاء في ليلة 15 شعبان :

قال السيد بن طاووس رحمه الله في إقبال الأعمال :

فصل فيما نذكره : من الدعاء و القسم على الله جل جلاله ، بهذ المولود العظيم المكان ليلة النصف من شعبان و هو :

اللهم : بحق ليلتنا هذه و مولودها ، و حجتك و موعودها .

التي قرنت : إلى فضلها فضلا ، فتمت كلمتك صدقا و عدلا .

لا مبدل لكلماتك : و لا معقب لآياتك .

نورك المتألق : و ضياؤك المشرق ، و العلم النور في طخياء الديجور .

الغائب المستور : جل مولده ، و كرم محتده ، و الملائكة شهدائه‏ .

و الله ناصره و مؤيده : إذا آن ميعاده ، و الملائكة أمداده .

سيف الله : الذي لا ينبو ، و نوره الذي لا يخبو ، و ذو الحلم الذي لا يصبو .

مدار الدهر : و نواميس العصر ، و ولاة الأمر ، و المنزل عليهم‏ الذكر ، و ما ينزل في ليلة القدر .

و أصحاب : الحشر و النشر ، تراجمة وحيه ، و ولاة أمره و نهيه .

اللهم : فصل على خاتمهم ، و قائمهم المستور عن عوالمهم‏.

و أدرك بنا : أيامه ، و ظهوره و قيامه ، و اجعلنا من أنصاره ، و اقرن ثارنا بثاره ، و اكتبنا في أعوانه و خلصائه .

و أحينا في دولته : ناعمين ، و بصحبته غانمين ، و بحقه قائمين ، و من السوء سالمين ، يا أرحم الراحمين .

و الحمد لله رب العالمين : و صلى الله على محمد خاتم النبيين و المرسلين ، و على أهل بيته الصادقين ، و عترته الناطقين .

و العن : جميع الظالمين ، و احكم بيننا و بينهم ، يا أحكم الحاكمين .

إقبال ‏الأعمال ص706 .




زيارة الإمام الحسين في 15 شعبان

قال في الإقبال : فيما نذكره من لفظ زيارة الحسين عليه السلام في نصف شعبان‏ :

أقول : انّ هذه الزيارة ممّا يزار بها الحسين عليه السلام أوّل رجب أيضا ، و انّما أخّرنا ذكرها في هذه الليلة لأنّها أعظم ، فذكرناها في الأشرف من المكان ، و هي:

إذا أردت ذلك : فاغتسل و البس أطهر ثيابك ، وقف على باب قبّته عليه السلام مستقبل القبلة ، و سلّم على سيّدنا رسول اللَّه و على أمير المؤمنين ، و فاطمة ، و الحسن و الحسين ، و عليه ، و على الأئمة من ذرّيته صلوات اللَّه عليه و عليهم أجمعين .

ثم أدخل : وقف عند ضريحه و كبر اللَّه تعالى مائة مرة و قل:

السَّلامُ عَلَيْكَ : : يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يَا بْنَ خاتَمِ النَّبِيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يَا بْنَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يَا بْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا بْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ .

السَّلامُ عَلَيْكَ : يا وَلِيَّ اللَّهِ وَ ابْنَ وَلِيِّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا صَفِيَّ اللَّهِ وَ ابْنَ صَفِيِّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا حُجَّةَ اللَّهِ وَ ابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا حَبِيبَ اللَّهِ وَ ابْنِ حَبِيبِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا سَفِيرَ اللَّهِ وَ ابْنَ سَفِيرِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا خازِنَ الْكِتابِ الْمَسْطُورِ .

السَّلامُ عَلَيْكَ : يا وارِثَ التَّوْراةِ وَ الانْجِيلِ وَ الزَّبُورِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا أَمِينَ الرَّحْمنِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا شَرِيكَ الْقُرْآنِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا عَمُودَ الدِّينِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا بابَ حِكْمَةِ رَبِّ الْعالَمِين ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا عَيْبَةَ عِلْمِ اللَّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا مَوْضِعَ سِرِّ اللَّهِ .

السَّلامُ عَلَيْكَ : يا ثارَ اللَّهِ وَ ابْنَ ثارِهِ وَ الْوِتْرَ الْمَوْتُورِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : وَ عَلَى‏ الأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَ انَاخَتْ بِرَحْلِكَ.

بِأَبِي انْتَ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي : يا أَبا عَبْدِ اللَّهِ لَقَدْ عَظُمَتِ الْمُصِيبَةُ وَ جَلَّتِ الرَّزِيَّةُ بِكَ عَلَيْنا وَ عَلى‏ جَمِيعِ اهْلِ الإِسْلامِ .

فَلَعَنَ اللَّهُ : أمَّةً اسَّسَتْ أَساسَ الظُّلْمِ وَ الْجَورِ عَلَيْكُمْ اهْلَ الْبَيْتِ ، وَ لَعَنَ اللَّهُ امَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ وَ أَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبِكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ اللَّهُ فِيها .

بِأَبِي انْتَ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي : يا أَبا عَبْدِ اللَّهِ اشْهَدُ لَقَدْ اقْشَعَرَّتْ لِدِمائِكُمْ اظِلَّةُ الْعَرْشِ مَعَ اظِلَّةِ الْخَلائِقِ ، وَ بَكَتْكُمُ السَّماءُ وَ الارْضُ وَ سُكّانُ الْجِنانِ وَ الْبِرِّ وَ الْبَحْرِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ عَدَدَ ما فِي عِلْمِ اللَّهِ .

لَبَّيْكَ داعِيَ اللَّهِ : إنْ كانَ لَمْ يُجِبْكَ بَدَنِي عِنْدَ اسْتِغاثَتِكَ وَ لِسانِي عِنْدَ اسْتِنْصارِكَ ، فَقَدْ أَجابَكَ قَلْبِي وَ سَمْعِي وَ بَصَرِي ، سُبْحانَ رَبِّنا انْ كانَ وَعْدُ رَبَّنا لَمَفْعُولًا .

اشْهَدُ انَّكَ : طُهْرٌ طاهِرٌ مُطَهَّرٌ ، مِنْ طُهْرٍ طاهِرٍ مُطَهَّرٍ ، فَطُهِّرَتْ بِكَ الْبِلادُ وَ طُهِّرَتْ ارْضٌ انْتَ فِيها وَ طُهِّرَ حَرَمُكَ ، اشْهَدُ انَّكَ امَرْتَ بِالْقِسْطِ وَ الْعَدْلِ وَ دَعَوْتَ إِلَيْهِم ، وَ انَّكَ صادِقٌ صِدِّيقٌ صَدَقْتَ فِيما دَعَوْتَ إِلَيْهِ ، وَ انَّكَ ثارُ اللَّهِ فِي الارْضِ .

وَ اشْهَدُ انَّكَ : قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ جَدِّكَ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَنْ أَبِيكَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ عَنْ أَخِيكَ الْحَسَنِ ، وَ نَصَحْتَ وَ جاهَدْتَ فِي سَبِيلِ رَبِّكَ وَ عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتّى‏ أَتاكَ الْيَقِينُ ، فَجَزاكَ اللَّهُ خَيْرَ جَزاءِ السَّابِقِينَ ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ صَلِّ عَلَى الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهِيدِ الرَّشِيدِ ، قَتِيلِ الْعَبَراتِ وَ أَسِيرِ الْكُرُباتِ صَلاةً نامِيَةً زاكِيَةً مُبارَكَةً ، يَصْعَدُ أَوَّلُه وَ لا يَنْفَدُ آخِرُها ، افْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى‏ احَدٍ مِنْ اوْلادِ أَنْبِيائِكَ الْمُرْسَلِينَ يا إِلهَ الْعالَمِينَ .

ثمّ قبّل الضّريح : وضع خدّك الأيمن عليه و الأيسر ، و در حول الضريح ، فقبّله من‏ أربع جوانبه ، ثم امض وقف على ضريح علي بن الحسين عليه السلام مستقبل القبلة و قل:

السَّلامُ مِنَ اللَّهِ ، وَ السَّلامُ مِنْ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَنْبِيائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَ عِبادِهِ الصَّالِحِينَ وَ جَمِيعِ اهْلِ طاعَتِهِ مِنْ اهْلِ السَّماواتِ وَ الأَرَضِينَ ، عَلَى ابِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ نَسْلِ خَيْرِ سَلِيلٍ مِنْ سُلالَةِ إِبْراهِيمَ الْخَلِيلِ . صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلى‏ أَبِيكَ إِذْ قالَ فِيكَ: قَتَلَ اللَّهُ قَوْماً قَتَلُوكَ ، يا بُنَيَّ ما اجْرَأَهُمْ عَلَى الرَّحْمنِ وَ عَلَى انْتِهاكَ حُرْمَةِ الرَّسُولِ ، عَلَى الدُّنْيا بَعْدَكَ الْعَف .

اشْهَدُ انَّكَ ابْنُ حُجَّةِ اللَّهِ وَ ابْنُ امِينِهِ ، حَكَمَ اللَّهُ عَلى‏ قاتِلِيكَ وَ اصْلاهُمْ «3» جَهَنَّمَ وَ سائَتْ مَصِيراً ، وَ جَعَلَنَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنْ مُلاقِيكَ وَ مُرافِقِيكَ وَ مُرافِقِي جَدِّكَ وَ أَبِيكَ وَ عَمِّكَ وَ أَخِيكَ وَ أُمِّكَ الْمَظْلُومَةِ الطَّاهِرَةِ الْمُطَهَّرَةِ ، أَبْرَءُ الَى اللَّهِ مِمَّنْ قَتَلَكَ وَ قاتِلَكَ ، وَ اسْأَلُ اللَّهَ مُرافِقَتَكُمْ فِي دارِ الْخُلُودِ ، وَ السَّلامُ عَلَيْكَ : وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ .

السَّلامُ عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلى‏ : جَعْفَرِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلى‏ : عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلى‏ : ابِي بَكْرِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلى‏ : عُثْمانِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . السَّلامُ عَلَى الْقاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ ، السَّلامُ عَلى‏ : ابِي بَكْرِ بْنِ الْحَسَنِ .

السَّلامُ عَلى‏ : عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ ، السَّلامُ عَلى‏ : مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ ابِي طالِبٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : جَعْفَرِ بْنِ عَقِيلٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَقِيلٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : مُحَمَّدٍ بْنِ ابِي سَعْدِ بْنِ عَقِيلٍ ، السَّلامُ: عَلى‏ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ ابِي طالِبٍ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ اهْلَ بَيْتِ الْمُصْطَفى‏ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ اهْلَ الشُّكْرِ وَ الرِّضا .

السَّلامُ عَلَيْكُمْ : يا أَنْصارَ اللَّهِ وَ رِجالِهِ مِنْ اهْلِ الْحَقِّ وَ الْبَلْوَى وَ الْمُجاهِدِينَ عَلى‏ بَصِيرَةٍ فِي سَبِيلِهِ ، اشْهَدُ انَّكُمْ كَما قالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ { وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } ، فَما ضَعُفْتُمْ وَ مَا اسْتَكَنْتُمْ حَتّى‏ لَقِيتُمُ اللَّهَ عَلى‏ سَبِيلِ الْحَقِّ وَ نَصْرِهِ وَ كَلِمَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ .

صَلَّى اللَّهُ : عَلى‏ أَرْواحِكُمْ وَ أَبْدانِكُمْ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً وَ فُزْتُمْ ، وَ اللَّهِ لَوَدَدْتُ انِّي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً ، أَبْشِرُوا بِمَواعِيدِ اللَّهِ الَّتِي لا خُلْفَ لَها انَّهُ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ .

اشْهَدُ انَّكُمُ : النُّجَباءُ وَ سادَةُ الشُّهَداءِ فِي الدُّنْي وَ الْآخِرَةِ ، وَ اشْهَدُ انَّكُمْ جاهَدْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ قُتِلْتُمْ عَلى‏ مِنْهاجِ رَسُولِ اللَّهِ ، انْتُمُ السَّابِقُونَ وَ الْمُجاهِدُونَ ، اشْهَدُ انَّكُمْ أَنْصارُ اللَّهِ وَ أَنْصارُ رَسُولِهِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَكُمْ وَعْدَهُ وَ أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ ، وَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ .

ثم التفت فسلّم على الشهداء فقل:

السَّلامُ عَلى‏ : سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَنَفِي ، السَّلامُ عَلى‏ : حُرِّ بْنِ يَزِيد الرِّياحِي ، السَّلامُ عَلى‏ : زُهَيْرِ بْنِ الْقَيْنِ ، السَّلامُ عَلى‏ : حَبِيبِ بْنِ مظاهِرٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : مُسْلِمِ بْنِ عَوْسَجَةِ ، السَّلامُ عَلى‏ : عَقَبَةِ بْنِ سَمْعانَ ، السَّلامُ عَلى‏ : بُرَيْرِ بْنِ خُضَيْرٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرِ .

السَّلامُ عَلى‏ : نافِعِ بْنِ هِلالٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : مُنْذِرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ الْجُعْفِي السَّلامُ عَلى‏ : عَمْرُو بْنِ قُرْظَةِ الأَنْصارِي .

السَّلامُ عَلى‏ : ابِي ثمامَةِ الصَّائِدِي ، السَّلامُ عَلى‏ : جُونٍ مَوْلى‏ ابِي ذَرٍّ الْغَفّارِي ، السَّلامُ عَلى‏ : عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الازْدِي ، السَّلامُ عَلى‏ : عَبْدِ الرَّحْمنِ وَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عُرْوَة ، السَّلامُ عَلى‏ : سَيْفِ بْنِ الْحارِثِ ، السَّلامُ عَلى‏ : مالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحائِرِي ، السَّلامُ عَلى‏ : حَنْظَلَةِ بْنِ اسْعَدِ الشَّبامِيِّ .

السَّلامُ عَلَى : قاسِمِ بْنِ الْحارِثِ الْكاهِلِي ، السَّلامُ عَلى‏ : بِشْرِ بْنِ عُمَرَ الْحَضْرَمِيِّ ، السَّلامُ عَلى‏ : عَابِسِ بْنِ شَبِيبِ الشَّاكِرِي ، السَّلامُ عَلى‏ : حَجَّاجِ بْنِ مَسْرُوقِ الْجُعْفِي ، السَّلامُ عَلى‏ : عَمْرِو بْنِ خَلَفٍ وَ سَعِيدٍ مَوْلاهُ ، السَّلامُ عَلى‏ : حَسَّانِ بْنِ الْحارِثِ .

السَّلامُ عَلى‏ : مَجْمَعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعائِذِي ، السَّلامُ عَلى‏ : نَعِيمِ بْنِ عِجْلانِ ، السَّلامُ عَلى‏ : عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ يَزِيد ، السَّلامُ عَلى‏ : عُمَرَ بْنِ ابِي كَعْبٍ .

السَّلامُ عَلى‏ : سُلَيْمانَ بْنَ عُوفِ الْحَضْرَمِيِّ ، السَّلامُ عَلى‏ : قَيْسِ بْنِ مُسْهِرِ الصِّيْداوِيَّ ، السَّلامُ عَلى‏ : عُثْمانِ بْنِ فَرْوَة «3» الْغفارِيِّ ، السَّلامُ عَلى‏ : غَيْلانِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، السَّلامُ عَلى‏ : قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَدانِي ، السَّلامُ عَلى‏ : عُمَيْرِ بْنِ كَنادِ ، السَّلامُ عَلى‏ : جَبَلَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، السَّلامُ عَلى‏ : مُسْلِمِ بْنِ كَنادٍ .

السَّلامُ عَلى‏ : سُلَيْمانَ بْنِ سُلَيْمانَ الأَزدِي ، السَّلامُ عَلى‏ : حَمَّادِ بْنِ حَمَّادِ الْمُرادِي ، السَّلامُ على‏ عامِرِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ مَوْلاهُ مُسْلِمٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : بَدْرِ بْنِ رُقَيْطٍ وَ ابْنَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ وَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، السَّلامُ عَلى‏ : رُمَيْثِ بْنِ عُمَرَ ، السَّلامُ عَلى‏ : سُفْيانِ بْنِ مالِكٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : زُهَيْرِ بْنِ سَيّارٍ .

السَّلامُ عَلى‏ : قاسِطٍ وَ كَرْشٍ ابْنَيْ زُهَيْرٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : كَنانَةِ بْنِ عَتِيقٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : عامِرِ بْنِ مالِكٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : مَنِيعِ بْنِ زِيادٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : نُعْمان بْنِ عَمْرٍو .

السَّلامُ عَلى‏ : جَلَّاسِ بْنِ عَمْرِو ، السَّلامُ عَلى‏ : عامِرِ بْنِ جُلَيْدَةِ «1» ، السَّلامُ عَلى‏ : زائِدَةِ بْنِ مُهاجِرٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّهْشَلِي ، السَّلامُ عَلى‏ : حَجَّاجِ بْنِ يَزِيد ، السَّلامُ عَلى‏ : جُوَيْرِ بْنِ ، مالِكٍ .

السَّلامُ عَلى‏ : ضُبَيْعَة بْنِ عَمْرٍو ، السَّلامُ عَلى‏ : زُهَيْرِ بْنِ بَشِيرٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : مَسْعُودِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، السَّلامُ عَلى‏ : عَمَّارِ بْنِ حَسَّانٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : جُنْدَبِ بْنِ حُجَيْرٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : سُلَيْمانَ بْنِ كَثِيرٍ ، السَّلامُ عَلى‏ : زُهَيْرِ بْنِ سُلَيْمانَ ، السَّلامُ عَلى‏ : قاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ .

السَّلامُ عَلى‏ : انَسِ بْنِ كاهِلِ الأَسَدِي ، السَّلامُ عَلى‏ : ضَرْغامَةِ بْنِ مالِكٍ ، السَّلامُ عَلى زاهِرٍ مَوْلى‏ عَمْرو بْنِ الْحمقِ ، السَّلامُ عَلى‏ : عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَقْطُرِ رَضِيعِ الْحُسَيْنِ ، السَّلامُ عَلى‏ : مُنْجِحٍ مَوْلى‏ الْحُسَيْنِ ، السَّلامُ عَلى‏ : سُوَيْدٍ مَوْلى‏ شاكِرٍ .

السَّلامُ عَلَيْكُمْ : ايُّهَا الرَّبَّانِيُّونَ ، انْتُمْ خِيَرَةُ اللَّهِ ، اخْتارَكُمُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَ انْتُمْ خاصَّتُهُ اخْتَصَّكُمُ اللَّهُ ، اشْهَدُ انَّكُمْ قُتِلْتُمْ عَلَى الدُّعاءِ الَى الْحَقِّ وَ نَصَرْتُمْ وَ وَفَيْتُمْ وَ بَذَلْتُمْ مُهَجَكُمْ مَعَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، وَ انْتُمْ سُعَداءُ سُعِدْتُمْ وَ فُزْتُمْ بِالدَّرَجاتِ .

فَجَزاكُمُ اللَّهُ : مِنْ أَعْوانٍ وَ إِخْوانٍ خَيْرَ ما جازى‏ مَنْ صَبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، هَنِيئاً لَكُمْ ما اعْطِيتُمْ وَ هَنِيئاً لَكُمْ بِما حُيِّيتُمْ ، طافَتْ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ وَ بَلَغْتُمْ بِها شَرَفَ الاخِرَةِ .

فإذا أردت : وداعه عليه السلام :

فقل ما رأيناه في بعض وداعاه :

السَّلامُ عَلَيْكَ : يا مَوْلايَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا حُجَّةَ اللَّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا صَفْوَةَ اللَّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : ي خالِصَةَ اللَّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا قَتِيلَ الظَّلماءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : يا غَرِيبَ الْغُرَباءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ : سَلامُ مُوَدِّعٍ لا سَأمٍ وَ لا قالٍ ، فَانْ امْضِ فَلا عَنْ مَلامَةٍ ، وَ انْ اقِمْ فَلا عَنْ سُوءِ ظَن بِما وَعَدَ اللَّهُ الصَّابِرينَ .

لا جَعَلَهُ اللَّهُ : آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي لِزِيارَتِكَ ، وَ رَزَقَنِيَ اللَّهُ الْعَوْدَ الى‏ مَشْهَدِكَ وَ الْمُقامَ بِفِنائِكَ وَ الْقِيامَ فِي حَرَمِكَ ، وَ إِيَّاهُ اسْأَلُ انْ يُسْعِدَنِي بِكُمْ وَ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَ الاخِرَةِ .

....الإقبال بالأعمال الحسنة لسيد بن طاووس رحمه ج3ص341فصل53 . العيبة: ما تجعل فيه الثياب كالصندوق ، و على المثل يقال بموضع السرّ ، العيبة . أناخ فلان بمكان: أقام به . السليل: الولد ، السلالة: النسل . العفاء: الهلاك . اصلاه النار: ادخله إياها و اثواه فيها . المهجة: الدم ، أو دم القلب ، الروح .




صلاة النصف من شعبان
عند الإمام الحسين عليه السلام

ذكر بن طاووس رحمه الله : في إقبال الأعمال فصل فيما نذكره من صلاة ليلة النصف من شعبان عند الحسين عليه السلام‏ ، اعلم انّنا كنّا نؤثر أن نذكر هذه الصلاة قبل وداع زيارة نصف شعبان لئلّا يقع الاشتغال عنها بالزيارة و الوداع و مفارقة الإمكان ، و لكنّا رأينا تقدّم لفظ الزيارة ها هنا من المهمات و تأخير وداعها عنها خلاف العادات ، فذكرناها بالقرب ممّا يختصّ بالحسين صلوات اللَّه عليه ليقطع نظر الراغب في عملها فيعتمد عليه ، و هي صلاة الحسين صلوات اللَّه عليه .

و قد قدّمناها : في عمل يوم الجمعة من عمل الأسبوع في الجزء الرابع في دعائها زيادة على ما أشرنا إليه ، و هي منقولة من خطّ محمد بن علي الطرازي في كتابه فقال ما هذا لفظه: و نقلت : من خطّ الشيخ أبي الحسن محمد بن هارون أحسن اللَّه توفيقه ما ذكر انّه حذف إسناده قال:

و من صلاة ليلة النصف من شعبان : عند قبر سيدنا أبي عبد اللَّه الحسين بن علي صلوات اللَّه عليه .

أربع ركعات : يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب خمسين مرة و «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» خمسين مرة .

و يقرأهما : في الركوع عشر مرات ، و إذا استويت من الركوع مثل ذلك و في السجدتين و بينهما مثل ذلك ، كما تفعل في صلاة التسبيح ، و تدعو بعده و تقول:

انْتَ اللَّهُ : الَّذِي اسْتَجَبْتَ لآدَمَ وَ حَوّاء حِينَ قالا « رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْن لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ » ، وَ ناداكَ نُوحٌ : فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَ نَجَّيْتَهُ وَ آلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ، وَ اطْفَأْتَ نارَ نمْرُودَ عَنْ خَلِيلِكَ إِبْراهِيمَ فَجَعَلْتَها عَلَيْهِ بَرْداً وَ سَلاماً .

وَ أَنْتَ الَّذِي : اسْتَجَبْتَ لِايُّوبَ حِينَ ناداكَ « أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » ، فَكَشَفْتَ م بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ آتَيْتَهُ اهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ وَ ذِكْرى‏ لُاولِي الألْبابِ .

وَ انْتَ الَّذِي : اسْتَجَبْتَ لِذِي النُّونِ حِينَ ناداكَ فِي الظُّلُماتِ «أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ» ، فَنَجَّيْتَهُ مِنَ الْغَمِّ .

وَ انْتَ الَّذِي : اسْتَجَبْتَ لِمُوسى‏ وَ هارُونَ دَعْوَتَهُم حِينَ قُلْتَ «قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما» ، وَ اغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَ قَوْمَهُ وَ غَفَرْتَ لِداوُدَ ذَنْبَهُ ، وَ نَبَّهْتَ قَلْبَهُ وَ ارْضَيْتَ خَصْمَهُ رَحْمَةً مِنْكَ وَ ذِكْرى‏ .

وَ انْتَ الَّذِي : فَدَيْتَ الذَّبِيحَ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ حِينَ أَسْلَما وَ تَلَّهُ ، لِلْجَبِينِ ، فَنادَيْتَهُ بِالْفَرَجِ وَ الرَّوْحِ .

وَ انْتَ الَّذِي : ناداكَ زَكَرِيَّا نِداءً خَفِيّاً قالَ «رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّ ، وَ قُلْتَ وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ .

وَ انْتَ الَّذِي : اسْتَجَبْتَ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُو الصَّالِحاتِ لِتَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِكَ .

رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي : اهْوَنَ الرَّاغِبِينَ الَيْكَ ، وَ اسْتَجِبْ لِي كَما اسْتَجَبْتَ لَهُمْ بِحَقِّهِمْ عَلَيْكَ ، وَ طَهِّرْنِي وَ تَقَبَّلْ صَلاتِي وَ حَسَناتِي وَ طَيِّبْ بَقِيَّةَ حَياتِي‏ ، وَ طَيِّبْ وَفاتِي ، وَ اخْلُفْنِي فِيمَنْ اخْلُفُ وَ احْفَظْهُمْ رَبِّ بِدُعائِي ، وَ اجْعَلْ ذُرِّيَّتِي ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً تَحُوطُها بِحِياطَتِكَ مِنْ كُلِّ م حُطْتَ مِنْهُ ذُرِّيَّةَ أَوْلِيائِكَ وَ اهْلِ طاعَتِكَ ، بِرَحْمَتِكَ يا رَحِيمُ ، يا مَنْ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ ، وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ رَقِيبٌ ، وَ مِنْ كُلِّ سائِلٍ قَرِيبٌ ، وَ مِنْ كُلِّ داعٍ مِنْ خَلْقِهِ مُجِيبٌ .

انْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا انْتَ : الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً احَدٌ ، تَمْلِكُ الْقُدْرَةَ الَّتِي عَلَوْتَ بِها فَوْقَ عَرْشِكَ ، وَ رَفَعْتَ بِها سَماواتِكَ ، وَ ارْسَيْتَ بِها جِبالَكَ ، وَ فَرَشْتَ بِه ارْضَكَ ، وَ اجْرَيْتَ بِها الأَنْهارَ ، وَ سَخَّرْتَ بِهَا السَّحابَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ ، وَ خَلَقْتَ بِهَا الْخَلائِقَ .

أَسْأَلُكَ : بِعَظَمَةِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ الَّذِي اشْرَقْتَ بِهِ السَّماواتِ وَ أَضاءَتْ بِهِ الظُّلُماتُ انْ تُصَلِّيَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ انْ تَكْفِيَنِي امْرَ مَنْ يُعادِينِي وَ امْرَ مَعادِي وَ مَعاشِي .

وَ اصْلِحْ يا رَبِّ شَأْنِي : وَ لا تَكِلْنِي الى‏ نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَ اصْلِحْ امْرَ وَلَدِي وَ عِيالِي ، وَ اغْنِنِي وَ ايَّاهُمْ مِنْ خَزائِنِكَ وَ سَعَةِ رِزْقِكَ وَ فَضْلِكَ ، وَ ارْزُقْنِي الْفِقْهَ فِي دِينِكَ ، وَ انْفَعْنِي بِما نَفَعْتَ بِهِ مَنِ ارْتَضَيْتَ مِنْ عِبادِكَ ، وَ اجْعَلْنِي لِلْمُتَّقِينَ إِماماً كَما جَعَلْتَ إِبْراهِيمَ ، فَانَّ بِتَوْفِيقِكَ يَفُوزُ الْمُتَّقُونَ وَ يَتُوبُ التَّائِبُونَ وَ يَعْبُدُكَ الْعابِدُونَ ، وَ بِتَسْدِيدِكَ وَ إِرْشادِكَ نَجَى الصَّالِحُونَ .

اللَّهُمَّ : آتِ نَفْسِي تَقْواها وَ انْتَ وَلِيُّها وَ مَوْلاها ، وَ انْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاها .

اللَّهُمَّ : بَيِّنْ لَها رِشادَها وَ تَقْواها وَ نَزِّلْه مِنَ الْجِنانِ أَعْلاها ، وَ طَيِّبْ وَفاتَها وَ مَحْياها وَ اكْرِمْ مُنْقَلَبَه وَ مَثْواها وَ مُسْتَقَرَّها وَ مَأْواها ، انْتَ رَبُّها وَ مَوْلاها .

اللَّهُمَّ : اسْمَعْ وَ اسْتَجِبْ بِرَحْمَتِكَ وَ مَنْزِلَةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، وَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسى‏ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَ الْحُجَّةِ الْقائِمِ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ عِنْدَكَ ، وَ بِمَنْزِلَتِهِمْ لَدَيْكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

الإقبال بالأعمال الحسنة ج3ص347ف54، وعنه في بحار الأنوار ج98ص243ب26ح4 .








المصادر

[1] وزخرف الدنيا : زينتها وأصله الذهب ثم اطلق على كل مزين ، والزبرج بالكسر : الزينة من وشي أو جوهر والذهب .

[2] والردء : بالكسر العون.

[3] والصناديد : جمع الصنديد بالكسر وهو السيد الشجاع والابطال جمع البطل بالتحريك وهو الشجاع . قوله عليه السلام وناهش ذؤبانهم : في بعض النسخ ناوش يقال : نهشه أي عضه أو أخذه بأضراسه والمناوشة المناولة في القتال ، والذؤبان : بالهمز جمع الذئب وذؤبان العرب صعاليكهم ولصوصهم قوله عليه السلام فأضبت على عداوته ، يقال : أضب على الشيء إذا أمسكه ، وفي بعض النسخ بالصاد المهملة والنون ، يقال : أصن على الامر إذا أصر فيه وأكب على الامر أقبل ولزم ، والمنابذة المحاربة وأقصاه أبعده ، وندب الميت كنصر بكاه وعدد محاسنه .

[4] قوله فلتدر الدموع : الدر السيلان ، وفي كثير من النسخ فلتذرف من قولهم ذرف الدمع أي سال والعج رفع الصوت .

[5] والامت الانخفاض والارتفاع والاختلاف في الشيء..

[6] والذحل طلب المكافاة بالجناية.

[7] قوله عليه السلام : وافترى : في بعض النسخ القديمة على من اعتدى وانتزى ، والانتزاء الوثوب إلى الشر

[8] قوله من عقيد عز : أي الذي عقد وشد عليه العز فلا يفارقه أو عز معقود ، ومنه ما ورد في الدعاء : أسألك بمعاقد العز من عرشك ، أو المعنى حليف العز ومعاهده كما يقال فلان عقيد الكرم أي لا يفارقه كأنه وقعت المعاقدة بينهما ، والاثيل المتأصل أي ذو مجد أصيل ، والمساماة المفاخرة والمغالبة في السمو والرفعة قوله لا يجازى ، كذا في النسخ والأظهر لا يحاذى بالحاء المهملة والذال المعجمة أي لا يحاذيه ويماثله مجدا ، أو بالجيم والراء المهملة من المجاراة في الكلام والمسابقة ولعله أظهر ، والتلاد القديم ، والمضاهاة المشابهة قوله عليه السلام من نصيف شرف : أي سهيم شرف مأخوذ من النصف كأنه نصف الشرف وساير الخلق نصفه والنصيف أيضا العمامة ، فيمكن أن يكون على الاستعارة أي أنه مزين الشرف . بحار الأنوار ج95ص124 .

[9] المناغاة : المغازلة والمرأة تناغي الصبى أي تكلمه بما يعجبه ويسره ، القذى في العين والشراب ما يسقط فيه ، وقذيت عينه تقذى إذا سقطت في عينه قذاة . قوله عليه السلام هل يتصل يومنا منك بغده : أي نراك يوما بعد يوم ، أو المراد باليوم أيام الفراق وبالغد أيام الوصال و قوله فنحظى من الحظوة وهي القدر والمنزلة من باب علم ، ونقع بالماء كمنع روي وأنقعه الماء أرواه ، والصدى بالتحريك العطش قوله دابر المتكبرين أي آخر من يبقى منهم كناية عن استيصالهم ، والجث القطع وانتزاع الشجر من أصله.

[10] ويقال : استعداه أي استعانه واستنصره ، والعدوى النصرة ، والأسى بالفتح مقصورا الحزن ، و الجوى كذلك المرض وداء الجوف إذ تطاول ، والغليل : شدة العطش وحرارة الجوف . قوله : والتائقون أي المشتاقون

[11] وأدحضه : أبطله ، والادالة : الغلبة ، وقال في النهاية وفيه والنبي آخذ بحجزة الله بدل يا ليتني ، في الحديث إن الرحم أخذت بحجزة الرحمن أي اعتصمت به والتجأت إليه مستجيرة ، وأصل الحجزة موضع شد الازار ، ثم قيل للازار حجزة للمجاورة ، فاستعاره للاعتصام والالتجاء والتمسك بالشيء والتعلق به ، و منه الحديث الآخر يا ليتني آخذ بحجزة الله أي بسبب منه . بحار الأنوار ج95ص124 .

[12] بحار الأنوار ج95ص104ـ109 عن مصباح الزائر ص 230 - 234 .

[13] المزار الكبير ص 190 - 194 .

[14] البلدا لأمين ص 309.

[15] البلد الأمين ص : 310.

[16] بحار الأنوار ج95ص81ح1 عن الاحتجاج ج 2 ص 316 - 318.

[17] بحار الأنوار ج95ص82ح2عن مصباح الزائر ص 216 .

[18] قال في البحار : قوله : لا لامر الله تعقلون ، يتوهم من كلامه أن هذه الفقرات من أجزاء الزيارة ، لا سيما وقد سقط من النسخ ما مر في رواية الاحتجاج من قوله عليه السلام إذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى والينا فقولوا كما قال الله تعالى : سلام على آل يسين فقوله : سلام على آل ياسين أول الزيارة أو ما بعده ، فيكون ذكر الآية للاستشهاد ، لا لان تذكر في الزيارة وإنما أعدنا هاهنا للاختلاف الكثير بينهما .

[19] قوله عليه السلام ومن تقديره منائح العطاء ، المنائح جمع المنيحة وهي العطية وتطلق غالبا في منحة اللبن كالناقة أو الشاة تعطيها غيرك يحتلبها ثم يردها عليك ، فيكون المراد بها الفوائد الدنيوية لكونه عارية ، والتعميم أظهر .

[20] قال في البحار : قوله : خياره لوليكم نعمة : أي كل ما اختاره لوليكم من الراحة والبلاي والمصائب فهو نعمة له ، بخلاف المصائب التي ترد على أعدائكم فإنها انتقام وسخط .

قوله عليه السلام يا صاحب المرأى والمسمع : أي الذي يرى الخلائق ويسمع كلامهم من غير أن يروه قوله بعين الله : أي بعلمه أو بحفظه وحراسته ، أنت على عيني إي في الإكرام والحفظ جميعا وصنع ذلك على عين وعينين ، وعمد عينين أي تعمده بجد ويقين ، وها هو عرض عين : أي قريب .الحفيظة : الحمية والغضب والذب عن المحارم .

[21] قوله عليه السلام وخاتمته أي خاتمه الأخر أو خاتمة أمر الإمامة والخلافة .

[22] قال في البحار : قوله عليه السلام ما استأثرت به مشيتكم أي اختارته يقال : استأثر بالشيء أي استبد به وخص به نفسه ، وفي بعض النسخ المصححة القديمة والممحو ما استأثرت به سنتكم بدون حرف النفي ، فالمعنى أن قدركم في الواقع بلغ إلى درجة يجري القضاء على وفق مشيتكم ، وجهل قدركم في الناس بحيث يمحون ويتركون ما جرت به سنتكم .

[23] قال في البحار : والحرد : القصد وحرد يحرد حرودا أي تنحى عن قومه ونزل منفردا ولم يخالطهم والحرد أيضا الغضب . قوله عليه السلام فيما دنت أي اعتقدت وجعلته ديني أو عبدت الله به .

[24] قوله عليه السلام أنت الجاه أي ذو الجاه والقدر والمنزلة .

[25] قوله عليه السلام : أسألك باسمك الذي خلقته أي القائم عليه السلام ، وهو الاسم الذي استأثر به ولم يخبر به أحدا من خلقه كما مر في باب الأسماء من كتاب التوحيد ، ولا يبعد أن يكون في الأصل من ذاتك ، فيكون الضمير راجعا إلى الاسم.

[26] بحار الأنوار ج95ص92ـ95ح2عن مصباح الزائر ص 223 225 .

[27] بحار الأنوار ج95ص95ـ96ح2عن المزار الكبير ص 188 .

[28] بحار الأنوار ج95ص97 عن المزار الكبير ص 194 .

[29] بحار الأنوار ج95ص98ح2عن مصباح الزائر ص 225 ـ 226 .

[30] قوله يا ابن شجرة طوبى وسدرة المنتهى قال الكفعمي رحمه الله قلت : يريد أنه عليه السلام صاحبهما والعالم بهما والمرتقى فضله عليهما ، ومن سنة العرب إضافة العظيم إلى العظيم إذا أرادوا المدح ، فيقولون الكعبة بيت الله ، والحجاج وفد الله ، وأهل القرآن هم أهل الله ، والسلطان ظل الله في الأرض ، ويقولون للرجل الجلد : ابن الأيام ، وللسيد : ابن جلا ، وابن أقوال هو المنطيق المقتدر على الكلام ، وابن مدينتها وابن بلدتها وابن نجدتها العالم بها انتهى كلامه - رحمه الله - مصباح الكفعمى ص 495 بحار الأنوار ج95ص120ـ123 وأينع الثمر : حان قطافه ونضج ، وغرد الطائر كفرح وغرد تغريد وأغرد وتغرد رفع صوته وطرب به ، والهد الهدم الشديد والكسر ..

[31] ظهار الكلام ولم توضع .

[32] الوطئ في الأصل الدوس بالقدم فسمي به الغزو والقتل لان من يطأ على الشيء برجله فقد استقصى في هلاكه وإهانته ومنه الحديث ، اللهم : اشدد وطاتك على مضر أي خذهم أخذا شديدا انتهى .

[33] والمنون : الموت .

[34] بحار الأنوار ج95ص98ـ102ح2عن مصباح الزائر ص 226 - 230 .

[35] المزار الكبير ص 216 - 217 .

[36] بحار الأنوار ج95ص112ـ115 عن مصباح الزائر ص 236 237 .

[37] قوله والأئمة من بعده قال الكفعمي في الحاشية ( مصباح الكفعمي ص 550 ) : أي صل عليه أولا ثم صل عليهم ثانيا من بعد أن تصلي عليه ، ويريد بالأئمة من بعده أولاده لأنهم علماء أشراف ، والعالم إمام من اقتدى به ، ويدل عليه قوله : والأئمة من ولده في الدعاء المروي عن المهدي عليه السلام انتهى .

أقول : على المعنى الذي ذكره لقوله : من بعده ، يحتمل أن يكون المراد بالأئمة آباءه الطاهرين أي بعد أن صليت عليه صل على آبائه الطاهرين ، و يحتمل أن يكون المراد بالأئمة بعده الأئمة الذين يرجعون إلى الدنيا بعد ظهوره وكثير من الأخبار يدل على وجودهم بعده أيضا ، وقد سبق القول فيه في كتاب الغيبة . بحار الأنوار ج95ص125 .

[38] بحار الأنوار ج95ص115 عن مصباح الكفعمى ص 548 .

[39] بحار الأنوار ج95ص116 عن مزار الشهيد ص 62 65 .

[40] بحار الأنوار ج95ص117 عن المزار الكبير ص 194 196 ومزار الشهيد ص62 64 .

[41]بحار الأنوار ج95ص118 عن المزار الكبير ص 196 ومزار الشهيد ص 64 - 65 .




  ف ✐

           

  ✺ ت