بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العلمين وصلى الله على نبينا الأكرم وآله الطيبين الطاهرين
النور الخامس

الحسن الحسين يبلغا العباد أنهما سيدا أهل الدنيا والآخرة

 تذكرة :

بملاك ومعنى سيد الدين بتعبير سيد المرسلين وسيد القوم:

يا طيب : لو تتبعت أحاديث النبي الأكرم كلها لم تجده يستخدم كلمة سيد لأحد من المسلمين بصورة تبين أن له مقام سامي في الإمامة والولاية لكل المسلمين بعده ، بل لم يستخدمها لأحد بأن يكون سيد المؤمنين أو المسلمين أو الجنة إلا لآله الكرام .

 وذا عبر عن أحد: بسيد، يقول من سيدكم ، كسيد لعشيرته أو لقوم مخصوصين أو يقول أين سيد كم أو هذا سيدكم ، مثل ما قال لسعد بن عباد أنه سيد الأنصار ، أو بلال سيد الحبشة لسابقة له في الإسلام كما عرفت ، ولكنه لم يذكر لأحد بأن له المقام الكريم العالي بأن يكون سيد المسلمين والمؤمنين وأهل الجنة مثل ما عبر بكلمة سيد حين يطلقها على آله الكرام الطيبين الطاهرين ، ولم يعرف غيرهم بمعنى عظيم واسع شامل جامع لكل معاني المدح والثناء ، ومبين لكل ما يراد من الفضائل والمناقب التي تحويها كلمة سيد بسعتها للولاية والإمامة والقيادة العامة لكل المؤمنين غير أل محمد  .

والحق : إن كلمة سيد في لسان رسول الله صلى الله عليه وآله حين يطلقها على آله يريد بها كل ما يمكن أن تدخل به من المعاني التي عرفتها من بيان الولاية والإمامة ، وبكل شرف عظيم ومجد عالي ، وهي بنفس الملاك التي تطلق عليه تراه يطلق لفظ سيد بمعناها العالي على آله ، وبكل كمال ممكن أن تستوعبه وتعبر عنه على الحقيقة ، وهذا لم تجده في تعبيره عن احد من الناس تابع وتفحص كل كتب المسلمين ، وأنها حتى في بيان مقام سيادة رئيس لقوم أو العشيرة ليس لها من الشمول كما لهم .

وبالخصوص في المعنى الحق للسيادة : وهي الظهور بالعلم الحق والتقى التام ، الذي عرفت أنهما في الدين الإسلام أسا لملاك السيادة وأصل أصيل وركن ركين لمعناها.

فإن الله تعالى سيد السادات : أمر نبيه سيد الأنبياء والمرسلين أن يعرف نعمته عليه فقال له : وأما بنعمة ربك فحدث ، فإذا نبي الرحمة عرف الحسن والحسين بسيدي شباب أهل الجنة ، فحدث بنعمه دائمة لهم وشاملة للدنيا والآخرة  ، وهي كوثر الخير والبركة ، وتحوي معاني آية التطهير والمودة وأطيعوا أولي الأمر منكم ، فيعرفهم بالرئاسة الدينية واستمرارها في الوجود بذريته الكريمة ، سيد بعد سيد ، وبحق وبكل معنى الرئاسة والسيادة والولاية والإمامة التي تكون معاني كلمة سيد بأعلى ملاكها وروح لمعانيها

ويا طيب : عرفنا أحاديث كثيرة مختلفة تبين لنا بأن نبينا الأكرم محمد وآله صلى الله عليه وآله وسلم هم سادة الوجود ، بالخصوص حين تراجع البحث التام في صحيفة سادة الوجود بأجزائها ، فترى فيها حقائق معاني بأنهم أئمة الحق وولاة أمر الله ، ويجب أن يقتدى بهم عن حب لما يظهرون به من نور الله سبحانه وتعالى وهدى دينه كله .

 ودليل هذا القول : هو ما عرفته في كثير من الآيات والأحاديث الشريفة في الأجزاء السابقة ، وبكل حديث عن مناقبهم ترى فيه حقيقة أنه لهم أعلى الفضائل والشأن العظيم العالي على جميع البشر ، وتعرف شرفهم الكريم الذي يفوق كل ولد آدم ، حتى لنتيقن بأحسن الأدلة وأتقن البراهين الحقة أنهم سادة البشر ، وبما عرفت من سعة معنى سيد وشموله لكل خير ، وأنهم لهم السؤدد والكرامة والرئاسة بفضل الله سبحانه عليهم ولاصطفائه لهم ولاختياره لهم ، وكما عرفت هذا المعنى في كثير من الأحاديث التي مرت ، وتدبر تحققهم في بيان سيرتهم وعلومهم في صحف تحكي خَلقهم وخُلقهم وعبادتهم.

ونص الحديث : إن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، تراه ضمن أحاديث طويلة تعرفنا ملاك سيادتهم ، وأنهم أهل العلم والحلم والجهاد والعبودية لله سيد السادات سبحانه ، وأنهم أكرم الناس على الله ، وأنهم مطهرون فأختارهم من بين كل البشر ، فكانوا سادة المتقين والأزكياء ، وذكر الحديث بهذا النص سادة لأهل الجنة هو لما له من الملاك لا قول مفرد وحده، وأنه لا يمكن أن يكون سيد حقا إلا بالظهور الدائم بالعلم والتقى وأنه لا يكون سيد في الجنة إلا أن يكون هو السيد هنا .

ويا طيب : مر عن سيد الأوصياء حين خرج بالحسن والحسين قال لكل منهم هذا سيدكم ، سماه رسول لله سيد ، وكذا كثير من الصحابة كانوا يصرحون بسيادتهم الدينية ، وبنقل مباشر عن رسول الله صلى الله عليه وآله يعرفون سيادتهم في الدنيا ، سواء نصا أو بما يحيط بها من المعاني ، والمناقب الحافة بنص السيادة لشباب أهل الجنة .

 وقد هدي : وسار بصراط مستقيم لكل نعيم من تبعهم وفاز ونجى ، ومن كان راوي دون متابعه  وبالخصوص من عاداهم فله ما هو ضد الجنة ولا يجتمع معهم فيها .

وبعد ما عرفنا كثير من الأحاديث عن سيادة : الحسن والحسين عليهم السلام وملاكها التام المتحقق بهم ، نتعرف على ما ظهرا عليهما السلام به من تبليغ السيادة لهما ، وتعريف الناس سيادتهما سواء بحديثهما ونقل قول رسول الله ، أو بما أظهرا من العلوم والبيان والحديث عن شؤون الدين علما وعملا وبكل سيرتهما وسلوكمها ، وهذا الأخير تراجع كل ما نقل عنهما بما تحويه صحفهم من البيان التام المعبر عن سيادتهم ، وهنا ننقل أحاديث تعرف سيادتهم بنقل نص السيادة ، وبالمراجعة لتمام حياتهم وأحاديثهم يعرف صدق المقال حتى اليقين بكل ملاك السيادة .

ويا طيب : عرفت إن المؤالف والمخالف يروي حديث السيادة ،وإن أل محمد وصحبهم يعرفونا الإمامة في الحسن والحسين وذرية الحسين المعصومين ، وإنهم أئمة لما لهم من ملاك السيادة ، وبما لم يدعيه لنفسه غيرهم بهذا المعنى التام فيكون خليفة الرسول بحق، وإما غير أهل البيت وصحبهم فحديثهم عن السيادة وإن رووه بكثرة ، لكنهم لم يؤمنوا بمعناه علما وعملا ، فخسروا نور ما علموا وضيعوا بل جعلوا هباء ما عملوا .

ويا طيب : إن في صحيفة السيادة حققنا ، إن النبي وآبائه إلى آدم كلهم تنطبق عليهم معاني السيادة وكانوا متحققين بها بفضل الله عليهم ، ومن بعد النبي لآله آل علي وولده ، فهم سادة الوجود وأئمة الحق إلى يوم القيامة وهذه سنة الله ، ويجب الإيمان بها ، وبعد أن عرفنا أحاديث سيادتهما عن رسول الله بروايات كثيرة ، فلنتعرف على ما بلغا عليهما السلام من السيادة لهما ، وما أعترف لهم به كثير ممن عاصرهم حتى المعاند لهم .

 

 


الإشراق الأول :

الإمام الحسن يبلغ سيادته ويقر له المؤمنون وغيرهم  ويعرفوه بها :

يا طيب : في حقائق معارف الدين بل طريقة المجتمع والحكومة والدول والعرف ، أن لكل قوم وجماعة لابد من وجود سيد فيه خصال تجعله يقود قومه لما فيه صلاحهم إن كانت الجماعة خيره ، وإلا فهو وهم في ضلال ، وعرفت أن في الدين مسألة السيادة والإمامة والخلاقة لرسول الله هي باختيار الله لأكرم عباده ، وإنه بعد سيد الأنبياء والمرسلين وسيد الأوصياء ، لابد للمسلمين من سيد حق يقودهم لما في صلاحهم ، ويعرف هدى الله الحق ومعارف دينه واقعا وبكل تصرف له وسيرة ، ولا يستحق هذا المنصب الكريم والشأن العالي إلا من خصه الله ورسوله بهذه الكرامة وعرفه بها ، وقد عرفت أحاديث كثيرة عن تبشير الله والملائكة وسيد المرسلين وسيد الأوصياء والصحابة بسيادة إمامي الهدى الحسن والحسين بالخصوص ، أو بصورة عامة مع آلهم .

والآن في هذا الإشراق : نعرف إن الإمام الحسن عليه السلام يعرفنا سيادته ، ولا يوجد خليفة في المسلمين وحاكم حكمهم ، يعرف سيادته وإمامته مثل أئمة ديننا ، وهم من سيد المرسلين وسيد الأوصياء أمير المؤمنين ثم الحسن والحسين وأبناء الحسين المعصومين ، وهذا شاهد حق تفردوا به ، وعرفوا أنفسهم والكل عرفهم بهذا المقام العالي والمنصب الإلهي الشامخ لهم ، وهو الظهور بكل هدى الله علما وعملا وبكل إخلاص وتقى ، وهذا هو ما عرفته من معنى السيادة ، وغيرهم إما يستقيل أو يستحي يزكي نفسه لما فيها ولما يعرفه الناس من عبادة الأصنام وشرب الخمر ، بل من غصب الحكومة ، وتمكن منها بما مهد له سابقا الحكام وولوه بلاد المسلمين ، و حكم في زمن الإمام الحسن ، كان قد استسلم بعد فتح مكة ولم يكن له دين وتقى حتى في زمان حكومته ، ولكن الناس تبعوه إما طمعا في دنياه أو خوفا منه أو نفاق وضلال متأصل في نفوسهم  ، فمن حكم بعد رسول الله كلهم يعترف بسيادة أل محمد علما ، لكنه عملا يخالفهم ويقاتلهم ، فيخرج من الدين لخروجه من الجنة ، لأن من قاتل سيدها لا يكون معه.

 


 

الإشعاع الأول :

الإمام الحسن عليه السلام يعرف سيادته عن سيد المرسلين:

ويا طيب : عرفنا أحاديث يعرف بها نبي الرحمة الحسن والحسين بالسيادة ، وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام عرفه بالسيادة في الكوفة وفي مواقف كثيرة كما عرفت  .

ويا طيب في هذا الإشراق : نرى إن الإمام الحسن عليه السلام ، بعد أبيه وجده وصحبهم ، وفي زمان إمامته يعرفنا سيادته ، وكذا عرفه بالسيادة من عاصره من الصحابة والتابعين ، فهنا نعرف أمورا في حياته الكريمة جرت له وعليه من الموافقين له والمخالفين له تخص أحاديث سيادته ، وأما كل ما يخصه من المناقب والفضائل بالإضافة لما عرفت في الجزء السابق ، فستجدها في صحيفته إن شاء الله ، وفيها حياته حين وبعد جده وأبيه ، وما تجلى به من مظاهر إمامته وسيادته وتعريفها بجد وبكل مناسبة ممكنة مع قصر مدة حكومته لخذلان الناس له وإتباع سيد الباطل عدوه ، ومع ذلك و الظروف الصعبة التي مرت به ، فهو يعرفنا سيادته وإمامته عن جده رسول الله، ومن الأحاديث :

عن أبي الطفيل عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال :

سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

أنا سيد النبيين .

و علي بن أبي طالب سيد الوصيين .

و الحسن و الحسين

 سيدا شباب أهل الجنة .

و الأئمة بعدهما  سادات المتقين .

ولينا ولي الله . و عدونا عدو الله .

و طاعتنا طاعة الله . و معصيتنا معصية الله عز و جل .

و حسبن الله و نعم الوكيل[82].

 


 

 

الإشعاع الثاني :

ابن عباس يعرف الإمام الحسن بالسيادة عن سيد والمرسلين :

يا طيب : جاء في حديث يذكر فيه بكاء النبي عند رؤية كل فرد من آل بيته صلى الله عليهم وسلم ، وذلك لتذكره ما سيحل ويكون من الظلم عليهم بعده ، وهو حديث طويل في ذكر كل أهل البيت ونأخذ من ما يختص بالإمام الحسن عليه السلام : عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ....

و أما الحسن :

 فإنه ابني ، و ولدي ، و بضعة مني .

 و قرة عيني ، و ضياء قلبي ، و ثمرة فؤادي .

و هو سيد شباب أهل الجنة .

 و حجة الله على الأمة .

 أمره أمري ، و قوله قولي .

 من تبعه فإنه مني ، و من عصاه فليس مني .

و إني لما نظرت إليه : تذكرت ما يجري عليه من الذل بعدي .

 فلا يزال الأمر به : حتى يقتل بالسم ظلما و عدوانا .

فعند ذلك : تبكي الملائكة و السبع الشداد لموته .

 و يبكيه كل شي‏ء : حتى الطير في جو السماء ، و الحيتان في جوف الماء .

فمن بكاه : لم تعم عينه يوم تعمى العيون .

و من حزن عليه : لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب .

و من زاره في بقيعه : ثبتت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام [83].

 


 

 

الإشعاع الثالث :

 حجر بن عدي عرف الإمام الحسن بسيد شباب الجنة وسيد سادات العرب:

قد جاء في خطبة لحجر بن عدي في نصر الإمام الحسن عليه السلام حين أرسل إلى الكوفة يسألهم الطاعة والنصر لوالده على أهل الجمل .

وقد خطب مالك الأشتر :

 ثم قام حجر بن عدي الكندي رحمه الله فقال :

أيها الناس :

 هذا الحسن بن‏ علي بن أبي طالب .

 و هو : من عرفتم ، أحد أبويه النبي الأمي صلى الله عليه وآله ، و الآخر الإمام الرضي المأمون الوصي.

و هو : أحد الذين ليس لهما في الإسلام شبيه .

سيدي شباب أهل الجنة .

 و سيدي سادات العرب .

أكملهم صلاحا

 و أفضلهم : علما ، و عملا .

 و هو رسول أبيه إليكم : يدعوكم إلى الحق ، و يسألكم النصر .

 السعيد : و الله من ودهم و نصرهم .

 و الشقي : من تخلف عنهم بنفسه عن مواساتهم .

 فانفروا معه : رحمكم الله خفافا و ثقالا .

و احتسبوا : في ذلك الأجر ، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.

فأجاب الناس كلهم بالسمع و الطاعة [84].

 


 

الإشعاع الرابع  :

 الإمام الحسن عليه السلام يعرف سيادته في زمن طاغية زمانه :

يا طيب روي : أنه  لقد قيل لمعاوية ذات يوم : لو أمرت الحسن بن علي بن أبي طالب فصعد المنبر فخطب ، ليبين للناس نقصه .  فدعاه فقال له : اصعد المنبر و تكلم بكلمات تعظنا بها . فقام عليه السلام : فصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه .

 ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، و من لم يعرفني :

فأنا : الحسن بن علي بن أبي طالب.

 و ابن سيدة نساء العلمين فاطمة بنت رسول الله .

أنا : ابن خير خلق الله .

 أنا : ابن رسول الله .

 أنا : ابن صاحب الفضائل .

 أنا : ابن صاحب المعجزات و الدلائل .

 أنا : ابن أمير المؤمنين .

أنا : المدفوع عن حقي .

أنا و أخي الحسين سيدا شباب أهل الجنة

أنا : ابن الركن و المقام ، أنا ابن مكة و منى ، أنا ابن المشعر و العرفات .

فقال له معاوية : يا أبا محمد خذ في نعت الرطب و دع هذا .

 فقال عليه السلام : الريح تنفخه ، و الحرور ينضجه ، و البرد يطيبه .

 ثم عاد ع في كلامه فقال : أنا إمام خلق الله ، و ابن محمد رسول الله .

فخشي : معاوية أن يتكلم بعد ذلك بما يفتتن به الناس.

 فقال : يا أبا محمد انزل ، فقد كفى ما جرى ، فنزل [85].

 


 

 

الإشعاع الخامس :

الصحابة وأبوسعيد الخدري وأبوهريرة يشهدان بسيادة الإمام الحسن:

يا طيب : في هذا الحديث نذكر لاثنان من الصحابة بشهادتهم بسيادة الإمام الحسن ، والباقي كما تراه في الهامش ، بنفس الصيغ وقد أخرج بالإضافة لأبي هريرة والخدري ، عن الإمام علي ، وجابر ، وعمر ، وبريده ، وقد مر ذكر قسم منهم بصورة جمعيه مع آلهم أو مع الإمام الحسين ، وهذا الإشراق مختص بالإمام الحسن ، فلا نعيد.

 فضم يا طيب : الأحاديث السابقة لما هنا ترى تواتر الحديث وتسالمه بين المسلمين ، وتحقق معنى السيادة لتعرف وجوب طاعته ونصره والإقرار له بالإمام والخلافة والولاية بعد أبيه، لا خذلانه ولا كما سترى من الفرح بموته أو أنظر ما يفعلون ويدعون الإسلام:

عن سعيد بن أبى سعيد المدني قال :

كنا مع أبى هريرة : إذ جاء الحسن بن علي قد سلم علينا .

 قال : فتبعه ، فلحقه .

وقال : وعليك السلام ، يا سيدى .

وقال : سمعت رسول الله ، يقول : إنه سيد [86].

 

وعن أبى سعيد الخدرى، رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله :

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة[87] .

 


 

 

الإشعاع السادس :

حديث السيادة للإمام الحسن مع إضافة من معاوية :

يا طيب : إن في كثير من الأحاديث التي تعرف أهل البيت عليهم السلام في كتب العامة ، ترى فيها شيء من الإضافة ، مثل إلا أبن الخالة أو أبني هارون ، وأحاديث أخرى ترى فيها من ينتقص من شأنهم في حين ذكرهم بأعظم فضيلة ، بحيث ترى حتى أنه لا مناسبة بينهما ، وذلك لكي يريحوا خاطرهم من التفكر بوجوب طاعة سادة أهل الوجود ، وأنهم بإطاعتهم لمن قاتلهم وحاربهم وقتلهم ومنعهم حقهم ، يكون لهم عذر موجه ، ثم يترنمون بأحاديث وضعها السابقون في حق بعض الصحابة وبالخصوص من حكم ، مع أنه لا فضيلة ولا موقف مشرف مهم حقيقي لهم مع النبي الأكرم لا في حرب ولا في علم ولا في سيرة حب لآله حقيقة ، بل منعوهم وحاربوهم بعده .

ويا طيب : من الإضافات التي خصت بحديث الإمام الحسن المفرد لا المجتمع مع أخيه بسيدي شباب أهل الجنة ، بل يذكر عن رسول الله يقول : إن أبني هذا سيد أهل الجنة. ثم يضيفوا له كما عن معاوية : بأنه يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، لكي يجعلوا حزب معاوية من المؤمنين المسلمين ، ويوجهوا فعل معاوية في حربه لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وغاراته على أطراف البلاد وقتل آلاف المسلمين ، وتسلطه على الحكومة بعزل سيد المسلمين بالقوة .

في حين يا طيب : عرفت أن ملاك السيادة ملاك العلم مع التقى والجود به وبذله ، لا الحيلة والمكر والغدر والقتل للمسلمين ولسادتهم الحقيقيين الذين عرفهم الله ورسوله ، فضلا عن ترويج معاوية لشرب الخمر والرضا به وإشاعة الجبر وإلحاق أولاد الزنا بنسبه كما فعل بعبيد الله بن زياد ، وتوليته المغيرة المشهور بالفسوق والغدر والخمر ، فضلا عن قتله الآمنين من المسلمين على الضن بمخالفته ، وسمه للإمام الحسن عليه السلام .

وعلى كل حال : سيأتي في صحيفة الإمام الحسن عليه السلام كيف أجبر على الصلح ، وأنه خذل من أهل الكوفة ، وإن معاوية لعارف بسيادة الإمام الحسن وأقر له بها ولكنه أضاف لحديث السيادة الخاص بالإمام الحسن عليه السلام ، كلمة ألحقت فيما بعد في كتب العامة كأمر مسلم ، وتناقلتها حتى كتب الخاصة للأمانة بالنقل ، وبعضهم راوي فقط بدون تعريف دراية الحديث .

يا طيب : إن الحديث لهو إن أبن هذا سيد ، وأما سيصلح به بين فأتين عظيمتين من المسلمين ، ملحق من معاوية وتبعه أتباعه ، ليخفف من حدته وجديته في تعريف ولاية الإمام الحسن وسيادته ، ولتسهيل أمر معاوية والإقرار به أمير المؤمنين لهم دون الإمام.

فهذه يا طيب : رواية تبين أن الإضافة من ملحقات معاوية للحديث ، ثم تابعه كل من كتب فيه ، فأضافها ، وإلا فالحق فإن الإمام الحسن عليه السلام سيد شباب أهل الجنة بعد جده وأبيه ومعه أخيه بقول مطلق ، وله السيادة هنا ، وكل من يقف أمامه معاندا فضلا عن مقاتلا أو محاربا ، فهو كافر منافق مهما أدعى من الألقاب والتجبر والطغيان ، ومهما برر له من فعله في التسلط على حكومة المسلمين ، لأنه منع الإمام من الظهور بالجود بالعلم والتقى وتعريف المسلمين حقائق هدى رب العلمين الخالص ، وعرف من عانده فكره هدى وضلاله دين ، ولمعرفة الحديث بكثرته الملحقة ، تدبر :

وذكر في مروج الذهب : أنه لما صالح الحسن معاوية ، كبر معاوية في الخضراء ، وكبر أهل الخضراء ، ثم كبر أهل المسجد بتكبير أهل الخضراء .

 فخرجت فاختة بنت قرضة : من خوخة لها .

 فقالت : سَركَ اللّه يا أمير المؤمنين ! ما هذا الذي بلغك .

 قال : أتاني البشيرُ بصلح الحسن وانقياده .

فَذَكَرَتْ قول رسول الله : إن أبني هذا سيد أهل الجنة .

 وسيصلح : الله به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين .

 فالحمد للّه : الذي جعل فِئَتِي إحدى الفئتين [88].

يا طيب : هذه الرواية أولها إن أبني هذا سيد شباب أهل الجنة نؤمن به ، وأما الزيادة : وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين ، فهي جملة باطلة متلبسة بلباس الحق ، وإن أول من أضافها معاوية ثم أضيفت لحديث كل راوي قال بالسيادة المطلقة ، فنكفر بفئة معاوية لحربها فئة سيد الحق باعتراف عدو الإمام الحسين له بالسيادة عن سيد المرسلين  .

 وإن معاوية : أراد أن يبرر لنفسه حكومته وإجباره للسيد الحق على التسليم له ، وإن الإمام لو كان له به قوة لحاربه ، وقد خرج لمحاربته ولكنه خذله أهل الكوفة ، وسلم جيشه لمعاوية وبالخصوص قادته وبدون حرب ، ولم يعترف الإمام لمعاوية بالسيادة ، بل عرفت في الإشراق السابق عرف نفسه بكل صورة بالسيادة وأنه أمير المؤمنين الحق ، وإن من خالفه خالف الحق وإن من حاربه منافق كافر وعلى باطل ، فكيف تكون فئته مؤمنة .

فأرد معاوية : أن يبرر نفسه حرب لسيد المسلمين والمؤمنين ، أضاف نفسه للمسلمين بل للمؤمنين  ، ثم جعل نفسه ومن بعد بني أمية خلافة رسول الله بعد أن أقصى أبن النبي ، وورث بني أمية حكومة المسلمين ، ثم صار كل حاكم منهم يحكم يسمى أمير المؤمنين ، فضلا عن أمير المسلمين ومع فسقه وفجوره وجوره وظلمه راجع تأريخهم .

ويا طيب : هذا حديث آخر ترى في سنده ، بل في سند ما يأتي يكون أحد رواة من بني أمية وممن يكون تحت أمرتهم ويرتع في بلاطهم ، مع هذه الإضافة ، فتابع :

عن يحيى بن سعيد الأموي عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال :

قال رسول الله : للحسن إن ابني هذا سيد.

 يصلح الله به بين فئتين من المسلمين[89].

يا طيب : هذه الإضافة من أموي أخر تبع لمعاوية ، وإن رويت من صحابي جليل ونسبت له الإضافة ، ونحن نسلم أوله ونؤمن به ، ونؤمن بتصرف الإمام الحسن عليه السلام أنه كان فيه الصلاح وخير للمؤمنين ، لكنه لا نسلم لمعاوية إسلامه فضلا عن فئته أن تكون كلها مسلمة ، وهي تحارب سيد المسلمين وولي أمر الله في المؤمنين ، ومع تجبره وأخذه للحكومة والخلافة من أبن رسول الله ظلما وعدوانا وطغيانا، وإذا عرفت هذا فتدبر الحديث الآتي عن تابع أخر لمعاوية ألحق حديث ما يبرر لمعاوية تسلطه فتدبر :

عن أبا بكرة ، يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، والحسن بن علي معه إلى جنبه ، وهو يلتفت إلى الناس مرة ، وإليه مرة ، وهو يقول :

إن ابني هذا سيد .

 ولعل الله : أن يصلح به بين فئتين من المسلمين [90].

يا طيب : السيد في الدين معلم هدى ، فمن يخالفه سيد للباطل وضال ، فكيف يصفه رسول الله بأنه مسلم ، بل في رواية معاوية مؤمن ، فمن يقف أمام مسلم محق بظلم يخرج عن ولاية الله ، فكيف من يقف أمام سيد المسلمين وولي أمرهم بأمر الله ورسوله ، وإن رسول الله في حديث يريد أن يعرف المؤمنين ولي أمرهم بعده وبعد أبيه ، وسيد الحق يجب أن يطاع وبما له من ملاك العلم والتقى، فكيف يجعل عدوه مؤمن .

ويا طيب : هذا حديث أخر تابع لمعاوية في عداوته للإمام الحسن والإمام علي ، لأنه حاربهم في حرب الجمل ، أراد أن يبرر لنفسه حربه له مع خالته عائشة ، أضاف لحديث السيادة المطلقة أمر الصلح بين المسلمين ، ولم يقل لماذا خرج عليه وحاربه وهو يعلم أنه سيد بتعريف رسول الله ، ولو صالحه وأقر له ولأبيه بالطاعة ، لما تمكن معاوية ولا تجرأ على حربهم بعد حرب الجمل ، ولكان لسيد الحق قوة تزيل سيد الباطل عن ظلمه وطغيانه ، فأنظر قائد حرب الجمل مع خالته :

قال المسهر مولى الزبير :

 تذاكرنا : من أشبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهله .

فدخل علينا : عبد الله بن الزبير ، فقال : أنا أحدثكم بأشبه أهله إليه .

 الحسن بن علي : رأيته يجيء و هو ساجد .

فيركب ظهره : فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل .

و لقد رأيته : يجيء و هو راكع .

فيفرج له : بين رجليه ، حتى يخرج من الجانب الآخر .

و قال فيه رسول الله :

هو ريحاني من الدنيا .

و إن ابني هذا : سيد .

يصلح الله به بين فئتين من المسلمين .

و قال : اللهم إني أحبه و أحب من يحبه [91].

 

يا طيب : هذه الروايات فيها من حارب الإمام الحسن ولم يقبل سيادته عملا مع أنه أعترف له علما ، وأراد أن يبرر لنفسه حربه في أيام الجمل ، وخلافه له ، فاستحسن رواية معاوية وأضافها .

 وهكذا تروى : من أتباعهم ، وإن نسبت لأبن عباس أو جابر ، أو لنفس عبد الله بن الزبير ، فإنه في وسط السند مخالف للحسن وكان مع أعدائه .

فيا طيب : تدبر بعض الأحاديث وخذ بسيادة الإمام مطلقة ، ودع سيادة غيره وما يبرر لهم ، وصلح أجبر عليه ، ومن كان عدوه وحاربه ظالم له خائن للمسلمين وليس بأمير للمؤمنين كما يحلو لهم ويسموه ، فضلا عن أن يكون سيدهم ، لأنه حرب السيد الحق خلاف الهدى والإيمان والتقى ، بل باطل ضلال وفجور وطغيان وفسق .

وهذه روايات أخرى : نسبت لأبن عباس وغيره ، وفي سندها معاند لسادة الحق :

عن عبد الله بن بريدة عن ابن عباس قال : انطلقت مع رسول الله ، فنادى على باب فاطمة ثلاثا ، فلم يجبه أحد ، فمال إلى حائط ، فقعد فيه ، و قعدت إلى جانبه .

فبينا هو كذلك: إذ خرج الحسن بن علي قد غسل وجهه ، وعلقت عليه سبحة.

قال : فبسط النبي ص يديه و مدهما ، ثم ضم الحسن إلى صدره و قبله .

و قال : إن ابني هذا سيد .

و لعل الله عز و جل : يصلح به بين فئتين من المسلمين[92] .

الأعمش عن كثير بن سلمة قال : رأيت الحسن بن علي في حياة رسول الله ، قد أخرج من صخرة عسلا ماذيا.

 فأتيت رسول الله : فأخبرته ، فقال : أ تنكرون لابني هذا .

و إنه سيد : ابن سيد .

يصلح الله به بين فئتين .

 و يطيعه أهل السماء في سمائه ، و أهل الأرض في أرضه[93].

يا طيب : السيد بن السيد في الرواية الثانية حق والفئة المخالفة له باطلة مهما برر لها.

 


 

 

الإشعاع السابع :

يعترفون بسيادة الإمام الحسن ثم يحاربوه ويسبوه ويلع.. :

يا طيب : معاوية وأتباعه كانوا يسبون الإمام علي عليه السلام وآله على منابرهم ، وقد عرفت مع إقرارهم بسيادتهم ، ومعرفة أن سيادتهم ليس سيادة مال ولا حكومة ، بل هي سيادة دين وتعليم هدى مع تقى وإيمان وإخلاص لرب العلمين ، واختصاص من الله بولايته وجعلهم خلفاء رسول الله بعده ، وأنهم أهل العلم والهدى والراسخون بعلوم القرآن ، وأهل الذكر بحق ، وأنهم أئمة المؤمنين يوم يدعى كل أناس بإمامهم ، وهم أولي الأمر بتعريف الله ورسوله و قد أمورا بالطاعة لهم ، وكلها يدخل فيها معنى السيادة ، ولكن من عينهم معاوية وعاظ على منابر كل مسجد في بلاد الإسلام وفي كل ولاية يسبون سادة الحق ، فهل من سبهم معهم ومن فئته مسلمة وهو يفتري على أئمة الحق وينتقص منهم ويروج لأئمة الباطل والظلم أنظر ما جاء : عن سعيد بن عمر، قال :  سمعت يوسف بن عمرو بن غالب على المنبر يوم النحر :

  سب : الحسن بن علي عليه السلام .

 فذكرت ذلك : لأبي إسحاق الشعبي .  فقال : قاتله الله لقد أتى عظيمة.

 سب : سيد شباب أهل الجنة .

 ما سمعت أحدا : قط سبه قبله ، سبه الله ، وسيفعل .

 إن كان مودة : الحسن والحسين عليه السلام قذفت في قلب البر والفاجر[94].

يا طيب : وقد قال الله سبحانه :

 {  ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ الله غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى .

ولكنهم غير مؤمنين : ولا يقترفون حسنات بل يتجاهرون بالسيئات ، وهذا ما علمهم به سيدهم معاوية من قبل :

وقال بن أبي الحديد :  قنت معاوية على خمسة : و هم علي و الحسن و الحسين عليهم السلام ، و عبد الله بن العباس ، و الأشتر ، و لعنهم [95].

وفي كتاب وقعة صفين : فبلغ ذلك معاوية :

 فكان إذا قنت لعن، عليا ، وابن عباس و قيس بن سعد ، والحسن و الحسين [96].

فهو معاوية : علمهم السب لآل البيت عليهم السلام بعد أن غصبهم حقهم ، ومنعهم من ممارسة السيادة بكل ملاكها من إظهار العلم والجود به بكل تقى ، ويفرح بموتهم ، وبعد أن عرفنا لوالي لبني أمية يسبهم.

 أنظر والي معاوية : في زمانه في المدينة ، حين شهادة الإمام الحسن عليه السلام كيف يجمع ناس من آله وحزبه ليمنع دفن الإمام الحسن عليه السلام عند جده :

قال أبو مخنف : منع مروان من دفن الحسن مع رسول الله حتى كاد يكون بين الحسين وبينه قتال ، واجتمع بنو هاشم وبنو المطلب ومواليهم إلى الحسين .

 وقال أبو سعيد الخدري وأبو هريرة لمروان :

تمنع الحسن من أن يدفن مع جده ، وقد قال رسول الله :

 الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة[97].

يا طيب : في صحيفة الإمام الحسن يأتي تفاصيل هذا الحدث لمصيبة شهادة الإمام الحسن بالسم ، ومن ثم منعهم دفنه في بيته والذي ورثه من أمه من جده رسول الله ودفن عنده الأباعد ، وسيأتي بعض البيان عن تصرف الإمام الحسين في الجزء الآتي .

 


الإشعاع الثامن :

 أبن عباس ومعاوية وفاخته يقرون للحسنين بالسيادة :

يا طيب : المواقف بين الإمام الحسين والحسين عليهم السلام مع حكام زمانهم كثيرة ، سواء مراسلة أو مقابلة أو مناشدة كلامية ، ولكن نذكر هنا ما يخص السيادة للإمام الحسن عليه السلام ويأتي الباقي في محله .

وإن معاوية : حارب الإمام الحسن حتى عزله عن الخلافة ، ومن ثم سمه فقتله ، ولما سمه وبلغه شهادته فرح ، و كبر ليعلن للناس في قصره سروره بخبر حصل له ،  وكان بن عباس في الشام عنده فأنكر فعله ، وعرفه أن الحسن والحسين سيدا الشباب في الجنة بل وهنا ، بعد الحسن الحسين هو سيد بني هاشم بل سيد المؤمنين الحق وولي أمرهم :

في المناقب : عن ربيع الأبرار للزمخشري ، و العقد الفريد عن ابن عبد ربه : أنه لما بلغ معاوية موت الحسن بن علي سجد ، و سجد من حوله ، و كبر و كبروا معه .

 فدخل عليه ابن عباس ، فقال له : يا ابن عباس ، أ مات أبو محمد ؟

قال : نعم رحمه الله ، و بلغني تكبيرك و سجودك .

 أما و الله : ما يسد جثمانه حفرتك ، و لا يزيد انقضاء أجله في عمرك .

قال : حسبته ترك صبية صغارا و لم يترك عليهم كثير معاش .

فقال : إن الذي وكلهم إليه غيرك ، و في رواية : كنا صغارا فكبرنا .

قال : فأنت تكون سيد القوم .

قال : أما أبو عبد الله الحسين بن علي عليه السلام باق [98].

فأمير الضلال : يفرح بشهادة الإمام الحسن ، ولكن ابن عباس يعرفه بأن السيد بعده أخيه الإمام الحسين عليه السلام ، فيقطع على معاوية بعض فرحه ، ونغص عليه بعض سروره .

وذكر المسعودي وفد عبد الله بن العباس على معاوية قال :

 فو الله : إني لفي المسجد ، إذ كبَّرَ معاوية في الخضراء .

 فكبر : أهل الخضراء ، ثم كبر أهل المسجد بتكبير أهل الخضراء .

 فخرَجتْ فاختة : بنت قرظة بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف من خوخة لها . فقالت : سَرَّكَ الله يا أمير المؤمنين ! ما هذا الذي بلغك فسررت به ؟

قال : موت الحسن بن علي .

فقالت : إنا للَّه و إنا إليه راجعون ، ثم بكت .

و قالت : مات سـيد المسلمين و ابن بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم .

 فقال معاوية : نعما و الله ما فعلت ، إنه كان كذلك أهلا أن تبكي عليه.

 ثم بلغ الخبر ابن عباس رضي الله عنهما ، فراح فدخل على معاوية ، قال:

علمت : يا ابن عباس أن الحسن توفي .

 قال: أ لذلك كبرت ؟ قال: نعم .

 قال: أما و الله ما موته بالذي يؤخر أجلك ، و لا حُفْرَته بسادة حفرتكَ .

 و لئن أصبنا به : فقد أصبنا قبله بسيد المرسلين و إمام المتقين و رسول رب العلمين ، ثم بعده بسيد الأوصياء ، فجبر الله تلك المصيبة ، و رفع تلك العَثْرَة .

فقال : ويحك يا ابن عباس ! ما كلمتك قط إلا وجدتك معداً [99] .

يا طيب : معاوية يظهر أشد السرور فيكبر ، فيكبر أتباعه ليظهروا السرور لكل الناس ، ولكن زوجته فاخته كانت تعرف قدر أهل البيت وسيادة الإمام الحسن عليه السلام فقالت مات سيد المسلمين ، وأقر لها علما ، ولكن جاحد عملا وأيمانا ، وإلا من يعرف سيد الدين يجب أن يسلم له لا أن يحاربه ويسمه ويفرح بشهادته .

ويأتي الكلام في صحيفة السيادة المختصة بالإمام الحسن ببيان أوسع إن شاء الله .

 

 


 

 

الإشعاع التاسع :

أخ الإمام الحسن سلم عليه بعد شهادته ويقر له بالسيادة:

ياطيب  قال في الجوهرة ، عن عُمير بن إسحاق قال:

ولما توفي الحسن عليه السلام :

 أدخله قبره : الحسين ، ومحمد ابن الحنفيَّة ، وعبيد الله ابن عباس .

 ثم وقف على قبره : وقد اغرورقت عيناه ، فقال :

 رحمة الله عليك أبا محمد : فلئن عزَّتْ حياتك لقد هدَّت وفاتك .

ولنعم الروح : روح تضمَّنه بدنك .

 ولنعم الجسد : جسد تَضمَّنه كفنك ، ولنعم الكفن كفن تضمَّنه لحدك .  

وكيف لا تكون كذلك : وأنت حلف التقى .

وجدُّك : النبي المصطفى ، وأبوك عليِّ المُرْتضَى ، وأمك فاطمة الزَّهراء، ، وعمُّك جعفر الطيار في جنة المأوى .

 غَذتْك أكفُّ الحقِّ : ورُبيت في حجْر الإسلام .

ورَضِعتَ ثدي الإيمان .

فطِبتَ حياً وميتا : فلئن كانت الأنفُس غير طيِّبةٍ بفِراقك .

فإنها : غير شاكةٍ أنه قد خير لك .

وإنك وأخاك :

 سيِّدا شباب أهل الجنة .

فعليك السلام منا [100].

 

يا طيب : هذا الكلام ينسب أيضا للإمام الحسين ، ويأتي في الجزء الآتي من هذه الصحيفة إن الإمام الحسين يأتي كل ليلة جمعة البقيع فيزور الإمام ويسلم عليه .

وستأتي : مناشدة الإمام الحسين يوم كربلاء جيش الكفر بسيادته وسيادة أخيه ، وطلب منهم بأن يسألوا من هو حي من الأصحاب ، ولكنهم لم يطيعوا بل وإن أقروا له بالسيادة ، وقال بعضهم نعلم أنك أبن رسول الله وسيد ولكن نقاتل حقدا أو تسلم لأميرهم أمير الفسق والضلال .

 وبعد أن عرفنا سيادة : الإمام الحسن والحسين ، وسيادة الإمام الحسن بالخصوص ، فلنتابع سيادة الإمام الحسين بالخصوص .

 

 


 

 

[82] الأمالي للصدوق ص558م82ح16 .  بحار الأنوار ج36ص228ب41ح6 .

[83] الأمالي ‏للصدوق ص112م24ح2 . بشارة المصطفى ص199 . الفضائل ص9 .

[84] الجمل ص256.

[85] الأمالي ‏للصدوق ص 178م 33 ح8 .

[86] البداية والنهاية ج8 ص18 .

[87] تهذيب الأسماء ج1ص213 . وعلق عليه محققه : حديث أبى سعيد : أخرجه ابن أبى شيبة (6/378 ، رقم 32176) ، والترمذي (5/656 ، رقم 3768) وقال : حسن صحيح . وأحمد (3/3 ، رقم 11012) ، والطبراني (3/39 ، رقم 2614) . وأخرجه أيضًا : النسائي في الكبرى (5/149 ، رقم 8525) ، وابن عساكر (13/211) .

حديث علي : أخرجه ابن أبى شيبة ج6ص378 ح32179 ، والطبراني ج3ص35ح2599 ، والهيثمي ج9ص182عن رواه الطبراني بأسانيده والخطيب ج2ص185. ابن عساكر ج13ص208.

حديث أبى هريرة : أخرجه الطبراني ج3ص37ح2605  .

حديث جابر : أخرجه الطبراني ج3ص39ح2616، الهيثمي ج9ص183 .

حديث عمر : أخرجه الطبراني ج3ص35ح2598 ، و الهيثمي ج9ص182. وابن عدى ج2ص220 ، وابن عساكر ج14ص132 .

حديث ابن مسعود : أخرجه ابن عدي ج5ص322 ، وابن عساكر ج14ص133 . وأخرجه أيضًا: أبو نعيم ج5ص58  .

حديث بريدة : أخرجه ابن عساكر ج13ص210 .

[88] مروج الذهب ج1ص348 .

[89] تاريخ بغداد ج8ص26 ح 4073 . البداية والنهاية ج8 ص18 .

[90] معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني ج5ص280ح1636 . الطرائف ج1ص199.عن الجمع بين الصحيحين . أسد الغابة ج1ص259 . تاريخ بغداد ج8ص26 ح 4073 .

[91] العدد القوية ص 42 .

[92] إعلام‏ الورى ص211ف3 .

[93] دلائل ‏الإمامة ص64 .

[94] القاضي النعمان المغربي ج 3ص103 ح 1035 .

[95] شرح‏ نهج‏ البلاغة ج15ص98. بحار الأنوار ج42ص176ب124 .

[96] وقعة صفين ص552 .بحار الأنوار ج33ص168ب17ح442 .

[97] أنساب الأشراف ج1ص390. شرح‏ نهج‏ البلاغة ج16ص 14.معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني ج5ص277ح1633،1644 .

[98] المناقب ج4ص43 . وعنه في بحار الأنوار ج44ص159ب22 .

[99] مروج ‏الذهب ج‏2ص430 .

[100] الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة ج1ص282 .

 

 

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

http://www.msn313.com